المزار الكبير

المزار الكبير8%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192437 / تحميل: 6998
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٢٠٠٢-٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

وقال الفضل(١) :

قد عرفت أنّ خالق الشيء غير فاعله ومباشره(٢) ، فالفعل تارة يطلق ويراد به : الخلق ، كما يقال : الله تعالى فاعل كلّ شيء ، وقد يطلق ويراد به :

المباشرة والاعتمال.

وعلى التقديرين فإنّ الخالق للشيء لا يكون موصوفا بذلك الشيء الذي خلقه ، وإن كان المخلوق من جملة الصفات كما قدّمنا(٣) .

فمن خلق الظلم لا يقال : إنّه ظالم.

وقد ذكرنا أنّه لم يفرّق بين هذين المعنيين(٤) ، ولو فرّق لم يستدلّ بأمثال هذا.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٨٠.

(٢) انظر الصفحتين ٩٣ و ١٧٣ من هذا الجزء.

(٣) تقدّم في الصفحتين ١٦٥ و ٢٢٠ من هذا الجزء.

(٤) راجع الصفحة ١٤٩ من هذا الجزء.

٢٤١

وأقول :

إذا أقرّ بإطلاق الفعل على الخلق ، وأنّه يقال : فاعل كلّ شيء ، ويراد خالقه ، فقد صارا مترادفين ، وبطل قوله : إنّ خالق الشيء غير فاعله.

ولو سلّم فلا يرتفع الإشكال بمجرّد هذا الاصطلاح ، إذ يكفينا أن نقول : إنّ من أوجد الظلم والفساد يسمّى ظالما مفسدا لغة وعرفا ، فيلزمهم الإشكال.

وأمّا قوله : « وعلى التقديرين ، فإنّ الخالق للشيء لا يكون موصوفا بذلك الشيء »

فغلط ظاهر ، ضرورة أنّ أكثر صفات الله سبحانه من أفعاله ، كالعادل والرحمن والهادي والمحيي والمميت ونحوها ، بل صفات الذات أيضا من مخلوقاته بزعمهم ؛ لأنّها مغايرة له وصادرة عنه بالإيجاب.

ثمّ إنّ مراد المصنّفرحمه‌الله ب‍ « الآخر » في قوله : « ولهذا لا يصحّ إثبات أحدها إلّا حال نفي الآخر » هو الآخر الضدّ ، لا مطلقا.

وحينئذ فلو ثبت الظلم لأحد لم يصحّ إثبات العدل له في مورد ثبوت الظلم له ، فلا يصحّ وصف الله سبحانه بالعادل حال خلقه للظلم وثبوته له ، وهو كفر آخر.

* * *

٢٤٢

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم منه المحال ؛ لأنّه لو كان هو الخالق للأفعال ، فإمّا أن يتوقّف خلقه لها على قدرتنا ودواعينا ، أو لا ، والقسمان باطلان.

أمّا الأوّل : فلأنّه يلزم منه عجزه سبحانه عمّا يقدر عليه العبد ، ولأنّه يستلزم خلاف المذهب ، وهو وقوع الفعل منه والداعي من العبد ، إذ لو كان من الله تعالى لكان الجميع من عنده ، ولأنّه القدرة والداعي إن أثّرا فهو المطلوب ، وإلّا كان وجودهما كوجود لون الإنسان وطوله وقصره.

ومن المعلوم بالضرورة أنّه لا مدخل للّون والطول والقصر في الأفعال ، وإذا كان هذا الفعل صادرا عنه جاز وقوع جميع الأفعال المنسوبة إلينا منّا.

وأمّا الثاني : فلأنّه يلزم منه أن يكون الله تعالى أوجد ـ أي خلق ـ تلك الأفعال من دون قدرتهم ودواعيهم ، حتّى توجد الكتابة والنساجة المحكمتان ممّن لا يكون عالما بهما ، ووقوع الكتابة ممّن لا يد له ولا قلم ، ووقوع شرب الماء من الجائع في الغاية ، الريّان في الغاية ، مع تمكّنه من الأكل.

ويلزم تجويز أن تنقل النملة الجبال ، وأن لا يقوى الرجل الشديد القوّة على رفع تبنة ، وأن يجوز من الممنوع المقيّد العدو ، وأن يعجز القادر

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٨.

٢٤٣

الصحيح عن تحريك الأنملة(١) .

وفي هذا زوال الفرق بين القوي والضعيف ، ومن المعلوم بالضرورة الفرق بين الزّمن والصحيح.

* * *

__________________

(١) الأنملة ـ بالفتح ـ : المفصل الأعلى الذي فيه الظفر من الإصبع ؛ انظر لسان العرب ١٤ / ٢٩٥ مادّة « نمل ».

٢٤٤

وقال الفضل(١) :

نختار القسم الثاني ، وهو أنّ خلقه تعالى لأفعالنا لا يتوقّف على دواعينا وقدرتنا ، وما ذكره من لزوم وجدان الكتابة بدون اليد وغيره من المحالات العادية ، فهي استبعادات ، والاستبعاد لا يقدح في الجواز العقلي.

نعم ، عادة الله جرت على إحداث الكتابة عند حصول اليد والقلم ، وإن أمكن حصوله وجاز حدوثه عقلا بدون اليد والقلم ، ولكن هو من المحالات العادية كما مرّ غير مرّة(٢) .

وما ذكر أنّه يلزم أن تكون القدرة والداعي إذا لم يكونا مؤثّرين في الفعل ، كاللون والطول والقصر بالنسبة إلى الأفعال ، فهو ممنوع

للفرق بأنّ الفعل يقع عقيب وجود القدرة ، كالإحراق الذي يقع عقيب مساس النار عادة ، ولا يقال لا فرق بالنسبة إلى الإحراق بين النار وغيرها ، إذ لا تجري العادة بحدوث الإحراق عقيب مساس الماء.

فكذلك لم تجر عادة الله تعالى بإحداث الفعل عقيب وجود اللون ، بل عقيب حصول القدرة والداعي مع أنّهما غير مؤثّرين.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٨٢.

(٢) راجع الصفحة ٢١٤ من هذا الجزء.

٢٤٥

وأقول :

لا يخفى أنّ مقصود المصنّف هو : إنّه يلزم انتفاء الفرق في صحّة نسبة الكتابة إلى ذي اليد أو مقطوعها ؛ لأنّ المفروض عدم دخل القدرة وآلاتها في وجود الأفعال ، وذلك باطل بالضرورة.

وكذا الكلام في تأثير الداعي ، وليس المقصود امتناع حصول الكتابة مثلا بدون الآلات ، فإنّه لا ينكر إمكانه ، بل وقوعه في اللوح وغيره.

وأمّا ما ذكره من الفرق بين القدرة والداعي ، وبين اللون والطول والقصر بجريان العادة ، فليس في محلّه ؛ لأنّ المصنّفرحمه‌الله أراد لزوم عدم الفرق في عدم المدخلية والتأثير ، لا لزوم عدم الفرق أصلا ، وإلّا فالفروق كثيرة.

ولا ريب أنّ عدم الفرق بعدم المدخلية والتأثير خلاف الضرورة ، فإنّ كلّ عاقل يدرك مدخلية القدرة والداعي في الفعل وتأثيرهما فيه ، دون اللون والطول والقصر.

* * *

٢٤٦

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

ومنها : تجويز أن يكون الله تعالى جاهلا أو محتاجا ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا ؛ لأنّ في الشاهد فاعل القبيح إمّا جاهل ، أو محتاج ، مع إنّه ليس عندهم فاعلا في الحقيقة ، فلأن يكون كذلك في الغائب ـ الذي هو الفاعل في الحقيقة ـ أولى.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٩.

٢٤٧

وقال الفضل(١) :

قد مرّ أنّ الخالق غير الفاعل ، بمعنى الكاسب والمباشر(٢) ، وخالق القبيح لا يلزم أن يكون جاهلا أو محتاجا ، حيث لا قبيح بالنسبة إليه ، كما في خلقه لما هو قبيح بالنسبة إلى المخلوق ، فلا يلزم منه جهل ولا احتياج.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٨٣.

(٢) انظر الصفحتين ٩٣ و ١٧٣ من هذا الجزء.

٢٤٨

وأقول :

ضرورة العقلاء قاضية بأنّ خلق القبيح وإيجاده أولى بالقبح من كسبه ، بمعنى محلّيّة المحلّ له بلا تأثير ، بل لا معنى لنسبة قبح الفعل الاختياري إلى غير المؤثّر.

فلا محالة يلزم من خلق القبيح أحد الأمرين : الجهل ، والاحتياج ، ولا عبرة بالسفسطات.

* * *

٢٤٩

قال المصنّف ـ رفع الله منزلته ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم منه الظلم ؛ لأنّ الفعل إمّا أن يقع من العبد لا غير

أو من الله تعالى

أو منهما بالشركة ، بحيث لا يمكن تفرّد كلّ منهما بالفعل ، أو لا من واحد منهما

والأوّل : هو المطلوب.

والثاني : يلزم منه الظلم ، حيث فعل الكفر وعذّب من لا أثر له فيه ألبتّة ، ولا قدرة موجدة له ، ولا مدخل له في الإيجاد ، وهو أبلغ أنواع الظلم.

والثالث : يلزم منه الظلم ؛ لأنّه شريك في الفعل ، وكيف يعذّب شريكه على فعل فعله هو وإيّاه؟!

وكيف يبرّئ نفسه من المؤاخذة مع قدرته وسلطنته ، ويؤاخذ عبده الضعيف على فعل فعل هو مثله؟!

وأيضا : يلزم منه تعجيز الله تعالى ، إذ لا يتمكّن من الفعل بتمامه ، بل يحتاج إلى الاستعانة بالعبد.

وأيضا : يلزم المطلوب ، وهو أن يكون للعبد تأثير في الفعل ، وإذا جاز استناد أثر ما إليه ، جاز استناد الجميع إليه.

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٩.

٢٥٠

فأيّ ضرورة تحوج إلى التزام هذه المحالات؟!

فما ترى لهم ضرورة إلى ذلك سوى أن ينسبوا ربّهم إلى هذه النقائص التي نزّه الله تعالى نفسه عنها وتبرّأ منها!

* * *

٢٥١

وقال الفضل(١) :

نختار أنّ الفعل ـ بمعنى الخلق ـ يصدر من الله تعالى ، والعبد كاسب للفعل ، مباشر له ، ولا تأثير لقدرته في الفعل.

قوله : « يلزم منه الظلم ».

قلنا : قد سبق أنّ الظلم لا يلزم أصلا ؛ لأنّه يتصرّف في ما هو ملك له ، والتصرّف في الملك كيف شاء المالك لا يسمّى ظلما ، ثمّ إنّ تعذيب العاصي بواسطة كونه محلّا للفعل الموجب للعذاب(٢) .

وأمّا قوله : « فما ترى لهم ضرورة إلى ذلك سوى أن ينسبوا ربّهم إلى هذه النقائص ».

فنقول : أنا أخبره بالذي دعاهم إلى تخصيص الخلق بالله تعالى ، وهو الهرب والفرار من الشرك الصريح الذي لزم المخالفين ممّن يدّعون أنّ العبد خالق مثل الربّ ، وهذا فيه خطر الشرك ، وهم يهربون من الشرك!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٨٤.

(٢) انظر الصفحتين ٩٣ و ٢٣٠ من هذا الجزء.

٢٥٢

وأقول :

لا يمكن أن يكون مجرّد الملك مصحّحا لعذاب من لا ذنب له ؛ لما سبق من أنّه ليس من أحكام الملكيّة جواز إضرار المالك بملكه الحسّاس ، بلا جرم منه ، ولا فائدة له ، بل هو مناف لمقتضى الملكيّة من رعاية المملوك وحمايته عمّا يضرّه(١) .

وأمّا ما أخبر به من الأمر الداعي لأصحابه ، فلو صدق فيه ، فلم أثبتوا لأنفسهم قدرة وإرادة وغيرهما من الصفات الزائدة بزعمهم على الذات ، وأثبتوا لأنفسهم أيضا ملكيّة؟!

وادّعوا مشاركة الله سبحانه في الكلّ! والحال أنّ المشاركة فيها أعظم من المشاركة في الفعل ، بل لو كان الشرك مطلقا باطلا لم تصحّ مشاركة الله تعالى في الوجود والشيئية ، وفي ثبوت الهوية.

فالحقّ ـ كما سبق ـ أنّ المشاركة في ما لا نقص به على الله سبحانه من الأمور التي لا توجب الإلهية ، ولا المعارضة ، أو المماثلة له ، جائزة وواقعة ، كما في محلّ النزاع.

وكيف يكون فيها نقص؟! وهي من مظاهر القدرة الربّانيّة ، ودلائل النزاهة ، حيث جعل قدرة العبيد الفعّالة دليلا على قدرته العظمى ، وطريقا إلى نزاهته عن أفعالهم القبيحة!

نعم ، أنا أخبره أنّ الذي دعاهم إلى الالتزام بذلك وسلوك أسوأ

__________________

(١) تقدّم في الصفحة ٩٥ من هذا الجزء.

٢٥٣

المسالك ، هو التعصّب للأسلاف ، والاقتداء بآثار الآباء.

ومن المضحك أنّه في مقام إنكار تأثير العبيد يثبت التأثير لهم فيقول :

« أنا أخبره بالذي دعاهم » فأشرك بمذهبه ، وأساء باعتقاده إلى ربّه!

وما زال يعاقب المصنّف عقاب الفاعلين للفاعلين المؤثّرين!

أعاذنا الله من مخالفة العمل للقول ، والتعرّض لسخطه ، إنّه أرحم الراحمين.

* * *

٢٥٤

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم مخالفة القرآن العظيم والسنّة المتواترة والإجماع وأدلّة العقل.

* أمّا الكتاب فإنّه مملوء من إسناد الأفعال إلى العبيد ، وقد تقدّم بعضها(٢) .

وكيف يقول الله تعالى :( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) (٣) ولا خالق سواه؟!

ويقول :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٤) ولا تحقّق لهذا الشخص ألبتّة؟!

ويقول :( مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ) (٥)

( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) (٦)

( لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) (٧)

( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٢٠.

(٢) تقدّم في الصفحة ١٥٢ ـ ١٥٣ من هذا الجزء.

(٣) سورة المؤمنون ٢٣ : ١٤.

(٤) سورة طه ٢٠ : ٨٢.

(٥) سورة فصّلت ٤١ : ٤٦ ، سورة الجاثية ٤٥ : ١٥.

(٦) سورة النجم ٥٣ : ٣١.

(٧) سورة الكهف ١٨ : ٧.

٢٥٥

وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) (١)

( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) (٢) ولا وجود لهؤلاء؟!

ثمّ كيف يأمر وينهى ولا فاعل؟! وهل هو إلّا كأمر الجماد ونهيه؟!

* وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إعملوا ، فكلّ ميسّر لما خلق له »(٣)

«نيّة المؤمن (٤) خير من عمله »(٥)

«إنّما الأعمال بالنيّات ، وإنّما لكلّ امرئ ما نوى »(٦)

* والإجماع دلّ على وجوب الرضا بقضاء الله تعالى ، فلو كان الكفر بقضاء الله تعالى لوجب الرضا به ، والرضا بالكفر حرام بالإجماع.

فعلمنا أنّ الكفر ليس من فعله تعالى ، فلا يكون من خلقه.

* * *

__________________

(١) سورة الجاثية ٤٥ : ٢١.

(٢) سورة ص ٣٨ : ٢٨.

(٣) صحيح البخاري ٦ / ٢٩٨ ح ٤٤٦ وج ٩ / ٢٨٤ ح ١٧٦ ، صحيح مسلم ٨ / ٤٧ ، سنن أبي داود ٤ / ٢٢٨ ح ٤٧٠٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٣٠ ح ٧٨ ، سنن الترمذي ٤ / ٣٨٨ ح ٢١٣٦ ، مسند أحمد ١ / ٨٢ ، التوحيد ـ للصدوق ـ : ٣٥٦ ح ٣ ، مجمع البحرين ـ للطريحي ـ ٣ / ٥٢١ مادّة « يسر ».

(٤) كان في الأصل : « المرء » ، وهو تصحيف ، والمثبت من المصادر.

(٥) تقدّم تخريجه في الصفحة ١٢٣ ه‍ ٥ ، فراجع.

(٦) تقدّم تخريجه في الصفحة ١٢٣ ه‍ ٤ ، فراجع.

٢٥٦

وقال الفضل(١) :

قد عرفت في ما سبق أجوبة كلّ ما استدلّ به من آيات الكتاب العزيز(٢) .

ثمّ إنّ كلّ تلك الآيات معارضة بالآيات الدالّة على أنّ جميع الأفعال بقضاء الله وقدره وإيجاده وخلقه ، نحو :

( وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ) (٣) أي عملكم

و( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) (٤) وعمل العبد شيء

( فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ ) (٥) وهو يريد الإيمان إجماعا ، فيكون فعّالا له ، وكذا الكفر ، إذ لا قائل بالفصل.

وأيضا : تلك الآيات معارضة بالآيات المصرّحة بالهداية والضلال والختم ، نحو :

( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً ) (٦)

و( خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ) (٧) وهي محمولة على حقائقها كما هو الظاهر منها.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٨٦.

(٢) انظر الصفحة ١٥٤ من هذا الجزء.

(٣) سورة الصافّات ٣٧ : ٩٦.

(٤) سورة الزمر ٣٩ : ٦٢.

(٥) سورة هود ١١ : ١٠٧.

(٦) سورة البقرة ٢ : ٢٦.

(٧) سورة البقرة ٢ : ٧.

٢٥٧

وأنت تعلم أنّ الظواهر إذا تعارضت لم تقبل شهادتها ، خصوصا في المسائل العقلية ، ووجب الرجوع إلى غيرها من الدلائل العقلية القطعية.

وقد ذكرنا في ما سلف من الكلام ما يغني في إثبات المقصد.

وأمّا ما استدلّ به على تعدّد الخالقين من قوله تعالى :( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) (١) ، فالمراد بالخالقين هناك : ما يدّعي الكافرون من الأصنام.

فكأنّه يقول : تبارك الله الذي هو أحسن من أصنامكم الّذين تجعلونهم الخالقين المقدّرين بزعمكم ، فإنّهم لا يقدرون على شيء ، والله يخلق مثل هذا الخلق البديع المعجب.

أو المراد من الخالقين : المقدّرين للخلق ، كالمصوّرين ، لا أنّه تعالى أثبت لنفسه شركاء في الخلق.

ولكنّ المعتزلة ومن تابعهم يناسب حالهم ما قال الله تعالى :( وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) (٢) .

* * *

__________________

(١) سورة المؤمنون ٢٣ : ١٤.

(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٤٥.

٢٥٨

وأقول :

قد ظهر ممّا سبق أنّ أجوبته لا تصلح أن توسم باسم الجواب(١) ، ودعواه هنا المعارضة بالآيات الأخر باطلة.

أمّا قوله تعالى :( خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) (٢) ، فقد عرفت في أوّل المطلب الأوّل أنّ المراد به السماوات والأرض ، وما فيهما من الأجسام والأعراض والأجرام ، لا ما يشمل أفعال العباد ، فراجع(٣) .

وأمّا قوله تعالى :( أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ * وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ) (٤) فالمراد فيه ب‍ ( ما يعملون ) هو : ما ينحتونه من الأصنام لا عملهم(٥) ، إذ لا معنى للإنكار على عبادتهم لما ينحتون بحجّة أنّه خلقهم وأعمالهم التي منها عبادتهم التي أنكر عليها!

وأمّا قوله تعالى :( فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ ) ، فالظاهر أنّ معناه أنّه تعالى فعّال لما يريد فعله وتكوينه.

ومن أوّل الدعوى أنّه يريد تكوين الإيمان ، وإنّما يريده تكليفا وتشريعا.

وأمّا المعارضة بالآيات الواردة في الهداية والإضلال والختم ، فمبنيّة

__________________

(١) انظر الصفحة ١٥٦ من هذا الجزء.

(٢) سورة الرعد ١٣ : ٦١ ، سورة الزمر ٣٩. ٦٢ ، سورة غافر ٤٠ : ٦٢.

(٣) راجع ج ٢ / ٣٤٣.

(٤) سورة الصافّات ٣٧ : ٩٥ و ٩٦.

(٥) انظر : تفسير الماوردي ٥ / ٥٨ ، الكشّاف ٣ / ٣٤٥ ، مجمع البيان ٨ / ٢٨١.

تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ١٥١.

٢٥٩

على أنّ المراد بالهداية والإضلال : خلق الهدى والضلال ، وهو ممنوع ؛ بل المراد بالهداية أحد أمور :

الأوّل : الدلالة والإرشاد ، كما في قوله تعالى : إنّا( هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) (١) ( إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) (٢) .

وقوله تعالى :( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ) (٣)

وقوله تعالى :( إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (٤) .

.. إلى غيرها من الآيات الكثيرة.

الثاني : الإثابة والإنعام ، كما في قوله تعالى :( وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ ) (٥) .

فإنّ المراد هنا بالهداية : الإثابة ؛ لوقوعها بعد القتل والموت ، كما إنّ المراد هنا بالإضلال : إبطال أعمالهم.

ومثلها في إرادة الإثابة قوله تعالى :( يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) (٦) .

الثالث : التوفيق وزيادة الألطاف ، كما في قوله تعالى :( مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ) (٧) ، ونقيضه الإضلال بأن يكلهم إلى أنفسهم ، ويمنعهم زيادة

__________________

(١) سورة البلد ٩٠ : ١٠.

(٢) سورة الإنسان ٧٦ : ٣ ، وتمام الآية :( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) .

(٣) سورة فصّلت ٤١ : ١٧.

(٤) سورة الشورى ٤٢ : ٥٢.

(٥) سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ٤٧ : ٤ و ٥.

(٦) سورة يونس ١٠ : ٩.

(٧) سورة الإسراء ١٧ : ٩٧.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

الباب (١٣)

فضل طين قبر الحسين صلوات الله عليه ومقدار ما يؤخذ من تربته

وما يقال عند اخذها ويصنع ، وفضل السبحة منها والتسبيح بها

وما يقال عند اكلها

١ ـ وبالاسناد عن أبي جعفر بن بابويه وأبي القاسم جعفر بن محمدابن قولويهرضي‌الله‌عنهما ، عن أبويهما ، قالا جميعا : حدثنا سعد بنعبد الله ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن محمد بن سليمانالبصري ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : في طين قبر الحسينعليه‌السلام الشفاء من كل داء وهو الدواء الأكبر(١) .

٢ ـ وقالعليه‌السلام : لو أن مريضا من المؤمنين يعرف حق أبي عبد اللهعليه‌السلام وحرمته وولايته اخذ له من طين قبر الحسينعليه‌السلام مثل رأس أنملةكان له دواء(٢) .

٣ ـ وقالعليه‌السلام : طين قبر الحسينعليه‌السلام فيه شفاء وان اخذ علىرأس ميل(٣) .

٤ ـ وقالعليه‌السلام : من اصابته علة فبدأ بطين قبر الحسينعليه‌السلام شفاه

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ٦ : ٧٤ ، عنه البحار ١٠١ : ١٢٣.

(٢) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٥ و ٤٦٧ ، عنه البحار ١٠١ : ١٢٢ و ١٢٥ ، الوسائل١٤ : ٥٣٠.

(٣) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٢ ، والشيخ في مصباحه : ٦٧٤ ، عنه البحار ١٠١ : ١٢٤ ،الوسائل ١٤ : ٥١٣.

٣٦١

الله من تلك العلة الا أن تكون علة السام(١) .(٢)

٥ ـ وبالاسناد قال : حدثني محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بنالحسين بن أبي الخطاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ،عن الحسين بن أبي العلاء ، قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : حنكواأولادكم بتربة الحسين صلوات الله عليه ، فإنها أمان(٣) .

٦ ـ وبالاسناد قال : حدثني أبي وجماعة مشايخيرحمهم‌الله ،عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن رجل قال : بعث إلي الرضاعليه‌السلام من خراسان بثياب رزم(٤) وكان بين ذلك طين ، فقلت للرسول : ما هذا ،فقال : طين قبر الحسينعليه‌السلام ما يكاد يوجد شيئا من الثياب ولا غيره الاويجعل فيه الطين ، وكان يقول : هو أمان بإذن الله(٥) .

٧ ـ وبالاسناد قال : حدثني أبي ومحمد بن الحسن وعلي بنالحسينرحمهم‌الله ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن رزقالله بن العلاء ، عن سليمان بن عمرو السراج ، عن بعض أصحابنا ، عن

__________________

(١) السام : الموت.

(٢) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٢ ، عنه وعن فقه الرضاعليه‌السلام ، البحار ١٠١ : ١٢٤و ١٣١ ، الوسائل ١٤ : ٥٢٦.

(٣) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٦ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٧٤ ، عنه البحار ١٠١ : ١٢٤ ،الوسائل ١٤ : ٥٢٤.

(٤) رزم الثياب جمعها وشدها في ثوب.

(٥) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٧ ، والشيخ في التهذيب ٨ : ٤٠ ، الاستبصار ٣ : ٢٧٩ ،عنهم البحار ١٠١ : ١٢٤ ، الوسائل ١٤ : ٥٢٤.

٣٦٢

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : يؤخذ طين قبر الحسين صلوات الله عليه من عندالقبر على قدر سبعين ذراعا(١) .

٨ ـ وبالاسناد قال : حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب ،عن علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عنأحدهماعليهما‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى خلق آدم من الطين فحرم الطينعلى ولده ، قال : قلت : فما تقول في طين قبر الحسينعليه‌السلام ، قال : يحرمعلى الناس اكل لحومهم ويحل لهم اكل لحومنا ، ولكن الشئ اليسيرمنه مثل الحمصة(٢) .

٩ ـ وبالاسناد قال : ان رجلا سأل الصادقعليه‌السلام فقال : اني سمعتكتقول : ان تربة الحسينعليه‌السلام من الأدوية المفردة ، وانها لا تمر بداء الاهضمته ، فقال : قد كان ذلك أو قد قلت ذلك فما بالك؟ قال : اني تناولتهافما انتفعت بها ، فقال : أما ان لها دعاء فمن تناولها ولم يدع به واستعملهالم يكد ينتفع بها ، قال : فقال له : ما أقول إذا تناولت التربة؟ فقال :

قبلها قبل كل شئ وضعها على عينيك ، ولا تناول منها أكثر منحمصة ، فإذا تناولت ، فقل :

اللهم إني أسألك بحق الملك الذي قبضها ، واسالك بحق النبي

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨٨ ، وابن قولويه في الكامل : ٤٦٩ و ٤٧١ ، والشيخ فيالتهذيب ٦ : ٧٤ ، والسيد في مصباح الزائر : ١٣٦ ، عنهم البحار ١٠١ : ١٣٠ ، الوسائل ١٤ : ٥١١.

(٢) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٧٨ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٧٤ ، والسيد في مصباحالزائر : ١٣٦ ، عنهم البحار ١٠١ : ١٣٠ ، الوسائل ١٤ : ٥٢٨.

٣٦٣

الذي خزنها ، واسالك بحق الوصي الذي حل فيها ان تصلي على محمدوال محمد وان تجعله شفاء من كل داء ، وأمانا من كل خوف ، وحفظامن كل سوء.

فإذا فعلت ذلك إن شاء الله فاشددها في شئ ، واقرأ عليها :( اناأنزلناه في ليلة القدر ) ، فان الدعاء الذي تقدم لاخذها في الاستيذانلاخذها ، وقراءة( انا أنزلناه ) ختمها ، فإذا أردت اكلها فقل :

بسم الله وبالله ، اللهم اجعله رزقا واسعا ، وعلما نافعا ، وشفاء منكل داء ، انك على كل شئ قدير(١) .

١٠ ـ وبالاسناد عن جابر بن يزيد الجعفي قال : دخلت على مولاناأبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام فشكوت إليه علتين متضادتين بي ،إذا داويت أحدهما انتقضت الأخرى ، وكان بي وجع الظهر ووجعالجوف ، فقال لي : عليك بتربة الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فقلت : كثيرا مااستعملتها ولا تنجح في.

قال جابر : فتبينت في وجه سيدي ومولاي الغضب ، فقلت : يامولاي أعوذ بالله من سخطك ، وقام فدخل الدار وهو مغضب ، فاتى

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٦٧٦ ، مرسلا عن الصادقعليه‌السلام ، عنه البحار ١٠١ : ١٣٥ ،الوسائل ١٦ : ٣٩٧.

أورده المفيد في مزاره : ١٣٠ عنه عليه‌السلام ، ذكره السيد في مصباح الزائر : ١٣٦ عنه عليه‌السلام .

ذكره الراوندي في دعواته : ١٨٦ ، والكفعمي في مصباحه : ٥٠٨ مرسلا عنه عليه‌السلام .

أورده الطبرسي في مكارم الأخلاق ١ : ٣٦٠ ، الرقم : ١١٨٠ مرسلا عنه عليه‌السلام

٣٦٤

بوزن حبة في كفه فناولني إياها ، ثم قال لي : استعمل هذه يا جابر ،فاستعملتها فعوفيت لوقتي ، فقلت : يا مولاي ما هذه التي استعملتهافعوفيت لوقتي ، فقال : هذه التي ذكرت انها لم تنجح فيك شيئا ، فقلت :والله يا مولاي ما كذبت فيها ولكن قلت لعل عندك علما فأتعلمه منكفيكون أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، فقال لي :

إذا أردت ان تأخذ من التربة ، فتعمد لها آخر الليل ، واغتسل لهابماء القراح(١) والبس أطهر اطمارك ،(٢) وتطيب بسعد(٣) ، وادخل فقفعند الرأس ، فصل أربع ركعات ، تقرأ في الأولى الحمد واحدى عشرةمرة( قل يا أيها الكافرون ) ، وفي الثانية الحمد مرة واحدى عشرة مرة( انا أنزلناه في ليلة القدر ) ، وتقنت فتقول في قنوتك :

لا إله إلا الله حقا حقا ، لا إله إلا الله عبودية ورقا ، لا إله إلا اللهوحده وحده ، انجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، سبحانالله مالك السماوات وما فيهن وما بينهن ، سبحان الله ذي العرشالعظيم والحمد لله رب العالمين.

ثم تركع وتسجد وتصلي ركعتين أخراوين ، تقرأ في الأولى الحمدواحدى عشر مرة( قل هو الله أحد ) وفي الثانية الحمد واحدى عشرة

__________________

(١) الماء القراح : الماء الذي لا يخالطه شئ.

(٢) الطمر جمع اطمار : الثوب البالي.

(٣) السعد : نبت له أصل تحت الأرض ، يستعمل في الطيب والأدوية.

٣٦٥

مرة( إذا جاء نصر الله والفتح ) ، وتقنت كما قنت في الأوليين ، ثم تسجدسجدة الشكر وتقول الف مرة : شكرا ، ثم تقوم وتتعلق بالتربة وتقول :

يا مولاي يا بن رسول الله اني اخذ من تربتك باذنك ، اللهم فاجعلهاشفاء من كل داء ، وعزا من كل ذل ، وامنا من كل خوف ، وغنى من كلفقر ، لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات.

وتأخذ بثلاث أصابع ثلاث مرات ، وتدعها في خرقة نظيفة أوقارورة زجاج ، وتختمها بخاتم عقيق ، عليه :

ما شاء الله ، لا قوة الا بالله ، استغفر الله.

فإذا علم الله منك صدق النية لم يصعد معك في الثلاث قبضات الاسبعة مثاقيل وترفعها لكل علة ، فإنها تكون مثل ما رأيت(١) .

١١ ـ وبالاسناد عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن أبيه ، عن الصادقجعفر بن محمدعليهما‌السلام قال : ان فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليهما

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ١٣٨ ، المستدرك ١٠ : ٣٢٨.

أورده السيد ولي الله في مجمع البحرين في مناقب السمطين مع اختلاف ، عنه المستدرك ١٠ :٣٣٩ ، البحار ١٠١ : ١٣٩.

قال في البحار ١٠١ : ١٣٩ : ( وجدت تلك الرواية عن جابر رضي الله عليه نقلا عن خط ابنسكون قدس‌سره ).

رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٩ ، باسناده عن حكيم بن داود ، عن سلمة ، عن علي بنالريان ، عن الحسين بن أسد ، عن أحمد بن مصقلة ، عن عمه أبي جعفر الموصلي ، عن الباقر عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠١ : ١٢٧ ، المستدرك ١٠ : ٣٣٩.

أورده في مصباح الزائر : ١٣٦ مرسلا ، عنه البحار ١٠١ : ١٣٧.

٣٦٦

كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات ، وكانتعليها‌السلام تديرها بيدها ، تكبر وتسبح ، حتى قتل حمزة بن عبد المطلبعليه‌السلام فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس ، فلما قتل الحسينصلوات الله عليه وجدد على قاتله العذاب ، عدل بالامر إليه ، فاستعملواتربته لما فيها من الفضل والمزية(١) .

١٢ ـ وروي عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : من أدار الحجير من تربةالحسينعليه‌السلام فاستغفر به مرة واحدة كتبت له بالواحدة سبعون مرة ، ومنأمسك السبحة بيده ولم يسبح بها ففي كل حبة منها سبعة مرات(٢) .

١٣ ـ وروى أبو القاسم محمد بن علي ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال : من أدار الطين من التربة فقال :

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

مع كل حبة منها كتب الله له بها ستة آلاف حسنة ، ومحا عنه ستةآلاف سيئة ، ورفع له ستة آلاف درجة ، وأثبت له من الشفاعة مثلها(٣) .

١٤ ـ وفي كتاب الحسن بن محبوب : ان أبا عبد اللهعليه‌السلام سئل عناستعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسينعليهما‌السلام والتفاضلبينهما ، فقالعليه‌السلام : السبحة التي هي من طين قبر الحسينعليه‌السلام تسبح بيد

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ١٣٣.

(٢) رواه الشيخ في مصباحه : ٥١٢ ، عنه البحار ١٠١ : ١٣٦.

(٣) عنه البحار ١٠١ : ١٣٣ ، المستدرك ٤ : ١٣ و ١٠ : ٣٤٤.

ذكره المفيد في مزاره : ١٣٢ عن أبي القاسم محمد بن علي.

٣٦٧

الرجل من غير أن يسبح(١) .

١٥ ـ قال : وقال : رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام وفي يده السبحة منها ،وقيل له في ذلك(٢) ، فقال : اما انها أعود علي ، أو قال : أخف علي(٣) .

١٦ ـ وروي ان الحور العين إذا بصرت بواحد من الاملاك يهبط إلىالأرض لأمر ما يهدين منه السبح والتربة من طين قبر الحسينعليه‌السلام (٤) .

١٧ ـ وروي عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : السبح الرزق في أيديشيعتنا مثل الخيوط الزرق في أكسية بني إسرائيل ، ان اللهعزوجل أوحى إلى موسىعليه‌السلام ان مر بني إسرائيل ان يجعلوا في أربعة جوانبأكسيتهم الخيوط الزرق ويذكرون بها اله السماء(٥) .

١٨ ـ وروى عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي الحسن موسىصلوات الله عليه أنه قال : لا يخلو المؤمن من خمسة : سواك ، ومشط ،وسجادة ، وسبحة فيها أربع وثلاثون حبة ، وخاتم عقيق(٦) .

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ١٣٣.

(٢) اي سئل لم اختار طين قبر الحسينعليه‌السلام على طين قبر حمزة ، فأجاب بكونها أعودمن العادة أو العود مع فقده ، أو كونها أخف تقية ـ البحار.

(٣) عنه البحار ١٠١ : ١٣٣.

(٤) عنه البحار ١٠١ : ١٣٤.

(٥) عنه البحار ١٠١ : ١٣٤ ، قائلا : الظاهر كون حبات السبح زرقا ، ويحتمل أن يكون المرادكون خيطها كذلك كما قيل.

(٦) رواه الشيخ في مصباحه : ٥١١ ، عنه البحار ١٠١ : ١٣٦.

٣٦٨

الباب (١٤)

التوجه إلى مشهد أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه وشرائطه

فإذا خرجت من الكوفة أو غيرها متوجها نحو مشهد الحسين بنعلي صلوات الله عليه ، أو من منزلك ، أو من حيث توجهت ، فكن علىالسنن الذي قدمنا وصفه ، من الصمت الا من ذكر الله تعالى وما يتعلق بهمن الكلام المحمود ، واهجر اللهو واللعب ، واجتنب الملذ من الطعاموالشراب ، واقتصر على المقيم للرمق مما عداه.

١ ـ فقد روي عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : إذا زرت الحسينعليه‌السلام فزرهوأنت حزين مكروب ، شعث مغبر ، جائع عطشان ، فان الحسين صلواتالله عليه قتل حزينا مكروبا ، شعثا مغبرا عطشان ، واسأله الحوائجوانصرف عنه ، ولا تتخذه وطنا(١) .

٢ ـ وروي عنهعليه‌السلام أنه قال : بلغني ان قوما زاروا الحسينعليه‌السلام فحملوا معهم السفر فيها الحداء والأحبصة وأشباهه ، ولو زاروا قبورأحبائهم ما حملوا معهم هذا(٢) .

٣ ـ وروي عنهعليه‌السلام أنه قال : تزورون خير من أن لا تزورونولا تزورون خير من أن تزوروا ، فقال له المفضل بن عمر رحمة الله عليه

__________________

(١) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ٨٠ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٥٢ ، والشيخ فيالتهذيب ٦ : ٧٦ ، عنهم البحار ١٠١ : ١٤٠.

(٢) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ٨٠ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٥٠ ، عنهما البحار١٠١ : ١٤١.

٣٦٩

قطعت ظهري ، فقال تالله ان أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيبا حزيناوتأتونه أنتم بالسفر ، كلا حتى تأتونه شعثا غبرا(١) .

الباب (١٥)

ورود كربلاء وموضع النزول منها والغسل

فإذا وردت إن شاء الله ارض كربلاء فأنزل منها بشاطئ العلقمي ، ثماخلع ثياب سفرك ، واغتسل منه غسل الزيارة مندوبا ، وصف هذه النيةلهذا الغسل بقلبك : اغتسل غسل زيارة الحسينعليه‌السلام مندوبا قربة إلىالله ، وتكون النية مقارنة للفعل ، وقل وأنت تغتسل :

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، اللهم صل على محمد وال محمد وطهر قلبي ، وزك عملي ،ونور بصري ، واجعل غسلي هذا طهورا وحرزا ، وشفاء من كل داءوسقم وآفة وعاهة ، ومن شر ما احذر ، انك على كل شئ قدير.

اللهم صل على محمد وال محمد واغسلني من الذنوب كلهاوالآثام والخطايا ، وطهر جسمي وقلبي من كل آفة يمحق بها ديني ،واجعل عملي خالصا لوجهك يا ارحم الراحمين.

اللهم صل على محمد وال محمد واجعله لي شاهدا يوم حاجتيوفقري وفاقتي ، انك على كل شئ قدير.

__________________

(١) رواه ابن قولويه في الكامل : ٢٥٠ ، عنه البحار ١٠١ : ١٤١.

٣٧٠

فاقرأ( انا أنزلناه في ليلة القدر ) .

فإذا فرغت من الغسل فالبس ما طهر من ثيابك ، ثم توجه إلىالمشهد على ساكنه السلام ، وعليك السكينة والوقار ، وأنت متحفخاضع ذليل ، تكبر الله تعالى وتحمده وتسبحه وتستغفره ، وتكثر منالصلاة على نبيه محمد وآله الطاهرينعليهم‌السلام .

باب ورود المشهد :

فإذا انتهيت إلى بابه فقف عليه وكبر أربعا ثم قل :

اللهم ان هذا مقام أكرمتني به وشرفتني ، اللهم فاعطني فيه رغبتي ،على حقيقة ايماني بك وبرسولكعليه‌السلام .

ثم ادخل رجلك اليمنى قبل اليسرى وقل :

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.

ثم امش حتى تدخل الصحن ، فإذا دخلته فكبر أربعا وتوجه إلىالقبلة ، وارفع يديك وقل :

اللهم إني إليك توجهت ، واليك خرجت ، واليك وفدت ،ولخيرك تعرضت ، وبزيارة حبيب حبيبك إليك تقربت ، اللهمفلا تمنعني خير ما عندك لشر ما عندي.

اللهم اغفر لي ذنوبي ، وكفر عني سيئاتي ، وحط عني خطيئاتي

٣٧١

واقبل حسناتي.

ثم اقرأ الحمد والمعوذتين و( قل هو الله أحد ) ، و( انا أنزلناه ) ،وآية الكرسي ، وآخر الحشر :

( لو أنزلنا هذا القران على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشيةالله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون * هو الله الذي لا إلهالا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم * هو الله الذي لا إله إلا هوالملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبرسبحان الله عما يشركون * هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماءالحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) (١) .

وتصلي ركعتين تحية المشهد ، وصفة النية لها ان تضمر بقلبكأصلي تحية المشهد مندوبا قربة إلى الله.

فإذا فرغت وسبحت فقل :

الحمد لله الواحد في الأمور كلها ، خالق الخلق ، لم يعزب عنهشئ من أمورهم ، عالم كل شئ بغير تعليم ، وصلوات الله وصلواتملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه ، وسلامه وسلام جميع خلقهعلى محمد المصطفى وأهل بيته.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، الحمد لله الذي أنعم عليوعرفني فضل محمد وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم ورحمة الله

__________________

(١) الحشر : ٢١ ـ ٢٤.

٣٧٢

وبركاته.

اللهم أنت خير من وفد إليه الرجال ، وشدت إليه الرحال ، وأنت ياسيدي أكرم مأتي وأكرم مزور ، وقد جعلت لكل آت تحفة ، فاجعلتحفتي بزيارة قبر وليك وابن بنت نبيك وحجتك على خلقك فكاكرقبتي من النار.

اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل عملي ، واشكر سعيي ،وارحم مسيري من أهلي ، بغير من اللهم مني عليك ، بل لك المن علي ،إذ جعلت لي السبيل إلى زيارة وليك ، وعرفتني فضله ، وحفظتني حتىبلغتني.

اللهم وقد أتيتك وأملتك ، فلا تخيب أملي ، ولا تقطع رجائي ،واجعل مسيري هذا كفارة لما قبله من ذنوبي ، ورضوانا تضاعف بهحسناتي ، وسببا لنجاح طلباتي ، وطريقا لقضاء حوائجي ، يا أرحمالراحمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعل سعيي مشكورا ،وذنبي مغفورا ، وعملي مقبولا ، ودعائي مستجابا ، إنك على كل شئقدير ، اللهم إني أردتك فأردني ، وأقبلت بوجهي إليك فلا تعرض عني ،وقصدتك فتقبل مني ، وإن كنت لي ماقتا فارض عني ، وارحم تضرعيإليك ولا تخيبني.

٣٧٣

باب القول عند معاينة الجدث :

ثم امش حتى تعاين الجدث ، فإذا عاينته فكبر أربعا واستقبلوجهه بوجهك ، واجعل القبلة بين كتفيك وقل :

اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، وإليك يرجع السلام ، ياذا الجلال والاكرام ، السلام على رسول الله ، أمين الله على وحيهوعزائم أمره ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما استقبل ، والمهيمن على ذلككله ، وعليه‌السلام ورحمة الله وبركاته.

السلام على أمير المؤمنين ، عبد الله وأخي رسوله ، الصديقالأكبر ، والفاروق الأعظم ، سيد المسلمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغرالمحجلين ، السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة منالخلق أجمعين.

السلام على أئمة الهدى الراشدين ، السلام على الطاهرة الصديقةفاطمة سيدة نساء العالمين.

السلام على ملائكة الله المنزلين ، السلام على ملائكة اللهالمردفين ، السلام على ملائكة الله المسومين ، السلام على ملائكة اللهالزوارين ، السلام على ملائكة الله الذين هم في هذا المشهد بإذن اللهمقيمون.

٣٧٤

باب القول عند الوقوف على الجدث :

ثم امش حتى تقف عليه ، فإذا وقفت فاستقبله بوجهك على الحدالمرسوم لك عند المعاينة وقل :

السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله ، السلام عليك يا وارث نوحنبي الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله ، السلام عليك ياوارث موسى كليم الله ، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله ، السلامعليك يا وارث محمد حبيب الله.

السلام عليك يا وارث وصي رسول الله ، السلام عليك يا وارثالحسن الرضي ، السلام عليك أيها الشهيد الصديق ، السلام عليك أيهاالوصي البر التقي ، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائكوأناخت برحلك ، السلام على ملائكة الله المحدقين بك.

اشهد أنك قد أقمت الصلاة ، وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ،ونهيت عن المنكر ، وتلوت الكتاب حق تلاوته ، وجاهدت في الله حقجهاده ، وصبرت على الأذى في جنبه ، وعبدته مخلصا حتى أتاكاليقين.

لعن الله أمة ظلمتك ، وأمة قاتلتك ، وأمة قتلتك ، وأمة أعانتعليك ، وأمة خذلتك ، وأمة دعتك فلم تجبك ، وأمة بلغها ذلك فرضيتبه ، وألحقهم الله بدرك الجحيم.

اللهم العن الذين كذبوا رسلك ، وهدموا كعبتك ، واستحلوا

٣٧٥

حرمك ، وألحدوا في البيت الحرام ، وحرفوا كتابك ، وسفكوا دماء أهلبيت نبيك ، وأظهروا الفساد في أرضك ، واستذلوا عبادك المؤمنين.

اللهم فضاعف عليهم العذاب الأليم ، واجعل لي لسان صدق فيأولياءك المصطفين ، وحبب إلي مشاهدهم ، وألحقني بهم ، واجعلنيمعهم في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين.

ثم تضع يدك اليسرى على القبر ، وأشر بيدك اليمنى وقل :

السلام عليك يا ابن رسول الله إن لم تكن أدركت نصرتك بيدي ،فها أنا ذا وافد إليك بنصري ، قد أجابك سمعي وبصري ، وبدني ورأييوهواي على التسليم لك ، وللخلف الباقي من بعدك ، والأدلاء على اللهمن ولدك ، فنصرتي لكم معدة حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.

ثم ارفع يديك إلى السماء وقل :

اللهم إني اشهد أن هذا القبر قبر حبيبك وصفوتك من خلقك ،الفائز بكرامتك ، أكرمته بالشهادة ، وأعطيته مواريث الأنبياء ، وجعلتهحجة لك على خلقك ، فأعذر في الدعوة ، وبذل مهجته فيك ليستنقذعبادك من الضلالة والجهالة ، والعمى والشك والارتياب ، إلى بابالهدى والرشاد.

وأنت يا سيدي بالمنظر الأعلى ، ترى ولا ترى ، وقد توازر عليه فيطاعتك من خلقك من غرته الدنيا ، وباع آخرته بالثمن الأوكس ،وأسخطك وأسخط رسولكعليه‌السلام ، وأطاع من عبادك أهل الشقاق

٣٧٦

والنفاق ، وحملة الأوزار ، المستوجبين النار ، اللهم العنهم لعنا وبيلا ،وعذبهم عذابا أليما.

ثم حط يدك اليسرى وأشر باليمنى منهما إلى القبر وقل :

السلام عليك يا وارث الأنبياء ، السلام عليك يا وصي الأوصياء ،السلام عليك وعلى آلك وذريتك الذين حباهم الله بالحجج البالغة ،والنور والصراط المستقيم.

بأبي أنت وأمي ما أجل مصيبتك وأعظمها عند الله ، وما أجلمصيبتك وأعظمها عند رسول الله ، وما أجل مصيبتك وأعظمها عندأنبياء الله(١) ، وما أجل مصيبتك وأعظمها عند شيعتك خاصة.

بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله ، اشهد أنك كنت نورا فيالظلمات ، واشهد أنك حجة الله وأمينه(٢) ، وخازن علمه ووصي نبيه ،واشهد أنك قد بلغت ونصحت ، وصبرت على الأذى في جنبه.

واشهد أنك قد قتلت وحرمت ، وغصبت وظلمت ، واشهد أنكقد جحدت واهتضمت(٣) ، وصبرت في ذات الله ، وأنك قد كذبتودفعت عن حقك ، وأسئ إليك فاحتملت.

واشهد انك الامام الراشد الهادي هديت ، وقمت بالحق وعملت

__________________

(١) عند الملا الاعلى ( خ ل ).

(٢) امين الله وحجته ( خ ل ).

(٣) اهتضمت ـ على بناء المجهول ـ غصبت.

٣٧٧

به ، واشهد أن طاعتك مفترضة ، وقولك الصدق ، ودعوتك الحق ، وأنكدعوت إلى الحق ، وإلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنةفلم تجب ، وأمرت بطاعة الله فلم تطع ، واشهد أنك من دعائم الدينوعموده ، وركن الأرض وعمادها.

واشهد أنك والأئمة من أهل بيتك كلمة التقوى ، وباب الهدى ،والعروة الوثقى ، والحجة على أهل الدنيا ، واشهد الله وملائكتهوأنبياءه ورسله وأشهدكم أني بكم مؤمن ، ولكم تابع في ذات نفسي ،وشرايع ديني ، وخواتيم عملي ، ومنقلبي إلى ربي.

واشهد أنك قد أديت عن الله وعن رسوله صادقا ، وقلت أمينا ،ونصحت لله ولرسوله مجتهدا ، ومضيت على يقين ، لم تؤثر ضلالاعلى هدى ، ولم تمل من حق إلى باطل ، فجزاك الله عن رعيتك(١) خيرا ،وصلى الله عليك صلاة لا يحصيها غيره ، وعليك السلام ورحمة اللهوبركاته.

اللهم إني أصلي عليه كما صليت عليه ، وصلى عليه ملائكتكوأنبياؤك ورسلك وأمير المؤمنين والأئمة أجمعون ، صلاة كثيرةمتتابعة مترادفة يتبع بعضها بعضا ، في محضرنا هذا وإذا غبنا ، وعلى كلحال ، صلاة لا انقطاع لها ولا نفاد.

اللهم بلغ روحه وجسده في ساعتي هذه وفي كل ساعة تحية مني

__________________

(١) رعيته ( خ ل ).

٣٧٨

كثيرة وسلاما ، آمنا بالله وحده واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين.

السلام عليك يا ابن رسول الله ، أتيتك بأبي أنت وأمي زائرا وافداإليك ، متوجها بك إلى ربك وربي لينجح لي بك حوائجي ، ويعطينيبك سؤلي ، فاشفع لي عنده ، وكن لي شفيعا ، فقد جئتك هاربا من ذنوبيمتنصلا(١) إلى ربي من سيئ عملي ، راجيا في موقفي هذا الخلاص منعقوبة ربي ، طامعا أن يستنقذني ربي بك من الردى.

أتيتك يا مولاي وافدا إليك ، إذ رغب عن زيارتك أهل الدنيا ،وإليك كانت رحلتي ، ولك عبرتي وصرختي ، وعليك أسفي ، ولكنحيبي وزفرتي ، وعليك تحيتي وسلامي ، ألقيت رحلتي بفنائك ،مستجيرا بك وبقبرك مما أخاف من عظيم جرمي ، وأتيتك زائرا ألتمسثبات القدم في الهجرة إليك.

وقد تيقنت أن الله جل ثناؤه بكم ينفس الهم ، وبكم يكشفالكرب ، وبكم يباعدنا عن نائبات الزمان الكلب(٢) ، وبكم فتح الله ، وبكميختم ، وبكم ينزل الغيث ، وبكم ينزل الرحمة ، وبكم يمسك الأرض أنتسيخ(٣) بأهلها ، وبكم يثبت الله جبالها على مراتبها(٤) .

وقد توجهت إلى ربي بك يا سيدي في قضاء حوائجي ومغفرة

__________________

(١) تنصل إليه من الجناية إذا خرج وتبرأ.

(٢) كلب الزمان : اشتد.

(٣) ساخ قدمه في الطين : غاصت.

(٤) مراسيها ( خ ل ).

٣٧٩

ذنوبي ، فلا أخيبن من بين زوارك فقد خشيت ذلك إن لم تشفع لي ،ولا ينصرفن زوارك يا مولاي بالعطاء والحباء والخير والجزاء ،والمغفرة والرضا ، وأنصرف مجبوها بذنوبي ، مردودا علي عملي ، قدخيبت لما سلف مني.

فان كانت هذه حالي فالويل لي ما أشقاني وأخيب سعيي ، وفيحسن ظني بربي وبنبيي وبك يا مولاي وبالأئمة من ذريتك ساداتي أنلا أخيب ، فاشفع لي إلى ربي ليعطيني أفضل ما أعطى أحدا من زوارك ،والوافدين إليك ، ويحبوني ويكرمني ويتحفني بأفضل ما من به عليأحد من زوارك والوافدين إليك.

ثم ارفع يديك إلى السماء وقل :

اللهم قد ترى مكاني ، وتسمع كلامي ، وترى مقامي وتضرعي ،وملاذي بقبر وليك وحجتك وابن نبيك ، وقد علمت يا سيديحوائجي ، ولا يخفى عليك حالي.

وقد توجهت إليك بابن رسولك وحجتك وأمينك ، وقد أتيتكمتقربا به إليك وإلى رسولك ، فاجعلني به عندك وجيها في الدنياوالآخرة ومن المقربين ، وأعطني بزيارتي أملي ، وهب لي مناي ،وتفضل علي بشهوتي ورغبتي ، واقض لي حوائجي ، ولا تردني خائبا ،ولا تقطع رجائي ، ولا تخيب دعائي ، وعرفني الإجابة في جميع مادعوتك من أمر الدين والدنيا والآخرة.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702