الكافي الجزء ٩

الكافي10%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 765

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 765 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194974 / تحميل: 6657
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الامور وهي بعينها فضيلة الصبر والاستقامة والتي تحدثنا عنها سابقاً ، وإذا ما اختار الإنسان طريق الباطل وسبيل الانحراف مع عدم المرونة للتغيير بحيث إنّه يعتبر الجميع على خطأ وهو وحده الصحيح ، ولا يتحرّك في سبيل تصحيح الخطأ وجبران الزيغ ، فيكون قد اختار طريق الّلجاج ، وهو من أسوأ الأخلاق.

طريقة العلاج :

بصورة عامّة وكما هو معلوم فإنّ طريق العلاج للإمراض الأخلاقية يتمثل في أمرين :

«الأول» : الطريق العلمي وذلك من خلال تحليل عواقب تلك الرذيلة الأخلاقية ، ومن هذا الطرق يمكن للشخص أن يعرف آثارها السلبية ، ويعلم أنّها ستبعده من الله تعالى والناس وتقف عقبة في طريق تكامله وتمنعه من إدراك الحقائق وتعزله عن الناس ، وتضع الحجب على القلب ، وحينئذٍ يتحرّك هذا الإنسان من موقع الابتعاد عن هذه الرذيلة ويقلع جذورها من نفسه.

اللجاج والمماراة لا ينسجم مع الإيمان كما قال الإمام الصادقعليه‌السلام :«سِتَّةٌ لا تَكُونُ فِي المُؤمُنِ قِيلَ وَما هِي؟ قَالَ العُسرُ وَالنَّكدُ وَاللّجاجَةُ وَالكِذبُ وَالحَسَدُ وَالبَغي» (١) .

و «الطريق الآخر» لمحاربة تلك الرذيلة هو الحلّ العملي والتصدي لها في ميدان الممارسة والعمل ، فعند ما يرى نفسه قد توفّرت على عناصر ومقدمات ظهور الرذيلة في دائرة الحوار والنقاش ، فعليه أن يُسلّم فوراً للحق ويشكر المتحدث ، وإذا ما عاند وشاكس فليعتذر ، ولا يعيد الكلام من لجاجةٍ أبداً ، وإذا ما تكلم سهواً فليسكت ويستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وبتكرار هذا البرنامج العملي ستنكسر حدة اللجاج في نفسه وتندثر.

ثم عليه أن يبتعد عن الأفراد اللّجوجين ، ولا يترك الجدال والبحث أو المِراء ، وليقرأ عن العظماء كيف كانوا يقبلون الحق ولو من الصغير أو العبيد أو تلامذتهم ، ويجلّوهم ويحترمونهم لأنّهم قالوا الحق.

__________________

١ ـ بحار الانوار ، ج ٦٤ ، ص ٣٠١ ، ح ٢٩.

٤١

وبما أنّ من آثارها المباشرة هو الرياء والجهل فكلّما استطاع الإنسان أن يكسِر شوكة هاتين الصفتين في نفسه فستقل لجاجته ، وليتذكر حالات الأقوام السابقة وكفرهم ومقابلتهم للأنبياء واختيارهم الكفر على الإيمان واستحقاقهم العذاب الإلهي لا لشيء إلّا لأنّهم لجّوا في باطلهم وأصروا على زيفهم ، ولئلا يصاب بما أصاب اولئك القوم من قبل ، وكيف أن بني اسرائيل باعوا كل ما لديهم ليشتروا تلك البقرة بحيث أفضى بهم إلى الاستجداء وذهبوا لموسىعليه‌السلام ليساعدهم في التخلص من هذه الورطة ، فعلمهم دعاء يعينهم على دنياهم(١) ، وكل ذلك كان بسبب لجّتهم وعنادهم.

__________________

١ ـ بحار الانوار ، ج ١٣ ، ص ٢٧٢.

٤٢

٣

الشكر وكفران النعمة

تنويه :

«شكر النعمة» يمكن أن يكون باللسان أو بالعمل ، وعليه فإنّ «الكفران» هو عدم الاعتناء بالنعم وتحقيرها وتضييعها ، وهو أيضاً من الرذائل الأخلاقية ذات العواقب الوخيمة ، سواء كانت على الصعيد الفردي أو الاجتماعي ، والواقع أنّ الشكر يقرّب القلوب ويحكّم المحبّة في المجتمع ، والكفران يقطع أواصر المحبّة والوئام ويجعل من المجتمع جهنّماً لا يطاق يعيش فيه الانسان حالات من العداوة والبغض والحقد!

كفران النعمة مانع كبير أمام تكامل الروح الإنسانية وتهذيبها والسير إلى الله تعالى ، حيث يتسبب في ذبول عناصر الخير في الضمير ويطفيء النور الباطني الممتد في أعماق الوجدان ويلّوث الروح.

و «شكر النعمة» هو قضية فطرية ، اودعت في الإنسان لتفتح له آفاق التوحيد ومعرفة الله تعالى ، ولهذا نجد أنّ كثيراً من علماء العقائد يفتتحون بحوثهم بمسألة «ضرورة معرفة المنعم» ، وسيأتي شرحها في المستقبل إن شاء الله تعالى.

بهذه الإشارة نعود للقرآن الكريم لنستعرض فيه الآيات التي تذم حالة الكفران ، وتمدح حالة الشكر للنعمة :

٤٣

١ ـ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) (١) .

٢ ـ( وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) (٢) .

٣ ـ( وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) (٣) .

٤ ـ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ* وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ) (٤) .

٥ ـ( وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً ) (٥) .

٦ ـ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ ) (٦) .

٧ ـ( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ ) (٧) .

٨ ـ( لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ* فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ ) (٨) .

تفسير واستنتاج :

«الآية الاولى» تستعرض كلام النبي موسىعليه‌السلام مع بني اسرائيل ، حيث يذكرهم بأمر

__________________

١ ـ سورة ابراهيم ، الآية ٧.

٢ ـ سورة النمل ، الآية ٤٠.

٣ ـ سورة لقمان ، الآية ١٢.

٤ ـ سورة هود ، الآية ٩ و ١٠.

٥ ـ سورة الاسراء ، الآية ٦٧.

٦ ـ سورة ابراهيم ، الآية ٢٨ و ٢٩.

٧ ـ سورة النحل ، الآية ١١٢.

٨ ـ سورة السبأ ، الآية ١٥ ـ ١٧.

٤٤

إلهي مهم :( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) ، فذكّرهم النبيعليه‌السلام بقضية الشكر ومعطياته والكفران وآثاره السلبية وذلك بعد ما انتصروا على فرعون ونالوا الاستقلال وذاقوا طعم الحرية والعظمة وظهرت منهم بوادر كفران النعمة.

جملة( لَأَزِيدَنَّكُمْ ) فيها أنواع من التأكيدات ، فهي وعد إلهي قطعي للشاكرين ، بأنّه سيزيدهم من فضله ، واللطيف في الأمر أنّ الله تعالى لم يخاطب كفّار النعمة بالقول : «لُاعذّبنكم» بل قال :( إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) وهو نهاية اللطف والرحمة في دائرة التعامل المولوي تجاه المخلوقين ، وفي نفس الوقت تهديد شديد ووعيد مخيف لكفّار النعم بأنّ عليهم أخذ العبرة من قصة بني اسرائيل عند ما كفروا أنعُم الله «فتاهوا» في الصحراء أربعين سنة.

في«الآية الثانية» يدور الحديث عن النبي سليمانعليه‌السلام وقومه ، عند ما اقترح عليهم أن يأتوه بعرش ملكة «سبأ» ، فقال له أحد حواريه وكان عنده علم من الكتاب :( أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) ، فشعر سليمانعليه‌السلام بالفرح يغمر نفسه لوجود مثل هذه الشخصيات في بلاطه ولديهم الروحيات والمعنويات القوية ، فقرر أن يشكر الخالق تعالى ، فقال :

( وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) .

والجدير بالذكر أنّ ثواب الشاكر ذكر في هذه الآية بوضوح ، ولكن عقاب من يكفر بالنعمة ذكر بصورة غير مباشرة( وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) حيث ركزت الآية على كرم الله تعالى ، وهو نهاية رحمة الله ولطفه في دائرة التخاطب مع الإنسان.

ويمكن استفادة نقطة مهمّة اخرى من الجملة الانفة الذكر ، وهي أنّ الله تبارك وتعالى يحذّر عباده من الكفر ويدعوهم للشكر لا لحاجة منه إليهم ، وحتى على فرض كفران النعمة فإنّه يفيض من كرمه ولطفه على الناس لعلّهم يرجعون عن غيّهم ولا يحرمون أنفسهم من أنعُم الله تعالى.

٤٥

وأساساً فإنّ الكتب الإلهية تعود بالنفع على العباد أنفسهم ، فهي بمثابة دروس لهم ، لتربية أنفسهم ، فالباري تعالى غنيٌّ بذاته ولا يحتاج إلى أحد ، لا لطاعة العباد ولا عصيانهم ولا يضرونه بالعصيان شيئاً.

«الآية الثالثة» تحمل مضمون الآية السابقة حيث تستعرض لنا قصة «لقمان الحكيم» :( وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) .

الحكمة التي أتاها الله تعالى للقمان تشمل معرفة أسرار الكون والعلم بطرق الهداية والصلاح ، والطريقة المثلى للحياة الفردية والاجتماعية ، التي جاءت بصورة نصائح لقمان لابنه في سورة لقمان ، وهي موهبة إلهية ونعمة روحية أكّد الله تعالى على أهميّتها ، كما ذكر في الآية التي قبلها على أحدى النعم المعنوية ، حتى لا يغرق الناس في منزلقات النعم المادية ويتصورون أنّ النعم والمواهب الإلهية تنحصر في الماديّات فقط.

ويجدر هنا الإشارة إلى نقطتين :

«الأولى» إنّ الشكر أتى بصورة الفعل المضارع ، والكفران بصيغة الماضي ، وهي إشارة إلى أنّ مسير التكامل والرقيّ والقرب إلى الله تعالى يحتاج إلى المداومة على الشكر في حين أنّ لحظة من كفران بإمكانها أن تفضي إلى نتائج وخيمة وعواقب مؤلمة.

و «الثاني» إنّ الآية ركّزت على صفتي (الغني الحميد) ، بينما كان التركيز في آية النبي سليمانعليه‌السلام على صفتي (الغني والكريم) وهذا الفرق يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ الله تعالى غنيٌّ عن شكر المخلوقين ، فالملائكة تسبح بحمده وتقدسه على الدوام ، وإن كان غنيّاً عنهم أيضاً ، ولكن العباد بشكرهم يستوجبون المزيد من النعم عليهم.

«الآية الرابعة» انطلقت للحديث عن الأشخاص الذين يعيشون ضيق الافق وعدم الإيمان والتقوى ، فهم يعيشون الكفران للنعمة بكل وجودهم :

( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ* وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ

٤٦

بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ) .

نحن نعلم أنّ القرآن الكريم عند ما يتحدث عن الإنسان في واقعه السيء ويصفه بصفات ذميمة بصورة مطلقة ، إنّما يقصد الإنسان المنفصل عن الله في حركة الحياة ومن يعيش عدم الإيمان أو ضعف الإيمان ، ولهذا ورد في الآية التي جاءت بعد الآيات مورد بحثنا :( إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ) .

بهذا الاستثناء يتبيّن أنّ الأفراد الذين يعيشون حالة اليأس من رحمة الله والغافلين والكفورين ، أفراد لم يصلوا في واقعهم النفسي لمرحلة الإيمان بعد.

وعلى العموم يمكن أن نستنتج من الآيات الآنفة الذكر ، أنّ الكفران وعدم الشكر تؤدي بالإنسان إلى التلّوث بصفات سيئة اخرى تحرمه المغفرة والأجر الكبير.

تعبير «لئن أذقنا» تعبير لطيف في الموردين فيقول : إنّ ضعاف النفوس والإيمان إذا سلبت منهم نعمة من النعم ، فسرعان ما يجري على ألسنتهم الكفر ويدب اليأس في قلوبهم ، وإن جاءتهم نعمة إذا بهم يغترّون ويتحركون في أجواء الغفلة والطغيان ، والدنيا هي كلها شيء صغير وحقير ، وما يصل إلى الإنسان منها أصغر وأحقر ، ومع ذلك فإنّهم يتأثرون بسرعة لضعف نفوسهم وضيق آفاق إيمانهم.

ولكن الإيمان بالله تعالى ومعرفة ذاته المقدسة اللّامتناهية في القدرة والعلم ، تمنح الإنسان عناصر القوة والحركة وتعينه على مواجهة أكبر الحوادث السيئة والحسنة دون أن تؤثر في نفسه شيئاً.

وتنطلق«الآية الخامسة» لتشير إلى الأفراد الذين يتوجهون إلى الله تعالى عند وقوع المصيبة ويدعونه ويتوسلون بلطفه بكل وجودهم ، وبمجرّد انقشاع سحائب الأزمة ينسون كل شيء ويكفرون مرّة اخرى :

( وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً )

٤٧

وطالما جرّبنا هذا الأمر في حياتنا الشخصية وشاهدنا ضعيفي الإيمان عند ما يمحصون بالبلاء ، كالمرض والفقر والمصائب الاخرى ، يتوجهون باخلاص للباري تعالى وبمجرّد انكشاف تلك المصائب وعودة المياه إلى مجاريها تراهم يتغيّرون ويسلكون طريق الكفر والحال أنّ الإنسان في هذه الأحوال أيضاً يجب عليه التوجه والالتجاء إلى الذات المقدسة أكثر من ذي قبل.

وفي تكملة الآية الكريمة يعبّر القرآن الكريم بتعبير جميل جدّاً حيث يقول :( أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً ) .

فهنا إشارة إلى أنّه كيف يمكن أن تكفروا وتتغيّروا فأينما تذهبوا فأنتم تحت سلطته ، وبإمكانه أن يعذبكم في أي مكان كنتم فيه سواء في البرّ أو في البحر؟

ويجب التوجه إلى أنّ كلمتي«الخسف» و «الغرق» في هذه الآية لهما مفهوم مترادف فالأولى يراد بها الاختفاء في الأرض ، والثانية الاختفاء في البحر.

«الآية السادسة» من الآيات تتوجه بالخطاب إلى الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وتشرح عاقبة كفران النعم :

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ ) وبعدها يضيف :( جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ ) .

هذه التعبيرات تبيّن أنّ كفران النعم الإلهية ، يمكن أن يؤدي بقوم أو بمجتمع بأكمله إلى قعر جهنّم ولا يستبعد نزول العذاب الدنيوي فيها حيث تبدل دنياهم إلى جحيم لا يطاق.

وقد اختلف المفسّرون في المقصود من النعمة في هذه الآية ، فبعض قال : إنّها بركة وجود الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله فالعرب المشركون قد كفروا بالنعمة بانكارهم لدعوته ورفضهم الاذعان لرسالته فاحلّوا قومهم دار البوار ، وفسّرها البعض الآخر بأهل البيتعليهم‌السلام حيث كفر بهم البعض أمثال بني امية ، ولكن على الظاهر أنّ مفهوم الآية أوسع من هذه الدوائر والاطر

٤٨

في مصاديق الآية ويشمل جميع النعم الإلهية ، وما ذكر آنفاً يعدّ من مصاديقها الواضحة ، على الرغم من تصريح الآيات التي وردت بعدها بالأشخاص الذين تركوا الإسلام والتوحيد واختاروا الشرك وعبادة الأصنام ، ولكن هذه النماذج تعتبر أيضاً من مصاديقها البارزة.

وقال البعض الآخر : مثل الفخر الرازي والمرحوم الطبرسي في مجمع البيان ، إنّ سبب النزول لهذه الآية ناظر لأهل مكّة الذين أعطاهم الله تعالى أنواع النِعم وأهمها بعثة الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله من بين ظهرانيهم ، ولكنهم لم يقدّروا تلك النعمة وكفروا بها ، فأصبحت عاقبتهم أليمة ، فكفرهم بنعمة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هو نفس كفرهم بالله والرسالة!

ولكننا نعلم أنّ شأن النزول لا يخصص مفهوم الآية بمورد خاص.

وتأتي«الآية السابعة» لتتحدث عن جماعة أنعم الله تعالى عليهم بنعمة ظاهرة وباطنة ، نعمة الأمان والرزق الكثير والنعم المعنوية والروحية التي نزلت عليهم بواسطة نبيّهم ولكنّهم كفروا تلك النعم فعاقبهم الله تعالى بعقاب الجوع والخوف :

( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ )

اختلف المفسّرون بأن هذه الآية هل تشير إلى مكان بالخصوص أم إنّها مثال عام كلي ، فبعض يعتقد أنّها أرض مكّة ، وتعبير( يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ ) ، يقوي ذلك الاحتمال ، لأنّه ينطبق بالكامل على أحوال وشرائط مكّة ، إذ هي أرض جافة وصحراء قاحلة غير ذات زرع وماء ولكن الله سبحانه قد باركها وأنزل عليها النعم من كل مكان.

وتعبير( كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً ) هو قرينة اخرى على أنّها مكّة ، فأرض الحجاز غالباً ما كانت أرضاً غير آمنة إلّا مكّة وذلك ببركة وجود الكعبة الشريفة.

وعند ما وصلت النعم المادية على أهل مكّة إلى الذروة أتمها الله تعالى ببعثة النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكنّهم كفروا النعم الماديّة والمعنوية ، فابتلاهم الله تعالى بالقحط والخوف ، وهذا هو مصير من كفر بأنعم الله تعالى.

٤٩

ومع ذلك فإنّ مفهوم الآية يمكن أن يكون أعم فيستوعب في مضمونه جميع من يكفر بالنعمة وأرض مكّة هي أحد مصاديق هذه الآية ، حيث ورد في الروايات أن القحط والجوع أخذ منهم مأخذاً كبيراً بحيث كانوا يتغذّون على أجساد الموتى لسدّ جوعهم ، وكذلك في الغزوات الإسلامية ، حيث أضرّت بهم كثيراً.

«الآية الثامنة» من الآيات ، تتطرق إلى قوم من أكفر الناس ، وهم (قوم سبأ) حيث حباهم الله تعالى : بأفضل النعم وأحسنها ، ولكن غرورهم وغفلتهم واتباعهم لأهوائهم ، أعماهم وأضلّهم ، فكفروا ، فأخذهم الله بذنوبهم ومحق تلك النعم من أيديهم ، فقال :

( لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ) .

وقد ذكر المفسّرون أنّه على الرغم من أنّ أرض اليمن خصبة ولكن لفقدان الأنهار فيها ، كانت أغلب أراضيها بائرة لا يستفاد منها ، ففكر القوم ببناء سدّ يمنع السيول القادمة من الجبال ، فبنوا عدّة سدود وأهمها (سد مأرب) حيث كان يقف أمام السيول بين جبلي بلق العظيمين ، فتجتمع خلفه مياه كثيرة استطاعوا بواسطتها أن يزرعوا ويسقوا به جنائن وبساتين كثيرة قامت على طرفي السدّ ، ونشأت حولها القرى وأصبحت مركزاً عظيماً للنشاط التجاري وتجمع الناس ، فالقرى كانت متصلة ببعضها بحيث أن ظلال الأشجار كانت متصلة على طول الطريق ووفور تلك النعم كان مقترناً مع الأمان الاجتماعي والرفاه الاقتصادي ، فكانت حياتهم هانئة جدّاً ، اجتمعت فيها كل متطلبات الحياة آنذاك ومثل هذه الأجواء كان من شأنها أن تفضي لإطاعة الله تعالى والتكامل الروحي.

ويستمر القرآن الكريم ، فيقول إنّ النعم أصبحت كثيرة جدّاً ممّا حدى بهم لأنّ تتحرك فيهم عناصر الطغيان فنسوا ذكر الله تعالى وأخذوا يتفاخرون ويقسّمون الناس إلى طبقات ، ولكنهم بالتالي ذاقوا وبال أعمالهم فأرسل الباري تعالى عليهم سيل العرم :( فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ

٥٠

وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ ) .

ومن عجائب هذه القصّة أنّ المفسّرين ذكروا هجوم الجرذان الصحرواية على السدّ فأخذت تنخر فيه من الداخل دون أن يراها الناس المغرورون المشتغلون بالملذّات وكفران النعم ، وفجأة أمطرت السماء مطراً شديداً ، وتحرّك سيل عظيم وتجمعت المياه خلف السدّ ، ولكن جدران السد لم تتحمل كل هذا الضغط ، فانهارت وأخذ السيل طريقه للقرى والأراضي الزراعية ، فلم يُبق لها شيء ، لا مزارع ولا أنعام ، وتبدل كل شيء إلى صحراء قاحلة لا ينمو فيها سوى النباتات البرية ، ففرت الطيور الجميلة وحلّت محلّها الغربان والبوم ، وتفرق الناس إلى الأطراف وأصبحوا من أفقر الناس يأسفون على ماضيهم الجميل ، ولكن هيهات ، حيث لا تفيد ساعة ندم.

نعم فهذه هي حال الأقوام التي تغفل عن ذكر الله وتكفر بأنعمه.

والطريف في الأمر أنّ الأثرياء منهم اعترضوا على قرب المسافات بينهم ، حيث يستطيع أن يسافر كل أحد لقرب المسافة ووفرة الخير في الطريق ، فقالوا : أصبح بإمكان الفقير أن يسافر معنا أيضاً ، فطلبوا من الله تعالى أن يباعد بين أسفارهم حتى لا يستطيع الفقراء السفر معهم أيضاً ، نعم فقد وصلوا إلى أعلى مراتب الطغيان ، فعاقبهم الله تعالى بأشدّ العقاب ، فتفرق جمعهم وأصبحوا مضرباً للأمثال وخصوصاً في الفرقة ، فقالوا فيهم : (تفرقوا أيادي سبأ).

من مجموع الآيات محل البحث تتبين خطورة وبشاعة كفران النعم ، حيث تناولت الآيات هذه المسألة وآثارها السيئة على الفرد والمجتمع وخاصة ما أحلّ الكفران بالأقوام السابقة من نتائج مدمرة وعواقب مشؤومة في حركة الإنسان والحياة.

كفران النعم في الروايات الإسلامية :

تناولت الروايات الإسلامية هذه المسألة بصورة واسعة ومفصلّة وتكلّمت عن آثار حالة الكفران المشؤومة وأضرارها ، وكذلك تناولت بركات الشكر للنعم والمواهب الإلهية ، ومنها :

٥١

١ ـ جاء في حديث عن الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :«أَسرَعُ الذُّنُوبِ عُقُوبَةً كُفرانُ النِّعْمَةِ» (١) .

٢ ـ ونقرأ في حديث عن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام أنّه قال :«سَبَبُ زَوالِ النِّعَمِ الكُفرانُ» (٢) .

٣ ـ وعنه أيضاًعليه‌السلام :«كُفرُ النِّعْمَةِ مُزيلُها وَشُكرُها مُستَدِيمُها» (٣) .

٤ ـ في حديث آخر عنهعليه‌السلام :«كُفرانُ النِّعَمِ يُزِلُّ القَدَمَ وَيَسلُبُ النِّعَمَ» (٤)

٥ ـ وأيضاً عنهعليه‌السلام :«آفَةُ النِّعَمِ الكُفرانِ» (٥) .

٦ ـ وعنهعليه‌السلام أيضاً :«كافِرُ النِّعْمَةِ كافِرُ فَضلِ اللهِ» (٦) .

٧ ـ والاستدراج هو أحد عقوبات الباري تعالى ويعني أنّ الله تعالى يغدق على عبده الكافر نعمه ثم يسلبها منه حتى يحس بالألم والعناء الشديدين ، وقد جاء في حديث عن الإمام الحسينعليه‌السلام :«الإِستِدراجُ مِنَ اللهِ سُبحانَهُ لِعَبدِهِ أَنْ يُسْبِغَ عَلَيهِ النِّعَمَ وَيَسلُبَهُ الشُّكرَ» (٧) .

٨ ـ عن الإمام السجاد علي بن الحسينعليه‌السلام أنّه قال :«الذُّنُوبُ الَّتِي تُغَيُّرُ النِّعَمَ البَغيُ عَلَى النّاسِ والزَّوالُ عَنِ العادَةِ فِي الخَيرِ واصطِناعُ المَعرُوفِ ، وَكُفرانُ النِّعَمِ وَتَركِ الشُّكْرِ» (٨) .

٩ ـ وفي حديث عن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام أنّه قال :«كُفرُ النِّعْمَةِ لُؤمٌ وَصُحْبَةُ الأحمَقِ شُؤمٌ» (٩) .

١٠ ـ وختاماً نختم بحثنا بهذا الحديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام في معرض حديثه عن جنود العقل وجنود الجهل ، حيث أمر أصحابه بأن يتعرفوا على جنود العقل وجنود الجهل ، وعند ما سأله بعض أصحابه عنه قال :«إنّ اللهَ جَعَلَ للِعَقلِ خَمساً وَسَبعينَ جُندِياً وَضِدَّهُ

__________________

١ ـ بحار الانوار ، ج ٦٦ ، ص ٧٠.

٢ ـ غرر الحكم ، ج ٤ ، ص ١٢١.

٣ ـ المصدر السابق ، ٦٢٧.

٤ ـ المصدر السابق ، ص ٦٣٠.

٥ ـ بحار الانوار ، ج ٣ ، ٢٩٨.

٦ ـ المصدر السابق ، ج ٤ ، ص ٦٣٤.

٧ ـ المصدر السابق ، ج ٧٥ ، ص ١١٧.

٨ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٠ ، ص ٣٧٥.

٩ ـ غرر الحكم ، ج ٤ ، ص ٦٣٠.

٥٢

الجَهلُ إلى أن قال ـ والشُّكرُ وضِده الكُفرانُ» (١) .

ما ذكر في الروايات العشر السابقة ، يبيّن مدى خطورة هذه الرذيلة وآثارها السيئة على مستوى الحياة الفردية والاجتماعية وكيف أنّ الإنسان ينحدر من أوج الكرامة وذروة النعمة إلى قعر الذلّة والمسكنة ، وتسلب منه التوفيقات الإلهية ويبتعد عن الله تعالى ويقترب من الشيطان.

وهنا يجدر الإشارة إلى عدّة نقاط :

١ ـ معنى كفران النعمة

الكفر يعني في الأصل الإخفاء ، وبما أنّ الكافر يسعى في إخفاء وتغطية النعمة ، وقيمتها فسمّي عمله بالكفران.

ومن البديهي أنّ الكفران مرّة يكون بالقلب واخرى باللسان واخرى بالعمل.

ففي قلبه لا يستشعر الإنسان أهمية تلك النعمة ، ويصرّح بلسانه بقلّة النعمة وعدم أهميتها ، وفي العمل لا يتحرك من موقع الاهتمام بمواهب الله عليه ، وبدلاً من أن يستعملها بالخير ، يستعملها بالشر ولذلك قال كبار علماء الأخلاق :

«الشُّكْرُ صَرفُ العَبدُ جَمِيعَ ما أَنْعَمَهُ اللهُ تَعالى فِي ما خُلِقَ لأجلِهِ».

لذلك فالكفران هو استعمال النعم في غير محلها ، فالعين التي وهبها الله تعالى للإنسان ليرى بها طريق الحق والآيات الإلهية ويشخص بها الطريق السوي من البئر لئلا يقع فيه ، فإذا به يستعملها في موارد الحرام ، وكذلك اليد والاذن وغيرها من الجوارح أو المال والثروة.

وكأنّ هذا الكلام مقتبس من كلام الإمام الصادقعليه‌السلام ، حيث يقول :«شُكرُ النِّعمَةِ إجتِنابُ المَحارمِ» (٢) .

وبهذا يتبيّن لنا معنى الشكر وعدم الشكر.

__________________

١ ـ بحار الانوار ، ج ١ ، ص ١١٠ مع التلخيص.

٢ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٩٥ ، ح ١٠ ؛ نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٥٢٩.

٥٣

٢ ـ عواقب الكفران

الكفران بالنعمة يفضي إلى نتائج سيئة كثيرة في دائرة الماديات والمعنويات في حياة الإنسان فمن ذلك أنّه يتسبب في زوال النعم ، لأنّ الباري تعالى حكيم ، لا يعطي شخصاً شيئاً بدون حساب ولا يسلب أحداً شيئاً بلا مبرر ، فالذين يكفرون بالمنعم فلسان حالهم يقول :

بأننا لا نليق ولا نستحق هذه النعم ، فتوجب الحكمة الإلهية سلب تلك النعم منهم ، والذين يشكرون النعم فلسان حالهم يقول : إننا نستحق تلك النعم الإلهية وزد علينا يا ربّ ، مثلاً عند ما يرى الفلاح أنّ في بستانه أشجاراً مورقة أكثر من غيرها فسوف يعتني بها أكثر من غيرها حتى تنمو وتكبر بسرعة وتثمر ، وإذا شاهد أشجاراً لا تثمر ولا تورق ولا ظلّ لها مهما أهتم بها وبذل لها العناية في مجال السقي والتهذيب ، فكفران الأشجار للنعمة يدعو الفلاح لعدم الاعتناء بها وتركها لحالها.

وقد ورد في حديث عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال :

«مَنْ شَكَرَ النِّعَمَ بِجِنانِهِ استَحَقَّ المَزيدَ قَبْلَ أَن يَظهَرَ عَلَى لِسانِهِ» (١) .

وجاء في روايات اخرى نقلت عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه وبمجرّد الحمد والثناء يصدر الباري تعالى أمره بزيادة النعم على ذلك العبد ، فقال :«ما أَنْعَمَ اللهُ عَلَى عَبدٍ مِنْ نِعمَةٍ فَعَرَفَها بِقَلبِهِ وَحَمِدَ اللهَ ظاهِراً بِلِسانِهِ فَتَمَّ كَلامُهُ حَتّى يُؤمَرَ لَهُ بِالمَزيدِ» (٢) .

وبديهي أنّ الكفران يفضي إلى نتائج معاكسة كذلك ، ويمكن أن يلطف به الله تعالى ويؤخر عنه سلب النعمة ولكن وعلى أية حال إذا لم يتنبه الإنسان وبقي على ما هو عليه في دائرة الغفلة والجحود للنعمة ، فستسلب منه بالتأكيد ، لأنّ ذلك من لوازم الحكمة الإلهية.

ومن جهة اخرى فإنّ الكفران يسبب البعد من الله تعالى وهو الخسران الأكبر ، فعظماء علماء الكلام في أول أبحاثهم ذهبوا إلى أن شكر المنعم هو من أول الدوافع لمعرفة الباري تعالى وأنّ شكر المنعم أمر وجداني ، فعند ما يرى الإنسان نفسه غارقاً بالنعم الظاهرة

__________________

١ ـ مستدرك الوسائل ، ج ٢ ، ص ٣٩٩.

٢ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٩٥ ، ح ٩.

٥٤

والباطنة ، وأنّها ليست منه فسيسعى لشكر المنعم من خلال البحث عن مصدر النعمة ، وهذا هو الذي يُمهد الطريق لمعرفة الله تعالى ، ولكنّ الناكرين لأنعم الله والذين لا يقدّرون المنعم فسيحرمون من معرفة الله تعالى ، بالإضافة إلى ذلك فإنّ عدم شكر الخالق يفضي بدوره إلى عدم شكر المخلوق ، فلا يقيم وزناً لجميل الآخرين ومعروفهم ، وكأنّه هو الذي له الحق عليهم ، ممّا يسبّب نفور الناس منه وكراهيتهم له ، وبالتالي سيؤدي إلى العزلة والانزواء في حركة الواقع الاجتماعي وقلّة الصديق والناصر في مقابل المشكلات وتحديات الواقع الصعبة.

أسباب ودوافع الكفران وطرق علاجه :

التقصير في الشكر ينشأ من عدم معرفة الإنسان بالمنعم بصورة كاملة ، وأساساً فانّه لا يتحرك في طريق التدبّر في النعم الإلهية ، فمثلاً عند ما ننظر إلى بدننا وما فيه من عجائب ودقائق وتفاصيل على مستوى الخلقة فسنتوجه إلى أهمية تلك النعم ويتحرك فينا حسّ الشكر لله تعالى.

وعلى سبيل المثال إذا استطاع البشر أن يصنع مثل الأجهزة الموجودة في الإنسان (مثل القلب والكبد والكلية والرئتين) فستكون قطعاً أقل كيفية من صنع خالقها ، وستكلفه الكثير جدّاً ، وعلى هذا فإذا أردنا حساب قيمة ما يوجد لدينا من أعضاء وجوارح بدنية فسيتبين أنّ لدينا وبحوزتنا ثروة كبيرة جدّاً.

أمّا النعم الخارجية ، فيمكن أن تكون جرعة ماء تساوي الدنيا بما فيها ، وقد نقل عن بعض العلماء أنّه دخل على أحد الملوك وكان بيد الملك قدح ماء فأراد أن يشرب فتوجه للعالم الكبير وقال له عِظني ، فقال له العالم : إذا كنت في يوم من الأيّام عطشاناً لدرجة الموت وجاءوك بالماء بشرط أن تتنازل عن الملك ، فهل ستتنازل؟ فقال نعم ، فلا حيلة في ذلك.

فقال له : كيف تتعلق بُملك وحكومة تساوي شربة ماء؟

٥٥

ويرى الإنسان حيناً آخر مريضاً يصرخ من شدّة الألم بحيث يتمنى الموت على هذا الألم ، فلو اعطيت للإنسان الدنيا بأسرها وهو على ذلك المرض ، فلن يقبل بذلك ، بل يرضى أن يأخذوا منه كلّ شيء إلّا العافية.

هناك نعمٌ ظاهرها غير مهم لكنّها إن فقدت فستتعرض حياة الإنسان للخطر ، مثل غدد اللّعاب التي ترطب الشفاه والفم وتلين الأكل وتسهل عملية البلع ، فإذا توقفت هذه الغدد في يوم ما فسيجف الفم ويعسر عليه الأكل ويتوقف عن الكلام وتصبح الحياة مستحيلة ، فذلك الجزء الصغير من بدن الإنسان أهم بكثير من ثروات الدنيا أجمع.

وكذلك في نعمة الشمس والهواء والنباتات والمواهب الاخرى العظيمة وعلى حدّ تعبير القرآن الكريم :( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها ) (١) .

ويجب التنبه أنّ كثيراً من النعم الإلهية لا يتسنى للإنسان معرفتها ، لأنّها لن تُسلب منه ، فبعض النعم والمواهب تعيش مع الإنسان فاذا سلبت منه عرفها وأقرّ بعظمتها ، وبعضها سيبقى في الكتمان وهي كثيرة جدّاً.

مثلاً مسألة الجاذبية فلم يكن أحد يعرف قبل السفر إلى الفضاء وفقدان الجاذبية هناك ، كم هي مهمّة هنا على الأرض ، إذ لولاها لما استطاع الإنسان أن يفعل شيئاً لا زراعة ولا صناعة ولا حركة ، فأقل حركة من الإنسان سيرتطم بالسقف والجدار وستتناثر الأطمعة والأشربة من المائدة ولن يستطيع الإنسان أن يأكل أو يشرب شيئاً ، فحركة الأرض تؤدي إلى قدف كل شيء في الفضاء لو لا الجاذبية وستتحول الأرض إلى صحراء قاحلة محرقة ، فتفكروا إننا لو قضينا العمر في شكر هذه النعمة فهل سنؤدّي شكرها؟

وإذا أضفنا إليها النعم المعنوية وهداية الأنبياء وكلام المعصومينعليهم‌السلام ونزول الكتب الإلهية ، والتي هي أعلى وأهم من النعم الماديّة ، فسنعرف مدى عظمة وقيمة مواهب الرحمن وسنعرف قدرتنا على الشكر كم هي ضعيفة وضئيلة.

فالتوجه لهذه الامور تقلع جذور الكفران وتحيي فيه روح الشكر.

__________________

١ ـ سورة النحل ، الآية ١٨.

٥٦

ومنها نعرف طريقة العلاج ، ولذلك قالوا : إنّ أول طريق للشكر هو المعرفة والتفكير بالمواهب والصنائع الإلهية وأنواع نعمه الظاهرة والباطنة(١) .

الطريقة الاخرى : هي النظر في دائرة النعم والمواهب المادية إلى المستويات الدنيا للناس ، فكلما فكّر الإنسان فيها فستبعث فيه روح الشكر ، ولكن إذا نظر إلى من هو أعلى منه من حيث الثروة والنعمة فسوف تستولي عليه الوساوس الشيطانية وتؤذيه.

ومن جهة ثالثة إذا ابتلي بمصائب الدنيا ، فليعلم أنّه يوجد مصائب أكبر من التي اصابته وليشكر الله أنّه لم يتورط بالأكبر والأشد منها.

وقد نقل عن شخص أنّه اشتكى عند أحد العظماء أنّ السارق قد أتى وسرق كل شيء ، فقال له : اذهب واشكر الله تعالى إذ لم يأت الشيطان الى بيتك بدلاً من السارق ، فلو أخذ منك إيمانك فما كنت تفعل؟(٢)

وقد ذكر الإمام الصادقعليه‌السلام في كتاب «التوحيد» المعروف بتوحيد المفضل حقائق توحيدية هامة من موقع تحليل ماهية النعم الإلهية في تفاصيلها الدقيقة ومن خلالها ينفتح الإنسان على المنعم الحقيقي.

ومن جملتها نعمة الكلام والكتابة وقد اعتبرها الإمام الصادقعليه‌السلام عمود الحضارة الإنسانية : وبعد شرح طويل لها قال :

«فَإنّه لَو لَم يَكُن لَهُ لِسان مُهيأ للكَلامِ وَذِهن يَهتَدِي بِهِ للُامورِ لَم يَكُن لِيتَكَلَّمَ أَبَداً ، وَلَو لَم يَكُن لَهُ مُهيأةً وَأَصابِعَ للِكِتابَةِ لِيَكتُبَ أَبداً ، واعتَبر ذَلِكَ مِنَ البَهائِمِ الّتي لا كَلامَ لَها ولا كِتابَةَ ، فَأصلِ ذَلِكَ فَطرَةِ الباري عَزَّ وجَلَّ وما تَفضل بِهِ عَلَى خَلقِهِ ، فَمن شَكَرَ اثِيبَ ، وَمَنْ كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌ عَنِ العالَمِينَ» (٣) .

__________________

١ ـ معراج السعادة ، ص ٨١٠.

٢ ـ المحجة البيضاء ، ج ٧ ، ص ٢٧٧.

٣ ـ بحار الانوار ، ج ٣ ، ص ٨٢.

٥٧

الشكر قناة موصلة للنعم الإلهية :

النقطة المقابلة للكفران ، هي شكر الإله ، ومفهومها تقدير النعم بالقلب واللسان والعمل ، أمّا التي بالقلب فهي معرفة الخالق والتسليم إليه والرضا بعطائه وذكر الامور التي تبيّن تقدير وشكر الخالق من قبل المخلوق في مقابل نعمه تبارك وتعالى ، أمّا من الناحية العملية فهو وضع النعم والمواهب الإلهية في المكان اللائق والذي خلقها الله تعالى لأجله.

يقول الراغب في المفردات : الشكر هو بمعنى التصور للنعمة واظهارها ، وقال البعض أن الكلمة في الأصل كانت «كشر» بمعنى الإظهار والابراز (والدابة الشكورة) تطلق على الحيوان الذي يواظب ويهتم بالزرع والماء وتسمن يوماً بعد يوم ، و «العين الشكراء» بمعنى العين المليئة بالماء ولذلك فإنّ الشكر بمعنى امتلاء وجود الإنسان من ذكر المنعم للنعم.

والشكر على نوعين : شكر تكويني وشكر تشريعي ، الشكر التكويني هو شكر المخلوق للمواهب والنعم التي بحوزته وتحت تسلطه ، لتنمو كالشجر والورد والثمرة تكون تحت إشراف الفلّاح الخبير الذي يعرف كيف تثمر الثمار الجيدة ، والكفران هو عدم ظهور أثر للمحافظة والمراقبة فيها من قبل الفلّاح.

لذلك فإنّ الذي يستعمل النعم الإلهية في طريق العصيان فقد كفرها تكوينيّاً.

الشكر التشريعي هو أن يقوم الإنسان بشكر الخالق بالقلب واللسان.

وذكرنا سابقاً أنّ الإنسان لا يستطيع أن يؤدّي شكر الخالق ونعمه ، لأنّ نفس هذا التوفيق للشكر هو نعمة منه تعالى وهو نفسه يحتاج لشكر آخر ، ولذلك جاء في رواياتنا الإسلامية أنّ أفضل شكر الإنسان هو أظهار العجز عن شكر الله في مقابل نعمه والمعذرة عن ذلك التقصير ، لأنّه لا يستطيع أحد أن يؤدّي ما يستحقه الباري تعالى.

وذكرنا سابقاً الكثير من مطالب الشكر وما يقابلها من الكفران ، ولتكميل هذا البحث نذكر بعض من الآيات والروايات عن المعصومينعليهم‌السلام ، ونكتفي بهذا القدر منها :

( وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ* إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ) (١) .

__________________

١ ـ سورة الشورى ، الآية ٣٢ و ٣٣.

٥٨

وشبيه لهذا التعبير جاء في آيات اخرى.

ومرّة يشير إلى العين والسمع والعقل فإنّها أهمّ وسيلة للمعرفة الإنسانية فيقول :

وأمّا القرآن الكريم فقد جعل الصبر والشكر أحدهما قرين للآخر وهما وسيلتان لتفتح العلم والإيمان في قلب الإنسان فقال :

( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (١) .

فالقرآن الكريم أشار في موارد عديدة لوجود هذه الفضيلة (فضيلة الشكر عند الأنبياء العظام) ، وأمرهم بالشكر(٢) ومرّة يخاطب آل داود :

( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) (٣) .

ويقول في مكان آخر أنّ شرط رضا الباري تعالى هو الشكر :( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) (٤) .

الآيات حول الشكر في القرآن الكريم كثيرة وتصل إلى حوالي ال ٧٠ آية ، والجدير بالذكر أنّ صفة الشكور نسبت لله تعالى في سورة النساء الآية ١٤٧ :

( ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً ) .

مفهوم الآية يبيّن أنّ الشكر إذا صدر بصورة ومعنى حقيقي فإنّ العذاب الإلهي سيرتفع بالكامل ، علاوة على أنّ صفة الشكور نسبت لله تعالى ، فإنّ الشكر هو من الصفات المشتركة مع الباري تعالى ، والفرق أن الإنسان بوضع النعمة في موضعها السليم يكون قد أدّى شكرها ، وفي المقابل يكون شكر الباري تعالى بزيادة المواهب لعباده.

وجاء في بعض الآيات القرآنية أن التوجه والانتباه للنعم الإلهية هو السبب في حثّ الإنسان على الشكر ويكون هو الرادع عن الذنوب ، ونقرأ في سورة الأعراف في خطابه للاقوام السابقة ، الآية ٧٤ :( فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) .

__________________

١ ـ سورة النحل ، الآية ٧٨.

٢ ـ راجع الآيات ، النحل ، ٢١٢ ؛ الاسراء ، ٣ ؛ لقمان ، ١٢ ؛ سبأ ، ١٣.

٣ ـ سورة سبأ ، الآية ١٣.

٤ ـ سورة الزمر ، الآية ٧.

٥٩

وفي الآية ٦٩ من نفس السورة يقول :( فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .

وهذا التعبير صريح بأن الشكر يكون سبباً للفلاح.

خلاصة القول ، أنّ أساس كل سعادة وبركة إلهية هو الشكر ، لأنّه يقرّب الإنسان يوماً بعد يوم من الله تعالى ، ويحكم أواصر المحبّة بين العباد وخالقهم ، وهو طريق التقوى والفلاح.

فلسفة الشكر :

الإنسان المنعم قد يتوقع الشكر من الطرف الآخر ، أو ربّما يحتاجه في بعض الأحيان ، سواء كان احتياجاً مادياً أو معنوياً ، أو لأجل موقعه ومركزه الإجتماعي.

ولكن الباري تعالى ، هو الغني عن العالمين ، حتى ولو كفر الناس جميعاً ، فهو لا يحتاج لشكرهم ، ومع ذلك فقد أكد على الشكر ، فمثله كمثل باقي العبادات ، ونتيجته تعود على نفس الإنسان ، وإذا ما دققنا النظر قليلاً فستتوضح فلسفته.

إذا قدّر الشخص النعم الإلهية سواء كان بالقلب أو اللسان أو بالعمل ، فهو يستحق تلك النعمة ، والله سبحانه وتعالى هو الحكيم لا يسلب النعمة من أحد من دون دليل ولا يعطي لأحد من دون دليل ، فعند ما يشكر الإنسان النعم فلسان حاله يقول إنني مستحق للنعم ، وحكمة الباري لا توجب له النعمة فقط بل تزيده أيضاً.

ولكن لسان حال الكافر يقول : إننّي غير مستحق للنعمة وحكمة الباري تعالى توجب سلب تلك النعمة منه ، وإذا شكر يوماً وكفر يوماً ، فسيتعامل معه كالتالي :

( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (١) .

وعند ما نقول أنّ الشكر سبب في دوام النعمة فدليله هذا بعينه ، وفي حديث عن أمير المؤمنينعليه‌السلام :«بِالشُّكرِ تَدُومُ النِّعَمِ» (٢) .

__________________

١ ـ سورة الانفال ، الآية ٥٣.

٢ ـ غرر الحكم.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

٨٥٣١ / ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(١) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنِ الْفِئَتَيْنِ تَلْتَقِيَانِ(٢) مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ ، أَبِيعُهُمَا(٣) السِّلَاحَ؟ فَقَالَ(٤) : « بِعْهُمَا مَا يَكُنُّهُمَا(٥) : الدِّرْعَ(٦) وَالْخُفَّيْنِ(٧) وَنَحْوَ هذَا ».(٨)

٨٥٣٢ / ٤. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٩) ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْبَرْقِيِّ ، عَنِ السَّرَّادِ(١٠) :

____________________

= ح ١٨٩ ، معلّقاً عن الحسن بن محبوبالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٧٤ ، ح ١٧٠٦٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٠١ ، ح ٢٢٠٨٧.

(١). السند معلّق ، كسابقه.

(٢). في « بف ، جت ، جد » والتحف : « يلتقيان ».

(٣). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بف ، جت ، جد » والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار والتحف. وفي سائر النسخ والمطبوع : « أنبيعهما ».

(٤). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والاستبصار والتحف وفي « ط » : - « فقال ». وفي المطبوع : « قال ».

(٥). في « ط » : « يكفيهما ». و « يكنّهما » أي يسترهما ، يقال : كننته أكنّه ، من باب قتل ، أي سترته في كِنّه ، بالكسر ، وهو السُّتْرة ، وأكننته ، بالألف : أخفيته. راجع :المصباح المنير ، ص ٥٤٢ ( كنن ).

(٦). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والاستبصار والتحف وفي المطبوع : « كالدرع ».

(٧). في التحف : « الخفّتان والبيضة » بدل « الخفّين ».

(٨).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٤ ، ح ١٠٠٧ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٥٧ ، ح ١٨٨ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد.تحف العقول ، ص ٣٧٤ ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٧٤ ، ح ١٧٠٦٨ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٠٢ ، ح ٢٢٠٨٨. (٩). السند معلّق ، كسابقيه.

(١٠). فيالوسائل : « السرّاج » ، لكن لم نجد رواية أبي عبد الله البرقي - وهو محمّد بن خالد - عمّن يلقّب بالسّراج في موضع.

ثمّ إنّ الخبر رواه الشيخ الطوسي فيالتهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٤ ، ح ١٠٠٧ وسنده هكذا : « عنه - والضمير راجع إلى أحمد بن محمّد - عن أبي عبد الله البرقي عن السرّاد » لكنّ الخبر ورد فيالاستبصار ، ج ٣ ، ص ٥٧ ، ح ١٨٦ ، عن أحمد بن محمّد عن أبي عبد الله البرقي عن السرّاد عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

والظاهر أنّ الصواب ما ورد في الاستبصار ؛ فإنّ المراد من السرّاد هو الحسن بن محبوب وقد عُدَّ من أصحاب الكاظم والرضاعليهما‌السلام ، وذكر الشيخ الطوسي في ترجمته أنّه روى عن ستّين رجلاً من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام راجع :الفهرست للطوسي ، ص ١٢٢ ، الرقم ١٦٢ ؛رجال الطوسي ، ص ٣٣٤ ، الرقم ٤٩٧٨ وص ٣٥٤ ، الرقم ٥٢٥١.=

٦٤١

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : إِنِّي أَبِيعُ السِّلَاحَ ، قَالَ(١) : « لَا تَبِعْهُ فِي فِتْنَةٍ(٢) ».(٣)

٣٣ - بَابُ الصِّنَاعَاتِ‌

٨٥٣٣ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام : إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يُحِبُّ الْمُحْتَرِفَ(٤) الْأَمِينَ »(٥)

٨٥٣٤ / ٢. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرى : « إِنَّ اللهَ تَعَالى يُحِبُّ الْمُؤْمِنَ الْمُحْتَرِفَ ».(٦)

٨٥٣٥ / ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(٧) ، عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ،عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ‌

____________________

= هذا ، وقد وردت رواية أبي عبد الله البرقي عن [ الحسن ] بن محبوب فيالمحاسن ، ص ٣٠٠ ، ح ٦ ، ص ٣٠٧ ، ح ٢١ ، ص ٣١٩ ، ح ٤٩ ؛ وفيبصائر الدرجات ، ص ٥١٨ ، ح ٥١.

(١). في « بس » : « فقال ».

(٢). في « جن » : « فتنته ».

(٣).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٤ ، ح ١٠٠٧ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ؛الاستبصار ، ج ٣ ، ص ٥٧ ، ح ١٨٦ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، عن أبي عبد الله البرقي ، عن السرّاد ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٧٥ ، ح ١٧٠٦٩ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٠٢ ، ح ٢٢٠٨٩.

(٤). « المحترف » : المكتسب ، يقال : هو يحترف لعياله ، أي يكتسب. راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ٣٦٩ ( حرف ).

(٥).الخصال ، ص ٦٢٠ ، أبواب الثمانين وما فوقه ، ضمن الحديث الطويل ١٠ ، بسنده عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٥٨ ، ح ٣٥٨٠ ، مرسلاً عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ؛تحف العقول ، ص ١١٠ ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٨١ ، ح ١٧٠٧٣ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٣٤ ، ح ٢٢١٨٢.

(٦).الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٨١ ، ح ١٧٠٧٣ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٣٤ ، ح ٢٢١٨٣.

(٧). هكذا في « ط ». وفي « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والمطبوع والوسائل والبحار والتهذيب والاستبصار : + « عن أبيه ».

وما أثبتناه هو الظاهر ، كما تقدّم تفصيل الكلام ذيل ح ٣٦٩٥ فلاحظ.

٦٤٢

عُمَارَةَ(١) ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام : حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ(٢) ، فَإِنْ(٣) كَانَ حَقّاً ، فَإِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

قَالَ(٤) : « وَمَا هُوَ؟ ».

قُلْتُ(٥) : بَلَغَنِي أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ(٦) كَانَ(٧) يَقُولُ : لَوْ غَلى دِمَاغُهُ مِنْ(٨) حَرِّ الشَّمْسِ ، مَا اسْتَظَلَّ بِحَائِطِ صَيْرَفِيٍّ(٩) ، وَلَوْ تَفَرَّثَ(١٠) كَبِدُهُ(١١) عَطَشاً ، لَمْ يَسْتَسْقِ(١٢) مِنْ دَارِ صَيْرَفِيٍّ(١٣) مَاءً ، وَهُوَ عَمَلِي وَتِجَارَتِي ، وَفِيهِ(١٤) نَبَتَ لَحْمِي وَدَمِي ، وَمِنْهُ حَجِّي وَعُمْرَتِي(١٥)

فَجَلَسَ ، ثُمَّ قَالَ : « كَذَبَ الْحَسَنُ ، خُذْ سَوَاءً(١٦) ، وَأَعْطِ سَوَاءً ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ‌ فَدَعْ(١٧) مَا بِيَدِكَ(١٨) ، وَانْهَضْ إِلَى الصَّلَاةِ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ كَانُوا صَيَارِفَةً(١٩) ؟».(٢٠)

____________________

(١). في حاشية « بف » : « عمّار ».

(٢). في الوسائل والفقيه والتهذيب والاستبصار : - « البص ري ».

(٣). في « ط » : « وإن ».

(٤). في « بخ ، بف » والوافي : « فقال ».

(٥). في الوافي : « فقلت ».

(٦). في « بخ ، بف » والوافي : - « البصري ».

(٧). في « ى » : - « كان ».

(٨). في التهذيب : - « من ».

(٩). يقال : « صرفت الذهب بالدراهم : بعته. واسم الفاعل من هذا : صَيْرَفيّ ، وصَيْرف وصرّاف للمبالغة. قال ابن‌فارس : الصرف : فضل الدرهم في الجودة على الدرهم ، ومنه اشتقاق الصيرفيّ.المصباح المنير ، ص ٣٣٨ ( صرف ).

(١٠). في الوافي : « تفرّثت ». وفي التهذيب : « تبقّرت ». وفي الاستبصار : « تنقّرت ».

(١١). فيالوافي : « تفرّثت كبده : تشقّقت وانتثرت ». وراجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٧٥ ( فرث ).

(١٢). في « جن » : « لم يستق ».

(١٣). فيالفقيه :-«عطشاً لم يستسق من دار صيرفي ».

(١٤). في البحار ، ج ١٤ والفقيه : « وعليه ».

(١٥). في الوسائل والفقيه : + « قال ».

(١٦) فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٧١ : « قولهعليه‌السلام : خذ سواء ، أي لا تأخذ أكثر من حقّك ولا تعطهم أقلّ من حقّهم ، أويجب التساوي في الجنس الواحد حذراً من الربا. والأوّل أظهر ».

(١٧) في البحار ، ج ١٤ : « دع ».

(١٨) في التهذيب والاستبصار : « ما في يدك ».

(١٩) فيالوافي : « وفيالفقيه في آخر الحديث « يعني صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدراهم » هذا كلامه ولم =

٦٤٣

٨٥٣٦ / ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْأَلُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام ، فَقَالَ : إِنِّي أُعَالِجُ(١)

____________________

= أدر ما عنى به ».

وفي هامشه عن سلطانرحمه‌الله : « قوله : ولم أدر ما عنى به. قوله : يعني صيارفة الكلام ، من كلام الصدوق لا تتمّة الحديث ، ومعناهُ أنّ الباقرعليه‌السلام إنّما عنى بقوله : كانوا صيارفة ، صيارفة الكلام لا الدرهم ، فكأنّه قال لسدير : مالك ولقول حسن البصري ، أما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الأقاويل ، فاتّبعوا الحقّ ورفضوا الباطل ولم يستمعوا قول الضلاّل والأكاذيب الباطلة ، فأنت أيضاً كن صيرفيّاً لما يبلغك من الأقاويل آخذاً الحقّ ، رافضاً للباطل ( من شرحالفقيه ).

غاية ما يوجّه متن الحديث - إن سلم عن النقص ، وتوافقت فيه النسخ - أن يكون « يعنى » بصيغة المفعول ، وكذا « لم يعن » فيكون المراد أنّ الحسن وهم من تأويل ما روي في الصيارفة ؛ فإنّ المعنيّ بها صيارفة الكلام ، لا صيارفة الدرهم على ما ورد في قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من التهديد لمن يصرف الكلام في المواعيد وغيرها.

وظاهر ذيل عبارة هذا الفاضلرحمه‌الله يشعر بأنّ قوله : « يعني » تتمّة الحديث. ولا يخفى له أنّ هذا الحديث موجود في الكافي والتهذيب ولم يكن فيها هذه التتمّة ، فالظاهر أنّها من عبارة المصنّف ولا يأتي ذلك عن توجيههرحمه‌الله أيضاً ؛ إذ المقصود على أيّ تقدير بيان وجه توهّم الحسن البصري. ويمكن أن يكون بصيغة المعلوم أيضاً ، والفاعل ضميرٌ راجع إلى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو من توهّم الحسن من كلامه ما توهّم ».

وفي هامشالكافي المطبوع نقلاً عن رفيع الدين :

« فيالفقيه بعد قوله : « كانوا صيارفة » : يعني صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدرهم. انتهى. وقال المجلسي الأوّلرحمه‌الله في شرحه علىالفقيه : فكأنّهعليه‌السلام قال لسدير : مالك ولقول الحسن البصريّ؟ أما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الأقاويل فانتقدوا ما قرع أسماعهم فأخذوا الحقّ ورفضوا الباطل ولم يسمعوا أمانيّ أهل الضلال وأكاذيب رهط السفاهة ، فأنت أيضاً كن صيرفيّاً لما قرع سمعك من الأقاويل ، ناقداً منتقداً فخذ الحقّ واترك الباطل. هذا ملخّص كلامه ، أعلى الله مقامه. وإليه ذهب الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ، والذي حمل الصدوق على هذا التأويل في المقام من حمل الصيرفيّ على صيرفيّ الكلام تواتر أنّ أصحاب الكهف كانوا من أبناء الملوك وأشراف الروم ولم يكونوا تجّاراً ». وراجع : روضة المتّقين ، ج ٦ ، ص ٤١٢.

(٢٠)التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٣ ، ح ١٠٤٠ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٤ ، ح ٢١١ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٥٩ ، ح ٣٥٨٣ ، معلّقاً عن سدير الصيرفيّ. وراجع :تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ٣٢٢ ، ح ٧الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٨١ ، ح ١٧٠٧٥ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٣٩ ، ح ٢٢١٩٢ ؛البحار ، ج ١٤ ، ص ٤٢٩ ، ح ١٥ ؛ وج ٤٢ ، ص ١٤٣ ، ح ٦.

(١). العِلاج : العمل والمزاولة ، وكلّ شي‌ء زاولته وما رسته وعملت به فقد عالجته. راجع :لسان العرب ،=

٦٤٤

الدَّقِيقَ(١) وَأَبِيعُهُ ،(٢) وَالنَّاسُ يَقُولُونَ : لَايَنْبَغِي.

فَقَالَ لَهُ(٣) الرِّضَاعليه‌السلام : « وَمَا بَأْسُهُ؟ كُلُّ شَيْ‌ءٍ مِمَّا يُبَاعُ إِذَا اتَّقَى اللهَ فِيهِ الْعَبْدُ ، فَلَا بَأْسَ».(٤)

٨٥٣٧ / ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى الْخُزَاعِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

دَخَلْتُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، فَخَبَّرْتُهُ(٥) أَنَّهُ وُلِدَ لِي غُلَامٌ.

فَقَالَ : « أَلَاسَمَّيْتَهُ مُحَمَّداً؟ ».

قَالَ : قُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ.

قَالَ : « فَلَا تَضْرِبْ مُحَمَّداً ، وَلَا تَسُبَّهُ(٦) ، جَعَلَهُ اللهُ قُرَّةَ عَيْنٍ لَكَ فِي حَيَاتِكَ ، وَخَلَفَ صِدْقٍ مِنْ(٧) بَعْدِكَ ».

قُلْتُ(٨) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فِي أَيِّ الْأَعْمَالِ أَضَعُهُ؟

قَالَ(٩) : « إِذَا عَدَلْتَهُ(١٠) عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ ، فَضَعْهُ حَيْثُ شِئْتَ :

____________________

= ج ٢ ، ص ٣٢٧ ( علج ).

(١). في « ى ، بح ، بخ ، بس ، جت ، جن » وحاشية « بف » والوسائل والتهذيب والاستبصار : « الرقيق ».

(٢). في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائل والتهذيب والاستبصار : « فأبيعه ».

(٣). في الوسائل : - « له ».

(٤).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٢ ، ح ١٠٣٩ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٣ ، ح ٢١٠ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٨٢ ، ح ١٧٠٧٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٣٥ ، ح ٢٢١٨٥.

(٥). في « بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي والاستبصار : « فأخبرته ».

(٦). في « ط ، بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار والعلل : « ولا تشتمه ».

(٧). في « ى ، بح ، بس ، جد » : - « من ».

(٨). هكذا في « ط ، ى ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جن » والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار. وفي « بح » : - « قلت ». وفي « جت » والمطبوع : « فقلت ». (٩). في « جت » : « فقال ». وفيالوافي : + « إنّه ».

(١٠). في « بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي : « عدلت به ». وفي الاستبصار والعلل : « عزلته ».

٦٤٥

لَا تُسْلِمْهُ(١) صَيْرَفِيّاً ، فَإِنَّ الصَّيْرَفِيَّ لَايَسْلَمُ مِنَ الرِّبَا ؛ وَلَا تُسْلِمْهُ بَيَّاعَ الْأَكْفَانِ(٢) ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَكْفَانِ يَسُرُّهُ الْوَبَاءُ إِذَا كَانَ(٣) ؛ وَلَا تُسْلِمْهُ بَيَّاعَ الطَّعَامِ(٤) ، فَإِنَّهُ لَايَسْلَمُ مِنَ الاحْتِكَارِ ؛ وَلَا تُسْلِمْهُ جَزَّاراً ، فَإِنَّ الْجَزَّارَ(٥) تُسْلَبُ مِنْهُ الرَّحْمَةُ ؛ وَلَا تُسْلِمْهُ نَخَّاساً(٦) ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله قَالَ : شَرُّ النَّاسِ مَنْ بَاعَ النَّاسَ(٧) ».(٨)

٨٥٣٨ / ٦. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٩) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍعليهما‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله قَالَ(١٠) : إِنِّي‌

____________________

= وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : إذا عدلته ، المشهور بين الأصحاب كراهة هذه الصنائع الخمسة ، وحملوا الأخبار السابقة على نفي التحريم ، وإن كان ظاهرها عدم الكراهة لمن يثق من نفسه عدم الوقوع في محرّم ، وبه يمكن الجمع بين الأخبار ».

(١). في « ى ، بس » : « لا تسلّمنّه ». وفي « بح ، جد ، جن » : « لا تسلمنّه ». وفيالوافي : « لا تسلمه ، من أسلمه ، أي لاتعطه لمن يعلّمه إحدى هذه الصنائع ، كذا فيالنهاية ». راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٩٤ ( سلم ).

(٢). في « ى ، بح ، بس ، جد » : « أكفان ».

(٣). في « ط ، بخ ، بف » والعلل : - « إذا كان ».

(٤). في « ط ، ى ، بح ، بس ، بف ، جد ، جن » : « طعام ». وفي « بخ » : « طعامه ».

(٥). « الجزّار » : الفاعل من جزرتُ الجزورَ وغيرها ، من باب قتل ، أي نحرتها. راجع :المصباح المنير ، ص ٩٨ ( جزر ).

(٦). النَخْس : طعنك جنب الدابّة أو مؤخّرها بعود أو غيره فتهيج ، والفاعل : نخّاس ، مبالغة. ومنه قيل لدلاّل الدوابّ وبائعها ونحوها : نخّاس ، سمّي بذلك لنخسه إيّاها حتّى تَنْشَط ، وقد يسمّى بائع الرقيق نخّاساً. والأوّل هو الأصل. راجع :لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٢٨ ( نخس ).

(٧). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : من باع الناس ، أي الأحرار ، فالتعليل على سياق ما سبق ، أي لا تفعل ذلك ؛ فإنّه قد يفضي إلى مثل هذا الفعل ، أو مطلقاً ، فالمراد به نوع من الشرّ يجتمع مع الكراهة ».

(٨).علل الشرائع ، ص ٥٣٠ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن محمّد. وفيالتهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦١ ، ح ١٠٣٧ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٢ ، ح ٢٠٨ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٨٣ ، ح ١٧٠٧٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٣٥ ، ح ٢٢١٨٦.

(٩). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد ، محمّد بن يحيى.

(١٠). في « بخ » : « عن جعفر ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ». وفي « ط » والوافي والتهذيب والاستبصار : « عن جعفرعليه‌السلام ، قال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال ». وفي « بف » : « عن جعفرعليه‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٦٤٦

أَعْطَيْتُ خَالَتِي غُلَاماً ، وَنَهَيْتُهَا(١) أَنْ تَجْعَلَهُ قَصَّاباً ، أَوْ حَجَّاماً ، أَوْ صَائِغاً ».(٢)

٨٥٣٩ / ٧. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ زَنْجَوَيْهِ(٣) التَّفْلِيسِيِّ ، عَنْ أَبِي عُمَرَ(٤) الْحَنَّاطِ(٥) ، عَنْ أبِي(٦) إِسْمَاعِيلَ الصَّيْقَلِ الرَّازِيِّ ، قَالَ :

دَخَلْتُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام وَمَعِي ثَوْبَانِ ، فَقَالَ لِي(٧) : « يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ ، يَجِيئُنِي مِنْ قِبَلِكُمْ أَثْوَابٌ كَثِيرَةٌ ، وَلَيْسَ يَجِيئُنِي مِثْلُ هذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ اللَّذَيْنِ تَحْمِلُهُمَا أَنْتَ(٨) ».

فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، تَغْزِلُهُمَا أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ، وَأَنْسِجُهُمَا أَنَا ، فَقَالَ لِي : « حَائِكٌ؟ » قُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ(٩) : « لَا تَكُنْ حَائِكاً » قُلْتُ : فَمَا أَكُونُ؟ قَالَ : « كُنْ صَيْقَلاً(١٠) ».

وَكَانَتْ(١١) مَعِي مِائَتَا دِرْهَمٍ ، فَاشْتَرَيْتُ(١٢) بِهَا سُيُوفاً وَمَرَايَا(١٣) عُتُقاً(١٤) ، وَقَدِمْتُ بِهَا(١٥)

____________________

(١). في الوافي : « فنهيتها ».

(٢).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٣ ، ح ١٠٤١ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٤ ، ح ٢١٢ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ؛علل الشرائع ، ص ٥٣٠ ، ح ٣ ، بسنده عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن يحيى الخزّاز ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيهعليهما‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٨٤ ، ح ١٧٠٧٨ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٠٦ ، ح ٢٢١٠٠ ؛ وص ١٣٦ ، ح ٢٢١٨٧.

(٣). في « بح ، بخ ، بف ، جت ، جن » : « رنجويه » ، لكن تقدّم ذيل ح ٩٣٨ أنّ الصواب هو زنجويه ، فلاحظ.

(٤). في « بخ ، بف » وحاشية « جن » والوافي : « أبي عمير ».

(٥). في « بح ، بخ ، بس ، جت » والوافي : « الخيّاط ».

(٦). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار. وفي المطبوع : - « أبي » ، وهو سهو كما يظهر من متن الخبر.

(٧). في « ى » : - « لي ».

(٨). فيالوسائل : - « اللذين تحملهما أنت ».

(٩). في « ى ، بخ ، بس ، بف ، جد » والوافي : « قال ».

(١٠). الصَّيْقَلُ : شحّاذ السيوف وجلّاؤها.لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٣٨٠ ( صقل ).

(١١). في حاشية « بح » : « فكانت ».

(١٢). في « ط » : + « معي دراهم فاشتريت بمائتي درهم » بدل « معي مائتا درهم ، فاشتريت ».

(١٣). في الاستبصار : + « قرابا ».

(١٤). العُتُق : جمع العتيق ، وهو الكريم الرائع من كلّ شي‌ء. راجع :النهاية ، ج ٣ ، ص ١٧٩ ؛المصباح المنير ، ص ٣٩٢ ( عتق ). (١٥). في « بخ ، بف » والوافي : + « إلى ».

٦٤٧

الرَّيَّ ، فَبِعْتُهَا(١) بِرِبْحٍ كَثِيرٍ.(٢)

٨٥٤٠ / ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَصْحَابِنَا(٣) الْكُوفِيِّينَ ، قَالَ :

دَخَلَ عِيسَى بْنُ شَفَقِيٍّ(٤) عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام وَكَانَ سَاحِراً يَأْتِيهِ النَّاسُ ، وَيَأْخُذُ عَلى ذلِكَ الْأَجْرَ ، فَقَالَ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَنَا رَجُلٌ كَانَتْ(٥) صِنَاعَتِيَ السِّحْرَ ، وَكُنْتُ آخُذُ عَلَيْهِ(٦) الْأَجْرَ ، وَكَانَ مَعَاشِي(٧) ، وَقَدْ حَجَجْتُ مِنْهُ(٨) ، وَمَنَّ اللهُ عَلَيَّ بِلِقَائِكَ ، وَقَدْ تُبْتُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَهَلْ لِي فِي(٩) شَيْ‌ءٍ مِنْ ذلِكَ(١٠) مَخْرَجٌ؟

قَالَ : فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « حُلَّ ، وَلَا تَعْقِدْ(١١) ».(١٢)

____________________

(١). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جد ، جن » : « وبعتها ».

(٢).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٣ ، ح ١٠٤٢ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٤ ، ح ٢١٣ ، معلّقاً عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن القاسم بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى بن زنجويه [ في التهذيب : « رنجويه » ] التفليسي ، عن أبي عمرو الحنّاط [ في التهذيب : « الخيّاط » ]الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٨٤ ، ح ١٧٠٧٩ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٤٠ ، ح ٢٢١٩٣.

(٣). في « ط ، بخ ، بف » والتهذيب : + « من ».

(٤). في « بح ، جت » والوافي والتهذيب : « شقفي ». وفي هامش المطبوع نقلاً من بعض النسخ : « سيفي ».

والخبر رواه الشيخ الصدوق فيالفقيه ، ج ٣ ، ص ١٨٠ ، ح ٣٦٧٧ قال : « وروي عن عيسى بن شقفي ». ورواه عبد الله بن جعفر الحميري أيضاً فيقرب الإسناد ، ص ٥٢ ، ح ١٦٩ بسنده عن عيسى بن سقفي. والرجل مجهول لم نعرفه. (٥). في « بخ » : « كان ».

(٦). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، جد ، جن » وحاشية « جت » والوسائل والفقيه والتهذيب وقرب الإسناد. وفي‌سائر النسخ والمطبوع : « على ذلك ». (٧). فيالفقيه : - « وكان معاشي ».

(٨). في « ى ، بح ، بس » والفقيه والتهذيب والقرب : - « منه ».

(٩). في « بف ، جت » : « من ».

(١٠). في « ط ، بف » والوافي والفقيه والتهذيب والقرب : « منه » بدل « من ذلك ». وقال السلطانرحمه‌الله في هامشالوافي : « قوله : منه مخرج ، يحوز تعلّقه بشي‌ء ، فيكون بياناً وصفة للشي‌ء ، ويجوز تعلّقه بمخرج ، فالمراد بالشي‌ء هو الذي سبّب الخروج ، وعلى التقديرين فالضمير راجع للسحر ».

(١١). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : حلّ ولا تعقد ، ظاهره جواز السحر لدفع السحر ، وحمله الأصحاب على ما إذا كان الحلّ بغير السحر ، كالقرآن والذكر والإقسام والكلام المباح ».

وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « وبالجملة هذا الحديث يدلّ على عدم وجوب قتل الساحر مطلقاً ،=

٦٤٨

٣٤ - بَابُ كَسْبِ الْحَجَّامِ‌

٨٥٤١ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنِ ابْنِ رِئَابٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ؟

فَقَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا لَمْ يُشَارِطْ(١) ».(٢)

٨٥٤٢ / ٢. سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ(٣) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ ، قَالَ:

____________________

= وقد شرحنا معنى السحر وحكم الحدّ فيه في الجزء التاسع في أبواب الحدود. وقال العلّامة المجلسيرحمه‌الله : حمله العلماء على تجويز الحلّ بغير السحر. وهو بعيد. والحقّ ما ذكره المصنّف من جواز هذا النوع من السحر الذي يحلّ به. وقال الشيخ المحقّق الأنصاري قدسسرهه : وظاهر المقابلة بين الحلّ والعقد في الجواز والعدم كون كلّ منهما بالسحر ، فحمل الحلّ على ما كان بغير السحر من الدعاء والآيات ونحوهما - كما عن بعض - لا يخلو من بعد. انتهى.

والسحر قد يكون موجباً للحدّ ، وهو القتل ، وقد لا يكون مضرّاً ولا نافعاً ، فيكون أكل المال بإزائه أكلاً بالباطل ، وقد يتصوّر فيه نفع عقلي ، فيجوز أخذ الاجرة عليه ، وهذا الخبر محمول عليه ».

(١٢).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٤ ، ح ١٠٤٣ ، معلّقاً عن الكليني.قرب الإسناد ، ص ٥٢ ، ح ١٦٩ ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن أبيه ، عن عيسى بن سقفي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ؛الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٨٠ ، ح ٣٦٧٧ ، معلّقاً عن عيسى بن شقفي وفي الأخيرين مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٨٤ ، ح ١٧٠٨٠ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٤٥ ، ح ٢٢٢٠٧.

(١). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٧٤ : « يدلّ على كراهة الحجامة مع الشرط وعدمها بدونه ، كما هو المشهور».

(٢).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٤ ، ح ١٠٠٨ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٥٨ ، ح ١٩٠ ، معلّقاً عن الحسن بن محبوب.المقنعة ، ص ٥٨٧ ، من دون الإسناد إلى المعصومعليه‌السلام ، وتمامه هكذا : « كسب الحجّام حلال ». راجع :التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٦ ، ح ١٠١٤ و ١٠١٥ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٠ ، ح ١٩٦ و ١٩٧ ؛ ومسائل عليّ بن جعفر ، ص ١٤٨الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٩١ ، ح ١٧٠٩٣ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٠٤ ، ذيل ح ٢٢٠٩٣ ؛ وج ٢٣ ، ص ١٩٠ ، ح ٢٩٣٤٨.

(٣). السند معلّق على سابقه. ويروي عن سهل بن زياد ، عدّة من أصحابنا.

٦٤٩

دَخَلْنَا(١) عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام وَمَعَنَا فَرْقَدٌ الْحَجَّامُ ، فَقَالَ لَهُ(٢) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي‌ أَعْمَلُ عَمَلاً ، وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهُ(٣) غَيْرَ وَاحِدٍ وَلَا اثْنَيْنِ ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ عَمَلٌ مَكْرُوهٌ ، وَأَنَا(٤) أُحِبُّ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ(٥) ، فَإِنْ كَانَ مَكْرُوهاً انْتَهَيْتُ عَنْهُ ، وَعَمِلْتُ غَيْرَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ ، فَإِنِّي مُنْتَهٍ فِي ذلِكَ إِلى قَوْلِكَ ، قَالَ : « وَمَا هُوَ؟ » قَالَ : حَجَّامٌ.

قَالَ : « كُلْ مِنْ كَسْبِكَ يَا ابْنَ أَخٍ(٦) ، وَتَصَدَّقْ(٧) ، وَحُجَّ مِنْهُ(٨) ، وَتَزَوَّجْ ؛ فَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ(٩) صلى‌الله‌عليه‌وآله قَدِ احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْأَجْرَ ، وَلَوْ كَانَ حَرَاماً مَا أَعْطَاهُ ».

قَالَ : جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ(١٠) ، إِنَّ لِي تَيْساً(١١) أُكْرِيهِ ، فَمَا تَقُولُ فِي كَسْبِهِ؟

قَالَ(١٢) : « كُلْ(١٣) كَسْبَهُ ؛ فَإِنَّهُ لَكَ حَلَالٌ ، وَالنَّاسُ يَكْرَهُونَهُ(١٤) ».

قَالَ حَنَانٌ : قُلْتُ(١٥) : لِأَيِّ شَيْ‌ءٍ يَكْرَهُونَهُ وَهُوَ حَلَالٌ؟

قَالَ(١٦) : « لِتَعْيِيرِ(١٧) النَّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً ».(١٨)

____________________

(١). في « ط » : « دخلت ».

(٢). في «ط،بخ ، بف» والتهذيب والاستبصار :- «له».

(٣). في « ى » : - « عنه ».

(٤). في « جد » : - « وأنا ».

(٥). في « ط ، جد » والوسائل ، ح ٢٢٠٩٧ والتهذيب والاستبصار : - « عنه ».

(٦). فيالوسائل ، ح ٢٢٠٩٧ : « أخي ».

(٧). في « جت » : + « منه ».

(٨). في « بخ ، بف » والوافي : « وتصدّق منه وحجّ ».

(٩). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار وفي المطبوع : « فإنّ النبيّ ».

(١٠). في « ط » : « جعلت فداك ».

(١١). التَيْسُ : الذكر من المعز إذا أتى عليه حول ، وقبل الحول هو جدي ، والجمع : تُيُوس ، مثل فلس وفلوس.المصباح المنير ، ص ٧٩ ( تيس ).

(١٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل ، ح ٢٢١١٢ والتهذيب والاستبصار. وفي المط بوع : « فقال ». (١٣). في التهذيب : + « من ».

(١٤). فيالمرآة : « يدلّ على جواز اُخذ الاُجرة لفعل الضراب ، والمشهور الكراهة ».

(١٥). في « بف » : - « قلت ».

(١٦) في « ط ، بخ ، بف » : + « قال ».

(١٧) التعيير : الذمّ ، والتقبيح. راجع :المفردات للراغب ، ص ٥٩٦ ؛المصباح المنير ، ص ٤٣٩ ( عير ).

(١٨)التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٤ ، ح ١٠٠٩ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٥٨ ، ح ١٩١ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٧ ،=

٦٥٠

٨٥٤٣ / ٣. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « احْتَجَمَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حَجَمَهُ(١) مَوْلًى لِبَنِي(٢) بَيَاضَةَ ، وَأَعْطَاهُ(٣) ، وَلَوْ كَانَ حَرَاماً مَا(٤) أَعْطَاهُ ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : أَيْنَ الدَّمُ؟ قَالَ : شَرِبْتُهُ(٥) يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ(٦) : مَا كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفْعَلَ ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَكَ حِجَاباً(٧) مِنَ النَّارِ(٨) ، فَلَا تَعُدْ ».(٩)

٨٥٤٤ / ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ(١٠) ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ؟

____________________

= ص ١٩١ ، ح ١٧٠٩٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١١١ ، ح ٢٢١١٢ ؛وفيه ، ص ١٠٥ ، ح ٢٢٠٩٧ ؛ إلى قوله : « ولو كان حراماً ما أعطاه ».

(١). في « بخ ، بف » والوافي : « وحجمه ».

(٢). في « ط » : - « لبني ».

(٣). في التهذيب : + « الأجر ».

(٤). في الاستبصار : « لما ».

(٥). في « جن » : « شربت ».

(٦). في « ى ، بح ، بس ، جد ، جن » والوافي والوسائل : « قال ».

(٧). في التهذيب والاستبصار : « حجاباً لك » بدل « لك حجاباً ».

(٨). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : حجاباً من النار ، لعلّ ترتّب الثواب وعدم الزجر واللوم البليغ لجهالته ، وكونه معذوراً بها. ولا يبعد أن يكون ذلك قبل تحريم الدم. وأمّا جعل « من » في قوله : من النار ، بيانيّة فلا يخفى بعده ».

(٩).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٥ ، ح ١٠١٠ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٥٩ ، ح ١٩٢ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦٠ ، ح ٣٥٨٥ ، معلّقاً عن عمر بن شمرالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٩٢ ، ح ١٧١٠٨ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٠٥ ، ح ٢٢٠٩٩.

(١٠). ورد الخبر فيالاستبصار ، ج ٣ ، ص ٥٩ ، ح ١٩٣ ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن ابن أبي عمير ، عن‌زرارة. وهو سهو ؛ فإنّا لم نجد توسّط ابن أبي عمير بين ابن فضّال وبين زرارة. وأمّا ابن بكير ، فقد توسّط بينهما في كثيرٍ من الأسناد. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٢٢ ، ص ٣٦٨ - ٣٦٩.

٦٥١

فَقَالَ : « مَكْرُوهٌ لَهُ أَنْ يُشَارِطَ ، وَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ أَنْ تُشَارِطَهُ(١) وَتُمَاكِسَهُ(٢) ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لَهُ ، وَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ ».(٣)

٨٥٤٥ / ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛

وَ(٤) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ؟

فَقَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ ».

قُلْتُ(٥) : أَجْرُ التُّيُوسِ؟

قَالَ : « إِنْ كَانَتِ الْعَرَبُ لَتَعَايَرُ(٦) بِهِ ، وَلَا بَأْسَ ».(٧)

٣٥ - بَابُ كَسْبِ النَّائِحَةِ‌

٨٥٤٦ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ‌

____________________

(١). في « بح » : « أن تشارط ».

(٢). فيالمرآة : « قال فيالمسالك : يكره الحجامة مع اشتراط الاُجرة على فعله ، سواء عيّنها أم أطلق ، فلا يكره لو عمل بغير شرط وإن بذلت له بعد ذلك ، كما دلّت عليه الأخبار. هذا في طرف الحاجم ، أمّا المحجوم فعلى الضدّ ، يكره له أن يستعمل من غير شرط ولا يكره معه ». وراجع :مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٣٤.

(٣).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٥ ، ح ١٠١١ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ؛الاستبصار ، ج ٣ ، ص ٥٩ ، ح ١٩٣ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن ابن أبي عمير ، عن زرارةالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٩٢ ، ح ١٧٠٩٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٠٦ ، ح ٢٢١٠١ ؛ وج ٢٣ ، ص ١٩٠ ، ح ٢٩٣٤٧.

(٤). في السند تحويل بعطف « محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان » على « عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ».

(٥). في « بخ ، بس ، بف » والوافي : « فقلت ».

(٦). في « بح » : « لتغاير ».

(٧).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٥ ، ح ١٠١٢ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٥٩ ، ح ١٩٤ ، معلّقاً عن الفضل بن شاذان.الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٧٠ ، ح ٣٦٤٥ ، معلّقاً عن معاوية بن عمّار ، إلى قوله : « فقال : لا بأس به »الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٩٣ ، ح ١٧٠٩٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٠٥ ، ح ٢٢٠٩٨ ، إلى قوله : « فقال : لا بأس به » ؛ وفيه ، ص ١١١ ، ح ٢٢١١٣ ، من قوله : « قلت : أجر التيوس ».

٦٥٢

يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ لِي أَبِي : يَا جَعْفَرُ ، أَوْقِفْ لِي مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا(١) لِنَوَادِبَ(٢) تَنْدُبُنِي(٣) عَشْرَ سِنِينَ بِمِنًى أَيَّامَ مِنًى ».(٤)

٨٥٤٧ / ٢. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٥) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « مَاتَ وَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ(٦) ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله : إِنَّ آلَ الْمُغِيرَةِ قَدْ أَقَامُوا مَنَاحَةً ، فَأَذْهَبُ إِلَيْهِمْ؟ فَأَذِنَ لَهَا ، فَلَبِسَتْ ثِيَابَهَا وَتَهَيَّأَتْ ، وَكَانَتْ مِنْ حُسْنِهَا كَأَ نَّهَا جَانٌّ ، وَكَانَتْ إِذَا قَامَتْ ، فَأَرْخَتْ(٧) شَعْرَهَا ، جَلَّلَ‌

____________________

(١). في « بخ » : « كذي وكذي ».

(٢). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي « بف » : « لنوادبة ». وفي المطبوع : « النوادب ».

(٣). في « ى » : « تندبنني ». وفي « ط ، بس » : « يندبني ». وفي « بح ، جد » وحاشية « جت » : « يندبنني ». وقال الجوهري : « ندب الميّتَ ، أي بكى عليه وعدّد محاسنه ». وقال ابن الأثير : « الندب : أن تذكر النائحة الميّت بأحسن أوصافه وأفعاله ».الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٣ ؛النهاية ، ج ٥ ، ص ٣٤ ( ندب ).

وفيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٧٦ : « يدلّ على رجحان الندبة عليهم وإقامة مآتم لهم ؛ لما فيه من تشييد حبّهم وبغض ظالميهم في القلوب ، وهما العمدة في الإيمان. والظاهر اختصاصه بهمعليهم‌السلام لما ذكرناه ». وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : لنوادب تندبني ، لا تخلو الندبة عن لحن محزن وتركيب تنمّ على وجه يناسب النوح ، ويعلم من ذلك أنّ كلَّ صوت مشتمل على لحن شجيّ غير لهو جائزٌ ، ولا يتصوّر الحرمة في ألحان تناسب مراثي أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام وسائر الأئمّةعليهم‌السلام ؛ لأنّ الغناء المحرّم - كما يأتي - هو اللهو ، ورثاء الأئمّةعليهم‌السلام ليس لهواً ، فهو خارج عن الغناء المحرّم موضوعاً ».

(٤).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٨ ، ح ١٠٢٥ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٩٧ ، ح ١٧١٠٥ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٥ ، ح ٢٢١٥٦ ؛البحار ، ج ٤٦ ، ص ٢٢٠ ، ح ٣٥.

(٥). السند معلّق على سابقه ، كما هو واضح.

(٦). هكذا في « ط » ، وهو الصحيح بقرينة ما في الذيل من الشعر. وفي سائر النسخ والمطبوع والوافي : « مات‌الوليد بن المغيرة ». وفي التهذيب : « مات ابن الوليد بن المغيرة ».

وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : الوليد بن المغيرة ، والصحيح : الوليد بن الوليد بن المغيرة ؛ فإنّه الذي أسلم وهاجر إلى المدينة وكان ابن عمّ اُمّ سلمة زوجة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمّا الوليد بن المغيرة فكان عمّها ولم يؤمن ، واُمّ سلمة كانت بنت أبي اُميّة بن المغيرة ، والوليد هذا أخو خالد بن الوليد ، وقد روت العامّة هذه الأشعار مع اختلاف يسير ».

(٧). في « ط ، بف » والوافي : « وأرخت ». والإرخاء : الإرسال.الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٤ ( رخا ).

٦٥٣

جَسَدَهَا(١) ، وَعَقَدَتْ(٢) بِطَرَفَيْهِ(٣) خَلْخَالَهَا(٤) ، فَنَدَبَتِ ابْنَ عَمِّهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَقَالَتْ :

أَنْعَى(٥) الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ

أَبَا الْوَلِيدِ فَتَى الْعَشِيرَة

حَامِي الْحَقِيقَةِ(٦) مَاجِدٌ(٧)

يَسْمُو(٨) إِلى طَلَبِ الْوَتِيرَة(٩)

قَدْ كَانَ غَيْثاً فِي السِّنِينَ(١٠)

وَجَعْفَراً(١١) غَدَقاً(١٢) وَمِيرَة(١٣)

فَمَا(١٤) عَابَ ذلِكَ عَلَيْهَا النَّبِيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله (١٥) ، وَلَا قَالَ‌.....................

____________________

(١). في « ط » : « جلّلت » بدل « جلّل جسدها ». والتجليل : التغطية ، يقال : جلّل الشي‌ءَ ، إذا غطّاه. راجع :المصباح‌المنير ، ص ١٠٦ ( جلل ). (٢). في البحار : « وعقد ».

(٣). في « ط ، بف » والوافي : « طرفه ». وفي حاشية « جت » : « بطرفه ».

(٤). في « بف » والوافي : « بخلخالها ».

وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : وقد عقدت طرفه بخلخالها ، أي عقدت طرف شعرها بخلخالها ، يدلّ على طول شعرها بحيث كان يصل إلى كعبي الرجلين ، ولعلّ إرخاء الشعر كان شعار المصاب ».

(٥). النَعْي : خبر الموت والإخبار به ، يقال : نعى الميّتَ ينعاه نَعْياً ونَعِيّاً ، إذا أذاع موته وأخبربه ، وإذا ندبه. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٨٥ ( نعا ).

(٦). حقيقة الرجل : ما يلزمه حفظه ومنعه ويحقّ عليه الدفاع عنه من أهل بيته.لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٥٢ ( حقق ). (٧). فيالوافي : « ماجداً ».

(٨). « يسمو » أي يعلو ، يقال : سما الشي‌ءُ يسمو سُمُوّاً ، أي ارتفع وعلا. راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٠٥ ( سمو ).

(٩). فيالوافي : « الوتيرة ، كأنّها من الوتر بمعنى الجناية التي يجنيها الرجل على غيره من قتل أو نهب أو سبي ؛ تعني أنّه كان يغلب على إدراك دم قتيله وما يجنى به على عشيرته ». راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ١٤٨ ( وتر ).

(١٠). السنون : جمع السَّنَة ، وهوالجدب والقحط. راجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٠٠ ( سنو ).

(١١). الجعفر : النهر الواسع الكبير ، أو النهر الصغير ، أو النهر عامّةً. راجع :لسان العرب ، ج ٤ ، ص ١٤٢ ( جعفر ).

(١٢). الغَدَق : كثرة الماء ، والماء الكثير ، والمطر الكبار القطر.لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٢٨٢ ( غدق ).

(١٣). الميرة : الطعام ، يمتاره الإنسان ، أي يأتي به ويجلبه. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٢١ ( مير ).

(١٤). هكذا في «ط، ى ، بح،بخ،بس،بف،جد،جن» والوافي والوسائل والبحار والتهذيب .وفي المطبوع:«قال : فما».

(١٥). في « ى ، بس ، جد ، جن » والوسائل : « فما عاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ». وفي « بخ ، بف ، جت » والوافي : « فما عاب عليها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ». وفي « ط » : « فما عاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليها ذلك ». وفي «بح»:«فما عاب عليها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك ». وفي حاشية « بح » والبحار والتهذيب « فما عاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك».

٦٥٤

شَيْئاً(١) ».(٢)

٨٥٤٨ / ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛

وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ(٣) جَمِيعاً ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ ، قَالَ :

كَانَتِ امْرَأَةٌ مَعَنَا فِي الْحَيِّ ، وَلَهَا جَارِيَةٌ نَائِحَةٌ ، فَجَاءَتْ إِلى أَبِي ، فَقَالَتْ : يَا عَمِّ ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ مَعِيشَتِي مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ مِنْ هذِهِ الْجَارِيَةِ النَّائِحَةِ(٤) ، وَقَدْ أَحْبَبْتُ(٥) أَنْ تَسْأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ ذلِكَ ، فَإِنْ كَانَ حَلَالاً ، وَإِلَّا بِعْتُهَا ، وَأَكَلْتُ مِنْ ثَمَنِهَا حَتّى‌ يَأْتِيَ اللهُ بِالْفَرَجِ.

فَقَالَ لَهَا أَبِي : وَاللهِ إِنِّي لَأُعْظِمُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ هذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

قَالَ : فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِ ، أَخْبَرْتُهُ أَنَا بِذلِكَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « أَتُشَارِطُ؟ ».

قُلْتُ : وَاللهِ مَا أَدْرِي تُشَارِطُ(٦) ، أَمْ لَا.

فَقَالَ(٧) : « قُلْ لَهَا : لَاتُشَارِطُ ، وَتَقْبَلُ مَا أُعْطِيَتْ(٨) ».(٩)

____________________

(١). فيالمرآة : « يدلّ على جواز النوحة ، وقيّد في المشهور بما إذا كانت بحقّ ، أي لا تصف الميّت بما ليس فيه ، وبأن لا تسمع صوتها الأجانب ».

(٢).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٨ ، ح ١٠٢٧ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٩٨ ، ح ١٧١٠٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٥ ، ح ٢٢١٥٧ ؛البحار ، ج ٢٢ ، ص ٢٢٥ ، ح ٧.

(٣). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوسائل . وفي المطبوع : « أحمد بن محمّد بن‌إسماعيل ». وهو سهوٌ أوجبه جواز النظر من « محمّد » في « أحمد بن محمّد » إلى « محمّد » في « محمّد بن إسماعيل » فوقع السقط.

والمراد من محمّد بن إسماعيل هذا ، هو ابن بزيع ؛ فقد روى محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد [ بن عيسى ] عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن حنان [ بن سدير ] في عددٍ من الأسناد. اُنظر على سبيل المثال :الكافي ، ح ١٦٣٣ و ١٩٨٤ و ٢٠٢٥ و ٤٣٧٩ و ٩٠٤٧. (٤). فيالوسائل : - « النائحة ».

(٥). في الوسائل : « فاُحبّ » بدل « وقد أحببت ».

(٦). في «بخ،بف» والتهذيب والاستبصار :« أتشارط ».

(٧). في «بخ،بف»والوافي :+ «أبو عبد اللهعليه‌السلام ».

(٨). فيالمرآة : « يدلّ على كراهة الاشتراط ».

(٩).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٨ ، ح ١٠٢٦ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٠ ، ح ٢٠٠ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ،=

٦٥٥

٨٥٤٩ / ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ عُذَافِرٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ(١) أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (٢) - وَقَدْ(٣) سُئِلَ(٤) عَنْ كَسْبِ النَّائِحَةِ - قَالَ(٥) : « تَسْتَحِلُّهُ بِضَرْبِ(٦) إِحْدى يَدَيْهَا عَلَى الْأُخْرى(٧) ».(٨)

٣٦ - بَابُ كَسْبِ الْمَاشِطَةِ وَالْخَافِضَةِ‌

٨٥٥٠ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَمَّا هَاجَرَتِ(٩) النِّسَاءُ إِلى رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هَاجَرَتْ فِيهِنَّ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا : أُمُّ حَبِيبٍ ، وَكَانَتْ خَافِضَةً(١٠) تَخْفِضُ الْجَوَارِيَ ، فَلَمَّا رَآهَا‌

____________________

= عن محمّد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير.قرب الإسناد ، ص ١٢٣ ، ح ٤٣٤ ، بسنده عن حنان بن سدير ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٩٩ ، ح ١٧١٠٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٦ ، ح ٢٢١٥٨.

(١). في « ط ، بخ ، بف » والوافي : « سألت ».

(٢). في « ى » : + « يقول ».

(٣). في « ى ، بح ، بس ، جد ، جن » والوسائل : - « قد ».

(٤). في « جن » : « يسئل ». وفي « ط ، بخ ، بف » والوافي : - « وقد سئل ».

(٥). في « ط ، بح ، بخ ، جت ، جد » والوافي : « فقال ». وفي « بف » : - « قال ».

(٦). في « بف » : « فبضرب ».

(٧). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : تستحلّه ، لعلّ المراد بها تعمل أعمالاً شاقّة فيها تستحقّ الاُجرة ، أو هو إشارة إلى أنّه لا ينبغي أن تأخذ الأجر على النياحة ، بل على ما يضمّ إليها من الأعمال. وقيل : هو كناية عن عدم اشتراط الاُجرة ، ولا يخفى ما فيه ».

(٨).الفقيه ، ج ١ ، ص ١٨٣ ، ذيل ح ٥٥٢ ؛ وج ٣ ، ص ١٦٢ ، ح ٣٥٩٢ ، مرسلاً من دون التصريح باسم المعصومعليه‌السلام الوافي ، ج ١٧ ، ص ١٩٩ ، ح ١٧١٠٨ ؛الوسائل : ج ١٧ ، ص ١٢٦ ، ح ٢٢١٥٩.

(٩). في « بف » والكافي ، ح ١٠٥٥٩والتهذيب : « هاجر ».

(١٠). الخفض للنساء كالختان للرجال ، ويقال : خفضتُ الجارية ، مثل ختنتُ الغلام ، والخافضة : الخاتنة. راجع :الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٧٤ ؛النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٤ ( خفض ).

٦٥٦

رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قَالَ لَهَا : يَا أُمَّ حَبِيبٍ ، الْعَمَلُ الَّذِي كَانَ فِي يَدِكِ هُوَ فِي يَدِكِ الْيَوْمَ؟ قَالَتْ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَرَاماً ، فَتَنْهَانِي عَنْهُ ، فَقَالَ(١) : لَا(٢) ، بَلْ حَلَالٌ ، فَادْنِي مِنِّي حَتّى أُعَلِّمَكِ. قَالَتْ(٣) : فَدَنَوْتُ(٤) مِنْهُ ، فَقَالَ : يَا أُمَّ حَبِيبٍ ، إِذَا أَنْتِ فَعَلْتِ فَلَا تَنْهَكِي - أَيْ لَاتَسْتَأْصِلِي - وَأَشِمِّي(٥) ؛ فَإِنَّهُ أَشْرَقُ لِلْوَجْهِ ، وَأَحْظى عِنْدَ الزَّوْجِ(٦) ».

قَالَ : « وَكَانَ لِأُمِّ حَبِيبٍ أُخْتٌ يُقَالُ لَهَا : أُمُّ عَطِيَّةَ ، وَكَانَتْ مُقَيِّنَةً(٧) - يَعْنِي مَاشِطَةً - فَلَمَّا انْصَرَفَتْ أُمُّ حَبِيبٍ إِلى أُخْتِهَا ، أَخْبَرَتْهَا بِمَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله (٨) ، فَأَقْبَلَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ إِلَى النَّبِيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا قَالَتْ لَهَا أُخْتُهَا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله (٩) : ادْنِي مِنِّي يَا أُمَّ عَطِيَّةَ ، إِذَا أَنْتِ قَيَّنْتِ الْجَارِيَةَ ، فَلَا تَغْسِلِي وَجْهَهَا بِالْخِرْقَةِ ؛ فَإِنَّ الْخِرْقَةَ تَشْرَبُ مَاءَ(١٠) الْوَجْهِ(١١) ».(١٢)

____________________

(١). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جد ، جن » والوسائل والبحار والكافي ، ح ١٠٥٥٩ والتهذيب ، ج ٦ : « قال».

(٢). في « بس ، جد » والوسائل : - « لا ».

(٣). في«ط،بح،بس،جت ، جن » والبحار : « قال ».

(٤). في « ط ، ى ، بس ، جت » والبحار : « فدنت ».

(٥). قال ابن الأثير : « وفي حديث اُمّ عطيّة : أشمّي ولا تنهكي ، شبّه القطعَ اليسير بإشمام الرائحة ، والنهكَ بالمبالغة فيه ، أي اقطعي بعض النواة ولا تستأصليها ». وقال أيضاً : « ومنه حديث الخافضة : قال لها : أشمّي ولا تنهكي ، أي لا تبالغي في استقصاء الختان ».

(٦). « أحظى عند الزوج » أي أحبّ ، يقال : حظيتالمرأة عند زوجها تحظى حُظْوَةً وحِظْوَةً ، أي سعدت به ودنت من قلبه وأحبّها. راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ٤٠٥ ( خطا ).

(٧). « مقيّنة » أي مزيّنة ، وتقيين العروس : تزيينها. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢١٨٦ ( قين ).

(٨). في « بخ ، بف ، جت ، جد » والوافي : « بما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لها ».

(٩). في « بخ ، بف » : - « رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(١٠). في التهذيب :«تذهب بماء» بدل « تشرب ماء ».

(١١). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٧٨ : « ثمّ إنّ هذا الخبر يدلّ على جواز فعل الماشطة وحلّيّة أجرها ، وحمل على عدم الغشّ ، كوصل الشعر بالشعر وشمّ الخدود وتحميرها ونقش الأيدي والأرجل ، كما قال فيالتحرير ، وعلى جواز الاُجرة على خفض الجواري ، كما هو المشهور ». وراجع :تحرير الأحكام ، ج ٢ ، ص ٢٦٧ ، المسألة ٣٠٤١.

(١٢).الكافي ، كتاب العقيقة ، باب خفض الجواري ، ح ١٠٥٥٩. وفيالتهذيب ، ج ٧ ، ص ٤٤٦ ، ح ١٧٨٥ ، معلّقاً عن =

٦٥٧

٨٥٥١ / ٢. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(١) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَشْيَمَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ،عَنْ رَجُلٍ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « دَخَلَتْ مَاشِطَةٌ عَلى رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَقَالَ لَهَا : هَلْ(٢) تَرَكْتِ عَمَلَكِ ، أَوْ أَقَمْتِ عَلَيْهِ؟ قَالَتْ(٣) : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَنَا أَعْمَلُهُ إِلَّا أَنْ تَنْهَانِي عَنْهُ(٤) ، فَأَنْتَهِيَ عَنْهُ(٥) ، فَقَالَ(٦) : افْعَلِي ، فَإِذَا مَشَطْتِ فَلَا تَجْلِي(٧) الْوَجْهَ بِالْخِرَقِ(٨) ؛ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ(٩) بِمَاءِ الْوَجْهِ ، وَلَا تَصِلِي(١٠) الشَّعْرَ بِالشَّعْرِ ».(١١)

٨٥٥٢ / ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ(١٢) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ مُكْرَمٍ ، عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ ، قَالَ :

____________________

= الكليني ، وفيهما إلى قوله : « وأحظى عند الزوج ».التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٠ ، ح ١٠٣٥ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصرالوافي ، ج ١٧ ، ص ١٩٩ ، ح ١٧١١٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٢١٧٠ ، إلى قوله : « وأحظى عند الزوج » ؛البحار ، ج ٢٢ ، ص ١٣٢ ، ح ١١٢.

(١). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا.

(٢). في « ط » : - « هل ».

(٣). هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي . وفي المطبوع : « فقالت ».

(٤). في « بح » : - « عنه ».

(٥). في « ط » : - « عنه ».

(٦). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والتهذيب. وفي المطبوع : + « لها ».

(٧). في « ى ، بس » : « فلا تجلّي ». وفي « بف » : « فلا تخلي » وفيالتهذيب : « فلا تحكي ».

(٨). في « بخ ، بف » والوافي : « بالخرقة ». وفيالتهذيب : « بالخزف ».

(٩). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والتهذيب. وفي المطبوع : « فإنّها تذهب ».

(١٠). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : لا تصلي ، كأنّه لعدم جواز الصلاة ، أو للتدليس إذا أرادت التزويج ».

(١١).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٩ ، ح ١٠٣١ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٢ ، ح ١٧١١٥ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٣١ ، ح ٢٢١٧٤.

(١٢). في التهذيب : « أحمد بن الحسن ». وهو سهو ؛ فقد روى محمّد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم‌كتاب أبي خديجة سالم بن مكرم ، وتكرّرت في الأسناد رواية محمّد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن سالم بن مكرم بعناوينه المختلفة. راجع :الفهرست للطوسي ، ص ٢٢٦ ، الرقم ٣٣٧ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٩ ، ص ٥٢٤ - ٥٢٥.

٦٥٨

سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ(١) عليه‌السلام عَنِ الْقَرَامِلِ(٢) الَّتِي تَضَعُهَا(٣) النِّسَاءُ فِي رُؤُوسِهِنَّ يَصِلْنَهُ بِشُعُورِهِنَّ(٤) ؟

فَقَالَ : « لَا بَأْسَ(٥) عَلَى الْمَرْأَةِ بِمَا(٦) تَزَيَّنَتْ بِهِ لِزَوْجِهَا ».

قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ(٧) : بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ.

فَقَالَ : « لَيْسَ هُنَاكَ ، إِنَّمَا لَعَنَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله الْوَاصِلَةَ(٨) الَّتِي تَزْنِي فِي شَبَابِهَا ، فَلَمَّا كَبِرَتْ قَادَتِ النِّسَاءَ(٩) إِلَى الرِّجَالِ ، فَتِلْكَ(١٠) الْوَاصِلَةُ وَالْمَوْصُولَةُ ».(١١)

٨٥٥٣ / ٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ :

____________________

(١). في الكافي ، ح ١٠٢٢٧ : « عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : سئل » بدل « قال : سئل أبو جعفرعليه‌السلام ».

(٢). « القرامل » : هي ضفائر من شعر أوصوف أو إبريسم ، تصل به المرأة شعرها.النهاية ، ج ٤ ، ص ٥١ ( قرمل).

(٣). في « بح ، بس » والوافي والكافي ، ح ١٠٢٢٧والتهذيب : « تصنعها ». وفي « بف » : « تضعهنّ ».

(٤). في « بخ ، بف » والوافي : « يصلن به شعورهنّ ».

(٥). في « ط ، بف » والوافي والتهذيب : + « به ».

(٦). فيالتهذيب : « ما ».

(٧). في « بس ، جت ، جد ، جن » والوسائل ، ح ٢٢١٧٥ والكافي ، ح ١٠٢٢٧والتهذيب : - « له ».

(٨). فيالكافي ، ح ١٠٢٢٧ : + « والموصولة ». وقال ابن الأثير : « وفيه أنّه لعن الواصلة والمستوصلة ، الواصلة : التي‌تصل شعرها بشعرٍ آخَرَ زورٍ ، والمستوصلة : التي تأمر من يفعل بها ذلك ».النهاية ، ج ٥ ، ص ١٩٢ ( وصل ).

(٩). « قادت النساء » أي جمعت بينهنّ وبينهم للفجور ؛ من القيادة ، وهي السعي بين الشخصين لجمعهما على الوطي المحرّم. وقال المحقّق : « أمّا القيادة فهي الجمع بين الرجال والنساء للزنا ، أو الرجال والصبيان للّواط ». راجع :النهاية ، ص ٧١٠ ؛المختصر النافع ، ص ٢١٩ ؛ كتابالمكاسب للشيخ الأعظم ، ج ١ ، ص ٣٨٥.

(١٠). في « بف » : « فقال ». وفي « بخ » : - « فتلك ».

(١١).الكافي ، كتاب النكاح ، باب النهي عن خلال تكره لهنّ ، ح ١٠٢٢٧. وفيالتهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٠ ، ح ١٠٣٢ ، معلّقاً عن الكليني.المحاسن ، ص ١١٤ ، كتاب عقاب الأعمال ، ح ١١٥ ، بسنده عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن سعد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، من قوله : « فقلت له : بلغنا ». راجع :الكافي ، كتاب الحيض ، باب غسل الحائض ، ح ٤١٧٢ ؛ وكتاب النكاح ، باب النهي عن خلال تكره لهنّ ، ح ١٠٢٢٦ ؛ والفقيه ، ج ٤ ، ص ٤٧ ، ح ٥٠٦٢ ؛ومعاني الأخبار ، ص ٢٤٩ ، ح ١ ؛ وص ٢٥٠ ، ح ١الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٢ ، ح ١٧١١٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٣٢ ، ح ٢٢١٧٥ ؛ وج ٢٠ ، ص ١٨٧ ، ذيل ح ٢٥٣٨٧.

٦٥٩

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « كَانَتِ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا : أُمُّ(١) طَيْبَةَ(٢) تَخْفِضُ الْجَوَارِيَ ، فَدَعَاهَا النَّبِيُّ(٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَقَالَ(٤) لَهَا : يَا أُمَّ طَيْبَةَ(٥) ، إِذَا خَفَضْتِ(٦) فَأَشِمِّي ، وَلَا تُجْحِفِي(٧) ؛ فَإِنَّهُ أَصْفى لِلَوْنِ الْوَجْهِ(٨) ، وَأَحْظى عِنْدَ الْبَعْلِ ».(٩)

٣٧ - بَابُ كَسْبِ الْمُغَنِّيَةِ وَشِرَائِهَا‌

٨٥٥٤ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ(١٠) عليه‌السلام عَنْ كَسْبِ الْمُغَنِّيَاتِ(١١) ؟

فَقَالَ : « الَّتِي يَدْخُلُ(١٢) عَلَيْهَا الرِّجَالُ حَرَامٌ ، وَالَّتِي تُدْعى إِلَى الْأَعْرَاسِ(١٣) لَيْسَ‌

____________________

(١). في « بف » : - « اُمّ ».

(٢). في « ط ، بف ، جد » وحاشية « ى » : « ظبية ». وفي « بس » : « طَبِيَّة ».

(٣). في الكافي ، ح ١٠٥٥٨ : « رسول الله ».

(٤). في « بخ ، بف » والوافي : « وقال ».

(٥). في « ط ، بف ، جد » وحاشية « ى » : « ظبية ». وفي « بس » : « طَبِيَّة ».

(٦). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوسائل . وفي المطبوع : + « الجواري ». وفيالكافي ، ح ١٠٥٥٨ : « إذا أنت خفضت امرأة ».

(٧). فيالوافي : « الإجحاف - بتقديم الجيم على المهملة - : الإذهاب رأساً ». راجع :المغرب ، ص ٧٦ ( جحف ).

(٨). في « ط ، بف » والوافي والكافي ، ح ١٠٥٥٨والتهذيب : « للّون » بدل « للون الوجه ». وفي « ى » : « للوجه » بدلها.

(٩).الكافي ، كتاب العقيقة ، باب خفض الجواري ، ح ١٠٥٥٨. وفيالتهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٠ ، ح ١٠٣٤ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٣ ، ح ١٧١١٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٣٠ ، ح ٢٢١٧١.

(١٠). في « ى » والوسائل : « أبا عبد الله ».

(١١). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : عن كسب المغنّيات ، ذكر الشيخ المحقّق الأنصاري - قدّس الله تربته - في الغناء وحكمه ما لا يزيد عليه ولم يبق لأحد بعده كلام ، وحاصل مذهبه أنّ الصوت من حيث هو صوت قد يكون بحيث لا يمكن أن يتصوّر فيه غير كونه لهواً ، وهو حرام ، سواء قارنه فعل محرّم أم لا ، فالحرمة ثابتة لنوع من الأصوات ».

(١٢). في « ط ، بخ ، بف » والتهذيب والاستبصار : « تدخل ». وفي « جن » بالتاء والياء معاً.

(١٣). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : التي يدخل عليها الرجال حرام والتي تدعى إلى =

٦٦٠

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765