ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة5%

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 383

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة
  • البداية
  • السابق
  • 383 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 74568 / تحميل: 5870
الحجم الحجم الحجم
ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

السلام ، وهل الحسنان وفاطمة يدّعون التقدّم على علي؟ بل الكلام في تفضيل علي على أبي بكر وعمر وعثمان ، وقد أثبتنا من الصحاح والمسانيد والتفاسير المعتبرة أنّ علياًعليه‌السلام لا يقاس به أحد من الصحابة ، فهو أفضلهم مطلقاً.

نعم ، هناك حديث في السيرة الحلبية بلا سند ، يضيف عمر بن الخطّاب وعائشة وحفصة ، وأنّهما خرجتا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للمباهلة(١) .

وفي كتاب تاريخ المدينة المنوّرة لابن شبّه أنّه كان مع هؤلاء ناس من الصحابة(٢) .

وفي رواية في ترجمة عثمان بن عفان من تاريخ ابن عساكر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج ومعه علي وفاطمة والحسنان وأبو بكر وولده وعمر وولده وعثمان وولده(٣) .

والجواب :

إنّ هذه الروايات التي تضيف غير الخمسة أهل الكساء عليهم السلام باطلة لعدّة أسباب ، منها :

١ ـ إنّها مقابل ما ذكرنا من الكتب المشهورة المعتبرة ، بل الصحيحة عند أهل السنّة ، كما نقلنا نبذة منها ، ومنها صحيح مسلم ومسند أحمد ، ولم يضيفوا أحد مع الخمسة أهل الكساءعليهم‌السلام فهل يتّهم الحنابلة إمامهم أو من يدّعون عصمة الصحاح يتّهمونها بالزيادة أو النقصان؟! إذن لذهبت حرمتها ، ولم يعد عليها اعتماد بينهم.

__________________

١ ـ السيرة الحلبية ٣ : ٢٣٦.

٢ ـ تايخ المدينة المنوّرة ١ : ٥٨١.

٣ ـ ترجمة عثمان من تاريخ مدينة دمشق : ١٦٨.

٢٤١

٢ ـ إنّ الروايات التي أضافت غير الخمسةعليهم‌السلام روايات آحاد.

٣ ـ إنّ الروايات التي اضافت غير الخمسةعليهم‌السلام روايات متضاربة فيما بينها ، فبعضها يقول : عمر بن الخطّاب وعائشة وحفصة ، وبعضها يقول : ناساً من الصحابة ، وبعضها يقول أبا بكر وولده ، وعمر وولده ، وعثمان وولده ، وهكذا.

٤ ـ إنّ الروايات التي أضافت غير الخمسةعليهم‌السلام روايات انفرد رواتها بها ، وليست من الروايات المتّفق عليها ، وبعضها ليس لها أسانيد ، وبعضها أسانيدها ضعيفة.

وأمّا من فسّرها في علي وفاطمة وابنيهما فقد نقلنا من النصوص من الصحاح والمسانيد ما يوجب عدم الشك في ذلك.

سؤال وهو : لماذا اختار الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هؤلاء بالذات؟ وما هي الفضيلة في ذلك؟

والجواب :

هذه الآية تشير إلى فضائل ، منها :

١ ـ إنّ أهل بيت الرسولعليهم‌السلام أحبّ خلق الله عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولذا يقول البيضاوي في تفسيره : ( أي : يدع كلّ منّا ومنكم نفسه ، وأعزّ أهله ، وألصقهم بقلبه إلى المباهلة )(١) .

٢ ـ إنّ أمر المباهلة أمر حسّاس وخطير ، ويحتاج إلى دعاء ، فاختيار النبيّ صلى الله عليه وآله هؤلاء لأمر المباهلة بنفسه يدلّ على أفضليتهم.

__________________

١ ـ تفسير البيضاوي ٢ : ٤٦.

٢٤٢

٣ ـ حتّى نصارى نجران أدركوا وجود هذه الفضيلة فيهم ؛ فلذا انصرفوا عن المباهلة ، وقال أسقفهم : ( إنّي لأرى وجوهاً لو طلبوا من الله سبحانه وتعالى أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله )(١) .

٤ ـ هذه الآية تدلّ على وجود فضيلة خاصّة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو أنّه أفضل من جميع الأنبياء إلّا النبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وذلك بمقتضى كونه نفس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

١ ـ تفسير البيضاوي ٢ : ٤٧.

٢٤٣

الدليل الثالث عشر : آية التطهير

نصّ ما جاء في صحيح مسلم :

حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمّد بن عبد الله بن نمير ( واللفظ لأبي بكر ) قالا : حدّثنا محمّد بن بشر ، عن زكرياء ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبه قالت : قالت عائشة : خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن على فأدخله ، ثمّ جاء الحسين فدخل معه ، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها ، ثمّ جاء علي فأدخله ، ثمّ قال إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً )(١) .

نصّ ما جاء في مسند أحمد بن حنبل :

حدّثنا عبد الله ، حدثنى أبي ، ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، ثنا عبد الحميد يعني : ابن بهرام ، قال : حدّثني شهر بن حوشب ، قال : ( سمعت أم سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم حين جاء نعي الحسين بن علي لعنت أهل العراق فقالت : قتلوه قتلهم الله ، غرّوه وذلّوه لعنهم الله(٢) ، فإنّى رأيت رسول الله صلّى الله

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٧ : ١٣٠ ، باب فضائل أهل بيت النبي عليهم السلام.

٢ ـ ملاحظة هامّة : بعض أهل الأغراض يقول : إنّ الشيعة هم الذين قتلوا الحسين عليه السلام ولكنّا نقول : إنّ من قتله يصبح عدّوه ؛ لأنّه خرج عن اسم شيعته ، فالشيعي من أحبّ وتابع وناصر ، فإذا خذل وقتل صار عدّواً له ، وهذا يفهمه كلّ عاقل.

٢٤٤

عليه وسلّم جاءته فاطمة غديّة ببرمة قد صنعت له فيها عصيدةً تحمله في طبق لها حتّى وضعتها بين يديه ، فقال لها : أين ابن عمّك؟ قالت : هو في البيت ، قال : فاذهبي فادعيه وائتني بابنيه ، قالت : فجاءت تقود ابنيها كلّ واحد منهما بيد وعلي يمشي في إثرهما حتّى دخلوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأجلسهما في حجره ، وجلس علي عن يمينه ، وجلست فاطمة عن يساره ، قالت أم سلمة : فاجتبذب من تحتي كساء خيبرياً كان بساطاً لنا على المنامة في المدينة فلفّه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم عليهم جميعاً فأخذ بشماله طرفي الكساء وألوى بيده اليمنى إلى ربّه عزّ وجلّ. قال : اللهم أهلى أذهب عنهم الرجس وطهرّهم تطهيراً ، اللهم أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرّهم تطهيراً اللهم أهل بيتى أذهب عنهم الرجس وطهرّهم تطهيراً ، قلت : يا رسول الله ، ألست من أهلك؟ قال : بلى ، فادخلي في الكساء ، قالت : فدخلت في الكساء بعدما قضى دعاءه لابن عمّه علي وابنيه وابنته فاطمة رضي الله عنهم(١) .

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، ثنا سفيان ، عن زبيد ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم جلل على علي وحسن وحسين وفاطمة كساء ، ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرّهم تطهيراً ، فقالت أم سلمة : يارسول الله ، أنا منهم؟ قال : إنّك إلى خير )(٢) .

وفي مسند أحمد أيضاً :

__________________

١ ـ مسند أحمد ٦ : ٢٩٨.

٢ ـ مسند أحمد ٦ : ٣٠٤.

٢٤٥

( وقعوا في رجل قال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله أبداً يحبّ الله ورسوله قال : فاستشرف لها من استشرف ، قال : أين علي؟ قالوا : هو في الرحل يطحن ، قال وما كان أحدكم ليطحن. قال : فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر ، قال : فنفث في عينيه ، ثمّ هزّ الراية ثلاثاً ، فأعطاها إياه ، فجاء بصفية بنت حيي ، قال : ثمّ بعث فلاناً بسورة التوبة ، فبعث علياً خلفه ، فأخذها منه ، قال : لا يذهب بها إلّا رجل منّي وأنا منه ، قال : وقال لبني عمّه : أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة ، قال وعلي معه جالس فأبوا ، فقال علي : أنا أواليك في الدنيا والآخرة ، قال : أنت وليي في الدنيا والآخرة ، قال : فتركه ، ثمّ أقبل على رجل منهم ، فقال : أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا قال : فقال علي : أنا أواليك في الدنيا والآخرة ، فقال : أنت وليي في الدنيا والآخرة ، قال : وكان أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة ، قال : وأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين ، فقال : إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ) ، وقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أنت وليي في كلّ مؤمن بعدي )(١) .

وفي مسند أحمد أيضاً :

حدّثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا أسود بن عامر ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أنس بن مالك : ( أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر فيقول : الصلاة يا أهل البيت ، إنّما يريد الله

__________________

١ ـ مسند أحمد : ج ١ ، ص ٣٣١.

٢٤٦

ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً )(١) .

وفي مسند أحمد أيضاً :

حدّثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا محمّد بن مصعب ، قال : ثنا الأوزاعي ، عن شداد أبي عمار ، قال : ( دخلت على واثلة بن الاسقع وعنده قوم فذكروا علياً ، فلمّا قاموا ، قال لي : ألا أخبرك بما رأيت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قلت بلى ، قال : أتيت فاطمة رضي الله تعالى عنها أسألها عن علي ، قالت : توجّه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فجلست أنتظره حتّى جاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه علي وحسن وحسين رضي الله تعالى عنهم ، آخذ كلّ واحد منهما بيده حتّى دخل ، فأدنى علياً وفاطمة فأجلسهما بين يديه ، وأجلس حسناً وحسيناً كلّ واحد منهما على فخذه ، ثمّ لفّ عليهم ثوبه أو قال : كساء ، ثمّ تلا هذه الآية( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ) ، وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتى وأهل بيتى أحق )(٢) .

ملاحظات هامة في النصوص :

١ ـ إنّ عائشة الراوية للحديث ـ كما ذكر مسلم ـ لم تدع أنّها من أهل الكساءعليهم‌السلام وهي المعروفة بذكر فضائل نفسها ، فلا يمكن أن تغفل عن ذلك لولا أنّها متأكّده أنّها ليست ممن طهّروا تطهيراً.

٢ ـ ما أكثر ما يكررون لفظ ( فلان ) عندما لا يريدون ذكر من يزعمون تقديسه ، ولكن نسو أنّهم في أماكن أخرى يذكرون هذا الفلان باسمه ، كما في

__________________

١ ـ مسند أحمد : ج ٣ ، ص ٢٥٩ ، و٢٨٥.

٢ ـ مسند أحمد : ج ٤ ، ص ١٠٧.

٢٤٧

مسند أحمد قال : ( ثمّ بعث فلاناً بسورة التوبة ، فبعث علياً خلفه ، فأخذها منه ، قال : لا يذهب بها إلّا رجل منّي وأنا منه ).

٣ ـ قال : لا يذهب بها إلّا رجل منّي وأنا منه ، ( ففلان ليس من النبي ، ولا هو منه ، ولم يؤتمنه على تحمّل مسؤولية إبلاغ سورة ، فكيف بأمَّة )؟!

٤ ـ وقعوا في رجل قال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله أبداً يحبّ الله ورسوله ) قال : فاستشرف لها من استشرف ، قال : ( أين على ).

٥ ـ قال : فنفث في عينيه ، ( وهذا دليل على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستشفى بريقه ).

٦ ـ قال : أنت وليي في الدنيا والآخرة. ( راجع لفظ ( ولي ) و( مولى ) في حديث الغدير ).

٧ ـ إنّه لا ينبغي أنّ أذهب إلّا وأنت خليفتي ، ( فكيف يذهب عن الدنيا بلا خليفة )؟!

٨ ـ كان أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة ، قال : من الناس ، ولم يقل من الصبيان.

٩ ـ أنت وليّ في كلّ مؤمن بعدي. ( بعدي وليس الرابع ).

١٠ ـ أكثر طرق الحديث عن أم سلمة ، وأنّها أرادت الدخول مع الخمسةعليهم‌السلام تحت الكساء ، وقالت : أنا منهم؟ قال : إنّك إلى خير.

١١ ـ كان يمرّ ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر ، فيقول : الصلاة يا أهل البيت ، إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً.

٢٤٨

( لماذا كان يمرّ؟ الجواب واضح إنّه يريد أن يُعرّف للملاء من هم أهل بيته ).

١٢ ـ يوجد الحديث في صحيح مسلم ومسند أحمد ، ويوجد في تفسير الطبري ، وأسباب النزول ، وغيرها(١) ، وبألفاظ متعددة والمصب والمضمون واحد ، وهو نزولها في الخمسةعليهم‌السلام ، وأنّها دالة على عصمتهم.

__________________

١ ـ صحيح مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل أهل بيت النبي ج ٢ / ٣٦٨ ط عيسى الحلبي ، و ج ١٥ / ١٩٤ ط مصر بشرح النووي ، صحيح الترمذي ج ٥ / ٣٠ ح ٣٢٥٨ ، و ج ٥ / ٣٢٨ ح ٣٨٧٥ ط دار الفكر ، و ج ٢ / ٢٠٩ و ٣٠٨ و ٣١٩ ط بولاق ، مسند أحمد بن حنبل ج ١ / ٣٣٠ ط الميمنية بمصر ، و ج ٥ / ٢٥ ط دار المعارف بمصر بسند صحيح ، وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج ٢ / ١١ ـ ٩٢ ، حديث ٦٣٧ و ٦٣٨ و ٦٣٩ و ٦٤٠ و ط ١ بيروت ، وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ٤ ط التقدم العلمية بمصر ، وص ٨ ط بيروت ، وص ٤٩ ط الحيدرية ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٣٧٦ ط الحيدرية ، وص ١٣ و ٢٢٧ و ٢٣٠ وصححه و ٢٣١ و ٢٣٢ ط الغري ، أسباب النزول للواحدي ص ٢٠٣ ط الحلبي بمصر ، تفسير الطبري ج ٢٢ / ٦ و ٧ و ٨ الطبعة الثانية ، طبعة الحلبي بمصر ، أحكام القرآن للجصاص ج ٥ / ٢٣٠ ط عبد الرحمن محمّد ، وص ٤٤٣ ط القاهرة ، مصابيح السنة للبغوي الشافعي ج ٢ / ٢٧٨ ط محمّد علي صبيح ، و ج ٢ / ٢٠٤ ط الخشاب ، الكشاف للزمخشري ج ١ / ١٩٣ ط مصطفى محمّد ، و ج ١ / ٣٦٩ ط بيروت ، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج ١ / ١٩ و ٢٠ ط دار الكتب في النجف ، وص ٨ ط طهران ، أحكام القرآن لابن عربي ج ٢ / ١٦٦ ط مصر ، تفسير القرطبي ج ١٤ ص ١٨٢ ط١ بالقاهرة ، تفسير ابن كثير ج ٣ / ٤٨٣ ـ ٤٨٥ الطبعة الثانية بمصر ، الإصابة لابن حجر الشافعي ج ٢ / ٥٠٢ و ج ٤ / ٣٦٧ ط مصطفى محمّد ، و ج ٢ / ٥٠٩ و ج ٤ / ٣٧٨ ط السعادة بمصر ، الاتقان في علوم القرآن للسيوطي ج ٤ / ٢٤٠ ، مطبعة المشهد الحسيني بمصر ، الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص ٨٥ و ١٣٧ ط الميمنية بمصر ، وص ١٤١ و ٢٢٧ ط المحمّدية بمصر ، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج ٣ / ٣٢٩ و ٣٣٠ ، المطبعة البهية بمصر ، و ج ٣ / ٣٦٥ ط محمّد علي صبيح بمصر.

٢٤٩

نعم ، إنّ العصمة لا تعني الجبر على ترك الذنب ، بل إنّ المعصومينعليهم‌السلام انكشفت لهم الحقائق ، فهم يرونها رأي العين ، فمثلاً : المسلم العاقل لا يمكن ان يخرج إلى الشارع عريان ؛ لأنّه يعلم بقبح ذلك شرعاً وعقلاً.

والمعصومونعليهم‌السلام يرون قبح أدنى خطأ ذنباً كبيراً ؛ لهذا تنزهوا عن فعل الذنوب كبيرها وصغيرها بشهادة القرآن الكريم والسنة الصحيحة ؛ ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر فاطمةعليها‌السلام بأنّ تأتي هي وزوجها وولداها ، ولم يأمرها بأن تدعو أحداً غير هؤلاء ، وكان له أقرباء كثيرون ، وأزواجه في البيت عنده ، بل لم يأذن لأم سلمة أنّ تدخل معهم تحت الكساء ، كما روته أم سلمة نفسها ، فالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عندما لم يأذن لأم سلمة أنّ تدخل معهم تحت الكساء دليل على أنّ لهذه القضية شأن ومقام يختص بمن هم ورثته على أمّته ، وهم : الإمام علي والحسن والحسينعليهم‌السلام وأم الأئمة البتول الزهراءعليها‌السلام فقط ، ولا عبرة لمن قال : إنّها نازلة في نسائه كالضحاك وعكرمة وأمثالهما ، ونبطل قول من قال : إنّها في نسائه بحجّة إنّها في سياق آيات تتحدث عن نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بما يلي :

١ ـ إنّها تعارض ما روته الصحاح والسنن والمسانيد عن ابن عباس ، وجابر ابن عبد الله ، وعن زيد بن أرقم ، وأم سلمة ، وعائشة وغيرهم : أنّها نزلت في الخمسة أهل الكساءعليهم‌السلام فقط وفقط ، وبيّنوا من هم أهل الكساءعليهم‌السلام .

٢ ـ إنّ أم سلمة وعائشة من جملة القائلين باختصاص الآية المباركة بالخمسة أهل الكساءعليهم‌السلام ، وإنّهن لسن منهم.

٣ ـ وممن قال إنّها في نساء النبي : عكرمة ، وقوله هذا غير منقول عن أحد من الصحابة ، وهو كان من دعاة الخوارج كما قال الذهبي ، وقد نصّ كثير من أئمّة القوم على أنّه كان كذّاباً.

٢٥٠

٤ ـ اعتراف ابن تيمية ـ الذي من عادته تكذيب الواضحات في فضل أهل البيتعليهم‌السلام ـ بنزول الآية في أهل البيت واختصاصها بهم(١) .

٥ ـ لا أحد يدّعي العصمة لزوجات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والآية صريحة بالعصمة ؛ لأنّ الله تعالى طهرهم من الرجس كلّه كبيره وصغيره ، إذ التطهير مطلق غير مقيّد ، ونساء النبي ورد في الصحاح وغيرها الكثير من أعمالهن غير الصالحة ، بل آيات تؤنّبهن ، كما في قوله عزّ من قائل :( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) (٢) ، وقوله تعالى :( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارا ) (٣) ،( إِنْ تَتُوبَا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فإنّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) (٤) .

فهذه الآيات أمر إلهي بأن لا يخرجن للقتال ونحوه ، وتهديدهما بالطلاق ووصفهما بالمؤامرة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغير ذلك مما هو ثابت ، ولا ينكره المخالف ، وإنّما المخالف يحاول تبرير ما اقترفاه من موبقات كالجمل وسفك الدماء وأنهما ندما على ما فعلاه ، وحتّى لو فرضنا صحّة الندم ، فهل الندم يكفّر عن ذنب قتل سبعة عشر ألف ممّن قتلوا في معركة الجمل المعروفة ، مضافاً الى ألف من أصحاب الإمامعليه‌السلام ؟! كما جاء في نهج البلاغة للامام عليعليه‌السلام ما

__________________

١ ـ الفتاوي الكبرى ، ابن تيمية ج ٣ص ١٥٤.

٢ ـ الأحزاب (٣٣) : ٣٣.

٣ ـ التحريم (٦٦) : ٥.

٤ ـ التحريم (٦٦) : ٤.

٢٥١

هذا نصّه : ( كنتم جند المرأة ، وأتباع البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم ، أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق ، والمقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه ، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربّه كأنّي بمسجدكم كجؤجؤ سفينة قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها وغرق من في ضمنها ). ويقول محمّد عبده في شرحه : ( ومجمل القصّة أنّ طلحة والزبير بعد ما بايعا أمير المؤمنين فارقاه في المدينة وأتيا مكّة مغاضبين ، فالتقيا بعائشة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فسألتهما الأخبار ، فقالا : إنّا تحمّلنا هرباً من غوغاء العرب بالمدينة ، وفارقنا قومنا حيارى لا يعرفون حقّاً ولا ينكرون باطلاً ولا يمنعون أنفسهم ، فقالت : ننهض إلى هذه الغوغاء أو نأتي الشام. فقال أحد الحاضرين : لا حاجة لكم في الشام قد كفاكم أمرها معاوية فلنأت البصرة فإنّ لأهلها هوى مع طلحة ، فعزموا على المسير ، وجهّزهم يعلى بن منبه ، وكان والياً لعثمان على اليمن ، وعزله علي كرّم الله وجهه ، وأعطى للسيّدة عائشة جملاً اسمه عسكر ، ونادى مناديها في الناس بطلب ثأر عثمان ، فاجتمع نحو ثلاثة آلاف ، فسارت فيهم إلى البصرة ، وبلغ الخبر علياً ، فأوسع لهم النصيحة وحذّرهم الفتنة ، فلم ينجح النصح ، فتجهّز لهم وأدركهم بالبصرة ، وبعد محاولات كثيرة منه يبغي بها حقن الدماء نشبت الحرب بين الفريقين واشتّد القتال ، وكان الجمل يعسوب البصريين قتل دونه خلق كثير من الفئتين ، وأخذ خطامه سبعون قرشياً ما نجا منهم أحد ، وانتهت الموقعة بنصر علي كرّم الله وجهه بعد عقر الجمل. وفيها قتل طلحة

٢٥٢

والزبير ، وقتل سبعة عشر ألفاً من أصحاب الجمل ، وكانوا ثلاثين ألفاً. وقتل من أصحاب علي ألف وسبعون )(١) .

فمن المسؤول عن قتل هؤلاء الذين كانوا يشهدون الشهادتين؟!

وقد تنّبأ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بمعركة الجمل كما قال في معجم البلدان : وقال أبو منصور : الحوأب : موضع بئر نبحت كلابه على عائشة عند مقبلها إلى البصرة

وفي الحديث : إنّ عائشة لما أرادت المضي إلى البصرة في وقعة الجمل مرّت بهذا الموضع فسمعت نباح الكلاب فقالت : ما هذا الموضع؟ فقيل لها : هذا موضع يقال له : الحوأب : فقالت : إنّا لله ما أراني إلّا صاحبة القصّة!! فقيل لها : وأيّ قصة؟ قالت : سمعت رسول الله يقول ـ وعنده نساؤه ـ : ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب سائرة إلى الشرق في كتيبة!! وهمّت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها أنّه ليس بالحوأب )(٢) .

وروى أحمد بن حنبل عن قيس قال : ( لما أقبلت عائشة وبلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب. قالت : أيّ ماء هذا؟ قالوا : ماء الحوأب ، قالت : ما أظنني إلّا أنّي راجعة فقال بعض من كان معها : بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم. قالت : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لها ذات يوم : كيف بإحداكّن تنبح عليها كلاب الحوأب )(٣) .

__________________

١ ـ نهج البلاغة مع شرح محمّد عبده ١ : ٤٤.

٢ ـ مجمع البلدان ٢ : ٣١٤.

٣ ـ مسند أحمد بن حنبل ج ٦ ص ٥٢.

٢٥٣

وفي الطبقات الكبرى لابن سعد : ( حدّثنا أحمد بن محمّد بن الوليد الأزرقي المكي ، حدّثنا مسلم بن خالد ، حدّثني زياد بن سعد ، عن محمّد بن المنكدر ، عن عائشة قالت : ( ياليتني كنت نباتاً من نبات الأرض ولم أكن شيئاً مذكوراً )(١) ، وعن عمارة بن عمير قال : ( كانت عائشة إذا قرأت هذه الآية :( وقرن في بيوتكن ) بكت حتّى تبل خمارها )(٢) .

لكن السؤال هو : هل يبرر ذنب قتل الصحابة أنّ عائشة خدعوها بأنّها ليس هذا المكان هو الحوأب؟! وعلى فرض صحّة ذلك ، فهي تعرف من هو علي ومنزلته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتعرف أنّه مع الحق والحق معه ، ومن نازعه فهو على باطل كائناً من كان.

وإن فرضنا صحّة توبتها فهي لمّا أقدمت على حرب أمير المؤمنين تعرف من هو علي ، وماذا قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتعلم انه سيكون قتلى فهل ينفع الندم لو صح( إنّما التوبة على الله للذين يعملون السؤ بجهالة ثمّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيما * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حتّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ) (٣) .

فهل تقاس من تمنّت أنّها لم تكن شيئاً مذكوراً بمن قال عندما ضُرب : ( فزت ورب الكعبة )؟!

فالنفس المطمئنة ترجع إلى ربها راضية مرضية ، وأمّا غير المطمئنة فهي تندم

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى ٨ : ٧٦

٢ ـ الطبقات الكبرى ٨ : ٨١.

٣ ـ النساء (٤) : ١٧ ـ ١٨.

٢٥٤

على ما قدّمت وتتمنّى أن تكون تراباً.

ومما أوردت الصحاح من معضلات عائشة وحفصة قصة احتيالهن أو تظاهرهن كما وصفه القرآن الكريم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونزول الآية فيهما :( إِِنْ تَتُوبَا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فإنّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) (١) .

فجاء في صحيح البخاري :

حدّثنا سفيان ، حدّثنا يحيى بن سعيد ، قال : سمعت عبيد بن حنين ، يقول : سمعت ابن عباس يقول :

( أردت أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمكثت سنة فلم أجد له موضعاً حتّى خرجت معه حاجّاً ، فلمّا كنّا بظهران ذهب عمر لحاجته ، فقال : أدركني بالوضوء ، فأدركته بالإداوة ، فجعلت أسكب عليه ، ورأيت موضعاً ، فقلت : يا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا ، قال ابن عباس : فما أتممت كلامي حتّى قال عائشة وحفصة )(٢) .

وفي صحيح مسلم :

( ونزلت هذه الآية آية التخيير( عسى ربّه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكنّ ) ( وإن تظاهرا عليه فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ) ، وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على

__________________

١ ـ التحريم (٦٦) : ٤.

٢ ـ صحيح البخاري ٦ : ٧١.

٢٥٥

سائر نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم )(١) .

قصّة المؤامرة على أطهر خلق الله :

إنّ القصّة جاء بها القرآن فلا مجال للتشكيك فيها ، وذكرت الصحاح من هي المرأتان اللتان تظاهرتا ، وإنّما الاختلاف في من هي المرأة التي حسدنها ، فالبعض قال : حسدن زينب ؛ لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله شرب عندها عسل ، وأخرى حسد لأم سلمة ، وأخرى : لمارية ، والمهم أنّ الروايات كلّها تتضمّن حسدهما ، وغيرتهما ، والقصّة طويلة لم أذكرها مراعاة للاختصار ، فراجع الصحاح إن شئت(٢) .

وروى الطبري في تفسيره بسنده عن ابن عباس قوله تعالى :( إِنْ تَتُوبَا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فإنّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) ، قال :( صغت قلوبكما ) قد أثمت قلوبكما.

وعن مجاهد أنّ ابن عباس يقرأ : قد زاغت قلوبكما ، وهكذا عن سفيان.

وعن عبيد الله قال : إنّ الضحاك يقول :( صغت قلوبكما ) أي : مالت قلوبكما(٣) .

__________________

١ ـ صحيح مسلم ج ٤ص ١٨٩.

٢ ـ أنظر : صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، باب سورة التحريم ج ٦ / ٦٨ أفست دار الفكر ط استانبول ، و ج ٦ / ١٩٤ ط ١ الفجالة و ج ٣ / الميمنية بمصر ، سنن النسائي ج ٦ / ١٥١ و ج ٧ / ٧١ أفست على ط حيدر آباد ، صحيح مسلم ج ٤ص ١٨٩ ، دار الفكر بيروت ، وصحيح الترمذي ج ٢ص ٢٣١ط بولاق مصر ، ومسند أحمد : ١ / ٣٣ وتفسير الكشاف : ٤١٢٧ وغيرها ، وذكره أكثر المفسّرين في تفسير قوله تعالى :( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ) .

٣ ـ جامع البيان للطبري٢٨ : ٢٠٥.

٢٥٦

وقال الزمخشري : ( وفي طي هذين التمثيلين ـ يعني : بامراة نوح ولوط ـ تعريض بأمي المؤمنين المذكورين في أوّل السورة ، وما فرط منهما من التظاهر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما كرهه ، وتحذيره لهما على أغلظ وجه وأشدّه ، لما في التمثيل من ذكر الكفر ، ونحوه في التغلظ قوله تعالى :( ومن كفر فإنّ الله غني عن العالمين ) ، إشارة إلى أنّ من حقّهما أن تكونا في الإخلاص والكمال فيه كمثل هاتين المؤمنتين ، وان لا تتكلا على أنّهما زوجا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّ ذلك الفضل لا ينفعهما إلّا مع كونهما مخلصتين )(١) .

وللإمام عليعليه‌السلام فضيلة عظيمة في طي هذا التوبيخ لقائدة معركة الجمل ، وهي أنّ الله عزّ وجلّ وصفه بأنّه صالح المؤمنين ، وان الله جلّ جلاله وجبرئيل وعلي كافيين لمناصرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إن تظاهرتا عليه كما في تفسير الآلوسي :

( لما نزل قوله تعالى :( وإن تظاهرا عليه فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ) ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : صالح المؤمنين علي ابن أبي طالب ، فلمّا أخبر الله فيما أنزله على رسوله أنّ ناصره هو الله وجبريل وعلي ، ثبتت صفة الناصرية لعلي فأثبتها النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم اقتداء بالقرآن الكريم في إثبات هذه الصفة له )(٢) .

ومما جاء عن أخلاق عائشة عن عائشة نفسها قالت : ( كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتّى يذكر خديجة فيحسن الثناء

__________________

١ ـ الكشاف ، الزمخشري ، ذيل الآيات ١ ـ ٥ من سورة التحريم ، ونحوه في التفسير الكبير للرازي.

٢ ـ مطالب السؤول : ٩٨.

٢٥٧

عليها ، فذكرها يوماً من الأيام ، فأدركتني الغيرة ، فقلت : هل كانت إلّا عجوزاً فقد أبدلك الله خيراً منها ، فغضب(١) ، ثمّ قال : لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدّقتني إذ كذّبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء ، قالت عائشة : فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبداً(٢) .

وعن عائشة قالت : ( استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك ، وقال : اللهم هالة ، فغرت ، فقلت : ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر(٣) ، وأبدلك الله خيراً منها(٤) .

__________________

١ ـ هناك روايات كثيرة تقول : إن من أغضب رسول الله ٥ فقد أغضب الله ، ومن أغضب الله دخل النار.

٢ ـ أخرجه البخاري في باب غيرة النساء ووجدهن في أواخر كتاب النكاح ج ٣ص ١٧٥ ، ونحوه فيه أيضاً ج ٤ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ و ج ٦ ص ١٥٨ و ج ٧ / ٧٦ ط دار الفكر ، الاستيعاب لابن عبد البر المالكي مطبوع بهامش الإصابة ج ٤ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧ ، مسند أحمد بن حنبل ج ٦ / ١١٧ ط الميمنية بمصر ، الإصابة لابن حجر ج ٤ / ٢٨٣ ، أسد الغابة لابن الأثير ج ٥ / ٤٣٨. صحيح الترمذي ج ٥ / ٣٦٦ ح ٣٩٧٧ و ٣٩٧٨ ، سنن ابن ماجة ج ١ / ٦٤٣ ح ١٩٩٧ ، صحيح مسلم ج ٢ / ٣٧٠ ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص ٣٣٩ ح ٣٨٩ ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٣٥٨ و ٣٥٩ ط الحيدرية وص ٢١٣ ـ ٢١٤ ط الغري ، تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي ص ٣٠٣ ، نور الأبصار للشبلنجي ص ٤٠ ط العثمانية وص ٣٨ ط السعيدية بمصر.

٣ ـ هنا عائشة ارتكبت غيبة وبهتان على خديجة ، وارتكبت الكبر والغروربنفسها ، وتبيّنت عظمة خديجة في قلب رسول الله٥ ، وهذا كلّه في مصادر موثوقة عند شيعة عائشة.

٤ ـ صحيح البخاري ٤ : ٢٣١ ، باب تزويج النبي٥ خديجة وفضلها.

٢٥٨

وفي رواية عن عائشة قالت : ( كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا ذبح الشاة يقول : أرسلوا إلى أصدقاء خديجة. قالت عائشة : فذكرت له يوماً ، فقال : إنّي لأحب حبيبها )(١) .

ومن أخلاقها حسدها وغيرتها من أسماء بنت النعمان ومليكة بنت كعب وغيرهما ، فمثلاً : دخلت عائشة على مليكة ، فقالت لها : أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك ، فاستعاذت من رسول الله فطلقها(٢) .

ومن أخلاقها أنّها كانت تحدّث الرجال بما جرى بينها وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مما يقبح ذكره ، كالتقبيل(٣) ، ومص اللسان(٤) ، ونحو ذلك.

وبعد كلّ هذا فيأتي علماء السنة ويقولوا : إنّ أحبّ نساء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليه عائشة.

وأنا أعتقد أن ليس كلّ ما في الصحاح صحيح ، ولكن أهل السنّة تقول ذلك.

فنقول لهم : إمّا أن تقبلوا أنّ كلّ ما جاء فيها عن عائشة وأبيها وحفصة وأبيها و ، صحيح أوينقض عصمة الصحاح ، ويعترف أنّ فيها روايات مدسوسة دسّت لأهداف سياسية ، أهمّها طمس فضائل أهل البيتعليهم‌السلام ، ودسّ فضائل لمن أخذوا الخلافة وهي ليست لهم ، ومن أراد أن يعرف ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من كلام بذيء فليراجع الصحاح ففيها

__________________

١ ـ الإصابة ٨ : ١٠٣.

٢ ـ الطبقات الكبرى ٨ : ١٤٨.

٣ ـ مسند أحمد ٦ : ١٣٤.

٤ ـ مسند أحمد ٦ : ٢٣٤.

٢٥٩

العجب العجاب(١) ، فهل يقال إنّ عائشة وحفصة من أهل الكساء المطهّرين من الرجس تطهيراً بعدما أثبتنا كلّ هذه عنهما؟! وبعد إثبات عدم اجازة الرسول لأحد حتّى أم سلمة سلام الله عليها التي روت القصّة ، والآية نزلت في بيتها ولم تقل آيات ، يعني : أنّها ليست آيات ، بل آية فقط ، ولم يجيز لهاصلى‌الله‌عليه‌وآله أن تدخل معهم تحت الكساء ؛ لأنّه يعلم الهدف الذي لأجله أدخلهم تحت الكساء ؛ ذلك ولأجل أن لا يكون معهم غيرهم ، حتّى لا تثبت هذه الفضيلة العظيمة لغير الداخلين تحت الكساء.

إذن ثبت أنّ الآية إنّما وضعت في سياق آيات نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حسب ترتيب القرآن الكريم ، ولكنها نزلت وحدها كما تكرر عن أم سلمة ( رضي الله عنها ) ، ( نزلت الآية في بيتي ) كما في مسند أحمد وغيره ، ولم تقل : الآيات ، فهي ليست في سياق الآيات عند النزول ، وإنّما وضعت في سياقها في الترتيب ، كما في الروايات التي ذكرنا أنّها نزلت وحدها في الخمسة أهل الكساء صلوات الله عليهم أجمعين ، ولم يجز الرسول لأم سلمة الدخول معهم ، وللآية قرائن كثيرة تدلّ على عصمة الخمسة أهل الكساءعليهم‌السلام ، منها : ما بيّناه ومنها : ما سنبينه إن شاء الله تعالى.

٦ ـ ما روي عن سعد بن أبي وقاص : ( أنّ معاويه أمر سعداً فقال : ما

__________________

١ ـ صحيح مسلم ج ٤ص ٢١٦٨ تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي ، ومسند أحمد ج ٦ص ١١١ ـ ١١٥ ، وصحيح النسائي ، باب الغيرة ط مصر ، والموطاء لمالك ، كتاب صلاة الليل ، باب ما جاء في صلاة الليل ، وسنن ابن ماجه ج ١ص ١٩٩ ، كتاب الطهارة ، باب وجوب الغسل ، وسنن الدارقطني ، باب القبلة ، ومسند الإمام الشافعي ص ٩٣ ط الهند ، وسنن أبي داود ج ١ ص ٧٢٦ ، ط دار الجنان ، بيروت ، والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ٢٣٣و٢٣٤ ، وسنن الدارمي ج ١ص ١٩٧ ، باب المباشرة للصائم.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383