الكافي الجزء ١٥

الكافي6%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 87238 / تحميل: 5535
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام

١٤٨٣٧ / ٢٢. أحمد بن محمد الكوفي ، عن جعفر بن عبد الله المحمدي ، عن أبي روح فرج(١) بن قرة ، عن جعفر بن عبد الله(٢) ، عن مسعدة بن صدقة :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام بالمدينة(٣) ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي وآله ، ثم قال :

أما بعد ، فإن الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يقصم جباري دهر إلا من بعد تمهيل ورخاء ، ولم يجبر كسر عظم(٤) من الأمم إلا بعد أزل(٥) وبلاء.

أيها الناس ، في دون ما استقبلتم من عطب(٦) واستدبرتم من خطب(٧) معتبر(٨) ، وما كل ذي قلب بلبيب(٩) ، ولا كل ذي سمع بسميع ، ولا كل ذي(١٠) ناظر عين ببصير.

__________________

حساب ولا عمل» مع اختلاف يسير. راجع : الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب ذم الدنيا والزهد فيها ، ح ١٩٠٧ ؛ وباب اتباع الهوى ، ح ٢٦٥٧ ومصادره الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٥٥ ، ح ٢٥٣٦٩ ؛ الوسائل ، ج ٨ ، ص ٤٦ ، ح ١٠٠٦٥ ؛ وج ٩ ، ص ٥١٢ ، ح ١٢٢٠٦ ، وفيهما قطعة منه ؛ البحار ، ج ٣٤ ، ص ١٧٢.

(١) في «ع ، ل ، ن ، بف ، بن» : «فرح» بالحاء المهملة.

(٢) ورد في الكافي ، ح ٨٢٠٥ رواية أحمد بن محمد بن سعيد عن جعفر بن عبد الله العلوي عن أبي روح فرج بن قرة عن مسعدة بن صدقة ، ولم يتوسط جعفر بن عبد الله بين أبي روح ومسعدة.

(٣) في البحار ، ج ٥١ : ـ «بالمدينة».

(٤) في نهج البلاغة : «عظم أحد» بدل «كسر عظم».

(٥) الأزل : الشدة ، والضيق ، والجدب. النهاية ، ج ١ ، ص ٤٦ (أزل).

(٦) في «د ، ع ، ل ، ن ، بف ، بن ، جت» وحاشية «بح» وشرح المازندراني والوافي والمرآة والبحار ، ج ٣١ : «خطب». وفي شرح المازندراني عن بعض النسخ ونهج البلاغة : «عتب». والعطب : الهلاك ، وفعله من باب تعب. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٨٤ ؛ المصباح المنير ، ص ٤١٦ (عطب).

(٧) الخطب : الأمر الذي يقع فيه المخاطبة ، والشأن ، والحال ، والأمر صغر أو عظم. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٥٧ (خطب).

(٨) في شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٧٩ : «معتبر ، أي في دون ذلك اعتبار لمن اعتبر فكيف فيه؟».

(٩) اللبيب : العاقل ؛ من اللب ، وهو العقل ، ولب كل شيء : خالصه. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٢٣ (لبب).

(١٠) في «ل» ونهج البلاغة : ـ «ذي».

١٦١

عباد الله ، أحسنوا فيما يعنيكم(١) النظر فيه(٢) ، ثم انظروا إلى عرصات(٣) من قد أقاده(٤) الله بعلمه(٥) ، كانوا على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزروع ومقام كريم ، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة(٦) والسرور والأمر والنهي ، ولمن صبر منكم العاقبة(٧) في الجنان(٨) والله مخلدون(٩) ، ولله عاقبة الأمور.

فيا عجبا(١٠) وما لي لا أعجب من خطإ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ،

__________________

(١) في «ع ، ل ، م ، بف ، بن ، جد» : «يغنيكم». ونسبه في الوافي إلى التصحيف. وفي المرآة عن بعض النسخ : «يعينكم» واستبعده المازندراني. و «يعنيكم» أي يهمكم ، يقال : هذا الأمر لا يعنيني ، أي لا يشغلني ولا يهمني. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣١٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٢٤ (عنا).

(٢) في المرآة : ـ «النظر فيه».

(٣) العرصات : جمع عرصة ، وهو كل موضع واسع لابناء فيه. النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٠٨ (عرص).

(٤) في شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٧٩ : «الإقادة من القود ، وهو ـ محركة ـ القصاص ، وإنما سمي إهلاكه قصاصا ؛ لأنه أمات دين الله تعالى فاستحق بذلك القصاص. وقيل : من القود : نقيض السوق ، أي جعله الله قائدا لمن تبعه».

وفي الوافي : «أقاده الله ، من القود ؛ فإنهم قد أصابوا دماء بغير حق».

وفي مرآة العقول ، ج ١١ ، ص ١٣٩ : «يقال : أقاده خيلا ، أي أعطاه ليقودها ويحتمل أن يكون من القود والقصاص ، ويؤيده أن في بعض النسخ : بعمله ، بتقديم الميم على اللام ، فالضمير راجع إلى الموصول». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٥٣ (قود).

(٥) في «ع ، ل ، م ، بح ، بن» وحاشية «د» : «بعمله». وفي شرح المازندراني عن بعض النسخ : «بغلمه» بالغين المعجمة.

(٦) «النضرة» : الحسن ، والرونق ، والنعمة ، والعيش ، والغنى. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٣٠ ؛ لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢١٢ (نضر).

(٧) في «ن» والبحار ، ج ٣١ : «العافية».

(٨) في «جت» وحاشية «د ، بح» : «الجنات».

(٩) في شرح المازندراني : «والله مخلدون ، أي والله أنتم مخلدون فيها ، على حذف المبتدأ».

وفي المرآة : «قوله : مخلدون ، خبر لمبتدأ محذوف ، والجملة مبينة ومؤكدة للجملة السابقة ، يسأل عن عاقبتهم فيقال : هم والله مخلدون في الجنان».

(١٠) في المرآة : «فيا عجبا ، بغير تنوين ، وأصله : فيا عجبي ، ثم قلبوا الياء ألفا ، فإن وقفت قلت : يا عجباه ، أي ياعجبي أقبل فهذا أو انك ، أو بالتنوين ، أي يا قوم اعجبوا عجبا ، أو أعجب عجبا. والأول أشهر وأظهر».

١٦٢

لا يقتصون(١) أثر نبي ، ولا يقتدون(٢) بعمل وصي ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفون(٣) عن عيب(٤) ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا(٥) ، وكل امرى(٦) منهم إمام نفسه ، آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات ، وأسباب محكمات ، فلا يزالون بجور ، ولن(٧) يزدادوا إلا خطأ ، لاينالون تقربا ، ولن يزدادوا إلا بعدا من اللهعزوجل ، أنس بعضهم ببعض ، وتصديق(٨) بعضهم لبعض(٩) ، كل ذلك وحشة مما ورث النبي الأمي(١٠) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والأرض ، أهل حسرات ، وكفوف(١١) شبهات(١٢) ، وأهل عشوات(١٣) وضلالة وريبة ، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من

__________________

(١) في «د ، جت» وحاشية «م ، ن ، بن ، جد» والمرآة والبحار : «لا يقتفون». يقال : قص الأثر واقتصه ، إذا تتبعه. النهاية ، ج ٤ ، ص ٧٢ (قصص).

وفي الوافي : «الاقتصاص : الاقتفاء والاتباع في ما يرى من الرأي ، وهذا نص في المنع عن الاجتهاد في الأحكام الشرعية واستنباطها من المتشابهات بالرأي وترك النصوص».

(٢) في البحار ، ج ٥١ : «ولا يعتدون».

(٣) في المرآة : «ولا يعفون عن عيب ، بكسر العين وتشديد الفاء من العفة ، وبسكون العين وتخفيف الفاء من العفو ، أي عن عيوب الناس». وقرأه العلامة المازندراني في شرحه بتشديد الفاء.

(٤) في نهج البلاغة : + «يعملون في الشبهات ويسيرون في الشهوات».

(٥) في نهج البلاغة : + «مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم ، وتعويلهم في المهمات على آرائهم».

(٦) في نهج البلاغة : «كأن كل امرئ» بدل «وكل امرئ».

(٧) في المرآة والبحار ، ج ٧٧ : «ولم».

(٨) في حاشية «بح» : «ويصدق». وفي المرآة : «في بعض النسخ : وتصدق ، أي يعطي بعضهم صدقاتهم بعضا ، ولعله تصحيف».

(٩) في «بح ، جد» : «ببعض».

(١٠) في البحار ، ج ٥١ : ـ «الامي».

(١١) هكذا في أكثر النسخ وحاشية «جت». وفي «بح ، جت» وحاشية «د ، م ، جد» : «وكفر». وفي المطبوع وشرح المازندراني والوافي والمرآة : «وكهوف». والكفوف : جمع الكف ، وهو اليد ، أو إلى الكوع بالضم أعنى رأس الزند مما يلي الإبهام. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٣٠ (كفف).

(١٢) في «بح ، جت» وحاشية «د ، م ، جد» : «وشبهات».

(١٣) العشوات : جمع العشوة بالضم والفتح والكسر ، وهو الأمر الملتبس ، وأن يركب أمرا بجهل لا يعرف وجهه ؛ مأخوذ من عشوة الليل ، وهي ظلمته ، أو هي من أوله إلى ربعه. النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٤٢ (عشا).

١٦٣

يجهله ، غير المتهم(١) عند من لايعرفه ، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها(٢) .

ووا أسفى من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم(٣) كيف يستذل بعدي بعضها بعضا ، وكيف يقتل بعضها بعضا ، المتشتتة غدا عن الأصل ، النازلة بالفرع ، المؤملة الفتح من غير جهته ، كل حزب منهم آخذ منه(٤) بغصن ، أينما مال الغصن مال معه ، مع أن الله ـ وله الحمد ـ سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية كما يجمع(٥) قزع(٦) الخريف ، يؤلف الله(٧) بينهم(٨) ، ثم يجعلهم ركاما(٩) كركام السحاب ، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم(١٠) كسيل الجنتين سيل العرم

__________________

(١) في حاشية «د» : «متهم».

(٢) الرعاء ، بالكسر والمد : جمع راعي الغنم ، وقد يجمع على رعاة بالضم. النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٣٥ (رعي).

(٣) في «بف» : «القوم».

(٤) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جد» والمرآة : ـ «منه».

(٥) في «بح» : + «بين».

(٦) القزع : جمع القزعة ، وهي قطعة من الغيم. قال ابن الأثير : «ومنه حديث عليعليه‌السلام : فيجتمعون إليه ، كما يجتمع قزع الخريف ، أي قطع السحاب المتفرقة. وإنما خص الخريف لأنه أول الشتاء ، والسحاب يكون متفرقا غير متراكم ولا مطبق ، ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك». النهاية ، ج ٤ ، ص ٥٩ (قزع).

(٧) في «م» : ـ «الله».

(٨) في المرآة : «نسبة هذا التأليف إليه تعالى مع أنه لم يكن برضاه على سبيل المجاز تشبيها لعدم منعهم عن ذلك وتمكينهم من أسبابه وتركهم واختيارهم بتأليفهم وحثهم عليه ، ومثل هذا كثير في الآيات والأخبار».

(٩) الركام : الرمل المتراكم بعضها فوق بعض ، وكذلك السحاب المتراكب بعضه فوق بعض وما أشبهه ؛ من الركم ، وهو جمع شيء فوق آخر حتى يصير ركاما. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٦٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٣ ، ص ١٤٦٩ (ركم).

(١٠) في «ن» : «مستتارهم». وفي «م» وحاشية «بن» وشرح المازندراني والبحار ، ج ٣١ : «مستشارهم».

وفي الوافي : «من مستثارهم ، أي محل انبعاثهم وتهيجهم ، وكأنه أشار عليه‌السلام بذلك إلى فتن أبي مسلم المروزي واستئصاله لبني امية ، وإنما شبههم بسيل العرم لتخريبهم البلاد وأهلها الذين كانوا في خفض ودعة ، واريد بالجنتين جماعتان من البساتين : جماعة عن يمين بلدتهم ، وجماعة عن شمالها ، روي أنها كانت أخصب البلاد وأطيبها ، لم يكن فيها عاهة ولا هامة. وفسر العرم تارة بالصعب ، اخرى بالمطر الشديد ، واخرى بالجرذ ، واخرى بالوادي ، واخرى بالأحباس التي تبنى في الأودية ، ومنه قيل : إنه اصطرخ أهل سبأ. قيل : إنما اضيف السيل إلى الجرذ لأنه نقب عليهم سدا ضربته لهم بلقيس ، فحقنت به الماء وتركت فيه ثقبا على مقدار ما

١٦٤

حيث بعث(١) عليه(٢) فأرة(٣) ، فلم يثبت(٤) عليه أكمة(٥) ، ولم يرد سننه(٦) رص(٧) طود(٨) يذعذعهم(٩) الله في بطون أودية ، ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، ويمكن بهم قوما(١٠) في(١١) ديار قوم(١٢) تشريدا(١٣) لبني أمية ، ولكيلا(١٤) يغتصبوا ما غصبوا(١٥) ، يضعضع(١٦) الله بهم ركنا ، وينقض بهم(١٧) طي

__________________

يحتاجون إليه ، أو المسناة التي عقدت سدا ، على أنه جمع عرمة ، وهي الحجارة المركومة ، وكان ذلك بين عيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٩٧ (عرم). وللمزيد راجع : مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١٤٣ و ١٤٤.

(١) في «بف» وحاشية «جت» والبحار ، ج ٥١ : «نقب». وفي الوافي : «ثقب».

(٢) في حاشية «بن» : «إليه».

(٣) أي بعث الله لأجل السيل أو على العرم ـ وهو السد ـ فأرة عظيمة تقلع الصخرة وترمي بها ، فما زالت تقلع الحجر حتى خرب ذلك السد فغشيهم السيل. وفي الإرشاد ونهج البلاغة : «حيث لم تسلم عليه قارة». والقارة : الجبل الصغير أو الصخرة العظيمة.

(٤) في «بن» والبحار ، ج ٣١ و ٥١ و ٧٧ : «فلم تثبت».

(٥) الأكمة ـ محركة ـ : التل من القف من حجارة واحدة ، أو هي دون الجبال ، أو الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله ، وهو غليظ لا يبلغ حجرا ، الجمع : اكم محركة وبضمتين. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٢٠ (أكمم).

(٦) في «د ، بف» : «سنته». والسنن : الطريقة. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٣٨ (سنن).

(٧) هكذا في معظم النسخ. وفي «بف ، جد» وحاشية «د» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي والبحار ، ج ٧٧ : «رض». وفي شرح المازندراني عن بعض النسخ : «رس». والرص : التصاق الأجزاء بعضها ببعض. النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٢٧ (رصص).

(٨) الطود : الجبل ، أو الجبل العظيم. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٠٢ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ١٤١ (طود).

وفي المرآة : «أي لم يرد طريقه طود مرصوص ، أي جبل اشتد التصاق اجزائه

(٩) الذعذعة : التفريق. يقال : ذعذعهم الدهر ، أي فرقهم. النهاية ، ج ٢ ، ص ١٦٠ (ذعذع).

(١٠) في «ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جد» وحاشية «د ، بح ، جت» : «لقوم» بدل «بهم قوما». وفي «د» وحاشية «ن» والبحار ، ج ٣١ : «من قوم» بدلها.

(١١) في «ن» وحاشية «بح ، جت» : «من».

(١٢) في «د» وحاشية «ن» والبحار ، ج ٣١ : «لديار قوم» بدل «في ديار قوم».

(١٣) التشريد : الطرد والتنفير. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٢٤ (شرد).

(١٤) في حاشية «د» : «ولكي».

(١٥) في شرح المازندراني : «لعل المراد أن غاية هذه الأفعال أمران : أحدهما : تشريد بني امية ، والثاني : أن لايغصب هؤلاء ما غصب بني امية من حق آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله . والأول وقع ؛ لكونه حتميا ، والثاني لم يقع ؛ لكونه تكليفا ، والله أعلم». وفي المرآة : «الاغتصاب بمعنى الغصب ، ولعل المراد أن الغرض من استيلاء هؤلاء ليس إلاتفريق بني امية ودفع ظلمهم».

١٦٥

الجنادل(١) من إرم(٢) ، ويملأ منهم بطنان(٣) الزيتون(٤) .

فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة(٥) ليكونن ذلك ، وكأني أسمع صهيل(٦) خيلهم ، وطمطمة(٧) رجالهم(٨) ، وايم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين(٩) في البلاد ، كما تذوب الألية على النار ، من مات منهم مات ضالا ، وإلى الله ـعزوجل ـ يفضي(١٠) منهم من درج(١١) ، ويتوب الله ـعزوجل ـ على من تاب ، ولعل الله يجمع

__________________

(١٦) الضعضعة : الهدم والإذلال. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢٥٠ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٨٨ (ضعضع).

(١٧) في «ن» : + «علي».

(١) «الجنادل» : جمع جندل ، كجعفر ، وهو الحجارة ، أو ما يقله الرجل من الحجارة. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٥٤ (جدل) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٩٧ (جندل).

(٢) «إرم» كعنب : دمشق ، أو الإسكندرية ، أو موضع بفارس ، وأيضا حجارة تجمع وتنصب في المغازة يهتدى بها. وقال العلامة المجلسي : «أي ينقض الله ويكسر بهم البنيان التي طويت وبنيت بالجنادل والأحجار من بلاد إرم ، وهي دمشق والشام ؛ إذ كان مستقر ملكهم في أكثر الأزمان تلك البلاد ، سيما زمانهعليه‌السلام ». راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤١٨ (أرم).

(٣) قال ابن الأثير : «وفيه : ينادي مناد من بطنان العرش ، أي من وسطه ، وقيل : من أصله ، وقيل : البطنان : جمع بطن ، والغامض من الأرض ، يريد من دواخل العرش». النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٦ (بطن).

(٤) «الزيتون» : شجرة الزيت ، ومسجد دمشق ، أو جبال الشام ـ وأحد هما المراد هاهنا ـ وبلد بالصين. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٤٨ (زيت).

(٥) قال الجوهري : «النسمة : الإنسان». وقال ابن الأثير : «النسمة : النفس والروح ، وكل دابة فيها روح فهي نسمة». فقولهعليه‌السلام : «وبرأ النسمة» أي خلق ذات الروح. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٤٠ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٤٩ (نسم).

(٦) صهيل الخيل : صوتها. النهاية ، ج ٣ ، ص ٦٣ (صهل).

(٧) الطمطمة : العجمة ، ورجل طمطم وطمطمي ، وطمطماني ، أي في لسانه عجمة لا يفصح. وقال العلامة المجلسي : «أشارعليه‌السلام بذلك إلى أن أكثر عسكرهم من العجم ؛ لأن عسكر أبي مسلم كان من خراسان». راجع : لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٣٧١ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٩٣ (طمم).

(٨) في «ع ، بن» : «رحالهم».

(٩) في الوافي : «والتمكن».

(١٠) في «م ، جت» والمرآة : «يقضى». الإفضاء : الوصول ، يقال : أفضى فلان إلى فلان ، أي وصل إليه ، وأصله أنه صار في فرجته وفضائه وحيزه. لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١٥٧ (فضا).

(١١) يقال : درج ، أي مشى ، ودرج القوم ، أي انقرضوا ؛ ودرج فلان ، أي لم يخلف نسلا ، أو مضى لسبيله ومات. والمراد به هنا الموت ، أي يرجع إلى الله تعالى من مات منهم ، أو من مات منهم مات ضالا وأمره إلى الله تعالى يعذبه كيف يشاء. وسائر المعاني أيضا محتمل. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٩٣ (درج).

١٦٦

شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء(١) ، وليس لأحد على الله ـ عز ذكره ـ الخيرة ، بل لله الخيرة والأمر جميعا.

أيها الناس ، إن المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير ، ولو لم تتخاذلوا عن(٢) مر الحق(٣) ولم تهنوا عن توهين الباطل ، لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ، ولم يقو من قوي عليكم ، وعلى هضم الطاعة وإزوائها(٤) عن أهلها ، لكن(٥) تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى(٦) عليه‌السلام .

ولعمري ليضاعفن(٧) عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل ، ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي(٨) مدة سلطان بني أمية لقد اجتمعتم على سلطان(٩) الداعي إلى الضلالة ، وأحييتم(١٠) الباطل ، وخلفتم الحق وراء(١١) ظهوركم ، وقطعتم الأدنى من أهل بدر ، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص(١٢) للجزاء ، وقرب الوعد ، وانقضت المدة ، وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ، ولاح لكم القمر المنير ،

__________________

(١) في شرح المازندراني : «هؤلاء».

(٢) في حاشية «بح» : «من».

(٣) «مر الحق» أي الحق الذي هو مر ، أو خالص الحق ؛ فإنه مر واتباعه صعب. والمعنى : لو لم تتدابروا عنه وصبرتم عليه.

(٤) في المرآة : «على هضم الطاعة ، أي كسرها ، وإزوائها عن أهلها ، يقال : زوي الشيء عنه ، أي صرفه ونحاه ، ولم أظفر بهذا البناء في ما اطلعت عليه من كتب اللغة». وراجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٦٣ (زوي).

(٥) في «بح ، بن» : «ولكن».

(٦) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والمرآة والبحار ، ج ٣١ و ٥١. وفي المطبوع : + «بن عمران».

(٧) في حاشية «ع» : «ليضعفن».

(٨) في المرآة : ـ «من بعدي».

(٩) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والبحار. وفي المطبوع : «السلطان».

(١٠) في حاشية «ن» : «وأحببتم».

(١١) في «م ، ن ، بح ، بف ، جد» والوافي : «خلف».

(١٢) «التمحيص» : الابتلاء والاختبار. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٥٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٥٦ (محص).

١٦٧

فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة ، واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق(١) ، سلك بكم مناهج(٢) الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتداويتم من(٣) العمى والصمم والبكم ، وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف(٤) ، ونبذتم الثقل الفادح(٥) عن الأعناق ، ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٦) ».(٧)

خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام (٨)

١٤٨٣٨ / ٢٣. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ويعقوب السراج :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «أن أمير المؤمنينعليه‌السلام لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر ، فقال : الحمد لله الذي علا فاستعلى ، ودنا فتعالى ، وارتفع فوق كل منظر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد(٩) أن محمدا عبده

__________________

(١) المراد بطالع المشرق هو القائمعليه‌السلام ، وقيل في وجه الشبه وجوه. راجع : شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٨٧ ؛ الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٥٣ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١٥٠.

(٢) في «جت» وحاشية «بح» والمرآة : «منهاج».

(٣) في «بف» : «زمن».

(٤) التعسف والاعتساف : الميل والعدول عن الطريق ، أو فعل الأمر من غير روية ، أو سلوك الطريق على غيرقصد ، ثم عدل إلى الظلم والجور. قال العلامة المازندراني : « والتعسف ، أي الاضطراب والتحير في طريق المعاش ، وفي كنز اللغة : التعسف : بربى آرامى رفتن». وقال العلامة المجلسي : «التعسف هنا : الظلم». راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٣٧ ؛ المصباح المنير ، ص ٤٠٩ (عسف).

(٥) «الفادح» : المثقل الصعب. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٥١ (فدح).

(٦) الشعراء (٢٦) : ٢٢٧.

(٧) الإرشاد ، ج ١ ، ص ٢٩١ ، مرسلا عن مسعدة بن صدقة ، إلى قوله : «بل لله الخيرة والأمر جميعا» مع اختلاف يسير. نهج البلاغة ، ص ١٢١ ، الخطبة ٨٨ ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلى قوله : «وأسباب محكمات» الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٤٩ ، ح ٢٥٣٦٨ ؛ البحار ، ج ٣١ ، ص ٥٥٤ ؛ وج ٥١ ، ص ١٢٢ ، ح ٢٤ ؛ وج ٧٧ ، ص ٣٤٥ ، ح ٢٩.

(٨) في «جد» : «خطبة أمير المؤمنين». وفي «جت» : «خطبة له اخرىصلى‌الله‌عليه‌وآله ». وفي «ع ، ل ، بن» : ـ «لأمير المؤمنينعليه‌السلام ».

(٩) في «بف» : ـ «أشهد».

١٦٨

ورسوله(١) خاتم(٢) النبيين ، وحجة الله على العالمين ، مصدقا للرسل الأولين ، وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما ، فصلى الله وملائكته عليه(٣) وعلى آله.

أما بعد ، أيها الناس ، فإن البغي يقود أصحابه إلى النار ، وإن أول من بغى على الله ـ جل ذكره ـ عناق بنت آدم ، وأول(٤) قتيل قتله الله عناق ، وكان مجلسها جريبا(٥) من الأرض(٦) في جريب ، وكان لها عشرون إصبعا في كل إصبع ظفران مثل المنجلين(٧) ، فسلط الله ـعزوجل ـ عليها أسدا كالفيل ، وذئبا كالبعير ، ونسرا(٨) مثل البغل فقتلوها ، وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا ، وأمات هامان ، وأهلك فرعون ، وقد قتل(٩) عثمان.

ألا وإن(١٠) بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والذي بعثه بالحق لتبلبلن(١١) بلبلة ، ولتغربلن غربلة(١٢) ،

__________________

(١) في «م» وحاشية «جت» : «ورسول الله» بدل «ورسوله». وفي «د ، ع ، ل ، بح ، بن ، بف ، جد» : «رسول الله» بدل «عبده ورسوله».

(٢) في «م ، جت» وحاشية «جت» : «وخاتم».

(٣) في «د» : «على محمد» بدل «عليه».

(٤) في «جت» : «وأن أول».

(٥) الجريب : ستون ذراعا في ستين. المغرب ، ص ٧٨ (جرب).

(٦) في «ع ، ل ، بف ، بن» والوافي : ـ «من الأرض».

(٧) المنجل ، كمنبر : ما يحصد به ، وحديدة يقضب به الزرع ، وما يقضب العود من الشجر. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٦٤٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٠٠ (نجل)

(٨) النسر : طائر ؛ لأنه ينسر الشيء ويقتنصه ويقتلعه. قال الجوهري : «ويقال : النسر لا مخلب له ، وإنما له ظفركظفر الدجاجة والغراب والرخمة». راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٢٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٦٨ (نسر).

(٩) في المرآة : «يمكن أن يقرأ «قتل» على بناء المعلوم والمجهول ، والأول أنسب بما تقدم».

(١٠) في الكافي ، ح ٩٤٨ والغيبة للنعماني : «إن» بدون الواو.

(١١) البلبلة : تفريق الآراء ، واختلاط الألسنة ، وشدة الهم والغم ، ووسوسة الصدر. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٦٩ (بلل).

(١٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : ولتغربلن غربلة ، الظاهر أنها مأخوذة من الغربال الذي يغربل به الدقيق ، ويجوز أن تكون من قولهم : غربلت اللحم ، أي قطعته. فعلى الأول الظاهر أن المراد تميز جيدهم من رديهم وعلى الثاني فلعل المراد تفريقهم وقطع بعضهم عن بعض». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٧١ (غربل).

١٦٩

ولتساطن(١) سوطة(٢) القدر(٣) حتى يعود أسفلكم أعلاكم ، وأعلاكم أسفلكم ، وليسبقن سابقون(٤) كانوا قصروا ، وليقصرن سابقون(٥) كانوا سبقوا ، والله ما كتمت وشمة(٦) ، ولا كذبت كذبة ، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم.

ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها(٧) ، وخلعت(٨) لجمها ، فتقحمت(٩) بهم في النار(١٠) .

ألا وإن التقوى مطايا(١١) ذلل حمل عليها أهلها ، وأعطوا أزمتها(١٢) ، فأوردتهم الجنة ، وفتحت لهم أبوابها ، ووجدوا ريحها وطيبها(١٣) ، وقيل لهم :( ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ ) (١٤) .

__________________

(١) السوط : الخلط ، أو هو أن تخلط شيئين في إنائك ، ثم تضربهما بيدك حتى يختلطا ، يقال : ساط القدر بالمسوط والمسواط ، وهو خشبة يحرك بها ما فيها ليختلط. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٢١ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٩٠٧ (سوط).

(٢) في «بف ، بن» وحاشية «جت» والوافي : «سوط».

(٣) في الكافي ، ح ٩٤٨ والغيبة للنعماني : ـ «ولتساطن سوطة القدر».

(٤) في الوافي : «سباقون».

(٥) في حاشية «م ، جد» والوافي والغيبة للنعماني : «سباقون».

(٦) في «د ، ل ، م ، جد» والكافي ، ح ٩٤٨ والغيبة للنعماني : «وسمة». وفي حاشية «م» : «وشيمة». وفي حاشية «د» : «وسيمة». والوشمة : الكلمة ، يقال : ما عصيته وشمة ، أي قلمة. وقال العلامة المجلسي : «ويمكن أن يقرأ ـ أي كتمت ـ على البناء للمجهول ، أي لم يكتم عني رسول الله شيئا ، والأول ـ أي المعلوم ـ أظهر». راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٥٢ (وشم).

(٧) في البحار : «عليها أهلها».

(٨) في الوافي : «وخليت».

(٩) «فتقحمت بهم في النار» أي ألقتهم فيها ، يقال : تقحمت به دابته ، أي رمته على وجهه ، أو ندت به فلم يضبط رأسها ، فربما طوحت به في اهوية. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ١٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٠٩ (قحم).

(١٠) في الوافي : + «فهم فيها كالحون».

(١١) المطايا : جمع المطية ، وهي الناقة التي يركب مطاها ، أي ظهرها. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٤٠ (مطا).

(١٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : واعطوا أزمتها ، على البناء للمفعول ، أي أعطاهم من أركبهم أزمتها ، ويحتمل أن يقرأ على البناء للفاعل ، أي أعطى الركات أزمة المطايا إليها فهن لكونهن ذللا لا يخرجن عن طريق الحق إلى أن يوصلن ركابهن إلى الجنة».

(١٣) في «بن» : «طيبها وريحها».

(١٤) الحجر (١٥) : ٤٦.

١٧٠

ألا وقد سبقني إلى هذا الأمر من لم أشركه فيه ، ومن(١) لم أهبه له ، ومن ليست له منه(٢) توبة(٣) إلا بنبي(٤) يبعث ، ألا ولا نبي بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أشرف منه(٥) على شفا(٦) جرف(٧) هار(٨) فانهار به في نار جهنم ، حق وباطل ، ولكل أهل ، فلئن(٩) أمر(١٠) الباطل لقديما(١١) فعل ، ولئن قل(١٢) الحق فلربما(١٣) ولعل ، ولقلما أدبر شيء فأقبل ، ولئن رد عليكم أمركم أنكم سعداء ، وما علي إلا الجهد ، وإني لأخشى أن تكونوا على فترة(١٤) ، ملتم عني ميلة كنتم فيها عندي(١٥) غير محمودي(١٦) الرأي ، ولو أشاء لقلت ، عفا الله

__________________

(١) في «ن» : ـ «من».

(٢) في «د» : ـ «له منه». وفي «ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جد» : ـ «منه».

(٣) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي والمرآة. وفي «جت» وحاشية «د ، م ، جت ، جد» : «ثوبة». وفي «د» : «ثوبه». وفي المطبوع وشرح المازندراني والمرآة عن بعض النسخ : «نوبة». وفي شرح المازندراني عن بعض النسخ : «ثوية» بالثاء المثلثة والياء المثناة من تحت.

(٤) في «جت» والبحار : «نبي». ونقله في المرآة عن أكثر النسخ ، ثم قال : «ولعله من تصحيف النساخ».

(٥) في شرح المازندراني : «أشرف منه ، أي من أجل هذا الأمر». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : أشرف منه ، أي بسبب غصبه الخلافة».

(٦) الشفا : الجانب ، وشفا كل شيء : حرفه. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٩٣ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٨٩ (شفا).

(٧) الجرف ، مثل عسر وعسر : ما تجرفته السيل وأكلته من الأرض. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٣٦ (جرف).

(٨) الهار : الساقط الضعيف ، ويقال : هار البناء يهور وتهور وانهار ، أي سقط. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٨١ ؛ لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢٦٧ (هور).

(٩) في «د ، ع ، ن» وحاشية «بح» : + «كثر».

(١٠) في الوافي : «أمر الباطل بكسر الميم ، أي كثر ، كذا فسره جماعة. ولا يبعد أن يكون بفتح الميم من الأمر ، وأن يكون مثلثة الميم من الإمارة ، أو على البناء للمفعول من التأمير ، أي صار أميرا».

(١١) في حاشية «بح ، جت» والوافي : «فلقديما». وفي «بف» والوافي : + «ما».

(١٢) في «بف» : «قبل». وفي حاشية «م ، جد» والوافي : «قيل».

(١٣) في «بن» : «لربما».

(١٤) الفترة : السكون والفتور ، وما بين الرسولين من رسل الله تعالى من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة. وترجمه العلامة المجلسي بالمعنى الأول والعلامة المازندراني والفيض بالثاني. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٠٨ (فتر).

(١٥) في «ل ، م ، بن» : «عندي فيها». وفي شرح المازندراني : ـ «عندي».

(١٦) في «ن ، بف» : «محمود».

١٧١

عما سلف ، سبق فيه الرجلان ، وقام الثالث كالغراب(١) همه(٢) بطنه ، ويله لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له ، شغل عن(٣) الجنة والنار أمامه ، ثلاثة واثنان(٤) خمسة ليس لهم سادس ، ملك يطير بجناحيه ، ونبي أخذ الله بضبعيه(٥) ، وساع مجتهد ، وطالب يرجو ، ومقصر في النار ، اليمين والشمال مضلة ، والطريق الوسطى هي الجادة ، عليها باقي(٦) الكتاب وآثار النبوة ، هلك من ادعى ، وخاب(٧) من افترى ، إن الله أدب هذه الأمة بالسيف والسوط ، وليس لأحد عند الإمام فيهما هوادة(٨) ، فاستتروا في بيوتكم ، وأصلحوا ذات بينكم ، والتوبة من ورائكم ، من أبدى صفحته للحق(٩) هلك».(١٠)

__________________

(١) في الوافي : «كالغراب ؛ يعني في الحرص والشره ؛ فإن الغراب يقع على الجيفة وعلى الثمرة وعلى الحية ، وفي المثل : أحرص من الغراب».

(٢) في «ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، جد» وحاشية «د» وشرح المازندراني : «همته».

(٣) في «بن» : «من».

(٤) في شرح المازندراني : «ثلاثة واثنان خمسة ليس لهم سادس ، أي هم ثلاثة واثنان ، وإنما قال ذلك ولم يقل : خمسة ابتداء ؛ للتنبيه على أن ثلاثة من أصحاب العصمة والاثنين صنف آخر».

وفي مرآة العقول : «قوله عليه‌السلام : الحاصل أن أحوال المخلوقين المكلفين تدور على خمسة ، وإنما فصل الثلاثة عن الاثنين. لأنهم من المقربين المعصومين الناجين من غير شك ، فلم يخلطهم بمن سواهم».

(٥) الضبع ـ بسكون الباء ـ : وسط العضد ، أو هو ما تحت الإبط ، قال العلامة المازندراني : وأخذه كناية عن تطهيره من الأرجاس ورفع قدره بين الناس» ، وقيل غير ذلك. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٧٣ (ضبع) ؛ شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٩٤ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١٥٧.

(٦) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع والمرآة : «يأتي». وفي حاشية «ن ، بح» : «ما في».

(٧) «خاب» من الخيبة ، وهو الحرمان والخسران. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٩٠ (خيب).

(٨) قال ابن الأثير : «فيه : لا تأخذه في الله هوادة ، أي لا يسكن عند وجوب حد لله تعالى ولا يحابي أحدا ، والهوادة : السكون والرخصة والمحاباة». النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٨١ (هود).

(٩) في الوافي : «من أبدى صفحته للحق ؛ يعني من كاشف الحق مخاصما له هلك هلاكا اخرويا ، وهي كلمة جارية مجرى المثل. وفي رواية : هلك عند جهلة الناس ، فيكون المراد : من أبدى صفحته لنصرة الحق غلبه أهل الجهل ؛ لأنهم العامة وفيهم الكثرة فهلك هلاكا دنيويا».

(١٠) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب البغي ، ح ٢٦٤٠ ، من قوله : «أيها الناس فإن البغي يقود أصحابه إلى

١٧٢

حديث علي بن الحسينعليهما‌السلام

١٤٨٣٩ / ٢٤. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية(١) ، عن أبي حمزة :

عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال : كان يقول : «إن أحبكم إلى الله ـعزوجل ـ أحسنكم عملا(٢) ، وإن أعظمكم(٣) عند الله(٤) عملا(٥) أعظمكم فيما عند الله رغبة ، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله ، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقا ، وإن(٦) أرضاكم عند الله أسبغكم(٧) على عياله ، وإن أكرمكم على(٨) الله أتقاكم لله».(٩)

__________________

النار» إلى قوله : «على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا» ؛ وفيه ، كتاب الحجة ، باب التمحيص والامتحان ، ح ٩٤٨. الغيبة للنعماني ص ٢٠١ ، ح ١ ، عن الكليني ، وفيهما من قوله : «ألا وإن بليتكم قد عادت» إلى قوله : «ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم». نهج البلاغة ، ص ٥٧ ، الخطبة ١٦ ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، من قوله : «ألا وإن بليتكم قد عادت» إلى قوله : «فلربما ولعل ولقلما أدبر شيء فأقبل» مع اختلاف يسير وزيادة في أوله الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٤١ ، ح ٢٥٣٦٧ ؛ البحار ، ج ٢٩ ، ص ٥٨٤.

(١) هكذا في «بف ، بن» وحاشية «ن ، بح ، جت». وفي «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، جت ، جد» والمطبوع : «هلال بن عطية».

ولم نجد ذكرا لهلال بن عطية في شيء من الأسناد والطرق وكتب الرجال ، وقد روى الحسن بن محبوب كتاب مالك بن عطية ، وتوسط مالك بينه وبين أبي حمزة في عدد من الأسناد. راجع : الفهرست للطوسي ، ص ٤٧٠ ، الرقم ٧٥٣ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٤ ، ص ٣٧٥.

ثم إن الخبر ورد في الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤٠٨ ، ح ٥٨٨٤ ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن عائذ الأحمسي ، عن أبي حمزة الثمالي. والظاهر زيادة «عن عائذ الأحمسي» في سند الفقيه ؛ فإنا لم نجد رواية عائذ الأحمسي ، عن أبي حمزة في موضع.

(٢) في «ن» : + «لله».

(٣) في «ن» : + «فيما».

(٤) في شرح المازندراني : ـ «عند الله».

(٥) في الفقيه : «حظا».

(٦) في شرح المازندراني : ـ «إن».

(٧) «أسبغكم» أي أوسعكم ، يقال : سبغت النعمة تسبغ سبوغا ، أي اتسعت ، وأسبغ الله عليه النعمة ، أي أكملها وأتمها ووسعها. راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٤٣٣ (سبغ).

(٨) في «ن» والفقيه : «عند».

(٩) الكافي ، أبواب الصدقة ، باب كفاية العيال والتوسع عليهم ، ح ٦٠٣٦ ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن

١٧٣

١٤٨٤٠ / ٢٥. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن عمر الصيقل ، عن أبي شعيب المحاملي ، عن عبد الله بن سليمان :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ليأتين على الناس زمان يظرف(١) فيه الفاجر ، ويقرب فيه الماجن(٢) ، ويضعف فيه المنصف».

قال : «فقيل(٣) له : متى ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال : إذا اتخذت(٤) الأمانة مغنما ، والزكاة مغرما ، والعبادة استطالة(٥) ، والصلة منا».

قال(٦) : «فقيل(٧) : متى ذلك(٨) يا أمير المؤمنين(٩) ؟ فقال : إذا تسلطن(١٠) النساء ،

__________________

زياد وأحمد بن محمد جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، وتمام الرواية فيه : «أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله». الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤٠٨ ، ح ٥٨٨٤ ، معلقا عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن عائذ الأحمسي ، عن أبي حمزة. الجعفريات ، ص ٢٣٨ ، بسند آخر عن جعفر بن محمد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف. تحف العقول ، ص ٢٧٩ الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٢٥٢ ، ح ٢٥٤٠٦.

(١) في «د ، م ، ن ، بح ، بن» وشرح المازندراني : «يطرف» بالطاء المهملة. و «يظرف فيه الفاجر» أي يعد ظريفا ، أي كيسا ؛ من الظرافة بمعنى الكياسة. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٩٨ ؛ لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٢٣٠ (ظرف).

(٢) في شرح المازندراني والمرآة عن بعض النسخ : «الماحل». وقال الجوهري : «المجون : أن لايبالي الإنسان ما صنع ، وقد مجن بالفتح يمجن مجونا ومجانة فهو ماجن ، والجمع : المجان». وقال الفيروزآبادي : «مجن مجونا : صلب ، وغلظ ، ومنه الماجن لمن لا يبالي قولا وفعلا ، كأنه صلب الوجه». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٠٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٢٠ (مجن).

(٣) في شرح المازندراني : «قيل».

(٤) في «د ، بف» : «اتخذ».

(٥) الاستطالة : العلو والترفع ، يقال : طال عليه واستطال وتطاول ، إذا علاه وترفع عليه. النهاية ، ج ٣ ، ص ١٤٥ (طول). وفي شرح المازندراني : «والعبادة استطالة على الناس يستطيلون بها».

(٦) في الوافي : ـ «قال».

(٧) في «د ، بف» والوافي : «فقال». وفي البحار : + «له».

(٨) في «بف» والوافي : «ذاك».

(٩) في «ع ، ل ، م ، ن ، بن ، جت» : ـ «فقال إذا اتخذت ـ إلى ـ يا أميرالمؤمنين».

(١٠) في شرح المازندراني : «قوله : إذا تسلطن النساء ، بخذف إحدى التاءين من مضارع التفعل ، والظاهر : تسلط

١٧٤

وسلطن الإماء ، وأمر الصبيان».(١)

١٤٨٤١ / ٢٦. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن جعفر العقبي رفعه ، قال :

خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أيها الناس ، إن آدم لم يلد عبدا ولا أمة ، وإن الناس كلهم أحرار ، ولكن الله خول(٢) بعضكم بعضا ، فمن كان له بلاء فصبر(٣) في الخير ، فلا يمن به على اللهعزوجل ، ألا وقد حضر شيء ونحن مسوون فيه بين الأسود والأحمر(٤) ».

فقال مروان لطلحة والزبير : ما أراد بهذا غيركما.

قال(٥) : فأعطى كل واحد ثلاثة دنانير ، وأعطى رجلا من الأنصار ثلاثة دنانير ، وجاء بعد غلام أسود فأعطاه ثلاثة دنانير ، فقال الأنصاري : يا أمير المؤمنين ، هذا غلام أعتقته(٦) بالأمس تجعلني وإياه سواء؟

__________________

بدون النون ، وكذا الظاهر من قوله : سلطن ، أو تسلطن على اختلاف النسخ ؛ لوجوب إفراد الفعل إذا اسند إلى الظاهر ، وحمل النون على التأكيد غير مناسب ، سيما في نسخة الأصل ، وهي سلطن بلفظ المضي ، فلابد من ارتكاب إحدى التأويلين : إما بأن يجعل النون حرفا دالة على جمعية الفاعل قبل ذكره ، أو بأن يجعل الفعل خبرا مقدما على المبتدأ ، وهو اسم الظاهر».

(١) نهج البلاغة ، ج ٤٨٥ ، الحكمة ١٠٢ ؛ وخصائص الأئمةعليهم‌السلام ، ص ٩٦ ، مرسلا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٤٥٨ ، ح ٢٥٥٤٣ ؛ البحار ، ج ٥٢ ، ص ٢٦٥ ، ح ١٥١.

(٢) يقال : خوله الله تعالى الشيء ، أي ملكه إياه. وخوله الله تعالى المال ، أي أعطاه إياه متفضلا. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٩٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣١٧ (خول).

(٣) في «ن» والمرآة : «فصير».

(٤) قال ابن الأثير : «فيه : بعثت إلى الأحمر والأسود ، أي العجم والعرب ؛ لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة والبياض ، وعلى ألوان العرب الادمة والسمرة. وقيل : أراد الجن والإنس. وقيل : أراد بالأحمر الأبيض مطلقا ؛ فإن العرب تقول : امرأة حمراء ، أي بيضاء». النهاية ، ج ١ ، ص ٤٣٧ (حمر).

(٥) في «جت» : ـ «قال».

(٦) في المرآة : «قوله : أعتقته ، يحتمل التكلم والخطاب».

١٧٥

فقال : إني نظرت في كتاب الله ، فلم أجد لولد إسماعيل على ولد إسحاق فضلا(١) .(٢)

حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حين عرضت عليه الخيل

١٤٨٤٢ / ٢٧. أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ؛ وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن أحمد بن النضر ؛ ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن الحسين بن أبي قتادة جميعا ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : «خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعرض(٣) الخيل ، فمر بقبر أبي أحيحة ، فقال أبو بكر : لعن الله صاحب هذا القبر ، فو الله إن(٤) كان ليصد عن سبيل الله ، ويكذب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال خالد ابنه : بل(٥) لعن الله أبا قحافة ، فو الله ما كان يقري الضيف(٦) ، ولا يقاتل العدو ، فلعن الله أهونهما على العشيرة فقدا ، فألقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطام(٧) راحلته على

__________________

(١) في شرح المازندراني : «قال الفاضل الأمين الإسترآبادي : يعني مع أن النبي والأئمة وبني هاشم وقريشا من ولد إسماعيل ، واليهود من ولد إسحاق إذا كانوا مسلمين ، سواء في الغنائم وشبهها بمقتضى كتاب الله ، فثبت المساواة بين غيرهما من باب الأولوية». وفي مرآة العقول : «قوله : على ولد إسحاق ، لعل العبد كان من بني إسرائيل ، كما هو الأغلب فيهم ، ويحتمل أن يكون المراد عدم الفضل في القسمة لا مطلقا ، مع أنه لا استبعاد في أن لا يكون بينهما فضل مطلقا إلابالفضائل».

(٢) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٧٧ ، ح ٢٥٣٧٣ ؛ البحار ، ج ٣٢ ، ص ١٣٣ ، ح ١٠٧.

(٣) في «د ، ل ، م ، ن ، بف ، بن» وحاشية «جد» وشرح المازندراني : «يعرض». وفي «جد» وحاشية «د ، م» : «لمعرض».

(٤) في «بح» : «إنه».

(٥) في «بف» : ـ «بل».

(٦) قال الجوهري : «قريت الضيف قرى ، مثال قليته قلى ، وقراء : أحسنت إليه ؛ إذا كسرت القاف قصرت ، وإذا فتحت مددت». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٦١ (قرا).

(٧) في حاشية «د» : «زمام». وقال ابن الأثير : «خطام البعير : أن يؤخذ حبل من ليف أو شعر أو كتان ، فيجعل

١٧٦

غاربها(١) ، ثم قال : إذا أنتم(٢) تناولتم المشركين ، فعموا ولا تخصوا فيغضب ولده ، ثم وقف فعرضت عليه الخيل ، فمر به فرس ، فقال عيينة بن حصن(٣) : إن من أمر هذا الفرس كيت وكيت(٤) ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ذرنا ، فأنا أعلم بالخيل منك ، فقال عيينة : وأنا أعلم بالرجال منك ، فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى ظهر الدم في وجهه ، فقال له : فأي(٥) الرجال أفضل؟ فقال(٦) عيينة بن حصن(٧) : رجال يكونون بنجد يضعون سيوفهم على عواتقهم(٨) ، ورماحهم على كواثب(٩) خيلهم ، ثم يضربون بها قدما قدما(١٠) ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كذبت ، بل رجال أهل اليمن أفضل ، الإيمان يماني(١١) ،

__________________

في أحد طرفيه حلقة ، ثم يشد فيه الطرف الآخر حتى يصير كالحلقة ، ثم يقاد البعير ، ثم يثنى على مخطمه. وأما الذي يجعل في الأنف دقيقا فهو الزمام». وقال الفيروزآبادي : «الخطام ، ككتاب : كل ما وضع في أنف البعير ليقتاد به». النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٥٥ (خطم).

(١) الغارب : الكاهل ، أو ما بين السنام والعنق ، والجمع : غوارب. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٠٧ (غرب).

(٢) في شرح المازندراني : ـ «أنتم».

(٣) في «م ، ن ، بح ، بف» والوافي : «حصين». وعيينة هذا ، هو عيينة بن حصن بن حذيفة الفزاري. راجع : الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، ج ٣ ، ص ٣١٦ ، الرقم ٢٠٧٨ ؛ اسد الغابة في معرفة الصحابة ، ج ٤ ، ص ٣١٨ ، الرقم ٤١٦٦.

(٤) «كيت وكيت» : هي كناية عن الأمر ، نحو كذا وكذا. قال أهل العربية : إن أصلها : كية بالتشديد ، والتاء فيها بدل من إحدى الياءين ، والهاء التي في الأصل محذوفة ، وقد تضم التاء وتكسر. قاله ابن الأثير في النهاية ، ج ٤ ، ص ٢١٦ (كيت).

(٥) في «د» : «وأي».

(٦) في «بن» : + «له».

(٧) في «م ، ن ، بح ، بف» والوافي : «حصين».

(٨) العواتق : جمع العاتق ، وهو موضع الرداء من المنكب ، يذكر ويؤنث. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٢١ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٠٣ (عتق).

(٩) الكواثب : جمع كاثبة ، وهي من الفرس مجتمع كتفيه قدام السرج. النهاية ، ج ٤ ، ص ١٥٢ (كثب).

(١٠) القدم ـ محركة وبالضم وبضمتين ـ : الشجاع ، وقد يكون بمعنى المتقدم في الحرب ، يقال : مضى قدما ، إذا تقدم ولم يعرج ولم ينثن ولم يقم ولم ينعطف. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٠٧ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٤٦٨ (قدم).

(١١) في حاشية «ن» : «يمان».

١٧٧

والحكمة يمانية(١) ، ولو لا الهجرة لكنت امرأ من أهل اليمن ، الجفاء والقسوة في الفدادين(٢) أصحاب(٣) الوبر(٤) ربيعة ومضر(٥) من حيث يطلع قرن الشمس(٦) ، ومذحج(٧) أكثر قبيل يدخلون الجنة ، وحضرموت(٨) خير من عامر بن

__________________

(١) قال الجوهري : «اليمن : بلاد للعرب ، والنسبة إليها : يمني ويمان مخففة ، والألف عوض من ياء النسب فلايجتمعان. قال سيبويه : وبعضهم يقول : يماني بالتشديد».

وقال ابن الأثير : «فيه : الإيمان يمان والحكمة يمانية ، إنما قال ذلك لأن الإيمان بدأ من مكة وهي من تعامة ، وتعامة من أرض اليمن ، ولهذا يقال : الكعبة اليمانية. وقيل : أنه قال هذا القول وهو بتبوك ، ومكة والمدينة يومئذ بينه وبين اليمن ، فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة. وقيل : أراد بهذا القول الأنصار لأنهم يمانون ، وهم نصروا الإيمان والمؤمنين وآووهم ، فنسب الإيمان إليهم».

وقال الفيومي : «في الياء مذهبان : أحدهما وهو الأشهر تخفيفها والثاني التثقيل ؛ لأن الألف زيدت بعد النسبة فيبقى التثقيل الدال على النسبة تنبيها على جواز حذفها».

وقال العلامة المازندراني : «وهذه الوجوه تجري في قوله : والحكمة يمانية». راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢١٩ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٣٠٠ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٨٢ (يمن).

(٢) قال ابن الأثير : «فيه : إن الجفاء والقسوة في الفدادين ، الفدادون بالتشديد : الذين تعلو أصواتهم في خروشهم ومواشيهم ، واحدهم : فداد ، يقال : فدد الرجل يفد فديدا ، إذا اشتد صوته. وقيل : هم المكثرون من الإبل. وقيل : هم الجمالون والبقارون والحمارون والرعيان. وقيل : إنما هو «الفدادين» مخففا ، واحدها : فدان ، مشدد ، وهي البقر التي يحرث بها ، وأهلها أهل جفاء وغلظة». النهاية ، ج ٣ ، ص ٤١٩ (فدد).

(٣) في حاشية «بح» : «وأصحاب».

(٤) «أصحاب الوبر» أي أهل البوادي والمدن والقرى ، وهو من وبر الإبل ، وهو صوفها ؛ لأن بيوتهم يتخذونها منه. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٤٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٧٨ (وبر).

(٥) «ربيعة» و «مضر» أبوا قبيلتين ، كانا أخوين ابني يزار بن معد بن عدنان ، معروفان في كثرة العدد وغلبته وفي الكفر وعداوة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وكانا ساكنين في النجد ، وهو شرقي المدينة وتبوك.

(٦) قال الجوهري : «قرن الشمس : أعلاها ، وأول ما يبدو منها في الطلوع». والمراد مطلع الشمس وجانب المشرق ، أي شرقي المدينة وتبوك ، وهو النجد. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢١٨٠ (قرن).

(٧) «مذحج» مثال مسجد : أبو قبيلة من اليمن ، وهو مذحج بن يحابر بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ، قال سيبويه : الميم من نفس الكلمة. الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٤٠ (مذحج).

(٨) «حضرموت» : اسم بلد وقبيلة أيضا ، وهما اسمان جعلا واحدا ، وإن شئت بنيت الاسم على الفتح وأعربت الثاني إعراب مالا ينصرف فقلت : هذا حضر موت ، وإن شئت أضفت الأول إلى الثاني فقلت : هذا حضر موت ، أعربت حضرا ، وخفضت موتا. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٣٤ (حضر).

١٧٨

صعصعة(١) ـ وروى بعضهم : خير من الحارث بن معاوية ـ وبجيلة(٢) خير من رعل وذكوان(٣) ، وإن يهلك لحيان(٤) فلا أبالي».

ثم قال : «لعن الله الملوك الأربعة : جمدا ، ومخوسا ، ومسوحا(٥) ، وأبضعة ، وأختهم العمردة(٦) ؛ لعن الله المحلل(٧) والمحلل له(٨) ، ومن

__________________

(١) «عامر» : أبو قبيلة ، وهو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٥٩ (عمر).

(٢) «بجيلة» ، كسفينة : حي من اليمن ، والنسبة إليهم : بجلي بالتحريك ، وإنهم من معد. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٣٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٧٧ (بجل).

(٣) في شرح المازندراني : «رعل وذكوان : قبيلتان من سليم ، وهم الذين قتلوا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بئر معونة ، وكان الأصحاب أربعين رجلا على ما في السير ، وسبعين رجلا في كتاب مسلم ، ولم ينج منهم إلاعمرو بن امية الضمري فجاء فأخبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أخبره جبرئيلعليه‌السلام قبل وروده ، فتوجع بقتلهم وأقام شهرا يدعو في صلاة الغداة على قاتليهم». وراجع : صحيح مسلم ، ج ٢ ، ص ١٣٦ ، باب استحباب القنوت ؛ الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٧١٠ (رعل) ؛ وج ٦ ، ص ٢٣٤٧ (ذكا) ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ٩ ، ص ٣٢٦ و ٣٢٧.

(٤) في «ع ، ل ، بف» : «الخنان». وفي الوافي : «الحيان». ولحيان : أبو قبيلة ، وهو لحيان بن هذيل بن مدركة. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٨٠ (لحي).

(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي «جت» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي والمرآة : «مشرحا».

(٦) قال الفيروزآبادي : «مخوس ، كمنبر ، ومشرح وجمد وأبضعة : بنو معد بن كرب ، الملوك الأربعة الذين لعنهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولعن اختهم العمردة ، وفدوا مع الأشعت ، فأسلموا ، ثم ارتدوا ، فقتلوا يوم النجير ، فقالت نائحتهم : يا عين بكي لي الملوك الأربعة». وضبط «جمدا» بسكون وتحريكها ، و «العمردة» بفتحتين وتشديد الراء». راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٠٣ (جمد) ، وص ٤٣٩ (عمرد) ، وص ٧٤٥ (خوس).

(٧) في شرح المازندراني : «المحل».

(٨) قال ابن الأثير : «فيه : لعن الله المحلل والمحلل له ، وفي رواية : المحل والمحل له ، وفي حديث بعض الصحابة : لا اوتى بحال ولا محلل إلارجمتهما ، جعل الزمخشري هذا الأخير حديثا لا أثرا ، وفي هذه اللفظة ثلاث لغات : حللت ، وأحللت ، وحللت والمعنى في الجميع : هو أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا فيتزوجها رجل آخر على شريطة أن يطلقها بعد وطئها لزوجها الأول. وقيل : سمي محللا بقصده إلى التحليل ، كما يسمي مشتريا إذا قصد الشراء».

وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قال المجلسي رحمه‌الله : مع الاشتراط ذهب أكثر العامة إلى بطلان النكاح ، فلذا فسروا التحليل بقصد التحليل ، ولا يبعد القول بالبطلان على اصول أصحابنا أيضا. أقول : وذلك لأن

١٧٩

يوالي(١) غير مواليه(٢) ، ومن ادعى نسبا لايعرف(٣) ، والمتشبهين من الرجال بالنساء(٤) ، والمتشبهات من النساء بالرجال ، ومن أحدث حدثا في الإسلام أو آوى محدثا(٥) ، ومن قتل غير قاتله(٦) ، أو ضرب غير ضاربه ، ومن لعن أبويه.

__________________

العقود تابعة للقصود ؛ ولم يقصد المطلقة ولا المحلل دوام النكاح ، وشرط التحليل العقد الدائم ، وإنما يحمل اللفظ على ظاهره إذا لم يعلم خلافه قطعا ، ثم احتملرحمه‌الله معنيين آخرين للتحليل : أحدهما : تحليل الشهر الحرام بالنسيء ، والثاني : مطلق تحريم ما حرم الله تعالى ، وكلاهما بعيد ، والأول أشهر وأظهر في تفسير الحديث». راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٣١ (حلل).

(١) في «د ، ع ، جت» والبحار ، ج ٢٢ : «توالى». وفي «بن» : «تولى». وفي «ن» بالتاء والياء معا.

(٢) في المرآة : «قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن يوالي غير مواليه ، فسر أكثر العامة بالانتساب إلى غير من انتسب إليه من ذي نسب أو معتق ، وبعضهم خصه بولاء العتق فقط ، وهو هنا أنسب ؛ لعطف «من ادعى نسبا» عليه. وفسر في أخبارنا بالانتساب إلى غير أئمة الحق وتركهم واتخاذ غيرهم أئمة».

(٣) في المرآة : «قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يعرف ، يحتمل البناء للفاعل والمفعول».

(٤) قال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «التشبه إما أن يكون طبعا ، ولا مؤاخذة عليه ؛ فإن بعض الرجال يشبهون النساء في مشيهم وتكلمهم وأخلاقهم وصوتهم ، وقد يكون اختياريا ، كرجل يحب أن يكون كالنساء ، وهذا يصح المؤاخذة عليه ، وقد كثر الأسانيد في لعن المتشبهين والمتشبهات في روايات العامة أيضا ، وأفتى كثير من علمائنا بحرمة لبس الثياب والحلي المختصة بجنس على الآخر ، ولكن ينبغي أن يخصص ذلك بما قصد فيه التشبه ، لا إذا لبس لغرض آخر غير التشبه ، كالحفظ من البرد والتستر ممن يرى مصلحته في التستر عنه والمزاح ، أورده في كتاب الصلاة والاقتصاد في المعيشة إذا لم يكن مؤديا إلى ترك تلك المروءة والوقاحة ، ومثله النهي عن التشبه بالكفار. وبالجملة التشبه دليل نقيصة في الشخص لا حرام ، نظير الضحك الكثير والمشي عريانا في السوق».

(٥) قال ابن الأثير : «في حديث المدينة : من أحدث فيها حدثا ، أو آوى محدثا الحدث : الأمر الحادث المنكرالذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة. والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول ، فمعنى الكسر : من نصر جانيا ، أو آواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه. والفتح : هو الأمر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه ؛ فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه». النهاية ، ج ١ ، ص ٣٥١ (حدث).

(٦) في شرح المازندراني : «ضمير «قاتله» للموصول باعتبار أنه قاتل مورثه». وفي المرآة : «قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن قتل غير قاتله ، أي غير مريد قتله ، أو غير قاتل من هو ولي دمه ، فكأنما قتل نفسه. قولهعليه‌السلام : أو ضرب غير ضاربه ، أي مريد ضربه ، أو من يضر به».

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

٨١٩ ـ خبر ابن حوزة :(مناقب آل أبي طالب ، ج ٣ ص ٢١٤ ط نجف)

عن ابن بطّة في (الإبانة) وابن جرير في تاريخه : أن ابن حوزة نادى الحسينعليه‌السلام ، فقال : يا حسين أبشر ، فقد تعجّلت النار في الدنيا قبل الآخرة.قال : ويحك أنا!. قال : نعم. قال : ولي رب رحيم ، وشفاعة نبي مطاع. الله م إن كان عبدك كاذبا فجرّه (أو : فحزه) إلى النار. قال : فما هو إلا أن ثنى عنان فرسه ، فوثب فرمى به ، وبقيت رجله في الركاب ، ونفر الفرس فجعل يضرب برأسه كل حجر وشجر ، حتّى مات.

(وفي رواية) : الله م جرّه إلى النار ، وأذقه حرّها في الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة. فسقط عن فرسه في الخندق ، وكان فيه نار. فسجد الحسينعليه‌السلام .

(وفي كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٨٩) :

فقالعليه‌السلام : الله م حزه إلى النار. فغضب ابن حوزة من دعاء الحسينعليه‌السلام وكان بينه وبين الحسين نهر ، فعلقت قدمه بالركاب ، وجالت به الفرس فسقط عنها ، فانقطعت فخذه وساقه وقدمه ، وبقي جنبه الآخر متعلقا بالركاب ، يضرب به كل حجر وشجر ، حتّى مات.

٨٢٠ ـ اهتداء مسروق بن وائل الحضرمي :(المصدر السابق)

وكان مسروق بن وائل الحضرمي قد خرج معهم ، وقال : لعلّي أصيب رأس الحسينعليه‌السلام ، فأصيب به منزلة عند ابن زياد!. فلما رأى ما صنع الله بابن حوزة بدعاء الحسينعليه‌السلام رجع ، وقال : لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا ، لا أقاتلهم أبدا.

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني في (الوثائق الرسمية) ص ١٦٤ :

وانتهت هذه الواقعة بشقاوة ابن حوزة ، وكرامة للحسينعليه‌السلام ، وهداية لابن وائل ، فهي شقاوة وكرامة وهداية.

٨٢١ ـ تميم بن الحصين الفزاري يتوعد الحسينعليه‌السلام بعدم ذوق الماء :

(أمالي الشيخ الصدوق ، ص ١٣٤ ط بيروت)

ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له : تميم بن الحصين الفزاري ، فنادى : يا حسين ويا أصحاب الحسين ، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيّات! والله لا ذقتم منه قطرة حتّى تذوقوا الموت جزعا. فقال الحسينعليه‌السلام :

٦٦١

من الرجل؟. فقيل : تميم بن حصين. فقال الحسينعليه‌السلام : هذا وأبوه في النار.الله م اقتل هذا عطشا في هذا اليوم. فخنقه العطش ، حتّى سقط عن فرسه ، فوطئته الخيل بسنابكها فمات.

٨٢٢ ـ محمّد بن الأشعث ينفي قرابة الحسينعليه‌السلام للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعاء مولانا الحسين عليه ، فمات بادي العورة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٩)

ثم رفع الحسينعليه‌السلام صوته وقال : الله م إنا أهل بيت نبيك وذريته وقرابته ، فاقصم من ظلمنا وغصبنا حقنا ، إنك سميع قريب. فسمعها محمّد بن الأشعث ، فقال : يا حسين وأي قرابة بينك وبين محمّد؟ فقال الحسين : الله م إن محمّد بن الأشعث يقول إنه ليس بيني وبين رسولك قرابة ، الله م فأرني فيه هذا اليوم ذلا عاجلا فما كان بأسرع من أن تنحّى محمّد بن الأشعث وخرج من المعسكر ، فنزل عن فرسه وإذا بعقرب سوداء خرجت من بعض الحجرة فضربته ضربة تركته متلوثا في ثيابه مما به.

(وفي لواعج الأشجان ، ص ١٥١) أن محمّدا بن الأشعث قال : يا حسين أي حرمة لك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليست لغيرك؟. فتلا الحسينعليه‌السلام :( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣)ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ) [آل عمران : ٣٣ ـ ٣٤]. ثم قال : وإن محمدا لمن آل إبراهيم.

ثم رفع الحسينعليه‌السلام رأسه إلى السماء فقال : الله م أر محمدا بن الأشعث ذلا في هذا اليوم لا تعزّه بعده أبدا. فعرض له عارض ، فخرج من المعسكر يتبرّز ، فسلّط الله عليه عقربا فلدغته ، فمات بادي العورة.

(وفي رواية ابن شهراشوب في المناقب ، ج ٣ ص ٢١٥ ط نجف) :

فبرز ابن الأشعث للحاجة ، فلسعته عقرب على ذكره ، فسقط وهو يستغيث ، ويتقلّب على حدثه.

٦٦٢

ترجمة محمّد بن الأشعث

(أسرة الغدر)

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٨٧)

والده الأشعث بن قيس الكندي.

روى ابن عبد البرّ في (الاستيعاب) وابن حجر العسقلاني في (الإصابة) قال : إن الأشعث بن قيس أسلم في زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم ارتدّ بعده. فأسره أبو بكر ، فرجع إلى الإسلام ، وزوّجه أبو بكر أخته أم فروة ، فولدت منه محمّد بن الأشعث الّذي قاتل الحسينعليه‌السلام يوم كربلاء.

وقد كان الأشعث في صفوف الإمام عليعليه‌السلام يدّعي نصرته وينافق لمعاوية. وكان له دور في صفين في تأليب الناس ضدّ الإمامعليه‌السلام لقبوله التحكيم ، ليخلق الفتنة بين المسلمين.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «إن الأشعث كان من مشاوري عبد الرحمن بن ملجم المرادي في قتل الإمام عليعليه‌السلام ، وسمّت بنته جعدة الإمام الحسنعليه‌السلام ، وقاتل ابنه الخبيث محمّد بن الأشعث الإمام الحسينعليه‌السلام يوم الطف». فيا لها من عائلة مجرمة.

خطبة الحسين الأولى يوم عاشوراء

٨٢٣ ـ نسبه ومكانته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٧٨)

ثم دعا الحسينعليه‌السلام براحلته فركبها ، ونادى بصوت عال يسمعه جلّهم :

أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما هو حقّ لكم عليّ ، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم. فإن قبلتم عذري وصدّقتم قولي ، وأعطيتموني النّصف من أنفسكم ، كنتم بذلك أسعد ، ولم يكن لكم عليّ سبيل ، وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النّصف من أنفسكم( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ ) (٧١) [يونس : ٧١].( إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) (١٩٦) [الأعراف : ١٩٦].

٦٦٣

ثم حمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى الملائكة والأنبياء ، وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره ، ولم يسمع متكلم قبله ولا بعده أبلغ منه في منطقه(١) ثم قال :

الحمد لله الّذي خلق الدنيا ، فجعلها دار فناء وزوال ، متصرّفة بأهلها حالا بعد حال. فالمغرور من غرّته ، والشقيّ من فتنته. فلا تغرّنكم هذه الدنيا ، فإنها تقطع رجاء من ركن إليها ، وتخيّب طمع من طمع فيها. وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحلّ بكم نقمته ، وجنّبكم رحمته ، فنعم الربّ ربّنا ، وبئس العبيد أنتم. أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم!. لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم. فتّبا لكم ولما تريدون. إنا لله وإنا إليه راجعون.هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين(٢) .

فقال ابن سعد : ويلكم كلّموه ، فإنه ابن أبيه. والله لو وقف فيكم هكذا يوما جديدا لما انقطع ولما حصر.

فتقدم شمر فقال : يا حسين ما هذا الّذي تقول؟. أفهمنا حتّى نفهم.

(وفي سير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ٣ ص ٣٠١) :

«فقالعليه‌السلام : لا تعجلوا ، والله ما أتيتكم حتّى أتتني كتب أماثلكم ، بأنّ السّنّة قد أميتت ، والنفاق قد نجم ، والحدود قد عطّلت ، فاقدم لعل الله يصلح بك الأمة ، فأتيت. فإذ كرهتم ذلك ، فأنا أرجع».

ثم قالعليه‌السلام : أيها الناس ، انسبوني من أنا ، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها ، وانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟. ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيّه وابن عمه ، وابن أول المؤمنين بالله والمصدّق لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبما جاء به من عند ربه؟.أوليس حمزة سيد الشهداء عمّ أبي؟. أو ليس جعفر الطيار عمي؟. أو لم

__________________

(١) أورد المقرم في مقتله هذه الفقرة نقلا عن الطبري ج ٦ ص ٢٤٢ ، ولم يوردها الخوارزمي في مقتله.

(٢) أورد المقرم هذه الفقرة نقلا عن مقتل محمّد بن أبي طالب ، وأوردها الخوارزمي ج ١ ص ٢٥٢ ليلة العاشر وليس يوم عاشوراء. كما أوردها ابن شهراشوب في مناقبه ج ٣ ص ٢٤٩ ط نجف.

٦٦٤

يبلغكم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لي ولأخي : هذان سيّدا شباب أهل الجنة؟.(وفي رواية أبي مخنف : وقوله إني مخلّف فيكم الثّقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي؟).فإن صدّقتموني بما أقول وهو الحق ، فوالله ما تعمّدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ، ويضرّ به من اختلقه. وإن كذّبتموني فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبا سعيد الخدري ، وسهيل بن سعد الساعدي ، والبراء بن عازب(١) ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك ، يخبرونكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لي ولأخي. أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي(٢) ؟.

ـ مقاطعة الشمر لخطبة الحسينعليه‌السلام :

فقال الشمر : هو يعبد الله على حرف(٣) إن كان يدري ما تقول!. فقال له حبيب:والله إني أراك تعبد الله على سبعين حرفا(٤) ، وأنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك.

(وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٣) :

«فناداه شمر : الساعة ترد الهاوية. فقال الحسينعليه‌السلام : الله أكبر. أخبرني جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «رأيت كأن كلبا ولغ في دماء أهل بيتي». وما إخالك إلا إياه.

فقال شمر : أنا أعبد الله على حرف [أي على شبهة] إن كنت أدري ما تقول».

(وفي مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥٣) :

«فقال الشمر للحسينعليه‌السلام : يا حسين بن علي ، أنا أعبد الله على حرف إن كنت

__________________

(١) البراء بن عازب مذكور في مقتل ابن نما خاصة ، وتجد ترجمته فيما يأتي.

(٢) أورد أبو مخنف هذه الفقرة في مقتله ص ٥٤ قبل يوم عاشوراء. وكذلك الخوارزمي في مقتله ج ١ ص ٢٥٣ بتحريف بسيط.

(٣) قال تعالى في سورة الحج الآية ١١ :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ، فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ، وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ ، خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ، ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) . وتفسيرها : أنّ من الناس من يعبد الله على ضعف ، كضعف القائم على حرف أي على طرف جبل. وقيل على حرف : أي على شك. وقيل من يعبد الله بلسانه دون قلبه ، فإن أصابه خير اطمأن به ، وإن أصابه بلاء واختبار انقلب على وجهه.

(٤) يعبد الله على سبعين حرفا : أي هائم في طرق الضلال والشبهات ، يعبد الله على سبعين شبهة.

٦٦٥

أدري ما تقول. فسكت الحسينعليه‌السلام . فقال حبيب بن مظاهر للشمر : يا عدو الله وعدو رسوله ، إني لأظنك تعبد الله على سبعين حرفا ، وأنا أشهد أنك لا تدري ما يقول ، فإن الله تبارك وتعالى قد طبع على قلبك.

فقال له الحسينعليه‌السلام : حسبك يا أخا بني أسد ، فقد قضي القضاء وجفّ القلم والله بالغ أمره. والله إني لأشوق إلى جدي وأبي وأمي وأخي وأسلافي ، من يعقوب إلى يوسف وأخيه ، ولي مصرع أنا لاقيه».

ثم قال الحسينعليه‌السلام : فإن كنتم في شكّ من هذا القول ، أفتشكّون أني ابن بنت نبيكم؟. فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري ، فيكم ولا في غيركم ويحكم أتطلبوني بقتيل فيكم قتلته ، أو بمال استهلكته ، أو بقصاص من جراحة؟. فأخذوا لا يكلمونه.

ثم نادى : يا شبث بن ربعي ويا حجّار بن أبجر ويا قيس بن الأشعث ويا زيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ أن اقدم ، فقد أينعت الثمار واخضرّ الجناب ، وإنما تقدم على جند لك مجنّدة؟!. فقالوا : لم نفعل. قالعليه‌السلام : سبحان الله ، بلى والله لقد فعلتم.

(وفي رواية تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٢ ط ٢ نجف) :

«أنه نادى : يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا زيد بن الحرث ، ويا فلان ويا فلان ، ألم تكتبوا إليّ؟. فقالوا : ما ندري ما تقول!.

وكان الحر بن يزيد اليربوعي من ساداتهم ، فقال له : بلى والله لقد كاتبناك ، ونحن الذين أقدمناك ، فأبعد الله الباطل وأهله».

ثم قالعليه‌السلام : أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض. فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على حكم بني عمك ، فإنهم لن يروك إلا ما تحب ، ولن يصل إليك منهم مكروه. فقال له الحسينعليه‌السلام : أنت أخو أخيك ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد(١) .(وفي رواية :ولا أقرّ إقرار العبيد).

__________________

(١) مثير الأحزان لابن نما ، ص ٢٦.

٦٦٦

ثم نادى : يا عباد الله( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ) (٢٠) [الدخان : ٢٠]. أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب(١) .

ترجمة البراء بن عازب

هو البراء بن عازب بن الحرث بن عدي الأنصاري الأوسي ، يكنى أبا عامر. صحابي ابن صحابي. استصغر يوم بدر ، وشهد أحدا. وكان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام . قال أبو عمرو بن عبد البر في (الاستيعاب) :شهد مع عليعليه‌السلام الجمل وصفين والنهروان ، ثم نزل الكوفة ومات بها أيام مصعب بن الزبير سنة ٧٢ ه‍.

وقال العلامة الحلي : البراء بن عازب مشكور بعد إذ أصابته دعوة أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتمان حديث غدير خم ، فأصابه البرص والعمى ، كما أصاب أنس بن مالك أيضا.

وروى الشيخ المفيد في (الإرشاد) قال : إن عليا قال للبراء ذات يوم : يا براء يقتل ابني الحسين وأنت حي لا تنصره!. فلما قتل الحسينعليه‌السلام كان البراء يقول : صدق والله علي بن أبي طالب ، قتل الحسين ولم أنصره ، ثم أظهر الحسرة على ذلك والندم.

ترجمة زيد بن أرقم

هو زيد بن أرقم بن قيس الأنصاري الخزرجي. صحابي مشهور. أول مشاهده الخندق ، ثم شهد ما بعده. وهو الّذي رفع إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قول عبد الله بن أبي :( لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ ، لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ ) فكذّبه عبد الله بن أبي وحلف ، فأنزل الله تعالى تصديق زيد بن أرقم وتكذيب عبد الله بن أبي ، وذلك في سورة المنافقين. قال أبو عمرو بن عبد البر في (الإستيعاب) : سكن زيد بن أرقم الكوفة ، وبنى دارا في بني كندة. وشهد مع عليعليه‌السلام صفين ، وهو معدود في خاصته.

__________________

(١) أورد أبو مخنف في مقتله هذا الكلام ص ٥٥ وذلك يوم عاشوراء.

٦٦٧

وذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد) : أنه لما وصل رأس الحسينعليه‌السلام ووصل ابن سعد إلى الكوفة من غد يوم وصوله ، ومعه بنات الحسينعليه‌السلام وأهله ، جلس ابن زياد في قصر الإمارة وأذن للناس إذنا عاما ، وأمر بإحضار الرأس ، فوضع بين يديه ، فجعل ينظر إليه ويبتسم وبيده قضيب يضرب به ثناياهعليه‌السلام . وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله ، وهو شيخ كبير. فلما رآه يضرب ثناياه بالقضيب ، قال : ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين ، فو الله الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله عليهما ما لا أحصيه كثرة يقبّلهما ، ثم انتحب باكيا. فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك ، أتبكي لفتح الله!. لو لا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك ، لضربت عنقك.فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وصار إلى منزله.

وعن زيد بن أرقم أنه قال : مرّ برأس الحسينعليه‌السلام وهو على رمح وأنا في غرفة لي في الكوفة ، فلما حاذاني سمعته يقرأ :

( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) فوقف والله شعري وناديت : رأسك والله يابن رسول الله وأمرك أعجب وأعجب.

وتوفي زيد بن أرقم سنة ست أو ثمان وستين ٦٨ للهجرة.

٨٢٤ ـ نصيحة زهير بن القين لأهل الكوفة وملا سنته مع الشمر :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٨٣)

وخرج إليهم زهير بن القين على فرس ذنوب [أي ذي ذنب وافر] وهو شاك في السلاح ، فقال : يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله (وفي رواية : نذار عباد الله).إن حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم ، ونحن حتّى الآن إخوة على دين واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف. وأنتم للنصيحة منا أهل ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة ، وكنا أمة وأنتم أمة. إن الله ابتلانا وإياكم بذرية نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لينظر ما نحن وأنتم عاملون. إنا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد ، فإنكم لا تدركون منهما إلا سوء عمر سلطانهما ، ليسملان أعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثّلان بكم ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتلان أماثلكم

٦٦٨

وقرّاءكم ، أمثال حجر بن عدي وأصحابه وهانئ بن عروة وأشباهه فسبّوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له وقالوا : لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومن معه ، أو نبعث به وبأصحابه إلى عبيد الله بن زياد سلما. فقال زهير : عباد الله ، إن ولد فاطمة أحق بالودّ والنصر من ابن سميّة ، فإن لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم. فخلّوا بين هذا الرجل وبين يزيد ، فلعمري إنه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسينعليه‌السلام . فرماه شمر بسهم ، وقال : اسكت أسكت الله نأمتك(١) أبرمتنا بكثرة كلامك. فقال زهير : يابن البوّال على عقبيه ما إياك أخاطب ، إنما أنت بهيمة.والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين ، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم. فقال الشمر : إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة. فقال زهير : أفبالموت تخوّفني ، فو الله للموت معه أحبّ إليّ من الخلد معكم(٢) . ثم أقبل على القوم رافعا صوته وقال : عباد الله لا يغرّنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ، فو الله لا تنال شفاعة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوما أهرقوا دماء ذريته وأهل بيته ، وقتلوا من نصرهم وذبّ عن حريمهم. فناداه رجل من أصحابه ، إن أبا عبد الله يقول لك : أقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه وأبلغ في الدعاء ، فلقد نصحت هؤلاء وأبلغت ، لو نفع النصح والإبلاغ(٣) .

٨٢٥ ـ نصيحة برير بن خضير لأصحاب عمر بن سعد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٥٢)

فقال الحسينعليه‌السلام لبرير بن خضير : كلّم القوم يا برير وانصحهم. فتقدم برير حتّى وقف قريبا من القوم ، والقوم قد زحفوا إليه عن بكرة أبيهم ، [ونادى : يا معشر الناس إن الله بعث محمدا (بالحق) بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله (بإذنه) وسراجا منيرا. وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه ، وقد حيل بينه وبين ابن بنت رسول الله ، أفجزاء محمّد هذا؟. فقالوا : يا برير قد أكثرت الكلام فاكفف عنا ، فو الله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله(٤) ]. فقال لهم برير : يا هؤلاء اتقوا

__________________

(١) النأمة : الصوت. وأسكت الله نأمته : أي أماته.

(٢) أورد أبو مخنف في مقتله نظير هذا الكلام ، ص ٥٦.

(٣) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٣.

(٤) مقتل المقرم ص ٢٨٥ ، ولم يوردها الخوارزمي.

٦٦٩

الله فإن ثقل محمّد قد أصبح بين أظهركم ، هؤلاء ذريته وعترته وبناته وحرمه ، فهاتوا ما عندكم وما الّذي تريدون أن تصنعوا بهم؟. فقالوا : نريد أن نمكّن منهم الأمير عبيد الله بن زياد فيرى رأيه فيهم. فقال برير : أفلا ترضون منهم أن يرجعوا إلى المكان الّذي أقبلوا منه؟!. ويلكم يا أهل الكوفة أنسيتم كتبكم إليه وعهودكم التي أعطيتموها من أنفسكم وأشهدتم الله عليها وكفى بالله شهيدا. ويلكم دعوتم أهل بيت نبيكم وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم من دونهم ، حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم لعبيد الله ، وحلّأتموهم [أي طردتموهم ومنعتموهم] عن ماء الفرات الجاري ، وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس ، وترده الكلاب والخنازير!. بئسما خلّفتم محمدا في ذريته. ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة ، فبئس القوم أنتم. فقال له نفر منهم : يا هذا ما ندري ما تقول. فقال برير : الحمد لله الّذي زادني فيكم بصيرة. الله م إني أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم. الله م ألق بأسهم بينهم حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان(١) .

فجعل القوم يرشقونه بالسهام ، فرجع برير إلى ورائه.

خطبة الحسين الثانية يوم عاشوراء

٨٢٦ ـ وفيها يستنهض الناس لنصرته ويبدي سخطه على أهل الكوفة :

ورد في (الفاجعة العظمى) ص ٦٧ :

روي في (المناقب) بإسناده عن عبد الله بن محمّد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده عن عبد الله ، قال :

لما عبأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسينعليه‌السلام رتّبهم مراتبهم وأقام الرايات في مواضعها ، وعبأ أصحاب الميمنة والميسرة ، وقال لأهل القلب : اثبتوا.وأحاطوا بالحسينعليه‌السلام من كل جانب حتّى جعلوه في مثل الحلقة.

(وفي لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٣١ ط ٤) :

ثم ركب الحسينعليه‌السلام ناقته ، وقيل فرسه ، وخرج إلى الناس ، فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتّى قال لهم : ويلكم ما عليكم أن تنصتوا لي فتسمعوا قولي ، وإنما

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٨٥ و ٢٨٦ عن البحار ، ج ١٠ عن محمّد بن أبي طالب.

٦٧٠

أدعوكم إلى سبيل الرشاد ، فمن أطاعني كان من المرشدين ، ومن عصاني كان من المهلكين ، وكلكم عاص لأمري غير مستمع قولي ، فقد ملئت بطونكم من الحرام وطبع على قلوبكم. ويلكم ألا تنصتون؟! ألا تسمعون؟!. فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم ، فقالوا : أنصتوا له. فحمد الله وأثنى عليه وذكره بما هو أهله وصلى على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى الملائكة والأنبياء والرسل ، وأبلغ في المقال ، ثم قال :

تبّا(١) لكم أيتها الجماعة وترحا(٢) أحين استصرختمونا والهين(٣) (وفي رواية :ولهين متحيّرين) فأصرخناكم موجفين(٤) (مؤدّين(٥) مستعدّين) سللتم علينا سيفا لنا (في رقابنا) في أيمانكم ، وحششتم(٦) علينا نارا قدحناها (أجّجناها) على عدونا وعدوكم ، فأصبحتم إلبا(٧) على أوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، إلا الحرام من الدنيا أنالوكم ، وخسيس عيش طمعتم فيه. من غير حدث كان منا ، ولا رأي تفيّل لنا(٨) . فهلا لكم الويلات ، إذ كرهتمونا وتركتمونا ، تجهّزتموها(٩) والسيف مشيم(١٠) (لم يشهر) والجأش طامن(١١) والرأي لمّا يستحصف(١٢) (يستحصد). ولكن أسرعتم إليها كطيرةالدّبا(١٣) وتداعيتم إليها كتداعي (كتهافت) الفراش ، فسحقا (فقبحا) لكم يا عبيد

__________________

(١) التبّ : الهلاك.

(٢) التّرح : الهم.

(٣) الوله : الحزن.

(٤) موجفين : مسرعين في العدو.

(٥) مؤدّين : متهيئين مناصرين.

(٦) حششتم : أوقدتم.

(٧) إلبا : أي مجتمعين.

(٨) تفيّل رأيه : أخطأ وضعف.

(٩) الضمير للحرب أو الفتنة ، والتجهّز : التهيّؤ.

(١٠) مشيم : مغمد.

(١١) طامن : مطمئن.

(١٢) استحصف : استحكم.

(١٣) الدّبا : أول ما يكون الجراد قبل أن يطير ، ثم يكون غوغاء إذا هاج بعضه في بعض ، ثم يكون كتفانا ثم يصير خيفانا ثم يكون جرادا. ويضرب المثل بالدبا لكثرته.

٦٧١

الأمّة (فإنما أنتم من طواغيت الأمّة) وشذّاذ الأحزاب(١) ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرّفي الكتاب (الكلم) ، ومطفئي السّنن ، وقتلة أولاد الأنبياء ، ومبيدي عترة الأوصياء ، وملحقي العهّار(٢) بالنسب ، ومؤذي المؤمنين ، وصراخ أئمة المستهزئين ، الذين جعلوا القرآن عضين(٣) ولبئس ما قدّمت لهم أنفسهم ، وفي العذاب هم خالدون. وأنتم ابن حرب وأشياعه تعضدون (أهؤلاء تعضدون) وعنّا تخاذلون. أجل والله الخذل فيكم معروف (الغدر فيكم قديم) ، وشجت عليه أصولكم ، وتأزّرت عليه فروعكم (وشجت عليه عروقكم ، وتوارثته أصولكم وفروعكم) ، وثبتت عليه قلوبكم ، وغشيت صدوركم ، فكنتم أخبث ثمر (شيء) شجا للناظر(٤) وأكلة للغاصب. (ألا لعنة الله على الناكثين ، الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها) ، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ، فأنتم والله هم.

ألا وإن الدّعيّ ابن الدعيّ(٥) قد ركز بين اثنتين : السّلّة(٦) أو الذلّة ، وهيهات منا الذلّة (وهيهات منا أخذ الدنيّة) ، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون ، وجدود (وحجور) طابت ، وحجور (وحجز) طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر (من أن تؤثر) طاعة اللئام على مصارع الكرام. ألا قد أعذرت وأنذرت ، ألا وإني زاحف بهذه الأسرة مع قلة العدد (العتاد) وكثرة العدو ، وخذلان الناصر (وخذلة الأصحاب).

ثم وصلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلامه بأبيات فروة بن مسيك المرادي ، وهو صحابي مخضرم ، فقال:

فإن نهزم فهزّامون قدما

وإن نغلب فغير مغلبّينا

وما إن طبّنا(٧) جبن ولكن

منايانا ودولة آخرينا

إذا ما الموت رفّع عن أناس

كلاكله(٨) أناخ بآخرينا

__________________

(١) الشذّاذ : الذين يكونون في القوم وليسوا من قبائلهم.

(٢) العهر : الفجور.

(٣) عضين : مفرّق.

(٤) شجا : مصدر بمعنى الحزن والهم.

(٥) المقصود به : عبيد الله ابن زياد.

(٦) السّلة : أي استلال السيوف.

(٧) الطّب : العادة.

(٨) الكلكل : الصدر.

٦٧٢

فأفنى ذلكم سروات قومي

كما أفنى القرون الأولينا

فلو خلد الملوك إذا خلدنا

ولو بقي الكرام إذا بقينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا

سيلقى الشامتون كما لقينا

ثم قال : أما والله لا تلبثون بعدها إلا كريث(١) ما يركب الفرس ، حتّى تدور بكم دور الرحى(٢) وتقلق بكم قلق المحور(٣) . عهد عهده إليّ أبي عن جدي( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ ) (٧١) [يونس : ٧١]( ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ، ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) «هود ٥٦»(٤) .

اللهم احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف(٥) يسقيهم كأسا مصبّرة ، ولا يدع فيهم أحدا إلا قتله ، قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم(٦) ، فإنهم غرّونا وكذّبونا وخذلونا ، وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير(٧) .

٨٢٧ ـ مقاصد الإمام الحسينعليه‌السلام يوم الطف من خلال خطبتيه السابقتين :(مقتل المقرّم ، ص ٨١ و ٨٢)

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم في مقتله :

وعلى هذه السنن مشى أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام يوم الطف ، فلم يبدأ القوم بقتال مهما رأى من أعدائه التكاتف على الضلال والمقابلة له بكل ما لديهم من حول وطول ، حتّى منعوه وعياله وصحبه من الماء الّذي لم يزل صاحب الشريعةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجاهر بأن «الناس في الماء والكلأ شرع سواء». لأنهعليه‌السلام أراد إقامة الحجة

__________________

(١) كريث : كمقدار.

(٢) الرحى : حجر الطاحون.

(٣) المحور : ما تدور حوله البكرة أو الطاحون.

(٤) مقتل المقرم ص ٢٨٧ عن تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٤ واللهوف ص ٥٤.

(٥) هو المختار بن أبي عبيدة الثقفي.

(٦) مقتل المقرم ص ٢٨٧ عن مقتل العوالم ص ٨٤.

(٧) مقتل المقرم ص ٢٨٧ عن الله وف ص ٥٦. وذكر الخوارزمي في مقتله ج ٢ ص ٦ كامل الخطبة بتحريف بسيط.

٦٧٣

عليهم ، فوقف في ذلك الملأ المغمور بالأضاليل ، ونادى بحيث يعي الجماهير حجته ، فعرّفهم أولا خسارة هذه الدنيا الفانية لمن تقلّب فيها ، فلا تعود عليهم إلا بالخيبة ، ثم تراجع ثانيا إلى التعريف بمنزلته من نبيّ الإسلام ، وشهادته له ولأخيه المجتبى بأنهما سيدا شباب أهل الجنة ، وناهيك بشهادة من لا ينطق عن الهوى ، وكان محبوّا بالوحي الإلهي ، أن تؤخذ ميزانا للتمييز بين الحق والباطل. وفي الثالثة عرّفهم بأنه يؤدي كل ما لهم عنده من مال وحرمات ، وفي الرابعة نشر المصحف الكريم على رأسه ودعاهم إلى حكمه. وحتى إذا لم تجد هذه النصائح القيّمة فيهم ، ووضح لديه إصرارهم على الغي والعناد لله تعالى ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كشف الستار عن الإباء العلوي ، الّذي انحنت عليه أضالعه ، ورفع الحجاب عن الأنفة التي كان أبناء عليعليه‌السلام يتدارسونها ليلا ونهارا ، وتلهج بها أنديتهم. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«ألا وإن الدّعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين : بين السّلةّ والذلّة ، وهيهات منا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام. ألا وإني زاحف بهذه الأسرة عليقلة العدد وخذلان الناصر».

هذه وصايا الشريعة المطهرة وأحكامها الباعثة على الدعوة إلى الحق والنهضة لسدّ باب الباطل ، وكما ألزمت جهاد المضلين المشركين ، أباحت ترك الجهاد للصبي والمقعد والأعمى والشيخ الكبير والمرأة والبالغ الّذي لم يأذن له أبواه. لكن مشهد (الطف) خرق ناموسها الأكبر وجاز تلك المقررات جريا على المصالح والأسرار التي قصرت عنها أحلام البشر ، وقد تلقّاها (أبيّ الضيم)عليه‌السلام ، من جده المنقذ الأكبر وأبيه الوصيّ المقدّم. فالحسينعليه‌السلام لم يشرّع سنّة أخرى في الجهاد ، وإنما هو درس إلهي أثبته اللوح الأقدس في عالم الإبداع ، محدد الظرف والمكان ، تلقّاه الأمين جبرئيل وأفاضه على حبيب الله وصفيه (محمّد)صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأودعه صاحب الدعوة الإلهية عند ولده سيد الشهداءعليه‌السلام .عليه‌السلام .

فكل ما يشاهد في ذلك المشهد الدامي من الغرائب التي تنحسر عن الوصول إلى كنهها عقول الرجال ، فهو مما آثر المولى سبحانه به وليه وحجته أبا عبد الله الحسينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦٧٤

٨٢٨ ـ الحسينعليه‌السلام يلقي الحجة النهائية على عمر بن سعد ، ويخبره بنوع قتلته:(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨)

ثم قالعليه‌السلام : أين عمر بن سعد ، ادعوا لي عمر. فدعي له ، وكان كارها لا يحب أن يأتيه. فقال : يا عمر أنت تقتلني وتزعم أن يوليك الدعيّ ابن الدعي بلاد الري وجرجان. والله لا تتهنّأ بذلك أبدا ، عهد معهود ، فاصنع ما أنت صانع ، فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، وكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة ، يتراماه الصبيان ، ويتخذونه غرضا بينهم(١) . فغضب عمر بن سعد من كلامه ، ثم صرف وجهه عنه. ونادى بأصحابه : ما تنظرون به؟ احملوا بأجمعكم ، إنما هي أكلة واحدة.

٨٢٩ ـ النفوس الخيّرة تستيقظ : توبة الحر وتوجّهه إلى الحسينعليه‌السلام :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٣٧ ط ٤)

ولما رأى الحر بن يزيد أن القوم قد صمموا على قتال الحسينعليه‌السلام (٢) قال لعمر بن سعد : أمقاتل أنت هذا الرجل؟. قال : إي والله قتالا شديدا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي!. قال : فما لكم فيما عرضه عليكم رضى؟. قال :أما لو كان الأمر إليّ لفعلت ، ولكن أميرك قد أبى ذلك. فأقبل الحر حتّى وقف عن الناس جانبا ، ومعه رجل من قومه يقال له : قرة بن قيس. فقال له : يا قرة ، هل سقيت فرسك اليوم؟. قال : لا. قال : أما تريد أن تسقيه؟. قال قرة : فظننت والله أنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال ، فكره أن أراه حين يصنع ذلك. فقلت له : لم أسقه وأنا منطلق فأسقيه. فاعتزلت ذلك المكان الّذي كان فيه ، فو الله لو أطلعني على الّذي يريد لخرجت معه إلى الحسينعليه‌السلام . فأخذ الحر يدنو من الحسينعليه‌السلام قليلا قليلا ، فقال له المهاجر بن أوس : ما تريد يابن يزيد ، أتريد أن تحمل؟. فلم يجبه ، وأخذه مثل الأفكل [وهي الرعدة]. فقال له المهاجر :

__________________

(١) لواعج الأشجان ص ١٣٢ ومقتل المقرم ص ٢٨٩ ، نقلا عن تظلم الزهراء ومقتل العوالم ص ٨٤.

(٢) ذهب الخوارزمي إلى أن توبة الحر كانت بعد (الحملة الأولى) وهو ما أيّده ابن طاووس في الله وف. أما المقرّم فيعتبر توبته قبل بدء القتال ، وذلك نقلا عن تاريخ الطبري ، وهو ما اعتمده ابن شهراشوب في مناقبه والسيد الأمين في لواعجه.

٦٧٥

إن أمرك لمريب ، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا ، ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك. فما هذا الّذي أرى منك؟!. فقال الحر : إني والله أخيّر نفسي بين الجنة والنار ، فو الله إني لا أختار على الجنة شيئا ولو قطّعت وحرقت. ثم ضرب فرسه نحو الحسين(١) منكّسا برأسه حياء من آل الرسول ، بما أتى إليهم وجعجع بهم ، وهو يقول : الله م إليك أنيب فتب عليّ ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد بنت نبيك. وقال للحسينعليه‌السلام : جعلت فداك يابن رسول الله ، أنا صاحبك الّذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق ، وجعجعت بك في هذا المكان.والله الّذي لا إله إلا هو ، ما ظننت القوم يردّون عليك ما عرضت عليهم ، ولا يبلغون بك هذه المنزلة. والله لو علمت أنهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الّذي ركبت. وإني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي ، مواسيا لك بنفسي ، حتّى أموت بين يديك ، فهل لي من توبة؟. قال الحسينعليه‌السلام : نعم ، يتوب الله عليك(٢) ويغفر لك. ما اسمك؟. قال : أنا الحر. قال : أنت الحر كما سمّتك أمك ، أنت الحر في الدنيا والآخرة ، انزل. فقال : أنا لك فارسا خير مني لك راجلا ، أقاتلهم على فرسي ساعة ، وإلى النزول يصير آخر أمري. (وفي رواية) «ثم قال : يابن رسول الله ، كنت أول خارج عليك ، فأذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك(٣) فلعلي أن أكون ممن يصافح جدك محمدا غدا في القيامة».

فقال له الحسينعليه‌السلام : فاصنع يرحمك الله ما بدا لك.

٨٣٠ ـ الحر بن يزيد يسمع هاتفا يبشّره بالخير :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٢٠ ط نجف)

(روى ابن نما) أن الحر قال للحسينعليه‌السلام : لما وجّهني عبيد الله إليك ، خرجت من القصر ، فنوديت من خلفي : أبشر يا حر بخير. فالتفتّ فلم أر أحدا. فقلت :

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٩٠ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٤.

(٢) مقتل المقرّم ص ٢٩٠ نقلا عن الله وف ص ٥٨ ؛ وأمالي الشيخ الصدوق ص ٩٧ مجلس ٣٠ ؛ وروضة الواعظين ص ١٥٩.

(٣) هذا بناء على أن الحر هو أول من استشهد من جماعة الحسينعليه‌السلام بالمبارزة ، ولم يعتمد المقرم ذلك ، وإنما ذكر مصرعه بعد جملة من الأصحاب. وأما أبو مخنف فقد ذكره آخر من استشهد من الأصحاب ، وهو قول ضعيف.

٦٧٦

والله ما هذه بشارة ، وأنا أسير إلى الحسينعليه‌السلام . وما كنت أحدّث نفسي باتّباعك. فقالعليه‌السلام : لقد أصبت أجرا وخيرا.

٨٣١ ـ توبة الحر بن يزيد الرياحي (على رواية مقتل أبي مخنف):

(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٧٤)

وأورد أبو مخنف في المقتل المنسوب إليه توبة الحر بعد بدء القتال ، وبعد أن بدأ الحسينعليه‌السلام يستغيث فلا يغاث.

(قال أبو مخنف) : فوقع كلامهعليه‌السلام في مسامع الحر ، فأقبل على ابن أخيه قرّة وقال : أتنظر إلى الحسين يستغيث فلا يغاث ، ويستجير فلا يجار ، قد قتلت أنصاره وبنوه ، وقد أصبح بين مجادل ومخاذل ، فهل لك أن تسير بنا إليه ، وتقاتل بين يديه ، فإنّ الناس عن هذه الدنيا راحلة ، وكرامات الدنيا زائلة ، فلعلنا نفوز بالشهادة ، ونكون من أهل السعادة.

فقال له : ما لي بذلك حاجة. فتركه الحر وأقبل على ولده وقال له : يا بنيّ لا صبر لي على النار ولا على غضب الجبار ، ولا أن يكون غدا خصمي أحمد المختار. يا بنيّ أما ترى الحسينعليه‌السلام يستغيث فلا يغاث ويستجير فلا يجار!. يا بنيّ سر بنا إليه نقاتل بين يديه ، فلعلنا نفوز بالشهادة ، ونكون من أهل السعادة. فقال له ولده :حبا وكرامة.

ثم إنهما حملا من عسكر ابن زياد كأنهما يريدان القتال حتّى هجما على الحسينعليه‌السلام ، فنزل الحر عن ظهر جواده وطأطأ رأسه ، وجعل يقبّل يد الحسين ورجليه ، وهو يبكي بكاء شديدا. فقال له الحسينعليه‌السلام : ارفع رأسك يا شيخ ، فرفع رأسه وقال : يا مولاي أنا الّذي منعتك عن الرجوع. والله يا مولاي ما علمت أن القوم يبلغون منك هذا ، وقد جئتك تائبا مما كان مني ومواسيك بنفسي ، وقليل في حقك يا مولاي أن تكون نفسي لك الفداء. وها أنا ألقى حمامي يا مولاي بين يديك ، فهل من توبة عند ربي؟. فقال لهعليه‌السلام : إن تبت تاب الله عليك ويغفر لك وهو أرحم الراحمين ثم تقدم الحر إلى الحسينعليه‌السلام وقال : يا مولاي أريد أن تأذن لي بالبراز إلى الميدان ، فإني أول من خرج إليك وأحب أن أقتل بين يديك.فقال لهعليه‌السلام : ابرز بارك الله فيك.

٦٧٧

٨٣٢ ـ نصيحة الحر بن يزيد لأهل الكوفة بعد توبته :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٩١)

ثم استأذن الحر الحسينعليه‌السلام في أن يكلم القوم ، فأذن له. فنادى بأعلى صوته : يا أهل الكوفة ، لأمّكم الهبل والعبر(١) إذ دعوتموه وأخذتم بكظمه(٢) وأحطتم به من كل جانب ، فمنعتموه التوجه إلى بلاد الله العريضة حتّى يأمن وأهل بيته ، وأصبح كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، وحلّأتموه(٣) ونساءه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري ، الّذي يشربه اليهود والنصارى والمجوس ، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه. وهاهم قد صرعهم العطش ، بئسما خلّفتم محمدا في ذريته ، لا سقاكم الله يوم الظمأ.

(وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٢ ط ٢ نجف) :

وإذا لم تنصروه وتفوا له بما حلفتم عليه ، فدعوه يمضي حيث شاء من بلاد الله.أما أنتم مؤمنون؟!. وبنبوّة محمّد جده مصدّقون؟!. وبالمعاد موقنون؟!.

فحملت عليه الرجّالة ترميه بالنبل ، فتقهقر حتّى وقف أمام الحسينعليه‌السلام (٤) .

٨٣٣ ـ الرجوع عن الخطأ فضيلة :

(بقلم المؤلف)

(التربية الطيبة تكفل رجوع الإنسان إلى الحق مهما انحرف)

كثير أولئك الذين تتاح لهم في صغرهم فرض التربية والتهذيب ، والتنشئة الصالحة على المبادئ الأخلاقية الحميدة ، فتنطبع بها نفوسهم ، وتختلط نفحاتها بدمائهم ثم لا يلبثون أن تعترضهم في بداية حياتهم تقلبات من الزمان وتبدلات ، فيزهدون في تلك المبادئ السامية ، ويميلون إلى معاقرة الباطل والاستئناس به ثم هي فترة تمرّ من الزمن ، وإذا بهم قد استيقظوا وجلين مذعورين ، على أصوات ضميرهم ووجدانهم ، تدعوهم إلى النهوض من غفلتهم واليقظة من سكرتهم.فيطيحون بالباطل عن عاتق كواهلهم ، ويكنسون رواسبه من صفحات قلوبهم ،

__________________

(١) الهبل (بالتحريك والفتح) : الثّكل. والعبر : الحزن وجريان الدمعة.

(٢) الكظم (بالتحريك والفتح) : مخرج النّفس ، ويقال أخذ بكظمه : أي كربه وغمّه.

(٣) حّلأتموه : طردتموه ومنعتموه.

(٤) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٧ ، وشبيه هذا الكلام في مقتل أبي مخنف ص ٧٨.

٦٧٨

ويعودون بأنفسهم إلى أصولهم وأحسابهم ، حتّى كأنهم لم يسمعوا بالباطل ولا عهد لهم به. لقد عادوا خلقا جديدا غير الّذي كانوه بالأمس ، فكأنهم من بعد غير الذين كانوا من قبل.

وقد يعجب المرء من هذا التحول الانقلابي ، وهذا التبدّل الفجائي ، غير متذكّر أن التربية والتوجيه في الصغر يتركان في صاحبهما جذورا قوية من النبل والأدب والأخلاق. تظل متشعبة في حنايا نفسه ، لا تموت ولا تغيب ، رغم ما تخضع له من عواصف متقلّبة ، وأنواء متغيّرة ، لا تلبث بعد حين أن تنقشع غيومها ، وتنجرف رواسبها ، فتعود النفس مشرقة وضّاءة ، غنية خيّرة معطاءة ، فتنبت بذورها ، وتعلو سوقها ، مورقة مزهرة ، تفيض بالحق ، وتجود بالخير.

وليس لنا من مثال نضربه على هؤلاء الأشخاص أروع من مثال :

«الحر بن يزيد التميمي»

ذلك الرجل الحر ، الّذي أوتي من كرم الأصل وحسن المنبت وطيب السريرة ، ما جعله يؤوب إلى الحق بعد انحرافه ، ويعود إلى التصديق والإخلاص والوفاء ، وقد كان حربا عليها. وينجو من نار جهنم ، وقد كان على شفا حفرة منها. وينال الشهادة والسعادة والفوز ، وقد كان في منأى عنها.

وإن هذا المثل الخالد من تراثنا التليد ، إن كان يدلّ على شيء ، فإنما يدلّ على أن حسن التوجيه والتربية في الصغر ، غالبا ما تؤدي بصاحبها إلى السعادة والنجاة والفوز بالجنة ، وتكون له ذخرا وسندا في كبره ، على الرغم مما يتعرض له من محن وأخطاء ، وفتن وأخطار.

٦٧٩

(انتهى الجزء الأول من الموسوعة)

والحمد لله ربّ العالمين

وبذلك تمّ الفصل العشرون بانتهاء الجزء الأول من موسوعة كربلاء ،

وذلك حين جّهز عمر بن سعد جيوشه لقتال الحسينعليه‌السلام

يوم العاشر من المحرم ، ووضع سهمه في كبد قوسه ،

معلنا بدء القتال والنزال ، بين طغمة الباطل والضلال ،

وبين صفوة الهدى والكمال ، من خير صحب وخير آل.

وهو ما سيجده القارئ في الجزء الثاني من الموسوعة

إن شاء الله

٦٨٠

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909