الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب10%

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب مؤلف:
الناشر: انتشارات دارالتفسير
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 564

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب
  • البداية
  • السابق
  • 564 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 91112 / تحميل: 7614
الحجم الحجم الحجم
الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

مؤلف:
الناشر: انتشارات دارالتفسير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

أصلحك الله إنّ الشّاهد يرى مالا يرى الغائب، إنّ صاحب الرّوم قد جمع لنا جموعا لم يجمعها هو ولا أحد كان قبله لأحد كان قبلنا، ولقد جاء بعض عيوننا إلى عسكر واحد من عساكرهم أمر بالعسكر في أصل الجبل فهبطوا من الثّنية نصف النّهار إلى عسكرهم فما تكاملوا فيها حتى أمسوا، ثمّ تكاملوا حين ذهب أوّل الليل، هذا عسكر واحد من عساكرهم، فما ظنك بمن قد بقي؟ فقال عمر: لو لا أنّي ربّما كرهت الشّيء من أمرهم يصنعونه فإذا الله يخير لهم في عواقبه لكان هذا رأيا أنا له كاره. أخبرني أجمع رأي جماعتهم على التّحوّل؟ قال قلت: نعم؛ قال: فإنّ الله إن شاء الله لم يكن يجمع رأيهم إلاّ على ما هو خير لهم(١) .

وعن زيد بن أسلم قال: كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطّاب يذكر له جموعا من الروموما يتخوف منهم فكتب إليه عمر: أما بعد فإنّه مهما ينزل بعبد مؤمن من شدّة يجعل الله بعدها فرجا وإنه لن يغلب عسر يسرين، وإنّ الله يقول في كتابه:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٢) .

أقول:

ههنا يأمر غيره بالصّبر في الجهاد، لكنّه لا يلتزم بذلك حين يكون هو على رأس الجيش، وقصّة يجبّنهم ويجبّنونه أشهر من نار على علم. هذا مع أنّ الإسلام قد أجاز للجيش أن يناور وينسحب إذا كان عدد العدوّ يفوق بأضعاف كثيرة عدد المسلمين.

على أنّهم قد رووا في قضية مشابهة ما يخالف ما سبق ذكره. قال الجصّاص: قال عمر بن الخطّاب لمّا بلغه أنّ أبا عبيد بن مسعود استقتل يوم الجيش حتى قتل ولم

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ج ٢١ ص ٣٤٧.

(٢) موطأ مالك، ج ٢ ص ٤٤٦، ومصنف ابن أبي شيبة، ج ٤ ص ٢٢٢ وتفسير القرطبي، ج ٤ ص ٣٢٣ وتفسير الطبري، ج ٤ ص ٢٢١ والجهاد لابن المبارك، ج ١ ص ١٦٤ والدرّ المنثور، ج ٢ ص ٤١٨ وتاريخ مدينة دمشق، ج ٢ ص ١٤٣ وج ٢٥ ص ٤٧٧ وتخريج الأحاديث والآثار، ج ٤ ص ٢٣٦ والمقاصد الحسنة، ج ١ ص ٥٣٩ وكشف الخفاء، ج ٢ ص ١٩٦ والاستذكار، ج ٥ ص ١٨ وشعب الإيمان، ج ٧ ص ٢٠٥ وشرح الزرقاني، ج ٣ ص ١٣ والفائق، ج ٤ ص ١٢٧ والنّهاية في غريب الأثر، ج ٣ ص ٢٣٥.

١٦١

ينهزم: رحم الله أبا عبيد، لو انحاز إليّ لكنت له فئة؛ فلمّا رجع إليه أصحاب أبي عبيد قال: أنا فئة لكم ولم يعنّفهم(١) .

قال الشّوكانيّ: وأخرج ابن المنذر عن كليب قال: خطبنا عمر بن الخطّاب فكان يقرأ على المنبر آل عمران ويقول: إنها أحديّة ثمّ قال: تفرّقنا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم أحد فصعدت الجبل(٢) فسمعت يهوديّا يقول: قتل محمّد فقلت: لا أسمع أحدا يقول قتل محمّد إلاّ ضربت عنقه، فنظرت فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والنّاس يتراجعون إليه فنزلت هذه الآية( وَمَا مُحمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ ) (٣) .

أقول:

هذا عمر يعترف بفراره وصعوده الجبل وتركه رسول الله بين سيوف الأعداء.!

وأجرج ابن أبي حاتم من طريق أبي بكر بن أبي شيبة [..] عن ابن عبّاس عن عمر بن الخطّاب قال: لما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون وفرّ أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنه، وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدّم على وجهه، فأنزل الله عزوجل:( أَوَلَمّا أَصَابَتْكُم مُصِيبَةٌ ) الآية(٤) ..

أقول:

يتحدّث عمر عن الصّحابة يوم أحد ولا يدخل نفسه في الفارّين مع أنه كان أوّلهم فرارا، وقد شهد عليه بذلك قتادة وشهد هو على نفسه كما في صحيح البخاريّ. ومع ذلك فقد أدخل نفسه في الفارين يوما من الأيام وهو يخطب. أخرج ابن جرير عن كليب قال خطب عمر يوم الجمعة فقرأ آل عمران وكان يعجبه إذا خطب أن يقرأها فلما انتهى إلى قوله( إِنّ الّذِينَ تَوَلّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ) قال: لما كان يوم أحد

____________________

(١) أحكام القرآن، للجصاص، ج ٤ ص ٢٢٧.

(٢) فيه شهادة عمر على نفسه بالفرار وترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين الأعداء.

(٣) فتح القدير، ج ١ ص ٥٨٣. والدر المنثور، ج ٢ ص ٣٣٤ وكنز العمال، ج ٢ ص ١٦٢.

(٤) فتح القدير، ج ١ ص ٥٩٨.

١٦٢

هزمنا ففررت حتى صعدت الجبل، فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى(١) والناس يقولون قتل محمد فقلت: لا أجد أحدا يقول قتل محمد إلا قتلته، حتى اجتمعنا على الجبل.(٢) ..

أقول:

كالأروى، أي كتيس الجبل، هكذا يصف عمر بن الخطاب نفسه وهو في حالة الفرار؛ ومن حق كل من يقرأ هذا الكلام أن يتخيل شيخا في حدود الخمسين يطارده مشرك وهو ينزو كما ين زو تيس الجبل! إلى أين كان ذاهبا في فراره ذاك؟ أليس في القرآن الكريم (ففروا إلى الله..)؟

ولقد تفرّس عروة بن مسعود الثقفي في وجوه جماعة كانوا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الحديبية وصدقت فراسته: قال عروة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) : أي محمّد أرأيت لو استأصلت قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فو الله إنّي لأرى وجوها وأرى وأرى أوباشا من النّاس خليقا أن يفرّوا ويدعوك! فقال له أبوبكر: امصص بظر اللاّت! أنحن نفرّ عنه وندعه؟ قال: من ذا؟ قال: أبو بكر؛ قال: أما والذي نفسي بيده لو لا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك وجعل يكلّم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . والحقّ أنّ فراسة عروة بن مسعود الثّقفي كانت إذ فرّ أبوبكر وفريقه يوم حنين وتركوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أيدي الأعداء. فلم.

قال ابن قتيبة: وكانت قريش يومئذ ثلاثة آلاف ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سبعمائة وظاهر يومئذ بين در عين وأخذ سيفا فهزه وقال: من يأخذه بحقّه؟ فقال عمر بن الخطّاب: أنا! فأعرض عنه. وقال الزبير: أنا. فأعرض عنه؛ فوجدا في أنفسهما، فقام أبو

____________________

(١) الأروى بفتح الهموة تيس الجبل البري (المصباح المنير، ج ١ ص ٢٤٧).

(٢) الدر المنثور، ج ٢، ص ٣٥٥. وقصة تشبيه عمر نفسه بالأروى أثناء فراره موجودة أيضا في المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ج ١ ص ٥٢٩ وتفسير الطبري، ج ٤ ص ١٤٤ وتفسير البحر المحيط، ج ٣ ص ٩٧ وكنز العمال، ج ٢ ص ١٦٢.

(٣) تفسير السعدي، ج ١ ص ٧٩٧.

١٦٣

دجانة سماك بن خرشة فقال: وما حقّه يا رسول الله؟ قال: تضرب به حتّى ينثني، فقال: أنا آخذه بحقه فأعطاه إياه(١) .

أقول:

وأنت ترى كيف أعرض النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن عمر حين قال: أنا، والإعراض ضدّ الإقبال؛ وفي وسع النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير ذلك وهو صاحب الخلق العظيم؟ لم يعرض عنه؟ نعم، لابدّ من التّذكير انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكيم في أفعاله ولا يحبّ المجاملات على حساب الحقّ. والمقام مقام جدّ وشجاعة، وليس في سجلّ عمر بطولات يستحقّ بموجبها هذا السيف في مثل هذا اليوم. لذلك كان موقف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاسما.

قال الشّوكانيّ: وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطّاب قال: لا تغرنكم هذه الآية فإنما كانت يوم بدر وأنا فئة لكل مسلم(٢) .

الفرار من الزحف

قال محمد بن الحسن الشيباني في باب الفرار من الزّحف: لا أحبّ لرجل من المسلمين به قوّة أن يفرّ من رجلين من المشركين. وهذا لقوله تعالى( وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّا مُتَحَرّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيّزاً إِلى‏ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) . وفيها تقديم وتأخير معناه: ومن يولّم يومئذ دبره فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنّم وبئس المصير إلاّ متحرّفا لقتال أو متحيّزا إلى فئة، أي سريّة، للقتال بالكرّة على العدوّ من جانب آخر(٣) .

قال السيوطي: وأخرج مالك وابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن زيد بن أسلم قال كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطّاب يذكر له جموعا من الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر: أما بعد فإنه مهما

____________________

(١) المعارف، ابن قتيبة، ص ١٥٩.

(٢) فتح القدير، ج ٢ ص ٤٢٩.

(٣) السير الكبير، محمد بن الحسن الشيباني، ج ١ ص ١٢٣.

١٦٤

ينزل بعبد مؤمن من شدّة يجعل الله بعدها فرجا، وإنّه لن يغلب عسر يسرين، وإنّ الله يقول في كتابه يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلّكم تفلحون(١) .

أقول:

هذا رأي عمر في الصّبر على لقاء العدو حين يكون هو بعيدا عن ساحة القتال، ولم يعمل به حين كان في المواجهة، والدّليل على ذلك تكرّر الفرار منه حتّى أعرض عنه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال الآلوسيّ: وفي كلام الأمير كرم الله تعالى وجهه ما يقتضي بسوقه خلاف ما عليه الشيعة ففي نهج البلاغة أنّ عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه لمّا استشار الأمير كرّم الله تعالى وجهه لانطلاقه لقتال أهل فارس حين تجمّعوا للحرب قال له: إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة، وهو دين الله تعالى الذي أظهره، وجنده الذي أعزّه وأيّده حتّى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع، ونحن على موعود من الله تعالى حيث قال عزّ اسمه( وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنّ لَهُمْ دِينَهُمُ الّذِي ارْتَضَى‏ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنّهُم مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ) والله تعالى منجز وعده وناصر جنده؛ ومكان القيّم في الإسلام مكان النّظام من الخرز فإن انقطع النّظام تفرّق وربّ متفرّق لم يجتمع والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهم كثيرون بالإسلام عزيزون بالاجتماع، فكن قطبا واستدر الرحى بالعرب وأصلهم دونك نار الحرب، فإنّك إن شخصت من هذه الأرض تنقّضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهمّ إليك ممّا بين يديك، وكأن قد آن للأعاجم أن ينظروا إليك غدا يقولون هذا أصل العرب فإذا قطعتموه استرحتم، في كون ذلك أشدّ لكلبهم عليك وطعمهم في ك؛ فأمّا ما ذكرت من عددهم فإنّا لم نقاتل في ما مضى بالكثرة وإنّما نقاتل بالنّصر والمعونة(٢) .

____________________

(١) الدر المنثور، السيوطي، ج ٢ ص ٤١٨ والحديث في موطأ مالك ج ٢ ص ٤٤٦ وكنز العمال ج ٣ ص ٣٠١ وشرح الزرقاني ج ٣ ص ١٣ والاستذكار ج ٥ ص ١٨.

(٢) روح المعاني، الآلوسيّ، ج ١٨ ص ٢٠٧.

١٦٥

أقول:

كلام الإمام عليّ عليه السلام مبنيّ على علمه بجبن الرّجل وتكرّر فراره من المعارك، وإلاّ فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان دائما على رأس الجيش، وكذلك الإمام عليّ عليه السلام في ما بعد في النهروان والجمل وصفين، ولا شكّ أن الكفّار أشدّ رغبة في قتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم في قتل عمر. ولا يعقل أن ينهى علي بن أبي طالب عليه السلام عن شيء ثم يكون أول المقدمين عليه.

وعن عون بن أبي شداد قال: كانت لعمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه عنه أمة أسلمت قبله يقال لها زنيرة فكانرضي‌الله‌عنه يضربها على إسلامها، وكان كفّار قريش يقولون: لو كان خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة، فأنزل الله تعالى في شأنها (وقال الذين كفروا... الآية) ولعلهم لم يريدوا زنيرة بخصوصها بل من شابهها أيضا، وفي الآية تغليب المذكر على المؤنث(١) .

وجاء في تفسير الثعالبي أنّ أبا الفضل الله الجوهري سمع على المنبر يقول وقد سئل أن يتكلّم في شيء من فضائل الصّحابة فأطرق ثمّ رفع رأسه وأنشد:

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه

فكل قرين بالمقارن مقتد

ماذا تريد من قوم قرنهم الله بنبيّه وخصّهم بمشاهدة وحيه، وقد أثنى الله تعالى على رجل مؤمن ومن آل فرعون كتم إيمانه وأسرّه فجعله تعالى في كتابه وأثبت ذكره في المصاحف لكلام قاله في مجلس الكفر، وأين هو من عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه إذ جرّد سيفه بمكّة وقال والله لا أعبد الله سرّا بعد اليوم(٢) .

أقول:

أين كان هذا السيف في بدر وأحد وخيبر وحنين...، فلعلّه أصابه الصّدأ فلم يعد يصلح للقتال! مثل هذه الروايات إن دلت على شيء فإنّما تدّل على تفاهة عقول

____________________

(١) روح المعاني، الآلوسيّ، ج ٢٦ ص ١٤.

(٢) تفسير الثعالبي ج ٤ ص ٧٣.

١٦٦

أصحابها! وإلاّ فإنّ الثعالبيّ نفسه روى أنّ النّبيّ أراد بعث عمر بن الخطّاب إلى مكّة فقال له عمر: يا رسول الله إنّي أخاف قريشا على نفسي وليس بمكّة من بني عديّ أحد يحميني(١) ! فكيف انتقل من الشّجاع الذي يتحدّى قريشا في بطن مكّة إلى الشّخص الذي يخاف قريشا على نفسه وهو خارج مكّة، وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون.

قال السيوطي: وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن المغيرة بن شعبة قال: كنا في غزاة فتقدّم رجل فقاتل حتّى قتل فقالوا: ألقى بيده إلى التّهلكة فكتب فيه غلى عمر فكتب عمر ليس كما قالوا هو من الذين قال الله في هم( وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ ) (٢) .

أقول: هذه الآية لم يعمل بها عمر مرة واحدة في حياته.

ولأنّ سجلّ عمر الحربي خال من البطولات فإنّه تعيّن على محبيه أن يبحثوا له عن بطولات مع الملائكة والجنّ. أخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشّيطان عن ابن مسعود قال: خرج رجل من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقيه الشّيطان فاتّخذا فاصطرعا فصرعه الذي من أصحاب محمّد، فقال الشيطان أرسلني أحدّثك حديثا فأرسله، قال: لا. فاتّخذ الثّانية فاصطرعا فصرعه الذي من أصحاب محمّد فقال: أرسلني فلأحدّثنّك حديثا يعجبك فأرسله فقال: حدّثني، قال: لا. فاتّخذ الثّالثة فصرعه الذي من أصحاب محمّد ثمّ جلس على صدره وأخذ بإبهامه يلوكها فقال أرسلني فقال: لا أرسلك حتّى تحدّثني، قال سورة البقرة فإنّه ليس من آية منها تقرأ في وسط الشّياطين إلاّ تفرّقوا، أو لا تقرأ في بيت في دخل ذلك البيت شيطان. قالوا: يا أبا عبد الرحمن فمن ذلك الرّجل؟ قال: فمن ترونه إلاّ عمر بن الخطّاب(٣) .

____________________

(١) تفسير الثعالبيّ، ج ٤، ص ١٧٦ وتفسير البغوي ج ١، ص ٣٠٤.

(٢) الدر المنثور، السيوطي، ج ١ ص ٥٧٦.

(٣) الدر المنثور، السيوطي، ج ١ ص ٥٢.

١٦٧

أقول:

هذا عمر يصارع الجنّي ويتغلب عليه، ويتعلّم منه حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخصوص سور القرآن، وعليه فقد بدأت رواية الحديث في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وروادها من الجنّ!

وعن أبي غطفان عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيف أنت يا عمر إذا انتهى بك إلى الأرض فحفر لك ثلاثة أذرع وشبر ثم أتاك منكر ونكير أسودان يجران أشعارهما كأن أصواتهما الرعد القاصف، وكأن أعينهما البرق الخاطف، يحفران الأرض بانيابهما، فأجلساك فزعا فتلتلاك وتوهّلاك؟ قال: يا رسول الله وأنا يومئذ على ما أنا عليه؟ قال: نعم؛ قال أكفيكهما بإذن الله يا رسول الله(١) .!

أقول:

لقد كان على ما هو عليه آنذاك ومع ذلك فرّ من مرحب ورجع مع أصحابه يجبّنهم ويجبّنونه، وكان على ما هو عليه وفرّ يوم أحد ويوم حنين! يخشى اليهود الذين هم أحرص الناس على حياة، ويخشى المشركين الذين لا يؤمنون بالبعث والنّشور ولا يخشى ملائكة غلاظا شدادا لا يعصون الله ما أمرهم! لعل منكرا ونكيرا أهون شأنا من مرحب والمشركين في نظر عمر بن الخطاب؟!. والعجيب أنّ عمر بن الخطّاب نفسه يروي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتعوذ من عذاب القبر؛ فقد روى البيهقي عن عمرو بن ميمون الأودي عن عمر بن الخطّاب أنه قال: سمعت رسول الله فوق المنبر يتعوذ من خمس اللهم إنّي أعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من سوء العمر وأعوذ بك فتنة الصدر وأعوذ بك من عذاب القبر(٢) .

وعن محمد بن إسحاق عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال قلت لأبي: من الرّجل الذي خلّصك من المشركين يوم ضربوك؟ قال: ذاك العاص بن وائل السهمي(٣) .

____________________

(١) إثبات عذاب القبر، البيقهي ج ١ ص ٨١ حديث رقم ١٠٤.

(٢) إثبات عذاب القبر، البيقهي، ج ١ ص ١١٤.

(٣) المعجم الكبير، الطبراني، ج ١ ص ٧٢ رقم ٨٣.

١٦٨

أقول:

كيف يصحّ أن يكون أعزّ الله به الإسلام وهو لا يخلص نفسه من ضرب المشركين إيّاه إلاّ بواسطة العاص بن وائل السّهميّ الذي سمّاه القرآن الكريم الأبتر؟

وعن عدي بن سهيل قال: لما استمدّ أهل الشّام عمر على أهل فلسطين استخلف عليّا وخرج ممدّا لهم فقال له علي: أين تخرج بنفسك؟ إنّك تريد عدوّا كلبا. فقال: إنّي أبادر بجهاد العدوّ موت العبّاس. إنّكم لو قد فقدتم العباس لا نتقض بكم الشرّ كما يتنقض الحبل. فمات العبّاس لستّ سنين خلت من إمارة عثمان فانتقض والله بالنّاس الشّرّ(١) .

أقول:

لا يخفى على من تتبّع سيرة عمر بن الخطّاب أن الإمام عليا عليه السلام إنّما نصحه بعدم الخروج لأنه يعرف سوابقه في أحد وحنين وخيبر، وجبنه يوم الأحزاب، وقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر في حقّ علي عليه السلام كرّار غير فرّار بعد فرار الرّجلين وبعد أن قيل في عمر يجبّهم ويجبّنونه. وأمّا قولهم انتقض بالنّاس الشرّ بعد وفاة العباس فتعتيم على الحقيقة، لأن الشّرّ انتقض بالنّاس يوم السّقيفة بشهادة فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وروى الحاكم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطّاب لما فرض للناس فرض لعبد الله بن حنظلة ألفي درهم فأتاه حنظلة بابن أخ له ففرض له دون ذلك فقال له: يا أمير المؤمنين فضلت هذا الأنصاري على ابن أخي؟ فقال: نعم، لأني رأيت أباه يوم أحد يستن بسيفه كما يستن الجمل(٢) .

أقول:

رآه عمر، ولكن على أية حال كان عمر حين رأى الرّجل يستنّ بسيفه كما يستنّ

____________________

(١) تاريخ دمشق، ابن عساكر، ج ٢٦ ص ٣٧٢.

(٢) المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري، ج ٣ ص ٢٠٥.

١٦٩

الجمل؟ محاربا أم متفرّجا؟! أمّا الشّواهد فتثبت أن عمر فر يوم أحد.

وعن أسامة بن زيد الليثي عن نافع أنه كان في سيف عمر بن الخطّاب الذي شهد به بدرا سبيكة أو سبيكتان من ذهب(١) .

أقول: لا عجب، لأنه سيف تحفة لا سيف جلاد.

وعن الشعبي عن مسروق قال: إنّ الشهداء ذكروا عند عمر بن الخطّاب قال فقال عمر للقوم: ما ترون الشهداء؟ قال القوم: يا أمير المؤمنين هم ممّن يقتل في هذه المغازي. قال فقال عمر عند ذلك: إن شهداء كم إذن لكثير إني أخبركم عن ذلك، إنّ الشّجاعة والجبن غرائز في النّاس يضعها الله حيث يشاء، فالشّجاع يقاتل من وراء لا يبالي أن لا يؤوب إلى أهله والجبان فارّ عن خليلته، ولكنّ الشّهيد من احتسب بنفسه والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده(٢) .

أقول:

في قوله يضعها الله حيث يشاء مغالطة لا تخفى، ويستشعر منها سلب الإرادة عن المكلّف، وقد أمر الله تعالى عباده بالقتال والغلظة على الكفّار، ومدح الذين يقاتلون في سبيله صفّا كأنّهم بنيان مرصوص، وذمّ الجبناء الذين يولّون الأدبار وتوعّدهم بالنّار، ولو لا أن الشّجاعة والجبن أمور قابلة للتّحوّل والتّغيّر شدّة وضعفا لما كان ذلك المدح وجيها ولا ذلك الذّم مقبولا. وكيف يضع الله غريزة الجبن في شخص ثم يذمّه عليها؟! أهكذا يكون فعل الحكيم؟

قال الطبري: ثمّ دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمر بن الخطّاب ليبعثه إلى مكة في بلغ عنه أشراف قريش ما جاء له، فقال: يا رسول الله، إنّي أخاف قريشا على نفسي، وليس بمكة من بني عدى بن كعب أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها (!) ولكنّي أدلّك على رجل هو أعزّ بها منّي عثمان بن عفان فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عثمان فبعثه إلى

____________________

(١) الجامع في الحديث، عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، ج ٢ ص ٦٩٨ رقم ٦٠٢..

(٢) مصنف ابن أبي شيبة ج ٤ ص ٢٢٦ رقم ١٩٥١٩.

١٧٠

أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنّه لم يأت لحرب وإنّما جاء زائرا لهذا البيت معظّما لحرمته(١) .

أقول:

هذا عمر بن الخطاب نفسه يقول: (أدلّك على رجل هو أعزّ بها منّي عثمان بن عفان)، وهو اعتراف منه أن عثمان كان أعز منه، وعثمان فرّ من المعركة مسير ثلاثة أيام حتى قال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولمن معه: (لقد ذهبتم بها عريضة)، فكيف يقال بعد هذا إنّ عمر أعزّ الله به الإسلام، ولماذا لم يظهر عزّه حين دعاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليرسله إلى مكة؟

وعن أبي محمد مولى أبي قتادة أو أبا قتادة قال: لما كان يوم حنين... وانهزم المسلمون وانهزمت معهم فإذا بعمر بن الخطّاب في الناس فقلت له: ما شأن الناس؟ قال: أمر الله. ثم تراجع الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

أقول: ينهزم عمر يوم حنين ويدّعي أنه أمر الله وهو يعلم أنّ الله تعالى أمر بالثّبات ولم يأمر بالانهزام!

قال السيوطي: أخرج ابن عساكر عن عليّ قال: ما علمت أحدا هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطّاب فإنّه لما هم بالهجرة تقلّد سيفه وتنكّب قوسه وانتضى في يده أسهما وأتى الكعبة وأشراف قريش بفنائها فطاف سبعا، ثمّ صلّى ركعتين عند المقام، ثمّ أتى حلقهم واحدة واحدة فقال: شاهت الوجوه من أراد أن تثكله أمّه وييتم ولده وترمّل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي، فما تبعه منهم أحد(٣) !

أقول:

قد مرّ بك سابقا قوله يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي، وهو ما لا ينسجم مع ما أخرجه ابن عساكر؛ وحتى يقوّوا القصّة ويمرّروها بسلام نسبوا الرّواية إلى علي عليه السلام وهو أعلم الناس بجبن عمر.

____________________

(١) تاريخ الطبري، ج ٢ ص ٢٧٨.

(٢) صحيح البخاريّ، ج ٤ ص ١٥٧٠. والبداية والنهاية، ج ٤ ص ٣٢٩.

(٣) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج ١ ص ١١٥.

١٧١

قال محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة: كان عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه يقدّم درجة الكسب على درجة الجهاد في قول: لأن أموت بين شعبتي رحلي أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله أحبّ إليّ من أن أقتل مجاهدا في سبيل الله، لأنّ الله تعالى قدّم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله على المجاهدين بقوله تعالى( وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ ) (١) .

أقول:

هذا استنباط سقيم، لأنّ الله تعالى حثّ على الجهاد وفضّل المجاهدين على القاعدين، وأخبر أنّه يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، وحسم المسألة في سورة التّوبة بقوله جلّ ذكره( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبّ إِلَيْكُم مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبّصُوا حَتّى‏ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَيَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) (٢) . فمن كانت التّجارة أحبّ إليه من الجهاد فليتربّص.

قال ابن تيمية: كما أنّ عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه كتب إليه أبو عبيدة بن الجراح عام اليرموك يستنصره على الكفّار ويخبره أنّه قد نزل بهم جموع لا طاقة لهم بها، فلمّا وصل كتابه بكى النّاس وكان من أشدّهم عبد الرّحمن بن عوف وأشار علي عمر أن يخرج بالنّاس، فرأى عمر أنّ ذلك لا يمكن، وكتب إلى أبي عبيدة: مهما ينزل بامرئ مسلم من شدّة في نزلها بالله يجعل الله له فرجا ومخرجا؛ فإذا جاءك كتابي هذا فاستعن بالله وقاتلهم بأخبره أنه لا يمكنه أن يعاونه في هذه(٣) .

قال تعالى:( الآنَ خَفّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِنكُم مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَينِ وَإِن يَكُن مِنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصّابِرِينَ ) (٤) . وليت

____________________

(١) الكسب، محمد بن الحسن الشيباني، ج ١ ص ٣٣.

(٢) التوبة: ٢٤.

(٣) الرد على البكري، ابن تيمية، ج ١ ص ٣٩٣.

(٤) الأنفال: ٦٦.

١٧٢

عمر بن الخطّاب أنزل شدّته بالله يوم خيبر ليجعل له فرجا ومخرجا!

قال ابن تيمية: ذكر أحمد أنّه كان لعمر بن الخطّاب سيف فيه سبائك من ذهب(١) .

أقول:

وما هي إنجازات السيف المذهّب؟!

قال ابن هشام: وكان ضرار بن الخطّاب لحق عمر بن الخطّاب يوم أحد فجعل يضربه بعرض الرّمح ويقول: انج يا ابن الخطّاب لا أقتلك! فكان عمر يعرفها له بعد الإسلام(٢) !

أقول:

ومعنى هذا أنّ ضرار بن الخطّاب كان يلاحق عمر بن الخطّاب وعمر بن الخطّاب في حالة فرار، وبدل أن يقتله كما هو شأن غيره من المقاتلين سمح له بالنجاة! فكيف يقال بعد هذا إن الله تعالى أعزّ الإسلام بعمر؟ وأي عز يأتي على يد الفرّار؟! وللقارئ أن يتخيّل كهلا في سنّ عمر وطوله وهو يفرّ من عدوّ مشرك ولا يلوي على شيء! وانظر إلى هذا المؤرخ العظيم كيف هوّن من شأن الحادثة واكتفى بقوله فكان عمر يعرفها له بعد الإسلامرضي‌الله‌عنه ما! ومن يدري ما الذي كان يحدث بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو أن ضرار بن الخطاب قتل عمر بن الخطاب يومها.

عقائد عمر

أوّل ما ينبغي أن يلتفت إليه في مسألة العقائد هو ماضي الشّخص قبل إسلامه، فإنّ الماضي يلعب دورا مهمّا في تقبّل العقائد وترسيخها وهضمها على الوجه الصّحيح. ويكفينا لفهم ذلك تذكّر ما جرى للصّحابة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قصّة ذات أنواط؛ فقد جاء في سيرة ابن هشام أنّ الصّحابة خرجوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى حنين وكانت

____________________

(١) شرح العمدة، ج ٤ ص ٣١١.

(٢) سيرة ابن هشام، ج ٢ ص ٢٥٨.

١٧٣

لكفّار قريش ومن سواهم من العرب شجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط يأتونها كلّ سنة يعلّقون عليها أسلحتهم ويذبحون عندها يعكفون عندها يوما. يقول الصحابي الراوي: فرأينا يوما ونحن نسير مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شجرة عظيمة خضراء فسترتنا من جانب الطريق فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الله أكبر.. الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنّكم قوم تجهلون(١) .

أقول:

هذه الواقعة كانت في الطّريق إلى حنين، وغزوة حنين كانت بعد فتح مكة في السنّة الثامنة للهجرة، وقد كان مرّ على بعثة النّبيّ وابتداء نزول الوحي يومها عشرون سنة! وهذا يعني أن الذين كانوا حول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن كانوا قد قاتلوا كثيرا وغيروا أسلوب حياتهم الشكلي إلا أنهم من ناحية المعتقد لم يحققوا تقدما يستحق الذّكر، بل أسوأ من ذلك أنهم راحوا يطلبون من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يشاركهم في التّشبّه بالمشركين. ومن هؤلاء الذين كانوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمر بن الخطّاب العدوي. ولا أحد يستطيع أن ينكر أنّ عمر بن الخطاب عبد الأصنام مدة طويلة من حياته، حتى إنّه هو نفسه يحدّث بذلك؛ ومع الأسف فإن المحدّثين والمفسرين كأنّما أخذوا على أنفسهم أن يئدوا الأخبار الواردة في ذلك كما وأد عمر ابنته. ومع ذلك فقد أفلتت منهم قصص ووقائع تسمح باستشفاف ما كان يجري هناك. أورد العقّاد في كتابه عبقرية عمر أنّ عمر قال: (كنّا في الجاهلية، نصنع صنما من العجوة فنعبده، ثمّ نأكله). ولأنّ الشّرك أمر عظيم فقد وصف الله تعالى المتلبسين به بأبشع الأوصاف فقال( إِنّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) ، فالمشرك حال شركه نجس، وهذا هو المعروف لدى الفقهاء، وعليه يكون عمر بن الخطّاب أيام شركه نجسا، ثمّ طهره الإسلام في ما بعد؛ فالذين

____________________

(١) السيرة النبوية، ابن هشام، ج ٤ ص ٨٦.

١٧٤

ينسبون إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال (لو لم أبعث في كم لبعث عمر) إنّما يفترون على الله الكذب، ويسيئون معه الأدب، لأنهم يعنون بذلك أنّ الله تعالى قد يبعث نبيّا من قضى عشرات السّنين في نجاسة الجاهليّة وكان هو نفسه نجسا كما يقتضي سياق الآية( إِنّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) !

قال السيوطي: أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عمر بن الخطّاب: أنّه خطب بالجابية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له فقال له فتى بين يديه كلمة بالفارسية فقال عمر لمترجم يترجم له: ما يقول؟ قال: يزعم أن الله لا يضلّ أحدا. فقال عمر: كذبت يا عدوّ الله! بل الله خلقك وهو أضلّك وهو يدخلك النّار إن شاء الله، ولو لا ولث عقد لضربت عنقك! فتفرّق الناس وما يختلفون في القدر والله أعلم(١) .

أقول:

إن صحّ الخبر فإنّ الفتى ذهب إلى غير ما يذهب إليه عمر، فإنّ الإضلال ابتداء لا يجوز على الله سبحانه وتعالى، وفي سورة الفاتحة قوله تعالى غير المغضوب عليهم ولا الضّالين ولم يقل المضلّلين. وأما الإضلال بمعنى الجزاء فلا إشكال فيه، ومجرّد خذلانه إيّاهم إضلال لهم هو عدل لا ظلم فيه. وقد قال تعالى( وَمَا كُنتُ مُتّخِذَ الْمُضِلّينَ عَضُداً ) فكيف يكون مضلاّ. ومن أسمائه تعالى الهادي، وفي كلام عمر سوء أدب عند قوله يدخلك النّار إن شاء الله، وموقف عمر ممّن يتكلم بالفارسيّة معلوم، فقد قال في ما قال: وددت أن بيني وبين هذه الحمراء جبلا من نار. وقد أكمل الراوي وضع اللمسات الأخير على روايته بقوله: فتفرّق الناس وما يختلفون في القدر!

قال الشّوكانيّ: وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشّعب عنه نحوه بأطول منه وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عمر بن الخطّاب أنه قال وهو يطوف بالبيت: اللهمّ إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنبا فامحه فإنّك تمحو ما تشاء

____________________

(١) الدر المنثور، السيوطي، ج ٣ ص ٦١٩.

١٧٥

وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة(١) .

أقول:

وهذا حين يقول بمثله أتباع أهل البيت عليهم السلام ينسبون بسببه إلى الكفر، ويقال عنهم إنّهم ينسبون الجهل إلى الله سبحانه وتعالى، لكن عندما يقوله عمر يصبح دينا غير قابل للنّقاش، مع أنّ المقول واحد وحكم الأمثال واحد!

وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطّاب أنه قال: اللّهم اغفر لي ظلمي وكفري فقال قائل: يا أمير المؤمنين هذا الظّلم فما بال الكفر؟ قال: إنّ الإنسان لظلوم كفار(٢) .

أقول:

لا شك أنّ عمر بن الخطّاب يعلم أنّ الله لا يغفر الكفر حال التلبّس به، وأما بعد تركه فالإسلام يجبّ ما قبله ولا معنى حينئذ لطلب المغفرة بخصوصه!.

وأخرج ابن المنذر والبيهقي من طريق ابن عبّاس أن عمر بن الخطّاب قال: كنت أتأوّل هذه الآية( وَكَذلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (٣) فو الله إن كنت لأظنّ أنّه سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها وأنّه هو الّذي حملني على أن قلت ما قلت(٤) .

هذا مبلغ فهم عمر بن الخطّاب للقرآن الكريم، وهذا معتقده في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والقرآن الكريم يهتف:( كُلّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) .

ألم يقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم عرفة يوشك أن أدعى فأجيب؟ ألم يقل يومها لعلّي لا ألقاكم بعد يومي هذا؟ ألم يقل إنه لم يكن نبي إلاّ عمّر...؟).

ورووا أن عمر بن الخطّاب لما سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يناديهم فقال: يا رسول الله تناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون؟ يقول الله إنك لا تسمع الموتى فقال: والذي نفسي بيده ما

____________________

(١) فتح القدير، الشّوكانيّ، ج ٣ ص ١٢٦.

(٢) فتح القدير، الشّوكانيّ، ج ٣ ص ١٥٧.

(٣) البقرة: ١٤٣.

(٤) قاله السيوطي في الدر المنثور، ج ٢ ص ٣٣٧.

١٧٦

أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يطيقون أن يجيبوا(١) . وأمّا البخاري فقد روى القصة عن ابن عمر بالبناء للمجهول، مع أن البقية صرّحوا باسم عمر وأنه هو القائل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وفي هذا تفنيد لمزاعم الوهابية الذين يدّعون أن كل من خرج من هذه الدنيا حجب عن السمع والمشاهدة.

وفي هذا الباب أيضا أورد الصنعاني في تفسيره أن عمر بن الخطّاب قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كيف يسمع يا نبي الله قوم أموات؟ قال النبي: ما أنتم بأعلم بما أقول منهم. أي أنّهم قد رأوا أمالهم(٢) .

وعن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أدرك عمر بن الخطّاب وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت(٣) .

أقول:

يحلف بالخطّاب وهو يعلم أنّه مات على الكفر.

وقال عمر - في قصة صلح الحديبية -: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ(٤) .

أقول:

هذا عمر يشهد على نفسه بالشك. فإمّا أن يكون شكّ في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإما أن يكون شكّ في وعد الله تعالى. وهو في كلا الأمرين على خطر عظيم.

____________________

(١) مسند أحم بن حنبل ج ٣ ص ٢٨٧. ومسند الطيالسي ج ١ ص ٩ ودلائل النبوة ج ٣ ص ٤٨ والدر المنثور ج ٦ ص ٥٠٠ وفتح القدير، ج ٤ ص ٣٣١.

(٢) تفسير الصنعاني، ج ٢ ص ٢٥٤.

(٣) صحيح البخاري ج ٥ ص ٢٢٦٥ وصحيح البخاري ج ٦ ص ٢٤٤٩ وصحيح مسلم ج ٣ ص ١٢٦٦ وصحيح مسلم ج ٣ ص ١٢٦٧ وصحيح ابن حبان ج ١٠ ص ٢٠١.

(٤) صحيح ابن حبان ج ١١ ص ٢٢٤ ومصنف عبد الرزاق ج ٥ ص ٣٣٩ والمعجم الكبير ج ٢٠ ص ١٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٧ ص ٢٢٩ وتاريخ الإسلام ج ٢ ص ٣٧١.

١٧٧

مع أهل الكتاب

هل أعرض عمر عن التّوراة وعن أهل الكتاب بعد أن نهاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما هو مذكور في صحيح البخاري وغيره؟

الواقع يوقفنا على خلاف ذلك. فإنّه بعد وصول عمر إلى الخلافة، وجد أهل الكتاب منفذا إلى شؤون المسلمين عن طريق كعب الأحبار خاصّة، وآخرين من أمثال وهب بن منبه وتميم الدّاريّ وزيد بن ثابت..

جاء في تاريخ المدينة: عن ابن شهاب قال: أوّل من قصّ في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تميم الدّاريّ: استأذن عمررضي‌الله‌عنه أن يذكر الله مرّة فأبى عليه، ثمّ استأذن أخرى، فأبى عليه، حتّى كان آخر ولايته، فأذن له أن يذكر يوم الجمعة قبل أن يخرج عمر. فاستأذن تميم في ذلك عثمان بن عفان فأذن له أن يذكر يومين من جمعة(١) .

هذا في ما يخصّ الدّاريّ. أمّا كعب الأحبار فقد كان حرّا مطلق اليد يتحدّث بما شاء متى شاء ولا أحد يعترض عليه، لأنّه كان محميّا من طرف الدّولة - حصانة دبلوماسيّة باللّسان المعاصر - وإن كان عمر قد تنبّه إلى خطورة ذلك في وقت معيّن حينما بالغ كعب وتجاوز الحدّ المسموح به، فنهاه عن الإكثار من الحديث عن الأوّل الكتاب الأوّل والواقع أنّه حدث ذلك بعد أن بثّ كعب ما أراد من الخرافات والأساطير، وأعانه في ذلك آخرون اصبحوا تلامذة له، من أمثال أبي هريرة، وعبد اللهبن عمرو بن العاص، في وقت كانت الدّولة قد منعت كتابة ورواية الحديث النبويّ الشّريف!! ولقد كان كعب ذكيّا في تمرير افتراءاته حتّى قال بعض أهل العلم ممن أخذ عن أبي هريرة كما ينقل ابن كثير: اتّقوا الله وتحفّظوا في الحديث فو الله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة في حدّث عن رسول الله ويحدّث عن كعب الأحبار، ثمّ يقوم فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن كعب وحديث كعب عن

____________________

(١) تاريخ المدينة ابن شبّة النّميريّ، ج ١ ص ١١.

١٧٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وفي لفظ يجعل ما قاله كعب عن رسول الله وما قاله رسول الله عن كعب. فاتّقوا الله وتحفّظوا في الحديث(١) .

لم يكن كعب الأحبار قد رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو سمع منه، لكنّه مع ذلك أصبح من أكثر النّاس رواية، ومن طبقة عالية بحيث يروي عنه صحابة من أمثال أبي هريرة وعبدالله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر. وقد صار في ما بعد المستشار أن يشير إليه بتهمة على الدّين، لأنّ إشاراته وتوجيهاته كانت دائما متناغمة مع هوى الموجودين في السّلطة، المدعومين من طرف حاربوا الإسلام بكلّ ما استطاعوا ولم يدخلوا فيه إلاّ مكرهين؛ والذين تبرّموا بأبي ذرّ حينما صدع بفضح كعب على مرأى ومسمع من الملإ قائلا له في مجلس عثمان: يا بن اليهوديّين...، فو الله ما خرجت اليهودية من قلبك! ووقفت السّلطة إلى جنب كعب الأحبار، ودفع أبوذرّ ثمن ذلك. إنّ كعب الأحبار لم يكن ليصل غلى هذا المقام لو لا ما كان له من الوجاهة في حياة عمر، مع أنّه لم يكن أحد من المسلمين يجهل يهوديّته، ولو كان قد اعتنق الإسلام فعلا كما كان يزعم لتخلّى عن التّوراة المحرّفة، لكنّه لم يكتف بالبقاء عليها، بل فتح على النّاس منها سيلا لا تزال آثاره إلى اليوم. وهل نال كعب ذلك المقام إلاّ بدعواه العلم بما في الكتاب الأوّل؟ هذا مع العلم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صدع فيهم قائلا: أنا مدينة العلم وعليّ بابها. عليّ الذي أشير غليه في القرءان الكريم بقوله تعالى( مَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) ، ألم يكن لديه ما يغني عن إسرائيليات كعب؟ إنّهم لم يكونوا يتوجّهون إلى باب مدينة العلم إلاّ عند الضّرورة الملحّة حيث لا يغني عنهم كعبهم شيئا!!

لم يتخلّ عمر عن اعتقاده بالتّوراة الموجودة عند اليهود، وقد أخبره كعب يوما أنّه يجده فيها، فسأله عمر: تجدني فيها باسمي؟ فقال لا ولكن بصفتك. ولعلّه بهذا القول يريد أن يوهم بشرعيّة خلافة عمر. وبما أنّ القرءان الكريم يصرّح بوجود اسم

____________________

(١) البداية والنهاية ابن كثير، ج ٨ ص ١٠٩.

١٧٩

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصفاته:( النّبِيّ الْأُمّيّ الّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التّورَاةِ... ) فلم تأخّر كعب ولم يسلم على عهد رسول الله؟ ألا يكون كلام كعب منطويا على شيء من الكيد اليهودي؟

ومن حقّ المسلم أن يتساءل عن سرّ موافقة اعتقادات المسلمين لاعتقادات أهل الكتاب في ما يخصّ التّوحيد بأقسامه، وعصمة الأنبياء والقيامة، وأشياء من هذا القبيل ممّا يتعارض قطعا مع ما جاء به القرءان الكريم. ومن المهمّ أيضا أن يدرك كيف تسرّب التيّار المشكّك الذي يستند إلى الآيات المتشابهات، ونقل أخبار الكتاب الأوّل على لسان أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر، ويتساءل عن مدى شرعيّة وجود تميم الدّاريّ وكعب الأحبار في حاضرة الخلافة الإسلاميّة وهما يرويان من الإسرائيليّات ما يروق لهما في المسجد النّبوي نفسه، بينما كان الحصار الفكريّ مضروبا على أهل بدر وأحد يمنعهم من رواية الحديث. وعلى كلّ حال هذا أمر لا يتمّ إلاّ في ظل تحرّر فكريّ من التعصّب المقيت، وصمود في وجه المتلبّسين بالدّين الذين يدافعون عن اليهوديّة المحرّفة المتستّرة بلباس الإسلام.

وقد فضح العلم كثيرا من مرويّات كعب الأحبار، وهذا وحده كاف للتّنبّه لخطر هذا اليهوديّ على تراث المسلمين، وكفيل بتوجيه الباحثين والمحققين إلى إعادة النّظر فيه بصورة موضوعيّة نزيهة.

لقد كان كعب يحضر مجالس يكون فيها تلميذه أبو هريرة، فربّما حدّث أبو هريرة بشيء ينفرد به، فيسارع كعب الأحبار غلى تصديقه ولا ينكر عليه أحد، وليس بأيدينا اليوم استنكارات صارمة متوجّهة إليه سوى ما كان من أبي ذرّ الذي لا تأخذه في الله لومة لائم بشهادة الفريقين. ولو كان كعب مؤتمنا على الدّين لما واجهه أبو ذرّ رضي الله تعالى عنه بتلك الطّريقة. والمتمعّن في الموقف يفهم من سلوك أبي ذرّرضي‌الله‌عنه خطابا تحذيريّا موجّها إلى المسلمين ينبّههم فيه إلى مسألتين اثنتين، أولاهما انحراف الدّولة حيث أصبح اليهوديّ لديها مكينا أمينا، والثّانية تتمثّل في وجود تيّار تخريبيّ

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

١٣ -( باب أن المرأة إذا نسيت الشهادة، فذكرتها الأخرى فذكرت، وجب عليها اقامتها، وقبلت)

[ ٢١٧٢٨ ] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ ) (١) الآية، فقد روي أن في [ سورة ](٢) البقرة خمسمائة آية حكم، وفي هذه الآية خمسة عشرة حكما - وعدها إلى أن قال -( فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَ‌جُلَيْنِ فَرَ‌جُلٌ وَامْرَ‌أَتَانِ مِمَّن تَرْ‌ضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ‌ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَ‌ىٰ ) (٣) يعني أن تنسى إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، تسعة أحكام الخبر.

١٤ -( باب عدم جواز إحياء الحق بشهادة الزور، وجواز دفع الضرر بها عن النفس، وعن المؤمن، وعن العرض)

[ ٢١٧٢٩ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تأسروا أنفسكم وتذهبوا أموالكم بشهادة الزور، فما على امرئ من وكف(١) في دينه، ولا مأثم من ربه، أن يدفع ذلك عنه بما قدر عليه ».

[ ٢١٧٣٠ ] ٢ - عوالي اللآلي: نقلا عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر، عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: « من شهد على مؤمن بما يثلمه أو يثلم ماله

__________________

الباب ١٣

١ - تفسير القمي ج ١ ص ٩٤.

(١) البقرة ٢: ٢٨٢.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ٢٨٢.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٩ ح ١٨١٩ عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام .

(١) الوكف: النقص والاثم والعيب ( النهاية ج ٥ ص ٢٢٠ ).

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣١٤ ح ٣٥.

٤٢١

أو مروءته، سماه الله كاذبا وإن كان صادقا، ومن شهد لمؤمن بما يحيي به ماله، أو يعينه على عدوه، أو يحفظ دمه، سماه الله صادقا وإن كان كاذبا ».

[ ٢١٧٣١ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « عن العالمعليه‌السلام ، مثله، وزاد في آخره: « ومعنى ذلك أن يشهد له أو(١) يشهد عليه، فيما بينه وبين مخالف، فاما بينه وبين موافق فليشهد(٢) له وعليه بالحق ».

١٥ -( باب أنه لا يجوز الشهادة إلا بعلم)

[ ٢١٧٣٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : ( أنه قال لرجل سأله: أن جيرانه زعموا أنهم أشهدوه على ما في كتاب )(١) ولست أذكر الشهادة فما ترى؟ قال: « لا تشهد حتى تعلم أنك قد أشهدت، قال الله عز وجل:( إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٢) ».

[ ٢١٧٣٣ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن ابن عباس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سئل عن الشهادة فقال: « ترى الشمس، على مثلها فاشهد أو دع ».

[ ٢١٧٣٤ ] ٣ - زيد الزراد في أصله: قال: سمعت أبا عبد الله

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤١.

(١) في المصدر: و.

(٢) في المخطوط: « يشهد » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٥ ح ١٨٤٧.

(١) في المصدر: « أن رجلا سأله، فقال: يا بن رسول الله، جاءني جيران لنا بكتاب زعموا أنهم أشهدوني على ما فيه، وفي الكتاب اسمي بخط يدي قد عرفته، ولا أشك فيه ».

(٢) الزخرف ٤٣: ٨٦.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٢٨ ح ١.

٣ - أصل زيد الزراد ص ٢.

٤٢٢

عليه‌السلام ، يقول: « لا تشهد على ما لا تعلم - إلى أن قال - لا تشهد إلا على ما تعلم وأنت له ذاكر، فإنك إن شهدت على ما لا تعلم، يتبوأ مقعدك من النار [ يوم القيمة ](١) ، وإن شهدت على ما لم تذكره، سلبك الله الرأي، وأعقبك النفاق إلى يوم الدين ».

١٦ -( باب أن الصبي إذا تحمل الشهادة قبل البلوغ، وشهد بها بعده قبلت)

[ ٢١٧٣٥ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: أن علياعليهم‌السلام ، قال في شهادة الصبيان: « إذا شهدوا وهم صغار، جازت إذا كبروا ولم ينسوها ».

١٧ -( باب ما تقبل فيه شهادة الصبيان قبل البلوغ)

[ ٢١٧٣٦ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه كان يقول: « شهادة الصبيان جائزة فيما بينهم في الجراح، ما لم يتفرقوا وينقلبوا إلى أهاليهم، أو يلقاهم أحد » يعني ممن يلقنهم القول.

١٨ -( باب قبول شهادة المملوك والمكاتب لغير مواليهما)

[ ٢١٧٣٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « شهادة العبد لغير مواليه جائزة إذا كان

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٦

١ - الجعفريات ص ١٤٣.

الباب ١٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٠٨ ح ١٤٢١.

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٠ ح ١٨٢٥.

٤٢٣

عدلا، قال الله عز وجل:( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّ‌جَالِكُمْ ) (١) فالعبد من الرجال ».

[ ٢١٧٣٨ ] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل هلك وترك أخاه، فورث عنه جارية وغلامين، فأعتق الغلامين فشهدا بعد العتق أن المتوفى كان ينزل هذه الجارية، وأنها ولدت غلاما مات بعده، قال: « تجوز شهادتهما إن كانا عدلين للجارية، ويردان عبدين بحسب ما كانا ».

[ ٢١٧٣٩ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام ، قال في العبد إذا شهد بشهادة ثم أعتق: جازت شهادته إذا كان لم يردها الحاكم قبل أن يعتق، وإن كان العبد إنما أعتق لموضع الشهادة، لم تجز شهادته ».

[ ٢١٧٤٠ ] ٤ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال في المكاتب إذا شهد في الطلاق وقد أعتق نصفه: « إن كان معه رجل وامرأة، جازت شهادته ».

[ ٢١٧٤١ ] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وتجوز شهادة الأعمى إذا أثبت، وشهادة العبد لغير صاحبه ».

١٩ -( باب ما تجوز فيه شهادة النساء، وما لا تجوز)

[ ٢١٧٤٢ ] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم: « أن علياعليه‌السلام ، كان

__________________

(١) البقرة ٢: ٢٨٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٠.

٣ - الجعفريات ص ١٤٥.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

الباب ١٩

١ - الجعفريات ص ١٤٥.

٤٢٤

يجيز شهادة القابلة على استهلال الصبي، إذا كانت مرضية ».

[ ٢١٧٤٣ ] ٢ - وبهذا الاسناد: قال: « كان عليعليه‌السلام ، يقول: لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القود ».

[ ٢١٧٤٤ ] ٣ - وبهذا الاسناد: « ان علياعليه‌السلام اتي بجارية بكر زعموا أنها زنت، فأمر النساء فنظرن إليها، فقلن: يا أمير المؤمنين هي بكر، فقالعليه‌السلام : ما كنت لأضرب من عليها خاتم الرحمن ».

[ ٢١٧٤٥ ] ٤ - وبهذا الاسناد: « ان علياعليه‌السلام ، كان يجيز شهادة النساء في مثل هذا ».

[ ٢١٧٤٦ ] ٥ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين، وأبي جعفر، وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « يجوز في النكاح من الشهود ما يجوز في الأموال من شهادة النساء والعبيد، ولا تجوز شهادة النساء في الطلاق ولا في الحدود، ويجوز في الأموال، وفيما لا يطلع عليه إلا النساء، من النظر إلى النساء، والاستهلال، والنفاس، والولادة، والحيض، وأشباه ذلك، تجوز فيه شهادة القابلة إذا كانت مرضية، وشهادة النساء في القتل لطخ(١) يكون مع القسامة ».

[ ٢١٧٤٧ ] ٦ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: « لا تجوز شهادة النساء في الحدود، ولا شهادة السماع - إلى أن قال - فإن شهد ثلاثة رجال وامرأتان وجب بهم الحد، ولا يجب برجلين وأربعة نسوة ويضربون حد

__________________

٢ - الجعفريات ص ١١٨.

٣ - الجعفريات ص ١٣٧.

٤ - الجعفريات ص ١٣٧.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٤ ح ١٨٤٣.

(١) اللطخ: الشئ اليسير ( لسان العرب ج ٣ ص ٥١ ).

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٥١ ح ١٥٧٨.

٤٢٥

القاذف ».

[ ٢١٧٤٨ ] ٧ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا تقبل شهادة النساء في الطلاق، ولا في رؤية الهلال ».

[ ٢١٧٤٩ ] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وتقبل شهادة النساء في النكاح والدين، وفي كل ما لا يتهيأ للرجال أن ينظروا إليه، ( ولا تقبل في )(١) الطلاق، ولا في رؤية الهلال، و ( لا )(٢) تقبل في الحدود، وإذا شهد امرأتان وثلاثة رجال فلا تقبل شهادتهن، وكذا(٣) إذا كن أربع نسوة ورجلين، وتجوز شهادة امرأة في ربع الوصية إذا لم يكن معها غيرها، وتجوز شهادة المرأة وحدها في مولود يولد ويموت من ساعته، وأروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه تجوز شهادة النساء في الدم والقسامة والتدبير، وروي أنه تجوز شهادة امرأتين في استهلال الصبي، ونروي أنه تجوز شهادة القابلة وحدها ».

[ ٢١٧٥٠ ] ٩ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وتجوز شهادة النساء في كل ما لم يجز للرجال النظر إليه ».

[ ٢١٧٥١ ] ١٠ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : باسناده قال: « حدثني أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: سئل النبي ( صلى الله عليه

__________________

٧ - الهداية ص ٤٥، وفي المقنع ص ١٣٥.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥ و ٤١.

(١) في المصدر « وفي ».

(٢) ليس في المصدر.

(٣) ليس في المصدر.

٩ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

١٠ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٦٣ ح ١٣٤.

٤٢٦

وآله )، عن امرأة زنت، فذكرت المرأة انها بكر، فأمرني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن آمر النساء ينظرن إليها، فنظرن إليها(١) فوجدنها بكرا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كنت لأضرب من عليه خاتم من الله عز وجل، وكان يجيز شهادة النساء في مثل هذا ».

[ ٢١٧٥٢ ] ١١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن محمد بن عيسى، عن موسى بن محمد بن علي بن موسىعليهم‌السلام ، عن أخيه علي بن محمدعليهما‌السلام ، - في حديث طويل - قال: « وأما شهادة المرأة التي جازت وحدها فهي القابلة، جازت(١) شهادتها مع الرضى، وإن لم يكن رضى فلا أقل من امرأتين، تقوم المرأتان(٢) بدل الرجل للضرورة، لان الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامها، فان كانت وحدها قبلت مع يمينها » الخبر.

ورواه ابن شهرآشوب في المناقب: عنهعليه‌السلام مثله، وأنه أملاه علي ابن السكيت، في جواب يحيى بن أكتم في مجلس المتوكل(٣) .

٢٠ -( باب جواز شهادة المرأة لزوجها، والرجل لزوجته)

[ ٢١٧٥٣ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام ، كان لا يجيز شهادة الزوج لزوجته، وكان يجيز شهادة الزوج على زوجته ».

__________________

(١) ليس في المصدر.

١١ - الاختصاص ص ٩٥.

(١) في المصدر: جائز.

(٢) في المصدر: مقامها.

(٣) المناقب ج ٤ ص ٤٠٤.

الباب ٢٠

١ - الجعفريات ص ١٤٣.

٤٢٧

[ ٢١٧٥٤ ] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سئل عن شهادة الولد لوالده، والوالد لولده، والاخوة والقرابات والزوجين بعضهم لبعض، فقال: « تجوز شهادة العدول منهم، بعضهم لبعض، وروينا ذلك عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وليس عندنا فيه اختلاف ».

[ ٢١٧٥٥ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنه لا تجوز شهادة شارب الخبر - إلى أن قال - ولا امرأة لزوجها، وتجوز شهادة الرجل لامرأته ».

قلت: البناء على ما في خبر الدعائم، ولا بد من صرف الخبرين الآخرين عن ظاهرهما، وحملهما على بعض المحامل، كالاتهام، وعدم العدالة فيهما، وكونها في محل لا تجوز شهادة النساء فيه في الأخير، وغير ذلك.

٢١ -( باب جواز شهادة الولد لوالده، وبالعكس، والأخ لأخيه، لا الولد على والده)

[ ٢١٧٥٦ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن الحسين بن عليعليهم‌السلام ، شهد لأبيه عليعليه‌السلام شهادة قد سرع بشهادته(١) ، فقال عليعليه‌السلام : قالون(٢) » وقالون بالرومية أي جيد.

[ ٢١٧٥٧ ] ٢ - وبهذا الاسناد: عن جده، عن علي بن أبي طالب

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٩ ح ١٨٢١.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ح ٣٥.

الباب ٢١

١ - الجعفريات ص ١٤٢.

(١) في المصدر: شهادته.

(٢) في المصدر: تالون.

٢ - الجعفريات ص ١٤٢.

٤٢٨

عليهم‌السلام : أنه كان لا يجيز شهادة الابن لأبيه، وكان يجيز شهادة الابن على أبيه. كذا في نسختي، والظاهر أنه اشتباه من بعض الرواة أو النساخ.

[ ٢١٧٥٨ ] ٣ - وبهذا الاسناد: عن جده، عن عليعليهم‌السلام : أنه قال: « شهادة الأخ لأخيه جائزة، إذا كان مرضيا، معه رجل آخر ».

[ ٢١٧٥٩ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وتجوز شهادة الرجل لامرأته.

وشهادة الولد لوالده، ( ويجوز شهادة الولد لوالده )(١) وتجوز شهادة الولد على والده ».

٢٢ -( باب عدم قبول شهادة الشريك لشريكه، فيما هو شريك فيه، وقبولها في غيره)

[ ٢١٧٦٠ ] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم: « أن علياعليه‌السلام كان لا يجيز شهادة الشريك لشريكه، وكان يجيز شهادة الشريك على شريكه ».

[ ٢١٧٦١ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تجوز شهادة الشريك لشريكه فيما هو بينهما، وتجوز في غير ذلك مما ليس فيه شركة، وفي المواريث، والعتق، والدماء، والطلاق، والنكاح، والجنايات [ وأشباه ذلك ](١) ».

[ ٢١٧٦٢ ] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من شهد شهادة

__________________

٣ - الجعفريات ص ١٤٣.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

الباب ٢٢

١ - الجعفريات ص ١٤٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٣٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٩ ح ١٨٢٢.

٤٢٩

فيما له حظ ( أو حق )(١) ، لم تجز شهادة له، ولا لغيره، ممن شهد له معه ».

[ ٢١٧٦٣ ] ٤ - وتقدم عن كتاب الاستغاثة: قول أمير المؤمنينعليه‌السلام لأبي بكر، في قصة فدك: « أفتحكم فينا بغير ما تحكم به في المسلمين؟ » قال: وكيف ذلك؟ قال: « إن الذين يزعمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: ما تركناه صدقة، وأنت ممن له في هذه الصدقة نصيب، ولا تجوز شهادة الشريك لشريكه، وتركة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على حكم الاسلام في يد ورثته، إلى أن تقوم البينة العادلة بأنه لغيره، فعلى من ادعى ذلك إقامة البينة العادلة ممن لا نصيب له فيما يشهد به عليه » إلى آخر ما تقدم.

[ ٢١٧٦٤ ] ٥ - الصدوق في المقنع: ولا تجوز شهادة الرجل لشريكه إلا فيما لا يعود نفعه عليه.

فقه الرضاعليه‌السلام : مثله(١) .

٢٣ -( باب عدم جواز شهادة الأجير للمستأجر، وجوازها لغيره، وله بعد مفارقته، وجواز شهادة الضيف)

[ ٢١٧٦٥ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سئل عن شهادة الأجير والتابع، فقال: « هذا ظنين(١) لا تجوز شهادته ».

__________________

(١) ليس في المصدر.

٤ - تقدم في الحديث ١ من الباب ١٨ من أبواب كيفية الحكم واحكام الدعوى من كتاب القضاء.

٥ - المقنع ص ١٣٣.

(١) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

الباب ٢٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٣١.

(١) الظنين: المتهم في دينه ( النهاية ج ٣ ص ١٦٣ ).

٤٣٠

[ ٢١٧٦٦ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنه لا تجوز شهادة شارب الخمر - إلى أن قال - ولا تابع لمتبوع، ولا أجير لصاحبه ».

٢٤ -( باب عدم قبول شهادة الفاسق والمتهم والخصم)

[ ٢١٧٦٧ ] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « يرد شهادة الظنين والمتهم ».

[ ٢١٧٦٨ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى ان تجاز شهادة الخصم، والظنين، والجار إلى نفسه ».

[ ٢١٧٦٩ ] ٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تجوز شهادة المتهم ».

[ ٢١٧٧٠ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : في عداد من لا تجوز شهادته: « ولا متهم، ولا المشهور بالفسق، ولا الفجور والزنى، وأروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: لا تجوز شهادة ظنين، ولا حاسد، ولا باغ، ولا متهم، ولا خصم، ولا متهتك، ولا مشهور ».

[ ٢١٧٧١ ] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا يجوز شهادة خصم، ولا الظنين » والظنين: المتهم.

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

الباب ٢٤

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٣٢.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٣٣.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤١.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٣٥ ح ٢٦.

٤٣١

[ ٢١٧٧٢ ] ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه أمر مناديه أن ينادي: « لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ».

٢٥ -( باب عدم قبول شهادة ولد الزنى)

[ ٢١٧٧٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تجوز شهادة ولد الزنى ».

وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، مثله(١) .

[ ٢١٧٧٤ ] ٢ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ولا تجوز شهادة ولد الزنى ».

[ ٢١٧٧٥ ] ٣ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله، عن هاشم أبي سعيد الأنصاري، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن نوحا حمل في السفينة الكلب، والخنزير، ولم يحمل فيها ولد الزنى، وإن الناصب شر من ولد الزنى ».

[ ٢١٧٧٦ ] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ولد الزنى شر الثلاثة ».

[ ٢١٧٧٧ ] ٥ - وروي أن أبا عزة الهذلي(١) كان يهجو النبي ( صلى الله عليه

__________________

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٤٣ ح ١٦٤.

الباب ٢٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٢٩.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٥١٢ ح ١٨٣٦.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

٣ - المحاسن ص ١٨٥ ح ١٩٦.

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٣٣ ح ٢٢.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٣٤ ح ٢٤ و ٢٥.

(١) في المخطوط: « الحجمي »وما أثبتناه هو الصواب ( راجع أسد الغابة ج ٥ ص ٢٥٣ وتهذيب التهذيب ج ١١ ص ٤٧٦ ).

٤٣٢

وآله )، فذكر عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقيل فيه: ولد زنية، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولد الزنى لا يدخل الجنة ».

وفي حديث آخر: « ولد الزنى لا يفلح أبدا ».

٢٦ -( باب جملة ممن لا تقبل شهادتهم)

[ ٢١٧٧٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تجوز شهادة حروري، ولا قدري، ولا مرجئ، ولا أموي، ولا ناصب، ولا فاسق ».

[ ٢١٧٧٩ ] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يجوز شهادة المتهم، ولا ولد الزنى، ولا الأبرص، ولا شارب المسكر، و [ لا ](١) الذين يجلسون مع البطالين والمغنين وأهل المنكر، في مجلس المنكر مع العواهر والاحداث في الريبة، ويكشفون عوراتهم في الحمام وغيره، وينامون جماعة في لحاف، ولا الذين يطففون الكيل والوزن، ولا الذين يختلفون إلى الكهان، ولا الذين ينكرون السنن، ولا من مطل غريما وهو واجد، ولا من ضيع صلاة، ولا من منع زكاة، ولا من أتى ما يوجب الحد والتعزير، ولا من آذى جيرانه، ولا الذين يلعبون بالكلاب والحمام والديوك، ما كان أحد من هؤلاء مقيما على ما هو عليه ».

[ ٢١٧٨٠ ] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا شهد أهل البادية في حق فيما بينهم جازت شهادتهم، إذا كانوا عدولا، وإذا شهدوا على

__________________

الباب ٢٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٣٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٢ ح ١٨٣٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٠ ح ١٨٢٨.

٤٣٣

أهل قرية فيما يتباعدان تكون شهادتهم [ فيه ](١) دون غيرهم من أهل القرية، مما ينبغي في مثله، فيكونون في حال من يتهم ».

[ ٢١٧٨١ ] ٤ - وقد روي: انه لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين، وفي ترك شهادة العدول من أهل المصر وجيرة المكان، وأهل العدالة فيه، واستشهاد من يبعد عنه من أهل البوادي، ما يوجب الشهبة والظنة التي تسقط الشهادة.

[ ٢١٧٨٢ ] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تقبل شهادة الخائن، ولا الخائنة، ولا الزاني، ولا الزانية، ولا ذي غمز على أخيه » والغمز الحقد.

[ ٢١٧٨٣ ] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا خير في شهادة الخائن ».

[ ٢١٧٨٤ ] ٧ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا محدود، ولا ذي حقد على أخيه، ولا مجرب عليه شهادة زور، ولا القانع مع أهل البيت » يعني الخادم لهم.

٢٧ -( باب عدم قبول شهادة اللاعب بالنرد والشطرنج وكل مقامر، وفاعل الغناء ومستمعه)

[ ٢١٧٨٥ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنه لا تجوز شهادة شارب

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٠ ح ١٨٢٨.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٤٢ ح ١٦٣.

٦ - غرر الحكم ج ٢ ص ٨٤٣ ح ٢٧٧.

٧ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٩٢.

الباب ٢٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

٤٣٤

الخمر، ولا اللاعب بالشطرنج والنرد، ولا مقامر ».

٢٨ -( باب عدم قبول شهادة سائق الحاج إذا ظلم دابته واستخف بصلاته، وقبول شهادة المكاري والجمال والملاح مع الصلاح)

[ ٢١٧٨٦ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام ، كان لا يجيز شهادة سائق الحاج ».

٢٩ -( باب عدم قبول شهادة السائل بكفه)

[ ٢١٧٨٧ ] ١ - أحمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « شهادة الذي يسأل في كفه ترد ».

٣٠ -( باب قبول شهادة القاذف بعد التوبة، وعدم قبولها قبلها)

[ ٢١٧٨٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أن قال: « القاذف إذا تاب وكان عدلا جازت شهادته، وقد قال الله عز وجل:( إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِ‌ينَ ) (١) ولا وجه لرد شهادة من أحبه الله وكان عدلا، وقد استثنى الله عز وجل في ذكر رد شهادة القاذف من تاب فقال:( وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ) (٢) ثم استثنى فقال:( إِلَّا الَّذِينَ

__________________

الباب ٢٨

١ - الجعفريات ص ١٤٣.

الباب ٢٩

١ - عدة الداعي ص ٨٩.

الباب ٣٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٢ ح ١٨٣٥.

(١) البقرة ٢: ٢٢٢.

(٢) النور ٢٤: ٤.

٤٣٥

تَابُوا ) (٣) ».

[ ٢١٧٨٩ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تجوز شهادة المفتري حتى يتوب من الفرية، وتوبته أن يقف في الموضع الذي قال فيه ما قال، يكذب نفسه ».

الصدوق في المقنع، مثله(١) .

[ ٢١٧٩٠ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « المجلود في الفرية لا تقبل شهادته، ولا يلاعن، لان الله تعالى قال في كتابه:( وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ) (١) ».

[ ٢١٧٩١ ] ٤ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن الصادقعليه‌السلام - في حديث - قال: سألته عن القاذف، أتقبل شهادته بعد الحد إذا تاب؟ قال: « نعم » قال: وما توبته؟ قال: « يكذب نفسه عند الامام فيما افتراه، ويندم مما قال ».

٣١ -( باب قبول شهادة المحدود بعد توبته لا قبلها)

[ ٢١٧٩٢ ] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم عن جعفر بن محمد، عن أبيه،

__________________

(٣) النور ٢٤: ٥.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

(١) المقنع ص ١٣٣.

٣ - الجعفريات ص ١٤٣.

(١) النور ٢٤: ٤.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

الباب ٣١

١ - الجعفريات ص ١٤٣.

٤٣٦

عن جدهعليهم‌السلام : « أن رجلا قطع في قطع الطريق، فشهد عند عليعليه‌السلام شهادة، فسأل عنه قومه، فقالوا فيه خيرا، فأجاز عليعليه‌السلام شهادته، حين تاب وعلمت منه التوبة ».

٣٢ -( باب قبول شهادة المسلم على الكافر، وعدم جواز قبول شهادة الكافر عليه ولو ذميا، عدا ما استثني)

[ ٢١٧٩٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه نهى أن تقبل شهادة كافر على مسلم.

[ ٢١٧٩٤ ] ٢ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أن عبد الملك بن مروان كتب إليه يسأله عن شهادة أهل الذمة بعضهم لبعض، فكتب إليه: « حدثني أبي، عن جدي: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أتاه اليهود برجل وامرأة قد زنيا، فشهدوا عليهما بالزنى والاحصان، فرجمهما وقال: شهادة بعضهم على بعض جائزة إذا عدلوا عندهم، ولا تجوز شهادتهم على مسلم، إلا فيما ذكر الله عز وجل » يعني من أمر الوصية.

[ ٢١٧٩٥ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وتجوز شهادة المسلمين في جميع أهل الملل، ولا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين ».

[ ٢١٧٩٦ ] ٤ - عوالي اللآلي: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تقبل شهادة أهل دين على غير أهل دينهم، إلا المسلمين فإنهم عدول عليهم وعلى غيرهم ».

__________________

الباب ٣٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٣ ح ١٨٣٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٤ ح ١٨٤٢.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٢.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٥٤ ح ١٩٢.

٤٣٧

٣٣ -( باب أن الكافر إذا اشهد على شهادة، ثم أسلم فشهد بها قبلت)

[ ٢١٧٩٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه: « أن علياعليهم‌السلام قال: اليهودي والنصراني إذا أسلما جازت شهادتهما، ما لم يكن ردها الحاكم وأسلما من اجلها ».

[ ٢١٧٩٨ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين، وأبي جعفر، وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « إذا استشهد الكافر في حال كفره، والطفل الصغير في حال صغره، على شهادة، فشهد بها المشرك بعد أن أسلم، والطفل الصغير بعد أن يبلغ - وكانا مقبولين - جازت شهادتهما ».

٣٤ -( باب قبول شهادة اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم على الوصية في الضرورة)

[ ٢١٧٩٩ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( أو آخران من غيركم ) (١) قال: « من أهل الكتاب ».

قال أبو جعفرعليه‌السلام : « من كان في سفر فحضرته الوفاة، فلم يجد مسلما يشهده، فاشهد ذميين، جازت شهادتهما في الوصية، كما قال الله عز وجل ».

__________________

الباب ٣٣

١ - الجعفريات ص ١٤٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٤ ح ١٨٤١.

الباب ٣٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٣ ح ١٨٤٠.

(١) المائدة ٥: ١٠٦.

٤٣٨

قال أبو جعفرعليه‌السلام : « إذا كان الرجل بأرض [ غربة ](٢) ليس بها مسلم، فحضره الموت، فاشهد شهودا من غير أهل القبلة على وصيته، حلف الشاهدان بالله: ما شهدنا إلا بالحق، وإن فلانا أوصى بكذا وكذا، وهو قول الله عز وجل:( اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ - إلى قوله -فَيُقْسِمَانِ بِاللَّـهِ ) (٣) » الآية.

وباقي الاخبار تقدم في كتاب الوصية(٤) .

٣٥ -( باب ما يعتبر في الشاهد من العدالة)

[ ٢١٨٠٠ ] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من صلى الصلوات الخمس في جماعة، فظنوا به كل خير، وأجيزوا شهادته ».

[ ٢١٨٠١ ] ٢ - وعنه، وأبي جعفر، وأبي عبد اللهعليهم‌السلام أنهم قالوا: « شهادة العبد لغير مواليه جائزة، إذا كان عدلا ».

[ ٢١٨٠٢ ] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « القاذف إذا تاب وكان عدلا، جازت شهادته ».

[ ٢١٨٠٣ ] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سئل عن شهادة الولد لوالده، والوالد لولده، والاخوة والقرابات والزوجين بعضهم لبعض فقال:

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) المائدة ٥: ١٠٦.

(٤) تقدم في الباب ١٩ من كتاب الوصايا.

الباب ٣٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٣ ح ١٨٣٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٠ ح ١٨٢٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٢ ح ١٨٣٥.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٩ ح ١٨٢١.

٤٣٩

« تجوز شهادة العدول منهم، بعضهم لبعض ».

[ ٢١٨٠٤ ] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من تشبه بقوم عد منهم ».

[ ٢١٨٠٥ ] ٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ونروي: أنه من ولد على الفطرة، ولم يعرف منه جرم، فهو عدل وشهادته جائزة ».

وقال: « ولا تقبل شهادة الشهود في الزنى، إلا العدول »(١) .

[ ٢١٨٠٦ ] ٧ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، أنه قال: « شهادة الأخ لأخيه جائزة، إذا كان مرضيا، معه رجل آخر ».

[ ٢١٨٠٧ ] ٨ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه قال: « تقبل شهادة الغلام إذا احتلم، وكان مرضيا ».

[ ٢١٨٠٨ ] ٩ - السيد أبو حامد محمد بن عبد الله بن زهرة في أربعينه: أخبرني عمي الشريف الطاهر - قراءة عليه - قال: أخبرني الشيخ أبو علي، قال: أخبرني الشريف أبو الرضا، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين الخلال - قراءة عليه - قال: حدثنا سعيد بن أبي سعيد العيار، قال: حدثنا أبو الحسن الحافظ التميمي، قال: حدثنا ابن مهرويه القزويني - بقزوين في دار أبي يعلى - قال: حدثنا داود بن سليمان، قال:

__________________

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٣ ح ١٨٣٨.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤١.

(١) نفس المصدر ص ٣٥.

٧ - الجعفريات ص ١٤٣.

٨ - الجعفريات ص ١٤٣.

٩ - الأربعون لابن زهرة ص ١٢.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564