المزار الكبير

المزار الكبير8%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192486 / تحميل: 7004
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٢٠٠٢-٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

والحاصل أنه كان يكبِّر كثيراً من الاُمور الصغيرة وكانت له روحية خاصة تحمله على ذلك.

ويشهد على ذلك أن الشيخ والنجاشي ربّما ضعفا رجلاً ، والغضائري أيضاً ضعفه ، لكن بين التعبيرين اختلافاً واضحاً.

مثلاً ذكر الشيخ في عبدالله بن محمد انه كان واعظاً فقيهاً ، وضعفه النجاشي بقوله : « إنه ضعيف » وضعَّفه الغضائري بقوله : « انه كذاب ، وضّاع للحديث لا يلتفت إلى حديثه ولا يعبأ به ».

ومثله علي بن أبي حمزة البطائني الذي ضعفه أهل الرجال ، فعرفه الشيخ بأنه واقفّي ، والعلاّمة بأنه احد عمد الواقفة. وقال الغضائري : « عليّ بن أبي حمزة لعنه الله ، أصل الوقف وأشدّ الخلق عداوة للوليّ من بعد أبي إبراهيم ».

ومثله إسحاق بن أحمد المكنّى بـ « أبي يعقوب أخي الاشتر » قال النجاشي : « معدن التَّخليط وله كتب في التخليط » وقال الغضائري : « فاسد المذهب ، كذّاب في الرواية ، وضّاع للحديث ، لا يلتفت إلى ما رواه »(1) .

وبذلك يعلم ضعف ما استدل به على عدم صحَّة نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري من أن النجاشي ذكر في ترجمة الخيبري عن ابن الغضائري ، انه ضعيف في مذهبه ، ولكن في الكتاب المنسوب اليه : « إنه ضعيف الحديث ، غالي المذهب » فلو صحَّ هذا الكتاب ، لذكر النجاشي ما هو الموجود أيضاً(2) .

وذلك لما عرفت من أن الرجل كان ذا روحيَّة خاصَّة ، وكان إذا رأى

__________________

1 ـ لاحظ سماء المقال : 1 / 19 ـ 21 بتلخيص منّا.

2 ـ معجم رجال الحديث : 1 / 114 ، من المقدَّمات طبعة النجف ، والصفحة 102 طبعة لبنان.

١٠١

مكروهاً ، اشتدَّت عنده بشاعته وكثرت لديه شناعته ، فيأتي بألفاظ لا يصحّ التعبير بها الا عند صاحب هذه الروحية ، ولما كان النجاشي على جهة الاعتدال نقل مرامه من دون غلوّ وإغراق.

وبالجملة الآفة كلّ الآفة في رجاله هو تضعيف الأجلة والموثَّقين مثل « أحمد بن مهران » قال : « أحمد بن مهران روى عنه الكليني ضعيف » ولكن ثقة الاسلام يروي عنه بلا واسطة ، ويترحَّم عليه كما في باب مولد الزهراءعليها‌السلام (1) قال : « أحمد بن مهرانرحمه‌الله رفعه وأحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار الشيباني » إلى غير ذلك من الموارد.

ولأجل ذلك لا يمكن الاعتماد على تضعيفاته ، فضلا عن معارضته بتوثيق النجاشي خبير الفنّ والشيخ عماد العلم. نعم ربما يقال توثيقاته في أعلى مراتب الاعتبار ولكنه قليل وقد عرفت من المحقق الداماد من أنه قل أن يسلم أحد من جرحه او ينجو ثقة من قدحه(2) . وقد عرفت آنفاً وسيأتي أن الاعتماد على توثيقه كالاعتماد على جرحه.

النظرية الخامسة

وفي الختام نشير إلى نظرية خامسة وان لم نوعز اليها في صدر الكلام وهي أنه ربما يقال بعدم اعتبار تضعيفات ابن الغضائري لانه كان جراحا كثير الردّ على الرواة ، وقليل التعديل والتصديق بهم ومثل هذا يعدّ خرقاً للعادة وتجاوزاً عنها ، وانما يعتبر قول الشاهد إذا كان انسانا متعارفاً غير خارق للعادة. ولأجل ذلك لو ادعى رجلان رؤية الهلال مع الغيم الكثيف في السماء وكثرة الناظرين ، لا يقبل قولهما ، لان مثل تلك الشهادة تعدّ على خلاف العادة ، وعلى ذلك فلا يقبل تضعيفه ، ولكن يقبل تعديله.

__________________

1 ـ الكافي : 1 / 458 ، الحديث 3.

2 ـ لاحظ سماء المقال : 22.

١٠٢

وفيه : أن ذلك إنما يتمّ لو وصل الينا كتاب الممدوحين منه ، فعندئذ لو كان المضعفون أكثر من الممدوحين والموثقين ، لكان لهذا الرأي مجال. ولكن يا للأسف! لم يصل الينا ذلك الكتاب ، حتى نقف على مقدار تعديله وتصديقه ، فمن الممكن أن يكون الممدوحون عنده أكثر من الضعفاء ، ومعه كيف يرمى بالخروج عن المتعارف؟

ولأجل ذلك نجد أن النسبة بين ما ضعفه الشيخ والنجاشي أو وثَّقاه ، وما ضعَّفه ابن الغضائري او وثقه ، عموم من وجه. فربَّ ضعيف عندهما ثقة عنده وبالعكس ، وعلى ذلك فلا يصحّ رد تضعيفاته بحجّة أنه كان خارجاً عن الحدّ المتعارف في مجال الجرح.

بل الحقّ في عدم قبوله هو ما أوعزنا اليه من أن توثيقاته وتضعيفاته لم تكن مستندة الى الحسّ والشهود والسماع عن المشايخ والثقات ، بل كانت مستندة الى الحدس والاستنباط وقراءة المتون والروايات ، ثمَّ القضاء في حقّ الراوي بما نقل من الرواية ، ومثل هذه الشهادة لا تكون حجة لا في التضعيف ولا في التوثيق. نعم ، كلامه حجة في غير هذا المجال ، كما إذا وصف الراوي بأنه كوفيٌّ او بصريٌّ أو واقفيٌّ او فطحيٌّ او له كتب ، والله العالم بالحقائق.

١٠٣
١٠٤

الفصل الرابع

المصادر الثانوية لعلم الرجال

1 ـ الاصول الرجالية الأربعة

2 ـ الجوامع الرجالية في العصور المتأخرة.

3 ـ الجوامع الرجالية الدارجة على منهج القدماء.

4 ـ تطوّر في تأليف الجوامع الرجالية.

١٠٥
١٠٦

1 ـ الأصول الرجالية الاربعة

* فهرس الشيخ منتجب الدين.

* معالم العلماء.

* رجال ابن داود.

* خلاصة الاقوال في علم الرجال.

١٠٧
١٠٨

الاصول الرجالية الاربعة

قد وقفت بفضل الابحاث السابقة ، على الاصول الاولية لعلم الرجال ، التي تعد امهات الكتب المؤلفة في العصور المتأخرة ومؤلفو هذه الاصول يعدون في الرعيل الاول من علماء الرجال ، لا يدرك لهم شأو ولا يشق لهم غبار ، لانهم5 قد عاصروا أساتذة الحديث وأساطينه ، وكانوا قريبي العهد من رواة الاخبار ونقلة الآثار ، ولاجل ذلك تمكنوا تمكناً تاماً مورثاً للاطمئنان ، من الوقوف على أحوالهم وخصوصيات حياتهم ، اما عن طريق الحس والسماع ـ كما هو التحقيق ـ أو من طريق جمع القرائن والشواهد المورثة للاطمئنان الذي هو علم عرفي ، كما سيوافيك تحقيقه في الابحاث الآتية.

وقد تلت الطبقة الاولى ، طبقة اخرى تعد من اشهر علماء الرجال بعدهم ، كما تعد كتبهم مصادر له بعد الاصول الاولية نأتي بأسمائهم وأسماء كتبهم ، وكلهم كانوا عائشين في القرن السادس.

ان أقدم فهرس عام لكتب الشيعة ، هو فهرس الشيخ أحمد بن الحسين بن عبيدالله الغضائري ، الذي قد تعرفت عليه وما حوله من الاقوال والآراء.

نعم ، ان فهرست أبي الفرج محمد بن اسحاق المعروف بابن النديم

١٠٩

( المتوفّى عام 385 هـ ) وان كان أقدم من فهرس ابن الغضائري ، لكنه غير مختص بكتب الشيعة ، وانما يضم بين دفتيه الكتب الاسلامية وغيرها ، وقد أشار الى تصانيف قليلة من كتب الشيعة.

وقد قام الشيخ الطوسي بعد ابن الغضائري ، فألف فهرسه المعروف حول كتب الشيعة ومؤلفاتهم ، وهو من احسن الفهارس المؤلفة ، وقد نقل عنه النجاشي في فهرسه واعتمد عليه ، وان كان النجاسي أقدم منه عصراً وأرسخ منه قدماً في هذا المجال.

وقد قام بعدهم في القرن السادس ، العلاّمتان الجليلان ، الشيخ الحافظ ابو الحسن منتجب الدين الرازي ، والشيخ الحافظ محمَّد بن عليّ بن شهرآشوب السروي المازندراني ، فأكملا عمل الشيخ الطوسي وجهوده إلى عصرهما ، وإليك الكلام فيهما إجمالاً :

1 ـ فهرس الشيخ منتجب الدين

وهو تأليف الحافظ عليّ بن عبيدالله بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن الحسين ( أخي الشيخ الصدوققدس‌سره ) بن علي ( والد الصدوق ). عرَّفه صاحب الرياض بقوله : « كان بحراً لا ينزف ، شيخ الاصحاب ، صاحب كتاب الفهرس. يروي عن الشيخ الطبرسي ( المتوفّى عام 548 هـ ) وأبي الفتوح الرازي ، وعن جمع كثير من علماء العامة والخاصَّة. ويروي عن الشيخ الطّوسي ( المتوفّى 460 هـ ) بواسطة عمّه الشيخ بابويه بن سعد.

وهذا الامام الرّافعي ( وهو الشيخ ابو القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي الشافعي ، المتوفّى عام 623 ) يعرفه في تاريخه ( التدوين ) : الشيخ عليّ بن عبيدالله بن الحسن بن الحسين بن بابويه شيخ ريّان من علم الحديث سماعاً وضبطاً وحفظاً وجمعاً ، قلَّ من يدانيه في هذه الاعصار في كثرة الجمع والسماع ، قرأت عليه بالرىّ سنة 584 هـ ، وتولد سنة 504 هـ ، ومات بعد

١١٠

سنة 585 هـ ، ثمَّ قال : ولئن اطلت عند ذكره بعض الاطالة فقد كثر انتفاعي بمكتوباته وتعاليقه فقضيت بعض حقه باشاعة ذكره وأحواله »(1) .

وقال الشيخ الحرّ العاملي في ترجمته : « الشيخ الجليل عليّ بن عبيدالله بن الحسن بن الحسين بن بابويه القمّي ، كان فاضلا عالما ثقة صدوقاً محدّثاً حافظاً راوية علاّمة ، له كتاب الفهرس في ذكر المشايخ المعاصرين للشيخ الطوسي والمتأخرين إلى زمانه »(2) .

وقد ألَّفه للسيد الجليل أبي القاسم يحيى بن الصدر(3) السعيد المرتضى باستدعاء منه حيث قال السيد له : « إن شيخنا الموفق السعيد أبا جعفر محمد بن الحسن الطوسي ـ رفع الله منزلته ـ قد صنف كتابا في أسامي مشايخ الشيعة ومصنّفيهم ، ولم يصنف بعده شيء من ذلك » فأجابه الشيخ منتجب الدين بقوله : « لو أخَّر الله أجلي وحقق أملي ، لأضفت اليه ما عندي من أسماء مشايخ الشيعة ومصنّفيهم ، الذين تأخر زمانهم عن زمان الشيخ أبي جعفررحمه‌الله وعاصروه » ثمَّ يقول : « وقد بنيت هذا الكتاب على حروف المعجم اقتداء بالشيخ أبي جعفررحمه‌الله وليكون أسهل مأخذاً ومن الله التوفيق »(4) .

وكلامه هذا ينبئ عن أنه لم يصل اليه تأليف معاصره الشيخ محمد بن عليّ بن شهرآشوب ، الذي كتب كتابه الموسوم بـ « معالم العلماء » تكملة لفهرس الشيخ ، ولأجل ذلك قام بهذا العمل من غير ذكر لذلك الكتاب.

__________________

1 ـ رياض العلماء : 4 / 140 ـ 141 ، ولكن التحقيق انه كان حيّاً الى عام 600 هـ. لاحظ مقال المحقق السيد موسى الزنجاني المنشور في مجموعة حول ذكرى العلاّمة الامينيقدس‌سره .

2 ـ أمل الآمل : 2 / 194.

3 ـ المدفون بـ « ري » المعروف عند الناس بامام زادة يحيى وربما يحتمل تعدد الرجلين.

4 ـ فهرس الشيخ منتجب الدين : 5 ـ 6.

١١١

وقد ألَّف الشيخ الطوسي الفهرس بأمر استاذه المفيد الذي توفي سنة 413 هـ ، وفي حياته ، كما صرَّح به في أوله.

وقد أورد الشيخ منتجب الدين في فهرسه هذا ، من كان في عصر المفيد إلى عصره المتجاوز عن مائة وخمسين سنة.

وفي الختام ، نقول : « إن الحافظ بن حجر العسقلاني ( المتوفّى عام 852 هـ ) قد أكثر النقل عن هذا الفهرس في كتابه المعروف بـ « لسان الميزان » ، معبّراً عنه بـ « رجال الشيعة » أو « رجال الامامية » ولا يريد منهما إلا هذا الفهرس ، ويعلم ذلك بمقارنة ما نقله في لسان الميزان ، مع ما جاء في هذا الفهرس ، كما أن لصاحب هذا الفهرس تأليفاً آخر اسماه تاريخ الريّ ، وينقل منه أيضاً ابن حجر في كتابه المزبور ، والأسف كل الاسف أن هذا الكتاب وغيره مثل « تاريخ ابن ابي طيّ »(1) و « رجال عليّ بن الحكم » و « رجال الصدوق » التي وقف على الجميع ، ابن حجر في عصره ونقل عنها في كتابه « لسان الميزان » لم تصل إلينا ، لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.

ثم إن الغاية من اقتراح السيد عزّ الدين يحيى ، نقيب السادات ، هو كتابة ذيل لفهرس الشيخ على غراره ، بأن يشتمل على أسامي المؤلفين ، ومؤلفاتهم واحداً بعد واحد ، وقد قبل الشيخ منتجب الدين اقتراح السيّد ، وقام بهذا العمل لكنهقدس‌سره عدل عند الاشتغال بتأليف الفهرس عن هذا النمط ، فجاء بترجمة كثير من شخصيات الشيعة ، يناهز عددهم إلى 540 شخصية علمية وحديثية من دون أن يذكر لهم أصلا وتصنيفا ، ومن ذكر لهم كتاباً لا يتجاوز عددهم عن حدود مائة شخص.

نعم ما يوافيك من الفهرس الآخر لمعاصره ـ أعني معالم العلماء ـ فهو على غرار فهرس الشيخ حذو القذّة بالقذّة.

__________________

1 ـ راجع في الوقوف على وصف هذا التاريخ وما كتبه في طبقات الامامية ايضا « الذريعة إلى تصانيف الشيعة » ج 3 ، ص 219 ـ 220 هذا وتوفي ابن ابي طي سنة 630 هـ.

١١٢

2 ـ معالم العلماء في فهرس كتب الشيعة وأسماء المصنفين

وهو تأليف الحافظ الشهير محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني ، المولود عام 488 هـ ، والمتوفّى سنة 588 هـ ، وهو اشهر من أن يعرّف ، فقد أطراه أرباب المعاجم من العامة والخاصّة.

قال صلاح الدين الصفدي : « محمد بن علي بن شهرآشوب ابو جعفر السروي المازندراني ، رشيد الدين الشيعي ، احد شيوخ الشيعة. حفظ القرآن وله ثمان سنين ، وبلغ النهاية في أصول الشيعة ، كان يرحل اليه من البلاد ، ثم تقدَّم في علم القرآن والغريب والنحو ، ذكره ابن أبي طيّ في تاريخه ، وأثنى عليه ثناء بليغاً ، وكذلك الفيروزآبادي في كتاب البلغة في تراجم أئمة النَّحو واللغة ، وزاد أنه كان واسع العلم ، كثير العبادة دائم الوضوء ، وعاش مائة سنة الا ثمانية أشهر ، ومات سنة 588 هـ »(1) .

وذكره الشيخ الحرّ العاملي في « أمل الآمل » في باب المحمدين ، وذكر كتبه الكثيرة ، التي أعرفها « مناقب آل أبي طالب » وقد طبع في أربعة مجلدات ، و « متشابه القرآن » وهو من محاسن الكتب وقد طبع في مجلد واحد ، و « معالم العلماء » الذي نحن بصدد تعريفه ، وهذا الكتاب يتضمن 1021 ترجمة وفي آخرها « فصل فيما جهل مصنّفه » و « باب في بعض شعراء أهل البيت » وهذا الفهرس ، كفهرس الشيخ منتجب الدين تكملة لفهرس الشيخ الطوسي ، والمؤلفان متعاصران ، والكتابان متقاربا التأليف ، وقد أصبح معالم العلماء من المدارك المهمة لعلماء الرجال ، كالعلامة الحلي في « الخلاصة » ، ومن بعده.

__________________

1 ـ الوافي بالوفيات : 4 / 164.

١١٣

3 ـ رجال ابن داود

وهو تأليف تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي المولود سنة 647 ، أي قبل تولد العلاّمة بسنة ، والمتوفّى بعد سنة 707 هـ ، تتلمذ على السيد جمال الدين أحمد بن طاووس ( المتوفّى سنة 673 هـ ) قرأ عليه أكثر كتاب « البشرى » و « الملاذ » حتى قال : « وأكثر فوائد هذا الكتاب من اشاراته وتحقيقاته ، رباني وعلمني وأحسن إلي »(1) .

كما قرأ على الامام نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى المعروف بالمحقق ، وقال في حقه : « قرأت عليه ورباني صغيراً ، وكان له علي احسان عظيم والتفات ، وأجاز لي جميع ما صنفه وقرأه ورواه »(2) .

مميزات رجال ابن داود

ومن مزايا ذلك الكتاب ، أنه سلك فيه مسلكاً لم يسبقه أحد من الاصحاب ، لانه رتبه على الحروف ، الاول فالاول ، من الاسماء وأسماء الاباء والاجداد ، وجمع ما وصل اليه من كتب الرجال مع حسن الترتيب وزيادة التهذيب ، فنقل ما في فهرس الشيخ والنجاشي ، ورجال الكشي ، والشيخ وابن الغضائري والبرقي والعقيقي وابن عقدة والفضل بن شاذان وابن عبدون ، وجعل لكل كتاب علامة ولم يذكر المتأخرين عن الشيخ إلا اسماء يسيرة ، وجعل كتابه في جزأين ، الاول يختص بذكر الموثقين والمهملين ، والثاني بالمجروحين والمجهولين.

وذكر في آخر القسم الاول ، تحت عنوان خاص ، جماعة وصفهم النجاشي بقوله « ثقة ثقة » مرتين ، عدتهم أربعة وثلاثون رجلاً مرتبين على

__________________

1 ـ لاحظ رجال ابن داود : 45 ـ 46 طبعة النجف.

2 ـ رجال ابن داود : 62 طبعة النجف.

١١٤

حروف الهجاء ، ثم أضاف بأن الغضائري جاء في كتاب خمسة رجال زيادة على ما ذكره النجاشي ، ووضف كلا منهم بأنه « ثقة ثقة » مرتين ، ثم ذكر خمسة فصول لا غنى للباحث عنها ، كل فصل معنون بعنوان خاص.

ثم ذكر في آخر القسم الثاني ، سبعة عشر فصلاً لا يستغني عنها الباحثون ، كل فصل معنون بعنوان خاص ثم أورد تنبيهات تسعة مفيدة.

وبما أنه وقع في هذا الكتاب إشتباهات عند النقل عن كتب الرجال ، مثلا نقل عن النجاشي مطلباً وهو للكشّي أو بالعكس ، قام المحقق الكبير السيد محمد صادق آل بحر العلوم في تعليقاته على الكتاب ، باصلاح تلك الهفوات ولعل أكثر تلك الهفوات نشأت من استنساخ النساخ ، وعلى كل تقدير ، فلهذا الكتاب مزية خاصة لا توجد في قرينه الآتي أعني خلاصة العلاّمة ـ أعلى الله مقامه ـ.

قال الافندي في « رياض العلماء » : « وليعلم أن نقل ابن داود في رجاله عن كتب رجال الاصحاب ، ما ليس فيها ، مما ليس فيه طعن عليه ، إذ أكثر هذا نشأ من اختلاف النسخ ، والازدياد والنقصان الحاصلين من جانب المؤلفين أنفسهم بعد اشتهار بعض نسخها وبقي في أيدي الناس على حالته الاولى من غير تغيير ، كما يشاهد في مصنفات معاصرينا أيضاً ولا سيّما في كتب الرجال التي يزيد فيها مؤلفوها ، الأسامي والأحوال يوماً فيوماً وقد رأيت نظير ذلك في كتاب فهرست الشيخ منتجب الدين ، وفهرست الشيخ الطوسي ، وكتاب رجال النجاشي وغيرها ، حتى إني رأيت في بلدة الساري نسخة من خلاصة العلاّمة قد كتبها تلميذه في عصره ، وكان عليها خطه وفيه اختلاف شديد مع النسخ المشهورة بل لم يكن فيها كثير من الأسامي والأحوال المذكورة في النسخ المتداولة منه »(1) .

__________________

1 ـ رياض العلماء : 1 / 258.

١١٥

أقول : ويشهد لذلك ان المؤلفات المطبوعة في عصرنا هذا تزيد وتنقص حسب طبعاتها المختلفة ، فيقوم المؤلف في الطبعة اللاحقة بتنقيح ما كتب بإسقاط بعض ما كتبه وإضافة مالم يقف عليه في الطبعة الأولى ، ولأجل ذلك تختلف الكتب للمعاصرين حسب اختلاف الطبعات.

وفي الختام نذكر نصّ اجازة السيّد أحمد بن طاووس ، لتلميذه ابن داود مؤلّف الرجال ، وهي تعرب عن وجود صلة وثيقة بين الاستاذ والمؤلف فإنه بعد ما قرأ ابن داود كتاب « نقض عثمانية جاحظ » على مؤلفه « أحمد بن طاووس » كتب الاستاذ اجازة له وهذه صورتها :

« قرأ عليّ هذا « البناء » من تصنيفي ، الولد العالم الأديب التقي ، حسن بن علي بن داود ـ أحسن الله عاقبته وشرف خاتمته ـ وأذنت له في روايته عنّي.

وكتب العبد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن طاووس حامداً لله ومصلّياً على رسوله ، والطاهرين من عترته ، والمهديّين من ذريته ».

وفي آخر الرسالة ما هذه صورته :

« أنجزت الرسالة ، والحمد لله على نعمه ، وصلاته على سيّدنا محمد النبي وآله الطاهرين.

كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى ، حسن بن علي بن داود ربيب صدقات مولانا المصّنف ـ ضاعف الله مجده وأمتعه الله بطول حياته ـ وصلاته على سيّدنا محمد النبي وآله وسلامه ».

وكان نسخ الكتاب في شوال من سنة خمس وستين وستمائة(1) .

__________________

1 ـ وقد أسماه المؤلف بـ « بناء المقالة الفاطمية في نفض الرسالة العثمانية للجاحظ » ويقال اختصاراً « البناء ».

١١٦

مشايخه

قال الافندي : ويروي ابن داود عن جماعة من الفضلاء :

منهم : السيد جمال الدين ابو الفضائل أحمد بن طاووس.

ومنهم : الشيخ مفيد الدين محمد بن جهيم الاسدي على ما يظهر من ديباجة رجاله(1) .

أقول : وهو يروي عن جماعة اخرى أيضاً.

منهم : المحقّق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلّي ( المتوفّى عام 676 هـ ).

ومنهم الشيخ نجيب الدين أبو زكريا يحيى بن سعيد الحّلي ابن عم المحقق المذكور ( المتوفّى عام 689 هـ ).

ومنهم الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي والد العلاّمة الحلي.

ونقل الافندي في الرياض أنه كان شريك الدرس مع السيد عبد الكريم بن جمال الدين(2) أحمد بن طاووس الحلي ( المتوفّى عام 693 هـ ) عند المحقّق. ولكن العلاّمة الاميني عدّه من مشايخه(3) ، والظاهر اتقان الاول.

تلاميذه

يروي عنه جماعة كثيرة :

__________________

1 ـ نقض عثمانية جاحظ المطبوع حديثاً بـ « عمان ».

2 ـ رياض العلماء : 1 / 256.

3 ـ الغدير : 6 / 7.

١١٧

منهم : الشيخ رضي الدين علي بن أحمد المزيدي الحلي(1) ، استاذ الشهيد الاول ، المتوفّى عام 757 هـ.

ومنهم : الشيخ زين الدين ابو الحسن علي بن طراد المطارآبادي ، المتوفّى بالحلة 754 هـ.

تآليفه

للمترجم له تآليف قيّمة تبلغ ثلاثين كتاباً ذكر أسماءها في رجاله.

ومن شعره الرائق قوله في حقّ الوصي :

وإذا نظرت إلى خطاب محمَّد

يوم الغدير إذ استقّر المنزل

من كنت مولاه فهذا حيدر

مولاه لا يرتاب فيه محصِّل

لعرفت نصّ المصطفى بخلافة

مَنْ بعدَه غرّاء لا يتأوّل

وله اُرجوزة في الإمامة ، طويلة ، مستهلها :

وقد جرت لي قصّة غريبة

قد نتجت قضيّة عجيبة(2)

وفاته

قد عرفت أنه قد فرغ من رجاله عام 707 هـ ، ولم يعلم تاريخ وفاته على وجه اليقين ، غير أن العلاّمة الاميني ينقل عن « رياض العلماء » أنه رأى في مشهد الرضا نسخة من « الفصيح » بخط المترجم له ، في آخرها : « كتبه مملوكه حقاً حسن بن علي بن داود غفر له في ثالث عشر شهر رمضان المبارك سنة احدى وأربعين وسبعمائة حامداً مصلّياً مستغفراً ».

__________________

1 ـ وفي رياض العلماء مكان « المزيدي » ، « المرندي » ، وهو تصحيف.

2 ـ لاحظ الغدير : 6 / 3 ـ 6 ، وذكر شطراً منها السيد الامين في أعيان الشيعة : 22 / 343.

١١٨

فيكون له من العمر حينذاك 94 عاماً ، فيكون من المعمرين ، ولم يذكر منهم(1) .

4 ـ خلاصة الاقوال في علم الرجال

وهي للعلاّمة(2) على الاطلاق الحسن بن يوسف بن المطهَّر ، المولود عام 648 هـ ، والمتوفّى عام 726 هـ ، الذي طار صيته في الآفاق ، برع في المعقول والمنقول ، وتقدَّم على الفحول وهو في عصر الصبا. ألَّف في فقه الشريعة مطوَّلات ومتوسّطات ومختصرات ، وكتابه هذا في قسمين : القسم الاول ؛ فيمن اعتمد عليه وفيه سبعة عشر فصلا ، والقسم الثاني ؛ مختصّ بذكر الضعفاء ومن ردَّ قوله أو وقف فيه ، وفيه أيضا سبعة عشر فصلا ، وفي آخر القسم الثاني خاتمة تشتمل على عشر فوائد مهمَّة ، وكتابه هذا خلاصة ما في فهرست الشيخ والنجاشي وقد يزيد عليهما.

قال المحقّق التستري : « إن ما ينقله العلاّمة من رجال الكشي والشيخ ورجال النجاشي مع وجود المنقول في هذه الكتب غير مفيد ، وإنما يفيد في ما لم نقف على مستنده ، كما في ما ينقل من جزء من رجال العقيقي ، وجزء من رجال ابن عقدة ، وجزء من ثقات كتاب ابن الغضائري ، ومن كتاب آخر له في المذمومين لم يصل الينا ، كما يظهر منه في سليمان النخعي ، كما يفيد أيضاً فيما ينقله من النجاشي في ما لم يكن في نسختنا ، فكان عنده النسخة الكاملة من النجاشي واكمل من الموجود من ابن الغضائري ، كما في ليث البختري ، وهشام بن إبراهيم العبّاسي ، ومحمد بن نصير ، ومحمد بن أحمد بن محمد بن سنان ، ومحمد بن أحمد بن قضاعة ، ومحمد بن الوليد الصيرفي ، والمغيرة بن

__________________

1 ـ الغدير : 6 / 8 نقلاً عن روضات الجنات : 357.

2 ـ إن العلاّمة غني عن الاطراء ، وترجمته تستدعي تأليف رسالة مفردة ، وقد كفانا ، ما ذكره اصحاب المعاجم والتراجم في حياته وفضله وآثاره.

١١٩

سعيد ، ونقيع بن الحارث ، وكما ينقل في بعضهم اخباراً لم نقف على مأخذها ، كما في اسماعيل بن الفضل الهاشمي ، وفيما أخذه من مطاوي الكتب كمحمد بن أحمد النطنزي »(1) .

وبما أن هذا الكتاب ورجال ابن داود متماثلان في التنسيق وكيفية التأليف ، يمكن أن يقال : إن واحداً منهما اقتبس المنهج عن الآخر ، كما يمكن أن يقال : إن كليهما قد استقلاّ في التنسيق والمنهج ، بلا استلهام من آخر ، غير أن المظنون هو أن المؤلفين ، بما أنهما تتلمذا على السيد جمال الدين أحمد بن طاووس المتوفّى سنة 673 هـ ، وقد كان هو رجالي عصره ومحقق زمانه في ذلك الفن ، قد اقتفيا في تنسيق الكتاب ما خطَّه استاذهما في ذلك الموقف ، والله العالم.

الفروق بين رجالي العلاّمة وابن داود

ثم ان هنا فروقاً بين رجالي العلاّمة وابن داود يجب الوقوف عليها واليك بيانها :

1 ـ ان القسم الاول من الخلاصة مختص بمن يعمل بروايته ، والثاني بمن لا يعمل بروايته ، حيث قال : « الاول ؛ في من اعتمد على روايته أو ترجح عندي قبول قوله. الثاني ؛ في مَنْ تركت روايته أو توقفت فيه ».

ولاجل ذلك يذكر في الاول الممدوح ، لعمله بروايته ، كما يذكر فيه فاسد المذهب إذا عمل بروايته كابن بكير وعليّ بن فضال. وأما الموثقون الذين ليسوا كذلك ، فيعنونهم في الجزء الثّاني لعدم عمله بخبرهم ، هذا.

والجزء الأوّل من كتاب ابن داود فيمن ورد فيه أدنى مدح ولو مع ورود ذموم كثيرة أيضا فيه ولم يعمل بخبره والجزء الثاني من كتابه ، فيمن ورد فيه

__________________

1 ـ قاموس الرجال : 1 / 15.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

واجعلني من عبادك الذين صرفت عنهم البلايا والأمراض ،والفتن والأعراض ، من الذين تحييهم في عافية ، وتميتهم في عافية ،وتدخلهم الجنة في عافية ، وتجيرهم من النار في عافية ، ووفق لي بمنمنك صلاح ما أؤمل في نفسي وأهلي وولدي وإخواني ومالي ،وجميع ما أنعمت به علي ، يا أرحم الراحمين.

ثم انكب على القبر وقل :

السلام عليك يا حجة الله وأمينه(١) ، وخليفته في عباده ، وخازنعلمه ، ومستودع سره ، بلغت عن الله ما أمرت به ، ووفيت وأوفيت ،ومضيت على يقين شهيدا وشاهدا ومشهودا صلوات الله ورحمتهعليك.

أنا يا مولاي وليك ، اللائذ بك في طاعتك ، ألتمس ثبات القدم فيالهجرة عندك وكمال المنزلة في الآخرة بك ، أتيتك بأبي أنت وأميونفسي ومالي وولدي زائرا ، وبحقك عارفا ، متبعا للهدى الذي أنتعليه ، موجبا لطاعتك ، مستيقنا فضلك ، مستبصرا بضلالة من خالفك ،عالما به ، متمسكا بولايتك وولاية آبائك وذريتك الطاهرين ، ألا لعنالله أمة قتلتكم وخالفتكم ، وشهدتكم فلم تجاهد معكم ، وغصبتكمحقكم.

اتيتك يا ابن رسول الله مكروبا ، واتيتك مغموما ، واتيتك مفتقرا

__________________

(١) السلام عليك يا حجة الله وابن حجته ، اشهد انك حجة الله وأمينه ( خ ل )

٣٨١

إلى شفاعتك ، ولكل زائر حق على من أتاه ، وأنا زائرك ومولاكوضيفك ، النازل بك ، والحال بفنائك ، ولي حوائج من حوائج الدنياوالآخرة.

بك أتوجه إلى الله في نجحها وقضائها ، فاشفع لي عند ربك وربيفي قضاء حوائجي كلها ، وقضاء حاجتي العظمى التي إن أعطانيهالم يضرني ما منعني ، وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطاني فكاك رقبتي منالنار والدرجات العلى ، والمنة علي بجميع سؤلي ورغبتي ، وشهواتيوإرادتي ومناي ، وصرف جميع المكروه والمحذور عني ، وعن أهليوولدي وإخواني ومالي وجميع ما أنعم علي ، والسلام عليك ورحمةالله وبركاته.

ثم ارفع رأسك وقل :

الحمد لله الذي جعلني من زوار ابن نبيه ، ورزقني معرفة فضلهوالاقرار بحقه ، والشهادة بطاعته ، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسولفاكتبنا مع الشاهدين ، السلام عليك يا ابن رسول الله.

لعن الله قاتليك ، ولعن الله خاذليك ، ولعن الله سالبيك ، ولعنمن رماك ، ولعن من طعنك ، ولعن المعينين عليك ، ولعن السائرينإليك ، ولعن من منعك شرب ماء الفرات ، ولعن من دعاك وغشكوخذلك ، ولعن الله ابن آكلة الأكباد ، ولعن الله ابنه الذي وترك.

ولعن الله أعوانهم واتباعهم وأنصارهم ومحبيهم ، ومن أسس

٣٨٢

لهم ، وحشا الله قبورهم نارا ، والسلام عليك بأبي أنت وأمي ورحمةالله وبركاته.

ثم انحرف عن القبر وحول وجهك إلى القبلة ، وارفع يديك إلىالسماء وقل :

اللهم من تهيأ وتعبأ ، وأعد واستعد لوفادة إلى مخلوق ، رجاءرفده وجائزته ، ونوافله وفواضله وعطاياه ، فإليك يا رب كانت تهيئتيوتعبئتي ، وإعدادي واستعدادي وسفري ، وإلى قبر وليك وفدت ،وبزيارته إليك تقربت ، رجاء رفدك وجوائزك ونوافلك وعطاياكوفواضلك.

اللهم وقد رجوت كريم عفوك ، وواسع مغفرتك ، فلا تردني خائبافإليك قصدت ، وما عندك أردت ، وقبر إمامي الذي أوجبت علي طاعتهزرت ، فاجعلني به عندك وجيها في الدنيا والآخرة ، وأعطني به جميعسؤلي ، واقض لي به جميع حوائجي ، ولا تقطع رجائي ، ولا تخيبدعائي ، وارحم ضعفي ، وقلة حيلتي ، ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى أحدمن خلقك.

مولاي فقد أفحمتني(١) ذنوبي ، وقطعت حجتي ، وابتليتبخطيئتي ، وارتهنت بعملي ، وأوبقت(٢) نفسي ، ووقفتها موقف الأذلاء

__________________

(١) أفحمتني : أسكنتني ولم تدع لي عذرا وجوابا.

(٢) أوبقه : حبسه وأهلكه

٣٨٣

المذنبين ، المجترئين عليك ، التاركين أمرك ، المغترين بك ، المستخفينبوعدك.

وقد أوبقني ما كان من قبيح جرمي وسوء نظري لنفسي ، فارحمتضرعي وندامتي ، وأقلني عثرتي ، وارحم عبرتي ، واقبل معذرتي ،وعد بحلمك على جهلي ، وباحسانك على إساءتي ، وبعفوك علىجرمي ، وإليك أشكو ضعف عملي ، فارحمني يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر لي ، فاني مقر بذنبي ، معترف بخطيئتي ، وهذه يديوناصيتي أستكين بالفقر مني يا سيدي ، فاقبل توبتي ، ونفس كربي ،وارحم خشوعي وخضوعي وأسفي على ما كان مني ، ووقوفي عند قبروليك ، وذلي بين يديك.

فأنت رجائي ومعتمدي ، وظهري وعدتي ، فلا تردني خائبا ،وتقبل عملي ، واستر عورتي ، وآمن روعتي ، ولا تخيبني ، ولا تقطعرجائي من بين خلقك يا سيدي.

اللهم وقد قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى اللهعليه وآله :( ادعوني أستجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتيسيدخلون جهنم داخرين ) (١) .

يا رب وقولك الحق ، وأنت الذي لا تخلف الميعاد ، فاستجب لي يارب ، فقد سألك السائلون وسألتك ، وطلب الطالبون وطلبت منك ،

__________________

(١) غافر : ٦٠.

٣٨٤

ورغب الراغبون ورغبت إليك ، وأنت أهل أن لا تخيبني ولا تقطعرجائي ، فعرفني الإجابة يا سيدي ، واقض لي حوائج الدنيا والآخرة ياأرحم الراحمين.

ثم انحرف إلى عند الرأس ، فصل ركعتين ، تقرأ في الأولى منهمافاتحة الكتاب وسورة يس ، وفي الثانية فاتحة الكتاب وسورة الرحمن.

فإذا سلمت وسبحت تسبيح الزهراءعليها‌السلام ، ومجد الله كثيراواستغفر لذنبك ، وصل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم ارفع يديك وقل :

اللهم إنا أتيناه مؤمنين به ، مسلمين له ، معتصمين بحبله ، عارفينبحقه ، مقرين بفضله ، مستبصرين بضلالة من خالفه ، عارفين بالهدى الذيهو عليه ، اللهم إني أشهدك واشهد من حضر من ملائكتك ، أني بهممؤمن ، وبمن قتلهم كافر.

اللهم اجعل ما أقول بلساني حقيقة في قلبي وشريعة في عملي ،اللهم اجعلني ممن له مع الحسين بن علي قدم ثابت ، وأثبتني فيمناستشهد معه.

اللهم العن الذين بدلوا نعمتك كفرا ، سبحانك يا حليم عما يعملالظالمون في الأرض ، يا عظيم ترى عظيم الجرم من عبادك فلا تعجلعليهم ، فتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا يا كريم.

أنت شاهد غير غائب ، وعالم بما أوتي إلى أهل صلواتكوأحبائك ، من الأمر الذي لا تحمله سماء ولا أرض ، ولو شئت لانتقمت

٣٨٥

منهم ، ولكنك ذو أناة ، وقد أمهلت الذين اجترؤوا عليك وعلىرسولك وحبيبك ، فأسكنتهم أرضك ، وغذوتهم بنعمتك إلى أجل همبالغوه ، ووقت هم صائرون إليه ، ليستكملوا العمل فيه ، للذي قدرت ،والأجل الذي أجلت ، في عذاب ووثاق ، وحميم وغساق ، والضريعوالاحراق ، والأغلال والأوثاق ، وغسلين وزقوم وصديد ، مع طولالمقام في أيام لظى ، وفي سقر التي لا تبقي ولا تذر في الحميموالجحيم ، والحمد لله رب العالمين.

ثم استغفر لذنبك وادع بما أحببت ، فإذا فرغت من الدعاء فاسجدوقل في سجودك :

اللهم إني أشهدك واشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميعخلقك ، أنك أنت الله لا إله إلا أنت ربي ، والاسلام ديني ، ومحمد نبيي ،وعلي والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ،وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بنعلي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والخلف الباقي ، عليهمأفضل الصلوات ، أئمتي ، بهم أتولى ، ومن عدوهم أتبرأ ، اللهم إنيأنشدك دم المظلوم ـ ثلاثا.

اللهم إني أنشدك بايوائك(١) على نفسك لأوليائك ، لتظفرنهم

__________________

(١) الوأي : الوعد الذي يوثقه الرجل على نفسه ويعزم على الوفاء به ، وعدي بعلىبتضمين معنى الجعل

٣٨٦

بعدوك وعدوهم ، أن تصلي على محمد وعلى المستحفظين من آلمحمد ، اللهم إني أسألك اليسر بعد العسر ـ ثلاثا.

ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل :

يا كهفي حين تعييني المذاهب ، وتضيق علي الأرض بما رحبت ،ويا بارئ خلقي رحمة بي وقد كان عن خلقي غنيا ، صل على محمدوعلى المستحفظين من آل محمد ـ ثلاثا.

ثم ضع خدك الأيسر على الأرض وقل :

يا مذل كل جبار ، ويا معز كل ذليل ، صل على محمد وال محمدوفرج عني.

ثم قل :

يا حنان يا منان ، يا كاشف الكرب العظام ـ ثلاثا.

ثم عد إلى السجود وقل : شكرا شكرا ـ مائة مرة ، واسأل حاجتك.

باب زيارة علي بن الحسينعليه‌السلام

ثم امض إلى عند الرجلين فقف على علي بن الحسينعليهما‌السلام ، وقل :

سلام الله وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وعبادهالصالحين ، عليك يا مولاي وابن مولاي ورحمة الله وبركاته ، وصلىالله عليك وعلى أهل بيتك وعلى عترة آبائك الأخيار الأبرار ، الذينأذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وعذب الله قاتلك بأنواع

٣٨٧

العذاب ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

زيارة الشهداء رضوان الله عليهم :

ثم أوم إلى ناحية الرجلين بالسلام على الشهداء ، فإنهم هناك ، وقل :

السلام عليكم أيها الربانيون ، أنتم لنا فرط(١) ونحن لكم تبعوأنصار ، اشهد أنكم أنصار الله جل اسمه ، وسادة الشهداء في الدنياوالآخرة ، صبرتم واحتسبتم ولم تهنوا ، ولم تضعفوا ، ولم تستكينوا ،حتى لقيتم الله جل وعز على سبيل الحق ونصره ، وكلمة الله التامة ،صلى الله على أرواحكم وأبدانكم وسلم تسليما ، أبشروا رضوان اللهعليكم بموعد الله الذي لا خلف له ، الله تعالى مدرك بكم ثأر ما وعدكم ،إنه لا يخلف الميعاد.

اشهد انكم جاهدتم في سبيل الله ، وقتلتم على منهاج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وابن رسولهعليه‌السلام ، فجزاكم الله عن الرسولوابنه وذريته أفضل الجزاء ، الحمد لله الذي صدقكم وعده وأراكم ماتحبون

باب زيارة العباس بن علي صلوات الله عليه :

ثم امش حتى تأتي مشهد العباس بن عليعليه‌السلام ، فإذا اتيته فقف

__________________

(١) فرط : إذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء.

٣٨٨

على باب السقيفة وقل :

سلام الله وسلام ملائكته المقربين ، وأنبيائه المرسلين ، وعبادهالصالحين ، وجميع الشهداء والصديقين ، والزاكيات الطيبات فيماتغتدي وتروح ، عليك يا ابن أمير المؤمنين ، اشهد لك بالتسليموالتصديق لخلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المرسل ، والسبطالمنتجب ، والدليل العالم ، والوصي المبلغ ، والمظلوم المضطهد(١) .

فجزاك الله عن رسوله وعن أمير المؤمنين وعن الحسنوالحسين أفضل الجزاء ، بما صبرت واحتسبت وأعنت ، فنعم عقبىالدار ، لعن الله من قتلك ، ولعن الله من جهل حقك ، واستخفبحرمتك ، ولعن الله من حال بينك وبين ماء الفرات ، اشهد انك قتلتمظلوما ، وان الله منجز لكم ما وعدكم.

جئتك يا ابن أمير المؤمنين وافدا إليكم ، وقلبي مسلم لكم ، وانالكم تابع ، ونصرتي لكم معدة ، حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ،فمعكم معكم لا مع عدوكم ، اني بكم وبإيابكم من المؤمنين ، وبمنخالفكم وقتلكم من الكافرين ، لعن الله أمة قتلتكم بالأيدي والألسن.

ثم ادخل ، وانكب على القبر ، وقل :

السلام عليك أيها العبد الصالح ، المطيع لله ولرسوله ،ولأمير المؤمنين والحسن والحسين صلى الله عليهم وسلم ، السلام

__________________

(١) المهتضم ( خ ل ).

٣٨٩

عليك ورحمة الله وبركاته ومغفرته وعلى روحك وبدنك.

اشهد واشهد الله انك مضيت على ما مضى عليه البدريونوالمجاهدون في سبيل الله ، المناصحون له في جهاد أعدائه ، المبالغونفي نصرة أوليائه ، الذابون عن أحبائه ، فجزاك الله أفضل الجزاء ، وأوفرجزاء أحد ممن وفى ببيعته ، واستجاب له دعوته ، وأطاع ولاة امره.

واشهد انك قد بالغت في النصيحة ، وأعطيت به غاية المجهود ،فبعثك الله في الشهداء ، وجعل روحك مع أرواح السعداء ، وأعطاك منجنانه أفسحها منزلا ، وأفضلها غرفا ، ورفع ذكرك في العليين ، وحشركمع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

اشهد انك لم تهن ولم تنكل ، وانك مضيت على بصيرة من امرك ،مقتديا بالصالحين ، ومتبعا للنبيين ، فجمع الله بيننا وبينك وبين رسولهوأوليائه في منازل المحسنين ، فإنه ارحم الراحمين.

ثم انحرف إلى عند الرأس فصل ركعتين ، ثم صل بعدهما ما بدا لك ،وادع الله كثيرا ، وقل عقيب الركعات :

اللهم صل على محمد وال محمد ولا تدع لي في هذا المكانالمكرم والمشهد المعظم ذنبا الا غفرته ، ولا هما الا فرجته ، ولا مرضاالا شفيته ، ولا عيبا الا سترته ، ولا رزقا الا بسطته ، ولا خوفا الا آمنته ، ولا شملا الا جمعته ، ولا غائبا الا حفظته وأديته ، ولا حاجة من حوائجالدنيا والآخرة لك فيها رضى ولي فيها صلاح الا قضيتها ، يا ارحمالراحمين.

٣٩٠

ثم عد إلى الضريح فقف عند الرجلين وقل :

السلام عليك يا أبا الفضل العباس بن أمير المؤمنين ، السلام عليكيا بن سيد الوصيين ، السلام عليك يا بن أول القوم اسلاما وأقدمهم ايماناوأقومهم بدين الله وأحوطهم على الاسلام.

اشهد لقد نصحت لله ولرسوله ولأخيك ، فنعم الأخ المواسي(١) ،فلعن الله أمة قتلتك ، ولعن الله أمة ظلمتك ، ولعن الله أمة استحلتمنك المحارم ، وانتهكت حرمة الاسلام.

فنعم الصابر المجاهد المحامي الناصر ، والأخ الدافع عن أخيه ،المجيب إلى طاعة ربه ، الراغب فيما زهد فيه غيره ، من الثواب الجزيلوالثناء الجميل ، فألحقك الله بدرجة ابائك في دار النعيم.

اللهم إني تعرضت لزيارة أوليائك ، رغبة في ثوابك ورجاءلمغفرتك وجزيل احسانك ، فأسألك ان تصلي على محمد وآله الطاهرينوان تجعل رزقي بهم دارا(٢) ، وعيشي بهم قارا(٣) ، وزيارتي بهممقبولة ، وحياتي بهم طيبة ، وأدرجني ادراج المكرمين ، واجعلني ممنينقلب من زيارة مشاهد أحبائك منجحا ، قد استوجب غفران الذنوبوستر العيوب وكشف الكروب ، انك أهل التقوى وأهل المغفرة.

__________________

(١) المواساة : المشاركة والمساهمة.

(٢) دارا : أي كثيرا يتجدد شيئا فشيئا ، من قولهم : در اللبن إذا زاد وكثر جريانه من الضرع.

(٣) قارا : أي مستقرا دائما غير منقطع ، أو واصلا إلى حال قراري في بلدي فلا احتاج فيتحصيله إلى السفر.

٣٩١

وداع العباس بن عليعليه‌السلام :

فإذا أردت وداعه للانصراف فقف عند القبر وقل :

استودعك الله واسترعيك ، واقرأ عليك السلام ، امنا باللهوبرسوله وبما جاء به من عند الله ، اللهم اكتبنا مع الشاهدين ، اللهملا تجعله اخر العهد من زيارتي قبر ابن أخي رسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وارزقني زيارته ابدا ما أبقيتني ، واحشرني معه ومع ابائه فيالجنان ، وعرف بيني وبين رسولك وأوليائك.

اللهم صل على محمد وال محمد وتوفني على الايمان بك ،والتصديق برسولك ، والولاية لعلي بن أبي طالب والأئمة عليهمالسلام والبراءة من عدوهم ، فاني رضيت بذلك ، وصلى الله علىمحمد وال محمد.

ثم ادع لنفسك ولوالديك وللمؤمنين والمؤمنات ، وتخير منالدعاء ما شئت ، وارجع إلى مشهد الحسينعليه‌السلام ، فأكثر من الصلاة فيهوالزيارة ، وليكن رحلك بنينوى والغاضرية وخلوتك للنوم والطعاموالشراب هناك ، فإذا أردت الرحيل فودع الحسينعليه‌السلام .

باب الوداع :

والوداع هو ان تأتي القبر فتقف عليه كوقوفك في أول الزيارة ،

٣٩٢

وتستقبله بوجهك وتقول :

السلام عليك يا ولي الله ، السلام عليك يا أبا عبد الله ، أنت لي جنةمن العذاب ، وهذا أوان انصرافي ، غير راغب عنك ، ولا مستبدل بكسواك ، ولا مؤثر عليك غيرك ، ولا زاهد في قربك ، جدت بنفسيللحدثان ، وتركت الأهل والأوطان ، فكن لي يوم حاجتي وفقري ، يوملا يغني عني والدي ولا ولدي ، ولا حميمي ولا قريبي.

أسأل الله الذي قدر وخلق ان ينفس بكم كربي ، واسأل الله الذيقدر علي فراق مكانك أن لا يجعله اخر العهد مني ومن رجوعي ،وأسأل الله الذي أبكى عليك عيني أن يجعله سندا لي ، وأسأل اللهالذي نقلني إليك من رحلي وأهلي ان يجعله ذخرا لي ، وأسأل اللهالذي أراني مكانك وهداني للتسليم عليك ولزيارتي إياك ان يوردنيحوضكم ويرزقني مرافقتكم في الجنان مع ابائك الصالحين.

السلام عليك يا صفوة الله ، السلام على محمد بن عبد الله ، حبيبالله وصفوته ، وأمينه ورسوله ، سيد المرسلين ، السلام علىأمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين وقائد الغر المحجلين ،السلام على الأئمة الراشدين المهديين ، السلام على من في الحائر منكمورحمة الله وبركاته.

السلام على ملائكة الله الباقين المقيمين المسبحين ، الذين همبأمر ربهم قائمون ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، والحمد لله

٣٩٣

رب العالمين.

ثم أشر إلى القبر بمسبحتك اليمنى ، وقل :

سلام الله وسلام ملائكته المقربين ، وأنبيائه المرسلين ، وعبادهالصالحين ، يا ابن رسول الله عليك وعلى روحك وبدنك ، وعلىذريتك ومن حضر من أوليائك ، أستودعك الله وأسترعيك ، وأقرأعليك السلام ، امنا بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله ، اللهم فاكتبنامع الشاهدين.

ثم ارفع يديك إلى السماء ، وقل :

اللهم صل على محمد وال محمد ، ولا تجعله اخر العهد منزيارتي ابن رسولك ، وارزقني زيارته أبدا ما أبقيتني ، اللهم وانفعنيبحبهم يا رب العالمين.

اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد وال محمد ، ولا تجعلهاخر العهد من زيارتي إياه ، فان جعلته يا رب فاحشرني معه ، ومع ابائهوأوليائه ، وان أبقيتني يا رب فارزقني العود إليه ، ثم العود إليه ،برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم اجعل لي لسان صدق في أوليائك.

اللهم صل على محمد وال محمد ، ولا تشغلني عن ذكرك باكثارمن الدنيا ، تلهيني عجائب بهجتها ، وتفتني زهرات زينتها ، ولا باقلاليضر بعملي كده ، ويملأ صدري همه ، وأعطني من ذلك غنى عن شرارخلقك ، وبلاغا أنال به رضاك ، يا رحمان ، السلام عليكم يا ملائكة الله

٣٩٤

وزوار قبر أبي عبد اللهعليه‌السلام .

ثم ضع خدك الأيمن على القبر مرة والأيسر مرة وألح في الدعاءوالمسألة.

وداع الشهداء رضوان الله عليهم :

ثم حول وجهك إلى قبور الشهداء فودعهم ، وقل :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، اللهم لا تجعله اخر العهد منزيارتي إياهم ، واشركني معهم في صالح ما أعطيتهم على نصرتهم ابننبيك وحجتك على خلقك وجهادهم معه.

اللهم اجمعنا وإياهم في جنتك مع الشهداء والصالحين وحسنأولئك رفيقا ، استودعكم الله واقرأ عليكم السلام ، اللهم ارزقني العودإليهم واحشرني معهم يا ارحم الراحمين.

ثم اخرج ولا تول وجهك عن القبر حتى يغيب عن معاينتك ، وقفقبل الباب متوجها إلى القبلة ، وقل :

اللهم إني أسألك بحق محمد وال محمد ، وبحرمة محمد والمحمد ، وبالشأن الذي جعلت لمحمد وال محمد ان تصلي على محمدوآل محمد وان تتقبل عملي ، وتشكر سعيي ، وتعرفني الإجابة فيجميع دعائي ، ولا تجعله اخر العهد مني به ، وارددني إليه ببر وتقوى ،وعرفني بركة زيارته في الدين والدنيا ، وأوسع علي من فضلك الواسع

٣٩٥

الفاضل المفضل الطيب ، وارزقني رزقا واسعا حلالا ، كثيرا عاجلا ، صباصبا ، من غير كد ولا من من أحد من خلقك ، واجعله واسعا من فضلك ،وكثيرا من عطيتك.

فإنك قلت :( واسألوا الله من فضله ) (١) ، فمن فضلك اسال ، ومنيدك الملئ اسال ، فلا تردني خائبا ، فاني ضعيف فضاعف لي ، وعافنيإلى منتهى اجلي ، واجعل لي في كل نعمة أنعمتها على عبادك أوفرالنصيب.

واجعلني خيرا مما انا عليه ، واجعل ما أصير إليه خيرا مما ينقطععني ، واجعل سريرتي خيرا من علانيتي ، وأعذني من أن يرى الناس فيخيرا ولا خير في ، وارزقني من التجارة أوسعها رزقا.

وأتني يا سيدي وعيالي برزق واسع تغنينا به عن دناة خلقك ،ولا تجعل لاحد من العباد فيه منا ، واجعلني ممن استجاب لك ، وامنبوعدك ، واتبع امرك ، ولا تجعلني أخيب وفدك وزوار ابن نبيك ،وأعذني من الفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة ، واقلبني مفلحامنجحا مستجابا لي بأفضل ما ينقلب به أحد من زوار أوليائك ،ولا تجعله اخر العهد من زيارتهم ، وان لم تكن استجبت لي واغفر ليوارض عني ، قبل ان تنأى عن ابن نبيك داري.

فهذا أوان انصرافي ان كنت أذنت لي ، غير راغب عنك ولا عن

__________________

(١) النساء : ٣٢.

٣٩٦

أوليائك ، ولا مستبدل بك ولا بهم.

اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعنشمالي حتى تبلغني أهلي ، فإذا بلغتني فلا تبرأ مني ، وألبسني وإياهمدرعك الحصينة ، واكفني مؤونة جميع خلقك ، وامنعني من أن يصلإلي أحد من خلقك بسوء ، فإنك ولي ذلك والقادر عليه ، وأعطنيجميع ما سألتك ، ومن علي به ، وزدني من فضلك يا ارحم الراحمين.

ثم انصرف وأنت تحمد الله تعالى وتسبحه وتهلله وتكبره إن شاء اللهتعالى(١) .

الباب (١٦)

في شهر شعبان(٢)

١ ـ فقد ورد في الترغيب في صومه مؤكدا غاية التأكيد ، وخاصةفي اليوم الثالث منه ، فإنه اليوم الذي ولد فيه الحسين بن عليعليهما‌السلام

فخرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمدعليه‌السلام انمولانا الحسينعليه‌السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان ، فصمهمندوبا وادع فيه بهذا الدعاء :

__________________

(١) عنه وعن المزار للمفيد ، البحار ١٠١ : ٢٠٦ ـ ٢٢٠ ، ذكر بعضه ابن قولويه في الكامل: ٤٤٢ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٧٠ ، وفي مصباحه : ٦٧٢.

(٢) في الأصل : فاما شهر شعبان.

٣٩٧

اللهم إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم ، الموعود بشهادتهقبل استهلاله وولادته ، بكته السماء ومن فيها ، والأرض ومن عليها ،ولما يطأ لابتيها(١) .

قتيل العبرة ، وسيد الأسرة(٢) ، الممدود بالنصرة يوم الكرة ،المعوض من قتله ان الأئمة من نسله ، والشفاء في تربته ، والفوز معه فيأوبته ، والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته ، حتى يدركوا الأوتارويثأروا الثار(٣) ، ويرضوا الجبار ، ويكونوا خير أنصار صلى الله عليهممع اختلاف الليل والنهار.

اللهم فبحقهم إليك أتوسل ، وأسأل سؤال مقترف معترف مسئإلى نفسه مما فرط في يومه وأمسه ، يسألك العصمة إلى محل رمسه ،اللهم فصل على محمد وعترته ، واحشرنا في زمرته ، وبوئنا معه دارالكرامة ومحل الإقامة.

اللهم وكما أكرمتنا بمعرفته فأكرمنا بزلفته ، وارزقنا مرافقتهوسابقته ، واجعلنا ممن يسلم لامره ، ويكثر الصلاة عليه عند ذكرهوعلى جميع أوصيائه وأهل أصفيائه ، الممدودين منك بالعدد الاثنيعشر ، النجوم الزهر ، والحجج على جميع البشر.

__________________

(١) اللابة : الحرة ، وهي الأرض ذات الحجارة السود ، المراد قبل مشيه على الأرض.

(٢) الأسرة : عشيرة الرجل وأهل بيته.

(٣) يثأروا الثار : يطلبون الدم.

٣٩٨

اللهم وهب لنا في هذا اليوم خير موهبة ، وانجح لنا فيه كل طلبة ،كما وهبت الحسين لمحمد جده ، وعاذ فطرس بمهده ، فنحن عائذونبقبره من بعده ، نشهد تربته ، وننتظر أوبته ، امين رب العالمين(١) .

٢ ـ دعاء آخر في هذا اليوم :

ذكر ابن عياش قال : سمعت أبا عبد الله الحسين بن علي بن سفيانالبزوفري يدعو بهذا الدعاء ويقول : هو من أدعية يوم الثالث من شعبانالذي ولد فيه الحسينعليه‌السلام :

اللهم متعالي المكان(٢) ، عظيم الجبروت ، شديد المحال ، غني عنالخلائق ، عريض الكبرياء ، قادر على ما يشاء ، قريب الرحمة ، صادقالوعد ، سابق النعمة ، حسن البلاء ، قريب إذا دعيت ، محيط بما خلقت ،قابل التوبة لمن تاب إليك ، قادر على ما أردت ، ومدرك ما طلبت ،وشكور إذا شكرت ، وذكور إذا ذكرت.

أدعوك محتاجا ، وارغب إليك فقيرا ، وافزع إليك خائفا ، وابكيإليك مكروبا ، وأستعين بك ضعيفا ، وأتوكل عليك كافيا ، احكم بينناوبين قومنا بالحق ، فإنهم غرونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا ، ونحن

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٨٢٦ والسيد في الاقبال ٣ : ٣٠٤ ، باسنادهما عن قاسم بنالعلاء الهمداني ، عنهما البحار ١٠١ : ٣٤٧.

رواه الكفعمي في مصباحه : ٥٤٣ ، والحلي في مختصر البصائر : ٢٣٥.

(٢) أنت متعالي المكان ( خ ل ).

٣٩٩

عترة نبيك وولد حبيبك محمد بن عبد الله ، الذي اصطفيته بالرسالةوائتمنته على وحيك ، فاجعل لنا من أمرنا فرجا ومخرجا ، برحمتك ياارحم الراحمين(١) .

وروي انه آخر دعاء دعا به الحسينعليه‌السلام يوم الطف(٢) .

ما يقال كل يوم منه :

١ ـ روى محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد السياري ،عن العباس بن مجاهد يقول : قال : كان علي بن الحسينعليه‌السلام يدعو عندكل زوال من أيام شعبان وفي ليلة النصف منه ، ويصلي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذه الصلاة ، يقول :

اللهم صل على محمد وال محمد شجرة النبوة ، وموضع الرسالة ،ومختلف الملائكة(٣) ومعدن العلم(٤) وأهل بيت الوحي.

اللهم صل على محمد وال محمد الفلك الجارية في اللجج

__________________

(١) رواه الشيخ الطوسي في مصباحه : ٨٢٨ ، والسيد ابن طاووس في اقبال الأعمال ٣ :٣٠٥ ، عنهما البحار ١٠١ : ٣٤٨.

أورده أيضا الكفعمي في البلد الأمين : ١٨٦٠.

(٢) الطف ساحل البحر وجانب البر ، سمي مقتلهعليه‌السلام بالطف لأنه طرف البر مما يليالفرات وكانت تجري يومئذ قريبا منه.

(٣) مختلف الملائكة : مكان ترددها.

(٤) معدن العلم : أصله.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702