الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها)

الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها)23%

الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها) مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 254

  • البداية
  • السابق
  • 254 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38991 / تحميل: 6122
الحجم الحجم الحجم
الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها)

الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها)

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الاشتمال على مزيد ضبط الرواة(١) .

وعرفه المحقق الداماد بأنه هو ما تتابع فيه رجال الإسناد عند روايته على قول كسمعت فلانا يقول: سمعت فلانا... أو أخبرنا فلان والله، قال: أخبرنا فلان والله، إلى آخر الإسناد(٢) .

وذكر أكثر من خمسة عشر نحوا من أنحاء تتابع الرواة عند رواية الحديث.

على أن هذين السندين عن فاطمةعليها‌السلام مسلسلان من وجه آخر وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها، فهو رواية خمس بنات أخ، كل واحدة منهن عن عمتها.

هذا وهناك روايات أخرى كانت السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام في أسنادها وبعضها مسلسلة على النحو المتقدم.

وخلاصة القول أن هذه السيدة الجليلة نالت قسطا وافرا من العلم والمعرفة، قد تلقته من معدنه الصافي، وأخذته من منبعه العذب، حتى غدت ذات شأن ومقام وإن لم يصلنا منه إلا النزر اليسير.

المكانة الاجتماعية والشأن الرفيع:

لما كان أهل البيتعليهم‌السلام يمثلون الفطرة السليمة في أنقى حالاتها، والفضيلة في أجلى معانيها، وقد اجتمعت فيهم الكمالات البشرية

____________________

(١) أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق ص ٣٥٣.

(٢) الرواشح السماوية - الراشحة السابعة والثلاثون - ص ١٥٧ - ١٦١.

٨١

المختلفة، وأحاطتهم العناية الإلهية في جميع أحوالهم وشؤونهم، وتقرر أن الإنسان بطبعه عاشق للكمال والفضيلة، فمن الطبيعي جدا أن تهفو القلوب نحوهم، وتميل النفوس إليهم، من دون سائر البشر.

وقد ورد في الروايات أن ذلك دعوة إبراهيمعليه‌السلام ، فقد جاء في تفسير قوله تعالى:( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) (١) أن المراد هم أهل البيتعليهم‌السلام قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : والأفئدة من الناس تهوي إلينا، وذلك دعوة إبراهيمعليه‌السلام (٢) .

وقال الإمام الباقرعليه‌السلام : فنحن والله دعوة إبراهيمعليه‌السلام التي من هوانا قلبه قبلت حجته، وإلا فلا(٣) .

نعم قد تتلوث بعض النفوس ويتكدر صفاؤها نتيجة لعوامل متعددة فتضل الطريق، ولكن تبقى في أعماقها ميالة إليهم راغبة فيهم، وإن كانت في ظاهر الأمر ضدهم، وهذا ما قد كشف عنه الفرزدق الشاعر المشهور، حين لقيه الحسينعليه‌السلام وهو في طريقه إلى كربلاء، وسأله عن الناس خلفه، فقال له: قلوب الناس معك وأسيافهم عليك(٤)

وأما أولئك الذين انحرفت ذواتهم وخبثت أصولهم فهم في طريق آخر، ولذلك وردت عدة روايات تؤكد هذه الحقيقة، منها: ما روي عن

____________________

(١) سورة إبراهيم الآية ٣٧.

(٢) تفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٥٥١.

(٣) الروضة من الكافي - الحديث ٤٨٥ ص ٣١١ - ٣١٢.

(٤) الإرشاد ج ٢ ص ٦٧.

٨٢

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: من فارق عليا فقد فارقني، ومن فارقني فقد فارق الله عز وجل(١) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي لولاك لما عرف المؤمنون بعدي(٢) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يخاطب عليا -: ما سلكت طريقا ولا فجا إلا سلك الشيطان غير طريقك وفجك(٣) .

وجاء في التفسير عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: إن أبانا إبراهيم صلوات الله عليه كان فيما اشترط على ربه أن قال:( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) (٤) أما إنه لم يعن الناس كلهم، أنتم أولئك ونظراؤكم، وإنما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو مثل الشعرة السوداء في الثور الأبيض(٥) .

وغيرها من الشواهد الكثيرة. وقد تقدم في الحديث المروي عن السيدة فاطمةعليها‌السلام أن حب عليعليه‌السلام عنوان طيب الولادة.

والحقيقة الثابتة أن أهل البيتعليهم‌السلام حيث جمعوا الفضائل والمناقب والكمالات كانت لهم السيادة على النفوس. والمحبة في القلوب، واحتلوا موقع الصدارة بين الناس من دون فرق بين رجالهم ونسائهم، فكان رجالهم خير الرجال، ونساؤهم خير النساء، وعلى هذا فلا شك أن تكون للسيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام منزلتها الخاصة، ومكانتها

____________________

(١) بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٢٦.

(٢) بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٢٦.

(٣) بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٢٧.

(٤) سورة إبراهيم الآية ٣٧.

(٥) تفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٥٥١.

٨٣

العالية، ولذا كان لها عند الله شأن من الشأن فضلا عن شأنها عند الناس.

وقد كان لهاعليها‌السلام بأخيها الإمام الرضاعليه‌السلام صلة خاصة قل نظيرها كما كشفت عنها الروايات والأحداث وسيأتي منها ما يدل على ذلك.

وإن من أهم أسباب بلوغها هذا المقام الشامخ علمها ومعرفتها بمقام الإمامة والإمام، وقد كان إمام زمانها شقيقها الإمام الرضاعليه‌السلام ، الذي تولى تربيتها فعلى يديه نشأت، وعنه أخذت، وتحت إشرافه ونظره ترعرعت، وبأخلاقه وآدابه سمت وتكاملت.

ولذا تميزت الصلة بينهما بحيث أصبحت تعرف نفسها بأنها أخت الرضاعليه‌السلام كما سيأتي.

وهما وإن كانا ينحدران من أب واحد وأم واحدة وذلك أحد أسباب شدة الصلة بينهما إلا أن السبب الأقوى والأتم هو علمها بمقام أخيها وإمامته، إذ أن الرابطة النسبية تصبح - حينئذ - عاملا ثانويا بالقياس إلى العلم والمعرفة.

هذا، وقد نوه الأئمةعليهم‌السلام بمكانتها ومنزلتها قبل ولادتها، وبعد أن ولدت وتوفيت.

روي عن عدة من أهل الري أنهم دخلوا على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وقالوا: نحن من أهل الري، فقالعليه‌السلام : مرحبا بإخواننا من أهل قم، فقالوا: نحن من أهل الري، فأعاد الكلام، قالوا ذلك مرارا وأجابهم بمثل ما أجاب به أولا، فقالعليه‌السلام : إن لله حرما وهو مكة، وإن لرسول الله حرما وهو المدينة، وإن لأمير المؤمنين حرما وهو الكوفة، وإن لنا حرما وهو

٨٤

بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة.

قال الراوي: وكان هذا الكلام منهعليه‌السلام قبل أن يولد الكاظم(١) .

وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : ألا إن لله حرما وهو مكة، ألا إن لرسول الله حرما وهو المدينة، ألا إن لأمير المؤمنين حرما وهو الكوفة، ألا إن حرمي وحرم ولدي بعدي قم، إلا إن قم الكوفة الصغيرة، ألا إن للجنة ثمانية أبواب، ثلاثة منها إلى قم، تقبض فيها امرأة من ولدي، واسمها فاطمة بنت موسى، تدخل بشفاعتها شيعتنا الجنة بأجمعهم(٢) .

وفي رواية أن الإمام الرضاعليه‌السلام قال لسعد الأشعري القمي: يا سعد عندكم لنا قبر، قلت له: جعلت فداك قبر فاطمة بنت موسىعليه‌السلام ، قال:

نعم، من زارها عارفا بحقها فله الجنة(٣) .

وروى الصدوق في العيون بسنده عن سعد بن سعد قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن زيارة فاطمة بنت موسى بن جعفرعليهم‌السلام ، فقال:

من زارها فله الجنة(٤) .

وروى ابن قولويه في كامل الزيارات بسنده عن الإمام الجوادعليه‌السلام

____________________

(١) تاريخ قم (فارسي) ص ٢١٥ وبحار الأنوار ج ٦٠ ص ٢١٦ - ٢١٧.

(٢) بحار الأنوار ج ٦٠ ص ٢٢٨.

(٣) بحار الأنوار ج ١٠٢ ص ٢٦٥.

(٤) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٦٧.

٨٥

أنه قال: من زار قبر عمتي بقم فله الجنة(١) .

وغيرها من الروايات حتى قال المحدث القمي: والروايات بهذا المضمون كثيرة(٢) .

وسيأتي الحديث عن زيارتها، وإنما ذكرنا هذه الروايات في المقام لبيان ما لها من منزلة عند الأئمةعليهم‌السلام حيث أشاد ثلاثة من المعصومينعليهم‌السلام بذلك.

لماذا لم تتزوج السيدة المعصومة؟

ثم إن هناك أمرا لا بد من البحث حوله وله صلة وثيقة بما نحن فيه، إذ له مدخلية في مكانتها الاجتماعية، ومنزلتها بين الناس، ذلكم هو عدم زواج السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام .

والمستفاد من جملة الروايات أن بنات الإمام الكاظمعليه‌السلام وعددهن إحدى وعشرون بنتا لم تتزوج منهن واحدة.

ونقل المحدث القمي عن تاريخ قم ما حاصله: أن هذا كان سائرا في بنات الرضائية(٣) .

وهذا أمر مثير للتساؤل، ولا سيما مع ملاحظة ما ورد عن أهل

____________________

(١) كامل الزيارات باب ١٠٦ فضل زيارة فاطمة بنت موسى بن جعفرعليهم‌السلام بقم الحديث ٢ ص ٥٣٦.

(٢) منتهى الآمال ج ٢ ص ٣٨٠.

(٣) منتهى الآمال ج ٢ ص ٣٨٠ - ٣٨١.

٨٦

البيتعليهم‌السلام من الحث على التناكح والترغيب فيه، وأن به إكمال ثلث الدين أو نصفه أو ثلثيه، فيا ترى ما هي الأسباب المانعة عن هذا الأمر في حق بنات الإمام الكاظمعليه‌السلام ؟

وينبغي أن نؤكد قبل كل شئ على أن عدم اقتران واحدة من بنات الإمام الكاظمعليه‌السلام بزوج - ولا سيما السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام - لم يكن عن عيب مانع في الخلق أو الخلق، وقد مر علينا أنها كانت جليلة القدر ذات شأن عظيم، ومنزلة كبيرة، على أن هذا الأمر لم تنفرد به وحدها من دون سائر أخواتها، فلا بد أن يكون المانع أمرا آخر، وهذا ما نسعى للبحث حوله بمقدار ما يسعفنا به ما ورد حول هذه القضية من الروايات.

ومن الضروري أن نلتفت قبل ذلك إلى أن هذا الأمر يعد من الشؤون الخاصة التي هي أشبه شئ بالأسرار العائلية والأسرية كغيرها من الخصوصيات التي لا تكون معرضا عاما لعامة الناس لإبداء أنظارهم وآرائهم فيها، وإنما ساغ للباحث أن يتناول بعض الشؤون بالدراسة والتحليل لأن أهل البيتعليهم‌السلام يمثلون القدوة الصالحة التي ترشد الإنسان إلى طريق الحق والهداية، وقد صدرت الأوامر الإلهية والنبوية بالاقتداء بهم، والسير على خطاهم، واقتفاء آثارهم، فإنهم لا يخرجون الناس من باب هدى ولا يدخلونهم في باب ضلالة.

ولعل السبب في قلة الروايات الواردة في هذا الشأن خصوصية هذه القضية، وأنها لا تعني سائر الناس وكونها من شؤونهمعليهم‌السلام الخاصة

٨٧

بهم دون سواهم، كما لعله أيضا لعدم اهتمام المؤرخين بهذه الناحية، كما أشرنا إلى ذلك فيما تقدم.

ولكن لما كان في هذه القضية معصوم فلا بد أن يكون الفعل معصوما موافقا لمقتضى الحكمة، وعلى طبق الموازين الإلهية سواء حالفنا التوفيق فأدركنا السبب أو أخفقنا فلم ندركه.

ثم إنه بدراسة الواقع الاجتماعي والسياسي والظروف المحيطة بأهل البيتعليهم‌السلام آنذاك قد نتمكن من إعطاء صورة تقريبية عن الأسباب الكامنة وراء هذه القضية فنقول:

أولاً: إن نظرة سريعة إلى تاريخ حياة الإمام الكاظمعليه‌السلام تدل على أن تلك الفترة كانت تتسم بالتوتر والتوجس والرهبة والخوف، فبرغم ما عاناه الإمام الصادقعليه‌السلام من حكام بني العباس وقد فرضوا عليه الحصار وتشددوا في عزله عن شيعته، وحاولوا بشتى الوسائل اصطناع شخصيات علمية مناوئة، للحيلولة دون انتشار فكر أهل البيتعليهم‌السلام ، وبرغم حملات الإبادة التي تعرض لها العلويون من قتل وسجن وتشريد. وهم - العباسيون - وإن نجحوا إلى حد ما في تفتيت البنية الظاهرية لمذهب أهل البيتعليهم‌السلام وألجئ الأئمةعليهم‌السلام إلى التقية في كثير من أحوالهم وشؤونهم على ما هو مذكور في كتب الفقه إلا أن فكر أهل البيتعليهم‌السلام بقي حيا زاخرا بالعطاء، الأمر الذي يدل دلالة قاطعة على أن العناية الإلهية تحوطه وترعاه، ويأبى الله إلا أن يتم نوره. فقد

٨٨

كان الإمام الصادقعليه‌السلام على تمام الحيطة والحذر، يحبط كثيرا من مخططاتهم بأساليبه الحكيمة، حتى إذا استشهد الإمام الصادقعليه‌السلام وقع الاضطراب الشديد في صفوف الشيعة، وقد ذكرنا في مطلع هذا البحث شيئا من ذلك، ومما زاد الأوضاع وخامة ظهور الدعاوى الكاذبة التي ساعدت على زيادة ضغط السلطة على كل من ينتمي لأهل البيتعليهم‌السلام في الفكر والعقيدة. وكادت معالم التشيع أن تنطمس لولا ظهور الإمام الكاظمعليه‌السلام في الوقت المناسب مع حراجة الظروف وخطورتها.

فكانت الفترة التي عاشها الإمام الكاظمعليه‌السلام من أشد الفترات صعوبة، ولا سيما في عهد الرشيد العباسي الذي كان على معرفة بأن الإمام الكاظمعليه‌السلام هو صاحب الحق الشرعي، وأن الشيعة لا ترضى بغيره بدلا.

وإن أشد ما يقض مضجع الحاكم ويؤرق حياته أن يرى أحدا ينافسه على السلطان، فهو إذ ذاك لا يقر له قرار، ولا يهنأ له عيش، ولا يشعر بالأمان حتى يفتك بخصمه أيا كان.

ولم يدر هؤلاء الحكام أن سلطان أهل البيتعليهم‌السلام إنما هو على القلوب والأرواح، فما عهد عن أحد من أئمة أهل البيتعليهم‌السلام أنه سعى للسلطة وتولي الحكم أو حمل سلاحا أو نظم جيشا ليقلب نظاما على صاحبه أيا كان، حتى أن أمير المؤمنينعليه‌السلام مع أنه كان الإمام والحاكم

٨٩

وقد نصبه النبي خليفة على الأمة لم يطمع في الولاية يوم استأثر بها القوم، وحملوه على قبول ولايتهم قسرا، واعتزلهم وما يفعلون، ولما قتل عثمان جاؤوا يسعون إليه وبايعوه عن طواعية واختيار، وسعى أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يسوسهم بالعدل والحكمة، ويسير فيهم بسيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويحملهم على المحجة البيضاء، فلم يرق لهم ذلك، فنقضوا بيعته، وحاربوه، وكان أول من نقض البيعة وأول من حاربه هو أول من بايعه ونادى بخلافته.

إن أولئك الحكام يحسبون أئمة أهل البيتعليهم‌السلام كأنفسهم، حيث يجد الحكام أنفسهم ذوي أطماع في الحكم والسلطان، وإن أشادوا حكمهم على أشلاء الضحايا وبنوا قصورهم على أجساد الأبرياء، وسقوا أساس ملكهم بدماء المظلومين.

وعلى أي حال فقد كان عصر الإمام الكاظمعليه‌السلام عصر خوف واضطراب، وقد أحكمت السلطة قبضتها على زمام الأمر فأخمدت الأنفاس، وكتمت الأصوات، وسفكت الدماء، وضاقت السجون وتفرق الرجال.

ولم يكن الذي يجري إلا على أهل البيت وشيعتهم وفي طليعة أهل البيتعليهم‌السلام الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام .

ولك أن تتصور حالات الذعر والفزع والاضطراب التي مني بها أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم، رجالا ونساء وعلى مختلف الأصعدة.

٩٠

ونحن إذ نستفظع ما نقرأ، ونرتاع لما نتلوا من صحف صبغها المجرمون بدماء المظلومين، فما ظنك بمن قاسى أهوال المآسي وفوادح الخطوب.

والناس آنذاك إزاء ما يجري على أهل البيتعليهم‌السلام بين من أصبح آلة في أيدي الظالمين يحققون به أغراضهم، ويتوصلون به إلى أهدافهم، ويحقق بهم مطامعه، وبين من أرعبه الخوف والهلع، فانطوى على نفسه، وتوارى وراء التقية خوفا على نفسه وعرضه وماله، وبين من لا يعنيه من الأمر شئ فلم يبال بما يجري من أحداث.

ثانياً: إن مما تقرر في مذهب أهل البيتعليهم‌السلام أن العصمة الخاصة - في هذه الأمة - منحصرة في النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والصديقة الزهراءعليها‌السلام والأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام دون سواهم، وقد قامت الأدلة العقلية والنقلية على ذلك، مما هو مبثوث في الكتب الكلامية، وقد أحلنا القارئ العزيز على بعض المصادر فيما تقدم.

ولئن استفيد من بعض الأدلة أو القرائن عصمة بعض الأفراد من أهل البيتعليهم‌السلام كأبي الفضل العباس، وعلي الأكبر، والسيدة زينب بنت أمير المؤمنين، والسيدة فاطمة المعصومةعليهم‌السلام ، فليس المراد بعصمة هؤلاء هي تلك العصمة الخاصة اللازمة، وإنما المراد أنهم بلغوا مرتبة عالية من الكمال لم ينلها سائر الناس. على ما بيناه فيما سبق.

وعلى هذا فما عدا هؤلاء من سائر أفراد أهل البيتعليهم‌السلام ليسوا

٩١

بمعصومين بمعنى أنه لا يصدر عنهم خطأ أو اشتباه عن تعمد كان أو عن سهو، وإن نالوا شرف الأصل والنسبة، إذ ليس من البعيد أن يصدر من بعضهم ما لا يليق صدوره من مثلهم من الهفوات الأخطاء الكبيرة أو الصغيرة التي عانى منها الأئمةعليهم‌السلام في كثير من القضايا والأمور.

وقد عانى الإمام الكاظمعليه‌السلام من بعض إخوانه كما عانى آباؤه من بعض بني عمومته من قبل، وهكذا بقية الأئمةعليهم‌السلام على ما تكفلت ببيانه الروايات وكتب التراجم.

ولولا أن الأئمةعليهم‌السلام كانوا يعالجون هذه القضايا بالحكمة، ورحابة الصدر، وبعد النظر، والصبر والتحمل لكان للصورة وجه آخر، وقد وعدنا بعدم الخوض في تفاصيل ذلك، ونكتفي بهذه الإشارة.

وهذا هو أحد الامتيازات والفوارق بين المعصوم وغيره، وإن كان هذا الغير - ينحدر في نسبه - من أهل البيتعليهم‌السلام .

وثالثاً: إن حكومة بني العباس في نظر الأئمةعليهم‌السلام لم تكن حكومة شرعية، ولم تحظ بالتأييد والمساندة منهمعليهم‌السلام ، بل كانوا يظهرون لبعض خواصهم ممن له علاقة بالسلطة الحاكمة عدم مشروعية العمل للحكام والتحذير من الدخول في ولاياتهم، أو السعي في قضاء حوائجهم، وإن كان العمل بحسب الظاهر في نفسه بعيدا عن جرائمهم ومخازيهم، ويرى الإمامعليه‌السلام أن إسداء أي خدمة لهم مهما كانت، مشاركة لهم في الجريمة، كما يكشف عن ذلك الحوار الذي جرى بين

٩٢

الإمام الكاظمعليه‌السلام وبين صفوان بن مهران الجمال، الذي روى ما جرى فقال: دخلت على أبي الحسن الأولعليه‌السلام ، فقال لي: يا صفوان كل شئ منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا، قلت: جعلت فداك أي شئ؟!

قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل - يعني هارون - قلت: والله ما أكريته أشرا، ولا بطرا، ولا للصيد، ولا للهو، ولكني أكريته لهذا الطريق - يعني طريق مكة - ولا أتولاه، ولكن أبعث معه غلماني، فقال لي: يا صفوان أيقع كراك عليهم؟ قلت: نعم جعلت فداك، فقال لي: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراك؟ قلت: نعم، قال: فمن أحب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم ورد النار، فقال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون، فدعاني، وقال: يا صفوان بلغني أنك بعت جمالك، قلت: نعم، فقال: لم؟ قلت: أنا شيخ كبير، وإن الغلمان لا يفون بالأعمال، فقال: هيهات، إني لأعلم من أشار عليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر، قلت: مالي ولموسى بن جعفر، فقال: دع هذا عنك، فوا الله لولا حسن صحبتك لقتلتك(١) .

إن هذا الموقف الصارم وأمثاله من الإمامعليه‌السلام لا يدع مجالا للحاكم أن يشعر بالاستقرار، إذ يرى أن الخطر يتهدد سلطانه، ويزعزع أركان وجوده، وينذره بالزوال.

وهذه السلبية التي أنتهجها الإمامعليه‌السلام إزاء حكومة هارون الرشيد

____________________

(١) معجم رجال الحديث ج ١٠ ص ١٣٣.

٩٣

أظهرت كثيرا من الحقائق الخفية على الناس، وجعلت الحاكم يزداد في تماديه وضلاله، فيرتكب من الجرائم ما هو أبشع، ومن المنكرات ما هو أفظع، ويظهر حقيقته التي كان يسترها وراء بعض المظاهر الدينية التي قد ينخدع بها بعض من قصرت بصيرته عن إدراك الحقيقة، فقد ظن صفوان أن عمله مشروع، لأنه يكري جماله في طريق الحج، وهو أمر منفصل لا علاقة له بما يمارسه هارون الرشيد من اللهو واللعب والمحرمات، ولكن الإمامعليه‌السلام أوقفه على الحقيقة، وبين له أن البصير ينبغي أن لا ينخدع بمظهر زائف، وأن لا يكون مطية يحقق بها الظالم أغراضه.

وقد تنبه لذلك فاتخذ إجراءا حاسما، فباع جماله وتخلى عن مهنته، وأدرك هارون الرشيد السر وراء ذلك، ولولا شفاعة حسن صحبة صفوان لكان في عداد الضحايا.

ولا شك أن هذه الحادثة وأمثالها تركت هارون الرشيد يتميز من الغيظ، ويبحث عن أساليب أخرى يكيد بها الإمامعليه‌السلام .

وأما إذنهعليه‌السلام لعلي بن يقطين في تولي منصب الوزارة لهارون الرشيد ورغبتهعليه‌السلام في بقائه في الوزارة فليس ذلك نقضا لهذا الموقف، وذلك لأن الوزارة منصب عام يرتبط بعامة الناس، وله صلاحيات واسعة يستطيع علي بن يقطين من خلالها أن يؤدي خدمات كبيرة للشيعة على مختلف طبقاتهم ودفع الأخطار عنهم، ومع أن هذا

٩٤

المنصب حساس جدا وقد استأذن ابن يقطين الإمامعليه‌السلام في الاستعفاء من هذا المنصب، إلا أن الإمامعليه‌السلام رغب في بقائه لحماية الشيعة(١) ، وتكفل له بالرعاية والتسديد في مواطن الخطر. وقد أنقذه الإمامعليه‌السلام في مواضع كثيرة كاد أن يتورط فيها علي بن يقطين، على أنه كان من الجلالة والاستقامة والمعرفة بالحق ما يؤمن منه الانحراف أو تلتبس عليه الأمور.

وأما صفوان بن مهران فلم يكن عمله بهذه المثابة، بل كان خدمة خالصة لهارون الرشيد والجهاز الحاكم، وليس فيها إلا التأييد والمساندة لحكومة بني العباس، من دون أن يكون فيها نفع يذكر لغيرهم، ولذلك لم يمنعه الإمامعليه‌السلام من التخلي عن هذا العمل في حين أمر ابن يقطين بالبقاء، فلا تنافي بين الأمرين.

رابعاً: إن من أهم الركائز التي اعتمدت عليها سياسة الحكام منذ اليوم الذي استولوا فيه على مقام الزعامة واغتصبوا فيه منصب الخلافة، هو السعي لإبقاء أصحاب الحق الشرعي في عوز وفاقة، كسرا لشوكتهم وتقليصا لشأنهم، وحدا من قدراتهم وإمكانياتهم، وإظهارهم للناس بأنهم ليسوا ممن يطمع فيهم، أو يرغب في صحبتهم أو حملهم على الاستجداء والخنوع.

ومن المعلوم أن الناس أبناء الدنيا وعبيد الدرهم والدينار، إلا ما قل

____________________

(١) معجم رجال الحديث ج ١٣ ص ٢٤٢ - ٢٥٢.

٩٥

وندر، وكان ذلك أحد العوامل التي ساهمت في انحسار أغلب الناس وتخليهم عنهم بل والتنكر لهمعليهم‌السلام .

وقد اتخذ الحكام عدة إجراءات للحيلولة دون تمكن أهل البيتعليهم‌السلام من الإنفاق بما يتناسب مع شأنهم فصادروا فدكا(١) من أصحابها ومنعوهم الحق الشرعي الذي افترضه الله على عباده بنص القرآن وهو الخمس، ومنعوهم عطاءاتهم، واستولوا على بعض ممتلكاتهم، واستمرت هذه السياسة جارية في بني أمية وبني العباس، حتى بلغ الأمر أنه إذا ما تناهى إلى أسماعهم أن أحدا أعطى خمسه للإمامعليه‌السلام فإنهم ينكلون به أشد التنكيل، وكانت الرصد والعيون التي جندها الحكام على الأئمةعليهم‌السلام ترقب عليهم كل تصرف.

وكان قسم كبير من تلك الأموال التي استولى عليها الظالمون غصبا وعدوانا يبذل لأولئك الذين يتزلفون للحكام من الشعراء الذين اتخذوا من هجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعترته ذريعة لنيل الأموال والحصول عليها، كأبان بن عبد الحميد، ومروان بن أبي حفصة، وأضرابهما ممن طبع على قلوبهم وباع دينه بدنياه(٢) .

وأما القسم الآخر - من الأموال - فكان يبذل على الفسوق والفجور، والفساد، مما حفلت بذكره كتب التاريخ(٣) .

____________________

(١) بحار الأنوار ج ٢٩ ص ١٨٣ - ٢١٣.

(٢) حياة الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام ج ٢ ص ٧٥ - ٨١.

(٣) حياة الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام ج ٢ ص ٢٦ - ٥٤.

٩٦

وبقيت الأمة ولا سيما أهل البيتعليهم‌السلام يرزحون تحت وطأة القهر والحرمان.

وقد اعترف هارون الرشيد بذلك، كما جاء في حواره مع ولده المأمون لما اعترض على أبيه لقلة ما أعطى الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام في حين أنه ضمن له أن يعطيه الكثير.

قال المأمون: يا أمير المؤمنين تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش وبني هاشم، ومن لا يعرف نسبه خمسة آلاف دينار وتعطي موسى بن جعفر وقد أعظمته وأجللته مائتي دينار أخس عطية أعطيتها أحدا من الناس، فثار هارون وصاح في وجهه قائلا: اسكت لا أم لك، فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت آمنه أن يضرب وجهي بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم...(١) .

وخامساً: إنه برغم ما كان يمارسه حكام بني العباس من سياسة البطش والقهر، والحرمان والإبادة والتشريد، إلا أن الأئمةعليهم‌السلام ما كانوا ليتنازلون عن منصب الإمامة والولاية، فإنها حق إلهي لهم من دون سائر الناس بل كانوا يقفون مواقف التحدي للحكام ويمارسون دورهم في حدود ما تسمح به الظروف المحيطة بهم وبشيعتهم، وكان الإمام السابق ينص على إمامة اللاحق في جمع من خواص الشيعة،

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ١ ص ٩٢.

٩٧

ويؤكدون على ذلك بين حين وآخر، ويبينون لشيعتهم الأحكام والمعارف وإن كانت على خلاف ما عليه الحكام وأذنابهم.

وبعبارة أخرى: كان الأئمةعليهم‌السلام وشيعتهم في معزل عن السلطة في الفكر والعقيدة والسلوك على نحو الاستقلال التام، مع علمهم بأن الحكام لهم ولشيعتهم بالمرصاد.

ونستفيد ذلك من المواقف الصريحة التي يواجه الإمامعليه‌السلام بها رأس السلطة الحاكمة.

فقد ذكر الرواة أن هارون سأل الإمامعليه‌السلام عن فدك ليرجعها إليه، فأبى الإمامعليه‌السلام أن يأخذها إلا بحدودها، فقال الرشيد: ما حدودها؟

فقالعليه‌السلام : إن حددتها لم تردها. فأصر هارون عليه أن يبينها له قائلا:

بحق جدك إلا فعلت. ولم يجد الإمام بدا من إجابته فقال له: أما الحد الأول فعدن، فلما سمع الرشيد ذلك تغير وجهه، واستمر الإمامعليه‌السلام في بيانه قائلا: والحد الثاني سمرقند، والحد الثالث إفريقيا، والحد الرابع سيف البحر مما يلي الجزر وأرمينية، فثار الرشيد وقال: لم يبق لنا شئ، فقالعليه‌السلام : قد علمت أنك لا تردها(١) .

وفي هذا الحوار موقف الإمام الصريح وبيان أحقيته بالخلافة، ومن الطبيعي أن يترك ذلك الحوار أثرا في نفس هارون حيث يرى نفسه غاصبا ليس له من الأمر شئ.

____________________

(١) بحار الأنوار ج ٤٨ ص ١٤٤.

٩٨

ونظير هذا الموقف موقف آخر للإمامعليه‌السلام مع هارون لما أرادعليه‌السلام أن يبين شدة صلته وقربه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد سأله هارون: لم قلت: إنك أقرب إلى رسول الله منا؟ فقالعليه‌السلام : لو بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيا، وخطب منك كريمتك هل كنت تجيبه إلى ذلك؟ فقال هارون:

سبحان الله! وكنت أفتخر بذلك على العرب والعجم.

فقالعليه‌السلام : لكنه لا يخطب مني ولا أزوجه لأنه والدنا لا والدكم، فلذلك نحن أقرب إليه منكم، ثم قالعليه‌السلام : هل كان يجوز له أن يدخل على حرمك وهن مكشفات فقال هارون: لا، فقال الإمام: لكن له أن يدخل على حرمي، ويجوز له ذلك، فلذلك نحن أقرب إليه منكم(١) .

وقد اعترف هارون بأحقية الإمامعليه‌السلام حين أخذته هيبة الإمامعليه‌السلام ولم ير بدا من إظهار احترامه وإجلاله، الأمر الذي أثار ابنه المأمون فدفعه للسؤال قائلا: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي عظمته، وقمت من مجلسك إليه، فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟ فقال هارون: هذا إمام الناس وحجة الله على خلقه، وخليفته على عباده، قال المأمون: يا أمير المؤمنين أو ليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟ فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنه لأحق بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مني ومن الخلق جميعا، ووالله لو

____________________

(١) حياة الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام ج ٢ ص ٤٥٧.

٩٩

نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فإن الملك عقيم(١) .

وهكذا كان الأئمةعليهم‌السلام مع الحكام في كل عصر من عصورهم، فلم يكن أحد من الأئمةعليهم‌السلام ليتخلى عن منصب الإمامة مهما كانت الظروف، ولئن لم يتمكن الأئمةعليهم‌السلام من ممارسة أدوارهم في الظاهر إلا أنهم قاموا بوظيفتهم في الواقع، وإذا كان ثمة تقصير فهو من الناس حيث ضلوا الطريق فتاهوا، لا من الأئمةعليهم‌السلام ، وقد فاز بذلك شيعة أهل البيتعليهم‌السلام فساروا في ركاب أئمتهم، وركبوا في سفينتهم والعاقبة للمتقين.

ولا شك أن هذا الموقف الصارم من الأئمةعليهم‌السلام في مسألة الإمامة يجعل ردة الفعل من قبل الحكام عنيفة جدا، بحيث تصبح حياة الأئمةعليهم‌السلام وشيعتهم مهددة بالأخطار ولا ينافي ذلك أمر التقية، لأنها إنما تسوغ في بعض المواطن وليس هذا منها.

وبعد هذا كله نقول: جاء في وصية الإمام الكاظمعليه‌السلام لابنه الإمام الرضاعليه‌السلام بما يتعلق بهذا الموضوع أنهعليه‌السلام قال: وإني قد أوصيت إلى علي وبني بعد معه، إن شاء وآنس منهم رشدا، وأحب أن يقرهم فذاك له، ولا أمر لهم معه... وإلى علي أمر نسائي دونهم... وإن أراد رجل منهم أن يزوج أخته فليس له أن يزوجها إلا بإذنه وأمره، فإنه أعرف بمناكح قومه،... وأمهات أولادي من أقامت منهن في منزلها وحجابها

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ١ ص ٩١.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

فكذلك في أجود المذهبين، وأجاز قوم أن تكون غير محضة على حكاية الحال، و (رسلا) مفعول ثان، و (أولى) بدل من رسل أو نعت له ويجوز أن يكون جاعل بمعنى خالق، فيكون رسلا حالا مقدرة، و (مثنى) نعت لاجنحة، وقد ذكر الكلام في هذه الصفات المعدولة في أول النساء، و (يزيد في الخلق) مستأنف.

قوله تعالى (مايفتح الله) " ما " شرطية في موضع نصب بيفتح، و (من رحمة) تبيين لما.

قوله تعالى (من خالق غير الله) يقرأ بالرفع، وفيه وجهان: أحدهما هو صفة لخالق على الموضع، وخالق مبتدأ، والخبر محذوف تقديره لكم أو للاشياء. والثانى أن يكون فاعل خالق: أى هل يخلق غير الله شيئا، ويقرأ بالجر على الصفة لفظا (يرزقكم) يجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون صفة لخالق.

قوله تعالى (الذين كفروا) يجوز أن يكون مبتدأ ومابعده الخبر، وأن يكون صفة لحزبه أو بدلا منه، وأن يكون في موضع جر صفة لاصحاب السعير أو بدل منه، والله أعلم.

قوله تعالى (حسرات) يجوز أن يكون حالا: أى متلهفة، وأن يكون مفعولا له.

قوله تعالى (يرفعه) الفاعل ضمير العمل والهاء للكلم: أى أى العمل الصالح يرفع الكلم، وقيل الفاعل اسم الله فتعود الهاء على العمل.

قوله تعالى (ومكر أولئك) مبتدأ، والخبر (يبور) وهو فصل أو توكيد، ويجوز أن يكون مبتدأ ويبور الخبر، والجملة خبر مكر.

قوله تعالى (سائغ شرابه) سائع على فاعل، وبه يرتفع شرابه لاعتماده على ماقبله، ويقرأ " أسيغ " بالتشديد وهو فعيل مثل سيد، ويقرأ بالتخفيف مثل ميت وقد ذكر.

قوله تعالى (ولو كان ذا قربى) أى لو كان المدعو ذا قربى، ويجوز أن يكون حالا، وكان تامة.

قوله تعالى (ولاالنور - ولا الحرور) لافيها زائدة، لان المعنى الظلمات لاتساوى النور، وليس المراد أن النور في نفسه لايستوى، وكذلك " لا " في (ولا الاموات).

قوله تعالى (جاء‌تهم رسلهم) حال، وقد مقدرة: أى كذب الذين من قبلهم وقد جاء‌تهم رسلهم.

قوله تعالى (ألوانها) مرفوع بمختلف، و (جدد) بفتح الدال جمع جدة وهى الطريقة، ويقرأ بضمها وهو جمع جديد (وغرابيب سود) الاصل وسود غرابيب، لان الغربيب تابع

٢٠١

للاسود، يقال أسود غربيب كما تقول أسود حالك، و (كذلك) في موضع نصب: أى اختلافا مثل ذلك، و (العلماء) بالرفع وهو الوجه، ويقرأ برفع اسم الله ونصب العلماء على معنى إنما يعظم الله من عباده العلماء.

قوله تعالى (يرجون تجارة) هو خبر إن، و (ليوفيهم) تتعلق بيرجون وهى لام الصيرورة، ويجوز أن يتعلق بمحذوف: أى فعلوا ذلك ليوفيهم.

قوله تعالى (هو الحق) يجوز أن يكون هو فصلا، وأن يكون مبتدأ. و (مصدقا) حال مؤكدة.

قوله تعالى (جنات عدن) يجوز أن يكون خبرا ثانيا لذلك، أو خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ والخبر (يدخلونها) وتمام الآية قد ذكر في الحج.

قوله تعالى (دار المقامة) مفعول أحلنا، وليس بظرف لانها محدودة (لايمسنا) هو حال من المفعول الاول.

قوله تعالى (فيموتوا) هو منصوب على جواب النفى، و (عنهم) يجوز أن يقوم مقام الفاعل، و (من عذابها) في موضع نصب، ويجوز العكس، ويجوز أن تكون " من " زائدة فيتعين له الرفع، و (كذلك) في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف: أى نجزى جزاء مثل ذلك.

قوله تعالى (صالحا غير الذى) يجوز أن يكونا صفتين لمصدر محذوف، أو لمفعول محذوف، ويجوز أن يكون صالحا نعتا للمصدر، وغير الذى مفعول، و (مايتذكر) أى زمن مايتذكر، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة: أى تعميرا يتذكر فيه.

قوله تعالى (أن تزولا) يجوزأن يكون مفعولا له: أى مخافة أن تزولا، أو عن ويمسك أى يحبس، و (إن أمسكهما) أى مايمسكهما فإن بمعنى ما، وأمسك بمعنى يمسك، وفاعل (زادهم) ضمير النذير، و (استكبارا) مفعول له، وكذلك (مكر السيئ) والجمهور على تحريك الهمزة، وقرئ بإسكانها، وهو عند الجمهور لحن، وقيل أجرى الوصل مجرى الوقف، وقيل شبه المنفصل بالمتصل لان الياء والهمزة من كلمة، ولاكلمة أخرى فأسكن كما سكن إبل، والله أعلم.

٢٠٢

سورة يس

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الجمهور على إسكان النون وقد ذكر نظيره، ومنهم من يظهر النون لانه حقق بذلك إسكانها، وفي الغنة مايقربها من الحركة من أجل الوصل المحض، وفى الاظهار تقريب للحرف من الوقف عليه، ومنهم من يكسر النون على أصل التقاء الساكنين، ومنهم من يفتحها كما يفتح أين، وقيل الفتحة إعراب، ويس اسم للسورة كهابيل، والتقدير: اتل يس (والقرآن) قسم على كل وجه.

قوله تعالى (على صراط) هو خبر ثان لان، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الجار (تنزيل العزيز) أى هو تنزيل العزيز، والمصدر بمعنى المفعول: أى منزل العزيز، ويقرأ بالنصب على أنه مصدر: أى نزل تنزيلا، وبالجر أيضا صفة للقرآن (لتنذر) يجوز أن تتعلق اللام بتنزيل، وأن تتعلق بمعنى قوله من المرسلين: أى مرسل لتنذر، و (ما) نافية، وقيل هى بمعنى الذى: أى تنذرهم العذاب الذى أنذره آباؤهم، وقيل هى نكرة موصوفة، وقيل هى زائدة.

قوله تعالى (فأغشيناهم) بالغين: أى غطينا أعين بصائرهم، فالمضاف محذوف ويقرأ بالعين: أى أضعفنا بصائرهم عن إدراك الهدى كما تضعف عين الاعشى.

قوله تعالى (وكل شئ) مثل " وكل إنسان ألزمناه " وقد ذكر.

قوله تعالى (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية) اضرب هنا بمعنى اجعل، وأصحاب مفعول أول، ومثلا مفعول ثان، وقيل هو بمعنى اذكر، والتقدير: مثلا مثل أصحاب، فالثانى بدل من الاول، و (إذ جاء‌ها) مثل إذ انتبذت، وقد ذكر، و (إذ) الثانية بدل من الاولى (فعززنا) بالتشديد والتخفيف، والمفعول محذوف أى قويناهما.

قوله تعالى (أئن ذكرتم) على لفظ الشرط، وجوابه محذوف: أى إن ذكرتم كفرتم ونحوه، ويقرأ بفتح الهمزة: أى لاذكرتم، ويقرأ شاذا " أين ذكرتم " أى عملكم السيئ لازم لكم أين ذكرتم، والكاف مخففة في هذا الوجه.

قوله تعالى (ومالى) الجمهور على فتح الياء، لان مابعدها في حكم المتصل بها إذا كان لايحسن الوقف عليها والابتداء بما بعدها و " مالى لاأرى الهدهد " بعكس ذلك.

قوله تعالى (لاتغن عنى) هو جواب الشرط، ولايجوز أن تقع " ما " مكان " لا " هنا،

٢٠٣

لان " ما " تنفى مافى الحال، وجواب الشرط مستقبل لاغير.

قوله تعالى (بما غفر لى) في " ما " ثلاثة أوجه: أحدها مصدرية: أى بغفرانه والثانى بمعنى الذى: أى بالذنب الذى غفره. والثالث استفهام على التعظيم ذكره بعض الناس، وهو بعيد لان " ما " في الاستفهام إذا دخل عليه حرف الجر حذفت ألفها، وقد جاء في الشعر بغير حذف.

قوله تعالى (وماأنزلنا) " ما " نافية، وهكذا (وماكنا) ويجوز أن تكون " ما " الثانية زائدة: أى وقد كنا، وقيل هى اسم معطوف على جند.

قوله تعالى (إن كانت إلا صيحة) اسم كان مضمر: أى ماكانت الصيحة إلا صيحة، والغرض وصفها بالاتحاد. وإذا للمفاجأة، والله أعلم.

قوله تعالى (ياحسرة) فيه وجهان: أحدهما أن حسرة منادى: أى ياحسرة احضرى فهذا وقتك، و (على) تتعلق بحسرة فلذلك نصبت كقولك: ياضاربا رجلا. والثانى المنادى محذوف، وحسرة مصدر: أى أتحسر حسرة، ويقرأ في الشاذ " ياحسرة العباد " أى ياتحسيرهم، فالمصدر مضاف إلى الفاعل، ويجوز أن يكون مضافا إلى المفعول: أى أتحسر على العباد.

قوله تعالى (مايأتيهم من رسول) الجملة تفسير سبب الحسرة (وكم أهلكنا) قد ذكر، و (أنهم إليهم) بفتح الهمزة وهى مصدرية، وموضع الجملة بدل من موضع كم أهلكنا، والتقدير: ألم يروا أنهم إليهم، ويقرأ بكسر الهمزة على الاستئناف.

قوله تعالى (وإن كل) قد ذكر في آخر هود.

قوله تعالى (وآية لهم) مبتدأ ولهم الخبر، و (الارض) مبتدأ، و (أحييناها) الخبر، والجملة تفسير للآية، وقيل الارض مبتدأ، وآية خبر مقدم، وأحييناها تفسير الآية، ولهم صفة آية.

قوله تعالى (من العيون) من على قول الاخفش زائدة، وعلى قول غيره المفعول محذوف: أى من العيون ماينتفعون به (وماعملته) في " ما " ثلاثة أوجه أحدها هى بمعنى الذى، والثانى نكرة موصوفة، وعلى كلا الوجهين هى في موضع جر عطفا على ثمرة، ويجوز أن يكون نصبا على موضع من ثمره.

والثالث هى نافية، ويقرأ بغير هاء ويحتمل الاوجه الثلاثة إلا أنها نافية بضعف لان عملت لم يذكر لها مفعول.

قوله تعالى (والقمر) بالرفع مبتدأ، و (قدرناه) الخبر: وبالنصب على فعل مضمر: أى

٢٠٤

وقدرنا القمر لانه معطوف على اسم قد عمل فيه الفعل فحمل على ذلك، ومن رفع قال: هو محمول على: وآية لهم في الموضعين، وعلى: والشمس، وهى أسماء لم يعمل فيها فعل، و (منازل) أى ذا منازل، فهو حال أو مفعول ثان، لان قدرنا بمعنى صيرنا، وقيل التقدير: قدرنا له منازل، و (العرجون) فعول، والنون أصل، وقيل هى زائدة لانه من الانعراج وهذا صحيح المعنى، ولكن شاذ في الاستعمال وقرأ بعضهم (سابق النهار) بالنصب وهو ضعيف، وجوازه على أن يكون حذف التنوين لالتقاء الساكنين، وحمل (يسبحون) على من يعقل لوصفها بالجريان والسباحة والادراك والسبق.

قوله تعالى، و (أنا) يجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف: أى هى أنا، وقيل هى مبتدأ، وآية لهم الخبر، وجاز ذلك لما كان لانا تعلق بما قبلها، والهاء والميم في (ذريتهم) لقوم نوح، وقيل لاهل مكة (فلا صريخ) الجمهور على الفتح ويكون مابعده مستأنفا، وقرئ بالرفع والتنوين ووجهه ماذكرنا في قوله " ولا خوف عليهم ".

قوله تعالى (إلا رحمة) هو مفعول له أو مصدر، وقيل التقدير: إلا برحمة، وقيل هو استثناء منقطع (يخصمون) مثل قوله يهد، وقد ذكر في يونس.

قوله تعالى (ياويلنا) هو مثل قوله " ياحسرة " وقال الكوفيون: وى كلمة، ولنا جار ومجرور، والجمهور على (من بعثنا) أنه استفهام، وقرئ شاذا من بعثنا على أنه جار ومجرور يتعلق بويل، و (هذا) مبتدأ، و (ماوعد) الخبر و " ما " بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة أو مصدر، وقيل هذا نعت لمرقدنا فيوقف عليه، وما وعد مبتدأ والخبر محذوف: أى حق ونحوه، أو خبر والمبتدأ محذوف: أى هذا أو بعثنا.

قوله تعالى (في شغل) هو خبر إن، و (فاكهون) خبر ثان، أو هو الخبر وفى شغل يتعلق به، ويقرأ " فاكهين " على الحال من الضمير في الجار، والشغل بضمتين، وبضم بعده سكون، وبفتحتين، وبفتحة بعدها سكون لغات قد قرئ بهن.

قوله تعالى (في ظلال) يجوز أن يكون خبرهم (على الارائك) مستأنف، وأن يكون الخبر (متكئون) وفي ظلال حال، وعلى الارائك منصوب بمتكئون وظلال جمع ظل مثل ذيب وذياب، أو ظلة مثل قبة، وقباب، والظلل جمع ظلة لاغير (مايدعون) في " ما " ثلاثة أوجه: هى بمعنى الذى ونكرة، ومصدرية وموضعها مبتدأ والخبر لهم، وقيل الخبر (سلام) وقيل سلام صفة ثانية لما، وقيل سلام خبر مبتدأ محذوف: أى هو سلام، وقيل هو بدل من

٢٠٥

" ما " ويقرأ بالنصب على المصدر، ويجوز أن يكون حالا من " ما " أو من الهاء المحذوفة: أى ذا سلامة أو مسلما، و (قولا) مصدر: أى يقول الله ذلك لهم قولا، أو يقولون قولا، و (من) صفة لقول.

قوله تعالى (جبلا) فيه قراء‌ات كثيرة، كلها لغات بمعنى واحد.

قوله تعالى. (إن هو) الضمير للمعلم: أى أن ماعلمه ذكر، ودل عليه " وما علمناه " (لتنذر) بالتاء على الخطاب، وبالياء على الغيبة، أو على أنه للقرآن.

قوله تعالى (ركوبهم) بفتح الراء: أى مركوبهم كما قالوا حلوب بمعنى محلوب وقيل هو النسب: أى ذو ركوب، وقرئ " ركوبتهم " بالتاء مثل حلوبتهم، ويقرأ بضم الراء: أى ذو ركوبهم، أو يكون المصدر بمعنى المفعول مثل الخلق.

و (رميم) بمعنى رامم أو مرموم، و (كن فيكون) قد ذكر في سورة النحل، والله أعلم.

سورة الصافات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الواو للقسم، وجواب القسم إن إلهكم، و (صفا) مصدرمؤكد وكذلك (زجرا) وقيل صفا مفعول به، لان الصف قد يقع على المصفوف، و (رب السموات) بدل من واحد، أو خبر مبتدأ محذوف: أى هو رب.

قوله تعالى (بزينة الكواكب) يقرأ بالاضافة.

وفيه وجهان: أحدهما أن يكون من إضافة النوع إلى الجنس كقولك باب حديد فالزينة كواكب.

والثانى أن تكون الزينة مصدرا أضيف إلى الفاعل، وقيل إلى المفعول: أى زينا السماء بتزييننا الكواكب، ويقرأ بتنوين الاول ونصب الكواكب، وفيه وجهان: أحدهما إعمال المصدر منونا في المفعول.

والثانى بتقدير أعنى، ويقرأ بتنوين الاول، وجر الثانى على البدل.

وبرفع الثانى بالمصدر: أى بأن زينتها الكواكب أو بأن زينت الكواكب أو على تقدير هى الكواكب.

قوله تعالى (وحفظا) أى وحفظناها حفظا، و (من) يتعلق بالفعل المحذوف.

قوله تعالى (لايسمعون) جمع على معنى كل، وموضع الجملة جر على الصفة أو نصب

٢٠٦

على الحال أو مستأنف، ويقرأ بتخفيف السين وعداه بإلى حملا على معنى يصفون. وبتشديدها والمعنى واحد، و (دحورا) يجوز أو يكون مصدرا من معنى يقذفون، أو مصدرا في موضع الحال، أو مفعولا له، ويجوز أن يكون جمع داحر مثل قاعد وقعود، فيكون حالا (إلا من) استثناء من الجنس: أى لايستمعون الملائكة إلا مخالسة، ثم يتبعون بالشهب، وفي (خطف) كلام قد ذكر في أوائل البقرة، و (الخطفة) مصدر، والالف واللام فيه للجنس أو للمعهود منهم.

قوله تعالى (بل عجبت) بفتح التاء على الخطاب، وبضمها، قيل الخبر عن النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل هو عن الله تعالى، والمعنى عجب عباده، وقيل المعنى أنه بلغ حدا يقول القائل في مثله عجبت.

قوله تعالى (وأزواجهم) الجمهور على النصب: أى واحشروا أزواجهم، أو هو بمعنى مع، وهو في المعنى أقوى، وقرئ شاذا بالرفع عطفا على الضمير في ظلموا (لاتناصرون) في موضع الحال، وقيل التقدير: في أن لاتناصرون، و (يتساء‌لون) حال.

قوله تعالى (لذائقوا العذاب) الوجه الجر بالاضافة، وقرئ شاذا بالنصب وهو سهو من قارئه، لان اسم الفاعل تحذف منه النون، وينصب إذا كان فيه الالف واللام.

قوله تعالى (فواكه) هو بدل من رزق أو على تقدير هو، و (مكرمون) بالتخفيف والتشديد للتكثير، و (في جنات) يجوز أن يكون ظرفا وأن يكون حالا وأن يكون خبرا ثانيا، وكذلك (على سرر) ويجوز أن تتعلق على ب‍ (متقابلين) ويكون متقابلين حالا من مكرمون أو من الضمير في الجار و (يطاف عليهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون كالذى قبله وأن يكون صفة لمكرمون، و (من معين) نعت لكأس وكذلك (بيضاء) و (عنها) يتعلق ب‍ (ينزفون).

قوله تعالى (مطلعون) يقرأ بالتشديد على مفتعلون، ويقرأ بالتخفيف: أى مطلعون أصحابكم، ويقرأ بكسر النون وهو بعيد جدا، لان النون إن كانت للوقاية فلا تلحق الاسماء، وإن كانت نون الجمع فلا تثبت في الاضافة.

قوله تعالى (إلا موتتنا) هو مصدر من اسم الفاعل، وقيل هو استثناء و (نزلا) تمييز، و (شوبا) يجوز أن يكون بمعنى مشوب، وأن يكون مصدرا على بابه.

قوله تعالى (كيف كان عاقبة) قد ذكر في النمل (فلنعم الميجيبون) المخصوص بالمدح محذوف: أى نحن، و (هم) فصل و (سلام على نوح) مبتدأ وخبر في موضع نصب بتركنا،

٢٠٧

وقيل هو تفسير مفعول محذوف: أى تركنا عليه ثناء هو سلام، وقيل معنى تركنا قلنا، وقيل القول مقدر، وقرئ شاذا بالنصب وهو وهو مفعول تركنا، وهكذا مافي هذه السورة من الآى، و (كذلك) نعت لمصدر محذوف: أى جزاء كذلك.

قوله تعالى (إذ جاء) أى اذكر إذ جاء، ويجوز أن يكون ظرفا لعامل فيه من شيعته، و (إذ قال) بدل من إذا الاولى، ويجوز أن يكون ظرفا لسليم أو لجاء.

قوله تعالى (ماذا تعبدون) هو مثل " ماذا تنفقون " وقد ذكر في البقرة (أئفكا) هو منصوب ب‍ (تريدون) وآلهة بدل منه، والتقدير: وعبادة آلهة لان الافك مصدر فيقدر البدل منه كذلك والمعنى عليه، وقيل إفكا مفعول له، وآلهة مفعول تريدون

و (ضربا) مصدر من فراغ لان معناه ضرب، ويجوز أن يكون في موضع الحال، و (يزفون) بالتشديد والكسر مع فتح الياء ويقرأ بضمها وهما لغتان، ويقرأ بفتح الياء وكسر الزاى والتخفيف وماضيه وزف مثل وعد، ومعنى المشدد والمخفف والاسراع.

قوله تعالى (وماتعملون) هى مصدرية، وقيل بمعنى الذى، وقيل نكرة موصوفة، وقيل استفهامية على التحقير لعملهم، ومامنصوبة بتعملون، و (بنيانا) مفعول به.

قوله تعالى (ماذا ترى) يجوز أن يكون ماذا اسما واحدا ينصب بترى: أى أى شئ ترى، وترى من الرأى لا من رؤية العين ولا المتعدية إلى مفعولين، بل كقولك هو يرى رأى الخوارج، فهو متعد إلى واحد، وقرئ ترى بضم التاء وكسر الراء، وهو من الرأى أيضا إلا أنه نقل بالهمزة فتعدى إلى اثنين فماذا أحدهما والثانى محذوف أى ترينى، ويجوز أن تكون ما استفهاما وذا بمعنى الذى، فيكون مبتدأ وخبر: أى أى شئ الذى تراه أو الذى ترينيه.

قوله تعالى (فلما) جوابها محذوف تقديره نادته الملائكة أو ظهر فضلها. وقال الكوفيون الواو زائدة أى تله أو ناديناه، و (نبيا) حال من إسحق.

قوله تعالى (إذ قال) هو ظرف لمرسلين، وقيل بإضمار أعنى.

قوله تعالى (الله ربكم ورب) يقرأ الثلاثة بالنصب بدلا من أحسن أو على إضمار أعنى.

قوله تعالى (الياسين) يقرأ آل بالمد: أى أهله، وقرئ بالقصر وسكون اللام وكسر الهمزة، والتقدير: الياسين واحدهم الياسى ثم خفف الجمع كما قالوا الاشعرون، ويقرأ شاذا إدراسين منسوبون إلى إدريس.

قوله تعالى (وبالليل) الوقف عليه تام.

٢٠٨

قوله تعالى (في بطنه) حال أو ظرف (إلى يوم يبعثون) متعلق بلبث أو نعت لمصدر محذوف: أى لبثا إلى يوم.

قوله تعالى (أو يزيدون) أى يقول الرائى لهم هم مائة ألف أو يزيدون، وقيل بعضهم يقول: مائة ألف، وبعضهم يقول أكثر، وقد ذكرنا في قوله " أو كصيب " وفى مواضع وجوها أخر.

قوله تعالى (أصطفى) بفتح الهمزة، وهى للاستفهام، وحذفت همزة الوصل استغناء بهمزة الاستفهام، ويقرأ بالمد وهو بعيد جدا، وقرئ بكسر الهمزة على لفظ الخبر، والاستفهام مراد كما قال عمر بن أبى ربيعة: ثم قالوا تحبها قلت بهرا * عدد الرمل والحصى والتراب أى أتحبها، وهو شاذ في الاستعمال والقياس، فلا ينبغى أن يقرأ به (مالكم كيف) استفهام بعد استفهام (إلا عباد الله) يجوز أن يكون مستثنى من جعلوا، ومن محضرون، وأن يكون منفصلا.

قوله تعالى (وماتعبدون) الواو عاطفة، ويضعف أن يكون بمعنى مع، إذ لافعل هنا، و (ماأنتم) نفى، و (من) في موضع نصب بفاتنين، وهى بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، و (صال) يقرأ شاذا بضم اللام، فيجوز أن يكون جمعا على معنى " من " وأن يكون قلب فصار صايلا ثم حذفت الياء فبقى صال، ويجوز أن يكون غير مقلوب على فعل كما قالوا يوم راح، وكبش صاف: أى روح وصوف (ومامنا إلا له) أى أحد إلا وقيل إلا من له، وقد ذكر في النساء.

سورة ص

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الجمهور على إسكان الدال، وقد ذكر وجهه، وقرئ بكسرها.

وفيه وجهان: أحدهما هى كسرها التقاء الساكنين، والثانى هى أمر من صادى، وصادى الشئ قابله وعارضه: أى عارض بعملك القرآن، ويقرأ بالفتح: أى اتل صاد، وقيل حرك لالتقاء الساكنين (والقرآن) قسم، وقيل معطوف على القسم وهو صاد، وأما جواب القسم فمحذوف: أى لقد جاء‌كم الحق ونحو ذلك، وقيل هو معنى (بل الذين كفروا) أى وحق القرآن لقد خالف الكفار وتكبروا عن الايمان، وقيل الجواب (كم أهلكنا) واللام محذوفة: أى لكم أهلكنا، وهو بعيد لان كم في موضع نصب بأهلكنا،

٢٠٩

وقيل هو معنى هذه الجملة: أى لقد أهلكنا كثيرا من القرون، أو قيل هو قوله تعالى " إن كل إلا كذب الرسل " وقيل هو قوله تعالى " إن ذلك لحق " وبينهما كلام طويل يمنع من كونه جوابا.

قوله تعالى (ولات حين مناص) الاصل " لا " زيدت عليها التاء، كما زيدت على رب وثم فقيل ربت وثمت، وأكثر العرب يحرك هذه التاء بالفتح، فأما في الوقف فبعضهم يقف بالتاء لان الحروف ليست موضع تغيير، وبعضهم يقف بالهاء كما يقف على قائمة، فأما حين فمذهب سيبويه أنه خبر لات، واسمها محذوف لانها عملت عمل ليس: أى ليس الحين حين هرب، ولايقال هو مضمر لان الحروف لايضمر فيها.

وقال الاخفش: هى العاملة في باب النفى، فحين اسمها، وخبرها محذوف: أى لاحين مناظر لهم أو حينهم، ومنهم من يرفع مابعدها، ويقدر الخبر المنصوب كما قال بعضهم: * فأنا ابن قيس لابراح * وقال أبوعبيدة التاء موصولة بحين لابلا، وحكى أنهم يقولون تحين وثلاث، وأجاز قوم جرما بعد لات، وأنشدوا عليه أبياتا، وقد استوفيت ذلك في علل الاعراب الكبير.

قوله تعالى (أن امشوا) أى امشوا، لان المعنى انطلقوا في القول، وقيل هو الانطلاق حقيقة، والتقدير: وانطلقوا قائلين امشوا.

قوله تعالى (فليرتقوا) هذا كلام محمول على المعنى: أى إن زعموا ذلك فليرتقوا.

قوله تعالى (جند) مبتدأ، و (ما) زائدة، و (هنالك) نعت، و (مهزوم) الخبر، ويجوز أن يكون هنالك ظرفا لمهزوم، و (من الاحزاب) يجوز أن يكون نعتا لجند: وأن يتعلق بمهزوم، وأن يكون نعتا لمهزوم.

قوله تعالى (أولئك الاحزاب) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا والمبتدأ من قوله وعاد، وأن يكون من ثمود، وأن يكون من قوله تعالى " وقوم لوط " والفواق بالضم والفتح لغتان قد قرئ بها، و (داود) بدل، و (سخرنا) قد ذكر في الانبياء.

قوله تعالى (الخصم) هو مصدر في الاصل وصف به، فلذلك لايثنى ولايجمع و (إذ) الاولى ظرف لنبأ، والثانية بدل منها أو ظرف ل‍ (تسوروا) وجمع الضمير وهو في الحقيقة لاثنين، وتجوز لان الاثنين جمع، ويدل على ذلك قوله تعالى (خصمان) والتقدير: نحن خصمان.

٢١٠

قوله تعالى (وعزتى) بالتشديد: أى غلبنى، وقرئ شاذا بالتخفيف، والمعنى واحد، وقيل هو من وعز بكذا إذا أمر به، وهذا بعيد لان قبله فعلا يكون هذا معطوفا عليه، كذا ذكر بعضهم، ويجوز أن يكون حذف القول: أى فقال أكفلنيها،

وقال: وعزنى في الخطاب. أى الخطابة، و (سؤال نعجتك) مصدر مضاف إلى المفعول به.

قوله تعالى (إلا الذين آمنوا) استثناء من الجنس، والمستثنى منه بعضهم، وما زائدة وهم مبتدأ وقليل خبره، وقيل التقدير: وهم قليل منهم.

قوله تعالى (فتناه) بتشديد النون على إضافة الفعل إلى الله عزوجل، وبالتخفيف على إضافته إلى الملكين (راكعا) حال مقدرة، و (ذلك) مفعول " غفرنا " وقيل خبر مبتدإ: أى الامر ذلك (فيضلك) منصوب على الجواب، وقيل مجزوم عطفا على النهى، وفتحت اللام لالتقاء الساكنين، و (باطلا) قد ذكر في آل عمران وأم في الموضعين منقطعة، و (كتاب) أى هذا كتاب، و (مبارك) صفة أخرى (نعم العبد) أى سليمان، وقيل داود فحذف المخصوص بالمدح، وكذا في قصة أيوب.

قوله تعالى (إذ عرض) يجوز أن يكون ظرفا لاواب، وأن يكون العامل فيه نعم، وأنه يكون التقدير: اذكر، و (الجياد) جمع جواد، وقيل جيد.

قوله تعالى (حب الخير) هو مفعول أحببت، لان معنى أحببت آثرت، لان مصدر أحببت الاحباب، ويجوز أن يكون مصدرا محذوف الزيادة.

وقال أبوعلى. أحببت بمعنى جلست من إحباب البعير وهو بروكه، وحب الخير مفعول له مضاف إلى المفعول و (ذكر ربى) مضاف إلى المفعول أيضا، وقيل إلى الفاعل: أى عن أن يذكرنى ربى، وفاعل (توارت) الشمس، ولم يجر لها ذكر، ولكن دلت الحال عليها، وقيل دل عليها ذكر الاشراق في قصة داود عليه السلام، و (ردوها) الضمير للجياد، و (مسحا) مصدر في موضع الحال، وقيل التقدير: يمسح مسحا.

قوله تعالى (جسدا) هو مفعول ألقينا، وقيل هو حال من مفعول محذوف: أى ألقيناه، قيل سليمان، وقيل ولده على ما جاء في التفسير، و (تجرى) حال من الريح، و (رخاء) حال من الضمير في تجرى؟؟: أى لينة، و (حيث) ظرف لتجرى وقيل لسخرنا، و (الشياطين) عطف على الريح، و (كل) بدل منهم.

٢١١

قوله تعالى (بغير حساب) قيل هو حال من الضمير في امنن أو في أمسك، والمعنى غير محاسب، وقيل هو متعلق بعطاؤنا، وقيل هو حال منه: أى هذا عطاؤنا واسعا، لان الحساب بمعنى الكافى.

قوله تعالى (وإن له عندنا لزلفى) اسم إن والخبر له، والعامل في عند الخبر.

قوله تعالى (بنصب) فيه قراء‌ات متقاربة المعنى، و (رحمة) مفعول له.

قوله تعالى (عبادنا) يقرأ على الجمع، والاسماء التى بعده بدل منه، وعلى الافراد فيكون (إبراهيم) بدلا منه، وما بعده معطوف على عبدنا، ويجوز أن يكون جنسا في معنى الجمع، فيكون كالقراء‌ة الاولى.

قوله تعالى (بخالصة) يقرأ بالاضافة، وهى هاهنا من باب إضافة الشئ إلى ما يبينه لان الخالصة قد تكون ذكرى وغير ذكرى، وذكرى مصدر، وخالصة مصدر أيضا بمعنى الاخلاص كالعافية، وقيل خالصة مصدر مضاف إلى المفعول: أى بإخلاصهم ذكرى الدار: وقيل خالصة بمعنى خلوص، فيكون مضافا إلى الفاعل: أى بأن خلصت لهم ذكرى الدار، وقيل خالصة اسم فاعل تقديره: بخالص ذكرى الدار: أى خالص من أن يشاب بغيره، وقرئ بتنوين خالصة فيجوز أن يكون ذكرى بدلا منها، وأن يكون في موضع نصب مفعول خالصة، أو على إضمار أعنى، وأن يكون في موضع رفع فاعل خالصة، أو على تقديره هى ذكرى، وأما إضافة ذكرى إلى الدار فمن إضافة المصدر إلى المفعول: أى بذكرهم الدار الآخرة، وقيل هى في المعنى ظرف: أى ذكرهم في الدار الدنيا، فهو إما مفعول به على السعة مثل ياسارق الليلة، أو على حذف حرف الجر مثل ذهبت الشام.

قوله تعالى (جنات عدن) هى بدل من حسن مآب، و (مفتحة) حال من جنات في قول من جعلها معرفة لاضافتها إلى عدن، وهو علم كما قالوا جنة الخلد وجنة المأوى.

وقال آخرون: هى نكرة، والمعنى جنات إقامة فتكون مفتحة وصفا وأما ارتفاع (الابواب) ففيه ثلاثة أوجه: أحدها هو فاعل مفتحة، والعائد محذوف أى مفتحة لهم الابواب منها، فحذف كما حذف في قوله " فإن الجحيم هى المأوى " أى لهم.

والثانى هى بدل من الضمير في مفتحة، وهو ضمير الجنات، والابواب غير أجنبى منها لانها من الجنة، تقول: فتحت الجنة وأنت تريد أبوابها، ومنه " وفتحت السماء فكانت أبوابا " والثالث كالاول، إلا أن الالف واللام عوضا من الهاء العائدة وهو قول الكوفيون وفيه بعد.

٢١٢

قوله تعالى (متكئين) هو حال من المجرور في لهم، والعامل مفتحة، ويجوز أن يكون حالا من المتقين لانه قد أخبر عنهم قبل الحال، وقيل هو حال من الضمير في يدعون، وقد تقدم على العامل فيه.

قوله تعالى (مايوعدون) بالياء على الغيبة، والضمير للمتقين وبالتاء، والتقدير وقيل لهم هذا ما توعدون، والمعنى هذا ما وعدتم.

قوله تعالى (ماله من نفاد) الجملة حال من الرزق، والعامل الاشارة، أى إن هذا لرزقنا باقيا.

قوله تعالى (هذا) أى الامر هذا. ثم استأنف فقال (وإن للطاغين) و (جهنم) بدل من شر، و (يصلونها) حال العامل فيه الاستقرار في قوله تعالى " للطاغين " وقيل التقدير: يصلون جهنم، فحذف الفعل لدلالة مابعده عليه.

قوله تعالى (هذا) هو مبتدأ. وفي الخبر وجهان: أحدهما (فليذوقوه) مثل قولك زيدا ضربه.

وقال قوم: هذا ضعيف من أجل الفاء، وليست في معنى الجواب كالتى في قوله " والسارقة فاقطعوا " فأما (حميم) على هذا الوجه فيجوز أن يكون بدلا من هذا، وأن يكون خبر مبتدإ محذوف: أى هو حميم، وأن يكون خبرا ثانيا.

والوجه الثانى أن يكون حميم خبر هذا، وفليذوقوه معترض بينهما، وقيل هذا في موضع نصب، أى فليذوقوه هذا، ثم استأنف فقال حميم: أى هو حميم، وأما (غساق) فيقرأ بالتشديد مثل كفار وصبار، وبالتخفيف اسم للمصدر: أى ذو غسق أو يكون فعال بمعنى فاعل.

قوله تعالى (وآخر) يقرأ على الجمع. وفيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، و (من شكله) نعت له: أى من شكل الحميم، و (أزواج) خبره. والثانى أن يكون الخبر محذوفا: أى ولهم أخر. ومن شكله وأزواج صفتان، ويجوز أن يكون من شكله صفة، وأزواج يرتفع بالجار، وذكر الضمير لان المعنى من شكل ما ذكرنا. ويقرأ على الافراد وهو معطوف على حميم، ومن شكله نعت له، وأزواج يرتفع بالجار ويجوز أن يرتفع على تقدير هى: أى الحميم والنوع الآخر.

قوله تعالى (مقتحم) أى النار، و (معكم) يجوز أن يكون حالا من الضمير في مقتحم،

٢١٣

أو من فوج لانه قد وصف، ولايجوز أن يكون ظرفا لفساد المعنى، ويجوز أن يكون نعتا ثانيا، و (لامرحبا) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا: أى هذا فوج مقولا له لا مرحبا، ومرحبا منصوب على المصدر، أو على المفعول به أى لا يسمعون مرحبا.

قوله تعالى (من قدم) هى بمعنى الذى، و (فزده) الخبر، ويجوز أن يكون من نصبا: أى فرد من قدم، وقيل هى استفهام بمعنى التعظيم، فيكون مبتدأ، وقدم

الخبر، ثم استأنف وفيه ضعف: و (ضعفا) نعت لعذاب: أى مضاعفا، و (في النار) ظرف لزد، ويجوز أن يكون حالا من الهاء والميم: أى زده كائنا في النار، وأن يكون نعتا ثانيا لعذاب، أو حالا لانه قد وصف.

قوله تعالى (أتخذناهم) يقرأ بقطع الهمزة لانها للاستفهام، وبالوصف على حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه، وقيل الاول خبر، وهو وصف في المعنى لرجال، وأم استفهام: أى أهم مفقودون أم زاغت، و (سخريا) قد ذكر في المؤمنون.

قوله تعالى (تخاصم أهل النار) هو بدل من حق، أو خبر مبتدإ محذوف: أى هو تخاصم، ولو قيل هومرفوع لحق لكان بعيدا لانه يصير جملة ولا ضمير فيها يعود على اسم " إن ".

قوله تعالى (رب السموات) يجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف، وأن يكون صفة، وأن يكون بدلا، وأن يكون مبتدأ والخبر (العزيز).

قوله تعالى (إذ يختصمون) هو ظرف لعلم، و (أنما) مرفوع بيوحى إلى، وقيل قائم مقام الفاعل، وإنما في موضع نصب: أى أوحى إلى الانذار، أو يأتى نذير.

قوله تعالى (إذ قال) أى اذكر إذ قال (من طين) يجوز أن يكون نعتا لبشر، وأن يتعلق بخالق.

قوله تعالى (فالحق) في نصبه وجهان: أحدهما مفعول لفعل محذوف: أى فأحق الحق، أو فاذكر الحق.

والثانى على تقدير حذف القسم: أى فبالحق لاملان (والحق أقول) معترض بينهما، وسيبويه يدفع ذلك لانه لايجوز حذفه إلا مع اسم الله عزوجل، ويقرأ بالرفع: أى فأنا الحق أو فالحق منى، وأما الحق الثانى فنصبه بأقول، فيقرأ بالرفع على تقدير تكرير المرفوع قبله، أو على إضمار مبتدإ: أى قولى الحق، ويكون أقول على هذا مستأنفا موصولا بما بعده: أى أقول لاملان، وقيل يكون أقول خبرا عنه والهاء محذوفة: أى أقوله وفيه بعد.

قوله تعالى (ولتعلمن) أى لتعرفن، وله مفعول واحد، وهو (نبأه) ويجوز أن يكون

٢١٤

متعديا إلى اثنين والثانى (بعد حين).

سورة الزمر

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (تنزيل الكتاب) هو مبتدأ، و (من الله) الخبر، ويجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف: أى هذا تنزيل، و (من) متعلقة بالمصدر، أو حال من الكتاب، و (الدين) منصوب بمخلص، ومخلصا حال، وأجاز الفراء له الدين بالرفع على أنه مستأنف (والذين اتخذوا) مبتدأ، والخبر محذوف: أى يقولون مانعبدهم، و (زلفى) مصدر أو حال مؤكدة (يكور) حال أو مستأنف، و (يخلقكم) مستأنف، و (خلقا) مصدر منه، و (في) يتعلق به أو بخلق الثانى لان الاول مؤكد فلا يعمل، و (ربكم) نعت أو بدل، وأما الخبر فالله، و (له الملك) خبر ثان أو مستأنف، ويجوز أن يكون الله بدلا من ذلك، والخبر له الملك، و (لاإله إلا هو) مستأنف أو خبر آخر، و (يرضه لكم) بضم الهاء واختلاسها وإسكانها، وقد ذكر مثله في " يؤده إليك " و (منيبا) حال، و (منه) يتعلق بخول أو صفة لنعمة.

قوله تعالى (أمن هو قانت) يقرأ بالتشديد، والاصل أم من، فأم للاستفهام منقطعة: أى بل أم من هو قانت، وقيل هى متصلة تقديره: أم من يعصى، أم من هو مطيع مستويان، وحذف الخبر لدلالة قوله تعالى " هل يستوى الذين " ويقرأ بالتخفيف، وفيه الاستفهام، والمعادل، والخبر محذوفان، وقيل هى همزة النداء، و (ساجدا وقائما) حالان من الضمير في قانت، أو من الضمير في (يحذر) و (بغير حساب) حال من الاجر: أى موفرا، أو من الصابرين: أى غير محاسبين (قل الله) هو منصوب ب‍ (أعبد).

قوله تعالى (ظلل) هو مبتدأ، و(لهم) الخبر.............( فيه) الجار، وأن يكون حالا من ظلل، والتقدير............. (النار) نعت لظلل، و (الطاغوت) مؤنث.............. قوله تعالى (أفمن) مبتدأ، والخبر محذوف........... دل على العامل فيه قوله " لهم غرف " لانه كقول‍.................... قوله تعالى (ثم يجعله) الجمهور على الر..........

أن يضمر معه " إن " والمعطوف عليه أن الله أنزل في أول الآية، تقديره: ألم تر إنزال الله، أو إلى إنزال ثم جعله، ويجوز أن يكون منصوبا بتقدير ترى: أى ثم ترى جعله حطاما.

قوله تعالى (أفمن شرح الله)، و (أفمن يتقى بوجهه) الحكم فيهما كالحكم في قوله تعالى " أفمن حق عليه " وقد ذكر.

٢١٥

قوله تعالى (كتابا) هو بدل من أحسن، و (تقشعر) نعت ثالث.

قوله تعالى (قرآنا) هو حال من القرآن موطئة، والحال في المعنى.

قوله تعالى (عربيا) وقيل انتصب بيتذكرون.

قوله تعالى (مثلا رجلا) رجلا بدل من مثل، وقد ذكر في قوله " مثلا قرية " في النحل، و (فيه شركاء) الجملة صفة لرجل، وفي يتعلق ب‍ (متشاكسون) وفيه دلالة على جواز تقديم خبر المبتدإ عليه، ومثلا تمييز.

قوله تعالى (والذى بالصدق) المعنى على الجمع، وقد ذكر مثله في قوله " مثلهم كمثل الذى ".

قوله تعالى (كاشفات ضره) يقرأ بالتنوين وبالاضافة وهو ظاهر.

قوله تعالى (قل اللهم فاطر السموات) مثل " قل اللهم مالك الملك ".

قوله تعالى (بل هى) هى ضمير البلوى أو الحال.

قوله تعالى (أن تقول) هو مفعول له: أى أنذرناكم مخافة أن تقول: ياحسرتا الالف مبدلة من ياء المتكلم، وقرئ " حسرتاى " وهو بعيد، وقد وجهت على أن الباء زيدت بعد الالف المنقلبة.

وقال آخرون: بل الالف زائدة، وهذا أبعد لما فيه من الفصل بين المضاف والمضاف إليه، وفتحت الكاف في (جاء‌تك) حملا على المخاطب وهو إنسان، ومن كسر حمله على تأنيث النفس.

قوله تعالى (وجوههم مسودة) الجملة حال من الذين كفروا، لان ترى من رؤية العين، وقيل هى بمعنى العلم، فتكون الجملة مفعولا ثانيا، ولو قرئ وجوههم مسودة بالنصب لكان على بدل الاشتمال، و (مفازتهم) على الافراد لانه مصدر، وعلى الجمع لاختلاف المصدر كالحلوم والاشغال، وقيل المفازة هنا الطريق، والمعنى في مفازتهم (لايمسهم السوء) حال.

قوله تعالى (أفغير الله) في إعرابها أوجه: أحدها أن غير منصوب ب‍ (أعبد) مقدما عليه، وقد ضعف هذا الوجه من حيث كان التقدير أن اعبد، فعند ذلك يفضى إلى تقديم الصلة على الموصول وليس بشئ لان أن ليست في اللفظ، فلا يبقى عملها فلو قدرنا بقاء حكمها لافضى إلى حذف الموصول وبقاء صلته، وذلك لا يجوز إلا في ضرورة الشعر.

٢١٦

والوجه الثانى أن يكون منصوبا بتأمرونى وأعبد بدل منه، والتقدير قل أفتأمرونى بعبادة غير الله عزوجل، وهذا من بدل الاشتمال ومن باب أمرتك الخير.

والثالث أن غير منصوب بفعل محذوف: أى أفتلزمونى غير الله، وفسره مابعده، وقيل لاموضع لاعبد من الاعراب، وقيل هو حال، والعمل على الوجهين الاوثين؟؟؟، وأما النون فمشددة على الاصل، وقد خففت بحذف الثانية وقد ذكر نظائره.

قوله (والارض) مبتدأ، و (قبضته) الخبر، وجميعا حال من الارض والتقدير: إذا كانت مجتمعة قبضته: أى مقبوضة، فالعامل في إذا المصدر، لانه بمعنى المفعول، وقد ذكر أبوعلى في الحجة التقدير: ذات قبضته، وقد رد عليه ذلك بأن المضاف إليه لايعمل فيما قبله، وهذا لايصح لانه الآن غير مضاف إليه، وبعد حذف المضاف لايبقى حكمه، ويقرأ قبضته بالنصب على معنى في قبضته، وهو ضعيف لان هذا الظرف محدود، فهو كقولك زيد الدار (والسموات مطويات) مبتدأ والخبر، و (بيمينه) متعلق بالخبر، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الخبر، وأن يكون خبرا ثانيا، وقرئ " مطويات " بالكسر على الحال، وبيمينه الخبر، وقيل الخبر محذوف: أى والسموات قبضته، و (زمرا) الموضعين حال (وفتحت) الواو زائدة عند قوم، لان الكلام جواب حتى وليست زائدة عند المحققين، والجواب محذوف تقديره: اطمأنوا ونحو ذلك، و (نتبوأ) حال من الفاعل أو المفعول، و (حيث) هنا مفعول به كما ذكرنا في قوله تعالى " وكلا منها رغدا حيث شئتما " في أحد الوجوه، و (حافين) حال من الملائكة، و (يسبحون) حال من الضمير في حافين، والله أعلم.

سورة المؤمن

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (حم تنزيل الكتاب) هو مثل " الم تنزيل ".

قوله تعالى (غافر الذنب وقابل التوب) كلتاهما صفة لما قبله، والاضافة محضة، وأما (شديد العقاب) فنكرة، لان التقدير: شديد عقابه، فيكون بدلا، ولايجوز أن يكون شديد بمعنى مشدد كما جاء أذين بمعنى مؤذن، فتكون الاضافة محضة فيتعرف فيكون وصفا أيضا، وأما (ذى الطول) فصفة أيضا (لاإله إلا هو) يجوز أن يكون صفة، وأن يكون مستأنفا.

٢١٧

قوله تعالى (أنهم) هو مثل الذى في يونس.

قوله تعالى (الذين يحملون) مبتدأ، و (يسبحون) خبره (ربنا) أى يقولون، وهذا المحذوف حال، و (رحمة وعلما) تمييز، والاصل وسع كل شئ علمك.

قوله تعالى (ومن صلح) في موضع نصب عطفا على الضمير في أدخلهم: أى وأدخل من صلح، وقيل هو عطف على الضمير في وعدتهم.

قوله تعالى (من مقتكم) هو مصدر مضاف إلى الفاعل، و (أنفسكم) منصوب به، و (إذ) ظرف لفعل محذوف تقديره: مقتكم إذ تدعون، ولايجوز أن يعمل فيه مقت الله لانه مصدر قد أخبر عنه، وهو قوله: أكبر من ولا مقتكم لانهم لم يمقتوا أنفسهم حين دعوا إلى الايمان، وإنما مقتوها في النار، وعند ذلك لايدعون إلى الايمان.

قوله تعالى (وحده) هو مصدر في موضع الحال من الله: أى دعى مفردا وقال يونس: ينتصب على الظرف تقديره: دعى على حياله وحده، وهو مصدر محذوف الزيادة، والفعل منه أوحدته إيحادا.

قوله تعالى (رفيع الدرجات) يجوز أن يكون التقدير: هو رفيع الدرجات، فيكون (ذو) صفة، و (يلقى) مستأنفا، وأن يكون مبتدأ، والخبر ذو العرش أو يلقى، و (من أمره) يجوز أن يكون حالا من الروح، وأن يكون متعلقا بيلقى

قوله تعالى (يوم هم) يوم بدل من يوم التلاق، ويجوز أن يكون التقدير. اذكر يوم، وأن يكون ظرفا للتلاق، وهم مبتدأ، و (بارزون) خبره والجملة في موضع جر بإضافة يوم إليها، و (لايخفى) يجوز أن يكون خبرا آخر، وأن يكون حالا من الضمير في بارزون، وأن يكون مستأنفا، (اليوم) ظرف، والعامل فيه لمن، أو مايتعلق به الجار، وقيل هو ظرف للملك (لله) أى هو لله، وقيل الوقف على الملك، ثم استأنف فقال: هو اليوم لله الواحد: أى استقر اليوم لله، و (اليوم) الآخر ظرف ل‍ (تجزى) و (اليوم) الاخير خبر " لا " أى ظلم كائن اليوم، و (إذ) بدل من يوم الآزفة، و (كاظمين) حال من القلوب، لان المراد أصحابها، وقيل هى حال من الضمير في لدى، وقيل هى حال من الضمير في أنذرهم (ولاشفيع يطاع) يطاع في موضع جر صفة لشفيع على اللفظ، أو في موضع رفع على الموضع.

قوله تعالى (وأن يظهر) هو في موضع نصب: أى أخاف الامرين، ويقرأ " أو أن يظهر " أى أخاف أحدهما وأيهما وقع كان مخوفا.

٢١٨

قوله تعالى (من آل فرعون) هو في موضع رفع نعتا لمؤمن، وقيل يتعلق ب‍ (يكتم) أى يكتمه من آل فرعون (أن يقول) أى لان يقول (وقد جاء‌كم) الجملة حال، و (ظاهرين) حال من ضمير الجمع في لكم، و (أريكم) متعد إلى مفعولين، الثانى (ماأرى) وهو من الرأى الذى بمعنى الاعتقاد.

قوله تعالى (سبيل الرشاد) الجمهور على التخفيف وهو اسم للمصدر، إما الرشد أو الارشاد، وقرئ بتشديد الشين، وهو الذى يكثر منه الارشاد أو الرشد.

قوله تعالى (يوم التناد) الجمهور على التخفيف، وقرأ ابن عباس رضى الله عنه بتشديد الدال، وهو مصدر تناد القوم إذا تفرقوا: أى يوم اختلاف مذاهب الناس، و (يوم تولون) بدل من اليوم الذى قبله، و (مالكم من الله) في موضع الحال.

قوله تعالى (الذين يجادلون) فيه أوجه: أحدها أن يكون خبر مبتدإ محذوف أى هم الذين، وهم يرجع على قوله " من هو مسرف " لانه في معنى الجمع.

والثانى أن يكون مبتدأ والخبر يطبع الله، والعائد محذوف: أى على كل قلب متكبر منهم، و (كذلك) خبر مبتدإ محذوف أى الامر كذلك، ومابينهما معترض مسدد.

والثالث أن يكون الخبر " كبر مقتا " أى كبر قولهم مقتا.

والرابع أن يكون الخبر محذوفا أى معاندون ونحو ذلك.

والخامس أن يكون منصوبا بإضمار أعنى.

قوله تعالى (على كل قلب) يقرأ بالتنوين، و (متكبر) صفة له، والمراد صاحب القلب ويقرأ بالاضافة وإضافة كل إلى القلب يراد بها عموم القلب لاستيعاب كل قلب بالطبع، وهو في المعنى كقراء‌ة من قرأ على قلب كل متكبر.

قوله تعالى (أسباب السموات) هو بدل مما قبله (فأطلع) بالرفع عطفا على أبلغ، وبالنصب على جواب الامر: أى إن تبن لى أطلع، وقال قوم: هو جواب لعلى إذ كان في معنى التمنى.

قوله تعالى (تدعوننى) الجملة ومايتصل بها بدل، أو تبيين لتدعوننى الاول.

قوله تعالى (وأفوض أمرى إلى الله) الجملة حال من الضمير في أقول.

قوله تعالى (النار يعرضون عليها) فيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، ويعرضون خبره. والثانى أن يكون بدلا من سوء العذاب، ويقرأ بالنصب بفعل مضمر يفسره يعرضون عليها تقديره: يصلون النار ونحو ذلك، ولا موضع ليعرضون على هذا، وعلى البدل موضعه

٢١٩

حال إما من النار أو من آل فرعون (أدخلوا) يقرأ بوصل الهمزة: أى يقال لآل فرعون، فعلى هذا التقدير: ياآل فرعون، ويقرأ بقطع الهمزة وكسر الخاء: أى يقول الله تعالى للملائكة.

قوله تعالى (وإذ يتحاجون) يجوز أن يكون معطوفا على عدوا، وأن يكون التقدير: واذكر، و (تبعا) مصدر في موضع اسم الفاعل، و (نصيبا) منصوب بفعل دل عليه مغنون تقديره: هل أنتم دافعون عنا أو مانعون، ويجوزأن يكون في موضع المصدر كما كان شئ كذلك، ألا ترى إلى قوله تعالى " لن تغنى عنهم أموالهم ولاأولادهم من الله شيئا " فشيئا في موضع عنا، فكذلك نصيبا.

قوله تعالى (يخفف عنا يوما) يجوز أن يكون ظرفا: أى يخفف عنا في يوم شيئا من العذاب، فالمفعول محذوف، وعلى قول الاخفش يجوز أن تكون " من " زائدة، ويجوز أن يكون مفعولا: أى عذاب يوم كقوله تعالى " واتقوا يوما " أى عذاب يوم.

قوله تعالى (لاينفع) هو بدل من يوم يقوم.

قوله تعالى (ولاالمسئ) " لا " زائدة.

قوله تعالى (إذ الاغلال) " إذ " ظرف زمان ماض، والمراد بها الاستقبال هنا لقوله تعالى " فسوف يعلمون " وقد ذكرت في قوله " ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب " (والسلاسل) بالرفع يجوز أن يكون معطوفا على الاغلال، والخبر في أعناقهم، وأن يكون مبتدأ والخبر محذوف: أى السلاسل في أعناقهم، وحذف لدلالة الاول عليه، و (يسحبون) على هذا حال من الضمير في الجار أو مستأنفا وأن يكون الخبر يسحبون، والعائد محذوف: أى يسحبون بها، وقرئ بالنصب، ويسحبون بفتح الياء، والمفعول هنا مقدم على الفعل.

قوله تعالى (منهم من قصصنا) يجوز أن يكون منهم رافعا لمن، لانه قد وصف به رسلا، وأن يكون مبتدأ وخبرا، والجملة نعت لرسل، وأن يكون مستأنفا (فأى) منصوب ب‍ (تنكرون).

قوله تعالى (بما عندهم من العلم) من هنا بمعنى البدل: أى بدلا من العلم وتكون حالا من " ما " أو من الضمير في الظرف.

قوله تعالى (سنة الله) هو نصب على المصدر: أى سننا بهم سنة الله، والله أعلم.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254