منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ١

منتهى المقال في أحوال الرّجال5%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-89-2
الصفحات: 390

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 390 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 195436 / تحميل: 6609
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٨٩-٢
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

يظهر من الخارج ، على أنّه ربما يكون ظاهر الشيخية حسن العقيدة الى أن يثبت الخلاف ، فتأمّل.

وقال جماعة : إنّ مشايخ الإجازة لا يضر مجهوليتهم ، لأنّ أحاديثهم مأخوذة من الأصول المعلومة ، وذكرهم لمجرد اتصال السند أو للتيمن(١) .

وفيه : انّ ذلك غير ظاهر ، مضافا الى عدم انحصار ذلك في تلك الجماعة ، فكم من معروف منهم بالجلالة لم يصححوا حديثه ، فضلا عن المجهول ، على أنّه لا وجه لتضعيف أحاديث سهل بن زياد وأمثاله ، ممن حاله حال تلك الجماعة في الوساطة للكتب ، مشايخ الإجازة كانوا أم لا(٢) .

وبالجملة لا وجه للتخصيص بمشايخ الإجازة ، ولا من بينهم بجماعة خاصة.

ودعوى : أنّ غيرهم ربما يروي من غير تلك الأصول دون الجماعة ، وأنّ ذلك كان ظاهرا على العلامة ، بل ومن تأخر عنه ، جزاف ، على أنّ النقل عنها غير معلوم إغناؤه عن التعديل ، لعدم معلومية كل واحد من أحاديثها‌

__________________

(١) كما ذهب إلى هذا المجلسي الأول في أكثر من موضع ، قال في ترجمة محمّد بن علي الكوفي : ١٤ / ٢٨ : والظاهر أنّ مساهلتهم في النقل عن أمثاله لكونه من مشايخ الإجازة ، والأمر فيه سهل ، لأن الكتاب إذا كان مشتهرا متواترا عن صاحبه يكفي في النقل عنه ، وكان ذكر السند لمجرد التيمن والتبرك.

(٢) قال السيد الصدر في نهاية الدراية : ١٥٨ : أقول : مجرد كونه من مشايخ الإجازة لا يفيد شيئا ، إذ ربما أخذوا من الضعيف لعلو إسناده ، أو لمجرد إخراج الحديث من الإرسال واتصال المستجيز بالسند ليدخل في المسانيد وإن كان المجيز فاسد المذهب ، ولو كان لمجرد كونه من مشايخ الإجازة ظهور في الوثاقة لصحّحوا أخبار سهل بن زياد ، فإنه من مشايخ الإجازة ، كما حكى المجلسيان رحمهما الله ، ولما قالوا انّ الجهل بمشايخ الإجازة غير قادح لأنّ المستجاز فيه من الأصول المعلومة ، وأجمل محامل من قال بدلالة ذلك على المدح والعدالة عندي أنّه لا يريد كلية الكبرى ، بل يريد هؤلاء الاعلام المشهورين بالتعظيم والجلالة عند الطائفة.

١٠١

بالخصوص ، وكذا الكيفية المودعة ، والقدماء كانوا لا يروونها إلاّ بالإجازة أو القراءة وأمثالهما ، ويلاحظون الواسطة غالبا حتى في كتب الحسين بن سعيد الذي جلّ رواية تلك الجماعة عنه ، وسيجي‌ء في أخيه الحسن ما يدل عليه ، وكذا في كتب كثير ممن ماثله من الأجلّة ، مع أنّ هذه الكتب أشهر وأظهر من غيرها.

وربما يقال في وجه الحكم بالصحة أنّ الاتفاق على الحكم بها دليل على الوثاقة.

وفيه : أنّ الظاهر أنّ منشأ الاتفاق أحد الأمور المذكورة(١) .

ومنها : أن ينقل حديث غير صحيح في مدحه ، فان المظنون تحققه فيه عند المتأخرين ، ويقوى إذا تأيّد باعتداد المشايخ ، ونقلهم إياه في بيان حال الرجل(٢) .

__________________

(١) قال الشيخ حسن في منتقى الجمان : ١ / ٣٩ : الفائدة التاسعة : يروي المتقدّمون من علمائنا رضي الله عنهم عن جماعة من مشايخهم ، الّذين يظهر من حالهم الاعتناء بشأنهم ، وليس لهم ذكر في كتب الرجال ، والبناء على الظاهر يقتضي إدخالهم في قسم المجهولين ، ويشكل بأنّ قرائن الأحوال شاهدة ببعد اتخاذ أولئك الأجلاء الرجل الضعيف أو المجهول شيخا يكثرون الرواية عنه ويظهرون الاعتناء به ، ورأيت لوالديرحمه‌الله كلاما في شأن بعض مشايخ الصدوقرحمه‌الله قريبا مما قلناه ، وربما يتوهم أنّ في ترك التعرّض لذكرهم في كتب الرجال إشعارا بعدم الاعتماد عليهم ، وليس بشي‌ء ، فإن الأسباب في مثله كثيرة ، وأظهرها أنه لا تصنيف لهم ، وأكثر الكتب المصنفة في الرجال لمتقدمي الأصحاب اقتصروا فيها على ذكر المصنفين ، وبيان الطرق إلى رواية كتبهم. الى آخر كلامه وفيه فوائد جمة.

(٢) قال المقدس الكاظمي في عدته : ٢٦ : وهذا كما حكم الشهيد الثانيرحمه‌الله بوثاقة عمر ابن حنظلة لقول الصادقعليه‌السلام في حديث الوقت : إذن لا يكذب علينا ، مع ما في سنده من الضعف لمكان يزيد بن خليفة ، وما ذلك إلا لرواية الأجلاء كالكليني له ، وعمل كثيرين به ، فضعف اعتراض ولده المحقق صاحب المعالم واستغرابه للتوثيق بمجرد هذا الخبر الضعيف لا وجه له.

١٠٢

وأضعف من ذلك ما لو روى الراوي بنفسه ذلك ، ويحصل الظن بملاحظة اعتداد المشايخ ونقلهم إياه ، كما في كثير من التراجم.

ومنها : كونه من آل أبي الجهم ، لما في منذر بن محمّد(١) ، وسعيد بن أبي الجهم(٢) .

ومنها : كونه من آل نعيم الأزدي ، لما في بكر بن محمّد(٣) ، وجعفر بن المثنى(٤) ، والمثنى بن عبد السلام.

ومنها : كونه من آل أبي شعبة ، ويأتي في : عمر بن أبي شعبة(٥) .

ومنها : قول العدل : حدثني بعض أصحابنا ، قال المحقق : يقبل وإن لم يصفه بالعدالة ، إذا لم يصفه بالفسوق(٦) ، لأن إخباره بمذهبه شهادة بأنّه من أهل الأمانة ، ولم يعلم منه الفسق المانع من القبول.

وإن قال : بعض أصحابه ، لم يقبل ، لإمكان أن يعني نسبته إلى الرواة‌

__________________

(١) لما في رجال النجاشي : ٤١٨ / ١١١٨ حيث قال في ترجمته : من أصحابنا من بيت جليل.

(٢) لما في رجال النجاشي : ١٧٩ / ٤٧٢ حيث قال : كان ثقة في حديثه ، وجها بالكوفة ، وآل أبي الجهم بيت كبير بالكوفة.

راجع رجال السيد بحر العلوم : ١ / ٢٧٢ ـ ٢٧٥ ترجمة آل أبي جهم القابوسي.

(٣) لما في رجال النجاشي : ١٠٨ / ٢٧٣ : وجه في هذه الطائفة ، من بيت جليل بالكوفة ، من آل نعيم الغامديين.

(٤) لما في رجال النجاشي : ١٢١ / ٣٠٩ : ثقة ، من وجوه أصحابنا الكوفيين ، ومن بيت آل نعيم.

وذكر السيد بحر العلوم في رجاله : ١ / ٢٨٣ ـ ٢٨٩ ترجمة آل نعيم الأزدي الغامدي.

(٥) حيث قال النجاشي : ٢٣٠ / ٦١٢ في ترجمة عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي : وآل أبي شعبة بالكوفة بيت مذكور من أصحابنا.

وترجمهم السيد بحر العلوم في رجاله : ١ / ٢١٤ ـ ٢٢٢.

(٦) في نسخة « م » : بالفسق.

١٠٣

وأهل العلم ، فيكون البحث فيه كالمجهول ، انتهى(١) . وفيه نظر(٢) .

ومنها : رواية الجليل عن غير واحد ، أو عن رهط مطلقا أو مقيدا بقول من أصحابنا ، وعندي أنّ هذه الرواية في غاية القوة ، بل أقوى من كثير من الصحاح ، وربما تعد من الصحاح لبعد أن لا يكون فيهم ثقة(٣) .

ومنها : رواية الجليل عن أشياخه ، فإن علم أنّ فيهم ثقة فالظاهر صحة الرواية ، وكذا إن علم أنّ فيهم من مشايخ الإجازة أو من أشباههم ، وإلاّ فهي في غاية القوة مع احتمال الصحة ، لبعد الخلو عن الثقة. ورواية حمدويه عن أشياخه من الأول(٤) ، لأن فيهم العبيدي(٥) ، وهو ثقة كما يأتي(٦) .

__________________

(١) معارج الأصول : ١٥١ وعبارته هكذا : إذا قال أخبرني بعض أصحابنا ، وعنى الإمامية ، يقبل وإن لم يصفه بالعدالة ـ إذا لم يصفه بالفسوق ـ لأنّ إخباره بمذهبه شهادة بأنّه من أهل الأمانة ، ولم يعلم منه الفسوق المانع من القبول.

فان قال : عن بعض أصحابه ( خ. ل أصحابنا ) لم يقبل ، لا مكان أن يعني نسبته إلى الرواة ، أو أهل العلم ، فيكون البحث فيه كالمجهول.

(٢) وتنظّر فيه أيضا المامقاني في المقباس : ٢ / ٢٨٧ حيث قال : وأنت خبير بأنّ ما ذكره غير مستقيم ، لأنّ السكوت عن تفسيقه أعمّ من التوثيق ، مضافا إلى عدم صراحة بعض أصحابنا في كون المقول فيه إماميا كما مرّ ، فتأمّل.

(٣) عقّبها البهبهاني في التعليقة : ١١ بقوله : وفيه تأمل ، وقال المحقق الشيخ محمّد : إذا قال ابن أبي عمير عن غير واحد ، عدّ روايته من الصحيح ، حتى عند من لم يعمل بمراسيله.

وقال في المدارك : لا يضر إرسالها لأن في قوله : غير واحد ، إشعار بثبوت مدلولها عنده ، وفي تعليله تأمّل فتأمّل.

(٤) وردت رواية حمدويه عن أشياخه في رجال الكشي : ٣١٣ / ٥٦٦ ، ٣٨٥ / ٧٢٠ ، ٤١٤ / ٧٨٠ و ٧٨٣ ، ٥٦٤ / ١٠٦٥ ، ٦١٢ / ١١٤١.

(٥) وهو محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين.

(٦) قال الجزائري في حاوي الأقوال في ترجمة جعفر بن عثمان بن زياد الرواسي : روى الكشيرحمه‌الله عن حمدويه عن أشياخه أنّه ثقة فاضل خير. ، ثم قال : قلت : لا يتوهم أنّ ما نقله الكشي مرسل ولا يفيد التوثيق لأنّ بعض مشايخ حمدويه ثقة والإضافة تفيد العموم ،

١٠٤

ومنها : قولهم : فقيه من فقهائنا ، بل يشير إلى الوثاقة.

وقريب منه قولهم : فقيه(١) .

ومنها : قولهم : فاضل(٢) ، أو ديّن(٣) . ويأتي في الحسن بن علي بن فضال(٤) .

__________________

قيل : وفيه نظر.

(١) قال الوحيد البهبهاني في التعليقة : ١٠ : ومنها قولهم : فقيه من فقهائنا وهو يفيد الجلالة بلا شبهة ويشير إلى الوثاقة ، والبعض بل لعلّ الأكثر لا يعدّه من أماراتها ، إمّا لعدم الدلالة عنده ، أو لعدم نفع مثل تلك الدلالة ، وكلاهما ليس بشي‌ء ، بل ربما يكون أنفع من بعض توثيقاتهم ، فتأمل ولاحظ ما ذكرناه في الفائدتين وهذه الفائدة وعبارة النجاشي في إسماعيل ابن عبد الخالق تشير إلى ما ذكرناه ، فلاحظ وتأمل ، وقريب مما ذكر قولهم : فيه. انتهى.

وقد عدّ جمع هذه العبارة في ضمن أمارات الوثاقة والمدح كما في الرواشح : ٦٠ ، عدة الكاظمي : ١٩ ، مقباس الهداية : ٢ / ٢٤٨ ، ونهاية الدراية : ١٤٨.

(٢) وقد عدّ الشهيد الثاني في الرعاية : ٢٠٥ : فاضل من أمارات المدح الملحق لحديث المقول فيه بالحسن ، وعدم إفادتها التعديل ، ثم قال : وأمّا الفاضل ، فظاهر عمومه ، لأنّ مرجع الفضل إلى العلم ، وهو يجامع الضعف بكثرة.

وقد عدّ جمع الكلمة من ألفاظ المدح كما في الرعاية : ٢٠٥ ، والرواشح : ٦٠ ، ومقباس الهداية : ٢ / ٢٤٧ ، نهاية الدراية : ١٤٨ ، وقد عدّها السيد في العدّة : ١٩ ، من الألفاظ التي تفيد التوثيق.

(٣) قال المامقاني في المقباس : ٢ / ٢٤٧ : ولا شبهة في دلالته على المدح المعتد به المقارب للتوثيق ، بل يحتمل دلالته على ذلك ، لأن الدّين لا يطلق إلا على من كان ملتزما بجميع أحكام الدين ، ومن كان كذلك فهو عدل.

وقد عدها السيد في العدّة : ١٩ من الألفاظ التي تفيد التوثيق أيضا.

وذكرها السيد الصدر في نهاية الدراية : ١٤٨ ضمن ألفاظ المدح.

وقال الأصفهاني في الفصول الغروية : ٣٠٣ : ومنها قولهم : ورع أو تقي أو دين ، والأولان نص في التعديل ، والأخير ظاهر فيه ، بل لا يبعد اختصاصه عرفا به.

(٤) يأتي في ترجمته نقلا عن الكشي والنجاشي قول الفضل بن شاذان لأبيه فيه : هذا ذاك العابد الفاضل ، قال : هو ذاك.

راجع رجال الكشي : ٥١٥ / ٩٩٣ ، رجال النجاشي : ٣٤ / ٧٢.

١٠٥

ومنها : قولهم : أوجه من فلان ، أو أصدق ، أو أوثق ، وما أشبه ذلك ، مع كون فلان وجها ، أو صدوقا ، أو ثقة ، بل يشير الأخير إلى الوثاقة(١) .

ومنها : توثيق علي بن الحسن بن فضّال(٢) ، أو ابن عقدة ، ومن‌

__________________

(١) قال الأصفهاني في الفصول : ٣٠٣ : وأمّا قولهم : أوجه من فلان ، حيث يكون المفضّل عليه ثقة ، فأقوى في المدح ، ويحتمل قويّا عدّه توثيقا.

ومنها قولهم : أصدق لهجة من فلان ، حيث يكون المفضّل عليه ثقة ، والظاهر أنّه يفيد مدحا يعتد به في العمل بروايته ، وكذا لو كان المفضّل عليه هنا وفيما مرّ ممدوحا بما يصحّ الاعتماد على روايته.

وقد فصّل الكلام الكاظمي في العدّة : ٢٠ حيث قال : والتفضيل على الموثق والممدوح أدلّ على الوثاقة والمدح من الأصل ، فان لم يثبت في المفضّل عليه كما في مثل : أوثق إخوته ، أو من أبيه مع عدم العلم بوثاقة الأب والإخوة كان الأصل أدل ، فإنا نجد أنّ قولنا هو ثقة أدلّ على الوثاقة من ذلك ، وكذلك صدوق ، وأصدق إخوته ، ووجه وأوجههم. وربما يتعلّق في التوثيق بالتفضيل عليه لمكان المشاركة.

وهذا كما يجعل للحسين بن علوان حظا في الوثاقة ، بقول ابن عقدة في أخيه الحسن : إنّه كان أوثق من أخيه. وكذلك قول النجاشي بعد حكمه على الحسين بأنّه عامي ثقة ، والحسن أخص بنا وأولى.

والحقّ أنّه لا دلالة في ذلك على التوثيق ، لشيوع استعمال أفعل مجردا.

وقد وقع في كلامهم التفضيل بالوثاقة على من لا حظّ له فيها من الضعفاء المتّهمين ، وهذا كما قال النجاشي في الحسن بن محمّد بن جمهور العمّي أبو محمّد البصري : ثقة في نفسه ، ينسب إلى بني العم ، يروي عن الضعفاء ، ويعتمد المراسيل ، ذكره أصحابنا بذلك وقالوا : كان أوثق من أبيه. مع قولهم في أبيه على ما في النجاشي : انّه ضعيف في الحديث ، فاسد المذهب ، وأن فيه أشياء الله أعلم بها من عظمها ، روى عن ابنه الحسن.

وكان ما رمي به من الرّواية عن الضّعفاء لروايته عن أبيه ونحوه.

(٢) وقد ناقش المامقاني في المقباس : ٢ / ٢٦٦ في ذلك حيث قال : قلت : الموجود في ترجمته : أنّه قلّ ما روى عن ضعيف وكان فطحيا ، ولم يرو عن أبيه شيئا.

ودلالته على ما رام إثباته كما ترى ، لأنّ قلّة روايته عن الضعيف تجتمع مع كون من نريد استعلام حاله ضعيفا ، لأنهم لم يشهدوا بعدم روايته عن ضعيف ، بل بقلّة روايته عن ضعيف ، فلا تذهل. ثم قال :

١٠٦

ماثلهما(١) .

وأمّا ابن نمير ، فلا يبعد حصول قوة من قوله بعد ملاحظة اعتداد المشايخ به ، سيّما إذا ظهر تشيّع من وثّقوه ، خصوصا إذا اعترف الموثّق بتشيعه(٢) .

ومنها : قولهم : شيخ الطائفة ، وأمثال ذلك ، بل يشير إلى الوثاقة ، وهو‌

__________________

وتوهم إمكان الاستدلال للمطلوب بما ورد من الأمر بالأخذ بما رووا بنو فضال وترك ما رأوا ، مدفوع بأنّ الأخذ بما يرويه ، عبارة عن تصديقه في روايته ، وأين ذلك وكيف هو من الدلالة على عدالة من رووا عنه شيئا أو صدقه؟ فهم مصدّقون في الأخبار بأنّ فلانا روى عن الصادقعليه‌السلام كذا ، وذلك لا يستلزم بوجهه صدق فلان أيضا ، هذا مضافا إلى أنّه إن تمّ لاقتضى كون رواية كل من بني فضال كذلك لا خصوص عليه ، ولم يلتزم بذلك أحد كما لا يخفى.

(١) قال السيد الأعرجي في العدّة : ٢٥ : وأمّا توقفهم في توثيق ابن فضّال وابن عقدة وأضرابهما من الثقات المنحرفين ، من أئمة هذا الشأن ، وأهل القدم الراسخ فيه ، والباع الطويل ، فالذي يستفاد من تتبع سيرة قدماء الأصحاب هو الاعتماد على أمثال هؤلاء ، كما يعرب عنه تصفح كتب الرجال ، وناهيك في علي بن الحسن بن فضّال اعتماد الثقة الجليل محمّد بن مسعود العياشي عليه ، حتى أنّه ليكتفي بمجرد أن يقول من دون أن يسأله عن الوجه في ذلك ، كما وقع له غير مرّة ، فلا وجه للتوقف فيه وفي اضرابه.

نعم توثيق مثله إنما يفيد الوثاقة بالمعنى الأعم ، فإن ثبت كون من وثقوه مستقيما على الطريقة أفاد الوثاقة بالمعنى الأخص.

فأمّا نصر بن الصّباح ، فإنّه وإن رمي بالغلو وارتفاع القول ، لكن الثقات الأجلاء كابن مسعود والكشي تناولوا منه ورووا عنه. وعدّ قوم توثيقهم مدحا قريبا من التوثيق.

(٢) قال السيد الأعرجي في العدّة : ٢٥ : وأمّا ثقات العامة كابن نمير ، فقال الأستاذ : إنّه لا يبعد عن مكانة ابن فضال.

وقال الوحيد في التعليقة : ١٠ : وأمّا توثيق ابن نمير ومن ماثله ، فلا يبعد حصول قوة منه ، بعد ملاحظة اعتداد المشايخ به واعتمادهم عليه ، كما سيجي‌ء في إسماعيل بن عبد الرحمن ، وحميد بن حماد ، وجميل بن عبد الله ، وعلي بن حسان ، والحكم بن عبد الرحمن ، وغيرهم ، سيّما إذا ظهر تشيع من وثقوه ، كما هو في كثير من التراجم ، وخصوصا إذا اعترف الموثق بتشيعه ، وقس على توثيقهم مدحهم وتعظيمهم.

١٠٧

أولى من الوكالة ، وشيخية الإجازة ، وغيرهما ، مما حكموا بشهادته على الوثاقة(١) .

ومنها : توثيق العلاّمة وابن طاوس ونظائرهما ، وهو من أمارات الوثاقة(٢) ، وتوقف الشهيد(٣) ، وصاحب المعالم فيه ، وولده في العلامة ولا‌

__________________

(١) قال العاملي في وصول الأخيار : ١٩٢ : أما نحو شيخ هذه الطائفة وعمدتها ووجهها ورئيسها ونحو ذلك فقد استعملها أصحابنا فيمن يستغنى عن التوثيق لشهرته ، إيماء إلى أنّ التوثيق دون مرتبته.

وقال الأعرجي في العدّة : ١٩ : وأمّا نحو شيخ الطائفة وفقيهها فظاهر في التوثيق ، وما كانت الطائفة لترجع إلاّ لمن تثق بدينه وأمانته.

وعلق المامقاني في المقباس : ٢ / ٢٢٤ بقوله : فإذا قيل : فلان شيخ الطائفة ، كان التعرض لاماميته ووثاقته مستنكرا حشوا ، لكون مفاد العبارة عرفا أعظم من الوثاقة ، ألا ترى أنك لو سألت أحدا عن عدالة شيخ من شيوخ الطائفة استنكر أهل العرف ذلك.

(٢) وقد ناقش في ذلك السيد الخويي في المعجم : ١ / ٤٣ فقال : ومما تثبت به الوثاقة أو الحسن أن ينص على ذلك أحد الأعلام المتأخرين ، بشرط أن يكون من أخبر عن وثاقته معاصرا للمخبر ، أو قريب العصر منه ، كما يتفق ذلك في توثيقات الشيخ منتجب الدين ، أو ابن شهرآشوب.

وأمّا في غير ذلك كما في توثيقات ابن طاوس والعلامة وابن داود ، ومن تأخر عنهم كالمجلسي لمن كان بعيدا عن عصرهم فلا عبرة بها ، فإنها مبنية على الحدس والاجتهاد جزما ، وذلك فإن السلسلة قد انقطعت بعد الشيخ ، فأصبح عامة الناس ـ إلاّ قليلا منهم ـ مقلّدين يعملون بفتاوى الشيخ ويستدلون بها كما يستدل بالرواية ، على ما صرح به الحلي في السرائر ، وغيره في غيره.

(٣) قال الشهيد الثاني في الرعاية : ١٨٠ : فلا ينبغي لمن قدر على البحث تقليدهم في ذلك ، بل ينفق مما آتاه الله ، فلكل مجتهد نصيب.

فان طريق الجمع بينهما يلتبس على كثير ، حسب اختلاف طرقه وأصوله في العمل بالأخبار الصحيحة والحسنة والموثقة ، وطرحها أو بعضها.

فربما لم يكن في أحد الجانبين حديث صحيح ، فلا يحتاج إلى البحث عن الجمع بينهما ، بل يعمل بالصحيح خاصة ، حيث يكون ذلك من أصول الباحث.

وربما يكون بعضها صحيحا ، ونقيضه حسنا أو موثقا ويكون من أصله العمل بالجميع ،

١٠٨

يبعد موافقة غيرهم لهم(١) ، ولعلّه ليس في موضعه لحصول الظن(٢) .

وقال جدّي : العادل أخبر أو شهد فلا بدّ من القبول(٣) .

وهو حسن ، نعم لو ظهر ما يشير الى توهم منهم فالتوقف فيه كما في غيره ، وقصرهمرحمهم‌الله التوثيق في القدماء غير معلوم ، بل ربما يكون الظاهر خلافه مع أن ضرره غير ظاهر(٤) .

__________________

فيجمع بينهما بما لا يوافق أصل الباحث الآخر. ونحو ذلك.

وكثيرا ما يتفق لهم التعديل بما لا يصلح تعديلا ، كما يعرفه من يطالع كتبهم ، سيّما « خلاصة الأقوال » التي هي الخلاصة في علم الرجال. (١) قال العاملي في وصول الأخيار : ١٦٢ : لكن ينبغي للماهر تدبر ما ذكروه ، فلعلّه يظفر بكثير ممّا أهملوه ، أو يطلع على توجيه قد أغفلوه ، خصوصا مع تعارض الجرح والمدح ، فلا ينبغي لمن قدر على التمييز التقليد ، بل ينفق مما آتاه الله ، فلكل مجتهد نصيب.

(٢) التعليقة : ١٠ والعبارة فيها هكذا : ومنها : توثيق العلامة وابن طاوس ونظائرهما ، وتوقف المحقق الشيخ محمّد في توثيقات العلامة ، وصاحب المعالم في توثيقاته وتوثيقات ابن طاوس ، وكذا الشهيد بل ولا يبعد أنّ غيرهم أيضا توقف ، بل توقف في نظائرهما أيضا ، ولعلّه ليس في موضعه ، لحصول الظن منها والاكتفاء به. إلى آخره.

وقال الداماد في الرواشح : ٥٩ الراشحة الحادية عشر : هل حكم العالم المزكي كالعلامة والمحقق وشيخنا الشهيد في كتبهم الاستدلالية بصحة حديث مثلا في قوة التزكية والتعديل لكل من رواته على التنصيص والتعيين ، وفي حكم الشهادة الصحيح التعويل عليها في باب أي منهم بخصوصه أم لا؟ وجهان وأولى بالعدم على الأقوى.

وكذلك في التحسين والتوثيق والتقوية والتضعيف ، إذ يمكن أن يكون ذلك بناء على ما ترجح عندهم في أمر كل من الرواة من سبيل الاجتهاد ، فلا يكون حكمهم حجة على مجتهد آخر ، نعم إذا كان بعض الرواة غير مذكور في كتب الرجال ، أو مذكورا غير معلوم حاله ، ولا هو بمختلف في أمره ، لم يكن على البعد من الحق أن يعتبر ذلك الحكم من تلقائهم شهادة معتبرة في حقه.

(٣) راجع روضة المتقين : ١٤ / ١٧ ـ ١٨.

(٤) قال المامقاني في المقباس : ٢ / ٢٩١ : ودعوى قصرهم توثيقهم في توثيقات القدماء ، مدفوعة بأنه غير ظاهر ، بل ظاهر جملة من التراجم خلافه ، مع أنّ ضرر القصر غير ظاهر ، بل لا شبهة في إرادتهم بالثقة : العدل.

١٠٩

ومنها : توثيقات إرشاد المفيدرحمه‌الله (١) ، وإن كان ما في محمّد بن سنان يأباه ، لكن يمكن العلاج كما سيجي‌ء(٢) .

فائدة :

في أسباب الذم وضعف الرواية :

منها : قولهم : ضعيف ، ونرى الأكثر يفهمون منه القدح في نفس الرجل ، ويحكمون به بسببه(٣) .

__________________

نعم لو قالوا في حق شخص انّه صحيح لم يفد في إثبات الاصطلاح المتأخر ، لأنّ الصحة عندهم أعمّ من الصحة عند المتأخرين ، نعم لو قامت أمارة على توهم منهم في موضع في أصل التوثيق لزم التوقف ، وأمّا حيث لم يظهر التوهم فالأقوى الاعتبار.

(١) قال الوحيد في التعليقة : ١١ بعد هذا الكلام : وعندي أنّ استفادة العدالة منها لا يخلو عن تأمّل ، كما لا يخفى على المتأمّل في الإرشاد في مقامات التوثيق ، نعم يستفاد منها القوة والاعتماد. ثم قال : والمحقق الشيخ محمّد أيضا تأمّل فيها ، لكن قال في وجهه لتحققها بالنسبة إلى جماعة اختص بهم من دون كتب الرجال ، بل وقع التصريح بضعفهم من غيره ، على وجه يقرب الاتفاق ، ولعلّ مراده من التوثيق أمر آخر انتهى. وفي العلة نظر ، فتأمل.

وقد أجاب المامقاني في المقباس : ٢ / ٢٩١ على هذا بقوله : وهو كما ترى ، فانّ توثيقه من ضعّفوه ، أو توقفوا في حاله لا يوجب وهن توثيقاته ، غايته عدم الأخذ بتوثيقه عند تحقق اشتباهه ، فإن الخطأ من غير المعصوم عليه‌السلام غير عزيز.

(٢) لأنّه عدّه في الإرشاد : ٢ / ٢٤٨ في من روى النصّ على الرضاعليه‌السلام بالإمامة من أبيه ، من خاصته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته.

وقال في الكتاب التاسع من مصنفات الشيخ المفيد في كتاب الرد على أهل العدد والرؤية : ٢٠ : وهذا الحديث شاذ ، نادر ، غير معتمد عليه ، طريقه محمّد بن سنان ، وهو مطعون فيه ، لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه ، وما كان هذا سبيله لم يعمل عليه في الدين.

(٣) فقد عدّ الضعيف من أسباب الجرح جمع ، منهم : ثاني الشهيدين في الرعاية : ٢٠٩ ، والشيخ البهائي في الوجيزة : ٥.

وعدّها الداماد في الرواشح : ٦٠ من ألفاظ الجرح والذم.

وقال التقي المجلسي في الروضة : ١٤ / ٣٩٦ : بل الحكم بالضعف ليس بجرح ، فان

١١٠

ولا يخلو من ضعف(١) لما سنذكر في سهل بن زياد(٢) ، وأحمد بن‌

__________________

العادل الذي لا يكون ضابطا يقال له : إنّه ضعيف ، أي ليس قوة حديثه كقوة الثقة ، بل تراهم يطلقون الضعيف على من يروي عن الضعفاء ويرسل الأخبار.

(١) قال السيد الأعرجي في العدّة : ٢٨ عند تعداده لألفاظ القدح والجرح : نعم يقع الكلام في اصطلاحات أخر منها قولهم : ضعيف ، والمعروف أنّه قدح مناف للعدالة ، ومن تتبع طريق القدماء ودأبهم كيف يضعفون بكثرة الإرسال ، والرواية عن الضعفاء والمجاهيل.

كما قال غض في جعفر بن محمّد بن مالك بعد أن رماه بالرواية عن الضعفاء والمجاهيل وغير ذلك ، وكل عيوب الضعفاء مجتمعة فيه ، فعدّ ذلك من موجبات الضعف.

حتى أنهم لينفون من اتهموه بذلك ، كما وقع لأحمد بن محمّد بن عيسى مع أحمد بن أبي عبد الله البرقي وسهل بن زياد الآدمي وغيرهما ، عرف أنّ مطلق التضعيف غير قادح ، بل ربما ضعفوا برواية الضعفاء ومن غمز عليه.

وهذا كما قال النجاشي في محمد بن الحسن بن عبد الله الجعفري : ذكره بعض أصحابنا وغمز عليه ، روى عنه البلوى ، والبلوى رجل ضعيف مطعون عليه ، إلى أن قال : وهذا أيضا ممّا يضعفه.

وقال في جابر بن يزيد الجعفي ، وهو يغض من جانبه : وروى عنه جماعة غمز فيهم ، إلى أن قال : وكان في نفسه مختلطا.

بل قال الأستاذ : لعلّ من أسباب الضعف عندهم قلة الحافظة ، وسوء الضبط ، والرواية من غير إجازة ، والرواية عمن لم يلقه ، واضطراب ألفاظ الرواية ، وإيراد الرواية التي ظاهرها الغلو والتفويض ، أو الجبر والتشبيه ، كما هو المسطور في كتبنا المعتبرة ، قال : بل ربما كانت مثل الرواية بالمعنى عندهم من الأسباب.

فقد بان أن التضعيف في الاصطلاح القديم أعم منه في الحديث ، فاما قولهم ضعيف في الحديث فربما ظهر من تخصيص الضعف بالحديث عدم القدح بالمحدث. إلى آخر كلامه ، ونقلناه بطوله لما فيه من فوائد وتوضيح.

(٢) في التعليقة : ١٧٦ قال : قوله : سهل بن زياد ، اشتهر الان ضعفه ، ولا يخلو من نظر ، لتوثيق الشيخ ، وكونه كثير الرواية جدا ، ولأنّ روايته سديدة مقبولة مفتي بها ، ولرواية جماعة من الأصحاب عنه ، كما هو المشاهد وصرّح به هنا النجاشي ، بل ورواية أجلائهم عنه ، بل وإكثارهم من الرواية عنه ، منهم عدّة من أصحاب الكليني ، مع نهاية احتياطه في أخذ الرواية ، واحترازه عن المتّهمين ، كما هو مشهود ، وينبه عليه ما سيجي‌ء في ترجمته إكثاره من الرواية عنه بمكان ، سيّما في كافيه الذي قال في صدره ما قال ، فتأمل.

١١١

محمّد بن خالد(١) ، وغيرهما(٢) .

ومنها : قولهم : ضعيف في الحديث ، وهو غير : ضعيف.

والحكم بالقدح به أضعف منه(٣) ، كما يأتي في سهل بن‌

__________________

وبالجملة أمارات الوثاقة والاعتماد والقوة التي مرت الإشارة إليها مجتمعة فيه كثيرة ، مع أنّا لم نجد من أحد من المشايخ القدماء تأمل في حديث بسببه ، حتى أنّ الشيخرحمه‌الله مع أنّه كثيرا ما تأمّل في أحاديث جماعة بسببهم ، لم يتفق في كتبه مرة بالنسبة إليه ، بل وفي خصوص الحديث الذي هو واقع في سنده ربما يطعن ، بل ويتكلف في الطعن من غير جهته ، ولا يتأمل فيه أصلا فتأمل. إلى آخر كلامه.

(١) راجع التعليقة : ٤٣.

(٢) كما ذكر ذلك في ترجمة داود بن كثير الرقي.

وقد اعترض المولى الكني في توضيح المقال : ٤٣ على الوحيد ، فقال : ومنها : ضعيف ، ولا ريب في إفادته سقوط الرواية وضعفها ، وإن لم يكن في الشدّة مثل أكثر ما سبق ، فيتميز عند التعارض. وأمّا إفادته القدح في نفس الرجل فلعله كذلك حيث أطلق ، ولم يكن قرينة كتصريح أو غيره على الخلاف ، والظاهر أنّه إليه نظر الأكثر في استفادة قدح الرجل منه.

فما في الفوائد بعد حكاية ذلك عنهم : ولا يخلو من ضعف لما سنذكر في داود بن كثير وسهل بن زياد وأحمد بن محمّد بن خالد وغيرهم لا يخلو من بحث ، إذ غاية الأمر وجود قرينة وتصريح بالخلاف ، حتى من المضعّف ، وهذا لا ينافي إفادته عند الإطلاق لما ذكرنا ، مع أنّا لاحظنا ما أشار إليه من التراجم فلم نقف فيها على ما ينافي مفاد الإطلاق المزبور ، فلاحظ وتأمّل.

ثمّ إن الذي يظهر منهم أو ينبغي إرادتهم مطلق القدح في نفس الرجل لا خصوص الفسق ، فيشمل ما لو كان التضعيف لسوء الضبط ، وقلة الحافظة ، أو عدم المبالاة في الرواية في أخذها ونقلها ، فلا بأس بما في الفوائد أيضا من قوله ، كما أن تصحيحهم غير مقصور على العدالة ، فكذا تضعيفهم غير مقصور على الفسق ، وهذا غير خفي على من تتبع وتأمل.

إلى آخر كلامه.

(٣) قال في نهاية الدراية : ١٦٧ : من ألفاظ الجرح قولهم : ضعيف ، ولا ريب في أنّه قدح مناف للعدالة إذا قيل على الإطلاق دون التخصيص بالحديث ، لأن المراد في الأول أنّه ضعيف في نفسه ، وفي الثاني أنّ الضعف في روايته ، فلا تدل على القدح في الراوي مع الإضافة الى الحديث.

١١٢

زياد(١) .

وقال جدي : الغالب في إطلاقاتهم ذلك أنّه يروي عن كل أحد(٢) .

ومنها : الرواية عن الضعفاء وروايتهم عنه ، كما سبق ، وسبق منشأ التأمّل فيه(٣) .

قال جدي : تراهم يطلقون الضعيف على من يروي عن الضعفاء ، ويرسل الأخبار(٤) ، انتهى. فتأمل.

ولعل من أسباب الضعف عندهم : قلّة الحافظة ، وسوء الضبط ، والرواية من غير إجازة ، وعمن لم يلقه ، واضطراب ألفاظ الرواية ، ورواية ما ظاهره الغلو أو التفويض ، أو نحوهما ، كما هو في كتبنا المعتبرة ، بل هي مشحونة منها(٥) .

__________________

وقال الغروي في الفصول : ٣٠٤ : ومنها قولهم : ضعيف ، أو ضعيف في الحديث ، وهو غير صريح في التفسيق ، لجواز أن يكون التضعيف من حيث الاعتماد على المراسيل ، كما هو الظاهر من الأخير ، ولو صرح بذلك لم يقدح قطعا ، وإن عدّه بعضهم قادحا ، كما عن كثير من القميين.

(١) راجع ترجمة سهل بن زياد في التعليقة : ١٧٦.

(٢) روضة المتقين : ١٤ / ٥٥.

(٣) قال المامقاني في المقباس : ٢ / ٣٠٧ عند ذكره لأسباب الذم وما تخيل كونه من ذلك : فمنها : كثرة الرواية عن الضعفاء والمجاهيل ، جعله القميون وابن الغضائري من أسباب الذم ، لكشف ذلك عن مسامحة في أمر الرواية.

ثم قال : وأنت خبير بأنّه كما يمكن أن يكون لذلك ، يمكن أن يكون لكونه سريع التصديق ، أو لأنّ الرواية غير العمل ، فتأمل.

ثم قال : ومنها : كثرة رواية المذمومين عنه ، أو ادعاؤهم كونه منهم. وهذا كسابقه في عدم الدلالة على الذم ، بل أضعف من سابقه ، لأنّ الرواية عن الضعيف تحت طوعه ، دون رواية المذموم عنه ، فتأمل.

(٤) روضة المتقين : ١٤ / ٣٩٦.

(٥) قال المولى الكني في توضيح المقال : ٤٤ بعد تعداده لهذه الأسباب : وبالجملة أسباب

١١٣

مع أنّ عادة المصنّفين إيرادهم جميع ما رووه كما يظهر من طريقتهم ، مضافا الى ما في أول الفقيه(١) .

ومنها : قولهم : كان من الطيّارة ، ومن أهل الارتفاع(٢) .

__________________

قدح القدماء كثيرة. لا يخلو من نظر ، لأنّا لا ننكر كثرة أسباب القدح عندهم ، إنا نمنع التعبير عن أمثال ذلك بمطلق ضعف الرجل.

(١) حيث قال الشيخ الصدوق في ديباجة الفقيه : ١ / ٣ : ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما افتي به وأحكم بصحته.

(٢) قال السيد الأعرجي في العدة : ٢٨ : ومنها قولهم : كان من الطيّارة ، ومرتفع القول ، وفي مذهبه ارتفاع ، يريدون بذلك كلّه الغلو والتجاوز بأهل العصمة إلى ما لا يسوغ ـ وهو الذي أراد من قال في محمّد بن سنان : أراد أن يطير فقصصناه ـ والمعروف في مثل هذا عدّه في القوادح ، كما في معناه.

لكن قال الأستاذ : الظاهر أنّ كثيرا من القدماء سيّما القميين وابن الغضائري كانوا يعتقدون للأئمة عليهم‌السلام منزلة خاصة من الرفعة والجلالة ، ومرتبة معينة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم ، لا يجوّزون التعدي عنها ، فكانوا يعدون التجاوز عنها ارتفاعا وغلوا ، حتى جعلوا مثل نفي السهو عنهم غلوا ، بل ربما جعلوا نسبة مطلق التفويض إليهم ، أو التفويض المختلف فيه ، أو الإغراق في إعظامهم ، وحكاية المعجزات وخوارق العادات عنهم ، أو المبالغة في تنزيههم عن النقائص ، وإظهار سعة القدرة ، وإحاطة العلم بمكنونات الغيوب في السماء والأرض ارتفاعا ، وموجبا للتهمة خصوصا ، والغلاة كانوا مخلوطين بهم يتدلسون فيهم.

قال : وبالجملة فالظاهر أنّ القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية كالفرعية ، فربما كان بعض الاعتقادات عند بعضهم كفرا أو غلوا أو تفويضا أو جبرا أو تشبيها أو نحو ذلك ، وعند آخرين ممّا يجب اعتقاده.

وربما كان منشأ جرحهم للرجل ورميهم إياه بالأمور المذكورة روايته لما يتضمن ذلك ، أو نقل الرواية المتضمنة لذلك ، أو لشي‌ء من المناكير عنه ، أو دعوى بعض المنحرفين أنّه منهم ، فينبغي التأمّل في جرحهم بأمثال هذه الأمور ، ومن لحظ موقع قدحهم في كثير من المشاهير : كيونس بن عبد الرحمن ، ومحمّد بن سنان ، والمفضّل بن عمر ، ومعلى بن خنيس ، وسهل بن زياد ، ونصر بن الصباح ، في كثير من أمثالهم ، عرف الوجه في ذلك ، وكفاك شاهدا إخراج محمّد بن أحمد بن عيسى لأحمد بن محمّد بن خالد.

قال المحقق محمّد بن الحسن : إن أهل قم كانوا يخرجون الراوي بمجرد توهم الريب.

١١٤

ومنها : قولهم : ليس بذاك ـ عند خاليرحمه‌الله ـ ولا يخلو من تأمّل ، لاحتمال أن يراد ليس بحيث يوثق به وثوقا تاما ، وإن كان فيه نوع وثوق ، كقولهم : ليس بذاك الثقة ، ولعلّ هذا هو الظاهر ، فيشعر الى نوع مدح(١) .

أقول : يأتي في أحمد بن علي أبو العباس الرازي ، ما يشعر بكون المراد من قولهم ليس بذاك : ليس بذاك الثقة(٢) .

ومنها : قولهم : مضطرب الحديث(٣) ، ومختلط الحديث ، وليس بنقيّ‌

__________________

وقال التقي المجلسي : إن ابن عيسى أخرج جماعة من قم باعتبار روايتهم عن الضعفاء وإيرادهم المراسيل ، وكان ذلك اجتهاد منه ، والظاهر خطأه ، لكن كان رئيس قم.

وذكر الأستاذ أيضا : إنّ ابن عيسى وابن الغضائري ربما نسبا الراوي إلى الكذب ووضع الحديث بعد نسبته إلى الغلو ، وكأنّه لرواية ما يدل عليه. انتهى كلام السيد في العدّة.

(١) قال الغروي في الفصول : ٣٠٤ : ومنها ـ أي من ألفاظ الجرح ـ قولهم : ليس بذاك ، وعدّه بعضهم ذما وبعضهم مدحا ، والأول مبني على أنّ المراد ليس بثقة ، والثاني يبتني على أن المراد ليس بحيث يوثق به وثوقا تاما ، والكل محتمل ، ولعلّ الثاني أقرب.

وقال السيد الأعرجي في العدة : ٣١ : وكذلك قولهم : ليس بذاك ، فإنّه ربما عدّ قدحا ، وأنت تعلم أنّه أكثر ما يستعمل في نفي المرتبة العليا ، كما يقال : ليس بذلك الثقة ، وليس بذلك الوجه ، وليس بذلك البعيد ، فكان فيه نوع من المدح.

وقد ناقش المولى الكني في توضيح المقال : ٤٤ بعد إيراده لكلام الوحيد البهبهاني بقوله : قلت : هذا منه قدس‌سره كما سبق ، فأي منافاة لاحتمال خلاف الظاهر في الظهور ، ثم ترجى ظهور الخلاف ، فان كان مجرد الترجي فلا كلام ، وإلاّ فالظاهر خلافه ، لظهور النفي المزبور في نفي المعتبر من الوثوق والاعتماد ، نعم لو قيّده بالثقة بقوله : ليس بذاك الثقة ، كان كما ذكره ، وهو واضح.

وقد عدّ الداماد في الرواشح : ٦٠ : ليس بذلك ، من ألفاظ الجرح والذم.

وقال المامقاني في المقباس : ٢ / ٣٠٢ : وإنّ الأظهر كون ليس بذلك ظاهرا في الذم ، غير دال على الجرح ، ومجرد الاحتمال الذي ذكره لا ينافي ظهور اللفظ في الذم.

(٢) راجع منهج المقال ، وتعليقة الوحيد عليه : ٣٨.

(٣) وقد عدها ثاني الشهيدين في الرعاية : ٢٠٩ من ألفاظ الجرح ، وكذا الداماد في الرواشح :

١١٥

الحديث(١) ، ويعرف حديثه وينكر(٢) ، وغمز عليه في حديثه ، أو في بعض‌

__________________

٦٠ حيث جعلها من ألفاظ الجرح والذم.

وقد ذكر البهائي في وجيزته : ٥ : مضطرب في ألفاظ الجرح.

والظاهر أنّها إذا جاءت من دون إضافة إلى الحديث فالمراد منها أنّ الراوي يستقيم تارة وينحرف اخرى. كما أفاده السيد الصدر في نهاية الدراية : ١٦٨ ، ثم قال : وأمّا قولهم مضطرب الحديث فيراد أنّ حديثه تارة يصلح ، وتارة يفسد.

(١) قال السيد الأعرجي في العدة : ٣١ عند تعداده لهذه : فربما عدّ هذا ونحوه في القدح ، والحق أنّه كما قال الأستاذ : ليس بظاهر فيه ، إذ لا منافاة بينه وبين العدالة.

وقال الغروي في الفصول : ٣٠٤ : ومنها قولهم : مضطرب الحديث ، ومختلط الحديث ، وليس بنقي الحديث ، وفيه دلالة على الطعن فيه ، أو في رواياته ، وربما أمكن أن يجامع ذلك مع التوثيق.

وقال السيد الصدر في نهاية الدراية : ١٧٠ : قولهم : ليس بنقي الحديث ، المراد الغض عن حديثه.

وقال الشيخ البهائي في وجيزته : ٥ : وأما نحو يعرف حديثه وينكر ، ليس بنقي الحديث ، وأمثال ذلك ففي كونه جرحا تأمل.

وقال المولى الكني في توضيح المقال : ٤٤ : ومنها : ضعيف في الحديث ، ومضطرب الحديث ، ومختلط الحديث ، وليس بنقي الحديث ، ويعرف حديثه وينكر ، وغمز عليه في حديثه ، ومنكر الحديث ، وأمثال ذلك ، ولا دلالة فيها على القدح في العدالة ، بل الظاهر من التقييد عدمه ، ولعلّه لذا أو غيره لم يذهب ذاهب هنا إلى إفادتها القدح في العدالة ،

وإن كان مقتضى مصيرهم إلى استفادة وثاقة الرجل من قولهم : ثقة في الحديث ، القدح فيها بما ذكرنا ، فكما أنّه يبعد الوثوق بأحاديث رجل ما لم يكن ثقة في نفسه ، فكذا يبعد الحكم بأمثال ما ذكر ما لم يكن ضعيفا في نفسه ، لكن الظاهر وضوح الفرق لظهور كون الوثاقة منشأ الوثوق بالرواية ، ولا ملازمة في الغالب بين ما ذكر وفسق الرجل ، أو ضعفه في نفسه.

وقال ابن الغضائري في ترجمة إسماعيل بن مهران : ليس حديثه بالنقي ، يضطرب تارة ويصلح اخرى. مجمع الرجال : ١ / ٢٢٥.

(٢) قال السيد الصدر في نهاية الدراية : ١٧٠ : وأمّا نحو يعرف حديثه وينكر ، يعني : يؤخذ به تارة ويرد أخرى ، أو أنّ بعض الناس يأخذونه وبعضهم يردّه ، إمّا لضعفه أو لضعف حديثه ، فلا ظهور له بالقدح كما لا يخفى ، وربما قالوا في الراوي نفسه : يعرف وينكر ، كما قالوا في صالح بن أبي حمّاد : كان أمره ملتبسا ، يعرف وينكر.

١١٦

__________________

وقال الغروي في الفصول : ٣٠٤ : ومنها قولهم : يعرف حديثه تارة وينكر أخرى ، فإن أريد أن حديثه يقبل عند إسناده إلى ثقة ، وينكر عند إسناده إلى غير ثقة دلّ على مدحه ، بل وثاقته ، وكان الطعن فيمن يروي عنه.

وإن أريد أن حديثه يعرف عند اعتضاده بأمارات الوثوق ، وينكر عند تجرده عنها ، دلّ على الطعن فيه ، والثاني أقرب بدليل تخصيصه بالبعض.

وعدّ الذهبي في ميزان الاعتدال : ١ / ٤ : منكر الحديث ، من أردى عبارات الجرح.

ونقل ابن قطان : أنّ البخاري قال : كل من قلت فيه : منكر الحديث ، فلا تحلّ الرواية عنه. ميزان الاعتدال ١ : ٦ / ٣ ترجمة أبان بن جبلة. وهذا اصطلاح خاص به.

وقد فصل القول فيها المامقاني في مقدمة تنقيح المقال : ١٩٢ ولما فيه من فوائد ارتأينا نقله برمته ، فقال : الفائدة الخامسة : إنّه قد تكرر من أهل الرجال ، سيّما ابن الغضائري رحمه‌الله في حق جماعة من رجالنا قولهم : يعرف حديثه وينكر ، أو يعرف تارة وينكر اخرى ، وإنّا وإن ذكرنا في مقباس الهداية ما ذكروه في المراد بالعبارة ، إلاّ أنّا لكثرة وقوعه في كلمات أصحابنا أهمّنا شرح الكلام فيه هنا أيضا ، فنقول : قد صدر منهم في المراد بالعبارة :

أحدها : انّ بعض أحاديثه معروف وبعضها منكر ، وأنّ المراد بالمنكر : ما لا موافق له في مضمونه من الكتاب والسنة. وبالمعروف : ما يوافق مضمونه بعض الأدلة. وعلى هذا يراد بالمنكر ما تفرّد بروايته ، وينافي ذلك قوله في بعض المواضع : ويجوز أن يخرج شاهدا ، إذا كان له موافق في المضمون.

ثانيها : ان بعض أحاديثه منكر مخالف للأدلة في مضمونه ، وبعضها معروف له موافق فيها ، وهذا يقرب من سابقه.

ويمكن الجواب بأنّ ضمير يجوز يرجع إلى أصل حديثه ، لا إلى خصوص المنكر لترد المنافاة والمدافعة ، فان التخريج يكون بالنسبة إلى بعض أحاديثه ، وهو ما يعرف.

ثالثها : انّ المراد بالمنكر الأعاجيب ، على حدّ ما قاله الشيخ رحمه‌الله في ترجمة جعفر بن محمّد بن مالك ، ويقابله قوله : يعرف.

رابعها : انّ المراد بالعبارة احتمالات : إنّه يقبل تارة ولا يقبل اخرى ، احتمله بعضهم ، ولم أفهم معناه ، لأنّ قبول الرواية يتوقف على كونه ثقة ، فإذا قبلت له رواية لزم قبول جميع رواياته ، إلاّ أن يريد قبول بعض الأصحاب وعدم قبول بعض آخر ، فيرجع إلى بيان أنّه مختلف فيه بين الأصحاب ، ولعلّه يساعد على ذلك قوله : أمره مختلط ، وقوله : يجوز أن يخرج شاهدا ، وقوله : أمره مظلم ، وعلى هذا الاحتمال لا يعارض قول ابن الغضائري :

١١٧

حديثه(١) ، وليس حديثه بذاك النقي(٢) .

وهذه وأمثالها ليست ظاهرة في القدح في العدالة.

ويأتي في أحمد بن محمّد بن خالد(٣) ، وأحمد بن عمر(٤) ، وغيرهما.

فليست من أسباب الجرح وضعف الحديث على رؤية المتأخرين ، نعم هي من أسباب المرجوحية ، وبينها أيضا تفاوت ، فالأول أشدّ وهكذا.

__________________

يعرف وينكر ، توثيق النجاشي وغيره.

خامسها : انّ المراد به أنّه يعرف معنى حديثه وينكر ، بمعنى أنّه مضطرب الألفاظ ، على حد ما قيل في ترجمة الحسن بن العباس ، ويساعد على ذلك قوله في ترجمة حميد بن شعيب بعد العبارة : وأكثر تخليطه فيما يرويه عن جابر ، وقد اختار هذا التفسير بعضهم ، حيث قال : إنّ الظاهر من قول ابن الغضائري : يعرف وينكر ، اضطراب الحديث.

سادسها : انّ قوله : يعرف وينكر تفسير لقوله : مختلط ، ومعنى اختلاط الحديث أنّه لا يحفظه على وجهه. ويدل عليه ما في العيون عن الريان بن الصلت : وكنت أخلط الحديث بعضه ببعض لا أحفظه على وجهه.

والذي تحصل لي بسبر كلماتهم في التراجم واستقصائها أنّ المراد ورود حديث الرجل تارة مقبولا للعقول موافقا لظاهر الكتاب والسنة ، واخرى غير مقبول للعقول وغير موافق لظواهر الكتاب والسنة ، ككون الصلاة تتكلم ، وكون الفحشاء والمنكر أسماء رجال ، وكون ذكر الله الأكبر هم الأئمة عليهم‌السلام ، وقد تتبعت كثيرا من موارد قولهم في رجل : يعرف وينكر ، فوجدتها على هذه الصفة ، ووجدت ما ينكر منها عندهم قد ثبتت صحته بالبراهين الواضحة ، وصار من ضروريات مذهب الإمامية اليوم ، فتتبع.

(١) قال السيد الأعرجي في العدّة : ٥٣ : ويقولون غمز عليه ، وغمز فيه أصحابنا ، وهو ظاهر في أنّ انحرافه ليس بظاهر.

(٢) قال السيد الصدر في نهاية الدراية : ١٧٠ : قولهم : ليس بنقي الحديث ، المراد الغض عن حديثه ، وأمثال ذلك كثير في كلماتهم ، مثل قولهم : ليس بذلك ، ولم يكن بذلك ، وحديثه ليس بذلك النقي ، وليس بكلّ التثبت في الحديث والمراد إما الغض [ عنه ] أو عن حديثه ، وفي كونه جرحا تأمل بل منع ، كما لا يخفى.

(٣) التعليقة : ٤٣.

(٤) التعليقة : ٣٩.

١١٨

أقول : ومنها : كذّاب ، ووضّاع ، وواه(١) .

ومنكر الحديث ، ولين الحديث ، على تأمّل فيهما(٢) .

ومنها : متروك ، ومتّهم ، وساقط ، ولا شي‌ء ، وليس بشي‌ء ، ونحو ذلك(٣) .

__________________

(١) وقد عدّها أو بعضها جمع من أسباب الجرح والذم ، كثاني الشهيدين في الرعاية : ٢٠٩ ، والسيد الداماد في الرواشح : ٦٠ ، والشيخ حسين بن عبد الصمد في وصول الأخيار : ١٩٣ ، والشيخ البهائي في وجيزته : ٥ ، والمامقاني في المقباس : ٢ / ٢٩٣ ، والسيد الأعرجي في العدّة : ٢٨ ، والغروي في الفصول : ٣٠٤ ، والمولى الكني في توضيح المقال : ٤٣.

وقد عدّ ابن الصلاح في المقدمة : ٧٢ : كذاب ، في المنزلة الرابعة وقال : فهو ساقط الحديث ولا يكتب حديثه.

ونقل عن الخطيب أبو بكر أنه قال : أرفع العبارات في أحوال الرواة أن يقال : حجة أو ثقة. وأدونها أن يقال : كذاب ، ساقط.

وقال السيوطي في التدريب : ١ / ٣٤٦ : وإذا قالوا : متروك الحديث ، أو واهية ، أو كذاب ، فهو ساقط لا يكتب حديثه ، ولا يعتبر به ، ولا يستشهد.

(٢) عدّ الشهيد الثاني في الرعاية : ٢٠٩ من ألفاظ الجرح : مضطرب الحديث ، منكره ، لينه ، ثم قال : أي يتساهل في روايته عن غير الثقة.

وقال والد الشيخ البهائي في وصول الأخيار عند ذكره لألفاظ الجرح وعدّ منها لين الحديث : ومثل هذا يكتب حديثه أيضا للنظر والاعتبار ، وربما صلح شاهدا ومقويا. وذهب إليه أيضا السيد الصدر في نهاية الدراية : ١٧٠ وكذا عدّها الداماد في الرواشح : ٦٠ من ألفاظ الجرح والذم.

ونقل ابن قطان عن البخاري أنّه قال : كل من قلت فيه : منكر الحديث ، فلا تحل الرواية عنه. حكاه عنه الذهبي في ميزان الاعتدال ١ : ٦ / ٣.

وذكر الخطيب البغدادي في الكفاية : ٢٣ أنّه سئل الدار قطني ما المراد بفلان لين؟ قال لا يكون ساقطا متروك الحديث ، ولكن مجروحا بشي‌ء لا يسقط عن العدالة.

ثم قال البغدادي : وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث ، فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا.

(٣) وقد عدّها جمع من ألفاظ الجرح والذم وذكروا بينها تفاوت في قوة الجرح وضعفه ، راجع وصول الأخيار : ١٩٣ ، الرواشح السماوية : ٦٠ ، الرعاية في علم الدراية : ٢٠٩

١١٩

وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة(١) ، وفيه نظر.

بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين(٢) ، وهذا ليس طعنا في نفس الرجل كما عرفته وستعرفه(٣) .

__________________

، الوجيزة للبهائي : ٥ ، مقباس الهداية : ٢ / ٢٩٤.

وذكرت بعض هذه الألفاظ في كتب العامة ، راجع تدريب الراوي : ١ / ٣٤٥ ـ ٣٤٨ ، مقدمة ابن الصلاح : ٧٢ ـ ٧٣ ، وعدّ ابن حجر في ديباجة التقريب : ١ / ٥ ، متروك وساقط ، من المرتبة العاشرة.

(١) وهو السيد السند ، والمولى المعتمد السيد محسن البغدادي النجفي دام ظله ( منه. قده ) ، راجع عدّة الرجال : ٣١.

وقال أيضا في العدّة : ٥١ : إذا قيل : مخلّط ، على الإطلاق ، أي في نفسه واعتقاده ، كمختلط الأمر ، فإن قيل : فيما يرويه ، كما قال ابن الوليد في محمّد بن جعفر بن بطة : مخلّط فيما يسنده ، فهم منه أنّه ليس بمخلط في اعتقاده.

وقد ذهب إلى هذا المعنى السيد الصدر في نهاية الدراية : ١٦٩ وقال ـ بعد أن ذكر ما ذكره الأعرجي ـ : ثم انيّ عثرت على حديث في التهذيب يدلّ على استعمال الامام لفظ مخلط فيما ذكرنا من فساد المذهب ، رواه الشيخ عن إسماعيل الجعفري قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل يحب أمير المؤمنين عليه‌السلام ولا يتبرأ من أعدائه ، ويقول : هو أحب إلى ، فقال عليه‌السلام : هو مخلّط وهو عدو لا تصلّ خلفه ولا كرامة ، إلاّ أن تتقيه ، الحديث.

(٢) قال المجلسي الأول في روضة المتقين : ١٤ / ٤٠٦ ، في ترجمة عمر بن عبد العزيز : بصري ، مخلّط ، أي يدخل أخبار الغلاة والعامة في حديثه.

(٣) وقد اعترض المولى الكني في التوضيح : ٤٤ على تنظر الحائري من دلالة الكلمة على فساد العقيدة ، حيث قال : ثم استشهد على مختاره بما لا يشهد له ، إذ غايته إطلاق ذلك على غير فاسد العقيدة ، ولا مجال لإنكاره ، وأين هذا من ظهور الإطلاق ، كما أنّ كون المبدأ الخلط الذي هو المزج لا يقتضي ما ذكره ، فان استعمال التخليط في فساد العقيدة أمر عرفي لا ينكر ، ولا ينافيه كون أصل اللغة على خلافه ، مع أنّه لا مخالفة ، إذ فساد العقيدة ربما يكون بتخليط صحيحها بسقيمها ، بل الغالب في المرتدين عن الدين أو المذهب كذلك ،

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390