ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة15%

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 383

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة
  • البداية
  • السابق
  • 383 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 74620 / تحميل: 5877
الحجم الحجم الحجم
ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وتُوفّي في جمادى الآخرة سَنة ٣٩٦ه-(١) .

٧٢ - محمّد بن عمر الكشّي: تُوفّي قبل ٣٦٩ه-(٢) .

قال النجاشي ( ١٠١٩ ): محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي، أبو عمرو. كان ثقة، عيناً، وروى عن الضُعفاء كثيراً، وصحب العياشي وأخذ عنه، وتخرج عليه، وفي داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العِلم، له كِتاب الرجال، كثير العِلم، وفيه أغلاط كثيرة.

وقال الطوسي ( ٦١٥ ): ثقة، بصير بالأخبار وبالرجال، حَسن الاعتقاد، له كِتاب الرجال.

وقال في رجاله: محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي، يُكنّى أبا عمرو الكشّي، صاحب كِتاب الرجال، مِن غُلمان العياشي، ثقة بصير بالرجال والأخبار، مستقيم المذهب.

روى عن جماعة كثيرة منهم: حمدويه بن نصر الكشّي، وجبرائيل بن محمّد الفاريابي وغيرهما.

وروى عنه أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري المُتوفّى ٣٨٥ه-، وأبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه المُتوفّى ٣٦٩ه-.

وله كِتاب الرجال الموسوم ب- معرفةالناقلين عن الأئمّة الصادقين ، كان فيه العامّة والخاصّة، وفيه أغلاط كثيرة، وقد تصدّى الشيخ

____________________

(١) تاريخ بغداد ج٥ ص٢٨٢ رقم ٢٧٨٠.

(٢) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي (١٠١٩)، الفهرست للطوسي (٦١٥)، رجال الطوسي ص٤٩٧ رقم ( ٣٨ )، طبقات أعلام الشيعة/ القرن الرابع ص٢٩٥، مصفى المقال ص٣٧٥، الأُصول الأربعة في عِلم الرجال للسيد الخامنئي، قاموس الرجال ج٩ ص٤٨٦ رقم ( ٧١٢٠ ).

١٠١

الطوسي؛ فجرّد منه الخاصّة، وهذّبه، وسمّاه اختيار الرجال، هكذا اشتهر، ولكنّ المُحقّق التستري لم يقبل ذلك، ويقول: إنّ الأصل في ذاك الكلام القهبائي، وإنّه توهّم، وإنّه كان كباقي كُتب رجال الإماميّة مُختصّاً بالخاصّة ومَن صنّف لهم، أو روى لهم مِن غيرهم، وأوّل رجال: علم رجال الشيخ(١) ، وهو المطبوع الآن المُنتشر، وهو ما اختاره الطوسي.

تُوفّي في حدود مُنتصف القرن الرابع، لأنّه تُوفّي قبل أبي القاسم ابن قولويه المُتوفّى ٣٦٩ه- بسنوات عديدة.

٧٣- أحمد الجوهري: المُتوفّى ٤٠١ه-/ ١٠١١م(٢) .

أحمد بن محمّد بن عبيد الله بن الحسن بن عيّاش بن إبراهيم بن أيّوب الجوهري، أبو عبد الله.

قال الطوسي ( ٩٩ ): كان سَمِع الحديث وأكثر، وأختل في آخر عُمره، وكان جَدّه وأبوه وجهين ببغداد(٣) .

كُتبه في الرجال:

له عدّة كُتب في مُختلف المواضيع، ومنها في الرجال وهي:

١ - مُقتضب الأثر في عَدَد الأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام . مطبوع.

٢ - أخبار أبي هاشم الجعفري.

____________________

(١) قاموس الرجال ج٩ ص٤٨٧.

(٢) ترجمته: فهرست كُتُب الشيعة للطوسي رقم٩٩، رجال النجاشي ج١ رقم٢٠٥، قاموس الرجال ج١ ص٦٢٢ رقم ٥٦١، الأعلام للزركلي ج١ ص٢١٠.

(٣) فهرست كُتُب الشيعة ص٧٨ رقم ٩٩.

١٠٢

٣ - شِعر أبي هاشم الجعفري.

٤ - أخبار جابر الجُعفي.

٥ - الاشتمال على مَعرفة الرجال. فيه مَن روى عن إمام وإمام. مُختصَر.

٦ - أخبار السيّد أبي السيّد الحميري المُتوفّى ١٧٣ه-.

٧ - ذكر مَن روى الحديث مِن بني ناشرة.

٨ - أخبار وُكلاء الأئمّةعليهم‌السلام الأربعة. مُختصَر.

هذه الكُتب ذكرها الطوسي في الفهرست، والنجاشي في ترجمته.

وكان مِن أصدقاء النجاشي، لكنّه لا يَعتمد عليه، ولم يروِ عنه شيئاً، ونقل تضعيفه.

وقد نقل عنه الشيخ في مصباح المُتهجِّد في أدعية شهر رجب دعاء:

( اللهُمَّ إنّي أسألُكَ بِمعاني جَميعِ ما يدعوكَ بهِ وُلاة أمرِك ) (١) .

قال المُحقِّق التستري: وهو دعاء مُختل الألفاظ والمعاني، وفيه فقرة مُنكرة: لا فرق بينك وبينها إلاّ أنّهم عبادك(٢) .

٧٤- الغضائري: تُوفّي ٤١١ه-(٣) .

الحسين بن عبيد الله الغضائري.

قال الطوسي في رجاله: الحسين بن عبيد الله الغضائري، يُكنّى أبا عبد الله،

____________________

(١) مصباح المُتهجِّد ص ٧٣٩ - ٧٤١.

(٢) قاموس الرجال ج١ ص ٦٢٣.

(٣) رجال النجاشي ( ١٦٤ )، رجال الطوسي ص٤٧٠، رياض العلماء ج٢ ص١٢٩، أعيان الشيعة ج٦ ص٨٥، الميزان للذهبي ج٢ ص٢٩٧، لسان الميزان ج٢ ص٢٨٩ و ٢٩٧ رقم ١٢١٣ و١٢٣٠.

١٠٣

كثير السُماع، عارف بالرجال، وله تصانيف ذكرناها في الفهرست، سمعنا منه، وأجاز لنا بجميع رواياته، مات سَنة إحدى عشر وأربعمائة(١) .

ولكن النُسَخ الموجودة فِعلاً لم توجَد فيها ترجمته، وكذلك ما نَقله عنها العُلماء المُتقدّمون كالعلاّمة، وابن داود، وابن طاوس، لم ينقلوا ترجمته عن الفهرست، فلعلّه سهوٌّ مِن قَلم الشيخ الطوسي، أو أنّ الترجمة كانت في المسودّة، ولم تُبيّض أو أنّها سقطت مِن نُسخ الفهرست.

وقال النجاشي ( ١٦٤ ): الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري، أبو عبد الله. شيخنارحمه‌الله . ثمّ ذكر كُتبه.

وهو مِن الث-قات؛ لأنّه مِن مشايخ النجاشي، حيث نَصّ على وثقة مشايخه في ترجمة ابن الجُنيد، رقم ( ١٠٤٨ ).

ووثّقه أيضاً ابن طاوس في كِتاب النجوم(٢) .

وقال صاحب الرياض: الفاضل، العالِم، الفقيه، المعروف بالغضائري(٣) .

وقال الذهبي: شيخ الرافضة، يروي عن الجعابي، صنّف كِتاب الغدير. مات سَنة إحدى عشر وأربعمائة. كان يحفظ شيئاً كثيراً(٤) .

وقال ابن حجر: مِن كبار شيوخ الشيعة، كان ذا زُهد، وورع، وحِفظ، ويُقال كان مِن أحفظ الشيعة لحديث أهل البيت(٥) .

وهو والد أحمد بن الحسين الغضائري الآتي، صاحب الكُتب في الرجال.

____________________

(١) رجال الطوسي ص٤٧٠.

(٢) رياض العُلماء ج٢ ص١٣١ رقم ٢٠٢٦.

(٣) رياض العُلماء ج٢ ص١٢٩ رقم ٢٠٢٦.

(٤) الميزان للذهبي ج٢ ص٢٩٧.

(٥) لسان الميزان ج٢ ص٢٨٩ رقم ١٢١٣.

١٠٤

مَن هو صاحب كِتاب الرجال؟

هل هو المُترجَم، أو ابنه أحمد الآتي؟

لا إشكال أنّ لابنه أحمد أكثر مِن كِتاب في عِلم الرجال، كما سوف يأتي في ترجمته، والمُترجَم كم يظهر مِن أحواله له أيضاً كِتاب في أحوال الرجال، كما ذكر ذلك الشهيد الثاني(١) ، وأشار إليه الشيخ الطوسي مِن أنّه كان عارفاً بالرجال - كما تقدّم -.

وفاته:

تُوفّي في ١٥ صفر سَنة ٤١١ه-، كما ذكره النجاشي والطوسي.

٧٥- ابن الغضائري

أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري، أبو الحسين، مِن مشايخ النجاشي، ومِن المعاصرين للشيخ الطوسي.

روى عن أبيه الحسين بن عبيد الله، وعن ابن عبدون وغيرهما.

وروى عنه النجاشي وغيره.

له في عِلم الرجال:

١ - فهرست كُتب الأصحاب.

٢ - فهرست أُصول الأصحاب.

٣ - كِتاب الممدوحين.

____________________

(١) اُنظر ترجمته في رياض العلماء.

١٠٥

٤ - كِتاب المذمومين. المعروف بكتاب الضُعفاء لابن الغضائري. توجد نُسخة مِن كِتاب الضعفاء في المكتبة المركزيّة لجامعة طهران، في ٣٦ ورقة، تحت رقم عام هو ١٠٧١(١) .

وقد نقل الطوسي في مُقدّمة الفهرست: فإني لمّا رأيت جماعة مِن شيوخ طائفتنا مِن أصحاب الحديث عَملوا فهرست كُتب أصحابنا، وما صنّفوه مِن التصانيف وروه مِن الأُصول، ولم أجد منهم أحداً استوفى ذلك، ولا ذَكر أكثره، بل كلٌّ مِنهم كان غرضه أن يَذكر ما اختصّ بروايته، وأحاطت به خُزانته مِن الكُتب، ولم يتعرّض أحدٌ منهم لاستيفاء جميعه، إلاّ ما كان قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد اللهرحمه‌الله ، فإنّه عمل كتابين: أحدهما ذَكر فيه المُصنَّفات، والآخر ذَكر فيه الأُصول، واستوفاهما على مبلغ ما وجده وقَدِر عليه، غير أنّ هذين الكتابين لم يَنسخهما أحد مِن أصحابنا، واخترم هورحمه‌الله ، وعَمِد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما مِن الكُتب. على ما يحكي بعضهم عنهم(٢) .

قال المحقّق التستري مُعلّقاً على هذه الحكاية: فالحقّ عدم تحقّق الحكاية، وأنّ كُتبه الأربعة بقيت بعده، ووصلت إلى النجاشي، أمّا فهرستاه، فلأنّه قال في صالح أبي مُقاتل: ذكره أحمد بن الحسين، وقال: صنّف كتاباً في الإمامة.

وقال في الحسين بن محمّد الأزدي - بعد ذكر كُتبه -: ذكر ذلك أحمد بن الحسين.

____________________

(١) ذَكر ذلك البقّال في هامش الرعاية في عِلم الدراية للشهيد الثاني ص١٧٧.

(٢) الفهرست للطوسي ص٢ بتحقيق الطباطبائي.

١٠٦

وقال في أبي الشداخ: ذكر أحمد بن الحسين، أنّه وقعَ إليه كِتاب في الإمامة.

وقال في جعفر بن أحمد بن أيّوب: ذكر أحمد بن الحسين، أنّ له كِتاب الرد.

وقال في خالد بن يحيى بن خالد: ذكره أحمد بن الحسين، وقال: رأيت له كتاباً - إلى أن قال - وأمّا كتابا ممدوحِيه ومذمومِيه فلأنّه - النجاشي - وثّقَ سُماعةَ، وقال: ذكره أحمد بن الحسين، وضعّف خيبريّاً، وقال: ذَكر - أي ذلك - أحمد بن الحسين، ومثله في سهل الآدمي.

وله كِتاب آخر غير الأربعة، وهو كِتابُ التاريخ، وموضوعه وَفَيات الرجال، وقد وصل أيضاً إلى النجاشي، فقال في أحمد البرقي: قال أحمد بن الحسين في تاريخه، تُوفّي أحمد بن أبي عبد الله إلخ. لكن ضاع الفهرستان والتاريخ بعد النجاشي، كضياع أكثر كُتب القُدماء التي عدّها الشيخ والنجاشي في فهرستهما. ووصل مجروحوه إلى ابن طاوس والعلاّمة وابن داود. ووصل جزء مِن ممدوحه إلى العلاّمة كما يظهر منه في عمر بن ثابت. وإلى ابن داود فقال في فصل مَن وثّق-ه النجاشي مرّتين: إنّ ابن الغضائري زاد عليهم خمسة(١) .

٧٦- السيرافي

أحمد بن محمّد بن نوح، يُكنّى أبا العبّاس السيرافي، سَكن البصرة، واسع الراوية، ثقة في روايته - رواياته خ ل - …

____________________

(١) قاموس الرجال ج١ ص٤٤١ - ٤٤٢.

١٠٧

وله تصانيف، منها:

١ - كِتاب الرجال الذين رووا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وزاد على ما ذكره ابن عُقدة كثيراً، وابن عقدة ذَكر قرابة أربعة آلاف راويٍ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أمّا هذا فلا يُعلم كمْ زاد على ابن عُقدة(١) .

٢ - أخبار الأبواب.

٧٧- عبد العزيز بن إسحاق

له كِتاب في طبقات الشيعة. ذكره الطوسي في فهرست كُتُب الشيعة ص٣٤١ رقم ( ٥٣٧ ).

ولم يُعلم طبقته.

٧٨- أحمد القلاّء السوّاق:(٢) .

أحمد بن محمّد بن عليّ بن عمر بن رباح القلاّء السوّاق، أبو الحسن. مولى آل سعد بن أبي وقاص.

قال النجاشي ( ٢٢٧ ): وكان أبو الحسن أحمد بن محمّد، ثقة في الحديث، صنّف كُتباً، فمنها: …

كِتاب ما روي في أبي الخطّاب محمّد بن أبي زينب، وهو شِركة بينه وبين أخيه عليّ بن محمّد.

____________________

(١) الفهرست للطوسي رقم ١١٧ ص٨٦.

(٢) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي ج١ ص٢٣٦ رقم ٢٢٧، فهرست كُتُب الشيعة ص٦٥ رقم ٨٢.

١٠٨

وكذلك قال الطوسي في فهرست كُتُب الشيعة ص٦٥ رقم ٨٢ مِثل الذي قاله النجاشي.

والقلاّء مِن الواقفيّة.

٧٩- غياث بن إبراهيم

له كِتاب مَقتل أمير المؤمنين ( ع )(١) .

يروي عنه محمّد بن يحيى الخزّاز.

٨٠- سلمة بن الخطاب

سلمة بن الخطّاب البراوستاني الأزدورقاني - قرية مِن سواد الري -

له كِتاب مقتل الحسين بن عليّعليهما‌السلام (٢) .

وقال النجاشي ( ٤٩٦ ): كان ضعيفاً في حديثه.

له مولد الحسين بن عليّعليهما‌السلام ومقتله. ذكره النجاشي.

٨١- أبو عبد الله الحسني

قال الطوسي: له كُتب منها: كِتاب أخبار المحدِّثين، كِتاب أخبار معاوية، كِتاب الفضائل، كِتاب الكشف(٣) .

____________________

(١) فهرست كُتُب الشيعة رقم ( ٥٦١ ).

(٢) فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم رقم ( ٣٣٤ ).

(٣) فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٥٣٦ رقم ٨٧٤، الفهرست لابن النديم ص٣٣١.

١٠٩

الأُصول الأربعة

وبعد أن انتهى القرن الرابع الهجري ودخل القرن الخامس، وفيه كَثُر التأليف في عِلم الرجال، وفي النصف الأوّل منه صدرت الأُصول الأربعة لعِلم الرجال:

١- اختيار الرجال. للشيخ الطوسي.

٢- الرجال. المعروف برجال الشيخ الطوسي.

٣- فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم، وأسماء المصنّفين، وأصحاب الأُصول للشيخ الطوسي، المشتهر بالفهرست.

٤- فهرس أسماء مُصنّفي الشيعة. المعروف ب-- رجال النجاشي.

والكُتب الثلاثة الأُولى كلّها للشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي المُتوفّى ٤٦٠ه-، ومِن مُراجعتنا لأسماء ما تقدّمت مِن كُتب في عِلم الرجال في القرون الأربعة المتقدّمة، وإنّ أكثرها قد بادت وذهبت، ولم يبقَ لها إلاّ الاسم، وإنّ مجرّد صدور هذه الكُتب المتأخّرة للشيخ الطوسي أصبحت مَحطّ البحث، والتنقيب، والتحقيق.

كلّ ذلك يُنبّهنا إلى أهميّة هذه الكُتب الثلاثة، وما أحدثت مِن تطوّر في عِلم الرجال، فلنتعرّف على هذه الكُتب الثلاثة بصورة مختصرة، ثمّ نُعقّبه بدراسة لرجال النجاشي.

الأوّل: اختيار الرجال:

أصل هذا الكتاب هو كِتاب ( الرجال ) للكشّي المتقدّم ذِكره وترجمته، والكِتاب معروف عند المُتقدّمين كالنجاشي والطوسي وغيرهما بعنوان: الرجال،

١١٠

أو مَعرفة الرجال، أو معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقينعليهم‌السلام . كما أشار إلى الأخير ابن شهرآشوب فيمَعالم العُلماء .

واختُلِف أنّ الواصل إلينا منه، هل هو أصله، أو اختيار الشيخ منه؟

ظاهر تعبير أحمد بن طاوس، والعلاّمة، وابن داود الأوّل.

والصواب الثاني، كما صرّح به عليّ بن طاوس في كتابهفرج المهوم ناقلاً له عن نُسخة الأصل الواصل إليه بخطّ الشيخ(١) .

وقد نَقل النجاشي بعض العناوين، وبعض الكلمات عن كِتاب الكشّي، ولم يوجد ذلك في اختيار الشيخ له عين ولا أثر، فهذا يَدلّ أنّ الواصل إلينا هو اختيار الشيخ، وليس الأصل(٢) .

هل رجال الكشّي يشمل الخاصّة والعامّة، أم لا؟

توهّم القهبائي - الذي رتّب اختيار الشيخ منه على حروف التهجّي في الأوائل والثواني، الذي كان أساسه مِن ابن داود منّا - أنّ أصله كان في رجال العامّة والخاصّة، فاختار الشيخ منه الخاصّة.

واستند في ذلك إلى ما فيه في البرّاء بن عازب، قال أبو عمرو الكشّي: هذا بعد أن أصابته دعوة أمير المؤمنينعليه‌السلام في ما رُوي مِن جهة العامّة.

فقال: هذا صريحٌ في أنّ هذا الكِتاب مُنتخب مِن كِتاب الكشّي، وهو كان مُشتملاً على رجال العامّة والخاصّة، والشيخ اختار مِن هذا الكتاب رجال الشيعة(٣) .

____________________

(١) قاموس الرجال ج١ ص٤٦.

(٢) قاموس الرجال ج١ ص٤٧.

(٣) قاموس الرجال ج١ ص٢٥.

١١١

فدعوى أن رجال الكشّي مُشتمل على الخاصّة والعامّة كانت مِن القهبائي في كتابه مَجمع الرجال، ولكن المُحقّق التستري لم يقبل ذلك، وردّ عليه بعدّة أُمور:

١ - إنّ الكلام الّذي نقله القهبائي لا يوجد فيه دلالة على المُدّعى، غاية ما يدلّ عليه أنّ رجوع البرّاء إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام إنّما كان بعد دعائه عليه.

٢ - إنّ قوله: ( مِن جهة العامّة ) مُحرَّف ( مِن جهة عماه ). والدليل على ذلك أنّه نقل قصّه عماه برجال الخاصّة.

٣ - إنّ اختيار الشيخ يشتمل على الخاصّة، وبعض العامّة الّذين رووا عن أئمّتناعليهم‌السلام (١) .

وإنّ هذا الكتاب كان فيه أغلاط كثيرة واشتباهات، وحينئذ فقد تصدّى الشيخ الطوسي إلى تهذيب هذا الكتاب، وتجريده عن الزوائد، وتلخيصه، وقد سَمّى هذا التلخيص: اختيار الرجال.

وقد أملاه الشيخ الطوسي على تلامذته ابتداء مِن ٢٦ في صفر سَنة٤٥٦ه-.

وهذا لا يعني أنّ اختيار الرجال كان خالياً مِن الملاحظات والانتقادات، وأوّل ما فيه أنّه لم يُرتّب ترتيباً يسهل التناول، فلذلك تصدّى جماعة بعده إلى ترتيبه(٢) .

وقد طُبع الكتاب عدّة طبعات في بومباي، والنجف الأشرف، وآخرها في مشهد مع تحقيق دقيق، وترتيب لطيف بعنوان: اختيار مَعرِفة الرجال.

____________________

(١) قاموس الرجال ج١ ص٢٥.

(٢) اُنظر تفصيل ذلك في الذريعة ج١ ص٣٦٥، والأُصول الأربعة في عِلم الرجال للقائد السيّد علي خامنئي ص٢٥ - ٤٤ فيه تفصيل حول الموضوع.

١١٢

الثاني: الفهرست للشيخ الطوسي.

واسمه: فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم وأسماء المصنِّفين وأصحاب الأُصول، واشتهر ب- الفهرست.

والفهرست: يعني سرد أسماء الكُتب سواء كُتب خاصّة لشخص، أو لمكتبة، أو لطائفة، أو لأُمّة مع أسماء مؤلِّفيها، وقد تقدّمت بعض الفهارس على هذا المنوال، وإن كان بعضها أو أكثرها كان محدوداً في مجال ضيّق.

والفهرست للطوسي يُعدّ مِن أثمن الكُتب العِلميّة للشيعة، التي اعتمد عليها عُلماء الرجال في الجرح والتعديل، ونسبة الكتاب إلى مؤلِّفه.

وقد رأى الشيخ الطوسي الحاجة الماسّة إلى مِثل هذا الكِتاب على حَسب ما ذكره في مقدّمة كتابه فقال: فإنّي لمّا رأيت جماعة مِن شيوخ طائفتنا مِن أصحاب الحديث عَمِلوا فهرست كُتب أصحابنا، وما صنّفوه مِن التصانيف، ورووه مِن الأُصول، ولم أجد أحداً استوفى ذلك، ولا ذَكر أكثره، بل كلّ مِنهم كان غَرَضه أن يذكر ما اختصّ بروايته، وأحاطت به خزانته مِن الكُتب، ولم يَتعرّض أحدٌ منهم لاستيفاء جميعه(١) .

ثمّ بعد ذلك استثنى مِن ذلك ابن الغضائري، حيث ألّف كتابين في هذا الموضوع، وأتلفهما ورثته.

ثمّ وَعَدَ هو أن لا يقتصر في كتابه الفهرست على ذكر المُصنّفات والأُصول، بل وَعَد أن يذكر المصنِّفين ويُعَيِّنهم مِن العامّة أو الخاصّة، والوثقة أو عدمها، فقال: وإذا ذكرت كلّ واحد مِن المصنِّفين وأصحاب الأُصول، فلا بُدَّ مِن أن أُشير

____________________

(١) فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم، المُقدِّمة ص٢.

١١٣

إلى ما قيل فيه مِن التعديل والتجريح، وهل يعول على روايته أو لا؟ وأُبيّن عن اعتقاده، وهل هو موافق للحقّ، أو هو مُخالف له، لأنّ كثيراً مِن مُصنِّفي أصحابنا، وأصحاب الأُصول ينتحلون المذاهب الفاسدة، وإن كانت كُتُبهم مُعتمدة(١) .

وبالرغم مِن وعده هذا إلاّ أنّه في داخل الكِتاب وعند التراجم لم يتمكّن مِن الالتزام بذلك فأهمل الكثير مِن أهل التراجم حيث لم ينصّ عليهم بالوثقة أو عدمها.

وممّا يُلاحظ على الشيخ في الفهرست أيضاً اعتماده كثيراً على الفهرست لابن النديم، وقد نقل تراجم عديدة منه دون أن يشير إلى كون المُترجَم إماميّاً أو عاميّاً.

وهذا ممّا قلَّل مِن أهميّته في قِبال رجال النجاشي.

وقد شرح هذا الكتاب الشيخ سلمان البحراني الماحوزي المُتوفّى ١١٢١ه- بشرح سمّاه:معراج الكمال إلى معرفة الرجال . ذَكر في أوّله أنّ هذا الفهرست: مِن أحسن كُتب الرجال أُسلوباً، وأعمّها فائدة، وأكثرها نفعاً فقد جَمَع مِن نفائس هذا الفن خلاصتها، وحاز مِن دقائقه ومعرفة أسرارها نقاوتها إلخ(٢) .

وقد طُبع الكتاب عِدّة طبعات، آخرها في النجف مع تحقيق، وتعليق العلاّمة السيّد محمّد صادق بحر العلوم. وطبعة أخيرة بتحقيق العلاّمة السيّد عبد العزيز الطباطبائي، طُبعت في قُم، وهي جيدة اعتمد فيها على عشر نُسخ.

____________________

(١) مُقدّمة فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٣-٤ بتحقيق الطباطبائي.

(٢) مقدّمة الفهرست، طبع النجف للسيّد بحر العلوم.

١١٤

الثالث: رجال الشيخ الطوسي:

وهو مُرتَّب على حَسب الطبقات، فيبدأ بأصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبعده أصحاب كلّ واحد مِن الأئمّة، وفي آخره باب مَن لم يروِ عنهم.

ويبدو مِن مطاوي هذا الكتاب أنّه ألّفه بعد تأليف كِتاب الفهرست، حيث إنّه يُحيل في بعض التراجم إلى كِتاب الفهرست، كما في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى صاحب ( نوادر الحكمة )، ونقل عنه، وعن الفهرست ابن حجر في لسان الميزان كثيراً في تراجم عِدّة.

ومسلك الشيخ في رجاله أراد أن يستقصي أصحاب النبيّ والأئمّةعليهم‌السلام ، مؤمناً كان أو مُنافقاً، إماميّاً كان أو عاميّاً.

فالاستناد إليه ما لم يُحرز إماميّة رجل غير جائز، حتّى في أصحاب النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله - وأمير المؤمنين -عليه‌السلام - فكيف في أصحابهم؟

وغيرُ الإمامي فيه مِن أوّله إلى باب أصحاب الصادقعليه‌السلام ، أكثرُ مِن الأمامي، وبعده ليس غير الإمامي فيه بتلك الكثرة، بل بابه الأخير - باب مَن لم يروِ عنهمعليهم‌السلام - لم يُعلم ذِكر غير الإمامي فيه؛ لعدم المُناسبة(١) .

____________________

(١) قاموس الرجال ج١ ص٢٩.

١١٥

١١٦

١١٧

البابُ الثاني

أهميّةُ النجاشي ورجاله

١١٨

أهمّ كتاب صَدر في القرن الخامس مِن كُتُب الرجال للشيعة الإماميّة هو رجال النجاشي.

للشيخ أبي العبّاس أحمد بن عليّ بن أحمد بن العبّاس النجاشي الكوفي الأسدي المولود ٣٧٢ه-، والمُتوفّى ٤٥٠ه-.

وهو الثقة، الصدوق، العارف بأحوال الرجال مِن أهل الحديث وغيرهم في وثاقتهم وعدمها، بل لأجل خبرته التامّة في الجرح والتعديل، وضبطه وإتقانه قُدِّم قولُه على قول غيره عند التعارض في الجرح والتعديل، بل ظاهر كلامه يُقَدم على تصريح غيره.

قال العلاّمة السيّد بحر العلوم المُتوفّى ١٢١٢ه-: هو أحد المشايخ الث-قات والعدول الأثبات، مِن أعظم أركان الجرح والتعديل، وأعلم علماء هذا السبيل، أجمع علماؤنا على الاعتماد عليه، وأطبقوا على الاستناد في أحوال الرجال إليه(١) .

وقال تلميذه الشيخ الصهرشتي في وصفه سَنة ٤٤٢ه-: وكان شيخاً بهيّاً ثقة، صدوق اللسان عند الموافق والمخالف،رضي‌الله‌عنه (٢) .

وقال الميرزا النوري في خاتمة المُستَدرَك:

العالِم النَقّاد، البصير، المضطلع الخبير، الذي هو أفضل مَن خطّ في فنّ

____________________

(١) الفوائد الرجالية ( رجال بحر العلوم ) ج٢ ص٣٥ ط النجف.

(٢) رياض العلماء ج٢ ص٤٤٥.

١١٩

الرجال بقلم، أو نطق بِفَم، فهو الرجل كلّ الرجل، لا يُقاس بسواه، ولا يُعدل به مَن عداه، كلّما ازددّت به تحقيقاً ازددّت به وثوقاً، وهو صاحب الكتاب المَعروف، الدائر، الّذي اتّكل عليه كافّة الأصحاب.

وبالجُملة فجلالة قدره، وعِظم شأنه في الطائفة أشهر مِن أن يحتاج إلى نقل الكلمات، بل الظاهر منهم تقديم قوله ولو كان ظاهراً على قول غيره مِن أئمّة الرجال في مقام المُعارضة في الجرح والتعديل، ولو كان نصّاً.

وقال الشهيد في المسالك: وظاهر حال النجاشي، أنّه أضبط الجماعة، وأعرفهم بحال الرواة.

وغير ذلك مِن التصريحات حول مقام النجاشي، وثباته، وإتقانه، ومعرفته بحال الرواة.

أهميّةُ رِجالِ النجاشي:

ومِن ذلك يظهر أهميّة كتابه في الرجال، وكونه أحسن كُتب الرجال، حيث إنّه يُعتبر عُمدة الكُتب الأربعة في علم الرجال، وهو كَكِتاب الكافي بالنسبة إلى الكُتب الأربعة الحديثيّة. والحقيقة تشهد لذلك، فإنّ الدارس لهذا الكتاب، وعند مقارنته بالكُتب الأُخرى، وبالأخص كُتب الشيخ الطوسي التي كانت صدرت مع كتابه في أزمنة متقاربة، يرى أهميّته على بقيّة الكُتب المؤلَّفة في هذا الفن.

مُميِّزات النجاشي:

١ - ومِن مُمّيزات النجاشي أنّه لا يروي إلاّ عن الثقة كما استظهره

١٢٠

علي الحسن بن عثمان الفسوي بالبصرة ، قال : حدّثنا يعقوب بن سفيان الفسوي ، قال : حدّثنا ابن قعنب ، عن مالك بن أنس ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر [ في قوله تعالى ] :( اتقوا الله ) قال : ( أمر الله أصحاب محمّد بأجمعهم أنّ يخافوا الله ، ثمّ قال لهم :( وكونوا مع الصادقين ) . يعني محمّداً وأهل بيته )(١) .

الدرّ المنثور :

وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله :( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) قال : ( مع علي بن أبي طالب ).

وأخرج ابن عساكر ، عن أبى جعفر في قوله :( وكونوا مع الصادقين ) قال : مع علي بن أبي طالب )(٢) .

تذكرة الخواص :

( وقال علماء السير : معناه كونوا مع علي عليه السلام وأهل بيته. قال ابن عباس : وعلي عليه السلام سيّد الصادقين )(٣) .

دليل لا يدل :

قال الفخر الرازي في قوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) : ( واعلم أنّه تعالى لما حكم بقبول توبة هؤلاء الثلاثة ، ذكر ما يكون كالزاجر عن فعل ما مضى ، وهو التخلّف عن رسول الله في الجهاد ، فقال :( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ) . في مخالفة أمر الرسول( وكونوا مع الصادقين )

__________________

١ ـ شواهد التنزيل ١ : ٣٤١ ـ ٣٤٥.

٢ ـ الدر المنثور ، لجلال الدين السيوطي ج ٣ ص ٢٩٠ ، كفاية الطالب للكنجي ص ١١١ ط الغري. والصواعق المحرقة ص ١٥٠.

٣ ـ تذكرة الخواص ١ : ١٨٢.

١٢١

يعني : مع الرسول وأصحابه في الغزوات ، ولا تكونوا متخلّفين عنها وجالسين مع المنافقين في البيوت ، وفي الآية مسائل :

المسألة الأولى : إنّه تعالى أمر المؤمنين بالكون مع الصادقين ، ومتى وجب الكون مع الصادقين فلا بد من وجود الصادقين في كلّ وقت ، وذلك يمنع من إطباق الكلّ على الباطل ، ومتى امتنع إطباق الكلّ على الباطل ، وجب إذا أطبقوا على شيء أنّ يكونوا محقيّن. فهذا يدل على أنّ إجماع الأمّة حجّة )(١) .

الجواب :

لقد اعترف الرازي بدلالة الآية على وجود الصادقين في كلّ وقت ، وبدلالة الآية على العصمة إلّا أنّه قال بحجّية الأمّة ، أي : عصمة الأمّة.

ونحن نتّفق معه على أنّه لابدّ من وجود صادقين في كلّ وقت ، ولكن نختلف معه في أنّه ليس كلّ الأمّة ، بل من جعلهم الله قرناء القرآن ، وسفينة النجاة ، وذلك للسنّة الرافعة للخلاف والمعيّنة للقول بأنّ الإمام المعصوم هو علي والأئمة من العترة. وأمّا قول الرازي : فلا دليل عليه ، فهو اجتهاد في مقابل النصّ الصريح.

__________________

١ ـ التفسير الكبير ١٦ : ٢٢٠.

١٢٢
١٢٣

الدليل السابع : ( علي خير البرية ) بالنصّ القرآني

قال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة ) (١) .

نظم درر السمطين :

وعن ابن عباس ( رضي الله عنه ) قال : ( لما نزلت هذه الآية :( إنّ الذين امنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) قال : لعلي هو أنت وشيعتك ، تأتي يوم القيامة أنت وشيعتك راضين مرضيين ، ويأتي عدوّك غضابا مقحمين )(٢) .

جامع البيان :

حدّثنا ابن حميد ، قال : ثنا عيسى بن فرقد ، عن أبي الجارود ، عن محمّد بن علي( أولئك هم خير البرية ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أنت يا علي وشيعتك )(٣) .

شواهد التنزيل :

( ومما يدّل على صدق هذا المعنى ما رواه أبو نعيم ـ كما في الفصل : (٢١) من خصائص الوحي المبين ( ص ١٣١ ) والحديث ٧٧ من كتاب النور المشتعل ( ص ٢٧٧ ) قال : وفيما أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن المروزي ، قال : حدّثني

__________________

١ ـ البيّنة : ٧.

٢ ـ نظم درر السمطين ، ص ٩٢.

٣ ـ جامع البيان لابن جرير الطبري ج ٣٠ ، ص ٣٣٥.

١٢٤

عبد الحكيم بن ميسرة ، عن شريك بن عبد الله ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث قال : قال لي علي عليه السلام : نحن أهل بيت لا نقاس ( بالناس ).

فقام رجل فأتى عبد الله بن عباس ( فذكر له ما سمعه من علي عليه السلام ) فقال ابن عباس : صدق علي أو ليس كان النبي صلّى الله عليه وآله لا يقاس بالناس؟ ثمّ قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في علي :( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) ).

الدرّ المنثور :

أخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة قال : ( أتعجبون من منزلة الملائكة من الله؟ والذى نفسي بيده لمنزلة العبد المؤمن عند الله يوم القيامة أعظم من منزلة ملك ، واقرؤا ان شئتم( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) .

وأخرج ابن مردويه ، عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله من أكرم الخلق على الله؟

قال : يا عائشة أما تقرئين( إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) .

وأخرج ابن عساكر ، عن جابر بن عبد الله قال : ( كنّا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأقبل علي فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم والذى نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة. ونزلت( إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) فكان أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا أقبل علي قالوا : جاء خير البرية ).

وأخرج ابن عدى وابن عساكر ، عن أبى سعيد مرفوعاً ( علي خير البرية ).

١٢٥

وأخرج ابن عدي ، عن ابن عباس قال : ( لما نزلت( إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لعلى : هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ).

وأخرج ابن مردويه ، عن علي قال : قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألم تسمع قول الله( إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) أنت وشيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب تدعون غراً محجّلين )(١) .

المناقب للخوارزمي :

عن جابر قال : ( كنّا عند النبي صلّى الله عليه وآله فأقبل علي بن أبي طالب ، فقال رسول الله : قد أتاكم أخي ، ثمّ التفت إلى الكعبة فضربها بيده ، ثمّ قال : والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ، ثمّ قال : إنّه أوّلكم إيماناً معي ، وأوفاكم بعهد الله ، وأقومكم بأمر الله ، وأعدلكم في الرعية ، وأقسمكم بالسوية ، وأعظمكم عند الله مزية ، قال : وفي ذلك الوقت نزلت فيه :( إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) .

قال : ( وكان أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله إذا أقبل علي قالوا : قد جاء خير البرية )(٢) .

أيضاً عن يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب عليعليه‌السلام قال : ( سمعت علياً يقول : حدّثني رسول الله وأنا مسنده إلى صدري ، فقال : أي علي ألم تسمع قول

__________________

١ ـ الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٣٧٩.

٢ ـ المناقب للخوارزمي : ١١١.

١٢٦

الله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ؟ أنت وشيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرّاً محجّلين )(١) .

القسمة الضيزى :

وما وصلنا إليه خلال بحثنا لهذه الآية الكريمة وتفسيرها هو : أنّ الإمام عليعليه‌السلام خير من كلّ من صدق عليه أنّه من البرية ، أي : من الخلق ، بل هناك حديث يصرّح أنّ من لم يرض بفضل علي على البرية فقد كفر ، كما قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( علي خير البشر فمن أبى فقد كفر )(٢) .

فثبت أنّهعليه‌السلام أفضل الخلق بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ووصلنا إلى أنّ الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله قد بيّن لأصحابه بأنّه ستكون للإمام عليعليه‌السلام شيعة خاصّة به ، وأنّ علياً وشيعته هم الفائزون يوم القيامة.

إلّا أنّ من القسمة الضيزى أن تقسّم الفرق الإسلامية حالياً إلى سنة وشيعة ، وكأنّ مخالفين أهل البيتعليهم‌السلام تبعوا سنّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله !! والصحيح أنّ الشيعة هم أهل السنّة ، لأنّهم أتباع أهل البيتعليهم‌السلام وأهل البيت هم أعلم بسنّة النبي من

__________________

١ ـ المناقب للخوارزمي : ٢٦٥.

٢ ـ كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢٤٥ ط الحيدرية ، و ، ص ١١٩ ، ط الغري. وترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي : ج ٢ : ٤٤٤ ، وينابيع المودّة للقندوزي الحنفي ص ٢٤٦ ط اسلامبول ، و ص ٢٩٣ ط ـ الحيدرية و ج ٢ : ٧١ ، ط ـ العرفان صيدا ، ومنتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد ج ٥ : ٣٥ ، وميزان الاعتدال للذهبي : ج ٢ : ٢٧١ ، وتاريخ بغداد للخطيب : ج ٣ : ١٥٤ ، و ج ٧ : ٤٢١ ، وفرائد السمطين : ج ١ : ١٥٤.

١٢٧

غيرهم ، وهم من أمر الله تعالى ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله باتّباعهم.

فيكون التقسيم الصحيح للفرق الإسلامية إلى : شيعة أهل البيت وشيعة السقيفة ، أو أن يقسّموا بأهل سنة أهل البيت وأهل سنة السقيفة ، هذا هو التقسيم الصحيح ؛ لأنّ أهل البيتعليهم‌السلام هم نفس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسنّتهم سنّته ، وشيعتهم شيعته ، وهم أولى باسم أهل السنّة بمعنى أتّباع سنّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمّا بمعنى سنّتهم التي تعني اتّباع معاوية الذي سمّى فرقته بالسنّة والجماعة ، فإنّ هذا اللقب قد وضع في زمان معاوية ، وأرادوا بالسنّة سنّة معاوية من سبّ علي عليه السلام على المنابر ، وبالجماعة جماعته ، وما كان عام جماعة ، بل كان عام فرقة وقهر وجبر وغلبة ، والعام الذي تحوّلت فيه الإمامة ملكاً كسروياً ، والخلافة منصباً قيصرياً ، كما قال الجاحظ في رسالته النابتة :

( فعندها استوى معاوية على الملك ، واستبدّ على بقية الشورى ، وعلى جماعة المسلمين من الأنصار والمهاجرين في العام الذي سمّوه ( عام الجماعة ) ، وما كان عام جماعة ، بل كان عام فرقة وقهر وجبرية وغلبة ، والعام الذي تحوّلت فيه الإمامة ملكاً كسروياً ، والخلافة منصباً قيصرياً ، ولم يعد ذلك أجمع الضلال والفسق ، ثمّ ما زالت معاصيه من جنس ما حكينا ، وعلى منازل ما رتّبنا ، حتّى ردّ قضية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ردّاً مكشوفاً ، وجحد حكمه جحداً ظاهراً في ولد الفراش وما يجب للعاهر ، مع إجماع الأمّة )(١) .

وجاء في تاريخ دمشق ما هذا نصّه : ( قال : ثمّ قتل علي بن أبي طالب في شهر رمضان سنة أربعين ، وصالح الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان ، وسلّم

__________________

١ ـ رسالته في بني أمية ص ٢٩٣.

١٢٨

له الأمر ، وبايعه الناس جميعاً فسمّي عام الجماعة ، واستعمل معاوية المغيرة بن شعبة تلك السنة على الكوفة على صلاتها وحربها ، واستعمل على الخراج عبد الله ابن دراج مولاه )(١) .

وفي الاصابة : ( لما صالح الحسن ، واجتمع عليه الناس ، فسمّي ذلك العام عام الجماعة )(٢) .

وفي البداية والنهاية : ( وذلك سنة أربعين ، فبايعه الأمراء من الجيشين ، واستقل بأعباء الأمّة ، فسمّي ذلك العام عام الجماعة ، لاجتماع الكلمة فيه على رجل واحد )(٣) .

وفي سير أعلام النبلاء : ( وصالح الحسن بن علي معاوية ، وبايعه ، وسمّي عام الجماعة )(٤) .

ذكرنا هنا الصلح بين الإمام الحسنعليه‌السلام ومعاوية ( لعنه الله ) في تأسيس اسم أهل السنّة والجماعة ، وحيث تطرّقنا لذكر الصلح لابدّ أن نذكر نبذة مما ذكره أهل السنّة حول أسباب الصلح ، وأنّه ليس كما يتصوّر البعض أنّ الإمام الحسنعليه‌السلام رضي وبايع لمعاوية كخليفة ، وأنّه مخالف لأخيه الحسينعليه‌السلام إذ الإمام الحسينعليه‌السلام جاهد بني أميّة ، والإمام الحسنعليه‌السلام لم يجاهد ، ولكن الصحيح أنّهما إمامان قاما أو قعدا ، وأنّهما خط الرسالة ، فالإمام الحسينعليه‌السلام دعوه وحمّلوه الحجّة فذهب استجابة لدعوتهم ، فخانوه ولم يف له إلّا القليل ، أمّا

__________________

١ ـ تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج ٨٢ ص ٣٥.

٢ ـ الإصابة لابن حجر ج ٦ ص ١٢٠.

٣ ـ البداية والنهاية لابن كثير ج ٦ ص ٢٤٦.

٤ ـ سير أعلام النبلاء للذهبي ج ٣ ص ١٣٧.

١٢٩

الإمام الحسنعليه‌السلام فقد بيّن أمره في قوله : ( وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حقّ كان لي ، فتركته له ، وإنّما فعلت ذلك لحقن دمائكم ، وتحصين أموالكم )(١) .

نعم ، أنّما أراد الإمام الحسن عليه السلام الإصلاح ؛ لأنّه عرف أنّ معاوية لن يتركه يتولّى ، لهذا رأى أن يشترط عليه شروطاً رآها أنفع لشيعته من الحرب التي كان لابدّ منها لولا تنازلهعليه‌السلام ، وأنا أنقل نصاً حول صلح الإمام الحسنعليه‌السلام عن ترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام لابن عساكر ، وهذا هو النصّ :

أخبرناه أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة السلمي ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت ، و( أخبرنا ) أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، قالا : أنبأنا أبو الحسين محمّد بن الحسين ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن جعفر ، أنبأنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان ، أنبأنا الحجاج ، حدّثني جدي ، عن الزهري قال : ( فكاتب الحسن لما طعن معاوية ، وأرسل يشرط شرطه ، فقال : إن أعطيتني هذا فإنّي سامع مطيع ، وعليك أنّ تفي به. فوقعت صحيفة الحسن في يد معاوية ، وقد أرسل معاوية إلى الحسن بصحيفة بيضاء مختوم على أسفلها ، وكتب إليه أنّ اشترط في هذه ما شئت ، فما اشترطت فهو لك.

فلمّا أتت حسناً جعل يشترط أضعاف الشروط التي سأل معاوية قبل ذلك وأمسكها عنده ، وأمسك معاوية صحيفة الحسن التي كتب إليه يسأله ما

__________________

١ ـ شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار ، ج ٣ص ١٠٥ ، أبي حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي ، تحقيق السيد محمّد الجلالي ، طبع ونشر : مؤسسة النشر الإسلامي.

١٣٠

فيها. فلمّا التقيا وبايعه الحسن ، سأل حسن معاوية أنّ يعطيه الشروط التي اشترط في السجل الذي ختم معاوية على أسفله ، فأبى معاوية أنّ يعطيه ذلك ، وقال : لك ما كنت كتبت إليّ تسألني أنّ أعطيك ، فإنّي قد أعطيتكها حين جاءني. فقال له الحسن : وأنا قد اشترطت عليك حين جاءني سجلّك ، وأعطيتني العهد على الوفاء بما فيه. فاختلفا في ذلك ، فلم ينفّذ [ معاوية ] للحسن من الشرط شيئاً )(١) .

أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله وأبو غالب أحمد بن الحسن وأبو محمّد عبد الله بن محمّد ، قالوا : أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، أنبانا عبد الله ، حدّثني أبي ، أنبأنا محمّد بن أبي عدي ، عن ابن عون ، عن أنس ـ يعني : ابن سيرين ـ قال : ( قال الحسن بن علي يوم كلّمه معاوية : ما بين جابرس وجابلق رجل جدّه نبي غيري ، وإنّي رأيت أنّ أصلح بين أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكنت أحقّهم بذلك ، ألا وإنّا قد بايعنا معاوية ، ولا أدري لعلّه فتنة لكم ومتاع إلى حين ).

__________________

١ ـ أي : لا الشرط المختلف فيه ، ولا المتّفق عليه ، أمّا المختلف فيه فواضح أنّ معاوية لم يف به ولم ينفّذه ، وأمّا الشروط المتّفق عليها الذي لم يف بها معاوية ولم ينفذها فكثيرة ، منها : طرده وكلاء وعمّال الإمام الحسن عن بلدتي ( فسا ) و( دارا بجرد ). ومنها : تخلّفه عن الشرط الذي فيه ( ( عدم ذكر أمير المؤمنين عليه السلام بسوء ) ) ، فسنّ سبّه في جميع الأرجاء الإسلامية ، واستمرت هذه السنّة الإلحادية إلى تمام ملك بني أمية عدا سنوات من ملك عمر بن عبد العزيز ، فإنّه بحسن تدبيره عطّل هذه السنة الظالمة. ومنها : عدوله عن عدم تعرّضه للإمام وشيعته ، وأن لا يبغي لهم الغوائل ، وقد خالف معاوية هذا الشرط فسمّ الإمام الحسنعليه‌السلام وقتل حجر بن عدي والأخيار من أصحابه بالإفك والتزوير والغدر والنفاق. ومنها : أنّ لا يرشّح أحداً للإمارة على المسلمين وقيادتهم.

١٣١

قال : وحدّثني أبي ، نا يحيى بن سعيد ، عن صدقة بن المثني ، حدّثني جدّي أنّ الناس اجتمعوا إلى الحسن بن علي بالمدائن بعد قتل علي ، فخطبهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : ( أما بعد ، إنّ كلّ ما هو آت قريب ، وإنّ أمر الله واقع إذ لا له دافع وإن كره الناس ، وإنّي والله ما أحببت أنّ ألي من أمر أمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ما يزن مثقال حبّة خردل تهراق فيها محجمة من دم ، فقد عقلت ما ينفعني مما يضرّني ، فالحقوا بمطيتكم )(١) .

وهذا الحديث رواه أيضاً المصنّف في ترجمة أبي الأعور السلمي عمرو بن سفيان من تاريخ دمشق ، قال :

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا أبو عمر بن حيويه ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن الفهم ، أنبأنا محمّد بن سعد ، أنبأنا يزيد بن هارون ، أنبأنا حريز بن عثمان ، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي قال : ( لما بايع الحسن بن علي معاوية قال له عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي عمرو بن سفيان : لو أمرت الحسن فصعد المنبر فتكلّم عيي عن المنطق فيزهد فيه الناس ، فقال معاوية : لا تفعلوا ، فوالله لقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يمصّ لسانه وشفته ، ولن يعي لسان مصّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أو شفتان. فأبوا على معاوية فصعد معاوية المنبر ، ثمّ أمر الحسن فصعد ، وأمره أنّ يخبر الناس أنّي قد بايعت معاوية.

فصعد الحسن المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أيّها الناس إنّ الله هداكم

__________________

١ ـ تاريخ مدينة دمشق ١٣ : ٢٧٢ ، ترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام من تاريخ دمشق بتحقيق : محمّد باقر المحمودي : ١٨٧.

١٣٢

بأوّلنا ، وحقن دماءكم بآخرنا ، وإنّي قد أخذت لكم على معاوية أنّ يعدل فيكم وأن يوفّر عليكم غنائمكم ، وأن يقسم فيكم [ فيئكم ].

ثمّ أقبل على معاوية فقال : [ أ ] كذاك؟ قال : نعم. ثمّ هبط من المنبر وهو يقول : ـ ويشير بإصبعه إلى معاوية ـ وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين. فاشتدّ ذلك على معاوية فقالا : لو دعوته فاستنطقته!

فقال : مهلاً. فأبوا فدعوه ، فأجابهم فأقبل عليه عمرو بن العاص ، فقال له الحسن : أمّا أنت فقد اختلف فيك رجلان : رجل من قريش وجزار أهل المدينة فادعياك فلا أدري أيهما أبوك!

وأقبل عليه أبو الأعور السلمي ، فقال له الحسن : ألم يلعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم رعلا وذكوان وعمرو بن سفيان؟! ثمّ أقبل عليه معاوية يعين القوم فقال له الحسن : أما علمت أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لعن قائد الاحزاب وسائقهم وكان أحدهما أبو سفيان ، والآخر أبو الأعور السلمي؟!(١)

حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي ، حدّثنا محمّد بن بشّار بن بندار ، حدّثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي ، حدّثنا عمران بن حدير ـ أظنّه عن أبي مجلز ـ قال : قال عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة لمعاوية : ( إن الحسن بن علي رجل عي ، وإنّ له كلاماً ورأياً ، وإنّا قد علمنا كلامه فيتكلّم كلاماً فلا يجد كلاما [ فمره فليصعد المنبر وليتكلّم ] فقال : لا تفعلوا ، فأبوا عليه. فصعد عمرو المنبر فذكر علياً ووقع فيه ، ثمّ صعد المغيرة بن شعبة [ المنبر ] فحمد الله وأثنى عليه ثمّ وقع

__________________

١ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٦ : ٥٩ ، ترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام من تاريخ دمشق بتحقيق : محمد باقر المحمودي ، هامش ص : ١٩١.

١٣٣

في علي رضي الله عنه! ثمّ قيل للحسن بن علي : أصعد. فقال : لا أصعد ولا أتكلّم حتّى تعطوني إن قلت حقّاً أنّ تصدّقوني وإن قلت باطلاً أنّ تكذّبوني ، فأعطوه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال : بالله يا عمرو وأنت يا مغيرة تعلمان أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : لعن الله السائق والراكب أحدهما فلان؟ [ يعني أبا سفيان ، والآخر معاوية ] قالا : اللهم نعم بلى قال : أنشدك الله يا معاوية ويا مغيرة أتعلمان أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لعن عمرا بكل قافية قالها لعنة؟ قالا : اللهم نعم. قال : أنشدك الله يا عمرو ، وأنت يا معاوية بن أبي سفيان أتعلمان أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لعن قوم هذا؟ قالا : اللهم بلى ، قال الحسن : فإنّي أحمد الله الذي وقعتم فيمن تبرأ من هذا ).

وأيضاً قال الطبراني في الحديث الأخير من الترجمة : حدّثنا محمّد بن عوف السيرافي ، حدّثنا الحسن بن علي الواسطي ، حدّثنا يزيد بن هارون ، حدّثنا حريز ابن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عوف قال : قال عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي لمعاوية : إن الحسن بن علي رضي الله عنه رجل عي! فقال معاوية : لا تقولان ذلك فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قد تفل في فيه ومن تفل رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وسلم ] في فيه فليس بعي فقال الحسن بن علي : أما أنت يا عمرو فإنه تنازع فيك رجلان ، فانظر أيّهما أباك؟! وأمّا أنت يا [ أ ] با الأعور فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لعن رعلاً وذكوانا وعمرو بن سفيان ).

أقول : ورواه ابن عساكر بهذا السند ، وبأسانيد أخر في ترجمة أبي الأعور السلمي من تاريخ دمشق : ج ٤٢ ، ص ٤٥ [ ج ٤٦ ، ص ٥٩ ].

ورواه أيضاً في مجمع الزوائد : ج ٩ ، ص ١٧٨ ، وقال : رواه الطبراني عن

١٣٤

شيخه محمّد بن عون السيرافي ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات.

أقول : لعن رسول الله صلّى الله عليه وآله رعلاً وذكوان وبني لحيان. رواه البخاري بطرق في باب : ( غزوة الرجيع ورعل وذكوان ) من صحيحه : ج ٥ ص ١٣٢. ورواه أيضاً ابن الأثير في ترجمة عاصم بن ثابت من أسد الغابة ، وببالي أنّه مذكور أيضاً في صحيح مسلم )(١) .

وقفه قصيرة مع ما ورد في النصّ السابق :

١ ـ خيانة معاوية العهد المتفق عليه بينهما.

٢ ـ طرده وكلاء وعمّال الإمام الحسن عن بلدتي ( فسا ) و( دارا بجرد ).

٣ ـ اعترافه بسبّ أمير المؤمنين عليه السلام في جميع الأرجاء الإسلامية ، واستمرت هذه السنة الإلحادية إلى تمام ملك بني أمية عدا سنوات من ملك عمر ابن عبد العزيز.

٤ ـ تعرّضه للإمامعليه‌السلام وشيعته.

٥ ـ سمّ الإمام الحسنعليه‌السلام .

٦ ـ قتل حجر بن عدي والأخيار من أصحابه بالإفك والتزوير والغدر والنفاق.

٧ ـ خالف قاعدة الشورى المرتكزة عليها السقيفة بترشيح ابنه الماجن للأمارة على المسلمين وقيادتهم.

٨ ـ قال الحسن بن علي يوم كلّم معاوية : ما بين جابرس وجابلق رجل جده

__________________

١ ـ ترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام لابن عساكر ، هامش : ص ١٩٢.

١٣٥

نبي غيري ، وإنّي رأيت أنّ أصلح بين أمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكنت أحقّهم بذلك.

٩ ـ قول معاوية : لا تفعلوا ، فوالله لقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يمصّ لسانه وشفته ، ولن يعي لسان مصّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

١٠ ـ قول الإمام الحسنعليه‌السلام : أيّها الناس إنّ الله هداكم بأولنا ، وحقن دماءكم بآخرنا ، وإنّي قد أخذت لكم على معاوية أنّ يعدل فيكم ، وأن يوفّر عليكم غنائمكم ، وأن يقسم فيكم [ فيئكم ]. ثمّ أقبل على معاوية فقال : [ أ ] كذاك؟ قال : نعم. ثمّ هبط من المنبر وهو يقول : ـ ويشير بإصبعه إلى معاوية ـ ( وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ).

١١ ـ فاشتدّ ذلك على معاوية فقالا : لو دعوته فاستنطقته ، فقال : مهلاً ، فأبوا فدعوه ، فأجابهم فأقبل عليه عمرو بن العاص ، فقال له الحسن : أمّا أنت فقد اختلف فيك رجلان : رجل من قريش وجزار أهل المدينة فادعياك فلا أدري أيّهما أبوك! وأقبل عليه أبو الأعور السلمي ، فقال له الحسن : ألم يلعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم رعلاً وذكوان وعمرو بن سفيان؟! ثمّ أقبل عليه معاوية يعين القوم ، فقال له الحسن : أما علمت أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لعن قائد الاحزاب وسائقهم وكان أحدهما أبو سفيان ، والآخر أبو الأعور السلمي.

١٢ ـ بالله يا عمرو وأنت يا مغيرة تعلمان أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : لعن الله السائق والراكب أحدهما فلان؟ [ يعني أبا سفيان ، والآخر معاوية ] قالا : اللهم نعم بلى ، قال : أنشدك الله يا معاوية ويا مغيرة أتعلمان أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لعن عمراً بكلّ قافية قالها لعنة؟ قالا : اللهم نعم.

١٣ ـ فقال معاوية : لا تقولان ذلك فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قد

١٣٦

تفل في فيه ومن تفل رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وسلم ] في فيه فليس بعي.

هذه النكات التي هي من كتبهم غنيّة بنفسها عن التعليق.

نعود إلى موضوعنا وهو الكلام حول السنة والجماعة ، مخاطبين كلّ ذي لب بسؤالنا له في من يستحق أن يسمى أهل سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله؟

ونقول في الجواب : ماجاء من كلام الأميرعليه‌السلام عندما سئل صلوات الله عليه مَن أهل السنّة ، ومن أهل الجماعة ، ومن أهل البدعة؟ فقال : ( أمّا أهل السنة فالمستمسكون بما سنّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وان قلوا ، وأما أهل الجماعة فأنا ومن اتّبعني وإن قلّوا ، وأمّا أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله عزّ وجلّ وكتابه ورسوله والعاملون بآرائهم وأهوائهم في دينه ، المبتدعون ما لم يأت عن الله تعالى ولا عن رسوله صلّى الله عليه وآله )(١) .

ولي جواب وصلت إليه بعد طول البحث والتحقيق(٢) وهو : أنّ أهل السنّة والجماعة من كان معتقداً بإمامة إمام زمانه صلوات الله عليه يأخذ عنه ويطيعه كما أمر الله جلّ ذكره ، ولا يموت موتة جاهلية ، إذ من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية كما صحّ عند الفريقين(٣) .

بل هناك جواب من أصدق القائلين بقوله : ( ألاومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد

__________________

١ ـ كنز العمّال ج ١٦ص ١٨٣.

٢ ـ حول قصّة وصولي إلى معرفة أهل البيتعليهم‌السلام راجع كتابي ( وعرفت من هم أهل البيتعليهم‌السلام ).

٣ ـ راجع الكتاب المذكور.

١٣٧

مات على السنّة والجماعة )(١) .

ولنعم ما قال الشاعرفيهم :

لجماعة سمّوا هواهم سنّة

وجماعة حمر لعمري موكفة

قد شبّهوه بخلقه فتخوفوا

شنع الورى فتستروا بالبلكفة(٢)

ونعم ما قال الإمام الشافعي :

ولمّا رأيت الناس قد ذهبت بهم

مذاهبهم في أبحر الغي والجهل

ركبت على اسم الله في سفن النجا

وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل

وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم

كما قد أمرنا بالتمسّك بالحبل

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة

ونيف كما جاء في محكم النقل

ولم يك ناج منهم غير فرقة

فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل

__________________

١ ـ تفسير الكشّاف للزمخشري ج ٤ ص ٢٢٠ ـ ٢٢١ ط بيروت ، و ج ٣ ص ٤٠٣ ط مصطفى محمّد بمصر ، وتفسير الفخر الرازي ج ٧ ص ٤٠٥ ط الدار العامرة بمصر ، نور الأبصار للشبلنجي ص ١٠٤ ـ ١٠٥ ط ـ السعيدية بمصر وص ١٠٣ ط العثمانية بمصر ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي ص ٢٧ و ٢٦٣ و ٣٦٩ ط اسلامبول ، وص ٢٩ و ٣١٤ و ٤٤٤ ط الحيدرية ، فرائد السمطين : ج ٢ ، ص ٢٥٥ ح ٥٢٤.

٢ ـ الكشّاف ، الزمخشري ج ١ ص ٥٣ طبع مصر عند تفسير الآية :( ربّ أرني أنظر اليك ) .

١٣٨

فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل

أفي الفرق الهلاك آل محمّد؟!

أم الفرقة اللاتي نجت منهم قل لي

فإنّ قلت في الناجين فالقول واحد

وإن قلت في الهلاك حفت عن العدل(١)

نوع من البهتان :

إنّ من جملة ادّعاءات شيعة معاوية أنّ شيعة أهل البيتعليهم‌السلام مغالون ، وأنّهم هم أتباع أهل البيتعليهم‌السلام الحقيقيّون!

نقول لهم : إنّ الإنصاف أنّ المسلم الذي يجعل الزهراءعليها‌السلام من أقرب المقرّبين إلى الرسول ، فلو حصل لأولادها وزوجها ماحصل فمن الطبيعي أنّه سيتألّم لما حصل لهم ويغضب ، ويعتقد أنّ ماحصل يغضب الزهراءعليها‌السلام وكل من قرأ التاريخ وجد أنّ الإمام الحسن مات مسموماً على يد معاوية ، فهل من أحبّ معاوية يحبّ الزهراءعليها‌السلام وهو يعلم انه قتل فلذة كبدها ، وذلك سيغضبها ، وغضبها يغضب الله تعالى.

وكذلك بالنسبة لإيذاء زوجها وغصب إرثها فعلى من أنكر مافعل بها أن يراجع التاريخ ، وقد أوردنا في هذا الكتاب ما فيه الكفاية لكلّ منصف وباحث عن الحق ، ومن أراد المزيد فليقرأ ، وسوف يوصله بحثه لليقين الذي لا شك فيه بصحّة ما نقول ، ومن أبى فعليه الدليل ليرضي ضميره ولا يوالي إلّا من والاه الله

__________________

١ ـ رشفة الصادي ص ٢٥.

١٣٩

ورسوله ، ولا يعادي إلّا من ثبت له حقاً أنّه يجب أن يعاديه ، ولا تأخذه هواده بأحد في دين الله تعالى ، ولا يكون رعاع معاع تباع كلّ ناعق ، ولابد من الولاية والبراءة ؛ لأنّ الأمّة في كلّ زمن منقسمة إلى جيش الحسينعليه‌السلام وجيش يزيد لعنه الله ، ولا يجوز التفرّج فلابدّ من الوقوف في أيّ من الصفّين دفاعاَ بلسانه أو قلمه أو يده حسب مايملي له تكليفه الشرعي قدر استطاعته.

ونقول : إنّنا نعتقد نحن الشيعة أنّنا لسنا مغالين ، بل إنّ ما نعتقده في أهل البيتعليهم‌السلام وارد فيهم حقّاً من القرآن الكريم والسنّة الصحيحة ، وأورده العام والخاص ، وأنّ المغالي ماهو إلّا من قال فيهم مالا يستحقّون وبالغ في حقّهم مما ليس في الكتاب الكريم ولا في السنّة الشريفة ، والشيعة تتبرأ من الغلاة وتلعنهم ، وتقول كما جاء في كتبهم المعتبرة أنّهم فرقة ضالّة ، وهم عدّة فرق العلياوية والغرابية والبزيعية والمخمسة ، والخطابية ، وقد أفتى الشيعة بكفرهم ونجاستهم كما في عقائد الإمامية للشيخ المظفر ، وغيره.

وفي المقالات والفرق لسعد الأشعري عرّف الغلاة أنّهم من ألّهوا أهل البيت ، وأنّ الشيعة منهم براء.

والشيعة لا تقول في أهل البيتعليهم‌السلام إلّا ما أوردته كتب الحديث الشريف والتاريخ الإسلامي ، كما أثبتوا ذلك بالأدلّة القاطعة.

ومن البهتان العظيم قول البعض : إنّ شيعة أهل البيت هم الذين قتلوهم!! كما يردد ذلك في بعض الكتب والإنترنيت وغيرها ، وخاصّة في كتاب ( لله ثمّ

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383