منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

منتهى المقال في أحوال الرّجال12%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-90-6
الصفحات: 500

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 258827 / تحميل: 5401
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٠-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

تفاسير أخر لهذه الآية أعرضنا عن ذكرها لأنّها(١) بعيدة.

والوصف الثاني من أوصافهم يذكره القرآن بهذا البيان :( وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) .

فحيث أنّ عيون الغافلين هاجعة آخر الليل والمحيط هادئ تماما ، فلا صخب ولا ضجيج ولا شيء يشغل فكر الإنسان ويقلق باله ينهضون ويقفون بين يدي الله ويعربون له عن حاجتهم وفاقتهم ، ويصفّون أقدامهم ، ويصلّون ويستغفرون عن ذنوبهم خاصّة.

ويرى الكثير من المفسّرين أنّ المراد من «الاستغفار» هنا هو «صلاة الليل» لأنّ «الوتر» منها مشتمل على الاستغفار.

و «الأسحار» جمع سحر على زنة «بشر» ومعناه في الأصل الخفي أو المغطّى ، وحيث أنّه في الساعات الأخيرة من الليل يغطّي كلّ شيء خفاء خاصّ ، فقد سمّى آخر الليل سحرا.

وكلمة «سحر» ـ بكسر السين ـ تطلق أيضا على ما يغطّي وجه الحقائق أو يخفي أسرارها عن الآخرين!.

وقد جاء في رواية في تفسير «الدرّ المنثور» أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ آخر الليل في التهجّد أحبّ إليّ من أوّله ، لأنّ الله يقول : وبالأسحار هم يستغفرون»(٢) .

ونقرأ حديثا آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام يقول : «كانوا يستغفرون الله في الوتر سبعين مرّة في السحر»(٣) .

ثمّ يذكر القرآن الوصف الثالث لأهل الجنّة المتّقين فيقول :( وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ

__________________

(١) كلمة «ما» في قوله ما يهجعون يمكن أن تكون زائدة وللتأكيد أو موصولة أو مصدرية كما ورد ذلك في تفسير الفخر الرازي والميزان ، وقال بعضهم بأنها زائدة أو مصدرية فحسب كما جاء في تفسير القرطبي وروح البيان ، وما احتمله بعضهم بأنها نافية فهو بعيد.

(٢) الدر المنثور ، ج ٦ ، ص ١١٣.

(٣) مجمع البيان ذيل الآيات محل البحث.

٨١

لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) .

كلمة «حقّ» هنا هو إمّا لأنّ الله أوجب ذلك عليهم : كالزكاة والخمس وسائر الحقوق الشرعية الواجبة ، أو لأنّهم التزموه وعاهدوا أنفسهم على ذلك ، وفي هذه الصورة يدخل في هذا المفهوم الواسع حتّى غير الحقوق الشرعية الواجبة.

ويعتقد بعض المفسّرين أنّ هذه الآية ناظرة إلى القسم الثاني فحسب ، فهي لا تشمل الحقوق الواجبة لأنّ الحقوق الواجبة واردة في أموال الناس جميعا ، المتّقين وغير المتّقين حتّى الكفّار.

فعلى هذا حين يقول القرآن :( وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌ ) فإنّما يعني أنّه إضافة إلى واجباتهم وحقوقهم أوجبوا على أنفسهم حقّا ينفقونه من مالهم في سبيل الله للسائل والمحروم.

إلّا أنّه يمكن أن يقال أنّ الفرق بين المحسنين وغيرهم هو أنّ المحسنين يؤدّون هذه الحقوق ، في حين أنّ غيرهم ليسوا مقيدين بذلك.

كما يمكن أن يقال في تفسير الآية أنّ المراد بالسائل في ما يخصّ الحقوق الواجبة ، لأنّه يحقّ له السؤال والمطالبة بها والمراد بالمحروم في ما يخصّ الحقوق المستحبّة إذ ليس له حقّ المطالبة بها.

ويصرّح «الفاضل المقداد» في كتابه «كنز العرفان» أنّ المراد من قوله :( حَقٌّ مَعْلُومٌ ) هو الحقّ الذي ألزموه أنفسهم في أموالهم ويرون أنفسهم مسئولين عنه(١) .

وجاء نظير هذا المعنى في سورة المعارج الآيتين ٢٤ و٢٥ إذ يقول سبحانه :( وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) .

ومع ملاحظة أنّ حكم وجوب الزكاة نزل في المدينة وآيات هذه السورة جميعها مكيّة ، فيتأيّد الرأي الأخير.

__________________

(١) مؤدّى ما ورد في كنز العرفان ، ج ١ ، ص ٢٢٦.

٨٢

وما وصلنا من روايات عن أهل البيتعليهم‌السلام يؤكّد أيضا أنّ المراد من «حقّ معلوم» شيء غير الزكاة الواجبة. إذ نقرأ حديثا عن الإمام الصادقعليه‌السلام يقول(١) : «لكنّ اللهعزوجل فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة فقالعزوجل ( وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ ) ، فالحقّ المعلوم غير الزكاة وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه في ماله إن شاء في كلّ يوم وإن شاء في كلّ جمعة وإن شاء في كلّ شهر».

وفي هذا المجال أحاديث متعدّدة أخر منقولة عن الإمام علي بن الحسين والإمام الباقر والإمام الصادق أيضا(٢) .

وهكذا فإنّ تفسير الآية واضح بيّن.

وهناك كلام في الفرق بين «السائل» و «المحروم» ، فقال بعضهم «السائل» هو من يطلب العون من الناس ، أمّا «المحروم» فمن يحافظ على ماء وجهه ويبذل قصارى جهده ليعيش دون أن يمدّ يده إلى أحد ، أو يطلب العون من أحد ، بل يصبّر نفسه.

وهذا هو ما يعبّر عنه بالمحارف ، لأنّه قيل في كتب اللغة في معنى «المحارف» بأنّه الشخص الذي لا ينال شيئا مهمّا سعى وجدّ فكأنّ سبل الحياة مغلقة بوجهه!

وعلى كلّ حال ، فهذا التعبير يشير إلى هذه الحقيقة وهي لا تنتظروا أن يأتيكم المحتاجون ويمدّوا أيديهم إليكم ، بل عليكم أن تبحثوا عنهم وتجدوا الأفراد المحرومين الذين يعبّر عنهم القرآن بأنّهم( يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ) (٣)

لتساعدوهم وتحفظوا ماء أوجههم ، وهذا دستور مهم لحفظ حيثية المسلمين المحرومين وينبغي الاهتمام به.

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٧٢ باب ما تجب فيه الزكاة الباب السابع الحديث الثاني.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٢٧ أبواب ما تجب فيه الزكاة الباب السابع الحديث ٣.

(٣) سورة البقرة ، الآية ٢٧٣.

٨٣

وهؤلاء الأشخاص يمكن معرفتهم ـ كما صرّح بذلك القرآن «تعرفهم بسيماهم».

أجل فبرغم سكوتهم إلّا أنّ في عمق وجوههم آثار الهموم وما تحمله أنفسهم من آلام يعرفها المطّلعون ، ويخبر لون وجههم عن كربتهم.

* * *

بحوث

١ ـ التوجّه نحو الله وخلق الله

ما ورد في هذه الآيات عن المتّقين وأوصافهم يتلخّص ـ في الحقيقة ـ في قسمين «التوجّه نحو الله» «الخالق» وذلك في ساعات يتوفّر فيها من جميع الجهات الاستعداد لبيان الحاجة عنده مع حضور القلب ، وتبلغ أسباب انشغال الفكر وانصراف الذهن إلى أدنى حدّ أي في أواخر الليل!

والآخر «التوجّه نحو الخلق» ومعرفة احتياج المحتاجين سواء أظهروا حاجتهم أم كتموها.

وهذا المطلب هو ما أشار إليه القرآن في آياته مرارا وأوصى به ، والآيات التي يرد فيها ذكر الصلاة ، ثمّ يتلوها ذكر الزكاة ، وتعول على الإثنين معا ، تشير إلى هذه المسألة ، لأنّ الصلاة أبرز مظهر لعلاقة الإنسان بالخالق ، والزكاة أجلى مظهر لعلاقته بخلق الله.

٢ ـ السهر ديدن العشّاق

مع أنّ صلاة الليل من الصلوات المستحبّة والنافلة إلّا أنّ القرآن المجيد أشار إليها مرارا ، وهذا دليل على أهميّتها القصوى حتّى أنّ القرآن عدّها وسيلة لبلوغ «المقام المحمود» وأساسا لقرّة العين «كما هو في الآية ٧٩ من سورة الإسراء

٨٤

والآية ١٧ من سورة ألم السجدة».

وفي الرّوايات الإسلامية أيضا اهتمام بالغ على هذه القضيّة وبيان الحاجة «في صلاة الليل» والسهر في السحر : ففي مكان يعدّها النّبي بأنّها كفّارة عن الذنوب فيقول : «يا علي ثلاث كفّارات : منها : التهجّد بالليل والناس نيام»(١) .

وفي حديث آخر ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «أشراف امّتي حملة القرآن وأصحاب الليل»(٢) .

وأيضا في حديث آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوصي علياعليه‌السلام إذ قال أربع مرّات : عليك بصلاة الليل(٣) .

وينقل عن الإمام الصادق في تفسير الآية محلّ البحث :( كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ) : أنّه قال : كانوا أقلّ الليالي تفوتهم لا يقومون فيها(٤) .

كما ورد في حديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : الركعتان في جوف الليل أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها(٥) .

كما نقرأ حديثا عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال لسليمان الديلمي «أحد أصحابه» : لا تدع قيام الليل فإنّ المغبون من حرم قيام الليل(٦) .

وبالطبع فإنّ الرّوايات في هذا الصدد كثيرة ويلاحظ فيها تعابير مثيرة وطريفة جدّا ولا سيّما التعبير بأنّ صلاة الليل وسيلة «لمحو الذنوب» و «تيقّظ الفكر» و «إشراق القلب» و «جلب الرزق» و «سعة العيش» و «الصحّة» ، ولو جمعنا

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٧٣.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٧٥.

(٣) وسائل الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٧٧.

(٤) وسائل الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٧٩.

(٥) بحار الأنوار ، ج ٨٧ ، ص ١٤٨.

(٦) بحار الأنوار ، ج ٨٧ ، ص ١٤٦.

٨٥

هذه الرّوايات لحصلنا على كتاب مستقل(١) .

وقد كان لنا بحوث أخر في هذا المجال ذيل الآية (٧٩) من سورة الإسراء وذيل الآية (١٧) من سورة الم السجدة فلا بأس بمراجعتها.

٣ ـ حقّ السائل والمحروم!

ممّا ينبغي ذكره أنّنا قرأنا في الآيات المتقدّمة أنّ في أموال الصالحين والمحسنين حقّا للسائل والمحروم ، وهذا التعبير يدلّ بوضوح أنّهم يعدّون أنفسهم مدينين للمحتاجين والمحرومين ، ويعدّون السائل أو المحروم ذا حقّ عليهم ، حقّ ينبغي دفعه إليه دون امتنان ولا أذى ، فكأنّه دين من سائر الديون.

وكما قلنا آنفا فإنّ هذا التعبير كما تدلّ عليه القرائن المتعدّدة لا علاقة له بالزكاة الواجبة وأمثالها ، بل هو ناظر إلى النفقة المستحبّة التي يعدّها المتّقون دينا عليهم(٢) .

* * *

__________________

(١) للاطلاع على هذه الرّوايات يراجع الجزء الخامس من وسائل الشيعة والجزء الأوّل من مستدرك الوسائل ، والجزء ٨٧ من بحار الأنوار.

(٢) نزول هذه الآيات بمكّة وورود هذا الحكم في خصوص أهل الجنّة الصالحين وروايات أهل البيت كلّها قرائن على أنّ الحقّ في الآية غير الزكاة

٨٦

الآيات

( وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣) )

التّفسير

آيات الله وآثاره في أنفسكم :

تعقيبا على الآيات المتقدّمة التي كانت تتحدّث عن مسألة المعاد وصفات أهل النار وأهل الجنّة ، تأتي هذه الآيات ـ محلّ البحث ـ لتتحدّث عن آيات الله ودلائله في الأرض وفي وجود الإنسان نفسه ليطّلع على مسألة التوحيد ومعرفة الله وصفاته التي هي مبدأ الحركة نحو الخيرات كلّها من جهة ، وعلى قدرته على مسألة المعاد والحياة بعد الموت من جهة اخرى ، لأنّ خالق الحياة على هذه الأرض وما فيها من عجائب قادر على تجديد الحياة بعد الموت كذلك! تقول هذه الآية أوّلا :( وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ ) .

والحقّ أنّ دلائل الله وقدرته غير المتناهية وعلمه وحكمته التي لا حدّ لها في هذه الأرض كثيرة وفيرة إلى درجة أنّ عمر أيّ إنسان مهما كان لا يكفي لمعرفتها

٨٧

جميعا.

فحجم الأرض وبعدها عن الشمس وحركتها حول نفسها وحركتها حول الشمس والقوى الجاذبة والدافعة التي تنتج عن حجمها وحركتها وهي متعادلة فيما بينها تماما ومتناسقة فجميع هذه الأمور مجتمعة توفّر الحياة على سطح الأرض وكلّ ذلك من آيات الله الكبرى.

في حين أن لو تغيّرت حركة من هذه الحركات واختلفت الخصائص أقل اختلاف ، لاضطربت الموازين وتبدلّت ظروف الحياة على سطح الأرض.

فالمواد التي تتشكّل منها الأرض والمنابع التي هي فوق سطح الأرض وداخلها ـ المعدّة للحياة ـ كلّ منها آية من آيات الله ودلائله.

الجبال والسهول والهضاب والأنهار والعيون التي كلّ منها له أثره في استمرار الحياة واتّساق ظروفها دلائل اخرى من دلائله وآياته.

مئات الآلاف من أنواع النباتات والحشرات والحيوانات أجل ، مئات الآلاف كلّ منها بخصائصه وعجائبه عند مطالعة كتب الأحياء و «البايلوجيا» وكتب الجيولوجيا والتربة وعلم النبات وعلم الحيوان تدع الإنسان يستغرق في حيرة مذهلة!.

وفي كلّ زاوية أو جانب من هذه الكرة الأرضية أسرار مثيرة قلّ أن يلتفت إليها أحد ، إلّا أنّ الباحثين والعلماء كشفوا النقاب عن جزء منها وأظهروا عظمة الخالق وقدرته.

ولا بأس أن ننقل هنا جانبا من كلمات بعض العلماء المعروفين في العالم الذين لهم دراسات كثيرة في هذا الصدد : إنّه «كرسي موريسين» فلنصغ إليه قائلا : «لقد روعي منتهى الدقّة في تنظيم العوامل الطبيعية فلو تضخّمت القشرة الخارجية للكرة الأرضية أكثر ممّا كانت عليه عشر مرّات لانعدم الأوكسجين الذي هو المادّة الأصلية للحياة ، ولو أنّ أعماق البحار كانت أكثر عمقا ممّا هي

٨٨

عليه قليلا أو كثيرا ، لأنجذب جميع الأوكسجين والكربون من سطح الأرض ولم يعد أي إمكان لحياة النبات أو الحيوان على سطح الأرض»!

ويقول في مكان آخر في الغلاف الجوّي الذي يحيط بالأرض : لو أنّ هذا الغلاف الذي يحيط بالأرض من الهواء كان رقيقا لخرقته الشهب الثواقب التي تأتي كلّ يوم بنحو عدّة ملايين فتصيب الأرض حيث ما وقعت ، إلّا أنّ هذا الغلاف الجوّي يمنعها لكثافته فتتلاشى وتحترق عنده فلا تصل إلى الأرض.

ولو أنّ الشهب الثواقب خفّت سرعتها لما احترقت عند اصطدامها بالهواء ولوقعت على الأرض ودمّرت الكثير.

ويقول في مكان آخر أنّ نسبة الأوكسجين في الهواء هي إحدى وعشرين بالمائة فحسب ، فلو كانت هذه النسبة خمسين بالمائة لاحترق به كلّ ما من شأنه الاشتعال في هذا العالم ولو وصلت شظية صغرى من النار إلى شجرة في غابة لاحترقت الغابة جمعاء»!

إنّ نسبة كثافة الهواء المحيط بالأرض إلى درجة بحيث يوصل الأشعّة المناسبة لرشد النباتات ونموّها وتعدم المكروبات الضارّة في الفضاء نفسه وتنتج الفيتامينات النافعة.

ومع وجود الأبخرة المختلفة التي خرجت من باطن الأرض خلال القرون المتمادية وانتشرت في الهواء وأغلبها أبخرة سامّة فمع ذلك فإنّ الهواء المحيط بالأرض لم يتلوّث وما يزال باقيا على حالته الطبيعية المناسبة للحياة الإنسانية.

والجهاز الذي يوجد هذه الموازنة ويحفظ هذا التعادل هو البحر والمحيط الذي منه تستمدّ المواد الحياتية والغذاء والأمطار واعتدال الهواء والنباتات وأخيرا فإنّ وجود الإنسان نفسه يستمدّ منه أيضا.

فكلّ من يدرك هذه المعاني فعليه أن يطأطئ رأسه للبحر تعظيما وأن يشكر

٨٩

مواهبه وخالق البحر»(١) .

ويضيف القرآن في الآية التالية قائلا :( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) أي أفلا تبصرون هذه الآيات في أنفسكم أيضا؟!

ولا شكّ أنّ الإنسان أعجوبة عالم الوجود وما هو في العالم الأكبر موجود في عالم الإنسان الأصغر أيضا ، بل في الإنسان عجائب لا توجد في أي مكان من العالم!

والعجب أنّ هذا الإنسان على عظمته وعقله وعلمه وهذا الابتداع والابتكار والصنع العجيب كان أوّل يومه على صورة نطفة صغرى لا قيمة لها!! لكن ما أن استقرّت في الرحم حتّى تكاملت بسرعة وتبدلّت يوما بعد يوم ولحظة بعد اخرى فإذا هذه النطفة التي لا قيمة لها تغدو إنسانا كاملا سويّا!

خليّة واحدة التي هي أصغر جزء في بدن الإنسان تشكّل بناية ضخمة متداخلة عجيبة فهي على حدّ تعبير بعض العلماء تعادل «مدينة صناعية».

يقول أحد علماء «علم الأحياء» إنّ هذه المدنية العظمى مع آلاف الأبواب أو البوابات المثيرة وآلاف المعامل والمخازن وشبكات المجاري والتأسيسات الكثيرة والارتباطات والأعمال الحياتية المختلفة كلّ ذلك في مساحة صغيرة جدّا بمقدار خلية من أكثر الأمور تعقيدا وإثارة ، إذ لو أردنا أن نهيّئ تأسيسات مثلها ولن نستطيع أبدا ـ لكان علينا أن نشغل مساحة آلاف الهكتارات من الأرض وعليها البنايات والماكنات المختلفة المعقّدة لنصل إلى مثل هذه الخطّة!!

إلّا أنّ الطريف أنّ جهاز الخلقة جعل كلّ ذلك في مساحة تعدل خمسة عشر ميلونيم الميليمتر فحسب(٢) .

إنّ الأجهزة الموجودة في بدن الإنسان كالقلب والكلية والرئة وخاصّة

__________________

(١) الكاتب كرسي موريسين في كتابه (أسرار خلق الإنسان) من ص ٣٣ إلى ٣٦.

(٢) سفرة في أعماق وجود الإنسان قسم الخلايا.

٩٠

عشرات آلاف الكيلومترات من الأعصاب الرقيقة أو الكبيرة والأعصاب الدقيقة التي لا ترى بالعين المجرّدة وجميعها مسئولة عن إيصال الغذاء والماء والتهوية إلى عشرة مليون مليارد خلية ، والحواس المختلفة كالسمع والبصر والحواس الاخر كلّ منها آية عظمى من آيات الله.

وأهمّ من كلّ ذلك لغز الحياة التي لم تعرف أسرارها وبناء الروح أو العقل الإنساني الذي يعجز عن إدراكه عقول جميع الناس وهنا ـ ينحني الإنسان ويتمتم بالتسبيح والحمد والثناء لله دون إختياره ويترنّم بهذه الأشعار :

فيك يا أعجوبة الكو

ن غدا الفكر كليلا

أنت حيّرت ذوي الل

لبّ وبلبلت العقولا

كلّما قدّم فكري فيك شبرا فرّ ميلا

ناكصا يخبط في عمياء لا يهدى سبيلا

وقد ورد في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من عرف نفسه فقد عرف ربّه»(١) .

أجل إنّ معرفة النفس في جميع المراحل طريق لمعرفة الله والتعبير : «أفلا تبصرون» تعبير لطيف : أي إنّ هذه الآيات حولكم وفي داخلكم وفي تمام وجودكم بحيث لو فتحتم أعينكم ولو قليلا لأبصرتم آيات الله ولا رتوت أرواحكم من إدراك عظمته!.

وفي الآية الثالثة من الآيات ـ محلّ البحث ـ إشارة إلى القسم الثالث من دلائل عظمة الخالق وقدرته على المعاد إذ تقول :( وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ) .

وبالرغم من أنّ بعض الرّوايات الإسلامية تفسّر «الرزق» في هذه الآية ب

__________________

(١) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٦٠٣ مادّة نفس.

٩١

«المطر» الذي يمنح الحياة وهو مصدر الخير والبركة في الأرض جميعا ، والآية (٥) من سورة الجاثية أيضا توافق هذا التّفسير إذ تقول :( وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) إلّا أنّ هذا المعنى يمكن أن يكون مصداقا جليّا من مصاديق الآية ، في حين أنّ سعة مفهوم الرزق تشمل حبّات المطر وغيرها كنور الشمس الذي يأتي من السماء وله أثره الفاعل في الحياة ، والهواء الذي هو أساس حياة الموجودات.

كلّ هذا لو أخذنا مفهوم السماء بالمعنى اللغوي أي السماء التي فوقنا ، إلّا أنّ بعضهم فسّرها بعالم الغيب وما وراء الطبيعة أو اللوح المحفوظ الذي تقدّر منه أرزاق العباد!

وبالطبع فإنّ الجمع بين التّفسيرين ممكن ، وأن كان التّفسير الأوّل أنسب وأوضح!.

وأمّا جملة و( ما تُوعَدُونَ ) فيمكن أن تكون تأكيدا على مسألة الرزق ووعد الله في هذا المجال ، أو أنّ المراد منها الجنّة الموعودة ، لأنّنا نقرأ الآية ١٥ من سورة النجم( عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى ) أو أنّها إشارة إلى كلّ خير وبركة أو عذاب ينزل من السماء! أو أنّ «ما توعدون» ناظر إلى جميع هذه المعاني ، لأنّ مفهوم «ما توعدون» واسع جدّا.

وعلى كلّ حال ، فهذه الآيات الثلاث فيها ترتيب لطيف ، فالآية الاولى تتحدّث عن أسباب وجود الإنسان وحياته ، والآية الثانية تتحدّث عن الإنسان نفسه ، والآية الثالثة تتحدّث عن أسباب بقائه ودوامه!.

وجدير بالالتفات أيضا أنّ ما يمنع البصيرة ويصدّها عن مطالعة أسرار الخلق وأسرار الأرض وعجائب وجود الإنسان هو «الحرص على الرزق» ، فالله سبحانه يطمئن الإنسان في الآية الأخيرة بأنّ رزقه مضمون ، ليستطيع أن ينظر إلى عجائب العالم ويتحقّق فيه قوله :( أَفَلا تُبْصِرُونَ ) ؟!

٩٢

لذلك فإنّ الآية الأخيرة من الآيات محلّ البحث تقسم فتقول :( فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) .

وقد بلغ الأمر حدّا أن يقسم الله على ما لديه من عظمة وقدرة ليطمئن عباده الشاكّين ضعاف الأنفس الحريصين إنّ ما توعدون في مجال الرزق والثواب والعقاب والقيامة جميعه حقّ ولا ريب في كلّ ذلك(١) .

والتعبير بـ( مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) تعبير لطيف ودقيق إذ يتحدّث عن أكثر الأشياء لمسا ، لأنّه قد يخطئ الإنسان في الباصرة أو السمع بأن يتوهّم أنّه سمع أو رأى ، إلّا أنّه لا يمكن أن يتوهّم أنّه قال شيئا مع أنّه لم يقله لذلك فإنّ القرآن يقول : كما أنّ ما تنطقون محسوس عندكم وله واقع ، فإنّ الرزق والوعد الإلهي عنده كذلك!

ثمّ بعد هذا كلّه فإنّ النطق بنفسه واحد من أكبر الأرزاق والمواهب الإلهيّة التي لم يتمتّع بها أي موجود حيّ سوى الإنسان ، وليس بخاف أثر الكلام والنطق في الحياة الاجتماعية وتعليم الناس وتربيتهم وانتقال العلوم وحلّ مشاكل الحياة على أحد.

* * *

بحوث

١ ـ قصّة الأصمعي المثيرة

ينقل الزمخشري في كشّافه عن الأصمعي(٢) أنّه قال خرجت من مسجد البصرة فبصرت بأعرابي من أهل البادية راكبا على دابته فواجهني وسألني : من أي

__________________

(١) هناك كلام بين المفسّرين في أنّ مرجع الضمير في «أنّه» على أي شيء يعود؟ قال بعضهم يعود على الرزق ، وقال بعضهم يعود على ما توعدون وقال بعضهم يعود على النّبي والقرآن إلّا أنّ التّفسير الأوّل أنسب.

(٢) كان يدعى «عبد الملك بن قريب» وكان يعيش في عهد هارون الرشيد وله حافظة عجيبة واطّلاعات واسعة عن تاريخ العرب وأشعارها وتوفّي في البصرة سنة ٢١٦ الكنى والألقاب ، ج ٢ ، ص ٢٧.

٩٣

القبائل أنت؟! فقلت من بني الأصمع فقال من أين تأتي؟ فقلت : من مكان يقرأ فيه كلام الله فقال لي : اقرأ لي منه ، فقرأت له آيات من سورة الذاريات حتّى بلغت( وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ ) فقال كفى. ثمّ نهض وعمد إلى بعير عنده فنحره وقسّم لحمه على المحتاجين من الذاهبين والآئبين ثمّ عمد إلى سيفه وقوسه فكسّرهما أيضا وألقاهما جانبا واستدار إلى الوراء ومضى وانتهت هذه القصّة!.

وحين مضيت إلى حجّ بيت الله الحرام بمعيّة هارون الرشيد وكنت مشغولا في الطواف إذا أنا برجل يناديني بصوت ضعيف فنظرت فإذا هو ذلك الأعرابي وكان نحيلا مصفّر الوجه «وكان يظهر عليه العشق الملتهب الذي لم يدع له قرارا» فسلّم عليّ وطلب منّي أن أعيد عليه سورة الذاريات فلمّا بلغت الآية آنفة الذكر صرخ : وقال وجدنا وعد ربّنا حقّا ثمّ أضاف هل هناك آية بعدها؟! فقرأت فورب السماء والأرض أنّه لحقّ : فصرخ ثانية وقال يا سبحان الله من ذا الذي أغضب الجليل حتّى حلف ليصدّقوه بقوله حتّى ألجأوه إلى اليمين(١) .

٢ ـ أين الجنّة؟!

كما ذكرنا في الآيات آنفة الذكر فإنّ بعض المفسّرين يرى أنّ جملة( وَما تُوعَدُونَ ) معناها الجنّة. وقالوا : يستفاد من هذه الآية أنّ الجنّة في السماء ، إلّا أنّ هذا الكلام لا ينسجم مع الآية التي تتحدّث عن الجنّة فتقول :( عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ) (٢)

وكما قلنا ـ إنّ هذا التّفسير لجملة( وَما تُوعَدُونَ ) لا دليل عليه ، بل يمكن أن يكون إشارة إلى وعد الله برزقه أو عذاب السماء.

وإذا كان في الآية (١٥) من سورة النجم قد ورد أنّ جنّة المأوى في السماء عند سدرة المنتهى فليس ذلك دليلا على هذا المعنى ، لأنّ «جنّة المأوى» قسم من

__________________

(١) تفسير الكشّاف ، ج ٤ ، ص ٤٠٠.

(٢) آل عمران ، الآية ١٣٣.

٩٤

بساتين الجنّة لا جميع الجنّة (فلاحظوا بدقّة).

٣ ـ الاستفادة من آيات الله تحتاج إلى قابلية!

حين تتحدّث آيات القرآن عن أسرار الخلق ودلائل الله في عالم الوجود تقول تارة أنّ في ذلك( لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ) يونس الآية ٦٧.

وتارة تقول :( لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الرعد الآية ٣.

واخرى تقول :( لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) الرعد الآية ٤.

أو تقول :( لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) النحل الآية ٧٩.

وفي مكان آخر تقول :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى ) سورة طه الآية ٥٤.

وتارة تقول :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) الحجر الآية ٧٥.

وأخيرا تقول :( لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ ) الروم الآية ٢٢.

والآيات محلّ البحث تقول :( أَفَلا تُبْصِرُونَ ) ؟!

أي إنّ آيات الله في الأرض وفي أنفسكم واضحة جليّة لأولئك الذين لهم بصر ثاقب.

وهذه التعبيرات تدلّ دلالة واضحة على أنّ الاستفادة من الآيات التي لا تحصى ـ الدالّة على وجود ذاته المقدّسة في الأرض تحتاج إلى استعداد كاف ، عين باصرة ، اذن سميعة ، فكر يقظ ، قلب ذكي وروح مهيّأة لقبول الحقائق متعطّشة لها وإلّا فمن الممكن أن يعيش الإنسان سنين بين هذه الآيات إلّا أنّ مثله كمثل الحيوانات التي همّها علفها.

٤ ـ الرزق حقّ

من جملة الأمور التي يحكمها نظام دقيق هي «مسألة الرزق» التي أشير إليها في الآيات محلّ البحث إشارات واضحة.

٩٥

صحيح أنّ الاستفادة من مواهب الحياة مشروطة بالجدّ والسعي والمثابرة وأنّ الكسل والخنوع مدعاة للتأخّر والحرمان من الحياة إلّا أنّه من الخطأ البيّن أن نتصوّر أنّ رزق الإنسان يزداد بالحرص والولع والأعمال الكثيرة وأنّ رزقه يقلّ بالتعفّف والتجلّد وما إلى ذلك.

ونلاحظ في الأحاديث الإسلامية تعابير طريفة في هذا المجال : ففي حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «إنّ الرزق لا يجرّه حرص حريص ولا يصرفه كره كاره»(١) .

وفي حديث آخر عن الصادقعليه‌السلام جوابا على بعض أصحابه وقد طلب منه أن يعظه وينصحه فقالعليه‌السلام «... وإن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا»(٢) ؟!

والهدف من بيان هذه الأحاديث ليس هو الوقوف بوجه الجدّ والسعي بل هو تنبيه الحريصين أن يلتفتوا إلى أنّ رزقهم مقدّر ليرتدعوا عن حرصهم!.

وهنا لطيفة جديرة بالالتفات وهي أنّ الرّوايات الإسلامية ذكرت أمورا كثيرة على أنّها مدعاة للرزق أو مانعة له ، وكلّ منها مهمّ في نفسه!

نقرأ عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «والذي بعث جدّي بالحقّ نبيّا انّ الله تبارك وتعالى يرزق العبد على قدر المروءة وأنّ المعونة تنزل على قدر شدّة البلاء»(٣) .

وعنهعليه‌السلام أنّه قال : «كفّ الأذى وقلّة الصخب يزيدان في الرزق»(٤) . كما نقل عن نبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «التوحيد نصف الدين واستنزل الرّزق بالصدقة»(٥) .

وهناك امور أخر ذكرت على أنّها مدعاة لزيادة للرزق كتنظيف نواحي البيت وغسل الأواني وتنظيفها.

* * *

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٢٦.

(٢) المصدر السابق.

(٣) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٢٥ الحديث ٣١.

(٤) المصدر السابق ، ص ١٢٦ (الحديثان ٣٥ و٣٧).

(٥) المصدر السابق.

٩٦

الآيات

( هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) )

التّفسير

ضيوف إبراهيمعليه‌السلام

من هذا المقطع ـ فما بعد ـ يتحدّث القرآن في هذه السورة عن قصص الأنبياء الماضين والأمم المتقدّمة تأكيدا وتأييدا للموضوع آنف الذكر وما حواه من مسائل ، وأوّل جانب يثيره هذا المقطع هو قصّة الملائكة الذين جاءوا لعذاب قوم لوط ، ومرّوا على إبراهيمعليه‌السلام على صورة بشر ، ليبشّروه بالولد ، مع أنّ إبراهيم بلغ سنّا كبيرا فهو في مرحلة المشيب وامرأته كانت عقيما كذلك!

٩٧

فمن جهة يعدّ إعطاء هذا الولد لإبراهيم وزوجه وهما في مرحلة الكبر واليأس من الإنجاب تأكيدا على كون الأرزاق مقدّرة كما أشير إلى ذلك في الآيات المتقدّمة.

ومن جهة اخرى يعدّ دليلا آخر على قدرة الحقّ وآية من آيات معرفة الله التي ورد البحث عنها في الآيات آنفا.

ومن جهة ثالثة يعدّ بشرى للأمم المؤمنة بأنّها في رعاية الحقّ ـ كما أنّ الآيات التالية تتحدّث عن عذاب قوم لوط وهي في الوقت ذاته تهديد للمجرمين.

ففي البدء يوجّه الله سبحانه الخطاب لنبيّه فيقول :( هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ) (١) .

والتعبير بـ «المكرمين» إمّا لأنّ هؤلاء الملائكة كانوا مأمورين من قبل الحقّ ، وقد ورد التعبير عنهم في الآية (٢٦) من سورة الأنبياء أيضا بمثل هذا ـ( بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ ) أو لأنّ إبراهيمعليه‌السلام أكرمهم ، أو للوجهين معا.

ثمّ يبيّن القرآن حالهم فيقول :( إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ) (٢) .

قال بعضهم : جملة أنّهم «قوم منكرون» لم يصرّح بها إبراهيم ، بل حدّث بها نفسه لأنّ هذا الكلام لا ينسجم مع وافر الاحترام للضيف الكرام.

إلّا أنّه كما هو المعتاد قد يقول المضيّف للضيف في حال الاحترام والترحيب : «لا أدري أين التقيت بك من قبل ـ أو يبدو انّك غريب ..»

__________________

(١) «الضيف» له معنى وصفي ، ويطلق على المفرد كما يطلق على الجمع أيضا ولذلك فقد وصف بالمكرمين ، وما قاله بعضهم إنّه مصدر ولا يثنّى ولا يجمع فلا يبدو صحيحا. ولكن كما يقول الزمخشري في الكشّاف حيث إنّه كان في الأصل مصدرا وبعد أن أصبح ذا معنى وصفي فإنّه استعمل في المفرد والجمع معا ، فلاحظوا بدقّة.

(٢) سلاما منصوب بفعل محذوف وتقديره : نسلّم عليكم سلاما : أمّا سلام فهو مبتدا وخبره محذوف وأصله عليكم سلام أو سلام عليكم فكأنّ إبراهيم أراد أن يحيّهم بأحسن من تحيّتهم ، لأنّ الجملة الاسمية تدلّ على الثبات والدوام تفسير الكشّاف ، ج ٤ ، ص ٤٠١.

٩٨

فبناء على هذا يمكن التمسّك بظاهر الآية وأنّ إبراهيم قال هذا الكلام صراحة وإن كان الاحتمال الأوّل غير بعيد. خاصّة أنّ «الضيف» لم يردّوا على هذا الكلام ، ولو كان إبراهيم قال مثل هذا الكلام صراحة ، فلا بدّ أن يجيبوه.

وعلى كلّ حال فإنّ إبراهيم أدّى ما عليه من حقّ الضيافة( فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ) .

والفعل «راغ» كما يقول الراغب في مفرداته مشتقّ من «روغ» ـ على وزن «شوق» ـ ومعناه التحرّك مقرونا بخطّه خفيّة ، لأنّ إبراهيم فعل «كذلك» وقام بذلك خفاء لئلّا يلتفت الضيف فلا يقبلوا بضيافته التي تستلزم نفقة كثيرة! إلّا أنّه لم هيّأ إبراهيم طعاما كثيرا؟ مع أنّ ضيفه كانوا كما يقول بعض المفسّرين «ثلاثة» وقال بعضهم : كانوا اثني عشر ـ وهذا أقصى ما قاله بعض المفسّرين(١) ـ.

فذلك لأنّ الكرماء لا يهيّؤون الطعام بمقدار الضيف فحسب ، بل يهيّؤون طعاما يستوعب حتّى العمّال ليشاركوهم في الأكل ، وربّما أخذوا بنظر الإعتبار حتّى الجار والأقارب فعلى هذا لا يعدّ مثل هذا الطعام الذي هيّأه إبراهيم إسرافا ، ويلاحظ هذا المعنى في يومنا هذا عند بعض العشائر التي تعيش على طريقتها القديمة.

و «العجل» على وزن «طفل» معناه ولد البقر «وما يراه بعضهم أنّه الخروف فلا ينسجم مع متون اللغة»! وهذه الكلمة مأخوذة في الأصل من العجلة ، لأنّ هذا الحيوان في هذه السنّ وفي هذه المرحلة يتحرّك حركة عجلى ، وحين يكبر تزول عنه هذه الصفة تماما.

و «السمين» معناه المكتنز لحمه ، وانتخاب مثل هذا العجل إنّما هو لإكرام الضيف وليسع المتعلّقين والأكلة الآخرين!

__________________

(١) اقتباس عن روح البيان وحاشية تفسير الصافي ذيل الآيات محلّ البحث.

٩٩

وفي الآية التاسعة والستّين من سورة هود جاء وصف هذا العجل بأنّه «حنيذ» أي مشويّ ، وبالرغم من أنّ الآية محلّ البحث لم تذكر شيئا عن هذا العجل ، إلّا أنّه لا منافاة بين التعبيرين.

ثمّ تضيف الآية بالقول عن إبراهيم وضيفه( فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ ) إلّا أنّه لاحظ أنّ أيديهم لا تصل إلى الطعام فتعجّب و( قالَ أَلا تَأْكُلُونَ ) .

وكان إبراهيم يتصوّر أنّهم من الآدميين( فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ) لأنّه كان معروفا في ذلك العصر وفي زماننا أيضا بين كثير من الناس الملتزمين بالتقاليد العرفية ، أنّه متى ما أكل شخص من طعام صاحبه فلن يناله أذى منه ولا يخونه ولذلك فإنّ الضيف إذا لم يأكل من طعام صاحبه ، يثير الظنّ السيء بأنّه جاء لأمر محذور ، وقد قيل على سبيل المثل في لغة العرب : من لم يأكل طعامك لم يحفظ ذمامك»!

و «الإيجاس» مشتقّ من وجس ـ على وزن مكث ـ ومعناه في الأصل الصوت الخفي ومن هنا فقد أطلق الإيجاس على الإحساس الداخلي والخفي ، فكأنّ الإنسان يسمع صوتا داخله وحين يقترن الإيجاس بالخيفة يكون معناه الإحساس بالخوف.

وهنا قال له الضيف كما ورد في الآية (٧٠) من سورة هود طمأنة له فـ( قالُوا لا تَخَفْ ) .

ويضيف القرآن :( وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) .

وبديهي أنّ الغلام عند ولادته لا يكون عليما ، إلا أنّه من الممكن أن يكون له استعداد بحيث يكون في المستقبل عالما كبيرا والمراد به هنا هو ذلك المعنى!.

وهذا الغلام من هو؟ هل هو إسحاق أم إسماعيل؟! هناك أقوال بين المفسّرين وإن كان المشهور أنّه إسحاق واحتمال كونه إسماعيل ـ مع ملاحظة الآية (٧١) من سورة هود التي تقول فبشّرناها بإسحاق ـ يبدو غير صحيح ، فبناء على ذلك ليس

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

والحميري ، عنه(١) .

وفيكش : محمّد ، قال : حدّثني محمّد بن أحمد النهدي كوفي ـ وهو حمدان القلانسي ـ وذكر أيّوب بن نوح وقال : كان من الصالحين(٢) .

وفيدي : ابن نوح بن درّاج ، ثقة(٣) .

وزادضا وج : كوفي ، مولى النخع(٤) (٥) .

ومرّ في إبراهيم بن محمّد الهمداني توثيقه من الإمامعليه‌السلام (٦) .

أقول : فيمشكا : أبو الحسين النخعي ابن نوح الثقة ، عنه محمّد بن عليّ بن محبوب ، وأحمد بن محمّد بن خالد ، وسعد بن عبد الله ، والحميري عبد الله بن جعفر ، وعليّ بن الحسن بن فضّال ، والصفّار ، وموسى بن الحسن بن عامر(٧) ، ومحمّد بن أحمد بن يحيى.

وفي سند : عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أيّوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى(٨) .

والأظهر عطفه على محمّد بن الحسين ، ف : عن ، بدل : الواو ، ومثل هذا كثير في كتابي الشيخ ، وبالعكس.

__________________

(١) الفهرست : ١٦ / ٥٩ ، ولم يرد فيه الترحّم.

(٢) رجال الكشّي : ٥٧٢ / ١٠٨٣ ، وفيه : في الصالحين.

(٣) رجال الشيخ : ٤١٠ / ١٣.

(٤) في نسخة « م » : النخعي.

(٥) رجال الشيخ : ٣٦٨ / ٢٠ و ٣٩٨ / ١١.

(٦) فيه نقلا عن رجال الكشّي : ٥٥٧ / ١٠٥٣ : فورد علينا رسول من الرجل ـ المقصود منه الإمام الهاديعليه‌السلام ـ فقال لنا : الغائب العليل ثقة ، وأيّوب بن نوح ، وإبراهيم بن محمّد الهمداني ، وأحمد بن حمزة ، وأحمد بن إسحاق ثقات جميعا.

(٧) وموسى بن الحسن بن عامر ، لم يرد في المصدر.

(٨) الفقيه ٣ : ٣٤٥ / ١٦٥٣ ، التهذيب ٥ : ٣٠٨ / ١٠٥٦.

١٢١

وفيجش : محمّد بن سكين : ابن نوح بن درّاج(١) دعاني إلى هذا الأمر(٢) .

فيمكن رواية محمّد عنه أيضا(٣) .

٤٢٢ ـ أيّوب بن هلال الشامي :

أسند عنه ،ق (٤) .

__________________

(١) في نسخة « ش » : أيّوب بن نوح بن درّاج.

(٢) رجال النجاشي : ١٠٢ / ٢٥٤ ، إلاّ أنّ فيه : نوح بن درّاج ، وليس ابنه.

(٣) هداية المحدّثين : ٢٢.

(٤) رجال الشيخ : ١٥١ / ١٧٤.

١٢٢

باب الباء‌

٤٢٣ ـ البائس :

مولى حمزة بن اليسع الأشعري ، ثقة ،ضا (١) ، د(٢) .

أقول : في نسختي منجخ : ابن حمزة ، إلاّ أنّ في نسخة اخرى أصحّ وفي الوجيزة : مولى حمزة(٣) ، فتدبّر.

٤٢٤ ـ الشيخ بابويه بن سعد بن محمّد :

ابن الحسن بن بابويه ، فقيه ، صالح ، مقرئ ، قرأ على شيخنا الجد شمس الإسلام الحسن بن الحسين بن بابويه.

وله كتاب حسن في الأصول والفروع ، سمّاه : الصراط المستقيم ، قرأته عليه ،عه (٤) .

وهو غير مذكور في الكتابين.

وعنشه في شرح الدراية في بحث رواية الأبناء عن الآباء : وعن خمسة آباء ، وقد اتّفق لنا منه رواية الشيخ الجليل بابويه بن سعد بن محمّد ابن الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه سعد ، عن أبيه محمّد ، عن أبيه الحسن ، عن أبيه الحسين ـ وهو أخو الشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد ـ عن أبيه عليّ بن بابويه(٥) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٧٠ / ٣.

(٢) رجال ابن داود : ٥٤ / ٢٢٥.

(٣) الوجيزة : ١٦٦ / ٢٥٦.

(٤) فهرست منتجب الدين : ٢٨ / ٥٥.

(٥) الرعاية في علم الدراية : ٣٦١.

١٢٣

٤٢٥ ـ بحر بن كثير السقّاء :

البصري ،ق (١) .

وفيتعق : عدّه خالي ممدوحا(٢) ، لأنّ للصدوق طريقا إليه.

ويروي عنه حمّاد بواسطة حريز(٣) ، وفيه إشعار باعتماد عليه.

وقال جدّي : يمكن الحكم بصحّة حديثه لذلك(٤) ، وفيه تأمّل مضى(٥) .

أقول : الذي في الوجيزة : بحر : مجهول(٦) .

٤٢٦ ـ بدر بن الوليد الكوفي :

ق(٧) . وفي قي : ابن الوليد خثعمي ، كوفي(٨) .

وفيتعق : يظهر من بعض رواياته في الكافي كونه إماميّا(٩) .

ويروي عنه ابن أبي عمير بواسطة ابن مسكان(١٠) ، وفيه إشعار‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٥٨ / ٦٣.

(٢) الوجيزة : ٣٧٥ / ٧٣.

(٣) الكافي ٢ : ٨٣ / ١٥.

(٤) روضة المتقين : ١٤ / ٦٥.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٦٥.

(٦) الوجيزة : ١٦٦ / ٢٥٨ ، وذكر في الوجيزة : ٣٧٥ / ٧٣ طريق الصدوق إليه وقال عنه : ممدوح ، وقال في : ٤٠٩ ، واعلم أنّ ما نقلنا عن العلاّمة هو بيان حال السند دون صاحب الكتاب ، وإنّما حكمنا بحسن صاحب الكتاب إذا كان على المشهور مجهولا ، لحكم الصدوق ; بأنّه إنّما أخذ أخبار الفقيه من الأصول المعتبرة الّتي عليها المعوّل وإليها المرجع ، وهذا إن لم يكن موجبا لصحّة الحديث كما ذهب إليه المحدّثون ، فهو لا محالة مدح لصاحب الكتاب.

(٧) رجال الشيخ : ١٥٩ / ٧١.

(٨) رجال البرقي : ٤٥.

(٩) الكافي ١ : ٢٠١ / ١ و ٢ ، حيث انّه نقل روايات في أنّ الأئمّةعليهم‌السلام إذا شاءوا أن يعلموا علموا.

(١٠) لم نجد رواية ابن أبي عمير عن ابن مسكان عنه ، وإنّما الموجود في الكافي ١ : ٢٠١ / ١

١٢٤

بالاعتماد عليه ، بل بوثاقته(١) .

٤٢٧ ـ السيّد نجم الدين بدران :

ابن الشريف أبي الفتح العلوي الحسيني الموسوي النسّابة الأصفهاني ، فاضل ، محدّث ، حافظ.

له كتاب المطالب في مناقب آل أبي طالب ؛ أخبرني به الأجلّ(٢) الثقة الديّن(٣) أبو المكارم هبة الله بن داود بن محمّد الأصبهاني ، عنه ،عه (٤) .

وهو غير مذكور في الكتابين.

٤٢٨ ـ البراء بن عازب الأنصاري :

(٥) . وزاد ل : الخزرجي ، كنيته(٦) أبو عامر(٧) .

وفيصه : مشكور ، بعد أن أصابته دعوة أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتمان حديث غدير خم فعمي(٨) .

وفيكش : روى جماعة من أصحابنا ـ منهم : أبو بكر الحضرمي ، وأبان بن تغلب ، والحسين بن أبي العلاء ، وصباح المزني ـ عن أبي جعفر‌

__________________

و ٢ رواية صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عنه.

وصفوان وابن أبي عمير في موضوع الاعتماد بمنزلة واحدة ، فلاحظ.

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٦٥.

(٢) في نسخة « م » : الأجلّة.

(٣) في المصدر : تقي الدين ، وفي الهامش عن بعض نسخ الكتاب : ثقة الدين.

(٤) فهرست منتجب الدين : ٢٨ / ٥٦.

(٥) رجال الشيخ : ٣٥ / ٢.

(٦) في نسخة « م » : وكنيته.

(٧) رجال الشيخ : ٨ / ٣.

(٨) الخلاصة : ٢٤ / ٣.

١٢٥

وأبي عبد اللهعليهما‌السلام : أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) قال لبراء(٢) بن عازب : كيف وجدت هذا الدين؟

قال : كنّا بمنزلة اليهود قبل أن نتّبعك ، تخفّ علينا العبادة ، فلمّا اتّبعناك وقع(٣) حقائق الايمان في قلوبنا ، وجدنا العبادة قد تثاقلت في أجسادنا.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : فمن ثمّ يحشر الناس يوم القيامة في صور الحمير وتحشرون فرادى(٤) ، يؤخذ بكم إلى الجنّة.

ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما بدا لكم! ما من أحد يوم القيامة إلاّ وهو يعوي عوي(٥) البهائم : أن اشهدوا لنا واستغفروا لنا ، فنعرض عنهم ، فما هم(٦) بمفلحين.

قال أبو عمرو الكشّي : هذا بعد أن أصابته دعوة أمير المؤمنينعليه‌السلام (٧) .

فيما روي من جهة العامّة : روى عبد الله بن إبراهيم ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، قال : خرج عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام من القصر ، فاستقبله ركبان متقلّدون بالسيوف ، عليهم العمائم ، فقالوا : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ،

__________________

(١)عليه‌السلام ، لم ترد في نسخة « م ».

(٢) في المصدر : للبراء.

(٣) في المصدر : ووقع.

(٤) في المصدر : فرادى فرادى.

(٥) في المصدر : عواء.

(٦) في المصدر زيادة : بعدها.

(٧) رجال الكشّي : ٤٤ / ٩٤.

١٢٦

السلام عليك يا مولانا.

فقال عليّعليه‌السلام : من هاهنا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

فقام خالد بن زيد أبو أيّوب ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وقيس ابن سعد بن عبادة ، وعبد الله بن بديل بن ورقاء ، فشهدوا جميعا أنّهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم : من كنت مولاه فعليّ مولاه.

فقال عليّعليه‌السلام لأنس بن مالك والبراء بن عازب : ما منعكما أن تقوما فتشهدا ، فقد سمعتما كما سمع القوم!؟

ثمّ قال : اللهمّ إن كان(١) كتماها معاندة فابتلهما.

فعمي البراء ، وبرص قدما أنس. فحلف أنس أن لا يكتم منقبة لعليّ ولا فضلا أبدا.

وأمّا البراء بن عازب فكان يسأل عن منزله فيقال : هو في موضع كذا وكذا ، فيقول : كيف يرشد من أصابته الدعوة(٢) .

وفيتعق : في مجالس الصدوق ، في المجلس(٣) السادس والعشرين ، روى رواية بطريقه عن جابر بن عبد الله أنّ الذي أصابته الدعوة بالعمى هو الأشعث بن قيس ، وأمّا البراء فإنّهعليه‌السلام دعا عليه بالموت من حيث هاجر منه ، فولاّه معاوية اليمن ، فمات بها ، ومنها كان هاجر(٤) ، فتأمّل.

__________________

(١) في المصدر : كانا.

(٢) رجال الكشّي : ٤٥ / ٩٥.

(٣) في نسخة « ش » : مجلس.

(٤) أمالي الصدوق : ١٠٦ / ١.

١٢٧

وفي الاستيعاب : إنّه مات بالكوفة(١) .

وفي المجالس : عن الأعمش : إنّ رجلين من خيار التابعين شهدا عندي أنّ البراء كان يقول : أنا أتبرّأ في الدنيا والآخرة ممّن تقدّم على عليّعليه‌السلام (٢) .

وفي آخر الباب الأوّل منصه (٣) عن قي(٤) : إنّه من الأصفياء(٥) .

أقول : فيطس كما فيصه حرفا بحرف(٦) .

وعن الاستيعاب : شهد البراء بن عازب الجمل وصفّين والنهروان ، ثمّ مات بالكوفة بعد نزوله فيها(٧) .

وعن شرح البخاري : البراء ـ بتخفيف الراء والمد ، وقيل : بالقصر ـ روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثمائة وخمسة أحاديث ، نزل الكوفة وتوفّي بها في أيّام مصعب بن زبير ، وشهد مع عليّعليه‌السلام مشاهده(٨) .

وفي الوجيزة : فيه مدح وذم(٩) .

وذكره في الحاوي في الحسان(١٠) ، فتدبّر.

__________________

(١) الاستيعاب : ١ / ١٤٠.

(٢) مجالس المؤمنين : ١ / ٢٥١.

(٣) الخلاصة : ١٩٢.

(٤) رجال البرقي : ٣.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٦٥.

(٦) التحرير الطاووسي : ٩٤ / ٦٥.

(٧) الاستيعاب : ١ / ١٤٠.

(٨) عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري : ١ / ٢٤١.

(٩) الوجيزة : ١٦٦ / ٢٦٤.

(١٠) حاوي الأقوال : ١٨١ / ٩١٠.

١٢٨

٤٢٩ ـ البراء بن مالك الأنصاري :

أخو أنس بن مالك ، شهد أحدا والخندق ، وقتل يوم تستر(١) ،صه (٢) ، ل(٣) .

وفيكش : إنّ الفضل بن شاذان قال : من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام البراء بن مالك(٤) .

وفيتعق : تستر : معرّب شوشتر ، وقبره هناك يزار(٥) .

أقول : في القاموس : تستر ـ كجندب ـ بلد ، وششتر ـ بشينين معجمتين ـ لحن ، وسورها أوّل سور وضع بعد الطّوفان(٦) .

وعن تهذيب الأسماء : تستر ـ بتائين مثنّاتين من فوق ، الأولى مضمومة والثانية مفتوحة ، بينهما سين مهملة ساكنة ـ : وهي مدينة مشهورة بخوزستان(٧) .

وفي الوجيزة : ممدوح(٨) .

وفي الحاوي ذكره في الضعاف(٩) ، فتأمّل.

__________________

(١) في هذا اليوم من السنة السابعة عشرة وقيل : التاسعة عشرة ، وقيل : سنة عشرين من الهجرة ، شهد المسلمون حربا ضد أهل فارس ، كان على أثرها فتح رامهرمز وتستر ، الكامل لابن الأثير : ٢ / ٥٤٦.

(٢) الخلاصة : ٢٤ / ١.

(٣) رجال الشيخ : ٨ / ١.

(٤) رجال الكشّي : ٣٨ / ٧٨.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني.

(٦) القاموس المحيط : ١ / ٣٨٠.

(٧) تهذيب الأسماء واللغات : ٣ / ٤٣.

(٨) الوجيزة : ١٦٦ / ٢٦٥.

(٩) حاوي الأقوال : ٢٣٣ / ١٢٤٦.

١٢٩

٤٣٠ ـ البراء بن محمّد الكوفي :

ثقة ،صه (١) .

وزادجش : له كتاب يرويه أيّوب بن نوح(٢) .

أقول : فيمشكا : ابن محمّد الكوفي الثقة ، عنه أيّوب بن نوح(٣) .

٤٣١ ـ البراء بن معرور الأنصاري :

الخزرجي ، توفّي على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو من النقباء ليلة العقبة ،صه (٤) ، ل(٥) .

وفيتعق : ذكر أنّه فعل ثلاثة أفعال جرت بها السنّة : أوصى بثلث ماله ، وأوصى أن يدفن تجاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حين كان بمكّة ، واستعمل الماء في الاستنجاء.

والأوّلان رواهما المشايخ في كتاب الوصيّة ـ في الصحيح أو الحسن بإبراهيم ـ عن الصادقعليه‌السلام : كان البراء بن معرور بالمدينة ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكّة ، فحضره الموت ـ والمسلمون يصلّون إلى بيت المقدس ـ فأوصى أن يجعل وجهه تلقاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأوصى بثلث ماله ، فجرت السنّة(٦) .

والثالث رواه في الفقيه(٧) .

__________________

(١) الخلاصة : ٢٤ / ٤.

(٢) رجال النجاشي : ١١٤ / ٢٩٣.

(٣) هداية المحدّثين : ٢٣.

(٤) الخلاصة : ٢٤ / ٢.

(٥) رجال الشيخ : ٨ / ٢ ، وفيه : ابن معروف ، وفي الهامش : مغرور.

(٦) الكافي ٧ : ١٠ / ١ ، وكذا في كتاب الجنائز ٣ : ٢٥٤ / ١٦ ، والتهذيب ٩ : ١٩٢ / ٧٧١.

(٧) الفقيه ١ : ٢٠ / ٥٩.

١٣٠

وروى الثلاثة في الخصال ، إلاّ أنّ فيه : لمّا حضرته الوفاة كان غائبا عن المدينة ، فأمر أن يحوّل وجهه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . إلى آخره(١) (٢) .

وغير خفيّ أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يدخل مكّة بعد الهجرة إلاّ بعد الفتح ، وهو عام صلح الحديبيّة و(٣) العام الذي بعده ، وهو بعد تحويل القبلة بكثير.

فمعلوم أنّ وفاته كانت قبل الهجرة. والظاهر من الخصال أنّها بعدها ، فتأمّل.

أقول : ذكره فيصه في القسم الأوّل(٤) .

وفي الحاوي في الرابع(٥) .

وفي الوجيزة : ممدوح(٦) .

٤٣٢ ـ برد الإسكاف الأزدي :

ق(٧) . وزادقر : الكوفي ، روى عنهما(٨) .

وفي ين : برد الإسكاف(٩) .

وزادجش : له كتاب يرويه ابن أبي عمير(١٠) .

__________________

(١) الخصال : ١٩٢ / ٢٦٧.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٦٦.

(٣) أو ( خ ل ).

(٤) الخلاصة : ٢٤ / ٢.

(٥) حاوي الأقوال : ٢٣٣ / ١٢٤٧.

(٦) الوجيزة : ١٦٧ / ٢٦٧.

(٧) رجال الشيخ : ١٥٨ / ٥٨.

(٨) رجال الشيخ : ١٠٩ / ٢١.

(٩) رجال الشيخ : ٨٤ / ٤.

(١٠) رجال النجاشي : ١١٣ / ٢٩١.

١٣١

وفيست : له كتاب ، أحمد بن عبدون ، عن أبي طالب الأنباري ، عن حميد بن زياد ، عن ابن نهيك والحسن بن محمّد بن سماعة جميعا ، عنه(١) .

وفيتعق : رواية ابن أبي عمير عنه أمارة الوثاقة(٢) .

٤٣٣ ـ الشيخ أبو الخير بركة بن محمّد :

ابن بركة الأسدي ، فقيه ، ديّن ، قرأ على شيخنا أبي جعفر الطوسيرحمه‌الله .

وله كتاب حقائق الإيمان ، في الأصول ، وكتاب الحجج ، في الإمامة ؛ وكتاب عمل الأديان والأبدان.

أخبرنا بها السيّد عماد الدين أبو الصمصام ذو الفقار بن معبد الحسيني(٣) المروزي ، عنه ،عه (٤) .

وهو غير مذكور في الكتابين.

٤٣٤ ـ بريد بن عامر الأسلمي :

مولاهم المدني ، أسند عنه ،ق (٥) .

٤٣٥ ـ بريد :

أخو شتيرة وهبيرة وكريب ؛ يأتي في شتيرة أنّه وإخوته قتلوا بصفّين(٦) .

وهو غير مذكور في الكتابين.

ويأتي عنتعق : بالمثنّاة والزاي(٧) .

__________________

(١) الفهرست : ٤١ / ١٣٦.

(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٦٦.

(٣) في المصدر : الحسني.

(٤) فهرست منتجب الدين : ٢٧ / ٥٤.

(٥) رجال الشيخ : ١٥٩ / ٨٦ ، وفيه : بريدة.

(٦) الخلاصة : ٨٧ / ١.

(٧) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٣٧٤.

١٣٢

٤٣٦ ـ بريد بن معاوية :

أبو القاسم العجلي ،ق (١) .

وزادجش : عربي ، روى عن أبي عبد الله وأبي جعفرعليهما‌السلام ، ومات في حياة أبي عبد اللهعليه‌السلام .

وجه من وجوه أصحابنا ، وفقيه أيضا ، له محلّ عند الأئمّةعليهم‌السلام (٢) .

قال أحمد بن الحسين : إنّه رأى له كتابا يرويه عنه عليّ بن عقبة بن خالد الأسدي.

ورأيت بخطّ أبي العبّاس أحمد بن عليّ بن نوح : أخبرنا أحمد بن إبراهيم الأنصاري ـ يعني ابن أبي رافع ـ قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، قال : قال لنا عليّ بن الحسن بن فضّال : مات بريد بن معاوية سنة مائة وخمسين ،جش (٣) .

وفيصه : روي أنّه من حواريّ الباقر والصادقعليهما‌السلام (٤) وروى عنهما ، ومات في حياة أبي عبد اللهعليه‌السلام .

وهو وجه من وجوه أصحابنا ، ثقة ، فقيه ، له محلّ عند الأئمّةعليهم‌السلام .

قال أبو عمرو الكشّي : إنّه ممّن اتّفقت العصابة على تصديقه ، وممّن انقادوا له بالفقه.

وروي في حديث صحيح عن جميل بن درّاج قال : سمعت أبا عبد الله‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٥٨ / ٥٩ ، وفيه زيادة : الكوفي.

(٢)عليهم‌السلام ، لم ترد في المصدر.

(٣) رجال النجاشي : ١١٢ / ٢٨٧ ، والظاهر أن تكرار لفظ «جش » من سهو القلم.

(٤) في نسخة « ش » : الباقرعليه‌السلام والصادقعليه‌السلام .

١٣٣

عليه‌السلام يقول : بشّر المخبتين بالجنّة : بريد بن معاوية العجلي. وذكر آخرين.

ومات في سنة مائة وخمسين(١) ، انتهى.

ولا يخفى أنّ هذا ينافي ما تقدّم منه من أنّه مات في حياة أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فإنّهعليه‌السلام (٢) قبض في سنة ثمان وأربعين ومائة. وأمّاجش فإنّه روى هذا عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، فتدبّر.

وفي د : هو أحد الخمسة المخبتين الّذين اتّفقت العصابة على توثيقهم وفقههم.

وهو ـ أيضا ـ عند الجمهور وجه ، ذكره الدارقطني في المؤتلف والمختلف ، وأنّه يروي حديث خاصف النعل عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) (٤) .

وفيكش : حمدويه بن نصير ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : بشّر المخبتين بالجنّة : بريد بن معاوية العجلي ، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي ، ومحمّد بن مسلم ، وزرارة ؛ أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه ، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوّة واندرست(٥) .

عليّ بن محمّد ، عن محمّد بن أحمد(٦) ، عن يعقوب بن يزيد ، عن‌

__________________

(١) الخلاصة : ٢٦ / ١.

(٢) في نسخة « م » : فإنّه قال.

(٣) المؤتلف والمختلف : ١ / ١٧٢.

(٤) رجال ابن داود : ٥٤ / ٢٣٢.

(٥) رجال الكشّي : ١٧٠ / ٢٨٦.

(٦) في نسخة « م » : أحمد بن محمّد.

١٣٤

ابن أبي عمير ، عن أبي العبّاس البقباق ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أربعة أحبّ الناس إليّ أحياء وأمواتا : بريد العجلي ، وزرارة ، ومحمّد بن مسلم ، والأحول(١) .

وفيه غير ذلك(٢) .

وفيه بعض الذم أيضا(٣) ؛ ولا يخلو سنده من شي‌ء.

ويمكن أن يكون الوجه الشفقة عليهم ، والترغيب لهم في الاحتياط في الفتوى ، والإخفاء عن أهل الخلاف ، والترهيب عن خلاف ذلك.

وفيتعق على قول الميرزا : وأمّاجش فإنّه. إلى آخره : فلا يظهر منجش منافاة بين كلاميه. ومن العجب(٤) أنّ بعض المحقّقين نسبجش إلى كثرة الأغلاط بسبب هذا وأضعف من هذا ، وهذه جسارة لا ترتكب ، سيّما بأمثال ذلك.

نعم ، الظاهر أنّه وقع فيصه بسبب زيادة اعتماده علىجش وابن فضّال وقلّة(٥) ، تأمّله بسبب كثرة تصانيفه وسائر إشغاله(٦) .

أقول : لعلّ كلمة : وقيل ، ساقطة من قلم ناسخصه قبل : ومات(٧) في‌

__________________

(١) رجال الكشّي : ٢٤٠ / ٤٣٨.

(٢) رجال الكشّي : ٢٣٨ / ٤٣٢ ، وفيه : عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال : أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة : محمّد بن مسلم وبريد بن معاوية وليث بن البختري المرادي وزرارة بن أعين.

(٣) رجال الكشّي : ٢٣٩ / ٤٣٥ ، وفيه : عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : هلك المترئسون في أديانهم منهم : زرارة وبريد ومحمّد بن مسلم وإسماعيل الجعفي.

(٤) في نسخة « ش » : العجيب.

(٥) وقلّة ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٦٦.

(٧) في نسخة « م » : مات.

١٣٥

سنة مائة وخمسين ، وكم من مثله قد وقع.

وأمّا ما نسب إلىجش فغلط صرف وتوهّم محض ، فإنّه لا يقاس بغيره في الضبط.

هذا والذي فيما يحضرني من نسخصه : ثقة فقيه ، كما مرّ ، ونقله غيره أيضا. وكأنّ في نسخةشه : ثقة ثقة ، حيث قال : في نسخة الشهيد : ثقة فقيه ، وهو الصحيح ، لأنّ من ضبط بالثقة مرّتين محصور العدد في د وغيره ، والمصنّف كرّر ، وليس هذا منه(١) ، انتهى فتتبّع.

وفيمشكا : أبو القاسم بن معاوية العجلي الثقة الفقيه ، عنه عليّ بن عقبة بن خالد الأسدي ، وعمر بن أذينة ، وهشام بن سالم ، وأبان بن عثمان ، ويحيى الحلبي ، وحريز ، والقاسم بن عروة ، وجميل بن صالح ، والحارث ابن محمّد ، وعليّ بن رئاب(٢) .

٤٣٧ ـ بريدة الأسلمي :

من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام على قول الفضل بن شاذان ، على ما فيكش (٣) .

وفيصه : بريد ، بغير هاء ؛ والظاهر أنّ بهاء هو الصواب. ثمّ قال : من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام هو والبراء بن مالك ، قاله الفضل بن شاذان(٤) .

وفيتعق : في النقد : يفهم من كلامشه في الدراية توثيقه(٥) .

__________________

(١) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ١٧ ، ولم يرد فيها قوله : والمصنّف كرّر.

(٢) هداية المحدّثين : ٢٣.

(٣) رجال الكشّي : ٣٨ / ٧٨.

(٤) الخلاصة : ٢٧ / ٢.

(٥) الرعاية في علم الدراية : ٣٧٧ ، نقد الرجال : ٥٤.

١٣٦

وفي الوجيزة والبلغة : ممدوح ، وثّقهشه (١) .

وفي الاحتجاج ما يدلّ على جلالته وإنكاره على أبي بكر ، وقصّته مشهورة(٢) .

ولمّا سمع بموتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وكان في قبيلته ـ أخذ رأيته(٣) فنصبها على باب بيت أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال عمر : الناس اتّفقوا على بيعة أبي بكر ، ما لك تخالفهم!؟

قال : لا أبايع غير صاحب هذا البيت(٤) (٥) .

أقول : الذي رأيته في غير هذا الموضع(٦) أنّه لمّا مات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان بالشام.

وفي كتاب الأربعين في إمامة الأئمّة الطاهرين ، أسند الثقفي إلى الكناني إلى المحاربي إلى الثمالي إلى الصادقعليه‌السلام : أنّ بريدة قدم من الشام وقد بويع لأبي بكر ، فقال له : أنسيت تسليمنا على عليّعليه‌السلام بإمرة المؤمنين واجبة من الله ورسوله؟ قال : إنّك غبت وشهدنا ، وإنّ الله يحدث الأمر بعد الأمر ، ولم يكن ليجمع لأهل هذا البيت النبوّة والملك(٧) .

وفي رواية الثقفي والسري : إنّ عمر قال : إنّ النبوّة والإمامة لا تجتمع‌

__________________

(١) الوجيزة : ١٦٧ / ٢٧١ ، البلغة : ٣٣٥.

(٢) الاحتجاج : ١ / ٧٧.

(٣) في نسخة « ش » : راية.

(٤) مجالس المؤمنين : ١ / ٢٢٢.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٦٧.

(٦) في نسخة « م » : في غير موضع.

(٧) راجع تلخيص الشافي : ٣ / ٥٠ ، بحار الأنوار : ٢٨ / ٣٧٤.

١٣٧

في بيت واحد ؛ فقال بريدة : أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ والنبوّة وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً(١) ، فقد جمع الله(٢) لهم ذلك(٣) ، انتهى.

وذكره في الحاوي في الضعاف(٤) . وهو في المتأخّرين نظير ابن الغضائريرحمه‌الله .

٤٣٨ ـ بريه العبادي الحيري :

أسلم على يد أبي عبد اللهعليه‌السلام ، يقال : روى عنه ابن أبي عمير ،ق (٥) .

وفيست : بريه العبادي ، له كتاب ، أحمد بن عبدون ، عن أبي طالب ، عن حميد ، عن القاسم بن إسماعيل القرشي وعبد الله(٦) بن أحمد النهيكي جميعا ، عنه(٧) .

وفيجش : بريه العبادي ، عمّار بن مروان ، عنه بكتابه(٨) .

وفيضح : بري : بضمّ الموحّدة ، وفتح المهملة ، وإسكان الياء ، العبادي : بكسر المهملة ، والدال بعد الألف(٩) .

وفيتعق : في رواية ابن أبي عمير عنه إشعار بالوثاقة ، كما مرّ غير‌

__________________

(١) اقتباس من سورة النساء آية : ٥٤.

(٢) لفظ الجلالة لم يرد في نسخة « ش ».

(٣) راجع كتاب اليقين : ٧٦ ، بحار الأنوار ٣٧ : ٣٠٩ / ٣٩.

(٤) حاوي الأقوال : ٢٣٣ / ١٢٥٢.

(٥) رجال الشيخ : ١٥٩ / ٨٥ ، وفي نسخة « ش » : الحميري.

(٦) في المصدر : وعبيد الله.

(٧) الفهرست : ٤١ / ١٣٤.

(٨) رجال النجاشي : ١١٣ / ٢٩٢.

(٩) إيضاح الاشتباه : ١٢٣ / ١١٦.

١٣٨

مرّة(١) .

أقول : الظاهر اتّحاده مع النصراني الآتي ، فلاحظ.

٤٣٩ ـ بريه النصراني :

له كتاب ، ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس وسعد ابن عبد الله والحميري ، عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن عبيس بن هشام ، عنه ،ست (٢) .

وفي د : برية : بضمّ الباء وسكون الراء وفتح المثنّاة تحت ، العبادي : بالكسر ، وذكره الجوهري بالفتح وردّ عليه(٣) ، الحيري : بكسر الحاء المهملة ،ق ،جخ ،جش أسلم على يديه.

وفي قولجش نظر ، لأنّ الذي أسلم على يديهعليه‌السلام بريه النصراني ، وهو غير العبادي ، وقد ذكرهما الشيخ في ست.

ومن الناس من ظنّه بريه : بفتح الراء وسكون الياء ، تصغير : إبراهيم ، وليس به(٤) ، انتهى.

والظاهر أنّهما واحد. وما ذكره عنجش هو فيجخ ، ولم يذكر إلاّ العبادي ، وكأنّه للاتّحاد ، وكذاجش ، فتأمّل.

وفيتعق : في بصائر الدرجات عن هشام بن الحكم : سأل الصادقعليه‌السلام (٥) بريهة : كيف علمك بكتابك(٦) ؟ قال : أنا به عالم. إلى أن‌

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٦٧.

(٢) الفهرست : ٤٠ / ١٣٣.

(٣) الصحاح ٢ / ٥٠٤.

(٤) رجال ابن داود : ٥٥ / ٢٣٤.

(٥) في المصدر : سأل موسى بن جعفرعليه‌السلام .

(٦) في المصدر : بكتاب الله.

١٣٩

قال :

فابتدأعليه‌السلام في قراءة الإنجيل ، فقال بريهة : والمسيحعليه‌السلام (١) لقد كان يقرؤها هكذا ، وما قرأ هذه القراءة إلاّ المسيحعليه‌السلام (٢) . ثمّ قال : إيّاك كنت أطلب منذ خمسين سنة. إلى أن قال : فلزم أبا عبد اللهعليه‌السلام إلى أن مات(٣) (٤) .

وزاد في التوحيد : أبو عبد اللهعليه‌السلام ، ثمّ لزم موسىعليه‌السلام حتّى مات في زمانهعليه‌السلام ، فغسّله بيدهعليه‌السلام ، وكفّنه بيدهعليه‌السلام ، ولحّده بيده ، وقال : هذا حواريّ من حواريّ المسيحعليه‌السلام .

فتمنّى كثير(٥) أن يكونوا مثله(٦) ، انتهى.

فعلى هذا الظاهر رجوع ضمير : مات ، في البصائر إلى الإمامعليه‌السلام .

هذا ، وبريهة : بالمثنّاتين التحتانيّة والفوقانيّة ، كما وقفت عليه.

أقول : الظاهر اتّحاده مع السابق ، وصرّح به في الوسيط(٧) ، وتكراره فيست لا يدلّ على التعدّد ، كما هو ظاهر من طريقة الشيخ فيه وفي رجاله.

وفي القاموس : عباد ، بالكسر ـ والفتح غلط ، ووهم الجوهري(٨) ـ :

__________________

(١)عليه‌السلام ، لم ترد في المصدر.

(٢)عليه‌السلام ، لم ترد في المصدر.

(٣) بصائر الدرجات : ١٥٦ / ٤.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٦٧.

(٥) في المصدر : فتمنّى أكثر أصحابه.

(٦) التوحيد : ٢٧٥.

(٧) الوسيط : ٣٣.

(٨) الصحاح : ٢ / ٥٠٤.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500