الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ

الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ0%

الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمام بن الحسن بن علي العسكري عليه السلام
ISBN: 964-8629-10-2
الصفحات: 209

الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ

مؤلف: علي موسى الكعبي
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف:

ISBN: 964-8629-10-2
الصفحات: 209
المشاهدات: 85840
تحميل: 4347

توضيحات:

الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 209 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85840 / تحميل: 4347
الحجم الحجم الحجم
الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ

الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
ISBN: 964-8629-10-2
العربية

الذي ثار في أيام المتوكل وقُتِل في أيام المستعين ( 250 ه‍ ) ، وذكر في تلك القصيدة ظلم بني العباس لأهل البيتعليهم‌السلام ، وقارن بين النهجين ، وهي طويلة ، يقول في مطلعها :

إمامك فانظر أي نهجيك تنهجُ

طريقان شتى مستقيم وأعوج(1)

عمره ومدة إمامته عليه‌السلام :

عمره يوم وافاه الأجل (28) عاماً ، فقد ولد في سنة 232 ه‍ واستشهد سنة 260 ه‍ ، وهو بذلك يعدّ أصغر آبائه المعصومينعليه‌السلام عمراً ، وعاش 22 عاماً في ظلّ أبيه الإمام أبي الحسن الهاديعليه‌السلام الذي استشهد سنة 254 ه‍ ، ووصفه بقوله :« أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجة ، وهو الأكبر من ولدي ، وهو الخلف ، وإليه تنتهي عرى الإمامة وأحكامها » (2) .

ومدّة إمامته ست سنوات ( 254 ـ 260 ه‍ ) عاصر فيها من سلاطين بني العباس المعتز ( 251 ـ 255 ه‍ ) والمهتدي ( 255 ـ 256 ه‍ ) والمعتمد ( 256 ـ 279 ه‍ )(3) .

__________________

(1) ديوان ابن الرومي 2 : 492 / 365 تحقيق الدكتور حسين نصار ، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

(2) أصول الكافي : 327 / 11 ـ باب الاشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) راجع : تاج المواليد : 134 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، دلائل الإمامة : 423 ، إعلام الورى 2 : 31 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 142 ، بحار الأنوار 50 : 236 / 5 و 238 / 8.

١٠١

زوجته عليه‌السلام :

وهي اُمّ ولد يقال لها نرجسعليها‌السلام ، وكان الإمام أبو الحسن الهاديعليه‌السلام قد أعطاها إلى أخته حكيمة بنت محمد الجوادعليه‌السلام وقال لها :« يا بنت رسول الله ، اخرجيها إلى منزلك ، وعلميها الفرائض والسنن ، فإنها زوجة أبي محمد واُمّ القائم » (1) .

وكما اختلفت الروايات في اسم أم الإمام العسكريعليه‌السلام كما مرّ ، فقد اختلفت أيضاً في اسم زوجته ، ويستفاد من أخبار أسرها وجلبها إلى بغداد وابتياعها(2) ، أنّ اسمها مليكة بنت يشوعا بن قصير ملك الروم ، واُمّها من ولد الحواريين ، تنسب إلى شمعون وصيّ المسيحعليه‌السلام ، ولما اُسرت سمّت نفسها نرجس لئلا يعرف الشيخ الذي وقعت في سهمه من الغنيمة أنّها من سلالة الملوك.

وقد تعدّدت أسماؤها ، فجاء في رواية : أنها ريحانة ، ويقال لها نرجس ويقال لها صقيل ، ويقال لها سوسن ، إلا أنه قيل لها بسبب الحمل صقيل(3) .

ويستفاد من الأخبار أنه بعد شهادة الإمام العسكريعليه‌السلام هجم جند السلطان لتفتيش دار الإمامعليه‌السلام طلباً للولد ، ولما لم يعثروا على شيء وجّه المعتمد بخدمه فقبضوا على صقيل ، وحملوها إلى داره ، فطالبوها بالولد فانكرته

__________________

(1) إكمال الدين : 423 / 1 ـ باب 41.

(2) راجع : إكمال الدين : 417 / 1 ـ باب 41 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 472 الغيبة للشيخ الطوسي : 208 / 178 ، روضة الواعظين : 252 ، دلائل الإمامة : 489 / 488.

(3) إكمال الدين : 432 / 12 ـ باب 42 ، الغيبة للشيخ الطوسي : 393 / 362.

١٠٢

وادّعت الحبل تغطية على حاله ، فجعلت نسوة وخدم المعتمد والموفق والقاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كلّ وقت ، إلى أن دهمهم أمر يعقوب بن الليث الصفار ، وصاحب الزنج ، وموت عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، فشغلوا عنها ، وخرجت عن أيديهم(1) .

وُلْدُه عليه‌السلام :

ذكر بعض النسابة والمؤرخين أنهعليه‌السلام لم يخلف ولداً غير الإمام الحجة القائم المهديعليه‌السلام (2) .

قال الشيخ المفيد : كان الإمام بعد أبي محمدعليه‌السلام ابنه المسمّي باسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المكّني بكنيته ، ولم يخلف ولداً غيره ظاهراً ولا باطناً ، وخلفه غائباً مستتراً ، وكانت سنّه عند وفاة أبيه خمس سنين ، أتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب ، وجعله آية للعالمين ، وآتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبياً ، وجعله إماماً في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسىٰ بن مريمعليه‌السلام في المهد نبياً(3) .

وقال الطبرسي وغيره : خلّف ولده الحجة القائم المنتظر لدولة الحقّ ، وكان قد أخفى مولده لشدّة طلب سلطان الوقت له ، واجتهاده في البحث عن أمره ،

__________________

(1) راجع : إكمال الدين : 43 ـ مقدمة المصنف ، 476 / 25 باب 42 ، دلائل الإمامة : 425 ، بحار الأنوار 50 : 331 / 3.

(2) راجع : المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، كفاية الطالب / الكنجي : 458 ـ دار إحياء تراث أهل البيت ـ طهران ـ 1404 ه‍ ، دلائل الإمامة : 425 ، نور الأبصار : 341.

(3) الإرشاد 2 : 339.

١٠٣

فلم يره إلا الخواص من شيعته(1) .

وقيل : إنّ للإمام العسكري ذكراً واُنثي(2) ، وجاء في رواية للشيخ الصدوق أن له ولدين هما محمدعليه‌السلام وموسى(3) ، وعدّ بعضهم سبعة أولاد للإمام العسكريعليه‌السلام وهم : القائمعليه‌السلام وهو الإمام بعد أبيه ، وموسى ، وجعفر ، وإبراهيم ، وعائشة ، وفاطمة ، ودلالة(4) .

واذا سلّمنا بصحة هذه الأقوال فلا بدّ أن نفترض كونهم ممن درجوا في حياة أبيهمعليه‌السلام ، ويدلّ عليه ما رواه الشيخ الطوسي بالاسناد عن إبراهيم بن إدريس ، قال : « وجّه إلىّ مولاي أبو محمدعليه‌السلام بكبش ، ثمّ لقيته بعد ذلك فقال لي :المولود الذي ولد لي مات ، ثمّ وجّه إلي بكبشين ، وكتب :بسم الله الرحمن الرحيم ، عقّ هذين الكبشين عن مولاك ، وكُل هنأك الله ، واطعم إخوانك ، ففعلت ولقيته بعد ذلك فما ذكر لي شيئاً »(5) .

اخوته عليه‌السلام :

ذكر المؤرخون أن له ثلاثة اخوة ، وهم : محمد المتوفّي في حياة أبيه ، والحسين ، وجعفر المعروف بالكذاب ، وقيل : إن له من الإخوة اثنين وحسب وهما : جعفر وإبراهيم ، وهذا غلط واضح لشهرة السيد محمد بن الإمام الهاديعليه‌السلام في كتب الانساب والتاريخ والحديث. وله اخت واحدة مختلف في

__________________

(1) إعلام الورى 2 : 151 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455.

(2) مصباح الكفعمي : 523.

(3) راجع : إكمال الدين : 446 / 19 باب 43 و 467 / 21 من نفس الباب.

(4) التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 143.

(5) الغيبة للشيخ الطوسي : 245 ـ 246 / 214.

١٠٤

اسمها فقيل : حكيمة ، أوعائشة ، أو علية ، أو عالية.

وقيل : له اختان وهما : عائشة ودلالة(1) .

السيد محمد :

وهو أبو جعفر محمد بن الإمام أبي الحسن الهادي ، المتوفي نحو سنة 252 ه‍(2) ، وقال السيد محسن الأمين : جليل القدر ، عظيم الشأن ، وكان أبوه خلّفه بالمدينة طفلاً لما اُتي به إلى العراق ، ثم قدم عليه في سامراء ، ثمّ أراد الرجوع إلى الحجاز ، فلمّا بلغ القرية التي يقال لها ( بلد ) على تسعة فراسخ من سامراء ، مرض وتوفّي ودفن قريباً منها ، ومشهده هناك معروف مزور ، ولمّا توفي شقّ أخوه أبو محمد ثوبه ، وقال في جواب من لامه على ذلك :« قد شق موسى على أخيه هارون » (3) .

وجاء في الرواية : « أن أبا الحسنعليه‌السلام قد بسط به في صحن دار ، يوم توفي محمد ابنه ، والناس جلوس حوله يعزّونه ، من آل أبي طالب وبني هاشم

__________________

(1) راجع : الإرشاد 2 : 312 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 433 ، دلائل الإمامة : 412 ، إعلام الورى 2 : 127 ، الفصول المهمة 2 : 1076 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 138.

(2) ورد في حديث أن عمر الإمام العسكريعليه‌السلام يوم وفاة أخيه السيد محمد نحو عشرين سنة ، وبما أنهعليه‌السلام ولد سنة 232 ، فتكون وفاة السيد محمد نحو سنة 252 هـ. راجع : أصول الكافي 1 : 327 / 8 ـ باب الاشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) أعيان الشيعة 14 : 291 ـ دار التعارف للمطبوعات.

١٠٥

وقريش ومواليه ومن سائرالناس »(1) .

جعفر الكذاب :

أما جعفر الكذاب ، فكان صاحب فتنة وضلالة ، وقد أخبر أئمة أهل البيتعليهم‌السلام عنه قبل ولادته ، وحذّروا شيعتهم من فتنته ، ففي حديث عن أبي خالد الكابلي« أنه سأل الإمام علي بن الحسين صلوات الله عليه : من الحجة والإمام بعدك ؟ فقال :ابني محمد ، واسمه في التوراة الباقر يبقر العلم بقراً ، وهو الحجة والإمام بعدي ، ومن بعد محمد ابنه جعفر ، واسمه عند أهل السماء الصادق.

فقلت له : يا سيدي ، كيف صار اسمه الصادق ، وكلكم صادقون ؟ فقال :حدّثني أبي عن أبيه عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فسمّوه الصادق ، فإنّ للخامس من ولده ولداً اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتراءً على الله وكذباً عليه ، فهو عند الله جعفر الكذاب المفتري على الله عزوجل والمدّعي لما ليس له بأهل ، المخالف على أبيه ، والحاسد لأخيه ، ذلك الذي يروم كشف ستر الله عند غيبة ولي الله عزوجلّ ... ثم قال :كاني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله ، والمغيب في حفظ الله ، والتوكيل بحرم أبيه جهلاً منه بولادته ، وحرصاً على قتله إن ظفر به ، طمعاً في ميراث أبيه حتى

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 326 / 8 باب الاشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

١٠٦

يأخذه بغير حقّه »(1) .

وحينما ولد جعفر فرح أهل الدار بولادته ، ولم يروا أثراً للسرور على أبي الحسن الهاديعليه‌السلام ، فقيل له في ذلك ، فقال :« يهون عليك أمره ، فإنّه سيضلّ خلقاً كثيراً » (2) .

وقد تحقق ما قاله أهل البيتعليهم‌السلام عن فتنته وضلالته ، حيث كانت له بعد شهادة أخيه الإمام العسكريعليه‌السلام ثلاثة أدوار سيئة :

1 ـ ادعاء الإمامة بعد أخيه الحسنعليه‌السلام كذباً وزوراً ، ولهذا خرجت عن الإمام المهديعليه‌السلام عدّة تواقيع تنبه الشيعة على بطلان ادعائه وكذبه وعصيانه وظلمه ، وجهله بالأحكام وتركه الواجبات ، منها على يد أحمد بن إسحاق الأشعري ، وعلى يد محمد بن عثمان العمري(3) ، فجفته الشيعة بعد أن بان كلّ ما ذكره ، ممّا اضطره إلى التوسل برجال الدولة ومنهم الوزير عبيد الله بن يحيى ابن خاقان في أن يجعلوا له مرتبة أخيه فزبره بالقول « يا أحمق ، السلطان جرّد سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردّهم عن ذلك فلم يتهيأ له ذلك ، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً فلا حاجة لك إلى السلطان ليرتبك

__________________

(1) علل الشرائع / الصدوق 1 : 234 / 1 ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف ـ 1385 ه‍ ، إكمال الدين : 319 / 2 باب 31.

(2) إكمال الدين : 321 / آخر الحديث 2 باب 31 ، الغيبة / للشيخ الطوسي : 226 / 193.

(3) راجع : إكمال الدين : 483 / 4 ـ باب 45 ، الغيبة / للشيخ الطوسي : 290 / 247 ، بحار الأنوار 50 : 230 / 3 عن احتجاج الطبرسي : 162 ـ 163.

١٠٧

مراتبهم ولا غير السلطان ، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا »(1) .

وحمل عشرين ألف دينار إلى المعتمد ، طالباً منه أن يجعل له مرتبة أخيه ومنزلته. فأجابه بنحو جواب ابن خاقان(2) .

2 ـ ادعاؤه التركة وبالتالي حيازته إياها مناصفة مع اُم العسكريعليه‌السلام بإذن من السلطات الحاكمة.

3 ـ افشاء سر أخيه العسكريعليه‌السلام إلى الدولة من خلال الايعاز لهم بولادة الإمام المهديعليه‌السلام ، ومن هنا بدأت سلسلة من المطاردات والاعتقالات لعيال الإمامعليه‌السلام ، ولم يتمكنوا من العثور على الإمام المهديعليه‌السلام ، وبذلك يكون جعفر قد كشف ما أوجب الله تعالى ستره وكتمانه.

وقد أجمل الشيخ المفيدرحمه‌الله جملة هذه الأدوار المشينة وغيرها التي قام بها جعفر الكذاب تعد شهادة أخيه الحسنعليه‌السلام بقوله : « تولّى جعفر بن علي أخو أبي محمدعليه‌السلام أخذ تركته ، وسعى في حبس جواري أبي محمدعليه‌السلام واعتقال حلائله ، وشنّع على أصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بإمامته ، وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشرّدهم ، وجرى على مخلّفي أبي محمدعليه‌السلام بسبب ذلك كلّ عظيمة ؛ من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذلّ ، ولم يظفر السلطان منهم بطائل.

وحاز جعفر ظاهر تركة أبي محمدعليه‌السلام ، واجتهد في القيام عند الشيعة

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 505 / 1 باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتال الحجة ، الإرشاد 2 : 324.

(2) راجع : إكمال الدين : 479 ، الخرائج والجرائح 3 : 1109.

١٠٨

مقامه ، فلم يقبل أحد منهم ذلك ، ولا اعتقده فيه ، فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه ، وبذل مالاً جليلاً ، وتقرّب بكلّ ما ظنّ أنه يتقرّب به ، فلم ينتفع بشيء من ذلك »(1) .

وهكذا كان جعفر كإخوة يوسف الصديقعليه‌السلام يوم قالوا لأبيهم كذباً :( يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ) (2) .

__________________

(1) الإرشاد 2 : 336 ـ 337 ، ونحوه في المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، إعلام الورى 2 : 151 ـ 152 ، الفصول المنهمة 2 : 1093.

(2) سورة يوسف : 12 / 17.

١٠٩
١١٠

الفصل الرابع

امامته عليه‌السلام

قال الشيخ المفيد : كان الإمام بعد أبي الحسن علي بن محمدعليه‌السلام ابنه أبا محمد الحسن بن علي لاجتماع خلال الفضل فيه ، وتقدّمه على كافة أهل عصره فيما يوجب له الإمامة ويقتضي له الرئاسة ، من العلم والزهد وكمال العقل والعصمة والشجاعة والكرم وكثرة الأعمال المقربة إلى الله ، ثمّ لنصّ أبيهعليه‌السلام عليه وإشارته بالخلافة إليه(1) . وفيما يلي نذكر طرفاً من النصوص الواردة في إمامتهعليه‌السلام وكما يلي :

أولاً : نص آبائه عليه عليه‌السلام

وردت المزيد من النصوص عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والآل المعصومينعليهم‌السلام تصرح بتعيين أوصياء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلفائه من عترته واحداً بعد واحد باسمائهم وأوصافهم ، بشكل يجلو العمى عن البصائر وينفي الشك عن القلوب ، وسنذكر هنا حديثين عن آبائه المعصومينعليهم‌السلام كنموذج على تلك النصوص ، ونحيل القارئ إلى مظانّ بقيتها(2) .

__________________

(1) الإرشاد 2 : 313.

(2) راجع : أصول الكافي 1 : 286 ـ باب ما نص الله عزوجل ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على

١١١

1 ـ عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : « سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : أنشدت مولاي الرضا علي بن موسىعليه‌السلام قصيدتي التي أولها :

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي :

خروج إمام لا محالة خارج

يـقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كلّ حـقّ وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضاعليه‌السلام بكاءً شديداً ، ثم رفع رأسه إليّ فقال لي :يا خزاعي ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم ؟ فقلت : لا يا مولاي ، إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ، ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً.

فقال :يا دعبل ، الإمام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ... »(1) .

2 ـ وعن الصقر بن أبي دلف ، قال : « سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضاعليه‌السلام يقول :إن الإمام بعدي ابني علي ، أمره أمري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والامام بعده ابنه الحسن ، أمره أمر أبيه ، وقوله قول أبيه ،

__________________

الائمةعليهم‌السلام واحداً فواحداً ، إكمال الدين : 250 ـ 378 ـ الأبواب 23 ـ 36 ، بحار الأنوار 36 : 192 ـ 418 ـ باب 40 ـ 48.

(1) إكمال الدين : 372 / 6 باب 35.

١١٢

وطاعته طاعة أبيه ... »(1) .

ثانياً : نص أبيه عليه عليه‌السلام

فيما يلي نعرض أهم النصوص الواردة عن أبيهعليه‌السلام في النص عليه والإشارة إليه بالإمامة من بعده.

1 ـ روى ثقة الإسلام الكليني بالإسناد عن يحيى بن يسار القنبري ، قال : « أوصى أبو الحسنعليه‌السلام إلى ابنه الحسنعليه‌السلام قبل مضيه بأربعة أشهر ، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي »(2) .

2 ـ وعن علي بن عمر النوفلي ، قال : « كنت مع أبي الحسنعليه‌السلام في صحن داره ، فمرّ بنا محمد ابنه ، فقلت له : جعلت فداك ، هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال :لا ، صاحبكم بعدي الحسن »(3) .

3 ـ وعن عبد الله بن محمد الأصفهاني ، قال : « قال أبو الحسنعليه‌السلام :صاحبكم بعدي الذي يصلّي عليّ. قال : ولم نعرف أبا محمد قبل ذلك. قال : فخرج أبو محمد فصلى عليه »(4) .

4 ـ وعن علي بن مهزيار ، قال : « قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : إن كان كون ـ وأعوذ بالله ـ فإلى من ؟ قال :عهدي إلى الأكبر من ولدي » (5) . وكان الإمام العسكريعليه‌السلام أكبر وُلد الإمام الهاديعليه‌السلام .

__________________

(1) إكمال الدين : 378 / 3 باب 36.

(2) أصول الكافي 1 : 325 / 1 ـ باب الإشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) أصول الكافي 1 : 325 / 2 من نفس الباب المتقدم.

(4) أصول الكافي 1 : 326 / 3 من نفس الباب المتقدم.

(5) أصول الكافي 1 : 326 / 6 من نفس الباب المتقدم.

١١٣

5 ـ وعن علي بن عمرو العطار ، قال : « دخلت على أبي الحسن العسكريعليه‌السلام وأبو جعفر ابنه في الأحياء ، وأنا أظنّ أنه هو ، فقلت له : جعلت فداك ، من أخصّ من ولدك ؟ فقال :لا تخصوا أحداً حتى يخرج إليكم أمري. قال : فكتبت إليه بعد : فيمن يكون هذا الأمر ؟ قال : فكتب إليّ :في الكبير من ولدي. قال : وكان أبو محمد أكبر من أبي جعفر »(1) .

6 ـ وعن أبي بكر الفهفكي قال : « كتب إليّ أبو الحسنعليه‌السلام :أبو محمد ابني انصح آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجة ، وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف ، وإليه تنتهي عرىٰ الإمامة وأحكامها ، فما كنت سائلي فسله عنه ، فعنده ما يحتاج إليه »(2) .

7 ـ وعن داود بن القاسم ، قال : « سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول :الخلف من بعدي الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟ فقلت : ولم جعلني الله فداك ؟ فقال :إنكم لا ترون شخصه ولايحلّ لكم ذكره باسمه »(3) .

8 ـ وروى الشيخ الصدوق بالاسناد عن عبد العظيم الحسني قال : « دخلت على سيدي علي بن محمدعليه‌السلام ، فلمّا بصر بي قال لي :مرحباً بك يا أبا القاسم ، أنت وليّنا حقاً. قال. فقلت له : يابن رسول الله ، إنّي اُريد أن أعرض عليك ديني فإن كان مرضياً ثبتُّ عليه حتى ألقى الله عزوجل. فقال :هات يا أبا القاسم ، فقلت : إنّي أقول : إنّ الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء وإن

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 326 / 7 من نفس الباب المتقدم.

(2) أصول الكافي 1 : 327 / 11 من نفس الباب المتقدم.

(3) أصول الكافي 1 : 328 / 13 من نفس الباب المتقدم.

١١٤

محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبده ورسوله وإن الإمام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ جعفر بن محمد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ أنت يا مولاي. فقالعليه‌السلام :ومن بعدي الحسن ابني ، فكيف للناس بالخلف من بعده ؟ قال : فقلت : وكيف ذاك يا مولاي ؟ قال :لأنه لا يرى شخصه ولا يحلّ ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً . قال : فقلت : أقررت »(1) .

9 ـ وعن علي بن عبد الغفار ، قال : إن الإمام الهاديعليه‌السلام كتب إلى شيعته :« الأمر لي مادمت حياً ، فإذا نزلت بي مقادير الله عزوجل آتاكم الله الخلف مني ، وأنّى لكم بالخلف بعد الخلف ؟ » (2) .

10 ـ وعن الصقر بن أبي دلف قال : « سمعت علي بن محمد بن علي الرضاعليه‌السلام يقول :إنّ الإمام بعدي الحسن ابني ، وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً »(3) .

11 ـ وروى شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي بالإسناد عن علي بن عمر النوفلي ، قال : « كنت مع أبي الحسن العسكريعليه‌السلام في داره ، فمرّ عليه أبو جعفر ، فقلت له : هذا صاحبنا ؟ فقال :لا ، صاحبكم الحسن »(4) .

__________________

(1) إكمال الدين : 379 / 1 ـ باب 37.

(2) إكمال الدين : 382 / 8 ـ باب 37.

(3) إكمال الدين : 383 / 10 ـ باب 37.

(4) كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 198 / 163.

١١٥

12 ـ وعن أحمد بن محمد بن رجاء صاحب الترك ، قال : « قال أبو الحسنعليه‌السلام :الحسن ابني القائم [ أي بأمر الإمامة ]من بعدي »(1) .

13 ـ وعن أحمد بن عيسىٰ العلوي من ولد علي بن جعفر ، قال : « دخلت على أبي الحسنعليه‌السلام بصريا فسلمنا عليه ، فإذا نحن بأبي جعفر وأبي محمد قد دخلا ، فقمنا إلى أبي جعفر لنسلم عليه ، فقال أبو الحسنعليه‌السلام :ليس هذا صاحبكم ، عليكم بصاحبكم ، وأشار إلى أبي محمد »(2) . إلى غير هذا من النصوص الكثيرة التى انتخبنا منها تلك الأحاديث.

مزاعم بعض المرتابين بإمامة العسكري عليه‌السلام :

أصّر بعض المرتابين بإمامة أبي محمدعليه‌السلام على تبنّي اعتقادهم حتى بعد سماعهم النص عليه ووفاة أبي جعفر في حياة أبيه ، فقالوا بإمامة أبي جعفر المعروف بالسيد محمد بن الإمام الهاديعليه‌السلام وتوقفوا عنده ، واعتقد بعضهم بغيبته وهم المحمدية ، واعتقد آخرون بوفاته وإمامة جعفر بن علي بعده. وهم لم يعتمدوا في ذلك سوى الأراجيف والأباطيل التي كان يبثها ضعاف النفوس والمتربصين بالتشيع ، ولم تكن لديهم في أقوالهم تلك أدنى حجة أو برهان ، ومما يدل على فساد قولهم أمور عديدة ، وهي :

1 ـ عدم وجود النص الذي يثبت مدّعاهم.

2 ـ ثبوت النص على أبي محمدعليه‌السلام وولده الإمام المهديعليه‌السلام ، كما في الأحاديث التي قدمناها ، ومنها ما يصرح بالنص على إمامة الإمام الحسن

__________________

(1) كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 199 / 164.

(2) كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 199 / 165.

١١٦

العسكريعليه‌السلام في حياة أبي جعفر ، والملاحظ أن النص على أبي محمدعليه‌السلام كان في فترات تاريخية تستغرق معظم الاعوام الاثنين والعشرين التي قضاها مع أبيه ، فقد نص عليه بصريا ولمّا يزل صغيراً في المدينة كما مرّ ، ونص عليه بعد وفاة أبي جعفر أي نحو سنة 252 ه‍ ، كما تقدم في جملة من الأحاديث ، ونص عليه قبل وفاته بأربعة أشهر كما في الحديث الأول ، وأخبر بعض أصحابه أن الإمام هو الذي يصلي عليه ، فصلى عليه أبو محمدعليه‌السلام ، ونحو هذا مما تقدم في أحاديث النص عليه بالإمامة.

3 ـ ثبوت موت أبي جعفر في حياة أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام موتاً ظاهراً معروفاً ، وقد ورد خبر موتهرضي‌الله‌عنه متواتراً(1) . ومن هنا قال : شيخ الطائفة : وأما المحمدية الذين قالوا بإمامة محمد بن علي العسكري وأنه حي لم يمت ، فقولهم باطل لما دللنا به على إمامة أخيه الحسن بن علي أبي القائمعليه‌السلام ، وأيضاً فقد مات محمد في حياة أبيهعليه‌السلام موتاً ظاهراً ، كما مات أبوه وجده ، فالمخالف في ذلك مخالف في الضرورات(2) ، ثم أورد ما يدلّ على وفاته من الحديث.

4 ـ شهادة المخالفين بإمامة أبي محمد العسكريعليه‌السلام وإقرارهم بفضله ، ومنهم المعتمد الذي قصده جعفر الكذاب بعد وفاة أبيهعليه‌السلام ملتمساً دعم السلطة له في دعواه الإمامة ، فقال له المعتمد : « إن منزلة أخيك لم تكن بنا ، إنّما كانت

__________________

(1) راجع علي سبيل المثال : أصول الكافي 1 : 326 ـ 328 الأحاديث رقم 5 و 6 و 7 و 8 و 9 و 12 باب الاشارة والنص علي أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة ، وإكمال الدين : 328 / 8 باب 37 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 203 / 170 وغيرها كثير.

(2) الغيبة / الشيخ الطوسي : 198 و 200 ، وراجع ص : 83.

١١٧

بالله ، ونحن كنا نجتهد في حط منزلته والوضع منه ، وكان الله يأبى إلا أن يزيده كلّ يوم رفعة لما كان فيه من الصيانة ، وحسن السمت ، والعلم والعبادة ، فان كنت عند شيعة أخيك بمنزلته ، فلا حاجة بك إلينا ، وإن لم تكن عندهم بمنزلته ، ولم يكن فيك ما كان في أخيك ، لم نغن عنك في ذلك شيئاً »(1) .

ومن رجال البلاط عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، الذي كان للإمام العسكريعليه‌السلام مجلس معه ، فتعجب ابنه أحمد بن عبيد الله لمظاهر الحفاوة والإكرام والتبجيل التي حظي بها الإمام عند أبيه عبيد الله فقال له : « يا أبه من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والكرامة والتبجيل وفديته بنفسك وأبيك ؟ فقال عبيد الله ابن خاقان : يا بني ذاك إمام الرافضة ، ذاك الحسن ابن علي المعروف بابن الرضا. فسكت ساعة ، ثم قال : يا بني لو زالت الإمامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا ، وإن هذا ليستحقّها في فضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه ولو رأيت أباه رأيت رجلاً جزلاً نبيلاً فاضلاً.

قال أحمد : فازددت قلقاً وتفكراً وغيظاً على أبي وما سمعت منه واستزدته في فعله وقوله فيه ما قال : فلم يكن لي همة بعد ذلك إلا السؤال عن خبره والبحث عن أمره ، فما سألت أحداً من بني هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس ، إلا وجدته عنده في غاية الاجلال والاعظام والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه ، فعظم قدره

__________________

(1) إكمال الدين : 479 ـ آخر باب 43 ، الخرائج والجرائح 3 : 1109.

١١٨

عندي إذ لم أر له ولياً ولا عدواً إلا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه »(1) .

5 ـ انقراض هذه الفرقة وكذلك تلك التي تفرّعت عنها ، في وقت متقدم من نشأتها ، وفي هذا دليل على بطلانها ، وفي هذا قال الشيخ المفيد : « فلما توفي [ الإمام أبو الحسنعليه‌السلام ] تفرّقوا بعد ذلك ، فقال الجمهور منهم بامامة أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام ونقلوا النص عليه وأثبتوه.

وقال فريق منهم : إن الإمام بعد أبي الحسن ، محمد بن علي أخو أبي محمدعليه‌السلام ، وزعموا أن أباه علياًعليه‌السلام نص عليه في حياته ، وهذا محمد كان قد توفي في حياة أبيه ، فدفعت هذه الفرقة وفاته ، وزعموا أنه لم يمت ، وأنه حيّ ، وهو الإمام المنتظر.

وقال نفر من الجماعة شذوا أيضاً عن الأصل : إن الإمام بعد محمد بن علي ابن محمد بن علي بن موسىعليه‌السلام ، أخوه جعفر بن علي ، وزعموا أن أباه نص عليه بعد مضي محمد ، وأنه القائم بعد أبيه.

فيقال للفرقة الاولى : لم زعمتم أن الإمام بعد أبي الحسنعليه‌السلام ابنه محمد. وما الدليل على ذلك ؟ فإنّ ادّعوا النص طولبوا بلفظه والحجة عليه ، ولن يجدوا لفظاً يتعلقون به في ذلك ، ولا تواتر يعتمدون عليه ، لأنهم في أنفسهم من الشذوذ والقلّة على حدّ ينفي عنهم التواتر القاطع للعذر في العدد ، مع أنّهم قد انقرضوا ولا بقية لهم ، وذلك مبطل أيضاً لما ادّعوه.

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 504 / 1 باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، إكمال الدين : 42 مقدمة المؤلف ، الإرشاد 2 : 322 ، روضة الواعظين : 250 ، إعلام الورى 2 : 147.

١١٩

ويقال لهم في ادعاء حياته ، ما قيل للكيسانية والناووسية والواقفة ، ويعارضون بما ذكرناه ، ولا يجدون فصلاً ، فأما أصحاب جعفر فإنّ أمرهم مبني على إمامة محمد ، وإذا سقط قول هذا الفريق لعدم الدلالة على صحّته وقيامها على إمامة أبي محمدعليه‌السلام ، فقد بان فساد ما ذهبوا إليه »(1) .

موقف الإمام العسكري عليه‌السلام تجاه المدعيات الباطلة

يمكن تلخيص موقف الإمام العسكريعليه‌السلام حيال تلك الشرذمة القليلة التي حاولت عبثاً التشكيك بإمامته ، بأمرين وهما :

الأول : الرسائل والتوقيعات التوجيهية

بعث الإمام العسكريعليه‌السلام عن طريق وكلائه المزيد من الرسائل والوصايا التوجيهية إلى شيعته ومواليه في مختلف ديار الإسلام ، وبعضها مفصلة نسبياً ، وهي تحمل في طياتها الدعوة إلى التمسك بمبادئ الاسلام والعمل بشريعته السامية ، والتعلّق بسبيل الحق المتمثل بولاية أهل البيتعليهم‌السلام ، واعتقاد إمامتهعليه‌السلام (2) . وكان لتلك الرسائل دور فاعل في ازالة شكوك من كان يبحث عن الحجة والبرهان من المرتابين في إمامتهعليه‌السلام ، وحيثما التقوا بالحجة والبرهان في عمق بصيرتهم ، انفتحوا على نتائج الحقيقة ، فزال شكّهم ، والتحقوا بركب التشيع العريض الواسع.

عن أحمد بن إسحاق ، قال : « دخلت على مولانا أبي محمد الحسن بن علي

__________________

(1) الفصول المختارة / السيد المرتضي : 317 ، دار المفيد ـ 414 ه‍.

(2) راجع : تحف العقول : 258 وما بعدها ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 458 ـ 459 بحار الأنوار 78 : 370 باب 29.

١٢٠