المزار الكبير

المزار الكبير0%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير

مؤلف: الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف:

ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702
المشاهدات: 180431
تحميل: 5682

توضيحات:

المزار الكبير
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 180431 / تحميل: 5682
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: 964-92002-0-7
العربية

اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وأمتني إذا كانت الوفاة خيرالي ، على موالاة أوليائك ومعاداة أعدائك ، وافعل بي ما أنت أهله ياارحم الراحمين.

ثم نهض فسألناه عن المكان ، فقال : ان هذا الموضع بيت إبراهيمالخليل الذي كان يخرج منه إلى العمالقة ، ثم مضى إلى الزاوية الغربيةفصلى ركعتين ثم رفع يديه وقال :

اللهم إني صليت هذه الصلاة ابتغاء مرضاتك وطلب نائلكورجاء رفدك وجوائزك ، فصل على محمد واله وتقبلها مني بأحسنقبول ، وبلغني برحمتك المأمول ، وافعل بي ما أنت أهله يا ارحمالراحمين.

ثم قام ومضى إلى الزاوية الشرقية ، فصلى ركعتين ، ثم بسط كفيهوقال :

اللهم ان كانت الذنوب والخطايا قد أخلقت وجهي عندك فلم ترفعلي إليك صوتا ولم تستجب لي دعوة ، فاني أسألك بك يا الله فإنه ليسمثلك أحد ، وأتوسل إليك بمحمد واله ، وأسألك ان تصلي على محمدوال محمد وان تقبل إلي بوجهك الكريم وتقبل بوجهي إليك ،ولا تخيبني حين أدعوك ، ولا تحرمني حين أرجوك يا ارحم الراحمين.

وعفر خديه على الأرض وقام فخرج ، فسألناه بم يعرف هذاالمكان ، فقال : انه مقام الصالحين والأنبياء والمرسلين.

١٤١

قال : فاتبعناه وإذا به قد دخل إلى مسجد صغير بين يدي السهلةفصلى فيه ركعتين بسكينة ووقار ، كما صلى أول مرة ، ثم بسط كفيه وقال :

الهي قد مد إليك الخاطئ المذنب يديه لحسن ظنه بك ، الهي قدجلس المسئ بين يديك ، مقرا لك بسوء عمله ، راجيا منك الصفح عنزلله ، الهي قد رفع إليك الظالم كفيه ، راجيا لما لديك ، فلا تخيبهبرحمتك من فضلك ، الهي قد جثا العائد إلى المعاصي بين يديك ، خائفامن يوم يجثو فيه الخلائق بين يديك.

الهي قد جاءك العبد الخاطئ فزعا مشفقا ورفع إليك طرفه حذراراجيا ، وفاضت عبرته مستغفرا نادما ، وعزتك وجلالك ما أردتبمعصيتي مخالفتك ، وما عصيتك إذ عصيتك وانا بك جاهل ،ولا لعقوبتك متعرض ، ولا لنظرك مستخف ، ولكن سولت لي نفسيوأعانتني على ذلك شقوتي ، وغرني سترك المرخى علي ، فمن الان منعذابك يستنقذني ، وبحبل من اعتصم ان قطعت حبلك عني.

فيا سوأتاه غدا من الوقوف بين يديك ، إذا قيل للمخفين جوزوا ،وللمثقلين حطوا ، أفمع المخفين أجوز أم مع المثقلين أحط ، ويلي كلماكبرت سني كثرت ذنوبي ، ويلي كلما طال عمري كثرت معاصي ، فكمأتوب وكم أعود ، اما آن لي ان استحيى من ربي.

اللهم بحق محمد وآل محمد ارحمني واغفر لي وارحمني ياارحم الراحمين وخير الغافرين.

١٤٢

ثم بكا وعفر خده الأيمن وقال :

ارحم من أساء واقترف ، واستكان واعترف.

ثم قلب خده الأيسر وقال :

عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك ، يا كريم.

فخرج فاتبعته وقلت له : يا سيدي بم يعرف هذا المسجد ، فقال :انه مسجد زيد بن صوحان صاحب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وهذا دعاؤهوتهجده ، ثم غاب عنا فلم نره ، فقال لي صاحبي : انه الخضرعليه‌السلام (1) .

الباب (7)

ذكر ما ورد من الفضل في مسجد صعصعة بن صوحان العبدي

والصلاة والدعاء فيه

وبالاسناد قال : حدثنا علي بن محمد بن عبد الرحمان التستري(2) ،قال : مررت ببني رواس فقال لي بعض إخواني : لو ملت بنا إلي مسجدصعصعة فصلينا فيه ، فان هذا رجب ويستحب فيه زيارة هذه المواضع

__________________

(1) عنه البحار 100 : 443 ، ذكره في مصباح الزائر : 55 ، عنه البحار 100 : 445.

أقول : لعل ـ والله العالم ـ القائل لهذا الدعاء هو من الخضر عليه‌السلام محتاج إلى رؤيته ، ايصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى لفرجه الشريف ، كما في الرواية التالية.

(2) كذا ، وفي مزار الشهيد : محمد بن عبد الرحمان ، والظاهر أنه محمد بن علي بنعبد الرحمان العبدي ، الذي روى عنه الحسين ومحمد ابنا علي بن إبراهيم ، راجع معجمالرجال 16 : 330.

١٤٣

المشرفة التي وطأها الموالي باقدامهم وصلوا فيها ، ومسجد صعصعةمنها.

قال : فملت معه إلى المسجد ، وإذا ناقة معقلة مرحلة قد أنيختبباب المسجد ، فدخلنا ، وإذا برجل عليه ثياب الحجاز وعمته كعمتهم ،قاعد يدعو بهذا الدعاء ، فحفظته انا وصاحبي ، وهو :

اللهم يا ذا المنن السابغة(1) ، والآلاء الوازعة(2) ، والرحمة الواسعة ،والقدرة الجامعة ، والنعم الجسيمة ،(3) والمواهب العظيمة ، والاياديالجميلة ، والعطايا الجزيلة.

يا من لا ينعت بتمثيل ، ولا يمثل بنظير ، ولا يغلب بظهير ، يا منخلق فرزق ، والهم فأنطق ، وابتدع فشرع ، وعلا فارتفع ، وقدر فأحسن ،وصور فأتقن ، واحتج فابلغ ، وانعم فأسبغ ، وأعطى فأجزل ، ومنحفأفضل.

يا من سما في العز ففات خواطر الابصار(4) ، ودنا في اللطف فجازهواجس(5) الأفكار ، يا من توحد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه ،

__________________

(1) السابغة : التامة.

(2) الآلاء : النعماء ، الوازعة : الكافة عن الأشياء المضرة.

(3) الجسيم : العظيم.

(4) خواطر الابصار ، المراد بالابصار البصائر أو الخواطر التي تحدث بعد الابصار ، وفوتهعنها عدم ادراكها له.

(5) هجس الشئ في صدره : خطر بباله.

١٤٤

وتفرد بالآلاء والكبرياء فلا ضد(1) له في جبروت شأنه

يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام ، وانحسرت(2) دون ادراك عظمته خطائف ابصار الأنام ، يا من عنت(3) الوجوه لهيبته ،وخضعت الرقاب لعظمته ، ووجلت القلوب من خيفته.

أسألك بهذه المدحة التي لا تنبغي الا لك ، وبما وأيت(4) به علىنفسك لداعيك من المؤمنين ، وبما ضمنت الإجابة فيه على نفسكللداعين.

يا اسمع السامعين ، وابصر الناظرين ، وأسرع الحاسبين ، يا ذا القوةالمتين صل على محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته ، وأقسم لي فيشهرنا هذا خير ما قسمت ، واحتم لي في قضائك خير ما حتمت ، واختملي بالسعادة فيمن ختمت ، وأحيني ما أحييتني موفورا ، وأمتنيمسرورا ، وتول أنت نجاتي من مسائلة البرزخ ، وادرأ عني منكراونكيرا ، وار عيني مبشرا وبشيرا(5) ، واجعل لي إلى رضوانك وجنانك

__________________

(1) الضد والند نظائر ، والفرق بينهما ان الند عرض يعاقب اخر في محله وينافيه ، والضدهو المشارك في الحقيقة وان وقعت المخالفة ببعض العوارض.

(2) انحسرت : انكشفت والخطف : الاستلاب والسرعة في المشي ، أي تنكشف وترتفععند ادراك عظمته أو قبل الوصول إليه الابصار النافذة السريعة.

(3) عنت : خضعت.

(4) وأيت : وعدت.

(5) الاستدعاء لرؤيتهما لأنهما لا يكونان الا للأبرار ، وفي بعض النسخ : ارعني ، وعليهمعناه : وصهما برعايتي.

١٤٥

مصيرا ، وعيشا قريرا ، وملكا كبيرا ، وصل على محمد واله كثيرا

ثم سجد طويلا وقام فركب الراحلة وذهب فقال لي صاحبي : تراهالخضر ، فما بالنا لا نكلمه كأنما أمسك على ألسنتنا.

وخرجنا فلقينا ابن أبي داود الرواسي(1) فقال : من أين أقبلتما ، قلنا :من مسجد صعصعة ، وأخبرناه بالخبر ، فقال : هذا الراكب يأتي مسجدصعصعة في اليومين والثلاثة لا يتكلم ، قلنا : من هو ، قال : فمن تريانهأنتما ، قلنا : نظنه الخضرعليه‌السلام ، فقال : فانا والله ما أراه الا من الخضر محتاجإلى رؤيته ، فانصرفا راشدين ، فقال لي صاحبي : هو والله صاحب الزمانعليه‌السلام (2) .

الباب (8)

ذكر مسجد غني ، والصلاة والدعاء فيه

اخبرني الشريف الاجل العالم أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرةأدام الله عزه ، عن أبيه ، باسناد متصل إلى طاووس اليماني ، قال :

مررت بالحجر في رجب ، وإذا أنا بشخص راكع وساجد ، فتأملته ،فإذا هو علي بن الحسينعليهما‌السلام ، فقلت : يا نفسي ، رجل صالح من أهل بيت

__________________

(1) كذا ، وفي الاقبال : ابن أبي رواد ، ولعله ابن أبي داود ، الذي ذكره الكشي في رجاله: 560 ، الرقم : 1058 في ترجمة أحمد بن حماد المروزي ، وفي معجم الرجال : ابن أبي دؤاد.

(2) عنه البحار 100 : 446 ، ذكره السيد في الاقبال 3 : 212 عن كتاب معالم الدين ، عنهالبحار 100 : 447 ، ذكره الشهيد في مزاره : 264.

١٤٦

النبوة ، والله لأغتنمن دعاءه ، فجعلت أرقبه حتى فرغ من صلاته ، ورفعباطن كفيه إلى السماء ، وجعل يقول :

سيدي سيدي ، هذه يداي قد مددتهما إليك بالذنوب مملوة ،وعيناي إليك بالرجاء ممدودة ، وحق لمن دعاك بالندم تذللا ان تجيبهبالكرم تفضلا ، سيدي ، امن أهل الشقاء خلقتني فأطيل بكائي ، أم من أهلالسعادة خلقتني فأبشر رجائي.

سيدي ، ألضرب المقامع خلقت أعضائي ، أم لشرب الحميم خلقتأمعائي ، سيدي ، لو أن عبدا استطاع الهرب من مولاه لكنت أول الهاربينمنك ، لكني اعلم اني لا أفوتك.

سيدي ، لو أن عذابي يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه ، غير انياعلم أنه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين ، ولا ينقص منه معصيةالعاصين ، سيدي ، ما انا وما خطري(1) ، هب لي خطاياي بفضلك ، وجللنيبسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك.

الهي وسيدي ، ارحمني مطروحا على الفراش تقلبني أيديأحبتي ، وارحمني مطروحا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي ،وارحمني محمولا قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي ، وارحم في ذلكالبيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي ، فما للعبد من يرحمه الامولاه.

__________________

(1) خطري : منزلتي وقدري.

١٤٧

ثم سجد وقال :

أعوذ بك من نار حرها لا يطفى ، وجديدها لا يبلى ، وعطشانهالا يروى.

وقلب خده الأيمن وقال :

اللهم لا تقلب وجهي في النار بعد تعفيري وسجودي لك بغير منمني عليك ، بل لك الحمد والمن علي.

ثم قلب خده الأيسر وقال :

ارحم من أساء واقترف ، واستكان واعترف.

ثم عاد إلى السجود ، وقال :

إن كنت بئس العبد ، فأنت نعم الرب ، العفو ، العفو ـ مائة مرة.

قال طاووس : فبكيت حتى علا نحيبي ، فالتفت إلي وقال : ما يبكيكيا يماني ، أوليس هذا مقام المذنبين ، فقلت : حبيبي حقيق على الله أنلا يردك وجدك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال طاووس : فلما كان في العام المقبل في شهر رجب بالكوفةفمررت بمسجد غني ، فرأيتهعليه‌السلام يصلي فيه ويدعو بهذا الدعاء ، وفعلكما فعل في الحجر ـ تمام الحديث(1) .

__________________

(1) عنه وعن الشهيد في مزاره : 267 ، البحار 100 : 448 ، ذكره السيد في مصباح الزائر :121 مرسلا.

١٤٨

الباب (9)

ذكر الصلاة والدعاء بمسجد جعفي

وحدثني الشريف الاجل عز الدين أبو المكارم حمزة بن علي بنزهرة العلوي أدام الله عزه املاء من لفظه ببلد الكوفة عند عوده من الحجفي سنة أربع وسبعين وخمسمائة ، عن أبيه ، عن جده ، عن الشيخأبي جعفر محمد بن بابويهرضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا الحاكم أبو عليالحسين بن أحمد(1) البيهقي في داره بنيسابور سنة اثنين وخمسينوثلاثمائة ، قال : أخبرنا محمد بن يحيى الصولي قراءة ، قال : حدثنيعون بن محمد الكندي ، قال : سمعت أبا الحسن علي بن ميثم ، يقول :حدثني ميثمرضي‌الله‌عنه قال :

أصحر بي مولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ليلة منالليالي ، حتى خرج من الكوفة وانتهى إلى مسجد جعفي ، توجه إلىالقبلة ، وصلى أربع ركعات ، فلما سلم وسبح بسط كفيه وقال :

الهي كيف أدعوك وقد عصيتك ، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك ،وحبك في قلبي مكين ، مددت إليك يدا بالذنوب مملوة ، وعينا بالرجاءممدودة ، الهي أنت مالك العطايا وانا أسير الخطايا ، ومن كرم العظماء

__________________

(1) في الأصل : الحسن بن أحمد ، وفي البحار : الحسن بن علي ، وكلاهما مصحف وماأثبتناه هو الأصح ، راجع العيون 1 : 11 و 37 و 307 ، التوحيد : 417 ، معجم الرجال 5 : 195.

١٤٩

الرفق بالاسراء ، وانا أسير بجرمي مرتهن بعملي

الهي ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله ، وأوحش المسلكعلى من لم تكن أنيسه ، الهي لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك ، وانطالبتني بسريرتي لأطالبنك بكرمك ، وان طالبتني بشري لأطالبنكبخيرك ، وان جمعت بيني وبين أعدائك في النار لأخبرنهم اني كنت لكمحبا ، وانني كنت اشهد ان لا إله إلا الله.(1)

الهي هذا سروري بك خائفا فكيف سروري بك امنا ، الهي الطاعةتسرك والمعصية لا تضرك ، فهب لي ما تسرك واغفر لي ما لا تضرك ، فهبلي ما يسرك واغفر لي ما لا يضرك ، وتب علي انك أنت التواب الرحيم ،اللهم صل على محمد وال محمد وارحمني إذا انقطع من الدنيا أثريوامتحى من المخلوقين ذكري وصرت من المنسيين كمن نسي.

الهي كبر سني ودق عظمي ونال الدهر مني ، واقترب اجلي ،ونفدت أيامي وذهبت محاسني ، ومضت شهوتي ، وبقيت تبعتي وبليجسمي ، وتقطعت أوصالي ، وتفرقت أعضائي وبقيت مرتهنا بعملي.

الهي أفحمتني ذنوبي وانقطعت مقالتي ، ولا حجة لي ، الهي اناالمقر بذنبي ، المعترف بجرمي ، الأسير باسائتي ، المرتهن بعملي ، المتهورفي خطيئتي ، المتحير عن قصدي ، المنقطع بي ، فصل على محمد وآلمحمد وتفضل علي وتجاوز عني.

__________________

(1) الا أنت ( خ ل ).

١٥٠

الهي إن كان صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنبرجائك املي ، الهي كيف انقلب بالخيبة من عندك محروما وكل ظنيبجودك ان تقلبني بالنجاة مرحوما ، الهي لم أسلط على حسن ظني بكقنوط الآيسين ، فلا تبطل صدق رجائي من بين الآملين.

الهي عظم جرمي إذ كنت المطالب به ، وكبر ذنبي إذ كنت المبارزبه ، الا اني إذا ذكرت كبر ذنبي وعظم عفوك وغفرانك ، وجدت الحاصلبينهما لي أقربهما لي رحمتك ورضوانك ، الهي ان دعاني إلى النارمخشي عقابك فقد ناداني إلى الجنة بالرجاء حسن ثوابك.

الهي ان أوحشتني الخطايا عن محاسن لطفك فقد أنستني باليقينمكارم عفوك ، الهي ان أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك فقد أنبهتنيالمعرفة يا سيدي بكرم آلائك ، الهي ان عزب(1) لبي عن تقويم ما يصلحنيفما عزب ايقاني بنظرك إلي فيما ينفعني.

الهي ان انقرضت بغير ما أحببت من السعي أيامي فبالايمانأمضيت السالفات من أعوامي ، الهي جئتك ملهوفا وقد البست عدمفاقتي وأقامني مع الأذلاء بين يديك ضر حاجتي ، الهي كرمت فأكرمنيإذ كنت من سؤالك ، وجدت بالمعروف فاخلطني باهل نوالك.

الهي أصبحت على باب من أبواب منحك سائلا وعن التعرضلسواك بالمسألة عادلا ، وليس من شأنك رد سائل ملهوف ومضطر

__________________

(1) العزوب : الغيبة والذهاب.

١٥١

لانتظار خير منك مألوف

الهي أقمت على قنطرة الاخطار مبلوا بالاعمال والاختبار انلم تعن عليها بتخفيف الأثقال والآصار ،(1) الهي امن أهل الشقاء خلقتنيفأطيل بكائي ، أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي.

الهي ان حرمتني رؤية محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وصرفت وجهتأميلي بالخيبة في ذلك المقام فغير ذلك منتني نفسي ، يا ذا الجلالوالاكرام والطول والانعام.

الهي لو لم تهدني إلى الاسلام ما اهتديت ، ولو لم ترزقني الايمانبك ما امنت ، ولو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت ، ولو لم تعرفنيحلاوة معرفتك ما عرفت ، الهي ان أقعدني التخلف عن السبق مع الأبرارفقد أقامتني الثقة بك على مدارج الأخيار.

الهي قلب حشوته من محبتك في دار الدنيا كيف تسلط عليه ناراتحرقه في لظي ، الهي كل مكروب إليك يلتجئ وكل محروم لكيرتجي.

الهي سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا ، وسمع المزلون عنالقصد بجودك فرجعوا ، وسمع المذنبون بسعة رحمتك فتمتعوا ، وسمعالمجرمون بكرم عفوك فطمعوا ، حتى ازدحمت عصائب العصاة منعبادك ، وعج إليك كل منهم عجيج الضجيج بالدعاء في بلادك ، ولكل

__________________

(1) الاصار جمع الاصر : الذنب والثقل.

١٥٢

امل ساق صاحبه إليك وحاجة

وأنت المسؤول الذي لا تسود عنده وجوه المطالب ، صل علىمحمد نبيك واله ، وافعل بي ما أنت أهله انك سميع الدعاء.

واخفت دعاءه وسجد وعفر وقال :

العفو العفو ـ مائة مرة.

وقام وخرج واتبعته حتى خرج إلى الصحراء وخط لي خطةوقال : إياك ان تجاوز هذه الخطة ، ومضى عني ، وكانت ليلة دلهة ، فقلت :يا نفسي أسلمت مولاك وله أعداء كثيرة اي عذر يكون لك عند الله وعندرسوله والله لأقفن اثره ولأعلمن خبره وان كنت قد خالفت امره.

وجعلت اتبع اثره ، فوجدتهعليه‌السلام مطلعا في البئر إلى نصفه يخاطبالبئر والبئر تخاطبه ، فحس بي والتفتعليه‌السلام وقال : من ، قلت : ميثم ،فقال : يا ميثم ألم آمرك الا يتجاوز الخطة ، قلت : يا مولاي خشيت عليكمن الأعداء فلن يصبر لذلك قلبي ، فقال : أسمعت مما قلت شيئا ، قلت :لا يا مولاي ، فقال : يا ميثم :

وفي الصدر لبانات

إذا ضاق لها صدري

نكت الأرض بالكف

وأبديت لها سري

فمهما تنبت الأرض

فذاك النبت من بذري(1)

__________________

(1) عنه المستدرك 5 : 130 ، رواه أيضا الشهيد في مزاره : 270 ، عنه البحار 100 : 449 ،المستدرك 3 : 441.

١٥٣

الباب (10)

القول والعمل عند ورود الكوفة

فإذا وردت الكوفة فاخلع ثياب سفرك وانزل واغتسل قبلدخولها ، فإنها حرم الله وحرم رسوله وحرم أمير المؤمنينعليهما‌السلام .

وإذا أردت المضي إلى المشهد فاغتسل غسل الزيارة ، وصفة النيةلهذا الغسل ان تنوي بقلبك : اغتسل لدخول الكوفة مندوبا قربة إلى اللهتعالى ، وقل وأنت تغتسل :

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى اللهعليه وآله ، اللهم صل على محمد وآل محمد وطهر قلبي ، وزك عملي ،ونور بصري ، واجعل غسلي هذا طهورا وحرزا ، وشفاء من كل داءوسقم ، وآفة وعاهة ، ومن شر ما أحاذر ، انك على كل شئ قدير.

اللهم صل على محمد وال محمد واغسلني من الذنوب كلها ،والآثام والخطايا ، وطهر جسمي وقلبي من كل آفة يمحق بها ديني ،واجعل عملي خالصا لوجهك يا ارحم الراحمين.

اللهم صل على محمد وال محمد واجعله لي شاهدا يوم حاجتيوفقري وفاقتي انك على كل شئ قدير.

واقرأ :( انا أنزلناه في ليلة القدر ) .

فإذا فرغت من الغسل فالبس ما طهر من ثيابك ، وامش علي سكينة

١٥٤

ووقار ، فإذا دخلت الكوفة فقل :

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى اللهعليه وآله ، اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.

ثم صل ركعتين تحية المنزل مندوبا ، ثم امش وأنت تقول :

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ما استطعت.

وادخل إلى مشهد يونس النبيعليه‌السلام فزره بهذه الزيارة ، تقول :

السلام على أولياء الله وأصفيائه ، السلام على أمناء الله وأحبائه ،السلام على أنصار الله وخلفائه ، السلام على محال معرفة الله ، السلامعلى عباد الله المكرمين ، الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ،السلام على مظاهر أمر الله ونهيه ، السلام على الادلاء على الله ،السلام على المستقرين في مرضاة الله ، السلام على الممحصين فيطاعة الله.

السلام على الذين من والاهم فقد والى الله ، ومن عاداهم فقدعادى الله ، ومن عرفهم فقد عرف الله ، ومن جهلهم فقد جهل الله ،ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ، ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله.

اشهد الله اني حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم ، مؤمن بماآمنتم به ، كافر بما كفرتم به ، محقق لما حققتم ، مبطل لما أبطلتم ، مؤمنبسركم وعلانيتكم ، مفوض في ذلك كله إليكم ، لعن الله عدوكم منالجن والإنس.

١٥٥

ثم قبل التربة وصل ركعتين للزيارة ، وادع لنفسك ولمن أحببت

ويستحب ان يدعو بالدعاء المروي الذي دعا به زين العابدين عليابن الحسينعليهما‌السلام عنده ، ويسمى دعاء الاستقالة ، وهو :

اللهم يا من برحمته يستغيث المذنبون ، ويا من إلى ذكر احسانهيفزع المضطرون ، ويا من لخيفته ينتحب(1) الخاطئون ، ويا انس كلمستوحش غريب ، ويا فرج كل محزون كئيب(2) ، ويا غوث(3) كل مخذولفريد ، ويا عضد(4) كل محتاج طريد.

أنت الذي وسعت كل شئ رحمة وعلما ، وأنت الذي جعلت لكلمخلوق في نعمك سهما ، وأنت الذي عفوه أعلى من عقابه ، وأنت الذيتسعى رحمته امام غضبه ، وأنت الذي عطاؤه أكثر من منعه ، وأنت الذياتسع الخلائق كلهم في وسعه ، وأنت الذي لا يرغب في جزاء من أعطاه ،وأنت الذي لا يفرط(5) في عقاب من عصاه.

وانا يا الهي عبدك الذي امرته بالدعاء ، فقال : لبيك وسعديك ها اناذا يا رب مطروح بين يديك ، انا الذي أوقرت(6) الخطايا ظهره ، وانا الذي

__________________

(1) ينتحب : يرفع صوته بالبكاء.

(2) محزون كئيب : مهموم حزين.

(3) عون ( خ ل ).

(4) العضد : المعين.

(5) يفرط : يسرف.

(6) أوقرت : أثقلت.

١٥٦

أفنت الذنوب عمره ، وانا الذي بجهله عصاك ، ولم تكن اهلا منه لذاك

هل أنت يا الهي راحم من دعاك فابلغ في الدعاء ، أم أنت غافر لمنبكا إليك فأسرع في البكاء ، أم أنت متجاوز عمن عفر(1) لك وجهه تذللا ، أمأنت مغن من شكا إليك فقره توكلا ، الهي لا تخيب من لا يجد معطياغيرك ، ولا تخذل من لا يستغني عنك بأحد دونك.

الهي فصل على محمد وال محمد ولاتعرض عني وقد أقبلتعليك ، ولا تحرمني وقد رغبت إليك ، ولا تجبهني(2) بالرد وقد انتصبتبين يديك ، أنت الذي وصفت نفسك بالرحمة فصل على محمد والمحمد وارحمني ، وأنت الذي سميت نفسك بالعفو فاعف عني.

قد تري يا الهي فيض دمعي من خيفتك ، ووجيب(3) قلبي منخشيتك ، وانتفاض جوارحي من هيبتك ، كل ذلك حياء مني بسوءعملي ، ولذلك خمد صوتي عن الجأر(4) إليك ، وكل لساني عن مناجاتك.

يا الهي فلك الحمد ، فكم من عائبة سترتها علي فلم تفضحني ،وكم من ذنب غطيته علي فلم تشهرني ، وكم من شائبة(5) ألممت بها

__________________

(1) عفر : مرغ وجهه في التراب.

(2) تجبهني : تستقبلني.

(3) وجيب : خفقان واضطراب.

(4) الجأر : رفع الصوت والاستغاثة.

(5) الشائبة : القبيحة.

١٥٧

فلم تهتك عني سترها ، ولم تقلدني مكروه شنارها(1) ولم تبد سوأتهالمن يلتمس معايبي من جيرتي وحسدة نعمتك عندي ، ثم لم ينهنيذلك عن أن جريت إلي سوء ما عهدت مني.

فمن اجهل مني يا الهي برشده ، ومن أغفل مني عن حظه ، ومنأبعد مني من استصلاح نفسه ، حين أنفق ما أجريت علي من رزقك فيمانهيتني عنه من معصيتك ، ومن أبعد غورا(2) في الباطل ، وأشد اقداماعلى السوء مني ، حين أقف بين دعوتك ودعوة الشيطان ، فاتبع دعوتهعلى غير عمى مني في معرفة به ، ولا نسيان من حفظي له ، وانا حينئذموقن بان منتهى دعوتك إلى الجنة ، ومنتهى دعوته إلى النار.

سبحانك ما أعجب ما اشهد به على نفسي ، واعدده من مكتومأمري ، واعجب من ذلك أناتك(3) عني ، وابطاؤك عن معاجلتي ، وليسذلك من كرمي عليك ، بل تأنيا منك لي ، وتفضلا منك علي ، لان ارتدععن معصيتك المسخطة(4) ، واقلع عن سيئاتي المخلقة ، ولان عفوك عنيأحب إليك من عقوبتي.

بل انا يا الهي أكثر ذنوبا ، وأقبح اثارا ، وأشنع أفعالا ، وأشد في

__________________

(1) شنارها : عارها.

(2) غورا : عمقا.

(3) أناتك : حلمك.

(4) المسخطة : الموجبة لغضبك.

١٥٨

الباطل تهورا(1) واضعف عند طاعتك تيقظا ، وأقل لوعيدك انتباهاوارتقابا ، من أن احصى لك عيوبي ، أو أقدر على ذكر ذنوبي ، وإنما أوبخبهذا نفسي طمعا في رأفتك التي بها صلاح أمر المذنبين ، ورجاءلرحمتك التي بها فكاك رقاب الخاطئين.

اللهم وهذه رقبتي قد أرقتها(2) الذنوب ، فصل على محمد واله ،وأعتقها بعفوك ، وهذا ظهري قد أثقلته الخطايا ، فصل على محمد واله ،وخفف عنه بمنك.

يا الهي لو بكيت إليك حتى تسقط أشفار عيني ، وانتحبت حتىينقطع صوتي ، وقمت لك حتى تتنشر(3) قدماي ، وركعت لك حتىينخلع صلبي ، وسجدت لك حتى تتفقأ حدقتاي ، وأكلت تراب الأرضطول عمري ، وشربت ماء الرماد اخر دهري ، وذكرتك في خلال ذلكحتى يكل لساني ، ثم لم ارفع طرفي إلى افاق السماء استحياء منك ، مااستوجبت بذلك محو سيئة واحدة من سيئاتي.

وان كنت تغفر لي حين استوجب مغفرتك ، وتعفو عني حيناستحق عفوك ، فان ذلك غير واجب لي باستحقاق ، ولا انا أهل لهباستيجاب ، إذ كان جزائي منك في أول ما عصيتك النار ، فان تعذبني

__________________

(1) التهور : الوقوع في الشئ بقلة مبالاة.

(2) أرقتها : ملكتها.

(3) تتنشر : تنتفخ.

١٥٩

فأنت غير ظالم لي

الهي فإذ قد تغمدتني(1) بسترك فلم تفضحني ، وتانيتني(2) بكرمكفلم تعاجلني ، وحلمت عني بتفضلك فلم تغير نعمتك علي ، ولم تكدرمعروفك عندي ، فارحم طول تضرعي ، وشدة مسكنتي(3) ، وسوء موقفي.

اللهم صل على محمد واله ، وقني من المعاصي ، واستعملنيبالطاعة ، وارزقني حسن الإنابة ، وطهرني بالتوبة ، وأيدني بالعصمة ،واستصلحني بالعافية ، وأذقني حلاوة المغفرة ، واجعلني طليق عفوكوعتيق رحمتك ، واكتب لي أمانا من سخطك ، وبشرني بذلك فيالعاجل دون الاجل ، بشرى أعرفها ، وعرفني فيه علامة أتبينها.

ان ذلك لا يضيق عليك في وسعك ، ولا يتكأدك(4) في قدرتك ،ولا يتصعدك(5) في أناتك ، ولا يؤودك(6) في جزيل هباتك التي دلت عليهآياتك ، انك تفعل ما تشاء ، وتحكم ما تريد ، انك على كل شئ قدير(7) .

__________________

(1) تغمدتني : غمرتني.

(2) تأنيتني : أمهلتني.

(3) مسكنتي : خضوعي وذلي.

(4) يتكأدك : يشق عليك.

(5) يتصعدك : يشتد عليك.

(6) يؤودك : يثقل عليك.

(7) رواه في الصحيفة السجادية الدعاء 166 ، عنها البلد الأمين : 451 ، ذكره الشهيد فيمزاره : 227 ، عنه البحار 100 : 408.

لا يوجد من ( هيبتك ) إلى آخر الدعاء في النسخة ، أضفناه من الصحيفة.

١٦٠