رحلتي من الظلمات إلى النّور

رحلتي من الظلمات إلى النّور12%

رحلتي من الظلمات إلى النّور مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 466

رحلتي من الظلمات إلى النّور
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 240781 / تحميل: 8308
الحجم الحجم الحجم
رحلتي من الظلمات إلى النّور

رحلتي من الظلمات إلى النّور

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

أحد من المسلمين ما له من المقام الأرفع في التقوى والزهد والورع. اذن فكيف يتصور في حقه انه يعلم بأن رسول الله أخبر بأن أمواله لا تكون ارثا بل تكون للمسلمين وهو يريد ان يستلبها منهم غصبا بدعوى الإرث ومخالفة لحكم الله وبيان الرسول ويستمر مع ذلك على المطالبة سنين عديدة. ولو تنزلنا عن هذا لقلنا لا يخفى ان عليا والعباس لهما شرف ومروءة وسداد في الرأي والقول فكيف يطالبان بالإرث من رسول الله مدة سنين ويعتر فان مع ذلك بالعلم بقول الرسول لا نورث ما تركناه صدقة. وكيف يسجلان على أنفسهما بهذا الاعتراف انهما يستمران على الدعوى الباطلة ومحاولة غصب المسلمين حقهم وأكل مالهم بالباطل. وأي صاحب شعور حتى من السفلة يقدم على ذلك فيشوه سمعته ويدنس مستقبله وإن لم يكن له رادع من تقوى الله. دع هذا ولكن كيف يجعله عمر مع ذلك من رجال الشورى المرشحين للخلافة والائتمان على امور المسلمين. فما رواية الاعتراف من علي (ع) مع إصراره على المطالبة بالإرث إلّا فلتة ممن لا يعرف كيف يتكلم فيما يرويه «ولا يقال» ان عمر ناشد عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعدا بمثل ما ناشد عليا والعباس فقالوا اللهم نعم «لأنا نقول» ان الراوي لهذه المناشدة وجوابها هو الراوي لمناشدته عليا والعباس وجوابهما وقد عرفت قيمة الرواية. وثانيا ان الرواية تذكر ان عمر سألهم عن علمهم بذلك لا عن سماعهم له من رسول الله فأجابوا بالعلم اعتمادا على رواية أبي بكر وعمله «ولا يقال» ان عائشة قد روت حديث لا نورث لنساء النبي (ص) «لأنا نقول» انها استندت على علمهن من رواية أبيها كما يدل عليه ما تقدم في انفراد أبي بكر في روايتها فلم يسعهن إلّا السكوت في الموقف الحرج «ولا يقال» ان أبا هريرة روى عن رسول الله كما في جوامع مسلم والترمذي وأبي داود لا يقتسم ورثتي دينارا ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة. وفي حديث آخر لا نورث ما تركناه صدقة «لأنا نقول» لا يخفى ان الرواية الأولى واردة في النقود وانه (ص) لا يدخر مما يملكه منها ما يبقى بعده بل ينفقها بسماحة النبوة ورأفتها وأبوته للأمة في سبيل الله والمحاويج. ولا يزاحم ذلك إلّا بالواجب الوقتي من نفقة نسائه ومؤنة عامله فهو (ص) على هذا المنوال وقتا بعد وقت فلا يبقى في خزائنه ما يكون معرضا لأن يتركه بعده إلّا ما كان من بيت المال والصدقات ان وسع المال ان يتربص به حاجة المسلمين في المستقبل. فالحديث اجنبي عن مثل الأراضي والعقار. واما الرواية الثانية فتكون بقرينة اتحاد الراوي جارية هذا المجرى ولا دلالة لها على اكثر من ذلك

٤١

- الأمر الثالث - ان رواية عائشة في تفرد أبي بكر بالرواية. وتداول نقلها بين العلماء والمصنفين وذكرها في الكتب كلها تشهد بأن الأصل في الرواية «انا معاشر الأنبياء لا نورث» وعلى ذلك جرى سطرها في الكتب. وعليه قال الرازي في تفسيره مذهب اكثر المجتهدين ان الأنبياء لا يورثون ثم ذكر انهم احتجوا بقول النبي (ص) نحن معاشر الأنبياء لا نورث. ويشهد لذلك ما في شمائل الترمذي من رواية أبي البختري ان عمر قال لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد نشدتكم الله أسمعتم رسول الله يقول كل مال نبي صدقة إلّا ما أطعمه اهله إلّا لا نورث ونحوه في كتاب الخراج من سنن أبي داود. وما رواه أحمد في مسند أبي بكر من قوله لفاطمة سمعت رسول الله يقول ان النبي لا يورث. إذن فالرواية مخالفة لكتاب الله في قوله تعالى في سورة النمل ١٦( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) وليس ارث العلم والنبوة لأن القرآن يدل على ان سليمان اوتي العلم والحكمة كداود في زمان داود كما في سورة الأنبياء ٧٧ و ٧٨ وفي قوله تعالى في سورة مريم في قول زكريا ودعائه ٤( إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ ) أي الأقارب الوارثين( مِنْ وَرائِي ) أي بعد موتي أي خاف من أن يكونوا هم الوارثين لماله. ومقتضى مقام النبوة انه خاف ذلك لأمر شرعي( وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً ) لم تلد لي ولدا يكون هو الوارث من بعدي دونهم( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ) من رحمتك وقدرتك ولدا( وَلِيًّا يَرِثُنِي ) ويكون له ما ابقيه من المال الذي خفت ان يرثه الموالي من ورائي. ولا يخفى ان مقام زكريا في النبوة يمنع من ان يقال انه خاف ان يرثه مواليه وأقاربه العلم والنبوة. وذلك لأن النبوة وعلمها أمر بيد الله في مقامها الخاص يجعلها لمن هو أهل لها ويمنعها عمن ليس بأهل ولا يخفى ذلك عمن هو دون زكريا إذن فلا يصح في المعقول ان يقال ان زكريا النبي خاف من ان يجعل الله النبوة وعلمها فيمن ليس بأهل لذلك. ولا انه خاف من ان يجعل الله النبوة وعلمها بحسب حكمته فيمن هو أهل لها. فلا بد من ان يكون الذي خافه هو إرث المال الذي يرثه البر والفاجر بحسب الشريعة. ومثل ذلك قوله تعالى عن زكريا في سورة الأنبياء ٨٨( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً ) بلا ولد وارث كما يدل عليه قوله( وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ٨٩ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى ) وان استجابة دعائه بالوارث تبطل ان يكون يحيى قتلوه في حياة أبيه زكريا حتى لو قلنا ان مراد زكريا ارث العلم والنبوة فان معنى ارث يحيى لهما من زكريا لا يستقيم في الكلام إلّا إذا وصلا ليحيى بعد موت زكريا. ودعوى الإجماع على قتل يحيى في حياة

٤٢

أبيه مجازفة تشهد دلالة القرآن ببطلانها - الأمر الرابع - في تدافع الحجّة المروية في أحاديث المسألة فإن الحديث الأول يذكر الاحتجاج أولا برواية انا لا نورث ما تركناه صدقة. وهذا كالصريح في دعوى ان أموال النبي (ص) التي هي ملكه في حياته يتصرف بها كيف يشاء تكون بعد وفاته صدقة مضافا إلى ان الاعتبار لا يساعد على ان يكون النبي محجورا عليه في أمواله وما أفاء الله عليه واضافه إليه وجعله له في نص القرآن فلا يكون كسائر المالكين يهب ويبيع ويعطي من اعيان أمواله على ما تقتضيه الحالة والمصلحة بل تكون صدقة لا يقدر ان يتصرف فيها إلّا على شيء من نمائها لنسائه فلا يساوي في أمواله التي جعلها الله له واحدا من المسلمين - لكن قول الحديث «إنما يأكل آل محمد من هذا المال يتضمن ان رسول الله (ص) كان محجورا عليه في املاكه بالنحو الذي ذكرناه وبمجرد ان يعطيه الله شيئا تكون أعيانه صدقة محجورا عليها. فالعبارتان في الحديث متدافعتان متنافيتان. ودع ما في العبارة الثانية ومؤدى حجرها على الرسول (ص). وعلى ذلك جرى قول الحديث «لا أغير شيئا من صدقة رسول الله عن حالها التي كانت عليها» إذ لو كان المدعى ان رسول الله (ص) جعلها صدقة بجعله لكان أمرا ثالثا تجب اقامة البينة الكافية عليه ولا يكفي في ذلك كون الرسول يتناول من نماء أمواله نفقة نسائه ويصرف الباقي في سبيل الله فإنه رسول الله وابو الأمة والإسلام معدن الرحمة والجود. «لا يقال» ان معنى المروي هو ان رسول الله (ص) جعل هذه الأموال صدقة في حياته وجرى في سيرته - لأنه يقال - لو كانت صدقة بجعل الرسول قبل وفاته بمدة سنين كما يروى من سيرته لكان ذلك من الأمور المشهورة ولما خفي على خواص أصحابه وعلى نسائه واهل بيته. ولما احتاج أبو بكر في رد فاطمة إلى رواية لا نورث ولا احتاجت عائشة في رد نساء النبي (ص) إلى هذه الرواية ولا احتاج لمناشدة عثمان والزبير وطلحة وسعد عن علمهم بها. مع ان الرواية اجنبية عن موضوع النزاع على هذا التقدير بل الذي يلزم هو اقامة الحجّة على وقوع التصدق منذ سنين والاستشهاد عليه. وفي رواية مسلم والبخاري في باب فرض الخمس «واما خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال هما صدقتا رسول الله كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر» والكلام في هذه الفقرة كالكلام في سابقتها. وان كل مالك تكون أمواله لحقوقه التي تعروه ونوائبه. وتزيد هذه الفقرة بدعوى ان أمر فدك وخيبر إلى من ولي الأمر. فإن المقام مقام مطالبة بالحقوق على الموازين الشرعية والحجج لا مقام استفتاء يكتفي فيه بالفتيا المجردة والدعوى

٤٣

المحضة - ومما ذكرناه - يعرف التدافع في حديث مالك بن أوس في الجمع فيها بين الاحتجاج برواية لا نورث ما تركناه صدقة وبين الاحتجاج بأن رسول الله (ص) كان ينفق من مال بني النظير على اهله نفقة سنتهم ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله كما في روايات البخاري وفي رواية مسلم ثم يجعل ما بقي أسوة المال. ولا يخفى ان للناس في أموالهم شؤونا وهل يجب شرعا أو عقلا أو عادة ان تجرى أموال الشخص بعد موته على ما كانت تجرى عليه في حياته وان رسول الله (ص) في تفانيه في ذات الله والإسلام ورحمته بالمسلمين لو ملك اضعاف ما ملك لاقتصر على واجب النفقة وأنفق الباقي في سبيل الله وأما بعد وفاته فيرجع الأمر إلى شأن وارثه وليس لأحد ان يتحكم بفعل الموروث في النماء ما لم يثبت انه تصدق بالعين في حياته. ومما يزيد في الاضطراب والتدافع في ما يروى من الحجّة ما ذكرناه مما رواه أحمد في مسند أبي بكر عن عمر عن أبي بكر انه سمع رسول الله يقول النبي لا يورث وانّما ميراثه في فقراء المسلمين والمساكين. ويزيد ذلك بما ذكرناه في الحديث الثالث من قول أبي بكر سمعت رسول الله (ص) ان الله إذا اطعم نبيه طعمة فهي للذي يقوم من بعده. ويزيد في الاضطراب ما ذكرناه من شمائل الترمذي - الوجه الثالث - قد سمعت مما تقدم من جامعي البخاري ومسلم وتاريخ الطبري ان فاطمة طالبت أبا بكر بإرثها مما أفاء الله على رسوله بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فردها أبو بكر برواية لا نورث ما تركناه صدقة وفي رواية مالك بن أوس ان عمر قال في فدك وخمس خيبر انهما صدقة رسول الله وأمسكهما. إذن فكيف بلغ الحال إلى ما رواه أبو داود في كتاب الخراج من سننه في فدك انه لما مضى أبو بكر وعمر اقطعها «بالبناء للمجهول» مروان بن الحكم وبقيت في ولده حتى ردها عمر بن عبد العزيز. وقد صرح جماعة كثيرون بما يفهم من الحديث من ان الذي أقطعها مروان هو عثمان في أيامه كما في السيرة الحلبية والمرقاة وغيرها. وما اكثر وجوه الاشكال في هذه المسألة ورواياتها وذلك في ذمة تاريخها - هذا ومن المعلوم عند أهل البيت والإمامية وعليه حديثهم ان فدكا كانت نحلة من رسول الله لفاطمة وكانت تحت يدها وعمل عاملها في حياة رسول الله (ص) ولما طرد عاملها ادعت النحلة وقدمت لأبي بكر شهودها فلم ينفعها ذلك أصلا. ونقل ابن أبي الحديد في شرح النهج عن قاضي القضاة قوله انا لسنا ننكر صحة ما روي من ادعائها فدكا وأما انها كانت في يدها فغير مسلم ونقل أيضا عن كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري أحاديث جمة في ادعائها

٤٤

(ع) نحلة فدك وذكر في المواقف وشرحها في المقصد الرابع من مقاصد الإمامة انها ادعت النحلة وشهد لها علي والحسنان وأضاف في المواقف ام كلثوم وقال في شرحها الصحيح انها ام ايمن : وقال ابن حجر في الشبهة السابعة من الباب الخامس من الفصل الأول في صواعقه ودعواها ان رسول الله (ص) نحلها فدكا لم تأت عليها بشاهد إلّا بعلي وام أيمن ونحوه في معجم البلدان وفتوح البلدان للبلاذري. وقال الشهرستاني في الملل والنحل الخلاف السادس في أمر فدك والتوارث عن النبي (ص) ودعوى فاطمة تملكا تارة ووراثة اخرى حتى دفعت عن ذلك بالرواية المشهورة عن النبي (ص) نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة. وفي كتاب امير المؤمنين علي إلى عامله عثمان بن حنيف «بلى كانت في أيدينا فدك فشحت عليها نفوس قوم وسخت بها نفوس قوم آخرين ونعم الحكم الله» وفي الدّر المنثور في تفسير قوله تعالى( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) من سورة بني إسرائيل أخرج البزاز وابو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال لما نزلت هذه الآية( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) دعا رسول الله فاطمة فأعطاها فدكا. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال لما نزلت( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) اقطع رسول الله فاطمة فدكا. ونقل السيوطي أيضا هذين الحديثين في لباب النقول وذكر ان الطبراني أخرج الحديث الأول عن أبي سعيد وفي كنز العمال ومختصره في صلة الرحم من كتاب الأخلاق عن تاريخ الحاكم عن أبي سعيد قال لما نزلت( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) قال النبي (ص) يا فاطمة لك فدك - هذا ولكن لما وردت دعوى الزهراء في نحلة فدك ولم تنفعها فيها شهادة علي والحسنين وأم أيمن ويا للعجب عدلت إلى المطالبة بها بوجه الإرث اقلا كسائر المتروكات هذا وان صاحب المنار ذكر عن الالوسي في تفسيره روح المعاني احتجاجه على الشيعة في ان الأنبياء لا يورثون بأمرين - أحدهما - ما

رواه في اصول الكافي بسنده عن أبي البختري وهب عن الصادق (ع) قوله : ان العلماء ورثة الأنبياء وذلك ان الأنبياء لا يورثوا دينارا ولا درهما وانّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم. الحديث. فاحتج بان «إنّما» تفيد الحصر «ويدفعه» أنَّ الحصر لم يكن إضافيا بالنسبة إلى الدينار والدرهم فهو حصر بالنسبة لحملة الحديث من سائر الناس وعامتهم لا وارث المال من الأقرباء ومن المعلوم أنَّ سائر الناس لا يرثون من الأنبياء إلّا الحديث في العلم ولا إرث للعلماء من الأنبياء إلّا ذلك - وثانيهما - بأن تركة النبي (ص) وقعت في أيدي جماعة من المعصومين عند الشيعة والمحفوظين عند أهل

٤٥

السنّة كعلي والحسنين وعلي بن الحسين فلم يعطوا منها العباس ولا بنيه ولا أزواج النبي (ص) ولو كان الميراث جاريا في تلك التركة لشاركوهم قطعا «ويدفعه» أنَّ ما يشير إليه من نحو العمامة المقدّسة والسّلاح والرواية قد كان رسول الله (ص) أعطاه في مرضه لعليٍّ على أنّها من مختصات الإمامة ولذا صارت تنتقل من إمام إلى إمام وعلى ذلك يجري ما رواه أحمد في مسند أبي بكر عن ابن عباس بسند لو لم يكن صحيحا عندهم لكان حسنا مقبولا قال: لما قبض رسول الله (ص) واستخلف أبو بكر خاصم العباس عليا في أشياء تركها رسول الله (ص) فقال أبو بكر شيء تركه رسول الله فلم يحركه فلا أحركه. فلما استخلف عمر اختصما إليه فقال شيء لم يحركه أبو بكر فلا أحركه. فلما استخلف عثمان اختصما إليه فسكت ونكس رأسه فخشيت ان يأخذه فضربت بين كتفي العباس فقلت: يا أبت أقسمت عليك إلّا سلمته لعلي فسلمه اليه. ورواه في كنز العمال ومنتخبه في أول كتاب الخلافة عن البزاز أيضا. ولو تنزلنا عن ذلك وفرضنا كونها تركة موروثة لقلنا ان عدم اعطائهم للعباس لأنه لا يرث مع فاطمة عند أهل البيت لآيات الأقربين واولي الأرحام كما مر في مسألة التعصيب. وأما أزواج النبي (ص) فيجوز ان يكون قد طبن نفسا بذلك لفاطمة (ع) لسماحتها لهن ببقائهن في بيوتهن وتصرفهن بما فيها من ادارة البيت احتراما لمقامهن من رسول الله أو لغير ذلك من الوجوه. ويجوز أيضا أنْ تكون تلك الأشياء تستخلص في سائر الطبقات من بقية الوراث بطيب النفس أو بالمعاوضة فلا تشبث بذلك للالوسي وصاحب المنار.

- الأمر الثامن في العول: ومحل النزاع فيه بين النافين له والمثبتين هو ان يجتمع من الفرائض المذكورة في القرآن الكريم بحسب صورة إطلاقها ما يتزاحم ولا يمكن اجتماعه مع الإطلاق وبقائه على معناه. فالقائل بالعول يخرج اسماء الفرائض في مسائل عوله عن معانيها الحقيقية لكي يقسم المال على نسبة تلك المعاني بعضها من بعض. والنافون للعول يستدلون على تقييد بعض المطلقات في تلك المسائل فيرتفع التزاحم. وتحرير الكلام هو أنَّ الصور التي يفرض تزاحم الفرائض فيها في الظاهر هي على ما يخطر في ذهني في الحال اثنتان وعشرون صورة ثلاثة عشر منها متفق على إمكان تصويرها ووقوعها بين المسلمين وتسعة منها يختص تصويرها بأهل السنة لأنهم يورثون الاخوة والأخوات مع الأمّ فلنذكر هذه الصور وما تصير إليه فرائضها على تقدير العول ليتضح وجه الحجّة والكلام في المسألة ان شاء الله وان استلزم التطويل -

٤٦

فالصور المتفّق عليها الأولى منها - زوج وبنت وأم وأب. يصير فيها على العول ربع الزوج ثلاثة من ثلاثة عشر ونصف البنت ستة من ثلاثة عشر وكل من سدسي الأب والأم اثنين من ثلاثة عشر - الثانية - زوج وبنتان فما فوق وأم وأب. يصير فيها ربع الزوج ثلاثة من خمسة عشر وهو الخمس وثلثا البنات ثمانية من خمسة عشر وكل من سدسي الأب والأم اثنين من خمسة عشر - الثالثة - زوج وبنتان فما فوق وواحد من الأبوين. يصير فيها ربع الزوج ثلاثة من ثلاثة عشر. وثلثا البنات ثمانية من ثلاثة عشر. وسدس أحد الأبوين اثنين من ثلاثة عشر - الرابعة - زوج وأخت من الأبوين أو الأب واثنان من كلالة الأم. يصير فيها نصف الزوج ثلاثة من ثمانية وكذا نصف الأخت. وكل واحد من سدسي الكلالة واحد من ثمانية وهو الثمن - الخامسة - الصورة السابقة مع كون الكلالة من الأم فيها اكثر من اثنين يصير النصفان فيها كما في التي قبلها وثلث الكلالة ربعا - السادسة - الصورة السابقة وكلالة الأم واحد. يصير فيها كل من النصفين ثلاثة من سبعة وسدس الكلالة واحد من سبعة - السابعة - زوج واختان فما فوق من الأب أو الأبوين. يصير فيها نصف الزوج ثلاثة من سبعة وثلثا الأخوات اربعة من سبعة - الثامنة - الصورة السابقة وواحد من كلالة الأم. يصير فيها نصف الزوج ثلاثة من ثمانية وثلثا الأخوات أربعة من ثمانية وهو النصف وسدس الكلالة ثمنا - التاسعة - الصورة السابقة وكلالة الأم فيها اثنان. يصير فيها نصف الزوج ثلاثة من تسعة وهو الثلث وثلثا الأخوات اربعة من تسعة وكل من سدسي الكلالة واحدا من تسعة - العاشرة - الصورة السابقة وكلالة الأم أكثر من اثنين وقسمتها كسابقتها ويكون ثلث الكلالة اثنين من تسعة - الحادية عشر - زوجة وبنتان فما فوق وأم وأب. يصير فيها ثلثا البنات ستة عشر من سبعة وعشرين(١) وثمن الزوجة ثلاثة من سبعة وعشرين وهي التسع - الثانية عشر - زوجة واختان فما فوق من الأب أو الأبوين مع اثنين من كلالة الأم. تصير فيها القسمة كسابقها - الثالثة عشر - هذه الصورة وكلالة الأم فيها اكثر من إثنين وتصير كسابقتها وثلث الكلالة ثمانية من سبعة وعشرين «وأما المختصّة» بمواريث أهل السنة فهي - الرابعة عشر - زوج وام وأخت من الأب والأبوين يصير فيها كل من نصفي الزوج والأخت ثلاثة من ثمانية وثلث الأم اثنين من ثمانية وهو الربع - الخامسة عشر - زوج وأم واختان فما فوق من الأب أو الأبوين يصير فيها نصف الزوج ثلاثة من تسعة وهو الثلث وثلثا الأخوات

٤٧

أربعة من تسعة وثلث الأم اثنين من تسعة - السادسة عشر - الصورة السابقة مع واحد من كلالة الأم. يصير فيها نصف الزوج ثلاثة من عشرة وثلث الأمّ اثنين من عشرة وهو الخمس وثلثا الأخوات اربعة من عشرة وسدس الكلالة واحد من عشرة - السابعة عشر - الصورة السابقة مع ثان من كلالة الأم. يصير فيها نصف الزوج ثلاثة من أحد عشر وثلث الأمّ اثنين من أحد عشر وثلثا الأختين اربعة من أحد عشر وكل من سدسي الكلالة واحد من أحد عشر - الثامنة عشر - الصورة السابقة ويكون فيها كلالة الأمّ اكثر من اثنين. يصير فيها ثلث الكلالة اثنين من أحد عشر - التاسعة عشر - زوجة وام وأختان فما فوق من الأب أو الأبوين. يصير فيها ربع الزوجة ثلاثة من خمسة عشر وهو الخمس وثلث الأم اربعة من خمسة عشر وثلثا الأخوات ثمانية من خمسة عشر - العشرون - الصورة السابقة مع واحد من كلالة الأمّ. يصير ربع الزوج فيها ثلاثة من سبعة عشر وثلث الأمّ أربعة من سبعة عشر وثلثا الأخوات ثمانية من سبعة عشر وسدس الكلالة اثنين من سبعة عشر - الحادية والعشرون - الصورة السابقة مع ثان من كلالة الأمّ يصير فيها ربع الزوج ثلاثة من تسعة عشر وثلث الأم اربعة من تسعة عشر وثلثا الأخوات ثمانية من تسعة عشر وكل من سدسي الكلالة اثنين من تسعة عشر - الثانية والعشرون - الصورة السابقة ويكون فيها كلالة الأم أكثر من اثنين. يصير ثلثهم فيها أربعة من تسعة عشر.

إذن فعلى القول بالعول وما تقدم من الحساب في الصور المذكورة يصير معنى الثمن المذكور في القرآن للزوجة أو الزوجات واحدا من ثمانية كما في غير مسائل العول وواحدا من تسعة أي تسعا في الصور الحادية عشر والثانية عشر والثالثة عشر : ويكون ربع الزوجة واحدا من أربعة في غير العول وواحد من خمسة كما في الصورة التاسعة عشر وثلاثة من سبعة عشر كما في الصورة العشرين وثلاثة من تسعة عشر كما في الحادية والعشرين والثانية والعشرين. وربع الزوج ثلاثة من ثلاثة عشر كما في الصورة الأولى والثالثة وثلاثة من خمسة عشر كما في الثانية ويكون نصف الزوج واحدا من اثنين في غير العول وثلاثة من سبعة كما في الصورة السادسة والسابعة. وثلاثة من ثمانية كما في الرابعة والخامسة والثامنة والرابعة عشر. وثلاثة من تسعة أي ثلثا كما في التاسعة والعاشرة والخامسة عشر. وثلاثة من عشرة كما في السادسة عشر. وثلاثة من أحد عشر كما في السابعة عشر والثامنة عشر. وتزيد معاني النصف بالنظر إلى نصفي البنت والأخ

٤٨

فيكون أيضا ستة من ثلاثة عشر كما في الصورة الأولى. وثلاثة من ثمانية كما في الرابعة والخامسة والرابعة عشر. وثلاثة من سبعة كما في السادسة فيكون للنصف سبعة معان : ويكون سدس الأب أو الأم أو الواحد من كلالة في غير العول واحدا من ستة. واثنين من ثلاثة عشر كما في الصورة الأولى والثالثة. واثنين من خمسة عشر كما في الثانية. وأربعة من سبعة وعشرين كما في الحادية عشر. وواحدا من سبعة كما في السادسة. وواحدا من ثمانية كما في الرابعة والثامنة. وواحدا من تسعة كما في التاسعة. واربعة من سبعة وعشرين كما في الثانية عشر. وواحدا من عشرة كما في السادسة عشر. وواحدا من أحد عشر كما في السابعة عشر. واثنين من سبعة عشر كما في الصورة العشرين. واثنين من تسعة عشر كما في الحادية والعشرين. فيكون للسدس اثنا عشر معنى : ويكون الثلث لكلالة الأم واحدا من ثلاثة في غير العول. واثنين من ثمانية كما في الخامسة. واثنين من تسعة كما في العاشرة. وثمانية من سبعة وعشرين كما في الثالثة عشر. واثنين من أحد عشر كما في الثامنة عشر. واربعة من تسعة عشر كما في الثانية والعشرين : ويكون الثلث للأم اثنين من ثمانية كما في الرابعة. واثنين من تسعة كما في الخامسة عشر. واثنين من عشرة كما في السادسة عشر. واثنين من أحد عشر كما في السابعة عشر والثامنة عشر. واربعة من خمسة عشر كما في التاسعة عشر. واربعة من سبعة عشر كما في الصورة العشرين : واربعة من تسعة عشر كما في الحادية والعشرين والثانية والعشرين. ويكون أيضا باعتبار ثلثي البنات والأخوات له معان أخر فإن الثلثين يكونان ثمانية من خمسة عشر في الصورة الثانية وثمانية من ثلاثة عشر في الثالثة. واربعة من سبعة في السابعة. واربعة من ثمانية في الثامنة. واربعة من تسعة في التاسعة والعاشرة والخامسة عشر. وستة عشر من سبعة وعشرين في الحادية عشر والثانية عشر والثالثة عشر. واربعة من عشرة في السادسة عشر والثامنة عشر. وثمانية من خمسة عشر في التاسعة عشر. وثمانية من سبعة عشر في الصورة العشرين. وثمانية من تسعة عشر في الحادية والعشرين والثانية والعشرين. فيكون للثلث باعتبار ثلث الأم وثلث كلالتها وثلثي البنات والأخوات أحد وعشرون معنى.

إذا تحرر هذا فنقول ان الله العليم الخبير والذي أحصى كل شيء علما وعددا لا شك في انه يمتنع على جلاله ان يكون قد جعل الفرائض وهو لا يعلم بما يؤدي إليه تزاحمها كما في فروض مسائل العول. إذن فلم يبق في المسألة إلّا وجهان - أحدهما - ان يكون استعمل

٤٩

ألفاظ الفرائض في معانيها الحقيقة في غير مسائل العول وفي المعاني الكثيرة المتنافرة التي يؤول إليها تقسيم العول كما شرحناه - وثانيهما - ان يكون الشارع في الموارد يتراءى فيها تزاحم الفرائض بحسب الظاهر البدوي من إطلاقها قد قيد بعض مطلقاتها وأخرج بعض مصاديقها منها بحيث لا يحصل التزاحم وأوكل أمر هذه المصاديق إلى عمومات الإرث بالقرابة وآيات الأقربين واولي الأرحام - لكن - الوجه الاول باطل ممتنع في اللغة لأنه يستلزم استعمال اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد في معناه الحقيقي ومعان أخر متنافية متشتتة لا جامع بينها كما شرحناه وليس فيما بين كل واحد منها وبين المعنى الحقيقي علاقة تصحح التجوز فانها كلها في مقام التقسيم واناطة الحكم بخصوصيات الكسور فتكون بذلك معاندة ومنافرة للمعنى الحقيقي ومتعاندة ومتنافرة فيما بينها. على انه لا يجوز الجمع في الاستعمال بين الحقيقة والمجاز حتى مع وجود العلاقة ووضوحها كما تحرر في الأصول. ومما يشهد لذلك ان الأوائل القائلين بالعول من الصحابة لم يدعوا أن تزاحم الفرائض صار قرينة على ان الله أراد من ألفاظها ما ذكرناه من تلك المعاني الكثيرة بل جعلوا العول من قبيل الصلح القهري عند اشتباه الحكم الشرعي لأنه لم يتضح لهم من قدم الله ومن أخره كما يعرف من رواية عبيد الله عن ابن عباس. كما يشهد لذلك ان ابن عباس اكتفى في ابطال العول بعلم الله وإحصائه لرمل عالج عددا ولم يخطر في خياله ان الله أراد من اسماء الفرائض تلك المعاني الكثيرة وعلى ذلك يجري تصويب الزهري لقوله واحتجاجه وما ذاك إلّا لأن ما ذكرناه من الامتناع خصوصا في هذا المقام مرتكز في الغريزة مستحكم في الفطرة. هذا ولو تنزلنا وجوزنا الجمع بين كل من المعنى الحقيقي والمعنى المجازي في استعمال واحد لما كان هذا المقام من واديه ولا يدانيه لما ذكرناه من المعاندة في مقام التقسيم - فان قيل - يمكن ان يكون ألفاظ الفرائض مستعملة في الجامع بين تلك المعاني المتشتتة وهو عنوان الجزء المطلق من التركة وما يشبهه - قلنا - إذا كان المسمى والمعنى هو الجزء المطلق وكانت اسماء الفرائض كالمترادفة فما هي الفائدة فيها والمحصل منها. ولماذا يعطى في كل مورد من موارد العول وغيره جزء مخصوص ومقدار معين - فان قيل - انا نعطي تلك المقادير المخصوصة من باب تزاحم الحقوق المجعولة - قلنا - أولا لماذا تعطون في غير العول مقادير مخصوصة على مقتضى المعاني الحقيقية لألفاظ الفرائض كالنصف والثلث مثلا. وثانيا. إذا كانت اسماء الفرائض اسماء للجزء المطلق لم يكن هناك تزاحم حقوق بل يعطون

٥٠

على التساوي. فلا مناص إذن عما ذكرناه قبلا من ثاني الوجهين وهو التقييد لإطلاق بعض الفرائض التي لا تخرج أسماؤها عن معانيها الحقيقية والرجوع في موردها إلى الإرث بالقرابة. فعلينا البحث في تعيين ما هو خارج عن الإطلاق ويرجع أمر مورده إلى آيات الأقربين واولي الأرحام. فإن أصبناه انحل اشكال التزاحم وإلا وجب التوقف والرجوع إلى الصلح ما بين الورثة في هذه الموارد المشكلة بظاهر التزاحم. بل لو تمحلنا وجوزنا استعمال القرآن الكريم لألفاظ الفرائض على الوجه الأول المخالف للمعنى الحقيقي والراجع إلى الألغاز والمعميات بل الطلاسم لكان الحمل على التقييد هنا هو المتعين لأنه لا تجوز فيه وهو شايع جدا في المحاورات والقرآن الكريم. ومعرفة الخارج عن الإطلاق قريبة من التناول ووجه التقييد واضح كما قاله ابن عباس كما ذكره في كنز العمال ومختصره عن أبي الشيخ في فرائضه والبيهقي في سننه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ورواه ابن حزم الاندلسي في كتابه المحلى عن إسماعيل القاضي كما رواه المشايخ في الكافي والفقيه والعلل والتهذيب بأسانيدهم عن الفضل بن شاذان عن محمد بن يحيى جميعا عن علي بن عبد الله المدائني(١) ورواه أيضا في التهذيب سماعا واجازة عن ابن عبدون عن أبي طالب الانباري عن أبي بكر الحافظ أحمد بن هوده عن علي بن محمد الحصيني جميعا عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال خرجت انا وزفر بن أوس إلى ابن عباس فتحدثنا عنده حتى عرض ذكر فرائض المواريث فقال ابن عباس سبحان الله العظيم أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا. النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث. فقال له زفر يا أبا العباس من أول من أعال الفرائض فقال عمر بن الخطاب لما التقت عنده الفرائض ودافع بعضها بعضا قال ما ادري كيف اصنع. ما أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر وما أجد في هذا المال شيئا أحسن من أن أقسمه عليكم بالحصص. ثم قال ابن عباس وايم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة. فقال له زفر وأيهم قدم الله وأيهم أخر. فقال كل فريضة لم يهبطها الله إلّا إلى فريضة فهذا ما قدم وأما ما أخر فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلّا ما بقي فذلك الذي أخر. فأما التي قدم الله فالزوج له النصف فإذا دخل

__________________

(١) في التقريب ثقة ثبت امام اعلم أهل عصره بالحديث وعلله. إلى غير ذلك من تفخيم ابن عيينة والبخاري والنسائي له

٥١

عليه ما يزيله رجع إلى الربع لا يزيله عنه شيء. والزوجة لها الربع فإن زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزيلها عنه شيء. والأم لها الثلث فإن زالت عنه صارت إلى السدس ولا يزيلها عنه شيء. والذي أخر فريضة الأخوات والبنات النصف والثلثان فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لهن إلّا ما بقي. فإذا اجتمع ما قدم الله وما أخر بدء بمن قدم فأعطي حقه كاملا فإن بقي شيء كان لمن أخر. فقال زفر فما منعك يا ابن عباس من ان تشير عليه بهذا الرأي قال ابن عباس هبته. قال ابن شهاب والله لو لا انه تقدمه امام عدل أمره إلى الورع لما اختلف على ابن عباس اثنان من أهل العلم إنتهى ورواه الحاكم في الصحيح على شرط البخاري ومسلم بسنده عن علي بن عبد الله المدائني إلى آخر السند المتقدم من قول ابن عباس أول من أعال الفرائض عمر إلى قوله فإن بقي شيء كان له. وفي ذلك محل الغرض من احتجاج ابن عباس فيمن قدم الله ومن أخر وبيان الوجه الذي يعرف منه التقييد لبعض المطلقات. فانه لو دخل ولد ذكر مع البنت أو البنات أو أخ مع الأخت أو الأخوات زلن عن فرضهن ولم يكن لهن مع أخيهن إلّا ما بقي. بل لو كان في مقامهن ولد أو أولاد أو أخ أو اخوة لم يكن لهم إلّا ما بقي. فيكشف ذلك عن ان هذا هو الشأن المشروع في مقام هذه الوراثة. وعلى ذلك جرى ما رواه المشايخ الثلاثة في الكافي والفقيه والتهذيب في الصحيح عن الباقر (ع) قال كان علي (ع) يقول ان الذي احصى رمل عالج يعلم ان السهام لا تعول على ستة. لو يبصرون وجهها لم تجز ستة إنتهى يعني (ع) ان كل فريضة تعطى مثل مخرجها وهو ما بنسبتها من الستة فصاحبة الثمن تعطى ثلاثة أرباع الواحد من الستة. وصاحب الربع يعطى واحدا ونصفا من الستة(١) ومراده (ع) من وجهها هو ما ذكرناه من التقييد للإطلاق في فرائض البنت والبنات والاخت والأخوات في صور التزاحم : وروى الشيخ في التهذيب عن ابن عبدون عن أبي طالب الانباري عن الحسن بن محمد بن أيوب عن عثمان بن أبي شيبة عن يحيى بن أبي بكر عن شعبة عن سماك عن ابى عبيدة السلماني قال كان علي (ع) على المنبر فقام إليه رجل فقال يا امير المؤمنين رجل مات وترك ابنتيه وأبوين وزوجة فقال (ع) صار ثمنها تسعا قال سماك فقلت لعبيدة وكيف ذلك

__________________

(١) لكنا في صور التقسيم السابق حذرا من الكسور جعلنا المخرج لما فيه الثمن اربعة وعشرين ليكون الثمن ثلاثة بلا كسر. ولما فيه الربع اثني عشرة ليكون الربع ثلاثة بلا كسر

٥٢

قال ان عمر بن الخطاب وقعت في إمارته هذه الفريضة فلم يدر ما يصنع فقال له اصحاب محمد (ص) أعط هؤلاء فريضتهم للأبوين السدسان وللزوجة الثمن وللبنتين ما يبقى فقال واين فريضتهما الثلثان فقال علي (ع) لهما ما يبقى فأبي ذلك عليه عمر وابن مسعود قال أبو عبيدة واخبرني جماعة من اصحاب علي (ع) بعد ذلك في مثلها انه اعطى الزوج الربع مع البنتين وللأبوين السدس والباقي رد على البنتين وذلك هو الحق وان أباه قومنا إنتهى ومن الواضح ان قوله (ع) صار ثمنها تسعا خارج مخرج الإنكار والتألم من قسمة العول وهو ان الذي سماه الله ثمنا كيف يكون تسعا وكيف يطلق لفظ الثمن في استعمال واحد على جزء من ثمانية وعلى جزء من تسعة : هذا واما الأحاديث الواردة في بطلان العول ودخول النقص على البنات والأخوات عن الأئمة من أهل البيت علي والباقر والصادق والرضاعليهم‌السلام فهي كثيرة تناهز التواتر أكثرها من الصحيح وعلى مقتضاها اجماع الإمامية ومذهب ابن عباس ومحمد بن الحنفية وحكاه المرتضى في الإنتصار عن عطا بن رياح وداود بن علي الاصفهاني. وفي المحلى لابن حزم قال به أبو سليمان وجميع أصحابه يعني داود إنتهى وذهب إليه الناصر جد المرتضى في الناصريات واختاره ابن حزم في المحلى.

احتجوا للقول بالعول بوجوه - الأول - انه لا بد من النقص عند تزاحم الفرائض. ودخوله على بعض دون بعض ترجيح من دون مرجح ومقتضى العدل هو إدخاله على الجميع - ويدفعه - ان المقام مقام جعل وتشريع واتباع الشرع في القسمة وقد أوضحنا انه يمتنع ان يكون في أدلة التشريع ولفظه ما يراد منه دخول النقص على الجميع. اذن فإدخال النقص على الجميع تحكم باطل على الشرع لأعدل. خصوصا إذا علمنا انه لا بد فيه من التقييد لبعض المطلقات. واما إدخال النقص على البعض فانما هو لترجيح الدليل وتعيينه كما قدمناه عن ابن عباس وما جاء عن أهل البيت (ع) وإجماع الإمامية - الثاني - القياس على الحكم بالتقسيط فيما اوصى الإنسان بوصية نافذة بنصف الألف لزيد ونصفها لعمرو وثلثها لبكر مثلا - ويدفعه - أولا بطلان القياس من أصله. وثانيا. انه قياس مع الفارق فانا إذا لم نجد في هذه الوصية قرينة على العدول أو التقييد كان قرينة ارادة الموصي بلفظي النصف والثلث مجازا بنحو اللغز هو الجزء الناتج من التقسيط على نسبة المعاني الحقيقية. وليس في هذا ما يستلزم الممتنع من الجمع

٥٣

في الاستعمال الواحد بين المعنى الحقيقي والمعاني المتعددة المتنافية المتباينة وهذا إذا جاز من الناس لا نجوز مثله من القرآن الكريم فضلا عن ان محل الكلام في العول يستلزم امرا ممتنعا في اللغة وهو الجمع بين المعنى الحقيقي والمعاني المتباينة المتنافرة كما شرحناه ولو تمحلنا وجوزناه على الناس في هذل الاحاجي والالغاز لما جاز على مجد القرآن الكريم في البيان لتمييز السهام - من وجوه القياس - ان المال إذا قصر عن ديون الغرماء يوزع عليهم على نسبة ديونهم - ويدفعه - مع انه قياس ان الفارق جلي. فإن قصور المال لا ينافي ثبوت الدين في الذمة بمقاديره الحقيقية ولم يكن ثبوته مبتنيا على استعمال ممتنع في اللفظ الواحد. وان توزيع المال على الدين لم يكن في حال يئول إلى العلم الإجمالي فضلا عن التفصيلي بالتقييد وخروج البعض من افراد الدين عن الإطلاق الذي في دليل ثبوته واستحقاقه. فما هذا القياس إلّا من نحو قياس الضد على ضده في جهة المضادة - الثالث - رواية القول بالعول عن علي (ع) في رواية عبيدة السلماني بقوله (ع) صار ثمنها تسعا - ويدفعه - ما ذكرناه من ظهوره في نفسه في خروجه مخرج الإنكار فضلا عما ذكرناه من تتمة الرواية عن عبيدة وفضلا عن المعلوم المنقول عن أئمة أهل البيت وغيرهم من انه (ع) كان ينكر على القول بالعول - الرابع - النقض على الحل لمسئلة التزاحم بتقييد بعض المطلقات وتقديم من قدمه الله وتأخير من اخره وإدخال النقص على البنات أو الأخوات من الأب أو الأبوين وذلك بما إذا كان التزاحم في فرائض من قدمه الله كما إذا كان الوراث زوجا واما واثنين من كلالة الأم أو اكثر فإن المال لا ينقسم على نصف وثلث وسدسين. وكذا إذا كان مع هؤلاء اخت أو اختان من كلالة الأب أو الأبوين فإن المال يضيق وان أخرجنا هذه الكلالة من الميراث بالمرة - ويدفعه - ان هاتين الصورتين ممتنعتين في المواريث بحسب ما تقيمه الشيعة من الأدلة على ان الكلالة بقسميها لا ترث مع الأم كما مر بعضه. فلا نقض بما ذكروه ولا تشبث

(الأمر التاسع) ارث الزوج والزوجة في عقد المتعة فإنه خارج عن اطلاق ارث الزوجين على المشهور عند الإمامية وعليه حديثهم الدال على تقييد الإطلاق

(الأمر العاشر) خروج الرباع مطلقا والشجر والبناء عينا لا قيمة عن ارث الزوجة غير ذات الولد بإجماع الإمامية وحديثهم وفي ذات الولد خلاف

(الأمر الحادي عشر) - الحبوة - وهي لباس الميت وخاتمه ومصحفه وسيفه فان

٥٤

(١٣)تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٤)وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٥)وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ

____________________________________

المشهور عند الامامية انها حبوة يختص بها الأكبر من أولاده الذكور الصلبيين أو المنفرد وعلى ذلك حديثهم. وقيل انها على الاستحباب لتشكيك القائلين به في استفادة الوجوب والاستحقاق من الأحاديث -

هذا وأما الكلام في مواريث الأجداد والجدات وأبناء الاخوان والأخوات. والأعمام والأخوال وأبنائهم من اولي الأرحام والأقربين وكذا ميراث الولاء فهو موكول إلى علم الفقه وكتبه ١٣( تِلْكَ ) أي ما ذكر من احكام المواريث( حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) في العمل بهذه الأحكام على حدودها وما جاء في السنة في بيانها تفسيرا أو تخصيصا أو تقييدا( يُدْخِلْهُ ) الله( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) حال كون المطيعين( خالِدِينَ ) وجرى الجمع على معنى «من» الموصولة( فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ١٤وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ ) المذكورة( يُدْخِلْهُ ) الله( ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ ) فوق ذلك( عَذابٌ مُهِينٌ ) وجرى افراد الضمائر على لفظ الموصول ١٥( وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ ) أي يفعلنها فجاءت الكناية عن الفعل بالإتيان كما جاءت الكناية عن الفعل بالقرب في قوله تعالى الانعام ١٥١( وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ) وفي سورة الاسراء ٣٢( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى ) والإتيان والقرب على معانيها الحقيقية والغرض منها الفعل ونحوه بالمعنى الكنائي فهي مثل قوله تعالى في سورتي الأعراف ٧٩ والنمل ٤٥( أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ) وفي سورة العنكبوت ٢٨( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ) ٢٩( وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ) وقد التفت الرازي في تفسيره إلى دلالة هذه الكنايات على ان فاعل الفاحشة هو الذي فعلها بإرادته وذهب إليها من عند نفسه وأتاها بقصده. واختارها بمجرد طبعه. أي غير مجبور على ذلك بوجه من الوجوه التي يلتجأ فيها إلى فرض الكسب. ولكنه قال لا يتم ذلك إلّا على قول المعتزلة. ويا ليته أصاب المرمى فقال وهذا مما يدل على قول المعتزلة في عدم الجبر. والفاحشة اسم للفعل القبيح والمراد منه في الآية بحسب المعهود ومناسبة المقام هو الزنا. وحكي

٥٥

مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا

____________________________________

عن أبي مسلم الاصفهاني من الجمهور وحكاه الرازي أيضا عن مجاهد ان الفاحشة هنا هي مساحقة النساء وفي قوله تعالى( وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ ) هو اللواط. وذكر الرازي وجوه رده والدفع عنه بلا تصريح منه بترجيحه ورجحه صاحب المنار وحكى الترجيح عن استاذه بما لا يخرج عما ذكره الرازي وأيده الاردبيلي في زبدة البيان بنحو ذلك. والكل تخرص سقيم لا يجدي. فقد روي من عدا البخاري من اصحاب الجوامع الست وذكر في الدّر المنثور من غيرهم اثنى عشر ممن أخرجه من كبار المحدّثين عن عبادة ابن الصامت في حديث ان رسول الله (ص) اوحي إليه ولما سوى عنه الوحي قال (ص) خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي سنة. واخرج أحمد عن سلمة ابن المحيق عن رسول الله نحو ذلك. وروى في الكافي بسنده عن الباقر (ع) ما ملخصه ان كل سورة النور نزلت بعد سورة النساء قال الله تعالى :( وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ ) إلى قوله تعالى( سَبِيلاً ) فالسبيل الذي قال الله( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ) . وفي تفسير البرهان عن العياشي عن جابر عن الباقر جعل السبيل الرجم أو الجلد. ورواه الجزائري في القلائد عن العياشي عن أبي بصير عن الصادق (ع) وفي مجمع البيان ان النسخ أي بآية النور وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله. وفي الوسائل في رسالة المحكم والمتشابه للمرتضى نقلا من تفسير النعماني باسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق (ع) عن آبائه عن امير المؤمنينعليه‌السلام في حديث ذكر فيه احكام هذه الآية إلى ان قال فلما قوي الإسلام انزل الله( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ) فنسخت هذه الآية الحبس والأذى الحديث. وأما القول بأن السبيل هو التزويج والاستغناء بالحلال فقد قال في التبيان انه باطل بالإجماع( مِنْ نِسائِكُمْ ) أي من نساء المؤمنين وإن كان الحكم عاما وذلك لأن المؤمنين حينئذ هم الذين يتلقون احكام الشريعة بالإجراء فحسن لذلك خطابهم بالحكم العام. ودعوى ان المراد نساء الأزواج يبطلها ما ذكرنا روايته من الفريقين من حكم غير المحصنة في الجلد( فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً ) من الرجال( مِنْكُمْ ) أي من المسلمين وذلك لأجل اجراء الحكم عليهن أي اطلبوا شهادتهم والظاهر انها على نمط الدعاوي في إقامتها عند الحاكم( فَإِنْ شَهِدُوا ) وثبت الأمر

٥٦

فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أو يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (١٦)وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً (١٧)إنّما التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ

____________________________________

( فَأَمْسِكُوهُنَ ) حبسا( فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَ ) أي يأخذهن ويستوفيهن( الْمَوْتُ ) وقد تكلف في الكشّاف وتبعه الرازي إذ قدرا حتى يميتهن ملائكة الموت. وقد قدمنا الكلام في معنى التوفي في الجزء الأول ص ٣٣ - ٣٧( أَوْ يَجْعَلَ اللهُ ) ويشرع( لَهُنَّ سَبِيلاً ) من غير شريعة الحبس مما هو مؤدب ومقاوم لمادة فساد الزنا. وقد جرى الأمر في كلتا الشريعتين على حكمة التشريع من حيث المسايرة في أول الأمر مع الناس فيما يألفونه في مقام المحافظة على ناموس العفة وان كان غير واف بالمصلحة المطلوبة في هذا المقام حتى إذا استحكم أمر الدين وساد الخضوع للشريعة شرع الحكم الموافق للمصلحة العامة ونظام الاجتماع كما نطقت به رواية النعماني واشارت إليه الغاية في الآية الكريمة. هذا في مقام صون المرأة عن معاودة الزنا وأما ما يعود إلى مقام الردع والتأديب في أول التشريع فهو ما قاله جل شأنه ١٦( وَالَّذانِ ) أي الزاني والزانية( يَأْتِيانِها ) أي فاحشة الزنا( مِنْكُمْ ) باعتبار تلقي المسلمين لأحكام الشريعة حينئذ وان كان عاما أو لعلم الله بأن هذه الشريعة قبل نسخها لا يتيسر للمسلمين إجراؤها على غيرهم( فَآذُوهُما ) بما يعتاد بينكم نوعا من الإيذاء في مقام الردع عن الزنا من التوبيخ والضرب ونحو ذلك( فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا ) أعمالهما ليكون ذلك إمارة على التوبة الحقيقية( فَأَعْرِضُوا عَنْهُما ) من حيث الإيذاء. ولا يتقيد الاعراض بتوبتهما معا. بل يعرض عن الإيذاء لمن عرفت توبته منهما بإصلاح عمله. كما تقتضيه حكمة التوبة( إِنَّ اللهَ كانَ ) من الأزل وإلى الأبد( تَوَّاباً ) على التائبين( رَحِيماً ) بعباده لا يريد إلّا صلاحهم. ولكن لا يغتر المغترون باسم التوبة الجارية على حكمة الرحمة والإصلاح والاستصلاح بل التوبة حقيقة هي التي تجري عليها رحمة الله وحكمته. فما كل من قال تبت تاب الله عليه كما كتب بلطفه وغناه على نفسه الرحمة بل ١٧( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ ) بمقتضى رحمته ولطفه وحكمته( لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ) منهم. وذكرت الجهالة للتوضيح والتوبيخ فان كل عمل للسوء إنّما يكون بجهالة وعمى ولو أبصر الإنسان وجه رشده وعرف ببصيرته ما فيه صلاحه لما عمل السوء ولما استولت عليه النفس الأمارة وغواية

٥٧

ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٨)وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٩)يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً

____________________________________

إبليس بفلتات الشهوة والغضب والتعصيب الذميم وسوء الأخلاق وحب العاجل والتغاضي عن وباله أعاذنا الله من ذلك وأعاننا على أنفسنا بلطفه وتوفيقه( ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ ) عهد( قَرِيبٍ ) بالنسبة إلى ما كانوا يرونه بعيدا من حضور آجالهم وانقطاع آمالهم من زهرة الحياة الدنيا وحينما تموت شهواتهم وتسقط دواعي المعصية كما قال بعضهم لما سئل عن الزنا عند ضعفه بالهرم «تركني وما تركته» بل التوبة إنّما هي في الحال التي يراغمون بها نزعات النفس الأمارة وغواية إبليس وينيبون إلى الله إقلاعا عن المعصية وندما على ما فرطوا فيه ورغبة في الأعمال الصالحة في حالهم ومستقبلهم وطلبا لكمالهم واندماجهم في زمرة عباد الله الصالحين بنزوعهم إلى حقيقة التوبة وشوقهم إلى رضاء الله عنهم ، وعفوه عما سلف منهم مما عرفوا قبحه وندموا على ارتكابه. فما كل مظهر للتوبة تائب ولا كل تارك للقبيح نادم. بل كما قيل: -

إذا انبجست دموع من عيون

تبين من بكى ممن تباكى

أو ليس من حقيقة التوبة ان يخرج التائب جهد مقدوره مما لزمه في معاصيه السابقة من حقوق الناس وحقوق الله ويستشعر قلبه التوبة والندم( فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ ) لأنهم تابوا على حقيقة التوبة( وَكانَ اللهُ ) منذ الأزل ، ولا يزال( عَلِيماً ) بمن تاب حق التوبة ومن تظاهر بصورتها المموّهة( حَكِيماً ) في دعوته إلى التوبة ووعده بأن يتوب على من أناب إليه وهو ارحم الراحمين ١٨( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ ) التي قد أعدتها الحكمة في الإصلاح والرحمة( لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ ) مصرين عليها بجرأتهم على الله ومتمادين في غيهم( حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ) وانقطعت عنه دواعي الهوى والضلال( قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ ) بما عصوا( عَذاباً أَلِيماً ١٩ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) بالله ورسوله ودانوا باتباع شريعة الله( لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ ) وتعدوهن ارثا لكم كما ترثون الأموال وتتسلطون عليهن بدعوى انتقال حق الزوجية إليكم بالوراثة( كَرْهاً ) بفتح الكاف اكراها لهن بدون

٥٨

وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ

____________________________________

تزوج جديد برضاهن. «وكرها» نائب عن المفعول المطلق المستفاد من «ترثوا» بمعنى التسلط عليهم بزعم الإرث كرها. في تفسير القمّي من رواية أبي الجارود عن الباقر (ع) كان في قبائل العرب إذا مات حميم الرجل وله امرأة القى الرجل ثوبه عليها فورث نكاحها بصداق حميمه الذي كان أصدقها يرث نكاحها كما يرث ماله وأن الآية نزلت في هذا الشأن. وفي الدّر المنثور مما أخرجه البخاري وغيره من طريق عكرمة عن ابن عباس نحوه وزاد ان شاء بعضهم تزوجها وان شاؤوا زوجوها وان شاؤا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها إنتهى وهذه الزيادة لا تنطبق على الآية فان هذا المعنى لم يكن للزوج ولا يورث منه وان كان ذلك للأهل في بدع الجاهلية ومما أخرجه أبو داود من طريق عكرمة أيضا عن ابن عباس كان الرجل يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو تؤدي إليه صداقها إنتهى وفي اقتصار الرواية على العضل مخالفة لجميع الروايات وخروج مغزى الآية. ومما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس أيضا كان الرجل إذا مات وترك جارية القى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس فان كانت جميلة تزوجها وان كانت ذميمة حبسها حتى تموت فيرثها وهي قوله ولا تعضلوهن الآية وقال يعني الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضربها لتفتدي إنتهى وفي هذه الرواية من التدافع ما لا يخفى. فالروايات عن ابن عباس مع كونها متعارضة بعيدة المجرى على سياق الآية الكريمة خصوصا إذا ضممناها إلى سائر ما رواه في الدّر المنثور هنا( وَلا تَعْضُلُوهُنَ ) أي لا تعضلوا نسائكم لا الموروثات كرها وذلك لعدم المناسبة فيما يأتي من احكام الآية للموروثات وكذا قوله تعالى( لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ ) من الصداق فإن وارث النكاح بتشريع الجاهلية لم يؤتها شيئا. والقرآن الكريم في مقام نهيه وكرامة حكمته لا يسمي إيتاء اقربائهم للصداق إيتاء منهم فيثير منهم غبار المغالطات في بدعتهم. ولو تنزلنا فما ذا يقال في قوله تعالى( وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) فهل يأمر الله بمعاشرة موروثة النكاح ببدعة الجاهلية. وعضل المرأة هنا حبس الزوج لها على نكاحه ، والتضييق عليها عند كراهته لها لتفتدي منه ببعض ما أتاها من الصداق ، ليطلقها. وقد بقي عند الأوباش بقية من هذه العادة الوخيمة فنهى الله تعالى عن هذا الظلم. نعم إذا كانت الكراهة منها لا من الزوج جاز

٥٩

إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (٢٠)وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً

____________________________________

ان يقبل الزوج منها الفداء من دون عضل كما مر في الخلع في الجزء الاول ص ٢٠٦ ، واما هنا فقد استثنى من حرمة العضل وأخذ شيء منهن بقوله تعالى( إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) بكسر الياء المثناة أي موضحة لفحشائها وفي تفسير البرهان عن الشيباني ان الفاحشة هي الزنا وهو المروي عن أبي جعفر (ع) وفي مختصر التبيان والاولى حملها على كل معصية وفي مجمع البيان وهو المروي عن أبي جعفر (ع) أقول ولم اعثر على شيء من الروايتين لكن صدق الفاحشة على الزنا هو المتيقن في المقام ومن المعاصي ما لا يسمى فاحشة والإطلاق إنّما يجري مع صدق اسمها وشمولها لمحض النشوز بعيد أو للمساحقة والتهتك في التبرج وقول الفحش قريب في المقام. والمرجع في موارد الشك هو عموم هذا النهي عن العضل وهذا الأخذ لان الشبهة في الخاص مفهومية( وَعاشِرُوهُنَ ) أي غير من استثني عضلها من الزوجات( بِالْمَعْرُوفِ ) وهو معروف( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَ ) لبعض الأمور من خلقتهن وغير ذلك فحاسبوا أنفسكم في هذه الكراهة فربما تزول إذا جوزتم ان يكون في هذه المرأة خير يهون عنده ما كرهتموها لأجله بأن يجعل الله فيها الخير ويبارك في نسلها ويبارك لكم بسببها( فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) يرغب فيه ويرغب في ذلك الشيء لأجل رجائه فيه. فأمسكوا من جماح نفوسكم في الكراهة وروضوها على الأخلاق الفاضلة وحسن المعاشرة مع المؤمنات وتفكروا في عواقب الأمور فكم شوهد من مبغوضات النساء من صار منهن النسل الطيب النافع ومن كانت هي المواسية والنافعة عند الشدائد والمرض والشيخوخة نفعا لا يوازيه شيء من احسان الرجل في الرفاهية وكم وكم ينعكس الأمر في المحبوبات - وهناك أيضا مورد يدعو الإنسان لأن يحمل زوجته بأنواع الوسائل على ان ترد عليه شيئا مما أعطاها من المهر. وذلك إذا أراد ان يطلقها ليستبدل بها زوجة أخرى فقال جل شأنه في الزجر عن ذلك والتوبيخ عليه ٢٠( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً ) مبالغة في كثرة ما يعطى على خلاف العادة لأجل التأكيد في الزجر لئلا يقال بقي عندها الشيء

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

موتها !

عند ذلك ، يجتمع اقرباءهم ومعارفهم في البيت ويعقدون مجالس عزاء وبكاء و أمّا الفتاة التي شفيت واُمها والنسوة اللاتي معهنّ فيركبن الىٰ طهران ، وللمرة الثانية تبرق الاُم خبر حركتها وابنتها الىٰ طهران ، لكن خبر موت الفتاة كان من القوة بحيث لم يصدق اهلها البرقية الثانية ، الىٰ ان يتأكدوا من صحتها وانها شفيت ! فيتجمعون في محطة بهشهر لاستقبال تلك القافلة الصغيرة والمباركة القادمة من مشهد !

ينتشر الخبر بسرعة في بهشهر ، فيأتي الاطباء الذين راجعتهم من قبل ويصدقون شفاءها التام. وقد مضىٰ علىٰ الحادث اربعة سنوات فقط ، والفتاة لا تزال بصحة جيدة دون اية علامات مرضية حتىٰ جزئية ، كما ان الاطباء الذين عالجوها في بهشهر وساري وبابل وطهران وكذلك الجراحون الذين اجروا لها عمليتين جراحيتين ، لا يزالون علىٰ قيد الحياة ، وهكذا الفحوصات والصور الشعاعية لا تزال موجودة.

هذه ثلاث حوادث غير طبيعية ولا تنسجم والاسباب والعلل العادية ، وهي من المعاجز التي وقعت في السنوات الاخيرة ، وجميعها كنت شخصياً قريباً منها ، ولو اردت ان اذكر لكم ما سمعته ، فأن مجلسي يطول اشهراً وسنوات !

المعجزات من الزاوية الطبيّة والعلميّة

من حسن الحظ ليس لدىٰ العلوم العصرية دليلاً قطعياً ينفي وجود

١٢١

المعجزة والاُمور الخارقة ، بل ان تلك الحوادث غير الطبيعية والتي لا تتفق مع أي علة او سبب طبيعي كثيرة في بلدان العالم للحدّ الذي لفتت انتباه كبار علماء العصر واجبرتهم علىٰ الاعتراف بها صراحةً.

الدكتور الكسيس كارل(١) الفيزيولوجي(٢) وعالم الاحياء(٣) أوّل من حاز علىٰ جائزة نوبل(٤) في الولايات المتحدة ، والذي يشغل منصب رئاسة العديد من المراكز الطبية والعلمية في اوروبا وعضو في الكثير منها ، يقول في كتابه « الانسان ذلك المجهول » :

هناك من يؤمن بالمعجزات والعلاجات السريعة في الاماكن المقدسة في كل عصر ومكان ، اما اليوم فقد ضعفت اسس تلك العقائد ، كما ان بعض الاطباء ينفون وجود المعجزة بشكل تام ، ومع ذلك يجب التأمل في تلك الامور التي نمتلك عنها مشاهدات !

وقد تم جمع العديد من تلك المشاهدات بواسطة مؤسسة لورد(٥) الطبية ، ومعلوماتنا في التأثير السريع الذي يتركه الدعاء في شفاء المرضىٰ لا يتجاوز احوال المرضىٰ الذين كانوا يعانون امراضاً مختلفة ، مثل : السل والسرطان الجذام و وقد شفوا بالدعاء.

اما كيفية ذلك فلا تخلتف كثيراً عن بعضها فالغالب يعانون من آلام حادة

________________

(١) Dr. Alexis Carrel

(٢) Phsiologist

(٣) Biologie

(٤) Nobel

(٥) Lourde ، مأخوذة من محل يحج إليه الزوار المسيح للزيارة والدعاء.

١٢٢

وعوارض مرضية ، يشفون منها بسرعة ، وما هي الّا دقائق او ساعات حتىٰ تلتئم الجروح وتغيب علامات المرض وتفتح شهية المريضة ، وفي بعض الاحيان تختفي الاختلالات العملية قبل الصدمات العضوية.

في حين انه ومن اجل تغير شكل العظام في مرض البوت(١) او العقد اللنفاوية المصابة بالسرطان وعودتها الىٰ حالتها الطبيعية ، يحتاج في الاغلب الىٰ يومين أو ثلاثة !

وهذا الشفاء الاعجازي ، يصاحبه سرعة عجيبة في التئام الاصابات العضوية ، ولا شك ان ميزان هذا الألتئام والشفاء اسرع واكثر من الحدّ الطبيعي.

ويقول الدكتور الكسيس كارل أيضاً في كتاب « الدعاء » :

لقد قدمت مؤسسة لورد الطبية خدمات كثيرة في المجالات العلمية ، حيث اثبتت حقيقة هذه العلاجات ، فللدعاء بعض الاحيان تأثيرات عجيبة ، لقد كان هناك العديد من المرضىٰ يعانون آلاماً لا تنقطع جرّاء الجذام أو السرطان وتعفن الكلىٰ والسل الرئوي او العظمي و ، لكنهم شفوا بعد ذلك.

اصدقائي الاعزاء!

تلاحظون كيف يعترف الدكتور الكسيس كارل في كتابيه ، وكيف تنفي

________________

١ ـ Patt

١٢٣

المشاهدات القطعية والوثائق التي تم جمعها في كلية لورد الطبية ، نظريات بعض الاطباء ، وهذا الاعتراف من شخصية علمية كبيرة مثل الدكتور الكسيس كارل جديرة بالاهتمام ، لان العالم المذكور ليس كبعض المتدينين يتكلم فيما سمعه فقط ، وانما هو شخصية علمية معروفة ، لكلامه قيمة عالية في جميع انحاء الغرب ، كما ان لكلامه قيمة علمية خاصة.

هذا الرجل وبتلك المكانة العلمية التي يمتلكها ، يعترف بصراحة بالمعجزات استناداً الىٰ وثائق قطعية !

ويعترف الدكتور الكسيس كارل في كتابيه المذكورين بصراحة ؛ بأن بعض الامراض مثل البوت او سرطان الغدد اللمفاوية مع فرض علاجها فأنه يصاحبها تغيير في شكل العظام ، او يحتاج ذلك الىٰ ايام من اجل التئام الجروح او تحسن بعض الصدمات العضوية ، في حين ان هذا النوع من الشفاء ، تلتئم فيه الجروح بثواني او ساعات قليلة علىٰ ابعد مدىٰ ، وتزول فيه الصدمات العضوية.

ومن اعجب واخطر الامراض التي ذكرها الدكتور كارل ، هو مرض السرطان ، الذي لا يزال العلم عاجز عن علاجه ، او اكتشاف دواء له ، للحد الذي مات فيه قبل سنة وزير خارجية امريكا ، دالاس بهذا المرض وهو في اكثر البلدان تطوراً في مجال الطب ، وهذا المرض الذي عجز العلم حتىٰ اليوم عن علاجه عدّة الدكتور كارل من جملة الامراض التي شفيت بالمعاجز والكرامات ؟!

١٢٤

وينقل الدكتور فرانك باخ(١) في كتابه « الدعاء اكبر قوة في الكون » مواضيع كثيرة ، تحت عنوان « الدعاء لأئمة العالم » او عناوين اخرىٰ ، وقد نقل الدكتور لاباخ بدوره قسم من تلك المواضيع عن صحيفة « يونايتد پرس » الامريكية المعروفة ، وقسم آخر منها عن شخصيات عديدة ، مثل : الجنرال كينك والجنرال مك آرثر ، والجنرال روي. اس. كايغر قائد القوة البحرية.

ولمزيد الاطلاع يمكن للسادة المحترمين الرجوع الىٰ كتابه المذكور وكذلك الىٰ الكراس الذي اعدّه البروفيسور ليونيان ، بعنوان « ما هي المعجزة ؟ ».

اذن فحدوث المعجزة او الامور غير العادية ، امر غير مرفوض حتىٰ في البلدان الغربية ، وقد اعترف بذلك كبار العلماء واهم المراكز الطبية بمنتهىٰ الصراحة ، وعلىٰ حدّ قول الدكتور الكسيس كارل : لقد خدمة مؤسسة لورد الطبية العلم كثيراً بأن اثبتت حقيقة مثل هذا الاستعلاج والشفاء.

ولادة عيسىٰعليه‌السلام بدون أب من منظار العلوم العصرية

الدكتور : كلامك مقنع جداً ، خاصة في استنادك الىٰ اقوال الدكتور كارل والدكتور فرانك لاباخ وبروفيسور ليونيان ، لكن يجب ان لا ننسىٰ ان كلام هؤلاء واعتراف مؤسسة لورد الطبية هو حول الامور الخارقة وغير الطبيعية

________________

(١) Dr. Frank Lawbach

١٢٥

الشائعة والتي تحدث عدة مرات في السنة الواحدة في اماكن التبرك والزيارة ، وليس كلامهم حول قضية اعجازية وغريبة يؤمن بها المسلمون ، وللأسف فان القرآن هو مصدرها ، في حين ان الايمان بمثل هذا الامر لا يمكن تفسيره علمياً بأي شكل !

هنا ينظر الحاضرون جميعاً! الىٰ الدكتور بتعجب ، فيما الشيخ ينصت له بإمعان ، لكي يعرف الموضوع الغريب الذي يعتبر القرآن مصدر الايمان به ، لكن الشيخ فقد صبره في النهاية وقطع كلام الدكتور قائلاً :

سعادة الدكتور ! ارجو ان تقول لنا بسرعة ما هو الموضوع الذي جعلك تعجب الىٰ هذا الحدّ !

الدكتور : الموضوع هو عقيد المسلمين ( مثل المسيح ) بعيسىٰ ، لان المسلمين أيضاً وتبعاً للقرآن الكريم يؤمنون ان عيسىٰ ولد بدون أب ! مع ان هذا الكلام مردود من منظار العلم.

الاصدقاء جميعهم : نظرية الدكتور صحيحة تماماً ونحن جميعاً نؤيدها ، لان ولادة طفل بدون أب من المواضيع التي لا تنسجم واية واحدة من الاُصول العلمية ، ولذلك تجد المسلمين لا يتحدثون بذلك إلّا حول عيسىٰ فقط.

الشيخ : اساساً ، هذا الموضوع الذي يراه السادة الاعزاء غريباً يتطابق والقواعد العلمية والاكتشافات العصرية ، ولكن من اجل توضيح المسألة التي ترونها عجيبة ومردودة ، أودُّ الاستماع الىٰ كلامي بدقّة.

الاصدقاء جميعاً : اطمئن يا عمّ ، كلنا آذان صاغية.

١٢٦

الشيخ : من اجل تشكيل الجنين في الرحم ، لا يكفي فقط وجود الأب ، كما يتصوّر اغلب الناس ، بل يحتاج أيضاً الىٰ الخلايا الحيّة الموجودة في بويضة المرأة ، فالحيمن الموجود في نطفة الرجل والذي يسمىٰ« اسبرما توزويد »(١) يلتقي ببويضة المرأة التي تسمىٰ « اوفل »(٢) بعد عبوره من المهبل وعنق الرحم ، وفي الرحم أو في أنابيبه ( انبوبا فالوب ) يتمُّ لقاح البويضة ، ويتّحد معها الحيمن وينتج عن ذلك كائن جديد يتحول الىٰ جنين في الرحم.

اذن ، ليس فقط يشترك الرجل والمراة في التركيبة الاولية لجسم الطفل والتي تمسىٰ « النواة » ، بل ان حصة المرأة في تلك الخلية الاولية ( النواة ) وعلىٰ حدّ اعتراف الدكتور كارل وعلماء آخرين ، اكثر من الرجل ، لان البروتوبلاسم الذي يحيط بهذه النواة يأتي من المرأة ولا يشترك معها الرجل في ذلك !

خلاصة الكلام ، هو ان اهمية نطفة المراة في التشكيل الاولي لجسم الطفل بحدّ يمكن معه تهيئة المواد الموجودة في نطفة الرجل من الخارج وبذلك تنتفي الحاجة لنطفة الرجل في تكوين الجنين ، استناداً لشهادة العلوم والاكتشافات العصرية ، في حين ان الحاجة لنطفة المرأة اساسياً ولا يمكن استبدالها بغيرها.

يقول عالم الاحياء « الدكتور الكسيس كارل » :

عندما افكر في حصة كل من الاب والام في التكاثر ، عليَّ ان اتذكر

________________

(١) Spermatozoide

(٢) Ovel

١٢٧

تجارب لوب(١) باتايون(٢) حيث تمكنا من ايجاد ضفدعة من بويضة غير ملحقة ودون تدخل حيمن وذلك عن طريق تقنيات خاصة ، وبهذا الشكل يمكن استبدال الحيمن بعوامل كيميائية او فيزيائية ، في حين انه لا يمكن الاستغناء عن بويضة المرأة بأي حال(٣) .

وبالاضافة الىٰ ذلك فنظرية « ولادة الباكر » مطروحة علمياً علىٰ المستوىٰ العالمي ، وهي حقيقة يذعن لها الطب.

ايها السادة !

تلاحظون كيف يعترف الدكتور كارل صراحة انه يمكن استبدال حيمن الرجل بعامل فيزيائي او كيميائي ، بل ان لوب وباتايون قد جربّوا هذه النظرية العلمية فيما يخص الضفدع ، وكانت النتيجة ايجابية.

ومع الاخذ بما ذكرناه اعلاه ، فهل من التعجب او الغريب ان يستطيع خالق الكون الذي منح القوة للانسان ودلّه علىٰ آلاف القوانين التي تسيّر الكون ان يخلق طفلاً ( عيسىٰ ) من امرأة ( مريم ) بدون أب ؟ في حين ان الانسان الذي هو مخلوق تلك القوة الجبارية يمكنه ان يوجد جنيناً من خلال ادخال عوامل فيزيائية او كيمياوية علىٰ بويضة المرأة ودون الحاجة الىٰ حيمن الرجل ، علىٰ الرغم من محدودية عقله وامكانياته ؟!

________________

(١) Loeb

(٢) Bataillon

(٣) الانسان ذلك المجهول.

١٢٨

واستناداً الىٰ تلك التجربة العلمية القطعية ، فهل من الصحيح القول : ان ايمان المسلمين في ولادة عيسىٰ ـ عليه وعلىٰ نبينا وآله السلام ـ بدون اب ، لا ينسجم والاصول والقواعد العلمية ؟!

١٢٩

ما تحدّث به علماء اوروبا حول نبي الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله

الدكتور : لقد استفدنا كثيراً من المواضيع التي طرحتها ، ونحن مسرورون بلقائنا رجلاً عالماً مثلك ، لذا نطلب منك ان تتحدث عن الموضوع الثالث الذي وعدتنا به ، اي نفوذ نبي الاسلام في العصر الحاضر.

الشيخ : بعد شكري لشعوركم النبيل ، ابدأ كلامي في الموضوع الثالث الذي وعدتكم به.

اصدقائي !

أي شخص يمتلك اقل اطلاع عن مقولات كبار العلماء والمستشرقين أو انه رأىٰ كتاباتهم ، تتضح له هذه الحقيقة دون اي شك ، وهي : ليس هناك عالم منصف او شخص يمتلك اقل المعلومات حول نبي الاسلام ، إلّا وعظّمه واحترمه واجلّه ونظر اليه نظرة جديرة بشخصية عالمية عظيمة في تاريخ البشرية ، والحقيقية هي ان الاقلام غير المفرضة والصادقة عندما تريد الكتابة عن احوال افضل شخص في عالم الانسانية ، كتبت عن حياة رسول الاسلام المليئة بالفخر والاعتزاز.

ونستطيع القول : ما عدا مجموعة قليلة من اشباه العلماء الذين وظّفوا

١٣٠

علومهم للتقرب غير المشروع الىٰ اجهزة السلطات القوىٰ العظمىٰ الدنيئة ، وما عدىٰ اقلام السوء التي تتحرك للابقاء والمحافظة علىٰ سلطات البابا والقساوسة الذين نسوا الله وتاهوا في بحر الضلال ، وما عدىٰ اولئك الذين باعوا شرفهم وانسانيتهم مقابل حفنة من الدنانير والدراهم ، وبشكل عام ، ما عدىٰ اولئك الذين يعدّون عار تاريخ البشرية ، لا يوجد انسان حرّ وصاحب نظرة ثاقبة وسليمة او عالم مطلع في اي من الاديان والمذاهب ، إلّا ويحني رأسه امام عظمة رسول الاسلام الكريم ، وذكره بأفضل الكلمات والتعابير.

لا اتكلم عبثاً

ولكي يعلم اصدقائي ، ان كلامي ليس عبثاً وانما يستند الىٰ دليل ، ومن اجل ان يعرفوا ان نفوذ نبي الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله العلمي في القلوب الطاهرة لاكثر العلماء غير المسلمين ليست هي بأقل من نفوذه في قلوب اتباعه ، سأذكر لكم اقوال بعض اشهر علماء العالم حول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( للحد الذي يسمح به وقت سفرنا القصير ).

ولكن قبل ان ابدأ بنقل كلام اولئك العلماء ، اود ان الفت انتباه اصدقائي الاعزاء الىٰ اهمية الموضوع ، وهو انه ليس عجيباً لو قام شخص مسلم بمدح الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والثناء عليه لانه علىٰ اي حال من اتباعه.

ولأن ذلك المسلم ومهما كان عالماً ، فانه ينظر اليه علىٰ انه رسول من قبل الله سبحانه وتعالىٰ ، وسيحكم علىٰ الرسول ، علىٰ اساس ايمانه هو بالنبوة.

١٣١

أمّا اذا امتدحه عالم غير مسلم وشخصية علمية كبيرة تعتنق ديانة وعقيدة اخرىٰ علىٰ الرغم من تعصبه الطبيعي الذي يحمله لمعتقده ، فذلك جدير بالاهتمام وله قيمته الخاصة ، لان ذلك الشخص ينظر بعين علمية مجردة الىٰ الرسول ويدرس الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والديانة التي اتىٰ بها من الناحية القانونية ، وعلىٰ هذا الاساس يحق لنا ان نعجب اذا اعتبر احد علماء المسيحية ـ مثلاً ـ وهو الذي تَبعَ عيسىٰ المسيح ، ان رسول الاسلام شخصية كاملة وفذّة في تاريخ الانسانية وهو اكمل وافضل البشرية كمالاً وملكات اخلاقية وعلمية

وهنا ننقل لكم بعض ما قاله او كتبه العلماء غير المسلمين من الشرق الغرب ، حول نبي الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله :

١ ـ ماذا يقول بك الخوري ؟!

بك الخوري احد كبار علماء المسيحية ، وفي احدىٰ التجمعات الرسمية التي اقيمت في دمشق. وضمن خطاب طويل ، قال :

هذا هو محمد ، اعظم عظماء الدنيا ، وسوف لن ترىٰ الدنيا مثيلاً له ، فدينه المقدس ، اكمل اديان العالم ، وشريعته المقدسة ، تحتوي علىٰ اربعة آلاف مسألة علمية واجتماعية وادبية وتشريعية(١) .

لقد دعىٰ رسول الاسلام الناس باسم الله المبارك الىٰ دينه ، والشريعة

________________

(١) الظاهر أن هذا العالم المسيحي لم يلحظ إلّا أربعة آلاف مسألة من المسائل الاسلامية وإلّا فأن هذا الرقم الصغير لا يكفي لبعض كتب الفقهاء لوحدهم.

١٣٢

المقدسة التي اتىٰ بها هذا الرجل الكامل للانسانية ، لابد ان يصدقها اي عالم ومشرّع منصف ، لان هذا الدين يخطوا الىٰ الامام الىٰ جانب العلم ، وهو مطابق لاسمىٰ نظام كامل للحقائق العلمية.

محمد اعظم العظماء السابقين واللاحقين علىٰ الارض

لقد استطاع بشكل جيد ان يجعل من العرب الذين كانوا يعيشون الفرقة والجاهلية ، امة واحدة وموحدّة ، واستطاع ان يفتح العالم آنذاك ، ولقد اتىٰ بأكبر دين يحتوي علىٰ جميع الحقوق والواجبات والاصول في التعامل بين الناس علىٰ اساس ارقىٰ واكمل الاحكام في العالم.

٢ ـ رسالة الدكتور شمّيل التاريخية ؟!

الدكتور شبلي شمّيل ، أحد كبار مفكري وفلاسفة مصر في القرن الاخير ، وهو من قادة المذهب المادي ولم يكن يعتنق اية ديانة ، يقول في احدىٰ رسائله الىٰ السيد محمد رشيد رضا ، صاحب تفسير ومجلة ( المنار ) :

« يا غزالي العصر ، أيُّها السيد محمد رشيد رضا ، انت تنظر الىٰ محمد كرسول وتراه عظيماً وجليلاً ، ولكني انظر اليه كأحد البشر ، أراه اكبر ممّا تتصوّره أنت ، مع اننا نختلف عقائدياً ، لكننا نتّفق علىٰ اساس العقل والصدق في الكلام وقول الحق والانصاف والحياد ثم يسرد قصيدة طويلة في آخر رسالته في مدح الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا نذكرها هنا اختصاراً للكلام.

١٣٣

٣ ـ كلام الدكتور غوستاف لوبون

الدكتور غوستاف لوبون الفرنسي ، من اشهر علماء اوروبا ، ويحمل شهادة في الطب والاجتماعيات والطبيعيات ، وقد جمع الكثير في كتابه « حضارة الاسلام والعرب » من خلال الجهود الكثيرة التي بذلها والدراسات التي قام بها ومن خلال سفره وسياحته التي افنىٰ عمره من اجلها ، حول عظمة نبي الاسلام والمسلمين واحكام الاسلام وقوانيه.

لقد تجاوز الدكتور لوبون في هذا الكتاب العصبية الدينية ونشر الكثير من الحقائق في اوروبا لصالح المسلمين ، وقد نقلنا فيما سبق كلاماً عن هذا العالم ، كما سننقل عنه لاحقاً ان شاء الله كلاماً كثيراً ، كل في محله المناسب.

٤ ـ اعترافات توماس كارلايل(١)

توماس كارلايل الانجليزي ، هو أحد علماء اوروبا الاجلاء ، يقول في كتابه المترجم الىٰ العربية تحت عنوان « الابطال » اُموراً كثيرة في عظمة نبي الاسلام وشريعته المقدسة وقرآنه المجيد.

وقد جاء في قسم من الكتاب :

عندما نتأمل في بلاغه القرآن ، بغض النظر عن ان هذا الكتاب المبارك هو

________________

(١) Carrlaele

١٣٤

وحي سماوي والهي ، نرىٰ انه ابلغ كتاب دوّن بالعربية من حيث اللفظ والعبارة ، ولا احد يتدبر في القرآن الذي جاء به نبي الاسلام ، الّا ورأىٰ انه قريب من حقائق جوهرية ظاهرة ومعلومة عنده ، بمعنىٰ ان القرآن يعود الىٰ اصل حقيقي ومرتبط بمبدأ عالي ومقدس.

وهذه القضية واضحة وهي ان كل كلام حقيقي وصحيح وصادق له نفوذ وسلطة خاصة في القلوب ، والحق هو ان جميع الكتب ، سماوية وغيرها تتصاغر امام القرآن الكريم وعظمته ، وهذا الكتاب الذي هو الكتاب السماوي لنبي الاسلام خال من كل عيب أو نقص ومن كل باطل.

٥ ـ ليون تولستوي(١)

ليون تولستوي من كبار علماء روسيا ، يقول في كتابه « حكم محمد » :

« من أراد ان يطلع علىٰ سهولة وبساطة الدين الاسلامي ، عليه ان يقرأ القرآن بدقّة ، لان القرآن يحتوي علىٰ احكام وتعاليم وحقائق واضحة وبينة وسهلة وبسيطة ، حيث يمكن لكل واحد من البشر الاستفادة منه.

وفي هذا الكتاب المقدس ، هناك آيات شريفة لها دلالة تامّة علىٰ سمّو منزلة هذا الدين وطهارة روح هذا الذي نزل عليه المقدّسة ، أي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

________________

(١) Lion Tolstue

١٣٥

٦ ـ المسيو سافاري

المسيو سافاري من المستشرقين الفرنسيين ، وقد ترجم القرآن الىٰ الفرنسية أيضاً ، وفي مقدمة ترجمته يتحدث كثيراً عن القرآن المقدس وعظمة الذي نزل علىٰ صدره ، أي نبي الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي هذه المقدمة أيضاً ، هاجم بشدة القساوسة وعلماء النصارىٰ المغرضين الذين كانوا يسعون للنيل من الاسلام المقدس والقرآن الكريم.

٧ ـ المسيو سديل(١)

المسيو سديل من كبار المؤرخين الفرنسيين ، يقول في تاريخ حياة الرسول الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله حول الاسلام والقرآن الكريم :

« لم يترك القرآن شيئاً من الآداب والحكمْ لم يتطرق اليها ، وأساس هذا الكتاب المقدّس مبني علىٰ العدل والاحسان والحكمة ، وهو يهدي المجتمع البشري نحو الفضيلة والانسانية والكمال.

معارف الاسلام الوضاءة واحكام القرآن جعلت اعداءه يرغمون ويرضخون امامه ، ويكفي ان نقول في عظمة هذا الكتاب المقدس والنبي الذي جاء به ، انه جعل من عرب الصحراء المتوحشين الذين لم يكونوا يملكون أي امتياز ، بل كانوا غارقين في بحر الرذيلة ، اُناساً سعداء وبمستوىٰ هداة ومعلمي

________________

(١) Sidillat

١٣٦

البشرية ».

٨ ـ غويته(١)

يقول الشاعر الالماني الشهير غويته :

«لقد ابعدنا قساوستنا الغافلون عن الله سنوات طويلة عن معرفة حقائق القرآن المقدس والذي جاء به ، لكننا ، كلما خطونا الىٰ الامام في طريق العلم والمعرفة ، ونفضنا عن انفسنا غبار العصبية الباطلة ، زاد تعجبنا بعظمة احكام الاسلام المقدسة الذي يعد القرآن المجموعة الكاملة لها.

وسيلتفت جميع العالم في القريب العاجل الىٰ عظمة هذا الكتاب ( القرآن ) الذي لا يوصف ، وسيكون له تأثير عميق في علوم العالم ومعارفة ، وبالنهاية سيكون محور العالم ».

٩ ـ السيد بلر

السيد بلر من علماء اوروبا المعروفين ، تحدث كثيراً في كتابه حول نبي الاسلام وقوانينه النيّرة وقرآنه المجيد.

________________

(١) Guithe

١٣٧

١٠ ـ جون ديفنبورت(١)

جون ديفنبورت الانجليزي ، يقول في كتابه الذي اسماه « عذر التقصير الىٰ ساحة محمد والقرآن » :

« من المحيط الاطلسي وحتىٰ سواحل نهر كنغ لا يعد القرآن قانوناً فقهياً فحسب ، بل دستوراً يحتوي النهج القضائي والانظمة المدنية والجزائية ويحتوي ايضاً جميع القوانين التي تدبر جميع العمليات المالية للبشر.

وعقيدة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وايمانه خالية من الشوائب وسوء الظن والابهام والشكوك.

١١ ـ اللورد بيدلي

يقول اللورد بيدلي في كتاب « نداء الاسلام في الغرب » :

« لمحمد طمأنينة ووقار وخصوصيات لا تحصىٰ وهو يعارض جميع الخرافات والاوهام والالحاد.

والقرآن هو دستور واساس الدين المقدس الذي جاء به محمد ، ويحتوي القرآن علىٰ جميع المسائل الاجتماعية والاحكام والقوانين الالهية ، من أجل سعادة البشر وراحتهم.

________________

(١) John Davenport

١٣٨

والبشر دائماً بحاجة الىٰ مرشد سواءً في الماضي او الحاضر ، لكي يصلوا الىٰ محل السعادة والحقيقة الابديتين. وقد ظهر هذا المرشد الكبير في شبه الجزيرة العربية ، وطرح للبشر كتاباً محكماً ، حيث كان يمتلك القدرة والجدارة في القيادة.

ونحن نطلب ان يوجد لنا الدين الالهي العدالة الاجتماعية والمساواة والحريّة التي لابد ان تسود بين جميع الاقوام.

والأناجيل الاربعة التي توجّه المسيحية ، لا يمكنها القيام بهذه المسؤولية ، لان من جملة حقوقنا الفردية والاجتماعية حق الحياة ، والحياة قصاص ، وهو ما سلبته منا الاناجيل الأربعة.

لكن القرآن المقدّس حارس وحافظ علىٰ اموال وارواح واعراض البشر ، وله احكام مؤكدة في استرداد الحقوق المغصوبة ».

١٢ ـ ماذا يقول اسير وليام موليس ؟

وهو من علماء بريطانيا ، يقول في كتاب « سيرة محمد » :

« قرآن محمد كتاب مليء بالدلائل الواضحة والمنطقية والعديد من المسائل العلمية والاحكام القضائية والقانونية والأوامر المؤكّدة من أجل الحفاظ علىٰ الحياة الاجتماعية والمدنية ، وقد جاءت في هذا الكتاب المقدس بعبارات بسيطة وفي نفس الوقت محكمة ومنظمة ، حيث تجذب القارئ اليها ».

١٣٩

١٣ ـ اعتراف غريب لفولتير(١)

المفكر الفرنسي المعروف فولتير ، يقول حول مارتين لوثر(٢) :

ان لوثر ليس جديراً بان يحلّ خيط حذاء محمد.

١٤ ـ كلام من برناردشو(٣)

يقول الفيلسوف الانجليزي المعروف ، برناردشو : « محمد اعظم الانبياء ، ولو كان يحكم دنيا اليوم لحلّ جميع العقد والمشاكل التي تعاني منها البشرية واحدة بعد اُخرىٰ بحكمته ودرايته ». ويضيف :

« أي انّ دين محمد هو الدين الوحيد الذي يتناسب وجميع ادوار الحياة البشرية ، وبأستطاعته ان يجذب إليه جميع الاجيال. لكني اتصوّر ان اوروبا في المستقبل ، ستقبل علىٰ دين محمد وآثار ذلك ظاهرة اليوم ، يجب ان نعتبر محمد منقذّ البشرية ».

________________

(١) Valtaire

(٢) Martin Lather ، أحد قادة الاصلاح الديني المسيحي في القرن السادس عشر في أوروبا ( المانيا ) وكان هو شخصياً من الروحانيين المسيحيين الاحرار المثقفين ، اعترض على فساد الكنيسة الكاثوليكية وترجم الانجيل إلى الالمانية وأوجد مذهباً جديداً في المسيحية ( البروتستانية ). ( المترجم )

(٣) Birnard Show

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466