الكافي الجزء ١٥

الكافي0%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الكافي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
تصنيف: الصفحات: 909
المشاهدات: 78828
تحميل: 4382


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 78828 / تحميل: 4382
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء 15

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

في مناقب(١) لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع ، وطال(٢) لها الاستماع ، ولئن تقمصها(٣) دوني الأشقيان(٤) ، ونازعاني فيما ليس لهما بحق ، وركباها ضلالة ، واعتقداها(٥) جهالة ، فلبئس ما عليه وردا ، ولبئس ما لأنفسهما مهدا ، يتلاعنان في دورهما ، ويتبرأ(٦) كل واحد منهما(٧) من صاحبه ، يقول لقرينه إذا التقيا : يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ، فيجيبه الأشقى على رثوثة(٨) : يا ليتني لم أتخذك خليلا ، لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جاءني ، وكان الشيطان للإنسان خذولا.

فأنا الذكر الذي عنه ضل ، والسبيل الذي عنه مال ، والإيمان الذي به كفر ، والقرآن الذي إياه هجر ، والدين الذي به كذب ، والصراط(٩) الذي عنه

__________________

(١) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : في مناقب ، متعلق بأول الكلام ، أي قائلا في محفله هذا في جملة مناقب. ويمكن أن يقرأ «في» بالتشديد و «مناقب» بالضم بأن يكون مبتدأ والظرف خبره». ونحوه في الوافي.

(٢) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : «فطال».

(٣) «تقمصها» أي لبسها ، يقال : تقمص قميصه ، أي لبسه. راجع : لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٨٢ (قمص).

وفي الوافي : «المنصوب في «تقمصها» يعود إلى الخلافة ؛ للعلم بها ، كقوله تعالى ( حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ ) [ص (٣٨) : ٣٢] ، أي جعلاها مشتملا على نفسهما كالقميص».

(٤) في المرآة : «ظاهر هذه الفقرات أن هذه الخطبة كانت بعد انقضاء دولتهما ووصولهما إلى عذاب الله ، وهو ينافي ما مر في أول الخبر أنها كانت بعد سبعة أيام من وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيحمل على أنها إخبار عما يكون من حالهما بعد ذهابهما إلى عذاب الله».

وقال المحقق الشعراني في هامش شرح المازندراني : «ظاهر الفقرات أن هذه الخطبة كانت بعد انقضاء دولتهما ، فما مر في أول الخبر من أنها كانت بعد سبعة أيام من وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سهو من بعض الرواة».

(٥) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : واعتقداها ، أي حفظاها وشداها على أنفسهما ، أو اعتقدا وظنا أنها لهما ، قال الجوهري : اعتقد ضيعة ومالا ، أي اقتناها ، واعتقد كذا بقلبه». وراجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥١٠ (عقد).

(٦) في «د ، ع ، ل ، م» والوافي : «ويبرأ». وفي «ن» : «يتبرأ» بدون الواو.

(٧) في «ن» : ـ «واحد منهما».

(٨) في الوافي : «وثوبه». والرثوثة : التذاذة ، وهو سوء الهيئة ، ويقال : رثت هيئة الشخص وأرثت ، أي ضعفت وهانت. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٨٣ ؛ المصباح المنير ، ص ٢١٨ (رثث).

(٩) في «د ، ع» وحاشية «جت» : «والسراط».

٨١

نكب(١) ، ولئن رتعا(٢) في الحطام(٣) المنصرم(٤) والغرور(٥) المنقطع ـ وكانا منه على شفا حفرة من النار(٦) لهما(٧) على شر ورود في أخيب(٨) وفود(٩) وألعن مورود(١٠) ـ يتصارخان(١١) باللعنة ، ويتناعقان(١٢) بالحسرة ، ما لهما من راحة ، ولا عن عذابهما من(١٣) مندوحة(١٤) .

__________________

(١) «عنه نكب» أي عدل ومال. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٨ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٢٤ (نكب).

(٢) قال الجوهري : «رتعت الماشية ترتع رتوعا ، أي أكلت ماشاءت». وقال ابن منظور : «الرتع : الأكل والشرب رغدا في الريف». الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢١٦ ؛ لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١١٢ (رتع).

(٣) «الحطام» : ما تكسر من اليبيس ؛ من الحطم ، وهو الكسر في أي وجه كان ، أو هو كسر الشيء اليابس خاصة ، كالعظم ونحوه. راجع : لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ١٣٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٤٣ (حطم).

(٤) الانصرام : الانقطاع. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٦٥ (صرم).

(٥) في شرح المازندراني : «الغرور بالفتح : الدنيا ، سمي به لأنها توجب غرة أهلها وغفلتهم عن الآخرة ، وأما الغرور بالضم ، وهي الأباطيل جمع غار ، فيأباه تذكيره المنقطع».

(٦) في شرح المازندراني : «الشفا : طرف كل شيء وجانبه ، وأشفى عليه : أشرف يقال لمن فعل فعلا على غيرأصل أو يتوقع منه عقوبة لكونه على غير قانون عقلي أو طريق شرعي : إنه على شفا حفرة من النار». وقال الراغب في المفردات ، ص ٤٥٩ (شفا): «شفا البئر وغيرها : حرفه ، ويضرب به المثل في القرب من الهلاك».

(٧) في شرح المازندراني : «هو جزاء الشرط واللام زائدة للتأكيد». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : لهما ، في موضع جزاء الشرط ، واللام لجواب القسم المقدم».

(٨) الخيبة : الحرمان والخسران ، يقال : خاب الرجل خيبة : إذا لم ينل ما يطلب. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٢٣ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٩٠ (خيب).

(٩) في شرح المازندراني : «الوفود إما مصدر بمعنى القدوم ، أو جمع وافد ، وهم قوم يجتمعون ويردون البلاء ، أو يقصدون الامراء للزيارة أو الاسترفاد». وراجع : المفردات للراغب ، ص ٨٧٧ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٠٩ (وفد).

(١٠) في المرآة : «والظاهر أن «ألعن» هنا مشتق من المبني للمفعول على خلاف القياس ، كأعذر وأشهر وأعرف ، أي يدخلون في قوم مورود عليهم هم أكثر الناس استحقاقا للعن. ويحتمل أن يكون مشتقا من المبني للفاعل ، أي القوم الذين هم يردون عليه يلعنونهم أشد اللعن».

(١١) الصرخة : الصيحة الشديدة عند الفزع أو المصيبة ، والصراخ : الصوت ، أو الصوت الشديد ما كان. راجع : لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٣٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٧٨ (صرخ).

(١٢) في المرآة : «النعيق : صوت الغراب ، والصوت الذي يزجر به الغنم ، وقد شاع في عرف العرب والعجم تشبيه الصوت الذي يصدر عند غاية الشدة بصوت البهائم». وراجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٥٩ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٢٧ (نعق).

(١٣) في «بف» : ـ «من».

(١٤) «في مندوحة» أي سعة وفسحة. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٤٠٩ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٣٥ (ندح).

٨٢

إن القوم لم يزالوا عباد أصنام ، وسدنة(١) أوثان ، يقيمون لها المناسك ، وينصبون لها العتائر(٢) ، ويتخذون لها القربان ، ويجعلون لها البحيرة(٣) والوصيلة(٤) والسائبة(٥) والحام(٦) ، ويستقسمون بالأزلام(٧)

__________________

(١) السادن : خادم الكعبة وبيت الأصنام ، والجمع : السدنة. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٣٥ (سدن).

(٢) قال ابن الأثير : «فيه : على كل مسلم أصحاة وعتيرة. كان الرجل من العرب ينذر النذر ، يقول : إذا كان كذاوكذا ، أو بلغ شاؤه كذا فعليه أن يذبح من كل عشرة منها في رجب كذا ، وكانوا يسمونها العتائر. وقد عتر يعتر عترا : إذا ذبح العتيرة. وهكذا كان في صدر الإسلام وأوله ، ثم نسخ ، وقد تكرر ذكرها في الحديث. قال الخطابي : العتيرة تفسيرها في الحديث أنها شاة تذبح في رجب ، وهذا هو الذي يشبه معنى الحديث ويليق بحكم الدين ، وأما العتيرة التي كانت تعترها الجاهلية فهي الذبيحة التي كانت تذبح للأصنام ، فيصب دمها على رأسها». النهاية ، ج ٣ ، ص ١٧٨ (عتر).

(٣) «البحيرة» : هي الناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن وكان آخرها ذكرا بحروا اذنها ، أي شقوها ، وامتنعوا من ركوبها ونحرها ، ولا تطرد عن ماء ، ولا تمنع من مرعى ، فإذا لقيها المعيي لم يركبها. وقيل غير ذلك. راجع : الكشاف ، ج ١ ، ص ٦٤٩ ؛ مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٤٣١ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ٣٧٢ ، ذيل الآية ١٠٣ من سورة المائدة (٥) ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٩٦ (بحر).

(٤) «الوصيلة» : الشاة خاصة ، كانت إذا ولدت الانثى فهي لهم ، وإذا ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم ، وإن ولدت ذكراوانثى قالوا : وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم وقيل غير ذلك. راجع : الكشاف ، ج ١ ، ص ٦٤٩ ؛ مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٤٣٢ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ٣٧٢ ذيل الآية ١٠٣ من سورة المائدة (٥) ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ١٩٢ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤١٠ (وصل).

(٥) في «ع ، بف» والوافي : «والسائبة والوصيلة». والسائبة : هي ما كانت تسيب ، أي تترك لا يركب ، فإن الرجل كان إذا نذر لقدوم من سفر ، أو برء من مرض ، أو غير ذلك قال : ناقتي سائبة فكانت كالبحيرة في أن لا ينتفع بها ، وأن لا تمنع من ماء ولا مرعى ، ولا تحلب ، ولا تركب. وقيل غير ذلك. راجع : الكشاف ، ج ١ ، ص ٦٤٩ ؛ مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٤٣٢ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ٣٧٢ ، ذيل الآية ١٠٣ من سورة المائدة (٥) ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٣٢ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٨٠ (سيب).

(٦) «الحام» : هو الذكر من الإبل ، كانت العرب إذا انتجب من صلب الفحل عشرة أبطن ، قالوا : قدحمي ظهره ، فلا يحمل عليه ، ولا يمنع من ماء ، ولا من مرعى. وقيل غير ذلك. راجع : الكشاف ، ج ١ ، ص ٦٤٩ ؛ مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٤٣٢ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ٣٧٢ ذيل الآية ١٠٣ من سورة المائدة (٥) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٧٦ (حمي).

(٧) «الأزلام» : جمع الزلم والزلم : قدح لاريش عليه ، وهي القداح التي كانت في الجاهلية مكتوب على بعضها :

٨٣

عامهين(١) عن الله ـ عز ذكره ـ حائرين(٢) عن الرشاد ، مهطعين(٣) إلى البعاد ، قد(٤) استحوذ(٥) عليهم الشيطان ، وغمرتهم(٦) سوداء الجاهلية ، ورضعوا(٧) جهالة ، وانتظموها(٨) ضلالة(٩) .

__________________

افعل ، أو أمرني ربي ، وعلى بعضها : لا تفعل ، أو نهاني ربي ، وبعضها غفل لا يكتب عليه شيء ، كان الرجل إذا أراد سفرا أو زواجا أو أمرا مهما أدخل يده فأخرج منها زلما ، فإن خرج الأمر مضى لشأنه ، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله ، وإن خرج الذي ليس عليه شيء أعادوها ، فمعنى الاستقسام بالأزلام طلب معرفة ما قسم له مما لم يقسم له بالأزلام. وقيل غير ذلك. راجع : الكشاف ، ج ١ ، ص ٥٩٣ ؛ مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٢٧٢ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٢ ، ص ٢٩٣ ذيل الآية ٣ من سورة المائدة (٥) ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١١ (زلم).

(١) قال ابن الأثير : «العمه في البصيرة كالعمى في البصر». وقال الفيروزآبادي : «العمه ، محركة : التردد في الضلال ، والتحير في منازعة أو طريق ، أو أن لا يعرف الحجة». النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٠٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٤١ (عمه).

وفي شرح المازندراني : «عامهين عن الله عز ذكره ، أي غافلين عنه تعالى جاهلين عما أراد منهم».

(٢) في «د ، ل ، م ، بح ، بف ، جد» وشرح المازندراني : «جائرين». و «حائرين» أي راجعين ؛ من الحور بمعنى الرجوع. وقال ابن الأثير : «أصل الحور : الرجوع إلى النقص». راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٣٨ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٤٥٨ (حور).

(٣) «مهطعين» أي مسرعين ، يقال : أهطع في عدوه ، أي أسرع. وأهطع : إذا مدعنقه وصوب رأسه. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٣٠٧ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٦٦ (هطع).

(٤) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع والوافي : «وقد».

(٥) الاستحواذ : الغلبة والاستيلاء ، أي غلبهم واستولى عليهم وحواهم إليه. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٦٣ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٤٥٧ (حوذ).

(٦) «غمرتهم» أي سترتهم وغطتهم. راجع : المصباح المنير ، ص ٤٥٣ (غمر).

(٧) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع وشرح المازندراني والمرآة : «ورضعوها».

(٨) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني. وفي المطبوع والمرآة : «وانفطموها». وفي الوافي : «وانفطموا».

(٩) في شرح المازندراني : «في كنز اللغة : الانتظام : به هم باز دوختن. وهو يفيد أنه يجيء للتعدية ، والافتعال قديجي لها وإن كان غالبا للمطاوعة ، كالاحترام والاتهام ونحوها ، ولعل المعنى : انتظموا الجهالة بالضلالة ووصلوها بها وفي بعض النسخ : وانفطموا ، أي انفطموا عن رضاع الجهالة من أجل غذاء الضلالة».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : ورضعوها جهالة ، وانفطموها ضلالة ، أي كانوا في صغرهم وكبرهم في الجهالة

٨٤

فأخرجنا الله إليهم رحمة ، وأطلعنا عليهم رأفة ، وأسفر(١) بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه ، وفضلا لمن اتبعه ، وتأييدا لمن صدقه ، فتبوؤوا(٢) العز بعد الذلة ، والكثرة بعد القلة ، وهابتهم القلوب(٣) والأبصار ، وأذعنت(٤) لهم الجبابرة وطوائفها(٥) ، وصاروا أهل نعمة مذكورة ، وكرامة ميسورة(٦) ، وأمن بعد خوف ، وجمع بعد كوف(٧) ، وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان ، وأولجناهم(٨) باب الهدى ، وأدخلناهم دار السلام ، وأشملناهم(٩) ثوب الإيمان ، وفلجوا(١٠) بنا في العالمين ، وأبدت(١١) لهم أيام الرسول آثار الصالحين : من حام مجاهد ، ومصل قانت(١٢) ، ومعتكف زاهد ، يظهرون الأمانة ، ويأتون المثابة(١٣) حتى

__________________

والضلالة وفي بعض النسخ : وانتظموها ضلالة ، فالضمير راجع إلى الجهالة ، أي انتظموا مع الجهالة في سلك. أو الضمير مبهم يفسره قوله : ضلالة ، أي صاروا ضلالة. ولعله تصحيف».

(١) «أسفر» أي انكشف وأضاء وأشرق ، فهو إما متعد فلفظ «نورا» مفعوله ، وإما لازم ـ وهو الغالب ـ فلفظ «نورا» وما عطف عليه حال أو تمييز وفي المعنى فاعل. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٧٢ (سفر).

(٢) تبوأت منزلا ، أي نزلته. الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٧ (بوأ).

(٣) «هابتهم القلوب» أي خافتهم ووقرتهم وعظمتهم. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٨٦ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٧٨٩ (هيب).

(٤) يقال : أذعن له ، أي خضع ، وذل ، وأقر ، وأسرع في الطاعة ، وانقاد. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١١٩ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٧٥ (ذعن).

(٥) في حاشية «ن ، بح ، جت» والوافي : «وطواغيتها».

(٦) في «بف ، جت» : «منشورة». وفي الوافي : «منسورة».

(٧) في المرآة : «قوله : بعد كوف ، أي تفرق وتقطع ، قال الفيروزآبادي : كوفت الأديم : قطعته». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٣٣ (كوف).

(٨) الولوج : الدخول ، والإيلاج : الإدخال. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٤٧ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٢٤ (ولج).

(٩) «أشملناهم» أي أعطينا هم. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٤٨ (شمل).

(١٠) الفلج : الظفر ، والفوز ، والغلبة. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٣٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣١١ (فلج).

(١١) في «بف» والوافي : «وأثبت». وفي شرح المازندراني : «الإبداء : الإظهار ، فالأيام فاعله والإسناد مجاز والآثار مفعوله ، ولو كان الإبداء بمعنى الظهور أو الابتداء كانت الآثار فاعله والأيام ظرفا له».

(١٢) في شرح المازندراني : «ومصل قانت ، أي خاشع ، أو قائم ، ساكت عن الفضول ، أو داع ، أو قانت بالقنوت المعروف». راجع : لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٧٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٢٥٥ (قنت).

(١٣) «المثابة» : المنزل ؛ لأن أهله يثوبون إليه ، أي يرجعون ، ومجتمع الناس بعد تفرقهم ، والموضع الذي يثاب

٨٥

إذا دعا الله ـعزوجل ـ نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورفعه إليه.

لم يك ذلك بعده إلا كلمحة(١) من خفقة(٢) ، أو وميض(٣) من برقة إلى أن رجعوا على(٤) الأعقاب ، وانتكصوا(٥) على الأدبار ، وطلبوا بالأوتار(٦) ، وأظهروا الكتائب(٧) ، وردموا(٨) الباب ، وفلوا(٩) الدار(١٠) ، وغيروا آثار رسول الله(١١) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورغبوا عن أحكامه ، وبعدوا من(١٢) أنواره ، واستبدلوا بمستخلفه بديلا اتخذوه وكانوا ظالمين ، وزعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ممن اختاره(١٣)

__________________

إليه ، أي يرجع. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٩٥ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٢٤٤ و ٢٤٥ (ثوب).

(١) قال الجوهري : «لمحه وألمحه : إذا أبصره بنظر خفيف ، والاسم : اللمحة». وقال ابن منظور : «اللمحة : النظرة بالعجلة». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٤٠٢ ؛ لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٥٨٤ (لمح).

(٢) الخفقة : الاضطراب ، وتحريك الناعس رأسه ، يقال : خفق برأسه خفقة أو خفقتين ، إذا أخذته سنة من النعاس فمال رأسه دون سائر جسده. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٦٩ ؛ المصباح المنير ، ص ١٧٦ (خفق).

(٣) يقال : ومض البرق وأومض ومضا وميضا وإيماضا : إذا لمع لمعا خفيفا ولم يعترض في نواحي الغيم. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١١٣ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٣٠ (ومض).

(٤) في «جد» وحاشية «م» : «إلى».

(٥) النكوص : الرجوع إلى وراء ، وهو القهقرى. قال المطرزي : «الانتكاص : افتعال من النكوص بمعنى الرجوع على العقبين وإن لم نسمعه». راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١١٦ ؛ المغرب ، ص ٤٦٧ (نكص).

(٦) «الأوتار» : جمع الوتر بالكسر ، وهي الجناية التي يجنيها الرجل على غيره من قتل ، أونهب ، أو سبي ، ومنه الموتور ، وهو الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٤٨ ؛ لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢٧٤ (وتر).

(٧) «الكتائب» ، جمع الكتيبة بمعنى الجيش ، أو القطعة العظيمة منه. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٠٩ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ١٤٨ (كتب).

(٨) «ردموا» أي سدوا ؛ من الردم ، وهو السد. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٣٠ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٢١٦ (ردم).

(٩) في «ع ، ل ، بح ، بف ، بن» وحاشية «م» والوافي : «وقلوا». و «فلوا» أي كسروا ؛ من الفل ، وهو الكسروالضرب. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٧٢ ؛ المصباح المنير ، ص ٤٨١ (فلل).

(١٠) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع والوافي : «الديار».

(١١) في «د ، ع ، ل ، ن ، بن» : «الرسول».

(١٢) في «م ، ن ، بح ، بف ، جت» : «عن».

(١٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : «اختار».

٨٦

الرسول(١) ـ عليه وآله السلام(٢) ـ لمقامه ، وأن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الأنصاري(٣) الرباني ناموس(٤) هاشم بن عبد مناف.

ألا وإن أول شهادة زور(٥) وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان(٦) ، رجعوا عن ذلك ، وقالوا(٧) :

إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مضى ولم يستخلف ، فكان(٨) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الطيب المبارك أول

__________________

(١) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي. وفي «بن» والمطبوع : «رسول الله».

(٢) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع والوافي : «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

(٣) في «د» : «مهاجري الأنصار». وفي «ذ» : «مهاجر الأنصار». وفي حاشية «ن» : «مهاجري الأنصاري». وفي «بح» : «المهاجر الأنصار». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : من المهاجري الأنصاري ، أي المنسوب إلى طائفة المهاجرين الداخل في الأنصار ؛ لنصرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله معهم. وفي بعض النسخ : من مهاجري الأنصار فيكون بفتح الجيم مصدرا في الموضعين».

(٤) قال الجوهري : «ناموس الرجل : صاحب سره الذي يطلعه على باطن أمره ويخصه بما يستره عن غيره». وقال ابن الأثير : «الناموس : صاحب سر الملك ، وهو خاصه الذي يطلعه على ما يطويه عن غيره من سرائره ، وقيل : الناموس : صاحب سر الخير ، والجاسوس : صاحب سر الشر». الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٨٦ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ١١٩ (نمس).

(٥) الزور : الكذب ، والباطل ، والتهمة. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٧٢ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١٨ (زور).

(٦) في شرح المازندراني : «حيث اجتمعت طائفة من الأنصار عليه في سقيفة بني ساعدة وأرادوا أن يأخذوا له البيعة فحضه الأول والثاني مع أتباعهم فقالوا : إنهصلى‌الله‌عليه‌وآله مضى ولم يستخلف أحدا ولا بد من خليفة لحفظ بيضة الإسلام ، وكل واحد من الفريقين يدعي أن يكون الخليفة منهم ويذكر لمطلبهم مرجحات حتى علت الأصوات واشتدت المناظرة فبادر عمرو بعض المنافقين إلى بيعة أبي بكر واستقر الأمر فيه طوعا وكرها».

وفي الوافي : «كأنه أشار عليه‌السلام بذلك إلى إباء سعد عن بيعة أبي بكر واحتجاجه عليهم بمخالفتهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان من جملة كلامه لعمر أنه قال له : يابن صهاك الحبشية ـ وكانت جدة لعمر ـ أما والله لو أن لي قوة على النهوض ـ وكان مريضا ـ لسمعت مني في سككها زئيرا يزعجك وأصحابك ولألحقتكم بقوم كنتم فيهم أذنابا أذلاء تابعين غيرمتبوعين ، فلقد اجترأتم على الله وخالفتم رسوله ، يا آل الخزرج احملوني من مكان الفتنة ، فحمل».

(٧) في الوافي : «فقالوا».

(٨) في «ن ، بف» وحاشية «بح» وشرح المازندراني والوافي والمرآة : «وكان».

٨٧

مشهود عليه بالزور في الإسلام ، وعن قليل يجدون غب ما يعملون(١) ، وسيجد(٢) التالون غب ما(٣) أسسه(٤) الأولون.

ولئن كانوا في مندوحة من المهل(٥) ، وشفاء(٦) من الأجل ، وسعة من المنقلب(٧) ، واستدراج من الغرور(٨) ، وسكون من الحال ، وإدراك من الأمل ، فقد

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : «يعلمون».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : عن قليل يجدون غب ما يعملون ، «عن» هنا بمعنى بعد ، كما صرح به الفيروزآبادي ، والغب بالكسر : عاقبة الشيء». وراجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٩٠ (غبب) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٩٩ (عنن).

(٢) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي «جد» والمطبوع : «وسيجدون».

(٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع : ـ «ما».

(٤) في «د ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد» : «استنه».

(٥) في شرح المازندراني : «من المهل ، أي من رفق الله تعالى بهم ، أومن تأخيرهم ، أو من تقدمهم في الدنياوخيراتها. والمهل بالتسكين وقد يحرك والمهلة بالضم : الرفق والتأخير ، وبالتحريك : التقدم». وراجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٧٥ (مهل).

(٦) في شرح المازندراني : «الأجل يطلق على مدة العمر وعلى غايته أيضا ، وهي وقت الموت. ولعل المراد أنهم في صحة الأجسام والأبدان من تمام العمر على أن يكون الشفاء بالكسر والمد ، وهو الدواء والبرء من المرض كناية عنها ، أو في طرف من غايته على أن يكون الشفا بالفتح والقصر ، ولكن رسم الخط يأباه ، أو على شقاوة منهم على أن يكون بالقاف ، كما في بعض النسخ ، والله يعلم». ولفظ «الشفاء» في الوافي في متن الحديث بالمد ، ولكنه مقصور في بيانه ، حيث قال العلامة الفيض في البيان : «والشفا ، بالفاء مقصورا : الطرف ، أرادعليه‌السلام به طول العمر ، فكأنهم في طرف ، والأجل في طرف آخر». والظاهر أن العلامة المجلسي أيضا قرأه بالقصر ؛ حيث ترجمه بالقليل في المرآة.

(٧) في شرح المازندراني : «وسعة من المنقلب ، وهي بكسر اللام : متاع الدنيا ونعيمها ؛ لأنه منقلب على أهلها ، وبفتحها : انقلابهم فيه». وفي المرآة : «وسعة من المنقلب ، أي الانقلاب والرجوع إلى الله بالموت».

(٨) في شرح المازندراني : «واستدراج من الغرور ، هو بالفتح : الدنيا ومتاعها ، وبالضم : مصدر بمعنى الغفول والخدعة والمطمع بالباطل ، وجمع غار ، وهي الأباطيل. وأصل الاستدراج : الخدعة ، واستدراج الله تعالى العبد أنه كلما جدد خطيئة جدد له نعمة وأنساه الاستغفار وأن يأخذه قليلا قليلا ولا يباغته». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٩٤ (درج) ؛ وص ٦٢٧ (غرر).

٨٨

أمهل الله ـعزوجل ـ شداد بن عاد وثمود بن عبود(١) وبلعم بن باعور(٢) ، وأسبغ(٣) عليهم نعمه ظاهرة وباطنة ، وأمدهم بالأموال والأعمار ، وأتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله ، وليعرفوا(٤) الإهابة له(٥) والإنابة إليه ، ولينتهوا عن الاستكبار ، فلما بلغوا المدة واستتموا الأكلة(٦) ، أخذهم الله ـعزوجل ـ واصطلمهم(٧) ، فمنهم من حصب(٨) ، ومنهم من أخذته الصيحة ، ومنهم من أحرقته الظلة(٩) ، ومنهم من

__________________

(١) في شرح المازندراني : «قال الشيخ محمدرحمه‌الله : عبود ، بفتح العين وشد الباء ، من تاريخ المدينة ، وذكر في القاموس أيضا : عبود كتنور ، وفي نسخة من تاريخ المدينة بالنون المخففة ، ولا يخفى أنه تصحيف». ولم نجده في تاريخ المدينة. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٣١ (عبد).

(٢) في «ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد» وشرح المازندراني : «بحور». وفي «بح» وحاشية «جد» : «بحورا».

(٣) سبوغ النعمة : اتساعها ، وإسباغ النعمة : إتمامها وإكمالها وتوسعتها. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٢١ ؛ لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٤٣٣ (سبغ).

(٤) في «د ، ع ، ل ، م ، بن» وحاشية «ن» وشرح المازندراني والمرآة : «ليعترفوا». وفي «ن» : «ليقروا».

(٥) في «جد» وحاشية «م» : ـ «له». وفي شرح المازندراني : «ليعترفوا الإهابة ، كذا ، أي ليعترفوا بالتعظيم والتوقير له على سبيل الكناية وعلى أن أهاب بمعنى هاب ، يقال : هاب الشيء يهابه : إذا وقره وعظمه. وفي بعض النسخ بالواو ، والأول أنسب ؛ لما ستعرفه».

هذا ، والإهابة في اللغة : النداء والدعاء. راجع : الفائق ، ج ٢ ، ص ٥١ ؛ الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٤٠ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٨٦ (هيب).

(٦) في شرح المازندراني : «واستتموا الأكلة ، هى بالفتح : المرة من الأكل ، وبالضم : اللقمة والقرصة والطعمة ، والمراد هنا الرزق».

(٧) الاصطلام : الاستئصال ؛ من الصلم ، وهو قطع الشيء من أصله. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٦٧ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٣٤٠ (صلم).

(٨) في شرح المازندراني : «فمنهم من حصب ، أي رمي بالحصباء من السماء ، وهي الأحجار الصغار ، كقوم لوط ، أو بريح عاصفة فيها حصباء ، كقوم عاد وقوم هود». وراجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١١٢ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٣٩٣ (حصب).

(٩) في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، بن ، جت ، جد» : «الظلمة». وفي حاشية «جد» : «الذلة». وفي شرح المازندراني : «ومنهم من أحرقته الظلة ، كأصحاب الأيكة وقد بعث إليهم شعيب ، كما بعث إلى مدين ، فكذبوه وعتوا عن أمر ربهم ، فسلط عليهم الحر سبعة أيام حتى غارت أنهارهم وأظلتهم السحابة فاجتمعوا تحتها ، فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا».

٨٩

أودته(١) الرجفة(٢) ، ومنهم من أردته(٣) الخسفة(٤) ،( وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) (٥) .

ألا وإن لكل أجل كتابا(٦) ، فإذا بلغ الكتاب أجله(٧) لو(٨) كشف لك عما هوى(٩) إليه الظالمون ، وآل إليه الأخسرون ، لهربت إلى الله ـعزوجل ـ مما هم عليه مقيمون ، وإليه صائرون.

ألا وإني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون ، وكباب حطة(١٠) في بني إسرائيل ، وكسفينة نوح في قوم نوح ، وإني(١١) النبأ العظيم والصديق الأكبر ، وعن قليل

__________________

(١) في اللغة : أودى فلان : هلك ، وأودى به المنون : أهلكه. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٩٤٠ ؛ لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٣٨٥ (ودي).

(٢) «الرجفة» : الزلزلة ، وأصل الرجف : الحركة والاضطراب. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٦٢ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٠٣ (رجف).

(٣) في الوافي : «أودته». والإرداء : الإهلاك والإيقاع في المهلكة. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٥ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٢١٦ (ردي).

(٤) الخسف : الغور في الأرض. راجع : المصباح المنير ، ص ١٦٩ (خسف).

(٥) العنكبوت (٢٩) : ٤٠.

(٦) في المرآة : «ألا ولكل أجل كتاب».

(٧) في المرآة : «فإذا بلغ الكتاب أجله ، يحتمل أن يكون بدلا من الكتاب ، أي إذا بلغ أجل الكتاب ، وأن يكون الكتاب مفعولا ، أي إذا بلغ الأجل والعمر الحد الذي كتب في الكتاب ، ويحتمل أن يكون المراد بالكتاب الكتاب الذي فيه جميع تقديرات الشخص ، فإذا تحقق جميع ماقدر عليه وبلغ الأجل الذي هو آخر التقادير».

(٨) في «بح» : «ولو». وفي المرآة : «فلو».

(٩) «هوى» أي نزل وسقط ، من الهوي ، وهو السقوط من أعلى إلى أسفل. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٨٤ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٤٣ (هوي).

(١٠) في شرح المازندراني : «امر بنو إسرائيل بعد التيه بدخول قرية بيت المقدس أو أريحا ـ على اختلاف القولين ـ من بابها ساجدين لله تعالى عند الدخول قائلين : حطة ، وهي فعلة من الحط ، كالجلسة بمعنى : حط عنا ذنوبنا حطة ، فأشارعليه‌السلام إلى أنه مثل هذا الباب ...».

(١١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع وشرح المازندراني : «إني» بدون الواو. وفي حاشية «م» : «وأنا».

٩٠

ستعلمون ما توعدون(١) ، وهل هي إلا كلعقة(٢) الآكل ، ومذقة(٣) الشارب ، وخفقة(٤) الوسنان(٥) ، ثم تلزمهم(٦) المعرات(٧) جزاء(٨) في الدنيا ، ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ، وما الله بغافل عما يعملون(٩) .

فما جزاء من تنكب(١٠) محجته(١١) ، وأنكر حجته ، وخالف هداته ، وحاد(١٢) عن نوره ، واقتحم(١٣) في ظلمه ، واستبدل بالماء السراب ، وبالنعيم العذاب ، وبالفوز الشقاء ،

__________________

(١) في شرح المازندراني : «سيعلمون ما يوعدون».

(٢) اللعقة بالفتح : المره ، وبالضم : اسم لما يعلق بالإصبع ، أي يؤكل بها. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٥٠ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٥٤ (لعق).

(٣) قال ابن الأثير : «المذق : المزج والخلط ، يقال : مذقت اللبن ، فهو مذيق ، إذا خلطته بالماء المذقة : الشربة من اللبن الممذوق». النهاية ، ج ٤ ، ص ٣١١ (مذق).

(٤) الخفقة : الاضطراب ، وتحريك الناعس رأسه ، يقال : خفق برأسه خفقة أو خفقتين ، إذا أخذته سنة من النعاس فمال رأسه دون سائر جسده. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٦٩ ؛ المصباح ، ص ١٧٦ (خفق).

(٥) «الوسنان» أي النائم الذي ليس بمستغرق في نومه. والوسن : أول النوم. النهاية ، ج ٥ ، ص ١٨٦ (وسن).

(٦) في «د ، م ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» والوافي : «تلتزمهم».

(٧) في حاشية «بح» : «المعسرات». وفي حاشية اخرى لها : «المعثرات». وفي الوافي عن بعض النسخ : «العثرات». و «المعرات» : جمع المعرة : الأمر القبيح المكروه ، والأذى ، والإثم ، والغرم ، والدية ، والجناية. وهى مفعلة من العر. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٠٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦١٣ (عرر).

وفي المرآة : «تلزمهم ، على باب الإفعال ، والمعرات فاعله ، وخزيا أو جزاء ـ على اختلاف النسخ ـ مفعوله ، ويحتمل أن يكون على بناء المجرد ، ويكون «جزاء» مفعولا لأجله».

(٨) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع وشرح المازندراني والوافي والمرآة : «خزيا».

(٩) اقتباس من الآية ٨٥ من سورة البقرة. وفي «م ، ن ، بح ، بف ، جد» : «تعملون». وفي «د» بالتاء والياء معا.

(١٠) التنكب عن الشيء : هو الميل والعدول عنه ، وتنكبه : تجنبه. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٨ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ١١٢ (نكب).

(١١) المحجة : الطريق ، أو جادة الطريق ، أو سننه. والمراد الطريق الواضح والطريق المستقيم. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٠٤ ؛ لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٢٣٨ (حجج).

(١٢) «حاد» أي مال وعدل. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٦٧ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٤٦٦ (حيد).

(١٣) الاقتحام : هو الرمي بالنفس في أمر من غير روية وتثبت. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٤٤٤ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ١٨ (قحم).

٩١

وبالسراء الضراء(١) ، وبالسعة الضنك(٢) إلا جزاء اقترافه(٣) وسوء خلافه(٤) ، فليوقنوا بالوعد(٥) على حقيقته(٦) ، وليستيقنوا بما يوعدون يوم(٧) تأتي(٨) الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ) (٩) إلى آخر السورة».(١٠)

خطبة(١١) الطالوتية

١٤٨٢٠ / ٥. محمد(١٢) بن علي بن معمر ، عن محمد بن علي ، قال : حدثنا عبد الله بن أيوب

__________________

(١) «الضراء» : الحالة التي تضر ، وهي نقيض السراء ، وهما بناءان مؤنثان ولا مذكر لهما. النهاية ، ج ٣ ، ص ٨٢ (ضرر).

(٢) «الضنك» : الضيق من كل شيء ، المذكر والمؤنث فيه سواء. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٤٦٢ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٥٤ (ضنك).

(٣) الاقتراف : الاكتساب ، يقال : قرف الذنب واقترفه ، إذا عمله. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤١٥ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ٤٥ (قرف). وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : إلاجزاء ، استثناء من النفي المفهوم من قوله : فما جزاء».

(٤) في «ن ، بح ، جت» : «خلاقه».

(٥) في «ن» وحاشية «د» : «بالوعيد».

(٦) في «ع ، ل ، بح ، بن ، جت» : «حقيقة».

(٧) في حاشية «د ، م ، ن ، بح» : «ثم». وفي الوافي : «ويوم».

(٨) في شرح المازندراني : «يأتي».

(٩) ق (٥٠) : ٤٢ ـ ٤٤.

(١٠) الأمالي للصدوق ، ص ٣٢٠ ، المجلس ٥٢ ، ح ٨ ؛ والتوحيد ، ص ٧٢ ، ح ٢٧ ، بسندهما عن الكليني ، عن محمد بن علي بن معن ، عن محمد بن علي بن عاتكة ، عن الحسين بن النضر الفهري ، عن عمرو الأوزاعي ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الباقر ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، من قوله : «إن أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام» إلى قوله : «كل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية» مع اختلاف. الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤٠٦ ، ح ٥٨٨٠ ، معلقا عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الباقر ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، من قوله : «أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الإسلام» إلى قوله : «كل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية» مع اختلاف. راجع : علل الشرائع ، ص ١٠٩ ، ح ٧ ؛ وص ١٦٤ ، ح ٦ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ١١٦ ، ح ١ ؛ والإرشاد ، ج ١ ، ص ٣٠١ ؛ وخصائص الأئمةعليهم‌السلام ، ص ٩٧ ؛ ونهج البلاغة ، ص ٤٨٧ ، الحكمة ١٠٨ ؛ وص ٥٤٠ ، الحكمة ٣٧١ ؛ وص ٥٤٦ ، الحكمة ٣٩٦ ؛ وتحف العقول ، ص ٨٨ ، ٩٢ ، ٩٥ ، ٩٧ و ٢٠٧ ؛ ومعدن الجواهر للكراجكي ، ص ٧١ الوافي ، ج ٢٦ ، ص ١٧ ، ح ٢٥٣٦٥.

(١١) في «جت» : «حديث».

(١٢) في حاشية «جت» : + «بالمدينة لهعليه‌السلام ». وفي شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٢٧٠ : «خطبة الطالوتية ، سمي بها

٩٢

الأشعري ، عن أبي عمرو الأوزاعي(١) ، عن عمرو بن شمر ، عن سلمة بن كهيل :

عن أبي(٢) الهيثم بن التيهان أن أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب الناس بالمدينة ، فقال :

«الحمد لله الذي لا إله إلا هو ، كان حيا بلا كيف ، ولم يكن له كان(٣) ، ولا كان لكانه كيف ، ولا كان له أين ، ولا كان في شيء ، ولا كان على شيء ، ولا ابتدع لكانه مكانا ، ولا قوي بعد ما كون شيئا ، ولا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا ، ولا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا ، ولا يشبه شيئا ، ولا كان(٤) خلوا من(٥) الملك قبل إنشائه ، ولا يكون خلوا منه بعد ذهابه ، كان إلها حيا بلا حياة ، ومالكا قبل أن ينشئ شيئا ، ومالكا بعد إنشائه

__________________

لاشتمالها على طالوت وأصحابه ، كما تسمى السور القرآنية باسم بعض أجزائها». وراجع : مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ٧٠. (١) هكذا في البحار ، ج ٢٨. وفي «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» والمطبوع : «عمرو الأوزاعي» ، وهو سهو ، كما تقدم ذيل سند الحديث الرابع ، فلا حظ.

(٢) في الوافي : ـ «أبي». وهو سهو. وأبوالهيثم هذا هو مالك بن التيهان الصحابي. راجع : الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، ج ٣ ، ص ٤٠٤ ، الرقم ٢٢٨٦ ؛ اسد الغابة في معرفة الصحابة ، ج ٥ ، ص ١٢ ، الرابع ٤٥٧١.

(٣) قرأه العلامة المازندراني بصيغة الفعل الماضي متصلا بالفقرة بعده ، حيث قال في شرحه : «ولم يكن له ، أي ولم يكن الكيف ثابتا له ، والواو إما للعطف والتفسير ، أو للحال ، كان ولا كان لكانه ـ أي لكونه ووجوده ـ كيف ، كان أولا تامة ، أو ناقصة بتقدير الخبر ، أي كان موجودا في الأزل ، والواو للحال عن اسمه ، وثانيا ناقصة ، وكيف بالرفع اسمه ، والظرف المقدم خبره ؛ يعني أنه كان أزلا ، والحال أنه ما كان لوجوده كيف ؛ لأن الكيف حادث».

وفي مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ٧٠ : «قوله عليه‌السلام : ولم يكن له كان ، الظاهر أن «كان» اسم «لم يكن» ؛ لأنه لما قال عليه‌السلام : كان ، أوهم العبارة زمانا فنفى عليه‌السلام ذلك بأنه كان بلا زمان ، أو لأن الكون يتبادر منه الحدوث عرفا ويخترع الوهم للكون مبدأ ، نفى عليه‌السلام ذلك بأن وجوده تعالى أزلي لا يمكن أن يقال : حدث في ذلك الزمان ، فالمراد ب «كان» على التقديرين ما يفهم ويتبادر أو يتوهم منه. قوله عليه‌السلام : ولا كان لكانه ، يحتمل أن يكون المراد : لكونه ، ويكون القلب على لغة أبي الحرث بن كعب ؛ حيث جوز قلب الواو والياء الساكنتين أيضا مع انفتاح ما قبلها ألفا ويحتمل أن يكون من الأفعال الناقصة ، والمعنى أنه ليس بزماني ، أو ليس وجوده مقرونا بالكيفيات المتغيرة الزائدة ، وإدخال اللام والإضافة بتأويل الجملة مفردا ، أي هذا اللفظ كقولك : لزيد قائم معنى».

(٤) في «ع ، ل ، ن ، بن» : ـ «مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا ، ولا يشبه شيئا ولا كان».

(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع : «عن».

٩٣

للكون(١) ، وليس يكون(٢) لله كيف ، ولا أين ، ولا حد يعرف ، ولا شيء يشبهه ، ولا يهرم لطول بقائه ، ولا يضعف(٣) لذعرة(٤) ، ولا يخاف كما تخاف(٥) خليقته من شيء ، ولكن سميع بغير سمع ، وبصير بغير بصر ، وقوي بغير قوة من خلقه ، لاتدركه(٦) حدق(٧) الناظرين ، ولا يحيط بسمعه سمع السامعين ، إذا أراد شيئا كان بلا مشورة ولا مظاهرة ولا مخابرة(٨) ، ولا يسأل أحدا عن شيء من خلقه أراده( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (٩) .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله(١٠) ولو كره المشركون(١١) ، فبلغ الرسالة ، وأنهج(١٢) الدلالةصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

(١) في «ل» وحاشية «جت» : «الكون».

(٢) في شرح المازندراني : ـ «يكون».

(٣) في «ع ، م ، بف ، جت» وحاشية «د ، جد» وشرح المازندراني والوافي : «ولا يصعق».

(٤) قولهعليه‌السلام : «لذعرة» ، لم نجد له معنى مناسبا للمقام في اللغة اللهم إلا أن يكون : «لذعره» بالضمير ، كما في بعض الشروح ، فهو بالضم : الخوف ، وبالفتح : التخويف ، وبالتحريك : الدهش. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٥٩ (ذعر).

(٥) في «بف ، جت» والبحار ، ج ٢٨ : «يخاف».

(٦) في الوافي : «لا يدركه».

(٧) الحدق : جمع الحدقة ، وهي العين ، أو سوادها الأعظم. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٥٦ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٣٥٤ (حدق).

(٨) في شرح المازندراني : «ولا مخابرة ، هي أن يعطي الرجل أرضا غيره ليزرع فيها على النصف والثلث والربع وغيرها ؛ يعني أنه تعالى لم يفوض أمر ملكه وخلقه إلى غيره ليعمل فيه ويكون له نصيب منه إما للعجز عن العمل فيه ، أو لغرض آخر ويحتمل أن يكون المخابرة من الخبر ، وهو العلم ، وهي أن يعطي كل واحد منهما الآخر ما عنده من العلم ؛ ليتحقق كمال الفعل بانضمام العلمين». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٧ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٤١ (خبر).

(٩) الأنعام (٦) : ١٠٣.

(١٠) قال الراغب في المفردات ، ص ٥٤١ (ظهر): «قوله :( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) يصح أن يكون من البروز ، وأن يكون من المعاونة والغلبة ، أي ليغلبه على الدين كله».

(١١) اشارة إلى الآية ٣٣ من سورة التوبة (٩) والآية ٩ من سورة الصف (٦١).

(١٢) «أنهج» أي أوضح. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٢٠ (نهج).

٩٤

أيها(١) الأمة التي خدعت فانخدعت ، وعرفت خديعة من خدعها ، فأصرت على ما عرفت ، واتبعت أهواءها ، وضربت(٢) في عشواء(٣) غوايتها(٤) ، وقد(٥) استبان(٦) لها الحق فصدت(٧) عنه ، والطريق الواضح فتنكبته(٨) ، أما والذي فلق الحبة(٩) وبرأ(١٠) النسمة(١١) لو اقتبستم العلم من معدنه ، وشربتم الماء بعذوبته ، وادخرتم الخير من موضعه ، وأخذتم(١٢) الطريق من(١٣) واضحه ، وسلكتم من الحق نهجه ، لنهجت(١٤) بكم السبل ، وبدت لكم الأعلام ، وأضاء لكم الإسلام ، فأكلتم رغدا(١٥) ، وما

__________________

(١) في حاشية «بح» : «أيتها».

(٢) يقال : ضرب في الأرض ، أي ذهب فيها ، أسرع ، أو سار في طلب الرزق. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٦٨ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٥٤٤ (ضرب).

(٣) العشواء : الظلمة ، أو ما بين أول الليل إلى ربعه ، أو الناقة التي لاتبصر أمامها ، وعلى الأخير يكون «في» بمعنى «على». راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧١٩ (عشو).

(٤) في «د ، ع ، م ، ن ، بح ، جت ، جد» والمرآة والبحار ، ج ٢٨ : «غوائها». والغواية : الضلالة ، والانهماك في الغي ، وهو الضلال والخيبة. راجع : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١٤٠ (غوي).

(٥) في «ن» : «ولقد».

(٦) في حاشية «بح ، جت» : «استنار».

(٧) في «د ، ع ، بن ، جت» وحاشية «م ، بح» والمرآة : «فصدعت».

(٨) التنكب عن الشيء : هو الميل والعدول عنه ، وتنكبه : تجنبه. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٨ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ١١٢ (نكب).

(٩) «فلق الحبة» أي شقها ؛ من الفلق ، وهو شق الشيء وإبانة بعضه عن بعض. راجع : المفردات للراغب ، ص ٦٤٥ (فلق).

(١٠) «برأ» أي خلق ، ومنه البارئ ، وهو الذي خلق الخلق لا عن مثال. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١١١ (برأ).

(١١) قال الجوهري : «النسمة : الإنسان». وقال ابن الأثير : «النسمة : النفس والروح ، وكل دابة فيها روح فهي نسمة». فالمعنى : خلق الإنسان ، أو ذات الروح». راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٤٠ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٤٩ (نسم).

(١٢) في «بف» وحاشية «بح ، جت» : + «من».

(١٣) في «بف» والوافي : ـ «من».

(١٤) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، جت» وحاشية «بح ، جد» : «لتنهجت». وفي «بن ، جد» وشرح المازندراني : «لتبهجت». وفي الوافي : «وتنهجت». وفي المرآة عن بعض النسخ : «لابتهجت».

(١٥) يقال : عيشة رغد ورغد ، أي واسعة طيبة. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٧٥ (رغد).

٩٥

عال(١) فيكم عائل ، ولا ظلم منكم مسلم ولا معاهد ، ولكن سلكتم سبيل الظلام ، فأظلمت عليكم دنياكم برحبها(٢) ، وسدت عليكم أبواب العلم ، فقلتم بأهوائكم ، واختلفتم في دينكم ، فأفتيتم في دين الله بغير علم ، واتبعتم الغواة فأغوتكم ، وتركتم الأئمة فتركوكم ، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم ، إذا(٣) ذكر الأمر سألتم أهل الذكر ، فإذا(٤) أفتوكم قلتم : هو(٥) العلم بعينه(٦) ، فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه ، رويدا عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم ، وتجدون وخيم(٧) ما اجترمتم(٨) وما اجتلبتم(٩) .

والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد علمتم أني صاحبكم والذي به أمرتم ، وأني عالمكم والذي بعلمه نجاتكم ، ووصي نبيكم ، وخيرة ربكم ، ولسان نوركم ، والعالم بما يصلحكم ، فعن قليل رويدا ينزل بكم ما وعدتم ، وما نزل بالأمم قبلكم وسيسألكم الله ـعزوجل ـ عن أئمتكم معهم تحشرون ، وإلى الله ـعزوجل ـ غدا(١٠) تصيرون.

أما والله لو كان لي عدة(١١) أصحاب طالوت ، أو عدة أهل بدر وهم أعدادكم(١٢) ،

__________________

(١) العيلة : الحاجة والفاقة ، يقال : عال الرجل يعيل عيلة ، إذا احتاج وافتقر. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٧٧٩ ؛ لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٤٨٨ (عيل).

(٢) الرحب ، بالضم : السعة. الصحاح ، ج ١ ، ص ١٣٤ (رحب).

(٣) في «جت» : «وإذا».

(٤) في شرح المازندراني : «وإذا».

(٥) في «ن» : «هذا».

(٦) في «بن» : ـ «بعينه».

(٧) يقال : هذا الأمر وخيم ، أي ثقيل رديء. النهاية ، ج ٥ ، ص ١٦٤ (وخم).

(٨) الاجترام : الطلب ، والكسب ، والاكتساب ، والتكسب. راجع : لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٩٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٣٣ (جرم).

(٩) في حاشية «جت» : «اجتبيتم». وفي الوافي : «اجتنيتم».

(١٠) في «بح» : ـ «غدا».

(١١) في شرح المازندراني : «العدة بالكسر : الجماعة ، وبالضم : الاستعداد والاهبة ، والإضافة على الأول بيانية ، وعلى الثاني لامية».

(١٢) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع وشرح المازندراني والمرآة : «أعداؤكم». وقال في الوافي : «أعداد : جمع عديد ، وهو الند».

٩٦

لضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق ، وتنيبوا(١) للصدق ، فكان(٢) أرتق للفتق(٣) ، وآخذ بالرفق ، اللهم فاحكم بيننا بالحق ، وأنت خير الحاكمين»(٤) .

ثم خرج من المسجد ، فمر بصيرة(٥) فيها نحو من ثلاثين شاة ، فقال : «والله لو أن لي(٦) رجالا ينصحون(٧) لله ـعزوجل ـ ولرسوله(٨) بعدد هذه الشياه(٩) ، لأزلت ابن آكلة الذبان(١٠) عن ملكه(١١) ».

قال فلما أمسى بايعه ثلاثمائة وستون رجلا على الموت ، فقال(١٢) أمير المؤمنينعليه‌السلام : «اغدوا بنا إلى أحجار الزيت(١٣) محلقين(١٤) » وحلق أمير المؤمنينعليه‌السلام ،

__________________

(١) في «جد» وحاشية «م» : «وتنيلوا».

(٢) في الوافي : «وكان».

(٣) الرتق : ضد الفتق ، والفتق : الشق ، وشق عصا الجماعة ، ووقوع الحرب بينهم. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٧٦ و ١٢١٤ (رتق) ، (فتق).

(٤) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني. وفي المطبوع وحاشية «جت» والوافي : + «قال».

(٥) الصيرة : خطيرة تتخذ للدواب من الحجارة وأغصان الشجر ، وجمعها : صير. النهاية ، ج ٣ ، ص ٦٦ (صير).

(٦) في «ع ، ل ، م ، ن» : ـ «لي».

(٧) أصل النصح في اللغة : الخلوص ، يقال : نصحته ونصحت له ، ومعنى نصيحة الله : صحة الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته. النهاية ، ج ٥ ، ص ٦٣ (نصح).

(٨) في البحار ، ج ٢٨ : «ولرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٩) في «ع ، ل ، بف ، بن» وحاشية «د» : «الشاء».

(١٠) في الوافي عن بعض النسخ : «الذنان». وفي المرآة عن بعض النسخ : «الذباب». وفي شرح المازندراني : «الذبان بالكسر : جمع الذباب بالضم ، وهو معروف ، والعرب في مقام ذم رجل ينسبونه إلى امه خصوصا إذا اشتهرت بلقب خبيث». وفي الوافي : «الذبان ـ بالكسر وتشديد الباء ـ : جمع ذباب ، وكنى بابن آكلتها عن سلطان الوقت ؛ فإنهم كانوا في الجاهلية يأكلون من كل خبيث نالوه».

(١١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني. وفي حاشية «بح» والمطبوع والوافي : + «قال».

(١٢) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والبحار ، ج ٢٨. وفي المطبوع : + «لهم».

(١٣) «أحجار الزيت» : موضع بالمدينة قريب بالزوراء ، وهو موضع صلاة الاستسقاء ، أو موضع بالمدينة داخلها. راجع : معجم البلدان ، ج ١ ، ص ١٠٩.

(١٤) في شرح المازندراني : «محلقين ، أي لابسين للحلقة ، وهي بسكون اللام : السلاح مطلقا ، وقيل : هي الدروع خاصة. ويحتمل أن يراد بالتحليق إزالة شعر الرأس». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٦٣ (حلق).

٩٧

فما وافى من القوم محلقا إلا أبوذر والمقداد وحذيفة بن اليمان(١) وعمار بن ياسر ، وجاء سلمان في آخر القوم ، فرفع يده إلى السماء ، فقال(٢) : «إن القوم استضعفوني كما استضعفت بنو إسرائيل هارون ، اللهم فإنك تعلم ما نخفي وما نعلن ، وما يخفى عليك(٣) شيء في الأرض ولا في السماء توفني مسلما ، وألحقني بالصالحين ، أما والبيت والمفضي(٤) إلى البيت(٥) ـ وفي نسخة : والمزدلفة ـ والخفاف(٦) إلى التجمير(٧) لو لاعهد عهده(٨) إلي النبي الأمي ، لأوردت المخالفين خليج(٩) المنية(١٠) ، ولأرسلت عليهم شآبيب(١١) صواعق الموت ، وعن قليل سيعلمون».(١٢)

١٤٨٢١ / ٦. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، قال :

__________________

(١) في الوافي : «حذيفة اليماني».

(٢) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي «جت» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي : + «اللهم».

(٣) في «جت» والوافي : + «من».

(٤) في «د ، ع ، ل ، م ، بف ، جد» : «المفضي» بدون الواو.

(٥) المفضي إلى البيت : ماسه بيده ، يقال : أفضى بيده إلى الأرض ، إذا مسها بباطن راحته في سجوده. وقيل في معناه وجوه اخر. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٥٥ (فضا) ؛ مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ٧٧.

(٦) «الخفاف» : جمع الخف ، ويطلق مجازا على القدم. وقال العلامة المجلسي : «أو جمع الخفيف ، أي السائرين بخفة وشوق إلى التجمير». ونقل العلامة المازندراني عن الفاضل الأسترآبادي أنه قال : «في كثير من النسخ : الخفاف ، بالخاء المعجمة والفاءين بعدها ولم أقف على معنى يناسب ، ولعل صوابه : الحقاف بالحاء المهملة والقاف والفاء بمعنى الرمال المستطيلة ، والله أعلم». راجع : تاج العروس ، ج ١٢ ، ص ١٨٠ (خفف).

(٧) «التجمير» : رمي الجمار. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ١٤٧ (جمر).

(٨) في «ن» : «عهد».

(٩) الخليج : نهر يقطع من النهر الأعظم إلى موضع ينتفع به فيه. النهاية ، ج ٢ ، ص ٦١ (خلج).

(١٠) «المنية» : الموت ؛ من المني بمعنى التقدير ، لأنها مقدرة بوقت مخصوص. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٦٨ ؛ لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٢٩٢ (مني).

(١١) الشآبيب : جمع شؤبوب ، وهو الدفعة من المطرو غيره. النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٣٦ (شأب).

(١٢) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٧ ، ح ٢٥٣٦٦ ؛ البحار ، ج ٢٨ ، ص ٢٣٩ ، ح ٢٧ ؛ وفيه ، ج ٥٧ ، ص ١٥٨ ، ح ٩١ ، إلى قوله : «وما لكا بعد إنشائه للكون».

٩٨

كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ دخل عليه أبو بصير وقد حفزه(١) النفس ، فلما أخذ مجلسه ، قال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : «يا با محمد(٢) ، ما هذا النفس العالي؟».

فقال(٣) : جعلت فداك يا ابن رسول الله كبر(٤) سني ، ودق عظمي ، واقترب أجلي مع أنني(٥) لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي.

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «يا با محمد(٦) ، وإنك لتقول هذا؟!».

قال(٧) : جعلت فداك ، وكيف(٨) لا أقول هذا؟!(٩) .

فقال : «يا با محمد ، أما علمت أن الله تعالى يكرم الشباب منكم(١٠) ، ويستحيي(١١) من الكهول؟».

قال : قلت : جعلت فداك ، فكيف(١٢) يكرم الشباب ، ويستحيي(١٣) من الكهول؟

__________________

(١) هكذا في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بن ، جت» وشرح المازندراني والوافي والمرآة. وفي سائر النسخ والمطبوع : «خفره». وفي فضائل الشيعة : «حضره» وفي تفسير فرات الكوفي : «أخذه». وفي البحار : «حمزه». والحفز : الحث والإعجال. وقال ابن منظور : «قال العكلي : رأيت فلانا محفوز النفس ، إذا اشتد به وقال بعض الكلابين : الحفز : تقارب النفس في الصدر». راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٠٧ ؛ لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٣٣٧ ـ ٣٣٨ (حفز).

(٢) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي. وفي «جد» والمطبوع وشرح المازندراني : «يا أبا محمد».

(٣) في «بح» : + «له».

(٤) في «ع ، ل ، م ، بف ، جد» وحاشية «د» وشرح المازندراني والبحار وتفسير فرات الكوفي : «كبرت». وفي «بح» : «لقد كبرت» بدل «كبر». وفي «بن» : «قد كبرت» بدلها.

(٥) في شرح المازندراني عن بعض النسخ : «أني».

(٦) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : «يا أبا محمد». وكذا في المواضع المتكررة الآتية في هذا الحديث.

(٧) في «م» وفضائل الشيعة : + «قلت».

(٨) في البحار وفضائل الشيعة : «فكيف».

(٩) في «ع ، ل ، ن ، بف ، بن ، جت» وشرح المازندراني والبحار وفضائل الشيعة : ـ «هذا».

(١٠) في الوافي : ـ «منكم».

(١١) في «د ، بف ، جت» : «يستحي».

(١٢) في «بن» : «كيف».

(١٣) في «د ، بف ، جت ، جد» : «ويستحي».

٩٩

فقال : «يكرم الله(١) الشباب أن يعذبهم ، ويستحيي(٢) من الكهول أن يحاسبهم».

قال : قلت : جعلت فداك ، هذا لنا خاصة ، أم لأهل التوحيد؟

قال : فقال : «لا ، والله إلا لكم خاصة دون العالم(٣) ».

قال : قلت : جعلت فداك ، فإنا(٤) قد(٥) نبزنا نبزا(٦) انكسرت له ظهورنا ، وماتت له أفئدتنا ، واستحلت له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم.

قال : فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «الرافضة؟».

قال : قلت : نعم.

قال : «لا ، والله ما هم سموكم ، بل(٧) الله سماكم به ، أما علمت يا با محمد أن سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم ، فلحقوا بموسىعليه‌السلام لما استبان لهم هداه ، فسموا في عسكر موسى الرافضة ؛ لأنهم رفضوا فرعون ، وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادة ، وأشدهم(٨) حبا لموسى وهارون وذريتهماعليهما‌السلام ، فأوحى الله ـعزوجل ـ إلى موسىعليه‌السلام : أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة ، فإني قد سميتهم به ، ونحلتهم إياه(٩) ، فأثبت موسىعليه‌السلام الاسم لهم ، ثم ذخر

__________________

(١) في البحار : ـ «الله».

(٢) في «د ، جت ، جد» وحاشية «بح» وفضائل الشيعة : «ويستحي».

(٣) في فضائل الشيعة : «العامة».

(٤) في «د» : «وأنا».

(٥) في البحار : ـ «قد».

(٦) في «ع ، ل» وحاشية «د ، جت» والوافي : «بنبز». وفي فضائل الشيعة : «رمينا بشيء» بدل «نبذنا نبزا». والنبز بالتسكين : مصدر قولهم : نبزه ينبزه نبزا ، أي لقبه ، والنبز ـ بالتحريك ـ : اللقب ، قال ابن الأثير : «وكأنه يكثر في ما كان ذما». راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٨٩٧ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٨ (نبز).

(٧) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي. وفي «ن» والمطبوع : «ولكن». وفي فضائل الشيعة : «سموكم به بل إن» بدل «سموكم بل».

(٨) في «ع ، ل ، بف» : «وأشده».

(٩) «نحلتهم إياه» أي أعطيتهم إياه ، يقال : نحله ينحله نحلا ، أي أعطاه شيئا من غير عوض بطيب نفس. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٠٠ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٩٥ (نحل).

١٠٠