الكافي الجزء ٩

الكافي7%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 765

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 765 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 195733 / تحميل: 6730
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

٢١

التورخة!

كثيراً ما صيغ التاريخ ، وقيل : إن ذلك من أجل العبرة والعبر ، وكذلك من أجل حفظ وعي الأمة وذكراها حتى لا تنسى ماضيها وتبقى مرتبطة به.

لكن إلى أي حد عبّر هذا التاريخ عن وعي الأمة الحقيقي؟ لأن كتابة التاريخ تتداخل فيها الآنات ذات الاتجاهات المتعددة ، والمرتبطة باللحظة التي وافق فيها المؤرخ نفسه على صياغة مشروعه التاريخي.

فتبقى هذه المادة التاريخية معبرة بطبيعتها عن وجهة نظر المؤرخ ، وذلك على حد قول ابن خلدون : إن التاريخ نظر لا مجرد رواية(١) ، ومنه يصبح نظر المؤرخ هو المحدد لنوعية المادة التاريخية.

إذن ، فهناك علاقة وطيدة بين المؤرخ كفاعل والمادة التاريخية كأرضية لهذا الفعل ، أي أن التاريخ هو التفاعل الناتج عن التقاء المؤرخ والمعلومات المرتبطة بالماضي والتي نسميها تاريخية.

وبتعبير آخر هي مجموع المعلومات المرتبطة بالزمن الغابر الماضي ومعرفة الشخص المؤرخ بها ، ومن ثم يكون إدراكه لها ليس كلياً ،

__________________

١ ـ نقلا عن عبد الله العروي ، مفهوم التاريخ : ١ / ٣٦ ، الطبعة ٣ ، ١٩٩٧ ، المركز الثقافي العربي.

٢٢

ودليلا على أن في التاريخ أحداث مجهولة بفعل جهل المؤرخ لها وعدم اطلاعه عليها ، أو بفعل تجاهلها لظروف خاصة ولم تؤرخ.

وبعدها فإننا نستنتج أن التاريخ حتماً لا ينفصل عن الإنسان وبخاصة الإنسان المختص والذي اصطُلح عليه بالمؤرخ ، فتقودنا النتيجة بطبيعة الحال إلى القول بأن التاريخ هو تاريخ البشر وللبشر. وكما يقال : أن التاريخ بشري بالتعريف أي أنه استحضار يقوم به المؤرخ في لحظة تصوير حركة التاريخ وكتابته ( الاسطوغرافيا ) ; وعلى حد تعبير « مارك بلوك » : أن الأحداث التاريخية هي في جوهرها وقائع نفسية بمعنى حضور مؤثرات أثناء ممارسة التدوين والتأريخ ، والتي تعطي للمادة التاريخية صورة تعكس طبيعة الشخص المشتغل بها.

ويمكن قراءة هذه المسألة من وجهة نظر علم التطور ( L¨EVOLOTION ) وبالضبط مع النظرية اللامركية ( Lamark ) فيما يخص التطور الطبيعي والتي تعتمد في مقولاتها على تأثير الظواهر الطبيعية على ظاهر النوع المدروس ; أي مثلا أن التغيير الفينوتيبي ( Phenotype ) لنبتة ما في وسط ما مثلا في أعلى قمة جبل حيث قوة الرياح قوية تجعلها قصيرة الشكل ، لكن وجودها في منطقة منخفضة حيث تزول هذه العوامل يجعلها طويلة القامة.

فكذلك حال المؤرخ والمادة التاريخية فهو يهادن الأجواء الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المحيطة به ولا يجد مفراً من الخضوع لها من أجل الحفاظ على مكانته ومنزلته داخل الوسط فيصبح بذلك كلّ ما دُوِّن هو ما أراده المؤرخ لهذا الإنسان ، وليس ما يريده

٢٣

الإنسان أي أن موضوع التاريخ ليس ما يريد الانسان بل هو تصورنا لما يريد(١) .

ونصل إلى نتيجة حتمية وهي أن التاريخ ليس ثابتاً ككتابة ، بل هو متغير على حسب طبيعة المؤرخ. فتاريخ اليعقوبي(٢) مثلا ليس فيه من الشبه ما يجعله مثيل الطبري نظراً لتدخل الشخصية في المعطيات المتواجدة ; ومنه يجب أن نعلم أن التاريخ لا يكتب مرة واحدة بل تعاد كتاباته باستمرار تحت إيحاء وضغط اسئلة يلقيها الحاضر على الماضي ، وتتجاوب فيها النزاعات الفردانية لكل شخص ، وبكل تلاوينها ، ويكون الخاسر فيها هو الإنسان الذي من أجله صيغ هذا التاريخ.

والملاحظة التي يجب أن لا نغفل عنها وعلينا أن نأخذها بعين الإعتبار والجدية هي أن كبار المؤرخين كانوا رجال تاريخ بمعنى مزدوج ; رجال سياسة ، ورجال دراسة ، ذاكرين التاريخ ومؤثرين فيه ، بل لا يوجد مؤرخ محترم لم يحاول أن يلعب دوراً سياسياً. ومن ثم تغيب المصداقية للمادة التاريخية بحيث تصبح في غالبها تمثيلا ورؤية للقوة المسيطرة ، يغيب فيها تاريخ المعارضة. ولا يقف الأمر عند هذا

__________________

١ ـ تولستوي نقلا عن عبد الله العروي مفهوم التاريخ ط٣ سنة ١٩٩٧ المركز الثقافي العربي.

٢ ـ اليعقوبي الذي كان له الدور البارز في إحداث تجديد في صميم الكتابة التاريخية ( نقلا عن محنة التراث الآخر ص ٢٥ ط١ سنة ١٩٩٨ دار الغدير ) ورغم ذلك همش ولم يعتد به.

٢٤

الحد ، بل يصبح تصوير المعارضة بالشكل الذي تريده السلطة أو المؤسسة الفاعلة ، وهذا ما يصادف قول « تولستوي » الذي ذكرناه سالفاً.

وأثناء فعل الكتابة التاريخية ( الاسطوغرافيا ) والتي تعتمد في أساسها على المرويات يدخل الراوي كفاعل أساسي فيه ، حيث يستحضر في مروياته لفظ الراوي أي بالنمط التقليدي على نمط قال فلان ، حدثنا فلان ، أو سمعت فلان.

وهنا تحضر شخصية المؤرخ بقوة إذ أنه لا يروي الخبر بقدر ما يستحضر الغائب(١) وهذا الغائب محل استفهام ، أي كيف يمكن قبول قول هذا ورفض قول ذاك؟ وماهي المعايير المعتمدة في تحديد أهلية الراوي للرواية؟

وهنا تتداخل الأنات وتدخل السياسة من بابها الواسع وتتبعها النعرات الايديلوجية فلهذا أصبح علم الرجال ضرورة حتمية.

والأمر هنا ليس مرفوضاً لذاته ، بل لطريقة تعاطي المؤرخين والعلماء المختصين به. فيصير بذلك الطعن في الشخص لمجرد ولائه الايديولوجي والذي بالطبع يخالف النمط السياسي المسيطر.

ويقال مثلا عنه مردود الرواية لأنه رافضي خبيث والتاريخ الإسلامي مليء بهذه النماذج.

__________________

١ ـ كلود برود « التاريخ في ممالك أغنى من ساحل العاج أنال » عدد ٤ ، ١٩٧٩ ص ١١٢٤ بواسطة عبد الله العروي.

٢٥

فمثلا إذا اخذنا السدي وهو أحد الثقات الشيعة ، يقول عنه الجوزجاني : حدثت عن معمر عن ليث : كان بالكوفة كذابان فمات احدهما السدي والكلبي(١) ورغم توثيق بعض كبار علماء السنة له كابن حنبل يذكر الجوزجاني في شأن سعيد بن كثير : « سعيد بن كثير فيه غير لون من البدع وكان مخلطاً غير ثقة »(٢) .

ويأتي ابن حجر ليبرر المسألة في قوله « سعيد بن كثير بن عفر رمي بالتشيع »(٣) وكتب التاريخ حبلى بهذه النماذج.

وكمثال آخر للرواة ، وهم الرواة الذين تقبل رواياتهم رغم تجريح العموم لهم ، لأن مروياتهم تخدم الوضع القائم والذي يراد صياغته للناس. كمثال على ذلك مرويات سيف بن عمر التميمي والتي لم يتخلص منها التاريخ لحد الآن.

إذن يظهر لنا جليا بأننا نقف فوق تاريخ مأزوم بتداخل العناصر الفاعلة فيه والتي اعتقد أن الفاعل فيها هو المؤرخ والذي لم يصل إلى حد الاحترافية وتعري النزاهة بحيث أن المؤرخ المحترف في الأصل

__________________

١ ـ أسد حيدر الامام الصادق والمذاهب الأربعة : ٣ / ٥١٠ ، الطبعة ٣ ، ١٤١١هـ. الناشر مكتبة الصدر بطهران.

٢ ـ الجوزجاني : تذكرة الخواص ٢ : ١٤ نقلاً عن الامام الصادق والمذاهب الأربعة.

٣ ـ المصدر السابق وذكر ابن حجر الهيتمي في صواعقه المحرقة حديثاً مرفوعاً يقول : « يكون في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة ، يرفضون الإسلام فاقتلوهم فإنهم مشركون » ص ٥ نقلا عن محنة التراث الآخر.

٢٦

والعمق دائماً حافظ ، محافظ ، ومتحفظ(١) .

إذن كسؤال جوهري إلى أي حد كانت هذه الشروط متوفرة في المؤرخ الإسلامي؟ ما هي المحددات الرئيسية لشخصية المؤرخ الإسلامي؟

قبل الإجابة على هذه الأسئلة ، لابد من الإشارة إلى التوجهات الحداثية في قراءة التاريخ الإسلامي ، هل استطاعت أن تخرج من بوتقة التقليد والعماء الايديلوجي لصياغة نزيهة وفق ما يريده البشر لا وفق ما يُراد للبشر؟

__________________

١ ـ عبد الله العروي ص ٤٣ المصدر السابق.

٢٧

التاريخ والحداثة

لقد أصبح التاريخ الإسلامي مادة خصبة لكل الدراسات نظراً لما يحوي في داخله من معطيات ; أي أن خصوبة هذه المادة التاريخية جعلت كل المدارس تطمع لقرائتها وتحويرها بالشكل الذي يفرضه منهج الدارس ، ومحاولة عرضه على الأشخاص تارة كحل جاهز بعد إزالة غبار التخلف عنه وتقديمه كقراءة بديلة وموافقة لمتطلبات العصر ، وتارة فقط بطرح أسئلة عليه وتقديمه كمادة ملغومة يجب التعامل معها باحتياط والسعي لانتقاء ما نراه الأفضل ; وذلك طبعاً وفق الحمولة المعرفية ورمي الباقي خارج التاريخ.

فتنوّعت بذلك القراءات مع اختلاف المناهج والآليات. وكما استخلصنا في المقام الأول على أن هذه المادة التاريخية الموروثة هي إنتاج فرضته اللحظة الزمنية والمكانية للمؤرخ ، نصل حتما إلى كون هذه المادة أصلا تشكّل مشكلا في حد ذاتها ، باعتبار تلاعبات الزمن فيها والتي هي في الواقع تلاعبات المؤرخ نفسه.

نضيف إليه كذلك الإشكال الثاني الذي له نفس الأهمية(١) ، وهو

__________________

١ ـ راجع ادريس هاني ، محنة التراث الآخر ص ٢٤ ، ط١ ، سنة ١٩٩٨ ، دار الغدير.

٢٨

الفاعل في المادة التاريخية ، ذلك الحدثوي المتسلح بمعارف مدرسته ومناهجها والساعي لايجاد حل لهذه الأزمة.

لكن مع الأسف لم يتغيرأي شيء فأصبح ذلك الطابع السياسي القديم والذي هو مؤطر حتماً لايديلوجية السلطة الحاكمة المقنعة مُعبراً عنه بشكل ايديلوجي أوضح ; أي فقط بتغيير صفة المهيج. فإذا كان المؤرخ القديم يسعى لإثبات الشرعية للكيانات السياسية القائمة انذاك ، وعلى حد تعبير ادريس هاني بأن التاريخ العربي قتلته السياسة ، فإن القراءة التاريخية الحداثية غلب عليها الطابع الايديولوجي ، وأصبحت المادة التاريخية أسس لمجموعة من النظريات ، كالماركسية ، البنيوية والمناهج الإبستملوجية ، فجاءت الخزانة العربيّة والإسلاميّة زاخرة بعدة قراءات ابتداءاً من النزعات المادية لحسين مروة ونقد العقل العربي لمحمد عابد الجابري إلى من العقيدة إلى الثورة لحسن حنفي.

ولكن يبقى سؤالا جوهرياً وهو : إلى أي حد استطاعت هذه القراءات أن تجيب على الإشكالات الأساسية للتاريخ الإسلامي؟

فإذا كان محمد عابد الجابري يحاول استنطاق المعقول العقلي من داخل التاريخ الإسلامي بآليات ابستملوجية وبنزعة عقلانية فعلى الرغم من وسع سعته فإنه جاء برغماتيا في نفس الوقت ، وتظهر من داخل نصوصه النزعة الايدلوجية المفرطة ، وكما قال عنه علي حرب في كتابه نقد النص على أنه يحاول أن ينتصر للمذهب السني على الشيعي وللفكر المغربي على نظيره المشرقي ، فتراه في كتاباته يجهد نفسه لجعل الغلبة للعالم الإسلامي السني المغربي ومحاولة إيجاد صيغة

٢٩

مشروع إسلامي ينبني أساسه على علماء وفلاسفة من أهل المغرب كابن رشد على مستوى الفلسفة ، وابن حزم على مستوى الفقه ، والشاطبي على مستوى الأصول ، مما جعل قراءته تنطلي ببُعد ايديلوجي يغيب فيها المعقول العقلي على حد تعبيره. ويطبع عليها الانتقائية في التعامل مع المادة التاريخية ، وذلك وفق الميولات المعرفية له ، فاوقف شطراً كبيراً من المعرفة الإسلامية ووسمها باللامعقول الديني علماً أن رموزها المعرفية أبدعوا في مجالات المعرفة(١) ولكن نظراً لطابعهم الايدلوجي دخلوا في دائرة الغنوصي الافلوطيني.

وقد تكون المدرسة الماركسية منصفة باعتبار قربها من طبقة المعارضة ، ولكنها أفرطت في التعاطي مع الجانب الاقتصادي والمادي ، وهذا ما نراه من خلال كتاب النزعات المادية لحسين مروة او كتابات جل الماركسيين الذين جعلوا المشروع يأتي غير كامل وغير ملم بالجوانب الأخرى والتي لها الأهمية القصوى كالجوانب الاجتماعية ، والثقافية ، التي تلعب دوراً أساسياً في التاريخ العربي الإسلامي وإحدى مقوماته الأساسية.

أما حسن حنفي فقد عرف طريقه وحدد الوجهة الصحيحة حينما تحدث بمفاهيم جديدة وجذابة والتي تتمثل في هدم التراث وإعادة بنائه ، ومحاولة تثوير هذا التراث ، فإنه لم يخرج عن الإطار العام

__________________

١ ـ راجع هنرى كربان : تاريخ الفلسفة الإسلامية ترجمة نصير مروة وحسن قبسي الطبعة ٢ سنة ١٩٩٨ دار عويدات للنشر.

٣٠

والمتمثل في النزعة الايديلوجية لطروحاته ، وكما يعبر عنها هو نفسه وبطريقه لا تثيره بكونه المعتزلي الوحيد حيث جعل مركز فكر التراث العربي والإسلامي هو الفكر الإعتزالي وعلى ضوئه تتم قراءة الأحداث التاريخية مما يعطيه بعداً برغماتيا في التعاطي مع الأحداث التاريخية ; فيغيب فيها النقد الموضوعي والقراءة الصريحة.

يظهر لنا إذن على أن الذاتية والأنا رغم تغيّر الزمان والمكان فإنها تبقى حاضرة بفعلها على المادة التاريخية ، وكما قال « كولينجورد » كلما خضع الإنسان في تصرفه لطبيعته الحيوانية ، لغرائزه وشهواته حاد عن شرعة التاريخ(١) .

ويبقى إذن أن نستلخص سؤالا جوهرياً يحدد أزمة التاريخ في الفكر الإسلامي العربي وهو كيف تعاطى المؤرخ الإسلامي مع الأحداث التاريخية؟ وماهي المحددات المتداخلة في إنتاج هذه المادة التاريخية؟

__________________

١ ـ عبد الله العروي ، مفهوم التاريخ : ١ / ٣٦ ط٣ ، سنة ١٩٩٧ ، المركز الثقافي العربي.

٣١

التاريخ المقدس

ماذا نقصد بالتاريخ المقدّس؟

لعل ما يواجه أي دراسة هو صعوبة تحديد المصطلحات وإدراجها بالشكل الذي يناسب طبيعة الموضوع المدروس. وليس هناك من شك بأن الدراسات التاريخية تبقى مجالا خصبا لصياغة مفاهيم واستعمالها وفق الحالات الزمكانية للمادة المدروسة.

وكما أسلفنا سابقاً وفق المناهج المعتمدة والباحثة في التراث ، آثرنا في هذا المبحث استعمال مصطلح التاريخ المقدس لما له من دلالة عميقة وخصوصاً بالنسبة لتاريخنا الإسلامي ، والذي أُحيط بنوع من الهالة والقدسية أصبحت فيما بعد حاجزاً للغور في أعماقه ، والذي يؤثر سلبا على المردود المجتمعي العام ; بحيث لا يستطيع ممارسة النقد الذاتي ومن ثم لا يمكنه الخروج من بوتقة الظلم والذي سيؤدي حتماً إلى السقوط في التخلّف.

وهذا ما يمكن ملاحظته بالنسبة للمجتمع الإسلامي. بحيث ظل لسنوات طوال رهين قدسيّة مزيفة محاطة بأسلاك كهربائية ، لتأتي في الأخير على نهاية الأمة وسقوطها في التبعية والانحطاط.

إن التاريخ لم يقصد به تأريخ الأحداث والوقائع الماضية فهذا بحد

٣٢

ذاته يعد حصرا لأن الامم السابقة لم تكن تملك السنوات فقط ، بل كانت تملك كل مقومات المجتمع الثقافية ، السياسية ، الاقتصادية ، وإن تم حصرها في التراث فهذا التراث هو نتاج عملية تأريخ للمجتمعات القديمة والتي كانت تخبرنا عن العالم الفلاني في السنة كذا وعن الحاكم الفلاني والحدث كذا فأعطانا كمًّا هائلا توارثته كتب التاريخ ، فأخذ بذلك التراث صبغته التاريخية من ثم نستطيع أن نقول أن التاريخ هو علم تدوين مجموع الأحداث الماضية والحاقاتها الثقافية ، الاقتصادية ، والسياسية ، والتي تكون في مجموعها المادة التاريخية يبقى إذن أن نفصّل معنى اللفظ وهو المقدس.

إن دلالة القدسي تعني ثبوتية الشيء ، فمثلا حينما نقول حديث قدسي فهو ثابت القدسية من حيث هو صادر عن الله تعالى ، والقدسية هي صفة ناتجة عن الهالة التي أحيط بها الشيء المراد تقديسه. فإذا قلنا مثلا التاريخ القدسي فهو ثابت القدسية ويستحيل زعزعة قدسيته وهذا ما صار مع التاريخ الإسلامي بحيث أحيط بنوع من الهالة والقدسية ومن ثم استحال الامر لولوج هذا الميدان ونقده نقداً منطقياً وبناءاً.

حتى أصبح المؤرخ يستعيض من ذكر أشياء قد تمس في قدسية هذا التاريخ ; وبالضبط في رجالاته ، لما أحيط به من القدسيّة والتعظيم فاقت حد المعقول وتحولت إلى شيء ثابت راسخ في العرف التأريخي ، والذي حتما جعله في ذهنية المسلم راسخاً لا يستطيع مسه او التحدث فيه او ذكره بمجرد كلمة يخيل بها أنا تمس كرامته وقدسيته ، وهذا ما عبر عنه أحد شيوخ المؤرخين المسلمين حيث قال :

٣٣

« في هذه السنة ـ سنة ٣٠ هـ ـ كان ماذكر من أمر أبي ذر ومعاوية واشخاص معاوية أموراً كثيرة(١) كرهت ذكر أكثرها » ، ثم يأتي بعد ذلك فيقول : « وأما الآخرون فإنهم رووا في سبب ذلك أشياء كثيرة واموراً شنيعة كرهت ذكرها »(٢) .

إذن هكذا يعبر المؤرخ عن نفسه وهكذا يتعاطى مع المادة التاريخية بأسلوب انتقائي من أجل الإبقاء على قدسية مصطعنة فيتجاوز القوانين الطبيعية التي تعطي لنا نوعين من المفاهيم الثابتة والمتحولة ; بحيث أصبح للمؤرخ هم وحيد هو كيفية الحاق هذا المتحوّل إلى ثابت.

__________________

١ ـ لمعرفة هذه الأُمور التي لم يذكرها الطبري راجع كتاب تاريخ الإسلام الثقافي والسياسي للاُستاذ صائب عبد الحميد ص ٩٩.

٢ ـ تاريخ الطبري : ٤ / ٢٨٣ ـ ٢٨٦.

٣٤

٣٥

التاريخ الإسلامي الثابت والمتحول

لقد أخذ التاريخ الإسلامي منهجاً خاصاً في التعامل وفي تدوين الأحداث وأخذ الرواية عن الراوي ، بحيث تم تطبيق مناهج الحديث في أخذ الرواية. فأصبح التاريخ هو الوجه الآخر للحديث فتم الإعتماد على طرق الإسناد ، ودراسة سلسلة الرواة وإخضاعها للشروط التي أحدثها المحدثون ، وأي شخص يخالف جزءاً من هذه الشروط لا تأخذ منه الرواية.

يبدو الامر مغريا جدا ، بحيث لن يدخل أدنى شك في كون ما يصلنا من الروايات يتمتع بنسبة كبيرة إن لم نقل تامة من الصحة ، وبهذا نطمئن بامتلاكنا تاريخاً سليماً بحيث يجعل الثابت على ثبوتيته والمتحول متحوّلاً حسب متغيرات الزمان والمكان.

لنقف قليلا مع هذا المنهج الذي اخترعه المحدّثون في أخذ الرواية ، فقد تم الاتفاق على مجموعة نقاط(١) :

١ ـ لا رواية عن أهل البدع.

٢ ـ لا جرح في الصحابة.

__________________

١ ـ عبد الله العروي ، مفهوم التاريخ : ١ / ٤١ منشورات المركز الثقافي العربي.

٣٦

٣ ـ جواز ترتيب الرجال حسب الطبقات.

٤ ـ النهي عن رواية الضعفاء.

٥ ـ النهي عن الحديث بكل ما سمع.

٦ ـ التعظيم من جريرة الكذب على رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وآله ].

وكما قلنا سابقاً يبدو الأمر مغرياً لأول وهلة ، ولكن بغوصنا داخل هذه القوانين المبتكرة نستنتج أنها تنم في داخلها على نوع من التغطية التاريخية ، والتي ستؤدي حتماً إلى تشويه الحقائق ، أو إبراز القليل الذي لا يخالف الشيء المرغوب وإخفاء الكثير الذي لا يساير طبيعة التوجهات المسيطرة ، كما أنها تؤدي إلى قلب المفاهيم العامة ، والمتحركة بحركة المجتمع ; بحيث تنتفي فيه ثبوتية الثابت وتحل محلها ثبوتية المتحول.

وشيء آخر مثلا : ماهي المعايير المعتمدة في تحديد أهل البدع والضعفاء من الرواة؟

هل وصلنا إلى حد النزاهة بالتخلي عن الأنانية الفردية والسعي لنصرة الحقيقة المطلوبة والمرغوبة ، إن نزاهتي لن تكون إلاّ إذا استطعت أن أتخلى عن روايتي المعتمدة ; وإذا أسلمت ببطلانها وأخذت برواية الآخر إذا كانت تساير الحقيقة. وهل المحدثون فعلا احترموا قوانينهم في ترتيب الرجال حسب الطبقات؟

ما نصيب قرابة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ونعلم ما لقرابته من الحظوة والأعلمية ، وعلى رأسهم علي ابن ابي طالبعليه‌السلام ، حيث أن البخاري أخرج لأبي هريرة أكثر مما أخرج لعليعليه‌السلام كما أنه لم يأخذ من أعظم

٣٧

التابعين في الإسلام وهو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن ابي طالب وابن رسول اللهعليهم‌السلام أجمعين.

إذن ماهو المنطق المعتمد في عدم أخذ روايتهم ، في حين نجدهم يأخذون رواية الوضاعين والكذابين ومحبي الدنيا والمال.

فعن أبي جعفر الإسكافي قال : روى الأعمش قال : لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة ، جاء إلى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ، ثم ضرب صلعته مراراً ، وقال يا أهل العراق ، أتزعمون أني أكذب على الله وعلى رسوله وأحرق نفسي بالنار والله لقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ( إن لكل نبي حرما ، وإن حرمي بالمدينة ، ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) وأشهد بالله أن عليا أحدث فيها فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة(١) .

وكذلك سمرة بن جندب أخذ مالا وافراً ليقر نزول الآية( وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ) (٢) في حق عليعليه‌السلام فبذل له معاوية مائة ألف درهم فلم يقبل ، فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل ، فبذل له أربعمائة ألف فقبل ، وروى ذلك(٣) .

أما النهي عن الحديث بكل ما سمع ، فهم قد عمموا اللفظ ولم

__________________

١ ـ ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة : ٤ / ٢٨٥.

٢ ـ البقرة : ٢٠٤ ، ٢٠٥.

٣ ـ ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة : ٤ / ٢٨٩.

٣٨

يخصصوه ، ولكن عدم نقل الحديث عن ماذا؟ أظنه عدم الخوض في أُسس الأمة الكبرى لأنها من اختصاص الكبار وقد قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني اسرائيل )(١) لكن العلماء حصروا الاولى وقيدوها وأطلقوا العنان للثانية.

ولا يخامر أحد شكاً في كون التاريخ الإسلامي مليء بالإسرائيليات والتي لعب اليهود المتأسلمين دوراً كبيراً في روايتها ، بحيث من خلالها نزعت القدسية عن الثابت وانتقل إلى المتحول.

والثابت عندنا هو كل شي مرتبط بالمقدس ( الله تعالى ، رسول الله ، القرآن ) بحيث لا يجوز في أي حال من الأحوال إلحاقه بالأشياء التي تخضع لعملية النقد والبحث ، وربطها بالعالم المادي البشري.

لكن التاريخ الإسلامي جعل منها شيئاً بسيطاً ، بحيث أصبح من السهل تناولها ولم يضعوا قانوناً يحرم أخذ الرواية من قائله ، فأصبح الله تعالى عبارة عن ذلك الهبل داخل الفكر الإسلامي الشيء الذي يؤثر حتماً على عقيدة المجتمع.

وكما عرفنا سابقاً أن التاريخ يشمل كذلك المنتوج الثقافي والفكري ، والأمثلة على ذلك كثيرة سواء ما أخرجه أصحاب الصحاح من قبيل كشفه تعالى عن ساقه ووضعها في جهنم. كما رووا أنه يضع رجلاً على رجل ويستلقي فإنها جلسة الربّ.

__________________

١ ـ صحيح البخاري كتاب الانبياء باب ٥٠ ، الترمذي كتاب العلم ١٣ ، صحيح مسلم كتاب الزهد ٧٢.

٣٩

ورووا أنه خلق الملائكة من زغب ذراعيه ، وأنه اشتكى عينه فعادته الملائكة وانه يتصور بصورة آدم.

كما سئل بعضهم عن معنى قوله تعالى :( فِي مَقْعَدِ صِدْق عِنْدَ مَلِيك مُقْتَدِر ) (١) . فقال يقعد معه على سريره ويغفله بيده ، وقال بعضهم ، سألت معاذ العنبري فقلت : أله وجه؟ فقال : نعم ، حتى عددت جميع الأعضاء من أنف وفم وصدر وبطن واستحييت أن أذكر الفرج فأومأت إلى فرجي ، فقال نعم ، فقلت أذَكَر أم اُنثى؟ فقال : ذكر(٢) .

إذن هكذا اُرِّخ للحضرة الإلهية وكذلك للرسول الأكرم.

وإننا عند مراجعة كتب التاريخ أو الحديث نجد فيها هذا التحوير الخطير ، والذي نقل الثابت عند كل المسلمين إلى شيء متحول ، بحيث أصبح الكل يتجرأ عليه ، وعلى نقاشه وطرحه بشكل يخالف مكانته داخل الشريعة والتي هي المؤطر لأي فعل.

أما المتحول والذي نعني به الأشخاص المكونون للمجتمع الإسلامي وكل ما ينتجونه من أفكار ، او بمصطلح فقهي تاريخي « الصحابة »(٣) أي من عاش في زمن النبي الأكرم فإنّهم التحقوا بسلك

__________________

١ ـ القمر : ٥٥.

٢ ـ ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة : ٣ / ١٥٥ ، ط١ ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.

٣ ـ ولم تكن المدارس الحداثية كلها أحادية التوجه ، بل منهم من أعلن ثورته على الوهم المقدس للتاريخ الإسلامي ويعتبر محمد أركون من الذين نظروا

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

بِهِ بَأْسٌ(١) ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ (٢) لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) (٣) ».(٤)

٨٥٥٥ / ٢. عَنْهُ(٥) ، عَنْ‌........................................

____________________

= الأعراس ، يدلّ على أنّ حرمة الغناء لأجل سماع صوتالمرأة الأجنبيّة شهوة وتلذّذاً ، وفي معناه الحديث التالي - وهو التالي هنا أيضاً - ، وروي عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليهما ‌السلام عن الغناء في الفطر والأضحى والفرح ، قال : لا بأس ما لم يعص به ، أو لم يرمز به ، وهذا الحديث يدلّ على خلاف مذهب الشيخرحمه‌الله وأنّه ليس في الصوت من حيث هو صوت حرمة ».

(١). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٨٠ : « قال فيالدروس : يحرم الغناء وتعلّمه وتعليمه واستماعه والتكسّب به إلّا غناء العرس إذا لم تدخل الرجال علىالمرأة ، ولم تتكلّم بالباطل ، ولم تلعب بالملاهي. وكرهه القاضي ، وحرّمه ابن إدريس والفاضل في التذكرة ، والإباحة أصحّ طريقاً وأخصّ دلالة ». وراجع :المهذّب ، ج ١ ، ص ٣٤٦ ،السرائر ، ج ٢ ، ص ٢٢٢ ؛الدروس الشرعيّة ، ج ٣ ، ص ١٦٢ ، الدرس ٢٣١.

(٢). فيمجمع البيان ، ج ٨ ، ص ٨٦ : « أي باطل الحديث ، وأكثر المفسّرين على أنّ المراد بلهو الحديث الغناء ، وهو قول ابن عبّاس وابن مسعود وغيرهما ، وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن الرضاعليهم‌السلام ، قالوا : منه الغناء ». (٣). لقمان (٣١) : ٦.

(٤).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٨ ، ح ١٠٢٤ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٢ ، ح ٢٠٧ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيدالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٥ ، ح ١٧١٢١ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٠ ، ح ٢٢١٤٤.

(٥). لا ريب في وقوع التعليق في السند وعدم رجوع الضمير إلى عدّة من أصحابنا ، كما هو واضح. لكن اختُلِف‌في مرجع الضمير ؛ فقد أرجعه فيالوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢١ ، ح ٢٢١٤٥ إلى أحمد بن محمّد ، وأمّاالشيخ الطوسي ، فقد أرجع الضمير إلى الحسين بن سعيد كما هو ظاهر منالتهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ - ٣٥٨ ح ١٠٢٢ - ١٠٢٤ - والظاهر أخذ الأخبار الثلاثة منالكافي من غير تصريح - وقد صرّح برجوع الضمير إلى الحسين بن سعيد فيمعجم رجال الحديث ، ج ٦ ، ص ١٨١ ، الرقم ٣٨٨١ ، أيضاً.

ويؤيّد رجوع الضمير إلى الحسين بن سعيد ما ورد فيالكافي ، ح ١٥١٠ ؛ من رواية أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن حكم بن أيمن ؛ فإنّ الظاهر أنّ المراد من حكم الحنّاط ( الخيّاط ) في ما نحن فيه ، هو الحكم بن أيمن الحنّاط ( الخيّاط ) المذكور فيرجال النجاشي ، ص ١٣٧ ، الرقم ٣٥٤ ؛ ورجال البرقي ، ص ٣٨ ؛ ورجال الطوسي ، ص ١٨٥ ، الرقم ٢٢٥٠. لكن هذا الاحتمال - أي رجوع الضمير إلى الحسين بن سعيد - يواجه إشكالاً وهو أنّ الراوي لكتاب الحكم بن أيمن هو ابن أبي عمير كما صُرِّح به فيرجال النجاشي ، ص ١٣٧ ، الرقم ٣٥٤ ؛ والفهرست للطوسي ، ص ١٦٠ ، الرقم ٢٤٦ وابن أبي عمير هو أكثر رواة الحكم روايةً عنه وقد ورد الخبر المذكور فيالكافي ، ح ١٥١٠ عن ابن أبي عمير عن الحكم بن أيمن فيالكافي ، ح ١٥٠٥ ؛ والمحاسن ،=

٦٦١

حَكَمٍ(١) الْحَنَّاطِ(٢) ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « الْمُغَنِّيَةُ الَّتِي تَزُفُّ(٣) الْعَرَائِسَ لَابَأْسَ بِكَسْبِهَا(٤) ».(٥)

٨٥٥٦ / ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٦) ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « أَجْرُ الْمُغَنِّيَةِ الَّتِي تَزُفُّ الْعَرَائِسَ(٧) لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، لَيْسَتْ‌

____________________

= ص ٢٨٥ ، ح ٤٢٣. بل روى الحسين بن سعيد نفسه في كتابالزهد ، ص ٧٨ ، ح ٢٠٩ عن محمّد بن أبي عمير عن الحكم بن أيمن. وابن أبي عمير من مشايخ الحسين بن سعيد ورواية الحسين عنه في الأسناد كثيرة. بل ورد فيالمحاسن ، ص ١٦٥ ، ح ١٢٠ رواية جميل بن درّاج عن حكم بن أيمن ، وجميل من مشايخ ابن أبي عمير.

فعليه الظاهر - بملاحظة مامرّ - أنّ رجوع الضمير إلى الحسين بن سعيد لا يخلو من خلل.

والظاهر ارتباط هذا الخلل بما تقدّم في السند السابق من رواية الحسين بن سعيد عن عليّ بن أبي حمزة مباشرة ؛ فإنّ المتتبّع في الأسناد يرى أنّ الحسين يروي عن عليّ بن أبي حمزة بالواسطة ، وما ورد في بعض الأسناد القليلة من روايته عنه مباشرةً لا يخلو من خللٍ.

وقد نبّه على هذا الإشكال العلّامة الخبير السيّد موسى الشبيري - دام ظلّه - في تعليقته على السند حيث قال : « إنّ الحسين بن سعيد لم يرو عن عليّ بن أبي حمزة بلا واسطة في الكتب الأربعة في غير هذا الخبر ، والاعتبار يقضي بأخذ الحديث عن عليّ بن أبي حمزة قبل وقفه ، ولم يدرك الحسين تلك الأيّام ، وظاهرالتهذيب ين رواية الحسين بن سعيد عن الحكم الخيّاط مع أنّ الطبقة تشهد بثبوت الواسطة بينهما ، فالمظنون أنّ خبري عليّ بن أبي حمزة والحكم كليهما كانا في الأصل معلّقين ، وقد خفي تعليق الخبر على الكليني والشيخ فأورداهما بدون ذكر الواسطة المحذوفة » انتهى ما أردنا نقله.

(١). في « ط ، ى ، بح ، بف ، جد » : « الحكم ».

(٢). في « بف » والوسائل : « الخيّاط ».

(٣). « تزفّ » أي تهدي ؛ من الزفاف ، وهو إهداؤها إلى زوجها. راجع :المصباح المنير ، ص ٢٥٤ ( زفف ).

(٤). في « بخ ، بف » : « بها ».

(٥).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٠٢٣ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٢ ، ح ٢٠٦ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيدالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٦ ، ح ١٧١٢٢ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢١ ، ح ٢٢١٤٥.

(٦). السند معلّق. ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا.

(٧). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : « العروس ».

٦٦٢

بِالَّتِي يَدْخُلُ(١) عَلَيْهَا الرِّجَالُ(٢) ».(٣)

٨٥٥٧ / ٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ، قَالَ :

سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا(٤) عليه‌السلام عَنْ شِرَاءِ الْمُغَنِّيَةِ؟

فَقَالَ(٥) : « قَدْ تَكُونُ(٦) لِلرَّجُلِ الْجَارِيَةُ تُلْهِيهِ ، وَمَا ثَمَنُهَا إِلَّا ثَمَنُ كَلْبٍ(٧) ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ سُحْتٌ(٨) ، وَالسُّحْتُ فِي‌.............................................

____________________

(١). في « جت » : « تدخل ». وفي « جن » بالتاء والياء معاً.

(٢). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : ليست بالتي يدخل عليها الرجال ، يشعر بأنّ حرمة أجر المغنّية إنّما هي لأجل عدم احترازها عن الرجال ، لا لحرمة الصوت في نفسه ، وليس استثناء الغناء في العرائس لخصوص الزفاف ، بل لعدم دخول الرجال عليهنّ ، فلو انعكس الأمر بأن يكون الغناء في العرائس ممّا يدخل الرجال عليهنّ وفي غير العرائس ممّا لا يدخلون عليهنّ ، انعكس الحكم ، وحاصل الكلام أنّ المغنّية إن كانت ممّن تغنّي للهو في مجالس الرجال فاُجرته محرّمة ، وإن كانت ممّن تغنّي في المجالس المخصوصة بالنساء وإن كان لهواً - كما في العرائس والزفاف - فاُجرته محلّلة ، وأمّا المغنّي أعني الرجل فلم يذكروه ؛ لأنّ الغالب في المغنّيات الاُنوثة ، كما في زماننا ، والرجل لا يطلب غالباً في اللهو وإن كان أحسن صوتاً ، وإنّما يطلب أصوات الرجال نادراً لمن له إعجاب بالتأمّل في المهارة في الصنعة وحسن تركيب النغم ، فيبقى صوت الرجل للرجل بغير آلات الملاهي الخالي عن الفحش والكفر وسائر المعاصي من أفراد الغناء الذي اختلف في حكمه ، ومنه صوت الرجل في الغناء الحماسي للحروب وإيثار الحميّة والمفاخرة والهوسة للعرب الآن ؛ فإنّها نغم موزونة على أتمّ ما يمكن أن يكون في الصناعة ويميل إلى استماعه الطباع ».

(٣).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٠٢٢ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٢ ، ح ٢٠٥ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد.الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦١ ، ح ٣٥٨٩ ، معلّقاً عن أيّوب بن الحرّ ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ، عن أبيهعليهما‌السلام ، مع زيادة في أوّلهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٦ ، ح ١٧١٢٣ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢١ ، ح ٢٢١٤٦.

(٤). في « بف » : - « الرضا ».

(٥). في « ى ، بح ، بس ، جد ، جن » : « قال ».

(٦). في « ط ، ى ، بخ ، بس ، بف ، جد ، جن » والوافي والتهذيب والاستبصار : « يكون ».

(٧). في « ط » : « الكلب ». وقال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : إنّ الجارية تلهيه ، وما ثمنها إلّا ثمن كلب ، ظاهره أنّ غرض السائل حكم بيع هذه الجارية لاستماع صوتها ، فكان الرجل يشتري الجواري ويعلّمهنّ الغناء والضرب بالعود ويستمع إليهنّ ، ثمّ يبيعهنّ بثمن أكثر ، فسأل [ عنه ]عليه‌السلام عن كسب هؤلاء ، وليس السؤال عن حكم الغناء ».

(٨). « السحت » : الحرام ، وقال ابن الأثير : « السحت : الحرام الذي لا يحلّ كسبه ؛ لأنّه يسحت البركة ، أي يذهبها ». راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٥٢ ؛النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٤٥ ( سحت ).

٦٦٣

النَّارِ(١) ».(٢)

٨٥٥٨ / ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛

وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً(٣) ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّاطِرِيِّ(٤) ، عَنْ أَبِيهِ(٥) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلَهُ رَجُلٌ(٦) عَنْ بَيْعِ الْجَوَارِي الْمُغَنِّيَاتِ(٧) ؟

فَقَالَ : « شِرَاؤُهُنَّ وَبَيْعُهُنَّ(٨) حَرَامٌ ، وَتَعْلِيمُهُنَّ كُفْرٌ ، وَاسْتِمَاعُهُنَّ نِفَاقٌ ».(٩)

٨٥٥٩ / ٦. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ نَصْرِ(١٠) بْنِ قَابُوسَ ، قَالَ :

____________________

(١). فيالمرآة : « يدلّ على تحريم الغناء وثمن المغنّية ، وعلى عدم جواز بيع الكلب وتحريم ثمنه ».

(٢).التهذيب ، ج ٦، ص ٣٥٧، ح ١٠١٩؛والاستبصار ، ج ٣، ص ٦١، ح ٢٠٢، معلّقاً عن سهل بن زياد.تفسير العيّاشي ، ج ١، ص ٣٢١، ح ١١١، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، وتمام الرواية فيه : « ثمن الكلب سحت والسحت في النار». وراجع :قرب الإسناد ، ص ٣٠٥ ، ح ١١٩٥.الوافي ، ج ١٧، ص ٢٠٧، ح ١٧١٢٤؛الوسائل ، ج ١٧، ص ١٢٤، ح ٢٢١٥٤. (٣). في التهذيب والاستبصار : - «وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً».

(٤). هكذا في « ط ». وفي « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوافي والوسائل والتهذيب : « سعيد بن محمّد الطاطري ». وفي المطبوع : « سعيد بن محمّد الطاهري ». وفي الاستبصار : « سعد بن محمّد الطاهري».

والصواب ما أثبتناه. وسعد هذا هو سعد بن محمّد الطاطري عمّ عليّ بن الحسن الطاطري. راجع :رجال النجاشي ، ص ١٦٢ ، الرقم ٤٣٠.

وأمّا سعيد بن محمّد الطاهري فلم نجد له ذكراً في شي‌ء من الأسناد وغيرها.

(٥). في التهذيب : - « عن أبيه » ، لكنّه مذكور في بعض نسخه.

(٦). في « ط » والتهذيب : « سألته » بدل « سأله رجل ».

(٧). فيالوافي : « في بعض النسخ : القينات ، بالقاف وتقديم المثنّاة التحتانيّة على النون بدل المغنّيات ، والقينة : الأمة المغنّية ».

(٨). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : شراؤهنّ وبيعهنّ ، حمل على ما إذا كان الشراء والبيع للغناء ».

(٩).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٦ ، ح ١٠١٨ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦١ ، ح ٢٠١ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٧ ، ح ١٧١٢٥ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٤ ، ح ٢٢١٥٥.

(١٠). في « ى ، بخ ، بس ، بف » والوسائل : « نضر ». وهو سهو. ونصر هذا ، هو نصر بن قابوس اللَّخمي. راجع : =

٦٦٤

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « الْمُغَنِّيَةُ مَلْعُونَةٌ ، مَلْعُونٌ مَنْ أَكَلَ(١) كَسْبَهَا ».(٢)

٨٥٦٠ / ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ ، قَالَ :

أَوْصى إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ عِنْدَ وَفَاتِهِ(٣) بِجَوَارٍ لَهُ مُغَنِّيَاتٍ أَنْ نَبِيعَهُنَّ(٤) ، وَنَحْمِلَ(٥) ثَمَنَهُنَّ إِلى أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام

قَالَ إِبْرَاهِيمُ : فَبِعْتُ الْجَوَارِيَ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَحَمَلْتُ الثَّمَنَ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ(٦) لَهُ : إِنَّ مَوْلًى لَكَ - يُقَالُ لَهُ : إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ - أَوْصى(٧) عِنْدَ وَفَاتِهِ(٨) بِبَيْعِ جَوَارٍ لَهُ مُغَنِّيَاتٍ ، وَحَمْلِ الثَّمَنِ إِلَيْكَ ، وَقَدْ بِعْتُهُنَّ(٩) وَهذَا(١٠) الثَّمَنُ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ(١١) .

فَقَالَ : « لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ؛ إِنَّ هذَا سُحْتٌ ، وَتَعْلِيمَهُنَّ(١٢) كُفْرٌ ، وَالاسْتِمَاعَ مِنْهُنَّ‌

____________________

=رجال النجاشي ، ص ٤٢٧ ، الرقم ١١٤٦ ؛رجال البرقي ، ص ٣٩ ؛رجال الطوسي ، ص ٣١٤ ، الرقم ٤٦٧٥.

(١). في التهذيب والاستبصار : + « من ».

(٢).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٠٢٠ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦١ ، ح ٢٠٣ ، معلّقاً عن الكليني.الخصال ، ص ٢٩٧ ، باب الخمسة ، ضمن ح ٦٧ ، بسنده عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن إسحاق بن إبراهيم ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٧ ، ح ١٧١٢٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢١ ، ح ٢٢١٤٧.

(٣). في الوسائل : - « عند وفاته ».

(٤). في « جد ، جن » : « أن يبيعهنّ ». وفي « بح » والوسائل : « أن تبيعهنّ ». وفي الوافي والتهذيب والاستبصار : « أن يبعن ».

(٥). في « ى ، بخ ، بف ، جد ، جن » والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار : « و يحمل ». وفي « بح » : « وتحمل ».

(٦). في الاستبصار : « وقلت ».

(٧). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار. وفي المطبوع : « قد أوصى ». وفي « بح ، جد » : « وصّى ».

(٨). هكذا في جميع النس خ التي قوبلت والوافي والوسائل والاستبصار. وفي المطبوع : « عند موته ».

(٩). في « ط » : « وقد فعلت وقد بعتهنّ ». وفي « بف » والوافي « وقد فعلت وبعتهنّ ».

(١٠). في « ط » : « فهذا ».

(١١). في « بف » : - « درهم ».

(١٢). في « ط ، بس ، جد » : « تعليمهنّ » بدون الواو.

٦٦٥

نِفَاقٌ ، وَثَمَنَهُنَّ سُحْتٌ ».(١)

٣٨ - بَابُ كَسْبِ الْمُعَلِّمِ‌

٨٥٦١ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ ، عَنِ الْفَضْلِ(٢) بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ حَسَّانَ الْمُعَلِّمِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنِ التَّعْلِيمِ(٣) ؟

فَقَالَ : « لَا تَأْخُذْ(٤) عَلَى التَّعْلِيمِ أَجْراً ».

قُلْتُ : الشِّعْرُ(٥) وَالرَّسَائِلُ وَمَا أَشْبَهَ ذلِكَ أُشَارِطُ عَلَيْهِ؟

قَالَ : « نَعَمْ(٦) ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الصِّبْيَانُ عِنْدَكَ سَوَاءً(٧) فِي التَّعْلِيمِ ، لَاتُفَضِّلُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ».(٨)

____________________

(١).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٠٢١ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦١ ، ح ٢٠٤ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٠٨ ، ح ١٧١٢٨ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٢٣ ، ح ٢٢١٥٣.

(٢). في « بف » والوافي : « الفضيل ».

(٣). فيالوافي : « اُريد بالتعليم الأوّل والثاني تعليم القرآن ، وبالثالث تعليم الشعر والرسائل وما أشبهها ».

(٤). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٨٢ : « قولهعليه‌السلام : لا تأخذ ، قال فيالدروس : لو أخذ الاجرة على ما زاد على الواجب من الفقه والقرآن جاز على كراهة ، ويتأكّد مع الشرط ولا يحرم. ولو استأجره لقراءة ما يهدي إلى الميّت أوحيّ لم يحرم ، وإن كان تركه أولى ، ولو دفع إليه بغير شرط فلا كراهة. والرواية بمنع الاُجرة على تعليم القرآن تحمل على الواجب أو على الكراهة ». وراجع :الدروس ، ج ٣ ، ص ١٧٣ ، الدرس ٢٣٤.

(٥). فيالوسائل ، ح ٢٢٢٢٦ و ٢٢٦٨٤ : « فالشعر ».

(٦). في « ط ، بخ ، بف » : + « التعليم ».

(٧). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : سواء ، حمل على الاستحباب ، قال فيالتحرير : ينبغي للمعلّم التسوية بين الصبيان في التعليم والأخذ عليهم إذا استوجر لتعليم الجميع على الإطلاق ، تفاوتت اُجرتهم ، أو اتّفقت. ولو آجر نفسه لبعضهم لتعليم مخصوص جاز التفضيل بحسب ما وقع العقد عليه ». وراجع :تحرير الأحكام ، ج ٢ ، ص ٢٦٦ ، المسألة ٣٠٣٩.

(٨).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٤ ، ح ١٠٤٥ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٩٥ ، ح ٢١٤ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد. =

٦٦٦

٨٥٦٢ / ٢. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ شَرِيفِ بْنِ سَابِقٍ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (١) : هؤُلَاءِ يَقُولُونَ : إِنَّ(٢) كَسْبَ الْمُعَلِّمِ سُحْتٌ(٣) .

فَقَالَ : « كَذَبُوا أَعْدَاءُ اللهِ ، إِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ لَايُعَلِّمُوا(٤) الْقُرْآنَ ، وَلَوْ(٥) أَنَّ الْمُعَلِّمَ أَعْطَاهُ رَجُلٌ دِيَةَ وَلَدِهِ(٦) ، لَكَانَ(٧) لِلْمُعَلِّمِ مُبَاحاً ».(٨)

٣٩ - بَابُ بَيْعِ الْمَصَاحِفِ‌

٨٥٦٣ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سُلَيْمَانَ(٩) :

____________________

=الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٧ ، ح ١٧١٨٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٤ ، ح ٢٢٢٢٦ ؛ وفيه ، ص ٣٢٨ ، ح ٢٢٦٨٤ ، إلى قوله : « اُشارط عليه قال : نعم ».

(١). في « ط ، بخ ، بف ، جن » والوافي والتهذيب والاستبصار : + « إنّ ».

(٢). في « ط » : - « إنّ ».

(٣). « السحت » : الحرام ، وقال ابن الأثير : « السحت : الحرام الذي لا يحلّ كسبه ؛ لأنّه يسحت البركة ، أي يذهبها ». راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٥٢ ؛النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٤٥ ( سحت ).

(٤). في « ى » : « أن لا يعلّم ». وفي « ط ، بس ، جد » : « أن لا تعلّموا ». وفي الفقيه : + « أولادهم ».

(٥). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جد ، جن » والوسائل والفقيه : « لو » بدون الواو.

(٦). عن السلطانرحمه‌الله في هامشالوافي : « قوله : إنّما أرادوا أن لا يعلّموا القرآن ، لعلّ المراد أنّه إذا لم يحصل لهم القدرة على القراءة والكتابة يعسر عليهم تعليم القرآن ، فالاُجرة على حصول ذلك القدر ، لا على تعليم القرآن ، فلا ينافي ما سبق. ويمكن أنّ المراد فيما سبق القدر الواجب منه ، وهنا الزائد عليه.

قوله : دية ولده ، يمكن أن يكون إشارة إلى أنّه لو لم يتعلّم كان بمنزلة المقتول والميّت ».

(٧). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جد ، جن » والفقيه والتهذيب والاستبصار : « كان ».

(٨).الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦٣ ، ح ٣٥٩٧ ؛والتهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٤ ، ح ١٠٤٦ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٥ ، ح ٢١٦ ، معلّقاً عن أحمد بن أبي عبد اللهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٧ ، ح ١٧١٨٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٤ ، ح ٢٢٢٢٧.

(٩). لم نجد رواية أبان - وهو ابن عثمان - عن عبد الرحمن بن سليمان في موضعٍ. بل روى هو عن عبد الله بن =

٦٦٧

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « إِنَّ الْمَصَاحِفَ لَنْ تُشْتَرى(١) ، فَإِذَا‌

____________________

= سليمان في بعض الأسناد ، ومضمون الخبر ورد فيالتهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٥ ، ح ١٠٥٠ عن الحسين بن سعيد - وقد عبّر عنه بالضمير - عن فضالة عن أبان عن أبي عبد الله بن سليمان - لكن لم يرد لفظة « أبي » في بعض نسخالتهذيب ، كما أنّه لم يذكر فيالوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٩ ، ح ٢٢٢٤٠ - فلا يبعد أن يكون الصواب في ما نحن فيه أيضاً هو عبد الله بن سليمان.

(١). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : إنّ المصاحف لَنْ تشترى ، البيع والشراء لابدّ أن يتعلّقا بشي‌ءموجود خارجي مادّي ، أو معنى ذهني معتبر عرفاً ، فمن خصّه بالموجود العيني فقد أخطأ ؛ إذ يقال عرفاً : إنّه باع حقّه ، أو باع دينه ، أو باع حوالة وأمثال ذلك ، وقد يباع ورقاً باعتبار دلالته على دين أو مال ، لا باعتبار القرطاس ونقوش الكتابة ، كالطوابع والنوط ، فالورقة نظير المعنى الحرفي لا ينظر إليها لذاتها ، بل هي آلة لملاحظة المال الذي يستخلص بها ، ولـمّا كانت أوراق المصاحف قراطيس ، لها قيمة وزادت قيمتها بالنقوش وعمل الكتابة ، ويتبادر منها عند إطلاق لفظ المصحف الدلالة على الكلام الإلهي المدلول عليه بهذه النقوش الموجودة ، فإذا قال البائع : بعتك هذا المصحف ، انصرف الذهن إلى بيع الورق المنقوش الدالّ على الكلام الإلهي من حيث دلالة النقوش على الكلام ، نظير دلالة الورقة الدالّة على الدين والمال ، اقتضى الأدب أن يتوجّه البائعون إلى أن يقصروا نظرهم في البيع إلى نفس الأوراق والنقوش والآلات من غير أن يجعلوا المدلول ، أي الكلام الإلهي متعلّقاً للبيع والشراء ، نظير المال الذي يدلّ عليه أوراق الحوالات ؛ فإنّه يصير متعلّقاً للبيع باعتبار كونه مدلولاً. وبالجملة فيجب عند بيع المصاحب أن يجرّد النظر إلى الدالّ ، ولا يقصد بيع المدلول ، كما يكون في نظائرها من أوراق الحوالات.

وأمّا بيع القرآن فإن كان المقصود من القرآن هو المصحف - كما يطلق في زماننا كثيراً - كان حكمه حكم بيع المصحف ، وأمّا إن أراد المعنى الصحيح الحقيقي من هذه اللفظة ، وهو الكلام المقروّ ، فظاهر أنّه لا يجوز بيعه وشراؤه ، وهو المدلول الذي قلنا : إنّ ملاحظته توجب بطلان بيع المصحف فيكون بيعه مستقلّاً أولى بالبطلان ، فظهر أنّ حرمة بيع المصحف تشريف وتعظيم وأدب وتكليف ، متعلّق بقصد البائع والمشتري ، وإلّا فلا ريب أنّ القراطيس والنقوش والحليّ وسائر الآلات تدخل في ملك المشتري وتخرج من ملك البائع ، وأنّ النقوش من حيث هي نقوش وكتابة قابلة للانتقال من مالك إلى مالك ، وأنّ النقوش من الصفات المنضمّة إلى الأعيان بالنسبة التي تزيد بسببها الرغبة وتزيد بها القيمة ، وأنّ نقلها مقصود للمتبايعين ، كما عبّر عنه في حديث عبد الله بن سليمان : أشترى منك ورقة وأديمة وعمل يديك بكذا وكذا ، والمقصود بقوله : عمل يديك. مازاد في الأوراق من الصفات بعمل يديك. والشيخ المحقّق الأنصاريرحمه‌الله إستشكل في بيع النقوش ، وحاصل كلامه أنّ النقوش إن عُدَّت من الصفات لا تكون متعلّقة للبيع فلا معنى للنهي عنه ، وإن عدّت من الأعيان فلابدّ إمّا أن تنتقل الى المشتري وهو البيع المنهيّ عنه ، أو يبقى على ملك البائع فيبقى شريكاً للمشتري ؛ فإنّه يملك النقوش والمشتري الأوراق ، ثمّ قال : فالظاهر أنّه لا مناص عن التزام التكليف الصوري ، أو يقال : إنّ الخطّ =

٦٦٨

اشْتَرَيْتَ فَقُلْ : إِنَّمَا أَشْتَرِي(١) ، مِنْكَ الْوَرَقَ وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَدَمِ(٢) وَحِلْيَتِهِ(٣) وَمَا فِيهِ مِنْ عَمَلِ يَدِكَ(٤) بِكَذَا وَكَذَا ».(٥)

٨٥٦٤ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ بَيْعِ(٦) الْمَصَاحِفِ وَشِرَائِهَا؟

فَقَالَ(٧) : « لَا تَشْتَرِ(٨) كِتَابَ اللهِ(٩) عَزَّ وَجَلَّ ، وَلكِنِ اشْتَرِ‌

____________________

= لا يدخل في الملك شرعاً. انتهى.

أقول : والتكليف الصوري فيه غموض ؛ إذ لا ريب في أنّ هذا تكليف شرعي ، يترتّب على التخلّف عنه العقوبة وبطلان المعاملة ، فما الفرق بينه وبين سائر التكاليف التي ليست بصورته؟ وعلى ما ذكرنا يمكن أن يقال : إنّه تكليف أدبي لتعظيم القرآن وتشريفه بأن لا يجعل مورداً للبيع والشراء ، وأن يتوجّه البيع إلى الحاكي ، لا إلى المحكيّ عنه.

فإن قيل : المنتقل من البائع إلى المشتري هذا الجسم الموجود مع النقش ، فلا يفرق الأمر فيه بأن يعتبر كونه حاكياً ، أو ينظر إليه بنفسه ؛ لأنّ هذا الاعتبار لا يزيد في ماليّته عرفاً ولا ينقص.

قلنا : نعم لا يزيد ولا ينقص من الماليّة ، بل ينقص من الأدب والإكرام للقرآن.

فإن قيل : لا عبرة في العرف عند المعاملة ، لا بالأوراق والنقوش ، ولا يعتبر كونه حاكياً عن كلام الله ، وفرق بينه وبين الأوراق الماليّة.

قلنا : لا يمكن للمسلم أن يتصوّر مفهوم القرآن أو يتلفّظ بكلمة المصحف ولا يعتبر كونه حاكياً ، ولذلك منع الناس من مسّ كتابة القرآن بلا طهارة ؛ لأنّ الكتابة حاكية دائماً عن كلام الله تعالى ، فاوجب على الناس تكليفاً أن يجرّدوا النظر عند البيع إلى الأوراق والنقوش والآلات بنفسها من غير اعتبار حكايتها ».

(١). في « ط » : « اشتريت ».

(٢). في الوسائل : « الأديم ». والأَدَمُ ، بفتحتين : اسم لجمع أديم ، وهو الجلد المدبوغ المصلح بالدباغ.المغرب ، ص ٢٢ ( أدم ). (٣). في « بخ » : « وحليه ». وفي الوافي : « وحيله ».

(٤). فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٨٣ : « قولهعليه‌السلام : وما فيه من عمل يدك ، أي في غير الكتابة ، ويحتمل الأعمّ. ويدلّ على ما هو المشهور من تحريم بيع المصحف وجواز بيع القرطاس والجلد. ولا يبعد حمله على الكراهة ».

(٥).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٥ ، ح ١٠٥٠ ، بسنده عن أبي عبد الله بن سليمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٤٣ ، ح ١٧١٩٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٨ ، ح ٢٢٢٣٥.

(٦). في « ط » : - « بيع ».

(٧). في« بح ، بس ، جد ، جن » والوافي : « قال ».

(٨). في « ط » : « لا يُشترى ».

(٩). قالالمحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : لا تشتر كتاب الله ، أي لا تقل : أشتري منك كتاب الله ؛ فإنّه =

٦٦٩

الْحَدِيدَ(١) وَالْوَرَقَ وَالدَّفَّتَيْنِ(٢) ، وَقُلْ : أَشْتَرِي(٣) مِنْكَ هذَا(٤) بِكَذَا وَكَذَا ».(٥)

٨٥٦٥ / ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٦) ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ غَالِبِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ(٧) عَنْ شِرَاءِ الْمَصَاحِفِ وَبَيْعِهَا؟

فَقَالَ(٨) : « إِنَّمَا كَانَ يُوضَعُ(٩) الْوَرَقُ(١٠) عِنْدَ الْمِنْبَرِ ، وَكَانَ مَا بَيْنَ(١١) الْمِنْبَرِ وَالْحَائِطِ قَدْرَ مَا تَمُرُّ الشَّاةُ(١٢) أَوْ رَجُلٌ مُنْحَرِفٌ(١٣) » قَالَ :.....................................

____________________

= ينصرف إلى النقوش الحاكية من حيث هي حاكية عن المحكيّ ، فيدخل المحكيّ في الاشتراء. ولكن اشتر الحديد إلى آخره ، والمصاحف كانت تكتب تارة على الأوراق المتعدّدة فيجمعونها ، كما في زماننا ، وتارة على ورق واحد طويل يطوونه كطومار حول محور من حديد ودفّتين مدوّرتين على طرفي الطومار المطويّ ».

(١). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : اشتر الحديد ، أي الحديد الذي كانوا يعملونه في جلد المصحف ؛ ليغلق ويقفل عليه ».

(٢). في التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٥ : « الجلود والدفتر » بدل « الورق والدفّتين ». والدَّفُّ : الجنب من كلّ شي‌ء ، والجمع : دُفوف ، مثل فلس وفلوس ، وقد يؤنّث بالهاء فيقال : الدفّة ، ومنه دفّتا المصحف للوجهين من الجانبين.المصباح المنير ، ص ١٩٦ ( دفف ). (٣). في « ط ، بخ ، بف » : « اشتريت ».

(٤). في « بخ ، بف » : - « هذا ».

(٥).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٥ ، ح ١٠٤٨ ، بسنده عن عثمان بن عيسى ، عمّن سمعه ، من دون التصريح باسم المعصومعليه‌السلام وفيه ، ص ٣٦٦ ، ح ١٠٥٠ ، بسند آخر ، مع اختلاف ؛التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٣١ ، ح ١٠٠٧ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله وآخرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٤٤ ، ح ١٧١٩٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٨ ، ح ٢٢٢٣٦.

(٦). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا.

(٧). في « بح » : « سألت ».

(٨). في « بخ ، بف » والوافي : « قال ».

(٩). في « بح ، بخ ، جت » والوافي : « توضع ». وفي « ط » : « موضع ». وفي « بس ، جد ، جن » بالتاء والياء معاً.

(١٠). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : توضع الورق ، الحاصل أنّ بيع المصاحف محدثة ، لم تكن في ما مضى ».

(١١). في « بف » : - « ما بين ».

(١٢). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : قدر ما تمرّ الشاة ، كأنّ المراد أنّ المصحف الذي كتب بأمرعثمان كان موضوعاً على المنبر ، وكان الناس يقفون خلف المنبر بينه وبين الجدار الجنوبي من المسجد النبويصلى‌الله‌عليه‌وآله فيكتبون من المصحف ».

(١٣). في « ط » : « منحوف ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : أو رجل منحرف ، أي كان المكان ضيّقاً بحيث لا يمكن =

٦٧٠

« فَكَانَ(١) الرَّجُلُ يَأْتِي ، فَيَكْتُبُ(٢) مِنْ ذلِكَ ، ثُمَّ إِنَّهُمُ اشْتَرَوْا بَعْدَ ذلِكَ(٣) ».

قُلْتُ(٤) : فَمَا تَرى فِي ذلِكَ؟

قَالَ(٥) لِي(٦) : « أَشْتَرِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَبِيعَهُ ».

قُلْتُ : فَمَا(٧) تَرى أَنْ أُعْطِيَ عَلى كِتَابَتِهِ أَجْراً؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ ، وَلكِنْ هكَذَا(٨) كَانُوا يَصْنَعُونَ(٩) ».(١٠)

٨٥٦٦ / ٤. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ ، عَنْ سَابِقٍ السِّنْدِيِّ ، عَنْ عَنْبَسَةَ الْوَرَّاقِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، فَقُلْتُ : أَنَا رَجُلٌ أَبِيعُ الْمَصَاحِفَ ، فَإِنْ نَهَيْتَنِي لَمْ أَبِعْهَا.

فَقَالَ : « أَلَسْتَ تَشْتَرِي وَرَقاً ، وَتَكْتُبُ فِيهِ؟ ».

____________________

= للإنسان أن يمرّ بالعرض إلّامنحرفاً ، وكان القرآن موضوعاً في ذلك الموضع. وظاهر الخبر الكراهة ، كما هو المشهور ، وقالالدروس : يجوز أخذ الاُجرة على كتابة العلوم المباحة ، ويكره على كتابة القرآن مع الشرط ؛ لفحوى الرواية ». راجع :الدروس الشرعيّة ، ج ٣ ، ص ١٧٥ ، ذيل الدرس ٢٣٤.

(١). في « بخ ، بف » : « وكان ».

(٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوسائل. وفي المطبوع : « ويكتب ».

(٣). في « ى ، بح ، بس ، جن » والوسائل : - « ذلك ».

(٤). في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : - « قلت ».

(٥). في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : « فقال ».

(٦). في « بخ ، بف » والوافي : - « لي ».

(٧). في « ط » : « ما ».

(٨). في « بخ ، بف » : « كذلك ». وفي « ط » : - « هكذا ».

(٩). في هامشالكافي المطبوع : « حاصله أنّه لم يكن في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيع وشراء للمصاحف غير كتابته عند منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من المصحف الموضوع عنده ، لكن وقع ذلك البيع والشراء بعد زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما هو المتعارف في زماننا هذا. وقوله : موضع الورق : المراد من الورق المصحف مجازاً ، كما يدلّ عليه سوق عبارة الحديث. وقولهعليه‌السلام : هكذا كانوا يصنعون ، أي الكتابة عند المنبر بدون شراء ».

(١٠).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٦ ، ح ١٠٥٣ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن فضّال. وفيه ، ح ١٠٥٢ ، بسند آخر ، إلى قوله : « أحبّ إليّ من أن أبيعه » مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٤٥ ، ح ١٧١٩٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٨ ، ح ٢٢٢٣٨.

٦٧١

قُلْتُ(١) : بَلى ، وَأُعَالِجُهَا(٢) .

قَالَ(٣) : « لَا بَأْسَ بِهَا(٤) ».(٥)

٤٠ - بَابُ الْقِمَارِ وَالنُّهْبَةِ(٦)

٨٥٦٧ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِيسى(٧) ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ(٨) عَزَّ وَجَلَّ :( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) (٩) ؟

فَقَالَ : « كَانَتْ قُرَيْشٌ تُقَامِرُ الرَّجُلَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ ، فَنَهَاهُمُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَنْ ذلِكَ ».(١٠)

٨٥٦٨ / ٢. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

____________________

(١). في « جد » : « فقلت ».

(٢). المعالجة : المزاولة والممارسة ، وكلّ شي‌ء زاولته وما رسته وعملت به فقد عالجته. راجع :لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٣٧ ( علج ).

(٣). في « ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » : « فقال ».

(٤). في « بف » : « به ».

(٥).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٤٦ ، ح ١٧١٩٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٩ ، ح ٢٢٢٣٩.

(٦). « النُهْبَةُ » : اسم من النهب والانتهاب ، والنهب : الغنيمة ، والانتهاب : أن يأخذها من شاء. والنهب أيضاً : الغارة والسلب ، وهو المراد هاهنا. راجع :لسان العرب ، ج ١ ، ص ٧٧٣ ( نهب ).

(٧). هكذا في « ط ، ى ، بح ، بس ، جت ، جد ، جن » والوسائل . وفي « بخ ، بف » والمطبوع : + « وهو أبو عبيدة الحذّاء ». والظاهر أنّ هذه العبارة كانت زيادة تفسيريّة اُدرجت في متن بعض النسخ بتخيّل سقوطها منه.

(٨). في « ط » : - « عن قول الله ». وفي « بح ، بخ ، بف ، جد » وحاشية « جت » والوسائل : « عن قوله ».

(٩). البقرة (٢) : ١٨٨.

(١٠).تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٨٤ ، ح ٢٠٤ ، عن زياد بن عيسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وفيه ، ص ٢٣٦ ، ح ١٠٣ ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع زيادة في آخرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٥ ، ح ١٧١٥٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٤ ، ح ٢٢٢٥٤.

٦٧٢

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلى رَسُولِ اللهِ(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله :( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) (٢) قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا( الْمَيْسِرِ )؟

فَقَالَ(٣) : كُلُّ(٤) مَا تُقُومِرَ(٥) بِهِ حَتّى الْكِعَابُ(٦) وَالْجَوْزُ.

قِيلَ : فَمَا(٧) ( الْأَنْصابُ ) (٨) ؟

قَالَ(٩) : مَا ذَبَحُوهُ(١٠) لآِلِهَتِهِمْ(١١)

قِيلَ : فَمَا( الأزلام ) ؟

قَالَ(١٢) : قِدَاحُهُمُ(١٣) الَّتِي يَسْتَقْسِمُونَ(١٤)

____________________

(١). في « ط ، بح ، بخ ، بس ، بف » والوافي والوسائل والتهذيب : « على رسوله ».

(٢). المائدة (٥) : ٩٠. وفي « بف » والوافي والتهذيب : -( فَاجْتَنِبُوهُ ) .

(٣). في « بخ ، بف » والوافي : « قال ».

(٤). في الوافي : - « كلّ ».

(٥). في « ط » : « يقامر ».

(٦). « الكِعاب » : فصوص النرد ، واحدها : كَعْب وكَعْبة. راجع :النهاية ، ج ٤ ، ص ١٧٩ ( كعب ).

(٧). في « بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي والتهذيب : « ما ».

(٨). قال الجوهري : « النَصْب : ما نُصب فعُبد من دون الله تعالى ، وكذلك النُصْب ، وقد يحرّك والجمع : الأنصاب ». وقال ابن الأثير : « النصب - بضمّ الصاد وسكونها - : حجر كانوا ينصبونه في الجاهليّة ويتّخذونه صنماً فيعبدونه ، والجمع : أنصاب ».الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٥ ؛النهاية ، ج ٥ ، ص ٦٠ ( نصب ).

(٩). في « ط » : + « كلّ ».

(١٠). في « ى ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والوسائل والفقيه والتهذيب : « ذبحوا ».

(١١). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : ما ذبحوه لآلهتهم ، قال الوالد العلّامة - قدّس الله روحه - : أي تقرّباً إليها ، كما قال تعالى :( وَ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) [ المائدة (٥) : ٣ ] ، أي لها ، والمشهور بين المفسّرين أنّ المراد بها عبادة الأصنام ، فعلى هذا يكون المراد أنّ هذا أيضاً عبادة لها. وقيل : المراد ما ذبحوا باسم الأصنام ، ولا شكّ في حرمة الجميع ، وإن كان الأخير في المقام أظهر ». (١٢). في « ط » : « قيل ».

(١٣). الأقداح : جمع قِدْح ، وهو السهم الذي كانوا يستقسمون به ، أو الذي يرمى به عن القوس. يقال للسهم أوّل ما يقطع : قِطْعٌ ، ثمّ ينحت ويبرى فيسمّى بَرِيّاً ، ثمّ يقوّم فيسمّى قِدْحاً ، ثمّ يراش ويركَّب نصله فيسمّى سهماً.النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٠ ( قدح ). (١٤). في « ط » : « تستقسمون ».

٦٧٣

بِهَا(١) ».(٢)

٨٥٦٩ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَعْدٍ(٣) ، قَالَ :

بَعَثَ أَبُو الْحَسَنِعليه‌السلام غُلَاماً يَشْتَرِي لَهُ بَيْضاً ، فَأَخَذَ الْغُلَامُ بَيْضَةً أَوْ بَيْضَتَيْنِ ، فَقَامَرَ بِهَا(٤) ، فَلَمَّا أَتى بِهِ أَكَلَهُ ، فَقَالَ لَهُ(٥) مَوْلًى لَهُ : إِنَّ فِيهِ مِنَ الْقِمَارِ ، قَالَ(٦) : فَدَعَا بِطَشْتٍ(٧)

____________________

(١). الزُّلُم والزَّلَم : واحد الأزلام ، وهي القداح التي كانت في الجاهليّة ، عليها مكتوب الأمر والنهى : افعل ولا تفعل ، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له ، فإذا أراد سفراً أو زواجاً أو أمراً مهمّاً أدخل يده فأخرج منها زلماً ، فإن خرج الأمر مضى لشأنه ، وإن خرج النهي كفّ عنه ولم يفعله. كذا فيالنهاية ، ج ٢ ، ص ٣١١ ( زلم ) ، وفيالمرآة : « الاستقسام بالأزلام ، إمّا المراد به طلب ما قسّم لهم بالأزلام ، أي بالقداح ، وذلك أنّهم كانوا إذا قصدوا فعلاً مبهماً ضربوا ثلاثة قداح ، مكتوب على أحدها : أمرني ربّي ، وعلى الآخر : نهاني ربّي ، والثالث غفل لا كتابة عليها ، فإن خرج الأمر فعلوا ، أو النهي تركوا ، أو الثالث أجالوها ثانياً ، أو المراد به استقسام الجزور بالقداح ، وكان قماراً معروفاً عندهم ».

وأمّا المراد باستقسام الجذور ففيمجمع البحرين ، ج ٦ ، ص ٨٠ ( زلم ) : « والقصّة في ذلك أنّه كان يجتمع العشرة من الرجال فيشترون بعيراً فيما بينهم وينحرونه ويقسّمونه عشرة أجزاء ، وكان لهم عشرة قداح ، لها أسماء ، وهي : الفَذُّ ، وله سهم ، والتَوْأم ، وله سهمان ، والرقيب ، وله ثلاثة ، والحَلَس ، وله أربعة ، والنافس ، وله خمسة ، والـمُسبل ، وله ستّة ، والمعلّى ، وله سبعة ، وثلاثة لا أنصباء لها ، وهي الـمَنيح والسَفِيح والوَغَد وكانوا يجعلون القداح في خريطة ، ويضعونها على يد من يثقون به ، فيحرّكها ويدخل يده في تلك الخريطة ويخرج باسم كلّ قدحاً ، فمن خرج له قدح من الأقداح التي لا أنصباء لها لم يأخذ شيئاً واُلزم بأداء ثلث قيمة البعير ، فلا يزال يخرج واحداً بعد واحد حتّى يأخذ أصحاب الأنصباء السبعة أنصباءهم ، ويغرم الثلاثة الذين لا أنصباء لهم قيمة البعير ، وهو القمار الذي حرّم الله تعالى فقال :( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ ) [ المائدة (٥) : ٣ ] ؛ يعني حراماً. ومعنى الاستقسام بالأزلام : طلب معرفة ما يقسم لهم بها ».

(٢).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧١ ، ح ١٠٧٥ ، بسنده عن أبي عليّ الأشعري.الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦٠ ، ح ٣٥٨٧ ، معلّقاً عن عمرو بن شمر. راجع :الكافي ، كتاب الأشربة ، باب النرد والشطرنج ، ح ١٢٤١٧ ؛ وتفسير القمّي ، ج ١ ، ص ١٨٠الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٥ ، ح ١٧١٥٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٥ ، ح ٢٢٢٥٧.

(٣). هكذا في « ط ». وفي « ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جد ، جن » والمطبوع والوسائل : « سعيد ».

وقد تقدّم فيالكافي ، ذيل ح ٤٤٨٩ ، أنّ المظنون صحّة عبد الحميد بن سعد ، فلاحظ.

(٤). في حاشية « بح » : « بهما ».

(٥). في « ط ، ى ، بخ ، بف » والوافي : - « له ».

(٦). في « بخ ، بف » : - « قال ».

(٧). في « بس » : « بطست ».

٦٧٤

فَتَقَيَّأَهُ(١) .(٢)

٨٥٧٠ / ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام يَقُولُ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : لَايَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي(٣) وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ(٤) وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَنْهَبُ نُهْبَةً(٥) ذَاتَ سَرَفٍ(٦) حِينَ يَنْهَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ».

قَالَ(٧) ابْنُ سِنَانٍ : قُلْتُ لِأَبِي الْجَارُودِ : وَمَا نُهْبَةٌ ذَاتُ سَرَفٍ(٨) ؟

قَالَ(٩) : نَحْوُ مَا صَنَعَ حَاتِمٌ حِينَ قَالَ : مَنْ أَخَذَ شَيْئاً فَهُوَ لَهُ.(١٠)

____________________

(١). في « ى ، بح ، جد ، جن » : « فتقيّأ ». وفي « بح ، بس » : « فقاءه ». وفي الوافي والوسائل والبحار : « فتقيّأ فقاءه ».

(٢).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٧ ، ح ١٧١٦١ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٥ ، ح ٢٢٢٥٥ ؛البحار ، ج ٤٨ ، ص ١١٧ ، ح ٣٢.

(٣). في « بف » : - « حين يزني ».

(٤). في « بف » : - « حين يسرق ».

(٥). قد مضى معنى النهبة ذيل عنوان الباب.

(٦). هكذا في « ط ، بف » والوافي وفي سائر النسخ والمطبوع : « ذات شرف ». وقال العلّامة الفيض فيالوافي : « ذات سرف ، بالمهملة في النسخ التي رأيناها ، ومعناه ظاهر ، وبالمعجمة على رواية العامّة ، أي ذات قدر وقيمة واستشراف ورفعة يرفع الناس أبصارهم للنظر إليها ويستشرفونها. وقيل : الشرف هو المكان العالي ، أي لا يأخذ مال أحد قهراً ومكابرة وعياناً ، وهم ينظرون إليه ولا يقدرون على دفعه ، وهو خلاف ما يظهر من كلام أبي الجارود وتمثيله بفعل حاتم ».

وقال العلّامة المجلسي فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : ذات شرف ، أي ذات قدر وقيمة ورفعة يرفع الناس أبصارهم بالنظر إليها ويستشرفونها ، كذا فيالنهاية . وفي أكثر نسخالتهذيب بالسين المهملة من الإسراف ، والتفسير الذي في الخبر أشدّ انطباقاً عليه ، وأورده فيالقاموس بالسين » ، ثمّ نقل عن الطيّبي ما يقرب ممّا نسبه العلّامة الفيض إلى القيل. وراجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٦١ ( شرف ) ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٩١ ( سرف ) ، وفيه : « وروي بالشين أيضاً ». (٧). في « بس » : « وقال ».

(٨). هكذا في « ط ، بخ » وحاشية « بف ، جت » والوافي وفي سائر النسخ والمطبوع : « ذات شرف ».

(٩). في « ط » : « فقال ».

(١٠).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧١ ، ح ١٠٧٤ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن سنان. وراجع :الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب ( غير معنون ) ، ح ١٥١٨ ؛ وباب الكبائر ، ح ٢٤٦٣ و ٢٤٦٤ ومصادرهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٣ ، ح ١٧١٨١ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٩ ، ح ٢٢٢٧٠.

٦٧٥

٨٥٧١ / ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَحَدِهِمَاعليهما‌السلام ، قَالَ : « لَا تَصْلُحُ(١) الْمُقَامَرَةُ ، وَلَا النُّهْبَةُ ».(٢)

٨٥٧٢ / ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(٣) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : كَانَ يَنْهى عَنِ الْجَوْزِ يَجِي‌ءُ بِهِ الصِّبْيَانُ مِنَ الْقِمَارِ أَنْ يُؤْكَلَ ، وَقَالَ : « هُوَ سُحْتٌ(٤) ».(٥)

٨٥٧٣ / ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى(٦) ، عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ :

عَنْ أَخِيهِ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ النِّثَارِ مِنَ السُّكَّرِ وَاللَّوْزِ وَأَشْبَاهِهِ(٧) : أَيَحِلُّ أَكْلُهُ؟

قَالَ : « يُكْرَهُ أَكْلُ(٨) مَا(٩) انْتُهِبَ(١٠) ».(١١)

____________________

(١). في « جن » : « لا يصلح ».

(٢).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٤ ، ح ١٧١٨٢ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٥ ، ح ٢٢٢٥٨ ؛ وص ١٦٨ ، ح ٢٢٢٦٨.

(٣). فيالتهذيب : - « بن إبراهيم ».

(٤). السحت : الحرام ، وقال ابن الأثير : « السحت : الحرام الذي لا يحلّ كسبه ؛ لأنّه يسحت البركة ، أي يذهبها». راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٥٢ ؛النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٤٥ ( سحت ).

(٥).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧٠ ، ح ١٠٧٠ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦١ ، ح ٣٥٨٨ ، معلّقاً عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن أبيهعليهما‌السلام .تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٢٢ ، ح ١١٦ ، عن السكوني ، عن أبي جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام . راجع :الفقيه ، ج ٤ ، ص ٥٨ ، ح ٥٠٩٣ ؛وفقه الرضا عليه‌السلام ، ص ٢٨٤الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٦ ، ح ١٧١٦٠ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٦ ، ح ٢٢٢٥٩.

(٦). في « ط ، ى ، جد » : - « بن يحيى ».

(٧). في مسائل عليّ بن جعفر : « النشر للسكر في العرس أو غيره » بدل « النثار من السكر واللوز وأشباهه ».

(٨). في « ط » : « كلّ ».

(٩). في «بخ ،بف » والوافي : «كلّما» بدل «أكل ما».

(١٠). في « بخ » : « انتهبت ». وفيالمرآة : « المشهور بين الأصحاب أنّه يجوز النثر ، وقيل : يكره ويجوز الأكل منه بشاهد الحال ، ولا يجوز أخذه من غير أن يؤكل في محلّه إلّا بإذن أربابه صريحاً أو بشاهد الحال ».

(١١). مسائل عليّ بن جعفر ، ص ١٣٩. وفيالتهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧٠ ، ح ١٠٧٢ ، معلّقاً عن الكليني.الاستبصار ، ج ٣ ، =

٦٧٦

٨٥٧٤ / ٨. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ‌ اللهِ بْنِ جَبَلَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : الْإِمْلَاكُ(١) يَكُونُ وَالْعُرْسُ ، فَيُنْثَرُ(٢) عَلَى الْقَوْمِ؟

فَقَالَ : « حَرَامٌ ، وَلكِنْ(٣) مَا أَعْطَوْكَ مِنْهُ فَخُذْهُ(٤) ».(٥)

٨٥٧٥ / ٩. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : «( الْمَيْسِرِ ) (٦) : هُوَ الْقِمَارُ(٧) ».(٨)

____________________

= ص ٦٦ ، ح ٢٢١ ، معلّقاً عن محمّد بن يحيى.قرب الإسناد ، ص ٢٧٣ ، ح ١٠٨٧ ، بسنده عن عليّ بن جعفر.الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦٠ ، ح ٣٥٨٦ ، معلّقاً عن عليّ بن جعفرالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٤ ، ح ١٧١٨٣ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٨ ، ح ٢٢٢٦٩.

(١). الإملاك : التزويج وعقد النكاح ، يقال : قد أملكنا فلاناً فلانةَ ، إذا زوّجناه إيّاها. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦١٠ ( ملك ). (٢). في الوسائل : « فينثرون ».

(٣). في التهذيب والاستبصار : + « كُلْ ».

(٤). في « بح ، بخ ، بف » والوافي والوسائل : « فخذ ». وفي « ط » والتهذيب والاستبصار : - « فخذه ». وفيالمرآة : « حمل على الكراهة ، أو على عدم دلالة القرائن على الإذن ».

(٥).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧٠ ، ح ١٠٧١ ؛والاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦٦ ، ح ٢٢٠ ، معلّقاً عن أحمد بن أبي عبداللهالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٣٤ ، ح ١٧١٨٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٩ ، ح ٢٢٢٧١.

(٦). المائدة (٥) : ٩٠.

(٧). قال المحقّق الشعراني في هامشالوافي : « قوله : الميسر هو القمار ، حرمة الميسر صريح القرآن ، ولا يمكن أن يناقش فيه إلّا أنّ القمار المشهور بين العرب كان الاستقسام بالأزلام ، وهي القداح ، وكانوا يتفأّلون أيضاً بالقداح فيجعلون قدحاً أمراً ، وقدحاً نهياً ، وقدحاً ثالثاً لغواً ، لا أمر ولا نهي ويسمّونه : غفل ، ويأخذون أحدها بعد النيّة والدعاء عند أصنامهم ، نظير الاستخارة عند المسلمين ، وقد فعل ذلك امرؤ القيس لمـّا أراد أخذ ثأر أبيه.

وبالجملة حمل كثير من المخالفين الميسر على القمار بالأقداح فقط ، وهو باطل ؛ لأنّ الأزلام مذكورة بعد الميسر بالخصوص ، فلابدّ أن يكون الميسر غير الأزلام أو أعمّ منها. ومذهبنا أنّ كلّ ما تقومر عليه فهو ميسر ، ووافقنا أبو حنيفة ومالك ، وخالف الشافعي فمنع من النرد وجوّز الشطرنج ، ولا وجه له بعد صدق الميسر عليهما معاً ، وإن لم يصدق على أحدهما لا يصدق على الآخر ، والمنع عنهما بالخصوص وارد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٨).تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٣٩ ، ح ١٨١ ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٦ ، ح ١٧١٥٨ ؛ =

٦٧٧

٨٥٧٦ / ١٠. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبَلَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : الصِّبْيَانُ يَلْعَبُونَ بِالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ ، وَيُقَامِرُونَ(١) .

فَقَالَ : « لَا تَأْكُلْ مِنْهُ(٢) ؛ فَإِنَّهُ حَرَامٌ ».(٣)

٤١ - بَابُ الْمَكَاسِبِ الْحَرَامِ‌

٨٥٧٧ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي(٤) هذِهِ الْمَكَاسِبُ الْحَرَامُ ، وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةِ(٥) ،

____________________

=الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٥ ، ح ٢٢٢٥٦.

(١). في « ى ، جن » : « فيقامرون ».

(٢). في « بس » : - « منه ».

(٣).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧٠ ، ح ١٠٦٩ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٢٦ ، ح ١٧١٥٩ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٦٦ ، ح ٢٢٢٦٠. (٤). في الوسائل : - « من بعدي ».

(٥). في « جت » : « فالخفيّة » بدل « والشهوة الخفيّة ». وفيالنهاية ، ج ٢ ، ص ٥١٦ ( شها ) : « في حديث شدّاد بن أوس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفيّة ، قيل : هي كلّ شي‌ء من المعاصي يضمره صاحبه ويصرّ عليه وإن لم يعمله. وقيل : هو أن يرى جارية حسناء فيغضّ طرفه ، ثمّ ينظر بقلبه ، كما كان ينظر بعينه. قال الأزهري : والقول الأوّل ، غير أنّي أستحسن أن أنصب الشهوة الخفيّة وأجعل الواو بمعنى مع ، كأنّه قال : إنّ أخوف ما أخاف عليكم الرياء مع الشهوة الخفيّة للمعاصي ، فكأنّه يرائي الناس بتركه المعاصي ، والشهوة في قلبه مخفاة. وقيل : الرياء : ما كان ظاهراً من العمل ، والشهوة الخفيّة : حبّ اطّلاع الناس على العمل ».

وقال العلّامة الفيض فيالوافي : « هذا الحديث ممّا رواه العامّة والخاصّة بطرق متعدّدة » ثمّ ذكر ما نقلناه عن ابن الأثير وقال بعد تفسير الأزهري : « وهذا القائل روى الحديث بتقديم الرياء على الشهوة ويجري تفسيره مع التأخير أيضاً » إلى أن قال : « أقول : ويحتمل أن يكون المراد بها ما خفي على صاحبه من الأهواء المردية الكامنة في نفسه ، فظنّ هو أنّه بري‌ء منها لعدم تيسّر أسبابها له ، فإذا تيسّرت ظهرت وانبعثت الدواعي على تحصيلها وركوبها ». =

٦٧٨

وَالرِّبَا(١) ».(٢)

٨٥٧٨ / ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ عِيسَى الْفَرَّاءِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ(٣) : « أَرْبَعَةٌ(٤) لَايَجُزْنَ(٥) فِي أَرْبَعٍ(٦) : الْخِيَانَةُ ، وَالْغُلُولُ(٧) ، وَالسَّرِقَةُ ، وَالرِّبَا ، لَايَجُزْنَ(٨) : فِي حَجٍّ ، وَلَا عُمْرَةٍ ، وَلَا(٩) جِهَادٍ ، وَلَا صَدَقَةٍ ».(١٠)

٨٥٧٩ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ،

____________________

= ونقل العلّامة المجلسي فيمرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٨٨ ما نقلناه عن ابن الأثير ، ثمّ قال : « وقيل : الشهوة الخفيّة أن يكون في طاعة من طاعات الله فيعرض شهوة من شهواته ، كالأهل والجماع وغيرهما ، فيرجّح جانب النفس على جانب الله ، فيدخل في زمرة( فَأَمّا مَنْ طَغى * وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا ) [ النازعات (٧٩) : ٣٧ و ٣٨ ]. وسمّي خفيّاً لخفاء هلاكه. أقول : لا يبعد أن يراد بها الشهوة الكامنة في النفس ، وهي العشق ، أو الشهوات الكامنة التي يحسب الإنسان خلوّ النفس عنهما ، ويظهر أثرها بعد حين ».

(١). في « ى ، بس » وحاشية « جت » والوافي : « والرياء ».

(٢).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٥٩ ، ح ١٦٨٥٤ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٨١ ، ح ٢٢٠٤١.

(٣). في « ط » : - « قال ».

(٤). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : أربعة ، لعلّ التخصيص بالأربع لبيان أنّه يصير سبباً لحبط أجرها ؛ فإنّه لا يجوز التصرّف فيها بوجه ».

(٥). في « بخ ، بف » والفقيه والتهذيب : « لا يجوز ». وفي الوافي : « لا تجوز ».

(٦). في الوافي والوسائل ، ح ٢٢٠٥٤ و ٣٢١٩٧ والفقيه والتهذيب : « أربعة ».

(٧). قد تكرّر ذكر الغلول في الحديث ، وهو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة ، يقال : غَلَّ في المغنم يَغُلُّ غُلُولاً فهو غالّ ، وكلّ من خان في شي‌ء خفية فقد غلّ. وسمّيت غلولاً لأنّ الأيدي فيها مغلولة ، أي ممنوعة مجعول فيها غلّ ، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه ، ويقال لها : جامعة ، أيضاً. كذا فيالنهاية ، ج ٣ ، ص ٣٨٠ ( غلل ).

(٨). في « بخ ، بف » والفقيه والتهذيب : « لا يجوز ». وفي الوافي : « لا تجوز ».

(٩). في التهذيب : + « في ».

(١٠).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٨ ، ح ١٠٦٣ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦١ ، ح ٣٥٩٠ ، معلّقاً عن أبان بن عثمان.الخصال ، ص ٢١٦ ، ح ٣٨ ، بسنده عن أبان بن عثمان الأحمر.تحف العقول ، ص ٣٧٤الوافي ، ج ١٧ ، ص ٦٠ ، ح ١٦٨٥٥ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٩٠ ، ح ٢٢٠٥٤ ؛ وج ٢٥ ، ص ٣٨٩ ، ح ٣٢١٩٧.

٦٧٩

عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا اكْتَسَبَ الرَّجُلُ مَالاً مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ، ثُمَّ حَجَّ فَلَبّى ، نُودِيَ : لَالَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حِلِّهِ فَلَبّى(١) ، نُودِيَ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ(٢) ».(٣)

٨٥٨٠ / ٤. أَحْمَدُ(٤) ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « كَسْبُ الْحَرَامِ يَبِينُ(٥) فِي الذُّرِّيَّةِ ».(٦)

٨٥٨١ / ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « أَتى رَجُلٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - فَقَالَ : إِنِّي(٧) كَسَبْتُ(٨) مَالاً أَغْمَضْتُ(٩) فِي مَطَالِبِهِ حَلَالاً وَحَرَاماً(١٠) ، وَقَدْ أَرَدْتُ التَّوْبَةَ ، وَلَا أَدْرِي(١١) الْحَلَالَ مِنْهُ(١٢) وَالْحَرَامَ ، وَقَدِ اخْتَلَطَ عَلَيَّ.

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام : تَصَدَّقْ بِخُمُسِ(١٣) مَالِكَ(١٤) ؛ فَإِنَّ اللهَ - جَلَّ اسْمُهُ - رَضِيَ‌ مِنَ

____________________

(١). في « ط ، بخ ، بف » : - « فلبّى ».

(٢). فيالمرآة : « يدلّ على أنّ الحجّ بالمال الحرام غير مقبول ، فإذا اشترى ثوبي الإحرام أو الهدي بعينه كان الحجّ باطلاً على المشهور ، وإلّا كان صحيحاً غير مقبول ».

(٣).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٨ ، ح ١٠٦٤ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ١٧ ، ص ٦٠ ، ح ١٦٨٥٦ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٧٩ ، ح ٢٢٠٥٢.

(٤). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد ، عدّة من أصحابنا.

(٥). فيالوافي : « يبين ، بفتح الياء من البيان ، وبيانه فيهم إنّما يكون بسوء حالهم من فقر أو جهل أو فسق أو نحو ذلك ». وفيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : يبين ، أي أثره من الفقر وسوء الحال ».

(٦).الوافي ، ج ١٧ ، ص ٦٠ ، ح ١٦٨٥٧ ؛الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٨١ ، ح ٢٢٠٤٣.

(٧). في « ى » : « إنّما ».

(٨). فيالوافي والتهذيب : « اكتسبت ».

(٩). الإغماض : المسامحة والمساهلة كذا فيالنهاية ، ج ٣ ، ص ٣٨٧ ( غمض ). وفيالوافي : « أغمضت في مطالبه ، أي تساهلت في تحصيله ولم أجتنب من الحرام والشبهات ، وأصله من إغماض العين. ومصرف هذا الخمس الفقراء والمساكين ، دون بني هاشم ، كما زعمته طائفة. وقد مضى تحقيقه ».

(١٠). في « بف » والوافي : « حلال وحرام ».

(١١). في حاشية « جت » : « ولا أرى ».

(١٢). في « ى » : - « منه ».

(١٣). في الفقيه : « فقال عليّعليه‌السلام : أخرج خمس ».

(١٤). فيالمرآة : « قولهعليه‌السلام : تصدّق بخمس مالك ، خصّصه الأصحاب بما إذا جهل قدر الحرام ومالكه ، فلو =

٦٨٠

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765