الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260777 / تحميل: 6473
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ملاحظات

وهنا نلفت الأنظار إلى عدّة ملاحظات :

١ ـ إنّ نوع العمل هو المهم لا مقداره ، وهذه الحقيقة في القرآن واضحة جلية ، فالإسلام لم يستند في أي مورد إلى كثرة العمل ومقداره ، بل هو يؤكّد دائما ـ وفي كل الموارد ـ على أن الأساس هو نوع العمل وكيفيته ، وهو يولي الإخلاص في العمل أهمية خاصّة ، والآيات المذكورة نموذج واضح لهذا المنطق القرآني.

وكما رأينا ـ أنّ القرآن الكريم مجّد عملا مختصرا لعامل مسلم بقي يعمل إلى الصباح في استقاء الماء بقلب يغمره عشق الله ومحبته ، وينبض بالمسؤولية تجاه مشاكل المجتمع الإسلامي ليحصل على صاع من تمر ويقدّمه لمقاتلي الإسلام في لحظات حساسة وفي مقابل ذلك نرى القرآن قد ذمّ الذين حقّروا هذا العمل الصغير ظاهرا ، الكبير واقعا ، وهدّدهم وأوعدهم بالعذاب الأليم الذي ينتظرهم.

ومن هذه الواقعة تتّضح حقيقة أخرى ، وهي أنّ المسلمين في المجتمع الإسلامي الواقعي السالم يجب أن يحسوا جميعا بالمسؤولية تجاه المشاكل التي تعترض المجتمع وتظهر فيه ، ولا يجب أن ينتظروا الأغنياء والمتمكنين يقوموا وحدهم بحل هذه المشاكل والمصاعب ، بل على الضعفاء أيضا أن يساهموا بما يستطيعون ، مهما صغر وقل ما يقدمونه ، لأنّ الإسلام يتعلق بالجميع لا بفئة منهم ، وعلى هذا ، فعلى الجميع أن يسعوا في حفظ الإسلام ولو ببذل النفوس والدماء ، ويعملوا بكل وجودهم من أجل حياته وصيانته. المهم أن كل فرد يجب أن يبذل ما يستطيع ، ولا يلتفت إلى مقدار عطائه ، فليس المعيار كثرة العطاء وقلته ، بل الإحساس بالمسؤولية والإخلاص في العمل.

ومن المناسب في هذا المقام أن نطالع حديثا نقل عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث سئل: أي الصدقة أفضل؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «جهد المقل».

٢ ـ إنّ الصفة التي ذكرتها الآيات السابقة كسائر صفات المنافقين الأخرى لا

١٤١

تختص بمنافقي عصر النبوة ، بل هي مشتركة بين منافقي كل العصور والأزمنة ، فإنّ هؤلاء يسعون بسوء ظنهم ودناءة سريرتهم أن يقللوا من أهمية أعمال الخير بأساليب مختلفة ، وإماتة الحوافز الخيّرة في الناس والسخرية والاستهزاء ، والاستهانة بأعمال الفقراء المخلصة والخالية من كل شائبة ، وتحطيم شخصية هؤلاء ، كل ذلك من أجل إطفاء جذوة الخير في المجتمع لينالوا ما يطمحون إليه من الشر والفساد.

إلّا أنّ الواجب على المسلمين الواعين في كل عصر وزمن أن ينتبهوا إلى أهداف المنافقين وخططهم ، وأن يشمروا الساعد ويحثوا السير في الاتجاه المضاد لعمل هؤلاء ، فيدعون الناس إلى عمل الخير ، ويوقرون ويعظمون العمل الصغير إذا صدر من الفقراء ، ويكبرون فيهم تلك النفوس التي لم تقصّر عن خدمة الإسلام حسب طاقتهم ، وعن هذا الطريق سيشجعون الصغير والكبير على الاستمرار في هذه الأعمال ، بل ويكثرون منها إذا قدروا ، وكذلك عليهم أن يبينوا لهم خطط المنافقين الهدامة في سبيل تحطيمهم ، فإذا عرفها المجتمع فسوف لا تؤثر فيه دعاياهم وسمومهم ، وعندها سيستمر في طريق الخير وخدمة الدين الحنيف وتثبيت هذه العقيدة التي اختارها.

٣ ـ ليس المراد من جملة( سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ ) أنّ الله سيعمل أعمالا تشابه أعمالهم ، بل المراد ـ كما قاله المفسّرون ـ أنّ الله سبحانه تعالى سيجازيهم على ما عملوا من الأعمال السيئة ، أو أنّه تعالى سيحقرهم كما حقروا عباده وسخروا منهم.

٤ ـ لا شك أنّ عدد السبعين الوارد في الآية يدل على الكثرة لا على نفس العدد ، وبعبارة أخرى : إن معنى الآية ، أنّك مهما استغفرت لهؤلاء فلن يغفر الله لهم ، تماما كما يقول شخص لآخر : إذا أصررت وكررت قولك مائة مرّة فلن أقبل منك ، ولا يعني هذا أنّه لو كرر قوله مائة مرّة وزاد واحدة فسوف يقبل قوله ، بل المراد أن قوله سوف لن يقبل مطلقا مهما كرره.

١٤٢

إنّ مثل هذا التعبير يفيد تأكيد المراد ، ولهذا فقد ذكر هذا الموضوع بنفسه في الآية (٦) من سورة المنافقين ، وقد نفي نفيا مطلقا ، حيث تقول الآية :( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) .

والدليل الآخر على هذا الكلام ، العلة التي ذكرت في آخر الآية ، وهي :( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ ) وهي توضح أنّ الاستغفار لأمثال هؤلاء مهما كثر وعظم فإنّه سوف لا ينجيهم ، ولا يمكن أن يكون سببا في خلاصهم ممّا ينتظرهم.

العجيب في الأمر أنّ عدّة روايات نقلت من مصادر أهل السنة ، ورد فيها أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال بعد أن نزلت هذه الآية : «لأزيدن في الاستغفار لهم على سبعين مرّة»!

رجاء منه أن يغفر الله لهم ، فنزلت :( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) (١) .

وهذه الرّوايات تعني أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد فهم من هذه الآية أنّ المراد من السبعين هو العدد بالذات ، ولهذا قال : «لأزيدن في الاستغفار لهم على سبعين مرّة» في الوقت الذي تريد الآية ـ كما قلنا ـ أن تقول لنا : إن العدد المذكور ذكر على وجه الكثرة والمبالغة ، وكناية عن النفي المطلق المقترن بالتأكيد ، خصوصا مع ملاحظة العلة التي ذكرت في ذيل الآية التي توضح ما ذكرناه.

وعلى هذا الأساس فإنّ هذه الرّوايات لا يمكن قبولها لأنّها تخالف القرآن ، خاصّة وأن أسانيدها غير معتبرة عندنا.

التوجيه الوحيد الممكن لهذه الرّوايات ـ بالرغم من أنّه خلاف الظاهر ـ هو أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول ذلك قبل نزول الآيات المذكورة ، ولما نزلت هذه الآيات كف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الاستغفار لهؤلاء.

ونقلت رواية أخرى في هذا الموضوع ، قد تكون هي الأصل للرّوايات

__________________

(١) لقد وردت روايات كثيرة بهذا المضمون ذكرت في تفسير الطبري ، ج ١٠ ، ص ١٣٨.

١٤٣

الأخرى المذكورة ، وإنّما اختلفت الرّوايات لأنّها نقلت بالمعنى لا بالنص ، وهي

أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لو علمت إنّني لو زدت على السبعين مرّة غفر لهم لفعلت»، ومعنى هذا الكلام ـ خاصه مع ملاحظة (لو) الدالة على الامتناع ـ أنّي أعلم أن الله سبحانه لا يغفر لهؤلاء ، غير أن قلبي يحرص على هداية عباد الله ونجاتهم ، بحيث لو عملت ـ فرضا ـ أن الزيادة في الاستغفار عن السبعين مرّة ستنجيهم لفعلت ذلك.

وعلى كل حال ، فإن معنى الآيات المذكورة واضح ، وكل حديث يخالفها فإمّا أن يوجه بحيث يوافقها أو يطرح جانبا.

* * *

١٤٤

الآيات

( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (٨١) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ (٨٣) )

التّفسير

إعاقة المنافقين مرّة أخرى :

يستمر الحديث في هذه الآيات حول تعريف المنافقين وأساليب عملهم وسلوكهم وأفكارهم ليعرفهم المسلمون جيدا ، ولا يقعوا تحت تأثير وسائل إعلامهم وخططهم الخبيثة وسمومهم.

في البداية تتحدث الآية عن هؤلاء الذين تخلفوا عن الجهاد في غزوة تبوك ،

١٤٥

وتعذروا بأعذار واهية كبيت العنكبوت ، وفرحوا بالسلامة والجلوس في البيت بدل المخاطرة بأنفسهم والاشتراك في الحرب رغم أنّها مخالفة لأوامر الله ورسوله :( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ ) وبدل أن يضعوا كل وجودهم وإمكاناتهم في سبيل الله لينالوا افتخار الجهاد وعنوان المجاهدين ، فإنّهم امتنعوا( وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) .

إلّا أنّ هؤلاء النفر لم يكتفوا بتخلفهم وتركهم لهذا الواجب المهم ، بل إنّهم سعوا في تحذيل الناس عن الجهاد بوساوسهم الشّيطانية ومحاولة إخماد جذوة الحماسة الملتهبة في صدور المسلمين وتشبث المنافقون بكل عذر يمكن أن يحقق الهدف حتى ولو كان العذر الحرّ!!( وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ ) . وفي الحقيقة إنّ هؤلاء كانوا يطمعون في أضعاف إرادة المسلمين ، ومن جهة أخرى كانوا يحاولون سحب أكبر عدد ممكن إلى مستنقع رذيلتهم ، حتى لا ينفردوا بالجرم.

ثمّ تتغير وجهة الخطاب إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيأمره الله سبحانه وتعالى أن يجيبهم بلهجة شديدة وأسلوب قاطع :( قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ ) . لكنّهم للأسف لضعف إيمانهم ، وعدم الإدراك الكافي لا يعلمون آية نار تنتظرهم ، فشرارة واحدة من تلك النّار أشدّ حرارة من جميع نيران الدّنيا وأشدّ حرقة وألما.

وتشير الآية الثّانية إلى أنّ هؤلاء قد ظنوا بأنّهم قد حققوا نصرا بتخلفهم وتخذيلهم المسلمين وصرف أنظارهم عن مسألة الجهاد ، وضحكوا لذلك وقهقهوا بملء أفواههم ، وهذا هو حال المنافقين في كل عصر وزمن ، إلّا أنّ القرآن حذّرهم من مغبة أعمالهم فقال:( فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً ) .

نعم ، ليبكوا على مستقبلهم المظلم ليبكوا على العذاب الأليم الذي ينتظرهم ليبكوا على أنّهم أعلقوا كل أبواب العودة بوجوههم ، وأخيرا ليبكوا على ما أنفقوا من قوتهم وقدراتهم وعمرهم الثّمين ، واشتروا به الخزي والفضيحة وسوء العاقبة وتعاسة الحظ.

١٤٦

وفي نهاية الآية يبيّن الله تعالى أنّ هذه العاقبة التي تنتظرهم هي( جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .

ممّا قلناه يتّضح أنّ المقصود هو : إنّ هذه الجماعة يجب أن يضحكوا قليلا في هذه الدنيا ويبكوا كثيرا ، لأنّهم لو اطلعوا على ما ينتظرهم من العذاب الأليم لبكوا كثيرا ولضحكوا قليلا بالفعل.

إلّا أنّ بعض المفسّرين يذكر رأيا آخر في تفسير هذه الآية ، وهو أنّهم مهما ضحكوا فإنّ ضحكهم قليل لقصر عمر الدنيا ، وسيبكون في الآخرة بكاء بحيث أن كل بكاء الدنيا لا يعادل شيئا من ذلك البكاء.

غير أن التّفسير الأوّل أنسب وأوفق لظاهر الآية ، وللتعبيرات المشابهة لها سواء وردت في الأقوال أم الكتابات ، خاصّة إذا علمنا أن اللازم من التّفسير الثّاني أن يكون معنى الأمر في الآية هو الإخبار لا الأمر ، وهذا خلاف الظاهر.

ويشهد للمعنى الأوّل الحديث المعروف عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والذي ذكره كثير من المفسّرين ، حيث قال : «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا». (فتأمل جيدا).

وفي آخر آية ـ من الآيات محل البحث ـ إشارة إلى طريقة أخرى دقيقة وخطرة من طرق المنافقين ، وهي أنّهم حينما يفعلون ما يخالف القانون الإسلامي ، فإنّهم يظهرون أعمالا يحاولون بها جبران ما صدر منهم ، ومحاولة تبرئة ساحتهم ممّا يستحقون من العقوبة ، وبهذه الأعمال المناقضة لأعمالهم المخالفة للقانون فإنّهم يخفون وجوههم الحقيقة ، أو يسعون إلى ذلك.

إنّ الآية الكريمة تقول :( فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ) أي أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجب أن يزرع اليأس في نفوس هؤلاء ، ويعلمهم أن هذا التلون سوف لا ينطلي على أحد ، ولن يخدع بهم أحد ، والأولى لهم أن يحزموا أمتعتهم ويرحلوا من هذا المكان إلى

١٤٧

مكان آخر ، فإنّ أحدا سوف لا يقع في مكائدهم وحبائلهم في هذه المدينة.

وتوجد هنا مسألة ينبغي التنبيه إليها ، وهي أنّ جملة( طائِفَةٍ مِنْهُمْ ) توحي أن هؤلاء المنافقين لم يكونوا بأجمعهم يمتلكون الشجاعة حتى يحضروا ويطلبوا من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السماح لهم في الخروج إلى الجهاد ، ربّما لأن بعضهم كانوا مفضوحين إلى حد يخجلون معه من الحضور في مجلس النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وطلب الخروج معه.

ثمّ تبيّن الآية أن سبب عدم قبول اقتراح هؤلاء وطلبهم ب( إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ ) .

* * *

ملاحظات

١ ـ لا شك أنّ هذه المجموعة من المنافقين لو كانوا قد ندموا على تخلفهم وتابوا منه، وأرادوا الجهاد في ميدان آخر من أجل غسل ذنبهم السابق ، لقبل الله تعالى منهم ذلك ، ولم يردهم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فعلى هذا يتبيّن لنا أن طلبهم هذا بنفسه نوع من المراوغة والشيطنة وعمل نفاقي ، أو قل : إنّه كان تكتيكا من أجل إخفاء الوجه القبيح لهم ، والاستمرار في أعمالهم السابقة.

٢ ـ إنّ كلمة (خالف) تأتي بمعنى المتخلف ، وهي إشارة إلى المتخلفين عن الحضور في ساحات القتال ، سواء كان تخلفهم لعذر أو بدون عذر.

وذهب البعض قال : إنّ خالف بمعنى مخالف ، أي اذهبوا أيّها المخالفون وضموا أصواتكم إلى المنافقين لتكونوا جميعا صوتا واحدا.

وفسّرها البعض بأنّ معناها (فاسد) لأنّ الخلوف بمعنى الفساد ، وخالف : جاء في اللغة بمعنى فاسد.

ويوجد احتمال آخر ، وهو أنّه قد يراد من الكلمة جميع المعاني المذكورة ، لأنّ المنافقين وأنصارهم توجد فيهم كل هذه الصفات الرذيلة.

١٤٨

٣ ـ وكذا ينبغي أن نذكر بأنّ المسلمين يجب أن يستفيدوا من طرق مجابهة المنافقين في الأعصار الماضية ، ويطبقوها في مواجهة منافقي محيطهم ومجتمعهم ، كما يجب اتباع نفس أسلوب النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معهم ، ويجب الحذر من السقوط في شباكهم وأن لا ينخدع المسلم بهم ، ولا يرق قلبه لدموع التماسيح التي يذرفونها ، «فإنّ المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين».

* * *

١٤٩

الآيتان

( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ (٨٤) وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٨٥) )

التّفسير

أسلوب أشدّ في مواجهة المنافقين :

بعد أن أزاح المنافقون الستار عن عدم مشاركتهم في ميدان القتال ، وعلم الناس تخلفهم الصريح ، وفشا سرّهم ، أمر الله سبحانه وتعالى نبيّه بأن يتبع أسلوبا أشدّ وأكثر صراحة ليقتلع وإلى الأبد ـ جذور النفاق والأفكار الشيطانية ، وليعلم المنافقون بأنّهم لا محل لهم في المجتمع الإسلامي ، وكخطوة عملية في مجال تطبيق هذا الأسلوب الجديد ، صدر الأمر الإلهي( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ ) .

إن هذا الأسلوب ـ في الواقع ـ هو نوع من الكفاح السلبي الفاعل في مواجهة المنافقين ، لأنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يستطع ـ للأسباب التي ذكرناها آنفا ـ أن يأمر بقتل

١٥٠

هؤلاء صراحة لتطهير المجتمع الإسلامي منهم ، أمّا هذا الأسلوب السلبي فهو مؤثر في احتقار هؤلاء وتحجيم دورهم ، وتقزيمهم وطردهم من المجتمع الإسلامي.

من المعلوم أنّ المؤمن الحقيقي محترم في الشرع الإسلامي حيّا وميتا ، ولهذا نرى الدين الإسلامي الحنيف قد أصدر ضمن تشريعاته الأمر بتغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، وأوجب أن يولى احتراما كبيرا ، وأن يودع التراب بمراسم خاصّة ، وحتى بعد دفنه فإنّ من حقوقه أن يزور المؤمنون قبره ، ويستغفروا له ، ويطلبوا الرحمة له.

إنّ عدم إجراء هذه المراسم لفرد معين يعني طرده من المجتمع الإسلامي ، وإذا كان الطارد له هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه ، فإنّ الصدمة والأثر النفسي على نفسيته ووجوده سيكون شديدا جدا.

إن هذا البرنامج والأسلوب الدقيق ـ في الواقع ـ كان قد أعد لمقابلة منافقي ذلك العصر ، ويجب أن يستفيد المسلمون من هذه الأساليب ، أي أنّ هؤلاء المنافقين ما داموا يظهرون الإسلام ، فمن الواجب عليهم أن يعاملوهم كمسلمين وإن كان باطنهم شيئا آخر ، أمّا إذ أظهروا نفاقهم ، وكشفوا اللثام عن وجوههم الحقيقية ، فعندئذ يجب أن يعاملوهم كأجانب عن الإسلام.

وفي آخر الآية يتّضح سبب هذا الأمر الإلهي ب( إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ) ورغم ذلك فإنّهم لم يفكروا بالتوبة ولم يندموا على أفعالهم ليغسلوها بالتوبة ، بل إنّهم بقوا على أفعالهم( وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ ) .

وهنا يمكن أن يسأل أحدكم : إنّ المنافقين إذا كانوا ـ حقيقة ـ بهذا البعد عن رحمة الله ، وعلى المسلمين أن لا يظهروا أي ود أو محبّة تجاههم ، فلما ذا فضّلهم الله تعالى ومنحهم كل هذه القوى الاقتصادية من الأموال والأولاد؟

في الآية الأخرى يوجه الله سبحانه وتعالى الخطاب إلى النّبي( وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ ) فإنّها ليست منحة ومحبة من الله تعالى لهؤلاء المنافقين ، بل

١٥١

على العكس تماما ، فإنّ هذه الأموال والأولاد ليست لسعادتهم ، بل( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ ) .

إنّ هذه الآية ـ كنظيرتها التي مرّت في هذه السورة ، وهي الآية ٥٥ ـ تشير إلى حقيقة ، وهي أن هذه الإمكانيات والقدرات الاقتصادية والقوى الإنسانية للاشخاص الفاسدين ليست غير نافعة لهم فحسب ، بل هي ـ غالبا ـ سبب لابتلائهم وتعاستهم ، لأنّ أشخاصا كهؤلاء لا هم يصرفون أموالهم في مواردها الصحيحة ليستفيدوا منها الفائدة البناءة ، ولا يتمتعون بأبناء صالحين كي يكونوا قرة عين لهم ومعتمدهم في حياتهم. بل إنّ أموالهم تصرف غالبا في طريق الشهوات والمعاصي ونشر الفساد وتحكيم أعمدة الظلم والطغيان ، وهي السبب في غفلتهم عن الله سبحانه وتعالى ، وكذلك أولادهم في خدمة الظلمة والفاسدين ، ومبتلين بمختلف الانحرافات الأخلاقية ، وبذلك سيكونون سببا في تراكم البلايا والمصائب.

غاية الأمر إنّ الذين يظنون أن الأصل في سعادة الإنسان هو الثروة والقوة البشرية فقط ، أمّا كيفية صرف هذه الثروة والقوّة فليس بذلك الأمر المهم ، تكون لوحة حياتهم مفرحة ومبهجة ظاهرا ، إلّا أنّنا لو اقتربنا منها واطلعنا على دقائقها ، وعلمنا أنّ الأساس في سعادة الإنسان هو كيفية الاستفادة من هذه الإمكانيات والقدرات لعلمنا أنّ هؤلاء ليسوا سعداء مطلقا.

* * *

وهنا يجب الانتباه لمسألتين :

١ ـ لقد وردت في سبب نزول الآية الأولى روايات متعددة لا تخلو من الاختلاف.

فيستفاد من بعض الرّوايات ، أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما مات عبد الله بن أبي ـ المنافق المشهور ـ صلى عليه ، ووقف على قبره ودعا له ، بل لفّه بقميصه ليكون كفنا له ،

١٥٢

فنزلت الآية ونهت النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن تكرار هذا الفعل.

في الوقت الذي يفهم من روايات أخرى أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قد صمّم أن يصلي عليه ، فنزل جبرئيل وتلا هذه الآية ، ومنعه من هذا العمل.

وتقول عدة روايات أخرى أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يصل عليه ، ولم يكن عزم على هذا العمل ، غاية ما في الأمر أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرسل قميصه ليكفن به لترغيب قبيلة عبد الله بن أبي في الإسلام ، ولما سئل النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن سبب فعله هذا أجابصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّ قميصه سوف لن ينجيه من العذاب ، لكنّه يأمل أن يسلم الكثير بسبب هذا العمل ، وبالفعل قد حدث هذا ، فإنّ الكثير من قبيلة الخزرج قد أسلموا بعد هذه الحادثة.

وبالنظر إلى اختلاف هذه الرّوايات اختلافا كثير ، فإنّا قد صرفنا النظر عن ذكرها كسب للنزول ، خصوصا على قول بعض المفسّرين الكبار بأنّ وفاة عبد الله بن أبي كانت سنة (٩) هجرية ، أمّا هذه الآيات فقد نزلت في حدود السنة الثّامنة.(١) غير أن الذي لا يمكن إنكاره ، أنّ الظاهر من أسلوب الآية ونبرتها أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلي على المنافقين، وكان يقف على قبورهم قبل نزول هذه الآيات ، لأنّ هؤلاء كانوا مسلمين ظاهرا(٢) ، لكنّه امتنع من هذه الأعمال بعد نزول هذه الآية.

٢ ـ وكذلك يستفاد من الآية المذكورة جواز الوقوف على قبور المؤمنين

__________________

(١) راجع الميزان ، ج ٩ ، ص ٣٦٧.

(٢) يستفاد من مجموعة من الرّوايات أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلي على المنافقين بعد نزول هذه الآية أيضا ، إلّا أنّه يكبر أربعا لا أكثر ، أي أنّه كان يصرف النظر عن التكبير الخامس الذي هو دعاء للميت. إنّ هذه الرّواية يمكن قبولها فيما لو كان معنى الصلاة هنا الدعاء ، و (لا تصل) في الآية هو (لا تدع) ، أمّا لو كان المراد (لا تصل) فإنّ هذه الرّواية تخالف ظاهر القرآن ، ولا يمكن قبولها. ولا يمكن إنكار أن جملة (لا تصل) ظاهرة بالمعنى الثاني ، ولذلك فإنّنا لا نستطيع ـ من وجهة نظر الحكم الإسلامي ـ أن نصلي على المنافقين الذين اشتهر نفاقهم بين الناس ، وأن نرفع اليد عن ظهور الآية لرواية مبهمة.

١٥٣

والدعاء لهم والترحم عليهم ، لأنّ النهي الوارد في الآية مختص بالمنافقين ، وعلى هذا فإنّ هذه الآية تعني بمفهومها جواز زيارة قبور المؤمنين ، أي : الوقوف على قبورهم والدعاء لهم. إلّا أن الآية قد سكتت عن مسألة إمكان التوسل بقبور هؤلاء المؤمنين ، وطلب قضاء الحاجات ببركتهم من الله تعالى ، رغم جواز ذلك من وجهة نظر الرّوايات الإسلامية.

* * *

١٥٤

الآيات

( وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ (٨٦) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٨٧) لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨٨) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٨٩) )

التّفسير

دناءة الهمّة

الكلام في هذه الآيات يدور كذلك حول المنافقين ، إلّا أنّ هذه الآيات تقارن بين الأعمال القبيحة للمنافقين وأعمال المؤمنين الحقيقيين الحسنة ، وتوضح من خلال هذه المقارنة انحراف هؤلاء المنافقين ودناءتهم.

فالآية الأولى تتحدث عن حال المنافقين إذا ما دعا الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس إلى

١٥٥

الثبات على الإيمان والجهاد في سبيل الله ، فإنّهم ـ أي المنافقون ـ رغم قدرتهم الجسمية والمالية سيطلبون العذر والسماح لهم بعدم المشاركة والبقاء مع ذوي الأعذار :( وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ ) .

كلمة «الطول» على وزن فعل ـ جاءت بمعنى القدرة والاستطاعة المالية ، وعلى هذا فإنّ( أُولُوا الطَّوْلِ ) بمعنى المستطيعين والقادرين ماليا وجسميا على الحضور في ميدان الحرب ، ورغم ذلك فهم يميلون إلى التخلف مع أولئك الذين لا قدرة لديهم ـ ماديا أو بدنيا ـ على الحضور والمشاركة في الجهاد.

وأصل هذه الكلمة مأخوذ من «الطول» ضد العرض ، والاشتراك والارتباط بين هذين المعنيين واضح ، لأنّ القدرة المالية والجسمية يعطي معنى الاستمرارية والدوام وطول القدرة.

وفي الآية التي تليها وبخ القرآن هؤلاء وذمّهم وقبّحهم بأنّهم( رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ ) ، وكما أشرنا سابقا ، فإنّ خوالف جمع خالفة ، وأصلها من (خلف) ، ولذلك يقال للمرأة إذا خرج الرجل من المنزل ، وبقيت في المنزل : إنّها خالفة. والمقصود من الخوالف في هذه الآية كل الذين عذروا عن المشاركة في الجهاد بشكل أو آخر ، أعم من أن يكونوا نساء أو مسنّين أو مرضى أو صبيان. وقد أشارت بعض الأحاديث الواردة في تفسير الآية إلى هذا الموضوع.

ثمّ أضافت الآية : بأن هؤلاء نتيجة لكثرة الذنوب والنفاق وصلوا إلى مرحلة( وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ ) . وقد بحثنا في بداية سورة البقرة معنى الطبع على القلب.(١)

ثمّ تحدثت الآية التي تليها في الجانب المقابل عن صفات وروحيات الفئة التي تقابل المنافقين ، وهم المؤمنون المخلصون ، وعن أعمالهم الحسنة ، وبالتالي عاقبة

__________________

(١) راجع المجلد الأوّل من الأمثل (ذيل آية ٧ من سورة البقرة).

١٥٦

أعمالهم المعاكسة تماما لعاقبة أولئك. فهي تقول :( لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ) فكانت عاقبتهم أن يتمتعوا بكل الخيرات والسعادة واللذائذ المادية والمعنوية في الدنيا والآخرة( وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

كلمة (الخيرات) صيغة جمع محلّى بالألف واللام ، ومن ذلك يستفاد عموميتها ، فهي تعبير جامع لكل توفيق وخير ونصر وموهبة ، وهي تشمل المادية منها والمعنوية.

كما أن تعبير هاتين الجملتين ـ حسب القواعد التي قررت في المعاني والبيان ـ يدل على الحصر ، أي أن هذا التعبير يدل على أن (المخلصين) وحدهم يمثلون هذا الجانب المقابل ، ويدل على أنّ هؤلاء وحدهم الذين يستحقون كل خير وسعادة ، هؤلاء الذين يجاهدون بكل وجودهم وبكل ما يمتلكون.

ويستفاد بوضوح من هذه الآية أن «الإيمان» و «الجهاد» إذا اتحدا في شخص ، فسيصحبهما كل خير وبركة ، ولا سبيل إلى الفلاح والإخلاص ، أو إلى شيء من الخيرات والبركات المادية والمعنوية إلّا في ظل هذين العاملين.

وهناك نقطة أخرى تستحق التنبيه لها ، وهي أنّنا نستفيد من خلال مقارنة صفات هاتين المجموعتين أنّ المنافقين ـ لفقدانهم الإيمان ، وتلوثهم المضاعف بالمعاصي والذنوب ـ أفراد جاهلون ، لذلك فهم محرومون من (علو الهمة) التي هي وليدة الفهم والشعور والوعي ، فهم يرضون أن يكونوا مع القاعدين من المرضى والصبيان ، ويأبون الحضور في سوح الجهاد رغم افتخاراته وامتيازاته.

أمّا في المقابل ، فإنّ المؤمنين قد اتضحت لهم الأمور وأدركوا عواقبها فعلت همتهم بحيث رأوا أن الجهاد هو الطريق الوحيد للانتصار على المشاكل التي تعترضهم ، فسعوا إليه بكل وجودهم وقدراتهم.

إن هذا الدرس الكبير هو الذي علمنا القرآن إياه في كثير من آياته ، ومع ذلك

١٥٧

فنحن غافلون عنه.

وفي آخر آية من الآيات التي نبحثها إشارة إلى قسم من الجزاء الأخروي المعد لهؤلاء المؤمنين ، فهي تبشرهم بأنّهم قد( أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) وتوكّد لهم بأنّ هذه المواهب والنعم سوف لا تفنى ولا تنفد ، بل سيبقون( خالِدِينَ فِيها ) ، ثمّ تبيّن أن( ذلِكَ ) هو( الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

إنّ تعبير( أَعَدَّ اللهُ ) علّامة جلية على مدى الاحترام الذي أولى الله هؤلاء المؤمنين به ، حيث أعدلهم من قبل كل هذه المواهب والنعم.

* * *

١٥٨

الآية

( وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٠) )

التّفسير

في هذه الآية ـ ولمناسبة البحث هنا للأبحاث السابقة حول المنافقين الذين يتعذرون بكل عذر ويتمسكون بأتفه الحجج ـ إشارة إلى وضع وواقع مجموعتين من المتخلفين عن الجهاد :

الأولى : وهم المعذورون فعلا في عدم مشاركتهم في القتال.

والثّانية : وهم المتخلفون عن أداء هذا الواجب الكبير تمردا وعصيانا ، وليس لهم أي عذر في تخلفهم هذا.

ففي البداية تقول الآية أنّ هؤلاء الأعراب رغم أنّهم كانوا معذورين في عدم الاشتراك في الجهاد ، فإنّهم حضروا بين يدي النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وطلبوا منه أن يأذن لهم في الجهاد :( وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ ) . وفي مقابل ذلك فإن الفئة الأخرى التي كذبت على الله ورسوله قد تخلف أفرادها دون أي عذر ،( وَقَعَدَ

١٥٩

الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ ) . وفي النهاية هددت الآية المجموعة الثّانية تهديدا شديدا وأنذرتهم بأنّه( سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) .

إن ما قلناه في تفسير الآية المذكورة هو الأنسب للقرائن الموجودة ، فإننا نرى من جهة أن هاتين الفئتين تقابل إحداهما الأخرى ، ومن جهة أخرى فإنّ كلمة (منهم) تدل على أن أفراد المجموعتين لم يكونوا كفارا بأجمعهم ، ومن هاتين القرينتين يفهم أن (المعذرين) هم المعذورون حقيقة.

إلّا أنّه قيل في مقابل هذا التّفسير تفسيران آخران :

الأوّل : إنّ المقصود من (المعذرين) هم الذين كانوا يتمسكون بالأعذار الواهية والكاذبة للفرار من الجهاد. والمقصود من المجموعة الثّانية هم الذين لا يكلفون أنفسهم حتى مشقّة الاعتذار ، بل إنّهم يمتنعون علنا وبكل صراحة عن إطاعة أوامر اللهعزوجل .

الثّاني : إنّ كلمة (المعذرين) تشمل كل الفئات التي تعتذر بأعذار ما عن الذهاب إلى ميادين الحرب والجهاد ، سواء كانت هذه الأعذار صادقة أم كاذبة.

إلّا أنّ القرائن تدل على أنّ (المعذرين) هم المعذورون الحقيقيون.

* * *

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

والظاهر أنّه لا ينبغي التأمّل في وثاقته ، ولعلّه كان زلّة صدرت فتاب ، فإنّ الظاهر عدم تأمّل المشايخ في وثاقته وعلوّ شأنه ، وديدنهم الاستناد إلى قوله.

وفي الحسن بن سعيد ما يظهر منه اعتماد ابن نوح ، بل اعتماد الكل عليه(1) .

وقال الصدوق في أوّل كمال الدين : كان أحمد بن محمّد بن عيسى في فضله وجلالته يروي عن أبي طالب عبد الله بن الصلت ، وبقي حتّى لقيه محمّد بن الحسن الصفّار وروى عنه(2) .

هذا ، وفي النقد : رأينا في كتب الأخبار رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن المغيرة ، كما في صلاة الجمعة من التهذيب(3) وغيره(4) (5) .

ومنه في باب أنّ النوم ناقض للوضوء(6) فتأمّل ، انتهى.

وأبوه وجدّه وعمران عمّه ، وكذا إدريس بن عبد الله ، وأولاد أعمامه : زكريّا بن آدم وزكريّا بن إدريس وآدم بن إسحاق وغيرهم ، وجوه أجلّة رواة الحديث مذكورون(7) .

أقول : فيمشكا : يعرف ابن محمّد بن عيسى بوقوعه في وسط السند ، ويروي عنه أحمد بن عليّ بن(8) أبان ، ومحمّد بن يحيى ( العطّار ،

__________________

(1) رجال النجاشي : 58 / 136.

(2) كمال الدين : 3.

(3) التهذيب 3 : 9 / 28.

(4) الاستبصار 1 : 482 / 1865.

(5) نقد الرجال : 33 / 157.

(6) التهذيب 1 : 6 / 4.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 45.

(8) ابن ، لم ترد في نسخة « م ».

٣٤١

وسعد بن عبد الله ، والحسن بن محمّد بن إسماعيل ، وأحمد بن إدريس ، وعليّ بن موسى بن جعفر ، ومحمّد بن أحمد بن يحيى )(1) ، ومحمّد بن عليّ بن محبوب ، وعبد الله بن جعفر الحميري ، ومحمّد بن الحسن الصفّار ، ومحمّد بن الحسن بن الوليد.

ووقع في الكافي(2) والتهذيب(3) رواية سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن عيسى.

وصوابه : وأحمد ، كما هو المعهود ، وقاله في المنتقى(4) أيضا(5) .

244 ـ أحمد بن محمّد بن عيسى القسري :

يكنّى أبا الحسن ، روى عن أبي جعفر محمّد بن العلاء بشيراز ، وكان أديبا فاضلا بالتوقيع الذي خرج في سنة إحدى وثمانين ومائتين في الصلاة على النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم(6) .

صه ، إلاّ أنّ فيها : النسوي ـ بالنون المفتوحة والسين المهملة المفتوحة ـ ، وليس فيها : أبو جعفر(7) .

وفي د أيضا القسري ـ بالقاف والراء ـ(8) .

أقول : في القاموس : قسر ، بطن من بجيلة ، وجبل السراة ، ورجل(9) .

__________________

(1) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ش ».

(2) الكافي 3 : 551 / 3.

(3) التهذيب 4 : 55 / 147.

(4) منتقى الجمان : 2 / 404.

(5) هداية المحدثين : 175.

(6) رجال الشيخ : 449 / 63.

(7) الخلاصة : 18 / 34.

(8) رجال ابن داود : 44 / 132.

(9) القاموس المحيط : 2 / 116.

٣٤٢

هذا ، وتبعصه لم في قوله : بالتوقيع ، ولا أعرف له معنى صالحا. ولو كان التوقيع بغير ياء(1) لكان وجها.

وذكره في الحاوي في الضعاف(2) .

وفي الوجيزة : ممدوح(3) .

وفيمشكا : ابن محمّد بن عيسى القسري ، عنه أبو جعفر(4) محمّد ابن العلاء(5) (6) .

245 ـ أحمد بن محمّد الكوفي :

أخو كامل بن محمّد ، ظم(7) .

وفيتعق ، عن المحقّق الشيخ محمّد : إنّ أحمد بن محمّد الكوفي يطلق على البرقي ، يعني : أنّ مطلقه ينصرف إليه ، وربما يقال أنّه ينصرف إلى العاصمي.

ومضى ابن محمّد بن علي ، وابن محمّد بن عمّار ، وغيرهما من الكوفيّين ، فتأمّل(8) .

246 ـ أحمد بن محمّد المقري :

صاحب ابن بديل(9) ، روى عنه التلعكبري إجازة ، لم(10) .

__________________

(1) ظاهر نسخة « ش » : بغير باء.

(2) حاوي الأقوال : 227 / 1191.

(3) الوجيزة : 154 / 131.

(4) في المشتركات : بروايته عن أبي جعفر.

(5) في نسخة « ش » : القلاء.

(6) هداية المحدثين : 178.

(7) رجال الشيخ : 343 / 17.

(8) تعليقة الوحيد البهبهاني : 46.

(9) في المصدر : أحمد بن بديل.

(10) رجال الشيخ : 446 / 46.

٣٤٣

247 ـ أحمد بن محمّد بن موسى :

الجندي ، أبو الحسن ، هو ابن محمّد بن عمران بن موسى ،تعق (1) .

248 ـ أحمد بن محمّد بن موسى :

المعروف بابن الصلت الأهوازي ، أبو الحسن ، روى الشيخ الطوسي عنه عن ابن عقدة جميع رواياته وكتبه ، قال : وكان معه خطّ أبي العبّاس بإجازته وشرح رواياته وكتبه(2) .

وهذا يدلّ في الجملة على اعتباره وصحّة روايته عنه بخصوصه ، فتدبّر.

وفيتعق : قال المحقّق البحراني : وجدت في إجازة العلاّمة لأولاد زهرة أنّه من رجال العامّة(3) . ولم أجده في كلام غيره(4) .

قلت : عن كتاب ميزان الاعتدال : أحمد بن محمّد بن أحمد بن موسى بن الصلت(5) الأهوازي ، سمع المحاملي وابن عقدة ، وعنه الخطيب ، وكان صدوقا صالحا(6) ، انتهى ، فتأمّل.

وفيمشكا : ابن محمّد بن موسى المعروف بابن الصلت ، عنه ابن عقدة(7) .

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 46.

(2) الفهرست : 28 ـ 29 / 86.

(3) بحار الأنوار : 104 / 136 ، معراج أهل الكمال : 77.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 46.

(5) في المصدر :. موسى بن هارون بن الصّلت.

(6) ميزان الاعتدال 1 : 132 / 533.

(7) هداية المحدثين : 178 ، ولا يخفى أنّ قول المشتركات : عنه ابن عقدة ، اشتباه ، والصواب : روى عن ابن عقدة.

٣٤٤

249 ـ أحمد بن محمّد بن نوح :

يكنّى أبا العبّاس السيرافي ، سكن البصرة ، واسع الرواية ، ثقة في روايته ، غير أنّه حكي عنه مذاهب فاسدة في الأصول ، مثل القول بالرؤية وغيرها ،صه (1) .

وزادست : وله تصانيف ، منها : كتاب الرجال الذين رووا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وزاد على ما ذكره ابن عقدة كثيرا ، وله كتب في الفقه.

أخبرنا عنه جماعة من أصحابنا(2) . ومات عن قرب ، إلاّ أنّه كان بالبصرة ولم يتّفق لقائي إيّاه(3) .

وفي لم : ابن محمّد بن نوح البصري السيرافي ، يكنّى أبا العبّاس ، ثقة(4) ، انتهى.

وعندي أنّ هذا هو ابن عليّ بن العبّاس المتقدّم عنجش وصه ، لكن حكاية المذاهب الفاسدة كأنّها لم تصح عنه ، وإلاّ لم تخف علىجش ، ولذا لم يشر إلى شي‌ء منها.

وفيتعق : الأمر كما قاله ، فانّجش مع التصريح بقوله : شيخنا ومن استفدنا منه ـ الدال على معاشرته معه ومخالطته واشتغاله عليه مدّة ، المشير إلى كونه مفيدا لجماعة ومرجعا لهم ـ عظّمه وبجّله غاية التعظيم والتبجيل ، ولم يشر إلى فساد في عقيدة أو حزازة في رأي ، وذلك يدلّ على عدم صحّة الحكاية ، ويؤيّده كثرة استنادجش ، بل وغيره من الأعاظم إلى قوله ، وكذا توثيق الشيخ إيّاه في لم من دون إشارة إلى الحكاية.

__________________

(1) الخلاصة : 18 / 27.

(2) في الفهرست زيادة : بجميع رواياته.

(3) الفهرست : 37 / 117.

(4) رجال الشيخ : 456 / 108.

٣٤٥

على أنّا نقول : التوثيق ثابت معلوم ، والحكاية عن حاك غير معلوم ، فلم يثبت بذلك جرح.

وفي المعراج : حكى فيصه عن الشيخ أنّه كان يذهب إلى مذاهب(1) الوعيديّة(2) .

وهو وشيخه المفيد إلى أنّه تعالى لا يقدر على غير(3) مقدور العبد ، كما هو مذهب الجبائي.

والسيّد المرتضىرضي‌الله‌عنه إلى مذهب البهشميّة ، من أنّ إرادته تعالى عرض لا في محل.

والشيخ الجليل أبو إسحاق إبراهيم بن نوبخت إلى جواز اللذّة العقليّة عليه سبحانه ، وأنّ ماهيّته تعالى معلومة كوجوده ، وأنّ ماهيته الوجود المعلوم ، وأنّ المخالفين يخرجون من النار ولا يدخلون الجنّة.

والصدوق(4) وشيخه ابن الوليد(5) والطبرسي في مجمع البيان(6) إلى جواز السهو عن(7) النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ومحمّد بن أبي عبد الله الأسدي إلى الجبر والتشبيه(8) .

وغير ذلك ممّا يطول تعداده. والحكم بعدم عدالة هؤلاء لا يلتزمه أحد‌

__________________

(1) في المصدر : مذهب.

(2) الخلاصة : 148 / 46.

(3) في المعراج : عين.

(4) الفقيه : 1 / 234.

(5) الفقيه : 1 / 235.

(6) مجمع البيان : 2 / 317 ، سورة الأنعام : 68 ، في تفسير قوله تعالى :( وَإِمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ ) .

(7) في المعراج : على.

(8) رجال النجاشي : 373 / 1020.

٣٤٦

يؤمن بالله.

والذي ظهر لي من كلمات أصحابنا المتقدّمين وسيرة أساطين المحدّثين : أنّ المخالفة في غير الأصول الخمسة لا توجب الفسق ، إلاّ أن تستلزم إنكار ضروري الدين كالتجسيم بالحقيقة لا بالتسمية ، والقول بالرؤية بالانطباع أو الانعكاس ، وأمّا القول بها لا معهما فلا ، لأنّه لا يبعد؟؟؟ حمله على إرادة اليقين التام وشدّة الانكشاف العلمي.

وأمّا تجويز السهو عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واللذّة العقليّة عليه تعالى مع تفسيرها بإدراك الكمال من حيث أنّه كمال فلا يوجب فسقا.

وأمّا الجبر والتشبيه فالبحث في ذلك عريض أفردنا له رسالة(1) ، انتهى.

أقول : ونسب ابن طاوس ، والخواجه نصير الدين(2) ، وابن فهد(3) ، والشهيد الثاني ، وشيخنا البهائي(4) ، وجدّي العلاّمة ، وغيرهم من الأجلّة ، إلى التصوّف.

وغير خفيّ أنّ ضرر التصوّف إنّما هو فساد الاعتقاد ـ من القول بالحلول أو الوحدة في الوجود أو الاتّحاد ـ أو فساد الأعمال ـ كالأعمال المخالفة للشرع الّتي يرتكبها كثير من المتصوّفة في مقام الرياضة أو العبادة ـ وغير خفيّ على المطّلعين على أحوال هؤلاء الأجلّة أنّهم منزّهون عن كلا الفسادين قطعا.

ونسب جدّي العالم الربّاني مولانا محمّد صالح المازندراني وغيره من‌

__________________

(1) معراج أهل الكمال : 202 ـ 204 ، باختلاف.

(2) مجالس المؤمنين : 2 / 208.

(3) لؤلؤة البحرين : 155 ـ 156.

(4) لؤلؤة البحرين : 19.

٣٤٧

الأجلّة إلى القول باشتراك اللفظ ، وفيه أيضا نظير ما أشرنا.

ونسب المحمّدون الثلاثة كابن الوليد إلى القول بتجويز السهو على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ونسب الصدوق بل وابن الوليد منكر السهو إلى الغلو.

وبالجملة : أكثر الأجلّة ليسوا بخالصين عن أمثال ما أشرنا إليه. ومن هنا يظهر التأمّل في ثبوت الغلوّ وفساد المذهب بمجرّد رمي علماء الرجال من دون ظهور الحال ، وقد أشير إليه مرارا(1) .

250 ـ أحمد بن محمّد بن هيثم :

العجلي ، ثقة ،صه (2) . وفي د : هيثمة(3) .

ويأتي توثيقه عنجش في ابنه الحسن(4) .

وفيتعق : يروي عنه الصدوق مترضّيا(5) ، والظاهر أنّه من مشايخه(6) .

251 ـ أحمد بن محمّد بن يحيى :

العطّار القمّي ، روى عنه التلعكبري ـ وأخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله وأبو الحسين بن أبي جيد القمّي ـ وسمع منه سنة ستّ وخمسين وثلاثمائة ، وله منه إجازة ، لم(7) .

وربّما استفيد من تصحيح بعض طرق الشيخ في الكتابين ـ كطريق‌

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 47.

(2) الخلاصة : 20 / 52 وفيه : ابن الهيثم.

(3) رجال ابن داود : 45 / 135.

(4) رجال النجاشي : 65 / 151.

(5) الخصال : 158 / 203.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني.

(7) رجال الشيخ : 444 / 36.

٣٤٨

الحسين بن سعيد(1) ـ توثيقه.

وفيتعق : كنيته أبو علي(2) ، وسيذكر المصنّف في طريق الصدوق إلى ابن أبي يعفور أنّ العلاّمة بنى على توثيقه بحيث لا يحتمل الغفلة كما لا يخفى ، بل الأصحاب أيضا(3) .

أقول : تصحيح حديثه لا يستلزم التوثيق ـ ولو بنى على عدم الغفلة ـ كما مرّ في الفوائد ، لجواز إطلاقهم الصحّة عليه بناء على ما قلناه ، نعم في إكثار الإطلاق وجعل ذلك ديدنا وطريقة إشعار بالبناء عليها.

وبالجملة : مرّ الكلام في الفوائد مشروحا(4) .

أقول : ذكره في الحاوي في خاتمة قسم الثقات ـ وقد عقدها لمن لم ينصّ على توثيقه بل يستفاد من قرائن أخر ـ وقال بعد نقل ما في لم : قلت : قد وصف العلاّمة طريق الشيخ في التهذيب والاستبصار إلى محمّد بن عليّ ابن محبوب بالصحّة(5) ، وهو في الطريق ولا طريق غيره(6) ، وذلك يقتضي الحكم بعدالته.

وكذا وصف طريقه في التهذيب إلى عليّ بن جعفر بالصحّة(7) ، وهو فيه ، ولا طريق سواه(8) .

__________________

(1) الخلاصة : 276.

(2) كنيته أبو علي ، لم ترد في نسخة « ش ».

(3) منهج المقال : 412.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

(5) الخلاصة : 276.

(6) التهذيب ـ المشيخة ـ : 10 / 72 ، الاستبصار : 4 / 324.

(7) الخلاصة : 276.

(8) مشيخة التهذيب : 10 / 86.

٣٤٩

وكذا وصف طريق الصدوق إلى عبد الرحمن بن الحجّاج(1) ، وهو فيه(2) .

ووثّقه الشهيد الثاني في الدراية(3) (4) ، انتهى.

وفي الوجيزة : من مشايخ الإجازة ، وحكم الأصحاب بصحّة حديثه(5) .

وفيمشكا : ابن محمّد بن يحيى العطّار ـ المستفاد توثيقه من تصحيح بعض الطرق إليه ـ عنه التلعكبري ، والحسين بن عبيد الله ، وأبو الحسين بن أبي جيد(6) .

252 ـ أحمد بن محمّد بن يحيى :

الفارسي ، يكنّى أبا علي ، روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وخرج إلى قزوين ، وليس له منه إجازة ، لم(7) .

وفيتعق : الظاهر أنّه من مشايخ الإجازة ، ورواية التلعكبري عنه وملاحظة الطبقة والكنية ربما تشير إلى الاتّحاد مع السابق ، لكن لا يخلو عن البعد ، فتأمّل(8) .

__________________

(1) الخلاصة : 278.

(2) مشيخة الفقيه : 4 / 41.

(3) الرعاية في علم الدراية : 370 ، فإنّه ذكر أحمد بن محمّد وقال : بأنّ هذا الاسم مشترك ، ثم عدّ أربعة منهم ، ثم قال : وجماعة أخرى من أفاضل أصحابنا.

(4) حاوي الأقوال : 170 / 699.

(5) الوجيزة 154 / 133.

(6) هداية المحدثين : 178.

(7) رجال الشيخ : 444 / 39.

(8) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

٣٥٠

253 ـ أحمد بن محمّد بن يعقوب :

أبو علي البيهقي ، سيجي‌ء في ترجمة الفضل بن شاذان جلالته ونباهة شأنه ،تعق (1) .

أقول(2) : في المتوسّط : أحمد بن محمّد بن يعقوب ، أبو علي(3) البيهقيرحمه‌الله ، روى عنهكش هكذا مترحّما ، وقال عنه أنّه قال : صلّيت على الفضل بن شاذان. ودفع عنه ما روي من القدح فيه(4) ، فليتدبّر(5) . انتهى.

254 ـ أحمد بن معافي :

جعله د من أصحاب الجوادعليه‌السلام ووثّقه نقلا عن رجال الشيخ(6) ، ولم نجده فيه ولا في غيره.

255 ـ أحمد بن معروف :

قمّي ، له كتاب نوادر ، أخبرناه أبو عبد الله بن شاذان القزويني ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمّد بن عليّ بن محبوب ، عنه ، به ،جش (7) .

وفيست : له كتاب ، الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عنه(8) .

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

(2) في نسخة « ش » : قلت.

(3) أبو علي ، لم يرد في نسخة « ش ».

(4) رجال الكشي : 542 / 1028 ، وفيه : أحمد بن يعقوب.

(5) الوسيط : 21.

(6) رجال ابن داود : 45 / 138.

(7) رجال النجاشي : 79 / 188.

(8) الفهرست : 36 / 108.

٣٥١

وفيتعق : في المعراج : لا يبعد انتظامه في سلك مشايخ الإجازة(1) .

انتهى ، فتأمّل(2) .

أقول : فيمشكا : ابن معروف ، عنه محمّد بن عليّ بن محبوب ، وأحمد بن محمّد بن يحيى عن أبيه عنه(3) .

256 ـ أحمد بن موسى الأشعري :

مضى بعنوان ابن أبي زاهر ،تعق (4) .

257 ـ أحمد بن موسى بن جعفر :

ابن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن طاوس(5) العلوي الحسني ، سيّدنا الطاهر الإمام المعظّم فقيه أهل البيت(6) جمال الدين أبو الفضائل ، مات سنة ثلاث وسبعين وستمائة. مصنّف مجتهد ، كان أورع فضلاء زمانه.

قرأت عليه أكثر البشرى والملاذ وغير ذلك من تصانيفه ، وأجاز لي جميع تصانيفه ورواياته ، وكان شاعرا مصقعا بليغا منشدا(7) مجيدا.

من تصانيفه : كتاب البشرى(8) في الفقه ، ستّ مجلّدات ، كتاب الملاذ في الفقه ، أربع مجلّدات ، كتاب الكر ، كتاب السهم السريع في‌

__________________

(1) لم نجده في نسختنا من المعراج ، وأورده المامقاني في تنقيح المقال : 1 / 97 نقلا عن المعراج.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

(3) هداية المحدثين : 15.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

(5) في المصدر : ابن محمّد الطاووسي ، بدل ابن طاوس.

(6) في نسخة « ش » زيادة :عليهم‌السلام .

(7) في المصدر : منشئا.

(8) في المصدر : كتاب بشرى المحققين.

٣٥٢

تحليل المداينة(1) مع القرض ، كتاب الفوائد ، كتاب العدّة(2) في أصول الفقه ، كتاب الثاقب للسحر(3) في أصول الدين ، كتاب الروح ، نقضا على ابن أبي الحديد ، كتاب شواهد القرآن ، مجلّدان ، كتاب بناء المقالة العلويّة في نقض الرسالة العثمانيّة ، كتاب المسائل في أصول الدين ، كتاب عين العبرة في غبن العترة ، كتاب زهرة الرياض في المواعظ ، كتاب الاختيار في أدعية الليل والنهار ، كتاب الاذخار(4) في شرح لاميّة مهيار ، مجلّدان ، كتاب عمل اليوم والليلة. وله غير ذلك تمام اثنين وثمانين مجلّدا ، من أحسن التصانيف وأحقّها.

حقّق الرجال والرواية(5) تحقيقا لا مزيد عليه.

ربّاني وعلّمني وأحسن إليّ ، وأكثر فوائد هذا الكتاب ونكتة من إشاراته وتحقيقه(6) ، جزاه الله عنّي أفضل جزاء المحسنين ، د(7) .

أقول : من جملة كتبهرحمه‌الله : حلّ الإشكال في معرفة الرجال.

قال الشهيد الثاني في إجازته للشيخ حسين بن عبد الصمد : وهذا الكتاب عندنا موجود بخطّه المبارك(8) ، انتهى.

وقد حرّره ولده(9) المحقّق الشيخ حسن فسمّاه : التحرير الطاووسي.

__________________

(1) في المصدر : المبايعة.

(2) في المصدر : كتاب الفوائد العدّة.

(3) في المصدر : كتاب الثاقب المسخر على نقض المشجر.

(4) في المصدر : الأزهار.

(5) في المصدر زيادة : والتفسير.

(6) في المصدر : وتحقيقاته.

(7) رجال ابن داود : 45 / 140.

(8) بحار الأنوار : 108 / 154.

(9) في نسخة « ش » : ولد.

٣٥٣

وعندي منه نسخة ، وهو الذي رمزت له : طس.

وفي إجازة العلاّمة الكبيرة المشهورة عند ذكر من أجازه هكذا : ومن ذلك جميع ما صنّفه السيّدان الكبيران السعيدان رضيّ الدين علي وجمال الدين أحمد ابنا موسى بن طاوس الحسنيّان قدّس الله روحهما وروياه وقرآه وأجيز لهما روايته ، عنّي ، عنهما.

وهذان السيّدان زاهدان عابدان ورعان.

وكان رضي الدين علي(1) صاحب كرامات ، حكى لي بعضها ، وروى لي(2) والديرحمه‌الله (3) البعض الآخر(4) ، انتهى.

وأمّ هذا السيدرضي‌الله‌عنه على ما نقله الشيخ يوسف البحرانيرحمه‌الله بنت الشيخ مسعود ورّام بن أبي فراس ـ وهي أمّ أخيه أيضا ـ وأمّها بنت الشيخ ، وقد أجاز لها ولأختها أمّ ابن إدريس جميع مصنّفاته ومصنّفات الأصحاب ، قال : ويؤيّده تصريح السيّدرضي‌الله‌عنه (5) عن الشيخ وكذا عن الشيخ ورّام بلفظ : جدّي ، وهو أكثر كثير في كلامه(6) ، انتهى.

وأبو الفضائل أحمد هذا قبره في الحلّة مزار معروف مشهور كالنور على الطور ، يقصدونه من الأمكنة البعيدة ، ويأتون إليه بالنذور ، وتحرّج العامّة ـ فضلا عن الخاصّة ـ عن الحلف به كذبا ، خوفا ، وتسمّيه العوام : السيّد عبد الله.

__________________

(1) في المصدر زيادة :رحمه‌الله .

(2) لي ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) في المصدر زيادة : عنه.

(4) بحار الأنوار : 107 / 63.

(5) في المصدر : السيّد رضيّ الدين ـرضي‌الله‌عنه ـ.

(6) لؤلؤة البحرين : 236.

٣٥٤

هذا ، وفي الوجيزة : ثقة جليل القدر(1) .

258 ـ أحمد بن موسى بن جعفر :

ابن محمّد(2) بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

في الإرشاد : كان كريما جليلا ورعا ، وكان أبو الحسن موسىعليه‌السلام يحبّه ويقدّمه ، ووهب له ضيعته المعروفة باليسرة(3) ، ويقال : إنّه ـرضي‌الله‌عنه ـ أعتق ألف مملوك.

أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى ، قال : حدّثنا جدّي ، قال : سمعت إسماعيل بن موسىعليه‌السلام (4) يقول : خرج أبي بولده إلى بعض أمواله بالمدينة ، فكنّا في ذلك المكان ، وكان مع أحمد بن موسى عشرون من خدّام(5) أبي وحشمه ، إن قام أحمد قاموا معه وإن جلس جلسوا معه ، وأبي بعد ذلك يرعاه ببصره ما يغفل عنه ، فما انقلبنا حتّى تشيّخ(6) أحمد ابن موسى بيننا(7) .

وفيتعق : في البلغة(8) : هو المدفون بشيراز ، المسمّى(9) بسيّد السادات(10) .

__________________

(1) الوجيزة 155 / 137 ، وفيه : ثقة جليل.

(2) ابن محمّد ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) في المصدر : باليسيرة.

(4)عليه‌السلام ، لم ترد في نسخة « ش » والمصدر.

(5) في المصدر : خدم.

(6) في المصدر : انشجّ.

(7) إرشاد المفيد : 2 / 244.

(8) في البلغة ، لم ترد في التعليقة.

(9) في التعليقة : الملقّب.

(10) بلغة المحدثين : 331.

٣٥٥

قلت : وكأنّه المعروف الآن بشاة چراغ(1) .

أقول : جزم ولده الفاضل دام فضلهما بأنّه هو ، ونقله عن المستوفي في نزهة القلوب.

وصرّح بذلك أيضا شيخنا الشيخ يوسف البحراني في مواضع من إجازته(2) .

وفي الوجيزة : أحمد بن موسى الكاظمعليه‌السلام ، ممدوح(3) .

259 ـ أحمد بن مهران :

روى عنه الكليني في كتاب الكافي.

وقال ابن الغضائري : إنّه ضعيف ،صه (4) .

وفيتعق : ترحّم عليه(5) في باب مولد الزهراءعليها‌السلام (6) ، وباب مولد الكاظمعليه‌السلام (7) ، وباب نكت التنزيل في الولاية مكرّرا(8) ، وغير ذلك من المواضع(9) ، وأكثر من الرواية عنه ، وهو عن عبد العظيم الحسني الجليل.

وفي الوجيزة : أستاذ الكليني ، ضعيف(10) .

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

(2) لؤلؤة البحرين : 73.

(3) الوجيزة : 155 / 138.

(4) الخلاصة : 205 / 22.

(5) في المصدر زيادة : في الكافي.

(6) الكافي 1 : 381 / 3.

(7) الكافي 1 : 404 / 7.

(8) الكافي 1 : 351 / 60.

(9) الكافي 1 : 407 / 3.

(10) الوجيزة : 155 / 139.

٣٥٦

وفي التضعيف ضعف ، لكونه من ابن الغضائري ، مع مصادمته لما ذكر(1) .

قلت : لا ريب أنّ ثقة الإسلام أعرف بحاله من ابن الغضائري البعيد العهد عنه ، مضافا إلى ارتفاع الوثوق عن تضعيفاته.

260 ـ أحمد بن ميثم :

بالمثنّاة من تحت الساكنة بعد الميم المفتوحة بعدها الثاء المثلّثة ، ابن أبي نعيم ـ بضمّ النون وفتح المهملة ، واسم أبي نعيم : الفضل بن عمرو(2) ، ولقبه : دكين ، بالمهملة المضمومة ـ ابن حمّاد بن زهير مولى آل طلحة بن عبيد الله ، أبو الحسين(3) ، كان من ثقات أصحابنا الكوفيّين وفقهائهم ،صه (4) .

ست ، إلاّ الترجمة و : واسم أبي نعيم.

وكستجش إلاّ : ابن زهير(5) .

وزادست : له مصنّفات ، الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن جعفر ، عن حميد بن زياد ، عنه(6) .

واعلم أنّ : دكين ، لقب عمرو لا الفضل. والفضل بن دكين رجل مشهور من علماء الحديث.

وفيتعق : في ضح : أحمد بن ميثم ، بكسر الميم وإسكان الياء وفتح‌

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 49.

(2) في الخلاصة والفهرست ورجال النجاشي : عمر.

(3) في الخلاصة والفهرست : أبو الحسن.

(4) الخلاصة : 15 / 12.

(5) رجال النجاشي : 88 / 216.

(6) الفهرست : 25 / 77.

٣٥٧

المثلّثة(1) .

ثمّ فيه كذلك ، وبدل وفتح المثلّثة : فتح المثنّاة من فوق(2) .

ثمّ فيه : أحمد بن ميثم ، بكسر الميم(3) .

والظاهر اتّحاد الكل ، وتوهّم بعض أنّهم ثلاث.

وفي شرح البداية للشهيد الثاني : إنّ أحمد بن ميثم بالثاء المثلّثة غيره بالمثنّاة من فوق ، والأوّل هو ابن الفضل بن دكين ، والثاني مطلق ، أورده في ضح(4) ، انتهى.

قلت : في ضح عكس ما ذكرهرحمه‌الله (5) .

أقول : في نسختين عندي من الإيضاح إحداهما مصحّحة أيضا عكس ما ذكره الشهيد الثاني ، فإنّه جعل الثاني ابن دكين ، والأوّل مطلقا ، فلاحظ.

بل في حواشي الشهيد الثاني نفسه علىصه عن ضح جعل الثاني ابن دكين.

إلاّ أنّهما(6) ليس فيهما(7) ابن ميثم ثالثا كما ذكره سلّمه الله تعالى ، نعم فيهما : إسماعيل بن ميثم بكسر الميم ، فراجع.

وما مرّ عن الميرزا من قوله : واعلم أنّ دكين. إلى آخره ، صرّح به‌

__________________

(1) إيضاح الاشتباه : 113 / 93.

(2) إيضاح الاشتباه : 105 / 70.

(3) إيضاح الاشتباه : 114 / 98 إلاّ أنّ في النسخة المطبوعة : إسماعيل بن ميثم ، وذكر في الحاشية عن بعض النسخ أنّه : أحمد ، بدل : إسماعيل.

(4) الرعاية في علم الدراية : 381.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 49.

(6) في نسخة « ش » : إلاّ أنه.

(7) في هامش نسخة « م » : في النسختين.

٣٥٨

الشهيد الثاني قبله ، قال : لأنّ ما ذكرناه هو المطابق للواقع ، فإنّ الفضل بن دكين رجل مشهور من علماء الحديث ، وعبارة ضح وغيره موهمة خلاف الواقع(1) ، انتهى.

وفيمشكا : ابن ميثم الثقة ، عنه حميد بن زياد(2) .

261 ـ أحمد بن نصر بن سعيد :

الباهلي ، المعروف بابن أبي هراسة ، يلقّب أبوه : هوذة ، سمع منه التلعكبري سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ، وله منه إجازة.

مات في ذي الحجّة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة يوم التروية بجسر النهروان ، ودفن بها ، لم(3) .

ومرّ : إبراهيم بن رجاء الشيباني أبو إسحاق المعروف بابن أبي هراسة عنجش (4) وصه(5) . لكن على قول الشيخ ذاك ابن هراسة(6) ، وهذا ابن أبي هراسة.

وفيتعق : يظهر من الكفاية في النصوص أنّ أبا هراسة كنية لسعيد جد أحمد ، وأنّ أحمد يكنّى بأبي سليمان الباهلي(7) .

وسيجي‌ء هذا عن المصنّف في آخر الكتاب(8) ، ومرّ في إبراهيم بن‌

__________________

(1) ذكره في تنقيح المقال : 1 / 98 عن حاشية الشهيد الثاني على الخلاصة ، ولم يرد في نسختنا من الحاشية.

(2) هداية المحدثين : 15.

(3) رجال الشيخ : 442 / 31 ، وفيه : أحمد بن النضر.

(4) رجال النجاشي : 23 / 34.

(5) الخلاصة : 198 / 5.

(6) رجال الشيخ : 146 / 70.

(7) كفاية الأثر : 250.

(8) منهج المقال : 397.

٣٥٩

إسحاق(1) (2) .

قلت : لم يظهر من لم أنّ أبا هراسة كنية لغير سعيد ، بل الظاهر من العبارة أنّه كنية سعيد ، وما في الكفاية موافق له ، وإرجاع ضمير أبوه إلى أحمد غير مضر لكونه هو صاحب الترجمة.

ثمّ إنّه لا بعد في كون ابن أبي هراسة كنية لكلّ منهما بل وكل منهم ، كابن بابويه وابن طاوس.

هذا ، وذكره في مل في علمائنا(3) ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن نصر بن سعيد ، عنه التلعكبري(4) .

262 ـ أحمد بن النضر :

بالنون والمعجمة ، أبو الحسن الجعفي ، مولى ، كوفي ، ثقة ،صه (5) .

جش ، إلاّ الترجمة ، وبعد الجعفي : الخزّاز(6) ، ثمّ زاد : له كتاب يرويه جماعة. أخبرنا جماعة ، عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى الخارقي ، عن أبيه ، عنه بكتابه(7) .

وفيست : له كتاب ، عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن(8) ، عن سعد والحميري ،

__________________

(1) منهج المقال : 20.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 49.

(3) أمل الآمل 2 : 30 / 80.

(4) هداية المحدثين : 15.

(5) الخلاصة : 20 / 49.

(6) في المصدر : الخزاز ، بعد : النضر.

(7) رجال النجاشي : 98 / 244 وفيه : الخازمي ، بدل : الخارقي.

(8) في المصدر : ومحمّد بن الحسين.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608