الكافي الجزء ١٥

الكافي6%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 88385 / تحميل: 5668
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

(أقول) : حصل الخلط عند الشبلنجي وغيره في اسم هذه الكريمة ، والذي يؤكد أنها رقية بنت الحسينعليه‌السلام وليست بنت عليعليه‌السلام هو قوله : فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ ، فقد كان عمرها خمس سنين. وقد ذكرنا قصة وفاتها أثناء إقامة السبايا في الخربة. أما رقية بنت الإمام عليعليه‌السلام التي حضرت كربلاء فكانت كبيرة ، ورجعت مع السبايا إلى المدينة.

الرواية الثانية : ذكر صديقنا الحاج حسن سليم صالح هذه القصة ، رواية عن جده السيد رضا صالح ، وكان حاضرا أثناء الحادثة ، قال :

كان السيد إبراهيم مرتضى وهو جد السيد إبراهيم مرتضى والد الدكتور عبد الغني ، يسكن في محلة الخراب (حي الأمين). رأى في المنام سيدتنا رقية تقول له :إن قبري يكاد ينهار ، فأصلحوه. وفي نفس الوقت رأى الوالي العثماني في دمشق السيدة رقيةعليه‌السلام وقالت له : يأتي أحد أرحامي ليصلح قبري ، وهو الّذي يحملني!.

جاء الناس ليتفرجوا ، ودخل السيد إبراهيم وحفر وحملها ، وغطوه معها بشرشف. ظل من الصباح حتى العصر وهو حاملها. ولما أرجعها إلى القبر بعد إصلاحه ، ابيضّ شعر رأسه. ولما قفل راجعا إلى الحي ، وأثناء الطريق صار الناس يقطعون من ملابسه قطعا ويأخذونها للبركة ، حتى وصل إلى بيته بدون قميص.وعاش ثلاثة أيام وتوفي.

الرواية الثالثة : سمعت من أحد العارفين قال :

لما تصدّعت جدران قبر رقيةعليها‌السلام نتيجة جريان نهر بردى قربه ، وكان ذلك في عهد الدولة العثمانية ، جاء الحاكم العثماني ليشرف على إصلاح القبر ، واحتار فيمن يقوم بحمل جسد السيدة رقية أثناء إصلاح القبر!. فاقترح عليه الناس أن يقوم بذلك (الأشراف) في البلد ، الذين هم أقرب الناس من السيدة رقيةعليه‌السلام . وكان في دمشق كثير من الأشراف السنّة ، فجاء كل واحد منهم يدّعي أنه أحقّ بهذا العمل من غيره ، واختلفوا في ذلك. وأراد الحاكم أن يقطع نزاعهم ، فقال : أضرب على باب المقام سلسلة وقفلا ، ويأتي من يريد تنفيذ المهمة ، فيتلو أمام القفل حسبه ونسبه ، فالذي ينكسر له القفل من تلقاء ذاته يكون هو الّذي ترضى عنه رقيةعليه‌السلام ليخرجها من قبرها ويحملها ريثما يتمّ إصلاح قبرها.

٦٢١

وجاء كثيرون وفعلوا ذلك فلم ينفتح لهم الباب. وفي الأثناء رأى السيد إبراهيم مرتضى من حي الأمين رؤيا ، مفادها أن السيدة رقيةعليها‌السلام جاءت إليه في المنام ، وقالت له : أدركوني قبل أن يهبط قبري وأغرق في الماء. فجاء إلى المقام بحضور الحاكم العثماني وجميع الأشراف والأعيان ، فبمجرد أن ذكر حسبه ونسبه ، انكسر له القفل وسقطت السلسلة ، ودخل وحفر القبر واستخرج جسد رقيةعليها‌السلام ولفّها بثوب ، وكانت صبية صغيرة دون البلوغ ، ولم يفن جسدها. ثم وضعها في حضنه ، وجلس على كرسي تحت خيمة ، ريثما فرغوا من إصلاح القبر ، ثم أعادها إلى مكانها. وخرج من المقام وقد ابيض شعر رأسه ، وحين خرج صار الناس يأخذون من ثوبه قطعا للبركة حتى تمزّق كل قميصه. ولم يعش طويلا ، بل توفي في تلك السنة.

٧٥٣ ـ الرواية الرابعة في قصة تعمير قبر السيدة رقيةعليها‌السلام بدمشق :

(منتخب التواريخ لمحمد هاشم خراساني ، ص ٣٦٥)

والرواية الرابعة منقولة من كتاب (منتخب التواريخ) باللغة الفارسية ، وأنا أول من ترجمها ، وهي أجمع الروايات الأربعة. قال الشيخ الخراساني :

من القبور المباركة في دمشق مرقد رقية بنت الحسينعليه‌السلام المدفونة في خرابة الشام. وقد ذكر لي العالم الجليل الشيخ محمّد علي الشامي ، وهو من جملة العلماء والدارسين في النجف الأشرف ، أن جده لأمه جناب السيد إبراهيم

[مرتضى] الدمشقي ، والذي ينتهي نسبه إلى الشريف المرتضى علم الهدى ، وكان عمره نحو تسعين عاما ، وله ثلاث بنات وليس له ذكور ؛ رأت بنته الكبرى في النوم السيدة رقية بنت الحسينعليه‌السلام ، وقالت لها : قولي لأبيك أن يقول للوالي أن الماء سقط بين قبري ولحدي ، وأن بدني قد تأذّى ، وأنه يلزم أن يعمّر قبري ولحدي.

نقلت البنت ذلك لأبيها ، وكانت للأب علاقات طيّبة مع أهل السنّة في دمشق ، وكان يتحاشى إثارة الحساسيات معهم ، فلم يهتم برؤيا ابته.

في الليلة الثانية رأت البنت الوسطى نفس المنام ، فذكرته لأبيها فلم يكترث به أيضا. وفي الليلة الثالثة رأت البنت الصغرى نفس المنام ، وقصته على أبيها فلم يهتمّ به ، وطوى القصة!.

٦٢٢

في الليلة الرابعة رأى الأب نفسه السيدة رقيةعليه‌السلام في نومه ، قالت له بنحو العتاب : لماذا لم تخبر الوالي بالأمر الّذي طلبته منك؟!.

عندما استيقظ السيد إبراهيم ذهب لعند والي الشام [العثماني] وقصّ عليه رؤياه.فأمر الوالي جميع علماء وصلحاء الشام من السنّة والشيعة بأن يغتسلوا ويلبسوا الثياب الطاهرة النظيفة ، وقال لهم : إن الّذي ينفتح على يده القفل المضروب على باب الحرم المقدس ، فهو الّذي يدخل إلى الضريح وينبشه ، ويخرج جسد السيدة رقيةعليه‌السلام ، ويحملها ريثما يتمّ تعمير قبرها.

بعد أن قام علماء وصلحاء الشيعة والسنة بآداب الغسل كاملة ، ولبسوا أنظف وأطهر الثياب ، اجتمعوا وحاولوا فتح القفل فلم ينفتح على يد أحد منهم ، ما عدا السيد إبراهيم.

وعندما صار الجميع داخل الحرم وحاولوا الحفر حول الضريح ، لم يؤثّر معول أي واحد منهم أبدا ، ما عدا معول السيد إبراهيم. ثم أفرغوا الحرم من الناس ، وعندما فتح السيد إبراهيم اللحد ، رأى جسد السيدة رقيةعليه‌السلام ضمن كفنها صحيحا وسالما ، لكن الماء الكثير كان قد تجمع داخل لحدها. ثم أخرج السيد الجسد اللطيف من اللحد ، وجلس واضعا إياها على ركبتيه. وظل محتفظا بها على ركبتيه ثلاثة أيام وهو يبكي دائما ، حتى تمّ تعمير القبر الشريف. وفي أوقات الصلاة كان يضعها على شيء طاهر ريثما يقضي فرض الصلاة ، ثم يعيدها إلى حضنه. وعند انتهاء العمار أرجع السيد جسد الطفلة إلى لحدها ودفنها.

ومن كرامات السيدة رقيةعليه‌السلام أن السيد إبراهيم ظل أثناء الأيام الثلاثة لا يحتاج إلى طعام ولا شراب ، وأنه ظل طاهرا لا يحتاج إلى تجديد وضوء للصلاة ، وهو لم ينم لحظة.

بعد دفن رقيةعليه‌السلام دعا السيد إبراهيم ربه أن يرزقه غلاما ذكرا ، فاستجاب الله دعاءه ، ورغم كبر سنّه أنجب له صبيا سمّاه سيد مصطفى.

وبعد ذلك أرسل الوالي بتفصيل هذه الحادثة المباركة إلى السلطان عبد الحميد [كانت ولايته بين ١٨٧٩ ـ ١٩٠٩ م] ، فأمر الوالي بتولية السيد إبراهيم على مرقد السيدة رقية وزينب وأم كلثوم وسكينةعليه‌السلام .

وكان ذلك في حدود سنة ١٢٨٠ ه‍ [١٨٦٤ م] أي منذ ١٣٥ سنة.

٦٢٣

(أقول) : إذا وقعت تلك الحادثة في زمن السلطان عبد الحميد ، فيجب أن تكون بحدود عام ١٣٠٠ ه‍ ، وليس عام ١٢٨٠ كما ذكر آنفا.

هذا وقد ذكر الفاضل الدربندي كيفية وفاتها في (أسرار الشهادة) ص ٥١٥.

٧٥٤ ـ مرقد السيدة رقيةعليها‌السلام في مصر :

قال الشيخ محمّد الصبان في (إسعاف الراغبين) ص ٢٠٩ :

توفيت رقيةعليه‌السلام قبل البلوغ ، ومحلها بعد السيدة سكينةعليه‌السلام بشيء يسير ، على يمين الطالب للسيدة نفيسة ، تجاه مسجد شجرة الدر ، في المشهد القريب من دار الخليفة.

وقال المازندراني في (معالي السبطين) ج ٢ ص ١٧١ :

في تآليف بعض معاصرينا (قال) قال الشعراني في الباب العاشر من كتاب (المنن الكبرى) : وأخبرني بعض الخواص أن رقية بنت الحسينعليهما‌السلام في المشهد القريب من جامع دار الخليفة أمير المؤمنين يزيد ، ومعها جماعة من أهل البيتعليهم‌السلام . وهو معروف الآن بجامع شجرة الدر. وهذا الجامع على يسار الطالب للسيدة نفيسة ، والمكان الّذي فيه السيدة رقية عن يمينه ، ومكتوب على الحجر الّذي ببابه هذا البيت :

بقعة شرّفت بآل النبي

وببنت الحسين الشهيد رقيّه

وقد قرأت هذا الكلام في (نور الأبصار) للشبلنجي ، ص ١٧٧ ، ولكنه منسوب الى السيدة رقية بنت الإمام عليعليهما‌السلام ، وأن بيت الشعر هو :

بقعة شرّفت بآل النبي

وببنت الرضا عليّ رقيّه

(أقول) : إن السيدة نفيسة المدفونة في مصر هي نفيسة بنت الحسن الأنور ، أحد أولاد زيد الابن الأكبر للإمام الحسن السبطعليه‌السلام . وللسيدة نفيسة مقام معروف في القاهرة.

٧٥٥ ـ قفص مرقد رقيّةعليها‌السلام :

كان على ضريح رقيةعليه‌السلام في دمشق قفص فضي رائع أهداه مجمع بني الزهراء في طهران عام ١٣٧٦ ه‍ ، وقد نقشت عليه بعض الأشعار والأقوال ، ومنها حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا ...».

٦٢٤

وفي عام ١٤١٤ ه‍ [١٩٩٤ م] وبعد توسيع المقام بشكل كبير ، أهدت الجمهورية الإسلامية في إيران قفصا جديدا أكبر من الأول ، مطعما بالذهب والفضة ، وقد صنع خصيصا في إصفهان. ومن حسن التصرف أنهم نصبوا هذا القفص الجديد مع الاحتفاظ بالقفص القديم ضمنه ، لقيمته التاريخية والأثرية. ويعدّ القفص الجديد من روائع الفن الاسلامي.

وقد أقيمت في البناء الموسع الجديد قبة شامخة ومئذنة عالية ، وأسست الايوانات المحيطة والصحن الكبير لاستيعاب الزوار المتزايدين.

وهناك جامع ملاصق لقبرها الشريف تقام فيه الصلوات. وكتب على الباب الخارجي للمقام :

إليكم كل مكرمة تؤول

إذا ما قيل جدّكم الرسول

٣ ـ مشهد رؤوس الشهداءعليهم‌السلام

٧٥٦ ـ مشهد رؤوس الشهداءعليهم‌السلام في مقبرة باب الصغير بدمشق :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ٢٩٠)

قال العلامة السيد محسن الأمين عن مشهد رؤوس الشهداءعليهم‌السلام :

رأيت بعد سنة ١٣٢١ ه‍ في المقبرة المعروفة بمقبرة باب الصغير بدمشق ، مشهدا وضع فوق بابه صخرة كتب عليها :

هذا مدفن رأس العباس بن عليعليه‌السلام ، ورأس علي بن الحسين الأكبرعليهما‌السلام ، ورأس حبيب بن مظاهر رضي الله عنه. ثم إنه هدم بعد ذلك بسنين هذا المشهد ، وأعيد بناؤه وأزيلت هذه الصخرة ، وبني ضريح داخل المشهد. ونقش عليه أسماء كثيرة لشهداء كربلاء. ولكن الحقيقة أنه منسوب إلى الرؤوس الشريفة الثلاثة المقدم ذكرها.

ثم يقول : وهذا المشهد الظن قوي بصحة نسبته ، لأن الرؤوس الشريفة بعد حملها إلى دمشق والطواف بها ، وانتهاء غرض يزيد من إظهار الغلبة والتنكيل بأهلها والتشفي ، لا بدّ أن تدفن في إحدى المقابر ، فدفنت هذه الرؤوس الثلاثة في مقبرة باب الصغير ، وحفظ محل دفنها ، والله أعلم.

(أقول) : كان عدد الرؤوس التي جلبت إلى دمشق ١٦ رأسا ما عدا رأس الحسينعليه‌السلام ، وكلهم من أهل البيتعليهم‌السلام ما عدا واحدا هو الصحابي الجليل

٦٢٥

حبيب بن مظاهر. وليس هناك أي مبرر أن يدفن ثلاثة رؤوس منهم فقط في هذا الموقع دون الباقي. ومما يؤكد أنهم دفنوا جميعا في ذلك المكان القصة الواقعية التالية.

٧٥٧ ـ تعمير مشهد رؤوس الشهداءعليهم‌السلام :

روى لي المرحوم الحاج حسن أبو ياسر الخياط ما يؤيد وجود رؤوس الشهداء جميعا في هذا المشهد المعظم ، قال :

اجتمعت بالسيد سليم مرتضى جد السيد سليم مرتضى متولي مقامات الستات اليوم ، فقصّ عليّ هذه القصة ، قال :

كنا نجدد مقامات أهل البيتعليهم‌السلام في الستات ، ولما أردت تعمير مقام رؤوس الشهداءعليهم‌السلام ، أتيت بمعلم مسيحي ينحت الأحجار لعمل سور جديد حول المقام. وكان العامل يأتي صباحا باكرا ، أفتح له المقام ثم أتركه وأذهب إلى البيت.ثم أرجع العصر لأناظر ما أنجزه من عمل. وفي يوم من الأيام جئت فوجدت المسيحي قد جمع أغراضه في السلة يريد إنهاء عمله. قلت : ما بك؟. قال : إذا أنا أردت الاستمرار في العمل عندكم ، أخاف أن أترك ديني وأصير مسلما!. قلت :لماذا؟. قال : البارحة بينما كنت أحرر التراب حول مقام الرؤوس ، لأضع الأحجار الجديدة ، انفتحت أمامي ثغرة ، نظرت منها فإذا بي أرى غرفة تحت الأرض فيها عدة رؤوس ؛ بعضها أمرد ، وبعضها بلحية ، وبعضها مغمض عينيه ، وأحدها معصّب رأسه.

ثم جاء السيد سليم [ت ١٣٤٩ ه‍ ـ ١٩٣١ م] ونظر من الكوة ، فرأى الرؤوس وعددهم ستة عشر رأسا ، مصفوفة بشكل دائرة ، وكأنها مدفونة لساعتها ، كل رأس منها ما زال بشحمه ولحمه لم يصبه أذى أو بلى ، والدماء ظاهرة عليه ثم سدّ المسيحي الثغرة ورحل.

والظاهر أن العلامة السيد محسن الأمين الّذي عاصر تلك الحادثة ، لم يكن حاضرا في دمشق في ذلك الوقت ، بل مسافرا إلى لبنان. وكم كنت متمنيا لو رأى الرؤوس بعينه ووثّق تلك الواقعة الهامة.

كرامة لمشهد رؤوس الشهداءعليهم‌السلام :

قال السيدان كامل ومحمد علي نظام في مجلة العرفان ، عدد تشرين الأول

٦٢٦

١٩٣٢ ص ٣٣٣ : ذهبنا يوما لزيارة مقامات أهل البيتعليهم‌السلام الكائنة في مقبرة باب الصغير في دمشق ، فلما وصلنا إلى مقام رؤوس الشهداء الّذين استشهدوا مع الحسينعليه‌السلام بكربلاء ، وجدنا القبة والجدران بحاجة إلى الترميم والإصلاح ، فوفّقنا الله للقيام بذلك ، وجلبنا من يلزم من العمال ، وأخذوا في الترميم إلى أن تمّ على أحسن ما يرام. وكان الفراغ من ذلك يوم الخميس في ١٢ جمادى الأولى ١٣٥٠ ه‍ / ١٩٣١ م. وفي أثناء العمل سقط سعيد بن ديب شرف أحد العمال من أعلى القبة إلى الأرض ، فلم يتأذّ ولم يصب بسوء قط ، ولا شك أن ذلك من كرامات أهل البيتعليهم‌السلام . فهنيئا لمن والاهم وتمسّك بحبلهم واقتدى بهم.

(أقول) : الرؤوس المدفونة في هذا الموقع هي :

من الأصحاب : حبيب بن مظاهر. ومن الآل : علي بن الحسين الأكبرعليه‌السلام ـ القاسم بن الحسنعليه‌السلام ـ عبد الله بن الحسنعليه‌السلام . ومن أولاد الإمام عليعليه‌السلام : أبو الفضل العباس ـ عبد الله بن عليعليه‌السلام ـ جعفر بن عليعليه‌السلام ـ عثمان بن عليعليه‌السلام ـ محمّد الأصغر ابن عليعليه‌السلام ـ عمر الأصغر بن عليعليه‌السلام ـ أبو بكر بن علي ومن نسل عقيل : جعفر بن عقيلعليه‌السلام ـ عبد الله بن عقيلعليه‌السلام ـ محمّد بن مسلم بن عقيلعليه‌السلام . ومن نسل جعفر الطيارعليه‌السلام :عون ومحمد ابنا عبد الله بن جعفرعليهم‌السلام .

وهي الرؤوس التي أتوا بها مع السبايا إلى الشام ، وعددها ستة عشر رأسا ، ما عدا رأس الحسينعليه‌السلام الّذي أرجع إلى كربلاء.

هذا وقد حصل تحسين ملحوظ على مشهد رؤوس الشهداءعليهم‌السلام ، كما أهدى الشيعة البهرة من الهند قفصا جديدا لرؤوس الشهداء ، وضعوا داخله على التابوت ٧٢ كرة صغيرة من المخمل ترمز للرؤوس الشريفة ، منها ١٦ حمراء اللون وهي المدفونة في ذلك المكان ، والعدد الباقي بلون أخضر لتمييزها عنها ، وهي التي دفنت في كربلاء ولم تأت إلى دمشق.

وقد ذكر لي الأخ السيد سليم مرتضى متولي مقامات الستات ، أنهم أثناء تركيب القفص الجديد ، حفروا في الأرض لتثبيت القفص ، فانبعثت من الأرض رائحة كالمسك ، فدهش البهرة والحاضرون وخروا لله ساجدين.

وفي تقديري أن المراقد المقطوع بصحتها في دمشق اثنان : مرقد السيدة

٦٢٧

رقيةعليها‌السلام عند باب الفراديس ، ومرقد رؤوس الشهداءعليهم‌السلام في الستات ، إضافة إلى مرقد العقيلة زينبعليه‌السلام في قرية (راوية) الذي أجمع علماء الشيعة على ثبوته.

٧٥٨ ـ هل تفنى أجساد الأنبياء والمعصومينعليهم‌السلام ؟ :

يذهب فريق من علمائنا إلى أن أجساد الأنبياء والأئمةعليه‌السلام تحافظ على حالها وشكلها بعد الموت ، فلا تبلى ولا تفنى. ولعل هذه الكرامة تشمل أيضا أجساد كل الشهداءعليهم‌السلام .

وهناك عدة حوادث تؤكد هذه الحقيقة. وقد مرّ معنا أنهم عندما اضطروا إلى إصلاح مرقد السيدة رقيةعليها‌السلام بدمشق ، وحملها أحد أبناء عمها من آل المرتضى من حي الأمين ، وجدها صبيّة دون البلوغ ، وهي ما تزال برونقها وبهائها ، وكأنها نائمة بين يديه. كما ألمحنا آنفا إلى أنهم عندما كانوا يصلحون حائط مرقد رؤوس الشهداء في (الستات) حفروا في الأرض فانفتحت لهم كوة تفضي إلى غرفة تحت الأرض ، ورأوا فيها ستة عشر رأسا مصفوفة على دائرة ، وكأنهم قد دفنوا في تلك اللحظة ، وآثار الدماء على وجوههم ، والعصائب ما زالت على رؤوسهم ، لم تتغير أوصافهم ، ولم تبل أجسادهم. يقول الإمام عليعليه‌السلام في نهج البلاغة :

«أيها الناس ، خذوها عن خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنه يموت من مات منا وليس بميّت ، ويبلى من بلي وليس ببال».(الخطبة رقم ٨٥).

٧٥٩ ـ قبور أهل البيتعليهم‌السلام في باب الصغير :

(الإشارات إلى معرفة الزيارات لأبي بكر الهروي ، ص ١٣)

تزخر مقبرة باب الصغير في جنوب دمشق القديمة خارج السور مباشرة بمقامات وقبور عديدة لأهل البيتعليهم‌السلام ، وذلك في بقعة خاصة تدعى (الستّات). وهذه بعض القبور:

قال أبو بكر الهروي : وقبلي باب الصغير قبر أم الحسن ابنة حمزة بن جعفر الصادقعليه‌السلام ، وقبر علي بن عبد الله بن العباس ، وقبر سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس ، وقبر زوجته أم الحسن ابنة جعفر بن الحسن بن الحسن بن فاطمة الزهراءعليهم‌السلام ، وقبر خديجة ابنة زين العابدينعليه‌السلام . هؤلاء في تربة واحدة.

وقبر سكينة بنت الحسينعليه‌السلام ، وقبر محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

٦٢٨

(أقول) : هذا عدا عن قبور أخرى لم يذكرها الهروي ، منها : قبر عبد الله بن جعفر زوج العقيلة زينبعليه‌السلام ، وقبر عبد الله بن الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، ومقام أم كلثوم بنت الإمام عليعليه‌السلام .

٤ ـ مقام السيدة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام

ذكرنا سابقا أنه كان للإمام الحسينعليه‌السلام عدة بنات ، حضر منهن مع الحسينعليه‌السلام في الطف ثلاث ، هن حسب ترتيب الكبر : فاطمة وسكينة ورقيّة.

وقد اختلفت الأقوال في مرقدي فاطمة وسكينةعليهما‌السلام :

١) ـ ففي قول أنهما توفيتا في المدينة.

٢) ـ ويقول ابن سعد في (الطبقات) : إن سكينةعليها‌السلام توفيت في مكة ، في نفس السنة التي توفيت فيها أختها فاطمةعليه‌السلام ، وهي سنة ١١٧ ه‍.

٣) ـ والقول الثالث : أن سكينةعليه‌السلام توفيت في دمشق ، ودفنت مع عمتها أم كلثوم بنت عليعليه‌السلام في الباب الصغير في مشهد واحد ، قريب من مشهد رؤوس الشهداءعليه‌السلام .

٧٦٠ ـ مسجد سكينةعليه‌السلام :

(تاريخ ابن عساكر ، تحقيق صلاح الدين المنجد ، مج ٢ قسم ١ ص ٨٠)

قال ابن عساكر : مسجد يعرف بمسجد سكينة ، في وسط المقبرة بقرب قبر بلال.وفي الحاشية : يزعمون أنها سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وليست هي. وفي طبرية مشهد به قبر سكينة بنت الحسينعليه‌السلام أيضا.

(انظر الإشارات إلى معرفة الزيارات لأبي بكر الهروي ، ص ١٩)

٧٦١ ـ قبر سكينةعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٩٧)

قال ابن الأكفاني : وأراني أيضا قبر بريهة ابنة الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام في قبة ، وقبر سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام في قبة.

ـ تعليق ابن عساكر :(المصدر السابق ، ص ١٩٩)

وأما قبر بريهة ، فلا أدري القول في نسبها يصح ، لأن أصحاب النسب لم يذكروا في أولاد الحسن بن عليعليه‌السلام ابنة اسمها بريهة.

وأما قبر سكينة بنت الحسينعليه‌السلام فيحتمل ، لأنها تزوجت بالأصبغ بن عبد

٦٢٩

العزيز بن مروان ، الّذي كان بمصر ، ودخلت إليه فمات قبل أن تصل إليه ، فيحتمل أنها قدمت دمشق وماتت بها. والصحيح أنها ماتت بالمدينة.

وقال ابن عساكر في تاريخه ـ تراجم النساء ، ص ١٥٥ : قرأت بخط علي ابن محمّد بن إبراهيم الحبائي ، حدثنا شيوخنا عن أسلافهم أن قبر سكينة بنت الحسينعليه‌السلام بدمشق ، ولكن يضعّفه أهل العلم.

وقد أكد ابن الأثير في (الكامل) ج ٥ ص ١٩٥ أن فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وأختها سكينةعليه‌السلام توفيتا في عام واحد ، وقد توفيت سكينة في المدينة ، وطلب واليها الصلاة عليها.

وفي (معالي السبطين) ج ٢ ص ٢١٨ : أن والي المدينة خالد بن عبد الملك أراد الصلاة على سكينة ، ولما تأخر ويئس أهلها من مجيئه صلوا عليها.

٧٦٢ ـ وصف القبر المنسوب لسكينة في دمشق :

في (خطط دمشق) لصلاح الدين المنجد ، ص ٥٧ يقول :

يقع في مقبرة الباب الصغير بدمشق ، قبر ينسب إلى السيدة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام ، وفي النسبة خلاف.

يهبط إلى القبر بسلم ، نجد ضريحا من خشب الجوز ، عليه نقوش وزخارف غنية ، مزهرة رائعة ، على الطراز الفاطمي. في ثنايا ذلك كتابات كوفية ، فيها (هذا قبر سكينة بنت الحسينعليهما‌السلام ). وحول الضريح آية الكرسي.

وفي مجلة (الحوليات الأثرية العربية السورية) المجلد ٣٥ لعام ١٩٨٥ ـ عدد خاص عن دمشق ، بعنوان [العظماء الذين دفنوا في دمشق أو ماتوا فيها].

قال : ذكر المؤرخون أن سكينة سيدة الشعراء ، وأنها ماتت بدمشق ، ودفنت في تربة القلندرية داخل القبة ، في مقبرة باب الصغير ، ولها قبر فخم عليه قبة. والضريح مصنوع من الخشب المحلّى بالزخارف المحفورة المخرّقة والكتابات الكوفية ، ويرجح أنه صنع في العصر الفاطمي. وقد ذكرت بعض الروايات أنها توفيت بالمدينة.

(راجع منتخبات التواريخ للحصني ، ص ٤٣٢ ؛ وقبور العظماء للريحاوي ، ص ٦٥٩)

الكلام الفصل :

بعد التعارض الشديد في الروايات حول مدفن السيدة سكينة بنت الحسينعليها‌السلام يأتينا البرهان القاطع على أنها ليست مدفونة في مقبرة (البستان) بدمشق. وذلك مما

٦٣٠

ذكره السيد محسن الأمين في (الأعيان) طبعة بيروت حجم كبير ، المجلد ٧ ص ٢٧٤ ، والمجلد ٣ ص ٤٩١ قال :

قال ابن خلكان : توفيت سكينة بنت الحسينعليها‌السلام في المدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة ١١٧ ه‍ ، في أيام هشام بن عبد الملك ، وعمرها ٧٥ سنة. وقال سبط ابن الجوزي : ماتت فاطمة بنت الحسينعليها‌السلام وأختها سكينة في سنة واحدة ، وهي سنة ١١٧ ه‍.

وفي (الأغاني) ما حاصله : أنها ماتت وعلى المدينة خالد بن عبد الملك ، فآذنوه بالجنازة ، وذلك في أول النهار في حرّ شديد ، فجعل يماطلهم إلى أن صلّيت العشاء ولم يجئ ، فجعلوا يصلون عليها جمعا جمعا فرادى ، وينصرفون.

ثمّ يقول السيد الأمين في (الأعيان) المجلد ٣ ص ٤٩٢ :

أما القبر المنسوب إليها بدمشق في مقبرة الباب الصغير ، فهو غير صحيح ، لإجماع أهل التواريخ على أنها دفنت بالمدينة. ويوجد على هذا القبر المنسوب إليها بدمشق صندوق من الخشب كتب عليه آية الكرسي بخط كوفي مشجّر رأيته.وأخبرني الشيخ عباس القمي الّذي هو ماهر في قراءة الخطوط الكوفية بدمشق سنة ١٣٥٦ ه‍ أن الاسم المكتوب بآخر الكتابة التي على الصندوق (سكينة بنت الملك) بلا شك ولا ريب ، وكسر ما بعد لفظة الملك. فالقبر إذن لإحدى بنات الملوك المسماة (سكينة) وليس لسكينة بنت الحسينعليه‌السلام .

٧٦٣ ـ من هي سكينةعليه‌السلام ؟ :(إسعاف الراغبين للصبان ، ص ٢١٠)

قال الصبان : المشهور على الألسنة في اسمها أنه (سكينة) بفتح السين وكسر الكاف ، لكن في القاموس و (شرح أسماء رجال المشكاة) أنه مصغّر ، بضم السين وفتح الكاف.

(أقول) : والأول هو الأغلب [أي بفتح السين] ، وكنّيت به لأنها كما وصفها أبوها الحسينعليه‌السلام بأنها الغالب عليها السكينة والاستغراق مع الله تعالى. ثم قال الصبان : واعلم أن ما في (منن الشعراني الكبرى) مخالف لما مرّ. فإن فيها أن سكينة المدفونة بمصر أخت الحسينعليه‌السلام لا بنته. ولدى الرجوع إلى بنات الإمام عليعليه‌السلام لم نعثر على أن له بنتا باسم سكينة من بين أولاده السبعة والعشرين.

ويؤيد أنها ليست في مصر ، ما في (تهذيب الأسماء واللغات) للنووي ، بأن الصحيح وقول الأكثرين ، أن سكينة بنت الحسينعليه‌السلام توفيت بالمدينة.

٦٣١

ترجمة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام

ولدت السيدة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام قبل وفاة عمها الحسن (ع).

وقال السيد الأمين في (الأعيان) عن ابن خلكان : توفيت السيدة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام بالمدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة ١١٧ ه‍. وكان عمرها على ما قيل خمسا وسبعين سنة ، فعلى هذا كان لها بالطف تسع عشرة سنة.

وقال سبط ابن الجوزي : ماتت فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وأختها سكينة في سنة واحدة ، وهي سنة ١١٧ ه‍.

اسمها وفضلها :

هي سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وأمها الرباب. وقيل إن اسمها أميمة ، وقيل أمينة ، وقيل آمنة. أما سكينة فلقبها ، لأنها كانت تغلب عليها السكينة.وعاشت بعد أبيها الحسينعليه‌السلام ستا وخمسين سنة.

قال في (القمقام) : وكانت أديبة ، سخيّة عفيفة ، ظريفة فاضلة. وكانت في البذل والعطاء كأبيها سيد الشهداءعليه‌السلام .

وفي (معالي السبطين) ج ٢ ص ١٢٨ : وحجّت سكينة في سنة من السنين ، وكانت ترمي الجمرات السبع ، حتى رمت ستة منها ، فلما همّت بالسابعة وقع الحصى من يدها ، فأخرجت خاتمها من إصبعها ورمت به بدلا عن الحصى.

وكانت سكينةعليه‌السلام في حبالة مصعب بن الزبير بن العوام ، وله أربعة زوجات ، إحداهن سكينة بنت الحسينعليه‌السلام . وولدت سكينة منه بنتا سمّتها الرباب باسم أمها. وقيل اللباب ، وقيل فاطمة.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي : وكانت سكينة قد ولدت من مصعب ابنة سمّتها اللباب ، وكانت فائقة الجمال ، لم يكن في عصرها أجمل منها ، فكانت تلبسها اللؤلؤ ، وتقول : ما ألبستها إياه إلا حتى تفضحه.

٦٣٢

تابع : ترجمة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام

وقال ابن عساكر في تاريخه ـ تراجم النساء ص ١٥٥ : وتزوجت سكينة بنت الحسينعليه‌السلام من عبد الله بن الحسن بن عليعليه‌السلام ، فقتل مع عمه الحسينعليه‌السلام بالطف قبل أن يبني بها.

وقال سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٨٨ : وأما سكينة فتزوجها مصعب بن الزبير فهلك عنها ، فتزوجها عبد الله ابن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام ، ثم تزوجها الأصبغ بن عبد العزيز أخو عمر بن عبد العزيز ، ثم فارقها قبل الدخول بها.

وماتت في أيام هشام بن عبد الملك ، ولها السيرة الجميلة والكرم الوافر والعقل التام" هذا قول ابن قتيبة".

أما غيره فيقول : أول من تزوجها مصعب بن الزبير قهرا. وهو الّذي ابتكرها ، ثم قتل عنها. وكانت من الجمال والأدب والظرف والسخاء بمنزلة عظيمة ، وكانت تؤوي إلى منزلها الأدباء والشعراء والفضلاء ، فتجيزهم على مقدارهم.

٧٦٤ ـ زواج سكينةعليه‌السلام من مصعب بن الزبير :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٩)

وقيل إن مصعب بن الزبير خطبها قبل وقعة الطف وتزوجها بعد الوقعة ، والصحيح أن مصعب خطب سكينةعليه‌السلام بعد وقعة الطف من زين العابدينعليه‌السلام ، ولم يرض الإمام بذلك ، لأنه عرف منها عدم القبول. وكان مصعب واليا على العراقين : البصرة والكوفة ، وكانت له الرياسة ، وله قوة وشوكة واقتدار وأصرّ على ذلك ، وخوّفهم وهددهم ، وقال لا بدّ لي من هذا الأمر ، وبينهم قرابة قريبة ، لأن أباه الزبير ، ابن صفية ، وصفية بنت عبد المطلب بن هاشم عمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .والزبير ، ابن العوام ، والعوام قيل أخو خديجة بنت خويلد ، وليس هذا بمعلوم.

ولما أصرّ مصعب على هذا الأمر ، ولم تكن لأهل البيتعليه‌السلام حيلة في الخلاص منه ، رضوا بذلك وزوّجوها منه.

٦٣٣

٧٦٥ ـ جواب الحسينعليه‌السلام لابن أخيه الحسن المثنىعليه‌السلام حين طلب منه إحدى ابنتيه :(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ١٦٠)

روى الصبان في (إسعاف الراغبين) أن الحسن المثنى بن الحسنعليه‌السلام أتى عمه الحسينعليه‌السلام يخطب إحدى ابنتيه : فاطمة وسكينة.

فقال له الحسينعليه‌السلام : اختر يا بني إحداهما ، فلم يجد جوابا. فقال الحسينعليه‌السلام : أختار لك فاطمة ، فهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . أما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار ، وفي الجمال تشبه الحور العين وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله ، فلا تصلح لرجل!.

ثم يقول السيد جواد شبّر : هذه شهادة من الإمام الحسينعليه‌السلام في تقوى هذه السيدة المصونة (سكينة) ، وأنها منقطعة إلى الطاعة والعبادة ، فكأنها لا تأنس بغيرهما. وهذا مما زاد في موقعها من قلب أبيها الحسينعليه‌السلام إمام عصره ، حتى استحقت أن يصفها المعصوم (بخيرة النسوان) ، وذلك لما ودّععليه‌السلام عيالاته يوم عاشوراء ، أجلس سكينة وهو يمسح على رأسها ، ويقول :

لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة

ما دام مني الروح في جثماني

فإذا قتلت فأنت أولى بالذي

تأتينه يا خيرة النسوان

ثم يقول السيد جواد شبّر : أيليق بهذه المصونة الجليلة والحرة النبيلة ، أن تجالس الشعراء وينشدونها الأشعار! كما روى ذلك أبو الفرج المرواني الاصفهاني في كتابه (الأغاني) ، وروايته عن آل الزبير [يقصد الزبير بن بكّار] ، وعداوة آل الزبير لآل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشهورة مذكورة.

٧٦٦ ـ الخلط المتعمّد بين سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وسكينة بنت خالد الزبيرية:

(أقول) : وكثيرا ما كان المؤرخون يخلطون ـ عمدا أو سهوا ـ بين سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وبين سكينة بنت خالد الزبيرية ، التي كانت تحضر مجالس الشعر والغزل. فصوّروا للناس أن سكينةعليه‌السلام كانت تجالس الشعراء. وهذه الرواية التي رواها أبو الفرج في (الأغاني) ، قد افتعلها الزبير بن بكار صاحب كتاب (نسب قريش) ، لأنه وجد في التاريخ أن سكينة بنت خالد بن مصعب بن الزبير ، كانت تجالس الشعراء ويتغزلون بها وبجمالها ، وهذه وصمة عار في تاريخ آل الزبير ، فلم

٦٣٤

يجد أفضل من رفع هذه الوصمة من آل الزبير ولصقها بأهل البيتعليه‌السلام . وكان الوضع السياسي يتطلب ذلك.

٧٦٧ ـ الدفاع عن سكينةعليه‌السلام :

(مع الحسين في نهضته لأسد حيدر ، حاشية ص ٢٦٦)

قال السيد أسد حيدر :

موضوع البحث عن حياة سكينة بنت الحسينعليه‌السلام يستلزم البسط والإيضاح ، لما أحيط بتاريخ حياتها من أمور لا ترتبط بواقع الحال ، لأنها استهدفت لحملة ظالمة ، وتحامل شائن ، من أعداء آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأهمل المؤرخون الرسميون ذكر كثير من مواقفها المشرفة ، ذات المغزى المشرّف.

كما تعمّد من تربطه أواصر النسب بالأمويين ، فأورد في سجل التاريخ أمورا مفتعلة ، وأكاذيب منحولة ، بل هي أساطير سمر في ليالي الشتاء ، وحكايات هي من وحي الخيال ، والتي صيغت بعبارات جذّابة ، شارك فيها كل من يحاول الوقيعة بآل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وكان أبرزهم في هذه الحملة ، وأشجعهم في هذه الجولة ، وهو الزبير بن بكّار ، أحد أجهزة إعلام الباطل ، وهو المعروف باختراع القصص ووضع الأحاديث ونشر الخرافات.

ولا يختلف اثنان بأن (الزبير بن بكار) كان من أشد الناس عداء لأهل البيتعليه‌السلام .

وتناول أبو الفرج الاصفهاني تلك الخرافات ، فوسّع الدائرة ، وتزيّد واختلق.وأبو الفرج هو ذلك الأموي في النسب والنزعة.

وتلقّف تلك المفتريات أناس مأجورون ، يعيشون تحت الظلام ، من مستشرقين وتلامذتهم ، فكانت هناك مجموعة مفتريات وأكاذيب حول سيرة هذه السيدة الطاهرة.

وقد تسابق لردّ هذه المفتريات جماعة من العلماء الأعلام ، وألّفوا كتبا قيّمة [مثل السيد عبد الرزاق المقرّم في كتابه (السيدة سكينة) ، والأستاذ توفيق الفكيكي في كتابه (السيدة سكينة بنت الحسين)]. ومع ذلك فالموضوع بحاجة إلى مزيد من التحقيق وتسليط الأضواء ، لفضح تلك الأكاذيب ومحو تلك المفتريات.

٦٣٥

ترجمة الزبير بن بكار

(جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار ، ص ٥٥)

هو الزبير بن بكار (أبو بكر) ابن عبد الله بن مصعب بن ثابت ابن عبد الله بن الزبير بن العوام ، قاضي مكة. وكنيته أبو عبد الله ابن أبي بكر ، وهو من النسابين ، وعليه اعتماد الناس في معرفة أنساب القرشيين ، وهو مؤلف كتاب (نسب قريش).

قال أحمد بن علي السليماني في كتاب (الضعفاء) : كان الزبير بن بكار منكر الحديث ، أي أنه وضعه في زمرة من يضعون الحديث.

وفي (كشف الغمة) للإربلي ، ج ٢ ص ٤٣ قال :

ذكر ياقوت الحموي في كتابه (معجم الأدباء) كلاما عن الزبير بن بكار هذا مختصره : الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب

ابن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام ، يكنّى أبا عبد الله. الكثير العلم ، الغزير الفهم. أعلم الناس قاطبة بأخبار قريش وأنسابها ومآثرها وأشعارها.

ولد ونشأ بالحجاز ، ومات بمكة سنة ٢٥٦ ه‍ عن ٨٤ سنة. وكان أبوه على قضاء مكة ، وولاه المتوكل القضاء بها بعد أبيه ، ومات وهو قاضيها.ودخل بغداد عدة مرات آخرها سنة ٢٥٣ ه‍.

ثم يقول : وكيف يقدم على تصنيف كتاب باسم (الموفقيات) نسبة إلى الموفق طلحة بن المتوكل ولي العهد ، وفيه ما يناقض مذهبه ويخالف عقيدته (الزبيرية)؟!.

(أقول) : ولا غرابة في ذلك ، فهو يدل على نفاقه وتدليسه

المشهورين ، لأنه يؤمن بأن الغاية تبرر الواسطة!.

٦٣٦

٥ ـ مقام السيدة أم كلثوم بنت علي (ع)

٧٦٨ ـ من هي السيدة أم كلثومعليه‌السلام التي حضرت كربلاء؟ :

كان للإمام عليعليه‌السلام عدة بنات باسم زينب وأم كلثوم ، مما سبّب لدى المؤرخين خلطا كبيرا بينهنّ. فقد أنجبت السيدة فاطمة الزهراء للإمامعليه‌السلام بنتين بعد الحسن والحسينعليه‌السلام هما : زينب العقيلة ، وأم كلثوم. ثم تزوّج الإمامعليه‌السلام بعد وفاة فاطمةعليه‌السلام أم سعيد بنت عروة الثقفية ، فأنجبت له بنتا سمّاها أم كلثوم. ثم تزوجعليه‌السلام أم ولد ، فولدت له بنتا سمّاها زينب.

وللتفريق بين هذه البنات الأربع ، سمّيت العقيلة (زينب الكبرى) ، والتي أمها أم ولد (زينب الصغرى). في حين سمّيت أم كلثوم بنت فاطمة (أم كلثوم الكبرى) ، وأم كلثوم الأخرى (أم كلثوم الصغرى).

وقد لاحظنا أن الشيخ المفيد في (الإرشاد) يسمي أم كلثوم الكبرى :

«زينب الصغرى المكناة أم كلثوم» ، فصرنا أمام ثلاث زينبات أخوات ، هن :

١ ـ زينب الكبرى وهي عقيلة بني هاشم : تزوجها ابن عمها عبد الله بن جعفر الطيارعليه‌السلام .

٢ ـ زينب الصغرى المكناة أم كلثوم الكبرى : وهي التي قيل إن عمر بن الخطاب تزوجها. وقد توفيت هذه في عهد معاوية قبل كربلاء ، ودفنت في المدينة.

٣ ـ زينب الصغرى التي أمها أم ولد : توفيت في حياة أبيها ، ولم تحضر كربلاء.

إذن فاللواتي حضرن كربلاء من البنات الأربع السابقة ، هما فقط : زينب الكبرى العقيلة ، وأم كلثوم الصغرى التي أمها أم سعيد الثقفية.

٧٦٩ ـ أمثلة على الخلط الكبير بين الأخوات :

وكمثال على الخلط الناتج عن الجهل بالموضوع ، ما أوردته مجلة (الحوليات الأثرية العربية السورية) المجلد ٣٥ لعام ١٩٨٥ في البحث [العظماء الذين دفنوا في دمشق أو ماتوا فيها] تحت عنوان : السيدة زينب الكبرى بنت علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قالت :

وتلقّب بأم كلثوم ، خطبها عمر بن الخطاب. وذهب بعض المؤرخين إلى أنها ماتت بدمشق ، ودفنت في باب الصغير قرب قبر بلال الحبشي.

٦٣٧

ثم يقول : ويوجد لها قبر آخر في قرية (راوية) المعروفة حاليا بالست ، الواقعة إلى الجنوب الشرقي من دمشق ، على بعد عدة كيلومترات. وهو مزار شهير محتفى به ، يؤمّه الزوار من مختلف أنحاء العالم الإسلامي ، ويقدّمون عنده النذور ، وحوله الأبنية لنزول الغرباء ، وعليه قبة فخمة ضمن مسجد واسع.

فترى أيها القارئ الخلط بين زينب الكبرى ، وبين شقيقتها أم كلثوم الكبرى.علما بأن القبر الأول الّذي في الستات ـ إن صحّت نسبته ـ هو لأم كلثوم الصغرى التي أمها أم سعيد ، والقبر الثاني الّذي في (راوية) هو لزينب الكبرى العقيلة ، وكلتاهما غير أم كلثوم الكبرى التي نسب إليها أنها تزوجت عمر بن الخطاب.

وقد نفى ابن عساكر أن يكون قبر راوية لأم كلثوم التي تزوجها عمر.

قال في (تاريخ مدينة دمشق) تحقيق صلاح الدين المنجد ، مج ٢ قسم ١ ص ٨٠:مسجد راوية مستجد على قبر أم كلثوم. وأم كلثوم هذه ليست بنت علي من فاطمةعليه‌السلام التي تزوجها عمر ، لأنها ماتت هي وابنها زيد بن عمر بالمدينة في يوم واحد ، وصلى عليها وعلى ابنها الإمام الحسنعليه‌السلام بصلاة واحدة ، ودفنا بالبقيع.

(أقول) : نوافق ابن عساكر على أن المدفونة في راوية ليست زينب الصغرى المكناة بأم كلثوم الكبرى التي قيل إنها تزوجت عمر ، لكننا نخالفه في أنها أم كلثوم الصغرى ، ونجزم أنها زينب العقيلة التي تزوجت ابن عمها عبد الله بن جعفر الطيارعليه‌السلام .

وجاء في مجلة الموسم ـ العدد ٤ ص ٩٤٠ :

إن أم كلثوم بنت عليعليه‌السلام التي أمها فاطمة الزهراءعليه‌السلام توفيت بالمدينة في أيام أخيها الحسن بن عليعليه‌السلام ، وصلى عليها وعلى ابنها زيد بصلاة واحدة.

وذكر في (أسد الغابة) : وتوفيت أم كلثوم وابنها زيد في وقت واحد.

وروى الشيخ الحر العاملي في (الوسائل) أنه خرجت جنازة أم كلثوم بنت عليعليه‌السلام وابنها زيد بن عمر ، وفي الجنازة الحسن والحسينعليه‌السلام وعبد الله بن عمر وعبد الله بن العباس وأبو هريرة ، فوضعوا جنازة الغلام مما يلي الإمام ، والمرأة وراءه ، وقالوا : هذا هو السنّة.

٦٣٨

٧٧٠ ـ أمثلة أخرى على الأخبار المتعارضة :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٣٤)

قال الشيخ المازندراني :

ويظهر من الأخبار الكثيرة أن أم كلثوم بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام من فاطمة الزهراء ، أيضا كانت مع الحسينعليه‌السلام في الطف.

قال الشيخ فخر الدين الطريحي في كتاب (التكملة) : أم كلثوم هذه كنية لزينب الصغرى بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكانت مع أخيها الحسينعليه‌السلام بكربلاء.والمشهور بين الأصحاب أنه تزوجها عمر بن الخطاب غصبا ، كما أصرّ السيد المرتضى وصمم عليه في رسالة عملها في هذه المسألة ، وهو الأصح للأخبار المستفيضة.

قال ابن قتيبة في كتاب (المعارف) : وأما أم كلثوم الكبرى بنت فاطمةعليه‌السلام ، فكانت عند عمر بن الخطاب ، ولدت له فاطمة وزيدا. فلما قتل عمر تزوجها محمّد ابن جعفر بن أبي طالب ، فماتت عنده.

ثم ذكر المازندراني قول من ادعى أنها شهدت كربلاء ثم ماتت في المدينة ، وأرى أن الكلام ينطبق على أم كلثوم الصغرى وليس الكبرى. قال :

وقال الشيخ ميثم البحراني : إن أم كلثوم بنت عليعليه‌السلام توفيت بالمدينة بعد رجوعها من كربلاء ، وكانت مدة مكثها في المدينة أربعة أشهر وعشرة أيام ، ولم تزل يزداد فيها البكاء والكآبة والحزن وإقامة العزاء والنوح ، إلى أن توفيت رحمها الله.

ثم قال المازندراني : وكانت أم كلثوم أول من لحق بالحسينعليه‌السلام من الهاشميات والهاشميين بعد رقيةعليه‌السلام التي توفيت بالشام ، كما أن أمها فاطمة الزهراءعليه‌السلام كانت أول من لحق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

في حين ادّعى غيرهم أن زينب الصغرى مدفونة في دمشق ، وليس في المدينة.

قال السيد عبد الرزاق كمونة الحسيني في كتابه (مشاهد العترة الطاهرة) ص ٩٠ ط ٢ بيروت : ولاتفاق المحدثين والمؤرخين من الفريقين أن أم كلثوم التي قبرها في دمشق ، هي زينب الصغرى بنت الإمام عليعليه‌السلام التي أمها أم سعيد بنت عمرو بن مسعود الثقفية ، التي خرجت إلى محمّد بن عقيل.

(أقول) : كيف يكون هناك اتفاق بين المؤرخين على أن القبر الّذي في (الستات) هو قبر زينب الصغرى ، مع الأخبار المتعارضة التي وقفت على بعضها؟ لا بل إنه

٦٣٩

ثبت أنهاعليها‌السلام رجعت مع السبايا إلى المدينة ، وليس هناك من دليل على خروجها من هناك ، لا سيما ما ذكر من أنها توفيت بعد ذلك بأربعة أشهر من شدة الحزن والأسى على أخيهاعليه‌السلام ، وهي التي كانت تدعى زينب النوّاحة.

وقد أكد العلامة السيد محسن الأمينرحمه‌الله على أن القبرين الموجودين في باب الصغير بمحلة الستّات ليسا قبر سكينة ولا أم كلثوم ، فهما توفيتا في المدينة ودفنتا هناك.

وفي تقديري أن هذا المكان هو مقام لهما حيث أقامتا فيه مدة من الزمن عند مجيئهما مع السبايا ، فأصبح مشهدا مشرّفا ، وليس هو مرقد لهما. ولا يستبعد أن القبرين اللذين في هذا المشهد هو لامرأتين شريفتين من نسل الحسينعليه‌السلام ، وقد اعتني بهما في عهد الدولة الفاطمية ، ولكنهما ليستا من بنات الحسينعليه‌السلام أو أخواته ، بل من الحفيدات البعيدات.

٧٧١ ـ وصف مسجد ومشهد سكينة وأم كلثوم في الستات :

(ثمار المقاصد في ذكر المساجد ليوسف بن عبد الهادي ، ص ٢٥٢)

قال : هو مسجد ذو منارة حديثة ، تقع إلى جانب القبتين اللتين فوق ضريحي السيدتين سكينة وأم كلثوم. والقبتان جدّدتا سنة ١٣٣٠ ه‍ كما هو مؤرّخ على الباب. وللقبة الشمالية باب شمالي إلى المقبرة ، وشباكان في كل جهة من الجهات الثلاث الأخرى. وللقبة الجنوبية [حيث ضريح أم كلثوم] شباكان إلى الجنوب واثنان إلى الشرق ، وبينهما الباب. وفي الجنوب باب يؤدي إلى غرفة يقيم فيها قيّم المسجد.

وفي أرض القبة الجنوبية عشر درجات ينزل منها إلى الطابق السفلي [القبو] وفيه ممرّ في جانبيه حجرتان : جنوبية فيها ضريح السيدة أم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام عليعليه‌السلام ، وتابوتها من خشب حديث الصنع. وفي الحجرة الشمالية ضريح السيدة سكينةعليه‌السلام ، ولها تابوت خشبي مربع قديم من خشب الجوز ، حسن الصنع ذو زخارف وكتابات كوفية فاطمية ، ونقوشه من أجمل النقوش الخشبية.

٧٧٢ ـ هل تزوّج عمر بأم كلثوم بنت فاطمة الزهراءعليه‌السلام ؟ :

ذكر السنّة أن عمر بن الخطاب خطب إلى الإمام عليعليه‌السلام ابنته الصغيرة أم كلثوم ، في قصة أسطورية. وهذه البنت أمها فاطمة الزهراءعليه‌السلام التي ماتت واجدة

٦٤٠

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

حديث العابد

١٥٤٠٠ / ٥٨٥. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن سنان ، عمن أخبره :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «كان عابد في بني إسرائيل لم يقارف(١) من أمر الدنيا شيئا ، فنخر(٢) إبليس نخرة ، فاجتمع إليه جنوده ، فقال : من لي بفلان؟ فقال(٣) بعضهم : أنا له(٤) ، فقال : من أين تأتيه ، فقال(٥) : من ناحية النساء ، قال : لست له ، لم يجرب(٦) النساء(٧) ، فقال له آخر : فأنا له(٨) ، فقال(٩) : من أين تأتيه؟ قال : من ناحية الشراب واللذات ، قال : لست له ، ليس هذا(١٠) بهذا(١١) ، قال آخر : فأنا له ، قال : من أين تأتيه؟ قال : من ناحية البر ، قال : انطلق(١٢) ، فأنت صاحبه ، فانطلق إلى موضع الرجل ، فأقام(١٣) حذاه(١٤) يصلي».

قال : «وكان الرجل ينام والشيطان(١٥) لاينام ، ويستريح والشيطان لايستريح ، فتحول إليه الرجل وقد تقاصرت إليه نفسه(١٦) ، واستصغر عمله ، فقال(١٧) : يا عبد الله(١٨) ،

__________________

(١) المقارفة : المقاربة. راجع : المصباح المنير ، ص ٤٩٩ (قرف).

(٢) يقال : نخر ينخر وينخر نخيرا ، أي مد الصوت في خياشيمه. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٦٦ (نخر).

(٣) في «ن ، جت» : «قال».

(٤) في «د ، ع ، م ، ن ، بف ، بن ، جد» والبحار : ـ «له».

(٥) في «ع ، بف ، بن ، جد» والوافي : «قال».

(٦) في «جت» : «لم يحب».

(٧) في «ن» : «بالنساء».

(٨) في «ع ، بف» : ـ «له».

(٩) هكذافي جميع النسخ التي قوبلت. وفي البحار : «قال». وفي المطبوع والوافي : + «له».

(١٠) في «بف» والوافي : «له».

(١١) في «بن» : ـ «بهذا». وفي «بف» والوافي : + «علم».

(١٢) في «ن» وحاشية «د» : «فانطلق».

(١٣) في «بف ، بن» والوافي : «فقام».

(١٤) في «د» : «حذاءه». وفي «ن ، بف» والوافي : «بحذائه».

(١٥) في «جد» : + «يصلي».

(١٦) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : وقد تقاصرت إليه نفسه ، أي ظهر له التقصير من نفسه ، يقال : تقاصر ، أي أظهر القصر». راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٤٤ (قصر).

(١٧) في «د» والوافي : + «له».

(١٨) في «م» : ـ «يا عبد الله».

٨٤١

بأي شيء قويت على هذه الصلاة؟ فلم يجبه ، ثم أعاد(١) عليه ، فلم يجبه ، ثم أعاد(٢) عليه(٣) ، فقال : يا عبد الله ، إني أذنبت ذنبا وأنا تائب منه ، فإذا ذكرت الذنب(٤) قويت على(٥) الصلاة ، قال : فأخبرني بذنبك حتى أعمله وأتوب ، فإذا فعلته قويت على الصلاة ، قال : ادخل المدينة ، فسل(٦) عن فلانة البغية(٧) ، فأعطها درهمين ، ونل منها ، قال : ومن أين لي درهمين(٨) ؟ ما أدري ما الدرهمين(٩) ؟ فتناول الشيطان من تحت قدمه(١٠) درهمين ، فناوله إياهما ، فقام فدخل المدينة بجلابيبه ، يسأل عن منزل(١١) فلانة البغية ، فأرشده(١٢) الناس ، وظنوا أنه جاء يعظها ، فأرشدوه(١٣) ، فجاء إليها فرمى إليها بالدرهمين ، وقال : قومي ، فقامت فدخلت(١٤) منزلها ، وقالت : ادخل ، وقالت(١٥) : إنك جئتني في هيئة ليس يؤتى(١٦) مثلي في مثلها ، فأخبرني بخبرك ، فأخبرها.

فقالت له : يا عبد الله ، إن ترك الذنب(١٧) أهون من طلب التوبة ، وليس كل من طلب التوبة وجدها ، وإنما ينبغي أن يكون هذا شيطانا مثل(١٨) لك ، فانصرف ؛ فإنك لا ترى شيئا ، فانصرف ، وماتت من ليلتها ، فأصبحت فإذا(١٩) على بابها مكتوب : احضروا

__________________

(١) في البحار ، ج ٦٣ : «عاد» في الموضعين.

(٢) في «ن» : + «فلم يجبه ، ثم أعاد».

(٣) في «د ، ن» : ـ «عليه».

(٤) في «م» : ـ «الذنب».

(٥) في «د ، م» : + «هذه».

(٦) في «بن» : «فاسأل».

(٧) البغية : الفاجرة والزانية. وهو وصف مختص بالمرأة ولا يقال للرجل : بغي. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٨٢ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٧ (بغي).

(٨) في «بف» وحاشية «جت» والوافي : «درهمان».

(٩) في «بف» : «الدرهم». وفي حاشية «جت» : «الدرهمان». وفي الوافي : «الدراهم».

(١٠) في «بن ، جت» : «قدميه».

(١١) في البحار ، ج ٦٣ : ـ «منزل».

(١٢) في «د ، ع ، م ، ن ، بن ، جت ، جد» : «فأرشدوه».

(١٣) في «جد» : + «إليها».

(١٤) في «جد» : «ودخلت».

(١٥) في «ن» : «فقالت».

(١٦) في «بف» : «تؤتى».

(١٧) في «م» : «الذنوب».

(١٨) في «بف» والوافي : «تمثل».

(١٩) في «ن ، بف ، بن» : «وإذا».

٨٤٢

فلانة ؛ فإنها من أهل الجنة ، فارتاب الناس ، فمكثوا ثلاثا لايدفنونها(١) ارتيابا في أمرها ، فأوحى الله ـعزوجل ـ إلى نبي من الأنبياء ـ لا أعلمه(٢) إلا موسى بن عمرانعليه‌السلام ـ : أن ائت فلانة ، فصل عليها ، ومر الناس أن يصلوا عليها ؛ فإني قد(٣) غفرت لها ، وأوجبت لها الجنة بتثبيطها(٤) عبدي فلانا عن معصيتي».(٥)

١٥٤٠١ / ٥٨٦. أحمد بن محمد بن أحمد(٦) ، عن علي بن الحسن ، عن محمد بن عبد الله بن زرارة ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة :

عن أبي جعفر(٧) عليه‌السلام ، قال : «كان في بني إسرائيل رجل عابد ، وكان(٨) محارفا(٩) لايتوجه في(١٠) شيء ، فيصيب فيه شيئا ، فأنفقت عليه امرأته حتى لم يبق(١١) عندها شيء ، فجاعوا يوما من الأيام ، فدفعت إليه نصلا(١٢) من غزل ، وقالت له : ما عندي غيره ، انطلق(١٣) فبعه ، واشتر لنا شيئا نأكله.

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار ، ج ٦٣. وفي المطبوع : «لم يدفنوها».

(٢) في «ن» : «لا أعلم». وفي المرآة : «قوله : لا أعلمه ، الشك من الراوي».

(٣) في «بن» : ـ «قد».

(٤) في «ع» : «بتثبطها». والتثبيط : هو التعويق والشغل عن المراد ، يقا ل : ثبطه تثبيطا ، أي قعد به عن الأمر وشغله عنه ومنعه تخذيلا ونحوه. المصباح المنير ، ص ٨٠ (ثبط).

(٥) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٤٩ ، ح ٢٥٤٥٢ ؛ البحار ، ج ١٤ ، ص ٤٩٥ ، ح ٢٠ ؛ وج ٦٣ ، ص ٢٧٦ ، ح ١٦٥.

(٦) في المطبوع نقلا من بعض النسخ : ـ «بن أحمد».

(٧) في «جت» : «أبي عبد الله».

(٨) في «بن» : «كان» بدون الواو.

(٩) قال الجوهري : «المحارف ، بفتح الراء ، أي محدود محروم ، وهو خلاف قولك : مبارك». وقال ابن الأثير : «المحارف ، بفتح الراء : هو المحروم المجدود الذي إذا طلب لايرزق ، أو يكون لايسعى في الكسب ، وقد حورف كسب فلان : إذا شدد عليه في معاشه وضيق ، كأنه ميل برزقه عنه ، من الانحراف عن الشيء ، وهو الميل عنه». الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٤٢ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٣٧٠ (حرف).

(١٠) في «د» وحاشية «جت» : «إلى».

(١١) في «بف» : «لايبقى».

(١٢) النصل : الغزل وقد خرج من المغزل. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٠٣ (نصل).

(١٣) في «م ، بن» : «فانطلق».

٨٤٣

فانطلق بالنصل الغزل(١) ليبيعه ، فوجد السوق قد غلقت ، ووجد المشترين قد قاموا وانصرفوا ، فقال : لو أتيت هذا الماء ، فتوضأت منه ، وصببت علي منه ، وانصرفت ، فجاء إلى البحر وإذا(٢) هو بصياد قد ألقى شبكته(٣) ، فأخرجها وليس(٤) فيها إلا سمكة ردية قد مكثت عنده حتى صارت رخوة منتنة(٥) ، فقال له : بعني هذه السمكة ، وأعطيك هذا الغزل تنتفع به في شبكتك ، قال(٦) : نعم ، فأخذ السمكة ، ودفع إليه(٧) الغزل ، وانصرف(٨) بالسمكة إلى منزله.

فأخبر زوجته الخبر ، فأخذت السمكة لتصلحها ، فلما شقتها(٩) ، بدت من جوفها لؤلؤة ، فدعت زوجها فأرته إياها ، فأخذها فانطلق(١٠) بها إلى السوق ، فباعها بعشرين ألف درهم ، وانصرف إلى منزله بالمال فوضعه ، فإذا سائل يدق الباب ، ويقول(١١) : يا أهل الدار(١٢) ، تصدقوا رحمكم(١٣) الله على المسكين ، فقال له(١٤) الرجل : ادخل ، فدخل ، فقال له : خذ إحدى(١٥) الكيسين(١٦) ، فأخذ إحداهما(١٧) ، وانطلق ، فقالت له امرأته : سبحان الله بينما نحن مياسير(١٨) إذ ذهبت بنصف يسارنا ، فلم يكن ذلك بأسرع من أن دق(١٩) السائل(٢٠) الباب ، فقال له الرجل : ادخل ، فدخل فوضع الكيس

__________________

(١) في «بف ، جد» والوافي : ـ «الغزل». (٢) في «جت» : «فإذا».

(٣) في «ن» : «بشبكته». (٤) في «بن» : «وليست».

(٥) في حاشية «جت» : «ومنتنة». (٦) في حاشية «جت» : «فقال».

(٧) في «جد» : «إليها».

(٨) في «جت» : «فانصرف».

(٩) في «م ، ن» : «شقها».

(١٠) في «بف» : «وانطلق».

(١١) في «جت» : «وهو يقول» بدل «ويقول».

(١٢) في «م» : «الباب».

(١٣) في حاشية «د» : «يرحمكم».

(١٤) في «جد» : ـ «له».

(١٥) في «د ، بف» والوافي : «أحد».

(١٦) في «ن» : + «وانطلق».

(١٧) في «د ، م ، جت» والبحار : «فأخذ احدى الكيسين». وفي «ع ، بف ، بن» وحاشية «د» والوافي : «أحدهما».

(١٨) «المياسير» : جمع الموسر ، وهو الذى صار ذا يسار ، واليسار : الغنى والثروة. راجع : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢٩٦ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٧٠ (يسر).

(١٩) في «د ، جت» وحاشية «ن» : «وقف».

(٢٠) في «د ، جت» وحاشية «ن» : + «على».

٨٤٤

في(١) مكانه ، ثم قال : كل هنيئا(٢) مريئا(٣) ، إنما(٤) أنا ملك من ملائكة ربك ، إنما أراد ربك أن يبلوك ، فوجدك(٥) شاكرا ، ثم ذهب».(٦)

خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام

١٥٤٠٢ / ٥٨٧. أحمد بن محمد ، عن سعيد بن المنذر بن محمد(٧) ، عن أبيه ، عن جده ، عن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه ، قال :

خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ ورواها(٨) غيره بغير هذا الإسناد ، وذكر أنه خطب بذي قار(٩) ـ فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

«أما بعد ، فإن الله ـ تبارك وتعالى ـ بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق ليخرج عباده من

__________________

(١) في «بف» : ـ «في».

(٢) كل شيء يأتيك وتيسر من غير تعب ولا مشقة ولا عناء ، فهو هنيء. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٧٧ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٤٢ (هنأ).

(٣) في «بف» والوافي : ـ «مرئيا». ويقال : طعام مريء ، أي هنيء حميد المغبة ، أي العاقبة ، من قولهم : مرأني الطعام ، وأمرأني ، إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبا. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣١٣ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ١٥٥ (مرأ).

(٤) في «بن» : ـ «إنما».

(٥) في «بف» والوافي : + «صابرا».

(٦) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٥٤ ، ح ٢٥٤٥٤ ؛ الوسائل ، ج ٢٥ ، ص ٤٥٣ ، ح ٣٢٣٣٩ ، إلى قوله : «فباعها بعشرين ألف درهم» ملخصا ؛ البحار ، ج ١٤ ، ص ٤٩٧ ، ح ٢١.

(٧) هكذا في «م ، بح» وحاشية «جت» والوافي والبحار. وفي «بن» : «أحمد بن محمد بن سعيد بن المنذر بن محمد». وفي «د ، ع ، بف ، جت ، جد» والوسائل والمطبوع : «أحمد بن محمد ، عن سعد بن المنذر بن محمد».

هذا ، والتقريرات الثلاثة كلها سهو. والظاهر أن الصواب في السند يكون هكذا : «أحمد بن محمد بن سعيد ، عن المنذر بن محمد» ؛ فقد روى أحمد بن محمد بن سعيد شيخ الكليني قدس‌سره كتب المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم القابوسي ، وتكررت روايته عنه في الأسناد والطرق. راجع : رجال النجاشي ، ص ١١ ، الرقم ٧ ؛ ص ١٥ ، الرقم ١٢ ؛ ص ٤٧ ، الرقم ٩٥ ؛ ص ١٧٩ ، الرقم ٤٧٢ ؛ ص ٢٠٧ ، الرقم ٥٤٩ ؛ وص ٤١٨ ، الرقم ١١١٨.

(٨) في «م ، ن» : «ورواه».

(٩) ذوقار : موضع بين الكوفة وواسط. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٥٠ (قور).

٨٤٥

عبادة عباده إلى عبادته ، ومن عهود عباده إلى عهوده ، ومن طاعة عباده إلى طاعته ، ومن ولاية عباده إلى ولايته ، بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه ، وسراجا منيرا ، عودا(١) وبدءا(٢) ، وعذرا(٣) ونذرا ،(٤) بحكم قد فصله(٥) ، وتفصيل(٦) قد أحكمه ، وفرقان قد فرقه(٧) ، وقرآن قد بينه ؛ ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه ، وليقروا(٨) به إذ جحدوه ، وليثبتوه بعد(٩) إذ(١٠) أنكروه ، فتجلى(١١) لهم(١٢) سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه(١٣) ، فأراهم حلمه كيف حلم ، وأراهم عفوه كيف عفا ، وأراهم قدرته كيف قدر ، وخوفهم من سطوته ، وكيف خلق ما خلق من الآيات ، وكيف محق من محق من العصاة بالمثلات(١٤) ، واحتصد(١٥) من احتصد بالنقمات(١٦) ، وكيف رزق وهدى وأعطى

__________________

(١) في «بح» : «وعودا».

(٢) في «بح ، بن» : «وبدوا». وفي حاشية «د» : «ومبدأ». وفي الوافي : «عودا وبدءا ، يعني عودا إلى الدعوة بعد ما بدأ فيها ، والمراد تكرير الدعوة».

(٣) في «بح ، بن ، جت ، جد» : «عذرا» بدون الواو.

(٤) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : عذرا أو نذرا ، كل منهما لقوله «بعث» ، أي عذرا للمحقين ونذرا للمبطلين ؛ أو حال ، أي عاذرا ومنذرا».

(٥) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : بحكم. المراد بالجنس ، أي بعثه مع أحكام مفصلة مبينة».

(٦) في «بف» : «وتفصيله».

(٧) في شرح المازندراني : «فرقه ، بالتخفيف : أحكمه ، وبالتشديد : أنزله في أيام متفرقة ؛ ليسهل على القلب واللسان تحملها».

(٨) في «م» : «فليقروا».

(٩) في «م» : ـ «بعد».

(١٠) في «م ، ن» : «إذا». وفي حاشية «د» والوافي : «إن».

(١١) في «جت» : «وتجلى».

(١٢) في المرآة : ـ «لهم».

(١٣) في الوافي : «أي ظهر من غير أن يرى بالبصر ، بل نبههم عليه في القرآن من قصص الأولين ، وما حل بهم من النقمة عند مخالفة الرسل».

(١٤) المثلات : جمع المثلة ، وهي العقوبة. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨١٦ (مثل).

(١٥) الاحتصاد : قطع الزرع والنبات بالمنجل ، والمراد هنا المبالغة في القتل والإهلاك. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٠٧ (حصد).

(١٦) النقمات : جمع النقمة ، وهي المكافأة بالعقوبة. راجع : لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٩٠ (نقم).

٨٤٦

وأراهم حكمه ، كيف حكم وصبر حتى(١) يسمع ما يسمع(٢) ويرى.

فبعث الله ـعزوجل ـ محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك.

ثم(٣) إنه سيأتي عليكم من بعدي زمان(٤) ليس في ذلك الزمان شيء أخفى من الحق ، ولا أظهر من الباطل ، ولا أكثر من الكذب على الله تعالى ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة(٥) أبور(٦) من الكتاب إذا تلي حق تلاوته ، ولا سلعة أنفق بيعا ولا أغلى ثمنا من الكتاب إذا(٧) حرف عن مواضعه ، وليس في العباد ولا في البلاد شيء هو أنكر من المعروف ، ولا(٨) أعرف من المنكر ، وليس فيها فاحشة أنكر ولا عقوبة أنكى(٩) من الهدى عند الضلال(١٠) في ذلك الزمان(١١) ، فقد(١٢) نبذ الكتاب حملته ، وتناساه(١٣) حفظته ، حتى تمالت(١٤) بهم الأهواء(١٥) ، وتوارثوا ذلك من الآباء ، وعملوا

__________________

(١) في «د ، ع ، م ، بن» وحاشية «ن» : «حين».

(٢) في «بن» : «ما لايسمع» بدل «ما يسمع».

(٣) في «بف» : + «قال».

(٤) في «بن» : «زمان من بعدي».

(٥) السلعة : المتاع ، وما تجر به. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٧٩ (سلع).

(٦) «أبور» أي كاسد ؛ من البوار بمعنى الكساد ، وهو نقيض النفاق. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٨٦ (بور).

(٧) في «م» : ـ «إذا».

(٨) في «ع» : «فلا».

(٩) في «ن ، بف ، بن» وحاشية «م» والوافي : «أنكأ». وفي شرح المازندراني : «وأنكى ، مثل أحرى من النكاية بفتح النون ، وهو القبح والجراح والعقوبة ؛ أو مثل أملأ ، من النكاء بهمز اللام ، وهو قشر القرحة قبل أن تبرأ. والمراد على التقديرين أن الهدى أشد مولم في ذلك الزمان». وراجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١١٧ (نكا).

(١٠) في «بن» : «الضلالة». وفي شرح المازندراني : «الضلال بتخفيف اللام ، أو بتشديده على احتمال جمع ضال».

(١١) في «بح» : ـ «الزمان».

(١٢) في «بن» : «قد».

(١٣) يقال : تناساه ، أي أرى من نفسه أنه نسيه. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٠٨ (نسا).

(١٤) في «جت» : «غالت». وفي حاشية «ن» : «تمايلت».

(١٥) في شرح المازندراني : «كأن تمالت أصله «تمايلت» بالنقل ، كما في شاكي السلاح ، ثم بالقلب والحذف ، أو «تمالوت» بالقلب والحذف من الملو ، وهو السير الشديد ، والباء للتعدية ، أي سيرتهم الأهواء وبالعكس في طريق الباطل ، أو «تمالات» بتخفيف الهمزة بمعنى تعاونت وتساعدت ، أو «ثماثلت» بالثاء المثلثة لو ثبتت روايته بمعنى تداهن وتلاعب. وفي بعض النسخ : عال ، بالعين المهملة بمعنى مال». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام :

٨٤٧

بتحريف الكتاب كذبا وتكذيبا ، فباعوه(١) بالبخس(٢) ، وكانوا فيه من الزاهدين.

فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان طريدان منفيان ، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد ، لايأويهما(٣) مؤو(٤) ، فحبذا ذانك الصاحبان ، واها(٥) لهما ولما يعملان(٦) له(٧) .

فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم ، ومعهم وليسوا معهم ، وذلك لأن الضلالة(٨) لاتوافق الهدى وإن اجتمعا(٩) ، وقد اجتمع القوم على الفرقة ، وافترقوا عن(١٠) الجماعة ، قد(١١) ولوا أمرهم وأمر دينهم من يعمل فيهم بالمكر والمنكر والرشا والقتل(١٢) ، كأنهم أئمة الكتاب ، وليس الكتاب إمامهم ، لم يبق

__________________

حتى تمالت بهم الأهواء ، كذا في أكثر النسخ ، فيحتمل أن يكون بتشديد اللام تفاعلا من الملال ، أي بالغوا في متابعة الأهواء حتى كأنها ملت بهم ، أو بتخفيف اللام من قولهم : تمالوا عليه ، أي تعاونوا أو اجتمعوا فخفف الهمزة ويكون الباء بمعنى على. والأظهر ما في النسخ المصححة القديمة ، وهو تمايلت ، أي أمالتهم الأهواء والشهوات عن الحق إلى الباطل. وفي بعض النسخ : غالت ، بالغين المعجمة ، من قولهم : غاله ، أي أهلكه».

(١) في الوافي : + «فيها».

(٢) البخس : النقص ، والناقص ، والظلم ، وثمن بخس ، أي دون ما يحب. لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٤ (بخس).

(٣) في «م» وحاشية «د» : «لايؤديهما». وفي الوافي : «لايؤوبهما».

(٤) في شرح المازندراني : «لا يؤويهما مؤو ، أي لاينزلهما أحد في منزله. وفي المهذب : الإيواء : «جادادن» ، أو لايرق لهما ذورقة».

(٥) قال ابن الأثير : «قيل : معنى هذه الكلمة التلهف ، وقد توضع موضع الإعجاب بالشيء ، يقال : واها له. وقد ترد بمعنى التوجع ، وقيل : التوجع يقال فيه : آها». النهاية ، ج ٥ ، ص ١٤٤ (واه).

(٦) في «ع ، م ، ن ، بن ، جت ، جد» وحاشية «د ، بح» ومرآة العقول : «يعمدان».

(٧) في حاشية «د» : + «ثم».

(٨) في «جت» : «الضلال».

(٩) في «بف» : «اجتمعوا».

(١٠) في «ن ، بف ، جت» والبحار : «على».

(١١) في «د ، م ، جد» والبحار : «وقد».

(١٢) في الوافي : + «لم يعظمهم على تحريف الكتاب تصديقا لما يفعل وتزكية لفضله ، ولم يولوا أمرهم من يعلم الكتاب ويعمل بالكتاب ، ولكن ولاهم من يعمل بعمل أهل النار».

٨٤٨

عندهم من الحق إلا اسمه ، ولم يعرفوا من الكتاب إلا خطه وزبره(١) ، يدخل(٢) الداخل لما يسمع(٣) من حكم القرآن ، فلا يطمئن(٤) جالسا حتى يخرج من الدين ، ينتقل من دين ملك إلى دين ملك ، ومن ولاية ملك إلى ولاية ملك ، ومن طاعة ملك إلى طاعة ملك ، ومن عهود ملك إلى عهود ملك ، فاستدرجهم الله تعالى من حيث لايعلمون ، وإن كيده(٥) متين بالأمل والرجاء حتى توالدوا في المعصية ، ودانوا بالجور ، والكتاب لم يضرب عن شيء منه صفحا(٦) ضلالا تائهين(٧) ، قد دانوا بغير دين الله عز ذكره ، وأدانوا(٨) لغير الله(٩) .

مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة ، خربة من الهدى(١٠) ، فقراؤها وعمارها أخائب خلق الله وخليقته ، من عندهم جرت الضلالة ، وإليهم تعود ، فحضور(١١) مساجدهم والمشي إليها كفر بالله العظيم إلا من(١٢) مشى إليها وهو عارف

__________________

(١) الزبر : الكتابة ، ويقال : زبرت الكتاب زبرا ، أي أتقنت كتابته. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٣١٥ (زبر).

(٢) في الوافي : «ويدخل».

(٣) في حاشية «جت» : «سمع».

(٤) في «بح» : «ولا يطمئن».

(٥) في «بح» : «كيدهم».

(٦) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : والكتاب لم يضرب عن شيء منه ، أي من الجور ، والواو للحال ، أي لم يعرض الكتاب عن بيان شيء من الجور. وقوله : صفحا ، مفعول مطلق من غير اللفظ ، أو مفعول له ، أو حال ، يقال : صفحت عن الأمر ، أي أعرضت منه وتركته. ويمكن أن يقرأ يضرب على بناء المجرد ، أي لم يدفع البيان عن شيء منه ، كما قال تعالى :( أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً ) [الزخرف (٤٣) : ٥]».

(٧) التائه : المتحير ، أي المتحيرين في طريق الضلالة. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٢٠٣.

(٨) في المرآة : «ودانوا». وفيه عن النسخة القديمة : «وكانوا».

(٩) في شرح المازندراني : «وأدانوا لغير الله ، أي عبدوا لغير الله ، وأصل الإدانة إعطاء الدين ، فمن عمل لله فهو دين عليه يؤديه وقت الحاجة ، ومن عمل لغيره وكله على ذلك الغير».

(١٠) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والبحار. وفي المطبوع : + [قد بدل فيها من الهدى]. وفي الوافي : «قد بدل ما فيها من الهدى».

(١١) في البحار : «وحضور».

(١٢) في «جد» : «ومن».

٨٤٩

بضلالهم(١) ، فصارت مساجدهم من(٢) فعالهم على ذلك النحو خربة من الهدى ، عامرة(٣) من الضلالة.

قد بدلت سنة الله ، وتعديت حدوده ، ولا يدعون(٤) إلى الهدى ، ولا يقسمون الفيء ، ولا يوفون بذمة ، يدعون القتيل منهم على ذلك شهيدا ، قد أتوا(٥) الله بالافتراء والجحود ، واستغنوا بالجهل عن العلم ، ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة(٦) ، وسموا صدقهم على الله فرية ، وجعلوا في الحسنة العقوبة السيئة.

وقد بعث الله ـعزوجل ـ إليكم رسولا من أنفسكم(٧) عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم(٨) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنزل عليه كتابا عزيزا( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٩) ، قرآنا عربيا(١٠) غير ذي عوج(١١) ؛ لينذر من كان حيا ، ويحق القول على الكافرين.(١٢)

__________________

(١) في «د ، م ، ن ، بح ، جت» : «بضلالتهم».

(٢) في «بف» وشرح المازندراني : «في».

(٣) في «م» : «وعامرة».

(٤) في «ع ، م ، بف ، بن» والوافي : «لا يدعون» بدون الواو.

(٥) في «م» والوافي : «فدانوا» بدل «قد أتوا».

(٦) في شرح المازندراني : «ما ، زائدة ، كما قيل في قوله تعالى حكاية :( وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ ) [يوسف (١٢) : ٨٠] والمثلة بالضم : التنكيل ، وهو قطع الأنف ، والمراد هنا التعذيب والإيذاء والاستخفاف والاستحقار ، يقال : مثل به يمثل مثلا ومثلة ، إذا نكل به ، ومثله تمثيلا للمبالغة ، وكأنه إشارة إلى ما فعلوا بهعليه‌السلام وبأبى ذر وسلمان والمقداد وعمار وأضرابهم من الصالحين بعد قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ». وللمزيد راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٩٤ (مثل) ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٩٤.

(٧) قرئ قولهعليه‌السلام : «من أنفسكم» بفتح الفاء ، أي من أشرفكم وأفضلكم. راجع : الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٨٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٩٥.

(٨) إشارة إلى الأية ١٢٨ من سورة التوبة (٩).

(٩) فصلت (٤١) : ٤٢.

(١٠) في «د ، ع ، ن ، بف ، بن ، جت ، جد» وشرح المازندراني : ـ «عربيا».

(١١) اقتباس من الآية ٢٨ من سورة الزمر (٣٩).

(١٢) اقتباس من الآية ٧٠ من سورة يس (٣٦). وفي الوافي : «حيا ، أي عاقلا فهما ، فإن الغافل كالميت».

٨٥٠

فلا يلهينكم الأمل ، ولا يطولن عليكم الأجل ، فإنما أهلك من كان قبلكم أمد(١) أملهم ، وتغطية الآجال عنهم ، حتى نزل بهم الموعود الذي ترد(٢) عنه المعذرة(٣) ، وترفع(٤) عنه التوبة ، وتحل(٥) معه القارعة(٦) والنقمة(٧) .

وقد أبلغ الله ـعزوجل ـ إليكم بالوعد(٨) ، وفصل لكم القول ، وعلمكم السنة ، وشرح(٩) لكم المناهج(١٠) ليزيح(١١) العلة ، وحث على الذكر ، ودل على النجاة ، وإنه من انتصح(١٢) لله(١٣) واتخذ قوله دليلا ، هداه للتي هي أقوم ، ووفقه(١٤) للرشاد ، وسدده ويسره للحسنى ، فإن جار الله(١٥) آمن محفوظ ، وعدوه خائف مغرور.

__________________

(١) في الوافي : «امتداد».

(٢) في حاشية «د» : «تردع».

(٣) في «د» : «المقدرة» والمراد من الموعود : الموت.

(٤) في «م» بالتاء والياء معا.

(٥) في «م» بالتاء والياء معا.

(٦) القارعة : الداهية والمصيبة والنكبة المهلكة. المغرب ، ص ٣٧٩ (قرع).

(٧) النقمة : المكافأة بالعقوبة. لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٩٠ (نقم).

(٨) في «بف» وحاشية «د ، ن» والوافي : «بالوعيد».

(٩) في «م ، بف ، جت ، جد» : «وشرع».

(١٠) في «م ، ن ، جت» : «المنهاج».

(١١) الإزاحة : الإزالة. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٢٤ (زيح).

(١٢) في الوافي : «الانتصاح : قبول النصيحة ، يعني من أطاع أوامر الله وعلم أنه إنما يهديه إلى مصالحه ويرده عن مفاسده يهديه للحالة التي اتباعها أقوم. وهي من الألفاظ القرآنية :( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) [الإسراء (١٧) : ٩] وتلك الحالة هي المعرفة بالله وتوحيده».

(١٣) في «م ، ن ، بح ، بف ، جت ، جد» وشرح المازندراني ومرآة العقول : «الله». وفي شرح المازندراني : «وأنه من انتصح الله ، أنه بفتح الهمزة عطف على النجاة ، وبكسرها ابتداء كلام ، والضمير للشأن ، والانتصاح : قبول النصيحة ، والله منصوب بنزع الخافض ؛ يعني من قبل النصيحة من الله ، ونصيحة الله عبارة عن إرادة الخير للعباد وطلبه منهم ، وقبوله هو القيام بوظائف الخيرات».

(١٤) في «بن» : «وفقهه».

(١٥) في شرح المازندراني : «جار الله : من لجأ إليه ، وتضرع بين يديه ، واعتمد في كل الامور عليه». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : فإن جار الله ، أي القريب إلى الله بالطاعة ، أو من آجره الله من عذابه ، أو من الشدائد مطلقا ، قال الفيروزآبادي : الجار والمجاور : الذي أجرته من أن يظلم». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٢٤ (جور).

٨٥١

فاحترسوا من الله ـعزوجل ـ بكثرة الذكر ، واخشوا منه بالتقى(١) ، وتقربوا إليه بالطاعة ، فإنه قريب مجيب ، قال اللهعزوجل :( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (٢) .

فاستجيبوا(٣) لله(٤) وآمنوا به(٥) ، وعظموا الله الذي لاينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظم(٦) ، فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمة الله أن يتواضعوا له ، وعز الذين(٧) يعلمون ما جلال(٨) الله أن يذلوا له ، وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له(٩) ، فلا ينكرون أنفسهم بعد حد(١٠) المعرفة ، ولا يضلون بعد الهدى ، فلا تنفروا(١١) من الحق نفار الصحيح من الأجرب(١٢) ، والبارى من ذي السقم.

واعلموا(١٣) أنكم(١٤) لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه ، ولن(١٥) تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه ، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه ، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه ، ولن تعرفوا الضلالة(١٦) حتى تعرفوا الهدى ، ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا الذي تعدى ؛ فإذا عرفتم ذلك ، عرفتم البدع والتكلف ، ورأيتم الفرية على الله وعلى(١٧) رسوله ، والتحريف لكتابه ، ورأيتم كيف هدى الله

__________________

(١) في الوافي : «بالتقوى».

(٢) البقرة (٢) : ١٨٦.

(٣) في المرآة : «فليستجيبوا».

(٤) في «ن» والمرآة : «الله».

(٥) في «بح» : ـ «به».

(٦) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : أن يتعظم ، أي يدعي العظمة».

(٧) في «جت» : + «هم».

(٨) في «بح» : «بإجلال» بدل «ما جلال».

(٩) في «م» : ـ «له».

(١٠) في «ع» : ـ «حد».

(١١) في «بف» : «فلا ينفروا».

(١٢) الأجرب : المعيوب ؛ من الجرب ، وهو العيب. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٣٩ (جرب).

(١٣) في الوافي : + «عملا يقينا».

(١٤) في «بح» : ـ «أنكم». وفي «ن» : + «إن».

(١٥) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع : «ولم».

(١٦) في «بف» : «الضلال».

(١٧) في «بن» : ـ «على».

٨٥٢

من هدى ، فلايجهلنكم(١) الذين لايعلمون(٢) ، إن(٣) علم القرآن ليس يعلم ما هو إلا من ذاق طعمه ، فعلم بالعلم جهله ، وبصر(٤) به عماه ، وسمع به(٥) صممه ، وأدرك به علم(٦) ما فات ، وحيي(٧) به بعد إذ مات.

وأثبت عند الله ـ عز ذكره ـ الحسنات ، ومحا به السيئات ، وأدرك به رضوانا من الله تبارك وتعالى.

فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصة ، فإنهم خاصة نور يستضاء به(٨) ، وأئمة يقتدى(٩) بهم ، وهم عيش العلم وموت الجهل ، هم(١٠) الذين يخبركم حكمهم عن علمهم ، وصمتهم عن منطقهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، لايخالفون الدين ، ولا يختلفون فيه ، فهو بينهم شاهد صادق ، وصامت ناطق ،(١١) فهم(١٢) من شأنهم شهداء بالحق ،

__________________

(١) في حاشية «بن» : «فلايغلبنكم». وفي «بن» : «فلايجهلن». وقرأه العلامة المازندراني على بناء التفعيل ، حيث قال : «التجهيل : هو النسبة إلى الجهل» ، والعلامة الفيض ، حيث قال في الوافي : «فلا يجهلنكم ، من التجهيل ، أي لاينسبوكم إلى الجهل». وأما العلامة المجلسي فإنه قرأه من باب الإفعال. راجع : شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٥٤٢ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٩٩.

(٢) في البحار : + «علم القرآن».

(٣) في الوافي وشرح المازندراني : «فإن».

(٤) في الوافي : «وأبصر». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : فعلم بالعلم جهله ، أي ما جهله مما يحتاج إليه في جميع الامور ، أو كونه جاهلا قبل ذلك ، أو كمل علمه حتى أقر بأنه جاهل ؛ فإن غاية كل كمال في المخلوق الإقرار بالعجز عن استكماله ، والاعتراف بثبوته كما ينبغي للرب تعالى. أو يقال : إن الجاهل لتساوي نسبة الأشياء إليه لجهله بجميعها يدعي علم كل شيء ، وأما العالم فهو يميز بين ما يعلمه وما لا يعلمه ، فبالعلم عرف جهله. ولا يخفى جريان الاحتمالات في الفقرتين التاليتين ، وأن الأول أظهر في الجميع بأن يكون المراد بقوله : وبصر به عماه : أبصر به ما عمي عنه ، أو تبدلت عماه بصيرة».

(٥) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : وسمع به ، يمكن أن يقرأ بالتخفيف ، أي سمع ما كان صم عنه ، أو بالتشديد ، أي بدل بالعلم صممه بكونه سميعا».

(٦) في «بن» : ـ «علم».

(٧) في شرح المازندراني : «وحي».

(٨) في حاشية «د» : «بهم».

(٩) في حاشية «د» وشرح المازندراني والوافي : «يهتدى».

(١٠) في «بن» : «وهم».

(١١) في الوافي : ذلك لأن صحت العارف أبلغ من نطق غيره».

(١٢) في الوافي : «فهو».

٨٥٣

ومخبر(١) صادق(٢) لايخالفون الحق ولا يختلفون فيه ، قد خلت لهم من الله سابقة ،(٣) ومضى فيهم من الله ـعزوجل ـ حكم صادق ، وفي ذلك ذكرى للذاكرين ، فاعقلوا الحق إذا سمعتموه عقل رعاية(٤) ، ولا تعقلوه عقل رواية(٥) ؛ فإن رواة الكتاب كثير ، ورعاته قليل ، والله المستعان».(٦)

١٥٤٠٣ / ٥٨٨. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عمر بن علي ، عن عمه محمد بن عمر ، عن ابن أذينة ، قال : سمعت عمر بن يزيد يقول : حدثني معروف بن خربوذ :

عن علي بن الحسينعليهما‌السلام أنه كان يقول : «ويل أمه(٧) فاسقا من لايزال ممارئا(٨) ،

__________________

(١) في حاشية «د» : «ومحب». وفي حاشية «ن» ومرآة العقول : «ويخبر».

(٢) في الوافي : «مخبر صادق في حقهم حال كونهم شهداء بالحق غير مخالفين له ولا مختلفين فيه».

(٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والمرآة. وفي المطبوع : «السابقة».

(٤) في حاشية «ن» : «رعاته».

(٥) في حاشية «ن» : «رواته».

(٦) نهج البلاغة ، ص ٢٠٤ ، الخطبة ١٤٧ ، مع اختلاف. وفيه ، ص ٣٥٧ ، الخطبة ٢٣٩ ، من قوله : «وهم عيش العلم وموت الجهل هم الذين يخبركم حكمهم» مع اختلاف يسير. تحف العقول ، ص ٢٢٧ ، عن الحسن بن علي المجتبيعليه‌السلام ، من قوله : «وإنه من انتصح لله واتخذ قوله دليلا هداه» مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٨٣ ، ح ٢٥٣٧٥.

(٧) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوسائل. وفي «بف» والوافي : «ويل أمة». وفي المطبوع وشرح المازندراني : «ويلمه». وفي شرح المازندراني : «الويل : الحزن والهلاك والمشقة من العذاب ، والنداء طلب لإحضاره لينظروا إلى شدته ويعجبوا من فظاعته ، فكأنه قال : يا ويل امه احضر ، فهذا وقت حضورك ، وإنما أضافه إلى الام للمتعارف وللإشعار بأنها سبب له ومصدر للخطا ، وضمير امه مبهم يفسره «من» ، وفاسقا نصبه للتميز أو الذم أو الحال عن فاعل لايزال». وفي الوافي : «ويل امة بالإضافة ، ونصب فاسقا على التمييز لرفع إبهام النسبة ، وكذا في اختيها». وراجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٣٦ (ويل).

وقال الفيروزآبادي : «ويلمه ، أي ويل لامه ، كقولهم : لا أب لك ، فركبوه وجعلوه كالشيء الواحد ، ثم لحقته الهاء مبالغة ، كداهية». القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٤١١ (ويل).

(٨) المماراة : المجادلة على مذهب الشك والريبة ، ويقال للمناظرة : مماراة ؛ لأن كل واحد منهما يستخرج ما عند صاحبه ويمتريه ، كما يمتري الحالب اللبن من الضرع. النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٢٢ (مرا).

٨٥٤

ويل أمه(١) فاجرا من لايزال مخاصما ، ويل امه(٢) آثما من كثر كلامه في غير(٣) ذات الله(٤) عزوجل ».(٥)

١٥٤٠٤ / ٥٨٩. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ؛ وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن بن عمارة ، عن نعيم القضاعي :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : «أصبح إبراهيمعليه‌السلام ، فرأى في لحيته(٦) شعرة بيضاء ، فقال : الحمد لله رب العالمين الذي بلغني هذا المبلغ ، لم أعص الله طرفة عين».(٧)

١٥٤٠٥ / ٥٩٠. أبان بن عثمان(٨) ، عن محمد بن مروان ، عمن رواه :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : «لما اتخذ الله ـعزوجل ـ إبراهيم خليلا ، أتاه بشراه بالخلة ، فجاءه ملك الموت في صورة شاب أبيض ، عليه ثوبان أبيضان ، يقطر رأسه ماء ودهنا(٩) ، فدخل إبراهيمعليه‌السلام الدار ، فاستقبله خارجا من الدار ، وكان إبراهيمعليه‌السلام رجلا

__________________

(١) هكذا في أكثر النسخ التي قوبلت والوسائل. وفي «بح ، بف» والوافي : «ويل امة». وفي المطبوع وشرح المازندراني : «ويلمه». وفي «بن» : «وويل امه».

(٢) هكذا في أكثر النسخ التي قوبلت والوسائل. وفي «بح ، بف» والوافي : «ويل امة». وفي المطبوع وشرح المازندراني : «ويلمه». وفي «بن» : «وويل امه».

(٣) في حاشية «ن ، بح» : «عين».

(٤) في الوافي : «في غير ذات الله ، أي في غير الله ؛ فإن لفظة الذات في مثله مقحمة ولا بد من تقدير مضاف ، سواء قيل : في الله ، أو في ذات الله ؛ فإن المعنى : في حق الله ، أو طاعة الله ، أو عبادة الله ، وهذا كقوله سبحانه على الحكاية :( يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ ) [الزمر (٣٩) : ٥٦]».

(٥) الوافي ، ج ٥ ، ص ٩٤٢ ، ح ٣٣٢٨ ؛ الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٣٧ ، ح ١٦١٨٥.

(٦) في العلل : + «شيبا».

(٧) علل الشرائع ، ص ١٠٤ ، ح ٢ ، بسنده عن الحسين بن عمار ، عن نعيم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٣٢ ، ح ٢٥٤٤٠.

(٨) السند معلق على سابقه ، فيجري عليه كلا الطريقين المتقدمين.

(٩) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : ماء ودهنا ، يحتمل أن يكون كناية عن صفائه وطراوته».

٨٥٥

غيورا ، وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه معه(١) ، ثم رجع ففتح ، فإذا هو برجل قائم(٢) أحسن ما يكون من الرجال ، فأخذه(٣) بيده(٤) ، وقال : يا عبد الله ، من أدخلك داري؟ فقال : ربها أدخلنيها ، فقال : ربها أحق بها مني ، فمن أنت؟ قال(٥) : أنا ملك الموت ، ففزع إبراهيمعليه‌السلام ، فقال(٦) : جئتني(٧) لتسلبني روحي؟ قال : لا ، ولكن اتخذ الله عبدا خليلا ، فجئت لبشارته(٨) ، قال(٩) : فمن(١٠) هو لعلي(١١) أخدمه حتى أموت ، قال(١٢) : أنت هو ، فدخل(١٣) على سارةعليها‌السلام ، فقال لها : إن الله ـ تبارك وتعالى ـ اتخذني خليلا».(١٤)

١٥٤٠٦ / ٥٩١. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سليم الفراء ، عمن ذكره :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله إلا أنه قال في حديثه(١٥) : «إن الملك لما قال : أدخلنيها ربها ، عرف إبراهيمعليه‌السلام أنه ملك الموتعليه‌السلام ، فقال له(١٦) : ما أهبطك؟ قال(١٧) : جئت أبشر

__________________

(١) في تفسير العياشي والعلل : + «فخرج ذات يوم في حاجة وأغلق بابه». وفي العلل : ـ «معه»

(٢) في البحا ر : ـ «قائم».

(٣) في «ع ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جد» والوافي : «فأخذ».

(٤) في العلل : «فأخذته الغيرة» بدل «فأخذه بيده».

(٥) في «بف» والوافي : «فقال».

(٦) في «جت» والبحار والعلل : «وقال».

(٧) في «بن» : «يا ملك الموت جئت» بدل «جئتني».

(٨) في الوافي : «لعل السر في تخصيص ملك الموت بالبشارة بالخلة كونه سببا للقاء الله سبحانه والوصول إليه ، وبالبشارة بالخلة يشتاق قلب الخليل إلى لقاء خليله ووصوله إليه».

(٩) في «بف ، جد» وتفسير العياشي وعلل الشرائع : + «إبراهيم». وفي البحار وتفسير العياشي والعلل : «فقال».

(١٠) في البحار : «من».

(١١) في «بح» : «لعل».

(١٢) في «بن» وتفسير العياشي : «فقال».

(١٣) في «جد» : + «إبراهيم».

(١٤) علل الشرائع ، ص ٣٥ ، ح ٥ ، بسنده عن أبان بن عثمان. الكافي ، كتاب الزكاة ، باب معرفة الجود والسخاء ، ح ٦١٥١ ، بسند آخر ، مع اختلاف. تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ٢٧٧ ، ح ٢٨٠ ، عن سليمان بن الفراء ، عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وعن محمد بن هارون ، عمن رواه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٣٢ ، ح ٢٥٤٤١ ؛ البحار ، ٥٩ ، ص ٢٥٧ ، ح ٢١.

(١٥) في «بن» : ـ «في حديثه».

(١٦) في «م» : ـ «له».

(١٧) في «د ، بح» : «فقال».

٨٥٦

رجلا أن الله ـ تبارك وتعالى ـ اتخذه خليلا ، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : فمن(١) هذا الرجل؟ فقال له(٢) الملك(٣) : وما تريد منه؟ فقال له إبراهيمعليه‌السلام : أخدمه أيام حياتي ، فقال له الملك : فأنت هو».(٤)

١٥٤٠٧ / ٥٩٢. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي :

عن أبي جعفرعليه‌السلام : «أن إبراهيمعليه‌السلام خرج ذات يوم يسير ببعير(٥) ، فمر بفلاة(٦) من الأرض ، فإذا هو برجل قائم يصلي قد قطع الأرض(٧) إلى السماء طوله(٨) ولباسه شعر».

قال : «فوقف عليه إبراهيمعليه‌السلام ، وعجب منه ، وجلس ينتظر فراغه ، فلما طال عليه حركه بيده ، فقال له : إن لي حاجة فخفف».

قال : «فخفف الرجل ، وجلس إبراهيمعليه‌السلام ، فقال له إبراهيم : لمن تصلي؟ فقال : لإله إبراهيم ، فقال له(٩) : ومن إله إبراهيم؟ فقال : الذي خلقك وخلقني(١٠) ، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : قد(١١) أعجبني نحوك(١٢) ، وأنا أحب أن أواخيك في الله ، أين منزلك إذا أردت زيارتك ولقاءك(١٣) ؟ فقال له الرجل : منزلي خلف هذه النطفة(١٤) ـ وأشار بيده

__________________

(١) في «بن» : «ومن». وفي حاشية «د» : «من».

(٢) في «بف» : ـ «له».

(٣) في «جت» : «ملك الموت».

(٤) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٣٣ ، ح ٢٥٤٤٢.

(٥) في كمال الدين : «يسير في البلاد ليعتبر» بدل «يسير ببعير».

(٦) الفلاة : القفر ، أو المفازة لا ماء فيها ، أو الصحراء الواسعة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٣٢ (فلو).

(٧) «قطع الأرض» ، أي عبرها. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٠٧ (قطع).

(٨) في كمال الدين : «صوته».

(٩) في «م» : ـ «له».

(١٠) في «م» : «خلقتي وخلقك».

(١١) في «بح» وكمال الدين : «لقد».

(١٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : نحوك ، أي طريقتك في العبادة ، أو مثلك».

(١٣) في «م» : ـ «ولقاءك».

(١٤) النطفة : البحر ، والماء الصافي ، قل أو كثر ، أو قليل ماء يبقى في دلو أو قربة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٤٠ (نطف).

٨٥٧

إلى البحر ـ وأما مصلاي فهذا الموضع ، تصيبني فيه إذا أردتني إن شاء الله».

قال : «ثم قال الرجل لإبراهيمعليه‌السلام : ألك حاجة؟ فقال(١) إبراهيم : نعم ، فقال(٢) : وما هي؟ قال(٣) : تدعو الله وأؤمن على دعائك ، وأدعو(٤) أنا فتؤمن على دعائي ، فقال الرجل : فبم(٥) ندعو(٦) الله؟ فقال إبراهيمعليه‌السلام : للمذنبين(٧) من المؤمنين ، فقال الرجل : لا ، فقال إبراهيمعليه‌السلام : ولم؟ فقال : لأني قد دعوت الله ـعزوجل ـ منذ ثلاث سنين بدعوة لم أر(٨) إجابتها حتى الساعة ، وأنا أستحيي(٩) من الله تعالى أن(١٠) أدعوه حتى أعلم أنه قد أجابني ، فقال(١١) إبراهيمعليه‌السلام : فبم(١٢) دعوته؟ فقال له الرجل : إني في مصلاي هذا ذات يوم إذ(١٣) مر بي(١٤) غلام أروع(١٥) ، النور يطلع من جبهته ، له ذؤابة(١٦) من خلفه ، ومعه بقر يسوقها كأنما(١٧) دهنت دهنا ، وغنم يسوقها كأنما دخست دخسا(١٨) ، فأعجبني ما رأيت

__________________

(١) في «جد» : «قال». وفي «بن ، جت» : + «له».

(٢) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي وكمال الدين. وفي «جد» والمطبوع : + «له». وفي كمال الدين : + «الرجل».

(٣) في «ن ، بف» وكمال الدين : + «له». وفي الوافي : «فقال».

(٤) في كمال الدين : «أو أدعو» بدل «وأدعو».

(٥) في «د ، ع ، م ، ن ، بح ، جت ، جد» والوافي : «فيم». وفي حاشية «د» : «فبما». وفي كمال الدين : «وفيم».

(٦) في «د ، ن ، بح ، بن» : «تدعو».

(٧) في «بح» : «المذنبين».

(٨) في «د» : «ولم أر». وفي حاشية «بح» : «فلم أر».

(٩) في «د ، م ، جت» : «استحي».

(١٠) في «بح» : ـ «أن».

(١١) في «بن» : + «له».

(١٢) في «د ، ع ، م ، ن ، جت ، جد» والوافي : «فيم». وفي كمال الدين : «وفيما».

(١٣) في «د» : «إذا».

(١٤) في «ن» : «مرني».

(١٥) الأروع من الرجال : الذي يعجبك حسنه. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢٢٣ (روع).

(١٦) الذؤابة : الضفيرة ـ أي المفتولة ـ من الشعر إذا كانت مرسلة ، وذؤابة كل شيء : أعلاه. المصباح المنير ، ص ٢١١ (ذأب).

(١٧) في شرح المازندراني عن بعض النسخ : «كأنها» في الموضعين.

(١٨) في «د ، م ، ن ، بن ، جت ، جد» : «دحست دحسا». وفي «بف» : «دجست دجسا». وفي شرح المازندراني : «كأنما

٨٥٨

منه ، فقلت(١) له : يا غلام ، لمن هذا(٢) البقر(٣) والغنم؟ فقال لي : لإبراهيمعليه‌السلام (٤) ، فقلت(٥) : ومن أنت؟ فقال(٦) : أنا إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن ، فدعوت اللهعزوجل ، وسألته(٧) أن يريني خليله ، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : فأنا إبراهيم خليل الرحمن ، وذلك(٨) الغلام ابني ، فقال له(٩) الرجل عند ذلك : الحمد لله(١٠) الذي أجاب دعوتي.

ثم قبل الرجل صفحتي(١١) إبراهيمعليه‌السلام وعانقه ، ثم قال : أما الآن فقم(١٢) فادع(١٣) حتى أؤمن على دعائك ، فدعا إبراهيمعليه‌السلام للمؤمنين والمؤمنات والمذنبين من يومه ذلك(١٤) بالمغفرة والرضا عنهم». قال : «وأمن الرجل على دعائه».

قال(١٥) أبو جعفرعليه‌السلام : «فدعوة إبراهيمعليه‌السلام بالغة للمؤمنين المذنبين(١٦) من شيعتنا إلى يوم القيامة».(١٧)

١٥٤٠٨ / ٥٩٣. علي بن محمد ، عن بعض أصحابه رفعه ، قال :

كان علي بن الحسينعليهما‌السلام إذا قرأ هذه الآية( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها ) (١٨)

__________________

دخست دخسا ، أي ملئت جلدها باللحم والشحم ، وكل شيء ملأته فقد دخسته ، وكل ذي سمن دخيس». وراجع : الفائق ، ج ١ ، ص ٣٥٩ (دخس).

(١) في «بح ، جت» : «قلت». وفي «د» : «وقلت».

(٢) في «د ، ع ، م ، بح ، جت» والوافي : «هذه». (٣) في «بح» : «البقرة».

(٤) في «د ، ع ، م ، بح ، جت ، جد» : ـ «لإبراهيمعليه‌السلام ».

(٥) في الوافي : + «له». (٦) في «بن» : ـ «لي».

(٧) في حاشية «بح» : «وسألت».

(٨) في «بف» : «وهذا».

(٩) في «جت» : ـ «له».

(١٠) في كمال الدين : + «رب العالمين».

(١١) في كمال الدين : + «وجه».

(١٢) في كمال الدين : «فنعم».

(١٣) في حاشية «جت» وكمال الدين : «وادع».

(١٤) في «بح» : «ذاك». وفي كمال الدين : + «إلى يوم القيامة». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : من يومه ذلك ، أي إلى القيامة ، كما هو الموجود في ما رواه الصدوق في كتاب إكمال الدين».

(١٥) في الوافي : «فقال».

(١٦) في «بح» : «والمذنبين».

(١٧) كمال الدين ، ص ١٤٠ ، ح ٨ ، بسنده عن الحسن بن محبوب ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٣٢ ، ح ٢٥٤٤١.

(١٨) إبراهيم (١٤) : ٣٤ ؛ النحل (١٦) : ١٨.

٨٥٩

يقول(١) : «سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها ، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم أنه لايدركه ، فشكر ـ جل وعز ـ معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره ، فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا كما علم(٢) علم العالمين أنهم لايدركونه ، فجعله(٣) إيمانا ، علما منه أنه قد(٤) وسع العباد ، فلا يتجاوز(٥) ذلك ، فإن(٦) شيئا من خلقه لايبلغ مدى عبادته ، وكيف يبلغ مدى عبادته(٧) من لامدى له(٨) ولا كيف ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا».(٩)

١٥٤٠٩ / ٥٩٤. محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن عنبسة بن بجاد العابد ، عن جابر :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : كنا عنده وذكروا(١٠) سلطان بني أمية ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «لايخرج على هشام أحد إلا قتله».

__________________

(١) في شرح المازندراني : «قال».

(٢) في تحف العقول : «جعل».

(٣) في تحف العقول : ـ «فجعله». وفي الوافي : «فجعله إيمانا ، إشارة إلى قوله سبحانه :( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا ) . قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : إن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب ، فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما ، وسمى تركهم التعمق في ما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا».

(٤) في «بف» : ـ «قد». وفي تحف العقول : «قدر». والقد : القدر. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٤٧ (قدد).

(٥) في تحف العقول : «فلا يجاوزون».

(٦) في «بن» : «وإن».

(٧) في شرح المازندراني : «عبادة».

(٨) في شرح المازندراني : «من ليس له مدى».

(٩) تحف العقول ، ص ٢٨٣ ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، إلى قوله : «أنه قد وسع العباد فلايتجاوز ذلك» الوافي ، ج ٤ ، ص ٣٥٠ ، ح ٢١٠١.

(١٠) في «ن» : «وذكر». وفي الوافي : «فذكروا».

٨٦٠

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909