منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

منتهى المقال في أحوال الرّجال16%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-90-6
الصفحات: 500

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 258811 / تحميل: 5399
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٩٠-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

يومئ إلى حسنه وكونه من مشايخه(١) ، وكذا في محمّد بن قيس البجلي(٢) (٣) .

أقول : صرّح العلاّمة في إجازته الكبيرة بكونه من مشايخ الشيخرحمه‌الله (٤) .

٥٤٦ ـ جعفر بن الحسين :

روى عنه ابن بابويه ، لم(٥) .

ومرّ عنصه : ابن الحسن بن علي بن شهريار(٦) . وعنجش : ابن الحسين(٧) .

٥٤٧ ـ جعفر بن حمدان الحضيني :

يظهر من رواية في كمال الدين جلالة قدره(٨) .

وذكر الصدوقرحمه‌الله أنّ ممّن رأى القائمعليه‌السلام ووقف على معجزته من أهل همدان جعفر بن حمدان(٩) ،تعق (١٠) .

أقول : مرّ ذلك في المقدّمة الأولى ، ومرّ أيضا : ومن أهل الأهواز الحضيني(١١) ، فتأمّل.

__________________

(١) الفهرست : ١٥٦ / ٧٠٥.

(٢) الفهرست : ١٣١ / ٥٨٩.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٢.

(٤) بحار الأنوار : ١٠٧ / ١٣٧.

(٥) رجال الشيخ : ٤٦١ / ٢٤.

(٦) الخلاصة : ٣٣ / ٢٠.

(٧) رجال النجاشي : ١٢٣ / ٣١٧.

(٨) كمال الدين : ٤٤٥ / ١٩ ، وفيه الحصيني.

(٩) كمال الدين : ٤٤٢ / ١٦.

(١٠) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٢.

(١١) مرّ ذكر هذا في المقدّمة الثانية لا الأولى.

٢٤١

٥٤٨ ـ جعفر بن حيّان الكوفي :

ق(١) . ثمّ فيهم بزيادة : الصيرفي(٢) . ثمّ فيهم بدل الكوفي : أخو هذيل(٣) .

ثمّ فيظم : ابن حيّان واقفي(٤) .

إلاّ أنّ فيصه ود : جهيم بن جعفر بن حيّان واقفي(٥) ، ونسبه إليه د(٦) .

والذي وجدناه فيهم في نسخ : جهيم جعفر بن حيّان. ولعلّ ابن ساقط من نسخنا.

أقول : في نسختي منجخ ( فيق كما مرّ بثلاث تراجم. وأمّا فيظم ففي نسخة : جهيم. جعفر بن حيّان ، وفي أخرى : )(٧) جهيم بن جعفر بن حيّان واقفي(٨) .

ونقل في الحاوي عنجخ : جهيم بن جعفر(٩) ، لكن في المجمع عنه كما ذكرنا(١٠) : جهيم.

جعفر بن حيّان(١١) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٦٢ / ١٤.

(٢) رجال الشيخ : ١٦٢ / ١٠.

(٣) رجال الشيخ : ١٦٥ / ٧٣.

(٤) رجال الشيخ : ٣٤٦ / ٦ ، وفيه : جهم بن جعفر بن.

(٥) الخلاصة : ٢١١ / ١ ، وفيها : جهم.

(٦) رجال ابن داود : ٢٣٦ / ١٠٠.

(٧) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « م ».

(٨) في نسخة « م » : جهيم جعفر بن حيّان.

(٩) حاوي الأقوال : ٢٤٠ / ١٣٢٢.

(١٠) كما ذكرنا ، لم ترد في نسخة « ش ».

(١١) مجمع الرجال : ٢ / ٢٦ ، ٦٦.

٢٤٢

وفي الوجيزة : جعفر بن حيّان ضعيف(١) . ويأتي في جهيم ما فيه.

٥٤٩ ـ جعفر بن خلف :

ظم (٢) . وزادق : الكوفي(٣) .

وفيكش : جعفر بن أحمد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن جعفر بن خلف ، قال : سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول : سعد امرؤ لم يمت حتّى يرى منه خلفا ، وقد أراني الله ابني هذا خلفا. وأشار إليه ، دلالة على خصوصه(٤) .

وفيتعق : في البلغة : فيه مدح(٥) ، وفي الوجيزة : مدح عظيم(٦) .

ولعلّه غير ما ذكرهكش ، أو لم أفهمه ، إذ غايته أنّه روى الإشارة إلى ابنه الرضا عنهعليه‌السلام بالإمامة ، ورجوع الإشارة والضمير إليه بعيد. ويأتي نظير الرواية في موسى بن بكر(٧) (٨) .

أقول : الذي نقله في المجمع : وأشار إليه ـ يعني الرضاعليه‌السلام ـ وفيه دلالة على خصوصيّته.

وقال في الحاشية : هذا كلام الشيخ الجليل الكشّيرحمه‌الله في مقام الاستدلال على اعتبار الراوي(٩) .

__________________

(١) الوجيزة : ١٧٥ / ٣٥٥.

(٢) رجال الشيخ : ٣٤٦ / ٥.

(٣) رجال الشيخ : ١٦٢ / ١٨.

(٤) رجال الكشّي : ٤٧٧ / ٩٠٥ ، وفيه : دلالة على خصوصيّته.

(٥) بلغة المحدّثين : ٣٣٩ / ٤ ، وفيها : فيه مدح ما.

(٦) الوجيزة : ١٧٥ / ٣٥٦ ، وفيها بدل عظيم : ضعيف ، وسيشير المصنّف إليه.

(٧) رجال الكشّي : ٤٣٨ / ٨٢٥.

(٨) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٢.

(٩) مجمع الرجال : ٢ / ٢٧ ، وفيه : على جلالة الراوي.

٢٤٣

ولعلّ فيكش الذي عند الفاضلين المذكورين أيضا كذلك ، وفهما منه ذلك.

وفي نسختي من الاختيار والتحرير : وأشار إليه دلالة على خصوصيّته(١) ، فتدبر(٢) .

هذا ، وفي وجيزتي : فيه مدح ضعيف ، أي : المدح ضعيف ، فتأمّل.

٥٥٠ ـ جعفر بن زياد الأحمر :

أبو عبد الله الكوفي ،ق (٣) .

هب إلاّ أبو عبد الله ، وزاد : صدوق ، شيعي(٤) . ونحوهقب (٥) .

وفيتعق : أشرنا في الفوائد إلى ما فيه(٦) .

أقول : عن ميزان الاعتدال : جعفر بن زياد الأحمر ، ثقة صالح الحديث صدوق شيعي ومن رؤسائهم ، حبسه أبو جعفر مع جماعة من الشيعة بخراسان في المطبق دهرا(٧) ، انتهى.

فهو حسن لا محالة.

٥٥١ ـ جعفر بن سليمان الضبعي :

بالمعجمة والمفردة المفتوحتين والمهملة ، البصري ،ق ،جخ ، ثقة ، د(٨) .

__________________

(١) التحرير الطاووسي : ١٠٧ / ٧٣.

(٢) فتدبر ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٣) رجال الشيخ : ١٦١ / ٧.

(٤) الكاشف ١ : ١٢٩ / ٧٩٩.

(٥) تقريب التهذيب ١ : ١٣٠ / ٨١.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٢.

(٧) ميزان الاعتدال ١ : ٤٠٧ / ١٥٠٣.

(٨) رجال ابن داود : ٦٣ / ٣٠٨.

٢٤٤

ولم أجد ابن سليمان فيق أصلا.

وفيقب : جعفر بن سليمان الضبعي ـ بضمّ المعجمة وفتح الموحّدة ـ أبو سليمان البصري ، صدوق زاهد لكنّه كان يتشيّع(١) . مات سنة ثمان وسبعين ومائة(٢) .

وفيهب : ثقة فيه شي‌ء ، ومع كثرة علومه كان أمّيّا ، وهو من زهّاد الشيعة. توفّي سنة ثمان وسبعين ومائة(٣) .

وفيتعق : فيه ما أشرنا إليه في الفوائد(٤) .

أقول : هو مذكور فيق منجخ في نسختي موثّقا(٥) كما نقله في(٦) د.

ونقل التوثيق عنق في المجمع أيضا(٧) ، إلاّ أنّه(٨) لم يذكره في الحاوي والوجيزة أصلا. ولعلّه في بعض نسخه دون بعض.

وفيمخهب : جعفر بن سليمان الإمام العابد أبو سليمان الضبعي ، من ثقات الشيعة وزهّادهم. ثمّ قال : وثّقه ابن معين ، وكان راوية ثابت البناني. وأحسن ابن سعد حيث يقول : كان ثقة فيه ضعف(٩) ، انتهى.

وعن ميزان الاعتدال : جعفر بن سليمان الضبعي من علماء الزهّاد على تشيّعه(١٠) ، انتهى.

__________________

(١) في نسخة « م » : تشيع.

(٢) تقريب التهذيب ١ : ١٣١ / ٨٣.

(٣) الكاشف ١ : ١٢٩ / ٨٠١.

(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

(٥) رجال الشيخ : ١٦٢ / ١٩.

(٦) في ، لم ترد في نسخة « ش ».

(٧) مجمع الرجال : ٢ / ٢٨.

(٨) في نسخة « ش » : قال لأنّه.

(٩) راجع تذكرة الحفّاظ ١ : ٢٤١ / ٢٢٧.

(١٠) ميزان الاعتدال ١ : ٤٠٨ / ١٥٠٥.

٢٤٥

فهو حسن بلا ريب.

٥٥٢ ـ جعفر بن سليمان القمي :

أبو محمّد ، ثقة من أصحابنا ،صه (١) .

وزادجش : القميّين ، له كتاب ثواب الأعمال ، أخبرنا عليّ بن أحمد ابن أبي جيد ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، عنه(٢) .

وفيظم ثمّ فيدي : ابن سليمان(٣) .

وفي د : لم ،جش ، ثقة(٤) . ولم نجده في لم ، فتأمّل.

أقول : ذكرنا غير مرّة ما في عدم وجدانه.

ولا يخفى أنّه ليس أحد المذكورين فيظم ودي ، كما يظهر من ذكر الميرزا إيّاهما. واحتمل في الوسيط كونه الأخير(٥) ، وهو(٦) أيضا بعيد ، لما رأيت من روايةجش عنه بواسطتين ، ولذا لم يذكرهما في المجمع والحاوي في ترجمته(٧) ، فلا تغفل.

وفيمشكا : ابن سليمان القمّي ، عنه محمّد بن الحسن بن الوليد(٨) .

٥٥٣ ـ جعفر بن سماعة :

ق (٩) . وزادظم : واقفي(١٠) .

__________________

(١) الخلاصة : ٣٣ / ١٦.

(٢) رجال النجاشي : ١٢١ / ٣١٢.

(٣) رجال الشيخ : ٣٤٥ / ٢ و ٤١٢ / ٧.

(٤) رجال ابن داود : ٦٣ / ٣٠٧.

(٥) الوسيط : ٤٢.

(٦) في نسخة « ش » : وهو كذلك.

(٧) مجمع الرجال : ٢ / ٢٨ ، حاوي الأقوال : ٣٩ / ١٢٣.

(٨) هداية المحدّثين : ١٨٢.

(٩) رجال الشيخ : ١٦٥ / ٧٠.

(١٠) رجال الشيخ : ٣٤٦ / ٨.

٢٤٦

والحق أنّه جعفر بن محمّد بن سماعة. ويأتي.

وفيتعق : جعفر بن محمّد بن سماعة أخو الحسن بن محمّد بن سماعة فكيف يكونق! وأيضا يأتي في محمّد بن سماعة والد جعفر أنّهضا (١) ، فكيف يكون ابنه من أصحاب الصادقعليه‌السلام والكاظمعليه‌السلام !

وفي الأخبار : عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن صفوان ، عن جعفر بن سماعة(٢) ، فتأمّل.

ويشير هذا إلى وثاقته كما مرّ في الفوائد(٣) .

أقول : في الحاوي والمجمع أيضا أنّهما واحد(٤) ، واستظهره في النقد(٥) ، وحكم به في الوجيزة ، ثمّ قال : وقيل : ضعيف غيره(٦) . وليس بذلك البعيد.

وضرر كونه أخا الحسن غير مفهوم ، لأنّهظم (٧) وهذاق أيضا ، مع أنّه يأتي أنّه أكبر إخوته.

وأمّا كون والدهضا فكيف يكون الابن من أصحابهماعليهما‌السلام ، فربما يقال : لا يستلزم من ذكر الأب فيضا عدم دركه غيرهعليه‌السلام ، بل الظاهر من ذكر الراوي في أصحاب إمامعليه‌السلام روايته عنهعليه‌السلام ، ومن عدم ذكره عدم روايته عنهعليه‌السلام وإن عاصره ، يشير إليه‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٣٨٩ / ٣١.

(٢) التهذيب ٣ : ٨٥ / ٢٤٢.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

(٤) حاوي الأقوال : ١٩٩ / ١٠٥١ ، مجمع الرجال : ٢ / ٢٨.

(٥) نقد الرجال : ٦٩ / ٣٢.

(٦) الوجيزة : ١٧٥ / ٣٥٨.

(٧) رجال الشيخ : ٣٤٨ / ٢٤.

٢٤٧

قول الشيخ في بعض التراجم : عاصره ولا أدري روى عنه أم لا. وقوله في أوّل رجاله : ولمن لم يرو عنهمعليهم‌السلام : لم(١) ، ينادي بذلك.

وهذا الحسن بن محمّد بن سماعة لم يذكره إلاّ فيظم مع أنّه أدرك الرضا والجوادعليهما‌السلام ، بل والهادي والعسكريعليهما‌السلام أيضا كما يأتي تاريخ وفاته.

وأيضا ، كما ينافي وجود الأب فيضا وجود الابن فيق وظم ينافي ذلك وجوده فيظم وحده أيضا ، وسيأتي ذكر الحسن فيظم مع ذكر الأب فيضا ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن سماعة ، عنه الحسن بن محمّد بن سماعة كما يظهر من باب المواقيت من التهذيب(٢) (٣) .

٥٥٤ ـ جعفر بن سهيل الصيقل :

وكيل أبي الحسن وأبي محمّد وصاحب الدارعليهم‌السلام ،دي (٤) .

وزادصه بعد الصيقل : من أصحاب أبي محمّد العسكريعليه‌السلام (٥) .

وفيتعق : هذا يشير إلى الجلالة ، بل الوثاقة كما مرّ في الفوائد(٦) .

قلت : سيّما بعد وكالته لثلاثة منهمعليهم‌السلام . ولذا ذكره في‌

__________________

(١) راجع رجال الشيخ : ٢ ، باختلاف.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٤٣ / ٩٦٤.

(٣) هداية المحدّثين : ٣٠.

(٤) رجال الشيخ : ٤٢٩ / ١ إلاّ أنّه لم يذكره في أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام ، بل ذكره في أصحاب الإمام العسكريعليه‌السلام .

(٥) الخلاصة : ٣١ / ٤.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

٢٤٨

القسم الأوّل.

وفي الوجيزة : كان وكيلا(١) .

وذكره في الحاوي في الضعاف(٢) ، لعدم دلالة الوكالة على مدح ، فتأمّل.

٥٥٥ ـ جعفر بن عبد الله :

رأس المذري ، ابن جعفر الثاني ابن عبد الله بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أبو عبد الله. كان وجها في أصحابنا وفقهائنا(٣) ، وأوثق الناس في حديثه ،صه (٤) .

وزادجش قبل كان : أمّه آمنة بنت عبد الله بن عبيد الله بن الحسن بن عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، وبعد في حديثه : وروى عن أخيه محمّد عن أبيه عبد الله بن جعفر ، وله عقب بالكوفة والبصرة ، وابن ابنه أبو الحسن العبّاس بن أبي طالب عليّ بن جعفر روى عنه هارون بن موسى.

وروى جعفر عن جلّة(٥) أصحابنا مثل الحسن بن محبوب ، ومحمّد بن أبي عمير ، والحسن بن عليّ بن فضّال ، وعبيس بن هشام ، وصفوان ، وابن جبلة.

قال أحمد بن الحسينرحمه‌الله : رأيت له كتاب المتعة ، يرويه عنه أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرحمن ، وقد أخبرنا جماعة عنه(٦) ،

__________________

(١) الوجيزة : ١٧٦ / ٣٥٩.

(٢) حاوي الأقوال : ٢٣٦ / ١٢٨٥.

(٣) في الخلاصة والنجاشي : وفقيها.

(٤) الخلاصة : ٣٢ / ١٢.

(٥) في نسخة « م » : أجلّة.

(٦) رجال النجاشي : ١٢٠ / ٣٠٦.

٢٤٩

انتهى.

ويقال له : جعفر بن عبد الله المحمّدي ، كما يأتي في ابن ابنه أبي الحسن العبّاس بن أبي طالب عليّ(١) .

وفيتعق : يأتي عنجش في محمّد بن الحسن وصفه بالمحدّث(٢) (٣) .

أقول : وكذا قال في المجمع(٤) .

وقال ولد الأستاذ العلاّمة دام علاهما : كونه المحمّدي سهو واضح ، فإنّ الذي يقال له جعفر المحمّدي هو جدّ المذري وجدّ العباس بن عليّ ، فيكون العباس المذكور ابن عمّ المذري لا ابن ابنه ، انتهى ، فتأمّل جدا فانّجش كما ترى صرّح بكونه ابن ابنه.

ويأتي في سماعه رواية ابن عقدة عن جعفر بن عبد الله المحمّدي(٥) ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن عبد الله رأس المذريّ الممدوح في الجملة ، عنه ابن عقدة. وهو عن الحسن بن محبوب ، ومحمّد بن أبي عمير ، والحسن بن عليّ ابن فضّال ، وعبيس بن هشام ، وصفوان ، وابن أبي جيد(٦) .

٥٥٦ ـ جعفر بن عبد الله بن جعفر :

ابن محمّد بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أسند عنه ،ق (٧) .

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤٨٠ / ٢٤.

(٢) رجال النجاشي : ٣٣٧ / ٩٠٠ ، في ترجمة : محمّد بن الحسين بن سعيد الصائغ.

(٣) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

(٤) مجمع الرجال : ٢ / ٢٩.

(٥) رجال النجاشي : ١٩٣ / ٥١٧.

(٦) هداية المحدّثين : ١٨٢ ، وفيه بدل ابن أبي جيد : ابن جبلة.

(٧) رجال الشيخ : ١٦١ / ١.

٢٥٠

قلت : هو جدّ السابق عليه.

٥٥٧ ـ جعفر بن عبد الله بن الحسين :

ابن جامع ، قمّي ، حميري ،دي (١) .

قلت : هو ابن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع ، كما يأتي في أخيه محمّد(٢) وأبيه عبد الله(٣) إلاّ أنّ فيه : ابن الحسن.

ويأتي في محمّد أنّ له مكاتبة ، فلا تغفل.

٥٥٨ ـ جعفر بن عبيد الله :

ابن جعفر ، له مكاتبة ،صه (٤) .

وفي نسخة منسوبة إلى ولدهرحمه‌الله : مكانة ؛ على ما نقل عنشه (٥) .

وفيلم : ابن عبيد الله روى عن الحسن بن محبوب ، روى عنه ابن عقدة(٦) .

قلت : لعلّ الظاهر اتّحاد ما فيصه مع ما مرّ عندي ، فإنّه الذي له مكاتبة ، والأمر في التصغير سهل ، مع أنّه نقله في الحاوي عنصه : ابن عبد الله(٧) .

وأمّا المذكور عن لم فهو ابن عبد الله رأس المذري ، والتصغير مختصّ بنسخة الميرزا ، فإنّ في الحاوي والمجمع : ابن عبد الله ، وذكراه في الترجمة‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤١١ / ٥.

(٢) رجال النجاشي : ٣٥٤ / ٩٤٩ ، وفيه : ابن الحسين بن جامع بن مالك.

(٣) رجال النجاشي : ٢١٩ / ٥٧٣ ، وفيه : ابن الحسين بن مالك بن جامع.

(٤) الخلاصة : ٣٣ / ٢٣ ، وفيها : ابن عبد الله.

(٥) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : ٢٠.

(٦) رجال الشيخ : ٤٦١ / ٢٢ ، وفيه : عبد الله ، عبيد الله ( خ ل ).

(٧) حاوي الأقوال : ٢٣٧ / ١٢٨٩ ، غير أنّه لم ينسبه إلى الخلاصة.

٢٥١

المذكورة(١) .

٥٥٩ ـ جعفر بن عثمان الرواسي :

الكوفي ،ق (٢) .

وفيصه : روىكش عن حمدويه عن أشياخه أنّه ثقة فاضل خيّر(٣) .

وفيكش : حمدويه ، قال : سمعت أشياخي يذكرون أنّ حمّادا وجعفرا والحسين بني عثمان بن زياد الرواسي ـ وحمّاد يلقّب(٤) بالناب ـ كلّهم فاضلون خيار ثقات(٥) .

أقول : ذكره في الحاوي في الثقات ، وقال : لا يتوهّم أنّ ما نقلهكش مرسل فلا يفيد التوثيق ، لأنّ بعض مشايخ حمدويه ثقة ، والإضافة تفيد العموم.

قيل : وفيه نظر. وقد ذكرته في القسم الرابع أيضا لذلك(٦) ، انتهى.

ولم أره في القسم الرابع من نسختي.

٥٦٠ ـ جعفر بن عثمان بن شريك :

ابن عدي الكلابي ، الوحيدي ، ابن أخي عبد الله بن شريك ، وأخوه الحسين بن عثمان ، رويا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

له كتاب رواه عنه جماعة ، ابن أبي عمير ، عنه به ،جش (٧) .

وليس فيكش إلاّ ما تقدّم.

__________________

(١) حاوي الأقوال : ٣٩ / ١٢٤ ، مجمع الرجال : ٢ / ٢٩.

(٢) رجال الشيخ : ١٦١ / ٦.

(٣) الخلاصة : ٣٢ / ١١.

(٤) في النسخ الخطّية : ويلقب.

(٥) رجال الكشّي : ٣٧٢ / ٦٩٤.

(٦) حاوي الأقوال : ٤٠ / ١٢٥.

(٧) رجال النجاشي : ١٢٤ / ٣٢٠.

٢٥٢

وفيست : ابن عثمان صاحب أبي بصير ؛ له كتاب ، رويناه بالإسناد الأوّل عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عنه(١) .

والإسناد : عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله(٢) .

هذا ، واحتمال الاتّحاد لا يخفى.

وفيتعق : لعلّ ظاهر العلاّمة هنا وما يذكره في الحسين أخيه ذلك(٣) .

وفي رواية ابن أبي عمير عنه إشعار بالوثاقة.

وقال جدّي : مشترك بين الثقة وغيره ، وظنّي أنّهما واحد(٤) .

وقال خالي : ثقة ، ويطلق على مجهولين ، والغالب هو الثقة(٥) ، انتهى فتأمّل(٦) .

أقول : حكم في المجمع بالاتّحاد ، وقال : الظاهر أنّ أبا بصير هذا ـ أي الذي فيست ـ ليث بن البختري المرادي ، فإنّ حمّادا أخاه روى عنه.

وهذا قرينة أنّ المذكور فيست هو الرواسي(٧) ، انتهى.

قلت : وقرينة أخرى على الاتّحاد كون الأخ في الموضعين الحسين ، ويأتي عن العلاّمة ظهور اتّحاد الحسينين ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن عثمان بن شريك ، عنه ابن أبي عمير ، ومحمّد بن‌

__________________

(١) الفهرست : ٤٤ / ١٥٠.

(٢) الفهرست : ٤٣ / ١٤٨.

(٣) الخلاصة : ٥١ / ١٥.

(٤) روضة المتقين : ١٤ / ٧٨.

(٥) الوجيزة : ١٧٦ / ٣٦٢.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

(٧) مجمع الرجال : ٢ / ٣٠.

٢٥٣

خالد البرقي. ويمكن الاتّحاد مع الرواسي(١) .

٥٦١ ـ جعفر بن عفّان الطائي :

حدّثني نصر بن الصباح ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن يحيى ابن عمران ، عن محمّد بن سنان ، عن زيد الشحّام ، قال : كنّا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ونحن جماعة من الكوفيّين ، فدخل جعفر بن عفّان ، فقرّبهعليه‌السلام وأدناه ، ثمّ قال :

يا جعفر ، بلغني أنّك تقول الشعر في الحسينعليه‌السلام وتجيد؟

قال : نعم جعلني الله فداك.

قال : قل. فأنشدهعليه‌السلام فبكى ومن حوله حتّى صارت الدموع على وجهه ولحيته. ثمّ قال :

يا جعفر ، والله لقد شهدك ملائكة الله المقرّبون هاهنا يسمعون قولك في الحسينعليه‌السلام ، ولقد بكوا كما بكينا أو أكثر(٢) ، ولقد أوجب الله لك يا جعفر في ساعته الجنّة بأسرها ، وغفر لك. فقال : ألا أزيدك؟

قال : نعم يا سيدي.

قال : ما من أحد قال في الحسينعليه‌السلام شعرا فبكى أو(٣) أبكى به إلاّ أوجب الله له الجنّة وغفر له ،كش (٤) .

وفيصه : نصر بن الصباح ومحمّد بن سنان ضعيفان ، فالوجه التوقّف في روايته(٥) .

__________________

(١) هداية المحدّثين : ١٨٣.

(٢) في النسخ الخطّيّة : وأكثر ( خ ل ).

(٣) في المصدر : و.

(٤) رجال الكشّي : ٢٨٩ / ٥٠٨.

(٥) الخلاصة : ٣٢ / ٨.

٢٥٤

قلت : مع ذلك ذكره في القسم الأوّل. ويأتي عدم ضعف كليهما.

وفي الوجيزة : ممدوح(١) .

٥٦٢ ـ جعفر بن عليّعليه‌السلام :

أخوهعليه‌السلام قتل معه ، أمّه أمّ البنين ، سين(٢) .

٥٦٣ ـ جعفر بن عليّ بن أحمد :

القمّي ، المعروف بابن الرازي ، لم ،جخ ، أبو محمّد ، ثقة ، مصنّف ، د(٣) .

ولم أجده في غيره.

وفيتعق : الظاهر أنّه من مشايخ الصدوقرحمه‌الله ، وشيخ الإجازة على ما قيل ، ففيه إشعار بوثاقته. وكثيرا ما يروي عنه مترضّيا واصفا له بالفقيه(٤) ، وهذا أيضا يشعر بالوثاقة ، وربما يصفه بالقمّي الإيلاقي(٥) (٦) .

أقول : في نسختين عندي منجخ في لم : جعفر بن عليّ بن أحمد القمّي المعروف بابن الرازي ، يكنّى أبا محمّد ، صاحب المصنّفات(٧) . وليس فيه التوثيق. لكن نقله في المجمع عن لم كما(٨) ذكره د(٩) .

ولم يذكره في الحاوي والوجيزة أصلا ، وهو يؤيّد العدم.

__________________

(١) الوجيزة : ١٧٦ / ٣٦٣.

(٢) رجال الشيخ : ٧٢ / ٢.

(٣) رجال ابن داود : ٦٤ / ٣١٦.

(٤) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ١٧٩ / ١.

(٥) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ١٥٤ / ١.

(٦) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٣.

(٧) رجال الشيخ : ٤٥٧ / ١.

(٨) في نسخة « م » : ما.

(٩) مجمع الرجال : ٢ / ٣١.

٢٥٥

٥٦٤ ـ جعفر بن عليّ بن الحسن :

ابن عليّ بن عبد الله بن المغيرة ، يروي عنه الصدوق مترضّيا(١) ، وهو في طريقه إلى جدّه الحسن بن علي(٢) .

وفي بعض النسخ : جعفر بن محمّد بن علي ، ولعلّه الظاهر.

وجعفر بن عليّ الكوفي هو هذا ، وكذا جعفر بن محمّد الكوفي الآتي.

٥٦٥ ـ جعفر بن عليّ بن سهل :

ابن فروخ الدقّاق ، الدوري ، الحافظ ، بغدادي ، يكنّى أبا محمّد ؛ سمع منه التلعكبري سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وما بعدها ، وله منه إجازة ، لم(٣) .

٥٦٦ ـ جعفر بن عمارة الخارقي :

الهمداني ، الكوفي ؛ أبو عمارة ،ق (٤) .

أقول : في التهذيب في باب صفة الوضوء : وأمّا ما رواه ابن عقدة ، عن فضل بن يوسف ، عن محمّد بن عكاشة ، عن جعفر بن عمارة أبي عمارة الحارثي. إلى أن قال : فالوجه فيه التقيّة ، لأنّ رجاله رجال العامّة والزيديّة(٥) ، انتهى.

ولذا ذكره في الوجيزة وضعّفه(٦) .

٥٦٧ ـ جعفر بن عمرو :

المعروف بالعمري. روىكش عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار أنّ‌

__________________

(١) الفقيه ـ المشيخة ـ : ٤ / ٥٦.

(٢) الفقيه ـ المشيخة ـ : ٤ / ٤٠.

(٣) رجال الشيخ : ٤٦٠ / ٢١.

(٤) رجال الشيخ : ١٦٢ / ٨.

(٥) التهذيب ١ : ٥٩ / ١٦٦.

(٦) الوجيزة : ١٧٦ / ٣٦٤.

٢٥٦

أباه لمّا حضره الموت دفع إليه مالا وأعطاه علامة لمن يسلّم إليه المال ، فدخل إليه شيخ فقال : أنا العمري ، فأعطاه المال.

وسند الرواية ذكرناه في كتابنا الكبير ، وفيه ضعف ،صه (١) .

وتقدّمت الرواية في إبراهيم بن مهزيار(٢) .

ولا يخفى أنّ المراد بالعمري حفص بن عمرو لا جعفر ، كما صرّح بهكش بعد الرواية كما يأتي ، فكأنّ جعفرا تصحيف له.

قلت : وصرّح به في العنوان أيضا كما سبق في إبراهيم بن مهزيار ؛ ولا يخفى أنّ أصل الاشتباه من ناسخطس كما رأيته في التحرير(٣) ، كما هو كذلك في أكثر كثير ، فلاحظ.

٥٦٨ ـ جعفر بن عيسى بن يقطين :

روىكش رحمه‌الله عن حمدويه وإبراهيم ، قالا : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عيسى(٤) العبيدي ، عن هشام بن إبراهيم الختلي المشرقي ـ وهو أحد من أثني عليه في الحديث ـ أنّ أبا الحسنعليه‌السلام قال فيه خيرا ،صه (٥) .

وفيكش السند(٦) المذكور. وبعد الختلي(٧) : وهو المشرقي ، يقول : استأذنت لجماعة على أبي الحسنعليه‌السلام في سنة تسع وتسعين ومائة ، فحضروا. إلى أن قال : قال له جعفر بن عيسى : أشكو إلى الله وإليك ما‌

__________________

(١) الخلاصة : ٣٢ / ٩.

(٢) رجال الكشّي : ٥٣١ / ١٠١٥.

(٣) التحرير الطاووسي : ١١٠ / ٧٨.

(٤) في الخلاصة : علي.

(٥) الخلاصة : ٣٢ / ١٠.

(٦) في نسخة « م » : بالسند.

(٧) في المصدر : الجبلي ، وفي نسخة منه : الختلى.

٢٥٧

نحن فيه من أصحابنا.

فقال : وما أنتم فيه منهم؟

فقال جعفر : هم والله يا سيّدي يزندقونا ويكفّرونا ويبرؤون منّا. إلى أن قال :

فقالعليه‌السلام : ما أعلمكم إلاّ على هدى ، وجزاكم الله على النصيحة(١) القديمة والحديثة خيرا.

فتأوّلوا القديمة عليّ بن يقطينرحمه‌الله ، والحديثة خدمتنا له ، والله أعلم. إلى أن قال :

قال حمدويه : هشام المشرقي هو ابن إبراهيم البغدادي ، فسألته عنه وقلت : ثقة هو؟ فقال : ثقة(٢) (٣) .

وفيتعق : عدّ ممدوحا لما ذكر ، والظاهر أنّه من متكلّمي أصحابهمعليهم‌السلام وأجلاّئهم ، وأخوه الجليل محمّد كثيرا ما يروي عنه(٤) ، ولهما أخ ثالث اسمه موسى.

ثمّ إنّه يظهر من هذه الترجمة وغيرها من كثير من التراجم أنّ أصحاب الأئمّةعليهم‌السلام كان يقع بعضهم في بعض بالانتساب إلى الكفر والغلو والتزندق ، بل وفي حضورهمعليهم‌السلام ، وربما كانواعليهم‌السلام لا يمنعونهم لمصالح ، وأنّ هذه النسب لا أصل لها.

فإذا كانوا في زمان الحجّةعليه‌السلام ، بل وحضوره(٥) كذلك ، فما‌

__________________

(١) في المصدر : عن الصحبة ، وفي نسخة منه : النصيحة.

(٢) في المصدر : ثقة ثقة.

(٣) رجال الكشّي : ٤٩٨ / ٩٥٦.

(٤) الكافي ٧ : ٤٠٠ / ١ ، التهذيب ٩ : ١٨٤ / ٧٤٣ ، ٢٣٣ / ٩١٤.

(٥) في نسخة « ش » زيادة :عليه‌السلام .

٢٥٨

ظنّك بزمان الغيبة ، بل الذي نراه في زماننا أنّه لم يسلم جليل مقدّس عن قدح جليل فاضل متديّن ، فما ظنّك بغيرهم.

وجمع منهم يكفّرون معظم فقهائنا لأنّهم يجعلون للعامّة نصيبا في الإسلام ، حتّى أنّ فاضلا ورعا متديّنا منهم كان يعبّر عن مولانا الأردبيلي بالكودن(١) مع أنّ تقدّسه أشهر من أن يذكر.

وغيرهم ربما ينسبون هؤلاء إلى الغلو.

والأخباريّون يطعنون على المجتهدين رضوان الله عليهم بتخريب الدين والخروج عن طريقة الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام ، ومتابعة أبي حنيفة ، بل ربما يفسّقون من قرأ كتبهم ، بل ربّما يقولون فيهم ما لا يقصر عن التكفير.

ومن هذا يظهر التأمّل في ثبوت الغلو واضطراب المذهب بأمثال ما ذكر من مجرّد رمي علماء الرجال في الرجال قبل تحقيق الحال(٢) .

أقول : حكى لي غير واحد ممّن أثق به عن رجل صالح ورع ممّن يدّعي الأخباريّة من أبناء هذا الزمان : أنّه كان في دار شيخنا الشيخ يوسف البحراني فتناول كتابا لينظر فيه ما هو ، فقيل له قبل أن يفتحه : إنّه كتاب الشرائع ، فطرحه من يده مسرعا كأنّه عقربة لدغته ، ثمّ أشار إلى كتاب آخر ، فقيل : إنّه كتاب المفاتيح ، ففتحه وجعل ينظر فيه.

وحكى الأستاذ العلاّمة أدام الله أيّامه : إنّ أوائل قدومه العراق كان يرى الرجل منهم إذا أراد أن ينظر إلى كتاب من كتب فقهائنا رضي الله عنهم كان يحمله مع منديل.

ونقل أنّه شهد بعض الطلبة عند الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ‌

__________________

(١) في التعليقة : بالكودني المركل ، وهي كلمة أعجميّة بمعنى البليد ، أي بطي‌ء الفهم.

(٢) التعليقة : ٨٣ ـ ٨٤.

٢٥٩

العاملي بشهادة ، فأجازها ؛ فقال المدّعى عليه ـ وهو من بعض تلامذته ـ : تقبل شهادة هذا ، وأقيم لك الشهود على أنّهم رأوه يطالع في كتاب زبدة الأصول! فقال : إذن لا نقبله(١) .

وهذا أفضل فضلائهم وأصلح صلحائهم شيخنا الشيخ يوسف البحراني يقول في مقام الردّ على المحقّق الشيخ حسن في تقسيمه الحديث إلى صحر وصحّي : الاعراض عن كلامه أحرى ، فإنّه ممّا زاد في الطنبور نغمة أخرى(٢) .

فشبّه أصول فقه الطائفة بالطنبور.

وذكرنا نبذة من مقالاتهم في رسالتنا عقد اللآلي البهيّة في الردّ على الطائفة الغبيّة.

هذا ، وذكره في الحاوي في الحسان(٣) .

وفي الوجيزة : ممدوح(٤) .

٥٦٩ ـ جعفر بن مالك :

أبو عبد الله الفزاري ، هو ابن محمّد بن مالك الآتي ،تعق (٥) .

٥٧٠ ـ جعفر بن المثنّى :

الخطيب ، مولى لثقيف ، كوفي ، واقفي ،ضا (٦) ،صه (٧) .

__________________

(١) روضات الجنات : ٧ / ١٠٤.

(٢) راجع لؤلؤة البحرين : ٤٦ ، وفيها مضمون الكلام والحدائق الناظرة : ١ / ١٤ ، المقدمة الثانية.

(٣) حاوي الأقوال : ١٨٢ / ٩١٢.

(٤) الوجيزة : ١٧٦ / ٣٦٥.

(٥) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٨٤.

(٦) رجال الشيخ : ٣٧٠ / ١.

(٧) الخلاصة : ٢١٠ / ٢.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

أنّ الحدود كانت تجرى على المنافقين غالبا.

الجدير بالذكر أنّ الآية السابقة وردت أيضا وبنفس النصّ في سورة التوبة الآية ٧٣.

ومن أجل أن يعطي الله تعالى درسا عمليا حيّا إلى زوجات الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عاد مرّة اخرى يذكر بالعاقبة السيّئة لزوجتين غير تقيتين من زوجات نبيين عظيمين من أنبياء الله ، وكذلك يذكر بالعاقبة الحسنة والمصير الرائع لامرأتين مؤمنتين مضحيتين كانتا في بيتين من بيوت الجبابرة ، حيث يقول أوّلا :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما ، فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١) .

وبناء على هذا فإنّ القرآن يحذّر زوجتي الرّسول اللتين اشتركتا في إذاعة سرّه ، بأنّكما سوف لن تنجوا من العذاب لمجرّد كونكما من أزواج النبي كما فعلت زوجتا نوح ولوط فواجهتا العذاب الإلهي.

كما تتضمّن الآيات الشريفة تحذيرا لكلّ المؤمنين بأنّ القرب من أولياء الله والانتساب إليهم لا يكفي لمنع نزول عذاب الله ومجازاته.

وورد في كلمات بعض المفسّرين أنّ زوجة نوح كانت تدعى «والهة» وزوجة لوط «والعة»(٢) بينما ذكر آخرون عكس ذلك أي أنّ زوجة لوط اسمها (والهة) وزوجة نوح اسمها (والعة)(٣) .

وعلى أيّة حال فإنّ هاتين المرأتين خانتا نبيّين عظيمين من أنبياء الله.

__________________

(١) «ضرب» أخذ هنا مفعولين ، الأوّل «امرأة نوح» ذكره مؤخّرا ، والثاني «مثلا» ، ويحتمل أن «ضرب» أخذت مفعولا واحدا وهو «مثلا» وكلمة «امرأة نوح» بدل. (البيان في غريب اعراب القرآن ، ج ٢ ، ص ٤٤٩).

(٢) «القرطبي» ج ١٠ ، ص ٦٦٨٠.

(٣) «روح المعاني» ج ٢٨ ، ص ١٤٢ (وقيل أنّ اسم امرأة نوح «واغلة» أو «والغة»).

٤٦١

والخيانة هنا لا تعني الانحراف عن جادّة العفّة والنجابة ، لأنّهما زوجتا نبيّين ولا يمكن أن تخون زوجة نبي بهذا المعنى للخيانة ، فقد جاء عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما بغت امرأة نبي قطّ».

كانت خيانة زوجة لوط هي أن أفشت أسرار هذا النبي العظيم إلى أعدائه ، وكذلك كانت زوجة نوحعليه‌السلام .

وذهب الراغب في «المفردات» إلى أنّ للخيانة والنفاق معنى واحدا وحقيقة واحدة ، ولكن الخيانة تأتي في مقابل العهد والأمانة ، والنفاق يأتي في الأمور الدينية وما تقدّم من سبب النزول ومشابهته لقصّة هاتين المرأتين توجب كون المقصود من الخيانة هنا هو نفس هذا المعنى.

وعلى كلّ حال فإنّ الآية السابقة تبدّد أحلام الذين يرتكبون ما شاء لهم أن يرتكبوا من الذنوب ويعتقدون أنّ مجرّد قربهم من أحد العظماء كاف لتخليصهم من عذاب الله ، ومن أجل أن لا يظنّ أحد أنّه ناج من العذاب لقربه من أحد الأولياء ، جاء في نهاية الآية السابقة :( فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) .

ثمّ يذكر القرآن الكريم نموذجين مؤمنين صالحين فيقول :( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ ) .

من المعروف أنّ اسم زوجة فرعون (آسية) واسم أبوها (مزاحم) وقد آمنت منذ أن رأت معجزة موسىعليه‌السلام أمام السحرة ، واستقرّ قلبها على الإيمان ، لكنّها حاولت أن تكتم إيمانها ، غير أنّ الإيمان برسالة موسى وحبّ الله ليس شيئا يسهل كتمانه ، وبمجرّد أن اطّلع فرعون على إيمانها نهاها مرّات عديدة وأصرّ عليها أن تتخلّى عن رسالة موسى وربّه ، غير أنّ هذه المرأة الصالحة رفضت الاستسلام إطلاقا.

وأخيرا أمر فرعون أن تثبت يداها ورجلاها بالمسامير ، وتترك تحت أشعة

٤٦٢

الشمس الحارقة ، بعد أن توضع فوق صدرها صخرة كبيرة. وفي تلك اللحظات الأخيرة كانت امرأة فرعون بهذا الدعاء إذ قالت :( رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) وقد استجاب لها ربّها وجعلها من أفضل نساء العالم إذ يذكرها في صفّ مريم.

في رواية عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أفضل نساء أهل الجنّة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد ومريم بنت عمران ، وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون(١) .

ومن الطريف أنّ امرأة فرعون كانت تستصغر بيت فرعون ولا تعتبره شيئا مقابل بيت في الجنّة وفي جواره تعالى ، وبذلك أجابت على نصائح الناصحين في أنّها ستخسر كلّ تلك المكاسب وتحرم من منصب الملكة (ملكة مصر) وما إلى ذلك. لسبب واحد هو أنّها آمنت برجل راع كموسى.

وفي عبارة( وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) تضرب مثلا رائعا للمرأة المؤمنة التي ترفض أن تخضع لضغوط الحياة ، أو تتخلّى عن إيمانها مقابل مكاسب زائلة في هذه الدنيا.

لم تستطع بهارج الدنيا وزخارفها التي كانت تنعم بها في ظلّ فرعون ، والتي بلغت حدّا ليس له مثيل. لم تستطع كلّ تلك المغريات أن تثنيها عن نهج الحقّ ، كما لم تخضع أمام الضغوط وألوان العذاب التي مارسها فرعون. وقد واصلت هذه المرأة المؤمنة طريقها الذي اختارته رغم كلّ الصعاب واتّجهت نحو الله معشوقها الحقيقي.

وتجدر الإشارة إلى أنّها كانت ترجوا أن يبني الله لها بيتا عنده في الجنّة لتحقيق بعدين ومعنيين : المعنى المادّي الذي أشارت إليه بكلمة «في الجنّة» ، والبعد المعنوي وهو القرب من الله «عندك» وقد جمعتهما في عبارة صغيرة

__________________

(١) الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ٢٤٦.

٤٦٣

موجزة.

ثمّ يضرب الله تعالى مثلا آخر للنساء المؤمنات الصالحات ، حيث يقول جلّ من قائل :( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا ) (١) .

فهي امرأة لا زوج لها أنجبت ولدا صار نبيّا من أنبياء الله العظام (من اولي العزم).

ويضيف تعالى قائلا :( وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ ) و( كانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ ) .

كانت في القمّة من حيث الإيمان ، إذ آمنت بجميع الكتب السماوية والتعاليم الإلهية ، ثمّ إنّها كانت قد أخضعت قلبها لله ، وحملت قلبها على كفّها وهي على أتمّ الاستعداد لتنفيذ أوامر الباري جلّ شأنه.

ويمكن أن يكون التعبير بـ (الكتب) إشارة إلى كلّ الكتب السماوية التي نزلت على الأنبياء ، بينما التعبير بـ (كلمات) إشارة إلى الوحي الذي لا يكون على شكل كتاب.

ونظرا لرفعة مقام مريم وشدّة إيمانها بكلمات الله ، فقد وصفها القرآن الكريم في الآية (٧٥) من سورة المائدة (صدّيقة).

وقد أشار القرآن إلى مقام هذه المرأة العظيمة في آيات عديدة ، منها ما جاء في السورة التي سمّيت باسمها أي (سورة مريم).

على أيّة حال فإنّ القرآن الكريم تصدّى للشبهات التي أثارها بعض اليهود المجرمين حول شخصية هذه المرأة العظيمة ، ونفى عنها كلّ التّهم الرخيصة حول عفافها وطهارتها وكلّ ما يتعلّق بشخصيتها الطاهرة.

والتعبير بـ( فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا ) لإظهار عظمة وعلو هذه الروح ، كما أشرنا إلى ذلك سابقا. أو بعبارة اخرى : إنّ إضافة كلمة (روح) إلى «الله» إضافة

__________________

(١) يوجد شرح مفصّل في كتابنا هذا في ذيل الآية (٩١) من سورة الأنبياء يتعلّق بما هو المقصود من تعبير «الفرج».

٤٦٤

تشريفية لبيان عظمة شيء مثل إضافة «بيت» إلى «الله».

ومن الغريب ما كتبه بعض المفسّرين من اعتبارهم عائشة أفضل النساء ، وأنّها أعظم من غيرها من النساء ذوات القدر الكبير والشأن عند الله. ولقد كان حريّا بهم أن لا يتطرّقوا إلى هذا الحديث في هذه السورة ، التي نزلت لتعلن خلاف ما ذهبوا إليه وبشكل صريح لا يقبل الجدل. فإنّ كثيرا من مفسّري ومؤرّخي أهل السنّة أكّدوا على أنّ اللوم والتوبيخ اللذين وردا في الآيات السابقة كانا موجّهين إلى زوجتي الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «حفصة» و «عائشة» ومنها ما جاء في صحيح البخاري الجزء السادس صفحة ١٩٥ ونحن ندعو بهذه المناسبة أهل التفكير الحرّ جميعا لأن يعيدوا تلاوة آيات هذه السورة ثمّ ليتعرّفوا على قيمة وجدارة مثل هذه الأحاديث.

اللهمّ جنّبنا الحبّ الأعمى والبغض الأعمى الذي لا يقوم على البرهان بقدر ما يقوم على العصبية ، واجعلنا من المستسلمين الخاضعين بكلّ وجودنا إلى آيات قرآنك المجيد.

ربّنا ولا تجعلنا من الذين غضب عليهم الرّسول فلم يرض أعمالهم وطريقة حياتهم.

اللهمّ هب لنا استقامة لا نتأثّر معها بالضغوط ، ولا نخضع لعذاب الفراعنة وجبابرة العصر.

آمين ربّ العالمين

نهاية سورة التحريم

* * *

٤٦٥
٤٦٦

بداية الجزء التاسع والعشرون

من

القرآن الكريم

سورة الملك

مكيّة

وعدد آياتها ثلاثون آية

٤٦٧
٤٦٨

«سورة الملك»

محتوى سورة الملك :

تمثّل هذه السورة بداية الجزء التاسع والعشرين من القرآن الكريم ، وهي من السور التي نزلت جميع آياتها في مكّة المكرّمة على المشهور ، كما هو شأن غالبية سور هذا الجزء ، إن لم يكن جميعها كما يذهب إلى ذلك بعض المفسّرين(١) ، بخلاف ما عليه سور الجزء السابق حيث كانت مدنية.

ولكن كما سنرى لا حقا أنّ سورة الدهر (سورة الإنسان) من السور المدنية.

وتسمّى سورة الملك أيضا بـ (المنجية) ، وكذلك تسمّى بـ (الواقية) أو (المانعة) بلحاظ أنّها تحفظ الإنسان الذي يتلوها من العذاب الإلهي أو عذاب القبر ، وهي من السور التي لها فضائل عديدة ، وقد طرحت في هذه السورة مسائل قرآنية مختلفة ، إلّا أنّ الأصل فيها يدور حول ثلاثة محاور هي :

١ ـ أبحاث حول المبدأ ، وصفات الله سبحانه ، ونظام الخلق العجيب والمدهش ، خصوصا خلق السموات والنجوم والأرض وما فيها من كنوز عظيمة وكذلك ما يتعلّق بخلق الطيور والمياه الجارية والحواس كالاذن والعين ، بالإضافة إلى وسائل المعرفة الاخرى.

٢ ـ وفي المحور الثاني تتحدّث الآيات الكريمة عن المعاد وعذاب الآخرة ،

__________________

(١) في ظلال القرآن ، ج ٨ ، ص ١٨٠.

٤٦٩

والحوار الذي يدور بين ملائكة العذاب الإلهي وأهل جهنّم ، بالإضافة إلى امور اخرى في هذا الصدد.

٣ ـ وأخيرا فإنّ آيات المحور الثالث تدور حول التهديد والإنذار الإلهي بألوان العذاب الدنيوي والاخروي للكفّار والظالمين.

ويذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المحور الأساس لجميع هذه السورة يدور حول مالكية الله سبحانه وحاكميته والتي وردت في أوّل آية منها(١) .

فضيلة تلاوة السورة :

نقلت روايات عديدة عن الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمّة أهل البيتعليهم‌السلام في فضيلة تلاوة هذه السورة نقرأ منها ما يلي :

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من قرأ سورة تبارك فكأنّما أحيى ليلة القدر»(٢) .

وجاء في حديث آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «وددت أن تبارك الملك في قلب كلّ مؤمن»(٣) .

وجاء في حديث عن الإمام محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام أنّه قال : «سورة الملك هي المانعة ، تمنع من عذاب القبر ، وهي مكتوبة في التوراة سورة الملك ، ومن قرأها في ليلة فقد أكثر وأطاب ولم يكتب من الغافلين»(٤) .

والأحاديث كثيرة في هذا المجال.

__________________

(١) في ظلال القرآن ، ج ٨ ، ص ١٨٤.

(٢) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٢٠.

(٣) المصدر السابق.

(٤) المصدر السابق.

٤٧٠

ومن الطبيعي أنّ جميع هذه الآثار العظيمة لا تكون إلّا من خلال التدبّر في قراءة آيات هذه السورة والعمل بها ، والاستلهام من محتوياتها في الممارسات الحياتية المختلفة.

* * *

٤٧١

الآيات

( تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ (٥) )

التّفسير

عالم الوجود المتكامل :

تبدأ آيات هذه السورة بمسألة مالكية وحاكمية الله سبحانه ، وخلود ذاته المقدّسة ، وهي في الواقع مفتاح جميع أبحاث هذه السورة المباركة(١) .

__________________

(١) هذه السورة هي ثاني سورة تبدأ بكلمة (تبارك) وسورة الفرقان هي الاخرى بدأت بـ( تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى )

٤٧٢

يقول تعالى :( تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

«تبارك» : من مادّة (بركة) في الأصل من (برك) على وزن (ترك) بمعنى (صدر البعير) ، وعند ما يقال : (برك البعير) يعني وضع صدره على الأرض. ثمّ استعملت الكلمة بمعنى الدوام والبقاء وعدم الزوال ، وأطلقت كذلك على كلّ نعمة باقية ودائمة ، ومن هنا يقال لمحلّ خزن الماء (بركة) لأنّ الماء يبقى فيها مدّة طويلة.

وقد ذكرت الآية أعلاه دليلا ضمنيّا على أنّ الذات الإلهية مباركة ، وهو مالكيته وحاكميته على الوجود ، وقدرته على كلّ شيء ، ولهذا السبب فإنّ وجوده تعالى كثير البركة ولا يعتريه الزوال.

ثمّ يشير سبحانه في الآية اللاحقة إلى الهدف من خلق الإنسان وموته وحياته ، وهي من شؤون مالكيته وحاكميته تعالى فيقول :( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) .

«الموت» : حقيقته الانتقال من عالم إلى عالم آخر ، وهذا الأمر وجودي يمكن أن يكون مخلوقا ، لأنّ الخلقة ترتبط بالأمور الوجودية ، وهذا هو المقصود من الموت في الآية الشريفة ، أمّا الموت بمعنى الفناء والعدم فليس مخلوقا ، لذا فإنّه غير مقصود.

ثمّ إنّ ذكر الموت هنا قبل الحياة هو بلحاظ التأثير العميق الذي يتركه الالتفات إلى الموت ، وما يترتّب على ذلك من سلوك قويم وأعمال مقترنة بالطاعة والالتزام ، إضافة إلى أنّ الموت كان في حقيقته قبل الحياة.

أمّا الهدف من الامتحان فهو تربية الإنسان كي يجسّد الاستقامة والتقوى والطهر في الميدان العملي ليكون لائقا للقرب من الله سبحانه ، وقد بحثنا ذلك مفصّلا فيما سبق(١) .

__________________

( عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً ) .

(١) يمكن مراجعة الشرح الوافي حول الامتحانات الإلهية في تفسير الآية (١٥٥) من سورة البقرة.

٤٧٣

كما أنّ الجدير بالملاحظة في قوله «أحسن عملا» هو التأكيد على جانب (حسن العمل) ، ولم تؤكّد الآية على كثرته ، وهذا دليل على أنّ الإسلام يعير اهتماما (للكيفية) لا (للكميّة) ، فالمهمّ أن يكون العمل خالصا لوجهه الكريم ، ونافعا للجميع حتّى ولو كان محدود الكمية.

لذا ورد في تفسير (أحسن عملا) ، روايات عدّة ، فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «أتمّكم عقلا ، أشدّكم لله خوفا ، وأحسنكم فيما أمر الله به ، ونهى عنه نظرا ، وإن كان أقلّكم تطوّعا»(١) .

حيث أنّ العقل الكامل يطهّر العمل ، ويجعل النيّة أكثر خلوصا للهعزوجل ويضاعف الأجر.

وجاء في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال حول تفسير (أحسن عملا): «ليس يعني أكثر عملا ، ولكن أصوبكم عملا ، وإنّا الإصابة خشية الله والنيّة الصادقة. ثمّ قال : الإبقاء على العمل حتّى يخلص ، أشدّ من العمل ، والعمل الخالص هو الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلّا اللهعزوجل »(٢) .

وتحدّثنا في تفسير الآية :( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) (٣) ، وقلنا : أنّ الهدف من خلق الإنسان في تلك الآية هو العبودية للهعزوجل ، وهنا نجد الهدف : (اختباره بحسن العمل). وممّا لا شكّ فيه أنّ مسألة الاختبار والامتحان لا تنفكّ عن مسألة العبودية لله سبحانه ، كما أنّ لكمال العقل والخوف من الله تعالى والنيّة الخالصة لوجهه الكريم ـ والتي أشير لها في الروايات أعلاه ، أثرا في تكامل روح العبودية.

ومن هنا نعلم أنّ العالم ميدان الامتحان الكبير لجميع البشر ، ووسيلة هذا

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٢٢.

(٢) تفسير الصافي ، الآيات مورد البحث.

(٣) الذاريات ، الآية ٥٦.

٤٧٤

الامتحان هو الموت والحياة ، والهدف منه هو الوصول إلى حسن العمل الذي مفهومه تكامل المعرفة ، وإخلاص النيّة ، وإنجاز كلّ عمل خيّر.

وإذا لا حظنا أنّ بعض المفسّرين فسّر (أحسن عملا) بمعنى ذكر الموت أو التهيّؤ وما شابه ذلك ، فإنّ هذا في الحقيقة إشارة إلى مصاديق من المعنى الكلّي.

وبما أنّ الإنسان يتعرّض لأخطاء كثيرة في مرحلة الامتحان الكبير الذي يمرّ به ، فيجدر به ألّا يكون متشائما ويائسا من عون الله سبحانه ومغفرته له ، وذلك من خلال العزم على معالجة أخطائه ونزواته النفسية وإصلاحها ، حيث يقول تعالى :( وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) .

نعم ، إنّه قادر على كلّ شيء ، وغفّار لكلّ من يتوب إليه.

وبعد استعراض نظام الموت والحياة الذي تناولته الآية السابقة ، تتناول الآية اللاحقة النظام الكلّي للعالم ، وتدعو الإنسان إلى التأمّل في عالم الوجود ، والتهيّؤ لمخاض الامتحان الكبير عن طريق التدبّر في آيات هذا الكون العظيم ، يقول تعالى :( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ) .

بالنسبة إلى موضوع السموات السبع فقد استعرضنا شيئا حولها في تفسير الآية (١٢) من سورة الطلاق ، ونضيف هنا أنّ المقصود من (طباقا) هو أنّ السموات السبع ، كلا منها فوق الاخرى ، إذ أنّ معنى (المطابقة) في الأصل هو الشيء فوق شيء آخر.

ويمكن اعتبار «السموات السبع» إشارة إلى الكرات السبع للمنظومة الشمسية ، والتي يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة ، حيث تبعد كلّ منها مسافة معيّنة عن الشمس أو تكون كلّ منها فوق الاخرى.

أمّا إذا اعتبرنا أنّ جميع ما نراه من النجوم الثابتة والسيارة ضمن السماء الاولى ، فيتّضح لنا أنّ هنالك عوالم اخرى في المراحل العليا ، حيث أنّ كلّ واحد منها يكون فوق الآخر.

٤٧٥

ثمّ يضيف سبحانه :( ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ) .

إنّ الآية أعلاه تبيّن لنا أنّ عالم الوجود ـ بكلّ ما يحيطه من العظمة ـ قائم وفق نظام مستحكم ، وقوانين منسجمة ، ومقادير محسوبة ، ودقّة متناهية ، ولو وقع أي خلل في جزء من هذا العالم الفسيح لأدّى إلى دماره وفنائه.

وهذه الدقّة المتناهية ، والنظام المحيّر ، والخلق العجيب ، يتجسّد لنا في كلّ شيء ، ابتداء من الذرّة الصغيرة وما تحويه من الإلكترونات والنيوترونات والبروتونات ، وانتهاء بالنظم الحاكمة على جميع المنظومة الشمسية والمنظومات الاخرى ، كالمجرّات وغيرها إذ أنّ جميع ذلك يخضع لسيطرة قوانين متناهية في الدقّة ، ويسير وفق نظام خاصّ.

وخلاصة القول أنّ كلّ شيء في الوجود له قانون وبرنامج ، وكلّ شيء له نظام محسوب.

ثمّ يضيف تعالى مؤكّدا :( فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ) .

«فطور» من مادّة (فطر) ، على وزن (سطر) بمعنى الشقّ من الطول ، كما تأتي بمعنى الكسر (كإفطار الصيام) والخلل والإفساد ، وقد جاءت بهذا المعنى في الآية مورد البحث.

ويقصد بذلك أنّ الإنسان كلّما دقّق وتدبّر في عالم الخلق والوجود ، فإنّه لا يستطيع أن يرى أي خلل أو اضطراب فيه.

لذا يضيف سبحانه مؤكّدا هذا المعنى في الآية اللاحقة حيث يقول :( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ ) .

«كرّتين» من مادّة (كر) على وزن (شرّ) بمعنى التوجّه والرجوع إلى شيء معيّن ، و (كرّة) بمعنى التكرار و (كرّتين) مثنّاها.

إلّا أنّ بعض المفسّرين ذكر أنّ المقصود من ال (كرّتين) هنا ليس التثنية ، بل الالتفات والتوجّه المتكرّر المتعاقب والمتعدّد.

٤٧٦

وبناء على هذا فإنّ القرآن الكريم يأمر الناس في هذه الآيات أن يتطلّعوا ويتأمّلوا ويدقّقوا النظر في عالم الوجود ثلاث مرّات ـ كحدّ أدنى ـ ويتدبّروا أسرار الخلق. وبمعنى آخر فإنّ على الإنسان أن يدقّق في خلق الله سبحانه مرّات ومرّات ، وعند ما لا يجد أي خلل أو نقص في هذا النظام العجيب والمحيّر لخلق الكون ، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى معرفة خالق هذا الوجود العظيم ومدى علمه وقدرته اللامتناهية ، ممّا يؤدّي إلى عمق الإيمان به سبحانه والقرب من حضرته المقدّسة.

«خاسئ» من مادّة (خسأ) و (خسوء) على وزن (مدح ، وخشوع) وإذا كان مورد استعمالها العين ، فيقصد بهما التعب والعجز ، أمّا إذا استعملت للكلب فيقصد منها طرده وإبعاده.

«حسير» من مادّة (حسر) ، على وزن (قصر) بمعنى جعل الشيء عاريا ، وإذا ما فقد الإنسان قدرته واستطاعته بسبب التعب ، فإنّه يكون عاريا من قواه ، لذا فإنّها جاءت بمعنى التعب والعجز.

وبناء على هذا فإنّ كلمتي (خاسئ) و (حسير) اللتين وردتا في الآية أعلاه ، تعطيان معنى واحدا في التأكيد على عجز العين ، وبيان عدم مقدرتها على مشاهدة أي خلل أو نقص في نظام عالم الوجود.

وفرّق البعض بين معنى الكلمتين ، إذ قال : إن (خاسئ) تعني المحروم وغير الموفّق ، و (حسير) بمعنى العاجز.

وعلى كلّ حال فيمكن استنتاج أساسين من الآيات المتقدّمة :

الأوّل : أنّ القرآن الكريم يأمر جميع السائرين في درب الحقّ أن يتدبّروا ويتأمّلوا كثيرا في أسرار عالم الوجود وما فيه من عجائب الخلق ، وأن لا يكتفوا بالنظر إلى هذه المخلوقات مرّة واحدة أو مرّتين ، حيث أنّ هنالك أسرارا كثيرة وعظيمة لا تتجلّى ولا تظهر من خلال النظرة الاولى أو الثانية. بل تستدعي النظر الثاقب والمتعاقب والدقّة الكثيرة ، حتّى تتّضح الأسرار وتتبيّن الحقائق.

٤٧٧

الأمر الثّاني : الذي يتبيّن لنا من خلال التدقيق في هذا النظام ، هو إدراك طبيعة الانسجام العظيم بين مختلف جوانب الوجود ، بالإضافة إلى خلوه من كلّ نقص وعيب وخلل.

وإذا ما لوحظ في النظرة الأوّلية لبعض الظواهر الموجودة في هذا العالم (كالزلازل والسيول ، والأمراض ، والكوارث الطبيعية الاخرى ، والتي تصيب البشر أحيانا في حياتهم) واعتبرت شرورا وآفات وفسادا ، فإنّه من خلال الدراسات والتدقيقات المتأمّلة يتبيّن لنا أنّ هذه الأمور هي الاخرى تمثّل أسرارا أساسية غاية في الدقّة(١) .

إنّ لهذه الآيات دلالة واضحة على دقّة النظام الكوني ، حيث معناها أنّ وجود النظام في كلّ شيء دليل على وجود العلم والقدرة على خلق ذلك الشيء ، وإلّا ، فإنّ حصول حوادث عشوائية غير محسوبة لا يمكن أبدا أن تكون منطلقا للنظام ومبدأ للحساب.

يقول الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث مفضّل المعروف عنه «إنّ الإهمال لا يأتي بالصواب ، والتضادّ لا يأتي بالنظام»(٢) .

ثمّ تتناول الآية التالية صفحة السماء التي يتجسّد فيها الجمال والروعة ، حيث النجوم المتلألئة في جوّ السماء المشعّة بضوئها الساحر في جمال ولطافة ، حيث يقول سبحانه :( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ ) .

إنّ نظرة متأمّلة في ليلة مظلمة خالية من الغيوم إلى جوّ السماء المليء بالنجوم كاف لإثارة الانتباه فينا إلى تلك العوالم العظيمة ، وخاصّة طبيعة النظم

__________________

(١) ذكرنا شرحا لهذا الموضوع في مباحث (إثبات وجود الله) وذلك عند جوابنا على أدلّة الماديين في موضوع (الآفات والبلايا) ، يرجى مراجعة كتاب (خالق العالم).

(٢) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٦٣.

٤٧٨

الحاكمة عليها ، والروعة المتناهية في جمالها ولطافتها وعظمتها ، وسكونها المقترن بالأسرار العجيبة ، والهيبة التي تلقي بظلالها على جميع العوالم ، ممّا يجعل الإنسان أمام عالم مليء بالمعرفة ونور الحقّ ، ويدفعه باتّجاه عشق البارئعزوجل الذي لا يمكن وصفه والتعبير عنه بأي لسان.

وتؤكّد الآية الكريمة ـ مرّة اخرى ـ الحقيقة القائلة بأنّ جميع النجوم التي نشاهدها ما هي إلّا جزء من المساء الاولى ، والتي هي أقرب إلينا من أي سماء اخرى من السموات السبع ، لذا أطلق عليها اسم (السماء الدنيا) أي السماء القريبة والتي هي أسفل جميع السموات الاخرى.

«الرجوم» بمعنى (الرصاص) وهي إشارة إلى الشهب التي تقذف كرصاصة من جهة إلى اخرى من السماء ، كما أنّ (الشهب) هي بقايا النجوم المتلاشية والتي تأثّرت بحوادث معيّنة ، وبناء على هذا ، فإنّ المقصود بجعل الكواكب رجوما للشياطين ، هو هذه الصخور المتبقّية.

أمّا كيفية رجم الشياطين برصاصات الشهب (الأحجار الصغيرة) التي تسير بصورة غير هادفة في جو السماء ، فقد بيّناه بشكل تفصيلي في التّفسير الأمثل في تفسير الآية (١٨) من سورة الحجر ، وكذلك في تفسير الآية (٢٠) من سورة الصافات.

* * *

ملاحظة

عظمة عالم الخلق :

بالرغم من أنّ القرآن الكريم نزل في مجتمع الجاهلية والتأخّر إلّا أنّنا عند ما نلاحظ آياته نراها غالبا ما تدعو المسلمين إلى التفكّر والتأمّل بالأسرار العظيمة التي يزخر بها عالم الوجود ، الأمر الذي لم يكن مفهوما في ذلك العصر ،

٤٧٩

وهذا دليل واضح على أنّ القرآن الكريم صادر من مبدأ آخر ، وأنّ العلم والمعارف الإنسانية كلّما تقدّمت فإنّها تؤكّد عظمة القرآن الكريم أكثر فأكثر.

فالكرة الأرضية التي نعيش عليها ـ مع كبر حجمها وسعتها ـ صغيرة في مقابل مركز المنظومة الشمسية (قرص الشمس) ، بحيث أنّها تساوى مليون ومائتي ألف كرة أرضية مثل أرضنا.

هذا من جهة ، ومن جهة اخرى فإنّ منظومتنا الشمسية جزء من مجرّة عظيمة ، يطلق عليها اسم «درب التبانة»(١) .

وطبقا لحسابات العلماء الفلكيين فإنّه يوجد في مجرتنا فقط (٠٠٠) ـ مائة مليارد ـ نجمة ، حيث تكون الشمس ومع ما عليها من عظمة إحدى نجومها المتوسطة.

ومن جهة ثالثة فإنّ في هذا العالم الواسع مجرّات كثيرة إلى حدّ أنّها تخرج عن الحساب والعدد ، وكلّما تطوّرت التلسكوبات الفلكية العظيمة تمّ كشف مجرّات اخرى عديدة.

فما أعظم قدرة هذا الربّ الذي وضع هذه الأسرار الكبيرة مع ذلك النظام الدقيق «العظمة لله الواحد القهّار».

* * *

__________________

(١) (المجرّات) هي : مجاميع من النجوم تعرف باسم (مدن النجوم) ، ومع أنّ بعضها قريب من البعض الآخر نسبيا ، إلّا أنّ الفاصلة بين بعضها والبعض الآخر تكون أحيانا ملايين السنين الضوئية.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500