• البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27366 / تحميل: 8173
الحجم الحجم الحجم
أدعية أهل البيت عليهم السلام في تعقيب الصلوات

أدعية أهل البيت عليهم السلام في تعقيب الصلوات

مؤلف:
العربية

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ) .

سورة الإنشراح ، الآية : ٧ ـ ٨

روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال :

«التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد».

(وسائل الشيعة : ٦ / ٤٢٩ ح ١)

وروي عن الإمام الهاديعليه‌السلام عن آبائهعليهم‌السلام قال : قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«من أدّى لله مكتوبة فله في إثرها دعوة مستجابة».

(وسائل الشيعة : ٦ / ٤٣١ ح ١٠)

٣
٤

مقدّمة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا وشفيع ذنوبنا محمد وآله المنتجبين ، لاسيما بقية الله في الأرضين الحجة المهدي بن الحسن عجل الله فرجه الشريف ، ولعنة الله على أعدائهم أعداء الدين أجمعين ، وبعد :

قال الله الحكيم في كتابه الكريم :( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّيلَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ ) وقال تعالى :( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) وقال عز وجل :( وإذا سألك عبادي عني فإني قريبُ أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ ) فإن من أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى بعد الفرائض هو الدعاء والمناجاة والتضرّع بين

٥

يديه ، فهو سبحانه وتعالى أنيس من ذكره ، وملجأ من استغاث به ، وعصمة من اعتصم به ، بابه مفتوح للسائلين ، ورحمته قريبة من المحسنين ، وهو غوث الهاربين ، وأمان الخائفين ، فمن ذا الذي لا يأنس بذكره ، وهو القائل عز شأنه :( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) وجاء في دعاء أميرالمؤمنين صلوات الله عليه : يا من اسمه دواء ، وذكره شفاء ، وطاعته غنى

فالدعاء سلاح المؤمن ، في الشدة والرخاء ، وفي العسر واليسر ، وفي المرض والصحة ، وفي الفقر والغنى جاء في الحديث الشريف المروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لايرد القضاء إلا الدعاء.

ومن أفضل أوقات الدعاء هي أدبار الفرائض الخمس ، وذلك لما جاء فيها من أخبار وأحاديث شريفة ، ترغب وتحث على التعقيب بعد كل فريضة بالدعاء إلى الله تعالى والابتهال إليه.

هذا وقد ورد عن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأهل بيته المنتجبين صلوات الله عليهم الكثير من الأدعية والمناجاة والتسبيح والأذكار بعد الفرائض الخمس ، وقد ذكرتها جلُّ كتب الأدعية والحديث ، وهذا الكتاب أخي الكريم يضم

٦

جملة مما ورد عنهمعليهم‌السلام من التعقيبات الشريفة وما يرتبط بها ، كما ذكرت أيضاً جملة من المستحبات في ذلك ، والتي ذكرها بعض علمائنا تغمدهم الله برحمته.

وأسأل الباري تعالى أن يتقبل مني هذا العمل بأحسن قبول ، ويجعله ذخراً لي يوم فقري وفاقتي في( يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم ) إنه سميع مجيب ، وكما التمس من إخواني المؤمنين أن لا ينسوني ووالديَّ وأهلي من صالح دعائهم.

سبحان ربك ربِّ العزة عما يصفون ، وسلامٌ على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ، إنه نعم المولى ونعم النصير ، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

يوم الثلاثاء الأول من شهر جمادى الأولى سنة ١٤٢٤ هـ

في جوار كريمة أهل البيت فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر صلوات الله عليهم أجمعين.

عبد الله حسن آل درويش

٧

تنبيه

وننبه هنا أن ما ذكرناه هنا في هذا الكتاب الذي بين يديك هو مأخوذ من كتابنا (تعقيبات الصلوات وأدعية الرزق والعافية والحاجات) جمعناه بهذه الكيفية ليكون أسهل وأيسر في التناول والتداول. والله الموفق.

٨

أدعية أهل البيتعليهم‌السلام

برهان صدق على إمامتهمعليهم‌السلام

تمهيد

قالت الحكماء : النطق أشرف ما خص به الإنسان ، لأنه صورته المعقولة التي باين بها سائر الحيوانات ، ولذلك قال سبحانه :( خَلَقَ الْإِنْسَانَ ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) (١) ، ولم يقل : وعلمه بالواو لأنه سبحانه جعل قوله :( عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) تفسيراً لقوله :( خَلَقَ الْإِنْسَانَ ) ، لا عطفاً عليه ، تنبيهاً على أن خلقه له ، وتخصيصه بالبيان الذي لو توهم مرتفعاً لارتفعت إنسانيته ، ولذلك قيل : ما الإنسان لولا اللسان إلا بهيمة مهملة ، أو صورة ممثلة(٢) .

__________________

(١) سورة الرحمن ، الآية : ٣ و ٤.

(٢) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ج ١٨ ص ١٩٦

٩

فالكلامُ يكشف عن شخصية المتكلم وهويته ، وينبئ عن مقدار علمه وثقافته وميوله النفسية ، فإذا ما تكلم امرؤٌ عُرف من خلال كلماته من هو.

قال الأخطل :

إن الكلامَ لفي الفؤاد وإنما

جُعل اللسانُ على الفؤاد دليلا

روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : قيمة كلِّ امرئ ما يحسن(١) ، وروي أيضاً قالعليه‌السلام : المرءُ مخبوءٌ تحت لسانه(٢) ، وفي رواية : المرءُ مخبوءٌ تحت طي لسانه لا طيلسانه(٣) ، وفي مناقب آل أبي طالب ، عنهعليه‌السلام : المرءُ مخبوٌّ تحت لسانه فإذا تكلم ظهر(٤) .

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج في شرح هذه الكلمة البليغة : قد تكرر هذا المعنى مراراً ، فأما هذه اللفظة فلا نظير

__________________

(١) نهج البلاغة : ، خطب الإمام علي عليه‌السلام : ج ٤ ص ١٨ ، ح ٨١.

(٢) المناقب ، الموفق الخوارزمي : ص ٣٧٥.

(٣) تفسير الآلوسي : ١٦ / ٢١٤.

(٤) مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : ج ١ ص ٣٢٦

١٠

لها في الإيجاز والدلالة على المعنى(١) .

ورويت أيضاً هذه العبارة برواية أخرى : «تكلموا تعرفوا ، فإن المرء مخبوء تحت لسانه» وقال ابن أبي الحديد في شرحها أيضاً : هذه إحدى كلماتهعليه‌السلام التى لا قيمة لها ، ولا يقدر قدرها ، والمعنى قد تداوله الناس ، قال :

وكائن ترى من صامتٍ لك معجبٌ

زيادته أو نقصهُ في التكلّمِ

لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُه

فلم يبق إلا صورةُ اللحمِ والدمِ

وكان يحيى بن خالد يقول : ما جلس إليَّ أحدٌ قط إلا هبته حتى يتكلم ، فإذا تكلم إما أن تزداد الهيبة أو تنقص(٢) .

كلامكم نور

أقول : فإذا كان ماقدمناه آنفاً هو ميزان حق لا يختلف فيه اثنان ، إذن فمن البيّن الواضح الذي لا مرية فيه ولا

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ج ١٨ ص ٣٥٣.

(٢) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ج ١٩ ص ٣٤٠.

١١

شبهة تعتريه أن كلام أهل البيتعليهم‌السلام وحديثهم هو أحسن الحديث بعد حديث النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ دلت على ذلك الدلائل الواضحة والبراهين الساطعة.

وإذا كان المرء إنما يتميز على غيره بما يحسنه من الكلم ، وما ينبئ منطقه من فكر وعلم ، فإن في بديع كلام أهل البيتعليهم‌السلام ماينبئ عن عظيم مقامهم وجليل خطابهم الذي لايباريهم فيه أحدٌ سواهم ، جاء في الزيارة الجامعة : «كلامكم نور ، وأمركم رشد ، ووصيتكم التقوى ، وفعلكم الخير ، وعادتكم الإحسان ، وسجيتكم الكرم ، وشأنكم الحق والصدق والرفق ، وقولكم حكم وحتم ، ورأيكم علم وحلم وحزم ..» فحقاً إن كلام أهل البيتعليهم‌السلام يأخذ بمجامع القلوب ، فهو فوق كلام المخلوقين ، ودون كلام الخالق.

فهذه أدعيتهم تنطق ببراعة فائقة وتكشف عن علو مقامهم وسمو ذاتهم ، وذلك بما حوته من إعجاز في البلاغة والفصاحة والمعاني البديعة ، وبما اكتنفته من معارف وعلوم غزيرة ، وقد كشفت عن أسرار سائر ملكاتهم النفسية ، ولا عجب في ذلك فهم الراسخون في العلم الذين أوتوا

١٢

الحكمة ، قال تعالى :( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) (١) .

هذا وقد ورد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حق عترته وأهل بيتهعليهم‌السلام مافيه بيان وبرهان واضح لمن ألقى السمع وهو شهيد ، جاء في رواية الطبراني عن زيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (في حديث الثقلين) قال : فلا تقدموهما ـ يعني القرآن والعترة ـ فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم(٢) .

وجاء عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة له يقول في حقهم أيضاً : فيهم كرائمُ القرآن ، وهم كنوزُ الرحمن ، إن نطقوا صدقوا ، وان صمتوا لم يسبقوا(٣) .

وفي نهج البلاغة قالعليه‌السلام : هم عيشُ العلم وموتُ الجهل ،

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٦٩.

(٢) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٥ ص ١٦٧.

(٣) جاء في كتاب نهج السعادة للشيخ المحمودي : ج ٨ ص ٣٨٩ : قال الأستاذ الموفق محمد عبده مفتي الديار المصرية ، في تعليقته على هذا الكلام : الضمير لآل النبيعليهم‌السلام ، والكرائم جمع كريمة ، والمراد أنه قد أنزل في مدحهم آيات كريمات ، والقرآن كريم كله ، وهذه كرائم.

١٣

يخبركم حلمهم عن علمهم ، وصمتهم عن حكم منطقهم ، لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه ، هم دعائم الإسلام ، وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحق في نصابه ، وانزاح الباطل عن مقامه ، وانقطع لسانه عن منبته ، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية ، لا عقل سماع ورواية ، فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل(١) .

وروي عن مولانا الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام أنه قال لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة : شرِّقا وغرِّبا فلا تجدان علماً صحيحاً إلا شيئاً خرج من عندنا أهل البيت(٢) .

وللأسف إن كثيراً من الناس يجهلون حقيقة أهل البيتعليهم‌السلام وإمامتهم وعلومهم الجمة ، وأحاديثهم الطيبة بسبب ابتعادهم عن هذا المعين الصافي ، فحرموا أنفسهم من هذا العطاء ، روي عن مولانا أبي الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام قال : إن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا(٣) .

__________________

(١) نهج البلاغة ، خطب الإمام عليعليه‌السلام : ج ٢ ص ٢٣٢ ، رقم الخطبة : ٢٣٩.

(٢) الكافي ، الشيخ الكليني : ج ١ ص ٣٩٩ ح ٣.

(٣) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ، الشيخ الصدوق : ج ٢ ص ٢٧٥ ح ٦٩.

١٤

فإذا نظر البصير المنصف في كلمات أهل الكلام من عامة الناس ، ثم عطف العنان على كلمات أهل البيتعليهم‌السلام وحديثهم فسوف يجد الفرق بيّناً ، وأن كلمات غيرهم تسمج عند كلماتهم ، وأن حديثهم يعلو على حديث سائر الناس.

وحسبكمُ هذا التفاوت بيننا

وكل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ

«فإن عطفت النظرة إلى كلم الأنبياء والأوصياء الماضين والتابعين لهم بإحسان من ولي صالح ، وحكيم إلهي ، ومتكلم مفوه ، وخطيب مصقع ، وعارف نابه ، وإمام مقتدى من لدن آدمعليه‌السلام وهلم جرا تجدها دون ما نطق به سيدُ من نطق بالضاد ، نبيُّ العظمة ، رسول الكتاب والحكمة ، وأوصياؤه المصطفون ، تقصر لدى كلمهم الكلم ، وعند حكمهم الحكم ، ويعجز عن أن يأتي بمثلها الحكماء البلغاء من السلف والخلف ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، ويكلّ عن ندها لسان كلّ طلق ذلق ، ويحسر عن وصفها بيان كل ذرب اللسان منطيق ، ولا يبلغ مداه ، ولا يسعه الاستكناه.

نعم تلكم الكلم الصادرة عن ينابيع الوحي الفياضة من أهل

١٥

بيت العصمة ، وهي آية في البلاغة والفصاحة والمتانة في اللفظ والمعنى ، دون كلام الخالق وفوق مقال البشر ، ومن أمعن فيها يجدها أقوى برهنة ، وأدل دليل على إمامة أولئك السادة القادة أئمة الكلام ، ومدارس الحكمة ، ويراها أكبر معجزة وأعظم كرامة لأولئك النفوس القدسية الطاهرة ، تبقى مدى الأبد تذكر وتشكر.

وحسب أولئك الذرية الطيبة عظمة وفخراً ما خلده صدق منطقهم في الدهر من غرر الآثار ، أو مآثر بثتها ألسنتهم مما نفث الله من الحكمة في روعهم ، يفتقر إليها المجتمع البشري ، وتصلح بها الأمة المسلمة ، ويحتاج إليها كل حكيم بارع ، وعاقل محنك ، وخلقي كريم ، وفيلسوف نابه ، وعارف ناصح ، وإمام مصلح ، ولا منتدح عنها لأي ابن أنثى إن عقل صالحه»(١) .

فهمعليهم‌السلام أهل بيت الحكمة ومعدن الرسالة ، وأرباب الكلام ، فاقوا الناس جميعاً وسبقوهم إلى كل خير ، كما تفرّدوا من بينهم بأبلغ الكلام وأحسنه ، فهذا تراثهم المروي في كتب الحديث والسيرة يفصح عن مدى غزارة علمهم ، وعذوبة

__________________

(١) تحف العقول ، ابن شعبة الحراني : ٦ ، (في المقدمة)

١٦

منطقهم ، وينم عن أدبهم الرفيع ، وما حوته أيضاً من تعاليم قيمة في جميع مناحي الحياة والتي لا غنى لكل الناس عنها.

ومن هذا التراث المعطاء كتاب نهج البلاغة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ورسالة الحقوق للإمام زين العابدينعليه‌السلام وما ورد عن سائر أئمة أهل البيتعليهم‌السلام من حكم ومواعظ وأحاديث ، لاتجد لها مثيلاً في التأريخ كله.

ومن بديع الشعر في هذا المعنى ما قاله السيد حسن البغدادي (المتوفى سنة ١٣٦٧ هـ) في وصف (نهج البلاغة) لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

نهجٌ له كلُّ الأنام قد غدت

خرساً وأهدى للطريق الأعدلِ

فلم نجد أفصح منه منطقاً

سوى لئالى المصحف الغض الجلي

فذا كلامٌ قاله المولى العلي

وذا كلامٌ قاله المولى علي(١)

__________________

(١) أدب الطف ، السيد جواد شبر : ٩ / ٣٢٤.

١٧

فمنهم تعلم الناس الحكمة والفصاحة ، وآداب الكلام ، وبينوا للناس القول الصحيح من غيره ، وقد شهد ببلاغتهم وفصاحتهم وبديع حكمتهم القريب والبعيد ، والمحب والقالي ، فمن ذلك قول معاوية لما قال له محفن بن أبي محفن : جئتك من عند أعيا الناس ، قال له : ويحك! كيف يكون أعيا الناس! فو الله ما سن الفصاحة لقريش غيره.

وقال ابن أبي الحديد في مقدمة كتابه في شرح نهج البلاغة : ويكفي هذا الكتاب الذي نحن شارحوه دلالة على أنه لا يجارى في الفصاحة ، ولا يبارى في البلاغة ، وحسبك أنه لم يدون لأحد من فصحاء الصحابة العشر ، ولا نصف العشر مما دون له ، وكفاك في هذا الباب ما يقوله أبو عثمان الجاحظ في مدحه في كتاب (البيان والتبيين) وفي غيره من كتبه(١) .

ومن ذلك أيضاً قول يزيد في حق الإمام زين العابدينعليه‌السلام لما أراد أن يخطب في أهل الشام في مجلسه ، فقال له بعضهم : وما قدر ما يحسن هذا؟ فقال : إنه من أهل بيت قد

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ج ١ ص ٢٤ ـ ٢٥.

١٨

زقوا العلم زقا(١) .

ومنها أن ملك الروم كتب إلى عبد الملك يتوعده ، فضاق عليه الجواب ، وكتب إلى الحجاج ، وهو إذ ذاك على الحجاز : أن ابعث إلى علي بن الحسين فتوعده وتهدده وأغلظ له ، ثم انظر ماذا يجيبك ، فاكتب به إلي! ففعل الحجاج ذلك ، فقال له علي بن الحسين : إن لله في كل يوم ثلاثمائة وستين لحظة ، وأرجو أن يكفينيك في أول لحظة من لحظاته ، وكتب بذلك إلى عبد الملك ، فكتب به إلى صاحب الروم كتاباً ، فلما قرأه قال : ليس هذا من كلامه ، هذا من كلام عترة نبوية(٢) .

وفي كتاب بلاغات النساء قال بعضهم حينما سمع أم كلثوم بنت أمير المؤمنينعليها‌السلام تخطب بعد مقتل أخيها سيد الشهداء الإمام الحسينعليه‌السلام يصف منطقها وجزيل خطابها : ورأيت أم كلثومعليها‌السلام ولم أر خفرة والله أنطق منها كأنما تنطق وتفرغ على لسان أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) .

__________________

(١) بحار الأنوار ، المجلسي : ج ٤٥ ص ١٣٧ ـ ١٣٨.

(٢) تاريخ اليعقوبي : ج ٢ ص ٣٠٤ ، العقد الفريد : ج ١ ص ١٥٥.

(٣) راجع خطبتها كاملة في كتاب بلاغات النساء ، ابن طيفور : ص ٢٣ و ٢٥.

١٩

إلى غير ذلك من الشواهد التاريخية في هذا المعنى ، ولنعم ماقاله فيهم الشيخ رجب البرسي رحمه الله تعالى :

همُ القومُ أنوارُ النبوةِ فيهمُ

تلوحُ وآثارُ الإمامةِ تلمعُ

مهابطُ وحيِّ الله خزانُ علمهِ

وعندهم سرُّ المهيمنِ مودعُ

إذا جلسوا للحكم فالكلُّ أبكمُ

وإن نطقوا فالدهرُ أذنٌ ومسمعُ(١)

وقال الشيخ حسن الدمستاني رحمه الله تعالى :

إن ينطقوا ذكروا أو يسكتوا فكروا

أو يغضبوا غفروا أو يُقطعوا وصلوا

وقال آخر أيضاً :

إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهباً

وتعرف صدق الناس في نقل أخبارِ

__________________

(١) مشارق أنوار اليقين ، الشيخ رجب البرسي : ٦٧.

٢٠

أنت خير مطلوب إليه، وخير مدعوّ وخير مسؤول، ولكلّ وافد جائزة، فاجعل جائزتي في موطني هذا أنّ تقيلني عثرتي، وتقبل معذرتي، وأنّ تجاوز عن خطيئتي، ثمّ اجعل التقوى من الدنيا زادي » ثمّ افض حيث(١) يشرق لك ثبير وترى الإِبل مواضع أخفافها.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدّل على استحباب الطهارة في الوقوف بالمشعر، وعدم وجوبها في أحاديث الطواف(٣) .

١٢ - باب كراهة الإِقامة عند المشعر بعد الإِفاضة

[ ١٨٤٩٠ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن أبان، عن عبد الرحمن بن أعين، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) أنّه كره أن يقيم عند المشعر بعد الإِفاضة.

____________________

(١) في المصدر: حين.

(٢) التهذيب ٥: ١٩١ / ٦٣٥.

(٣) تقدّم في الحديثين ١ و ٦ من الباب ٣٨ من أبواب الطواف، وفي الأَحاديث ١ و ٦ و ٨ من الباب ١٥ من أبواب السعي، وعلى جواز الوقوف من غير طهارة في الحديث ٢ من الباب ١٥ من أبواب السعي، وتقدّم ما يدّل على الحكم الاول في الأَحاديث ٤ و ٢١ و ٢٢ و ٣٤ من الباب ٢ من أبواب أقسام الحج، ويأتي ما يدّل على وجوب العود إليه على من فاته الوقوف ولو بعد طلوع الشمس في الباب ٢١ من هذه الأبواب.

الباب ١٢

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٢: ٢٨٢ / ١٣٨٣.

٢١

١٣ - باب استحباب السعي في وادي محسّر حتّى يقطعه اذا أفاض من المشعر، وأقله مائة خطوة أو مائة ذراع ماشياً كان أو راكباً، ويدعو بالمأثور

[ ١٨٤٩١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن إبراهيم الأَسدي، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) - في حديث الإِفاضة من المشعر - قال: فاذا مررت بوادي محسّر - وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو إلى منى أقرب فاسع فيه حتّى تجاوزه، فإنّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) حرّك ناقته ويقول(١) : اللّهم سلّم(٢) عهدي واقبل توبتي، وأجب دعوتي، واخلفني(٣) فيمن تركت بعدي.

ورواه الصدوق بإسناده عن معاوية بن عمّار مثله(٤) .

[ ١٨٤٩٢ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن عبدالله بن مسكان، عن عبد الأَعلى، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا مررت بوادي محسّر فاسع فيه، فإنّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) سعى فيه.

محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل، عن ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، عن معاوية

____________________

الباب ١٣

فيه ٥ أحاديث

١ - التهذيب ٥: ١٩٢ / ٦٣٧، وأورد صدره في الحديث ٥ من الباب ١٥ من هذه الأبواب.

(١) في الفقيه: وقال ( هامش المخطوط )، وفي المصدر: وهو يقول.

(٢) في نسخة من الفقيه: سلّم لي ( هامش المخطوط ).

(٣) في الفقيه: واخلفني بخير ( هامش المخطوط ).

(٤) الفقيه ٢: ٢٨٢ / ١٣٨٤.

٢ - التهذيب ٥: ١٩٥ / ٦٤٨.

٢٢

ابن عمار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثل الحديث الأَوّل(١) .

[ ١٨٤٩٣ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي الحسن (عليه‌السلام ) قال: الحركة في وادي محسّر مائة خطوة.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن إسماعيل مثله(٢) .

[ ١٨٤٩٤ ] ٤ - ثمّ قال: وفي حديث آخر مائة ذراع.

[ ١٨٤٩٥ ] ٥ - وعن أحمد بن محمّد العاصمي، عن علي بن الحسن التيملي(٣) ، عن عمرو بن عثمان الأَزدي، عن محمّد بن عذافر، عن عمرّ بن يزيد قال: الرَمَل في وادي محسّر قدر مائة ذراع.

أقول: ويأتي ما يدّل على ذلك(٤) .

____________________

(١) الكافي ٤: ٤٧٠ / ٣.

٣ - الكافي ٤: ٤٧١ / ٤.

(٢) الفقيه ٢: ٢٨٢ / ١٣٨٥.

٤ - الفقيه ٢: ٢٨٢ / ١٣٦٨.

٥ - الكافي ٤: ٤٧١ / ٨.

(٣) في نسخة: علي بن الحسن السلمي ( هامش المخطوط ).

(٤) يأتي في الباب ١٤ من هذه الأبواب.

وتقدّم في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب النيابة في الحج.

٢٣

١٤ - باب أنّ من نسي السعي في وادي محسر حتّى دخل مكة استحب له العود إليه والسعي فيه، وأنّ لم يعرفه أجزأه سؤال الناس عنه

[ ١٨٤٩٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري وغيره، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) أنّه قال لبعض ولده: هل سعيت في وادي محسّر؟ فقال: لا، قال: فأمره أن يرجع حتّى يسعى، قال: فقال له ابنه: لا أعرفه، فقال له: سل الناس.

[ ١٨٤٩٧ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحجال، عن بعض أصحابنا، قال: مرّ رجل بوادي محسّر فأمره أبو عبدالله (عليه‌السلام ) بعد الانصراف إلى مكة أنّ يرجع فيسعى.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى مثله، إلّا أنّه ترك قوله: إلى مكّة(٢) .

____________________

الباب ١٤

فيه حديثان

١ - الكافي ٤: ٤٧٠ / ١.

٢ - الكافي ٤: ٤٧٠ / ٢.

(١) الفقيه ٢: ٢٨٢ / ١٣٨٧.

(٢) التهذيب ٥: ١٩٥ / ٦٤٩.

٢٤

١٥ - باب استحباب كون الإِفاضة من المشعر قبل طلوع الشمس بقليل ذاكراً داعياً مستغفراً على سكينة ووقار، ولا يتجاوز وادي محسّر قبل طلوعها، وجواز الإِفاضة بعده واستحبابه للإِمام

[ ١٨٤٩٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأَشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم (عليه‌السلام ) أيّ ساعة أحبّ إليك أنّ أفيض(١) من جمع؟ قال: قبل أنّ تطلع الشمس بقليل فهو أحبّ الساعات إليّ، قلت: فإن مكثنا حتّى تطلع الشمس؟ قال: لا بأس.

[ ١٨٤٩٩ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: لا تجاوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) ، وكذا الذي قبله.

[ ١٨٥٠٠ ] ٣ - وبإسناده عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن موسى بن الحسن(٣) ، عن معاوية بن حكيم قال:

____________________

الباب ١٥

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٤٧٠ / ٥، والتهذيب ٥: ١٩٢ / ٦٣٩، والاستبصار ٢: ٢٥٧ / ٩٠٨.

(١) في الاستبصار: أنّ نفيض ( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٤: ٤٧٠ / ٦.

(٢) التهذيب ٥: ١٩٣ / ٦٤٠.

٣ - التهذيب ٥: ١٩٢ / ٦٣٨، والاستبصار ٢: ٢٥٧ / ٩٠٧.

(٣) في الاستبصار: موسى بن القاسم.

٢٥

سألت أبا إبراهيم( عليه‌السلام ) أي ساعة أحبّ إليك أن نفيض(١) من جمع؟ وذكر مثل الحديث الأَوّل.

[ ١٨٥٠١ ] ٤ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عمّن حدّثه، عن حماد بن عثمان، عن جميل بن دراج، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: ينبغي للإِمام أن يقف بجمع حتّى تطلع الشمس وسائر الناس إن شاؤا عجّلوا وإن شاءوا أخّروا.

[ ١٨٥٠٢ ] ٥ - وبإسناده عن موسى بن القاسم، عن إبراهيم الاسدي، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: ثمّ أفض حيث يشرف(٢) لك ثبير وترى الإِبل مواضع أخفافها.

قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : كان أهل الجاهليّة يقولون: أشرف ثبير(٣) كيما نغير(٤) ، وإنمّا أفاض رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) خلاف اهل الجاهليّة كانوا يفيضون بإيجاف الخيل، وإيضاع الإِبل، فأفاض رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) خلاف ذلك بالسكينة والوقار والدعة، فأفض بذكر الله والاستغفار وحرّك به لسانك الحديث.

ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، وابن أبي عمير، وفضالة، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام )

____________________

(١) في نسخة: أن أفيض ( هامش المخطوط ).

٤ - التهذيب ٥: ١٩٣ / ٦٤١، والاستبصار ٢: ٢٥٨ / ٩٠٩.

٥ - التهذيب ٥: ١٩٢ / ٦٣٧، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ١٣ من هذه الأبواب.

(٢) في المصدر: حين يشرق.

(٣) في المصدر: أشرق ثبير - يعنون الشمس -.

(٤) في المصدر: تغير.

٢٦

قال: كان أهل الجاهليّة يقولون، وذكر نحوه(١) .

١٦ - باب عدم جواز الإِفاضة من المشعر قبل الفجر للمُختار، فأنّ فعل لزمه دم شاة

[ ١٨٥٠٣ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن علي بن رئاب، عن مسمع، عن أبي إبراهيم (عليه‌السلام )(٢) في رجل وقف مع الناس بجمع ثمّ أفاض قبل أنّ يفيض الناس، قال أنّ كان جاهلاً فلا شيء عليه، وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة.

ورواه الكليني، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن ابن محبوب، عن علي بن رئاب(٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) .

أقول: وتقدّم ما يدّل على ذلك(٥) ، ويأتي ما ظاهره المنافات وأنّه مخصوص بالمعذور(٦) .

____________________

(١) علل الشرائع: ٤٤٤ / ١.

وتقدّم ما يدّل على بعض المقصود في الأَحاديث ٤ و ٢٤ و ٣٤ و ٣٥ من الباب ٢ من أبواب أقسام الحج.

الباب ١٦

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٢: ٢٨٤ / ١٣٩٣.

(٢) في الكافي: أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ( هامش المخطوط ).

(٣) الكافي ٤: ٤٧٣ / ١.

(٤) التهذيب ٥: ١٩٣ / ٦٤٢، والاستبصار ٢: ٢٥٦ / ٩٠٢.

(٥) تقدّم في الحديث ٣ من الباب ٨ وفي الباب ١١ من هذه الأبواب.

(٦) يأتي في الباب ١٧ من هذه الأبواب، وفي الأَحاديث ١ و ٣ و ٤ من الباب ١٤ من أبواب رمي جمرة العقبة.

٢٧

١٧ - باب جواز الإِفاضة من المشعر قبل الفجر بعد الوقوف به للمضطر كالخائف ونحوه

[ ١٨٥٠٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) قال: لا باس أنّ يفيض الرجل بليل إذا كان خائفاً.

[ ١٨٥٠٥ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن النعمان، عن سعيد الأَعرج قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : جعلت فداك معنا نساء فأُفيض بهنّ بليل؟ فقال: نعم، تريد أنّ تصنع كما صنع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ؟ قلت: نعم، قال: أفض بهن بليل، ولا تفض بهنّ حتّى تقف بهنّ بجمع، ثمّ أفض بهن حتّى تأتي(١) الجمرة العظمى فيرمين الجمرة، فأنّ لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهنّ ويقصرنّ من أظفارهنّ، ويمضين إلى مكّة في وجوههن، ويطفن بالبيت ويسعين بين الصفا والمروة ثمّ يرجعن إلى البيت ويطفن أُسبوعاً، ثمّ يرجعن إلى منى وقد فرغن من حجهن، وقال: إنّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أرسل معهنّ أُسامة.

[ ١٨٥٠٦ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن

____________________

الباب ١٧

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٤٧٤ / ٣، والتهذيب ٥: ١٩٤ / ٦٤٥، والاستبصار ٢: ٢٥٧ / ٩٠٥.

٢ - الكافي ٤: ٤٧٤ / ٧، والتهذيب ٥: ١٩٥ / ٦٤٧، وأورد قطّعة منه في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب رمي جمرة العقبة، وفي الحديث ٢ من الباب ٣٩ من أبواب الذبح، وفي الحديث ١ من الباب ٨ من أبواب الحلق.

(١) في الكافي: حتى تأتي بهنّ.

٣ - الكافي ٤: ٤٧٤ / ٥، والتهذيب ٥: ١٩٤ / ٦٤٦، والاستبصار ٢: ٢٥٧ / ٩٠٦.

٢٨

أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: رخّص رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) للنساء والصبيأنّ أنّ يفيضوا بليل(١) ، وأن يرموا(٢) الجمار بليل(٣) ، وأن يصلّوا الغداة في منازلهم، فإن خفن الحيض مضين إلى مكّة ووكلن من يضحي عنهنّ.

[ ١٨٥٠٧ ] ٤ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد، عن علي ابن أبي حمزة، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) قال: أي(٤) امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر الحرام ليلا فلا بأس فليرم الجمرة ثمّ ليمض وليأمرّ من يذبح عنه، وتقصّر المرأة ويحلق الرجل ثمّ ليطف بالبيت وبالصفا والمروة، ثمّ يرجع(٥) إلى منى، فأنّ أتى منى ولم يذبح عنه فلا بأس أنّ يذبح هو، وليحمل الشعر إذا حلق بمكّة إلى منى، و إن شاء قصّر إن كان قد حجّ قبل ذلك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٦) ، وكذا كل ما قبله.

[ ١٨٥٠٨ ] ٥ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن ابن علي الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن سعيد السمأنّ قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: إنّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عجل النساء ليلاً من المزدلفة إلى منى، وأمرّ من كان منهنّ عليها هدي أن ترمي ولا تبرح حتّى تذبح، ومن لم يكن عليها منهنّ هدي أنّ تمضي إلى مكّة حتّى تزور.

____________________

(١ و ٢) في التهذيب: بالليل ( هامش المخطوط ).

(٣) في الكافي: ويرموا.

٤ - الكافي ٤: ٤٧٤ / ٤، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ١ من أبواب رمي جمرة العقبة.

(٤) في نسخة: أيما ( هامش المخطوط ).

(٥) في المصدر: ثمّ ليرجع.

(٦) التهذيب ٥: ١٩٤ / ٦٤٤، والاستبصار ٢: ٢٥٦ / ٩٠٤.

٥ - الكافي ٤: ٤٧٣ / ٢.

٢٩

[ ١٨٥٠٩ ] ٦ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري وغيره، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: رخّص رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) للنساء والضعفاء أنّ يفيضوا من جمع بليل، وأنّ يرموا الجمرة بليل، فإذا(١) أرادوا أن يزوروا البيت وكلّوا من يذبح عنهن(٢) .

[ ١٨٥١٠ ] ٧ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: لا بأس بأنّ يقدم(٣) النساء إذا زال الليل فيقفن عند المشعر(٤) ساعة، ثمّ ينطلق بهنّ إلى منى فيرمين الجمرة، ثمّ يصبرن ساعة، ثمّ يقصرن وينطلقن إلى مكة فيطفن، إلّا أنّ(٥) يكن يردن أن يذبح عنهنّ فإنهنّ يوكّلن من يذبح عنهنّ.

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد ابن سنان، عن عبدالله بن مسكان مثله(٦) .

[ ١٨٥١١ ] ٨ - محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم وغيره، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) أنّه قال - في التقدّم من منى إلى عرفات قبل

____________________

٦ - الكافي ٤: ٤٧٥ / ٨.

(١) في المصدر: فإن.

(٢) في نسخة: عنهم ( هامش المخطوط ).

٧ - الفقيه ٢: ٢٨٣ / ١٣٩٢.

(٣) في المصدر: تُقدّم.

(٤) في الكافي: المشعر الحرام ( هامش المخطوط ).

(٥) في المصدر: إلى أن.

(٦) الكافي ٤: ٤٧٤ / ٦.

٨ - التهذيب ٥: ١٩٣ / ٦٤٣، والاستبصار ٢: ٢٥٦ / ٩٠٣، وأورد صدره في الحديث ٣ من الباب ٧ من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة.

٣٠

طلوع الشمس -: « لا بأس به ».

و - التقدم من مزدلفة إلى منى يرمون الجمار ويصلون الفجر في منازلهم بمنى - « لا بأس به ».

أقول: حمله الشيخ على المعذور لما تقدّم(١) ، ويأتي ما يدلّ على ذلك في أحاديث الرمي بالليل(٢) .

١٨ - باب استحباب التقاط حصى الجمار من جمع، وجواز أخذها من منى

[ ١٨٥١٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: خذ حصى الجمار من جمع، وإن أخذته من رحلك بمنى أجزأك.

وعنه، عن أبيه، عن حماد عن ربعي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) مثله(٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) ، وكذا الذي قبله.

[ ١٨٥١٣ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد، عن مثنى الحناط، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سألته عن الحصى التي يرمى بها الجمار؟ فقال: تؤخذ من جمع، وتؤخذ بعد ذلك من منى.

____________________

(١) تقدّم في الحديث ٣ من الباب ٨ وفي البابين ١١ و ١٦ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الأَحاديث ١ و ٣ و ٤ من الباب ١٤ من أبواب رمي جمرة العقبة.

الباب ١٨

فيه حديثان

١ - الكافي ٤: ٤٧٧ / ١، والتهذيب ٥: ١٩٥ / ٦٥٠.

(٣) الكافي ٤: ٤٧٧ / ٣.

(٤) التهذيب ٥: ١٩٦ / ٦٥١.

٢ - الكافي ٤: ٤٧٧ / ٢.

٣١

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

١٩ - باب جواز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم إلّا من المسجد الحرام ومسجد الخيف وممّا رمي به، ولا يجزئ من غير الحرم

[ ١٨٥١٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك، وأنّ أخذته من غير الحرم لم يجزئك.

قال: وقال: لا ترم الجمار إلّا بالحصى.

[ ١٨٥١٥ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم إلّا من المسجد الحرام ومسجد الخيف.

[ ١٨٥١٦ ] ٣ - وعنه، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن ياسين الضرير، عن حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سألته من أين ينبغي أخذ حصى الجمار؟ قال: لا تأخذ من موضعين: من خارج الحرم، ومن حصى الجمار، ولا بأس بأخذه من سائر الحرم.

____________________

(١) يأتي في الباب ١٩ من هذه الأبواب.

وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الحديث ٢٠ من الباب ٢ من أبواب أقسام الحج.

الباب ١٩

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٤٧٧ / ٥، والتهذيب ٥: ١٩٦ / ٦٥٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب رمي جمرة العقبة.

٢ - الكافي ٤: ٤٧٨ / ٨، التهذيب ٥: ١٩٦ / ٦٥٢.

٣ - الكافي ٤: ٤٧٨ / ٩، وأورد قطّعة منه في الحديث ١ من الباب ٥ من أبواب رمي جمرة العقبة.

٣٢

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) ، وكذا كل ما قبله.

[ ١٨٥١٧ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن حنان بن سدير، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: يجزيك أنّ تأخذ حصى الجمار من الحرم كلّه، إلّا من المسجد الحرام ومسجد الخيف.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

٢٠ - باب كراهة كون حصى الجمار صماء أو سوداء أو بيضاء أو حمراء، واستحباب كونها برشاً (*) كحلية بقدر الأنملة منقطّة ملتقطّة غير مكسرة

[ ١٨٥١٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) في حصى الجمار قال: كره الصم منها، وقال: خذ البرش.

محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله،(٣) .

[ ١٨٥١٩ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن

____________________

(١) التهذيب ٥: ١٩٦ / ٦٥٣.

٤ - الفقيه ٢: ٢٨٤ / ١٣٩٦.

(٢) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٥ من أبواب رمي جمرة العقبة.

الباب ٢٠

فيه ٣ أحاديث

(*) البرش: جمع برشاء، وهي الحصاة المشتملة على ألوأنّ مختلفة. ( مجمع البحرين - برش - ٤: ١٢٩ ).

١ - التهذيب ٥: ١٩٧ / ٦٥٥.

(٣) الكافي ٤: ٤٧٧ / ٦.

٢ - الكافي ٤: ٤٧٨ / ٧، والتهذيب ٥: ١٩٧ / ٦٥٦، وأورد قطّعة منه في الحديث ١ من الباب ٧، وذيله في الحديث ٣ من الباب ١٠ من أبواب رمي جمرة العقبة.

٣٣

محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: حصى الجمار تكون مثل الأنملة ولا تأخذها سوداء ولا بيضاء ولا حمراء، خذها كحلية منقطّة.

ورواه الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي مثله(١) .

[ ١٨٥٢٠ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: التقطّ الحصى ولا تكسرن منهنّ شيئاً.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا الذي قبله.

٢١ - باب أنّ من فاته الوقوف بالمشعر حتّى أتى منى ولو جهلاً وجب عليه العود والوقوف ولو بعد طلوع الشمس، وأنّه يجزي اختياري عرفة واضطراري المشعر، وأنّ كان رمى لزمه إعادة الرمي بعد الوقوف

[ ١٨٥٢١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن النخعي، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: من أفاض من عرفات إلى منى فليرجع وليأت جمعاً وليقف بها، وأنّ كان قد وجد الناس قد أفاضوا من جمع.

____________________

(١) قرب الإسناد: ١٥٨.

٣ - الكافي ٤: ٤٧٧ / ٤.

(٢) التهذيب ٥: ١٩٧ / ٦٥٧.

الباب ٢١

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٥: ٢٨٨ / ٩٧٨، وأورده في الحديث ١ من الباب ٤ من هذه الأبواب.

٣٤

[ ١٨٥٢٢ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، قال: قلت لأَبي عبدالله (عليه‌السلام ) : ما تقول في رجل أفاض من عرفات فأتى منى؟ قال: فليرجع فيأتي جمعاً فيقف بها، وإن كان الناس قد أفاضوا من جمع.

[ ١٨٥٢٣ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأَبي عبدالله (عليه‌السلام ) : رجل أفاض من عرفات فمرّ بالمشعر فلم يقف حتّى انتهى إلى منى فرمى الجمرة ولم يعلم حتّى ارتفع النهار، قال: يرجع إلى المشعر فيقف به ثمّ يرجع ويرمي الجمرة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن يونس بن يعقوب(٢) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

٢٢ - باب أنّ من فاته الوقوف بعرفات وجب عليه إتيانها والوقوف بها ليلاً، فإن خاف أن يفوته اختياري المشعر اجتزأ به ولم يرجع

[ ١٨٥٢٤ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن معاوية بن عمار، عن

____________________

٢ - الكافي ٤: ٤٧٢ / ٣.

٣ - الكافي ٤: ٤٧٢ / ٤.

(١) التهذيب ٥: ٢٨٨ / ٩٧٩.

(٢) الفقيه ٢: ٢٨٣ / ١٣٨٩.

(٣) يأتي في الأَحاديث ٥ و ٦ و ٧ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

الباب ٢٢

فيه ٤ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ٢٨٤ / ١٣٩٤، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٢٧ من هذه الأبواب.

٣٥

أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال في رجل أدرك الإِمام وهو بجمع، فقال: أنّ ظن أنّه يأتي عرفات فيقف بها قليلاً ثمّ يدرك جمعاً قبل طلوع الشمس فليأتها، وإن ظنّ أنّه لا يأتيها حتّى يفيضوا فلا يأتها، وليقم بجمع فقد تم حجه.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار مثله(١) .

[ ١٨٥٢٥ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات، فقال: إن كان في مهل حتّى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها، ثمّ يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أنّ يفيضوا، فلا يتمّ حجّه حتّى يأتي عرفات، وأنّ قدم رجل وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فإنّ الله تعالى أعذر لعبده، فقد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس، وقبل أن يفيض الناس، فإنّ لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحجّ فليجعلها عمرة مفردة، وعليه الحج من قابل.

[ ١٨٥٢٦ ] ٣ - وعنه، عن محمّد، عن سهل(٢) ، عن أبيه(٣) ، عن إدريس ابن عبدالله قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن رجل أدرك الناس بجمع وخشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها،

____________________

(١) الكافي ٤: ٤٦٧ / ٢.

٢ - التهذيب ٥: ٢٨٩ / ٩٨١، والاستبصار ٢: ٣٠١ / ١٠٧٦، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ١٩ من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة.

٣ - التهذيب ٥: ٢٨٩ / ٩٨٢، والاستبصار ٢: ٣٠١ / ١٠٧٧

(٢) في المصدر: محمّد بن سهل.

(٣) « عن أبيه » ليس في الاستبصار ( هامش المخطوط ).

٣٦

فقال: إن ظنّ أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات، فإن خشي أنّ لا يدرك جمعاً فليقف بجمع ثمّ ليفض مع الناس فقد تم حجّه.

[ ١٨٥٢٧ ] ٤ - وعنه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في سفر فإذا شيخ كبير فقال: يا رسول الله! ما تقول في رجل أدرك الامام بجمع؟ فقال له: إنّ ظنّ أنّه يأتي عرفات فيقف قليلاً ثمّ يدرك جمعاً قبل طلوع الشمس فليأتها، وإن ظنّ أنّه لا يأتيها حتّى يفيض الناس من جمع فلا يأتها وقد تمّ حجه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٢٣ - باب حكم من فاته الوقوف بعرفة وبالمشعر قبل طلوع الشمس

[ ١٨٥٢٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد ابن عيسى، عن حريز، قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن رجل مفرد(٣) للحج فاته الموقفان جميعاً؟ فقال له إلى طلوع الشمس يوم النحر(٤) ، فإن طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حجّ، ويجعلها عمرة،

____________________

٤ - التهذيب ٥: ٢٩٠ / ٩٨٣، والاستبصار ٢: ٣٠٣ / ١٠٨١.

(١) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الأَحاديث ٢ و ٣ و ٥ من الباب ١٧ من أبواب وجوب الحج، وفي الحديثين ٢١ و ٢٢ من الباب ٢ من أبواب أقسام الحج.

(٢) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الأَحاديث ٣ و ٤ و ١٣ و ١٤ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب.

الباب ٢٣

فيه ٢١ حديثاً

١ - التهذيب ٥: ٢٩١ / ٩٨٦، والاستبصار ٣: ٣٠٤ / ١٠٨٤.

(٣) في نسخة: سأل أبا عبدالله (عليه‌السلام ) رجل عن مفرد ( هامش المخطوط ).

(٤) في المصدر: من يوم النحر.

٣٧

وعليه الحجّ من قابل.

[ ١٨٥٢٩ ] ٢ - وعنه، عن القاسم بن عروة، عن عبيدالله وعمران ابني علي الحلبيّين، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحجّ.

[ ١٨٥٣٠ ] ٣ - وعنه، عن محمّد بن فضيل قال: سألت أبا الحسن (عليه‌السلام ) عن الحدّ الذي إذا أدركه الرجل أدرك الحج، فقال: إذا أتى جمعاً والناس في المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ ولا عمرة له، وأنّ لم يأت جمعاً حتّى تطلع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حجّ له، فأنّ شاء أقام(٣) ، وإن شاء رجع وعليه الحجّ من قابل(٢) .

[ ١٨٥٣١ ] ٤ - وبإسناده عن موسى بن القاسم، عن محمّد بن سنان قال: سألت أبا الحسن (عليه‌السلام ) ثمّ ذكر نحوه.

[ ١٨٥٣٢ ] ٥ - وعنه، عن محمّد بن سهل، عن أبيه، عن إسحاق بن عبدالله قال: سألت أبا الحسن (عليه‌السلام ) عن رجل دخل مكّة مفرداً للحجّ فخشي أن يفوته الموقف(٣) ، فقال له يومه إلى طلوع الشمس من يوم النحر، فإذا طلعت الشمس فليس له حجّ، فقلت له: كيف يصنع بإحرامه؟ قال:

____________________

٢ - التهذيب ٥: ٢٩٢ / ٩٩١ والاستبصار ٢: ٣٠٥ / ١٠٨٩، وأورده في الحديث ١ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

٣ - التهذيب ٥: ٢٩١ / ٩٨٧، والاستبصار ٢: ٣٠٤ / ١٠٨٥.

(١) في الاستبصار زيادة: بمكّة ( هامش المخطوط ).

(٢) أما العامّة فقالوا: إذا فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج مطلقاً سواء وقف بالمشعر أم لا، قاله العلامة في التذكرة. ( منه. قدّه ).

٤ - التهذيب ٥: ٢٩٠ / ٩٨٤ و ٢٩٤ / ٩٩٧، والاستبصار ٢: ٣٠٣ / ١٠٨٢ و ٣٠٦ / ١٠٩٤.

٥ - التهذيب ٥: ٢٩٠ / ٩٨٥، والاستبصار ٢: ٣٠٣ / ١٠٨٣.

(٣) في المصدر: الموقفان.

٣٨

يأتي مكّة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، فقلت له: إذا صنع ذلك فما يصنع بعد؟ قال: إن شاء أقام بمكّة، وإن شاء رجع إلى الناس بمنى، وليس منهم في شيء، وإن شاء رجع إلى أهله وعليه الحجّ من قابل.

[ ١٨٥٣٣ ] ٦ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عبدالله بن عامر، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبدالله بن المغيرة قال: جاءنا رجل بمنى فقال: إنّي لم أدرك الناس بالموقفين جميعاً - إلى أن قال: - فدخل إسحاق بن عمّار على أبي الحسن (عليه‌السلام ) فسأله عن ذلك، فقال: إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أنّ تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحجّ.

أقول: حمله الشيخ على إدراك ثواب الحجّ وأنّ لم يسقط فرضه، وجوّز كونه مخصوصا بمن أدرك عرفات أيضاً وهو بعيد، ويمكن حمل الأول وما في معناه على التقيّة، وعلى فوت شيء من الموقفين عمداً، وعلى نفي الكمال واستحباب الإِعادة لما يأتي(١) .

[ ١٨٥٣٤ ] ٧ - وبإسناده عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: قال: أتدري لم جعل المقام ثلاثا بمنى؟ قال: قلت لأَي شيء جعلت، أو لماذا جعلتها(٢) ؟ قال: من أدرك شيئاً منها فقد أدرك الحجّ.

ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه، ومحمّد بن الحسن، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم نحوه(٣) .

____________________

٦ - التهذيب ٥: ٢٩١ / ٩٨٩، والاستبصار ٢: ٣٠٤ / ١٠٨٦.

(١) يأتي في الأَحاديث ٨ و ٩ و ١١ و ١٣ و ١٥ من هذا الباب.

٧ - التهذيب ٥: ٤٨١ / ١٠٧٦.

(٢) في المصدر: جعلت.

(٣) علل الشرائع: ٤٥٠ / ١.

٣٩

[ ١٨٥٣٥ ] ٨ - قال الصدوق في ( العلل ): الذي افتي به وأعتمده في هذا المعنى ما حدّثنا به شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل ابن دراج، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: من أدرك المشعر يوم النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحجّ، ومن أدرك(١) يوم عرفة قبل زوال الشمس فقد أدرك المتعة.

[ ١٨٥٣٦ ] ٩ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: من أدرك المشعر الحرام يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحجّ.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله،(٢) .

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير إلّا أنّه قال: من أدرك الموقف بجمع يوم النحر(٣) .

[ ١٨٥٣٧ ] ١٠ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: من أدرك الـمِشعر الحرام وعليه خمسة من الناس فقد أدرك الحجّ.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير مثله، إلّا أنّه قال: على خمسة من الناس(٤) .

____________________

٨ - علل الشرائع: ٤٥٠ / ذيل الحديث ١.

(١) في المصدر: أدركه.

٩ - الكافي ٤: ٤٧٦ / ٣.

(٢) التهذيب ٥: ٢٩١ / ٩٨٨، والاستبصار ٢: ٣٠٤ / ١٠٨٧.

(٣) الفقيه ٢: ٢٤٣ / ١١٦٢.

١٠ - الكافي ٤: ٤٧٦ / ٥.

(٤) الفقيه ٢: ٢٤٣ / ١١٦١.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347