الكافي الجزء ١٥

الكافي0%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الكافي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
تصنيف: الصفحات: 909
المشاهدات: 78843
تحميل: 4382


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 78843 / تحميل: 4382
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء 15

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

__________________

ص ٩٧ ، ح ٢٥٣٧٨ ؛ البحار ، ج ٧٨ ، ص ٢١٠ ، ح ٩٣. وورد قطعات منه في هذه المصادر : الوسائل ، ج ٦ ، ص ٢٨ ، ح ٧٢٥٨ ؛ وج ٧ ، ص ٢٦ ، ح ٨٦١٢ ؛ وص ٣١ ، ح ٨٦٢٩ ؛ وج ١٢ ، ص ١٨٣ ، ح ١٦٠٢٩ ؛ وص ١٩٦ ، ح ١٦٠٧٣ ؛ وج ١٥ ، ص ٢٥٣ ، ح ٢٠٤٣١ ؛ وص ٣٧٦ ، ح ٢٠٧٨٩ ؛ وج ١٦ ، ص ٥٦ ، ح ٢٠٩٦٧ ؛ وص ٢٠٧ ، ح ٢١٣٦٩ ؛ وج ١٨ ، ص ٣٦٦ ، ح ٢٣٨٦٠ ؛ والبحار ، ج ٧٤ ، ص ٢١٧ ؛ وج ٨٤ ، ص ٣٨٠ ، ح ٣٤.

وقد وعدنا عند قوله عليه‌السلام : «ولا صبر لهم على شيء» أن نورد هذا الحديث بتمامه عن الوافي ؛ لأجل ما بينهما من الاختلاف الفاحش في النظم والترتيب ، فقد حان لنا الوفاء بالوعد فنقول : قال العلامة الفيض في الوافي :

«باب رسالة أبي عبد الله عليه‌السلام إلى أصحابه. علي ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن حفص المؤذن ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وعن ابن بزيع ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كتب بهذه الرسالة إلى أصحابه ، وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها ، وكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم ، فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها.

وعن ابن سماعة ، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي ، عن القاسم بن الربيع الصحاف ، عن إسماعيل بن مخلد السراج قال : خرجت هذه الرسالة من أبي عبد اللهعليه‌السلام إلى أصحابه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد ، فاسألوا الله ربكم العافية ، وعليكم بالدعة والوقار والسكينة ، وعليكم بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم ، وعليكم بمجاملة أهل الباطل ، تحملوا الضيم منهم ، وإياكم ومماظتهم ، دينوا فيما بينكم وبينهم إذا أنتم جالستموهم وخالصتموهم ونازعتموهم الكلام ؛ فإنه لابد لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم الكلام بالتقية التي أمركم الله أن تأخذوا بها فيما بينكم وبينهم ، فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنهم سيؤذونكم وتعرفون في وجوههم المنكر ، ولو لا أن الله تعالى يدفعهم عنكم لسلطوا بكم ، وما في صدورهم من العداوة والبغضاء أكثر مما يبدون لكم ، مجالسكم ومجالسهم واحدة ، وأرواحكم وأرواحهم مختلفة لا تأتلف ، لا تحبونهم أبدا ولا يحبونكم ، غير أن الله تعالى أكرمكم بالحق ، وبصركموه ، ولم يجعلهم من أهله فتجاملونهم وتصبرون عليهم ، وهم لا مجاملة لهم ولا صبر لهم على شيء من اموركم ، تدفعون أنتم السيئة بالتي هي أحسن فيما بينكم وبينهم ، تلتمسون بذلك وجه ربكم بطاعته ، وهم لا خير عندهم ، لا يحل لكم أن تظهروهم على اصول دين الله ؛ فإنه إن سمعوا منكم فيه شيئا عادوكم عليه ، ورفعوه عليكم ، وجاهدوا على هلاكهم ، واستقبلوكم بما تكرهون ، ولم يكن لكم النصف منهم في دول الفجار ، فاعرفوا منزلتكم فيما بينكم وبين أهل الباطل ؛ فإنه لا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل ؛ لأن الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل ، ألم تعرفوا وجه قول الله تعالى في كتابه إذ يقول :( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) ؟ [ص (٣٨) : ٢٨] أكرموا أنفسكم عن أهل الباطل ، فلا تجعلوا الله تعالى ـ وله المثل الأعلى ـ وإمامكم ودينكم الذي تدينون به عرضة لأهل الباطل ، فتغضبوا الله عليكم ، فتهلكوا ، فمهلا مهلا يا أهل الصلاح ، لا تتركوا أمر الله وأمر من أمركم بطاعته ، فيغير الله ما بكم من نعمة ، أحبوا في الله من

٤١

__________________

وصف صفتكم ، وأبغضوا في الله من خالفكم ، وابذلوا مودتكم ونصيحتكم لمن وصف صفتكم ، ولا تبذلوها لمن رغب عن صفتكم وعاداكم عليها وبغاكم الغوائل ، هذا أدبنا أدب الله ، فخذوا به ، وتفهموه واعقلوه ، ولا تنبذوه وراء ظهوركم ، ما وافق هداكم أخذتم به ، وما وافق هواكم اطرحتموه ولم تأخذوا به.

واياكم والتجبر على الله ، واعلموا أن عبدا لم يبتل بالتجبر على الله إلاتجبر على دين الله ، فاستقيموا لله ، ولا ترتدوا على أعقابكم ، فتنقلبوا خاسرين ، أجارنا الله وإياكم من التجبر على الله ، ولا قوة لنا ولا لكم إلابالله».

وقال : «إن العبد إذا كان خلقه الله في الأصل ـ أصل الخلقة ـ مؤمنا ، لم يمت حتى يكره الله إليه الشر ، ويباعده منه ، ومن كره الله إليه الشر وباعده منه ، عافاه الله من الكبر أن يدخله والجبرية ، فلانت عريكته ، وحسن خلقه ، وطلق وجهه ، وصار عليه وقار الإسلام وسكينته وتخشعه ، وورع عن محارم الله ، واجتنب مساخطه ، ورزقه الله مودة الناس ومجاملتهم وترك مقاطعة الناس والخصومات ، ولم يكن منها ولا من أهلها في شيء ، وإن العبد إذا كان الله خلقه في الأصل ـ أصل الخلق ـ كافرا ، لم يمت حتى يحبب إليه الشر ، ويقربه منه ، فإذا حبب إليه الشر وقربه منه ، ابتلي بالكبر والجبرية ، فقسا قلبه ، وساء خلقه ، وغلظ وجهه ، وظهر فحشه ، وقل حياؤه ، وكشف الله ستره ، وركب المحارم فلم ينزع عنها ، وركب معاصي الله ، وأبغض طاعته وأهلها ، فبعد ما بين حال المؤمن وحال الكافر ، سلوا الله العافية ، واطلبوها إليه ، ولا حول ولا قوة إلابالله.

صبروا النفس على البلاء في الدنيا ؛ فإن تتابع البلاء فيها والشدة في طاعة الله وولايته وولاية من أمر بولايته خير عاقبة عند الله في الآخرة من ملك الدنيا وإن طال تتابع نعيمها وزهرتها وغضارة عيشها في معصية الله وولاية من نهى الله عن ولايته وطاعته ؛ فإن الله أمر بولاية الأئمة الذين سماهم في كتابه في قوله : ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ) [الأنبياء (٢١) : ٧٣] وهم الذين أمر الله بولايتهم وطاعتهم ، والذين نهى الله عن ولايتهم وطاعتهم وهم أئمة الضلال الذين قضى الله أن يكون لهم دول في الدنيا على أولياء الله الأئمة من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يعملون في دولتهم بمعصية الله ومعصية رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ ليحق عليهم كلمة العذاب ، وليتم أمر الله فيهم الذي خلقهم له في الأصل ـ أصل الخلق ـ من الكفر الذي سبق في علم الله أن يخلقهم له في الأصل ، ومن الذين سماهم الله في كتابه في قوله ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) [القصص (٢٨) : ٤١] فتدبروا هذا واعقلوه ، ولا تجهلوه ؛ فإن من جهل هذا وأشباهه مما افترض الله عليه في كتابه مما أمر به ونهى عنه ، ترك دين الله ، وركب معاصيه ، فاستوجب سخط الله ، فأكبه الله على وجهه في النار».

وقال : «أيتها العصابة المرحومة المفلحة إن الله تعالى أتم لكم ما آتاكم من الخير ، واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقاييس ، قد أنزل الله القرآن ، وجعل فيه تبيان كل شيء ، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلا ، لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأي ولا مقاييس ، أغناهم الله عن ذلك بما آتاهم من علمه ، وخصهم به ، ووضعه عندهم كرامة من الله تعالى أكرمهم بها ، وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الامة بسؤالهم ، وهم الذين من سألهم ـ وقد سبق في علم الله أن

٤٢

__________________

يصدقهم ويتبع أثرهم ـ أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى الله بإذنه وإلى جميع سبل الحق ، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم الله به وجعله عندهم إلامن سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة ، فاولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين آتاهم الله تعالى علم القرآن ووضعه عندهم وأمر بسؤالهم ، فاولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقاييسهم حتى دخلهم الشيطان ؛ لأنهم جعلوا أهل الايمان في علم القرآن عند الله كافرين ، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين ، وحتى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما ، وجعلوا ما حرم الله في كثير من الأمر حلالا ، فذلك أصل ثمرة أهوائهم ، وقد عهد إليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل موته فقالوا : نحن بعدما قبض الله رسوله يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد قبض الله تعالى رسوله ، وبعد عهده الذي عهده إلينا وأمرنا به مخالفة لله تعالى ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما أحد أجرأ على الله ولا أبين ضلالة ممن أخذ بذلك ، وزعم أن ذلك يسعه ، والله إن لله على خلقه أن يطيعوه ويتبعوا أمره في حياة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد موته ، هل يستطيع اولئك أعداء الله أن يزعموا أن أحدا ممن أسلم مع محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ بقوله ورأيه ومقاييسه؟ فإن قال : نعم ، فقد كذب على الله ، وضل ضلالا بعيدا ، وإن قال : لا ، لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه وهواه ومقاييسه ، فقد أقر بالحجة على نفسه وهو ممن يزعم أن الله يطاع ويتبع أمره بعد قبض الله رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد قال الله تعالى ـ وقوله الحق ـ :( وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) [آل عمران (٣) : ١٤٤] وذلك ليعلموا أن الله تعالى يطاع ويتبع أمره في حياة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد قبض الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكما لم يكن لأحد من الناس مع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه خلافا لأمر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكذلك لم يكن لأحد من الناس من بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه».

وقال : «دعوا رفع أيديكم في الصلاة إلامرة واحدة حين تفتتح الصلاة ؛ فإن الناس قد شهروكم بذلك والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلابالله».

وقال : «أكثروا من أن تدعوا الله ؛ فإن الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه ، وقد وعد عباده المؤمنين بالاستجابة ، والله مصير دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملا يزيدهم به في الجنة ، فأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل والنهار ؛ فإن الله تعالى أمر بكثرة الذكر له ، والله ذاكر لمن ذكره من المؤمنين ، واعلموا أن الله لمن يذكره أحد من عباده المؤمنين إلاذكره بخير ، فأعطوا الله من أنفسكم الاجتهاد في طاعته ؛ فإن الله لا يدرك شيء من الخير عنده إلابطاعته واجتناب محارمه التي حرم الله تعالى في ظاهر القرآن وباطنه ؛ فإن الله تعالى قال في كتابه ـ وقوله الحق ـ( وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ ) [الأنعام (٦) : ١٢٠] واعلموا أن ما أمر الله أن تجتنبوه فقد حرمه الله ، واتبعوا آثار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسنته ، فخذوابها ، ولا تتبعوا أهواءكم وآراءكم فتضلوا ؛ فإن أضل الناس عند الله من اتبع هواه ورأيه بغير هدى من الله ، وأحسنوا إلى أنفسكم ما استطعتم ، فإن أحسنتم

٤٣

__________________

أحسنتم لأنفسكم ، وإن أسأتم فلها ، وجاملوا الناس ، ولا تحملوهم على رقابكم ، تجمعوا مع ذلك طاعة ربكم ، وإياكم ، وسب أعداء الله حيث يسمعونكم ، فيسبوا الله عدوا بغير علم ، وقد ينبغي لكم أن تعلموا حد سبهم لله كيف هو ، إنه من سب أولياء الله فقد انتهك سب الله ، ومن أظلم عند الله ممن استسب لله ولأوليائه ، فمهلا مهلا ، فاتبعوا أمر الله ، ولا قوة إلابالله».

وقال : «أيتها العصابة الحافظ الله لهم أمرهم ، عليكم بآثار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسنته وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من بعده وسنتهم ؛ فإنه من أخذ بذلك فقد اهتدى ، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضل ؛ لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم ، وقد قال أبونا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المداومة على العمل في اتباع الآثار والسنن ـ وإن قل ـ أرضى لله وأنفع عنده في العاقبة من الاجتهاد في البدع واتباع الأهواء ، ألا إن اتباع الأهواء واتباع البدع بغير هدى من الله ضلال ، وكل ضلال بدعة ، وكل بدعة في النار ، ولن ينال شيء من الخير عند الله إلابطاعته والصبر والرضا ؛ لأن الصبر والرضا من طاعة الله.

واعلموا أنه لن يؤمن عبد من عبيده حتى يرضى عن الله فيما صنع الله إليه ، وصنع به على ما أحب وكره ، ولن يصنع الله بمن صبر ورضي عن الله إلاما هو أهله ، وهو خير له مما أحب وكره.

وعليكم بالمحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى ، وقوموا لله قانتين كما أمر الله به المؤمنين في كتابه من قبلكم وإياكم ، وعليكم بحب المساكين المسلمين ؛ فإنه من حقرهم وتكبر عليهم فقد زل عن دين الله ، والله له حاقر وماقت ، وقد قال أبونا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أمرني ربي بحب المساكين المسلمين منهم.

واعلموا أنه من حقر أحدا من المسلمين ، ألقى الله عليه المقت منه والمحقرة حتى يمقته الناس ، والله له أشد مقتا ، فاتقوا الله في إخوانكم المسلمين المساكين منهم ؛ فإن لهم عليكم حقا أن تحبوهم ؛ فإن الله أمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بحبهم ، فمن لم يحب من أمر الله بحبه ، فقد عصى الله ورسوله ، ومن عصى الله ورسوله ومات على ذلك ، مات وهو من الغاوين.

واياكم والعظمة والكبر ، فإن الكبر رداء الله تعالى ، فمن نازع الله رداءه قصمه الله ، وأذله يوم القيامة.

وإياكم أن يبغي بعضكم على بعض ؛ فإنها ليست من خصال الصالحين ؛ فإنه من بغى صير الله بغيه على نفسه ، وصارت نصرة الله لمن بغي عليه ، ومن نصره الله غلب وأصاب الظفر من الله.

واياكم أن يحسد بعضكم بعضا ؛ فإن الكفر أصله الحسد.

وإياكم أن تعينوا على مسلم مظلوم ، فيدعو الله عليكم ، فيستجاب له فيكم ؛ فإن أبانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول : إن دعوة المسلم المظلوم مستجابة ، وليعن بعضكم بعضا ؛ فإن أبانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول : إن معونة المسلم خير وأعظم أجرا من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام.

وإياكم وإعسار أحد من إخوانكم المؤمنين أن تعسروه بالشيء يكون لكم قبله وهو معسر ؛ فإن أبانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول : ليس لمسلم أن يعسر مسلما ، ومن أنظر معسرا أظله الله يوم القيامة بظله يوم لا ظل إلاظله.

٤٤

__________________

وإياكم أيتها العصابة المرحومة المفضلة على من سواها ، وحبس حقوق الله قبلكم يوما بعد يوم ، وساعة بعد ساعة ؛ فإنه من عجل حقوق الله قبله كان الله أقدر على التعجيل له إلى مضاعفة الخير في العاجل والآجل ، وإنه من أخر حقوق الله قبله ، كان الله أقدر على تأخير رزقه ، ومن حبس الله رزقه ، لم يقدر أن يرزق نفسه ، فأدوا إلى الله حق ما رزقكم ، يطيب لكم بقيته ، وينجز لكم ما وعدكم من مضاعفته لكم الأضعاف الكثيرة التي لا يعلم بعددها ولا بكنه فضلها إلا الله رب العالمين».

وقال : «اتقوا الله أيتها العصابة ، وإن استطعتم أن لا يكون منكم محرج للإمام ، وإن محرج الإمام هو الذي يسعى بأهل الصلاح من أتباع الإمام المسلمين لفضله ، الصابرين على أداء حقه ، العارفين بحرمته ، واعلموا أن من نزل بذلك المنزل عند الإمام ، فهو محرج للإمام ، فإذا فعل ذلك عند الإمام ، أحرج الإمام إلى أن يعلن أهل الصلاح من أتباعه ، المسلمين لفضله ، الصابرين على أداء حقه ، العارفين بحرمته ، فإذا لعنهم لإحراج أعداء الله الإمام ، صارت لعنته رحمة من الله عليهم ، وصارت اللعنة من الله ومن الملائكة ورسوله على اولئك.

واعلموا أيتها العصابة ، أن السنة من الله قد جرت في الصالحين قبل».

وقال : «من سره أن يلقى الله وهو مؤمن حقا حقا ، فيتول الله ورسوله والذين آمنوا ، وليبرأ إلى الله من عدوهم ، وليسلم لما انتهى من فضلهم ؛ لأن فضلهم لا يبلغه ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا من دون ذلك ، ألم تسمعوا ما ذكر الله من فضل أتباع الأئمة الهداة وهم المؤمنون قال : ( فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) [النساء (٤) : ٦٩] فهذا وجه من وجوه فضل أتباع الأئمة ، فكيف بهم وفضلهم؟!

ومن سره أن يتم الله له إيمانه حتى يكون مؤمنا حقا حقا ، فليف لله بشروطه التي اشترطها على المؤمنين ؛ فإنه قد اشترط مع ولايته وولاية رسوله وولاية أئمة المؤمنين عليهم‌السلام : إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وإقراض الله قرضا حسنا واجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، فلم يبق شيء مما فسر مما حرم الله إلاوقد دخل في جملة قوله ، فمن دان الله فيما بينه وبين الله مخلصا لله ، ولم يرخص لنفسه في ترك شيء من هذا ، فهو عند الله في حزبه الغالبين ، وهو من المؤمنين حقا.

وإياكم والإصرار على شيء مما حرم الله في ظهر القرآن وبطنه وقد قال الله : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) [آل عمران (٣) : ١٣٥] (إلى هاهنا رواية القاسم بن الربيع) يعني المؤمنين قبلكم إذا نسوا شيئا مما اشترط الله في كتابه ، عرفوا أنهم قد عصوا الله في تركهم ذلك الشيء ، فاستغفروا ، ولم يعودوا إلى تركه ، فذلك معنى قول الله تعالى : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) واعملوا أنه إنما أمر ونهى ؛ ليطاع فيما أمر به ، ولينتهى عما نهى عنه ، فمن اتبع أمره فقد أطاعه وقد أدرك كل شيء من الخير عنده ، ومن لم ينته عما نهى الله عنه فقد عصاه ، فإن مات على معصيته أكبه الله على وجهه في النار.

واعلموا أنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك من خلقه كلهم

٤٥

__________________

إلاطاعتهم له ، فجدوا في طاعة الله إن سركم أن تكونوا مؤمنين حقا حقا ، ولا قوة إلابالله».

وقال : «عليكم بطاعة ربكم ما استطعتم ؛ فإن الله ربكم ، واعلموا أن الإسلام هو التسليم ، والتسليم هو الإسلام ، فمن سلم فقد أسلم ، ومن لم يسلم فلا إسلام له ، ومن سره أن يبلغ إلى نفسه في الإحسان ، فليطع الله ؛ فإنه من أطاع الله ، فقد أبلغ إلى نفسه في الإحسان.

وإياكم ومعاصي الله أن تركبوها ؛ فإنه من انتهك معاصي الله فركبها ، فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه ، وليس بين الإحسان والإساءة منزلة ، فلأهل الإحسان عند ربهم الجنة ، ولأهل الإساءة عند ربهم النار ، فاعملوا بطاعة الله ، واجتنبوا معاصيه.

واعلموا أنه ليس يغني عنكم من الله أحد من خلقه شيئا ، لا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا من دون ذلك ، فمن سره أن تنفعه شفاعة الشافعين عند الله ، فليطلب إلى الله أن يرضى عنه.

واعلموا أن أحدا من خلق الله لم يصب رضاء الله إلابطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة أمره من آل محمد صلى الله عليهم ، ومعصيتهم من معصية الله ، ولم ينكر لهم فضلا عظم ولا صغر.

واعلموا أن المنكرين هم المكذبون ، وأن المكذبين هم المنافقون ، وأن الله تعالى قال للمنافقين ـ وقوله الحق ـ : ( إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً ) [النساء (٤) : ١٤٥] ولا يفرقن أحد منكم ألزم الله قلبه طاعته وخشيته من أحد من الناس ، أخرجه الله من صفة الحق ، ولم يجعله من أهلها ؛ فإن من لم يجعله الله من أهل صفة الحق ، فاولئك هم شياطين الإنس والجن ؛ فإن لشياطين الإنس حيلا ومكرا وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض ، يريدون إن استطاعوا أن يردوا أهل الحق عما أكرمهم الله به من النظر في دين الله الذي لم يجعل الله شياطين الإنس من أهله إرادة أن يستوي أعداء الله وأهل الحق في الشك والإنكار والتكذيب ، فيكونون سواء كما وصف الله في كتابه من قوله سبحانه : ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً ) [النساء (٤) : ٨٩] ، ثم نهى الله أهل النصر بالحق أن يتخذوا من أعداء الله وليا ولا نصيرا ، فلا يهولنكم ، ولا يردنكم عن النصر بالحق الذي خصكم الله به من حيلة شياطين الإنس ومكرهم وحيلهم ووساوس بعضهم إلى بعض ؛ فإن أعداء الله إن استطاعوا صدوكم عن الحق ، فيعصمكم الله من ذلك ، فاتقوا الله ، وكفوا ألسنتكم إلامن خير.

وإياكم أن تذلقوا ألسنتكم بقول الزور والبهتان والإثم والعدوان ؛ فإنكم إن كففتم ألسنتكم عما يكره الله مما نهاكم عنه ، كان خيرا لكم عند ربكم من أن تذلقوا ألسنتكم به ؛ فإن ذلق اللسان فيما يكره الله وفيما ينهى عنه لدناءة للعبد عند الله ، ومقت من الله ، وصمم وعمى وبكم يورثه الله إياه يوم القيامة ، فيصيروا كما قال الله : ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) [البقرة (٢) : ١٨] يعني لا ينطقون ( وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) [المرسلات (٧٧) : ٣٦].

وإياكم وما نهاكم الله عنه أن تركبوه ، وعليكم بالصمت إلافيما ينفعكم الله به في أمر آخرتكم ، ويؤجركم عليه ، وأكثروا من التهليل والتقديس والتسبيح ، والثناء على الله ، والتضرع إليه ، والرغبة فيما عنده من الخير الذي

٤٦

__________________

لا يقدر قدره ، ولا يبلغ كنهه أحد ، فاشغلوا ألسنتكم بذلك عما نهى الله عنه من أقاويل الباطل التي تعقب أهلها خلودا في النار لمن مات عليها ولم يتب إلى الله منها ولم ينزع عليها (عنها ـ خ ل).

وعليكم بالدعاء ؛ فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء والرغبة إليه ، والتضرع إلى الله ، والمسألة له ، فارغبوا فيما رغبكم الله فيه ، وأجيبوا الله إلى ما دعاكم إليه لتفلحوا وتنجوا من عذاب الله.

وإياكم أن تشره أنفسكم إلى شيء مما حرم الله عليكم ؛ فإنه من انتهك ما حرم الله عليه هاهنا في الدنيا ، حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة أبد الآبدين.

واعلموا أنه بئس الحظ الخطر لمن خاطر بترك طاعة الله وركوب معصيته ، فاختار أن ينتهك محارم الله في لذات دنيا منقطعة زائلة عن أهلها على خلود نعيم في الجنة ولذاتها وكرامة أهلها ، ويل لاولئك ما أخيب حظهم ، وأخسر كرتهم ، وأسوأ حالهم عند ربهم يوم القيامة ، استجيروا الله أن يجريكم في مثالهم أبدا ، وأن يبتليكم بما ابتلاهم به ، ولا قوة لنا ولكم إلابه.

فاتقوا الله أيتها العصابة الناجية ، إن أتم الله لكم ما أعطاكم فإنه لا يتم الأمر حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم ، وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم ، وحتى تسمعوا من أعداء الله أذى كثيرا ، فتصبروا وتعركوا بجنوبكم ، وحتى يستذلوكم ويبغضوكم ، وحتى يحملوا عليكم الضيم ، فتحتملوه منهم ، تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة ، وحتى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في الله يجترمونه إليكم ، وحتى يكذبوكم بالحق ، ويعادوكم فيه ، ويبغضوكم عليه ، فتصبروا على ذلك منهم.

ومصداق ذلك كله في كتاب الله الذي أنزله جبرئيل على نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله سمعتم قول الله ـ تعالى ـ لنبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ) [الأحقاف (٤٦) : ٣٥] ثم قال : ( وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ) [فاطر (٣٥) : ٤] ، ( فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا ) [الأنعام (٦) : ٣٤] فقد كذب نبي الله والرسل من قبله ، واوذوا مع التكذيب بالحق ، فإن سركم أن تكونوا مع نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والرسل من قبله ، فتدبروا ما قص الله عليكم في كتابه مما ابتلى به أنبياءه وأتباعهم المؤمنين ، ثم سلوا الله أن يعطيكم الصبر على البلاء في السراء والضراء والشدة والرخاء مثل الذي أعطاهم.

وإياكم ومماظة أهل الباطل ، وعليكم بهدي الصالحين ووقارهم وسكينتهم وحلمهم وتخشعهم وورعهم عن محارم الله وصدقهم ووفائهم واجتهادهم لله في العمل بطاعته ؛ فإنكم إن لم تفعلوا ذلك لم تنزلوا عند ربكم منزلة الصالحين قبلكم ، واعلموا أن الله ـ تعالى ـ إذا أراد بعبد خيرا شرح صدره للإسلام ، فإذا أعطاه ذلك نطق لسانه بالحق ، وعقد قلبه عليه ، فعمل به ، فإذا جمع الله له ذلك تم إسلامه ، وكان عند الله إن مات على ذلك الحال من المسلمين حقا ، وإذا لم يرد الله بعبد خيرا وكله إلى نفسه ، وكان صدره ضيقا حرجا ، فإن جرى على لسانه حق لم يعقد قلبه عليه ، وإذا لم يعقد قلبه عليه لم يعطه الله العمل به ، فإذا اجتمع ذلك عليه حتى يموت وهو على تلك الحال ، كان عند الله من المنافقين ، وصار ما جرى على لسانه من الحق الذي لم يعطه الله أن يعقد قلبه عليه

٤٧

صحيفة علي بن الحسينعليهما‌السلام وكلامه في الزهد

١٤٨١٧ / ٢. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ؛

وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة ، قال :

ما سمعت بأحد من الناس كان أزهد من علي بن الحسينعليهما‌السلام إلا ما بلغني عن(١) علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، قال أبو حمزة : كان(٢) علي بن الحسينعليهما‌السلام إذا تكلم في الزهد ووعظ أبكى من بحضرته ، قال أبو حمزة : وقرأت(٣) صحيفة(٤) فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسينعليهما‌السلام ، وكتبت(٥) ما فيها ، ثم أتيت علي بن الحسينعليهما‌السلام ، فعرضت ما فيها عليه ، فعرفه وصححه ، وكان ما فيها :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، كفانا الله وإياكم كيد الظالمين ، وبغي الحاسدين ، وبطش(٦) الجبارين ؛ أيها المؤمنون ،

__________________

ولم يعطه العمل به حجة عليه ، فاتقوا الله ، وسلوه أن يشرح صدوركم للإسلام ، وأن يجعل ألسنتكم تنطق بالحق حتى يتوفاكم وأنتم على ذلك ، وأن يجعل منقلبكم منقلب الصالحين قبلكم ، ولا قوة إلابالله ، والحمد لله رب العاليمن.

ومن سره أن يعلم أن الله يحبه ، فليعمل بطاعة الله وليتبعنا ، ألم يسمع قول الله ـ تعالى ـ لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) ؟والله لا يطيع الله عبد أبدا إلا أدخل الله عليه في طاعته اتباعنا ، ولا والله لا يتبعنا عبد أبدا إلا أحبه الله ، ولا والله لا يدع اتباعنا أحد أبدا إلا أبغضنا ، ولا والله لا يبغضنا أحد أبدا إلاعصى الله ، ومن مات عاصيا لله أخزاه الله ، وأكبه على وجهه في النار ، والحمد لله رب العاليمن».

(١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوسائل والأمالي للمفيد. وفي المطبوع والوافي : «من».

(٢) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والأمالي للمفيد. وفي المطبوع : + «الإمام».

(٣) في حاشية «ن ، بح» والوافي : + «في».

(٤) في «بف» والوافي : + «كان».

(٥) في الوسائل : «فكتبت».

(٦) البطش : الأخذ القوي الشديد ، أو الأخذ بالعنف والسطوة ، يقال : بطش به يبطش ويبطش بطشا ، أي

٤٨

لا يفتننكم(١) الطواغيت وأتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا ، المائلون إليها ، المفتتنون(٢) بها ، المقبلون عليها وعلى حطامها(٣) الهامد(٤) ، وهشيمها(٥) البائد غدا(٦) ، واحذروا ما حذركم الله منها ، وازهدوا فيما زهدكم الله فيه منها(٧) ، ولا تركنوا(٨) إلى ما في هذه الدنيا ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان ، والله(٩) إن لكم مما فيها عليها دليلا(١٠) وتنبيها(١١) من تصريف(١٢) أيامها وتغير(١٣) انقلابها ومثلاتها(١٤) وتلاعبها بأهلها ، إنها لترفع الخميل(١٥) ، وتضع الشريف ، وتورد أقواما إلى النار غدا ،

__________________

أخذه بالعنف والسطوة. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٩٩ (بطش).

(١) في «د» : «لا تفتننكم».

(٢) في «بح ، جت» : «المفتنون». وفي الأمالي للمفيد وتحف العقول : «المفتونون».

(٣) قال الجوهري : «الحطام : ما تكسر من اليبيس» ، وعن الأصمعي : «إذا تكسر يبيس البقل فهو حطام». الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٠١ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ١٣٧ (حطم).

(٤) «الهامد» : اليابس من النبات ، والبالي المسود المتغير. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٥٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٧٣ (همد).

(٥) الهشيم من النبات : اليابس المتكسر ، قال الجوهري : «والشجرة البالية يأخذها الحاطب كيف يشاء». راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٥٨ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٦٤ (هشم).

(٦) في الوسائل : ـ «المائلون إليها ـ إلى ـ غدا».

وفي شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ١٨٧ : «البائد : الزائل الهالك ، وغدا ظرف له ، أو للهامد أيضا ، وهو كناية عن وقت الموت ، أو قبله في أقرب الأوقات ، أو بعده يوم القيامة ، أو الجميع».

(٧) في «بح» : ـ «منها».

(٨) الركون : السكون إلى الشيء والميل إليه ، وفعله من باب نصر وعلم ومنع. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٦١ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٧٩ (ركن).

(٩) في «م» : «ولله».

(١٠) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع وشرح المازندراني والوافي : «لدليلا».

(١١) في «د ، ع ، ل» وحاشية «بح ، جت» : «وتنبها».

(١٢) في الأمالي للمفيد وتحف العقول : «دليلا من زينتها من تصريف (الأمالي : «وتصرف»)».

(١٣) في «ل ، بن» وحاشية «د» : «وتغيير».

(١٤) المثلات : جمع المثلة بفتح الميم وضم الثاء بمعنى العقوبة ، ويقال : بضم الميم وسكون الثاء أيضا ، وجمعها : مثلات ، مثلات ومثلات. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨١٦ ؛ لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٦١٥ (مثل).

(١٥) «الخميل» : من خفي ذكره وصوته ، والساقط الذي لانباهة له. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٩٠ ؛

٤٩

ففي(١) هذا معتبر ومختبر وزاجر لمنتبه ، إن الأمور الواردة عليكم في كل يوم وليلة ـ من مظلمات(٢) الفتن ، وحوادث البدع ، وسنن الجور ، وبوائق(٣) الزمان ، وهيبة السلطان ، ووسوسة الشيطان ـ لتثبط(٤) القلوب عن تنبهها(٥) ، وتذهلها(٦) عن موجود الهدى ومعرفة أهل الحق إلا قليلا ممن عصم الله ، فليس(٧) يعرف تصرف أيامها ، وتقلب حالاتها وعاقبة ضرر فتنتها(٨) إلا من عصم(٩) الله ، ونهج سبيل الرشد ، وسلك طريق القصد ، ثم(١٠) استعان على ذلك بالزهد ، فكرر الفكر(١١) ، واتعظ بالصبر(١٢) ، فازدجر(١٣) وزهد في عاجل بهجة الدنيا ، وتجافى(١٤) عن لذاتها(١٥) ، ورغب في دائم(١٦) نعيم الآخرة ، وسعى لها

__________________

القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣١٦ (خمل).

(١) في حاشية «جت» : «فهل من» بدل «ففي». وفي شرح المازندراني : «وفي».

(٢) في «بف» وحاشية «د ، م ، ن ، بح ، جت ، جد» والوافي : «ملمات». وفي «ن» وحاشية «د ، م ، جت» والأمالي للمفيد : «مضلات».

(٣) البوائق : جمع البائقة ، وهي الداهية والشر الشديد. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١٦٢ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٦ (بوق).

(٤) في الأمالي للمفيد : «ليدرأ». والتثبيط : التعويق والشغل عن المراد ، يقال : قعد به عن الأمر وشغله عنه ومنعه وعوقه وبطأ به عنه. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٢٠٧ ؛ المصباح المنير ، ص ٨٠ (ثبط).

وفي شرح المازندراني : «وهذا ـ أي لتثبط ـ في اللفظ خبر ـ أي خبر «إن» ـ وفي المعنى زجر عن تثبط القلوب بأمثال هذه الموانع عن الحق ومعرفة أهله بالتفكر في أن هذه الامور خارجة من القوانين العدلية ، وزمانها قليل منصرم ، وعقوبة مخالفة الحق وأهله شديدة دائمية».

(٥) في تحف العقول : «نيتها».

(٦) في «بف» : «ويذهلها».

(٧) في «بن» والوسائل والأمالي للمفيد : «وليس».

(٨) في «م ، ن ، بح ، جت ، جد» : «فتنها».

(٩) في الوسائل والأمالي للمفيد : «عصمه».

(١٠) في الأمالي للمفيد : «ممن».

(١١) في حاشية «بح» : «النظر».

(١٢) في حاشية «ن ، بح ، جت» والوافي والأمالي للمفيد : «بالعبر».

(١٣) في الوسائل : ـ «فازدجر».

(١٤) «تجافى» أي بعد واجتنب ؛ من الجفاء ، وهو البعد والاجتناب عن الشيء. راجع : النهاية ج ١ ، ص ٢٨٠ ؛ لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ١٤٨ (جفا).

(١٥) في «د ، ع ، ل ، بح ، بن ، جد» والوسائل : «لذتها».

(١٦) في «بف» والوافي : «دار». وفي حاشية «م» : «دائر».

٥٠

سعيها ، وراقب(١) الموت ، وشنأ(٢) الحياة مع القوم الظالمين ، نظر(٣) إلى ما في الدنيا بعين نيرة(٤) حديدة النظر(٥) ، وأبصر حوادث الفتن(٦) وضلال البدع وجور الملوك الظلمة.

فقد(٧) لعمري(٨) استدبرتم(٩) الأمور الماضية في الأيام الخالية من الفتن المتراكمة والانهماك(١٠) فيما تستدلون به على تجنب الغواة(١١) وأهل البدع والبغي والفساد في الأرض بغير الحق ، فاستعينوا بالله ، وارجعوا(١٢) إلى طاعة الله وطاعة من هو أولى بالطاعة ممن اتبع ، فأطيع.

فالحذر الحذر من قبل(١٣) الندامة والحسرة والقدوم على الله والوقوف بين يديه ،

__________________

(١) في الوافي : «وراغب».

(٢) في الأمالي للمفيد : «وسئم». وشنأه ـ كمنعه وسمعه ـ أي أبغضه ؛ من الشناءة ، وهو البغض. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٠٩ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ١٠١ (شنأ).

(٣) في «بن» : «ونظر». وفي الأمالي للمفيد وتحف العقول : «فعند ذلك نظر».

(٤) في «بف» وحاشية «م» : «تنزه». وفي الوافي : «قرة».

(٥) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي وتحف العقول والأمالي للمفيد. وفي المطبوع : «البصر».

(٦) في «ع ، ل ، بف ، بن» وحاشية «د ، بح» والوافي : «الفتنة».

(٧) هكذا في «ع ، م ، بح ، بف ، جت ، جد» وحاشية «ن» وشرح المازندراني والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : «فلقد».

(٨) العمر والعمر : مصدران بمعنى ، ولا يستعمل في القسم إلا المفتوح ، فإذا أدخلت عليه اللام رفعته بالابتداء والخبر محذوف ، تقديره : لعمر الله قسمي ، أو لعمر الله ما اقسم به ، واللام لتأكيد الابتداء ، وإن لم تأت باللام نصبته نصب المصادر فقلت : عمر الله. ومعنى لعمر الله وعمر الله : أحلف ببقاء الله ودوامه ، وإذا قلت : عمرك الله فكأنك قلت : بتعميرك الله ، أي بإقرارك له بالبقاء. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٢٥٦ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٩٨ (عمر).

(٩) في الأمالي للمفيد : + «من».

(١٠) في «بف» : «والإهمال». والانهماك : التمادي في الشيء واللجاج فيه ، يقال : انهمك الرجل في الأمر ، أي جدولج. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦١٧ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٧٤ (همك).

(١١) «الغواة» : جمع الغاوي ، وهو الضال الخائب والمنهمك في الباطل ؛ من الغي بمعنى الضلال والخيبة والانهماك في الباطل. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٥٠ (غوي) ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٩٧ (غوا).

(١٢) في حاشية «بح» : «وراجعوا».

(١٣) في «ع ، ل» : ـ «قبل».

٥١

وتالله ما صدر(١) قوم قط(٢) عن معصية الله إلا إلى(٣) عذابه ، وما آثر قوم قط الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم(٤) وساء مصيرهم ، وما العلم بالله والعمل(٥) إلا إلفان(٦) مؤتلفان ، فمن عرف الله خافه ، وحثه(٧) الخوف على العمل بطاعة الله(٨) ، وإن أرباب العلم وأتباعهم(٩) الذين عرفوا الله(١٠) ، فعملوا له ورغبوا إليه ، وقد قال الله :( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) (١١) فلا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية الله ، واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله ، واغتنموا أيامها ، واسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب الله ؛ فإن ذلك أقل للتبعة(١٢) ، وأدنى من العذر ، وأرجى للنجاة ، وقدموا(١٣) أمر الله(١٤) وطاعة من

__________________

(١) قال الجوهري : «أصدرته فصدر ، أي رجعته فرجع». وقال ابن الأثير : «الصدر ـ بالتحريك ـ : رجوع المسافرمن مقصده ، والشاربة من الورد ، يقال : صدر يصدر صدورا وصدرا». الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧١٠ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ١٥ (صدر).

وفي شرح المازندراني : «أي ما رجعوا عن معصية الله تعالى وما فرغوا منها إلا إلى عذابه ، فيدل على مقارنة العذاب للمعصية من غير مفارقة بينهما ولا مهلة ؛ فإن جهنم لمحيطة بالكافرين».

(٢) في «ع ، بف ، بن ، جد» وشرح المازندراني : ـ «قط».

(٣) في «ن» : «على».

(٤) في «جت» : «مقيلهم».

(٥) في الأمالي للمفيد وتحف العقول : + «بطاعته».

(٦) في شرح المازندراني : «في المصباح : ألفته ، من باب علم : آنسته وأحببته ، واسم الفاعل : أليف ، مثل عليم ، وآلف ، مثل عالم ، وفي القاموس : الإلف ، بالكسر والألف ، ككتف : الأليف ، وعلى هذا يجوز في «إلفان» مد الألف وكسرها ، وفتحها مع كسر اللام». وراجع : المصباح المنير ، ص ١٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٨ (ألف).

(٧) في الوافي : «وحته».

(٨) في «بف» وحاشية «د» : «بطاعته» بدل «بطاعة الله».

(٩) في الأمالي للمفيد : + «هم».

(١٠) قولهعليه‌السلام : «الذين عرفوا الله» خبر «إن».

(١١) طه (٢٠) : ٣٠.

(١٢) التبعة ـ بفتح التاء وكسر الباء ـ : ما على أحد من حق الغير ، سمي بها لأن صاحبه يتبعه ويطلبه ويطلب منه. راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٣٠ ؛ المصباح المنير ، ص ٧٢ ؛ شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ١٩٤.

(١٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : «فقدموا».

(١٤) في الأمالي للمفيد وتحف العقول : + «وطاعته».

٥٢

أوجب الله طاعته بين يدي الأمور كلها ، ولا تقدموا الأمور الواردة عليكم من طاعة(١) الطواغيت من(٢) زهرة الدنيا(٣) بين يدي الله وطاعته وطاعة أولي الأمر منكم

واعلموا أنكم عبيد الله ونحن معكم(٤) ، يحكم(٥) علينا وعليكم سيد حاكم غدا وهو موقفكم ومسائلكم ، فأعدوا الجواب قبل الوقوف والمساءلة والعرض على رب العالمين ، يومئذ لاتكلم نفس إلا بإذنه.

واعلموا أن الله لايصدق يومئذ كاذبا ، ولا يكذب صادقا ، ولا يرد عذر مستحق ، ولا يعذر غير معذور(٦) ، له(٧) الحجة على خلقه بالرسل والأوصياء بعد الرسل.

فاتقوا الله عباد الله ، واستقبلوا من(٨) إصلاح أنفسكم وطاعة الله وطاعة من تولونه فيها ، لعل نادما قد ندم فيما(٩) فرط بالأمس في جنب الله(١٠) ، وضيع من حقوق الله ،

__________________

(١) في الأمالي للمفيد : ـ «طاعة».

(٢) في الأمالي للمفيد : + «فتن». وفي تحف العقول : «وفتنة» بدل «من».

(٣) في شرح المازندراني : «من» الاولى بيان للامور ، أو ابتدائية لها ، وكذا الثانية بعطفها على الاولى من غير عاطف ، وتركها شائع ، ويحتمل أن يكون الثانية بيانا لطاعة الطواغيت ، أو ابتدائية لها».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : من طاعة ، «من» ابتدائية ، وقوله عليه‌السلام : من زهرة ، بيانية ، أي لا تقدموا على طاعة الله الامور التي تحصل لكم بسبب طاعة الطواغيت ، والامور هي زهرات الدنيا ، أي بهجتها ونضارتها وحسنها».

(٤) في الأمالي للمفيد : «أنكم ونحن عباد الله» بدل «أنكم عبيد الله ونحن معكم».

(٥) في «جت» : ـ «يحكم».

(٦) قال ابن الأثير : «حقيقة عذرت : محوت الإساءة وطمستها». وقال الفيومي : «عذرته في ما صنع عذرا ، من باب ضرب : رفعت عنه اللوم فهو معذور». النهاية ، ج ٣ ، ص ١٩٧ ؛ المصباح المنير ، ص ٣٩٨ (عذر). وفي شرح المازندراني : «أي يلوم ويعاقب من ليس له عذر في ترك ما امر به من طاعته وطاعة رسوله وطاعة ولي الأمر بعدها ، إذ ليس له حجة وعذر على الله بعد البيان وإنما الحجة لله عليه».

(٧) في «بح» : «وله».

(٨) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي «بف» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي والمرآة : «في».

(٩) في حاشية «بح ، جت» : «على ما».

(١٠) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : لعل نادما ، على سبيل المماشاة ، أي يمكن أن يندم نادم يوم القيامة على ماقصر بالأمس ،

٥٣

واستغفروا الله ، وتوبوا إليه(١) ، فإنه يقبل التوبة(٢) ، ويعفو عن السيئة(٣) ، ويعلم ما تفعلون.

وإياكم وصحبة العاصين ، ومعونة الظالمين ، ومجاورة الفاسقين ، احذروا(٤) فتنتهم(٥) ، وتباعدوا من(٦) ساحتهم.

واعلموا أنه(٧) من خالف أولياء الله ، ودان بغير دين الله ، واستبد بأمره دون أمر ولي الله ، كان(٨) في نار تلتهب ، تأكل أبدانا قد غابت عنها أرواحها(٩) ، وغلبت عليها شقوتها ، فهم موتى لايجدون حر النار ، ولو كانوا أحياء لوجدوا مضض(١٠) حر النار ، واعتبروا(١١) يا أولي الأبصار ، واحمدوا الله على ما هداكم.

واعلموا أنكم لاتخرجون من قدرة الله إلى غير قدرته ، وسيرى الله عملكم(١٢) ثم

__________________

أي في الدنيا. في جنب الله ، أي في قربه وجواره ، أو في أمره وطاعته ، أو مقري جنابه ، أعني الأئمةعليهم‌السلام وإطاعتهم ، كما ورد في الأخبار الكثيرة. والحاصل أن إمكان وقوع ذلك الندم كاف في الحذر فكيف مع تحققه ، أو لأن بالنسبة إلى كل شخص غير متحقق. وفي تحف العقول : من إصلاح أنفسكم وطاعة الله وطاعة من تولونه في ما لعل نادما. وهو أظهر». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٤٣ (جنب).

(١) في «ن» وحاشية «بح» : «إلى الله».

(٢) في حاشية «ن» : + «عن عباده».

(٣) في حاشية «د ، ن» : «السيئات».

(٤) في «بف» : «واحذروا».

(٥) في «د» : «فتنهم».

(٦) في «بح ، بف ، جت» : «عن».

(٧) في «بح» : «أن».

(٨) في شرح المازندراني : «قال الفاضل الأمين الإسترآبادي : «كأن» بالتشديد ؛ ليكون من الحروف المشبهة بالفعل ، والمراد أن حاله هكذا في الدنيا في نظر أولياء الله. أقول : الجزاء حينئذ غير مرتبط بالشرط ، وتقدير العائد خلاف الظاهر ، والظاهر أن «كان» ناقصة».

(٩) في شرح المازندراني : «قد غابت عنها أرواحها ، من باب نسبة الجمع إلى الجمع بالتوزيع ، والمراد بغيوبها فسادها بالمهلكات».

(١٠) المضض : الألم والوجع. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١٠٦ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٧٤ (مضض).

(١١) في «م ، بح» وحاشية «د» وشرح المازندراني والوافي وتحف العقول : «فاعتبروا».

(١٢) هكذا في النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني وتحف العقول. وفي المطبوع : + «ورسوله». وفي الوافي : «أعمالكم».

٥٤

إليه تحشرون ؛ فانتفعوا بالعظة ، وتأدبوا بآداب الصالحين».(١)

١٤٨١٨ / ٣. أحمد بن محمد بن أحمد الكوفي وهو العاصمي ، عن عبد الواحد(٢) بن الصواف ، عن محمد بن إسماعيل الهمداني :

عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، قال : «كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يوصي أصحابه ويقول :

أوصيكم بتقوى الله ؛ فإنها غبطة(٣) الطالب الراجي ، وثقة الهارب اللاجي ، واستشعروا التقوى(٤) شعارا باطنا ، واذكروا الله ذكرا خالصا تحيوا به أفضل الحياة ، وتسلكوا به طريق النجاة ، انظروا(٥) في الدنيا نظر الزاهد المفارق لها ؛ فإنها تزيل الثاوي(٦) الساكن ، وتفجع(٧) المترف(٨) الآمن ، لايرجى منها ما تولى فأدبر ، ولا يدرى ما هو آت منها

__________________

(١) الأمالي للمفيد ، ص ١٩٩ ، المجلس ٢٣ ، ح ٣٣ ، بسنده عن الحسن بن محبوب ، إلى قوله : «يومئذ لا تكلم نفس إلابإذنه». تحف العقول ، ص ٢٥٢ ، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، من قوله : «كفا نا الله وإياكم كيد الظالمين» وفيهما مع اختلاف يسير. وراجع : الكافي ، كتاب الروضة ح ١٤٨٤٤ الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٢٤٥ ، ح ٢٥٤٠٤ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١١ ، ح ٢٠٨٢٨ ، إلى قوله : «ورغب في دائم نعيم الآخرة وسعى لها سعيها».

(٢) في حاشية «د» : «عبد الرحمن».

(٣) الغبطة : حسن الحال والنعمة والسرور ، وهي أيضا : أن تتمنى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه ، وليس بحسد. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١٤٦ (غبط).

(٤) «استشعروا التقوى» أي لبسوه ؛ من الشعار ، وهو الثوب الذي يلي الجسد ؛ لأنه يلي شعره ، يقال : استشعرالثوب : لبسه. وهو كناية عن غاية الملابسة والملازمة ، ولزوم خفائها وخلوصها عن الرياء والسمعة. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٨٠ ؛ لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤١٣ (شعر) ؛ شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ١٩٩.

(٥) في «بح» : «فانظروا».

(٦) «الثاوي» : المقيم ؛ من ثوى بالمكان يثوي : إذا أقام فيه. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٩٦ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٢٣٠ (ثوا).

(٧) الفجع : الإيجاع ، يقال : فجعه ـ كمنعه ـ : أوجعه ، كفجعه ، أو هو أن يوجع الإنسان بشيء يكرم عليه فيعدمه. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٣٧٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٩٩ (فجع).

(٨) «المترف» : كمكرم ، وهو المتروك الذي يصنع ما يشاء لا يمنع ، والمتنعم المتوسع في ملاذ الدنيا وشهواتها ، والجبار. يقال : أترفته النعمة ، أي أطغتها ، أو نعمته. راجع : لسان العرب ، ج ٩ ، ص ١٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٦٠ (ترف).

٥٥

فينتظر ، وصل(١) البلاء منها بالرخاء(٢) ، والبقاء منها إلى فناء(٣) ، فسرورها(٤) مشوب(٥) بالحزن ، والبقاء فيها إلى الضعف والوهن ، فهي(٦) كروضة اعتم(٧) مرعاها ، وأعجبت من يراها ، عذب شربها ، طيب تربها(٨) ، تمج(٩) عروقها الثرى ، وتنطف(١٠) فروعها الندى(١١) ،

__________________

(١) «وصل» على صيغة المجهول ، كما نص عليه العلامة المجلسي ، والظاهر أن العلامة المازندراني قرأه معلوما ، حيث قال : «وصل الشيء بالشيء وصلا وصلة : بلغه وانتهى إليه» ، ولكن لا تساعده اللغة.

(٢) في تحف العقول : «الرخاء منها بالبلاء» بدل «البلاء منها بالرخاء».

(٣) في تحف العقول : «الفناء».

(٤) في حاشية «د» وتحف العقول : «سرورها». وفي حاشية اخرى ل «د» : «لسرورها».

(٥) في شرح المازندراني : «فسرورها مشوب بالحزن ، أي مختلط مشبك به. وفي بعض النسخ : مشرب ، والإشراب : خلط لون بلون آخر ، كأن أحد اللونين سقي اللون الآخر ، والتشريب مثله مع المبالغة والتكثير. والمراد به هنا مطلق الخلط ، وهذا ناظر إلى وصل البلاء بالرخاء».

(٦) في «م» : «وهي».

(٧) في حاشية «بح» : «اغتم». ويقال للنبت إذا طال : قد اعتم. ويقال : اعتم النبت : إذا التف وطال واكتهل. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٠٢ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٤٢٥ ـ ٤٢٦ (عمم).

(٨) في «د ، بف ، جت» وحاشية «بح» وشرح المازندراني : «تربتها».

(٩) في «د ، ع ، ن ، بن» وحاشية «بف» وشرح المازندراني : «يمج». وفي «بف» بالتاء والياء معا.

(١٠) في «ع ، ل ، م ، بن» وشرح المازندراني : «ينطف».

(١١) في شرح المازندراني : «الثرى ـ بفتح الثاء والراء ـ : الندى ، والتراب الندي ، أو الذي إذا بل لم يصر طينا لازبا ، ولعل المراد هنا هو الأول. والمج : الرمي ، يقال : مج الرجل الماء من فمه ـ من باب نصر ـ : إذا رماه. ونطف الماء ـ من باب نصر وضرب ـ : إذا قطر قليلا قليلا ، أو إذا سال. والمقصود بيان كثرة مائها بحيث ترميه عروقهاوفروعها ، وإنما قلنا : لعل ؛ لأنه لو اريد الثاني لكان له أيضا وجه ، وهو : أي عروقها ترمي التراب عن جنبيها وتنقب فيه لقوتها».

وفي الوافي : «المج : الرمي عن الفم ، والنطف : المص ، كأن الأول كناية عن إحكام العروق وأعراقها في الأرض ، والثاني عن نضرة الفروع وخضرتها وطراوتها».

وفي المرآة : «أقول : إذا حملت الثرى على الندى ، فالمعنى ظاهر ، أي يترشح من عروقها الماء ؛ لكثرة طراوتها وارتوائها. وإذا حملت على التراب الندي ، فالمعنى : تقذف عروقها الماء في الثرى ، أو المراد أن عروقها لقوتها وكثرتها تقذف التراب وتدفعها إلى فوق وترفعها». راجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ١١١ (ثرا) ؛ المصباح المنير ، ص ٥٦٤ (مجج) وص ٦١١ (نطف).

٥٦

حتى إذا بلغ العشب(١) إبانه(٢) واستوى بنانه(٣) ، هاجت ريح تحت الورق(٤) ، وتفرق ما اتسق(٥) ، فأصبحت كما قال الله :( هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ) (٦) ؛ انظروا في الدنيا في كثرة ما يعجبكم وقلة ما ينفعكم».(٧)

خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة(٨)

١٤٨١٩ / ٤. محمد بن علي بن معمر(٩) ، عن محمد بن علي بن عكابة(١٠) التميمي ، عن

__________________

(١) «العشب» : الكلأ مادام رطبا ، ولا يقال له : حشيش حتى يهيج. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٨٢ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٣٨ (عشب).

(٢) إبان الشيء : وقته وأوانه. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٦٦ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ١٧ (أبن).

(٣) في «د ، ل ، بح ، بف ، بن ، جد» والوافي : «نباته».

(٤) الحت والحك والقشر سواء ، يقال : حت الرجل الورق وغيره حتا من باب قتل : فركه وقشره وأزاله. وعن الأزهري : الحت : أن يحك بطرف حجر أو عود. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٣٣٧ ؛ المصباح المنير ، ص ١٢ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٤٥ (حتت).

(٥) الاتساق : الانتظام والاجتماع. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٦٦ ؛ لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٣٨٠ (وسق).

(٦) الكهف (١٨) : ٤٥.

(٧) تحف العقول ، ص ٢٠٢ ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من قوله : «والبقاء فيها إلى الضعف والوهن». وراجع : نهج البلاغة ، ص ١٤٨ ، الخطبة ١٠٣ الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٢٢٣ ، ح ٢٥٣٩٤.

(٨) في شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٢٠٢ : «قوله : خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهي خطبة الوسيلة ؛ لاشتمالها على ذكر الوسيلة ومقامها وكيفيتها ومن عليها».

(٩) ورد بعض قطعات الخبر في الأمالي للصدوق ، ص ٢٦٣ ، المجلس ٥٢ ، ح ٩ ؛ والتوحيد ، ص ٧٢ ، ح ٢٧ ، بسنده عن محمد بن يعقوب الكليني ، قال : حدثنا محمد بن علي بن معن. وهذا العنوان لم نجده في موضع. والظاهر أن محمد بن علي هذا ، هو محمد بن علي بن معمر أبو الحسين الكوفي الذي سمع منه التلعكبري سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وله منه إجازة. راجع : رجال الطوسي ، ص ٤٤٢ ، الرقم ٦٣١٠ ؛ رجال النجاشي ، ص ١٣٨ ، الرقم ٣٥٦ وص ٢٣٥ ، الرقم ٦٢٢.

(١٠) هكذا في «د ، ع». وفي «ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» والمطبوع : «عكاية».

والصواب ما أثبتناه ؛ فإن المتتبع في مواضع استعمال هذا العنوان يرى وجدانا أن ما ورد في بعض الموارد

٥٧

الحسين بن النضر الفهري ، عن أبي عمرو الأوزاعي(١) ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، قال :

دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام ، فقلت(٢) : يا ابن رسول الله ، قد أرمضني(٣) اختلاف الشيعة في مذاهبها.

فقال : «يا جابر ، ألم أقفك(٤) على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ، ومن أي جهة تفرقوا؟».

قلت : بلى يا ابن رسول الله.

قال : «فلا تختلف إذا اختلفوا ؛ يا جابر ، إن الجاحد لصاحب الزمان(٥) كالجاحد

__________________

القليلة ، مثل كمال الدين ، ص ٥٦١ ؛ وحاشية الأنساب للسمعاني ، ج ٢ ، ص ٥٠٥ ؛ وحاشية تهذيب الكمال ، ج ٢ ، ص ٥٣ ، الرقم ١٥٤ ، من «عكاية» محرف. انظر على سبيل المثال : الإكمال لابن ما كولا ، ج ١ ، ص ١٥٥ ، ص ٥٤١ ؛ تاريخ بغداد ، ج ١ ، ص ٢٠٨ ، الرقم ٣٣ ؛ ج ٢ ، ص ٢٨٢ ، الرقم ٧٥٦ ؛ الجرح والتعديل ، ج ٧ ، ص ١٧٩ ، الرقم ١٢٣٠٠ ؛ تهذيب الكمال ، ج ١ ، ص ٤٤٣ ، ج ٢ ، ص ٣٠٨ ؛ رجال النجاشي ، ص ١٢٤ ، الرقم ٣١٩ ، ص ٤٢٠ ، الرقم ١١٢٤ ؛ الأنساب للسمعاني ، ج ١ ، ص ٣٨٥ ؛ الفهرست لابن النديم ، ص ٦٢.

هذا ، وما ورد في التوحيد والأمالي للصدوق من «محمد بن علي بن عاتكة» لا يؤثر في ما أثبتناه ، وذلك لعدم ثبوت أخذ الخبر في الكتابين من الكافي أولا ، بل المظنون قويا عدم أخذه مما نحن فيه ، كما يدل عليه عبارات السند ، فانظر « محمد بن يعقوب الكليني ، قال : حدثنا محمد بن علي بن معن ، قال : حدثنا محمد بن علي بن عاتكة». وثانيا لما ورد في سند الكتابين من التحريف في عنوان محمد بن علي بن معن ، كما تقدم ، وفي عنوان عمرو الأوزاعي ، كما يظهر.

(١) في التوحيد والأمالي للصدوق : «عمرو الأوزاعي» ، وهو سهو. والأوزاعي هذا ، هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو ، أبو عمرو الأوزاعي. راجع : تهذيب الكمال ، ج ١٧ ، ص ٣٠٧ ، الرقم ٣٩١٨.

(٢) في «ن» : + «له».

(٣) قال الجوهري : «الرمض : شدة وقع الشمس على الرمل وغيره ، والأرض : رمضاء وأرمضتني الرمضاء : أحرقتني ، ومنه قيل : أرمضه الأمر». وقال الفيروزآبادي : «أرمضه : أوجعه وأحرقه». الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٨٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٧٢ (رمض).

(٤) في شرح المازندراني : «ألا أوقفك».

(٥) في الوافي : «الجاحد لصاحب الزمان ، يعني إمام الوقت ، وجحوده إما بإنكار أنه لابد منه ، أو بإنكار وجوده ، أو

٥٨

لرسول الله(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله في أيامه ؛ يا جابر ، اسمع ، وع».

قلت : إذا شئت(٢) .

قال : «اسمع ، وع ، وبلغ حيث انتهت بك راحلتك : إن أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام(٣) من وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) ، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه(٥) ، فقال : الحمد لله الذي منع(٦) الأوهام أن تنال إلا وجوده ، وحجب العقول أن تتخيل ذاته ، لامتناعها من الشبه(٧) والتشاكل(٨) ؛ بل هو الذي لايتفاوت(٩) في ذاته ، ولا يتبعض(١٠) بتجزئة العدد في كماله ، فارق الأشياء لاعلى اختلاف الأماكن ، ويكون فيها لاعلى وجه الممازجة ، وعلمها لابأداة ، لايكون العلم إلا بها ، وليس بينه وبين معلومه علم غيره(١١) به كان عالما بمعلومه ، إن قيل : «كان» فعلى تأويل أزلية

__________________

بإنكار أنه هو». والظاهر من كلام العلامة المازندراني أن المراد هو الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف ، حيث قال في شرحه : «وذكر الصاحبعليه‌السلام على سبيل التمثيل».

(١) في «ع ، بف» وحاشية «بح» : «للرسول».

(٢) في شرح المازندراني : «قلت : إذا شئت ، بفتح التاء بمنزلة إن شاء الله ؛ لأن مشيئته مشيئة الله تعالى ، وفي «إذا» دلالة على وقوع المشيئة المستفاد من الأمر ، والجزاء محذوف بقرينة المقام ، أي إذا شئت أسمع ، أو بضم التاء ، وإذن بالتنوين ، كما قيل».

(٣) في الأمالي للصدوق : «بتسعة أيام».

(٤) في «بف» : + «ذلك».

(٥) في الأمالي للصدوق والتوحيد : ـ «وتأليفه».

(٦) في الأمالى للصدوق والتوحيد : «أعجز».

(٧) في «ن» : «التشبه». وفي حاشية «بح» : «عن التشبيه» بدل «من الشبه».

(٨) في الأمالي للصدوق والتوحيد : «والشكل».

(٩) في «جت» وحاشية «بح» والمرآة والتوحيد : «لم يتفاوت».

(١٠) في «بف ، جت» وشرح المازندراني والمرآة والتوحيد : «ولم يتبعض». وفي حاشية «بح» : «ولم يبعض».

(١١) في شرح المازندراني : «وليس بينه وبين معلومه علم غيره ، بالتنوين والتوصيف ، أي ليس بينه وبين معلومه علم مغاير له تعالى بسببه كان عالما بمعلومه ، بل ذاته تعالى علم بمعلوماته. ولو قرئ : «علم» بالإضافة كان معناه : ليس بينهما علم مغاير له تعالى بعلم ذلك العالم كان عالما بمعلومه ، وهو حينئذ رد على من ذهب إلى أنه يعلم الأشياء بالصور الحالة في المبادي العالية والعقول المجردة ، أو على من ذهب إلى أن إيجاده للخلق ليس

٥٩

الوجود ، وإن قيل(١) : «لم يزل» فعلى تأويل نفي العدم ، فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه ، واتخذ إلها غيره علوا كبيرا.

نحمده(٢) بالحمد الذي ارتضاه من خلقه ، وأوجب قبوله على نفسه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، شهادتان ترفعان(٣) القول وتضاعفان(٤) العمل ، خف ميزان ترفعان(٥) منه ، وثقل ميزان توضعان(٦) فيه ، وبهما الفوز بالجنة ، والنجاة من النار ، والجواز على الصراط(٧) ، وبالشهادة(٨) تدخلون الجنة ، وبالصلاة(٩) تنالون الرحمة ، أكثروا من الصلاة(١٠) على نبيكم ؛( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (١١) ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسليما(١٢) .

أيها الناس ، إنه لاشرف أعلى من الإسلام ، ولا كرم أعز من التقوى ، ولا معقل(١٣)

__________________

من باب الاختراع والاهتداء. توضيحه : أنه ليس إنشاؤه للخلق على وجه التعليم من الغير بحيث يشير عليه وجه الصواب ، حتى يكون أقرب إليه ، كما أشار إليه ـ جل شأنه ـ بقوله :( ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ) [الكهف (١٨) : ٥١] ، وأشار إليه أمير المؤمنين في بعض خطبه بقوله : مبتدع الخلائق بعلمه بلا اقتداء وتعليم».

(١) في شرح المازندراني : + «له».

(٢) في شرح المازندراني : «نحمد».

(٣) في «ع ، بف ، جد» : «يرفعان». وفي «ل» بالتاء والياء معا.

(٤) في «ع ، بف ، جد» : «ويضاعفان».

(٥) في «ع ، بف» : «يرفعان». وفي «بن» بالتاء والياء معا.

(٦) في «ع ، بف» : «يوضعان». وفي «جد» بالتاء والياء معا.

(٧) في «ع» وحاشية «د» : «السراط».

(٨) في الأمالي للصدوق والتوحيد : «بالشهادتين».

(٩) المراد بالصلاة الصلاة على النبي وآله.

(١٠) في «د» : «بالصلاة» بدل «من الصلاة».

(١١) الأحزاب (٣٣) : ٥٦.

(١٢) في «ل ، بن» والوافي : ـ «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسليما». وفي «ن» : + «كثيرا».

(١٣) في «بف» : ـ «أعز من التقوى ولا معقل». والمعقل ، كمنزل : الملجأ ، أو الحصن. والجمع : معاقل. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٧٦٩ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٨١ (عقل).

٦٠