المزار الكبير

المزار الكبير8%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192485 / تحميل: 7004
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٢٠٠٢-٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

المانع :

الذي يمنع أولياءه ويحوطهم وينصرهم ، من المنعة. أو : يمنع من يستحق المنع(146) ، من المنع ، أي : الحرمان ، لأنّ منعه سبحانه حكمة وعطاؤه جود ورحمة ، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.

وقد يكون المانع : الذي يمنع أسباب الهلاك والنقصان بما يخلقه في الأبدان والأديان من الأسباب المعدة للحفظ.

الوالي :

هو المالك للأشياء المتصرف فيها المتولي عليها ، وقد يكون بمعنى المنعم ، عوداً على بدء. وقوله تعالى :( وما لهم من دونهِ من والٍ ) (147) أي : من ولي ، أي : من ناصر ، والمولى والولي يأتيان بمعنى الناصر أيضاً ، وقد مرّ شرحهما.

والولاية بفتح الواو : النصرة ، وبكسرة : الإمارة ، وقيل : هما لغتان كالدّلالة. والدلالة ، والولاية أيضاً الربوبية ، ومنه :( هنالك الولاية لله الحقّ ) (148) يعني : يومئذ يتولّون الله ويؤمنون به ، ويتبرّؤون مما كانوا يعبدون.

المتعالي :

قال البادرائي : هو المتنزّه عن صفات المخلوقين.

وقال الهروي : المتعالي الذي جلّ عن إفك المفترين. وقد يكون المتعالي بمعنى العالي ، ومعنى :( تعالى الله ) (149) أي : جلّ عن أن يوصف.

__________________

(146) في (ر) ورد بعد لفظ المنع : « والحكمة في منعه اشتقاقه » ولم نثبته لاختلال المعنى به.

(147) الرعد 13 : 11.

(148) الكهف 18 : 44.

(149) النمل 27 : 63.

٦١

التوّاب :

من أبنية المبالغة ، وهو : الذي يقبل التوبة من عباده ويسهّل لهم أسباب التوبة ، وكلّما تكررت التوبة من العبد تكرر منه القبول. والتوّاب من الناس : التائب ، والتوبة والتوب : الرجوع عن الذنب ، وقيل : التوب جمع توبة.

المنتقم :

هو الذي يبالغ في العقوبة لمن يشاء ، وانتقم الله من فلان : عاقبه.

وفي عبارة الشهيد : هو قاصم ظهور العصاة(150) .

الرؤوف :

هو الرحيم العاطف برحمته على عباده ، وقيل : الرأفة أبلغ الرحمة وأرقّها ، وقيل : الرأفة أخصّ والرحمة أعمّ.

مالك الملك :

معناه أنّ الملك بيده ، وقد يكون معناه : مالك الملوك. والملكوت من الملك ، كالرهبوت من الرهبة ، وتملّك كذا أي : ملكه قهراً.

ذو الجلال والإكرام :

أي : ذو العظمة والغنى المطلق والفضل العامّ ، قاله الشهيد(151) .

وقيل : معناه أي : يستحق أن يجلّ ويكرم ، فلا يجحد ولا يكفر به ، قاله البادرائي.

__________________

(150) القواعد والفوائد 2 : 169.

(151) القواعد والفوائد 2 : 172.

٦٢

ذو الطول :

أي : المتفضل بترك العقاب المستحق عاجلاً وآجلاً لغير الكافر.

والطول بفتح الطاء : الفضل والزيادة ، وبضمها : في الجسم ، لأنه زيادة فيه ، كما أن القصر قصور فيه ونقصان ، وقولهم : طلت فلاناً ، أي : كنت أطول منه ، من الطول والطول جميعاً.

ذو المعارج :

أي : ذو الدرجات التي هي مصاعد الكلم الطيب والعمل الصالح ، أو التي يترقّى فيها المؤمنون في الجنة ، وقوله تعالى :( ومعارج عليها يظهرون ) (152) أي : درج عليها يعلون ، واحدها معرج ومعراج ، وعرج في الدرجة أو السلم : ارتقى.

النور :

قال البادرائي : هو الذي بنوره يبصر ذو العماية وبهدايته ينظر ذو الغواية ، وعلى هذا يتناول قوله تعالى :( الله نور السماوات والأرضِ ) (153) أي : منورهما.

وقال الشهيد : النور المنّور مخلوقاته بالوجود والكواكب والشمس والقمر واقتباس النار ، أو نوّر الوجود بالملائكة والأنبياء ، أو دبّر الخلق بتدبيره(154) .

الهادي :

الذي هدى الخلق إلى معرفته بغير واسطة ، أو بواسطة ما خلقه من الأدلة على معرفته ، وهدى سائر الحيوان إلى مصالحها ، قال تعالى :( الذي أعطى كلّ

__________________

(152) الزخرف 43 : 33.

(153) النور 24 : 35.

(154) القواعد والفوائد 2 : 173.

٦٣

شيء خلقهُ ثم هدى ) (155) .

البديع :

هو الذي فطر الخلق مبتدعاً لا على مثال سبق ، وهو فعيل بمعنى مفعل كأليم بمعنى مؤلم. والبديع يقال على الفاعل والمنفعل ، والمراد هنا الأول ، والبدع الذي يكون أولاً في كلّ شيء ، ومنه قوله تعالى :( ما كنت بدعاً من الرسل ) (156) أي : لست بأول مرسل.

الباقي :

قال الشهيد : هو الموجود الواجب وجوده لذاته أزلاً وأبداً(157) .

وقال البادرائي وصاحب العدة : هو الذي بقاؤه غير متناه ولا محدود ، ولا تعرض عليه عوارض الزوال ، وليست صفة بقائه ودوامه كبقاء الجنة والنار ودوامهما ، لأن بقاءه أزليّ أبديّ وبقاؤهما أبديّ غير أزليّ ، ومعنى الأزليّ : ما لم يزل ، والأبديّ : ما لا يزال ، والجنة والنار مخلوقتان كائنتان بعد أن لم تكونا(158) .

الوارث :

هو الباقي بعد فناء الخلق ، فترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاّك.

الرشيد :

الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم. أو ذو الرشد ، وهو الحكمة ، لاستقامة تدبيره. أو الذي ينساق بتدبيراته إلى غايتها.

__________________

(155) طه 20 : 50.

(156) الأحقاف 46 : 9.

(157) القواعد والفوائد 2 : 174.

(158) عدّة الداعي : 301 ، باختلاف.

٦٤

الصبور :

هو الذي لا تحمله العجلة على المنازعة إلى الفعل قبل أوانه. أو الذي لا تحمله العجلة بعقوبة العصاة ، لاستغنائه عن التسرع ، إذ لا يخاف الفوت.

والصبور من أبنية المبالغة ، وهو في صفة الله تعالى قريب من معنى الحليم ، إلاّ أن الفرق بينهما : أنهم لا يأمنون العقوبة في صفة الصبور ، كما يسلمون منها في صفة الحليم.

الربّ:

هو في الأصل بمعنى التربية ، وهي : تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً ، ثم وصف به للمبالغة كالصوم والعدل.

وقيل : هو نعت من ربّه يربّه فهو ربّ ، ثم سمّي به المالك لأنه يحفظ ما يملكه ويربّيه. ولا يطلق على غير الله تعالى إلاّ مقيداً ، كقولنا : ربّ الضيعة ، ومنه :( ارجع إلى ربكَ ) (159) .

واختلف في اشتقاقه على أربعة أوجه :

أ : أنّه مشتقّ من المالك ، كما يقال : ربّ الدار ، أي : مالكها ، قال بعضهم : لئن يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن ، أي : يملكني.

ب : أنّه مشتقّ من السيد ، ومنه :( أما أحدكما فيسقي ربّه خمراً ) (160) أي : سيّده.

ج : أنّه المدبّر ، ومنه قوله :( والربّانيّون ) (161) وهم : العلماء ، سمّوا بذلك

__________________

(159) يوسف 12 : 50.

(160) يوسف 12 : 41.

(161) المائدة 5 : 44.

٦٥

لقيامهم بتدبير الناس وتعليمهم ، ومنه : ربّة البيت ، لأنها تدبرّه.

د : أنّه مشتقّ من التربية ، ومنه قوله تعالى :( وربائبكمُ ) (162) سمّي ولد الزوجة ربيبة لتربية الزوج له.

فعلى هذا إن قيل : بأنّه تعالى ربّ لأنّه سيّد أو مالك ، فذلك من صفات ذاته ، وإن قيل : لأنّه مدبّر لخلقه أو مربّيهم ، فذلك من صفات أفعاله.

السيّد :

الملك ، وسيّد القوم ملكهم وعظيمهم.

و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي سيّد العرب ، فقالت عائشة(163) : أولست سيّد العرب ؟! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ، فقالت : وما السيد ؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هو من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي(164) . فعلى هذا الحديث السيد هو : الملك الواجب الطاعة ، قال صاحب العدّة(165) .

قال الشهيد في قواعده : ومنع بعضهم من تسميته تعالى بالسيد(166) .

قلت : وهذا المنع ليس بشيء.

أمّا أولاً : فلما ذكرناه من قول صاحب العدة ، وقد أثبته(167) في الأسماء الحسنى في عبارته.

__________________

(162) النساء 4 : 23.

(163) اُمّ عبدالله عائشة بنت أبي بكر ، روت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن أبيها وعمر وغيرهم ، روت عنها اُختها اُمّ كلثوم وأخوها من الرضاعة عوف ابن الحارث وغيرهما ، ماتت سنة ( 58 ه‍ ) وقيل ( 57 ه‍ ).

اُسد الغابة 5 : 501 ، تهذيب التهذيب 12 : 435.

(164) اُنظر إحقاق الحق 4 : 36.

(165) عدّة الداعي : 305 ، باختلاف.

(166) القواعد والفوائد 2 : 177 ، باختلاف.

(167) أي : صاحب العدّة.

٦٦

وأمّا ثانياً : فلأنه قد جاء في الدعاء كثيراً ، وورد أيضاً في بعض الأحاديث : قال السيد الكريم.

و أمّا ثالثاً : فلأن هذا الاسم لا يوهم نقصاً ، فيجوز إطلاقه على الله تعالى إجماعاً.

الجواد :

هو الكثير الإنعام والإحسان ، والفرق بينه وبين الكريم : أن الكريم الذي يعطي مع السؤال ، والجواد يعطي من غير سؤال ، وقيل : بالعكس ، ورجل جواد أي : سخي ، ولا يقال : الله تعالى سخيّ ، لأن أصل السخاوة راجع إلى اللين ، و [ يقال : ](168) أرض سخاوية وقرطاس سخاويّ إذا كان ليّناً ، وسمّي السخيّ سخيّاً للينه عند الحوائج. هذا آخر كلام صاحب العدة(169) .

قلت : وقوله ولا يقال الله تعالى سخيّ ، ليس بشيء ، لأنّ السخاء مرادف للجود(170) ، وهو صفة كمال ، فيجوز إطلاقه عليه تعالى ، مع أنه قد ورد به الإذن ، ففي دعاء الصحيفة المذكور في مهج ابن طاووس(171) قدس الله سره :

__________________

(168) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ر) و (ب) وأثبتناه من المصدر وهو الأنسب.

(169) عدّة الداعي : 312 ، باختلاف.

(170) في هامش (ر) : « في كثير من الأدعية ، وإضافة السخاء فيها إليه كما في دعاء الجوشن الكبير المروي عن السجاد زين العابدين عن أبيه عن جدّه عن عليعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في قوله : يا ذا الجود والسخاء ، ففرق بين السخاء والجود لترادفهما على اسم الكريم. منهرحمه‌الله ».

انُظر : المصباح ـ للمصنف ـ : 248.

(171) أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحسيني ، السيد الأجلّ الأورع ، ويظهر من مواضع من كتبه خصوصاً كشف المحجة أن باب لقائه الإمام المنتظر روحي له الفدا كان مفتوحاً ، وكان من عظماء المعظمين لشعائر الله ، يروي عنه العلامة الحلي وغيره ، له عدة مصنفات ، منها : مهج الدعوات ومنهج العنايات ، ذكر فيه الأحراز والقنوتات والحجب والدعوات والتعقيبات وأدعية الحاجات ، توفي سنة ( 664 ه‍ ).

الكنى والألقاب 1 : 327 ، أعيان الشيعة 8 : 358 ، الذريعة 23 : 287 ، معجم رجال الحديث

٦٧

سبحانه من تواب ما أسخاه وسبحانه من سخي ما انصره. فإذا كان اسم السخاء لا يوهم نقصاً وقد ورد في الدعوات ، فما المانع من إطلاقه عليه تعالى.

قلت : أن المانع أن أصل السخاوة راجع إلى اللين إلى آخره ، كما ذكره صاحب العدة.

إن قلت : إنّ اللين هنا بمعنى الحلم لا بمعنى ضدّ الخشونة ، وفي دعوات المصباح(172) : ولنت في تجبرك(173) ، أي : حلمت في عظمتك. وليس صفاته تعالى كصفات خلقه ، لأنّ التوّاب من الناس : التائب ، والصبور : كثير حبس النفس عن الجزع ، وهما في صفته تعالى كما مرّ في شرحهما ، إلى غير ذلك من صفاته تعالى المخالفة لصفات خلقه(174) .

__________________

12 : 188.

(172) كتاب المصباح لأبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ، المعروف بشيخ الطائفة يروي عن الشيخ المفيد وغيره ، يروي عنه والده الشيخ حسن وغيره ، له عدّة مصنّفات ، منها : هذا الكتاب ـ مصباح المتهجد وسلاح المتعبد ـ وهو من أجل الكتب في الأعمال والأدعية وقدوتها ، ذكر فيه ما يتكرر من الأدعية ومالا يتكرر ، وقدّم فصولاً في أقسام العبادات وما يتوقف منها على شرط وما لا يتوقّف وذكر في آخره أحكام الزكاة والأمر بالمعروف ، توفي سنة ( 460 ه‍ ) ودفن في دارة التي كان يقطنها بوصية منه.

تنقيح المقال 3 : 104 ، أعيان الشيعة 9 : 159 ، الذريعة 211 : 118.

(173) مصباح المتهجّد : 387.

(174) في هامش (ر) : « مع أنّا نقول : إنّ أصل السخاء راجع إلى الاتساع والسهولة ، وأرض سخواء : سهلة واسعة ، ويسمّى السخي سخياً لسهولة عطائه وسعته ، فالله تعالى أحق باسم السخاء ، لأنه وسع بعطائه المعطين وعمّ ببره المبرّين. مع أنّا لو سلّمنا للشيخرحمه‌الله صحة الاشتقاق في الأسماء الحسنى ، لوجب أن نترك كلّ اسم منها يحصل [ في ] اشتقاقه مالا يناسب عنده ، وهو باطل بالإجماع ، وأظنّ أنّهرحمه‌الله قلّد القاضي عبد الجبّار في شرحه الأسماء الحسنى في صحّة الإشتقاق ، لأنّه منع في شرحه أن يوصف الله تعالى بالحنّان ، قال : لأنّه يفيد معنى الحنين ، وهو لا يجوز عليه سبحانه وتعالى ، قلت : فكلام عبدالجبار أيضاً غير صحيح ، لاشتقاق الحنّان من غير الحنين ، قال الجوهري في صحاحه : الحنّان بالتخفيف : الرحمة ، والحنّان بالتشديد : ذوم الرحمة. وقال الهروي في الغريبين في قوله تعالى :( وحناناً من لدنّا [ 19 : 13 ]) أي : رحمة ، قال : والحنّان من صفات الله بالتشديد : الرحيم ، وبالتخفيف : العطف والرحمة. وفي الحديث : أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّ على رجل يعذب ، فقال : لأتخذنه حناناً ، أي : لأتعطفن عليه ولأترحّمن. ثم نرجع ونقول : على ما ذهب إليه صاحب العدة وعبد الجبار لا يجوز

٦٨

و هنا فائدة يحسن بهذا المقام أن نسقر قناعها ونحدر لفاعها ، وهي :

ان الاسماء التي ورد بها السمع ولا شيء منها يوهم نقصاً ، يجوز إطلاقها على الله تعالى إجماعاً ، وما عدا ذلك فأقسامه ثلاثة :

أ : ما لم يرد به السمع ويوهم نقصاً ، فيمتنع إطلاقه عليه تعالى إجماعاً ، كالعارف والعاقل والفطن والذكي ، لأن المعرفة قد تشعر بسبق فكره ، والعقل هو المنع عما لا يليق ، والفطنة والذكاء يشعران بسرعة الإدراك لما غاب عن المدرك ، وكذا المتواضع لأنه يوهم الذلة ، والعلاّمة لأنه يوهم التأنيث ، والداري لأنه يوهم تقدّم الشك. وما جاء في الدعاء من قول الكاظمعليه‌السلام في دعاء يوم السبت يا من لا يعلم ولا يدري كيف هو إلا هو(175) ، يعطي جواز هذا ، فيكون مرادفاً للعلم.

ب : ما ورد به السمع ، ولكن إطلاقه في غير مورده يوهم النقص ، فلا يجوز ، كأن يقول : يا ماكر أو يا مستهزئ ويحلف به. قال الشهيد : ومنع بعضهم أن يقال : اللّهم امكر بفلان ، وقد ورد في دعوات المصباح : اللهم استهزئ به ولا تستهزئ بي(176) .

__________________

أن يسمّى الله تعالى شاكراً ، وقد ورد به في القرآن في قوله :( فإنّ الله شاكرٌ عليم [ 2 : 158 ]) لأن الشاكر في الأصل كما ذكره الإمام الطبرسي : هو المظهر للإنعام عليه ، والله يتعالى عن أن يكون لأحد عليه نعمة ، وإنما وصف سبحانه بأنه شاكر مجازاً وتوسعاً. قال الإمام الطبرسيرحمه‌الله : ومعنى أنه شاكر أي : مجاز عبده على طاعته بالثناء والثواب ، وإنما ذكر لفظ الشاكر تلطفاً لعباده ومظاهرة في الإحسان والإنعام عليهم ، كما قال :( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً [ 2 : 245 ]) والله تعالى لا يستقرض من عوز ، لكنه ذكر هذا اللفظ على طريق اللطف ، أي : يعامل عباده معاملة المستقرض ، من حيث أن العبد ينفق من حال غناه فيأخذ أضعاف ذلك في حال فقره وحاجته ، وكذلك لما كان يعامل عبده معاملة الشاكر [ من حيث أنّه ] يوجب الثناء له الثناء له والثواب سمّى نفسه شاكراً. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : الصحاح 5 : 1204 حنن ، مجمع البيان 1 : 239 ـ 240.

(175) المصباح ـ للمصنّف ـ : 102 ـ 103.

(176) القواعد والفوائد 2 : 177 ، باختلاف.

٦٩

ج : ما خلا عن الإيهام إلاّ أنّه لم يرد [ به ] السمع ، كالنجيّ والأريحي. قال الشهيد : والأولى التوقف عمّا لم تثبت التسمية به ، وإن جاز أن يطلق معناه عليه إذا لم يكن فيه إيهام(177) .

إذا عرفت ذلك فنقول :

قال الشيخ نصير الدين أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي(178) قدّس الله سره في فصوله : كلّ اسم يليق بجلاله ويناسب كماله مما لم يرد به إذن جاز إطلاقه عليه تعالى ، إلاّ أنه ليس من الأدب ، لجواز أن لا يناسبه من وجه آخر(179) .

قلت : وعنده يجوز أن يطلق عليه تعالى الجوهر ، لأن الجوهر قائم بذاته غير مفتقر إلى الغير ، والله تعالى كذلك.

وقال الشيخ علي بن يوسف بن عبد الجليل في كتابه منتهى السؤول في شرح الفصول : لا يجوز أن يطلق على الواجب تعالى صفة لم يرد الشرع المطهّر إطلاقها عليه وإن صح اتصافه بها معنى ، كالجوهر مثلاً بمعنى القائم بذاته ، لجواز أن يكون في ذلك مفسدة خفية لا نعلمها ، فإنه لا يكفي في إطلاق الصفة على الموصوف ثبوت معناها له ، فإن لفظتي عزّوجلّ لا يجوز إطلاقها على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن كان عزيزاً جليلاً في قومه ، لأنّهما يختصّان بالله تعالى ، ولولا

__________________

(177) المصدر السابق.

(178) أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ، كان رأساً في العلوم العقلية فيلسوفاً علاّمة بالأرصاد ، انتهت إليه رئاسة الإمامية في زمانه ، يروي عن أبيه وعن الشيخ ميثم البحراني ، يروي عنه العلاّمة الحلي والسيد عبد الكريم بن طاووس صاحب فرحة الغري والمولى قطب الدين اُستاذ الشهيد وغيرهم ، له عدّة مصنّفات لم ير عين الزمان مثلها ، منها : فصول العقائد ، مرتّب على أربعة فصول : في التوحيد والعدل والنبوة والمعاد ، وفصول العقائد أصله فارسي معروف : بالاُصول النصيرية ، ترجمه المولى ركن الدين محمد بن علي الجرجاني ـ من تلامذة العلاّمة ـ إلى العربية ، توفي سنة ( 673 ه‍ ).

الذريعة 1 : 26 ، 4 : 122 ، 16 : 246 ، معجم رجال الحديث 17 : 194 ، أعلام الزركلي 7 : 30.

(179) فصول العقائد : 9.

٧٠

عناية الله ورأفته بعباده في إلهام أنبيائه أسماءه وصفاته لما جسر أحد من الخلق ولا تهجّم في إطلاق شيء من هذه الأسماء والصفات عليه سبحانه.

قلت : وهذا الكلام أولى من قول صاحب الفصول ، لأنّه إذا جاز عدم المناسبة ولا ضرورة داعية إلى التسمية ، وجب الامتناع من جميع ما لم يرد به نص شرعي من الأسماء ، وهذا معنى قول العلماء : إن اسماء الله تعالى توقيفية ، أي : موقوفة على النص والإذن.

ولقد خرجنا في هذا الباب بالإكثار عن حدّ الاختصار ، غير أن الحديث ذو شجون.

شديد العقاب :

أي للطغاة ، والشديد : القوي ، ومنه :( وشددنا ملكهُ ) (180) أي : قوّيناه ، وشدّ الله عضده أي : قوّاه ، واشتدّ الرجل : إذا كان معه دابة شديدة ، أي : قويّة ، والمشدّ : الذي دوابه شديدة قوية ، والمضعف : الذي دوابه ضعيفة.

الناصر :

هو النصير ، والنصير مبالغة في الناصر ، والنصرة : المعونة ، والنصير والناصر : المعين ، ونصر الغيث البلد : إذا أعانه على الخصب والنبات ، وقوله تعالى :( ولا هم ينصرون ) (181) أي : يعاونون.

العلاّم :

مبالغة في العلم ، وهو الذي الذي لا يشذ عنه معلوم ، وقالوا رجل علاّمة ، فألحقوا الهاء لتدل على تحقيق المبالغة ، فتؤذن بحدوث معنى زائد في الصفة ، ولا يوصف

__________________

(180) ص 38 : 20.

(181) البقرة 2 : 48 و 86  و 123 ، الأنبياء 21 : 39 ، الدخان 44 : 41 ، الطور 52 : 46.

٧١

سبحانه بالعلاّمة ، لأنه يوهم التأنيث.

المحيط :

هو الشامل علمه ، وأحاط علم فلان بكذا أي : لم يعزب عنه.

الفاطر :

أي المبتدع ، لأنّه فطر الخلق أي : ابتدعهم وخلقهم من الفطر وهو الشقّ ، ومنه :( إذا السماء انفطرت ) (182) كأنه تعالى شقّ العدم بإخراجنا منه. وقوله( فاطر السماوات والأرض ) (183) أي : مبتدئ خلقهما ، قال ابن عباس(184) ما كنت أدري ما فاطر السماوات ، حتى احتكم إليّ أعرابيان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها ، أي : ابتدأتها(185) . وقوله( إلاّ الذي فطرني ) (186) أي : خلقني.

الكافي :

هو الذي يكفي عباده جميع مهامهم ويدفع عنهم مؤذياتهم ، فهو الكافي لمن توكّل عليه ، فيكفيه ما يحتاج إليه ، والكفية : القوت ، والجمع الكفا.

__________________

(182) الإنفطار 82 : 1.

(183) الأنعام 6 : 14 ، يوسف 12 : 101 ، إبراهيم 14 : 10 ، فاطر 35 : 1 ، الزمر 39 : 46 ، الشورى 42 : 11.

(184) أبو العبّاس عبدالله بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كُنّي بأبيه العباس وهو أكبر ولده ، كان يسمّى « البحر » لسعة علمه ويسمّى « حبر الاُمة » ، شهد مع عليعليه‌السلام صفّين وكان أحد الاُمراء فيها ، توفي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وله ثلاث عشرة سنة ، وقيل : خمس عشرة سنة ، توفي سنة ( 68 ه‍ ) وقيل : ( 71 ه‍ ) وقيل غير ذلك.

الإصابة 2 : 330 ، طبقات الفقهاء : 30 اُسد الغابة 3 : 192.

(185) مجمع البيان 2 : 279.

(186) الزخرف 43 : 27.

٧٢

الأعلى :

الغالب ، ومنه :( لا تخف إنكَ أنتَ الأعلى ) (187) أي : الغالب ، وقوله :( وأنتم الأعلون ) (188) أي : الغالبون المنصورون بالحجة والظفر ، وعلوت قرني : غلبته ، وقوله :( إن فرعون علا في الأرض ) (189) أي : غلب وتكبّر وطغى. وقد يكون بمعنى المتنزه عن الأمثال والأضداد والأنداد والأشباه.

الأكرم :

معناه الكريم : وقد يجيء أفعل بمعى فعيل ، كقوله تعالى :( وهو أهون عليه ) (190) أي : هيّن( لا يصلاها إلاّ الأشقى ) (191) ( وسيجنّبها الأتقى ) (192) يعني : الشقي والتقي.

قال :

إنّ الذي سَمَكَ السماءَ بنى لنا

بَيتاً دعائمه أعَزُّ وأطــولُ

أي : عزيزة طويلة.

الحفيّ :

أي : العالم ، ومنه :( يسئلونك كأنك حفيٌّ عنها ) (193) أي : عالم بوقت

__________________

(187) طه 20 : 68.

(188) آل عمران 3 : 139. محمد 47 : 35.

(189) القصص 28 : 4.

(190) الروم 30 : 27.

(191) الليل 92 : 15.

(192) الليل 92 : 17.

(193) الأعراف 7 : 187 ، وفي النسخ : يسئلونك عن الساعة كأنك حفيّ عنها ، والظاهر أن المصنف أورد لفظ عن الساعة تفسيرا.

٧٣

مجيئها. وقد يكون الحفيّ بمعنى اللطيف ، ومعناه : المحتفي بك ، أي : الذي يبرك ويلطف بك ، ومنه :( إنه كان بي حفياً ) (194) أي : باراً معيناً.

الذارئ :

الخالق ، والله ذرأ الخلق وبرأهم ، أي : خلقهم ، وأكثرهم على ترك الهمزة ، وقوله :( ولقد ذرأنا لجهنّم كثيراً ) (195) أي : خلقنا.

الصانع (196) :

فاعل الصنعة ، والله تعالى صانع كلّ مصنوع وخالق كلّ مخلوق ، فكل موجود سواه فهو فعله. وفي الحديث أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسلم اصطنع خاتماً من ذهب(197) ، أي : سأل أن يصنع له ، كما تقول : اكتتبَ ، أي : سأل أن يكتب له. وامرأة صناع اليدين ، أي : حاذقة ماهرة بعمل اليدين ، وخلافها الخرقاء ، وامرأتان صناعان ، ونسوة صنع ، ورجل صنيع اليدين وصنع اليدين ، وصنع اليدين بفتحتين ، أي : حاذق ، والصنعة والصناعة : حرفة الصانع.

الرائي :

العالم ، والرؤية : العلم ، ومنه :( ألم تر كيف فعل ربك ) (198) أي : ألم تعلم. والرؤية بالعين تتعدّى إلى مفعول واحد وبمعنى العلم إلى مفعولين ، تقول :

__________________

(194) مريم 19 : 47.

(195) الأعراف 7 : 179.

(196) في هامش (ر) : « والفرق بين الخالق والصانع والبارئ : أن الصانع هو : الموجد للشيء المخرج له من العدم إلى الوجود ، والخالق هو : المقدّر للأشياء على مقتضى حكمته سواء اُخرجت إلى الوجود أولا ، والبارئ هو : الموجد لها من غير تفاوت ، أو المميز لها بعضاً عن بعض بالصور والأشكال ، قاله الشيخ العلاّمة شرف الدين المقداد في لوامعه. منهرحمه‌الله ».

(197) صحيح البخاري 8 : 165 ، مسند أحمد 3 : 101.

(198) الفجر 89 : 6. الفيل 105 : 1.

٧٤

رأيت زيداً عالماً ، والأمر من الرؤية : إرء ورء. وقوله :( وأرنا مناسكنا ) (199) أي : علّمنا ، وقوله :( أعنده علم الغيب فهو يرى ) (200) أي : يعلم ، وقوله :( ولو نشاءُ لأريناكهم ) (201) أي : عرّفناكهم.

السبّوح :

المنزّه عن كلّ سوء ، وسبّح الله : نزّهه ، وقوله :( سبحانك ) (202) أي : اُنزهك من كلّ سوء.

وقال المطرزي(203) : وقولهم : سبحانك اللّهمّ وبحمدك ، معناه : سبحتك بجميع آلائك وبحمدك سبحتك(204) .

وسمّيت الصلاة تسبيحاً ، لأنّ التسبيح تعظيم الله وتنزيهه من كلّ سوء ، قال تعالى :( وسبح بحمد ربّك بالعشيّ والابكار ) (205) أي : وصلّ ، وقوله :( فلولا انه كان من المسبحين ) (206) أي : المصلين.

قال الجوهري : سبوح من صفات الله ، وكل اسم على فعول مفتوح الأول ، إلاّ سبّوح قدّوس ذرّوح(207) ، وسبحات ربنا بضم السين والباء أي

__________________

(199) البقرة 2 : 128.

(200) النجم 53 : 35.

(201) محمد 47 : 30.

(202) البقرة 2 : 32 ، آل عمران 3 : 191 ، المائدة 5 : 116 ، الأعراف 7 : 143 ، يونس 10 : 10 ، الأنبياء 21 : 87 ، النور 24 : 16 ، الفرقان 25 : 18 ، سبأ 34 : 34.

(203) أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم عبد السيد بن علي المطرزي ، الفقيه الحنفي النحوي ، قرأ على أبيه وعلى أبي المؤيّد الموفق بن أحمد ، سمع الحديث من أبي عبدالله محمد بن علي التاجر ، له عدّة مصنّفات ، منها : المغرب ، تكلّم فيه على الألفاظ التي يستعملها الفقهاء من الغريب ، مات سنة ( 610 ه‍ ).

وفيات الأعيان 5 : 369 ، مرآة الجنان 4 : 20.

(204) المغرب في ترتيب المعرب 1 : 240 سبح.

(205) غافر 40 : 55.

(206) الصافّات 37 : 143.

(207) في هامش (ر) وردت حاشية مضطربة الأول والآخر فلم نثبتها.

٧٥

جلالته(208) .

الصادق :

الذي يصدق في وعده ولا يبخس ثواب من يفي بعهده ، والصدق خلاف الكذب ، وقوله :( مبوّأ صدقٍ ) (209) أي : منزلاً صالحاً ، وكلّما نسب إلى الخير والصلاح اُضيف إلى الصدق ، فقيل : رجل صدق ودابة صدق.

الطاهر :

المنّزه عن الأشباه والأضداد والأمثال والأنداد ، وعن صفات الممكنات ونعوت المخلوقات ، من الحدوث والزوال والسكون والإنتقال وغير ذلك.

والتطهير : التنّزه عما لا يحل ، ومنه :( انهم اُناسٌ يتطهرون ) (210) أي : يتنزهون عن أدبار الرجال والنساء.

الغياث :

معناه المغيث ، سمّي تعالى باسم المصدر توسعاً ومبالغة ، لكثرة إغاثته الملهوفين وإجابته دعوة المضطّرين.

الفرد الوتر :

هما بمعنى ، وهو المتفرّد بالربوبية وبالأمر دون خلقه.

والوتر بالكسر : الفرد ، وبالفتح الذحل ، والحجازيون عكسوا ، وتميم كسروها. وفي الحديث : إنّ الله وتر يحبّ الوتر فأوتروا(211) .

__________________

(208) الصحاح 1 : 372 سبح ، باختلاف.

(209) يونس 10 : 93.

(210) الأعراف 7 : 82 ، النمل 27 : 56.

(211) سنن الترمذي 2 : 316 حديث 453.

٧٦

وقوله :( والشفع والوتر ) (212) فيه اثنا عشر قولاً(213) ، ذكرناها على

__________________

(212) الفجر 89 : 3.

(213) في هامش (ر) : « قلت : هذه الأقوال الاثنا عشر ذكرها الإمام الطبرسي ـ طاب ثراه ـ في تفسيره مجمع البيان ، ونحن ذكرناها كلّها في كتابنا نور حدقة البديع ونور حديقة الربيع ، وزدنا على هذه الاثني عشر عدّة أقوال اُخر ، من أرادها فعليه بالكتاب المذكور ، منقولة من تفسر الثعلبي ، وذكرناها أيضاً في كتابنا جُنّة الأمان الواقية وجَنّة الإيمان الباقية ، وجملة الأقوال من هاتين اللفظتين ثلاثة وعشرون قولاً فافهم ذلك. منه ; ».

والأقوال الثلاثة والعشرون كما في المصباح ص 342 هي :

« الأول : قال الحسن : هي الزوج والفرد من العدد ، وهي تذكير بالحساب ، لعظم نفعه وما يضبط به من المقادير.

الثاني : قال ابن زيد والجبائي : هو كلما خلقه الله ، لأن جميع الأشياء إما زوج أو فرد.

الثالث : جماعة من علماء التفسير : الشفع هو الخلق ، لكونه كلّه أزواجاً ، كما قال سبحانه تعالى :( وخلقناكم أزواجاً [ 78 : 8 ]) كالكفر والإيمان والشقاوة والسعادة والهدى والضلالة والليل والنهار والسماء والأرض والبرّ والبحر والشمس والقمر والجنّ والإنس ، والوتر هو الله وحده ، وهو في حديث الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الرابع : أنّ الشفع صفات الخلق ، لتبديلها بأضداها كالقدرة بالعجز ونحو ذلك ، والوتر صفات الله سبحانه ، لتفرّده بصفاته دون خلقه ، فهو عزيز بلا ذلّ وغنّي بلا فقر وعلم بلا جهل وقوة بلا ضعف وحياة بلا موت ونحو ذلك.

الخامس : أنّ الشفع والوتر الصلاة ، فمنها شفع ووتر ، وهو في حديث ابن حصين عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

السادس : أنّ الشفع النحر ، لأنّه عاشر أيام الليالي العشرة المذكورة من قبل في قوله( وليال عشر [ 89 : 2 ]) والوتر يوم عرفة ، لأنه تاسع أيامها ، وقد روي مثل هذا الحديث أيضا في حديث جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : لأن يوم النحر شفع بيوم نفر ، وانفرد عرفه بالموقف.

السابع : أنّ الشفع شفع الليالي العشرة المذكورة ، وهي عشرة ذي الحجة ، وقيل : العشرة الأخيرة من شهر رمضان ، وقيل : هي العشرة التي أتمّ الله بها ليالي موسىعليه‌السلام والوتر وترها.

الثامن : أنّ الشفع يوم التروية والوتر يوم عرفة ، وروي ذلك عن الباقرينعليهما‌السلام .

التاسع : أن الوتر آدم شفع بحوّاء.

العاشر : أنّ الشفع والوتر في قوله تعالى :( فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه [ 2 : 203 ]) فالشفع النفر الأول والوتر من تأخّر إلى اليوم الثالث.

الحادي عشر : أنّ الشفع الليالي والأيام والوتر الذي لا ليل بعده ، وهو يوم القيامة.

الثاني عشر : أنّ الشفع عليّ وفاطمةعليهما‌السلام والوتر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الثالث عشر : أنّ الشفع الصفا والمروة والوتر البيت الحرام.

٧٧

حاشية دعاء يوم عرفة من أدعية الصحيفة ، أحدها : أن الشفع هو الخلق لكونه كله أزواجاً ، كما قال :( وخلقناكم أزواجاً ) (214) والوتر هو الله وحده ، وهو في حديث الخدري(215) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (216) .

الفالق :

الذي فلق الأرحام فانشقت عن الحيوان ، وفلق الحبّ والنوى فانفلقت

__________________

الرابع عشر : أنّ الشفع آدم وحوّاء والوتر هو الله سبحانه.

الخامس عشر : أنّ الشفع الركعتان من صلاة المغرب والوتر الركعة الثالثة.

السادس عشر : أنّ الشفع درجات الجنان لأنها كلها شفع ، والوتر دركات النار لأنها كلّها سبع وهي وتر ، كأنّه سبحانه أقسم بالجنة والنار.

السابع عشر : أنّ الشفع هو الله سبحانه وهو الوتر أيضاً ، لقوله تعالى :( ما يكون من نجوى ثلاثةٍ إلاّ هو رابعهم ولا خمسة إلاّ هو سادسهم [ 58 : 7 ]) الآية.

الثامن عشر : أنّ الشفع مسجد مكة والمدينة والوتر مسجد بيت المقدس.

التاسع عشر : أن الشفع القران في الحج والتمتع فيه والوتر الإفراد فيه.

العشرون : أنّ الشفع الفرائض والوتر السنن.

الحادي والعشرون : أنّ الشفع الأفعال والوتر النيّة وهو الإخلاص.

الثاني والعشرون : أنّ الشفع العبادة التي تتكّرر كالصلاة والصوم والزكاة ، والوتر العبادة التي لا تكرّر كالحجّ.

الثالث والعشرون : أنّ الشفع الجسد والروح إذا كانا معاً ، والوتر الروح بلا جسد ، فكأنّه سبحانه أقسم بهما في حالتي الاجتماع والافتراق.

فهذه ثلاثة وعشرون قولاً ، ذكر الإمام الطبرسيرحمه‌الله في تفسيره الكبير منها اثني عشر قولاً ، والأقوال الباقية أخذناها من تفسير الثعلبي وغيره ».

اُنظر : مجمع البيان 5 : 485.

(214) النبأ 78 : 8.

(215) أبو سعيد سعد بن مالك بن شيبان ـ سنان ـ بن عبيد بن ثعلبة بن الأبحر الخدري ، مشهور بكنيته ، روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ؛ روى عنه جابر وزيد بن ثابت وابن عباس وغيرهم ، مات سنة ( 74 ه‍ ) وقيل ( 64 ه‍ ) وقيل غير ذلك.

اُسد الغابة 2 : 289 ، الإصابة 2 : 35.

(216) مجمع البيان 5 : 485.

٧٨

عن النبات ، وفلق الأرض فانفلقت عن كلما اُخرج منها ، وهو قوله :( والأرض ذات الصدع ) (217) وفلق الظلام عن الصباح والسماء عن القطر ، وفلق البحر لموسىعليه‌السلام .

القديم :

هو المتقدّم للأشياء وليس لوجوده أول ، أو الذي لا يسبقه عدم.

القاضي :

الحاكم على عباده ، ومنه :( وقضى ربّك ألاّ تعبدو إلاّ إياه ) (218) أي : حكم ، وقيل : أي أمر ووصّى ، وقوله :( والله يقضي بالحقّ ) (219) أي : يحكم.

والقضاء يقال على وجوه كثيرة ، ذكرناها على حاشية الصحيفة في دعاء زين العابدينعليه‌السلام في الإلحاح على الله(220) .

__________________

(217) الطارق 86 : 12.

(218) الاسراء 17 : 23.

(219) غافر 40 : 20.

(220) وهي كما في المصباح ص 345 :

« الأول : قضاء الوصية والأمر( وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلاّ إياه [ 17 : 23 ]) أي : أمر ووصّى ، ومنهم من سماه قضاء الحكم ، كصاحب العدّة وصاحب الغريبين ، ومنهم من سمّاه قضاء العهد ، أي : عهد ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه ، ومثله :( قضينا إلى موسى الأمر [ 28 : 44 ]) أي عهدنا.

الثاني : قضاء الإعلام( وقضينا إلى بني إسرائيل [ 17 : 4 ]) أي : أعلمناهم.

الثالث : الفراغ( فإذا قضيتم الصلاة [ 4 : 103 ]) أي : فرغتم من أدائها ، وقوله تعالى :( فلمّا حضروا قالوا انصتوا فلمّا قضى [ 46 : 29 ] ) أي : فرغ من تلاوته ، وقوله : ( فإذا قضيتم مناسككم [ 2 : 200 ] ) أي : فرغتم منها ، وسمّي القاضي قاضياً ، لأنّه إذا حكم فقد فرغ ما بين الخصمين.

الرابع : الفعل( فاقض ما أنت قاض [ 20 : 72 ]) أي : افعل ما أنت فاعل ، وامض ما أنت ممض من أمر الدنيا.

الخامس : الموت( ليقض علينا ربّك [ 43 : 77 ]) ومثله :( لا يقضى عليهم فيموتوا [ 35 : 36 ]) .

السادس : وجوب العذاب( وأنذرهم يوم الحسبرة إذا قضي الأمر [ 19 : 39 ] ) أي : وجب العذاب ، ومثله في يوسف : ( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان [ 12 : 41 ] ) .

٧٩

المنان :

المعطي المنعم ، ومنه :( فامن أو أمسك بغير حساب ) (221) أي : اعط وأنعم.

وقيل : المنّان الذي يبتدئ بالنوال قبل السؤال ، والحنّان : الذي يقبل على من أعرض عنه.

المبين :

المظهر حكمته بما أبان من تدبيره وأوضح بيناته ، وبان الشيء وأبان :

__________________

السابع : الكتب( وكان أمراً مقضيّاً [ 19 : 21 ]) أي : مكتوباً.

الثامن : الإتمام( فلما قضى موسى الأجل [ 28 : 29 ]) أي : أتمّ( أيمّا الأجلين قضيت [ 28 : 28 ]) أي : أتممت.

التاسع : الحكم( وقضى بينهم بالحق [ 39 : 75 ]) أي : حكم( والله يقضي بالحقّ [ 40 : 20 ]) أي : يحكم.

العاشر : الجعل( فقضاهنّ سبع سماوات [ 41 : 12 ]) أي : جعلهن ، قاله الطبرسي ; وسمّاه الصدوق ; قضاء الخلق ، وقال في معنى فقضاهنّ : أي خلقهنّ ، وسمّاه الهروي : قضاء الفراغ ، وقال : معنى فقضاهنّ أي : فرغ من خلقهنّ.

الحادي عشر : العلم( إلاّ حاجة في نفس يعقوب قضاها [ 12 : 68 ]) أي علمها.

الثاني عشر : القول( والله يقضي بالحق [ 40 : 20 ]) أي : يقول الحقّ ، قاله الصدوق ، وذكر ذلك أيضاً في باب الحكم.

الثالث عشر : التقدير( فلمّا قضينا عليه الموت [ 34 : 14 ]) أي : قدّرناه.

الرابع عشر : قضاء الفصل في الحكم( ولولا كلمة سبقت من ربّك إلى أجل مسمّى لقضي بينهم [ 42 : 14 ]) يقال : قضى الحاكم أي : فصل الحكم ، وكلّما أحكم عمله فقد قضى ، وقضيت هذه الدار : أحكمت عملها.

قال ذؤيب :

وعليهما مسرودتان قضاهما

داوُدُ أو صَنّعُ السوابغِ تُبَّعُ »

اُنظر : عدّة الداعي : 309 ، مجمع البيان 1 : 193 ـ 194 باختلاف ، التوحيد : 385 ـ 386.

(221) سورة ص 38 : 39.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

العلماء بشرعك الزهاد ، ومصابيح الظلم ، وينابيع الحكم ، وأولياءالنعم ، وعصم الأمم ، قرناء التنزيل وآياته ، وامناء التأويل وولاته ،وتراجمة الوحي ودلالاته ، أئمة الهدى ، ومنار الدجى ، وأعلام التقى ،وكهوف الورى ، وحفظة الاسلام ، وحججك على جميع الأنام.

الحسن والحسين ، سيدي شباب أهل الجنة ، وسبطي نبي الرحمةوعلي بن الحسين السجاد زين العابدين ، ومحمد بن علي باقر علمالدين ، وجعفر بن محمد الصادق الأمين ، وموسى بن جعفر الكاظمالحليم ، وعلي بن موسى الرضا الوفي ، ومحمد بن علي البر التقي ،وعلي بن محمد المنتجب الرضي ، والحسن بن علي الهادي الزكي(١) ،والحجة بن الحسن صاحب العصر والزمان ، وصي الأوصياء وبقيةالأنبياء ، المستتر عن خلقك ، والمؤمل لاظهار حقك ، المهدي المنتظر ،والقائم الذي به ينتصر.

اللهم صل عليهم أجمعين ، صلاة باقية في العالمين ، تبلغهم بهاأفضل محل المكرمين ، اللهم ألحقهم في الاكرام بجدهم وأبيهم ، وخذلهم الحق من ظالميهم.

اشهد يا موالي أنكم المطيعون لله ، القوامون بأمره ، العاملونبإرادته ، الفائزون بكرامته ، اصطفاكم بعلمه ، واجتباكم لغيبه ، واختاركملسره ، وأعزكم بهداه ، وخصكم ببراهينه ، وأيدكم بروحه ، ورضيكم

__________________

(١) الزكي ، الرضي ( خ ل ).

٥٦١

خلفاء في ارضه ، ودعاة إلى حقه ، وشهداء على خلقه ، وأنصارا لدينهوحججا على بريته ، وتراجمة لوحيه ، وخزنة لعلمه ، ومستودعالحكمته ، عصمكم الله من الذنوب ، وبرأكم من العيوب ، وائتمنكمعلى الغيوب.

زرتكم يا موالي عارفا بحقكم ، مستبصرا بشأنكم ، مهتديا بهداكم ،مقتفيا لأثركم ، متبعا لسنتكم ، متمسكا بولايتكم ، معتصما بحبلكم ،مطيعا لأمركم ، مواليا لأوليائكم ، معاديا لأعدائكم ، عالما بأن الحق فيكمومعكم ، متوسلا إلى الله بكم ، مستشفعا إليه بجاهكم ، وحق عليه أنلا يخيب سائله ، والراجي ما عنده لزواركم ، والمطيعين لأمركم.

اللهم فكما وفقتني للايمان بنبيك ، والتصديق لدعوته ، ومننتعلي بطاعته واتباع ملته ، وهديتني إلى معرفته ، ومعرفة الأئمة منذريته ، وأكملت بمعرفتهم الايمان ، وقبلت بولايتهم وطاعتهم الأعمال ،واستعبدت بالصلاة عليهم عبادك ، وجعلتهم مفتاحا للدعاء ، وسبباللإجابة ، فصل عليهم أجمعين ، واجعلني بهم عندك وجيها في الدنياوالآخرة ومن المقربين.

اللهم اجعل ذنوبنا بهم مغفورة ، وعيوبنا مستورة ، وفرائضنامشكورة ، ونوافلنا مبرورة ، وقلوبنا بذكرك معمورة ، وأنفسنا بطاعتكمسرورة ، وجوارحنا على خدمتك مقهورة ، وأسمائنا في خواصكمشهورة ، وأرزاقنا من لدنك مدرورة ، وحوائجنا لديك ميسورة ،

٥٦٢

برحمتك يا ارحم الراحمين

اللهم أنجز لهم وعدهم(١) ، وطهر بسيف قائمهم أرضك ، وأقم بهحدودك المعطلة ، وأحكامك المهملة والمبدلة ، وأحيي به القلوبالميتة ، واجمع به الأهواء المتفرقة ، وأجل به صداء الجور عن طريقتك ،حتى يظهر الحق على يديه في أحسن صورته ، ويهلك الباطل وأهلهبنور دولته ، ولا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق.

اللهم عجل فرجهم ، وأظهر فلجهم ، واسلك بنا منهجهم ، وأمتناعلى ولايتهم ، واحشرنا في زمرتهم ، وتحت لوائهم ، وأوردنا حوضهم ،واسقنا بكأسهم ، ولا تفرق بيننا وبينهم ، ولا تحرمنا شفاعتهم ، حتى نظفربعفوك وغفرانك ، ونصير إلى رحمتك ورضوانك ، إله الحق ربالعالمين.

يا قريب الرحمة من المؤمنين ، ونحن أولئك ، حقا لا ارتيابا ، يا منإذا أوحشنا التعرض لغضبه آنسنا حسن الظن به ، فنحن واثقون بين رغبةورهبة ارتقابا ، قد أقبلنا لعفوك ومغفرتك طلابا ، وأذللنا لقدرتكوعزتك رقابا ، فصل على محمد وآله الطاهرين ، واجعل دعاءنا بهممستجابا ، وولاءنا لهم من النار حجابا.

اللهم بصرنا قصد السبيل لنعتمده ، ومورد الرشد لنرده ، وبدلخطايانا صوابا ، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة ،

__________________

(١) وعدك ( خ ل ).

٥٦٣

يا من تسمى من جوده وكرمه وهابا ، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرةحسنة ، وقنا عذاب النار ، إن حقت علينا اكتسابا ، برحمتك يا أرحمالراحمين ، وأنت حسبنا ونعم الوكيل(١) .

باب الوداع لسائر الأئمةعليهم‌السلام ، تقول :

السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ، سلام مودع ،لا سئم ولا قال ورحمة الله وبركاته انه حميد مجيد ، سلام ولي غيرراغب عنكم ، ولا مستبدل بكم ، ولا مؤثر عليكم ، ولا زاهد في قربكم ،لا جعله الله اخر العهد من زيارة قبوركم واتيان مشاهدكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وحشرني الله في زمرتكم ،وأوردني حوضكم ، وجعلني من حزبكم ، وأرضاكم عني ، ومكنني فيدولتكم ، وأحياني في رجعتكم ، وملكني في أيامكم ، وشكر سعييبكم ، وغفر ذنبي بشفاعتكم ، وأقال عثرتي بمحبتكم ، واعلى كعبيبموالاتكم ، وشرفني بطاعتكم ، واعزني بهداكم ، وجعلني ممن ينقلبمفلحا منجحا غانما ، معافا غنيا ، فائزا برضوان الله وفضله وكفايته ،بأفضل ما ينقلب به أحد من زواركم ومواليكم ، ومحبيكم وشيعتكم ،ورزقني الله العود ثم العود ابدا ما أبقاني ، بنية صادقة ، وايمان وتقوىواخبات ، ورزق واسع حلال طيب.

__________________

(١) رواه السيد في مصباح الزائر : ٢٤٦ ، عنه البحار ١٠٢ : ١٧٨.

٥٦٤

اللهم لا تجعله اخر العهد من زيارتهم وذكرهم والصلاة عليهموأوجب لي المغفرة والرحمة ، والخير والبركة ، والفوز والايمانوحسن الإجابة ، كما أوجبت لأوليائك العارفين بحقهم ، الموجبينطاعتهم ، والراغبين في زيارتهم ، المقربين إليك واليهم.

بابي أنتم وأمي ونفسي وأهلي اجعلوني في همكم ، وصيرونيفي حزبكم ، وأدخلوني في شفاعتكم ، واذكروني عند ربكم ، اللهم صلعلى محمد وال محمد وأبلغ أرواحهم وأجسادهم مني السلام ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(١) .

٢ ـ زيارة أخرى مختصرة جامعة ، ويجزيك في جميع المشاهدعلى ساكنها السلام ، ان تقول :

السلام على أولياء الله وأصفيائه ، السلام على أمناء الله وأحبائه ،السلام على أنصار الله وخلفائه ، السلام على محال معرفة الله ، السلامعلى معادن حكمة الله ، السلام على مساكن ذكر الله ، السلام على عبادالله المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.

السلام على مظاهري أمر الله ونهيه ، السلام على الادلاء على الله ،السلام على المستقرين في مرضات الله ، السلام على الممحصين فيطاعة الله.

__________________

(١) رواه الصدوق في العيون ٢ : ٢٧٢ ، عنه البحار ١٠٢ : ١٣٣.

٥٦٥

السلام على الذين من والاهم فقد والى الله ، ومن عاداهم فقد عادالله ، ومن عرفهم فقد عرف الله ، ومن جهلهم فقد جهل الله ، ومناعتصم بهم فقد اعتصم بالله ، ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله.

اشهد الله اني سلم لمن سالمكم ، وحرب لمن حاربكم ، مؤمن بماامنتم به ، كافر بما كفرتم به ، محقق لما حققتم ، مبطل لما أبطلتم ، مؤمنبسركم وعلانيتكم ، مفوض في ذلك كله إليكم ، لعن الله عدوكم منالجن والإنس ، وضاعف عليه العذاب الأليم(١) .

الباب (٩)

زيارة مولانا الخلف الصالح صاحب الزمان عليه وعلى آبائه السلام

حدثنا الشيخ الأجل الفقيه العالم أبو محمد عربي بن مسافر العباديرضي‌الله‌عنه قراءة عليه بداره بالحلة السيفية في شهر ربيع الأول سنة

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٧٨ ، باسناده عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ،عن هارون بن مسلم ، عن علي بن حسان ، عن الرضا ، عن أبيهعليهما‌السلام ، عنه الشيخ في التهذيب٦ : ١٠٢.

ذكره ابن قولويه في الكامل : ٥٢٢ ، باسناده عن محمد بن الحسين بن مت الجوهري ، عنمحمد بن أحمد بن يحيى بن عمران ، عن هارون بن مسلم ، عن علي بن حسان ، عن الرضا عليه‌السلام ،عنه البحار ١٠ : ٤٣١ ، ١٠٢ : ١٢٦ ، المستدرك ١٠ : ٣٥٤.

أخرجه الصدوق في العيون ٢ : ٢٧١ ، باسناده عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عنمحمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن حسان ، عن الرضا عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠٢ : ١٢٦.

أورده في الفقيه ٢ : ٦٠٨ عن علي بن حسان ، عن الرضا عليه‌السلام .

٥٦٦

ثلاث وسبعين وخمسمائة ، وحدثني الشيخ العفيف أبو البقاء هبة الله بننماء بن علي بن حمدونرحمه‌الله قراءة عليه أيضا بالحلة السيفية ، قالاجميعا : حدثنا الشيخ الأمين أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بنعلي بن طحال المقداديرحمه‌الله بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بنأبي طالب صلوات الله عليه في الطرز الكبير الذي عند رأس الإمامعليه‌السلام في العشر الأواخر من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ، قال :حدثنا الشيخ الأجل السيد المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسيرضي‌الله‌عنه بالمشهد المذكور في العشر الأواخر من ذي العقدة سنةتسع وخمسمائة ، قال : حدثنا السيد السعيد الوالد أبو جعفر محمد بنالحسن الطوسيرضي‌الله‌عنه ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بناشناس البزاز ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى القمي ،قال : حدثنا محمد بن علي بن زنجويه القمي ، قال : حدثنا أبو جعفرمحمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، قال :

قال أبو علي الحسن بن اشناس ، وأخبرنا أبو المفضل محمد بنعبد الله الشيباني ان أبا جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري اخبرهوأجاز له جميع ما رواه ، انه خرج إليه من الناحية ، حرسها الله ، بعدالمسائل والصلاة والتوجه ، أوله :

بسم الله الرحمن الرحيم ، لا لأمر الله تعقلون ، ولا من أوليائه تقبلون ،حكمة بالغة عن قوم لا يؤمنون ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

٥٦٧

فإذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى والينا ، فقولوا كما قال اللهتعالى :( سلام على ال يس ) (١) ، ذلك هو الفضل المبين ، والله ذو الفضلالعظيم ، لمن يهديه صراطه المستقيم.

التوجه :

قد اتاكم الله يا ال يس خلافته وعلم مجاري امره ، فيما قضاهودبره ، واراده في ملكوته ، وكشف لكم الغطاء ، وأنتم خزنته وشهداؤه ،وعلماؤه وامناؤه ، وساسة العباد وأركان البلاد ، وقضاة الاحكام ،وأبواب الايمان.

ومن تقديره منائح العطاء بكم انفاذه محتوما مقرونا ، فما شئ منهالا وأنتم له السبب واليه السبيل ، خياره لوليكم نعمة ، وانتقامه منعدوكم سخطة ، فلا نجاة ولا مفزع الا أنتم ، ولا مذهب عنكم ، يا أعينالله الناظرة ، وحملة معرفته ، ومساكن توحيده في ارضه وسمائه.

وأنت يا حجة الله وبقيته ، كمال نعمته ، ووارث أنبيائه وخلفائه مابلغناه من دهرنا ، وصاحب الرجعة لوعد ربنا التي فيها دولة الحقوفرجنا ، ونصر الله لنا وعزنا.

السلام عليك أيها العلم المنصوب ، والعلم المصبوب ، والغوثوالرحمة الواسعة ، وعدا غير مكذوب ، السلام عليك يا صاحب المرأى

__________________

(١) الصافات : ١٣٠.

٥٦٨

والمسمع(١) الذي بعين الله مواثيقه ، وبيد الله عهوده ، وبقدرة اللهسلطانه.

أنت الحكيم الذي لا تعجله العصبية ، والكريم الذي لا تبخلهالحفيظة(٢) ، والعالم الذي لا تجهله الحمية ، مجاهدتك في الله ذات مشيةالله ، ومقارعتك في الله ذات انتقام الله ، وصبرك في الله ذو أناة الله ،وشكرك لله ذو مزيد الله ورحمته.

السلام عليك يا محفوظا بالله ، الله نور امامه وورائه ، ويمينهوشماله ، وفوقه وتحته ، السلام عليك يا مخزونا(٣) في قدرة الله ، الله نورسمعه وبصره ، السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه ، ويا ميثاق اللهالذي اخذه ووكده ، السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته ، السلامعليك يا باب الله وديان دينه.

السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه ، السلام عليك يا حجة اللهودليل ارادته ، السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه ، السلام عليكفي اناء ليلك ونهارك ، السلام عليك يا بقية الله في ارضه.

السلام عليك حين تقوم ، السلام عليك حين تقعد ، السلام عليكحين تقرأ وتبين ، السلام عليك حين تصلي وتقنت ، السلام عليك حين

__________________

(١) اي الذي يرى الخلائق ويسمع كلامهم من غير أن يروه.

(٢) الحفيظة : الحمية والغضب والذب عن المحارم.

(٣) محروزا ( خ ل ).

٥٦٩

تركع وتسجد ، السلام عليك حين تعوذ وتسبح ، السلام عليك حينتهلل وتكبر.

السلام عليك حين تحمد وتستغفر ، السلام عليك حين تمجدوتمدح ، السلام عليك حين تمسي وتصبح ، السلام عليك في الليل إذايغشى والنهار إذا تجلى ، السلام عليك في الآخرة والأولى.

السلام عليكم يا حجج الله ورعاتنا ، وقادتنا وأئمتنا ، وسادتناوموالينا ، السلام عليكم أنتم نورنا ، وأنتم جاهنا أوقات صلواتنا ،وعصمتنا لدعائنا وصلاتنا ، وصيامنا واستغفارنا ، وسائر أعمالنا.

السلام عليك أيها الامام المأمول ، السلام عليك بجوامع السلام ،أشهدك يا مولاي اني اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداعبده ورسوله ، لا حبيب الا هو وأهله ، وان أمير المؤمنينحجته ، وان الحسن حجته ، وان الحسين حجته ، وان علي بن الحسينحجته ، وان محمد بن علي حجته ، وان جعفر بن محمد حجته ، وانموسى بن جعفر حجته ، وان علي بن موسى حجته ، وان محمد بن عليحجته ، وان علي بن محمد حجته ، وان الحسن بن علي حجته ، وأنتحجته ، وان الأنبياء دعاة وهداة رشدكم.

أنتم الأول والاخر وخاتمته ، وان رجعتكم حق لا شك فيها ، يوملا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا ،وان الموت حق ، وان منكرا ونكيرا حق ، وان النشر حق ، والبعث حق ،

٥٧٠

وان الصراط حق والمرصاد حق ، وان الميزان حق ، والحساب حق ، وانالجنة والنار حق ، والجزاء بهما للوعد والوعيد حق ، وانكم للشفاعةحق ، لا تردون ، ولا تسبقون بمشية الله ، وبامره تعملون.

ولله الرحمة والكلمة العليا ، وبيده الحسنى ، وحجة اللهالنعمى ، خلق الجن والإنس لعبادته ، أراد من عباده عبادته ، فشقيوسعيد ، قد شقي من خالفكم ، وسعد من أطاعكم.

وأنت يا مولاي فاشهد بما أشهدتك عليه ، تخزنه وتحفظه ليعندك ، أموت عليه وانشر عليه ، واقف به وليا لك ، بريئا من عدوك ، ماقتالمن أبغضكم ، وادا لمن أحبكم ، فالحق ما رضيتموه ، والباطل ماأسخطتموه ، والمعروف ما أمرتم به ، والمنكر ما نهيتم عنه ، والقضاءالمثبت ما استأثرت به مشيتكم ، والمحو ما لا استأثرت به سنتكم.

فلا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ومحمد عبده ورسوله ، عليأمير المؤمنين حجته ، الحسن حجته ، الحسين حجته ، علي حجته ، محمدحجته ، جعفر حجته ، موسى حجته ، علي حجته ، محمد حجته ، عليحجته ، الحسن حجته ، وأنت حجته ، وأنتم حججه وبراهينه.

انا يا مولاي مستبشر بالبيعة التي اخذ الله علي ، شرطه قتالا فيسبيله ، اشترى به أنفس المؤمنين ، فنفسي مؤمنة بالله وبكم يا مولاي ،أولكم وآخركم ، ونصرتي لكم معدة ، ومودتي خالصة لكم ، وبراءتي من

٥٧١

أعدائكم ، أهل الحردة(١) والجدال ثابتة لثاركم ، آنا ولي وحيد(٢) والله الهالحق يجعلني كذلك ، امين امين ، من لي الا أنت فيما دنت ، واعتصمتبك فيه ، تحرسني فيما تقربت به إليك ، يا وقاية الله وستره وبركته ،أغثني أدركني ، صلني بك ولا تقطعني.

اللهم إليك بهم توسلي وتقربي ، اللهم صل على محمد والهوصلني بهم ولا تقطعني ، اللهم بحجتك اعصمني ، وسلامك على اليس مولاي ، أنت الجاه عند الله ربك وربي.

الدعاء بعقب القول :

اللهم إني أسألك باسمك الذي خلقته من كلك ، فاستقر فيكفلا يخرج منك إلى شئ ابدا ، ايا كينون ايا مكون ، ايا متعال ايا متقدس ،ايا مترحم ايا مترائف ، ايا متحنن.

أسألك كما خلقته غضا ان تصلي على محمد نبي رحمتك ،وكلمة نورك ، ووالد هداة رحمتك ، واملأ قلبي نور اليقين ، وصدرينور الايمان ، وفكري نور الثبات ، وعزمي نور التوفيق ، وذكائي نورالعلم ، وقوتي نور العمل ، ولساني نور الصدق ، وديني نور البصائر منعندك ، وبصري نور الضياء ، وسمعي نور وعي الحكمة ، ومودتي نور

__________________

(١) حرد عليه : غضب.

(٢) وجيه ( خ ل ).

٥٧٢

الموالاة لمحمد والهعليهم‌السلام ، ونفسي(١) نور قوة البراءة من أعداءال محمد.

حتى ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك ، فلتسعني رحمتك يا ولييا حميد ، بمرآك ومسمعك يا حجة الله دعائي ، فوفني منجزات إجابتي ،اعتصم بك ، معك معك سمعي ورضاي(٢) .

٢ ـ الدعاء للندبة :

قال محمد بن أبي قرة : نقلت من كتاب أبي جعفر محمد بن الحسينابن سفيان البزوفريرضي‌الله‌عنه هذا الدعاء ، وذكر فيه انه الدعاءلصاحب الزمان صلوات الله عليه وعجل فرجه وفرجنا به ، ويستحب انيدعى به في الأعياد الأربعة :

__________________

(١) يقيني ( خ ل ).

(٢) عنه البحار ٥٣ : ١٧٣ ، ١٠٢ : ٩٦.

رواه الطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٤٩٢ ، باسناده عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ،عنه البحار ٥٣ : ١٧١ ، ٩٤ : ٢ ، ١٠٢ : ٨١.

أورده مع اختلاف السيد في مصباح الزائر ٢٢٣ ، عنه البحار ١٠٢ : ٩٢.

أخرجه في البحار ٩٤ : ٣٦ مع اختلاف عن خط الشيخ الجبعي ، نقلا عن خط الشيخ الأجلعلي بن السكون ، عن أبي محمد عربي بن مسافر العبادي ، عن أبي عبد الله الحسين بن أحمد بنطحال المقدادي ، عن أبي علي الطوسي ، عن والده ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بنحسين البزار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى القمي ، عن محمد بن علي بن زنجويه القمي ، عنالحميري.

٥٧٣

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه والهوسلم تسليما.

اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك ، الذيناستخلصتهم لنفسك ودينك ، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم(١) المقيم ، الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، بعد أن شرطت عليهم الزهد فيزخارف هذه الدنيا الدنية وزبرجها(٢) ، فشرطوا لك ذلك ، وعلمت منهمالوفاء به.

فقبلتهم وقربتهم ، وقدمت(٣) لهم الذكر العلي والثناء الجلي ،وأهبطت عليهم ملائكتك ، وكرمتهم بوحيك ، ورفدتهم بعلمك ،وجعلتهم الذرايع(٤) إليك ، والوسيلة إلى رضوانك.

فبعض أسكنته جنتك إلى أن أخرجته منها ، وبعض حملته فيفلكك ونجيته ومن آمن معه من الهلكة برحمتك ، وبعض اتخذتهخليلا ، وسألك لسان صدق في الآخرين فأجبته ، وجعلت ذلك عليا.

__________________

(١) النعم ( خ ل ).

(٢) في مصباح الزائر : درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها.

أقول : زخرف الدنيا زينتها واصله الذهب ثم اطلق على كل مزين ، الزبرج ـ بالكسر ـ الزينةمن وشى أو جوهر والذهب.

(٣) قدرت ( خ ل ).

(٤) الذريعة : الوسيلة.

٥٧٤

وبعض كلمته من شجرة تكليما ، وجعلت له من أخيه ردءا(١) ووزيرا ، وبعض أولدته من غير أب ، وآتيته البينات وأيدتهبروح القدس.

وكلا شرعت له شريعة ، ونهجت منهاجا ، وتخيرت له أوصياء ،مستحفظا بعد مستحفظ ، من مدة إلى مدة ، إقامة لدينك ، وحجة علىعبادك ، ولئلا يزول الحق عن مقره ، ويغلب الباطل على أهله ، ولا يقولأحد لولا أرسلت إلينا رسولا منذرا ، فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى.

إلى أن انتهيت بالامر إلى حبيبك ونجيبك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان كما انتجبته سيد من خلقته ، وصفوة من اصطفيته ، وأفضلمن اجتبيته ، وأكرم من اعتمدته.

قدمته على أنبيائك ، وبعثته إلى الثقلين من عبادك ، وأوطأتهمشارقك ومغاربك ، وسخرت له البراق ، وعرجت به إلى سمائك ،وأودعته علم ما يكون إلى انقضاء خلقك.

ثم نصرته بالرعب ، وحففته بجبرئيل وميكائيل والمسومين منملائكتك ، ووعدته ان تظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون.

وذلك بعد أن بوأته(٢) مبوء صدق من أهله ، وجعلت له ولهم أولبيت وضع للناس ، للذي ببكة مباركا ، وهدى للعالمين ، فيه آيات بينات ،

__________________

(١) الردء : الناصر ، العون.

(٢) بوأه هيأ له وانزله فيه.

٥٧٥

مقام إبراهيم ، ومن دخله كان امنا ، وقلت( إنما يريد الله ليذهب عنكمالرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (١) .

ثم جعلت اجر محمد صلواتك عليه واله مودتهم في كتابك ،فقلت :( قل ما أسألكم عليه من اجر الا من شاء ان يتخذ إلى ربه سبيلا ) (٢) ،فكانوا هم السبيل إليك ، والمسلك إلى رضوانك.

فلما انقضت أيامه أقام وليه علي بن أبي طالب صلواتك عليهماوالهما هاديا ، إذ كان هو المنذر ولكل قوم هاد ، فقال والملاء امامه : منكنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر مننصره ، واخذل من خذله ، وقال : من كنت انا وليه فعلي اميره ، وقال : اناوعلي من شجرة واحدة وسائر الناس من أشجار شتى.

وأحله محل هارون من موسى ، فقال : أنت مني بمنزلة هارون منموسى الا انه لا نبي بعدي ، وزوجه ابنته سيدة نساء العالمين ، وأحل لهمن مسجده ماحل له ، وسد الأبواب الا بابه.

ثم أودعه علمه وحكمته ، فقال : انا مدينة العلم وعلي بابها ، فمنأراد الحكمة فليأتها من بابها ، ثم قال له :

أنت أخي ووصيي ووارثي ، لحمك من لحمي ، ودمك من دمي ،وسلمك سلمي ، وحربك حربي ، والايمان مخالط لحمك ودمك ، كما

__________________

(١) الأحزاب : ٣٣.

(٢) الفرقان : ٥٧.

٥٧٦

خالط لحمي ودمي ، وأنت غدا على الحوض معي ، وأنت خليفتي ،وأنت تقضي ديني وتنجز عداتي ، وشيعتك على منابر من نور مبيضةوجوههم حولي في الجنة وهم جيراني ، ولولا أنت يا علي لم يعرفالمؤمنون بعدي.

فكان بعده هدى من الضلالة ، ونورا من العمى ، وحبل الله المتينوصراطه المستقيم ، لا يسبق بقرابة في رحم ، ولا بسابقة في دين ،ولا يلحق في منقبة من مناقبه ، يحذو(١) حذو الرسول صلى الله عليهماوالهما ، ويقاتل على التأويل ، ولا تأخذه في الله لومة لائم.

قد وتر(٢) فيه صناديد(٣) العرب ، وقتل ابطالهم ، وناهش(٤) ذؤبانهم(٥) ،وأودع(٦) قلوبهم أحقادا بدرية وخيبرية وحنينية وغيرهن ، فاضبت(٧) على عداوته ، واكبت على منابذته(٨) ، حتى قتل الناكثين والقاسطينوالمارقين.

__________________

(١) حذا حذوا : قطعها على مثال.

(٢) وتر : الانتقام أو الظلم فيه.

(٣) الصنديد : السيد الشجاع.

(٤) ناوش ( خ ل ) ، أقول : نهشه عضه أو اخذه بأضراسه ، ناوشوهم في القتال : نازلوهم.

(٥) الذؤبان جمع الذئب ، وذؤبان العرب صعاليكهم ولصوصهم.

(٦) فاودع ( خ ل ).

(٧) الضب : الحقد الخفي.

(٨) نابذه الحرب : جاهره بها.

٥٧٧

ولما قضى نحبه(١) وقتله اشقى الآخرين ، يتبع اشقى الأولينلم يمتثل أمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في الهادين بعد الهادين ،والأمة مصرة على مقته ، مجمعة على قطيعة رحمه واقصاء ولده ، الاالقليل ممن وفى لرعاية الحق فيهم.

فقتل من قتل ، وسبي من سبي ، واقصي من اقصي ، وجرى القضاءلهم بما يرجى له حسن المثوبة ، إذ كانت الأرض لله يورثها من يشاء منعباده الصالحين والعاقبة للمتقين ، وسبحان ربنا إن كان وعد ربنالمفعولا ، ولن يخلف الله وعده ، وهو العزيز الحكيم.

فعلى الأطائب من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهماوالهما ، فليبك الباكون ، وإياهم فليندب النادبون ، ولمثلهم فلتدر(٢) الدموع ، وليصرخ الصارخون ، ويضج الضاجون ، ويعج(٣) العاجون.

أين الحسن أين الحسين ، أين أبناء الحسين ، صالح بعد صالح ،وصادق بعد صادق ، أين السبيل بعد السبيل ، أين الخيرة بعد الخيرة ، أينالشموس الطالعة ، أين الأقمار المنيرة ، أين الأنجم الزاهرة ، أين اعلامالدين وقواعد العلم.

أين بقية الله التي لا تخلو من العترة الهادية ، أين المعد لقطع دابر

__________________

(١) النحب : الموت ، الاجل.

(٢) فلتذرف ( خ ل ) ، أقول : الدر : السيلان ، ذرفت العين : دمعها.

(٣) عج : صاح ورفعه صوته.

٥٧٨

الظلمة ، أين المنتظر لإقامة الأمت(١) والعوج ، أين المرتجى لإزالة الجوروالعدوان ، أين المدخر لتجديد الفرائض والسنن ، أين المتخير لإعادةالملة والشريعة ، أين المؤمل لاحياء الكتاب وحدوده ، أين محيي معالمالدين وأهله ، أين قاصم شوكة المعتدين ، أين هادم أبنية الشرك والنفاق.

أين مبيد أهل الفسق والعصيان ، أين حاصد فروع الغي والشقاق ،أين طامس(٢) اثار الزيغ والأهواء ، أين قاطع حبائل الكذب والافتراء ، أينمبيد أهل العناد والمردة ، أين معز الأولياء ومذل الأعداء ، أين جامعالكلمة على التقوى ، أين باب الله الذي منه يؤتي.

أين وجه الله الذي إليه تتوجه الأولياء ، أين السبب المتصل بينالأرض والسماء ، أين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى ، أين مؤلفشمل الصلاح والرضا ، أين الطالب بذحول(٣) الأنبياء وأبناء الأنبياء ، أينالطالب بدم المقتول بكربلاء.

أين المنصور على من اعتدى عليه وافترى ، أين المضطر الذييجاب إذا دعى ، أين صدر الخلائف ذو البر والتقوي ، أين ابن النبيالمصطفى ، وابن علي المرتضى ، وابن خديجة الغراء ، وابن فاطمةالكبرى.

__________________

(١) الأمت : الضعف.

(٢) طمس : درس وانمحى.

(٣) الذحل : الثأر.

٥٧٩

بابي أنت وأمي ونفسي لك الوقاء والحمى ، يا بن السادة المقربينيا بن النجباء الأكرمين ، يا بن الهداة المهديين ، يا بن الخيرة المهذبين ، يا بنالغطارفة(١) الأنجبين.

يا بن الأطائب المطهرين ، يا بن الخضارمة(٢) المنتجبين ، يا بنالقماقمة(٣) الأكرمين ، يا بن البدور المنيرة ، يا بن السرج المضيئة ، يا بنالشهب الثاقبة ، يا بن الأنجم الزاهرة ، يا بن السبل الواضحة ، يا بن الاعلاماللائحة ، يا بن العلوم الكاملة ، يا بن السنن المشهورة.

يا بن المعالم المأثورة ، يا بن المعجزات الموجودة ، يا بن الدلائلالمشهورة ، يا بن الصراط المستقيم ، يا بن النبأ العظيم ، يا بن من هو في أمالكتاب لدى الله علي حكيم ، يا بن الآيات البينات ، يا بن الدلائلالظاهرات ، يا بن البراهين الباهرات.

يا بن الحجج البالغات ، يا بن النعم السابغات ، يا بن طهوالمحكمات ، يا بن يس والذاريات ، يا بن الطور والعاديات ، يا بن من دنافتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، دنوا واقترابا من العلي الاعلى.

ليت شعري ، أين استقرت بك النوى ، بل اي ارض تقلك(٤) أو ثرى(٥) ،

__________________

(١) الغطريف : السخي ، السيد.

(٢) الخضرم : الكثير العطاء.

(٣) القمقام : السيد الكثير العطاء.

(٤) قلا الشئ : حمله.

(٥) الثرى : التراب الندي.

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702