منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ١

منتهى المقال في أحوال الرّجال15%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-89-2
الصفحات: 390

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 390 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 195271 / تحميل: 6587
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٨٩-٢
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ولو كان المراد فاسد العقيدة ، كيف يقول سديد الدين محمود الحمصي ـ على ما في فهرست علي بن بابويه ـ : إنّ ابن إدريس مخلط(١)

وكيف يقول الشيخ في باب من لم يرو عنهمعليهم‌السلام : إنّ علي ابن أحمد العقيقي مخلط(٢) !؟ مع عدم تأمل من أحد في كونه إماميا.

وكيف يقول النجاشي في محمّد بن جعفر بن أحمد بن بطة : إنّه مخلط!؟ مع اعترافه بكونه كبير المنزلة بقم ، كثير الأدب والعلم والفضل! ، ( قال : كان يتساهل في الحديث ، ويعلّق الأسانيد بالإجازات ، وفي فهرست ما رواه غلط كثير ، قال ابن الوليد : كان ضعيفا مخلّطا فيما يسنده. فتدبر(٣) )(٤) .

وقوله : في جابر بن يزيد : إنّه كان في نفسه مختلطا(٥) . يؤيد ما قلناه ،

__________________

لبعد الرجوع عن جميع العقائد.

وبالجملة فالمرجع ظهور اللفظ في نفسه ، ثم ملاحظة الخارج. (١) فهرست منتجب الدين : ١٧٣ / ٤٢١.

(٢) رجال الشيخ : ٤٨٦ / ٦٠.

(٣) ما بين القوسين إضافة من نسخة « ش ».

(٤) رجال النجاشي : ٣٧٢ / ١٠١٩.

وقال التقي المجلسي في الروضة : ١٤ / ٤٣٢ بعد ذكر عبارة النجاشي : الظاهر أنّ تخليطه كان لفضله ، وكان يعلم أنّ الإجازات لمجرد اتصال السند ، فكان يقول فيما أجيز له من الكتب : أخبرنا فلان عن فلان ، وهذا نوع من التخليط ، وكان الأحسن أن يقول : أخبرنا إجازة ، وكان الأشهر جواز ما فعله أيضا ، مع أنّه كان رأيه الجواز ، وكان ابن الوليد ـ كالبخاري من العامة ـ يشترط شروطا غير لازمة ، وذكر مسلم بن الحجاج في أول صحيحه شروطه واعترض عليه بأنّ هذه الشروط غير لازمة ، وإنّما هي بدعة ابتدعها البخاري ، وذكر جزوا في إبطال ما ذكره من الشروط. وكذلك النجاشي والشيخ ، فانّ الشيخ لتبحره في العلوم كان يعلم أو يظن عدم لزوم ما ذكره النجاشي ، فلهذا اعتمد الشيخ على جميع إجازات ابن بطة في فهرسته ، فتدبر في أكثر ما يضعّفون الأصحاب فإنّه من هذا القبيل.

(٥) رجال النجاشي : ١٢٨ / ٣٣٢.

١٢١

لأنّ الكلمة إذا كانت تدلّ بنفسها على ذلك لما زاد قبلها كلمة : بنفسه ، هذا مع أنّ تشيع الرجل في الظهور كالنّور على الطور.

وفي ترجمة محمّد بن وهبان الديبلي : ثقة ، من أصحابنا ، واضح الرواية ، قليل التخليط(١) .

فلاحظ وتدبر ، فإنّه ينادي بما قلناه ، وصريح فيما فهمناه.

وفي محمّد بن أورمة في النجاشي : كتبه صحاح إلاّ كتابا ينسب إليه من ترجمة تفسير الباطن ، فإنه مختلط(٢) . ونحوه في الفهرست(٣) .

فان قلت : الأصل ما قلناه الى أن يظهر الخلاف ، فلا خلاف.

قلت : اقلب تصب ، لأنّ الكلمتين المذكورتين مأخوذتان من الخلط وهو الخبط أي المزج ، والأصل بقاؤهما على معناهما الأصلي ، إلى أن تتحقق حقيقة ثابتة ، فتدبّر.

فائدة :

ربما يقال : قد وقع الخلاف في العدالة هل هي الملكة ، أم حسن الظاهر‌ ، أم ظاهر لإسلام مع عدم ظهور الفسق(٤) ؟ وكذا في أسباب الجرح ، وعدد الكبائر ، فمن أين يطلع على رأي المعدّل؟. ومع عدم الاطلاع كيف ينفع التعديل؟

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٩٦ / ١٠٦٠.

(٢) رجال النجاشي : ٣٢٩ / ٨٩١ ، وفيه : مخلط.

(٣) الفهرست : ١٤٣ / ٦٢٠.

(٤) الكلام هنا حول موضوع العدالة ، وقد بحث الفقهاء هذه المسألة في الكتب الفقهية الاستدلالية ، فمنهم من بحثها في كتاب القضاء ، ومنهم من بحثها وفصلها في كتاب الشهادات ، وهناك رسائل مفصلة في الموضوع منفردة.

وقد فصل الشيخ الأعظم الأنصاري الموضوع في رسالة في العدالة مطبوعة ضمن رسائل فقهية وضمن المكاسب.

١٢٢

والجواب : إنّ إرادة الأخير من قولهم ثقة ـ وكذا من العدالة التي جعلت شرطا لقبول الخبر ـ لا خفاء في فساده ، وأما الأولان فأيّهما يكون مرادا ينفع القائل بحسن الظاهر ، ولا يحتاج الى التعيين كما هو ظاهر.

وأمّا القائل بالملكة ، فقد قال في المنتقى : تحصيل العلم برأي جماعة من المزكيّن أمر ممكن بغير شك من جهة القرائن الحالية والمقالية ، إلاّ أنّها خفيّة المواقع ، متفرقة المواضع ، فلا يهتدي إلى جهاتها ، ولا يقدر على جمع أشتاتها ، إلاّ من عظم في طلب الإصابة جهده ، وكثر في التصفّح في الآثار كدّه(١) . انتهى.

قلت : إن لم يحصل العلم فالظن كاف لهم ، كما هو دأبهم وديدنهم ، نعم بالنسبة إلى طريقته ربما يحتاج الى العلم ، فتأمّل.

ويمكن الجواب أيضا : بأنّ تعديلهم لان(٢) ينتفع به الكل وهم انتفعوا به ، وتلقّوه بالقبول ، ولم نر من متقدميهم ولا متأخريهم ما يشير إلى تأمل من هذه الجهة في تعديل من التعديلات ، ولم يتأمل واحد من علماء الرجال والمعدّلين في تعديل الآخر من تلك الجهة أصلا ، ولا نشم رائحته مطلقا ، مع إكثارهم من التأمل من جهات أخر ، بل نراهم يتلقون تعديل الآخر بالقبول ، حتى أنّهم يوثّقون بتوثيقه ، ويجرحون بجرحه. على أنّ المعتبر عند الجلّ في خصوص المقام العدالة بالمعنى الأعم ، فلا مانع من عدم احتياج القائل بالملكة أيضا الى التعيين.

وأيضا لو أراد العدالة المعتبرة عنده كان يقول : ثقة عندي ، حذرا من التدليس ، والعادل لا يدلّس ، مع أنّ رؤيتهم كذلك.

__________________

(١) منتقى الجمان : ١ / ٢١ الفائدة الثانية.

(٢) كذا في النسخ الخطية ، وفي النسخة الحجرية : لا.

١٢٣

فائدة :

قال الشيخ في العدّة : من شرط العمل بخبر الواحد العدالة بلا خلاف(١) .

فان قلت : اشتراطهم العدالة يقتضي عدم عملهم بخبر غير العادل ، وذلك يقتضي عدم اعتبار غير العدالة من أمارات الرجال ، وحينئذ تنتفي الحاجة الى الرجال ، لأنّ تعديلهم من باب الشهادة ، وشهادة فرع الفرع غير مسموعة ، وشهادة علماء الرجال على أكثر المعدّلين من هذا القبيل ، لعدم ملاقاتهم لهم ولا ملاقاة(٢) من لاقاهم.

قلنا : الظاهر أنّ اشتراطهم العدالة لأجل العمل بخبر الواحد من حيث هو هو ، من دون حاجة الى الانجبار بشي‌ء(٣) ، كما هو مقتضى دليلهم ورؤيتهم في الحديث والفقه والرجال ، فإنّ عملهم بأخبار غير العدول أكثر من أن يحصى ، وترجيحهم في الرجال قبولها منهم بحيث لا يخفى ، حتى أنّها ربما تكون أكثر من أخبار العدول التي قبلوها.

والعلاّمةرحمه‌الله رتّب الخلاصة على قسمين : الأول فيمن اعتمد على روايته ، أو ترجّح عنده قبول روايته ـ كما صرح به في أولها(٤) ـ.

ويظهر من طريقته في هذا القسم من أوله الى آخره أنّ من اعتمد عليه هو الثقة ، ومن ترجح عنده الحسن والموثق.

__________________

(١) عدة الأصول : ١ / ٣٤١.

(٢) في نسخة « ش » : ملاقاتهم.

(٣) بشي‌ء : لم ترد في نسخة « م ».

(٤) الخلاصة : ٣.

١٢٤

ونقل المحقق عن الشيخ أنّه قال : يكفي في الراوي أن يكون ثقة ، متحرزا عن الكذب في الحديث ، وإن كان فاسقا بجوارحه ، وإن الطائفة المحقّة عملت بأحاديث جماعة هذه حالتهم(١) ، انتهى.

وصرح في العدّة بذلك ، مع أنّه ادعى فيها الوفاق على اشتراط العدالة لأجل العمل(٢) ، فتأمّل.

ثم ما ذكرت من أنّ ذلك يقتضي عدم اعتبارهم غير العدالة ، فيه : أنّه ربما يحتاج إليه للترجيح.

وقولك : إن تعديلهم من باب الشهادة غير معلوم. بل الظاهر أنّه من اجتهادهم ، أو من باب الرواية كما هو المشهور ولا محذور.

أما على الثاني : فلأنّ الخبر من الأدلة الشرعية.

وأما على الأول : فلأنّ اعتماد المجتهد على الظن الحاصل من قبيل اعتماده على سائر الظنون الاجتهادية ، وما دلّ على ذاك دلّ على هذا.

وما ذكرت من أنّ شهادة فرع الفرع غير مسموعة. فيه : أنّهم لم يشهدوا على الشهادة ، بل على نفس الوثاقة ، وعدم الملاقاة لا ينافي القطع بها.

والقائل بكون تعديلهم شهادة ، لعله يكتفي في المقام كما يكتفي هو وغيره فيه وفي غيره أيضا ، فإنّ العدالة بأي معنى تكون ليست محسوسة ، مع أنّ الكل متفقون على ثبوتها بها فيما هي معتبرة فيه ، فتدبر.

__________________

(١) معارج الأصول : ١٤٩.

(٢) عدة الأصول : ١ / ٣٨٢.

١٢٥
١٢٦

باب الألف‌

١ ـ آدم أبو الحسين النخّاس الكوفي :

ق(١) . ويأتي عنجش : ابن المتوكّل أبو الحسين ، موثّقا(٢) ، وعنه وعنصه ود : ابن الحسين كذلك(٣) (٤) (٥) . فهو على الوجوه ثقة.

وفيتعق على منهج المقال : وعنصه ود : هذا هو الظاهر وفاقا لخالي وجدّي(٦) .

٢ ـ آدم بن إسحاق بن آدم :

ابن عبد الله بن سعد الأشعري ، قمّي ، ثقة ،صه (٧) .

وزادجش : له كتاب ، يرويه عنه محمّد بن عبد الجبّار ، وأحمد بن محمّد بن خالد(٨) .

وزاد ست علىصه : له كتاب ، أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل الشيباني ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عنه(٩) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٤٣ / ١٦.

(٢) رجال النجاشي : ١٠٤ / ٢٦٠.

(٣) رجال النجاشي : ١٠٤ / ٢٦١.

(٤) الخلاصة : ١٣ / ١.

(٥) رجال ابن داود : ٢٩ / ٢.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٤ ، روضة المتقين : ١٤ / ٣٢٤ ، الوجيزة : ١٤١ / ٢.

(٧) الخلاصة : ١٣ / ٢.

(٨) رجال النجاشي : ١٠٥ / ٢٦٢.

(٩) الفهرست : ١٦ / ٥٨.

١٢٧

وفي د إنّه : لم(١) . وهو غير بعيد ، لكنّي لم أجد تصريحا به من غيره.

أقول : فيمشكا : ابن إسحاق الثقة ، أحمد بن أبي عبد الله البرقي عنه ، ومحمّد بن عبد الجبّار عنه(٢) .

٣ ـ آدم بيّاع اللؤلؤ :

له كتاب ، أخبرنا به أحمد بن عبدون ، عن أبي طالب الأنباري ، عن حميد بن زياد ، عن أحمد بن زيد ، عن القاسم بن إسماعيل القرشي ، عن أبي محمّد ـ يعني عبيس ـ عنه ، ست(٣) .

وفيتعق : قال المحقّق البحراني : الذي أراه أنّ كلمة : عن ، ههنا زائدة ، أي : التي بعد القاسم بن إسماعيل القرشي(٤) .

ونظره الى أنّ القاسم يكنّى بأبي محمّد ، إلاّ أنّ في نسختي بعد كلمة أبي محمّد : يعني : عبيس.

والظاهر أنّه العبّاس بن عيسى الغاضري ، وهو يكنّى بأبي محمّد ، يروي عنه حميد بواسطة ابنه ، وأحمد بن ميثم ، فتدبّر.

لكنّي لم أر الكلمتين في نسختي من ست(٥) ، ويحتمل كونه تفسيرا لأبي محمّد من المصنّف أو غيره ، فتوهّم الناسخ فألحقهما بالأصل.

وعلى أيّ تقدير ، كونه عبيسا محتمل ، بل هو الظاهر ، كما يشير إليه ما فيجش ، قال : حدّثنا حميد ، عن أحمد بن زيد ، قال : حدّثنا عبيس ، عنه(٦) .

__________________

(١) رجال ابن داود : ٢٩ / ١.

(٢) هداية المحدثين : ٥.

(٣) الفهرست : ١٦ / ٥٦. ولم يرد فيه : عن أحمد بن زيد ، وكذا لم يرد في أي مصدر.

(٤) معراج أهل الكمال : ٧ / ٢.

(٥) في هامش نسخة « م » : ولم أرهما أيضا في نسختي ( منه ).

(٦) رجال النجاشي : ١٠٤ / ٢٦٠.

١٢٨

وهذا يشير أيضا الى اتّحاد بيّاع اللؤلؤ مع ابن المتوكّل ، وإن كان ظاهر ست التعدّد ، ولعلّه غير مضر ، لكثرة وقوع أمثاله عن الشيخ.

وقال بعض المحقّقين : إنّ الشيخ متى ما يرى رجلا بعنوان ذكره ، فأوهم ذلك التعدّد(١) .

قلت : وقع ذلك عنه في ست كثيرا ، ومنه في صالح القمّاط(٢) ، وفيجخ أكثر ، وسنشير إليه في إبراهيم بن صالح.

والظاهر أنّ ذلك لأجل التثبّت ، كما صدر عنجش أيضا ، منه في الحسن بن محمّد بن الفضل(٣) ، وليس هذا غفلة ، كما توهّم بعض غفلة.

وسيجي‌ء عن المصنّف في صالح بن خالد ما يشير الى ما ذكرنا(٤) .

وربّما وقع منهم التوثيق في موضع وعدمه في آخر ، كما في أبان بن محمّد(٥) ، وغيره ، فتدبّر(٦) .

وفي المعراج : آدم بيّاع اللؤلؤ ، هو ابن المتوكّل الآتي ، الثقة ، ولو جعل غيره فهو مجهول الحال(٧) .

٤ ـ آدم بن الحسين النخاس :

كوفي ، ثقة ، له أصل ، يرويه عنه إسماعيل بن مهران ،جش (٨) .

__________________

(١) راجع رجال ابن داود : ١٥٤ / ١٢١٩ ترجمة القاسم بن محمّد الجوهري.

(٢) الفهرست : ٨٥ / ٣٦٣ ، ٣٦٤.

(٣) رجال النجاشي : ٥١ / ١١٢.

(٤) منهج المقال : ١٨٠.

(٥) رجال النجاشي : ١٤ / ١١ ، ١٨٧ / ٤٩٧.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٤.

(٧) معراج أهل الكمال : ٦ / ٢.

(٨) رجال النجاشي : ١٠٤ / ٢٦١.

١٢٩

صه الى قوله : ثقة ، إلاّ أنّ في نسخها : النجاشي(١) .

وعن شه : إنّه وجد فيجش بخطّ السيّد ابن طاوس أيضا : النجاشي(٢) .

وفي د : من أصحابنا من أثبته في كتاب له : النجاشي ، وهو غلط(٣) .

انتهى.

وفي ضح : بالخاء المعجمة المشدّدة والسين المهملة(٤) .

أقول : فيمشكا : ابن الحسين النخّاس الكوفي الثقة ، عنه إسماعيل ابن مهران(٥) .

٥ ـ آدم بن عبد الله القمّي :

ق(٦) . وفيتعق : هو والد زكريّا ، ومن بيت الأجلاّء ، ويجي‌ء في أخيه عمران ما يشير الى نباهته(٧) .

٦ ـ آدم بن المتوكّل :

أبو الحسين ، بيّاع اللؤلؤ ، كوفي ، ثقة ، ذكره أصحاب الرجال ، له أصل ، رواه عنه جماعة ، عبيس ، عنه ، به ،جش (٨) .

وفي د : ق ،جش ، مهمل(٩) .

__________________

(١) الخلاصة : ١٣ / ١ ، وفيه : النحّاس.

(٢) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ١١.

(٣) رجال ابن داود : ٢٩ / ٢.

(٤) إيضاح الاشتباه : ٨٣ / ٧.

(٥) هداية المحدثين : ٥.

(٦) رجال الشيخ : ١٤٣ / ١٧.

(٧) لم يرد في النسخة المطبوعة من التعليقة ، ومذكور في النسخ الخطية.

(٨) رجال النجاشي : ١٠٤ / ٢٦٠.

(٩) رجال ابن داود : ٢٩ / ٣.

١٣٠

وليس فيصه ، وهو يؤيّد الإهمال.

أقول : التوثيق موجود في نسختين عندي من جش. ونقله أيضا في الحاوي(١) ، والمجمع(٢) . فالإهمال لا وجه له.

وفيمشكا : ابن المتوكّل الثقة ، عبيس عنه ، وأحمد بن زيد الخزاعي عنه(٣) .

٧ ـ آدم بن محمّد القلانسي :

من أهل بلخ ، قيل : إنّه كان يقول بالتفويض ، لم(٤) ،صه (٥) ، د(٦) .

روى عنه الكشّي في الرجال(٧) .

٨ ـ آدم بن يونس بن أبي المهاجر النسفي :

ثقة عدل ، قرأ على الشيخ أبي جعفر قدس الله روحه تصانيفه ، ـ عه(٨) .

أقول : فيمشكا : ابن يونس الثقة ، في طبقة الشيخ أبي جعفر ، لأنّه قرأ عليه تصانيفه(٩) .

__________________

(١) حاوي الأقوال : ٩.

(٢) مجمع الرجال : ١ / ١٥.

(٣) هداية المحدثين : ٥.

(٤) رجال الشيخ : ٤٣٨ / ٥.

(٥) الخلاصة : ٢٠٧ / ٥.

(٦) رجال ابن داود : ٢٢٥ / ١.

(٧) رجال الكشي : ١٨ / ٤٣ ، ١٩٢ / ٣٣٨ ، ٤٨٧ / ٩٢٤.

(٨) فهرست منتجب الدين : ١١ / ٦.

(٩) هداية المحدثين : ٥.

١٣١

٩ ـ أبان بن أبي عيّاش فيروز :

تابعي ، ضعيف ، ين(١) ، قر(٢) ، ق(٣) .

وكذاصه ، وزاد : لا يلتفت إليه ، وينسب أصحابنا وضع كتاب سليم ابن قيس إليه ، هكذا قال ابن الغضائري.

وقال السيّد عليّ بن أحمد العقيقي في كتاب الرجال : أبان بن أبي عيّاش ، كان سبب تعرّفه هذا الأمر سليم بن قيس الهلالي ، حيث طلبه الحجّاج ليقتله ـ حيث هو من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ فهرب.

إلى أن قال : والأقرب عندي التوقّف فيما يرويه ، لشهادة ابن الغضائري عليه بالضعف ، وكذا قال شيخنا الطوسي في كتاب الرجال ، وقال : إنّه ضعيف(٤) ، انتهى.

وقيل : الكتاب موضوع. وسيجي‌ء تمام الكلام في سليم.

وشي‌ء ممّا ذكروا لا يقتضي الوضع ، على أنّي رأيت أصل تضعيفه من المخالفين من حيث التشيّع(٥) ، فتدبّر.

١٠ ـ أبان بن أرقم العنتري القيسي :

الكوفي ، أسند عنه ، ق(٦) .

١١ ـ أبان بن تغلب بن رباح :

أبو سعيد البكري.رحمه‌الله ، ثقة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة في‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٨٣ / ١٠. لم يرد فيه : تابعي ضعيف.

(٢) رجال الشيخ : ١٠٦ / ٣٦.

(٣) رجال الشيخ : ١٥٢ / ١٩٠. وورد فيه : فيروز البصري تابعي.

(٤) الخلاصة : ٢٠٦ / ٣.

(٥) ميزان الاعتدال ١ : ١٠ / ١٥ ، تهذيب التهذيب ١ : ٨٥ / ١٧٤. الجرح والتعديل ٢ : ٢٩٥ / ١٠٨٧. إلاّ أنهم لم ينسبوه الى التشيّع.

(٦) رجال الشيخ : ١٥١ / ١٧٨ ، وفيه : العنزي.

١٣٢

أصحابنا.

لقي أبا محمّد عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، وأبا جعفر وأبا عبد اللهعليهما‌السلام ، وروى عنهمعليهم‌السلام ، وكانت له عندهم حظوة وقدم.

وقال له أبو جعفر الباقرعليه‌السلام : اجلس في مسجد المدينة وافت الناس ، فإني أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك.

وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام لمّا أتاه نعيه : أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان.

وكان قارئا ، فقيها ، لغويّا ، بيذار(١) ، سمع من العرب ، وحكى عنهم.

وصنّف كتاب الغريب في القرآن. إلى أن قال :

فأمّا كتابه المفرد ، فأخبرنا به أحمد بن محمّد بن موسى ، عن أحمد ابن محمّد بن سعيد ، عن المنذر بن محمّد القابوسي ، قال : حدّثني أبي محمّد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم ، عن أبان.

وأمّا كتابه المشترك بينه وبين عبد الرحمن ، الذي يعرف بعبد الرحمن(٢) ، فأخبرني به الحسين بن عبيد الله ، قال : قرأت على أبي بكر أحمد بن عبد الله بن جلّين ، قال : قرأته على أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد.

وأخبرنا به أحمد بن محمّد بن موسى المعروف بابن الصلت الأهوازي ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد. ست(٣) .

وفيجش : عظيم المنزلة في أصحابنا ، لقي عليّ بن الحسين عليه‌

__________________

(١) في المصدر : بندارا ( نبيلا خ ل ).

(٢) في المصدر : واما المشترك الذي لعبد الرحمن.

(٣) الفهرست : ١٧ / ٦١ ، ولم يرد الترحّم المذكور في أوّل الترجمة فيه.

١٣٣

السلام. وذكر نحوه مع زيادات ، منها : محمّد بن موسى بن أبي مريم صاحب اللؤلؤ ، وسيف بن عميرة ، وأبان بن محمّد بن أبان بن تغلب ، وعبد الرحمن بن الحجّاج ، وعبد الله بن خفقة(١) .

وفيصه : ثقة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، وذكر قريبا منهما(٢) .

وفي قب : ثقة ، تكلّم فيه للتشيّع(٣) ، مات سنة أربعين ومائة(٤) .

وفيكش أحاديث كثيرة في فضله وجلالته(٥) .

وفيتعق على قوله : بيذار : رأيت في المعراج : نبلا وسمع ، ولا يبعد أن يكون تصحيفا(٦) .

أقول : هذا هو الظاهر ، وإن كان لذلك أيضا معنى ، لأنّ الناسخ ربما لا يفهم معنى الكلمة ، فيزعم بيذا : نبلا ، ثمّ يجعل الراء واوا.

وفي القاموس : بيذار وبيذارة وتبذار ـ كتبيان ـ وبيذراني : كثير الكلام(٧) .

وربّما قرئ بندار بالنون ، والمهملة ، والبنادرة : التجّار.

وفيمشكا : ابن تغلب الثقة ، محمّد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم ، عنه ، وعبد الله بن خفقة(٨) ، وأبو علي صاحب الكلل ، ومحمّد بن‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٠ / ٧.

(٢) الخلاصة : ٢١ / ١. فيه « الشأن » بدل « المنزلة ».

(٣) في المصدر زيادة : من السابعة.

(٤) تقريب التهذيب : ١ / ٣٠ رقم ١٥٧.

(٥) رجال الكشي : ٣٣٠ / ٦٠١ ـ ٦٠٢ ، ٦٠٣ ، ٦٠٤.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٥ ، ولم يرد فيها : وسمع. معراج أهل الكمال : ٧ / ٤ ، وفيه : نبيلا.

(٧) القاموس المحيط : ١ / ٣٧٠.

(٨) في المصدر زيادة : ورواية علي بن رئاب.

١٣٤

موسى بن أبي مريم صاحب اللؤلؤ ، ورفاعة بن موسى ، وجميل بن دراج ، وعبد الله بن سنان ، وأبو سعيد القمّاط ، وعبد الرحمن بن الحجّاج ، ومنصور ابن حازم ، وأحمد بن عمر الحلبي ، وسيف بن عميرة ، وسعيد بن أبي الجهم ، ومحمّد بن أبي عمير ، وابن مسكان ، وحفيده أبان بن محمّد بن أبان بن تغلب ، عنه.

قال(١) في أسانيد الفقيه : قال الصادقعليه‌السلام لأبان بن عثمان : أبان بن تغلب قد روى عنّي رواية كثيرة ، فما رواه لك(٢) فاروه عنّي.

ولقد لقي الباقر والصادقعليهما‌السلام (٣) ، انتهى.

ووقع في الكافي رواية ابن أبي عمير عن أبان بن تغلب سهوا ، وصوابه عن أبان بن عثمان(٤) .

وهو عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، والباقر والصادقعليهما‌السلام ، وعن عطيّة الكوفي ، وعن أنس بن مالك ، وعن الأعمش ، وعن محمّد بن المنكدر ، وعن سمّاك بن حرب ، وعن إبراهيم النخعي ، وعن أبي بصير ـ أيضا ـ كأبان بن عثمان(٥) .

١٢ ـ أبان بن سعيد بن العاص :

ابن أميّة بن عبد شمس الأموي ، وإخوته(٦) : خالد ، وعنبسة(٧) ، وعمرو.

__________________

(١) في المصدر : قال أبو جعفر الصدوق.

(٢) في المشيخة والمشتركات زيادة : عني.

(٣) الفقيه المشيخة : ٤ / ٢٣ ، وفيه وروى عنهما.

(٤) الكافي ٤ : ١٤٠ / ٩.

(٥) هداية المحدثين : ٦.

(٦) في المصدر : وأخوه.

(٧) في المصدر : عتبة ، وفي نسخة : عنبسة.

١٣٥

والعاص بن سعيد قتله عليّعليه‌السلام ببدر ، ل(١) .

وفيتعق : في المجالس : إنّه وأخويه خالدا وعمرا أبوا عن بيعة أبي بكر ، وتابعوا أهل البيتعليهم‌السلام ، ( وقالوا لهم : إنّكم لطوال الشجر ، طيبة الثمر ، ونحن تبع لكم )(٢) وبعد ما بايع أهل البيت كرها(٣) ، بايعوا(٤) .

١٣ ـ أبان بن عبد الرحمن :

أبو عبد الله البصري ، أسند عنه ، ق(٥) .

١٤ ـ أبان بن عبد الملك الثقفي :

شيخ من أصحابنا ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام كتاب الحج ،جش (٦) .

١٥ ـ أبان بن عبد الملك الخثعمي :

الكوفي ، أسند عنه ، ق(٧) .

وربّما يحتمل أن يكون هذا والثقفي واحدا.

١٦ ـ أبان بن عثمان الأحمر :

البجلي ، أبو عبد الله ، مولاهم ، أصله الكوفة ، وكان يسكنها تارة والبصرة أخرى ، وقد أخذ عنه أهلها : أبو عبيدة معمّر بن المثنّى ، وأبو عبد الله محمّد بن سلام ، وأكثروا الحكاية عنه في أخبار الشعراء ، والنسب ، والأيّام.

__________________

(١) رجال الشيخ : ٥ / ٣٨ ، وفيه : عمر.

(٢) ما بين القوسين لا يوجد في المصدر.

(٣) لم ترد في المصدر : كرها.

(٤) مجالس المؤمنين : ١ / ٢٢٤ ، تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٧.

(٥) رجال الشيخ : ١٥١ / ١٨٣.

(٦) رجال النجاشي : ١٤ / ٩.

(٧) رجال الشيخ : ١٥١ / ١٨٤.

١٣٦

وروى عن أبي عبد الله وأبي الحسن(١) عليهما‌السلام ، ست(٢) .جش ، إلاّ الكنية(٣) .

وزاد الأوّل : أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمانرضي‌الله‌عنه ، والحسين بن عبيد الله ، عن محمّد بن عمر بن يحيى العلوي الحسيني ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قراءة عليه.

وأخبرنا أحمد بن محمّد بن موسى ، قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، قال : حدّثنا عليّ بن الحسن بن فضّال ، قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله بن زرارة ، قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان.

وفيصه : قالكش : قال محمّد بن مسعود : قال عليّ بن الحسن بن فضّال : كان أبان بن عثمان من الناووسيّة.

ثمّ قال أبو عمرو الكشّي : إنّ العصابة أجمعت على تصحيح ما يصحّ عن أبان بن عثمان ، والإقرار له بالفقه.

فالأقرب عندي قبول روايته ـ وإن كان فاسد المذهب ـ للإجماع المذكور(٤) .

وفيكش ما ذكره(٥) .

ولا يخفى أنّ كونه من الناووسيّة ، لا يثبت بمجرّد قول عليّ بن الحسن ابن فضّال الفطحي ، سيّما وقد عارضه الإجماع المنقول بقول الكشّي الثقة ، ويؤيّده : كونه من أصحاب الكاظمعليه‌السلام ، وكثرة روايته عنه عليه‌

__________________

(١) في رجال النجاشي والفهرست زيادة : موسى.

(٢) الفهرست : ١٨ / ٦٢.

(٣) رجال النجاشي : ١٣ / ٨.

(٤) الخلاصة : ٢١ / ٣.

(٥) رجال الكشي : ٣٥٢ / ٦٦٠ ، ٣٧٥ / ٧٠٥.

١٣٧

السلام ، وأنّه لم يفرّق أحد بينها وبين روايته عن الصادقعليه‌السلام .

وفيتعق : ترحّم عليه في موضعين من ست ، وهو يعطي عدم كونه ناووسيّا عنده(١) ، كما هو الصواب ، ويؤيّده روايته : أنّ الأئمّة اثنا عشر(٢) ، وكثرة روايته عن الكاظمعليه‌السلام .

وقال المقدّس الأردبيليرحمه‌الله في كتاب الكفالة من شرح الإرشاد : غير واضح كونه ناووسيّا ، بل قيل كان ناووسيّا. وفيكش الذي عندي : قيل : كان قادسيّا ، أي : من القادسيّة ، فكأنّه تصحيف(٣) ، انتهى.

وفي حاشية الوسيط من المصنّف في بعض النسخ : إنّه من القادسيّة ، فلعلّ من قال بكونه ناووسيّا ، رأى كلمة : قادسيّا ، فظنّ : ناووسيّا ، أو كانت في نسخته محرّفة.

وفي المعالم : ما جرح به لم يثبت ، لأنّ الأصل فيه عليّ بن الحسن ابن فضّال ، المتقرّر في كلام الأصحاب أنّه من الفطحيّة ، فلو قبل طعنه في أبان لم يتّجه المنع من قبول رواية أبان ، إذ الجرح ليس إلاّ لفساد المذهب ، وهو مشترك بين الجارح والمجروح ، انتهى.

وفي المعراج : قول عليّ بن الحسن بن فضّال ، لا يوجب جرحه لمثل هذا الثقة الجليل(٤) ، انتهى.

قلت : إلى الآن لم أطّلع على توثيقه ، وحكاية إجماع العصابة ليست نفس التوثيق ولا مستلزمة له ، وهورحمه‌الله معترف به ، نعم يمكن استفادة التوثيق بالمعنى الأعم كما مرّ في الفوائد ، فلا منافاة بينه وبين كلام عليّ بن‌

__________________

(١) ذكر الترحم القهبائي في مجمع الرجال : ١ / ٢٥ نقلا عن الفهرست.

(٢) الخصال : ٤٧٨ / ٤٤.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ / ٣٢٣.

(٤) معراج أهل الكمال : ٢٠.

١٣٨

الحسن بن فضّال ، لكن سنشير إلى ما يشير إلى التوثيق بالمعنى الأخص أيضا.

قال(١) : روى الصدوق في المجلس الثاني من أماليه ، في الصحيح عن ابن أبي عمير ، قال : حدّثني جماعة من مشايخنا ، منهم : أبان بن عثمان ، وهشام بن سالم ، ومحمّد بن حمران(٢) ، فتدبّر.

وأكثر ابن أبي عمير من الرواية عنه ، واعتمد على روايته الأجلّة.

وصحّح في الخلاصة طريق الصدوق الى العلاء بن سيابة(٣) ، وهو فيه ، وكذا إلى أبي مريم الأنصاري(٤) ، وهو فيه ، لكنّه قال فيه : إنّه فطحي ، وهو سهو من قلمهرحمه‌الله .

وعن المنتهى : انّه واقفي(٥) . وهو كسابقه ، وإن صحّ إطلاق الواقفي على من يقف على الصادقعليه‌السلام ، لكن لم يعهد.

وقال شيخنا البهائيرحمه‌الله : قد يطلق المتأخّرون ـ كالعلاّمة ـ على خبر أبان ونحوه ، اسم الصحيح ، ولا بأس به(٦) ، انتهى.

ومنه يظهر الجواب عمّا اعترض على خالي العلاّمةرحمه‌الله : بأنّه يعدّ حديثه صحيحا ، بناء على الإجماع المذكور ، مع قوله فيه : بأنّه موثّق(٧) .

مع أنّ اختلاف رأي المجتهد غير مسدود بابه ، وتصحيح حديثه غير معلوم كونه في زمان حكمه بالموثّقيّة.

__________________

(١) « قال » لم ترد في نسخة « ش ».

(٢) أمالي الصدوق : ١٥ / ٢.

(٣) الخلاصة : ٢٨٠.

(٤) الخلاصة : ٢٧٧.

(٥) منتهى المطلب : ٢ / ٧٦٣.

(٦) مشرق الشمسين : ٢٧٠.

(٧) الوجيزة : ١٤٢ / ١٠.

١٣٩

هذا ، ويروي عنه : ابن أبي نصر ، وجعفر بن بشير ، والأوّل لا يروي إلاّ عن ثقة ، والثاني روى عن الثقات ، ورووا عنه. ويروي عنه أيضا : الوشّاء كثيرا ، وكذا فضالة.

وفي كلّ ذلك شهادة على صحّة الإجماع المدّعى ، سيّما بعد ملاحظة الإكثار من الرواية عنه ، وكون كثير من رواياته مفتيّ بها ، وإنّ كثيرا منها ظهر أو علم صدقه من الخارج.

وفي ترجمة الحسن بن عليّ بن زياد ، ما يظهر منه قوّة كتابه ، وصحّته(١) (٢) .

أقول : ذكره الفاضل الشيخ عبد النبي الجزائري في قسم الثقات ، ثمّ في قسم الموثّقين ، مع إدراجه كثيرا من الممدوحين ، بل والموثّقين في قسم الضعاف.

وقال عند ذكره أوّلا : وممّا يرجّح الاعتماد عليه أيضا : إجازة الصادقعليه‌السلام له الرواية عنه بواسطة أبان بن تغلب ، كما في عبارة الفقيه(٣) .

ثمّ قال : وبالجملة ، فروايته لا تقصر عن الصحيح(٤) .

وقال عند ذكره في القسم الآخر : وذكرناه هنا ، لما قيل : إنّه ناووسي ، كما اعتمده جماعة من المتأخّرين(٥) ، انتهى.

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٩ / ٨٠ ، وفيه طلب أحمد بن محمّد بن عيسى من الوشاء إجازة كتاب أبان بن عثمان.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ١٧.

(٣) في نسخة « ش » زيادة : حيث قال : قالعليه‌السلام ـ أي الصادقعليه‌السلام ـ لأبان بن عثمان : ائت أبان بن تغلب ، قد روى عني رواية كثيرة ، فما رواه لك عني فاروه عني ، انتهى. فتأمل. الفقيه ـ المشيخة ـ : ٤ / ٢٣.

(٤) حاوي الأقوال : ٣٢ / ٩٧.

(٥) حاوي الأقوال : ١٩٩ / ١٠٤٧.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

من بقاياها عالم جديد بثوب آخر!(1) ثمّ إنّ قيام الساعة يكون على حين غرّة ، وبدون مقدمات تدريجية ، بل على شكل مفاجئ وانقلاب سريع.

ثمّ تقول الآية مرّة أخرى :( يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها ) (2) .

وتضيف الآية مخاطبة النّبي الكريم :( قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) .

وربّما يسأل ـ أو يتساءل ـ بعض الناس : لم كان علم الساعة خاصّا بالله وذاته المقدسة ، ولا يعلم بها حتى الأنبياء؟!

والجواب على ذلك : إن عدم معرفة الناس بوقوع يوم القيامة وزمانها «بضميمة كون القيامة لا تأتي إلّا بغتة» ومع الالتفات إلى هول يوم القيامة وعظمتها ، هذا الأمر يبعث على أن يتوقّع الناس وقوع يوم القيامة في أي وقت ويترقبوها باستمرار ، ويكونوا على أهبة الاستعداد والتهيؤ ، لكي ينجوا من أهوالها. فعدم المعرفة هذا له أثر مثبت جلي في تربية النفوس والالتفات إلى المسؤولية واتقاء الذنوب.

* * *

__________________

(1) قال بعض المفسّرين أنّ المراد من هذه الجملة هو أن معرفة القيامة أو علمها ثقيل على أهل الأرض والسماوات ، إلّا أنّ الحقّ هو التّفسير المذكور آنفا «في المتن» لأنّ القول بحذف كلمتي العلم والأهل خلاف ظاهر الآية.

(2) الحفي في الأصل هو من يسأل عن الشيء بتتابع وإصرار ، ولما كان الإصرار في السؤال باعثا على زيادة العلم ، فقد تستعمل هذه اللفظة على العالم كما هي هنا أيضا.

٣٢١

الآية

( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) )

سبب النّزول

روى بعض المفسّرين «كالعلّامة الطبرسي في مجمع البيان» أن أهل مكّة قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان لك ارتباط بالله ، أفلا يطلعك الله على غلاء السلع أو زهادتها في المستقبل ، لتهيئ عن هذا الطريق ما فيه النفع والخير وتدفع عنك ما فيه الضرر والسوء ، أو يطلعك الله على السّنة الممحلة «القحط» أو العام المخصب العشب ، فينتقل إلى الأرض الخصيبة؟ فنزلت عندئذ الآية ـ محل البحث ـ وكانت جواب سؤالهم.

التّفسير

لا يعلم الغيب إلّا الله :

بالرّغم من أنّ هذه الآية لها شأن خاص في نزولها ، إلّا أنّ ارتباطها بالآية

٣٢٢

السابقة واضح ، لأنّ الكلام كان في الآية السابقة على عدم علم أحد بقيام الساعة إلّا الله ، والكلام في هذه الآية على نفي علم الغيب عن العباد بصورة كلية.

ففي الجملة الأولى من هذه الآية خطاب للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ ) .

ولا شك أنّ كل إنسان يستطيع أن ينفع نفسه ، أو يدفع عنها الشر ، ولكن على الرغم من هذه الحال فإنّ الآية ـ محل البحث ، كما نلاحظ ـ تنفي هذه القدرة عن البشر نفيا مطلقا. وذلك لأنّ الإنسان في أعماله ليس له قوّة من نفسه ، بل القوّة والقدرة والاستطاعة كلّها من الله ، وهو سبحانه الذي أودع فيه كل تلك القوّة والقدرة وما شاكلهما.

وبتعبير آخر : إنّ مالك جميع القوى والقدرات وذو الإختيار المستقل ـ وبالذات ـ في عالم الوجود هو اللهعزوجل فحسب ، والآخرون حتى الأنبياء والملائكة يكتسبون منه القدرة ويستمدون منه القوّة ، وملكهم وقدرتهم هي بالغير لا بالذات وجملة «إلّا ما يشاء الله» شاهد على هذا الموضوع أيضا.

وفي كثير من آيات القرآن الأخرى نرى نفي المالكية والنفع والضرر عن غير الله ، ولذلك فقد نهت الآيات عن عبادة الأصنام وما سوى الله سبحانه ونقرأ في الآيتين (3) و (4) من سورة الفرقان( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً ) فكيف يملكون لغيرهم؟!

وهذه هي عقيدة المسلم ، إذ لا يرى أحدا «بالذات» رازقا ومالكا وخالقا وذا نفع أو ضرر إلّا الله ، ولذا فحين يتوجه المسلم إلى أحد طالبا منه شيئا فهو يطلبه مع التفاته إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ ما عند ذلك الشخص فهو من الله (فتأمل بدقّة).

٣٢٣

ويتّضح من هذا إنّ الذين يتذرعون بمثل هذه الآيات لنفي كل توسل بالأنبياء والأئمّة ، ويعدون ذلك شركا ، في خطأ فاضح ، حيث تصوروا بأنّ التوسل بالنّبي أو الإمام مفهومه أن نعدّ النّبي أو الإمام مستقلا بنفسه في قبال الله ـ والعياذ بالله ـ وأنّه يملك النفع والضرر أيضا.

ولكن من يتوسل بالنّبي أو الإمام مع الإعتقاد بأنّه لا يملك شيئا من نفسه ، بل يطلبه من الله ، أو أنّه يستشفع به إلى الله ، فهذا الإعتقاد هو التوحيد عينه والإخلاص ذاته. وهو ما أشار إليه القرآن في الآية محل البحث بقوله :( إِلَّا ما شاءَ اللهُ ) أو بقوله :( إِلَّا بِإِذْنِهِ ) في الآية( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) .

فبناء على ذلك فإنّ فريقين من الناس على خطأ في مسألة التوسل بالنّبي والأئمّة الطاهرين الفريق الأوّل : من يزعم أنّ النّبي أو الإمام له قدرة وقوة مستقلة بالذات في قبال الله ، فهذا الإعتقاد شرك بالله.

والفريق الآخر : من ينفي القدرة ـ بالغير ـ عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام ، فهذا الإعتقاد انحراف عن مفاد آيات القرآن الصريحة.

إذن : الحق هو أنّ النّبي والأئمّة يشفعون للمتوسل بهم بإذن الله وأمره ، ويطلبون حل معضلته من الله.

وبعد بيان هذا الموضوع تشير الآية إلى مسألة مهمّة أخرى ردّا على سؤال جماعة منهم فتقول :( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ ) (1) .

لأنّ الذي يعرف أسرار الغيب يستطيع أن يختار ما هو في صالحه ، وأن يجتنب عمّا يضرّه.

__________________

(1) في الحقيقة أن هناك حذفا في الآية تقديره «لا أعلم الغيب» والجملة التي بعدها شاهدة على ذلك.

٣٢٤

ثمّ تحكي الآية عن مقام النّبي الواقعي ورسالته ، في جملة موجزة صريحة ، فتقول على لسانه :( إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .

* * *

ملاحظة

ألم يكن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلم الغيب؟!

يحكم بعض السطحيين لدى قراءتهم لهذه الآية ـ وبدون الأخذ بنظر الإعتبار الآيات القرآنية الأخرى ، بل حتى القرائن الموجودة في هذه الآية أيضا ـ أنّ الآية آنفة الذكر دليل على نفي علم الغيب عن الأنبياء نفيا مطلقا مع أنّ الآية ـ محل البحث ـ تنفي علم الغيب المستقل وبالذات عن النّبي ، كما أنّها تنفي القدرة على كل نفع وضرّ بصورة مستقلة. ونعرف أنّ كل إنسان يملك لنفسه وللآخرين النفع أو الضر.

فبناء على ذلك فإنّ هذه الجملة المتقدمة شاهد واضح على أنّ الهدف ليس هو نفي مالكية النفع والضر أو نفي علم الغيب بصورة مطلقة ، بل الهدف نفي الاستقلال ، وبتعبير آخر : إنّ النّبي لا يعرف شيئا من نفسه ، بل يعرف ما أطلعه الله عليه من أسرار غيبه ، كما تقول الآيتان (26) و (27) من سورة الجن( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) .

وأساسا ، فإنّ كمال مقام القيادة لا سيما إذا كان الهدف قيادة العالم بأسره ، وفي جميع المجالات الماديّة والمعنوية ، هو الاحاطة الواسعة بالكثير من المسائل الخفية عن سائر الناس ، لا المعرفة بأحكام الله وقوانينه فحسب ، بل المعرفة بأسرار عالم الوجود ، والبناء البشري ، وقسم من حوادث المستقبل والماضي ، فهذا القسم من العلم يطلعه الله على رسله ، وإذا لم يطلعهم عليه لم

٣٢٥

تكمل قيادتهم!

وبتعبير آخر : إنّ أحاديث الأنبياء والرسل وسيرتهم ستكون محدودة بظروف عصرهم ومحيطهم ، لكن عند ما يكونون عارفين بهذا القسم من أسرار الغيب فسيقومون ببناء حضارة على مستوى الأجيال القادمة ، فتكون مناهجهم صالحة لمختلف الظروف والمتغيّرات

* * *

٣٢٦

الآيات

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (193) )

التّفسير

جحد نعمة عظمى :

في هذه الآيات إشارة إلى جانب آخر من حالات المشركين وأسلوب تفكيرهم ، والردّ على تصوّراتهم الخاطئة. لما كانت الآية السابقة تجعل جميع ألوان النفع والضرّ وعلم الغيب منحصرا بالله ، وكانت في الحقيقة إشارة إلى توحيد

٣٢٧

أفعال الله. فالآيات محل البحث تعدّ مكملة لها لأنّ هذه الآيات تشير إلى توحيد أفعال الله أيضا.

تقول الآية الأولى من هذه الآيات( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها ) فجعل الحياة والسكن جنبا إلى جنب( فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ ) (1) .

وبمرور الأيّام والليالي ثقل الحمل( فَلَمَّا أَثْقَلَتْ ) كان كل من الزوجين ينتظر الطفل ، ويتمنّى أن يهبه الله ولدا صالحا ، فلذلك( دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) وعند ما استجاب الله دعاءهما ، ورزقهما الولد الصالح أشركا بالله( فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .

الجواب على سؤال مهم!

هناك بين المفسّرين كلام في المراد من الزوجين الذين تكلمت عنهما الآيتان الأوليان من الآيات محل البحث هل أنّ المراد من «النفس الواحدة» وزوجها آدم وحواء؟ مع أنّ آدم من الأنبياء وحواء امرأة مؤمنة كريمة ، فكيف ينحرفان عن مسير التوحيد ويسلكان مسير الشرك؟!

وإذا كان المراد من النفس الواحدة غير آدم وتشمل الآية جميع أفراد البشر ، فكيف ينسجم التعبير إذا وقوله تعالى( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ) ؟!

ثمّ بعد هذا ما المراد من الشرك ، وأي عمل أو تفكير قام به الزوجان فجعلا لله شركاء؟!

__________________

(1) تغشاها فعل يليه ضمير التأنيث وهو غشي ، ومعناه غطّى ، وهذه الجملة كناية لطيفة عن المقاربة الجنسية والمضاجعة.

٣٢٨

وفي الجواب على مثل هذه الأسئلة نقول : يوجد طريقان لتفسير الآيتين هاتين «وما بعدهما» ، ولعل جميع ما قاله المفسّرون على اختلاف آرائهم يرجع إلى هذين الطريقين الأوّل : إنّ المراد من نفس «واحدة». هو الواحد الشخصي كما ورد هذا المعنى في آيات أخرى من القرآن أيضا ، ومنها أوّل آية من سورة النساء.

والتعبير بالنفس الواحدة ـ أساسا ـ جاء في خمسة مواطن في القرآن المجيد ، واحدة منها في الآية ـ محل البحث ـ والأربعة الأخرى هي في سورة النساء (الآية الأولى) وسورة الأنعام ، الآية (98) ، وسورة لقمان ، الآية (28) ، وسورة الزمر ، الآية (6) ، وبعض هذه الآيات لا علاقة لها ببحثنا هذا ، وبعضها يشبه الآية محل البحث. فبناء على ذلك فالآيات ـ محل البحث ـ تشير إلى آدم وزوجه حوّاء فحسب!

وعلى هذا فالمراد بالشرك ليس هو عبادة غير الله أو الإعتقاد بألوهية غيره ، بل لعل المراد شي آخر من قبيل ميل الإنسان لطفله ، الميل الذي ربّما يجعله غافلا عن الله أحيانا.

والتّفسير الثاني : هو أنّ المراد من النفس الواحدة هو الواحد النوعي ، أي أن الله خلقكم جميعا من نوع واحد كما خلق أزواجكم من جنسكم أيضا.

وبذلك فإنّ الآيتين وما بعدهما من الآيات ـ محل البحث ـ تشير إلى نوع الناس ، فهم يدعون الله وينتظرون الوالد الصالح في كمال الإخلاص لله والانقطاع إليه ، كمن يحدق بهم الخطر فيلتجئوا إلى الله ، ويعاهدون الله على شكره بعد حلّ معضلاتهم. ولكن عند ما يرزقهم الله الولد الصالح ، أو يحلّ مشاكلهم ينسون جميع عهودهم فإنّ كان الولد جميلا قالوا : إنّه اكتسب جماله من أبيه أو أمّه ، وهذا هو قانون الوارثة. وتارة يقولون : إنّ غذاؤه والظروف الصحية تسببت في نموّه وسلامته. وتارة يعتقدون بتأثير الأصنام ويقولون : إنّ ولدنا كان من بركة الأصنام

٣٢٩

وعطائها! وأمثال هذا الكلام وهكذا يهملون التأثير الرّباني بشكل عام ، ويرون العلّة الأصلية هي العوامل الطبيعية أو المعبودات الخرافية(1) .

والقرائن في الآيات ـ محل البحث ـ تدل على أن التّفسير الثّاني أكثر انسجاما وأكثر تفهما لغرض الآية ، لأنّه : أوّلا : إن تعبيرات الآي تحكي عن حال زوجين كانا يعيشان في مجتمع ما من قبل ، ورأيا الأبناء الصالحين وغير الصالحين فيه ، ولهذا طلبا من الله وسألاه أن يرزقهما الولد الصالح. ولو كانت الآيات تتكلم على آدم وحواء فهو خلاف الواقع ، لأنّه لم يكن يؤمئذ ولد صالح وغير صالح حتى يسألا الله الولد الصالح.

ثانيا : الضمائر الواردة في آخر الآية الثّانية والآيات التي تليها ، كلها ضمائر «جمع» ويستفاد من هذا أنّ المراد من ضمير التثنية هو إشارة إلى الفريقين لا إلى الشخصين.

ثالثا : أنّ الآيات التي تلت الآيتين الأوّليين تكشف عن أنّ المقصود بالشرك هو عبادة الأصنام ، لا محبّة الأولاد والغفلة عن الله ، وهذا الأمر لا ينسجم والنّبي آدم وزوجه!

فبملاحظة هذه القرائن يتّضح أنّ الآيات ـ محل البحث ـ تتكلم عن نوع الإنسان وزوجه ليس إلّا.

وكما ذكرنا في الجزء الثّاني من التّفسير الأمثل أن خلق زوج الإنسان من الإنسان ليس معناه أن جزءا من بدنه انفصل عنه وتبدل إلى زوج له يسكن إليه «كما ورد في رواية إسرائيلية أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر!».

بل المراد أن زوج الإنسان من نوعه وجنسه ، كما نقرأ في الآية (21) من

__________________

(1) يرى بعض المفسّرين أن بداية الآية يتعلق بآدم وحواء ، وذيل الآية تتعلق بأبناء آدم وحواء ، وهذا تكلّف ، لأنّه يحتاج إلى حذف وتقدير ، وهو لا ينسجم وظاهر الآية.

٣٣٠

سورة مريم! قوله تعالى :( أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها ) .

رواية مجعولة :

جاء في بعض المصادر الحديثية لأهل السنّة ، وبعض كتب الحديث الشيعية غير المعتبرة ، في تفسير الآيات محل البحث ، حديث لا ينسجم مع العقائد الإسلامية ، ولا يليق بشأن الأنبياء أبدا. وهذا الحديث كما جاء في مسند أحمد هو : أنّ سمرة بن جندب روى عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : لمّا ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال : سميّه : عبد الحارث ، فعاش وكان ذلك من وحي الشّيطان وأمره(1) «الحارث اسم من أسماء الشيطان».

وجاء في بعض الرّوايات الوارد فيها هذا المضمون ذاته أن آدم رضي بهذا الأمر!!

وسواء أكان راوي هذه الرواية سمرة بن جندب ـ الكذاب المشهور ـ أم غيره أمثال كعب الأحبار أو وهب بن منبه اللذين كانا من علماء اليهود ثمّ أسلما ، ويعتقد بعضهم أنّهما أدخلا في الثقافة الإسلامية خرافات التوراة وبني إسرائيل.

ومهما يكن الأمر فالرواية بنفسها خير دليل على فسادها وبطلائها ، لأنّ آدم الذي هو خليفة الله «في أرضه» ونبيّه الكبير ، وكان يعلم الأسماء ، بالرغم من كونه بترك الأولى هبط إلى الأرض ، إلّا أنّه لم يكن إنسانا يختار سبيل الشرك ويسمّي ولده عبد الشيطان ، فهذا الأمر يصدق في مشرك جاهل فحسب لا في آدم والأعجب من ذلك أنّ الحدى أنف الذكر يتضمن معجزة للشيطان أو كرامة له ، إذ بتسميته الولد باسمه عاش الولد خلافا للأبناء الآخرين. وإنّه لمدعاة

__________________

(1) مسند بن حنبل ، وفقا لما وراه تفسير المنار ، ج 9 ، ص 522.

٣٣١

للأسف الشديد أن ينساق كثير من المفسّرين تحت وطأة هذا الحديث المختلق وأضرابه ، فيجعلون مثل هذه الأباطيل تفسيرا للآي. وعلى كل حال ، فإنّ مثل هذا الكلام لما كان مخالفا للقرآن ، ومخالفا للعقل أيضا ، فينبغي أن ينبذ في سلة المهملات.

وتعقيبا على هذا الأمر يردّ القرآن ـ بأسلوب بيّن متين ـ عقيدة المشركين وأفكارهم مرة أخرى ، فيقول :( أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) .

وليس هذا فحسب ، فهم ضعاف( وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ) .

والأوثان والأصنام في حالة لو ناديتموها لما استجابت لكم( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ ) .

فمن كان بهذه المنزلة وبهذا المستوى أنّى له بهداية الآخرين!

ويحتمل بعض المفسّرين احتمالا آخر في تفسير الآية ، وهو أنّ الضمير «هم» يرجع إلى المشركين لا إلى الأصنام ، أي أنّهم إلى درجة من الإصرار والعناد بحيث لا يسمعونكم ولا يذعنون لكم ولا يسلمون.

كما ويحتمل أنّ المراد هو أنّكم لو طلبتم منهم الهداية ، فلن يتحقق دعاؤكم وطلبكم على كل حال( سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ ) .

وطبقا للاحتمال الثّاني يكون معنى الجملة على النحو التالي : سواء عليكم أطلبتم من الأصنام شيئا ، أو لم تطلبوا ففي الحالين لا أثر لها ، لأنّ لا تقدر على أداء أي شيء أو التأثير في شيء.

يقول الفخر الرازي في تفسيره : إذا المشركين إذا ابتلوا بمشكلة تضرعوا إلى الأصنام ودعوها ، وإذا لم يصبهم أذى أو سوء كانوا يسكتون عنها ، فالقرآن يخاطبهم بالقول( سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ ) .

* * *

٣٣٢

الآيتان

( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (195) )

التّفسير

هاتان الآيتان ـ محل البحث ـ تواصلان الكلام على التوحيد ومكافحة الشرك ، وتكملان ما عالجته الآيات السابقة ، فتعدّان كل شرك في العبادة عملا سفيها وبعيدا عن المنطق والعقل!

والتدفيق في مضمون هاتين الآيتين يكشف أنّهما تبطلان منطق المشركين بأربعة أدلة ، والسرّ في كون القرآن يعالج إبطال الشرك باستدلالات مختلفة ، وكل حين يأتي ببرهان مبين ، لأن الشرك ألدّ أعداء الإيمان ، وأكبر عدوّ لسعادة الفرد والمجتمع.

ولما كانت للشرك جذور مختلفة وأفانين متعددة في أفكار البشر ، فإنّ

٣٣٣

القرآن يستغل كل فرصة لقطع جذوره الخبيثة وأفانينه التي تهدد المجتمع الإنساني.

فتقول الآية الأولى من هاتين الآيتين :( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ ) .

فبناء على ذلك لا معنى لأن يسجد الإنسان لشيء مثله ، وأن يمدّ يد الضراعة والحاجة إليه ، وأن يجعل مقدّراته ومصيره تحت يده!

وبتعبير آخر : إنّ مفهوم هذه الآية هو أنّكم ـ أيّها المشركون ـ لو أمعنتم النظر لرأيتم معبوداتكم ذات أجسام وأسيرة المكان والزمان ، وتحكمها قوانين الطبيعة ، وهي محدودة من حيث الحياة والعمر والإمكانات الأخرى. وخلاصة الأمر : ليس لها امتياز عليكم ، وإنّما جعلتم لها امتيازا عليكم بتصوراتكم وتخيلاتكم!

ثمّ إنّ كلمة «عباد» جمع «عبد» ويطلق هذا اللفظ على الموجود الحي ، مع أن الآية استعملته في الأصنام ، فكانت لذلك تفاسير متعددة التّفسير الأوّل : أنّه من المحتمل أن تشير الآية إلى المعبودين من جنس الإنسان أو المخلوقات الأخرى ، كالمسيح إذ عبده النصارى ، والملائكة إذ عبدتها جماعة من المشركين العرب.

والتّفسير الثاني : أنّ الآية تنزلت وحكت ما توهمه المشركين في الأصنام بأنّ لها القدرة ، فكانوا يكلمونها ويتضرعون إليها ، فالآية ـ محل البحث ـ تخاطبهم بأنّه على فرض أنّ للأصنام عقلا وشعورا ، فهي لا تعدو أن تكون عبادا أمثالكم.

التّفسير الثّالث : أنّ العبد في اللغة يطلق أحيانا على الموجود الذي يرزح تحت نيز الآخر ويخضع له ، حتى لو لم يكن له عقل وشعور ، ومن هذا القبيل أنّ العرب يطلقون على الطريق المطرّق بالذهاب والإياب أنّه «معبّد».

٣٣٤

ثمّ تضيف الآية : أنّكم لو تزعمون بأنّ لهم عقلا وشعورا( فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) .

وهذا هو الدليل الثّاني على إبطال منطق المشركين ، وهو كون الأصنام لا تستطيع أن تعمل شيئا ، وهي ساكتة عاجزة عن الإجابة والردّ وفي البيان الثّالث تبرهن الآية على أنّ الأصنام أضعف حتى من عبادها المشركين ، فتساءل مستنكرة :( أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ ) (1) ( بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ) .

وهكذا فإنّ الأصنام من الضعة بمكان حتى أنّها بحاجة إلى من يدافع عنها ويحامي عنها ، فليس لها أعين تبصر بها ، ولا آذان تسمع بها ، ولا أرجل تمشي بها ، ولا أي إحساس آخر. وأخيرا فإنّ الآية تبيّن ضمن تعبير هو في حكم الدليل الرّابع مخاطبة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلة :( قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ ) .

أي إذا كنت كاذبا ، وأنّ الأصنام مقربات عند الله ، وقد تجرأت عليها فلم لا تعضب عليّ؟ وليس لها ولا لكم ولمكائدكم أي تأثير علي. فبناء على ذلك فاعلموا أنّ هذه الأصنام موجودات غير مؤثرة ، وإنّما تصوراتكم هي التي أضفت عليها ذلك التوهّم!.

* * *

__________________

(1) يبطشون فعل مشتق من «البطش» على زنة «العرش» ومعناه الاستيلاء بالشدّة والصولة والقدرة!

٣٣٥

الآيات

( إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198) )

التّفسير

المعبودات التي لا قيمة لها :

تعقيبا على الآية المتقدمة التي كانت تخاطب المشركين بالقول (على لسان النّبي) :( ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ ) منبهة إياهم أنّهم لا يستطيعون أن يصيبوا النّبي بأدنى ضرر ، فإنّ الآية الأولى ـ من الآيات ـ محل البحث ـ تذكر الدليل على ذلك فتقول :( إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ ) .

وليس وليي وحدي فحسب ، بل هو ولي جميع الصالحين( وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) .

ثمّ يؤكّد القرآن بالآية التّالية على بطلان عبادة الأوثان مرّة أخرى فيقول :( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ) .

٣٣٦

بل أبعد من ذلك( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا ) وبالغرم من العيون المصنوعة لهم التي يخيل إلى الرائي أنّها تنظر :( وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) .

وكما أشرنا سابقا أيضا ، فالآية ـ محل البحث ـ يحتمل أن تشير إلى الأصنام كما يحتمل أن تشير إلى المشركين. ففي الصورة الأولى مفهومها ـ كما قدمنا بيانه ـ أمّا في الصورة الثّانية فيكون مفهومها : أنّه لو دعا المسلمون هؤلاء المشركين المعاندين إلى طريق التوحيد الصحيح ما قبلوا ذلك منهم ، وهم ينظرون إليك ويرون دلائل الصدق والحق فيك ، إلّا أنّهم لا يبصرون الحقائق!

ومضمون الآيتين الأخيرتين ورد في الآيات السابقة أيضا ، وهذا التكرار إنّما هو لمزيد التأكيد على مكافحة الشرك وقلع جذوره التي نفذت في أفكار المشركين وأرواحهم عن طريق التلقين والتقرير المتكرر.

* * *

٣٣٧

الآيات

( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (202) وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) )

التّفسير

وساوس الشّيطان :

في هذه الآيات يبيّن القرآن شروط التبليغ وقيادة الناس وإمامتهم بأسلوب أخّاذ رائق وجيز ، وهي في الوقت ذاته تتناسب والآيات المتقدمة التي كانت تشير إلى مسألة تبليغ المشركين أيضا.

ففي الآية الأولى ـ من الآيات محل البحث ـ إشارة إلى ثلاث من وظائف القادة والمبلغين ، فتوجه الخطاب للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتقول في البداية( خُذِ الْعَفْوَ ) .

٣٣٨

العفو : قد يأتي بمعنى الزيادة في الشيء أحيانا ، كما قد يأتي بمعنى الحدّ الوسط ، كما يأتي بمعنى قبول العذر والصفح عن المخطئين والمسيئين ، وتأتي أحيانا بمعنى استسهال الأمور.

والقرائن الموجودة في الآية تدلّ على أنّ الآية محل البحث لا علاقة لها بالمسائل المالية وأخذ المقدار الإضافي من أموال الناس ، كما ذهب إليه بعض المفسّرين ، بل مفهومها المناسب هو استسهال الأمور ، والصفح ، واختيار الحدّ الوسط(1) .

ومن البديهي أنّه لو كان القائد أو المبلغ شخصا فظا صعبا ، فإنّه سيفقد نفوذه في قلوب الناس ويتفرقون عنه ، كما قال القرآن الكريم :( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) (2) .

ثمّ تعقيب الآية بذكر الوظيفة الثّانية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتأمره بأن يرشد الناس إلى حميد الأفعال التي يرتضيها العقل ويدعو إليها اللهعزوجل قائلة :( وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ ) .

وهي تشير إلى أنّ ترك الشدّة لا يعني المجاملة ، بل هو أن يقول القائد أو المبلغ الحق ، ويدعو الناس إلى الحق ولا يخفي شيئا.

أمّا الوظيفة الثّالثة للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهي أن يتحمل الجاهلين ، فتقول :( وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ) .

فالقادة والمبلغون يواجهون في مسيرهم أفرادا متعصّبين جهلة يعانون من انحطاط فكري وثقافي وغير متخلقين بالأخلاق الكريمة ، فيرشقونهم بالتهم ، ويسيئون الظن بهم ويحاربونهم.

فطريق معالجة هذه المعضلة لا يكون بمواجهة المشركين بالمثل ، بل

__________________

(1) لمزيد من التوضيح يراجع الجزء الثّاني من التّفسير الأمثل في هذا الصدد.

(2) آل عمران ، 159.

٣٣٩

الطريق السليم هو التحمل والجلد وعدم الاكثرات بمثل هذه الأمور. والتجربة خير دليل على أنّ هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل لمعالجة الجهلة ، وإطفاء النائرة ، والقضاء على الحسد والتعصب ، وما إلى ذلك.

وفي الآية التّالية دستور آخر ، وهو في الحقيقة يمثل الوظيفة الرّابعة التي ينبغي على القادة والمبلغين أن يتحملوها ، وهي أن لا يدعوا سبيلا للشيطان إليهم ، سواء كان متمثلا بالمال أم الجاه أم المقام وما إلى ذلك ، وأن يردعوا الشياطين أو المتشيطنين ووساوسهم ، لئلا ينحرفوا عن أهدافهم.

فالقرآن يقول :( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1) .

أجمع آية أخلاقية :

روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «لا آية في القرآن أجمع في «المسائل» الأخلاقية من هذه الآية»(2) «أي الآية الأولى من الآيات محل البحث».

قال بعض الحكماء في تفسير هذا الحديث : إنّ أصول الفضائل الأخلاقية وفقا لأصول القوي الإنسانية «العقل» و «الغضب» و «الشّهوة» تتلخص في ثلاثة أقسام :

1 ـ الفضائل العقلية : وتدعى بالحكمة ، وتتلخص بقوله تعالى :( وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ) .

2 ـ والفضائل النّفسية في مواجهة الطغيان والشهوة ، وتدعى بالعفة ، وتتلخص بـ «خذ العفو».

3 ـ والتسلط على القوة الغضبية ، وتدعى بالشجاعة ، وتتلخص في قوله

__________________

(1) ينزغ مأخوذ من مادة «النزغ» على زنة «النزع» ومعناه الدخول في الأمر لإفساده أو الإثارة ضده!

(2) مجمع البيان ، ذيل الآية.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390