الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٤

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 611

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 611 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 139446 / تحميل: 6850
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٤

مؤلف:
العربية

١
٢

٣

الآيتان

( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٤١) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢) )

سبب النّزول

وردت روايات عديدة في سبب نزول الآيتين الأخيرتين أوضحها ما نقل عن الإمام الباقرعليه‌السلام في هذا المجال ، وخلاصة ذلك أنّ أحد وجهاء اليهود في منطقة خيبر كان متزوجا ، فارتكب عملا غير شرعي ومخالفا للعفة مع امرأة

٤

متزوجة من عائلة خيبرية مشهورة ، فاغتم اليهود كيف ينفذون حكم التّوراة (الرجم) في وجيههم ذلك وفي شريكته في الذنب ، فأخذوا يبحثون عن حل لهذه المعضلة لينقذوهما من العقوبة المذكورة ، وفي نفس الوقت ليظهروا التزامهم بالأحكام الإلهية ، ودفعهم هذا الأمر إلى الاستعانة بأبناء طائفتهم الموجودين في المدينة المنورة ، وطلبوا منهم أن يسألوا عن حكم هذه الحادثة من النّبى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (حتى إذا كان الحكم بسيطا وخفيفا أخذوا به ، وإذا كان شديدا تجاهلوه وتناسوه ، ولعلهم أرادوا بسؤالهم ذلك أن يلفتوا انتباه نبيّ الإسلام إلى أنفسهم وليظهروا أنفسهم بأنّهم أصدقاء للمسلمين).

ولهذا الغرض توجه عدد من وجهاء يهود المدينة للقاء النّبى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسألهم النّبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن كانوا سيقبلون بكل حكم يصدره ، فأجابوه بأنّهم قدموا إليه لهذا السبب! فنزل في تلك الأثناء حكم رجم مرتكب الزنا مع المرأة المحصنة ، لكن اليهود لم يبدوا استعدادا لقبول هذا الحكم ، بدعوى أنّ ديانتهم تخلو من مثله ، فرد عليهم النّبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّ هذا الحكم هو نفس ذلك الذي هو عندهم في التّوراة ، وسألهم إن كانوا يقبلون بحضور أحد علمائهم ليتلو عليهم حكم التّوراة في تلك القضية ليأخذوا به ، فوافقوا على ذلك ، فسألهم النّبي عن رأيهم في العالم اليهودي (ابن صوريا) الذي كان يقطن منطقة (فدك) فأجابوه بأنّه خير من يعرف التّوراة من اليهود.

فبعث النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى هذا العالم ، فلمّا قدم عنده أقسم عليه النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالله الواحد الأحد الذي أنزل التّوراة على موسى وفلق البحر لإنقاذ بني إسرائيل وأغرق عدوّهم فرعون وأنزل عليهم نعمه في صحراء سيناء ، أن يصدق القول إن كان حكم الرجم قد نزل في التّوراة في مثل تلك الواقعة أم لم ينزل؟ فأجاب العالم اليهودي (ابن صوريا) بأنّه مرغم بسبب القسم الذي أقسمه عليه النّبي أن يقول الحقيقة ويعترف بوجود حكم الرجم في التّوراة.

٥

فسأل النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اليهود عن سبب احجامهم عن تطبيق الحكم المذكور ، فأجاب (ابن صوريا) بأنّهم كانوا يطبقون هذا الحكم بحقّ العامّة من أبناء طائفتهم ويصونون الأثرياء والوجهاء منهم من تنفيذ هذا الحكم بحقّهم ، فأدى هذا التهاون إلى انتشار الخطيئة المذكورة بين أثرياء اليهود حتى بادر إلى ارتكابها ابن عم لأحد رؤساء الطائفة ، فلم يطبق بحقه الحكم الشرعي بحسب العادة المتبعة لديهم ، وصادف في نفس ذلك الوقت أن ارتكب نفس الخطيئة أحد عامّة الناس من أبناء الطائفة ، فأرادوا تطبيق حكم الرجم بحقّه لكن أقاربه اعترضوا على ذلك ، وقالوا : إذا كان لا بدّ من تنفيذ هذا الحكم فيجب أن ينفذ بحق الاثنين (الوجيه اليهودي والشخص الآخر العادي) ، فعمد عند ذلك علماء الطائفة إلى سنّ حكم أخف من الرجم وهو أن يجلد الزناة ٤٠ جلدة وتسود وجوههم ويركبوا دابة ويطاف بهم في أزقة وأسواق المنطقة!

فأمر النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الفور أن يرجم ذلك الرجل الوجيه والمرأة الثرية أمام المسجد(١) وأشهد الله في ذلك الحين بأنّه هو أول شخص يحيي حكم الله بعد أن أماته اليهود.

في تلك الأثناء نزلت الآيتان الأخيرتان وتحدّثنا عن القضية المذكورة بالإيجاز.

التّفسير

التّحكيم بين الأنصار والأعداء :

تدلّ هاتان الآيتان والآيات التي تليهما ، على أنّ للقاضي المسلم الحق ـ في ظل شروطه خاصّة ـ في الحكم في جرائم الطوائف الأخرى من غير المسلمين ،

__________________

(١) ذكرت الرّوايات التي جاء بها (البيهقي) في الجزء الثامن من سننه ، ص ٢٦٦ أن علماء اليهود حين قدموا إلى النّبي كانوا قد جلبوا معهم الرجل والمرأة الزانيين.

٦

وسيأتي شرح هذا الموضوع في تفسير نفس هذه الآيات.

لقد بدأت الآية الاولى ـ من الآيتين الأخيرتين ـ الخطاب بعبارة( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ ) وقد وردت هذه العبارة في مكانين من القرآن : أوّلهما في الآية موضوع البحث ، والثّاني في الآية (٦٧) من نفس هذه السورة والتي تتعرض لقضية الولاية والخلافة. وربّما جاء استخدام هذا التعبير من أجل إثارة أكثر لدافع الشعور بالمسؤولية لدى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعزيز ارادته ، ومخاطبته بأنّه هو رسول الله ، وعليه أن يستقيم ويصمد في إبلاغ الحكم المكلّف به.

بعد ذلك تطمئن الآية النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ كتمهيد لبيان الحكم التالي ـ فتقول :( لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ) .

ويرى البعض أن عبارة( يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ) تختلف عن عبارة «يسارعون إلى الكفر» وذلك لأنّ العبارة الاولى تقال بشأن أفراد كافرين غارقين في كفرهم ، ويتسابقون فيما بينهم للوصول إلى آخر مرحلة من الكفر ، أمّا العبارة الثّانية فتقال في من يعيشون خارج حدود الكفر لكنّهم يتسابقون للوصول إليه(١) .

وبعد أن تذكر الآية تجاوزات المنافقين والأعداء الداخليين ، تتناول وضع الأعداء الخارجيين واليهود الذين كانوا سببا لحزن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتقول الآية :( وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا ) .

ثمّ تشير الآية إلى قسم من تصرفات هؤلاء المشوبة بالنفاق والرياء ، وفتؤكّد أنّهم إنّما يستمعون كلام النّبي لا لأجل أطاعته ، بل لكي يجعلوا من ذلك وسيلة لتكذيب النّبي والافتراء عليه حيث تقول الآية :( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ) .

ولهذه الجملة القرآنية تفسير آخر ، هو أنّ هؤلاء اليهود يستمعون كثيرا إلى أكاذيب قادتهم وزعمائمهم ، لكنّهم لا يبدون استعدادا لاستماع قول الحق

__________________

(١) المنار ، ج ٦ ، ص ٣٨٨.

٧

والإذعان له(١) .

ثمّ تفضح الآية الصفة الثالثة لليهود ، فتبيّن أنّهم يتجسّسون على المسلمين لمصلحة قوم آخرين ممّن لا يحضرون الاجتماعات الإسلامية التي تعقد في مجلس النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتقول الآية :( سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ) .

وفي تفسير آخر لهذه الجملة قيل أن هؤلاء اليهود كانوا يستمعون إلى أوامر جماعتهم ـ فقط ـ وقد كلّفهم قومهم بأن يقبلوا ما وافق أهواءهم من أقوال النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأن يخالفوا أو يرفضوا ما كان عكس ذلك من أقوالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبناء على هذا السلوك فإنّ ما كان يظهر من طاعة هؤلاء لبعض أقوال النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن في الحقيقة إلّا طاعة منهم لأقوال كبارهم ووجهائهم الذين أمروهم باتباع هذا الأسلوب ، ولذلك أشارت الآية على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا يحزن لمخالفات هؤلاء ، فهم لم يحضروا عنده أبدا من أجل الاستماع إلى الحقّ واتّباعه!

ثمّ تذكر الآية انحرافا آخر لهؤلاء اليهود ، فتشير إلى تحريفهم لكلام الله سبحانه وتعالى من خلال تحريف الألفاظ أو تحريف المعاني الواردة في هذا الكلام ، فهم إن وجدوا في كلام الله حكما يخالف مصالحهم أوّلوه أو رفضوه جملة وتفصيلا ، كما تقول الآية :( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ ) (٢) .

والأعجب من ذلك أنّ هؤلاء قبل أن يحضروا مجلس النّبي كانوا يقررون كما يأمرهم كبارهم أنّهم إن تلقوا من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكما موافقا لميولهم وأهوائهم قبلوا به ، وإن كان مخالفا لهوى أنفسهم ردوه وابتعدوا عنه ، تقول الآية الكريمة :( يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ) .

فهؤلاء قد غرقوا في الضلال وتحجرت عقولهم لغاية أنّهم كانوا يرفضون كل شيء يخالف ما عندهم من أحكام محرفة ، دون أن يبذلوا جهدا أو عناء في التفكير

__________________

(١) في التّفسير الأوّل تكون اللاء في عبارة (للكذب) لام التعليل بينما في التّفسير الثّاني فهي لام التعدية.

(٢) تحدثنا عن أساليب التحريف التي اتبعها اليهود في تفسير الآية (١٣) من نفس هذه السورة.

٨

لمعرفة الحقيقة ، وقد أبعدتهم هذه الحالة عن طريق الرشاد وأخرجتهم من جادة الصوا ، بحيث لم يبق أمل في هدايتهم ، فاستحقوا بذلك عذاب الله ، ولم تعد تنفع فيهم شفاعة الشافعين ، وفي هذا المجال تقول الآية الكريمة :( وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئا ) وقد تدنست قلوب هؤلاء إلى درجة لم تعد قابلة للتطهير ، وحرمهم الله لذلك طهارة القلوب ، فتقول الآية :( أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ) وعمل الله مقرون بالحكمة دائما ، لأن من يقضي عمرا في الانحراف ويمارس النفاق والكذب ويخالف الحق ويرفض الحقيقة ، ويحرف قوانين الله لن يبقى له مجال للتوبة والعودة إلى الحق ، حيث تقول الآية الكريمة في هذا المجال :( لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ) .

أمّا الآية الثّانية فتؤكّد ـ مرّة أخرى ـ على أن هؤلاء لديهم آذان صاغية لاستماع حديث النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا لإطاعته بل لتكذيبه ، أو كما يقول تفسير آخر فإنّ هؤلاء آذانهم صاغية لاستماع أكاذيب كبارهم ، فتقول الآية :( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ) وقد تكررت هذه الجملة في آيتين متتاليتين تأكيدا واثباتا لوجود هذه الصفة الشنيعة في هؤلاء.

كما أضافت الآية صفة شنيعة أخرى اتصف بها اليهود ، وهي تعودهم وادمانهم على أكل الأموال المحرمة والباطلة من الرّبا والرّشوة وغير ذلك ، حيث تقول الآية :( أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ) (١) .

ثمّ تخير الآية النّبي بين أن يحكم بينهم أو أن يتجنبهم ويتركهم ، حيث تقول الآية :فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ) ولا يعني التخيير أن يستخدم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ميله ورغبته في اختيار أحد الأمرين المذكورين ، بل إن

__________________

(١) تعني كلمة (سحت) في الأصل نزع القشرة ، أو شدّة الجوع ، ثمّ أطلقت على كل مال غير مشروع ، أي محرم ، وبالأخص الرشوة ، لأن مثل هذه الأموال تنزع الصفاء والمودة عن المجتمع وتزيل عنه البركة والرخاء مثلما يؤدي نزع قشر الشجرة إلى ذبولها وجفافها وعلى هذا الأساس فإن لكلمة (سحت) معنى واسعا ، وإذا ورد في بعض الرّوايات مصداق خاص لها فلا يدل ذلك على اختصاص الكلمة بذلك.

٩

المراد من ذلك هو أن يراعي النّبي الظروف والملابسات المحيطة بكل حالة ، فإن رأى الوضع يقتضي الحكم بينهم حكم ، وإن رأى خلاف ذلك تركهم وأعرض عنهم.

ولكي تعزز الآية الاطمئنان في نفس النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إن هو ارتأى الإعراض عن هؤلاء لمصلحة أكّدت قائلة :( وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً ) .

كما أكّدت ضرورة اتباع العدل وتطبيقه إذا كانت الحالة تقتضي أن يحكم النّبي بين هؤلاء فقالت الآية :( وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) .

وقد اختلف المفسّرون في قضية تخيير النظام الإسلامي بين الحكم في غير المسلمين بأحكام الإسلام أو الإعراض عنهم ، وهل أن هذا التخيير باق على قوته أو أنّه أصبح منسوخا؟

ويرى البعض أنّ الناس في ظل الحكم الإسلامي مشمولون من الناحيتين الحقوقية والجزائية بالقوانين الإسلامية ، سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين. وبناء على هذا الرأي فإن حكم التأخير إمّا أن يكون منسوخا وإمّا أنّه يخص غير الكفار الذميين ، أي يخض أولئك الكفار الذين لا يعيشون في ظل حكم اسلامي ، بل يرتبطون بالمسلمين باتفاقيات أو مواثيق ، أو يكون بينهم علاقات ود وتزاور.

ويعتقد مفسّرون آخرون أنّ الحاكم المسلم يكون مخيرا ـ حتى في الوقت الحاضر لدى التعامل مع غير المسلمين ، فهو إمّا أن يطبق فيهم الأحكام الإسلامية إذا اقتضت الضرورة والمصلحة ذلك ، وإمّا أن يعرض عنهم ويحيلهم إلى قوانينهم الخاصّة بهم ، بحسب ظروف وملابسات كل حالة «للاطلاع أكثر على تفاصيل هذا الحكم تراجع كتب الفقه».

* * *

١٠

الآية

( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣) )

التّفسير

تتابع هذه الآية موضوع الحكم بين اليهود تطرقت إليه الآيتان السابقتان ، اللتان بيّنتا أنّ اليهود كانوا يأتون إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويطلبون منه الحكم فيهم ، وقد أظهرت هذه الآية الأخيرة الاستغراب من حالة اليهود الذين كانوا مع وجود التّوراة بينهم ، واحتوائها على حكم الله ، يأتون إلى النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويطلبون منه الحكم فيهم بالرغم من وجود التّوراة عندهم ، فتقول :( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ) .

ويجب الانتباه إلى أنّ المقصود من الحكم في الآية هو حكم الرجم للزاني المحصن من الرجال والنساء والذي ورد في التّوراة أيضا ، في سفر التثنية الفصل الثّاني والعشرين.

والعجيب في أمر هؤلاء اليهود أنّهم مع وجود التّوراة بينهم وعدم اعترافهم بنسخها من قبل القرآن ورفضهم للشريعة الإسلامية ، كانوا حين يرون حكما في التّوراة لا يوافق ميولهم وأهوائهم يتركون ذلك الحكم ويبحثون عن حكم آخر في

١١

مصادر لم يقرّوا ولم يعترفوا بها.

والأعجب من ذلك أنّهم حين كانوا يطلبون التحكيم من نبي الإسلام بينهم ، كانوا لا يقبلون بحكمه إذا كان مطابقا لحكم التّوراة لكنه لم يوافق ميولهم ورغباتهم حيث تقول الآية :( ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ) وما ذلك إلّا لأن هؤلاء لم يكونوا بمؤمنين في الحقيقة ، ولو كانوا مؤمنين لما استهزءوا هكذا بأحكام الله ، حيث تؤكّد الآية قائلة :( وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) .

وقد يرد اعتراض في هذا المجال وهو : إن الآية الشريفة تقرّ بوجود حكم الله في التّوراة ونحن نعلم عن طريق القرآن والرّوايات الإسلامية ، بأن التّوراة قد أصابها التحريف قبل ظهور نبي الإسلام محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

إنّ جوابنا على هذا الاعتراض هو أننا أوّلا : لا نقول بأن التحريف قد أصاب التّوراة كلّها ، بل نقر بوجود أحكام في التّوراة تطابق الحقيقة والواقع ، وحكم الرجم ـ الذي هو موضوع بحثنا الآن ـ من الأحكام التي لم تصبها يد التحريف في التّوراة.

ثانيا : إنّ التّوراة مهما كان حالها لا يعتبرها اليهود كتابا محرفا ، ولذلك فإن الغرابة هنا تكمن في رفض اليهود العمل بحكم الله مع وجوده في توراتهم.

* * *

١٢

الآية

( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (٤٤) )

التّفسير

إنّ هذه الآية والآية التي تليها تكملان البحث أو الموضوع الوارد في الآيات السابقة ، وتبيّن هذه الآية أهمية الكتاب السماوي الذي نزل على النّبي موسىعليه‌السلام أي التّوراة ، حيث تشير إلى أنّ الله أنزل هذا الكتاب وفيه الهداية والنّور اللذان يرشدان إلى الحق ، وأن النّور والضياء الذي فيه هو لإزاحة ظلمات الجهل من العقول فتقول الآية :( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ ) .

ولذلك فإنّ الأنبياء الذين أطاعوا أمر الله ، والذين تولوا مهامهم بعد نزول التّوراة كانوا يحكمون بين اليهود بأحكام هذا الكتاب ، تقول الآية الكريمة :( يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا ) .

١٣

كما أنّ علماء اليهود ووجاءهم ومفكريهم المؤمنين الأتقياء ، كانوا يحكمون وفق هذا الكتاب السماوي الذي وصل أمانة بأيديهم وكانوا شهودا عليه ، حيث تقول الآية :( وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ ) (١) .

ثمّ توجه الآية الخطاب إلى أولئك العلماء والمفكرين من اليهود الذين كانوا يعيشون في ذلك العصر ، فتطلب منهم أن لا يخافوا الناس لدى بيان أحكام الله ، بل عليهم أن يخافوا الله ، فلا تسول لهم أنفسهم مخالفة أوامره أو كتمان الحق ، وإن فعلوا ذلك فسيلقون الجزاء والعقاب ، فتقول الآية هنا :( فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ) .

ثمّ تحذر الآية من الاستهانة والاستخفاف بآيات الله ، فتقول :( وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً ) .

وحقيقة كتمان الحق وأحكام الله نابعة إمّا عن الخوف من الناس ، وإمّا بدافع المصلحة الشخصية ، وأيّا كان السبب فهو دليل على ضعف الإيمان وانحطاط الشخصية ، وقد أشير في الجمل القرآنية أعلاه إلى هذين السببين.

وتصدر الآية حكما صارما وحازما على مثل هؤلاء الأفراد الذين يحكمون خلافا لما أنزل الله فتقول :( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) .

وواضح أنّ عدم الحكم بما أنزل الله يشمل السكوت والابتعاد عن حكم الله الذي يؤدي بالناس إلى الضلال ، كما يشمل التحدث بخلاف حكم الله.

وواضح ـ أيضا ـ أنّ للكفر مراتب ودرجات مختلفة ، تبدأ من إنكار أساس وجود الله ويشمل عصيان أوامره ، لأنّ الإيمان الكامل يدعو ويحثّ الإنسان على

__________________

(١) لقد تطرقنا إلى معنى كلمة (رباني) ومصدرها لدى تفسير الآية (٨٠) من سورة آل عمران ، أمّا كلمة (أحبار) فهي صيغة جمع من (حبر) على وزن (فكر) فهي تعني كل أثر خير ، أطلقت على المفكرين الذين يخلفون أثارا خيرة في مجتمعهم ، ويطلق أيضا على حبر الدواة الذي يستعمل للكتابة لما فيه من أثر خير.

١٤

العمل وفق أوامر الله ، ومن لا عمل له ليس له ايمان كامل.

وتبيّن هذه الآية ـ أيضا ـ المسؤولية الكبرى التي يتحملها علماء ومفكر وأكل أمّة حيال العواصف الاجتماعية ، والأحداث التي تقع في بيئاتهم ، وتدعو بأسلوب حازم لمكافحة الانحرافات وعدم الخوف من أي بشر ـ كائنا من كان ـ لدى تطبيق أحكام الله.

* * *

١٥

الآية

( وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥) )

التّفسير

القصاص والعفو :

تشرح هذه الآية الكريمة قسما آخر من الأحكام الجنائية والحدود الإلهية التي وردت في التّوراة ، فتشير إلى ما ورد في هذا الكتاب السماوي من أحكام وقوانين تخص القصاص ، وتبيّن أن من يقتل إنسانا بريئا فإنّ لأولياء القتيل حق القصاص من القاتل بقتله نفسا بنفس. حيث تقول الآية في هذا المجال :( وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) .

كما بيّنت أن من يصيب عين انسان آخر ويتلفها ، يستطيع هذا الإنسان المتضرر في عينه أن يقتص من الفاعل ويتلف عينه ، إذ تقول الآية في هذا المجال :( وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ) .

١٦

وكذلك الحال بالنسبة للأنف والأذن والسن والجروح الأخرى ،( وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ) .

وعلى هذا الأساس فإنّ حكم القصاص يطبق بشكل عادل على المجرم الذي يرتكب أحد الجرائم المذكورة ، دون الالتفات إلى عنصره أو قوميته أو طبقته الاجتماعية أو طائفته ، ولا مجال أبدا لاستخدام التمايز القومي أو الطبقي أو الطائفي لتأخير تطبيق حكم القصاص على الجاني.

وبديهي أنّ تطبيق حكم القصاص على المعتدي شأنه شأن الأحكام الإسلامية الأخرى ، مقيد بشروط وحدود ذكرتها كتب الفقه ، ولا يختص هذا الكلام ولا ينحصر ببني إسرائيل وحدهم ، لأنّ الإسلام ـ أيضا ـ جاء بنظيره كما ورد في آية القصاص في سورة البقرة ـ الآية (١٧٨).

وقد أنهت هذه الآية التمايز غير العادل الذي كان يمارس في ذلك الوقت حيث ذكرت بعض التفاسير أنّ تمايزا غريبا كان يسود بين طائفتين من اليهود ، هما بنو النضير وبنو قريظة الذين كانوا يقطنون المدينة المنورة في ذلك العصر ، لدرجة أنّه إذا قتل أحد أفراد طائفة بني النضير فردا آخر من طائفة بني قريظة فالقاتل لا ينال القصاص ، بينما في حالة حصول العكس فإن القاتل الذي كان من طائفة بني قريظة كان ينال القصاص إن هو قتل واحدا من أفراد طائفة بني النضير.

ولمّا امتد نور الإسلام إلى المدينة سأل بنو قريظة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن هذا الأمر ، فأكّد النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا فرق في الدماء بين دم ودم فاعترضت قبيلة بني النضير على حكم النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وادعت أنّ حكمه حطّ من شأنهم ، فنزلت الآية الأخيرة وبيّنت أنّ هذا الحكم غير مختص بالإسلام ، بل حتى الديانة اليهودية أوصت بتطبيق قانون القصاص بصورة عادلة(١) .

ولكي لا يحصل وهم أنّ القصاص أو المقابلة بالمثل أمر الزامي لا يمكن

__________________

(١) تفسير القرطبي ، الجزء الثّالث ، ص ٢١٨٨.

١٧

الحيدة عنه ، استدركت الآية بعد ذكر حكم القصاص فبيّنت أن الذي يتنازل عن حقه في هذا الأمر ويعفو ويصفح عن الجاني ، يعتبر عفوه كفارة له عن ذنوبه بمقدار ما يكون للعفو من أهمية( فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ) (١) .

ويجب الانتباه إلى أنّ الضمير الوارد في كلمة (به) يعود على القصاص ، وكانت الآية جعلت التصدق بالقصاص عطية أو منحة للجاني واستخدام عبارة «التصدق» والوعد الذي قطعه الله للمتصدق ، يعتبران عاملا محفزا على العفو والصفح ، لأنّ القصاص لا يمكنه أن يعيد للإنسان ما فقده مطلقا ، بل يهبه نوعا من الهدوء والاستقرار النفسي المؤقت ، بينما العفو الذي وعد به الله للمتصدق ، بإمكانه أن يعوضه عما فقده بصورة أخرى ، وبذلك يزيل عن قلبه ونفسه بقايا الألم والاضطراب ، ويعتبر هذا الوعد خير محفز لمثل هؤلاء الأشخاص.

وقد ورد عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله ـ الإمام الصادق ـعليه‌السلام عن قوله اللهعزوجل :( فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَ ) قال : «يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفى»(٢) .

وتعتبر هذه الجملة القرآنية في الحقيقة خير جواب مفحم للذين يزعمون أن القصاص ليس بقانون عادل ، ويدعون أنّه يشجع روح الانتقام والمثلة.

والذي يفهم من الصياغة العامّة للآية هو أنّ جواز القصاص إنّما هو لإخافة وإرعاب الجناة وبالنتيجة لضمان الأمن لأرواح الناس الأبرياء ، كما أنّ الآية فتحت باب العفو والتوبة ، وبذلك أراد الإسلام أن يحول دون ارتكاب مثل هذه الجرائم باستخدام الروادع والحوافز كالخوف والأمل ، كما استهدف الإسلام من ذلك ـ أيضا ـ الحيلولة دون الانتقام للدم بالدم بقدر الإمكان ـ إذا استحق الأمر

__________________

(١) لقد أورد الكثير من المفسّرين احتمالا آخر ، وهو أن الضمير الوارد في كلمة «له» يعود على شخص الجاني ، بحيث يصبح المعنى أن الذي يتنازل عن حقه يرفع بذلك القصاص عن الجاني ويكون ذلك كفارة لعمل الجاني ، إلّا أن ظاهر الآية يدل على التفسير الذي أشرنا إليه أعلاه.

(٢) نور الثقلين ، الجزء الأول ، ص ٦٣٧.

١٨

ذلك.

وفي الختام تؤكّد الآية قائلة :( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .

وأي ظلم أكبر من الانجرار وراء العاطفة الكاذبة ، وترك القاتل دون أن ينال قصاصه العادل بحجّة لا ضرورة في غسل الدم بالدم ، وفسح المجال للقتلة للتمادي بارتكاب جرائم قتل أخرى ، وبالنهاية الإساءة عبر هذا التغاضي إلى أفراد أبرياء ، وممارسة الظلم بحقّهم نتيجة لذلك.

ويجب الانتباه إلى أنّ التّوراة المتداولة حاليا قد اشتملت على هذا الحكم أيضا ، وذلك في الفصل الواحد والعشرين من سفر الخروج ، حيث جاء فيها أنّ النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن واليد باليد والرجل بالرجل والحرق بالحرق والجرح بالجرح والصفعة بالصفعة (سفر الخروج ، الجمل ٢٣ و ٢٤ و ٢٥).

* * *

١٩

الآية

( وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) )

التّفسير

بعد الآيات التي تحدثت عن التّوراة جاءت هذه الآية ، وهي تشير إلى حال الإنجيل وتؤكّد بعثة ونبوة المسيحعليه‌السلام بعد الأنبياء الذين سبقوه ، وتطابق الدلائل التي جاء بها مع تلك التي وردت في التّوراة ، حيث تقول الآية :( وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ ) ولهذه الجملة القرآنية تفسير آخر وهو أنّ عيسى المسيحعليه‌السلام قد أقرّ بحقيقة كلّ ما نزل في التّوراة على النّبي موسىعليه‌السلام كاقرار جميع الأنبياءعليهم‌السلام بنبوة من سبقوهم من الأنبياء ، وبعدالة ما جاؤوا به من أحكام.

ثمّ تشير الآية الكريمة إلى إنزال الإنجيل على المسيحعليه‌السلام وفيه الهداية والنّور فتقول :( وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ ) وقد أطلق اسم النّور في القرآن المجيد على التّوراة والإنجيل والقرآن نفسه ، حيث نقرأ بشأن التّوراة قوله تعالى :( إِنَّا

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

وجعلتني من أهل اجابتك وأهل دينك وأهل دعوتك ، ووفقتني لذلكفي مبتدء خلقي تفضلا منك وكرما وجودا ، ثم زدت الفضل فضلا ،والجود جودا ، والكرم كرما ، رأفة منك ورحمة ، ان جددت ذلك العهدبعد تجديدك خلقي ، وانا أنسي منسي ساه غافل ، فأتممت علي نعمتكبان ذكرتني ذلك ومننت به علي وهديتني له ، فليكن من شأنك يا الهيوسيدي ومولاي ان تتم لي ذلك ولا تسلبنيه حتى تتوفاني وانا عليهوأنت عني راض ، فأنت أحق المنعمين بان تتم نعمتك علي.

اللهم سمعنا وأطعنا واجبنا داعيك نبيك فلك الحمد ، نسألكغفرانك ربنا واليك المصير ، امنا بالله وحده لا شريك له وبمحمد صلىالله عليه وعلى أهل بيته واجبنا داعي الله واتبعنا الرسول بموالاةمولانا ومولى المؤمنين عند الله وأخي رسوله الصديق الأكبر ، وحجةالله على بريته ، المؤيد به نبيه ودينه الحق المبين ، علما لدين الله ،وخازنا لعلمه ، وعيبة لوحيه ، وموضع سر الله ، وامين الله على خلقهوشاهده في بريته.

ربنا اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان ان امنوا بربكم فآمنا ، ربنافاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ، ربنا وآتنا ما وعدتناعلى رسلك ولا تخزنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد ، فآتنا يا ربنابلطفك ومنك ، أجبنا داعيك واتبعنا الرسول وصدقنا مع مولىالمؤمنين وكفرنا بالجبت والطاغوت ، فولنا مع من تولينا ، واحشرنا مع

٣٢١

أئمتنا ، فانا بهم مؤمنون موقنون ولهم مسلمون

امنا بسرهم وعلانيتهم وغائبهم ، وحيهم وميتهم ، رضينا بهمأئمة وسادة ، وحسبنا بهم بيننا وبين الله دون خلقه ، لا نبغي بهم بدلاولا نتخذ من دونه وليجة ، برئنا إلى اللهعزوجل من كل من نصب لهحربا من الجن والإنس من أول الدهر إلى آخره.

اللهم انا نشهد انا ندين بما دان به محمد وأهل بيته ، وقولنا ماقالوا ، وديننا ما دانوا به ، ما قالوا قلنا ، وما دانوا دنا ، وما أنكروا أنكرنا ،ومن والوا والينا ، ومن عادوا عادينا ، ومن لعنوا لعنا ، ومن برئوا برئنامنه ، ومن ترحموا عليه ترحمنا عليه ، آمنا وسلمنا ورضينا مواليناصلوات الله عليهم.

اللهم فتمم ذلك به لنا ولا تسلبنا إياه ، واجعله مستقرا ولا تجعلهمستودعا ، أحينا ما أحييتنا عليه ، وأمتنا إذا أمتنا عليه ، ال محمد أئمتنا ،وبهم نأتم ، ولهم نوالي وعدوهم نعادي ، فاجعلنا معهم في الدنياوالآخرة ومن المقربين فانا بذلك وافون.

ثم تسجد وتحمد الله مائة مرة وتشكره مائة مرة وأنت ساجد.

فإذا فرغت من دعائك فقل مائة مرة :

الحمد لله على اكمال الدين واتمام النعمة ورضى الرب الكريموالحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله(1) .

__________________

(1) رواه في الاقبال 2 : 277 ، عنه البحار 98 : 298.

٣٢٢

القسم الرابع

في زيارة أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام وفضيلتها

واعمال شهر شعبان وذي الحجة

٣٢٣

٣٢٤

الباب (1)

ما ورد في فضل أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه

وثواب زيارته والحث على ذلك

1 ـ وبالاسناد المتقدم ، قال : حدثنا أبيرحمه‌الله ، قال : حدثناسعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بنإسماعيل ، عن الخيبري(1) ، عن الحسين بن محمد القمي ، عن أبي الحسنالرضاعليه‌السلام قال : قال : من زار قبر أبي عبد الله الحسين بن عليعليهما‌السلام بشطالفرات كان كمن زار الله فوق عرشه(2) .

2 ـ وبالاسناد عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بنأبي عمير ، عن عيينة(3) بياع القصب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من اتى

__________________

(1) في الأصل : الحريري ، ما أثبتناه هو الأصح ، لأنه خيبري بن علي الطحان ، الراوي عنمحمد بن إسماعيل بن بزيع ، راجع معجم الرجال 7 : 78.

(2) رواه في ثواب الأعمال : 110 ، كامل الزيارة : 147 ، التهذيب 6 : 45 ، عنهم البحار101 : 70 ، الوسائل 14 : 411.

(3) في الأصل : عتيبة ، ما أثبتناه هو الأصح ، لأنه عيينة بن ميمون البجلي مولاه القصباني ،ذكره الشيخ في رجاله : 262 ، الرقم : 3733.

٣٢٥

الحسين عارفا بحقه كتبه الله في أعلى عليين(1)

3 ـ وبالاسناد عن محمد بن أحمد ، عن علي بن إسماعيل ، عنمحمد بن عمرو الزيات ، عن فائد(2) الخياط ، عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال : من زار قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم منذنبه وما تأخر(3) .

4 ـ وبالاسناد قال : حدثني محمد بن أحمد(4) ، عن أبيه ، عن محمدابن احمد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عنالخيبري(5) ، عن الحسين بن محمد القمي ، قال أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد اللهعليه‌السلام بشط الفرات إذا عرف حقهوحرمته وولايته ان يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر(6) .

__________________

(1) رواه في ثواب الأعمال : 110 ، كامل الزيارة : 279 مسندا ، وفي الفقيه 2 : 347 مرسلا ،عنهم البحار 101 : 70 ، الوسائل 14 : 417.

(2) قائد ( خ ل ) ، أقول : اختلف أصحاب الرجال بين كون اسمه : فائد أو قائد ، والحناطأو الخياط ، والظاهر أنهما واحد ، وما هو المذكور في الروايات هو فائد ، كما ذكره الشيخ والنجاشي بهذا العنوان ، وان عنونه البرقي بقائد ، راجع معجم الرجال 13 : 245 ، 14 : 71.

(3) رواه الصدوق في أماليه : 122 و 197 ، ثواب الأعمال : 110 ، وابن قولويه في الكامل: 262 ، عنهم البحار 101 : 21 ، الوسائل 14 : 418.

(4) في الأصل : حسين بن أحمد ، وهو تصحيف ، لأنه محمد بن أحمد بن يحيى العطار ،راجع المصادر.

(5) في الأصل : الحريري ، ذكرنا قبيل هذا بان الأصح : الخيبري.

(6) رواه الكليني في الكافي 4 : 582 ، والصدوق في ثواب الأعمال : 111 ، والفقيه2 : 348 ، وابن قولويه في الكامل : 263 ، عنهم البحار 101 : 24 ، الوسائل 14 : 410.

٣٢٦

5 ـ وبالاسناد قال : حدثنا أبيرحمه‌الله ، عن محمد بن يحيى ، عنمحمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن علي بنأبي عثمان ، عن إسماعيل بن عباد ، عن الحسن بن علي ، عن أبي سعيد(1) المدائني ، قال : دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلت له : جعلت فداك آتيقبر الحسينعليه‌السلام ، قال : نعم يا أبا سعيد ائت قبر ابن رسول الله أطيبالطيبين واطهر الأطهرين وابر الأبرين ، فإذا زرته كتب الله لك اثنينوعشرين عمرة(2) .

6 ـ وبالاسناد قال : حدثني محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنيالحسين بن الحسن بن ابان ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ،عن إسحاق بن إبراهيم ، عن هارون ، قال : سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام واناعنده : ما لمن زار قبر الحسينعليه‌السلام فقال : ان الحسين وكل الله به أربعةآلاف ملك شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ، فقلت له : بابي أنت وأميأنت تروي ابائك في الحج ، قال : نعم حجة وعمرة حتى عد عشرا(3) .

7 ـ وبالاسناد عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ،

__________________

(1) في الأصل : أبو سعد ، ما أثبتناه هو الصحيح ، عنونه الشيخ في رجاله : 326 ، الرقم: 4878.

(2) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 79 و 83 ، وابن قولويه في الكامل : 291 و 303 و308 ، عنهم البحار 101 : 28 و 34 و 41 ، الوسائل 14 : 448.

(3) رواه مع اختلاف ابن قولويه في الكامل : 300 ، عنه البحار 101 : 39.

٣٢٧

عن عبد الله بن القاسم ، عن عمر بن ابان الكوفي(1) ، عن أبان بن تغلب قال :قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ان أربعة آلاف ملك عند قبر الحسينعليه‌السلام شعثغبر يبكونه إلى يوم القيامة ، رئيسهم ملك يقال له منصور ، فلا يزوره زائرالا استقبلوه ، ولا يودعه مودع إلا شيعوه ، ولا يمرض الا عادوه ،ولا يموت الا صلوا على جنازته ، واستغفروا له بعد موته(2) .

8 ـ وبالاسناد قال : حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بنالحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، قال :حدثنا علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : وكلاللهعزوجل بالحسينعليه‌السلام سبعين الف ملك يصلون عليه [ كل يوم ، شعثاغبرا من يوم قتل إلى ما شاء الله ](3) ويدعون لمن زاره ويقولون : يا ربناهؤلاء زوار الحسين افعل بهم وافعل بهم(4) .

9 ـ وبهذا الاسناد عن بشير الدهان قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

__________________

(1) في المصادر : الكلبي ، وكلاهما صحيح ، عنونه الشيخ في رجاله : 253 ، الرقم : 3561 ،وفيه : عمر بن ابان الكلبي ، مولى أبو حفص ، كوفي.

(2) رواه الكليني في الكافي 4 : 581 ، والصدوق في أماليه : 22 و 122 ، ثواب الأعمال: 113 ، وابن قولويه في الكامل : 231 و 350 ، والنعماني في الغيبة : 168 ، والراوندي فيالخرائج 1 : 325 ، عنهم البحار 101 : 63 ، الوسائل 14 : 409.

(3) من المصادر.

(4) رواه الصدوق في الفقيه 2 : 347 ، ثواب الأعمال : 113 ، وابن قولويه في الكامل : 232 ،والشيخ في التهذيب 6 : 47 ، عنهم البحار 101 : 54 ، الوسائل 14 : 416.

٣٢٨

ربما فاتني الحج فاعترفت(1) عند قبر الحسينعليه‌السلام ، قال : أحسنت يا بشيرأيما مؤمن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتبت لهعشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات وعشرون غزوة معنبي مرسل أو امام عادل ، ومن أتاه في يوم عيد كتبت له مائة حجة ومائةعمرة ومائة غزوة مع نبي مرسل أو امام عادل ، ومن أتاه في يوم عرفةعارفا بحقه كتبت له الف حجة والف عمرة متقبلات والف غزوة مع نبيمرسل أو امام عادل.

قال : فقلت له : وكيف لي بمثل الموقف ، قال : فنظر إلي شبهالمغضب ثم قال : يا بشير ان المؤمن إذا اتى قبر الحسينعليه‌السلام يوم عرفةفاغتسل بالفرات ثم توجه إليه كتبت له بكل خطوة حجة بمناسكهاولا اعلمه الا قال : وغزوة(2) .

10 ـ وبالاسناد عن صالح ، عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ان لله ملائكة موكلين بقبر الحسينعليه‌السلام فإذا هم الرجل بزيارتهأعطاهم الله ذنوبه ، فإذا أخطأ محوها ، ثم إذا خطا ضاعفوا بها له حسناته ،فما تزال حسناته تضاعف حتى يوجب له الجنة ، ثم اكتفوه فقدسوه

__________________

(1) في المصادر : فاعرف.

(2) رواه الكليني في الكافي 4 : 580 ، والصدوق في أماليه : 123 ، ثواب الأعمال : 115 ،الفقيه 2 : 346 ، وابن قولويه في الكامل : 316 ، والشيخ في التهذيب 6 : 46 ، الأمالي 1 : 204 ،مصباح المتهجد : 497 ، عنهم البحار 101 : 85 و 90 ، الوسائل 14 : 460 ، ذكر عجزه الكفعمي فيمصباحه : 501.

٣٢٩

وينادون ملائكة السماء ان قدسوا زوار حبيب الله(1) فإذا اغتسلوا ناداهممحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا وفد الله أبشروا بمرافقتي في الجنة ، ثم ناداهمأمير المؤمنينعليه‌السلام : انا ضامن لقضاء حوائجكم ودفع البلاء عنكم فيالدنيا والآخرة ، ثم اكتنفوهم(2) عن ايمانهم وعن شمائلهم حتى ينصرفواإلى أهاليهم(3) .

11 ـ وبالاسناد عن الأعمش قال : كنت نازلا بالكوفة وكان لي جاركثيرا ما كنت اقعد إليه وكان ليلة الجمعة فقلت له : ما تقول في زيارةالحسين ، فقال لي : بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، فقمتمن بين يديه وانا ممتلئ غيظا(4) وقلت : إذا كان السحر اتيته فحدثته منفضائل أمير المؤمنين ما يشحن(5) الله به عينيه.

قال : فأتيته وقرعت عليه الباب ، فإذا انا بصوت من وراء الباب انهقد قصد الزيارة في أول الليل ، فخرجت مسرعا فأتيت الحير ، فإذا انابالشيخ ساجد لا يمل من السجود والركوع ، فقلت له : بالأمس تقول ليبدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار واليوم تزوره ، فقال لي :

__________________

(1) حبيب حبيب الله ( خ ل ).

(2) في الكامل : اكتنفهم ( التقاهم ) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(3) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 111 ، وابن قولويه في الكامل : 254 و 287 ، عنهماالبحار 101 : 65 ، الوسائل 14 : 484.

(4) غضبا ( خ ل ).

(5) يسخن ( خ ل ) ، شحنه : ملاه.

٣٣٠

يا سليمان لا تلمني فاني ما كنت أثبت لأهل هذا البيت امامة حتى كانتليلتي هذه فرأيت رؤيا أرعبتني(1) ، فقلت : ما رأيت أيها الشيخ.

قال : رأيت رجلا لا بالطويل الشاهق ولا بالقصير اللاصق ، لا أحسنأصفه من حسنه وبهائه ، معه أقوام يحفون به حفيفا ويزفونه زفا ، بينيديه فارس على فرس له ذنوب ، على رأسه تاج ، للتاج أربعة أركان ، فيكل ركن جوهرة تضئ مسيرة ثلاثة أيام ، فقلت : من هذا ، فقالوا : محمد بنعبد الله بن عبد المطلبصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت : والاخر ، فقالوا : وصيه علي بنأبي طالبعليه‌السلام ، ثم مددت عيني فإذا انا بناقة من نور عليها هودج من نورتطير بين السماء والأرض ، فقلت : لمن الناقة ، قالوا : لخديجة بنتخويلد وفاطمة بنت محمد ، قلت : والغلام ، قالوا : الحسن بن علي ، قلت :فأين يريدون ، قالوا : يمضون بأجمعهم إلى زيارة المقتول ظلما الشهيدبكربلاء الحسين بن علي ، ثم قصدت الهودج وإذا انا برقاع تساقط منالسماء أمانا من الله جل ذكره لزوار الحسين بن علي ليلة الجمعة ، ثمهتف بنا هاتف : الا اننا وشيعتنا في الدرجة العليا من الجنة ، والله ياسليمان لا أفارق هذا المكان حتى يفارق روحي جسدي(2) .

12 ـ وبالاسناد قال : حدثني محمد بن الحسن ، قال : حدثنيأحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد

__________________

(1) أرغبتني ( خ ل ).

(2) عنه البحار 101 : 58.

٣٣١

ابن إسماعيل ، عن الخيبري ، عن موسى بن القاسم الحضرمي ، قال : وردأبو عبد اللهعليه‌السلام في أول ولاية أبي جعفر فنزل النجف فقال : يا موسىاذهب إلى الطريق الأعظم فقف على الطريق وانظر فإنه سيجيئك رجلمن ناحية القادسية ، فإذا دنا منك فقل له : هاهنا رجل من ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوك ، فإنه سيجئ معك.

قال : فذهبت حتى قمت على الطريق والحر شديد ، فلم أزل قائماحتى كدت اعصي وانصرف وادعه ، إذ نظرت إلى شئ مقبل شبه رجلعلى بعير ، قال : فلم أزل انظر إليه حتى دنا مني ، فقلت له : يا هذا هاهنارجل من ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوك وقد وصفك لي ، فقال : اذهب بناإليه ، قال : فجاء حتى أناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة ، قال : فدعا بهفدخل الاعرابي إليه ودنوت انا ، فصرت على باب الخيمة اسمع الكلامولا أراهما.

فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : من أين قدمت ، قال : من أقصى اليمن ، قال :فأنت من موضع كذا وكذا ، قال : نعم انا من موضع كذا وكذا ، قال : فيمجئت هاهنا ، قال : جئت زائرا للحسينعليه‌السلام ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :فجئت من غير حاجة ليس الا للزيارة ، قال : جئت من غير حاجة ليسالا ان أصلي عنده وأزوره واسلم عليه وارجع إلى أهلي.

قال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : وما ترون في زيارته ، قال : انا نرى(1) في

__________________

(1) نروي ( خ ل ).

٣٣٢

زيارته البركة في أنفسنا وأهالينا وأولادنا وأموالنا ومعايشنا وقضاءحوائجنا ، قال : فقال له أبو عبد الله : أفلا أزيدك من فضله فضلا ياأخا اليمن ، قال : زدني يا بن رسول الله ، قال : ان زيارة أبي عبد اللهعليه‌السلام تعدل حجة مقبولة متقبلة زاكية مع رسول اللهعليه‌السلام ، فتعجب من ذلك ،فقال : اي والله وحجتين مبرورتين متقبلتين زاكيتين مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،فتعجب من ذلك ، فلم يزل أبو عبد اللهعليه‌السلام يزيد حتى قال : ثلاثين حجةمبرورة متقبلة زاكية مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) .

13 ـ وبالاسناد قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بنالحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن يزيد بنعبد الملك ، قال : كنت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام فمر يوما على حمير فقال :أين يريد هؤلاء ، فقلت : قبور الشهداء ، قال : فما يمنعهم من زيارة قبرالغريب(2) ، فقال له رجل من العراق : زيارته واجبة ، قال : زيارته خير منحجة وعمرة وعمرة وحجة ، حتى عد عشرين حجة وعمرة ، ثم قال :مبرورات متقبلات.

قال : فوالله ما قمت حتى اتاه رجل فقال : اني قد حججت تسععشرة حجة فادع الله لي ان يرزقني تمام العشرين ، قال : فهل زرت قبر

__________________

(1) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 118 ، وابن قولويه في الكامل : 304 ، عنهما البحار101 : 38 ، الوسائل 14 : 450.

(2) في المصادر : زيارة الشهيد الغريب.

٣٣٣

الحسين ، قال : لا ، قال : لزيارته خير من عشرين حجة(1)

14 ـ وبالاسناد عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عنمحمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن وهب ، قال : دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وهو في مصلاه ، فجلست حتى قضى صلاته ، فسمعته وهو يناجيربه فيقول :

يا من خصنا بالكرامة ، ووعدنا الشفاعة ، وحملنا الرسالة ، وجعلناورثة الأنبياء ، وختم بنا الأمم السالفة ، وخصنا بالوصية ، وأعطانا علم مامضى وعلم ما بقي ، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا ، اغفر ليولإخواني ، ولزوار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي صلى الله عليه ،الذين انفقوا أموالهم ، وأشخصوا أبدانهم ، رغبة في برنا ، ورجاء لماعندك في صلتنا ، وسرورا أدخلوه على نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإجابة منهم لامرنا ، وغيظا أدخلوه على عدونا ، أرادوا بذلكرضوانك.

فكافهم عنا بالرضوان ، واكلأهم بالليل والنهار ، واخلف علىأهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف ، واصحبهم ، واكفهمشر كل جبار عنيد ، وكل ضعيف من خلقك وشديد ، وشر شياطين الجن والإنس، وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم ، وما

__________________

(1) رواه الكليني في الكافي 4 : 581 ، والصدوق في ثواب الأعمال : 119 ، وابن قولويه فيالكامل : 302 و 305 ، عنهم البحار 101 : 40 ، الوسائل 14 : 448.

٣٣٤

آثرونا على أبنائهم(1) وأهاليهم وقراباتهم.

اللهم ان أعداءنا عابوا عليهم خروجهم ، فلم ينههم ذلك عنالنهوض والشخوص إلينا خلافا منهم على من خالفنا ، اللهم فارحم تلكالوجوه التي غيرتها الشمس ، ارحم تلك الخدود التي تقلب على قبرأبي عبد اللهعليه‌السلام ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمةلنا ، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا ، وارحم تلكالصرخة التي كانت لنا.

اللهم إني استودعك تلك الأنفس ، وتلك الأبدان ، حتى ترويهم منالحوض يوم العطش.

قال : فما زال صلوات الله عليه يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد ، فلماانصرف قلت له : جعلت فداك لو أن الدعاء الذي سمعته منك كان لمنلا يعرف الله لظننت ان النار لا تطعم شيئا منه ابدا ، والله لقد تمنيت انيكنت زرته ولم أحج ، فقال : ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته ، ثمقال : يا معاوية ولم تدع ذلك ، قلت : جعلت فداك لم ادر ان الامر يبلغ هذاكله.

قال : يا معاوية ومن يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو له فيالأرض ، يا معاوية لا تدعه لخوف من أحد ، فمن تركه لخوف رأى من

__________________

(1) أبدانهم ( خ ل ).

٣٣٥

الحسرة ما يتمنى ان قبره كان بيده(1) اما تحب ان يرى الله شخصكوسوادك فيمن يدعو له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ وعلي وفاطمة والأئمةعليهم‌السلام ،اما تحب أن تكون غدا ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويغفر له ذنوبسبعين سنة ](2) ، اما تحب أن تكون غدا فيمن تصافحه الملائكة ، اماتحب أن تكون غدا فيمن رؤي(3) وليس عليه ذنب فيتبع به ، اما تحب أن تكون غدافيمن يصافح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (4) .

15 ـ وبهذا الاسناد عن الحسن بن محبوب ، عن داود الرقي قال :سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة ، وانهلينزل من السماء كل مساء سبعون الف ملك يطوفون بالبيت ليلتهم ، حتىإذا طلع الفجر انصرفوا إلى قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيسلمون عليه ، ثم يأتون قبرأمير المؤمنينعليه‌السلام فيسلمون عليه ، [ ثم يأتون قبر الحسن بن عليعليهما‌السلام فيسلمون عليه ](5) ، ثم يأتون قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام فيسلمون عليه ، ثميعرجون إلى السماء قبل ان تطلع الشمس.

__________________

(1) كذا في النسخ وفي المصادر ، والظاهر أنه مصحف : ( عنده ) ـ كما في بعض الروايات ـ ،أي يتمنى أن يكون قتل لزيارتهعليه‌السلام وقبر عنده ، ويمكن توجيه ما في المتن بان يتمنى أن يكونزارهعليه‌السلام متيقنا للموت حافرا قبره بيده.

(2) من المصادر.

(3) في المصادر : فيمن يخرج من الدنيا.

(4) رواه الكليني في الكافي 4 : 582 ، والصدوق في ثواب الأعمال : 120 ، وابن قولويهفي الكامل : 230 ، عنهم البحار 101 : 8 و 52 ، الوسائل 14 : 413.

(5) من المصادر.

٣٣٦

ثم تنزل ملائكة النهار سبعون الف ملك فيطوفون بالبيت الحرامنهارهم ، حتى إذا غابت الشمس انصرفوا إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيسلمون عليه ، ثم يأتون قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام فيسلمون عليه ، [ ثميأتون قبر الحسن بن عليعليهما‌السلام فيسلمون عليه ](1) ، ثم يأتون قبر الحسينابن عليعليهما‌السلام فيسلمون عليه ، ثم يعرجون إلى السماء قبل ان تغيبالشمس(2) .

16 ـ وبالاسناد قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بنالحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : زوروه ـ يعني الحسينعليه‌السلام ـ ولا تجفوه ، فإنه سيد شباب أهلالجنة(3) .

الباب (2)

فضل كربلاء

1 ـ وبالاسناد المتقدم عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، قال :حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز ، عن محمد بن الحسين بن

__________________

(1) من المصادر.

(2) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 122 ، عنه الوسائل 14 : 421 ، والسيد ابن طاووسفي كشف اليقين : 67 باسناده ، عنه البحار 101 : 62.

(3) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 110 ، وابن قولويه في الكامل : 216 ، عنهما البحار101 : 1.

٣٣٧

أبي الخطاب ، عن أبي سعيد ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (1) قال : قال علي بن الحسينعليهما‌السلام :

اتخذ الله ارض كربلاء حرما آمنا مباركا قبل ان يخلق ارض الكعبةويتخذها حرما بأربعة وعشرين الف عام ، وانه إذا زلزل الله تباركوتعالى الأرض وسيرها رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية ، فجعلتفي أفضل [ روضة من رياض الجنة ، وأفضل ](2) مسكن في الجنة ، لا يسكنهاالا النبيون والمرسلون ، ـ أو قال : أولو العزم من الرسل ـ وانها لتزهر بينرياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب لأهل الأرض ، يغشينورها ابصار أصحاب الجنة ، وهي تنادي : انا ارض الله المقدسة الطيبةالمباركة التي تضمنت سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة(3) .

2 ـ وبالاسناد قال : حدثنا محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بنالحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمارقال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : ان لموضع قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام حرمة معروفة من عرفها واستجار بها أجير ، قلت : فصف لي موضعهاجعلت فداك ، فقال :

امسح من موضع قبره اليوم خمسا وعشرين ذراعا من ناحية رجليه

__________________

(1) كذا ، وفي المصادر : عن بعض رجاله ، عن أبي الجارود.

(2) من المصادر.

(3) رواه مع اختلاف ابن قولويه في الكامل : 451 ، عنه البحار 101 : 108 ، الوسائل14 : 515 ، ذكره عباد العصفري في أصله : 17 ( ضمن الأصول الستة عشر ).

٣٣٨

وخمسا وعشرين ذراعا من خلفه ، وخمسا وعشرين ذراعا مما يليوجهه ، وخمسا وعشرين ذراعا من ناحية رأسه ، وموضع قبره منذ يومدفن روضة من رياض الجنة ، ومنه معراج يعرج فيه باعمال زواره إلىالسماء ، فليس ملك في السماوات ولا في الأرض الا وهم يسألون اللهعزوجل في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، ففوج ينزل وفوج يعرج(1) .

3 ـ وقال الصادقعليه‌السلام : حريم قبر الحسينعليه‌السلام خمسة فراسخ منأربعة جوانب القبر(2) .

الباب (3)

فضل زيارتهعليه‌السلام وحد وجوبها في الزمان على الأغنياء والفقراء

1 ـ وبالاسناد عن سعد بن عبد الله ومحمد بن يحيى وعبد الله بنجعفر وأحمد بن إدريس جميعا ، عن الحسين بن عبيد الله ، عن الحسن بنعلي بن أبي عثمان ، عن عبد الجبار النهاوندي ، عن أبي سعيد ، عن الحسين

__________________

(1) رواه الكليني في الكافي 4 : 588 ، والصدوق في ثواب الأعمال : 119 ، وابن قولويهفي الكامل : 457 ، والشيخ في التهذيب 6 : 71 ، مصباح المتهجد : 509 ، عنهم البحار 101 : 110 ،الوسائل 14 : 511 ، المصباح للكفعمي : 508.

ذكر عجزه الصدوق في ثواب الأعمال : 121 ، والشيخ في التهذيب 6 : 46 ، عنهما الوسائل14 : 414.

(2) رواه الصدوق في الفقيه 2 : 346 ، وابن قولويه في الكامل : 456 ، عنهما البحار101 : 111 ، الوسائل 14 : 513.

٣٣٩

ابن ثوير بن أبي فاختة ، قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن عليعليهما‌السلام إن كانماشيا كتبت له بكل خطوة حسنة وحط بها عنه سيئة ، فإن كان راكباكتب الله له بكل خطوة حسنة وحط بها عنه سيئة ، حتى إذا صار فيالحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين ، حتى إذا قضى مناسكه كتبه اللهمن الفائزين ، حتى إذا أراد الانصراف ناداه ملك فقال : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقرؤك السلام ويقول لك : استأنف العمل فقد غفر الله لك ما مضى(1) .

2 ـ وبالاسناد قال : حدثنا أبي ومحمد بن الحسنرحمهما‌الله ،عن الحسن بن متيل ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن الحسن بن عليابن فضال ، عن أبي أيوب إبراهيم بن عيسى الخزاز(2) ، عن محمد بن مسلم ،عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال : مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فان اتيانه مفترض على كل مؤمن يقر للحسين بن عليعليهما‌السلام بالإمامة من اللهعزوجل (3) .

__________________

(1) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : 117 ، وابن قولويه في الكامل : 252 ، والشيخ فيالتهذيب 6 : 43 ، عنهم البحار 101 : 72 ، الوسائل 14 : 439.

(2) في الأصل : إبراهيم بن عمر ، ما أثبتناه هو الصحيح ، عنونه الشيخ في رجاله : 167 ،الرقم : 1935.

(3) رواه الصدوق في أماليه : 123 ، الفقيه 2 : 348 ، والمفيد في المقنعة : 72 ، وابن قولويهفي الكامل : 236 ، والشيخ في التهذيب 6 : 42 ، عنهم البحار 101 : 48 ، الوسائل 14 : 414

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611