الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٣

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل8%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 710

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 710 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 179459 / تحميل: 6450
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

بالحجام » فجاء فقال: « جز شعر هذا الرجل » ثم نزع الرداء عنها، وألحفها إياه الحاف الرجل، فقال: « اخرج فلا سبيل لهذا عليك، وأنكح وتزوج من النساء ما يحل لك » فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، امرأتي وابنة عمي، ألحقتها بالرجال، من أين أخذت؟ قالعليه‌السلام : « من أبي آدمعليه‌السلام ، إن حواء خلقت من ضلعه، وأضلاع الرجال أقل من أضلاع النساء ».

[ ٢١١٩٥ ] ٢ - وقد روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام ، أنه قال في الخنثى: « إن بال منهما جميعا نظر إلى أيهما يسبق البول منه، فإن ( خرج منهما )(١) معا، ورث نصف ميراث الرجل ونصف ميراث المرأة ».

[ ٢١١٩٦ ] ٣ - الصدوق في المقنع: فإن ترك الرجل ولدا خنثى، فإنه ينظر إلى إحليله إذا بال فإن خرج البول مما يخرج من الرجال ورث ميراث الرجال، وإن خرج مما يخرج من النساء ورث ميراث النساء، وإن خرج البول من الموضعين معا ورث نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى.

[ ٢١١٩٧ ] ٤ - وفي الهداية: روي أن شريح القاضي بينما هو في مجلس القضاء إذ أتته امرأة فقالت: أيها القاضي، اقض بيني وبين خصمي، فقال لها: ومن خصمك؟ قالت: أنت، قال: أفرجوا لها، فدخلت فقال لها: وما ظلامتك؟ فقالت: إن لي ما للرجال وما للنساء، قال شريح: فإن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) يقضي على المبال، قالت: فإني أبول بهما جميعا ويسكنان معا، قال شريح: والله ما سمعت بأعجب من هذا، قالت: وأعجب من هذا، قال: وما هو؟ قالت: جامعني زوجي

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٨ ح ١٣٧٨.

(١) في المخطوط: خرجا جميعا، وما أثبتناه من المصدر.

٣ - المقنع ص ١٧٦.

٤ - الهداية ص ٨٥.

٢٢١

فولدت منه، وجامعت جاريتي فولدت مني، فضرب شريح إحدى يديه على الأخرى متعجبا، ثم جاء إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: يا أمير المؤمنين، لقد ورد علي شئ ما سمعت بأعجب منه، ثم قص عليه [ قصة المرأة ](١) .

فسألها أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن ذلك، فقالت: هو كما ذكر، فقال لها: « من زوجك؟ » فقالت: فلان، فبعث إليه فدعاه قال: « أتعرف هذه؟ » قال: نعم هي زوجتي، قال: فسأله عما قالت، فقال: هو كذلك، فقال أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ): « لانت أجرأ من راكب الأسد، حيث تقدم عليها بهذه الحال » ثم قال: « يا قنبر، ادخلها بيتا مع امرأة تعد أضلاعها » فقال زوجها: لا آمن عليها رجلا، ولا آمن عليها امرأة، فقال علي ( صلوات الله عليه ): « علي بدينار الخصي » وكان من صالحي أهل الكوفة، وكان يثق به، فقال له: « يا دينار، ادخلها بيتا وعرها من ثيابها، وأمرها أن تشد مئزرا، وعد أضلاعها » ففعل دينار ذلك، فكان أضلاعها سبعة عشر: تسعة في اليمين، وثمانية في اليسار، فألبسها ثياب الرجال القلنسوة والنعلين، وألقى عليها الرداء، وألحقها بالرجال.

فقال زوجها: يا أمير المؤمنين، ابنة عمي وقد ولدت مني، تلحقها بالرجال؟ فقال: « إني حكمت فيها بحكم الله تبارك وتعالى، خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى، وأضلاع الرجال تنقص وأضلاع النساء تمام ».

[ ٢١١٩٨ ] ٥ - البحار، عن كتاب صفوة الاخبار: قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في الخنثى إن بالت من الرحم فلها ميراث النساء، وإن بالت من الذكر فله ميراث الذكر، وإن بالت من كليهما عد أضلاعه، فإن زادت

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٥ - بحار الأنوار ج ١٠٤ ص ٣٥٥ ح ٦.

٢٢٢

واحدة على ضلع الرجل فهي امرأة، وإن نقصت فهي رجل.

[ ٢١١٩٩ ] ٦ - ومن كتاب الأربعين للسيد عطاء الله بن فضل الله(١) : روي عن الحسن البصري قال: أتت امرأة إلى شريح القاضي فقالت: أخلني، فأخلاها فقالت: أنا امرأة ولي فرج وإحليل، فقال من أين يخرج البول سابقا؟ قالت: منهما جميعا، فقال لقد أخبرت بعجب، فقالت: وأعجب منه، أنه تزوجني ابن عمي واخدمني جارية وطئتها فأولدتها، فدهش شريح فقام ودخل على عليعليه‌السلام فأخبره، فاستدعى بزوجها فاعترف، فقالعليه‌السلام لامرأتين: « أدخلاها البيت وعدا أضلاعها » ففعلتا فوجدتا في الجانب الأيمن ثمانية عشر ضلعا، وفي الأيسر سبعة عشر، فأخذ شعرها، وأعطاها حذاء والحقها بالرجال، فقيل له في ذلك، فقالعليه‌السلام : « اخذت هذا من قصة حواء، فإن أضلاعها كانت سبعة عشر من كل جانب، وأضلاع الرجل تزيد عليها بضلع، فلهذا ألحقتها بالرجال ».

[ ٢١٢٠٠ ] ٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ان ترك الرجل ولدا خنثى، فإنه ينظر إلى إحليله إذا بال، فإن خرج بوله مما يخرج من الرجال ورث ميراث الرجال، وإن خرج مما يخرج من النساء ورث ميراث النساء، فإن خرج البول منهما جميعا فمن أيهما سبق البول ورث عليه، فإن خرج البول من الموضعين معا فله نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى ».

[ ٢١٢٠١ ] ٨ - الشيخ الطوسي في رسالة الايجاز: وروي أنه تعد أضلاعه، فإن نقص أحد الجانبين ورث ميراث الذكور، وإن تساويا ورث ميراث النساء.

__________________

٦ - بحار الأنوار ج ١٠٤ ص ٣٥٦ ح ١٣.

(١) في المخطوط: عطاء الدين، وما أثبتناه من البحار هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ١١ ص ١٤٦ ).

٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

٨ - الرسائل العشر ص ٢٧٥.

٢٢٣

٣ -( باب من ينظر إلى الخنثى إذا بال ليعلم، ومن ينظر إلى فرجيه ليعلم وجودهما)

[ ٢١٢٠٢ ] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن محمد بن عيسى بن عبيد البغدادي، عن موسى بن محمد بن علي بن موسىعليهما‌السلام ، قال: قال موسى: كتب إلي يحيى بن أكثم، يسألني عن عشر مسائل أو تسع، فدخلت على أخي - يعني علي الهاديعليه‌السلام - فقلت: جعلت فداك، إن ابن أكثم كتب إلي يسألني عن مسائل أفتيه فيها، فضحك ثم قال: « فهل افتيته؟ » قلت: لا، قال: « ولم؟ » قلت: لم أعرفها، قال:: « وما هي؟ » قلت: كتب إلي: أخبرني - إلى أن قال - وأخبرني عن الخنثى، قول عليعليه‌السلام فيها: « يورث الخنثى من المبال » من ينظر إذا بال؟ وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل، مع أنه عسى أن يكون رجلا وقد نظر إليه النساء، وهذا ما لا يحل، فكيف هذا؟ - إلى أن قال -: قال - يعني علي الهاديعليه‌السلام -: « وأما قول عليعليه‌السلام في الخنثى: أنه يورث من المبال، فهو كما قال، وينظر إليه قوم عدول، فيأخذ كل واحد منهم المرآة، فيقوم الخنثى خلفهم عريانا، وينظرون في المرآة فيرون الشبح، فيحكمون عليه » الخبر.

٤ -( باب أن المولود إذا لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء، حكم في ميراثه بالقرعة، وكيفيتها، وأنها لا تختص بالامام)

[ ٢١٢٠٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سئل عن مولود ليس له ما للرجال وليس له ما للنساء، فقال: « فتبارك الله أحسن الخالقين يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم هذا يقرع عليه

__________________

الباب ٣

١ - الاختصاص ص ٩١.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٠ ح ١٣٨١.

٢٢٤

الامام، فيكتب على سهم: عبد الله، وعلى سهم آخر: أمة الله، ثم يقول الامام المقرع: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، خلقت هذا الخلق كما أردت، وصورته كيف شئت، اللهم وإنا لا ندري ما هو ولا يعلم ما هو إلا أنت، فبين لنا أمره وما يجب له فيما فرضت، ثم يطرح السهمين في سهام مبهمة، ثم تجال ثم يخرج فأيهما خرج ورثه عليه ».

[ ٢١٢٠٤ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء، فإنه يؤخذ سهمان، يكتب على سهم: عبد الله، وعلى سهم: أمة الله، ثم يجعل السهمان في سهام مبهمة، ثم يقوم الامام أو المقرع فيقول: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود حتى نورثه ما فرضت له في كتابك، ثم تجال السهام فأيهما خرج ورث عليه ».

[ ٢١٢٠٥ ] ٣ - الصدوق في المقنع: فإن لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء، فإنه يؤخذ سهمان فيكتب على سهم: عبد الله، وعلى الآخر: أمة الله، ثم يجعل السهمان في سهام مبهمة، ثم يقول الامام أو المقرع: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة(١) أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في كتابك، ثم يجال السهمان فأيهما خرج ورث عليه.

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

٣ - المقنع ص ١٧٧.

(١) في المصدر زيادة: الرحمن الرحيم.

٢٢٥

٥ -( باب ميراث من له رأسان أو بدنان على حقو( * ) واحد)

[ ٢١٢٠٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا ترك الرجل ولدا له رأسان، فإنه يترك حتى ينام، ثم ينبههما فإن انتبها جميعا ورث ميراثا واحدا، وإن انتبه أحدهما وبقي الآخر نائما ورث ميراث اثنين ».

[ ٢١٢٠٧ ] ٢ - الصدوق في الهداية: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه قضى في مولود له رأسان، أنه يصير عليه حتى ينام، ثم ينبه فإن انتبها جميعا معا ورث واحدا، وإن انتبه واحد وبقي الآخر نائما ورث [ ميراث ](١) اثنين.

[ ٢١٢٠٨ ] ٣ - البحار، عن الأربعين للسيد عطاء الله: روي عن جعفر الصادقعليه‌السلام ، قال: « لما ولي عمر أتي بمولود له رأسان وبطنان وأربعة أيد ورجلان وقبل ودبر واحد، فنظر إلى شئ لم ير مثله قط، نظر إلى أسنانه أعلاه اثنان وأسفله واحد، وقد مات أبوه، فبعضهم يقول: هو اثنان ويرث ميراث اثنين، وبعضهم يقول: واحد يرث ميراث واحد، فلم يدر كيف الحكم فيه، فقال: اعرضوه على علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، واطلبوا الحكم منه، فعرضوا عليه فقال عليعليه‌السلام : « انظروا إذا رقد، ثم يصاح، فإن انتبه الرأسان جميعا فهو واحد، وإن انتبه الواحد وبقي الآخر نائما فاثنان » فقال عمر: لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن.

__________________

الباب ٥

* الحقو بفتح الحاء: الخصر ومعقد الإزار من بدن الانسان ( لسان العرب ج ١٤ ص ١٩٠ ).

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

٢ - الهداية ص ٨٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - بحار الأنوار ج ١٠٤ ص ٣٥٧ ح ١٤.

٢٢٦

[ ٢١٢٠٩ ] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: وفيما أخبرنا به أبو علي الحداد، بإسناده إلى سلمة بن عبد الرحمن - في خبر - قال: أتي عمر بن الخطاب برجل له رأسان وفمان وأنفان وقبلان ودبران وأربعة أعين في بدن واحد، ومعه أخت، فجمع عمر الصحابة وسألهم عن ذلك فعجزوا، فأتوا علياعليه‌السلام وهو في حائط له، فقالعليه‌السلام : « قضيته أن ينوم، فإن غمض الأعين، أو غط(١) من الفمين جميعا فبدن واحد، وإن فتح بعض الأعين، أو غط أحد الفمين فبدنان ».

__________________

٤ - المناقب ج ٢ ص ٣٧٥، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٣٥٥ ح ٥.

(١) غط، الغطيط: هو الصوت الذي يخرج مع نفس النائم ( لسان العرب ج ٧ ص ٣٦٢ ).

٢٢٧

٢٢٨

أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم

١ -( باب أنه يرث كل واحد منهم من الآخر مع الاشتباه والقرابة ونحوها، وعدم وارث أقرب، ثم ينتقل ميراث كل منهم إلى وارثه)

[ ٢١٢١٠ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا في الغرقى، وأصحاب الهدم، لا يدرى أيهم مات قبل صاحبه، قالوا: « يرث بعضهم بعضا ».

[ ٢١٢١١ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن قوما غرقوا أو سقط عليهم حائط وهم أقرباء، فلم يدر(١) أيهم مات قبل صاحبه، لكان الحكم فيه أن يورث بعضهم من بعض ».

الصدوق في المقنع: مثله.

__________________

أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٠ ح ١٣٨٢.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

(١) في المخطوط: يدروا، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) المقنع ص ١٧٨.

٢٢٩

٢ -( باب أنه إذا كان لاحد الغريقين أو المهدوم عليهما مال دون الآخر، فالمال للآخر، ثم لوارثه دون وارث صاحب المال)

[ ٢١٢١٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لو أن رجلين أخوين ركبا في سفينة فغرقا، فلم يدر أيهما مات قبل صاحبه، ولكل واحد منهما ورثة، وللواحد منهما مائة ألف، وليس للآخر شئ، فإن الذي لا شئ له يورث المائة ألف فيرثها ورثته، ولا يرث ورثة الآخر شيئا ».

[ ٢١٢١٣ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا غرق اخوان لأحدهما مال وليس للآخر شئ، ولا يدرى أيهما مات قبل صاحبه، فإن الميراث لورثة الذي ليس له شئ، إذا لم يكن لهما ( أحد أقرب )(١) بعضهما من بعض.

٣ -( باب أنه لو مات اثنان بغير سبب الغرق والهدم، واقترنا أو اشتبه السابق، لم يرث أحدهما من الآخر شيئا إلا أن يعلم السبق بقرينة، وكراهة كتم موت الميت في السفر)

[ ٢١٢١٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا ماتا جميعا في ساعة واحدة، فخرجت أنفسهما في لحظة واحدة، لم يورث بعضهما من بعض ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

__________________

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٠ ح ١٣٨٢.

٢ - المقنع ص ١٧٨.

(١) في المصدر: قريب أقرب من.

الباب ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

(١) المقنع ص ١٧٨.

٢٣٠

٤ -( باب تقديم المرأة في الميراث على الرجل من المهدوم عليهم)

[ ٢١٢١٥ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا غرق رجل وامرأة، أو سقط عليهما سقف، ولم يدر(١) أيهما مات قبل صاحبه، كان الحكم أن يورث المرأة من الرجل، ويورث الرجل من المرأة، وكذا إذا كان الابن، ورث الأب من الابن، ثم يورث الابن من الأب ».

[ ٢١٢١٦ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا غرق رجل وامرأة، أو سقط عليهما حائط، ولم يدر أيهما مات قبل صاحبه، فإنه تورث المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة، وكذلك إذا كان الأب والابن، ورث الأب من الابن ثم ورث الابن من الأب.

٥ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم)

[ ٢١٢١٧ ] ١ - الشيخ الطوسي في رسالة الايجاز: إذا غرق جماعة أو انهدم عليهم حائط في حالة واحدة، ولا يعرف أيهم مات قبل صاحبه، فإنه يورث بعضهم من بعض، من نفس تركته لا مما(١) يرثه من صاحبه، وأيهما قدمت كان جائزا لا يختلف الحال فيه، وروى أصحابنا أنه يقدم الأضعف في الاستحقاق، ويؤخر الأقوى.

__________________

الباب ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

(١) في المخطوط: يدروا، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المقنع ص ١٧٨.

الباب ٥

١ - الرسائل العشر: ٢٧٦.

(١) في المخطوط: « ما »وما أثبتناه من المصدر.

٢٣١

٢٣٢

أبواب ميراث المجوس

١ -( باب أنهم يرثون بالسبب والنسب الصحيحين والفاسدين في الاسلام)

[ ٢١٢١٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه كان يورث المجوسي من وجهين، ومعنى ذلك أن يكون المجوسي قد تزوج ابنته فتلد منه ثم يسلمان، فتكون هذه المرأة أم الولد وأخته وابنة الزوج وامرأته.

[ ٢١٢١٩ ] ٢ - الشيخ الطوسي في رسالة الايجاز: يرث المجوسي جميع قراباته التي يدلي(١) بها، ما لم يسقط بعضها بعضا، ويرثون(٢) أيضا بالنكاح وإن لم يكن سائغا في شرع الاسلام - إلى أن قال - وأما بالأسباب فإنه يتقدر ذلك في البنت أو الأم أن تكون زوجة، وفي الابن أن يكون زوجا، فيأخذ الميراث من الوجهين معا، ويتقدر فيمن يأخذ بالقرابة، فان الجد من قبل الأب يمكن أن يكون جدا من قبل الأم، فإذا اجتمع الاخوة مع الأخوات أخذ نصيب جدين - إلى أن قال - وهذا الذي ذكرنا هو المشهور عن عليعليه‌السلام ، عند الخاص والعام.

__________________

أبواب ميراث المجوس

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٦ ح ١٣٧١.

٢ - الرسائل العشر ص ٢٧٩.

(١) في المخطوط: بدني، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: يورتون.

٢٣٣

٢ -( باب تحريم قذف المجوس)

[ ٢١٢٢٠ ] ١ - عوالي اللآلي: روي أن رجلا سبا مجوسيا بحضرة الصادقعليه‌السلام ، فزبره ونهاه، فقال له: إنه تزوج بأمه، فقالعليه‌السلام : « أما علمت أن ذلك عندهم النكاح!؟ ».

[ ٢١٢٢١ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا ينبغي ولا يصلح للمسلم أن يقذف يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا، بما لم يطلع عليه منه، وقال: أيسر ما في هذا أن يكون كاذبا ».

[ ٢١٢٢٢ ] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال لبعض أصحابه: « ما فعل غريمك؟ » قال: ذاك ابن الفاعلة، فنظر إليه أبو عبد اللهعليه‌السلام نظرا شديدا، فقال: جعلت فداك، إنه مجوسي نكح أخته، قالعليه‌السلام : « أوليس ذلك من(١) دينهم نكاح!؟ ».

٣ -( باب أن من اعتقد شيئا لزمه حكمه، وجاز الحكم عليه به)

[ ٢١٢٢٣ ] ١ - عوالي اللآلي: روي عنه، - يعني الصادقعليه‌السلام - أنه قال: « كل قوم دانوا بشئ يلزمهم حكمه ».

__________________

الباب ٢

١ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥١٣ ح ٧٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٠ ح ١٦٢٢.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٥٨ ح ١٦١٤.

(١) في المصدر: في.

الباب ٣

١ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥١٤ ح ٧٥.

٢٣٤

كتاب القضاء

٢٣٥

٢٣٦

فهرست أنواع الأبواب اجمالا:

أبواب صفات القاضي، وما يجوز أن يقضي به.

أبواب آداب القاضي.

أبواب كيفية الحكم، وأحكام الدعوى.

٢٣٧

٢٣٨

أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به

١ -( باب أنه يشترط فيه الايمان والعدالة، فلا يجوز الترافع إلى قضاة الجور وحكامهم إلا مع التقية والخوف، ولا يمضي حكمهم وإن وافق الحق)

[ ٢١٢٢٤ ] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن يونس - مولى علي - عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من كانت بينه وبين أخيه منازعة، فدعاه إلى رجل من أصحابه يحكم بينهما فأبى الا ان يرفعه إلى السلطان، فهو كمن حاكم إلى الجبت والطاغوت، وقد قال الله:( يُرِ‌يدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ - إلى قوله -بَعِيدًا ) (١) ».

[ ٢١٢٢٥ ] ٢ - وعن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في قوله تعالى:( أَلَمْ تَرَ‌ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِ‌يدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ) (١) فقال: « يا أبا محمد، إنه لو

__________________

أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به

الباب ١

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٥٤ ح ١٧٩.

(١) النساء ٤: ٦٠.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٥٤ ح ١٨٠.

(١) النساء ٤: ٦٠.

٢٣٩

كان لك على رجل حق فدعوته إلى حكام أهل العدل، فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، كان ممن حاكم إلى الطاغوت ».

[ ٢١٢٢٦ ] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِ‌يقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ ) (١) ثم قال: « ان الله عز وجل، علم أن في الأمة حكاما يجورون، أما أنه لم يعن حكام أهل العدل، ولكنه عنى حكام أهل الجور، أما انه لو كان لأحدكم على رجل حق فدعاه إلى حكام أهل العدل، فأبى عليه إلا أن يرافعه إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، كان ممن تحاكم إلى الطاغوت، وهو قول الله عز وجل:( أَلَمْ تَرَ‌ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِ‌يدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُ‌وا أَن يَكْفُرُ‌وا بِهِ ) (٢) » الآية.

[ ٢١٢٢٧ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال يوما لأصحابه: « إياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضيا، فتحاكموا إليه ».

[ ٢١٢٢٨ ] ٥ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ولاية أهل العدل الذين أمر الله بولايتهم وتوليتهم وقبولها والعمل لهم فرض من الله، وطاعتهم واجبة، ولا يحل لمن أمروه بالعمل لهم أن يتخلف عن أمرهم، وولاة الجور واتباعهم والعاملون لهم في معصية الله، غير جائز لمن دعوه إلى خدمتهم والعمل لهم وعونهم، ولا القبول منهم ».

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٣٠ ح ١٨٨٤.

(١) البقرة ٢: ١٨٨.

(٢) النساء ٤: ٦٠.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٣٠ ح ١٨٨٥.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٢٧ ح ١٨٧٦.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

الآية

( وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١٤) )

التّفسير

العداء الأبدي :

لقد تناولت الآية السابقة ظاهرة نقض بني إسرائيل للعهد الذي أخذه الله منهم ، أمّا الآية الأخيرة ـ هذه ـ فهي تتحدث عن نقض العهد عند النصارى الذين نسوا قسما من أوامر الله التي كلّفوا بها ـ فتقول الآية في هذا المجال :( وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) فهذه الآية تدل بوضوح على أنّ النصارى ـ أيضا ـ كانوا قد عقدوا مع الله عهدا على أن لا ينحرفوا عن حقيقة التوحيد ، وأن لا ينسوا أوامر وأحكام الله ، وأن لا يكتموا علائم خاتم النّبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لكنّهم تورطوا بنفس ما تورط به اليهود مع فارق واحد ، وهو أنّ القرآن الكريم يصرّح بالنسبة لليهود بأنّ القليل منهم كانوا من الصالحين ، بينما يذكر القرآن بأنّ مجموعة من النصارى اختارت طريق الانحراف ، حيث يفهم من هذه التعبير أنّ المنحرفين من اليهود كانوا أكثر من المنحرفين من

٦٤١

النصارى.

إنّ تاريخ تدوين الأناجيل المتداولة يدل على أنّها كتبت بعد المسيحعليه‌السلام بسنين طويلة وبأيدي بعض المسيحيين ، وهذا هو دليل وجود الكثير من التناقض الصريح فيها،ويدلنا هذا ـ أيضا ـ على أنّ كتبة الأناجيل قد نسوا ـ بصورة تامّة ـ أجزاء غير قليلة من الإنجيل الأصلي ، ووجود خرافات في الأناجيل المتداولة من قبيل قصة صنع المسيحعليه‌السلام للخمرة(١) الأمر الذي يرفضه العقل ويتنافى حتى مع بعض آيات التوراة والإنجيل المتداولين،وكذلك قصّة مريم المجدلية(٢) وغيرها من القصص ، كلها دليل على ذلك التناقض.

أمّا كلمة «نصارى» التي وردت في الآية فهي صيغة جمع نصراني ، فقد وردت تفاسير مختلفة حولها ، ومنها أن المسيح قد تربى في صباه ببلدة الناصرة ، وقيل ـ أيضا ـ أنّ هذه الكلمة هي نسبة إلى نصران ، وهي قرية يوليها المسيحيون احتراما خاصا ، ويحتمل ـ أيضا ـ أن يكون وجه التسمية ناشئا عن قول المسيحعليه‌السلام كما تحكية الآية عنه إذ تقول :( كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ ) (٣) فسمّي المسيحيون لذلك بالنصارى.

ولما كان جمع من النصارى يقولون ما لا يفعلون ، ويزعمون أنّهم من أنصار المسيحعليه‌السلام يقول القرآن في هذه الآية :( وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ) وهم لم يكونوا صادقين في دعواهم هذه ، لذلك تستطرد الآية الكريمة فتبيّن نتيجة هذا الادعاء الكاذب،وهو انتشار عداء أبدي فيما بينهم حتى يوم القيامة ، كما تقول الآية :( فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ) .

__________________

(١) إنجيل يوحنا ، الإصحاح ٢ ، الآيات ٢ ـ ١٢.

(٢) إنجيل لوقا ، الإصحاح ٧ ، الآيات ٣٦ ـ ٤٧.

(٣) يوسف ، ١٤.

٦٤٢

كما ذكرت الآية نوعا آخر من الجزاء والعقاب لهذه الطائفة النصرانية ، وهو أنّهم سوف يعلمون نتيجة أعمالهم وسيرونها بأعينهم حيث تقول الآية :( سَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ ) .

وتجدر الإشارة هنا إلى عدّة أمور ، هي :

١ ـ إنّ عبارة «أغرينا» مشتقة من المصدر «إغراء» وتعني الصاق شيء بشيء آخر ، كما تعني الترغيب أو حمل الشخص على القيام بعمل معين ، بحيث يدفع الشخص إلى الارتباط بأهداف معينة.

وعلى هذا الأساس يكون مفهوم الآية ـ موضوع البحث ـ هو أن نقض النصارى لعهدهم وارتكابهم المعاصي أديا إلى أن تنتشر العداوة فيما بينهم ويعمهم النفاق والخلاف،(والمعلوم أن آثار الأسباب التكوينية والطبيعية تنسب إلى الله) وما نراه اليوم من صراعات كثيرة بين الدول المسيحية ، كانت في يوم ما سببا لاندلاع الحربين العالميتين ، وهي كذلك سبب للتكتلات المقترنة بالعدالة والبغضاء المستمرة فيما بينهم ، أضف إلى ذلك الخلافات المذهبية الكثيرة التي تسود بين الطوائف المسيحية التي ما زالت سببا لاستمرار الصراع والاقتتال فيما بينهم.

وقد ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المراد من استمرار العداوة ، هو العداوة والبغضاء الموجودة بين اليهود والنصارى واستمرارها حتى فناء العالم ، ولكن الملاحظ من ظاهر الآية هو استمرار العداوة بين المسيحيين أنفسهم(١) .

وغني عن البيان أنّ مثل هذه العاقبة لا تقتصر على المسيحيين وحدهم ، فلو أن المسلمين ساروا في نفس هذا الطريق فإن مصيرهم سيكون مشابها لمصير المسيحيين أيضا.

٢ ـ إنّ كلمة «العداوة» مشتقة من المصدر «عدو» وهي بمعنى التجاوز

__________________

(١) وعلى هذا الأساس فإن الضمير في كلمة «بينهم» تعود إلى كلمة «النصارى» المذكورة في بداية الآية.

٦٤٣

والانتهاك ، أمّا كلمة «البغضاء» المشتقة من المصدر «بغض» فهي تعني النفور والاستياء الشديد من شيء معين ، ويحتمل أن يكون الفرق بين الكلمتين المذكورتين هو أنّ لكلمة «بغض» طابع وجداني أكثر ممّا هو عملي ، كما في كلمة «العداوة» التي لها طابع عملي،وقد يكون لكلمة «بعض» أو «بغضاء» مفهوم أشمل يستوعب العملي منه والقلبي الوجداني.

٣ ـ يستدل من الآية هذه على أنّ النصارى كطائفة دينية (أو اليهود والنصارى معا) سيكون لهم وجود في هذه الدنيا حتى يوم القيامة ، وقد يقول معترض في هذا المجال:أنّ الأخبار الإسلامية تفيد بأن دينا واحدا سيعم العالم كله بعد ظهور المهدي (عج) ولن تكون هناك أديان أخرى غير هذا الدين الذي هو الإسلام الحنيف ، فكيف إذن يمكن الجمع والتوفيق ورفع هذا التناقض الظاهر؟

والجواب هو أنّه يحتمل أن يبقى من المسيحية واليهودية حتى بعد ظهور المهدي (عج) شيء ضئيل على شكل أقلية ضعيفة جدا ، لأن ما نعلمه هو بقاء حرّية الإرادة للبشر حتى في عصر المهدي (عج) وإنّ الدين الإسلامي في ذلك العصر لا يأخذ طابعا إجباريا ، مع أن الأغلبية العظمى من البشر ستتبع طريق الحق وتميل إليه ، والأهم من هذا كله فإن الحكم في الأرض سيكون للإسلام وحده.

* * *

٦٤٤

الآيتان

( يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦) )

التّفسير

بعد أنّ تحدثت الآيات السابقة عن نقض اليهود والنصارى لميثاقهم ، جاءت الآية الأخيرة لتخاطب أهل الكتاب بصورة عامّة وتدعوهم إلى الإسلام الذي طهر الديانتين اليهودية والمسيحية من الخرافات التي لصقت بهما ، والذي يهديهم إلى الصراط السّوي المستقيم ، والذي ليس فيه أي انحراف أو اعوجاج.

وتبيّن الآية ـ في البداية ـ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المبعوث إليهم جاء ليظهر الكثير من الحقائق الخاصّة بالكتب السماوية التي أخفوها هم (أهل الكتاب) وكتموها عن الناس، وإن هذا الرّسول يتغاضى عن كثير من تلك الحقائق التي انتفت الحاجة إليها وزال تأثيرها بزوال العصور التي نزلت لها ، فتقول الآية في هذا المجال :( يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ

٦٤٥

الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) .

وتدلّ هذه الجملة القرآنية على أنّ أهل الكتاب كانوا قد أخفوا وكتموا الكثير من الحقائق ، لكن نبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أظهر من تلك الحقائق ما يفي منها بحاجة البشرية في عصر الإسلام ، مثل بيان حقيقة التوحيد وطهارة الأنبياء وتنزههّم عمّا نسب إليهم في التوراة والإنجيل المزورين ، كما بيّن تحريم الربا ، والخمرة وأمثالهما ، بينما بقيت حقائق تخص الأمم السابقة والأزمنة الغابرة ممّا لا أثر لذكرها في تربية الأجيال الإسلامية ، فلم يتمّ التطرق إليها.

وتشير الآية الكريمة ـ أيضا ـ إلى أهمية وعظمة القرآن المجيد وآثاره العميقة في هداية وإرشاد وتربية البشرية ، فتقول :( قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ ) النور الذي يهدي به الله كل من يبتغي كسب مرضاته إلى سبل السلام ، كما تقول الآية الأخرى :( يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ) وينقذهم من أنواع الظلمات (كظلمة الشرك وظلمة الجهل وظلمة التفرقة والنفاق وغيرها ...) ويهديهم إلى نور التوحيد والعلم والاتحاد،حيث تقول الآية :( وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ ) .

وإضافة إلى ذلك كلّه يرشدهم إلى الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج ولا انحراف في جانبيه العقائدي والعملي أبدا ، كما تقول الآية :( وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .

لقد اختلف المفسّرون في المعنى المراد من كلمة «النّور» الواردة في الآية ، فذهب البعض منهم إلى أنّها تعني شخص النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال مفسّرون آخرون : إنّ المعنى بالنور هو القرآن المجيد.

وحين نلاحظ آيات قرآنية عديدة تشبه القرآن بالنور ، يتبيّن لنا أنّ كلمة «النور» الواردة في الآية ـ موضوع البحث ـ إنّما تعني القرآن ، وعلى هذا الأساس فإنّ عطف عبارة «كتاب مبين» على كلمة (النور» يعتبر من قبيل عطف التوضيح ،

٦٤٦

كما نقرأ في الآية (٥٧) من سورة الأعراف :( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) وفي الآية (٨) من سورة التغابن نقرأ ما يلي:( فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا ) وآيات عديدة أخرى تشير إلى نفس المعنى،بينما لا نجد في القرآن آية أطلقت فيها كلمة النور على شخص النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وإضافة إلى ما ذكر فإنّ الضمير المفرد الوارد في عبارة «به» الواردة في الآية الثانية من الآيتين الأخيرتين ، يؤكّد هذا الموضوع أيضا ، وهو أن النور والكتاب المبين هما إشارتان لحقيقة واحدة.

ومع إنّنا نجد روايات عديدة تفسّر كلمة «النّور» على أنّها إشارة إلى الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنينعليه‌السلام أو الأئمّة الإثني عشرعليهم‌السلام جميعهم ، لكن الواضح هو أنّ هذا التّفسير يعتبر من باب بيان بواطن الآيات ، لأنّنا كما نعلم أنّ للآيات القرآنية ـ بالإضافة إلى معانيها الظاهرية ـ معان باطنية يعبّر عنها بـ «بواطن القرآن» أو «بطون القرآن» ، ودليل قولنا هذا أنّ الأئمّةعليهم‌السلام لم يكن لهم وجود في زمن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكي يدعو القرآن أهل الكتاب للإيمان بهم.

أمّا الأمر الثّاني الوارد في الآية الثانية من الآيتين الأخيرتين ، فهو أنّ القرآن يبشر أولئك الذين يسعون لكسب مرضاة الله بأنّهم سيحظون في ظل القرآن بنعم عظيمة ثلاثة هي:

أوّلا : الهداية إلى سبل السلامة التي تشمل سلامة الفرد والمجتمع ، والروح والجسد والعائلة ، والسلامة الأخلاقية ، وكل هذه الأمور تدخل في الجانب العملي من العقيدة.

وثانيا : نعمة النجاة من ظلمات الكفر والإلحاد.

وثالثا : الهداية إلى النور ، وفي هذا دلالة على الطابع العقائدي ، ويتمّ كل ذلك من خلال أقصر وأقرب الطرق وهو الذي أشارت إليه الآية ب( الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) .

٦٤٧

وبديهي أن هذه النعم لا يحظى بها إلّا من أسلم وجهه لله ، وخضع للحق بالعبودية والطاعة ، وكان مصداقا للعبارة القرآنية القائلة :( مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ ) بينما لا يحضى المنافقون والمعاندون وأعداء الحق بأيّ فائدة مطلقا ، كما تشير إلى ذلك آيات قرآنية عديدة.

وبديهي ـ أيضا ـ أنّ كل هذه النتائج والآثار ، إنّما تحصل بمشيئة الله وإرادته وحده دون سواه ، كما تشير عبارة «بإذنه» الواردة في الآية الأخيرة.

* * *

٦٤٨

الآية

( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) )

التّفسير

كيف يمكن للمسيح أن يكون هو الله؟!

جاءت هذه الآية الكريمة لتكمل بحثا تطرقت إليه آيات سابقة ، فحملت بعنف على دعوى ربوبية المسيحعليه‌السلام ، وبيّنت أنّ هذه الدعوى ما هي إلّا الكفر الصريح ، حيث قالت :( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) .

ولكي يتّضح لنا مفهوم هذه الجملة ، يجب أن نعرف أنّ للمسيحيين عدّة دعاوي باطلة بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى.

فهم أوّلا : يعتقدون بالآلهة الثلاث (أي الثالوث) وقد أشارت الآية (١٧١) من سورة النساء إلى هذا الأمر حيث قالت :( لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ

٦٤٩

إِلهٌ واحِدٌ ) (١) .

وثانيا : إنّهم يقولون : إنّ خالق الكون والوجود هو واحد من هؤلاء الآلهة الثلاث ويسمونه بالإله الأب(٢) والقرآن الكريم يبطل هذا الإعتقاد ـ أيضا ـ في الآية (٧٣) من سورة المائدة حيث يقول :( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ ) وسيأتي بإذن الله تفسير هذه الآية قريبا في نفس هذا الجزء.

وثالثا : إنّ المسيحيين يقولون : إنّ الآلهة الثلاث مع تعددهم الحقيقي هم واحد،حيث يعبرون عن ذلك أحيانا بـ «الوحدة في التثليث» ، وهذا الأمر أشارت إليه الآية الأخيرة حيث قالت حكاية عن دعوى المسيحيين :( إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) وقالوا:إنّ المسيح ابن مريم هو الله! وإن هذين الإثنين يشكلان مع روح القدس حقيقة واحدة في ذوات ثلاثة متعددة!

وقد ورد كل جانب من جوانب عقيدة التثليث ، الذي يعتبر من أكبر انحرافات المسيحيين في واحدة من الآيات القرآنية ، ونفي نفيا شديدا (راجع تفسير الآية ١٧١ ـ من سورة النساء من تفسيرنا هذا وفيه التوضيح اللازم في بيان بطلان عقيدة التثليث).

ويتبيّن ـ ممّا سلف ـ أنّ بعض المفسّرين مثل «الفخر الرازي» قد توهّموا في قولهم بعدم وجود أحد من النصارى ممن يصرح باعتقاده في اتحاد المسيح بالله ، وذلك لعدم إلمام هؤلاء المفسّرين بالكتب المسيحية ، مع أنّ المصادر المسيحية المتداولة تصرح بقضية «الوحدة في التثليث» ومن المحتمل أن مثل هذه الكتب لم تكن متداولة في زمن الرازي ، أو أنّها لم تصل إليه وإلى أمثاله الذين شاركوه

__________________

(١) لقد مضى تفسير هذه الآية في بداية هذا الجزء من تفسيرنا.

(٢) نقرأ في المصادر المسيحية أنّ «الإله الأب» هو خالق جميع الكائنات (قاموس الكتاب المقدس ، الصفحة ٣٤٥) كما نقرأ أنّ الرّب هو الموجود بنفسه ، وإن هذا هو اسم خالق جميع المخلوقات وحاكم كلّ الكائنات،وإنّه هو الروح اللامتناهية الأزلية الأبدية (قاموس الكتاب المقدس ، ص ٣٤٤).

٦٥٠

في هذا الرأي.

بعد ذلك ولكي تبطل الآية الكريمة عقيدة ألوهية المسيحعليه‌السلام تقول :( قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) وهذه إشارة إلى أنّ المسيحعليه‌السلام إنّما هو بشر كأمه وكسائر أفراد البشر ، وعلى هذا الأساس فهو يعتبر ـ لكونه مخلوقا ـ في مصاف المخلوقات الأخرى يشاركها في الفناء والعدم ، ومن حاله كهذا كيف يمكنه أن يكون إلها أزليا أبديا؟! وبتعبير آخر : لو كان المسيحعليه‌السلام إلها لاستحال على خالق الكون أن يهلكه ، وتكون نتيجة ذلك أن تتحدد قدرة هذا الخالق،ومن كانت قدرته محدودة لا يمكن أن يكون إلها ، لأنّ قدرة الله كذاته لا تحدّها حدود مطلقا (تدبّر جيدا).

إنّ ذكر عبارة «المسيح بن مريم» بصورة متكررة في الآية ، قد يكون إشارة إلى هذه الحقيقة ، وهي اعتراف المسيحيين ببنوّة المسيحعليه‌السلام لمريم ، أي أنّه ولد من أم وأنّه كان جنينا في بطن أمّه قبل أن يولد ، وحين ولد طفلا احتاج إلى النموّ ليصبح كبيرا ، فهل يمكن أن يستقر الإله في محيط صغير كرحم الأمّ ، ويتعرض لجميع تحولات الوجود والولادة ويحتاج للأمّ حين كان جنيا وحين الرضاعة؟!

والجدير بالانتباه أنّ الآية الأخيرة تذكر بالإضافة إلى اسم المسيحعليه‌السلام اسم أمّه وتذكرها بكلمة «أمه» وبهذه الصورة تميز الآية أمّ المسيحعليه‌السلام عن سائر أفراد البشر،ويحتمل أن يكون هذا التعبير بسبب أنّ المسيحيين أثناء ممارستهم للعبادة ، يعبدون أمّ المسيح أيضا،والكنائس الموجودة اليوم تشتمل على تماثيل لأم المسيح ، حيث يقف المسيحيون أمامها تعظيما وتعبدا.

وإلى هذا الأمر تشير الآية (١١٦) من سورة المائدة فتقول :( وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ) وهذا الخطاب حكاية عمّا يحصل من حوار في يوم القيامة.

وفي الختام ترد الآية الكريمة على أقوال أولئك الذين اعتبروا ولادة المسيح

٦٥١

من غير أب دليلا على ألوهيته فتقول :( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

فالله قادر على أن يخلق إنسانا من غير أب ومن غير أم كما خلق آدمعليه‌السلام ، وهو قادر أيضا على أن يخلق إنسانا من غير أب كما خلق عيسى المسيحعليه‌السلام ، وقدرة الله هذه كقدرته في خلق البشر من آبائهم وأمّهاتهم ، وهذا التنوع في الخلق دليل على قدرته ، وليس دليلا على أي شيء آخر سوى هذه القدرة.

* * *

٦٥٢

الآية

( وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨) )

التّفسير

استكمالا للبحوث السابقة التي تناولت بعض انحرافات اليهود والنصارى ، تشير الآية الأخيرة إلى أحد الدعاوى الباطلة التي تمسك بها هؤلاء ، فتقول :( وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) .

ولم يكن هذا الامتياز الوهمي الذي ادعاه اليهود والنصارى لأنفسهم هو الوحيد من نوعه ، إذ أن القرآن الكريم قد أشار في آيات عديدة إلى أمثال هذه الادعاء.

ففي الآية (١١١) من سورة البقرة ، أشار القرآن إلى ادعائهم الذي زعموا فيه أن أحدا غيرهم لا يدخل الجنّة ، وزعموا أن الجنّة هي حكر على اليهود والنصارى ، وقد فند القرآن هذه الادعاء.

كما جاء الآية (٨٠) من سورة البقرة ادعاء آخر لليهود ، وهو زعمهم أن نار

٦٥٣

جهنم لن تمسهم إلا في أيّام معدودة ، وقد وبخهم القرآن على زعمهم هذا.

وفي الآية الأخيرة يشير القرآن الكرم إلى ادعائهم البنوة لله ، وزعمهم أنّهم أحباء لله،ولا شك أن هؤلاء لم يعرّفوا أنفسهم كأبناء حقيقيين لله ، بل إنّ المسيحيين وحدهم يدّعون أن المسيح هو الابن الحقيقي لله ، وقد صرحوا بهذا الأمر(١) وأنّهم حين اختاروا لأنفسهم صفة البنوة لله وأدعوا بأنّهم الله إنما ليظهروا بأن لهم علاقة خاصّة بالله سبحانه ، وكأنّهم أرادوا كل من ينتمي إليهم انتماء قوميا أو عقائديا يصبح من أبناء الله وأحبائه حتى لو لم يقم بأي عمل صالح.(٢)

وواضح لدينا أنّ القرآن الكريم حارب كل هذه الامتيازات والدعاوى الوهمية ، فهو لا يرى للإنسان امتيازا إلّا بالإيمان والعمل الصالح والتقوى ، ولذلك تقول الآية الأخيرة في تفنيد وإبطال الادعاء الأخير :( قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ) فهؤلاء ـ بحسب اعترافهم أنفسهم ـ يشملهم العذاب الإلهي حيث قالوا بأن العذاب يمسّهم لأيّام معدودة ، فكيف يتلاءم ذلك الادعاء وهذا الاعتراف؟ وكيف يمكن أن يشمل عذاب الله أبناءه وأحباءه؟! ومن هنا يثبت أن لا أساس ولا صحة لهذا الادعاء ، وقد شهد تاريخ هؤلاء على أنّهم حتى في هذه الدنيا ابتلوا بسلسلة من العقوبات الإلهية ، ويعتبر هذا دليلا آخر على زيف وبطلان دعواهم تلك.

ولكي تؤكد الآية الكريمة زيف وبطلان الدعوى المذكورة استطردت تقول :( بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ) والقانون الإلهي عام ، فإن الله( يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ) .

وبالإضافة إلى ذلك فإنّ كل البشر هم من خلق الله ، وهم عباده وأرقاؤه ، وعلى هذا الأساس ليس من المنطق إطلاق اسم «ابن الله» على أي منهم ، حيث

__________________

(١) تقول المصادر المسيحية بأنّ عبارة «ابن الله» هي فقط من ألقاب منقذ المسيحيين وفاديهم ، وإنّ هذا اللقب لا يطلق على أحد غيره إلّا إذا دلت القرينة على أنّ المراد ليس البنوة الحقيقة لله (قاموس الكتاب المقدس، ص ٣٤٥).

(٢) ظهرت في الآونة الأخيرة لدينا مجموعة تبشر للمسيحية وتسمّي نفسها جماعة «ابن الله».

٦٥٤

تقول الآية :( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما ) .

وفي النهاية تعود المخلوقات كلها إلى الله ، حيث تؤكد الآية هنا بقولها :( وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) .

وقد يسأل البعض : أين ومتى ادعى اليهود والنصارى أنّهم أبناء الله حتى لو كان معنى البنوة في هذه الآية هو معنى مجازي وغير حقيقي).

الجواب هو أنّ الأناجيل المتداولة قد ذكرت هذه العبارة ، ويلاحظ ذلك فيها بصورة متكررة ، من ذلك ما جاء في إنجيل يوحنا في الإصحاح ٨ ـ الآية ٤١ وما بعدها ، حيث نقرأ على لسان عيسى في خطابه لليهود قوله : «إنّكم تمارسون أعمال أبيكم ، فقال له اليهود : نحن لم نولد من الزنا وإن أبانا واحد وهو الله! فقال لهم عيسى : لو كان أبوكم هو الله لكنتم احببتموني ...».

وقد ورد في الروايات الإسلامية ـ أيضا ـ في حديث عن ابن عباس مضمونه أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا جمعا من اليهود إلى دين الإسلام وحذّرهم من عذاب الله ، فقال له اليهود:كيف تخوفنا من عذاب الله ونحن أبناؤه وأحباؤه(١) !

وورد في تفسير مجمع البيان ، في تفسير الآية موضوع البحث ، حديث على غرار الحديث المذكور أعلاه ، مضمونه أنّ جمعا من اليهود حين هددهم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعذاب الله قالوا : لا تهددنا فنحن أبناء الله وأحباؤه،وهو إن غضب علينا يكون غضبة كغضب الإنسان على ولده ، وهو غضب سريع الزوال.

* * *

__________________

(١) تفسير الرازي ، ج ١١ ، ص ١٩٢.

٦٥٥

الآية

( يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩) )

التّفسير

تكرر هذه الآية الخطاب إلى أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، فتبيّن لهم أنّ النّبي المرسل إليهم مرسل من عند الله ، أرسله في عصر ظلت البشرية قبله فترة دون أن يكون لها نبيّ ، فبيّن لهم هذا النّبي الحقائق ، لكي لا يقولوا بعد هذا إنّ الله لم يرسل إليهم من يهديهم إلى الصراط السوي ويبشرهم بلطف الله ورحمته ويحذرهم من الانحراف والاعوجاج ، وينذرهم بعذاب الله ، حيث تقول الآية :( يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ ) .

نعم ، فالبشير والنذير هو نبيّ الإسلام محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات برحمة الله وثوابه ، وينذر الذين كفروا والعاصين بعذاب الله وعقابه ، وقد جاء ليبشر ولينذر أهل الكتاب والبشرية جمعاء ، حيث تؤكّد الآية هذا بقوله تعالى :( فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ) .

٦٥٦

أمّا كلمة «فترة» الواردة في الآية فهي تعني في الأصل الهدوء والسكينة كما تطلق على الفاصلة الزمنية بين حركتين أو جهدين أو نهضتين أو ثورتين.

وقد شهدت الفاصلة الزمنية بين موسىعليه‌السلام وعيسىعليه‌السلام عددا من الأنبياء والرسل، بينما لم يكن الأمر كذلك في الفاصلة الزمنية بين عيسىعليه‌السلام والنّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،ولذلكأطلق القرآن الكريم على هذه الفاصلة الأخيرة اصطلاح( فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ) والمعروف أن هذه الفترة دامت ستمائة عام تقريبا(١) .

أمّا ما جاء في القرآن ـ في سورة يس الآية ١٤ ـ وما ذكره المفسّرون ، فيدلان على أنّ ثلاثة من الرسل ـ على الأقل ـ قد بعثوا في الفاصلة الزمنية بين النّبي عيسىعليه‌السلام ونبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد ذكر البعض أنّ أربعة من الرسل بعثوا في تلك المدة ، وعلى أي حال لا بدّ أن تكون هناك فترة خلت من الرسل بين وفاة أولئك الرسل والنّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،ولذلك عبّر القرآن عن تلك الفترة الخالية من الرسل بقوله :( عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ) .

سؤال :

وقد يعترض البعض بأنّه كيف يمكن القول بوجود مثل تلك الفترة مع أنّ الإعتقاد السائد لدينا يقضي بأن المجتمع البشري لا يمكن أن يخلو ولو للحظة من رسول أو إمام معين من قبل الله سبحانه وتعالى؟

الجواب :

إنّ القرآن الكريم حين يقول :( عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ) إنّما ينفي وجود الرسل في تلك المدّة ، ولا يتنافى هذا الأمر مع القول بوجود أوصياء للرسل في ذلك الوقت.

__________________

(١) ويرى البعض أنّ هذه الفترة تبلغ أكثر من ستمائة عام ، وآخرون يرون أنّها أقل من هذه المدّة واستنادا على قول البعض فإنّ الفاصلة الزمنية بين ولادة المسيحعليه‌السلام وهجرة نبي الإسلام محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووفق التاريخ الميلادي تبلغ ٦٢١ عاما و ٩٥ يوما (تفسير ابن الفتوح الرازي ، ج ٤ ، هامش الصفحة ١٥٤).

٦٥٧

وبعبارة أخرى ، فإنّ الرسل هم أشخاص كانوا يمارسون الدعوة على نطاق واسع ، وكانوا يبشرون وينذرون الناس ، ويثيرون الحركة والنشاط في المجتمعات ، ويوقظونها من سباتها بهدف إيصال ندائهم الى الجميع ، بينما لم يكن جميع أوصياء الرسل ليحملوا مثل تلك المهمّة ، بل يحتمل ـ أيضا ـ إنهم لظروف وعوامل اجتماعية خاصّة ، كانوا يعيشون بين الناس أحيانا متخفين متنكرين.

ويقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في إحدى خطبه الواردة في كتاب «نهج البلاغة» في هذا المجال ما يلي : «اللهم بلى ، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إمّا ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، يحفظ الله بهم حججه وبيّناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم»(١) .

وواضح أن المجتمع البشري لو خلى من الرسل الثوريين والدعاة العالمين ، لعمت هذه المجتمع الخرافات والوساوس الشيطانية والانحرافات والجهل بالتعاليم الإلهية ، وتكون مثل هذه الحالة خير حجة بأيدي أولئك الذين يريدون الفرار والتخلي عن المسؤوليات ، لذلك فإن الله يبطل هذه الحجة عن طريق الرجال الرساليين المرتبطين به والموجودين دائما بين أبناء البشر.

وفي الختام تؤكد الآية على شمولية قدرة اللهعزوجل فتقول :( وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) وهذا بيان بأنّ إرسال الأنبياء والرسل وتعيين أوصيائهم أمر يسير بالنسبة لقدرة الله العزيز المطلقة.

* * *

__________________

(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة ١٤٧.

٦٥٨

الآيات

( وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠) يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١) قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (٢٢) قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣) قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤) )( قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥) قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٦) )

٦٥٩

التّفسير

بنو إسرائيل والأرض المقدسة :

جاءت هذه الآيات لتثير لدى اليهود دافع التوجه إلى الحق والسعي لمعرفته أوّلا،وإيقاظ ضمائرهم حيال الأخطاء والآثام التي ارتكبوها ثانيا ، ولكي تحفزهم إلى السعي لتلافي اخطائهم والتعويض عنها ، ويذكرهم القرآن في الآية الأولى بما قاله النّبي موسىعليه‌السلام لأصحابه حيث تقول :( وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ ) .

ولا يخفى أنّ عبارة (نعمة الله) تشمل جميع الأنعم الإلهية ، لكن الآية استطردت فبيّنت ثلاثا من أهم هذه النعم ، أوّلها نعمة ظهور أنبياء وقادة كثيرين بين اليهود ، والتي تعتبر أكبر نعمة وهبها الله لهم ، فتقول الآية :( إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ ) .وقد نقل أنّ في زمن موسى بن عمران وحده كان يوجد بين اليهود سبعون نبيّا ، وإنّ السبعين رجلا الذين ذهبوا مع موسىعليه‌السلام إلى جبل «الطور» كانوا كلهم بمنزلة الأنبياء.

وفي ظل هذه النعمة (نعمة وجود الأنبياء) نجى اليهود من هاوية الشرك والوثنية وعبادة العجل وتخلصوا من مختلف أنواع الخرافات والأوهام والقبائح والخبائث ، لذلك أصبحت هذه النعمة أكبر النعم المعنوية التي أنعم الله بها على بني إسرائيل.

بعد هذا تشير الآية إلى أكبر نعمة مادية وهبها الله لليهود فتقول :( وَجَعَلَكُمْ مُلُوكا ) وتعتبر هذه النعمة ـ أيضا ـ مقدمة للنعم المعنوية ، فقد عانى بنو إسرائيل لسنين طويلة من ذل العبودية في ظل الحكم الفرعوني ، فلم يكونوا ليمتلكوا في تلك الفترة أي نوع من حرية الإرادة ، بل كانوا يعاملون معاملة البهائم المكبلة في القيود ، وقد أنقذهم الله من كل تلك القيود ببركة النّبي موسى بن عمرانعليه‌السلام وملكهم مصائرهم ومقدراتهم.

٦٦٠

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710