الأسرار الفاطميّة

الأسرار الفاطميّة11%

الأسرار الفاطميّة مؤلف:
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
ISBN: 1420
الصفحات: 534

الأسرار الفاطميّة
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 136748 / تحميل: 8252
الحجم الحجم الحجم
الأسرار الفاطميّة

الأسرار الفاطميّة

مؤلف:
ISBN: ١٤٢٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

ابن أبي نصر قال قلت لابي الحسن الرضا (ع): ان الحسن بن محبوب الزراد أتانا برسالة قال صدق.

لاتقل الزراد بل قل: السراد. ان الله تعالى يقول: " وقدر في السرد ".

وقال الحميري في قرب الاسناد(١٦٠): احمد بن محمد بن أبي نصر قال سألنا الرضا (ع): هل أحد من أصحابكم يعالج السلاح؟ فقلت: رجل من أصحابنا زراد فقال: إنما هو سراد أما تقرأ كتاب الله عزوجل في قول الله لداود (ع) " ان أعمل سابقات وقدر في السرد " الحلقة بعد الحلقة. قلت: الزراد بتبدل من السين بالزاي: نسج حلق الدروع وإدخال بعضها في بعض أو المسامير التي في الحلقة ولم يظهر الوجه في النهي المذكور إلا إيماء‌أ باتباع الكتاب وسنة داود ومدحا له بذلك أو انه من مهمل الاول.

مولده ووفاته: قال ابوعمرو الكشي في ترجمته: ومات الحسن بن محبوب في آخر سنة أربع وعشرين ومأتين، وكان من أبناء خمس وسبعين سنة. قلت: وعلى هذا فمولده سنة تسع وأربعون ومائة بعد وفاة أبي عبدالله الصادق (ع) والظاهر ان ذلك سبب إتهام أصحابنا الحسن ابن محبوب كما يأتي في روايته عن أبي حمزة الثمالي المتوفي(١٥٠) عام وفاة جماعة من أصحاب الباقرينعليهما‌السلام مثل زرارة وبريد ابن معاوية ومحمد بن مسلم. ثم انه لم أقف على تحديد زمان مولده ووفاته في غير الكشي ومن

٣٤١

تبعه.والاعتماد عليه محل اشكال: أولا لقصور مستنده ففيه جعفر حفيده وهو مهمل كما تقدم. وثانيا لمنافاته مع روايته عن أبي عبدالله (ع) كما يأتي وان كانت أيضا ضعيفة السند، ومع روايته عن جماعة من أكابر الصادق من أصحاب السجاد والباقرعليهم‌السلام مثل عبدالغفار أبي مريم الانصاري الذي قال لابي جعفر الباقر (ع) في حديث دخوله عليه بعد ماقبل يده ورجله: وقلت: بأبي أنت وأمي يابن رسول الله فما أجد العلم الصحيح إلا عندكم، واني قد كبر سني ودق عظمي الحديث. ومثل أبي الجارود زياد بن المنذر، ومحمد بن النعمان الاحول، وأبي الصباح الكناني، ومحمد بن اسحاق المدني، وسدير الصيرفي، وأبي حمزة الثمالي، واضرابهم وسيأتي الكلام في ذلك. وأما ما ذكره في وفاته فربما ينافيه بوجه ما ذكره الكشي عن نصر بن صباح: ان ابن محبوب أقدم من ابن فضال كما يأتي وتقدم في ترجمة الحسن بن فضال(١٣) انه مات(٢٢٤) هذا لو أريد انه أقدم مولدا وموتا منه. ويأتي في ترجمة البزنطي قول النجاشي انه مات سنة(٢٢١) بعد وفات الحسن بن فضال بثمانية أشهر، وعلى هذا كانت وفات ابن فضال(٢٢٠) وتقدم ابن محبوب عليه يقتضي كون وفاته ومولده قبله هذا بناء‌ا على صحة ما ذكره حفيده في مدة عمره فانه بلامعارض ولا ينافيه شئ. هذا ما ظهر ببالي القاصر وسيأتي الكلام في ذلك والله العالم ولم يذكره أصحابنا في اصحاب أبي جعفر الجواد وأبي الحسن الهادي (ع) مع انه على ما ذكره أدرك من أيام الهادي (ع) أربع سنين.

٣٤٢

طبقته: قال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٤٨: الحسن بن محبوب أبوعلي مولى بجيلة، روى عن جعفر الصادقرحمه‌الله تعالى والحسن بن صالح بن حي.

وروى المفيد في الاختصاص(٢٣١) عن الحسن بن محبوب قال قلت لابي عبدالله (ع): يكون المؤمن بخيلا؟ قال: نعم. قلت: ظاهر مشايخ الاصحاب انه لاتصح روايته عنه (ع) اما الكشي فلما تقدم عنه في تاريخ ولادته بعد وفاتهعليه‌السلام وذكره في أصحاب الكاظم والرضاعليهما‌السلام كما يأتي، واما البرقي فلانه ذكره في أصحاب الكاظمعليه‌السلام ممن نشأ في عصره دون من أدرك أباه الصادق (ع)، واما الشيخ فمضافا إلى انه ذكره في أصحاب الكاظم والرضاعليهما‌السلام دون أصحابه، انه قال في الفهرست: وروى عن ستين رجلا من أصحاب أبي عبدالله (ع).

فان الظاهر من مدحه بروايته عنهم انه لم يرو عن ابي عبدالله (ع) بلا واسطة. ولكن للنظر في ذلك مجال: اما ما ذكره الكشي فتقدم الكلام فيه واما ان الكشي والبرقي والشيخ لم يذكروه في أصحابه (ع) فلان عدم الذكر لايدل على النفي كما هو ظاهر وقد كثر منهم عدم ذكرهم بعض أصحابه وكذا أصحاب ساير الائمةعليهم‌السلام في طبقاتهم. وانه قد ثبت كونهم من أصحابهم ونبهنا عليه في هذا الشرح كثيرا، واما قول الشيخ انه روى عن ستين الخ. فيدفعه مضافا إلى عدم دلالته على نفي صحبته أو روايته عنه (ع): كثرة نظائره من التنبيه على رواية بعض أصحابه

٣٤٣

الذين رووا عنهعليه‌السلام عن أصحابه أيضا وكذا في أصحاب سائر الائمةعليهم‌السلام .

ثم ان حصرهرحمه‌الله من روى عنهم من أصحابه بستين في غير محله فقد أحصينا من روى عنه الحسن بن محبوب من أصحاب الصادقعليه‌السلام فزادوا على مائة وقد ذكرناهم بأسمائهم في الطبقات، كما انه روى عن بعض أصحاب السجاد (ع) وجماعة من أصحاب الباقرعليه‌السلام وروى عن هؤلاء عنهم (ع) ويطول بذكرهم وفي ما ذكرناه في محله كفاية والله الموفق للصواب. وذكره في أصحاب الكاظم (ع) الشيخ(٣٤٧) قائلا: الحسن ابن محبوب السراد، ويقال: الزراد، مولى ثقة.

والبرقي في من نشأ في عصره من أصحابه (٤٨) قائلا: الحسن ابن محبوب السراد، وفي(٥٣) أيضا قائلا: الحسن بن محبوب الزراد. قلت: تقدم اتحاد السراد والزراد فعنوانه مرتين بظاهر تعدد اللقلب لفظا مع ان الثاني مقلوب الاول في غير محله.

والكشي قال في (تسمية الفقهاء من أصحاب أبي ابراهيم، وأبي الحسن الرضاعليهما‌السلام (٣٤٤): أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح من هؤلاء وتصديقهم، وأقروا لهم بالفقه، والعلم وهم ستة نفر. (ثم ذكر منهم) الحسن بن محبوب. (وقال): قال بعضهم مكان (الحسن بن محبوب) الحسن بن علي بن فضال. قلت: تقدم في ج ١ / ١٢٣ التحقيق في ذلك وأيضا ذكر أصحاب الاجماع وعددهم، وتفسير الاجماع ومعقده، والكلام في تحققه، وفي ان روايتهم عمن لم يصرح بشئ امارة الوثاقة أولا فلا حظ وتأمل.

٣٤٤

وفي المعالم(٣٣) أبوعلي الحسن بن محبوب السراد أو الزراد الكوفي مولى بجيلة، روى عن الكاظم والرضاعليهما‌السلام . وقد روى الشيخ باسناده عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب قال سألت أبا الحسن (ع) عن الجص يوقد عليه الخ. رواه في التهذيب ج ٢ / ٢٣٥ و / ٣٥٤ ولعل المراد به ابوالحسن الرضا (ع). وذكره في اصحاب الرضا (ع) الكشي كما تقدم، والشيخ في رجاله(٣٧٢) قائلا: الحسن بن محبوب السراد مولى بجيلة، كوفي ثقة. وقال في الفهرست(٤٦): الحسن بن محبوب السراد، ويقال له الزراد، ويكنى أبا علي، مولى بجيله، كوفي، ثقة، روى عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عن ستين رجلا من أصحاب أبي عبدالله (ع)، وكان جليل القدر، ويعد في الاركان الاربعة في عصره، وله كتب الخ. وقال ابن النديم في الفهرست(٢٢٢) في كتب المصنفة في الاصول والفقه ومشايخ الشيعة الذين رووا الفقه عن الائمةعليهم‌السلام : كتاب الحسن بن محبوب السراد وهو الزراد من اصحاب الرضا (ع) ومحمد ابنه من بعده. وقال أيضا في(٣٢٣): الحسن بن محبوب السراد هو الزراد، من اصحاب مولانا الرضا، ومحمد ابنهعليهما‌السلام وله من الكتب.

وقال إبن إدريس مع ذكره في المشيخة المصنفين، والرواة المحصلين في آخر (السرائر) (٤٨١): ومن ذلك ما استطرفناه من كتاب التحية والثناء، وهو ثقة عند أصحابنا، جليل القدر، كثير الرواية، أحد الاركان الاربعة في عصره.

٣٤٥

قلت: روى الحسن بن محبوب عن أبي الحسن الرضا (ع) كثيرا روى عنه عنه (ع) جماعة منهم أحمد بن محمد بن عيسى، وابراهيم ابن هاشم واحمد بن هلال ذكرناهم في طبقات أصحابه. ولم يذكره أصحابنا في أصحاب أبي جعفر الجواد (ع)، نعم عده ابن النديم من أصحابه أيضا كما تقدم. مع انه بقى بعد وفات أبي الحسن الرضا (ع)(٢٠٢) إلى سنة (٢٢٤) وذلك بعد وفاة أبي جعفرعليه‌السلام (٢٢٠) وعلى هذا أدرك من أيام أبي الحسن الهادي (ع) أربع سنين.

مكانته السامية

كان وجيها عند أبي الحسن الرضا (ع) كما تقدم عن الكشي وغيره ما يدل عليه، وصدقه فيما أتى به، وكان صاحبه كما ذكره إبن إدريس. وكان ممن اجمع اصحابنا على تصحيح مايصح عنه، وعلى تصديقه والاقرار له بالفقه، والعلم ذكره الكشي، وكان جليل القدر، ويعد في الاركان الاربعة في عصره. ذكره الشيخ وإبن إدريس وجماعة ممن تأخر يعني كان بمنزلة زرارة ومحمد بن مسلم من الاركان الاربعة في عصرهم. وقد وثقه الشيخ في أصحاب الكاظم والرضا من رجاله وفى الفهرست وقال إبن ادريس ثقة عند أصحابنا. وقال الاربلي في كشف الغمة ج ٣ / ٣٣٧: ومن جملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة الحسن بن محبوب الزراد. وقال في الخلاصة: ثقة عين إلى آخر ما ذكره الشيخ. وقال النجاشي

٣٤٦

في ترجمة جعفر بن عبدالله رأس المدرى: وروى جعفر عن جلة أصحابنا مثل الحسن بن محبوب.

وقد روى الاصول والكتب المصنفة عن مصنفيها كثيرا كما في النجاشي والفهرست كما روى عن أصحاب الائمةعليهم‌السلام كثيرا وكان عارفا بالحديث ورواته. وبالجملة جلالة إبن محبوب في أصحابنا مما لاتنكر ولم يطعن عليه بشئ من مذهبه ووثاقته ومشايخه وكتبه بل عد من روى عنه من الثقات على اشكال تقدم في مقدمة هذا الشرح نعم توجد مناقشات ونوادر حول رواياته نشير إليها.

مناقشات ونوادر في رواياته

توجد في كلمات أصحابنا مناقشات حول روايات الحسن بن محبوب ربما نشأت كلها عن خفاء مولده ووفاته فتارة نوقش في روايته عن الحسن بن فضال، وأخرى في روايته عن أبي حمزة الثمالي، أو ابن أبي حمزة البطائني على خلاف يأتي، وثالثة في رواية احمد بن محمد بن عيسى الاشعري عن ابن محبوب.

اما الاولى فقال الكشي في ترجمته(٣٦١): قال نصر بن الصباح: إبن محبوب لم يكن يروي عن إبن فضال، بل هو أقدم وأمتن. قلت: وفيما ذكره نظر: أولا بأن الكشي والنجاشي وغيرهما قد طعنوا في إبن الصباح بالغلو بلا توثيقهم له. وثانيا ان ابن فضال ليس مطعونا بوجه يتنزه ويقدس مقام ابن

٣٤٧

محبوب من روايته عنه مع عظم قدره وجلالته وثقته وورعه عند الطائفة وقد عده بعضهم من أصحاب الاجماع بدل إبن محبوب. والطعن فيه بمذهبه وأنه فطحي ففي غير محله إذ تقدم في ترجمته انه مات وقد قال بالحق، على أنا قد أمرنا بالاخذ بما رواه ثقات الفطحية وطرح آرائهم مع انه لابأس بالرواية عن ثقاتهم، وعن ثقات سائر أصحاب المذاهب الباطلة، كما انه روى إبن محبوب عن ثقاتهم كما يأتي. وإن أراد انه أقدم طبقة منه فانه من أصحاب الكاظم (ع) دونه حيث لم يذكره الكشي في أصحابه وتبعه النجاشي في ذلك كما تقدم ففيه أنه إن سلم فلا يمنع روايته عنه وقد كثرت رواية أكابر أصحاب امام عن أصاغر أصحابه. وإن أراد انه أقدم مولدا ووفاتا فمع انه محل منع كما تقدم ففيه ان التقدم بهذه المدة اليسيرة لا يمنع عن الرواية عنه وهذا واضح. هذا في المناقشة الاولى في رواياته. واما الاخيرتين فيأتي التحقيق فيهما في ترجمة احمد بن محمد بن عيسى تبعا للماتنرحمه‌الله فانتظره. كتبه: قال إبن النديم(٣٢٣): وله من الكتب: كتاب التفسير، كتاب النكاح، كتاب الفراض، والحدود، والديات، وقال الشيخ في الفهرست(٤٧): له كتب كثيرة منها: كتاب المشيخة، وكتاب الحدود، كتاب الديات، كتاب الفرائض، كتاب النكاح، كتاب الطلاق، كتاب النوادر نحو ألف ورقة. وزاد إبن

٣٤٨

النديم عنه كتاب التفسير، كتاب العتق، رواهما أحمد بن محمد بن عيسى، وغير ذلك. أخبرنا بجميع كتبه ورواياته عدة من أصحابنا عن أبي جعفر محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمي عن أبيه عن سعد بن عبدالله عن الهيثم بن أبي مسروق، ومعاوية بن حكيم، واحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب. وأخبرنا ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار عن احمد بن محمد، ومعاوية بن حكيم، والهيثم بن أبي مسروق كلهم عن الحسن إبن محبوب. وأخبرنا بكتاب المشيخة قراء‌ة عليه احمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير عن الحسين بن عبدالملك الازدي عن الحسن بن محبوب. وله كتاب المراح (المزاج - المزاح - خ) أخبرنا احمد بن عبدون عن أبي طالب الانباري عن حميد بن زياد عن يونس بن علي العطار عن الحسن بن محبوب. قلت: أما الاول من طرقه فهو صحيح بلا كلام، والثاني صحيح بناء‌ا على وثاقة إبن أبي جيد من مشايخ النجاشي، والثالث صحيح بناء‌ا على وثاقة إبن الصلت من مشايخه، والرابع ضعيف بالحسين بن عبدالملك الازدي فلم يصرح بشئ على اشكال في ابني الزبير وعبدون، والخامس ضعيف بيونس بن علي العطار فلم يصرح بتوثيق. وروى الصدوق في المشيخة(١١٢) عن محمد بن موسى بن المتوكل (رض) عن عبدالله بن جعفر الحميري، وسعد بن عبدالله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب. قلت: طريقه صحيح على الاظهر بابن المتوكل كما قد وثقهما

٣٤٩

العلامة وإبن داود.

وذكر ابن شهر اشوب في المعالم(٣٣) هذه الكتب جميعها وزاد عليها: كتاب (معرفة رواة الاخبار).

ثم ان كتاب المعروف ب‍ (المشيخة) كان مشهورا معتمدا عند الاصحاب. قال الاربلي في كشف الغمة: وقد صنف المشيخة الذي هو في أصول الشيعة أشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة. وقال الحلي في آخر السرائر بعد استطراف جملة من أخباره: وتمت الاحاديث المنتزعة من كتاب الحسن بن محبوب السراد الذي هو كتاب المشيخة، وهو كتاب معتمد.

وقال النجاشي في جعفر بن بشير: " له كتاب المشيخة مثل كتاب الحسن بن محبوب إلا أنه أصغر منه ". ثم ان كتاب المشيخة لم يكن مبوبا لا على أبواب الفقه ولا على إسماء أصحاب الاصول المأخوذ منها والرواة عن الائمة لكن بوبه على معاني الفقه وأبوابه داود بن كورة القمي كما يأتي في ترجمته، وبوبه على أسماء الشيوخ الذين أخذ عنهم احمد بن الحسين بن عبدالملك الاودي الثقة كما يأتي.

٣٥٠

الحسن بن محمد بن اسماعيل بن محمد بن أشناس أبوعلي البزاز

ذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ / ٤٢٥ وقال مولى جعفر المتوكل ويكنى ابا على ويعرف بابن الحمامي البزاز.

ثم ذكر مشايخه وقال: كتبت عنه شيئا يسيرا، وكان سماعه صحيحا الا أنه كان رافضيا خبيث المذهب، وكان له مجلس في داره بالكرخ يحضره الشيعة، ويقرأ عليهم مثالب الصحابة، والطعن على السلف، وسألته عن مولده فقال: في شوال من سنة تسع وخمسين وثلثمائة، ومات في ليلة الاربعاء الثالث من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة، ودفن في صبيحة تلك الليلة في مقره باب الكناس.

وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ / ٥٢١ وابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٥٤ وقالا: الحسن بن محمد بن أشناس المتوكلي الحمامي. ثم ذكرا ما ذكره الخطيب ملخصا. وذكره العلامة (ره) في الاجازة الكبيرة في مشايخ شيخ الطائفة من الخاصة. وقال شيخ شيخنارحمه‌الله في خاتمة المستدرك في مشايخ الشيخ ج ٣ / ٥١٠: (لح) أبوعلي الحسن بن محمد بن اسماعيل بن محمد ابن أشناس البزاز الفقيه المحدث الجليل المعروف بابن أشناس. وتارة بابن الاشناس البزاز، وتارة بالحسن بن اسماعيل بن أشناس والكل واحد وهو صاحب عمل ذي الحجة الذي نقل عنه بخط مصنفه السيد ابن طاووس في الاقبال الخ.

٣٥١

قال ابن طاووس في أعمال يوم المباهلة من كتاب الاقبال(٧١٤): روينا ذلك بالاسانيد الصحيحة والروايات الصريحة إلى أبي المفضل محمد بن عبدالمطلب الشيبانيرحمه‌الله من كتاب المباهلة ومن أصل كتاب الحسن بن اسماعيل بن أشناس من كتاب عمل ذي الحجة. وقال في(٥٣٢) في فضل ذي الحجة: وجدنا ذلك في كتاب عمل ذي الحجة تأليف أبي علي الحسن بن محمد بن اسماعيل بن أشناس البزاز من نسخة بخطه تاريخه سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، وهو من مصنفي أصحابنارحمهم‌الله .

وعنونه ايضا نحوه(٥٥٢) وزاد بعد اسماعيل: (بن محمد)، وترحم عليه. وقال إبن إدريس في ميراث المجوس من سرائره(٤٠٩) عند ذكره السكوني: وله كتاب يعد في الاصول، وهو عندي بخطي كتبته من خط ابن أبي اشناس البزاز وقد قرئ على شيخنا أبي جعفر وعليه خطه اجازة وسماعا لولده. وفى أمل الامل بعد ذكره: كان عالما فاضلا، وثقه السيد علي ابن طاووس في بعض مؤلفاته. وكان من كتبه: كتاب (عمل ذي الحجة) ذكره إبن طاووس كتاب (الكفاية في العبادات)، (الاعتقادات)، (الرد على الزيدية) ذكرها صاحب أمل الامل. روى الحسن بن أشناس عن جماعة روى عنهم في الاقبال منهم احمد بن محمد بن عبدالله بن عياش الجوهري(٧١٤)، ومحمد بن عبدالمطلب ابوالمفضل الشيباني، واحمد بن محمد(٥٣٤)، وابوالفتح البرأس حدثه إملاء‌ا(٥٤٥)، والحسين بن احمد بن المغيرة

٣٥٢

ابوعبدالله الثلا ج(٥٣٣)، وإبن أبي الثلج الكاتب(٥٣٣). وذكر الخطيب جماعة من مشايخه من العامة.

الحسن بن محمد بن بابا القمي

ذكره الشيخ في أصحاب الهادي (ع)(٤١٤) وقال: القمي غالي، وفي أصحاب العسكري (ع)(٤٣٠) وقال: غالي. وذكره الكشي في الغلاة في عصر الامام الهادي (ع)(٣٢٣) وروى اخبارا في ذمومه واللعن عليه والبرائة منه وأنه من الكذابين ونحوه في ترجمة فارس بن حاتم القرويني(٣٢٧) وقد أوردنا ما ورد فيه من الذموم في كتابنا في أخبار الرواة.

وروى في التهذيب ج ٦ / ٨١ / ١٥٩ باسناده عن الخيبري عن الحسن بن محمد القمي قال قال لي الرضا (ع): من زار قبر أبي ببغداد الحديث. ويحتمل الاتحاد فلاحظ. الحسن بن محمد بن الحسن القمي صاحب تاريخ (قم) ذكر أصحابنا المتاخرون ومنهم صاحب رياض العلماء: انه من أكابر قدماء علماء الاصحاب، ومن أجلاء القميين، ومن قدماء علمائهم عاصر شيخنا الصدوق، وروى عن الحسين بن علي بن بابويه أخي الصدوق المتقدمة ترجمته بل، وعن الصدوق، وألف كتابه (تاريخ قم) سنة ٣٧٨ باسم الوزير الصاحب بن عباد المتقدم ذره بترجمة، وأطراه في أوله بصفحات وان شئت تفصيل ترجمته فراجع كتب صاحب

٣٥٣

(الذريعة) وأعيان الشيعة وغيرها من كتب التراجم.

الحسن بن محمد الداعي بالخبر

ذكره الشيخم في من لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٤) وقال: روى عنه حميد.

وفي الفهرست أيضا(٥٠) وقال: له نوادر، رويناه بالاسناد الاول (أحمد بن عبدون عن الانباري) عن حميد عنه. قلت: طريقه موثق بحميد على كلام في وثاقة ابن عبدون شيخ النجاشي.

الحسن بن محمد السراج

ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٤) وقال: روى عنه حميد.

وأيضا في الفهرست(٥٠) وقال: له نوادر، رويناها بالاسناد الاول (احمد بن عبدون عن الانباري) عن حميد عن ابن نهيك عنه. قلت: طريقه موثق بحميد كسابقه

الحسن بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي...

طالب(ع) الجواني

وقد اشهده ابوجعفر الجوادعليه‌السلام على وصيته إلى إبنه علي (ع) بنفسه وإخوته سنة(٢٢٠) رواها في أصول الكافي ج ١ / ٣٢٥

٣٥٤

في النص على أبي الحسن الهادي (ع).وكان ابوه محمد الجواني (منسوب إلى الجوانية قرية بالمدينة) ابن عبيد الله الاعرج المتوفي في حياة أبيه الحسين أيام الكاظم (ع) وصي أبيه. وكان كريما جوادا، توفي وهو ابن إثنتين وثلاثين سنة.ذكره في عمدة الطالب(٣١٩) وسر السلسلة(٧١). والظاهر ان محمدا بقى إلى أيام أبي الحسن الرضا (ع) وانه المراد بالجواني الذي خرج معه إلى خراسان.

قال الكشي(٣١٤) عن حمدويه وابراهيم قالا حدثنا أبوجعفر محمد بن عيسى قال: كان الجواني خرج مع أبي الحسن إلى خراسان وكان من قرابته. فما في الخلاصة(٩٧) في علي بن ابراهيم بن محمد بن الحسن ابن محمد الجواني بن عبيد الله الاعرج: " خرج مع أبي الحسن (ع) إلى خراسان " ففي غير محله. ويأت ي ترجمة علي بن ابراهيم هذا حفيد الحسن بن محمد الجواني رقم(٦٨٦). ثم ان الموجود في الكافي في نسبه (عبدالله بن الحسن بن علي) الا ان الصحيح: عبيد الله بن الحسين كما لا يخفى على من راجع كتب الانساب مثل عمدة الطالب وسر السلسلة وغيرهما. وتمام الكلام في ذلك وفيما ورد في الحسن بن محمد الجواني في كتابنا في أخبار الرواة. وكان الشريف ابوعبدالله محمد بن الحسن بن محمد العلوي الجواني من مشايخ المفيد روى عنه في اماليه(٥٢) وغيره وفي الاقبال(٥٣٩).

٣٥٥

الحسن بن محمد بن عمران

روى الكشي في ترجم ة زكريا بن آدم(٣٦٦) كتابا ورد عنهعليه‌السلام في وفات زكريا بن آدم وفى آخره: وذكرت الرجل الموصى إليه، ولم تعرف فيه رأينا وعندنا من المعرفة به أكثر مما وصفت، يعني الحسن بن محمد بن عمران. ورواه المفيد في الاختصاص(٨٧) نحوه. والظاهر ان الكتاب ورد من أبي جعفر الجواد (ع) فقد مات زكريا بن آدم في أيامه والحديث يدل على وجاهة الحسن بن محمد عنده إلا انه قاصر سندا بالارسال بابهام الواسطة، بل وبغيره أيضا في طريق الكشي. الحسن بن محمد بن قطاء الصند لاني وكيل الوقف بواسط ذكره الصدوق في الاكمال(٤٦٩) وفيه ما يدل على وجاهته وتفصيل خبره في كتابنا في أخبار الرواة.

الحسن بن محمد بن الوجناء أبومحمد النصيبي

كان من أصحاب أبي محمد العسكري (ع) ذكرناه في طبقات أصحابه (ع)، وقد حج أربع وخمسين حجة وفيها تشرف بزيارة مولانا الحجة أرواحنا فداه وصادر ضيفا له (ع وموردا لعنايته. ويأتي في ترجمة محمد بن أحمد بن عبدالله بن مهران بن خانبة

٣٥٦

رواية النجاشي عن شيخه ابن نوح عن الصفواني عنه قال كتبنا إلى أبي محمدعليه‌السلام نسأله أن يكتب أو يخرج إلينا كتابا نعمل به فأخرج إلينا كتاب عمل الحديث. والظاهر أنه المراد بأبي محمد بن الوجناء فيما رواه الصدوق في الاكمال باب ٤٧ ذكر من شاهد القائمعليه‌السلام ورآه وكلمه(٤١٧) عن محمد بن محمد الخزاعيرضي‌الله‌عنه عن أبي علي الاسدي عن أبيه محمد بن أبي عبدالله الكوفي في جماعة ممن وقف على أنهم شاهدوه ووقفوا على معجزاته (ع) من الوكلاء ومن غيرهم فعدهم من رجال البلاد ثم قال: (ومن نصيبين أبومحمد الوجناء). وروى أيضا بعد الحديث المتقدم باسناده عن سليمان بن إبراهيم الرقي قال حدثنا أبومحمد الحسن بن وجناء النصيبي قال: كنت ساجدا تحت الميزاب في رابع أربع وخمسين حجة بعد العتمة وأنا أتضرع في الدعاء إذ حركني محرك فقال: قم يا حسن بن وجناء النصيبي الحديث بطوله وفيه ذكر تشرفه بزيارة إمامنا أرواحنا فداه بتفصيله ذكرناه في طبقات أصحابه. وفي أخبار الرواة. قلت: في سند الخبرين رجال غير مذكورين بشئ.

وقد عد أبوعبدالله بن الوجناء في رواية الغيبة(٢٢٦) من وجوه الشيعة وأكابرهم الذين إجتمعوا حول العمري السفيرفي مرضه. ويأتي الكلام في إتحاد الحسن بن علي بن الوجناء النصيبي المتقدم، والحسن بن محمد بن الوجناء والحسن بن الوجناء، وأبي عبدالله بن الوجناء، وإبن الوجناء على ما في الكافي فانتظر.

٣٥٧

الحسن بن مسكان ابن أخي جابر الجعفي

ذكره إبن إدريس فيما إستطرفه في آخر السرائر من كتاب محمد إبن علي بن محبوب(٤٨٤) قال: أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن حسين بن عثمان عن ابن مسكان " وقال محمد بن إدريس: وإسم إبن مسكان الحسن وهو إبن أخي جابر الجعفي غريق في الولاء لاهل البيتعليهم‌السلام " عن محمد بن مسلم قال سألته الحديث. قلت: روى المشايخ بهذا الاسناد عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم كثيرا كما في يب ج ٢ / ٥٢ وفي الكافي ج ٢ / ٧٠ باب الزانية، وأيضا بهذا الاسناد عنه عن الحلبي كما في ج ٢ / ٢٣٤ وج ٣ / ٢٤٢، وفي الكافي ج ١ / ٩٣ و / ١٢١، وأيضا عن أبي بصير كما في التشهد في الركعتين من الكافي ج ١ / ٩٣، وايضا عن عنبسة بن مصعب كما في الكافى ج ١ / ٩٣ ويب ج ٢ / ٩٣ و / ١٧٦ و / ١٧٩ وغير ذلك. وأيضا عن محمد بن مضارب (يب ج ٢٩٢ / ٣٠٩ وصاج ١ / ٤٠٠)، وأيضا عن محمد بن جعفر (الكافي في صوم الحائض ج ١ / ٢٠٠)، ومواضع أخر من روايتهم بهذا الاسناد عن إبن مسكان عنهم وعن غيرهم من أصحاب الائمةعليهم‌السلام ممن يطول بذكرهم وقد ذكرناهم في الطبقات. ثم أن الظاهر من أصحابنا أن المراد بابن مسكان في هذه الموارد وأمثالها هو عبدالله بن مسكان بقرينة رواية حسين بن عثمان عنه وروايته عن هؤلاء

٣٥٨

وهذا محل نظر لعدم الوقوف فيما أحضره على رواية المشايخ بهذا الاسناد عن عبدالله عنهم وإنموا المذكور في الروايات (إبن مسكان) وما كان لهم رواية بهذا الاسناد عن عبدالله بن مسكان عن الحسن ابن مسكان أيضا فحمل ما كان بهذا الاسناد عن إبن مسكان عنه على ذلك بلا شاهد محل منع مع عدم إستحالة روايتهم عن الحسن بن مسكان الجعفي عنه وهذا يحتاج إلى تأمل والله الهادي. ولم أقف على من تنبه على ذلك نعم عن المجلسي حكاية كلام إبن إدريس المتقدم ولكن ذكر (الحسين) مكبرا وذكره في تنقيح المقال مع ذكره كلام إبن الغضائري في الحسين بن مسكان الاتي. ولكنه محل نظر لاحتمال التصحيف في كلامه المحكي أولا، ولتعددهما ولوسلم عدم التصحيف لاختلاف الحسين بن مسكان ابن أخي جابر الجعفي المذكور مع الحسين بن مسكان الذي يروى عنه جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الذي ذكره إبن الغضائري عنوانا وطبقة كما لا يخفى وتمام الكلام هناك.

الحسن بن موسى الحناط الكوفي

ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (ع) (١٦٨).

وفي الفهرست ٤٩ / ١٦١: الحسن بن موسى، له أصل، أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن ابي عمير عن الحسن بن موسى. قلت: يحتمل كونه أخا الحسين بن موسى بن سالم الحناط المتقدم ص ٦٣ فلاحظ، كما يحتمل كون (الحسن) مصحف (الحسين).

٣٥٩

ثم ان طريق الفهرست صحيح بناء‌ا على وثاقة ابن ابي جيد من مشايخه ومشايخ النجاشي.

وفي التهذيب ج ٢ / ١٠ سعد بن عبدالله عن يعقوب بن يزيد عن الحسن بن علي بن فضال عن هارون بن مسلم عن الحسن بن موسى الحناط قال: خرجنا أنا، وجميل بن دراج، وعائذ الاحمسي حجاجا فكان عائذ كثيرا ما يقول لنا في الطرق: إن لي إلى أبي عبدالله (ع) حاجة أريد أن أسأله عنها فأقول: حتى نلقاه، فلما دخلنا عليه سلمنا وجلسنا فأقبل علينا بوجهه مبتدء‌ا فقال: من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك فغمزنا عائذ، فلما قمنا قلنا: ما كانت حاجتك؟ قال: الذي سمعتم.

قلنا كيف كانت هذه حاجتك؟ فقال: أنا رجل لا إطيق القيام بالليل فخفت ان أكون مأخوذا به فأهلك.

الحسن بن النضر القمي

ابوعمرو الكشي في احمد بن ابراهيم أبي حامد المراغي(٣٣١) عن علي بن قتيبة عن أبي حامد المراغي في توقيع، ورقعة خرجت من الناحية المقدسة، إلى محمد بن احمد بن جعفر القمي العطار في جواب كتابه ويأتي انشاء الله تمامه في ترجمتهما من هذا الشرح قال: وكتب رجل من اجل إخواننا يسمى الحسن بن النضر (خ ط. النظرة) بما خرج في ابي حامد. وانفذه إلى ابنه من مجلسنا يبشره بما خرج. وقال العلامة في الخلاصة(٤١) الحسن بن النضر، قال الكشي: انه من اجلاء إخواننا. الكافي ج ١ / ٥١٧ / ٤ باب مولد الصاحب (ع): علي بن محمد عن سعد بن عبدالله قال: ان الحسن بن النضر، وأبا صدام، وجماعة

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عزّ وجلّ ، فأرسل اليها ملكاً يسلّي عنها غمّها ويحدّثها ، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال لها : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي. فأعلمتْه ، فجعل يكتب كلّ ما سمع حتّى أثبت من ذلك مصحفاً. قال : ثم قال : أما إنّه ليس الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون » (١) .

وفي حديث آخر قال له الراوي : فمصحف فاطمة ؟ فسكت طويلاً ثمّ قال :« إنّكم لتبحثون عمّا تريدون وعمّا لا تريدون ، إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوماً وقد كان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها وكان علي عليه‌السلام يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة عليها‌السلام » (٢) .

وعن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام عن مصحف فاطمة ، فقال : « اُنزل عليها بعد موت أبيها. قلت : ففيه شيء من القرآن ؟ فقال : ما فيه شيء من القرآن. قلت فصفه لي ، قال : له دفّتان من زبرجدتين على طول الورق ، وعرضه حمراوين. قلت : جعلت فداك فصف لي ورقه ، قال : وروقه من درّ أبيض ، قيل له : كن فكان. قلت : جعلت فداك فما فيه ؟ قال : في خبر ما كان وخبر ما يكون إلى يوم القيامة ، وفيه خبر سماءٍ سماءٍ ، وعدد ما في السموات من الملائكة ، وغير ذلك ، وعدد كلّ من خلق الله مرسلاً وغير مرسل وأسماؤهم ، وأسماء من اُرسل إليهم ، وأسماء من كذّب ومن أجاب ، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأولّين والآخرين ، وأسماء البلدان ، وصفة كلّ بلد في شرق الأرض وغربها ، وعدد ما فيها من المؤمنين ، وعدد ما فيها من الكافرين ، وصفة كلّ من كذّب ، وصفة القرون الاُولى وقصصهم ، ومن ولي من الطواغيت ومدَّة ملكهم وعددهم. وأسماء الأئمّة وصفتهم ، وما يملك كلّ واحدٍ واحدٍ ، وصفة كبرائهم ، وجميع من ترددّ في الأدوار.

قلت : جعلت فداك وكم الأدوار ؟ قال : خمسون ألف عام. وهي سبعة أدوار ، فيه

__________________

(١) البحار : ٤٣ / ٨٠.

(٢) البحار : ٤٣ / ٨٠.

٤٢١

أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم ، وصفة أهل الجنّة ، وعدد من يدخلها ، وعدد من يدخل النار ، وأسماء هؤلاء وهؤلاء ، وفيه علم القرآن كما اُنزل ، وعلم التوراة كما اُنزلت ، وعلم الإنجيل كما اُنزل ، وعلم الزبور ، وعدد كلّ شجرة ومدرة في جميع البلاد » .

قال أبو جعفرعليه‌السلام :« ولمّا أراد الله تعالى أن ينزل عليها جبرئيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوه فينزلون به عليها ، وذلك في ليلة الجمعة من الثلث الثاني من الليل ، فهبطوا به وهي قائمة تصلّي ، فما زالوا قُيّاماً حتّى قعدت ، ولمّا فرغت من صلاتها سلّموا عليها وقالوا : السلام يقرئك السلام ؛ ووضعوا المصحف في حجرها ، فقالت : لله السلام ومنه السلام وإليه السلام وعليكم يا رسل الله السلام ، ثمّ عرجوا إلى السماء. فما زالت من بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرأه حتّى أتت على آخره. ولقد كانت عليها‌السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجنّ والإنس ، والطير والوحش ، والأنبياء والملائكة ».

قلت : جعلت فداك فلمن صار ذلك المصحف بعد مضيِّها ؟ قال : « دفعته إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلمّا مضى صار إلى الحسن ثم إلى الحسين عليهما‌السلام ، ثم عند أهله حتّى يدفعوه إلى صاحب هذا الأمر. فقلت : إنَّ هذا العلم كثير ! قال : يا أبا محمد ، إنَّ هذا الذي وصفته لك لفي ورقتين من أوَّله ، وما وصفت لك بعد ما في الورقة الثانية ولا تكلّمت بحرف منه » (١) .

وختاماً للبحث حول اسم المحدثة نذكر ما قاله العلامة الهمداني تعليقاً حول الروايات الواردة في هذا المقام حيث قال تحت عنوان فائدتان : إنَّ ما يستفاد من هذا الأخبار في شأن مصحف فاطمة سلام الله عليها في وجوه مختلفة :

منها : ما يدلُّ على أنَّ الله تعالى أرسل ملكاً أو يأتيها جبرئيل بعد قبض نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحدّهاعليه‌السلام ويكتب عليٌّعليه‌السلام ، كما في الحديث الأوَّل والثاني من البحار.

ومنها : ما يدلّ على أنّ مصحف فاطمةعليه‌السلام كان موجوداً في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما

__________________

(١) دلائل الإمامة للطبري : ٢٧ ـ ٢٨.

٤٢٢

لاحظت في حديث « البصائر » بقولهعليه‌السلام : ولكنّه إملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخطُّ عليّعليه‌السلام .

ومنها : ما يدلُّ على أنّ الله عزّ وجلّ أوحى إليها كما لاحظت في الحديث الثالث من « البصائر » بقولهعليه‌السلام : « إنّما هو شيء أملاها الله وأوحى إليها ». ويستفاد أيضاً أنّ مصحفها سلام الله عليها يشتمل على جميع الأحكام الشرعيّة من نصف الجلدة أو جلدة واحدة حتى أرش الخدش ، وأنّ فيه أسماء جميع الناس والكائنات جميعها من الشجر والمدر وغير ذلك كما في حديث « دلائل الإمامة » ، وفيه ذكر الحوادث المهمّة إلى يوم القيامة. ويستفاد أيضاً أنّه من مصادر علوم أهل البيتعليهم‌السلام وكانوا يرجعون إليه(١) .

٩ ـ الزهراء

وهو من أشهر أسماءها وأشهرها شيوعاً عند الشيعة ، فنراهم كثيراً ما يسمون أسماء مواليدهم من الاناث بهذا الاسم المبارك اضافة إلى اسمها فاطمة ، وقد تقدم بنا الحديث في كيفية تطابق الإسم على المسمى وبيان فلسفته ، وكذلك الحال في هذا المقام ، ففاطمة سلام الله عليها سُميت بهذا الإسم ( زهراء ) لأن نورها الذي زهرت به السموات والأرض ولم يأت هذا الإسم اعتباطاً وإنما جاء ليعبر عن طبيعة ذاتها ، فنجد ومن خلال مطابقة الكثير من الروايات التي تروي مبدء نور فاطمة وخلقته ان لها نوراً يسطع من جبينها ومن وجهها المتلألئ بنور الله تعالى والذي كان من شأنه أن زهرت به السموات والأرض كرامةً من الله تعالى لها ولمقامها السامي عنده ، أما بيان هذا الاسم فانه لا يحتاج إلى كثير تأمل وخاصة بالنسبة للمطلع على الأسماء العربية ، فانها بسيطة ومفهومةً عندما تطرق الأذهان ، ومع ذلك نقف مع هذه الروايات التي تبين علة تسميتها الزهراء ففي حديث طويل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال :

__________________

(١) فاطمة بهجة قلب المصطفى : ص ١٧٦.

٤٢٣

« ثم أظلمت المشارق والمغارب ، فشكت الملائكة إلى الله تعالى أن يكشف عنهم تلك الظلمة ، فتكّلم الله جلّ جلاله كلمة فخلق منها روحاً ، ثمّ تكلّم بكلمة فخلق من تلك الكلمة نوراً ، فأضاف النور إلى تلك الروح وأقامها مقام العرش ، فزهرت المشارق والمغارب فهي فاطمة الزهراء ، ولذلك سمّيت « الزهراء » لأنّ نورها زهرت به السموات (١) » ، الحديث.

وعن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يا ابن رسول الله ، لم سمّيت الزهراء « زهراء » ؟ فقال :« لأنّها تزهر لأمير المؤمنين عليه‌السلام في النهار ثلاث مرّات بالنور ، كان يزهر نور وجهها الغداة والناس في فراشهم ، فيدخل بياض ذلك النور إلى حجراتهم بالمدينة ، فتبيضُّ حيطانهم ، فيعجبون من ذلك ، فيأتون النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فيسألونه عمّا رأوا ، فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها‌السلام فيأتون منزلها فيرونها قاعدة في محرابها تصلّي والنور يسطع من محرابها من وجهها ، فيعلمون أنّ الذي رأوه كان من نور فاطمة ، فإذا انتصف النهار وترتّبت للصلاة ، زهر نور وجهها عليها‌السلام بالصفرة فتدخل الصفرة في حجرات الناس ، فتصفرُّ ثيابهم وألوانهم ، فيأتون النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فيسألونه عمّا رأوا ، فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها‌السلام فيرونها قائمة في محرابها وقد زهر نور وجهها عليها‌السلام بالصفرة ، فيعلمون أنّ الذي رأوا كان من نور وجهها ، فإذا كان آخر النهار وغربت الشمس ، أحمرّ وجه فاطمة ، فأشرق وجهها بالحمرة فرحاً وشكراً لله عزّ وجلّ ، فكان تدخل حمرة وجهها حجرات القوم وتحمرّ حيطانهم ، فيعجبون من ذلك ويأتون النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ويسألونه عن ذلك ، فيرسلهم إلى منزل فاطمة ، فيرونها جالسة تسبّح وتمجّده ونور وجهها يزهر بالحمرة ، فيعلمون أنّ الذي رأوا كان من نور وجه فاطمة عليها‌السلام ، فلم يزل ذلك النور في وجهها حتّى ولد

__________________

(١) البحار : ٤٠ / ٤٤ ، ارشاد القلوب ، ٤٠٣ ، الفضائل لابن شاذان : ١٧٢.

٤٢٤

الحسين عليه‌السلام ، فهو يتقلّب في وجوهنا إلى يوم القيامة في الأئمة منّا أهل البيت إمام بعد إمام » (١) .

وعن أبي هاشم العسكري قال : سألت صاحب العسكرعليه‌السلام : لم سمّيت فاطمة « الزهراء »عليه‌السلام ؟ فقال :« كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين عليه‌السلام من أوّل النهار كالشمس الضاحية ، وعند الزوال كالقمر المنير ، وعند غروب الشمس كالكوكب الدرّيِّ » (٢) .

وعن الحسن بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : لم سمّيت فاطمة « الزهراء » ؟ قال :« لأنّ لها في الجنّة قبّة من ياقوت حمراء ارتفاعها في الهواء مسيرة سنة ، معلّقة بقدرة الجبّار ، لا علاقة لها من فوقها فتمسكها ، ولا دعامة لها من تحتها فتلزمها ، لها مائة ألف باب ، على كلّ باب ألف من الملائكة ، يراها أهل الجنة كما يرى أحدكم الكوكب الدرّيّ الزاهر في افق السماء ، فيقولون : هذه الزهراء لفاطمة » (٣) .

وعن ابن عمارة ، عن أبيه قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن فاطمة لم سمّيت « زهراء » ؟ فقال :« لأنّها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض » (٤) .

وعن جابر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت : لم سمّيت فاطمة الزهراء زهراءَ ؟ فقال :« لأنّ الله عزّ وجلّ خلقها من نور عظمته ، فلمّا أشرقت أضاءت السموات والأرض بنورها ، و غشيت أبصار الملائكة ، وخرّت الملائكة لله ساجدين ، وقالوا : إلهنا وسيّدنا ، ما هذا النور ؟ فأوحى الله إليهم : هذا نور من نوري ، وأسكنته في سمائي ، خلقته من عظمتي ، اُخرجه من صلب نبيّ من أنبيائي ، اُفضّله على جميع الأنبياء ، واخرج من ذلك النور أئمّة يقومون بأمري ، ويهدون إلى حقّي ، وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي » (٥) .

__________________

(١) البحار : ٤٣ / ١١ ح ٢ ، علل الشرائع ١ / ١٨٠ ح ٢.

(٢) البحار : ٤٣ / ١٦ ، المناقب : ٣ / ١١٠.

(٣) البحار : ٤٣ / ١٦ ، المناقب : ٣ / ١١١.

(٤) معاني الأخبار : ٦٤ ح ١٥ ، دلائل الإمامة : ٥٤.

(٥) البحار : ٤٣ / ١٢.

٤٢٥

وعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :« لمّا خلق الله آدم وحوّاء تبخترا في الجنّة ، فقال آدم لحوّاء : ما خلق الله خلقاً هو أحسن منّا. فأوحى الله إلى جبرئيل عليه‌السلام : ائت بعبديّ الفردوس الأعلى. فلمّا دخلا الفردوس نظرا إلى جارية على درنوك من درانيك الجنّة ، وعلى رأسها تاج من نور ، وفي اُذنيها قرطان من نور قد أشرقت الجنان من حسن وجهها ، فقال آدم : حبيبي جبرئيل ! من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنان من حسن وجهها ؟ فقال : هذه فاطمة بنت محمد نبيّ من ولدك يكون في آخر الزمان ، قال : فما هذا التاج الذي على رأسها ؟ قال : بعلها عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : فما القرطان اللذان في اُذنيها؟ قال : ولداها الحسن والحسين. قال آدم : حبيبي جبرئيل ! أخُلقوا قبلي ؟ قال : هم موجودون في غامض علم الله قبل أن تخلق بأربعة آلاف سنة » (١) .

في الدّرّ كوَّنها الباري وصوَّرها

من قبل إيجاد خلق اللوح والقلم

وتوِّجت تاج نور حوله دررٌ

يضي كالشمس أو كالنجم في الظلم

لله أشباح نور طالما سكنوا

سرَّ الغيوب فسادوا سائر الاُمم

قال العلامة المقرَّم : اشتهرت الصدّيقة بالزهراء لجمال هيئتها والنور الساطع في غرّتها ، حتّى إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما يزهر الكوكب لأهل الأرض ، وإن حضرت للإستهلال أوَّل الشهر لا يرى نور الهلال لغلبة نور وجهها على ضيائه(٢)

وعن سلمان الفارسّي (ره) مرفوعاً قال : كنت جالساً عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد إذا دخل العبّاس بن عبد المطّلب ، فسلّم ، فردّ النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله ورحّب به ، فقال : يا رسول الله بما فضّل الله علينا أهل البيت عليّ بن أبي طالب والمعادن واحدة ؟ فقال النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله :« إذن أُخبرك يا عمّ ، إنّ الله خلقني وخلق عليّاً ولا سماء ولا أرض ولا جنّة ولا نار ولا لوح ولا قلم. فلمّاً أراد الله عزّ وجلّ بدو خلقنا تكلمّ بكلمة فكانت نوراً ، ثمّ تكلمّ بكلمة ثانية فكانت روحاً ، فمزج فيما بينهما واعتدلا ، فخلقني وعليّاً منهما .

__________________

(١) البحار : ٤٣ / ٥٢.

(٢) وفاة الزهراء : ١٥.

٤٢٦

ثمّ فتق من نوري نور العرش ، فأنا أجلّ من العرش. ثمّ فتق من نور عليّ نور السماوات ، فعليٌّ أجلّ من السماوات. ثمّ فتق من نور الحسن نور الشمس ، ومن نور الحسين نور القمر ، فهما أجلّ من الشمس والقمر. وكانت الملائكة تسبّح الله تعالى وتقول في تسبيحها : « سبّوح قدّوس من أنوارها ما أكرمها على الله تعالى » ! فلمّا أراد الله تعالى أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحاباً من ظلمة ، وكانت الملائكة لا تنظر أوّلها من آخرها ولا آخرها من أوّلها ، فقالت الملائكة ، إلهنا وسيّدنا منذ خلقتنا ما رأينا مثل ما نحن فيه ، فنسألك بحقّ هذه الأنوار إلا ما كشفت عنّا. فقال الله عزّ وجلّ : وعزّتي وجلالي لأفعلنّ ؛ فخلق نور فاطمة الزهراء عليها‌السلام يومئذ كالقنديل ، وعلّقه في قرط العرش ، فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع ، من أجل ذلك سمّيت فاطمة « الزهراء ». وكانت الملائكة تسبّح الله وتقدّسه ، فقال الله : وعزّتي وجلالي ، لأجعلنّ ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبّي هذه المرأة وأبيها ».

إذن قد تبين من هذه الأخبار والأحاديث الشريفة الوجه من تسميتها بالزهراء فتارة لاشراق نورها للإمام عليعليه‌السلام وأخرى لأن الأرض والسموات العلى زهرت من نورها ، وتارة أخرى نتيجة عبادتها ودخول نورها إلى بيوتات المدينة وإشعاع هذا النور على جميع الناس آنذاك.

خجلاً من نور بهجتها

تتوارى الشمس بالشفق

وحياءً من شمائلها

يتغطى الغصن بالورق

١٠ ـ البتول

جرت عادة الباحثين والكاتبين حول حياة السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها عند التعرض لاسمها المبارك ( البتول ) البحث حول قانون العلية والمعلولية كقانون وسنة ربانية جعلها البارئ عز وجل منذ الخلقة الاولى ، فنجد أنه لا يوجد معلول دون علة مؤثرة فيه أو لا توجد أسباب إلا ولها مسبب حقيقي ، وبعبارة أخرى لا

٤٢٧

يوجد أي شيء دون أن تكون له علة مؤثرة فيه ، وعلى هذا الأساس نجد أن الكثير قد طعنوا في اسمها الذي نحن بصدد الوقوف معه في هذه الصفحات حيث يقتضي اسم البتول مخالفة قانون العلية كل ذلك لما لهذا الإسم ( البتول ) من معنى مؤثر وفاعل على طبيعة الحياة البشرية ، ولو أن هؤلاء الذين وقفوا موقف التعنت لهذه الكرامة ولهذا المقام السامي وتأملوا في مراجعة القوانين الكونية والسنن الإلهية لوجدوا أن هناك الكثير من هذه القوانين قد خُرقت وبتأييد من الله تعالى وهذا ما نجده من خلال مراجعة القرآن الكريم باعتباره المصدر الأول للتشريع الإسلامي ولقضايا المهمة التي ربما لا يوجد لها حل( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ) أي لا يوجد شيء من الأمور التي تعرض لنا في الحياة إلا وله أساس ومعرفة وبيان من القرآن الكريم ، أما مَنْ الذي يستطيع إدراك هذا البيان ومعرفته المعرفة الحقة فهذا ما نراه واضحاً بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة من بعده : ثم من بعد ذلك نرجع إلى الذين أوصى بهم الأئمة بالعودة اليهم بعد غيبة القائم عجل الله تعالى فرجه « وأما الحوادث الواقعة في زمن الغيبة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم » ، إذن لابد بالنتيجة النهائية أن نرجع إلى القرآن الكريم ونرى هل ان هناك قوانين شذ عنها الكثير من الناس وحسب ما ارتضاه تبارك وتعالى ؟

( نعم ) بهذا القول سوف يجيبنا القرآن الكريم فثمة هناك شواهد واضحة البرهان جلية البيان ، صريحة في معناها متقدة في مغزاها أثبتت من خلال واقعيتها مدى صحة مدركيتها فهذه النار التي جعلت لإبراهيمعليه‌السلام برداً وسلاماً وخالفت قوانين الطبيعة في سلوكها وخاصيتها المحرقة وهذه شجرةٌ من يقطين أنبتت ليونسعليه‌السلام بعد أن نبذه الحوت بالعراء وهو سقيم ، مع العلم بأن حبة اليقطين تحتاج إلى مدة غير قصيرة ، حتى تثبت وتورق وتستر بورقها جسم إنسان أو غير إنسان ، وهكذا نجد في شذوذ الكثير من المسائل عن القوانين والسنن الإلهية ، فهذه مريم مخالفة في ولادة عيسىعليه‌السلام من غير أب مسألة قانون التناسل البشري الطبيعي ، وكذلك هناك طوائف عديدة وأمثلة واضحة تدل دلالة صريحة على أنه هناك الكثير من القوانين قد خرقت بقدرة الله تعالى باعتباره هو مسبب الأسباب الطبيعي بل هو الجاعل لهذه السنن القدرة بهذه

٤٢٨

الكيفية كل هذا المقال الذي قلنا به وبيّنا الشيء اليسير منه لكي نرجع إلى قضية فاطمة سلام الله عليها في كونها بتول منقطعة عن الحيض ، فهل هذا اختلاف وتغير في قانون الطبيعة أم هي كرامة من الله تعالى لها ؟

وهل لهذه مسألة وجه يخرج عنه المتحير فكره إلى الصحيح من البيان ؟ نعم نقول في فاطمةعليها‌السلام كانت بتول بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وسبق أن قلنا أن هذه المسألة لم تكن الفريدة من نوعها ، بل توجد شواهد قرآنية عليها ومن خلال أبسط استقراء للقرآن الكريم نرى هذا الشيء الواضح.

أما بيان البتول والوقوف عليها ، وبيان الوجه في ذلك فهذا ما سيظهر لنا من خلال مراجعة كتب اللغة والحديث والتاريخ لنرى كيف كانت فاطمة سلام الله عليها بتول بكل ما تحمل هذه الكلمة من مدلولات واضحة.

أما بيان معنى هذه الكلمة من خلال مراجعة كتب اللغة فيظهر من خلال هذه الكتب أنه سئل أحمد بن يحيى عن فاطمة رضوان الله عليها بنت سيدّنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لم قيل لها : البتول ؟ فقال : لا نقطاعها عن نساء أهل زمانها ونساء الاُمّة عفافاً وفضلاً وديناً وحسباً. وقيل : لانقطاعها عن الدنيا إلى الله عزّ وجلّ وقيل : تبتيل خلقها انفراد كلِّ شيء عنها بحسنه لا يتّكل بعضه على بعض. قال ابن الأعرابيّ : المبتّلة من النساء : الحسنة الخلق ، لا يقصر شيء عن شيء لا تكون حسنة العين سمجة الأنف ، ولا حسنة الأنف سمجة العين ، ولكن تكون تامّة(١) .

وقال ابن الأثير : وامرأة بتول : منقطعة عن الرجال لا شهوة لها فيهم : وبها سمّيت مريم اُمُّ المسيحعليهما‌السلام . وسمّيت فاطمة « البتول » لانقطاعها من نساء زمانها فضلاً وديناً وحسباً. وقيل : لانقطاعها عن الدنيا إلى الله تعالى(٢) .

وقال الطريحي : والبتول فاطمة الزهراء بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قيل : سمّيت بذلك لانقطاعها إلى الله وعن نساء زمانها فضلاً ، وعن نساء الاُمّة فضلاً وحسباً وديناً(٣) .

__________________

(١) لسان العرب : مادة بتل.

(٢) النهاية : مادة بتل.

(٣) مجمع البحرين : مادة بتل.

٤٢٩

وَورد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال :« سمّيت فاطمة بتولاً لأنّها تبتّلت وتقطّعت عمّا هو معتاد العورات في كلِّ شهر ، ولأنّها ترجع كلّ ليلة بكراً. وسمّيت مريم بتولاً لأنّها ولدت عيسى بكراً » (١) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« وإنّما سمّيت فاطمة « البتول » لأنّها تبتّلت من الحيض والنفاس » (٢) .

وعن عليّعليه‌السلام قال :« إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل : ما البتول ؟ فإنّا سمعناك يا رسول الله تقول : إنَّ مريم بتول ، وفاطمة بتول ؟ فقال : البتول التي لن تر حمرةً قطّ ، أي لم تحض ، فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء » (٣) .

وعن عائشة قال : إذا اقبلت فاطمة كانت مشيتها مشية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانت لا تحيض قطُّ ، لأنّها خلقت من تفّاحة الجنّة ، ولقد وضعت الحسن بعد العصر ، وطهرت من نفاسها ، فاغتسلت وصلّت المغرب(٤)

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« إنّ ابنتي فاطمة حوراء ، إذ لم تحض ولم تطمث » (٥) .

وروى الحافظ أبو بكر الشافعي عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« إبنتي حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث » (٦) الخ.

وروى ابن عساكر عن أنس بن مالك عن ام سليم قالت : لم تر فاطمة ( رضي الله عنها ) دماً في حيض ولا في نفاس(٧) .

وروى الطبري عن أسماء بنت عُميس قالت : قبلت : ( أي ولدت ) فاطمة بالحسن فلم أرَ لها دماً في حيض ولا نفاس ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :« أما علمت أن ابنتي طاهرة ، لا يرى لها دمٌ في طمث ولا ولادة » (٨) .

__________________

(١) احقاق الحق : ١٠ / ٢٥ ، المناقب المرتضوية ١١٩.

(٢) ينابيع المودة : ٢٦٠.

(٣) معاني الأخبار : ٦٤.

(٤) أخبار الدول : ٨٧ ، احقاق الحق : ١٠ / ٢٤٤.

(٥) ذخائر العقبى : ٢٦.

(٦) تاريخ بغداد : ٣ / ٣٣١.

(٧) التاريخ الكبير لابن عساكر : ١ / ٣٩١.

(٨) نزهة المجالس : ٢٢٧.

٤٣٠

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :« حرّم الله النساء على عليّ ما دامت فاطمة حيّة ، لأنها طاهرة لا تحيض » (١) .

وفي كتاب « مولد فاطمةعليها‌السلام » لابن بابويه ، يرفعه إلى أسماء بنت عميس قالت : قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد كنت شهدت فاطمة إنَّ فاطمة خلقت حوريّة في صورة إنسيّة(٢) .

وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن آبائه : قال :« إنّما سمّيت فاطمة بنت محمّد « الطاهرة » لطهارتها من كلِّ دنس ، وطهارتها من كلّ رفث ، وما رأت قطّ يوماً حمرةً ولا نفاساً » (٣) .

أقول : يظهر من التأمل في كلمات أصحاب الصحاح من أهل اللغة والبيان أنهم حملوا معنى الانقطاع بالنسبة للفظ البتول محملاً جيداً وفسروه بأنه انقطاع عن نساء زمان فاطمة سلام الله عليها من ناحية العفة والفضل والدين والحسب ، وكذلك حملوه على الزهد عن الدنيا وانقطاعها سلام الله عليها عن الدنيا وهذه المعاني التي حملوا اسم البتول عليها وان كانت جيدة ومفيدة وواضح من خلال السليقة العربية ومفاهيمها إلا واقع الحال والمقام لا يساعد على هذا الحمل ولا يظهر فيه نتيجة وجود مرجحات وشواهد وقرائن واضحة لمن أراد استقصاءها في معنى اسم البتول ، وخير شاهد على هذه القرائن هو ما قدمناه من الروايات الواردة في المقام من الخاصة والعامة ، فهي أفضل دليل على أن المراد من كلمة واسم البتول هو ما أطلقت وبينت الروايات الشريفة ، فالمقول الذي نقول به ونرجحه على كلمات أهل اللغة في معنى البتول في انه هذا الاسم ظاهر في التي لم تر حمرة قط ولم تحض أبداً وهو الذي يساعد عليه المقام فتأمل في هذه الروايات المباركة.

أما ما يظهر من كلمات بعض الذين وقفوا موقف المتحير ولا يجد أي طريق لحل هذه المعضلة والتي حسب آرائهم انها مخالفة لنظام العلل والمعاليل والأسباب ، وان

__________________

(١) البحار : ٤٣ / ١٦.

(٢) البحار : ٤٣ ، ص ٧.

(٣) البحار : ٤٣ / ١٩.

٤٣١

قضية أن فاطمة سلام الله عليها لا ترى الدم ولا الحيض وأمثال هذه القذارة ، فحسب قولهم انها مخالفة لحديث الإمام الصادقعليه‌السلام حيث قال : « أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسبابها فجعل لكل شيء سبباً » وذلك من جهة خروجها عن هذا النظام الأكمل في الطبيعة فنقول : قد تبين الحال من خلال مراجعة القرآن الكريم وان الكثير من الشواهد القرآنية تدل دلالة قطعية على أن الله تعالى قد تصرف في ملكه وقهر الكثير من القواعد المطردة في الطبيعة الكونية « ذلت لقدرتك الصعاب وتسببت بلطفك الأسباب » « ويا مسبب الأسباب من غير سبب ».

وقد علق المحقق الهمداني(١) على هذه المسألة ببيان واضح ذو فائدة جلية ومضامين عالية وغير مخالفة لما هو الأساس من هذه المسألة حيث قال :

توجد في القرآن الكريم طائفة من القصص والوقائع والحوادث لا يساعد عليها جريان العادة المشهورة في عالم الطبيعة على نظام العلّة والمعلول المعهودة ، كحمل مريم سلام الله عليها ، فإنّها مع أنّه لم تمسسها بشر حملت بولدها عيسىعليه‌السلام ، وكحمل سارة بإسحاقعليه‌السلام مع أنّها كانت عجوزاً ، وكحمل امرأة زكريّا بيحيى مع أنّها كانت عاقراً ، وأمثال ذلك في المعجزات وخوارق العادات التي يثبتها القرآن لعدّة من الأنبياء الكرام كمعجزات نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وداود وسليمان وموسى وعيسى ومحمدعليهم‌السلام ، فإنّ كلَّ ذلك امور خارقة للعادة.

فبعد هذا البيان يظهر للقارئ الكريم بطلان ما يقال : إنّ الحيض في النساء من لوازم الخلقة ، فخلوّ المرأة عنه نقص ، وإنّ العادة الشهريّة علامة وسبب للولادة ؛ لأنّا نقول : ليس الخروج من مضايق الطبيعة نقصاً بل ربما يكون كرامة يا لها من كرامة ! على أنّ الحيض بنفسه قذارة ورجس ، كما قال الله عزّ وجلّ( قُلْ هُوَ أَذًى ) أي قذارة يتأذّى منها ، فإنّ المرأة حين حدثت لها العادة الشهريّة تنفعل وتخجل وتنكسر ولا ترضى أن تصرّح بها لكلّ أحد وإن كان أمسَّ الناس إليها من الرجال والنساء ، وقد تحدث فيها ضعف ، ومن ذلك سقطت عنها في هذه الأيّام الصلاة والصوم ، وحرم عليها اللبث في

__________________

(١) فاطمة بهجة قلب المصطفى : ١٦٠ ـ ١٦١.

٤٣٢

المساجد ، وغير ذلك من الأحكام المذكورة في كتب الفقه ، حتّى حين حاضت صارت ناقصة الإيمان كما نبّه عليه الإمام عليٌّعليه‌السلام بقوله : « فأمّا نقصان إيمانهنَّ فقعودهنّ عن الصلاة والصيام في أيّام حيضهنَّ »(١) .

فعلى هذا : إنّ الله عزّ وجلّ تفضّل على سيّدة النساء فاطمة البتول العذراء سلام الله علهيا بالولادة الكاملة من دون رؤية هذه القذارة. وهذا فضيلة سامية لها ، وتطهير زائد في ذاتها سلام الله عليها. وإنّ الله عزّ وجلّ لا يرضى أن تتلوّث سيّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين بهذه القذارة أو غيرها ظاهرة كانت أو باطنة ، كما قال في حقّها :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ؛ وعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا حميراء ، إنّ فاطمة ليست كنساء الآدميّين ، لا تعتلّ كما يعتللن(٢) .

__________________

(١) نهج البلاغة : خطبة ٧٨.

(٢) البحار : ٤٣ / ١٦.

٤٣٣

٤٣٤

٤٣٥

٤٣٦

لبعض أشراف مكة(١)

ما لعيْني قدْ غابَ عنها كراها(٢)

وعراها من عبرةٍ ما عراها

ألدارٍ نعمتُ فيها زماناً

ثم فارقتُها فلا أغشاها

أمْ لحيٍّ بانوا باقمارِ ثمِّ

يتجلّىٰ الدُجىٰ بضوءِ سناها

حاشَ لله لستَ أُطمعُ نفسي

آخرَ العمرِ في اتّباع هواها

بل بكائي لذكرِ مَنْ خصَّها الله

تعالىٰ بلطفهِ واجتباها

ختمَ الله رسلَهُ بأبيها

واصطفاهُ لوحيهِ واصطفاها

وحباها بالسيّدينِ الزكيين

الامامينِ منهُ حينَ حباها

ولَفكريْ في الصاحبينِ الّلذينِ

استحسنا ظلمَها وما راعياها

منعا بعلَها مِنَ العهدِ والعقدِ

وكانَ المنيبَ والأوّاها

واستبدّا بأمرةٍ دبّراها

قبلَ دفن النبيِّ وانتهزاها

وأتتْ فاطمٌ تطالبُ بالأرثِ

من المصطفىٰ فما ورثاها

ليتَ شعري لِم خولفت سننُ

القرآنِ فيها والله قد أبداها

نُسختْ آيةُ المواريثِ منها

أمْ هما بعد فرضها بدّلاها

قالا أبوكِ جاءَ بهذا

حجةً من عنداهمْ نصباها

قالَ للأنبياءِ حكمٌ بأن لا

يورثوا في القديم وانتهراها

أفبنتُ النبىِّ لم تدرِ إنْ كا

ن نبيُّ الهدىٰ بذلك فاها

بضعةٌ من محمدٍ خالفتْ ما قالَ

حاشا مولاتِنا حاشاها

سمعتْهُ يقولُ ذاكَ وجاءت

تطلبُ الارثَ ضلة وسفاها

هيَ كانتْ لله أتقىٰ وكانتْ

افضلُ الخلقِ عفّةً ونزاها

أو تقولُ النبيّ قدْ خالفَ القر

آنَ ويحَ الأخبارِ ممن رواها

سلْ بإبطالِ قولهم سورةَ النمل

وسلْ مريمَ التي قبلَ طهَ

__________________

(١) * : يقول السيد الأمين في المجالس السنية ص ١٠١ ج ٥ وجدت هذه القصيدة بخط الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي ويظهر أنها لبعض أشراف مكة.

(٢) الكرىٰ : النعاس.

٤٣٧

فهما ينبئان عنْ إرث يحيىٰ

وسليمانَ مَن أراد انتباها

فَدعتْ واشتكت إلى الله من ذا

كَ وفاضتْ بدمعِها مقلتاها

ثمَّ قالتْ فنحلةٌ ليَ من والديْ

المصطفىٰ فلمْ يُنحلاها

فأقامت بها شهوداً فقالوا

بعلُها شاهدٌ لها وابناها

لم يجيزوا شهادةَ ابنيْ رسولِ الله

هادي الأنام إذ ناصباها

لم يكن صادقاً عليٌ ولا فا

طمةٌ عندَهمْ ولا ولداها

كانَ أتقىٰ لله منهمْ فلانٌ

قَبُحَ القائلُ المحالَ وشاها

جرّعاها من بعدِ والدِها

الغيض مراراً فبئسَ ما جرعاها

ليتَ شعري ما كانَ ضرَّهما

الحفظُ لعهدِ النبيِّ لو حفظاها

كانَ إكرامُ خاتمِ الرُّسل الها

ديْ البشيرِ النذيرِ لو اكرماها

ولو ابتيعَ ذاك بالثمنِ الغا

لي لما ضاعَ في اتّباعِ هواها

ولكان الجميلُ أنْ يُقطعاها

فدكاً لا الجميلُ أنْ يقطعاها

أترىٰ المسلمينَ كانوا يلومو

نَهما في العطاء لو أعطياها

كانَ تحتَ الخضراء بنتُ نبيٍّ

صادقٍ ناطقٍ أمينٍ سواها

بنتُ مَنْ أُمُّ مَنْ حليلةُ مَنْ

ويلٌ لمن سنَّ ظلمها وأذاها

قل لنا أيها المجادلُ في القولِ

عن الغاصبين إذْ غصباها

أهما ما تعمّداها كما قلتَ

بظلمٍ كلاّ ولا اهتضماها

فلماذا إذْ جُهزّتْ للقاءِ

لله عند المماتِ لم يحضراها

شيعتْ نعشها ملائكةُ الرحمن

رفقاً بها وما شيّعاها

كان زهداً في أجرها أم عناداً

لأبيها النبيِّ لم يتبعاها

أم لأنَّ البتولَ أوصتْ بألا

يشهدا دفنها فما شهداها

أغضباها وأغضبا عندَ ذاك الله

ربِّ السماء إذ أغضباها

وكذا أخبر النبي بأنَّ

الله يرضىٰ سبحانه لرضاها

لا نبيّ الهدىٰ أُطيعَ ولا

فاطمة أكرمت ولا حسناها

ولأيِّ الاُمور تدفن سراً

بضعة المصطفىٰ ويعفىٰ ثراها

٤٣٨

البحث الخامس عشر

فدك عنوان الولاية

قد تعرض الكثير من الباحثين والمحققّين لقضية فدك وكتبت أقلامهم الشريفة في ما يتعلق بها من أمور عقائدية وولائية أفضل وأروع الكتب والتحقيقات سواء كانت هذه المؤلفات من الأفذاذ من العلماء الدينيين وكتّاب الشيعة المخلصين أو الذين تنورت بصيرتهم بنور الإيمان من جمهور العامة ، حيث تعتبر هذه الكتب من روائع التراث الاسلامي عبر مرّ السنين والدهور ، وفي خضم الأحداث إلى وقتنا الحاضر ولا زال الجهّال بحقائق الأمور يتغافلون ويتناسون هذه الحقيقة الواضحة البرهان في ارث الزهراءعليها‌السلام خاصة والولاية لعليعليه‌السلام بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عامة ، ويدافعون عن الباطل ويمدهم الشيطان بطغيانهم لحرف المسلمين عن الطريق المستقيم ، والمحجة البيضاء بولاية عليّ و أولاده الأئمة الاطهارعليهم‌السلام .

فمن هذا المنطلق كان لابدلنا من وقفة يسيرة من عنوان الولاية والحق السليب من أهل بيت النبوةعليهم‌السلام تلك هي فدك التي جاءت لتعبر عن معاني الولاء أو البراءة بالنسبة للذين يقفون في سدة الحكم الإسلامي إذ إبان رحلة النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفدك قرية بالحجاز ، بينهما وبين المدينة يومان ، وقيل : ثلاثة ، أفاءها الله إلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سنة « سبع » صلحاً ، وذلك أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل خيبر وفتح حصونها ، ولم يبق إلا ثلاث واشتد بهم الحصار ، راسلوا رسول الله يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل ، وبلغ ذلك من أهل فدك ، فأرسلوا الىٰ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم فأجابهم إلى ذلك ، فهي مما لم يوجف عليه بِخيل ولا ركاب ، فكانت خالصة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيها عين خوارة ونخيل كثير ، وهي التي أقطعها رسول الله فاطمة صلوات الله عليها(١) ولقد نزلت الآيات القرآنية الكريمة على قلب الرسول الأكرم كي تثبت حقيقة خالدة على مر العصور ألا وهي منح فاطمة الزهراء فدكا

__________________

(١) معجم البلدان : ٤ / ٢٣٨ ، لسان العرب : ١٠ / ٢٠٣.

٤٣٩

وعلى لسان القرآن الكريم ، لذلك تعتبر فدك منحة ربانية قبل أن تكون هدية نبوية ، حيث جاء قوله تعالى :( وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *مَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (١) . ليكون دليلاً على أنّ قوله تعالى( وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ) هو كون فدك للصديقة الطاهرة فاطمةعليها‌السلام ، ولقد أيدت هذا القول الكثير من الكتب الواردة في تفسير قوله تعالى( وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ) منها كشف الغمة(٢) وتفسير العياشي(٣) وكتاب تأويل الآيات(٤) وتفسير مجمع البيان(٥) وتفسير فرات(٦) ، حيث أجمعت جميع هذه الكتب أنّ فدك هبة من الله تعالى في القرآن الكريم وعلى لسان الرسول لفاطمةعليها‌السلام ، والذي يظهر من جميع هذه الكتب ان فدك لفاطمة ولعقبها من بعدها أي للائمةعليهم‌السلام ، ولقد غصبت فدك ظلماً وعدواناً بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أما الشاهد على كونها هبة من الله تعالى ما روي في تفسير الإمام الرضاعليه‌السلام ، في مسألة اصطفاء أهل البيت في الكتاب العزيز في اثني عشر موطناً قالعليه‌السلام : والآية الخامسة : قول الله عز وجل :( وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ) ؛ خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها ، واصطفاهم على الأمة ؛ فلما نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال أدعوا إليَّ فاطمة ، فدعيت له :« فقال ، قالت : لبيك يا رسول الله. فقال : هذه فدك ، هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة ، دون المسلمين ، قد جعلتها لك لما أمرني الله تعالى به ، فخذيها لك ولولدك » (٧) .

__________________

(١) الحشر : آية ٦ ـ ٧.

(٢) ج ١ / ص ٤٧٦.

(٣) ٢ / ٢٨٧ ح ٥٠.

(٤) ١ / ٤٣٥ ح ٥ ، البرهان : ٣ / ٢٦٤ ح ٣.

(٥) ٦ / ٤١١.

(٦) ٢٣٩ / ح ٣٢٣ ، ٣٢٢ / ح ٤٣٧.

(٧) عيون أخبار الرضا : ١ / ٢٣٣ ضمن ح ١ ، البرهان : ٢ / ٤١٥ ح ٢ ، غاية المرام : ٣٢٣ ح ٢١٩ ، نور الثقلين : ٥ / ٢٧٥.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534