منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ١

منتهى المقال في أحوال الرّجال15%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-89-2
الصفحات: 390

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 390 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 195063 / تحميل: 6567
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٨٩-٢
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

المقدمة الثانية

في ذكر جماعة رأوا القائمعليه السلام ،

أو وقفوا على معجزته‌

قال في إكمال الدين : حدثنا محمّد بن محمّد الخزاعيرضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا أبو علي الأسدي ، عن أبيه محمّد بن عبد الله الكوفي أنّه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات القائمعليه‌السلام ورآه من الوكلاء :

ببغداد : العمري ، وابنه ، وحاجز ، والبلالي ، والعطّار.

ومن الكوفة : العاصمي.

ومن أهل الأهواز : محمّد بن إبراهيم بن مهزيار.

ومن أهل قم : أحمد بن إسحاق.

ومن أهل همدان : محمّد بن صالح.

ومن أهل الري : الشامي(١) والأسدي ـ يعني نفسه(٢) ـ.

ومن أهل أذربيجان : القاسم بن العلاء.

ومن أهل نيسابور : محمّد بن شاذان النعيمي.

ومن غير الوكلاء :

__________________

(١) كذا في المخطوطة ، وفي المصدر : البسّامي ، لكن المنقول عن عدة نسخ من المصدر وعن ربيع الشيعة : الشامي ، وفي كشف الغمة : البسامي. انظر : ( تنقيح المقال ٣ : ٤٧ ، ٥٣ من الألقاب ، كشف الغمة ٢ : ٥٣٢ ) ، ولا يخفى أنّ المنقول عن ربيع الشيعة هو عن كتاب إعلام الورى للطبرسي.

(٢) وهو أبو علي الأسدي ، راوي الحديث.

٢١

من أهل بغداد : أبو القاسم بن أبي حابس(١) ، وأبو عبد الله الكندي ، وأبو عبد الله الجنيدي(٢) ، وهارون القزاز ، والنيلي(٣) ، وأبو القاسم بن دبيس(٤) ، وأبو عبد الله بن فرّوخ ، ومسرور الطباخ مولى أبي الحسنعليه‌السلام ، وأحمد ومحمّد ابنا أبي الحسنعليه‌السلام (٥) ، وإسحاق الكاتب من بني نوبخت ، وصاحب الفداء(٦) ، وصاحب الصرة المختومة.

ومن أهل همدان : محمّد بن كشمرد ، وجعفر بن حمدان ، ومحمّد بن هارون بن عمران.

ومن الدينور : حسن بن هارون ، وأحمد ابن أخيه ، وأبو الحسن.

ومن أصفهان : ابن بادشالة(٧) .

ومن الصيمرة(٨) : زيدان.

ومن قم : الحسن بن النضر ، ومحمّد بن محمّد(٩) ، وعلي بن محمّد ابن إسحاق ، وأبوه ، والحسن بن يعقوب.

ومن أهل الري : القاسم بن موسى ، وابنه(١٠) ، وأبو محمّد بن هارون ،

__________________

(١) في المصدر : أبي حليس ، وفي نسخة منه : أبي حابس ، واخرى : أبي عابس.

(٢) في هامش نسخة « م » : ابن الجنيد خ ل.

(٣) في هامش نسخة « م » : النبيل خ ل.

(٤) في هامش نسخة « م » : الرئيس خ ل.

(٥) في المصدر : وأحمد ومحمّد ابنا الحسن.

(٦) في المصدر : وصاحب النواء.

(٧) في المصدر : باذشالة ، وفي نسخة منه : بادشاكة.

(٨) الصيمرة ـ بالفتح ثم السكون وفتح الميم ثم راء ـ موضعان : بلد بالبصرة على فم نهر معقل ، والآخر بلد بين ديار الجبل وديار خوزستان. ( معجم البلدان ٣ : ٤٣٩ ).

(٩) في هامش نسخة « م » : محمّد بن علي خ ل.

(١٠) في هامش نسخة « م » : أبوه خ ل.

٢٢

وصاحب الحصاة ، وعلي بن محمّد ، ومحمّد بن محمّد الكليني ، وأبو جعفر الرفّاء.

ومن أهل قزوين : مرداس ، وعلي بن أحمد.

ومن قاين(١) : رجلان.

ومن شهرزور : ابن الخال.

ومن فارس : المجروح(٢) .

ومن مرو : صاحب الألف دينار ، وصاحب المال والرقعة البيضاء ، وأبو ثابت.

ومن نيسابور : محمّد بن شعيب بن صالح.

ومن اليمن : الفضل بن يزيد ، والحسن ابنه ، والجعفري ، وابن الأعجمي ، والشمشاطي.

ومن مصر : صاحب المولودين ، وصاحب المال بمكّة ، وأبو رجاء.

ومن نصيبين : أبو محمّد بن الوجناء.

ومن أهل الأهواز : الحضيني(٣) .

__________________

(١) في المصدر : فاقتر ، وفي نسخة منه : قابس ، واخرى : قائن.

(٢) في المصدر : المحروج ، وفي نسخة : المحووج.

(٣) إكمال الدين : ٤٤٢ / ١٦ ، وفيه : الحصيني ، وفي نسخة : الخصيبي.

٢٣
٢٤

المقدمة الثالثة(١)

في كنى الأئمة وألقابهمعليهم السلام ،

على ما تقرر عند أهل الرجال

وذكره مولانا عناية الله في رجاله(٢)

أبو إبراهيم : للكاظمعليه‌السلام .

وأبو إسحاق : للصادقعليه‌السلام ، كما في إبراهيم بن عبد الحميد.

وأبو جعفر : للباقرعليه‌السلام ، والجوادعليه‌السلام ، لكن أكثر المطلق والمقيّد بالأول هو الأول ، وبالثاني الثاني.

وأبو الحسنعليه‌السلام : لعليعليه‌السلام ، وعلي بن الحسينعليه‌السلام ، والكاظمعليه‌السلام ، والرضاعليه‌السلام ، والهاديعليه‌السلام ، وقلّما يراد الأول ، والأكثر في الإطلاق : الكاظمعليه‌السلام ، وقد يراد منه الرضاعليه‌السلام ، والمقيد بالأول : هو الكاظمعليه‌السلام ، وبالثاني : الرضاعليه‌السلام ، وبالثالث : الهاديعليه‌السلام ، ويختص المطلق بأحدهم بالقرينة.

وأبو الحسين(٣) : لعليعليه‌السلام .

وأبو عبد الله : للحسينعليه‌السلام ، والصادقعليه‌السلام ، لكن‌

__________________

(١) مجمع الرجال : ٧ / ١٩٢ ـ المقدمة الرابعة ـ.

(٢) رجال الكشي : ٤٤٦ / ٨٣٩.

(٣) في المصدر : أبو الحسنين.

٢٥

المراد في كتب الأخبار : الثاني ، كالعالم والشيخ ـ كما في إبراهيم بن عبدة(١) ـ وابن المكرمة ـ كما في معروف بن خربوذ(٢) ـ وكذا الفقيه والعبد الصالح ، وقد يراد بهما وبالعالم : الكاظمعليه‌السلام .

وأبو القاسم : للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والقائمعليه‌السلام ، والأكثر إطلاقه على الثاني.

والصاحب ، وصاحب الدار ، وصاحب الزمان ، والغريم ، والقائم ، والمهدي ، والهادي : هو القائمعليه‌السلام .

والرجل : الهاديعليه‌السلام ، كما في فارس بن حاتم(٣) ، وإبراهيم ابن محمّد الهمداني(٤) ، وكذلك الماضي ، كما في إبراهيم بن عبدة(٥) ، وكذا صاحب العسكر.

وصاحب الناحية : الهادي أو الزكي أو الصاحبعليهم‌السلام .

والمراد بالأصل : الإمام ـ كما في أبي حامد المراغي(٦) ـ.

أقول : في الأكثر يراد بالعالم ، والشيخ ، والفقيه ، والعبد الصالح : الكاظمعليه‌السلام ، لنهاية شدة التقية في زمانه صلوات الله عليه ، وخوف الشيعة من تسميته وذكره بألقابه الشريفة ، وكناه المعروفة.

وقولهرحمه‌الله : كالعالم والشيخ كما في إبراهيم بن عبدة ، سهو من‌

__________________

(١) في نسختنا من مجمع الرجال : إبراهيم بن عبد الحميد ، وهو الصواب كما سينبه عليه المصنف في ختام هذه المقدمة.

(٢) رجال الكشي : ٢١٢ / ٣٧٦.

(٣) رجال الكشي : ٥٢٦ / ١٠٠٩.

(٤) رجال الكشي : ٥٥٧ / ١٠٥٣.

(٥) رجال الكشي : ٥٧٥ / ١٠٨٨ ، وقد ورد التعبير بـ ( الماضي ) في كتاب العسكريعليه‌السلام الوارد في توكيل إبراهيم بن عبدة.

(٦) رجال الكشي : ٥٣٤ / ١٠١٩.

٢٦

قلمه ، فان ذلك مذكور في ترجمة إبراهيم بن عبد الحميد(١) .

هذا وقد يعبر عن الهاديعليه‌السلام بالصادق ، كما في أحد التهذيبين ـ على ما هو ببالي ـ عن محمّد بن أبي الصهبان ـ وهو محمّد بن عبد الجبار ـ قال : كتبت إلى الصادقعليه‌السلام (٢) .

كذا أفاد الأستاذ العلامة ، ويأتي في محمّد بن عبد الجبار أيضا ما يعينه.

__________________

(١) انظر رجال الكشي : ٤٤٦ / ٨٣٩.

(٢) تهذيب الأحكام ٤ : ٦٣ / ١٦٩ ، الاستبصار ٢ : ٣٨ / ١١٨.

٢٧
٢٨

المقدمة الرابعة

في بيان أسامي رجال يحصل

فيهم الاشتباه عند الإطلاق‌

قال مولانا عناية الله : كل رواية يرويها ابن مسكان عن محمّد الحلبي ، فالظاهر أنّه عبد الله كما يظهر من ترجمته منجش (١) .

وكلّ ما يرويه محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن يحيى ، فالأول : ابن أبي الخطاب والثاني : الخزاز ، كما يفهم من ترجمة غياث بن إبراهيم عن ست(٢) .

وإذا روى أبان بن عثمان عن أبي بصير ، فالظاهر أنّه ليث بن البختري المرادي ، وصرح به في طريق سعد بن مالك الخزرجي أبي سعيد الخدري عنكش (٣) .

وكذا إذا روى عنه ابن أبي يعفور ، أو بكير بن أعين(٤) ، أو الحسين ابن المختار ، أو حماد النّاب ، أو سليمان بن خالد ، أو شعيب بن يعقوب العقرقوفي ـ على القلة ـ أو عبد الله بن مسكان ، كما في الأخبار(٥) .

أقول : قال في النقد : الظاهر انّ أبا بصير الذي روى عنه عبد الله بن‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢١٤ / ٥٥٩.

(٢) انظر الفهرست : ١٢٣ / ٥٥٩.

(٣) رجال الكشي : ٤٠ / ٨٤.

(٤) في المجمع زيادة : أو جعفر بن عثمان.

(٥) مجمع الرجال : ٧ / ٢٠٣. ولم ترد فيه عبارة : أو عبد الله بن مسكان ، كما في الأخبار.

٢٩

مسكان هو ليث المرادي لا يحيى بن القاسم(١) . انتهى.

وبخط الأستاذ العلامة : عند صاحب المدارك إنّ رواية ابن مسكان عن أبي بصير تعين كونه المرادي ، وصاحب المعالم وابنه ادعيا الاطلاع على روايته عن أبي بصير يحيى بن القاسم. انتهى(٢) . فتدبر.

وقال الفاضل المذكور عطفا على الكلام المزبور : أو الفضل البقباق ، أو فضيل الرسان ، أو المثنى الحناط ، أو المفضل بن صالح ـ كما ذكروا في ترجمته(٣) ـ أو عبد الكريم بن عمرو ـ كما في طريق عبد الكريم بن عتبة ، ومن مشيخة الفقيه(٤) ـ وعمر بن طرخان(٥) .

يعني أنّ رواية هؤلاء عن أبي بصير تعين كونه المرادي.

ثم قالرحمه‌الله : وإذا روى شعيب بن يعقوب العقرقوفي على الكثرة ، أو شهاب بن عبد ربه ، أو عبد الله بن وضّاح ، أو علي بن أبي حمزة ، أو محمّد بن عمران ، أو يعقوب بن شعيب العقرقوفي ، عن أبي بصير ، فالظاهر أنّه يحيي بن القاسم لما يظهر من ترجمته وترجمتهم(٦) .

ثم قالرحمه‌الله ناقلا عن أستاذه مولانا عبد الله التستري طاب ثراه : إذا ورد عليك موسى بن القاسم ، عن علي ، عنهما ، فالظاهر أنّ عليا هذا هو : علي بن الحسن الطاطري الجرمي ، والمراد من ضمير عنهما : محمّد بن أبي حمزة ودرست ، وربما ذكر عوض علي : الجرمي ، وقد صرح بما يفهم منه ما‌

__________________

(١) نقد الرجال : ٢٧٨.

(٢) هامش مخطوطة منهج المقال ورقة : ٥٠٨.

(٣) رجال النجاشي : ٣٢١ / ٨٧٦ ترجمة ليث بن البختري.

(٤) الفقيه ـ المشيخة ـ : ٤ / ٥٥.

(٥) مجمع الرجال. ٧ / ٢٠٣.

(٦) مجمع الرجال : ٧ / ٢٠٣.

٣٠

ذكره الشيخرحمه‌الله في عدّة أخبار في مسائل كفارات الصيد من التهذيب(١) .

أقول : كذا قال في النقد أيضا في ترجمة علي بن الحسن الطاطري(٢) ، ونقله أيضا الأستاذ العلامة عن جدّه أعلى الله مقامه(٣) .

وقال الفاضل المذكور ناقلا عن أستاذه المزبور : في بعض الأخبار : أحمد بن محمّد ، عن العباس بن موسى الورّاق ، وبعضها : عنه عن العباس ابن معروف ، فالمطلق مشترك(٤) .

وإذا روى محمّد بن علي بن محبوب عن العباس ، وكذا أحمد بن محمّد بن يحيى(٥) ، فهو عباس بن معروف ، صرّح به في بعض الأخبار(٦) .

وإذا روى فضالة عن أبان ، فأبان هو ابن عثمان ، صرّح به الشيخ في زيادات الجزء الأول من التهذيب(٧) .

وإذا روى عن ابن سنان فهو عبد الله ، وهو مصرّح به في بعض الأحاديث(٨) .

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ : ٣٠٨ / ١٠٥٣ ، ومجمع الرجال : ٧ / ٢٠٢.

(٢) نقد الرجال : ٢٣١.

(٣) راجع روضة المتقين : ١٤ / ٣٩٥.

(٤) كما في فروع الكافي ٦ : ٤٨٠ / ٣ ، وتهذيب الأحكام ٢ : ٦٨ / ٢٤٨.

(٥) كذا في النسخ والمصدر ، والصحيح : محمّد بن أحمد بن يحيى ، بقرينة كثرة روايات محمّد بن أحمد بن يحيى عن العباس والعباس بن معروف ، وعدم وجود أحمد بن محمّد ابن يحيى في هذه الطبقة ، وورد أحمد بن محمّد بن يحيى عن العباس بن معروف في سند رواية واحدة في التهذيب ١٠ : ٢٩٥ / ١١٤٨ ، انظر معجم رجال الحديث : ٩ / ٢٤٢.

(٦) الاستبصار ١ : ٨١ / ٢٥٤ ، تهذيب الأحكام ٩ : ٤٤ / ١٨٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٥ : ٤٦٠ / ١٥٩٩.

(٨) تهذيب الأحكام ٥ : ٤٥٣ / ١٥٨٥.

٣١

وإذا روى عن حسين ، فهو حسين بن عثمان ، صرّح به في بعض الأخبار(١) .

انتهى ما نقله الفاضل المزبور عن أستاذه المذكور(٢) .

وقال العلامة في فوائدصه : ذكر الشيخ وغيره في كثير من الأخبار : سعد بن عبد الله عن أبي جعفر ، والمراد بأبي جعفر هذا هو أحمد بن محمّد ابن عيسى(٣) .

أقول : وقال نحو ذلك ابن داود في خاتمة كتابه(٤) .

واستشكل ذلك المحقق الشيخ محمّدرحمه‌الله لأنّ في الكافي في باب مولد الصادقعليه‌السلام : سعد بن عبد الله عن أبي جعفر محمّد بن عمرو بن سعيد(٥) .

ولا يخفى أنّ المراد بكون أبي جعفر أحمد عند الإطلاق لا مطلقا ، والرواية أيضا تشهد بذلك.

ويفهم من كلام الفاضل الشيخ عبد النبي الجزائري تسليم ذلك في كلام الشيخرحمه‌الله دون الكافي استنادا إلى الرواية المذكورة ، فتأمل(٦) .

وقال الفاضل الشيخ عبد النبي الجزائري أيضا : إذا وردت رواية عن ابن سنان فان كان المروي عنه الصادقعليه‌السلام فالمراد به عبد الله لا محمّد ـ وإن كانا أخوين على ما فيجخ (٧) ـ لما يشهد به التتبع لأسانيد‌

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ١٤٨ / ٤٢١.

(٢) مجمع الرجال : ٧ / ٢٠٢.

(٣) الخلاصة : ٢٧١ الفائدة الثانية.

(٤) رجال ابن داود : ٣٠٧ / ٧.

(٥) الكافي ١ : ٣٩٦ / ٨.

(٦) حاوي الأقوال ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثاني.

(٧) رجال الشيخ : ٢٨٨ / ١٢٩.

٣٢

الأحاديث ، أنّ كلّ موضع صرّح فيه بمحمّد فهو إنّما يروي عن الصادقعليه‌السلام بواسطة ، وذكر الشيخ في الرجال جماعة لم يرووا عن الصادقعليه‌السلام إلا بواسطة ، وعدّ منهم محمّد بن سنان.

ويؤيد هذا : ان محمّدا مات سنة مائتين وعشرين ـ على ما ذكره النجاشي(١) ـ وكانت وفاة الصادقعليه‌السلام ـ على ما ذكره الشيخ ـ سنة ثمان وأربعين ومائة(٢) ، ومن المعلوم أنّه لا بدّ من زمان قبل وفاة الإمامعليه‌السلام ، يسع نقل هذه الأحاديث المتفرقة ، وأن يكون صالحا للتحمل كالبلوغ وما قاربه ، وحينئذ يكون من المعمّرين في السن ، وقد نقلوا كمية عمر من هو أقل منه سنا.

ويشكل الحال فيما إذا وقع في أثناء السند ، لاشتراكه بينهما ، ولا يبعد ترجيح كونه عبد الله إذا كان الراوي عنه فضالة بن أيوب أو النضر بن سويد ، وكونه محمّدا إذا كان الراوي عنه الحسين بن سعيد أو أحمد بن محمّد بن عيسى ، ولذا ضعّف المحقق سندا فيه الحسين بن سعيد عن ابن سنان معللا بأنّه محمّد(٣) .

واحتمال الشهيد كونه عبد الله بعيد(٤) ، وربما كان منشأه ما يوجد في كتاب الصلاة من رواية الشيخ عن الحسين بن سعيد ، عن عبد الله بن سنان(٥) ، والتتبع والاعتبار يحكمان بأنّه من الأغلاط التي وقعت في كتابي الشيخ ، نعم يقع الإشكال في الرجال الّذين رووا عنهما كيونس بن‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٢٨ / ٨٨٨.

(٢) التهذيب : ٦ / ٧٨.

(٣) المعتبر : ٢٥ ، في الأسئار.

(٤) راجع منتقى الجمان : ١ / ٣٦ ، الفائدة السادسة.

(٥) التهذيب ٢ : ١٣١ / ٥٠٤.

٣٣

عبد الرحمن. انتهى ملخصا(١) .

أقول : ما ذكرهرحمه‌الله لا غبار فيه ، مضافا الى أنّه يلزم من درك محمّد الصادقعليه‌السلام دركه أربعة من الأئمةعليهم‌السلام ، فإنّه أدرك الجوادعليه‌السلام كما يأتي ، وقد نبهوا على من أدرك ثلاثة منهمعليهم‌السلام ، كابن أبي عمير ، فمن أدرك أربعة أولى بالتنبيه عليه.

بل يظهر من خبر في الكافي في باب مولد الجوادعليه‌السلام دركه الهاديعليه‌السلام (٢) أيضا ، فيكون حينئذ قد أدرك خمسة منهمعليهم‌السلام فتدبر.

إلاّ أنّ ما مرّ من كون عبد الله ومحمّد أخوين لم أعثر عليه في غير هذا الموضع ، وربما يوهمه كلام بعض أجلاء العصر أيضا(٣) ، ولا أعرف له وجها أصلا سوى تسمية أبويهما بسنان ، وهو مع أنّه لا يقتضيه سيأتي في محمّد إن شاء الله أنّ اسم أبيه الحسن وسنان جده ، مات أبوه فكفله جده ، فنسب إليه.

وما ربما يوهمه كلام الشيخرحمه‌الله في رجاله : محمّد بن سنان بن طريف الهاشمي وأخوه عبد الله(٤) .

فلا يخفى أنّ هذا رجل مجهول لا ذكر له أصلا ولا يعرف مطلقا ، نعم هو أخو عبد الله وليس بمحمّد بن سنان المشهور ، وذاك ليس من أصحاب الصادقعليه‌السلام ولم يرو عنه إلاّ بواسطة كما اعترفرحمه‌الله به ، ونقله‌

__________________

(١) حاوي الأقوال ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثالث.

(٢) الكافي ١ : ٤١٥ / ٩.

(٣) عدة الرجال ، للسيد محسن الأعرجي ـ وهو المراد من بعض أجلاّء العصر ـ : ٤٦ ، الفائدة العاشرة.

(٤) رجال الشيخ : ٢٨٨ / ١٢٩.

٣٤

عن الشيخ.

ولذا جعل الميرزا ومولانا عناية اللهرحمه‌الله لمحمّد بن سان بن طريف أخي عبد الله عنوانا على حدة ، وذكراه اسما برأسه ، ولم يزيدا في ترجمته على ما ذكره الشيخرحمه‌الله في رجاله(١) .

وأيضا عبد الله مولى بني هاشم(٢) ـ كما يأتي ـ ومحمّد مولى عمرو بن الحمق الخزاعي(٣) ، وبن النسبين بون بعيد ، فتأمل جدا.

وقال الفاضل المذكور : إذا وردت رواية سعد بن عبد الله عن جميل أو عن حمّاد بن عيسى ، فالظاهر الإرسال ، لأنّ المعهود رواية سعد عن حماد بواسطة وقد تتعدد ، وجميل من طبقة حماد.

وإذا روى سعد بن عبد الله عن العباس فالظاهر أنّ المراد به ابن معروف كما يظهر من بعض الأخبار.

وكذا إذا روى محمّد بن علي بن محبوب عن العباس.

وإذا روى العلاء عن محمّد فالأول ابن رزين ، والثاني ابن مسلم.

وإذا وردت رواية عن ابن مسكان فالمراد به عبد الله بلا شك ، إذ لم يوجد لغيره ذكر في طرق الأحاديث ، وكلام ابن إدريس وهم(٤) .

أقول : صرّح بذلك أيضا الأستاذ العلاّمة في بعض فوائده(٥) ، وقبله‌

__________________

(١) منهج المقال : ٣٠٠ ، مجمع الرجال : ٥ / ٢٣١.

(٢) لما ذكره النجاشي في ترجمته : ٢١٤ / ٥٥٨ : عبد الله بن سنان بن طريف مولى بني هاشم.

(٣) قال النجاشي في ترجمته : ٣٢٨ / ٨٨٨ : محمّد بن سنان ، أبو جعفر الزاهري ، من ولد زاهر ، مولى عمرو بن الحمق الخزاعي.

(٤) الحاوي ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثالث ، ذكر جميع هذه الأقوال.

(٥) الخلاصة : ٢٧٨ ، الفائدة الثامنة.

٣٥

شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي(١) .

وأمّا كلام ابن إدريس فهو ما ذكره في آخر السرائر : من أنّ اسم ابن مسكان حسن ، وهو ابن أخي جابر الجعفي ، غريق في ولايته لأهل البيتعليهم‌السلام (٢) ، انتهى.

وما ذكرهرحمه‌الله غريب ، وحسن بن مسكان غير معروف ولا مذكور ، نعم حسين بن مسكان موجود لكن لا بهذا الوصف والثناء.

وكيف كان لا ينبغي الارتياب في انصراف الإطلاق الى عبد الله مطلقا.

وقال الفاضل المذكور : إذا وردت رواية عن محمّد بن قيس فهو مشترك بين أربعة : ثقتين وممدوح وضعيف.

وقال الشهيد الثاني : الأمر في الاحتجاج في الخبر حيث يطلق فيه هذا الاسم مشكل ، والمشهور بين أصحابنا ردّ روايته حيث يطلق مطلقا نظرا الى احتمال كونه الضعيف(٣) .

والتحقيق في ذلك : أنّ الرواية إن كانت عن الباقرعليه‌السلام فهي مردودة ، لاشتراكه حينئذ بين الثلاثة الذين أحدهم الضعيف ، واحتمال كونه الرابع حيث لم يذكروا طبقته.

وإن كانت الرواية عن الصادقعليه‌السلام ، فالضعف منتف هنا ، لأنّ الضعيف لم يرو عنهعليه‌السلام ، لكن يحتمل كونها من الصحيح ومن الحسن ، فتنبه لذلك ، فإنّه مما غفل عنه الجميع.

__________________

(١) بلغة المحدثين : ٤٤٤ / ١.

(٢) السرائر : ٣ / ٦٠٤ ، ومستطرفات السرائر : ٩٨ / ١٨.

(٣) الرعاية في علم الدراية : ٣٧١ ـ ٣٧٢.

٣٦

هذا حاصل كلامهرحمه‌الله (١) .

وهو غير واضح ، بل الذي ينبغي تحقيقه : إنّه إن روى عن الباقرعليه‌السلام فالظاهر أنّه الثقة ، إن كان الراوي عنه عاصم بن حميد ، أو يوسف ابن عقيل ، أو عبيد ابنه. لأنّ النجاشي ذكر أنّ هؤلاء يروون عنه كتابا(٢) .

بل لا يبعد كونه الثقة إذا روى عن الباقرعليه‌السلام عن عليعليه‌السلام ، لأنّ كلاّ من البجلي والأسدي صنف كتاب القضايا لأمير المؤمنينعليه‌السلام كما ذكره النجاشي(٣) .

ومع انتفاء هذه القرائن فإذا روى عن الباقرعليه‌السلام فهو مردود لما ذكره.

وأما المروي عن الصادقعليه‌السلام فيحتمل كونه من الصحيح ومن الحسن ، انتهى(٤) .

أقول : ما ذكره لا يخلو من قوة ، إلا أنّ كون المروي عن الصادقعليه‌السلام محتملا للصحيح والحسن فقط ، لعله غير حسن ، لأنّ فيمن روى عنهعليه‌السلام من الموصوفين بهذا الوصف من هو مجهول ، فتأمل.

وقال الفاضل المذكور : إذا وردت رواية عن أحمد بن محمّد ، فان كان في كلام الشيخ في أول السند أو ما قاربه فهو ابن الوليد ، وإن كان في آخره عن الرضاعليه‌السلام فهو البزنطي ، وإن كان في الوسط فيحتمل كونه ابن محمّد بن عيسى وغيره ، ويعرف بالممارسة في أحوال الطبقات.

وإذا وردت عن محمّد بن يحيى فإن كان في كلام الكليني بغير واسطة‌

__________________

(١) الحاوي ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثالث.

(٢) رجال النجاشي : ٣٢٣ / ٨٨١.

(٣) رجال النجاشي : ٣٢٢ / ٨٨٠ ، ٣٢٣ / ٨٨١.

(٤) الحاوي ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثالث.

٣٧

فهو العطّار ، وإن روى عن الصادقعليه‌السلام فيحتمل كونه محمّد بن يحيى الخزاز الثقة والخثعمي ، وهو أيضا ثقة ، إلاّ أنّ الشيخ قال : إنّه عامي(١) .

وإذا روى أبو بصير عن الصادق أو الباقرعليهما‌السلام أو غيرهما أو في وسط السند ، فان كان الراوي عنه علي بن أبي حمزة أو شعيب العقرقوفي فهو الأعمى الضعيف ، وإلا فمشترك بينه وبين ليث المرادي ، واحتمال غيرهما بعيد ، لعدم وروده في الأخبار ، انتهى(٢) .

وقال ابن داود في أواخر رجاله : إذا وردت رواية عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن إسماعيل بلا واسطة ففي صحتها قول ، لأنّ في لقائه له إشكالا ، فتقف الرواية بجهالة الواسطة بينهما ، وإن كانا مرضيين معظّمين.

وكذا ما يأتي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة(٣) .

أقول : أمّا توقفه في صحة الرواية التي يرويها محمّد بن يعقوب عن محمّد بن إسماعيل ، فلزعمه أنّ محمّد بن إسماعيل هذا هو ابن بزيع ، وتبعه في ذلك غير واحد ممّن تأخر عنه ، وهو فاسد ، بل هو : بندفر ، كما يأتي في ترجمته(٤) .

__________________

(١) الاستبصار ٢ : ٣٠٥ / ١٠٩١.

(٢) الحاوي ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثالث.

(٣) رجال ابن داود : ٣٠٦ / ١.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٢٨٢.

وقال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : ٢٧٤ : تبصرة : دأب ثقة الإسلام رحمه‌الله في كتاب الكافي ان يأتي في كل حديث بجميع سلسلة السند بينه وبين المعصوم عليه‌السلام ولا يحذف من أول السند أحدا ، ثم إنّه كثيرا ما يذكر في صدر السند محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ، وهو يقتضي كون الرواية عنه بغير واسطة ، فربما ظنّ بعضهم أن المراد به الثقة الجليل محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، وأيدوا ذلك بما يعطيه كلام الشيخ تقي الدين بن داود رحمه‌الله ، ثم ذكر نص كلام ابن داود ثم قال :

٣٨

__________________

والظاهر أن ظن كونه ابن بزيع من الظنون الواهية ، ويدل على ذلك وجوه :

الأول : إنّ ابن بزيع من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه‌السلام وأبي جعفر الجواد عليه‌السلام ، وقد أدرك عصر الكاظم عليه‌السلام وروى عنه ، كما ذكره علماء الرجال ، فبقاؤه إلى زمن الكليني مستبعد جدا.

الثاني : إنّ قول علماء الرجال انّ محمّد بن إسماعيل بن بزيع أدرك أبا جعفر الثاني عليه‌السلام يعطي أنّه لم يدرك من بعده عليه‌السلام من الأئمة صلوات الله عليهم ، فإن مثل هذه العبارة إنّما يذكرونها في آخر إمام أدركه الراوي ، كما لا يخفى على من له انس بكلامهم.

الثالث : إنّه رحمه‌الله لو بقي إلى زمن الكليني نور الله مرقده ، لكان قد عاصر ستة من الأئمة عليهم‌السلام ، وهذه مزيّة عظيمة لم يظفر بها أحد من أصحابهم صلوات الله عليهم ، فكان ينبغي لعلماء الرجال ذكرها وعدّها من جملة مزاياه رضي‌الله‌عنه ، وحيث إنّ أحدا منهم لم يذكر ذلك ، مع أنّه تتوفر الدواعي على نقله ، علم أنّه غير واقع.

الرابع : إنّ محمّد بن إسماعيل الذي يروي عنه الكليني بغير واسطة يروي عن الفضل ابن شاذان ، وابن بزيع كان من مشايخ الفضل بن شاذان ، كما ذكره الكشي حيث قال : إنّ الفضل بن شاذان كان يروي عن جماعة ، وعدّ منه : محمّد بن إسماعيل بن بزيع.

الخامس : ما اشتهر على الألسنة من أنّ وفاة ابن بزيع كانت في حياة الجواد عليه‌السلام .

السادس : إنّا استقر أنا جميع أحاديث الكليني المروية عن محمّد بن إسماعيل ، فوجدناه كلّما قيّده بابن بزيع فإنما يذكره في أواسط السند ، ويروي عنه بواسطتين هكذا : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع.

وأمّا محمد بن إسماعيل الذي يذكره في أول السند فلم نظفر بعد الاستقراء الكامل والتتبع التام بتقييده مرة من المرات بابن بزيع أصلا ، ويبعد أن يكون هذا من الاتفاقيات المطردة.

السابع : إنّ ابن بزيع من أصحاب الأئمة الثلاثة ، أعني : الكاظم والرضا والجواد عليهم‌السلام ، وسمع منهم سلام الله عليهم أحاديث متكثرة بالمشافهة ، فلو لقيه الكليني لكان ينقل عنه شيئا من تلك الأحاديث التي نقلها عنهم سلام الله عليهم بغير واسطة ، لتكون الواسطة بينه وبين كل امام من الأئمة الثلاثة عليهم‌السلام واحد ، فإنّ قلة الوسائط شي‌ء مطلوب ، وشدة اهتمام المحدّثين بعلوّ الاسناد أمر معلوم.

ومحمّد بن إسماعيل الذي يذكره في أوائل السند ليس له رواية عن أحد من المعصومين سلام الله عليهم بدون واسطة أصلا ، بل جميع رواياته عنهمعليهم‌السلام إنما هي بوسائط

٣٩

وأمّا في رواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة فالأصل فيه نصر بن الصباح ، وأمّا أحمد بن محمّد بن عيسى فان كان قد سبقه في ذلك إلاّ أنّه تاب ورجع عنه(١) .

__________________

عديدة.

فإن قلت : للمناقشة في هذه الوجوه مجال واسع ، ثم بدأ بذكر الاشكال على كل فرع من هذه الفروع والإجابة عنها.

ثم ذكر اثني عشر شخصا مسمين بمحمّد بن إسماعيل عدا ابن بزيع ، ثم رجح كونه البرمكي.

واستبعد التقي المجلسي في روضته : ١٤ / ٤٢٩ كونه البرمكي ، ورجح كونه البندقي ( بندفر ).

وقال الداماد في الرواشح : ٧٠ الراشحة التاسعة عشر : إن رئيس المحدثين كثيرا ما يروي عن الفضل بن شاذان من طريق محمّد بن إسماعيل ، فيجعل صدر السند في كافيه هذا محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ، وإنّ أصحاب هذا العصر من المتعاطيين لهذا العلم ، والآخذين فيه صارت هذه متيهة لآرائهم ، تاهت فيها فطنهم ، وضلت أذهانهم ، ونحن نعرفك حقيقة أمر الرجل.

ثم ذكر الروايات الوارد فيها ثم رجح كونه : بندفر. (١) قال الكشي في رجاله : ٥١٢ / ٩٨٩ : قال نصر بن الصباح : أحمد بن محمّد بن عيسى لا يروي عن ابن محبوب ، من أجل أنّ أصحابنا يتّهمون ابن محبوب في روايته عن أبي حمزة ( ابن أبي حمزة ، خ ل ) ، ثم تاب أحمد بن محمّد فرجع قبل ما مات ، وكان يروي عمّن كان أصغر سنّا منه.

وقال الكشي في موضع آخر من رجاله : ٥٨٥ / ١٠٩٥ نقلا عن نصر بن الصباح أيضا : ابن محبوب لم يكن يروي عن ابن فضّال ، بل هو أقدم من ابن فضّال وأسن ، وأصحابنا يتّهمون ابن محبوب في روايته عن ابن أبي حمزة.

وأمّا عبارة الكشي في رجال النجاشي في ترجمة أحمد بن محمد بن عيسى : ٨٢ / ١٩٨ : قال الكشي عن نصر بن الصباح : ما كان أحمد بن محمّد بن عيسى يروي عن ابن محبوب ، من أجل أن أصحابنا يتّهمون ابن محبوب في أبي حمزة الثمالي ، ثم تاب ورجع عن هذا القول.

فنتيجة اختلاف النسخ والتعابير بين أبي حمزة مرة ، وابن أبي حمزة ، وأبي حمزة الثمالي

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

فالإمام الحسينعليه‌السلام هو باب الله، وهو وسيلة الرحمة الإلهية، وهو الصراط المستقيم الذي ندعو الله يومياً أن يهدينا إليه.

فإن تعرف الإمام الحسينعليه‌السلام بانّه ابن أمير المؤمنين الإمام عليٍّعليه‌السلام ، وابن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وأنّه سبط الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشهيد كربلاء، وغريب الغرباء، فتلك معرفة جيدة، ولكنها لا تقع في الدرجة الأولى من درجات المعرفة، فمن أراد السموّ إلى الدرجات العلا والثواب الأكبر فعليه أن يعرف الإمام الحسينعليه‌السلام حقّ المعرفة.

وقد ورد بسندٍ معتبر عن بشير الدهّان قال: قلت للصادق (صلوات الله وسلامه عليه): ربما فاتني الحج، فأعرف عند قبر الحسينعليه‌السلام ؟

قال:« أحسنت يا بشير، أيّما مؤمن أتى قبر الحسين (صلوات الله عليه) عارفاً بحقه في غير يوم عيد كُتب له عشرون حجّة، وعشرون عمرة مبرورات متقبلات، وعشرون غزوة مع نبيٍّ مرسل وإمام عادل. ومَن أتاه في يوم عرفة عارفاً بحقه كُتب له ألف حجة، وألف عمرة مبرورات متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل وإمام عادل » (١) ، إلى غير ذلك من الثواب والدرجة.

التقوى والورع شرط الولاية

إنّ من يريد الوصول إلى الهدف المنشود فعليه أن يبحث ويسير وفق الطريق الصحيح، وحتّى الرغبة في الوصول إلى أهل البيت (عليهم الصلاة والسّلام) بحاجة إلى تحديد الطريق الصحيح من الطريق المنحرف.

وبين هذا وذاك نجد - وللأسف الشديد - من يمنّي نفسه بالفوز بمرضاة الله رغم ارتكابه أنواع الكبائر، تحت طائلة أنّه يحب أهل البيتعليهم‌السلام ،

____________________

(١) مفاتيج الجنان - فضائل زيارة الحسين في يوم عرفة.

١٦١

شأنه في ذلك شأن فرقة المرجئة التي أسسها أو قوّمها بنو اُميّة في إطار مساعيهم الشيطانيّة لإخماد حركة المجتمع نحو الحق والحريّة؛ فقد كانت تلك الفرقة تعتقد بأنّ التفوّه بالشهادتين، والاعتقاد برسالة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأداء بعض التكاليف كفيل بضمان الجنّة حتّى وإن تخلّل ذلك ارتكاب الكبائر والموبقات من الذنوب.

وتستدل تلك الفرقة على ما ذهبت إليه ببعض الآيات والشبهات. ولكنّ الأئمّة المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) في مقابل ذلك عارضوا هذه العقيدة التي سيطرت آنذاك على عقول كثير من المسلمين، عارضوها بكل قوّة، وعملوا دون تمييع الحدود التي رسمها الله سبحانه وتعالى بين المؤمنين وغير المؤمنين؛ فقالوا مراراً وتكراراً، وبشكل أو بآخر بأنّ الإيمان قول وعمل، وأكّدوا بأنّ الإيمان عمل كلّه والقول منه، بمعنى أنّ القول وإعلان الإيمان ليس إلاّ عملاً واحداً من جملة أعمال الإيمان.

وقالوا أيضاً: إنّ مرتكب الكبيرة لدى ارتكابه المعصية يبتعد عن روح الإيمان، وأيّة قيمة للإيمان من الممكن بقاؤها مع إنسان لا يجد في نفسه مانعاً يمنعه عن ارتكاب الكبائر من الكذب، والفجور، والظلم، وقتل الآخرين، بل وما فائدة الإيمان؟ ولماذا إذاً خلق الله عزّ وجلّ النار ورسم العدالة؟!

إنّ بعض الناس الذين يدّعون الإيمان وحبّ وموالاة أهل البيتعليهم‌السلام ، ولكنهم في الوقت ذاته تتّحد عقيدتهم مع عقيدة المرجئة، فيقولون بعدم التناقض بين الإيمان والظلم، أو الفجور أو التقاعس عن أداء التكاليف الدينية، إنّ هؤلاء ينبغي أن يعرفوا بأنّ الولاية لأهل البيتعليهم‌السلام قضية أساسية من قضايا الرسالة الإلهية، ومن لا يتّبع تعاليم أهل البيتعليهم‌السلام حريٌّ به أن تُسلب

١٦٢

منه هذه الولاية؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:( ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَآءُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِاَيَاتِ اللَّهِ ) (الروم/١٠).

والتكذيب بآيات الله من الممكن أن يأخذ صبغة عملية عبر ارتكاب المآثم والموبقات والكبائر وهجر التكاليف الشرعية، كما قد يأخذ التكذيب بآيات الله صبغة مباشرة عبر عدم الاعتراف بها والكفر بها جهاراً.

فالذي لا يطيع أوامر الله والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وخلفائه الأئمةعليهم‌السلام من بعده من شأنه أن يموت كافراً، ومن شأنه أيضاً أن يحرم من ولاية الله والرسول والأئمة، وذلك هو الخسران المبين.

ولقد كرّر الإمام أبو عبد الله جعفر الصادقعليه‌السلام قوله لشيعته:« أبلغ (الراوي)موالينا عنّا السلام، وأخبرهم أنّا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلاّ بعمل، وأنّهم لن ينالوا ولايتنا إلاّ بعمل أو ورع » (١) .

فمن يقل بأنّه موالٍ للأئمةعليهم‌السلام ويعيش بين الموالين هو الآخر معرّض إلى الانزلاق نحو المفاسد، ومن ثمّ سيتبيّن له الخطل فيما ادّعاه؛ وذلك لأنّ الأئمةعليهم‌السلام أنفسهم لا يعترفون بتشيّع إنسان ما لم يتبعهم بما أمروه به ونهوه عنه.

وإنّها لخطيئة كبرى وخسارة عظمى أن يتصور الإنسان أن موالاة أهل البيتعليهم‌السلام مجرّد المحبة وإحياء الذكرى؛ لأنّ الولاية بمعناها الكامل والصحيح هي طاعة الله، وطاعة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والاعتراف بحقّ آل البيتعليهم‌السلام ، والسير على نهجهم الذي لم ولن يختلف أبداً عن تعاليم القرآن.

ومن نماذج النقص في الولاية للأئمةعليهم‌السلام أن نرى البعض منهمكاً في التحدّث عن فضائلهم ومناقبهم وتأريخهم، ولكنّه في الوقت ذاته يقصّر في

____________________

(١) بحار الأنوار ٢ / ٢٨.

١٦٣

التعرّف إلى الحكمة الإلهية من وجود الأئمّةعليهم‌السلام ، أو تنصيبهم زعماء للدين من دون الناس، ويقصّر أيضاً في معرفة فقههم ومعارفهم الإلهية؛ فتراه - تبعاً لذلك - يجادل في كل صغيرة وكبيرة مجادلةً تنبع من عدم التسليم لآراء الأئمّةعليهم‌السلام ، مع علمه واعترافه بعصمتهم ومنزلتهم من القرآن والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فمَن قال بإمامة الحسين بن علي وسائر الأئمة المعصومينعليهم‌السلام يتوجّب عليه اتّباع كلماتهم، فلا يجهلها أو يتجاهلها، أو يفسّرها حسب هواه وأغراضه.

ومن جملة ما يروى في هذا الإطار أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام سأل رجلاً من أتباعه - ولعله فضيل بن يسار - قائلاً:« كيف تسليمك لنا يا فضيل؟ » .

فأجاب: يابن رسول الله، لو أخذتَ تفّاحة وقسمتها قسمين، وقلْت هذا القسم حلال وهذا حرام فأنا لا أقول: لماذا؟ بل أقول: سلّمت.

وكان من قبله سلمان المحمدي؛ حيث أُثر عنه أنّه كان يقتفي أثر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فيضع قدمه في موضع قدم الإمامعليه‌السلام ، فهو كان يرغب بالتعبير عن اتّباعه وتسليمه لأمير المؤمنينعليه‌السلام حتّى في هذا المجال وبهذه الطريقة …

آفاق الولاية

بعد أن نتجاوز خطيئة المرجئة وقشرية السلفية بالنسبة لأهل البيتعليهم‌السلام ، وبعد أن نتوجّه إلى العمق، أقول كلمة، وأعتقد بأنّها مهمّة للغاية، وهي: إنّ الإنسان حينما يحب ويتبع الأئمةعليهم‌السلام يجب أن تتنامى في قلبه محبّة أولياء ومحبّي الأئمّةعليهم‌السلام ؛ إذ لا يجوز العيش في رحاب أهل البيتعليهم‌السلام مع رفض أوليائهم ومحبّيهم، ويتبع ذلك عدم صحّة البحث عن المعاذير لذلك الرفض أو الطرد أو الكره.

١٦٤

ويروى في هذا المجال عن محمّد بن علي الصوفي قال: استأذن إبراهيم الجمّالرضي‌الله‌عنه على أبي الحسن عليّ بن يقطين الوزير فحجبه، فحجّ عليُّ بن يقطين في تلك السنة، فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفرعليه‌السلام فحجبه، فرآه ثاني يومه، فقال عليُّ بن يقطين: يا سيدي، ما ذنبي؟!

فقال:« حجبتك لأنّك حجبت أخاك إبراهيم الجمّال، وقد أبى الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمّال » .

فقلت: سيدي ومولاي، مَن لي بإبراهيم الجمّال في هذا الوقت، وأنا بالمدينة وهو بالكوفة؟!

فقال:« إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك، واركب نجيباً هناك مسرجاً » .

قال: فوافى البقيع وركب النجيب، ولم يلبث أن أناخه على باب إبراهيم الجمّال بالكوفة، فقرع الباب وقال: أنا عليُّ بن يقطين.

فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدار: وما يعمل عليُّ بن يقطين الوزير ببابي؟!

فقال عليُّ بن يقطين: يا هذا، إنَّ أمري عظيم! وآلى عليه أن يأذن له، فلمّا دخل قال: يا إبراهيم، إنَّ المولىعليه‌السلام أبى أن يقبلني أو تغفر لي.

فقال: يغفر الله لك.

فآلى عليُّ بن يقطين على إبراهيم الجمّال أن يطأ خدّه، فامتنع إبراهيم من ذلك، فآلى عليه ثانياً ففعل، فلم يزل إبراهيم يطأ خدّه وعليُّ بن يقطين يقول: اللَّهمَّ اشهد. ثمَّ انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفرعليه‌السلام بالمدينة، فأذن له ودخل عليه فقبله(١) .

إذاً فالقضية حادّة ومهمّة للغاية، لا سيما وأنّ الشيطان قد أكثر من مزالقه ومهاويه ليوقع بها بين الناس؛ لذلك نرى البعض يكيل التهم

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٨ / ٨٥.

١٦٥

والأكاذيب للعلماء والكتّاب والمجاهدين العاملين، وبأعصاب باردة، غافلاً أو متغافلاً عن أنّ ما يجترحه بلسانه من غيبة أو إشاعة للفحشاء أو قول بغير حقٍّ أو افتراء على شيعة أهل البيتعليهم‌السلام من شأنه أن يبعده عن أهل البيتعليهم‌السلام فيلقيه على رأسه في جهنم.

مسؤولياتنا تجاه الولاية

من الممكن أن نعبّر عن مسؤوليتنا تجاه الولاية لأهل البيتعليهم‌السلام بعدة أبعاد ونقاط، وهي:

١ - أن نعرف أهل البيتعليهم‌السلام حقّ المعرفة؛ فنعرف مقامهم ومنزلتهم، وأنّهم خلفاء الله في الأرض، وأنهم أسماؤه الحسنى … ونستطيع ذلك من خلال الأدعية والزيارات المأثورة، فلنكن على تواصل دائم معهم عبر قراءة الزيارات الشريفة الواردة بحقهم، من قبيل زيارة عاشوراء، ولنعوّد أنفسنا على زيارة أضرحة الأئمةعليهم‌السلام وأولادهم ما أمكن.

٢ - معرفة كلماتهم؛ وعليه فإنّ القراءة الواعية للكتب التي احتوت آثارهم؛ مثل نهج البلاغة، والصحيفة السجّادية، وتحف العقول لها الأثر الأكبر في تعميق المعرفة بسنّة أهل البيت (صلوات الله عليهم).

٣ - معرفة مسيرتهم العملية والاقتداء بها؛ ولذلك كان لزاماً علينا البحث عن الكتب والمقالات والمحاضرات الخاصّة بهذا الشأن.

٤ - الاتّباع والاقتداء بهم.

٥ - الدفاع عنهم، فربّنا العلي القدير يقول:( يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) ، ونصرة الله تكون عبر نصرة دينه، وإنّ أوّل من يمثل الدين هو الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسيرته، وأهل بيتهعليهم‌السلام وسيرتهم

١٦٦

ومبادئهم، وهذا يعني الذبّ عن شخصياتهم المقدسة ما امكن؛ فلندافع عن أئمتناعليهم‌السلام بالعمل الصالح، وإنشاء المشاريع، وكتابة الكتب وغير ذلك.

٦ - محبّة أولياء آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وحمايتهم والدفاع عنهم، وليكن الشعار الأوّل في هذا المضمار ما نقرأه في زيارة المعصومينعليهم‌السلام ، حيث جاء:« اِنّي سِلْمٌ لِمَن سالمكم، وحربٌ لمَن حاربكم، ووليٌّ لمَن والاكم، وعدوٌّ لمَن عاداكم » (١) .

نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المنتصرين لدينه، وأن لا يستبدل بنا غيرنا، وأن يجعلنا مع الحسينعليه‌السلام فنواليه ونتّبعه، ونعرفه وندافع عنه. وندعوه تبارك وتعالى أن يرفع الضيم عن أتباع أهل البيتعليهم‌السلام أينما كانوا، وأن يجعل كلمتهم هي العليا، وكلمة أعدائهم السفلى، إنّه وليّ التوفيق.

____________________

(١) مفاتيح الجنان - زيارت الإمام الحسينعليه‌السلام في يوم عاشوراء / ٤٥٧.

١٦٧

الشعائر الحسينيّة اُسلوباً ومحتوىً

ترى لماذا نحيي في كلِّ عام شعائر الإسلام في ذكرى استشهاد أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ؟ ولماذا تتجدد هذه الذكرى مع مرور السنين، وتتسع في كل عام، وتنتشر عبر آفاق جديدة؟

هذا السؤال ليس سؤالاً فقهياً أو علمياً محضاً، بل هو سؤال واقعي يعيشه كل إنسان مسلم. وللإجابة عليه نقول: إنّ هذه الواقعة يعيشها كل قلب، وكل فطرة، وكل نفس بشرية.

وقد طرح عليّ هذا التساؤل اثنان من المستشرقين الالمان قائلين: لماذا يتغيّر كل شيء عندكم أيها الشيعة إذا اقترب هلال محرم، لا بضغط من حكومة، ولا بمال من غني، ولا بإعلام قوي، بل بشكل عفوي، في حين أنّكم تعتقدون بقول نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله :« مداد العلماء خير من دماء الشهداء »، فلماذا ترفعون راية الحسين بينما يقرّر رسولكم أن مداد العلماء خير من دماء الشهداء؟

سر خلود الثورة الحسينيّة

وعندما أجبتهما على هذا السؤال قلت لهما: أوّلاً: إنّ الحسينعليه‌السلام ليس شخصاً، بل هو قضية، وقيمة، ومدرسة، ومنهج، ومسيرة؛

١٦٨

فهوعليه‌السلام كالنبي إبراهيم الذي كان يمثّل اُمّة، وكان حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين؛ ولذلك فإنّ جميع أتباع الديانات السماوية يقدّسون هذا الرجل؛ لانه جسّد قيمة التوحيد، ورفع راية (لا إله إلاّ الله)، فتحوّل إلى قيمة؛ ولذلك قرّر القرآن الكريم أنّه كان اُمّة، واستجاب له الله سبحانه وتعالى عندما قال:( وَاجْعَل لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ) (الشعراء/٨٤).

وكما أنّ إبراهيمعليه‌السلام جسّد قيمة، فإنّ الحسينعليه‌السلام قد جسّد قيمة هو الآخر؛ فقد استشهد في سبيل العدل والحق، ومن أجل الدين والحرية. ومن المعلوم أنّ هذه القيم ثابتة، فلا يمكن أن يأتي زمان لا نحتاج فيه إلى الدين والعدالة والحرية؛ فالحق هو فلسفة الحياة، بل هو الحياة نفسها، وبدونه لا يمكن ان تستمر. وكما أنّ قيمة الدين والعدالة والحرية والحقّ وسائر القيم المقدسة مستمرة، فإنّ قضية الإمام الحسينعليه‌السلام مستمرة هي الاُخرى.

وفي القسم الثاني من الإجابة قلت لذينك المستشرقين: إننا نعيش اليوم تحت راية أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، ونحن أتباع أهل البيتعليهم‌السلام لا يمكن أن نعيش بدونه؛ لأنّ العيش بدونه يعني العيش بدون قيم، وبدون دين واستقلال.

أهمّية المواكب الحسينيّة

ونحن كنّا وما زلنا نقيم المواكب الحسينيّة في كلِّ عام؛ ففي أيام الأربعين يتقاطر الشيعة على مدينة كربلاء لتتحوّل إلى موكب حسيني كبير، وهذه المواكب هي الناطقة عن قضية الإمام الحسينعليه‌السلام

١٦٩

وقضايا الشيعة في العالم الإسلامي؛ فعلى سبيل المثال اُعدم قبل خمسة وأربعين عاماً مسلم إيراني بسيف آل سعود ظلماً وعدواناً، وفي تلك السنة حملت جميع المواكب الحسينيّة التي وفدت إلى كربلاء راية هذا الرجل، وبعد فترة كان النظام البائد في إيران يضطهد العلماء، فكانت المواكب الحسينيّة في العراق تنادي بالدفاع عن علماء إيران، وبعد فترة اُخرى حدثت مجزرة ضد الشيعة في لبنان، فما كان من المواكب الشيعية في العراق إلاّ أن نادت بالدفاع عن الشيعة في لبنان.

وأنا اُوجّه كلامي هنا إلى اُولئك الذين يلوموننا على بكائنا في يوم عاشوراء، فأقول لهم: إنّنا نبكي بكاء الأبطال، ولكي نصبح حسينيين. فمثل هذه الشعائر هي التي حافظت على الإسلام، بلى هي التي حافظت علينا - نحن الشيعة - على مرّ التاريخ رغم كثافة المشاكل المحيطة بنا.

وهكذا فإنّ ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام كانت قضية فأصبحت قيمة، وكانت واقعة فتحولت إلى راية. وكل إنسان في هذا العالم يريد أن يدافع عن قيمه وقضيّته وظلامته لا بدّ أن ينضوي تحت هذه الراية المقدّسة.

الشعائر الحسينيّة والأنظمة الطاغوتيّة

وقد أدركت الحكومة الطاغوتيّة عمق هذه الشعائر؛ ولذلك فإنّها عمدت وتعمد إلى محاربة الشعائر الدينية للشيعة، فهي تريد - في الحقيقة - أن تعزل الشيعة عن تأريخهم.

ففي كلِّ عام تهتدي الآلاف المؤلّفة من البشر بفضل الحسينعليه‌السلام ؛ ولذلك فإنّ الحكومات تحرص على محاربة هذه المجالس التي يجب أن نحافظ عليها بأي شكل من الأشكال لكي تستمر المسيرة والنهضة؛ ذلك لأنّ الإمام الحسينعليه‌السلام

١٧٠

استشهد، وباستشهاده في كربلاء أثبت أنّ الظلامة التي ارتكبت بحقِّ أهل البيتعليهم‌السلام كانت حقيقية.

تعظيم شعائر الله

وهكذا فإنّ الشعائر باقية ومستمرة، فالله سبحانه وتعالى يقول:( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (الحج/ ٣٢).

وهنا اُريد أن أتوقّف عند كلمتين في تفسير هذه الآية الكريمة المقتطفة من سورة الحج؛ الكلمة الاُولى هي (الشعائر) التي هي جمع شعيرة، وهي كل عمل يشعرك بشيء؛ فقد كانوا يأتون بالإبل إلى مكّة المكرّمة بعد أن يشعروها - أي يلطّخوها بشيء من الدم -، أو يقلّدوها بشيء يشعر أنّها قرابين في سبيل الله تعالى؛ لكي يتجمّع عليها الفقراء والمساكين وينالوا نصيبهم منها.

والقرآن الكريم يصف هذا العمل بقوله تعالى:( مِن شَعَآئِرِ اللَّه ) (الحج/٣٦)، أي إنّ هذه القرابين خالصة لله سبحانه ولا شأن لأحد بها؛ وعلى هذا فإنّ الشعائر تنطبق على كل ما يعظّمه الإنسان شريطة أن لا يكون حراماً.

ويحذّر القرآن الكريم في قوله تعالى:( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) من أن تفرغ الشعيرة من محتواها؛ لأنّها يجب أن ترسّخ التقوى - التي هي الكلمة الثانية التي نريد التحدث عنه - في النفس، فيجب أن نخلص النية في أدائها تماماً كالصلاة التي تكون باطلة إذا ما انعدمت منها النية؛ لأنّ النية هي إطار ومحتوى الصلاة بالإضافة إلى ذكر الله تعالى وخشوع القلب.

وهكذا الحال بالنسبة إلى الشعائر الحسينيّة، فلنعمل من أجل ان تتحوّل هذه الشعائر إلى مدرسة تربوية للمجتمع.

١٧١

وهنا أطرح بعض الاقتراحات في مجال تطوير الشعائر الحسينيّة وإغنائها، وهي:

١ - فهم شخصية الحسين عليه‌السلام من خلال كلماته

علينا أن نفهم الحسينعليه‌السلام من خلال كلماته؛ فقد كانعليه‌السلام إماماً ناطقاً، وكان من أعظم ما تكلّم به دعاؤه في يوم عرفة، هذا الدعاء الغنيّ بالمعاني العرفانية، والذي يقول من جملة ما يقول فيه:« الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع. فطر أجناس البدائع، وأتقن بحكمته الصنائع، لا تخفى عليه الطلائع، ولا تضيع عنده الودائع، جازي كل صانع، ورائش كل قانع، وراحم كل ضارع، منزل المنافع، والكتاب الجامع بالنور الساطع » (١) .

فلنتأمل هذه الفقرة، ولننظر كيف يعرّف الإمام الحسينعليه‌السلام ربه (عزّ وجلّ) بكلمات مضيئة تفيض توحيداً وإخلاصاً.

وأمّا عن كلامه في النبوّة والإمامة فيقولعليه‌السلام :« إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحلّ الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق … ومثلي لا يبايع مثله » (٢) .

ومن جملة كلامهعليه‌السلام في الموت قوله:« خُطّ الموت على ولد آدم مخطَّ القلادة على جيد الفتاة » (٣) .

____________________

(١) مفاتيح الجنان - دعاء الإمام الحسين يوم عرفة.

(٢) حياة الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام - القرشي ٢ / ٢٥٥.

(٣) بحار الأنوار ٤٤ / ٣٦٦.

١٧٢

٢ - تخريج الخطباء

إنّنا نمتلك - والحمد لله - حوزات علمية، وقد حافظت هذه الحوزات على استقلالها وحيويتها على مدى العصور، ولكن هذه الحوزات تخرّج العلماء والمراجع الكبار في الغالب، وعلينا أن نفتح إلى جانب هذه الحوزات أو داخلها تخصّص للخطباء؛ لكي يتلقّى الطالب في الحوزة دروس الخطابة.

٣ - إقامة المؤتمرات

إنّ شهر محرم هو بالنسبة إلينا الرأسمال الوحيد، فإذا لم نقم المجالس في شهر عاشوراء من كلِّ عام فسوف لا نمتلك برنامجاً للأعوام القادمة، فلماذا إذاً لا نقيم مؤتمرات للخطباء؛ كأن يجتمعوا قبيل حلول شهر محرم في كلِّ عام ليتبادلوا الأفكار والآراء بينهم بشأن تطوير المجالس الحسينيّة؟

٤ - دور المشرفين على الحسينيّات والمواكب

إنّ المشرفين على المجالس والحسينيّات والمواكب عليهم بدورهم أن يعقدوا الاجتماعات على مدار السنة؛ لكي يدرسوا ويصدروا القرارات بشأن بناء الحسينيّات، وجمع التبرعات، والإتيان بالخطباء الجدد الذين من شأنهم أن يسهموا في تزويد المسلمين بأفكار جديدة.

٥ - دور المثقّفين

وهنا اُوجّه كلامي إلى المثقفين، وأدعو كل واحد منهم إلى أن يبثّوا بين الناس من خلال كلماتهم وكتبهم ومقالاتهم كلَّ ما هو جديد ومفيد عن الثورة الحسينيّة.

١٧٣

ضرورة تطوير الأساليب

وعلى هذا فإنّ علينا أن نعمل جاهدين من أجل أن نطوّر أساليبنا من ناحية المحتوى، وهذه هي إحدى مسؤولياتنا الكبرى.

فمن المتعيّن علينا أن ندعو إلى المجالس الحسينيّة، وأن نحرص على أن يحضرها عدد كبير من الناس؛ وذلك من خلال تطوير الأساليب، وتزويد الشعائر الحسينيّة بالمحتوى الذي يجب أن يكون تجسيداً لمدرسة الحسينعليه‌السلام التي هي مدرسة القيم والتقوى.

ومن الجدير بالذكر هنا أنّ المجالس الحسينيّة يجب أن تكون اللسان المعبّر والناطق عن مشاكلنا وآلامنا وقضايانا، أي أن نُعطي لهذه الشعائر محتوىً حضارياً مرتبطاً بالزمان؛ ذلك لأن شيعة الحسينعليه‌السلام لا بدّ أن يسيروا في خطه، وأن يترجم الواحد منهم قوله إلى واقع عملي وهو يقف امام ضريحهعليه‌السلام ويردّد:« إنّي سِلمٌ لمن سالمكم، وحربٌ لمَن حاربكم، ووليٌّ لمَن والاكم، وعدوٌ لمَن عاداكم » (١) .

فنحن نسير في خطّهعليه‌السلام ، ونمثل تكتّلاً واحداً تحت رايته التي لا بدّ أن تقودنا إلى الجنة كما يشير إلى ذلك الحديث الشريف:« أوسع الأبواب في القيامة باب أبي عبد الله الحسين » .

والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله الطاهرين

____________________

(١) مفاتيح الجنان - زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام في يوم عاشوراء / ٤٥٧.

١٧٤

الفهرس

المقدّمة ٣

ذلكم الإمام الحسين عليه‌السلام.... ٦

الفصل الأوّل: على خطى الإمام الحسين عليه‌السلام.... ٩

الإمام الحسين عليه‌السلام منار التوحيد. ١١

١ - الإمام الحسين. ١١

٢ - الكلمة المسؤولة ١٩

٣ - القيادة الربانيّة ٢٠

٤ - المنهج الواضح. ٢٢

٥ - الاستقامة حتّى الشهادة أو النصر ٢٤

الإمام الحسين عليه‌السلام مشعل الهدى وسفينة الخلاص.. ٢٨

ألف: يوم الحسين. ٢٨

باء: رسالة عاشوراء ٣١

الإمام الحسين عليه‌السلام ضمير الاُمة ومسؤولية المستقبل. ٣٦

الضمير الناهض.. ٣٦

شهر محرم.. باب الرحمة ٣٨

العودة الى القرآن. ٤٠

الرؤية السليمة ٤٠

حصن الإيمان. ٤١

مسؤوليات اجتماعيّة ٤١

الإمام الحسين عليه‌السلام الشهيد الشاهد. ٤٤

كربلاء رمز المواجهة ٤٨

الإمام الحسين. ٥١

الإمام الحسين عليه‌السلام والتطوّر الحضاري للأمة ٦١

الإمام الحسين عليه‌السلام وسيلة النهوض الحضاري. ٦٦

١٧٥

الفصل الثاني: على نهج الإمام الحسين عليه‌السلام.... ٧١

الإمام الحسين عليه‌السلام آية العقل والعاطفة ٧٣

الإمام الحسين عليه‌السلام ضمانة الهدى والفلاح. ٨٤

الإمام الحسين. ٨٤

العودة إلى حقيقة الدين؛ رسالة الأنبياء ٨٥

حقائق الدين في القرآن. ٨٨

فرصة إصلاح النفس.. ٩٠

الإمام الحسين عليه‌السلام ومنهج البراءة من المشركين. ٩٢

الرفض بداية الإيمان. ٩٤

درس المسؤولية ٩٦

اتّباع القيادة الربانيّة ٩٧

اختيار المنهج السليم. ٩٨

الإمام الحسين عليه‌السلام محور حكمة الخلق، ومظهر تحدّي الطغيان. ١٠٠

الإمام الحسين. ١٠٠

الإرادة حكمة الخلق. ١٠١

كربلاء خلاصة بطولات التاريخ. ١٠٢

الشهادة كرامة عظيمة ١٠٣

ذعر الحكم الاُموي من الإمام الحسين. ١٠٤

الردّ الحاسم. ١٠٥

جرائم الحزب الاُموي. ١٠٦

الفتنة الكبرى. ١٠٧

الإعداد للثورة ١٠٩

سر عظمة الإمام الحسين عليه‌السلام.... ١١١

نظرات في عظمة الإمام الحسين. ١١٢

الخلوص والصفاء ١١٣

مأساة تستدر الدموع. ١١٦

١٧٦

الفصل الثالث: على هدى الإمام الحسين عليه‌السلام.... ١١٧

كربلاء البداية لا النهاية ١١٩

هل كانت فاجعة الطف الأليمة نهاية أم بداية؟ ١١٩

تكامل مسيرة التاريخ. ١٢٠

حملة الرسالة ١٢٤

حركات ذات بعدين. ١٢٦

أعلى درجات الإيمان. ١٢٦

الحزب الجاهلي والتحدي الرسالي. ١٣٠

إحدى صور المعاناة ١٣٠

لكلِّ قبيلةٍ صنم. ١٣١

عمل فريد من نوعه ١٣٢

صراع مبدئي. ١٣٤

ما هي مسؤوليتنا؟ ١٣٥

واقعة كربلاء ثورة مستمرة ١٣٧

لماذا الإمام الحسين عليه‌السلام مصباح الهدى. ١٤١

الإمام الحسين عليه‌السلام يدعوك لنصرته ١٤٩

الإمام الحسين. ١٤٩

هتاف الحسين مازال يدّوي. ١٥٠

معركة الحق والباطل تعيد نفسها ١٥١

بنو اُميّة يعودون إلى الحياة ١٥١

الصراع ما يزال متجدّداً ١٥٢

نحن ومحّرم ١٥٣

شهر محرم منعطف خطير. ١٥٤

ماذا نقدّم؟ ١٥٥

بين القول والفعل. ١٥٦

أين نحن من ولاية الإمام الحسين عليه‌السلام.... ١٥٨

١٧٧

مَن هو الإمام الحسين عليه‌السلام؟ ١٥٩

التقوى والورع شرط الولاية ١٦١

آفاق الولاية ١٦٤

مسؤولياتنا تجاه الولاية ١٦٦

الشعائر الحسينيّة اُسلوباً ومحتوىً. ١٦٨

سر خلود الثورة الحسينيّة ١٦٨

أهمّية المواكب الحسينيّة ١٦٩

الشعائر الحسينيّة والأنظمة الطاغوتيّة ١٧٠

تعظيم شعائر الله. ١٧١

١ - فهم شخصية الحسين. ١٧٢

٢ - تخريج الخطباء ١٧٣

٣ - إقامة المؤتمرات.. ١٧٣

٤ - دور المشرفين على الحسينيّات والمواكب.. ١٧٣

٥ - دور المثقّفين. ١٧٣

ضرورة تطوير الأساليب.. ١٧٤

١٧٨

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390