الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260539 / تحميل: 6460
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وعدّها واهية لا أساس لها ، وأنّها عارية من الصحة ، إذ قال : لا مهديّ إلّا عيسى ، إلّا أنّ علماء الإسلام ورجاله ردّوا على مقالته ، وخاصّة أبو العباس بن عبد المؤمن في كتابه «الوهم المكنون في الردّ على ابن خلدون» الذي خصّص في كتابه بحثا مسهبا في هذا الشأن ، وقد نشر الكتاب منذ أكثر من ثلاثين سنة.

ويقول حفاظ الأحاديث والعلماء الكبار بصراحة ، إن الأحاديث في المهدي تشتمل على الصحيح والحسن ، ومجموعها متواتر ، فبناء على ذلك فالاعتقاد بظهور المهدي واجب على كل مسلم ، ويعدّ هذا من عقائد أهل السنة والجماعة ولا ينكرها إلّا الجهلة أو المبتدعون إلخ.

مدير إدارة مجمع الفقه الإسلامي

محمّد المنتصر الكنائي

* * *

الانتظار وآثاره البنّاءة :

كان الكلام في البحث السابق أن هذا الإعتقاد لم يكن ممّا طرا على التعاليم الإسلامية ، بل هو من أكثر المباحث القطعية المأخوذة عن مؤسس دعائم الإسلام صلوات الله عليه ، ويتفق على ذلك عموم الفرق الإسلامية ، والأحاديث في هذا الشأن متواترة أيضا.

والآن لنقف على آثار الانتظار في المجتمعات الإسلامية وما هي عليه من أحوال ، لنرى هل أن الإيمان بظهور الإمام المهديعليه‌السلام يجعل الإنسان عارفا في الوهم والخيال ثمّ ليستسلم لجميع الظروف ، أو هو نوع من الدّعوة إلى النهوض وبناء الإنسان والمجتمع؟!

هل يدعو إلى التحرك ، أم إلى الركود؟

هل يبعث في الإنسان روح المسؤولية ، أم هو مدعاة للفرار منها؟

٢١

وأخيرا : أهو مخدّر ، أم موقظ؟

إلّا أنّه قبل أن نوضح الإجابة على هذه الأسئلة ـ لا بدّ من الالتفات إلى هذه الملاحظة وهي أن أسمى المفاهيم وأكرم الدساتير متى ما وقعت في أيدي أناس جهلة أو غير جديرين بها ، فمن الممكن أن تمسخ بسوء استفادتهم فتكون النتيجة خلافا للهدف الأصلي تماما وتتعاكس في المسار ، ومثل هذا واقع بكثرة ، وسنرى أن مسألة انتظار المهديعليه‌السلام من هذه المسائل أيضا.

ومن أجل تحاشي والأخطاء والاشتباهات في مثل هذه المباحث ، ينبغي ـ كما قيل ـ أن ننهل الماء من معينه العذب ، لئلا نجد فيه كدر الأنهار أو السواقي المشوبة. أي علينا أن نراجع النصوص الإسلامية الأصيلة مباشرة وأن نفهم الانتظار من لسان رواياتها المختلفة، حتى نطّلع على الهدف الأصليّ منها!

الرّوايات الشّريفة :

١ ـ سأل بعضهم الإمام الصّادقعليه‌السلام : ما تقول في رجل موال للأئمّةعليهم‌السلام وينتظر ظهور حكومة الحق ، ثمّ يموت وهو على هذه الحال؟!

فقال الإمام الصادقعليه‌السلام : هو بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه. ثمّ سكت هنيئة ، ثمّ قال : هو كمن كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

وهذا المضمون نفسه ورد في روايات متعددة بتعابير مختلفة :

٢ ـ إذ جاء في بعضها : بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله.

٣ ـ وفي بعضها : كمن قارع مع رسول الله بسيفه.

٤ ـ وفي بعضها : بمنزلة من كان قاعدا تحت لواء القائم.

٥ ـ وفي بعضها : بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله.

٦ ـ وفي بعضها : بمنزلة من استشهد مع رسول الله.

__________________

(١) محاسن البرقي ، طبقا لما ورد في البحار ، الطبعة القديمة ، ج ١٣ ، ص ١٣٦.

٢٢

فهذه التشبيهات السبعة في الرّوايات الست المذكورة ، آنفا في شأن المهديعليه‌السلام ، تبيّن هذه الواقعية وهي أنّ هناك علاقة وارتباط بين مسألة الانتظار من جانب ، وجهاد العدوّ في أشدّ أشكاله من جانب آخر «فتأملوا بدقّة».

٧ ـ كما ورد في روايات متعددة أن انتظار مثل هذه الحكومة الحقة من أفضل العبادات ، وهذا المضمون ورد في بعض أحاديث النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكلام الإمام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام .

فقد ورد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج من اللهعزوجل ».(١)

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث آخر : «أفضل العبادة انتظار الفرج».(٢)

وهذان الحديثان يشيران إلى انتظار الفرج ، سواء الفرج بمفهومه الواسع العام أو بمفهومه الخاص أي انتظار ظهور المصلح ويبيّنان أهمية الانتظار بجلاء أيضا.

ومثل هذه التعابير تعني أنّ الانتظار معناه الثورية المقرونة بالتهيؤ للجهاد ، فلا بدّ أن نتصوّر هذا المعنى لنفهم المراد من الانتظار ، ثمّ نحصل على النتيجة المتوخاة.

مفهوم الانتظار!

الانتظار : يطلق عادة على من يكون في حالة غير مريحة وهو يسعى لإيجاد وضع أحسن.

فمثلا المريض ينتظر الشفاء من سقمه ، أو الأب ينتظر عودة ولده من السفر ، فهما أي المريض والأب مشفقان ، هذا من مرضه وذاك من غياب ولده ، فينتظران الحال الأحسن ويسعيان من أجل ذلك بما في وسعهما.

وكذلك ـ مثلا ـ حال التّاجر الذي يعاني الأزمة السوقية وينتظر النشاط

__________________

(١) الكافي ، حسب ما جاء في البحار ، ص ١٣٦ و ١٣٧.

(٢) المصدر السّابق.

٢٣

الاقتصادي. فهاتان الحالتان أي : الاحساس بالأزمة ، والسعي نحو الأحسن هما من الانتظار.

فبناء على ذلك ، فإنّ مسألة انتظار حكومة الحق والعدل ، أي حكومة «المهديعليه‌السلام » وظهور المصلح العالمي ، مركبة في الواقع من عنصرين : عنصر نفي ، وعنصر إثبات، فعنصر النفي هو الإحساس بغرابة الوضع الذي يعانيه المنتظر ، وعنصر الإثبات هو طلب الحال الأحسن!

وإذا قدّر لهذين العنصرين أن يحلّا في روح الإنسان فإنّهما يكونان مدعاة لنوعين من الأعمال وهذان النوعان هما :

١ ـ ترك كل شكل من أشكال التعاون مع أسباب الظلم والفساد ، بل عليه أن يقاومها ، هذا من جهة.

٢ ـ وبناء الشخصية والتحرك الذاتي وتهيئة الاستعدادات الجسمية والروحية والمادية والمعنوية لظهور تلك الحكومة العالمية الإنسانية ، من جهة أخرى.

ولو أمعنّا النظر لوجدنا أنّ هذين النوعين من الأعمال هما سبب في اليقظة والوعي والبناء الذاتي.

ومع الالتفات إلى مفهوم الانتظار الأصيل ، ندرك بصورة جيدة معنى الرّوايات الواردة في ثواب المنتظرين وعاقبة أمرهم ، وعندها نعرف لم سمّت الرّوايات المنتظرين بحقّ بأنّهم بمنزلة من كان مع القائم تحت فسطاطه «عجل الله فرجه» أو أنّهم تحت لوائه ، أو أنّهم كمن يقاتل في سبيل الله بين يديه كالمستشهد بين يديه ، أو كالمتشحط بدمه! إلخ

ترى أليست هذه التعابير تشير إلى المراحل المختلفة ودرجات الجهاد في سبيل الحق والعدل ، التي تتناسب ومقدار الاستعداد ودرجة انتظار الناس؟

كما أنّ ميزان التضحية ومعيارها ليسن في درجة واحدة ، إذا أردنا أن نزن تضحية المجاهدين ، في سبيل الله ودرجاتهم وآثار تضحياتهم ، فكذلك الانتظار

٢٤

وبناء الشخصيّة والاستعداد ، كل ذلك ليس في درجة واحدة ، وإن كان كلّ من هذه «العناوين» من حيث المقدمات والنتائج يشبه العناوين آنفة الذكر. فكلّ منهما جهاد وكل منهما استعداد وتهيؤ لبناء الذات ، فمن هو تحت خيمة القائد وفي فسطاطه يعني أنّه مستقر في مركز القيادة ، وعند آمرية الحكومة الاسلامية! فلا يمكن أن يكون إنسانا غافلا جاهلا ، فذلك المكان ليس مكانا لكل أحد وإنّما هو مكان من يستحقه بجدارة!

فكذلك الأمر عند ما يقاتل المقاتل بين يدي هدا القائد أعداء حكومة العدل والصلاح ، فعليه أن يكون مستعدا بشكل كامل روحيا وفكريا وقتاليا.

ولمزيد التعرف على الآثار الواقعية لانتظار ظهور المهديعليه‌السلام لاحظوا التوضيح التّالي:

الانتظار يعنى الاستعداد الكامل :

إذا كنت ظالما مجرما ، فكيف يتسنى لي أن أنتظر من سيفه متعطش لدماء الظالمين؟! وإذا كنت ملوّثا غير نقي فكيف أنتظر ثورة يحرق لهبها الملوّثين؟! والجيش الذي ينتظر الجهاد الكبير يقوم برفع معنويات جنوده ويلهمهم روح الثورة ، ويصلح نقاط الضعف فيهم إن وجدت ، لأنّ كيفية الانتظار تتناسب دائما والهدف الذي نحن في انتظاره.

١ ـ انتظار قدوم أحد المسافرين من سفره.

٢ ـ انتظار عودة حبيب عزيز جدا.

٣ ـ انتظار حلول فصل اقتطاف الثمار وجني المحاصيل.

كل من هذه الأنواع من الانتظار مقرون بنوع من الاستعداد ، ففي أحدها ينبغي تهيئة البيت ووسائل التكريم ، وفي الآخر ما ينبغي أن يقتطف به من الأدوات

٢٥

والسلال وهكذا والآن سنتصوّر كيف يكون انتظار ظهور مصلح عالمي كبير وكيف نكون في انتظار ثورة وتغيير وتحول واسع لم يشهد تأريخ الإنسانية مثيلا له؟

الثورة التي ليست كسائر الثورات السابقة ، إذ هي غير محدودة بمنطقة ما ، بل هي عامّة وللجميع ، وتشمل جميع شؤون الحياة والناس ، فهي ثورة سياسية ، ثقافية ، اقتصادية، أخلاقية.

الحكمة الأولى ، بناء الشّخصية الفرديّة :

إنّ بناء الشّخصية ـ قبل كل شيء ـ بحاجة إلى عناصر معدّة ذات قيم إنسانية ، ليمكن للفرد أن يتحمل العبء الثقيل الإصلاحي للعالم ، وهذا الأمر بحاجة ـ أوّلا ـ إلى الارتقاء الفكري والعلمي والاستعداد الروحي ، لتطبيق ذلك المنهج العظيم.

فالتحجر ، وضيق النظر والحسد ، والاختلافات الصبيانية ، وكل نفاق بشكل عام أو تفرقة لا تنسجم ومكانة المنتظرين الواقعيين.

والمسألة المهمّة ـ هنا ـ أنّ المنتظر الواقعي لا يمكنه أن يقف موقف المتفرج ممّا أشرنا إليه آنفا ، بل لا بدّ أن يقف في الصف الآخر ، أي صف الثائرين المصلحين ، فالإيمان بالنتائج وما يؤول إليه هذا التحول ، لا يسمح له أبدا أن يكون في صف «المثبطين» المتقاعسين ، بل يكون في صف المخلصين المصلحين ، ويكون عمله خالصا وروحه أكثر نقاء ، وأن يكون شهما عارفا معرفة كافية بالأمور.

فإذا كنت فاسدا معوجّا فكيف يمكنني أن أنتظر نظاما لا مكان فيه للفاسدين؟أليس مثل هذا الانتظار كافيا لأن أطهّر نفسي وفكري ، وأغسل جسمي وروحي من التلوّث؟!

والجيش الذي ينتظر جهادا تحرريا لا بدّ له أن يكون في حالة من الاستعداد الكامل ، وأن يهيئ السلاح الجدير بالمعركة ، وأن يصنع الملاجئ والمواضع

٢٦

العسكرية اللازمة وأن يرفع المعنويات القتالية في صفوف أفراده ، ويقوي روحيّاتهم ، يسرج في قلوبهم شعلة العشق للمواجهة فإنّ جيشا ليس فيه مثل هذه الاستعدادات لا يكون جيشا (منتظرا) وإذا ادعى الانتظار فهو «كاذب»!

إنّ انتظار المصلح ، «العالمي» معناه الاستعداد الكامل فكريا ، وأخلاقيا ، ماديا ومعنويا ، الاستعداد لإصلاح العالم كلّه. فتصوّروا أنّ مثل هذا الاستعدادكم يكون بنّاء؟!

فإصلاح المعمورة كلّها ، وإنهاء الظلم والفساد والنواقص ليس عملا بسيطا ، ولا هو بالمزاح أو الهزل ، بل الاستعداد لمثل هذا الهدف الكبير ينبغي أن يتناسب معه ، وأن يكون بسعته وعمقه!

فلا بدّ من وجود رجال كبار مصممين ذوي إرادة أقوياء لا ينكصون ولا ينهزمون أبدا ، ذوي نظرة واسعة واستعداد تام وتفكير عميق ، حتى تتحقق مثل هذه الثورة الإصلاحية العالمية.

وبناء الشخصية لمثل هذا الهدف يستلزم الارتباط بأشد المناهج الأخلاقية ، والفكرية والاجتماعية أصالة وعمقا ، فهذا هو معنى الانتظار الواقعي! ترى هل يستطيع أن ينكر أحد فيقول : إن مثل هذا الانتظار لا يكون فاعلا.

الحكمة الثّانية ، التعاون الاجتماعي :

إنّ المنتظرين بحق في الوقت الذي ينبغي عليهم أن يهتمّوا ببناء «شخصيتهم» عليهم، أن يراقبوا أحوال الآخرين ، وأن يجدّوا في إصلاحهم جدّهم في إصلاح ذاتهم لأنّ المنهج العظيم الذي ينتظرونه ليس منهجا فرديّا ، بل هو منهج ينبغي أن تشترك فيه جميع العناصر الثورية ، وأن يكون العمل جماعيا عاما ، وأن تتسق المساعي والجهود بشكل يتناسب وتلك الثورة العالمية هم في انتظارها.

ففي ساحة معركة واسعة يقاتل فيها مجموعة جنبا إلى جنب ، لا يمكن لأحد

٢٧

منهم أن يغفل عن الآخرين بل عليه أن يشدّ أزرهم وأن يسدّ الثغرة ويصلح نقطة الضعف إن وجدت ويرمم المواضع المتداعية ويدعم ما ضعف منها ، لأنّه لا يمكن تطبيق مثل هذا المنهج دون مساهمة جماعية نشيطة فعّالة متسقة متناسقة! فبناء على ذلك فالمنتظرون بحقّ عليهم أن يصلحوا حال الآخرين بالإضافة إلى إصلاح حالهم.

فهذا هو الأثر الآخر البنّاء ، الذي يورثه الانتظار لقيام مصلح عالمي ، وهذه حكمة الفضائل التي ينالها ، المنتظرون بحق.

الحكمة الثّالثة ، المنتظرون بحق لا يذوبون في المحيط الفاسد :

إنّ الأثر المهم الآخر للانتظار هو عدم ذوبان المنتظرين في المحيط الفاسد ، وعدم الانقياد وراء المغريات والتلوّث بها أبدا.

وتوضيح ذلك : أنّه حين يعم الفساد المجتمع ، أو تكون الأغلبية الساحقة منه فاسدة، فقد يقع الإنسان النقي الطاهر في مأزق نفسي ، أو بتعبير آخر : في طريق مسدود «لليأس من الإصلاحات التي يتوخّاها».

وربّما يتصور «المنتظرون» أنّه لا مجال للإصلاح ، وأن السعي والجدّ من أجل البقاء على «النقاء» والطهارة وعدم التلوّث ، كل ذلك لا طائل تحته ، أو لا جدوى منه ، فهذا اليأس أو الفشل قد يجرّ الإنسان نحو الفساد والاصطباغ بصبغة المجتمع الفساد ، فلا يستطيع المنتظرون عندئذ أن يحافظوا على أنفسهم باعتبارهم أقليّة صالحة بين أكثرية طالحة ، وأنّهم سيفتضحون إن أصروا على مواصلة طريقهم وينكشفون لأنّهم ليسوا على شاكلة الجماعة.

والشيء الوحيد الذي ينعش فيهم الأمل ويدعوهم الى المقاومة والتجلد وعدم الذّوبان والانحلال في المحيط الفاسد ، هو رجاؤهم بالإصلاح النهائي ، فهم في هذه الحال ـ فحسب ـ لا يسأمون عن الجد والمثابرة ، بل يواصلون طريقهم في

٢٨

سبيل المحافظة على الذات وحفظ الآخرين وإصلاحهم أيضا.

وحين نجد ـ في التعاليم الإسلامية ـ أن اليأس من رحمة الله وثوابه من أعظم الذنوب والكبائر ، فقد يتعجب بعض الجهّال : كيف يكون اليأس من رحمة الله من الكبائر والى هذه الدرجة من الأهمية ، حتى أنّه أشدّ من سائر الذنوب الأخرى ، فإنّ حكمته و «فلسفته» في الحقيقة هو ما أشرنا إليه آنفا ، لأنّ العاصي الآيس من رحمة الله لا يرى شيئا ينقذه ويخلصه من عذاب الله ، فلا يفكر بإصلاح الخلل ، أو ـ يكفّ عن الذنب على الأقل لأنّه يقول في نفسه : أنا الغريق فهل أحشى من البلل؟ والنهاية الحتمية جهنّم ، وقد اشتريتها ، فما عسى أن أفعل؟ وما الى ذلك.

إلّا أنّه حين تنفتح له نافذة الأمل ، فإنّه سيرجو عفو ربّه ، ويتجه نحو تغيير نفسه وحاله ، ويحصل له منعطف جديد في حياته يدعوه الى التوقف عن مواصلة الذنوب والعودة نحو الطهارة والنقاء والإصلاح.

ومن هنا يمكننا أن نعتبر أنّ الأمل عامل تربوي مهم ومؤثر في المنحرفين أو الفاسدين، كما أنّ الصالحين لا يستطيعون أن يواصلوا مسيرهم في المحيط الفاسد إذا لم يكن لهم أمل بالانتصار على المفاسد.

والنتيجة أنّ معنى انتظار ظهور المصلح ، هو أنّ الدنيا مهما مالت نحو الفساد أكثر كان الأمل بالظهور أكثر ، والانتظار يكون له أثر نفسي كبير ، فيضمن للنفوس القوّة في مواجهة الأمواج والتيارات الشديدة كيلا يجرفها الفساد ، فهم ليسوا أربط جأشا فحسب ، بل بمقتضى قول الشاعر :

عند ما يأزف ميعاد الوصال

فلظى العشّاق في أيّ اشتعال

إذن فهم يسعون أكثر للوصول الى الهدف المنشود ، وتنشد همتهم لمواجهة الفساد ومكافحته بشوق لا مزيد عليه.

وممّا ذكرناه ـ آنفا ـ نستنتج أن الأثر السلبي للانتظار إنّما يكون في صوره ما لو مسخ مفهومه أو حرّف عن واقعه ، كما حرفه المخالفون والأعداء ، ومسخه

٢٩

الموافقون ، غير أنّه لو أخذ بمفهومه الواقعي لكان عاملا تربويّا مهمّا بنّاء محرّكا باعثا على الأمل والرجاء.

وممّا يؤيد هذا الكلام ما ورد عن الأئمّة الطّاهرينعليهم‌السلام في تفسير هذه الآية :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ) إذ جاء أنّ المراد من الآية هو «القائم وأصحابه».(١)

كما جاء في حديث آخر أنّها ، أي هذه الآية نزلت في المهديعليه‌السلام .

وقد عبّرت هذه الآية عن الإمام المهدي وأصحابه ب( الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) .

فبناء على ذلك فإنّ تحقّق هذه الثورة الإصلاحية بدون إيمان مستحكم يقضي على كل أنواع الضعف والتحلّل وبدون عمل صالح يفتح الطريق لإصلاح العالم ، فإن هذا التحقّق مستبعد جدّا.

والطالبون لهذا التحقّق عليهم أن يزدادوا إيمانا ومعرفة ، وأن يجدّوا في العمل الصالح وإصلاح ذاتهم.

وهؤلاء هم طليعة تلك الحكومة العالمية وأملها المشرق ، لا من ركن الى الظلم والجور

وليس المنتظر لتلك الحكومة الأشخاص الضعاف الهمة والجبناء الذين يخافون حتى من ظلّهم.

ولا البطّالون الساكتون عن الحق التّاركون للآمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محيطهم الفاسد. أجل هذا هو الأثر الإيجابي البناء لانتظار قيام المهديعليه‌السلام في المجتمع الإسلامي.

* * *

__________________

(١) راجع البحار الطبعة القديمة ج ١٣ ، ص ١٤.

٣٠

الآيتان

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥) )

التّفسير

كنز الأموال :

كان الكلام في الآيات المتقدمة عن أعمال اليهود والنصارى المشوبة بالشرك ، إذ كانوا يعبدون الأحبار والرهبان من دون الله.

الآية الأولى محل البحث تقول : إنّ أولئك مضافا إلى كونهم غير جديرين بالألوهية فهم غير جديرين بقيادة الناس أيضا ، وخير دليل على ذلك أعمالهم المتناقضة المضطربة.

٣١

فالآية هنا تلتفت نحو المسلمين فتخاطبهم بالقول :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) .

الطريف هنا أنّنا نواجه الأسلوب نفسه في القرآن على ما عهدناه في أمكنة أخرى من آياته ، فالآية هنا لم تقل : إنّ الأحبار والرهبان جميعهم ليأكلون ، بل قالت :( إِنَّ كَثِيراً ) فهي تستثني الأقلية الصالحة منهم ، وهذا النوع من الدقة ملحوظ في سائر آيات القرآن ، وقد أشرنا الى ذلك سابقا.

لكن كيف يأكلون أموال الناس دون مسوّغ أو مجوّز ، أو كما عبّر القرآن «بالباطل» فقد أشرنا سابقا الى ذلك في آيات أخرى كما ورد في التأريخ شيء منه أيضا ، وذلك :

أوّلا : إنّهم كتموا حقائق التعاليم التي جاء بها موسىعليه‌السلام في توراته وعيسىعليه‌السلام في إنجيله ، لئلا يميل الناس الى الدين الجديد ، «الدين الإسلامي» فتنقطع هداياهم وتغدو منافعهم في خطر ، كما أشارت الى ذلك الآيات (٤١) و (٧٩) و (١٧٤) من سورة البقرة.

والثّاني : إنّهم بأخذهم «الرّشوة» كانوا يقلبون الحق باطلا والباطل حقّا ، وكانوا يحكمون لصالح الأقوياء ، كما أشارت الى ذلك الآية (٤١) من سورة المائدة.

ومن أساليبهم غير المشروعة في أخذ المال هو ما يسمّى بـ «صكوك الغفران وبيع الجنّة» فكانوا يتسلمون أموالا باهظة من الناس ، ويبيعون الجنّة بـ «صكوك الغفران» والغفران ودخول الجنّة منحصران بإرادة الله وأمره ، وهذا الموضوع ـ أي صكوك الغفران ـ يضجّ به تأريخ المسيحيّة! كما أثار نقاشات وجدالا عندهم.

وأمّا صدّهم عن سبيل الله فهو واضح ، لأنّهم كانوا يحرفون آيات الله ، أو أنّهم كانوا يكتمونها رعاية لمنافعهم الخاصّة ، بل كانوا يتهمون كل من يرونه مخالفا لمقامهم ومنافعهم ، ويحاكمونه ـ في محاكم تدعى بمحاكم التفتيش الديني بأسوأ

٣٢

وجه ، ويصدرون عليه أحكاما جائرة قاسية جدّا.

ولو لم يقوموا بمثل هذه الأعمال ولم يقدموا على صدّ أتباعهم عن سبيل الله ، لكان آلاف الآلاف من أتباعهم ملتفين اليوم حول راية الإسلام ودين الحق من صميم أرواحهم وقلوبهم ، فبناء على ذلك يمكن أن يقال ـ بكل جرأة ودون تحفظ ـ أن آثام الآلاف من الجماعات في رقاب أولئك «الرهبان والأحبار» لأنّهم كانوا سببا في بقائهم في الظلمات ، ظلمات الكفر والضلال

وما زالت الكنيسة لحدّ الآن تبذل قصارى وسعها ـ ولا يقصر في ذلك اليهود أيضا ـ لتغيير أفكار عامّة الناس ، وإلفاتهم عن الإسلام ، كما وجه اليهود تهما كثيرة عجيبة إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهذا الموضوع من الوضوح والشمول أنّ جماعة من علماء المسيحية المثقفين اعترفوا بأنّ أسلوب الكنيسة في مواجهة الإسلام ومحاربته أحد أسباب جهل الغربيين بالإسلام وعدم اطلاعهم على هذا الدين الطاهر.

وتعقيبا على موضوع حب اليهود والنصارى لدنياهم وأكل المال بالباطل ، فإنّ القرآن يتحدث عن قانون كلّي في شأن أصحاب المال وذوي الثراء ، الذين يكنزون أموالهم ، فيقول:( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) .

والفعل «يكنزون» مأخوذ من مادة «الكنز» وهو المال المدفون في الأرض ، وهو في الأصل جمع أجزاء الشيء ، ومن هنا فقد سمّي البعير ذو اللحم الكثير بأنّه «كناز اللحم» ثمّ استعمل الكنز في جمع المال وادخاره ودفنه ، أو في الأشياء القيمة غالية الثمن.

فبناء على ذلك فإنّ الكنز ملحوظ فيه الجمع والإخفاء والمحافظة.

«الذهب والفضة» معدنان مشهوران ، وكان النقد أو العملة سابقا بالدينار الذهبي والدرهم الفضيّ.

٣٣

ولبعض العلماء تعريف طريف في شأن هذين المعدنين ولغتيهما «كما ذكر ذلك العلّامة الطبرسي في مجمع البيان» فقال : إنّما سمّي الذهب ذهبا لذهابه عن اليد عاجلا ، وإنّما سمّيت الفضة لانفضاضها أي لتفرّقها ، ولمعرفة مآل وحقيقة هذه الثروة فإنّ هذه التسمّية كافية (لكلّ من المالين ـ الذهب والفضة).

ومنذ كانت المجتمعات البشرية كانت مسألة المبادلة ـ سلعة بسلعة ـ رائجة بين الناس ، فكان كلّ يبيع ما يجده زائدا على حاجته من المحاصيل الزراعية أو الدواجن بجنس آخر ، أو بضاعة أخرى ، لأنّ النقد «الدينار أو الدرهم» لم يكن آنئذ ، لكن لما كانت المبادلة ـ أعني مبادلة الأجناس أو البضائع ـ تحدث بعض المشاكل أو المصاعب ، لعدم وجود ما يحتاجه البائع ، دائما فقد يكون هناك شيء آخر ـ مثلا ـ يراد تبديله ، فقد دعت الحاجة الى اختراع النقد.

وقد كان وجود الفضة ، بل الأهم منه وجود الذهب ، مدعاة الى تحقق هذه الفكرة ، وهي أن تمثل الفضة القيمة الدانية ، وأن يمثل الذهب القيمة الغالية ، وبهما اتّخذت المعاملات رونقا جديدا بارزا.

فبناء على ذلك فإنّ الحكمة الأصيلة من النقد ـ الذهب والفضة ـ هي سرعة تحرك عجلة المبادلات الاقتصادية.

أمّا الذين يكنزون الذهب والفضة ، فهم لا يكونون سببا لركود الوضع الاقتصادي والضرر بالمجتمع فحسب ، بل إنّ عملهم هذا مخالف لفلسفة ابتداع النقد واختراعه.

فالآية محل البحث تحرم الكنز وجمع المال ، والثروة بصراحة ، وتأمر المسلمين أن ينفقوا أموالهم في سبيل الله وما فيه نفع عباد الله ، وأن يتجنبوا كنزها ودفنها وإبعادها عن تحرك السوق ، وإلّا فلينتظروا «العذاب الأليم».

وهذا العذاب الأليم ليس جزاءهم في يوم القيامة فحسب ، بل يشملهم في الدنيا ـ لإرباكهم الحالة الاقتصادية ولإيجاد الطبقية بين الناس «الفقير والغني» أيضا.

٣٤

وإذا لم يكن أهل الدنيا يعرفون أهمية هذا الدّستور الإسلامي بالأمس ، فنحن نستطيع أن ندركه جيدا ، لأنّ الأزمات الاقتصادية التي أبتلي بها البشر نتيجة احتكار الثروة من قبل جماعة «أنانية» ، وظهورها على صورة حروب وثورات وسفك دماء ، غير خاف على أحد أبدا.

حتى يعدّ جمع الثروة كنزا؟

هناك كلام بين المفسّرين في شأن الآية ـ محل البحث ـ فهل كلّ جمع للمال أو ادخار له يعدّ كنزا ، لأنّه زائد على حاجة الإنسان ، فهو حرام وفق مفهوم الآية ...أو أنّ الحكم خاصّ ببداية الإسلام وقبل نزول حكم الزّكاة ثمّ ارتفع حكم الكنز بنزول حكم الزّكاة ...أو أنّه يجب على الإنسان دفع زكاته سنويا لا غير ، فإذا دفع الإنسان زكاة سنته فلا يكون مشمولا بحكم الكنز وإن جمع المال؟ في كثير من الرّوايات الصادرة عن أهل البيتعليهم‌السلام وروايات أهل السّنة ، يلوح لنا التّفسير الثّالث ، ففي حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: «أي مال أدّيت زكاته فليس بكنز».(١)

كما نقرأ في بعض الرّوايات أنّه لمّا نزلت آية الكنز ثقل على المسلمين الأمر ، فقالوا : ليس لنا أن ندخر شيئا لأبنائنا إذا ، ثمّ سألوا النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «إن الله لم يفرض الزكاة إلّا ليطيب بها ما بقي من أموالكم ، وإنّما فرض المواريث من أموال تبقى بعدكم».(٢)

أي أن جمع المال لو كان ـ بشكل عام ممنوعا ـ لما وجدنا لقانون الإرث موضوعا.

__________________

(١) المنار ، ج ١٠ ، ص ٤٠٤.

(٢) المصدر السّابق.

٣٥

وفي كتاب الأمالي للشيخ الطوسي قدس سرّه ورد هذا المضمون ذاته عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أدى زكاة مال فما تبقّى منه ليس بكنز».(١)

إلّا أنّنا نقرأ روايات أخرى في المصادر الإسلامية لا ينسجم ظاهرا ـ ولأوّل وهلة ـ والتّفسير الآنف الذكر ، ومنها ما ورد عن الإمام عليعليه‌السلام في مجمع البيان أنّه قال : «ما زاد على أربعة آلاف(٢) فهو كنز أدّى زكاته أو لم يؤدّها ، وما دونها فهي نفقة ، فبشرهم بعذاب أليم».(٣)

وقد ورد في الكافي عن معاذ بن كثير ، أنّه سمع عن الصادقعليه‌السلام يقول : «لشيعتنا أن ينفقوا ممّا في أيديهم في الخيرات ، وما بقي فهو حلال لهم ، إلّا أنّه إذا ظهر القائم حرم جميع الكنوز والأموال المدخرة حتى يؤتى بها إليه ويستعين بها على عدوه ، وذلك معنى قوله تعالى :( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) .(٤)

ونقرأ في سيرة أبي ذر رضوان الله عليه في كثير من الكتب أنّه لما كان في الشام ، كان يقرأ الآية ـ محل البحث ـ في شأن معاوية ، ويقول بصوت عال صباح مساء :«بشر أهل الكنوز بكيّ في الجباه وكيّ بالجنوب وكيّ بالظهور أبدا حتى يتردّد الحرّ في أجوافهم».(٥)

كما يظهر من استدلال أبي ذر رضى الله عنه بالآية في وجه عثمان ، أنّه كان يعتقد أنّ الآية لا تختص بمانعي الزّكاة ، بل تشمل غيرهم أيضا.

ويمكن الاستنتاج من مجموع الأحاديث ـ آنفة الذكر ـ منضمة إليها الآية محل البحث ، أنّه في الظروف الاعتيادية المألوفة ، حيث يرى الناس آمنين ، أو غير محدق بهم الخطر ، والمجتمع في حال مستقر ، فيكفي عندئذ دفع الزكاة وما تبقى لا

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١٣.

(٢) المقصود بها أربعة آلاف درهم لأنّها مخارج السنة.

(٣) مجمع البيان ، ذيل الآية محل البحث ، ونور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١٣.

(٤) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١٣.

(٥) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١٤ وتفسير البرهان ، ج ١ ، ص ١٢٢.

٣٦

يعد كنزا. وينبغي الالتفات بطبيعة الحال الى أنّه مع رعاية الموازين الإسلامية ، وما هو مقرر في شأن رؤوس الأموال والأرباح ، فإنّ الأموال لا تتراكم بشكل غير مألوف فوق العادة ، لأنّ الإسلام وضع قيودا وشروطا للمال لا يتسنى للإنسان معها جمع الأموال وادّخارها.

وأمّا في الحالات غير الطبيعية وغير الاعتيادية ، وعند ما يقتضي حفظ مصالح المجتمع الإسلامي ذلك ، فإنّ الحكومة الإسلامية ، تحدّد لجمع المال مقدارا ، كما مرّ في حديث الإمام عليعليه‌السلام أو تطالب الناس بالكنوز وما جمعوه من المال كليّا ، كما هو الحال في قيام المهدي ، إذ مرّت رواية الإمام الصادقعليه‌السلام مع ذكر العلّة «فيستعين به (أي المال) على عدوّه».

إلّا أنّنا نكرر القول بأنّ هذا الموضوع يختص بالحكومة الإسلامية ، وهي التي لها حق البتّ والتصميم في مواطن الضرورة والاقتضاء «فلاحظوا بدقّة».

وأمّا قصّة أبي ذر رضى الله عنه فلعلّها ناظرة الى هذا الموضوع ذاته ، إذا كان المجتمع الإسلامي في حاجة ماسة وشديدة للمال ، وكان جمع المال وكنزه مخالفا لمنافع المجتمع وحفظ وجوده.

ومع أن أبا ذر رضى الله عنه كان ناظرا الى أموال «بيت المال» التي كانت عند عثمان ومعاوية ، ونحن نعرف أنّه مع وجود المستحقين لا يجوز تأخير دفع المال عنهم لحظة واحدة ، بل يجب دفعه الى أصحابه فورا ، ولا علاقة لمسألة الزكاة بهذا الموضوع أبدا.

على أنّ التواريخ الإسلامية ـ سنّية وشيعية ـ مجمعة وشاهدة على أنّ عثمان وزّع أموال بيت المال الضخمة الطائلة على أقاربه ، وأن معاوية بنى من بيت مال المسلمين قصرا ضحما أحيا به أساطير قصور الساسانيين ، وكان لأبي ذر رضوان الله عليه الحق في أن يحتج بالآية محل البحث أمامها.

٣٧

أبو ذر والاشتراكية!!

من المؤاخذات على الخليفة الثّالث مسألة إبعاد أبي ذر رضى الله عنه المصحوب بالقسوة والخشونة الى الرّبذه ، تلك المنطقة التي كان يبغضها أبو ذر والتي كانت غير صالحة من حيث الماء والهواء ، حتى انتهى الأمر الى موت هذا الصحابي الجليل والمجاهد المضحي في سبيل الإسلام ، وهو الذي قال فيه النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ».

ونعرف أنّ الاختلاف بين أبي ذر وعثمان لم يكن لأنّ أبا ذر كان يتمنى المال أو المقام، بل على العكس فقد كان أبو ذر زاهدا عابدا ورعا من جميع الوجوه ، بل منشأ الخلاف وأساسه ، هو أن عثمان فرّق مال بيت مال المسلمين على ذوي قرباه وأصحابه وأنفقه بلا حساب.

وكان أبو ذر رضى الله عنه متشددا في الأمور المالية ، ولا سيّما ما كان منها متعلقا ببيت مال المسلمين ، وكان يرغب في أن يسير جميع المسلمين على سنة النّبي في هذا المجال ، والتصرف بالمال ، لكننا نعرف أنّ الأمور أخذت طابعا آخر في عصر الخليفة الثّالث عثمان.

وعلى كل حال ، فإنّ أبا ذرّ رضى الله عنه لما واجه الخليفة الثّالث بشدّة ، وعنّفه في إنفاق المال ، أرسله عثمان الى الشام بادئ الأمر ، فواجه أبو ذر معاوية هناك بصورة أشدّ نقدا وأكثر صراحة ، حتى أنّ ابن عباس قال : لقد برم معاوية من كلام أبي ذر وكتب الى عثمان : إنّه إن كانت لك حاجة في الشام فخذ أبا ذر ، فإنّه إن بقي فيها فسوف يصرف أهلها عنك.

فكتب عثمان كتابا وأحضر أبا ذرّ الى المدينة ، وكما يقول بعض المؤرّخين :كتب عثمان الى معاوية ، أن ابعث أبا ذرّ في جماعة من شرطتك ولا ترفّه عليه ، وليجدّوا به السير ليل نهار ، ولا يدعوه يستريح لحظة ، حتى أن أبا ذر لما وصل المدينة مرض هناك ولما لم يكن وجوده في المدينة هيّنا على عثمان وأتباعه ، فقد

٣٨

نفوه الى «الرّبذة» حتى ماترحمه‌الله فيها.

وهناك من يحاول الدفاع عن الخليفة الثّالث ويتّهم أبا ذر أحيانا بأنّه اشتراكي ، إذ كان يرى أنّ جميع الأموال عائدة الى الله ، وكان ينكر الملكية الفردية!!

وهذا الاتهام في منتهى الغرابة ، فمع أنّ القرآن يحترم الملكية الفردية بصراحة ـ وفق شروط معينة ـ وكان أبو ذر رضى الله عنه من المقرّبين الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتربّى في حضن الإسلام والقرآن ، وما أظلت الخضراء أصدق منه ، فكيف يتهم أبو ذر بمثل هذا الاتهام؟!

إنّ قاطني الصحراء البعيدين يعرفون هذا الحكم الإسلامي ، وكانوا قد سمعوا الآيات التي تتعلق بالتجارة والإرث ، فكيف يمكن أن يصدق بأن أقرب تلامذة رسول الله كان جاهلا بهذا الحكم؟

أليس ذلك لأنّ المتعصبين الألداء من أجل تبرئة الخليفة الثّالث والأعجب من ذلك تبرئة معاوية وحكومته ـ اتهموا أبا ذرّ بمثل هذا الاتهام ، وما يزال بعض من عمي العيون صمّ الآذان يقلدون أسلافهم؟!

أجل إن أبا ذر رضى الله عنه ـ بوحي واستلهام من آيات القرآن وخاصّة آية الكنز ـ كان يعتقد ويصرّح بعقيدته أن بيت المال لا ينبغي أن يتحول الى ملكية فردية بيد الأشخاص ، ويجب ألّا يحرم المستضعفون والمحتاجون منه ، وينبغي أن ينفق في سبيل تقوية الإسلام ومصالح المسلمين ، فلا يجوز تبذير الأموال ، وأن بيت المال ليس ملكا لمعاوية وأضرابه كي يشيد بهذه الأموال القصور على شاكلة قصور الأكاسرة والقياصرة!

ثمّ إنّ أبا ذرّ كان يعتقد يومئذ أنّه بإمكان الأغنياء أن يقنعوا بما دون الإسراف ، ليواسوا إخوانهم الفقراء ، وينفقوا أموالهم في سبيل الله.

فإذا كان أبو ذررحمه‌الله ذا وزر فوزره ما ذكرناه إلّا أن المؤرّخين المتملقين ، أو الذين يؤرخون للارتزاق ويبيعون دينهم بدنياهم ، غيرّوا صورة هذا الصحابي المجاهد

٣٩

الناصع فجعلوه اشتراكيا!!

وما يؤخذ على أبي ذر من وزر أيضا هو حبّه الشديد للإمام عليعليه‌السلام ، فقد كان هذا كافيا لأن يقوم بنو أمية بأساليبهم وأراجيفهم الخبيثة الجهنمية بإسقاط حيثية أبي ذر ، إلّا أن نقاءه وطهارته ومعرفته بالأحكام الإسلامية كانت ناصعة الى درجة أنّهم افتضحوا ولم يفلحوا في مرامهم.

ومن جملة الأكاذيب العجيبة التي ألصقوها بأبي ذر لتبرئة الخليفة الثّالث ، ما ذكره ابن سعد في «الطبقات» : إنّ جماعة من أهل الكوفة جاؤوا أبا ذرّ عند ما نفاه عثمان الى الرّبذه فقالوا : إن هذا الرجل (أي عثمان) فعل ما فعل بك ، فهل مستعد أن ترفع راية تقاتل بها عثمان ، ونحن نقاتله تحت رايتك؟ فقال أبو ذر : كلّا ، لو أرسلني عثمان من المشرق الى المغرب لكنت مطيعا لأمره.(١)

ولم يلتفت هؤلاء الوضّاعون الى أنّه لو كان مطيعا لأمره ، لما كان عثمان يضيق ذرعا به فيكون عليه ـ في المدينة ـ عبئا ثقيلا لا يستطيع حمله أبدا.

والأعجب من ذلك ما ذكره صاحب المنار ـ ذيل الآية محل البحث ـ مشيرا الى قصّة أبي ذر وما جرى بينه وبين عثمان ، فيقول : إنّ قصّة أبي ذر تدل على أن عصر الصحابة ـ ولا سيما عصر عثمان ـ كان إظهار العقيدة فيه مألوفا ، وكان العلماء محترمين، والخلفاء ذوي ولاء ، حتى أن معاوية لم يجرأ أن يقول شيئا لأبي ذر ، بل كتب كتابا الى من هو فوقه مرتبة ـ أي عثمان ـ وطلب منه أن يرى فيه رأيه!!

والحق أنّ التعصّب قد يصنع الأعاجيب ، فهل كان ـ التبعيد والنفي الى الأرض اليابسة الحارة المحرقة «الرّبذة» أرض الموت والنّار تعبير عن احترام حرية الفكر ومحبّة العلماء!!

هل أنّ تسليم هذا الصحابي الجليل «بيد الموت» يعدّ دليلا على حرية العقيدة!!

__________________

(١) تفسير المنار ، ج ١٠ ، ص ٤٠٦.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

3 - وممّا نظمه في الوعظ هذه الأبيات:

كلنا يأمل مدّاً في الأجل

والمنايا هنّ آفات الأمل

لا تغرّنك أباطيل المنى

والزم القصد ودع عنك العلل

إنّما الدنيا كظلٍّ زائلٍ

حلّ فيه راكبٌ ثمّ ارتحل(1)

4 - قيل له: كيف أصبحت؟ فقالعليه‌السلام : (أصبحت بأجل منقوص، وعمل محفوظ، والموت في رقابنا، والنار من ورائنا، ولا ندري ما يفعل بنا!)(2).

5 - قال ياسر الخادم: سمعت عليّاً الرضا بن موسىعليه‌السلام يقول: (أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواضع: يوم ولد إلى الدنيا ويخرج المولود من بطن أُمّه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى أحكاماً لم يرها في دار الدنيا. وقد سلّم الله تعالى على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وآمن روعته فقال:( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً ) . وقد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال:( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ) (3).

6 - شكا إليه رجل أخاه فأنشأعليه‌السلام يقول:

أعذر أخاك على ذنوبه

واستر وغطّ على عيوبه

واصبر على بهت السفيه

وللزمان على خطوبه

ودع الجواب تفضّلاً

وكل الظلوم إلى حبيبه(4)

7 - وأنشد النوفلي للإمامعليه‌السلام هذه الأبيات:

رأيت الشيب مكروهاً وفيه

وقار لا تليق به الذنوبُ

إذا ركب الذنوب أخو مشيبٍ

فما أحد يقول: متى يتوبُ

سأصحبه بتقوى الله حتى

يفرّق بيننا الأجل القريبُ(5)

____________________

(1) عيون التواريخ 3 / 227 مصور في مكتبة الإمام أمير المؤمنين تسلسل 2769، البداية والنهاية10 / 250.

(2) تحف العقول (ص 446).

(3) نور الأبصار (ص 140).

(4) أعيان الشيعة 4 / ق 2 / 198.

(5) عيون التواريخ 3 / 227.

٨١

كلماته القصار:

وأثرت عن الإمام الرضا كوكبة من الكلمات القصار حفلت بروائع الحكم والآداب، كان منها ما يلي:

1 - قالعليه‌السلام : (إنّ للقلوب إقبالاً وإدباراً ونشاطاً وفتوراً، فإذا أقبلت بصرت وفهمت وإذا أدبرت كلّت وملّت؛ فخذوها عند إقبالها ونشاطها، واتركوها عند إدبارها وفتورها)(1) .

2 - قالعليه‌السلام : (اصحب السلطان بالحذر، والصديق بالتواضع، والعدو بالتحرّز، والعامّة بالبِشر)(2) .

3 - قالعليه‌السلام : (الأجل آفة الأمل، والبر غنيمة الحازم، والتفريط مصيبة ذي القدرة، والبخل يمزّق العرض، والحب داعي المكاره وتحقيق أمل الآمل، وتصديق مخيلة الراجي، والاستكثار من الأصدقاء في الحياة والباكين بعد الوفاة)(3).

4 - قالعليه‌السلام : (إنّما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن متعظ فأمّا صاحب سوط وسيف فلا)(4) .

5 - قالعليه‌السلام : (مَن تعرّض لسطانٍ جائرٍ فأصابته منه بليّة لم يؤجر عليها ولم يرزق الصبر فيها)(5) .

6 - قالعليه‌السلام للمأمون: (ما التقت فئتان قط إلاّ نصر الله أعظمهما عفواً)(6) .

7 - قالعليه‌السلام : (إنّ مشي الرجال مع الرجل فتنة للمتبوع ومذلّة للتابع)(7).

8 - قالعليه‌السلام : (صاحب النعمة يجب أن يوسّع على عياله) (8) .

____________________

(1) أعيان الشيعة.

(2) أعيان الشيعة.

(3) أعيان الشيعة.

(4) تأريخ اليعقوبي 3 / 181.

(5) تاريخ اليعقوبي 3 / 181.

(6) تاريخ اليعقوبي 3 / 181.

(7) تأريخ اليعقوبي 3 / 181.

(8) بحار الأنوار 78 / 335.

٨٢

9 - قالعليه‌السلام : (التودّد إلى الناس نصف العقل)(1) .

10 - قالعليه‌السلام : (الأخ الأكبر بمنزلة الأب)(2) .

11 - قالعليه‌السلام : (من أخلاق الأنبياء التنظّف)(3) .

12 - قالعليه‌السلام : (لم يخنك الأمين ولكن ائتمنت الخائن)(4).

13 - قالعليه‌السلام : (ما من شيء من الفضول إلاّ ويحتاج إلى فضول من الكلام)(5) .

14 - قالعليه‌السلام : (إنّ الله يبغض القيل والقال وإضاعة المال وكثرة السؤال)(6).

15 - سُئل الإمامعليه‌السلام عن السفلة؟ فقال: (مَن كان له شيء يلهيه عن الله)(7) .

16 - قالعليه‌السلام : (من السنّة إطعام الطعام عند التزويج)(8).

17 - قالعليه‌السلام : (السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه)(9) .

18 - قالعليه‌السلام : (إنّا أهل بيت نرى وعدنا علينا ديناً كما صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(10) .

19 - قالعليه‌السلام : (يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء، تسعة منها في اعتزال الناس وواحد في الصمت)(11) .

20 - قالعليه‌السلام : (عونك للضعيف أفضل من الصدقة)(12) .

21 - قالعليه‌السلام لأبي هاشم داود بن القاسم الجعفري: (يا داود إنّ لنا عليكم حقّاً برسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّ لكم علينا حقّاً فمَن عرف حقّنا وجب حقّه، ومَن لم يعرف حقّنا فلا حقّ له)(13) .

22 - قالعليه‌السلام : (ليس لبخيل راحة، ولا لحسود لذّة، ولا للملوك وفاء، ولا لكذوب مروة)(14) .

23 - قالعليه‌السلام : (إذا ذكرت الرجل وهو حاضر فكنّه، وإذا كان غائباً فسمّه)(15) .

____________________

(1) بحار الأنوار 78 / 335.                           (2) بحار الأنوار 78 / 335.

(3) بحار الأنوار 78 / 335.                           (4) بحار الأنوار 78 / 335.

(5) بحار الأنوار 78 / 335.                           (6) بحار الأنوار 78 / 335.

(7) تحف العقول (ص 446 - 450).                (8) تحف العقول (ص 446 - 450).

(9) تحف العقول (ص 446 - 450).                (10) تحف العقول (ص 446 - 450).

(11) تحف العقول (ص 446 - 450).              (12) تحف العقول (ص 446 - 450).

(13) تحف العقول (ص 446 - 450).              (14) تحف العقول (ص 446 - 450).

(15) تحف العقول (ص 446 - 450).

٨٣

24 - قالعليه‌السلام : (المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأُمّه، ملعون ملعون مَن اتهم أخاه، ملعون ملعون مَن غشّ أخاه، ملعون ملعون مَن لم ينصح أخاه، ملعون ملعون مَن احتجب عن أخيه، ملعون ملعون مَن اغتاب أخاه)(1) .

25 - قالعليه‌السلام : (مَن استفاد أخاً في الله استفاد بيتاً في الجنّة)(2) .

26 - قالعليه‌السلام : (المؤمن الذي إذا أحسن استبشر، وإذا أساء استغفر، والمسلم الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده، وليس منّا مَن لم يأمن جاره بوائقه)(3) .

27 - قال له رجل: سل لي ربّك التقية الحسنة والمعرفة بحقوق الإخوان والعمل بما أعرف من ذلك؛ فقال الرضاعليه‌السلام : (قد أعطاك الله ذلك، لقد سألت أفضل شعار الصالحين ودثارهم ((4) .

28 - قالعليه‌السلام : (لا تبذل لإخوانك من نفسك ما ضرّه عليك أكثر من نفعه لهم)(5) .

29 - قالعليه‌السلام : (مَن فرّج عن مؤمن فرّج الله عنه يوم القيامة)(6) .

30 - قالعليه‌السلام : (لا يجتمع المال إلاّ بخصال خمس: ببخلٍ شديد، وأملٍ طويل، وحرصٍ غالب، وقطيعةٍ لرحم، وإيثار الدنيا على الآخرة)(7) .

31 - قالعليه‌السلام : (إنّ الإنسان إذا ادخر طعام سنته خفّ ظهره واستراح)(8) .

____________________

(1) وسائل الشيعة 8 / 563.

(2) وسائل الشيعة 8 / 565.

(3) وسائل الشيعة 8 / 488.

(4) وسائل الشيعة 11 / 474.

(5) وسائل الشيعة 11 / 544.

(6) وسائل الشيعة 12 / 587.

(7) وسائل الشيعة 12 / 19.

(8) وسائل الشيعة 2 / 320.

٨٤

32 - قالعليه‌السلام : (مَن كثرت محاسنة مدح بها واستغنى عن التمدّح بذكرها).

33 - قالعليه‌السلام : (مَن طلب الأمر من وجهه لم يزل وإن زال لم تخذله الحيلة).

34 - قالعليه‌السلام : (كفاك ممّن يريد نصحك بالنميمة ما يجد في نفسه من سوء الحساب في العاقبة).

35 - قالعليه‌السلام : (المسكنة مفتاح البؤس).

36 - قالعليه‌السلام : (مَن لم يتابع رأيك في صلاحه فلا تصغ إلى رأيه).

37 - قالعليه‌السلام للحسن بن سهل في تعزيته: (التهنئة بآجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة).

38 - قالعليه‌السلام : (إنّ البراءة من أبي موسى الأشعري من محض الإسلام، وإنّه من كلاب أهل النار).

39 - قالعليه‌السلام : (الغوغاء قتلة الأنبياء).

40 - قالعليه‌السلام : (الصغائر من الذنوب طرق إلى الكبائر).

41 - قالعليه‌السلام : (مَن لم يخف الله في القليل لم يخفه في الكثير).

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض ما أثر عنه من روائع الحكم والآداب.

٨٥

أصحابه ورواة حديثه

وكان الإمام الرضاعليه‌السلام - في عصره - عملاق الفكر الإسلامي وأعلم إنسان على وجه الأرض - كما يقول المأمون - وقد أمدّ العالم الإسلامي بجميع مقوّمات الارتقاء والنهوض، وقد اتخذ الجامع النبوي - زاده الله شرفاً - معهداً لدروسه ومحاضراته، وقد احتفّ به العلماء والرواة وطلبة الفقه وهو ابن نيف وعشرين عاماً(1) وهم يسجّلون فتواه وما يدلي به من روائع الحكم وفنون الآداب.

ووجد العلماء في أحاديثه امتدادا ذاتيا لأحاديث جدّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الملهم الأول لقضايا الفكر والعلم في الأرض، وامتداداً مشرقاً لآبائه الأئمّة الطاهرين روّاد النهضة العلمية والحضارية في دنيا الإسلام، ويقول الرواة: إنّه ليس في الأرض سبعة أشراف كتب عنهم الحديث عند الخاص والعام إلاّ علي بن موسىعليه‌السلام (2) .

____________________

(1) تهذيب التهذيب.

(2) البحار 12 / 29.

٨٦

وبلغ من اهتمام العلماء بأحاديثه أنّه حينما اجتاز في نيسابور ازدحموا عليه، وقد بلغ عددهم ما ينيف على عشرين ألفاً، وهم يحملون المحابر، وطلبوا منه أن يتحفهم بحديث عن جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فروى لهم الحديث - الذي سُمّي بالحديث الذهبي - كما سنذكره، ونظراً لأهميته فقد كتبه بعض أمراء السامانية بالذهب وأوصى أن يدفن معه(1) .

وقد حظي بالرواية عنه بعض تلامذة جدّه الإمام الصادقعليه‌السلام ، وبعض تلامذة أبيه الإمام موسىعليه‌السلام (2) ، كما روى عنه جمهرة من العلماء المعاصرين له، ونعرض إلى تراجم أصحابه ورواة حديثه؛ لأن ذلك - فيما نحسب - من متمّمات البحث عن شخصيته؛ لأنّه يكشف عن جانب مهم عن حياته العلمية.

(أ)

إبراهيم بن العبّاس:

ابن محمد الصولي الشاعر الملهم الكبير يكنّى أبا إسحاق، من ألمع شعراء عصره ومن أكثرهم ولاءً ومحبّةً لائمّة أهل البيتعليهم‌السلام اتصل بالإمام الرضاعليه‌السلام اتصالاً وثيقاً، وكان إبراهيم يكنّ في نفسه أعمق الود وخالصه للإمامعليه‌السلام ، ونعرض إلى بعض الجوانب من حياته.

وفادته على الإمام:

وفد إبراهيم مع شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي على الإمام الرضاعليه‌السلام حينما بايع له المأمون بولاية العهد، وقد أنشده دعبل قصيدته الخالدة التي تُعدّ من محاسن الشعر العربي، وسنذكرها في ترجمته، وانبرى من بعده إبراهيم فأنشده قصيدته التي لم يعرف منها غير هذا البيت:

أزالت عزاء القلب بعد التجلّدِ

مصارع أولاد النبي محمّدِ

ويحكي هذا البيت توجّع الصولي وأساه على ما حلّ بأهل بيت النبوّة من عظيم المحن والخطوب التي صبّها عليهم أعداء الإسلام، وفيما أحسب أنّ القصيدة كلها بهذه الجودة والمتانة والتفجّع على مصائب أهل البيت، ولـمّا فرغ من إنشادها وهب الإمام لهما عشرين ألف درهم من الدراهم التي عليها اسمه الشريف، أمّا دعبل

____________________

(1) أخبار الدول (ص 115).

(2) رجال البرقي (ص 53).

٨٧

فصار بجائزته إلى قم المقدّسة فاشترى أهلها كل درهم بعشرة فباع حصّته بمائة ألف درهم، وأمّا إبراهيم بن العباس فلم يزل عنده بعضها حتى مات(1) .

ومن شعره في مدح الإمام الرضاعليه‌السلام هذه الأبيات:

كفى بفعال امرئٍ عالمٍ

على أهله عادلاً شاهدا(2)

أرى لهم طارفاً مونقاً

ولا يشبه الطارف التالدا(3)

يمن عليكم بأموالكم

وتعطون من مائة واحدا(4)

فلا حمد الله مستنصراً

يكون لأعدائكم حامدا

فضلت قسيمك في قعددٍ

كما فضل الوالد الوالدا(5)

وحكت هذه الأبيات عميق إيمانه بأهل البيت، وولائه لهم، وقد كنّى عنهم خوفاً من السلطة العاتية التي كانت تأخذ بالظن والتهمة لكل مَن والى عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

نماذج من شعره:

ويعتبر شعر الصولي من روائع الشعر العربي، ومن مختار شعره قوله:

دنت بأُناس عن ثناء زيادة

وشطّ بليلى عن دنو مزارها

وإنّ مقيمات بمنعرج اللوى

لأقرب من ليلى وهاتيك دارها(6)

وله:

ولربّ نازلةٍ يضيق بها الفتى

ذرعاً وعند الله منها مخرجُ

ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها

فُرجت وكنت أظنّها لا تُفرجُ(7)

____________________

(1) أمالي المرتضى 1 / 485، وجاء في أعيان الشيعة 6 / 16 أنّ الأبيات التي قالها إبراهيم كتبت على ظهر دفتر، وعليها توقيع (متوق خائف)، وإنّه كان يكنّي عن الإمام في مدحه له.

(2) يقول السيد الأمين: في شرحه لهذا البيت: كفى بفعال آل أبي طالب شاهداً على طيب أصلهم.

(3) علّق السيد الأمين على هذا البيت بقوله: الطارف: الحديث، والتالد القديم، كنّى به عن بني العباس بأنّ لهم طارفاً مونقاً بتولّيهم الخلافة، ولكنّه لا يشبه أصلهم بطيب أفعاله.

(4) لم يصرّح إبراهيم باسم المخاطبين، فقد عنى آل أبي طالب وعلى رأسهم الإمام الرضاعليه‌السلام ، وقد منّ عليهم المأمون بما أعطاهم من بعض الهبات التي هي من أموالهم.

(5) المخاطب بقوله: فضلت هو الإمام العظيم الرضاعليه‌السلام والمراد بقسيمه هو المأمون.

(6) وفيات الأعيان 1 / 25.

(7) وفيات الأعيان 1 / 29.

٨٨

وله أيضاً:

كنت السواد لمقلتي

فبكى عليك الناظرُ

مَن شاء بعدك فليمت

فعليك كنت أحاذرُ(1)

حرقه لديوان شعره:

كان إبراهيم صديقاً لإسحاق بن إبراهيم، فأنسخه شعره في الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، ودفع إليه شيئاً من شعره بخطّه، وكانت النسخة عنده حتى ولي الطاغية المتوكل، وولّى إبراهيم ديوان الضياع، وقد حصل تباعد وكراهية بين إبراهيم وإسحاق فعزله إبراهيم عن ضياع كانت بيده وطالبه بمال وألحّ عليه، وأساء مطالبته، فدعا إسحاق بعض مَن يثق به من أخوانه، وقال له: امض إلى إبراهيم بن العباس فاعلمه أنّ شعره في علي بن موسى بخطّه عندي، وبغير خطّه، والله لئن استمرّ على ظلمي، ولم يزل عنّي المطالبة لأوصلن الشعر إلى المتوكل، قال:

فصار الرجل إلى إبراهيم بن العباس فأخبره بذلك، فاضطرب اضطراباً شديداً وجعل الأمر في ذلك إلى الواسطة، فاسقط عنه جميع ما كان طالبه به، وأخذ الشعر منه، وأحلفه أنّه لم يبق عنده منه شيء، فلمّا حصل عنده عمد إلى إحراقه بحضرته(2) .

نموذج من كتابته:

وكان إبراهيم كاتباً بليغاً، ومن بديع ما كتبه عن بعض ملوك العباسيين إلى بعض البغاة الخارجين يتهدّدهم، ويتوعّدهم:

(أمّا بعد: فإنّ لأمير المؤمنين أناة، فإن لم تغن عقب بعدها وعيداً، فإن لم يغن أغنت عزائمه والسلام).

وعلّق ابن خلكان على هذه الرسالة بقوله: وهذا الكلام مع وجازته في غاية الإبداع(3) .

وفاته:

توفّي إبراهيم في منتصف شعبان سنة (243 ه‍) بـ (سُرّ مَن رأى)(4) .

____________________

(1) وفيات الأعيان 1 / 29.

(2) أمالي المرتضى 1 / 485.

(3) وفيات الأعيان 1 / 29.

(4) وفيات الأعيان 1 / 29.

٨٩

2 - إبراهيم بن أبي البلاد:

واسم أبي البلاد يحيى بن سليم الغطفاني، يكنّى أبا إسماعيل، عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال: (كان ثقة فقيهاً قارئاً، وعمّر دهراً طويلاً حتى كاتبه علي بن موسى الرضا برسالة، وروى عنه ابناه يحيى ومحمد، ومحمد بن سهل بن اليسع، وآخرون)(1) .

قال النجاشي: (كان إبراهيم ثقة، قارئاً، أدبياً، وكان أبوه ضريراً راوية للشعر، وله يقول الفرزدق: (يا لهف نفسي على عينيك من رجل ).

وروى إبراهيم عن أبي عبد الله، وأبي الحسن موسى، والرضاعليهم‌السلام .

بعث إليه الإمام الرضا رسالة، وأثنى عليه. له كتاب يرويه عنه جماعة(2) .

3 - إبراهيم بن أبي محمود الخراساني:

وثّقه النجاشي، وقال: (إنّه روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام له كتاب يرويه أحمد بن محمد بن عيسى)(3) .

قال الكشي: (قال نصر بن الصباح: إبراهيم بن أبي محمود كان مكفوفاً، روى عنه أحمد بن عيسى مسائل موسىعليه‌السلام تقدّر بخمس وعشرين ورقة، عاش بعد الرضا).

روى حمدويه قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشّاب، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي محمود قال: دخلت على أبى جعفر، ومعي كتب إليه من أبيه فجعل يقرأها، ويضع كتاباً كبيراً على عينيه، ويقول: خط أبي والله، ويبكي حتى سالت دموعه على خدّيه، فقلت له: جعلت فداك قد كان أبوك ربّما قال لي في المجلس الواحد مرات أسكنك الله الجنة، فقال: وأنا أقول لك: أدخلك الله الجنة، فقلت: جعلت فداك تضمن لي على ربّك أن تدخلني الجنة، قال: نعم، قال: فأخذت رجله فقبّلتها(4) .

____________________

(1) لسان الميزان 1 / 41.

(2) النجاشي.

(3) النجاشي.

(4) النجاشي.

٩٠

4 - إبراهيم بن إسحاق:

النهاوندي، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه صالح بن

محمد الهمداني(1) .

5 - إبراهيم بن إسماعيل:

ابن داود، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه موسى بن جعفر

المدائني(2).

6 - إبراهيم بن بشر:

قال النجاشي: (له مسائل إلى الإمام الرضاعليه‌السلام ، روى عنه

محمد بن عبد الحميد(3) .

7 - إبراهيم بن سلامة النيشابوري:

عدّه الشيخ من أصحاب الرضاعليه‌السلام وأضاف أنه

وكيل(4) قال السيد الخوئي: (اختلف في حال الرجل فمنهم من أعتبره حجة، ومنهم

من لم يعتبره، واستدل من قال باعتباره بمقدمتين: الأولى انه كان وكيلا عن الإمام الرضا

عليه‌السلام . الثانية: انهم سلام الله عليهم لا يوكلون الفاسق) وناقش

السيد في كلا المقدمتين(5) .

8 - إبراهيم بن شعيب:

الواقفي قال: كنت جالسا في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلى

جانبي رجل من أهل المدينة، وحادثته مليا، وسألني من أين أنت؟ فأخبرته أنى رجل

من أهل العراق، قلت له: فمن أنت؟ قال: مولى لأبي الحسن الرضا

عليه‌السلام ، فقلت له: لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قلت: توصل لي إليه

رقعة، قال: نعم إذا شيءت فخرجت، وأخذت قرطاسا، وكتبت فيه: (بسم الله الرحمن

الرحيم إن من كان قبلك من آبائك كان يخبرنا بأشياء فيها دلالات وبراهين، وقد

____________________

(1) التهذيب الجزء السادس باب فضل زيارة أبى الحسن علي بن موسىعليه‌السلام .

(2) التهذيب الجزء الرابع: باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر.

(3) النجاشي.

(4) رجال الطوسي.

(5) معجم رجال الحديث 1 / 91.

٩١

أحببت أن تخبرني باسمي واسم أبى وولدي).

قال: ثم ختمت الكتاب، ودفعته إليه، فلما كان من الغد أتاني بكتاب مختوم

ففضضته وقرأته، فإذا في أسفل الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم يا أبا إبراهيم إن من

آبائك شعيبا وصالحا، وإن من أبنائك محمدا وعليا وفلانا وفلانة)(1) .

9 - إبراهيم بن شعيب:

العقرقوفي(2) ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام قال الشيخ المامقاني: (هو عندنا مجهول الحال، والعلم عند الله)(4) .

10 - إبراهيم بن صالح:

عدّه الشيخ في رجاله من غير تلقيب ولا توصيف من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (5) قال النجاشي: (إبراهيم بن صالح الأنماطي(6) الأسدي ثقة روى عن أبي الحسنعليه‌السلام ووقف، له كتاب يرويه عدّة)(7) .

11 - إبراهيم بن عبد الحميد:

قال الشيخ: إنّه من أصحاب الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام أدرك الإمام الرضاعليه‌السلام ، ولم يسمع منه على قول سعد بن عبد الله، واقفي، له كتاب(8)

وقال: في (الفهرست): (إبراهيم بن عبد الحميد ثقة له أصل أخبرنا به أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد)(9) .

وتوثيق الشيخ له في (الفهرست) يدل على أنّه ليس واقفياً، ويمكن أن يكون أنّه

____________________

(1) الكشي.

(2) العقرقوفي: نسبة إلى عقرقوف، قيل: هي قرية من نواحي الدجيل، وقيل من نواحي نهر عيسى بينها وبين بغداد أربعة فراسخ إلى جانبها تل عظيم عال يرى من مسافة خمسة فراسخ، جاء ذلك في مراصد الاطلاع.

(3) رجال الطوسي. * هكذا ورد هذا الهامش في الكتاب المطبوع من غير رقم له في المتن. [ الشبكة ].

(4) تنقيح المقال.

(5) رجال الطوسي.

(6) الأنماطي: نسبة إلى أنماط جمع نمط وهو ثوب من الصوف يطرح على الهودج له خمل رقيق.

(7) النجاشي.

(8) رجال الطوسي.

(9) فهرست الطوسي.

٩٢

رجع عن الوقف، ودان بدين الحق.

12 - إبراهيم بن علي:

ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأُمّ علي سيّدة النساء بطلة كربلاء السيدة زينبعليها‌السلام ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (1) .

13 - إبراهيم بن محمد:

الأشعري، القمّي، قال النجاشي: إنّه ثقة، روى عن الإمام موسى، والإمام الرضاعليهما‌السلام ، وأخوه الفضل، وكتابهما شركة رواه الحسن بن أبي علي بن فضال عنهما(2) ، وثّقة ابن داود في رجاله، والفاضل المجلسي وغيرهم(3) .

14 - إبراهيم بن محمد:

الخزاز، روى عن الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه الحسن بن سعيد(4) .

15 - إبراهيم بن محمد:

مولى خراساني، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (5) .

16 - إبراهيم بن محمد:

الهمداني، كان وكيلاً للإمام الرضاعليه‌السلام (6) ، وعدّه الشيخ من

أصحاب الإمام الرضا والإمام الجواد، والإمام الهاديعليهم‌السلام (7) ، قال الكشي: إنّه حجّ أربعين حجّة(8) .

17 - إبراهيم بن موسى:

روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن حمزة(9) .

____________________

(1) رجال الطوسي.

(2) النجاشي.

(3) تنقيح المقال.

(4) معجم رجال الحديث 1 / 152.

(5) رجال الطوسي.

(6) النجاشي.

(7) رجال البرقي.

(8) الكشي.

(9) معجم رجال الحديث 1 / 162.

٩٣

18 - إبراهيم بن هاشم:

أبو إسحاق القمّي، أصله من (الكوفة)، وانتقل إلى (قم المقدّسة)، عدّه الشيخ النجاشي من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وقال: إنّ أصحابنا

يقولون: إنّه أوّل مَن نشر حديث الكوفيين ب‍ (قم)، له كتب منها: كتاب النوادر، وكتاب قضايا الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام (1).

19 - إبراهيم بن هاشم:

العباسي(2) ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (3) وظاهره أنّه إمامي مجهول الحال(4) ، قال السيد الخوئي: والصحيح هاشم بن إبراهيم لا إبراهيم بن هاشم كما في النجاشي(5) .

20 - أحمد بن أبي نصر:

روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه أحمد بن محمد(6) .

21 - أحمد بن أشيم:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (7) روى عن يونس وروى عنه أحمد بن محمد(8) .

22 - أحمد بن عامر:

ابن سليمان بن صالح بن وهب الذي استشهد مع ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حدث ابنه عبد الله قال: ولد أبي سنة (157 ه‍) ولقي الإمام الرضاعليه‌السلام سنة (174 ه‍) ومات الرضا بطوس سنة (202 ه‍) يوم الثلاثاء لثمان عشر خلون من جمادى الأُولى وشاهدت أبا الحسن، وأبا محمدعليهما‌السلام ، وكان أبي مؤذِّناً لهما، هكذا جاء في النجاشي.

____________________

(1) النجاشي.

(2) رجال الطوسي.

(3) رجال الطوسي.

(4) تنقيح المقال 1 / 39.

(5) معجم رجال الحديث 1 / 152.

(6) التهذيب الجزء السادس باب المهور والأجور.

(7) رجال الطوسي.

(8) التهذيب الجزء الأول باب تلقين المحتضر.

٩٤

23 - أحمد بن عمر:

الحلال، كان يبيع الحل - يعنى الشيرج - روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وله عنه مسائل(1) .

24 - أحمد بن الفيض:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام (2) ، وهو إمامي مجهول الحال.

25 - أحمد بن محمد:

ابن أبي نصر البزنطي، كوفي، ثقة الإمام الرضاعليه‌السلام ، وكان عظيم المنزلة عنده، وروى عنه كتاباً، وله من الكتب كتاب الجامع، وله كتاب (النوادر)، قال الشيخ في كتابه (الغيبة): (كان واقفاً ثم رجع لما ظهر من المعجزات على يد الإمام الرضاعليه‌السلام الدالة على صحّة إمامته، فالتزم الحجّة وقال بإمامته، وإمامة مَن بعده من ولده.

قال أحمد: كنت عند الإمام الرضاعليه‌السلام فأمسيت عنده، قال: فقلت أنصرف؟ فقال لي: لا تنصرف فقد أمسيت، قال: فأقمت عنده فقالعليه‌السلام : لجاريته هاتي مضربتي ووسادتي فافرشي لأحمد في ذلك البيت، قال: فلمّا صرت في البيت دخلني شيء، فجعل يخطر ببالي من مثلي في بيت ولي الله(3) ، وعلى مهاده، فناداني يا أحمد إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام عاد صعصعة بن صوحان فقال: يا صعصعة لا تجعل عيادتي إيّاك فخراً على قومك، وتواضع لله يرفعك.

وهو ممّن أجمع على الإقرار له بالفضل وتصحيح ما يصح عنه.

توفّي سنة (221 ه‍)(4) .

26 - أحمد بن محمد:

ابن حنبل بن هلال الشيباني، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبي الحسن الرضا

____________________

(1) النجاشي.

(2) رجال الطوسي.

(3) وفى رواية (فقلت: الحمد لله حجّة الله ووارث علم النبيين أنس بي الخ).

(4) معجم رجال الحديث (237 - 239).

٩٥

عليه‌السلام (1) قال ابن حجر: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي، نزيل بغداد، أبو عبد الله أحد الأئمة، ثقة، حافظ، فقيه، حجّة، وهو رأس الطبقة العاشرة، مات سنة (241 ه‍) وله سبع وسبعون سنة(2) .

27 - أحمد بن محمد:

ابن عيسى الأشعري، القمّي، شيخ القميين ووجيههم، وكان الرئيس الذي يلقى السلطان، ولقي أبا جعفر الثاني، وأبا الحسن العسكريعليهما‌السلام .

له كتب فمنها: (كتاب التوحيد)، وكتاب (فضل النبي (ص)، وكتاب (المتعة)، وكتاب (النوادر)، وكان غير مبوّب فبوّبه داود بن كورة، وكتاب (الناسخ والمنسوخ)، وكتاب (الأطعمة)، وكتاب (المسوخ)، وكتاب (فضائل العرب)، قال ابن نوح: ورأيت له عند الدبيلي كتاباً في (الحج).

28 - أحمد بن يوسف:

مولى بنى تيم الله، كوفي، كان منزله بالبصرة، وتوفّي ببغداد، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وأضاف أنّه ثقة(3) .

29 - إدريس بن زيد:

من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ذكره الصدوق في مشيخة الفقيه مع علي بن إدريس أولاً مع توصيفهما بصاحبي الرضاعليه‌السلام ، ووصفه بالقمّي عند ذكر طريقه إليه ثانياً(4) .

30 - إدريس بن عبد الله:

ابن سعد الأشعري، ثقة له كتاب، يروى عن الإمام الرضاعليه‌السلام (5) .

____________________

(1) رجال الطوسي.

(2) تقريب التهذيب، وترجمة في تهذيب التهذيب.

(3) الكشي.

(4) رجال الطوسي.

(5) معجم رجال الحديث 3 / 9.

(6) النجاشي.* هكذا ورد هذا الهامش في الكتاب المطبوع من غير رقم له في المتن. [ الشبكة ].

٩٦

31 - إدريس بن عيسى:

الأشعري، القمّي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام ثقة، وروى عنه حديثاً واحداً(1) .

32 - إدريس بن يقطين:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام (2) .

33 - إسحاق بن آدم:

الأشعري، القمّي، روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام كتاب يرويه جماعة(3).

34 - إسحاق بن إبراهيم:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضا والإمام الجوادعليهما‌السلام (4) قال الكشي: إنّه وصل إلى خدمة الإمام الرضاعليه‌السلام بواسطة الحسن بن سعيد الأهوازي(5) .

35 - إسحاق بن إبراهيم:

الحنظلي يعرف بابن راهويه، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (6) .

36 - إسحاق بن محمد:

الحضيني، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (7) .

37 - إسحاق بن الإمام موسى:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، روى عن أخيه وعن عمّه عن الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن مسلم(8) .

____________________

(1) النجاشي.

(2) رجال الطوسي.

(3) النجاشي.

(4) رجال البرقي.

(5) الكشي.

(6) رجال الطوسي.

(7) رجال الطوسي.

(8) رجال الطوسي.

٩٧

38 - إسماعيل بن سعد:

الأحوص، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن خالد(1) .

39 - إسماعيل بن عباد:

القصري - من قصر بن هبيرة - عدّه البرقي من أصحاب الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام (2) .

40 - إسماعيل بن عيسى:

روى عن الإمام أبى الحسن، والإمام الرضاعليهما‌السلام ، وروى عنه ابنه سعد(3) .

41 - إسماعيل بن قتيبة:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وأضاف أنّه مجهول(4) .

42 - إسماعيل بن مهران:

ابن أبي نصر السكوني، مولى، كوفي، يكنّى أبا يعقوب، ثقة، معتمد عليه، من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، ألّف مجموعة من الكتب كان منها:

1 - الملاحم.

2 - ثواب القرآن.

3 - الإهليلجة.

4 - صفة المؤمن والفاجر.

5 - خطب الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

6 - نوادر.

7 - النوادر(5) .

____________________

(1) معجم رجال الحديث 3 / 133.

(2) البرقي.

(3) معجم رجال الحديث 3 / 158.

(4) رجال الطوسي.

(5) الكشي.

٩٨

وقد طعن في حديثه ابن الغضائري، وقال: ليس حديثه بالنقي فيضطرب تارة، ويصلح أخرى، ويروى عن الضعفاء كثيراً ويجوز أن يخرج شاهداً، وبنى سيدنا الخوئي على وثاقته لشهادة جعفر بن محمد بن قولويه، وعلي بن إبراهيم، والشيخ والنجاشي والعياشي بوثاقته، وليس فيما ذكره ابن الغضائري دلالة على عدم وثاقته بل إنّ نفي النقاوة من حديثه من جهة أنّه يروى عن الضعفاء(1) .

43 - إسماعيل بن همام:

ابن عبد الرحمان البصري مولى كندة، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ثقة هو وأبوه وجدّه، له كتاب يرويه عنه جماعة(2) .

44 - أصرم بن مطر:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (3) .

45 - أفلح بن يزيد:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (4) .

46 - أفلح بن يزيد: عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وكذلك عدّه الشيخ وأضاف إنّه مجهول(5) .

47 - الياس بن عمرو:

الصيرفي الخزاز، خيّر، من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، ولـمّا حضرته الوفاة قال لـمَن حوله: اشهدوا عليّ وليست ساعة الكذب هذه الساعة سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: (والله لا يموت عبد يحب الله ورسوله ويتولّى الأئمّة فتمسّه النار)(6) .

48 - أيوب بن نوح:

كوفي، مولى النخع، ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضا

____________________

(1) معجم رجال الحديث 3 / 188 - 189.

(2) النجاشي.

(3) رجال الطوسي.

(4) رجال الطوسي.

(5) رجال الطوسي.

(6) الكشي.

٩٩

عليه‌السلام (1) وكان وكيلاً، وتوفّى ولم يخلف إلاّ مائة وخمسين ديناراً، وكان الناس يظنون أنّ عنده مالاً كثيراً؛ لأنّه كان وكيلاً للأئمّةعليهم‌السلام (2) .

(ب)

49 - البائس:

مولى حمزة بن السبع الأشعري، ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (3) .

50 - بكر بن صالح:

الرازي عده الشيخ البرقي من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (4) قال الشيخ: له كتاب في درجات الإيمان ووجوه الكفر والاستغفار والجهاد(5).

قال ابن الغضائري: ضعيف جداً، كثير التفرّد بالغرائب(6).

(ت)

51 - ثلج بن أبي ثلج:

اليعقوبي، من ولد داود بن علي اليعقوبي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (7) .

(ج)

52 - جعفر بن بشير:

البجلي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (8) ، من زهّاد الشيعة وعبّادهم ونسّاكهم، وله مسجد بالكوفة باقٍ في (بجيلة)، يقول النجاشي وأنا وكثير من أصحابنا إذا وردنا الكوفة نصلّي فيه مع المساجد التي يرغب في الصلاة فيها.

توفّي جعفر رحمه الله بـ‍ (الأبواء) سنة (208 ه‍) وكان يلقّب قفة العلم، وله

____________________

(1) رجال الطوسي.

(2) الكشي.

(3) رجال الطوسي.

(4) رجال البرقي.

(5) معجم رجال الحديث.

(6) معجم رجال الحديث.

(7) رجال الطوسي.

(8) رجال الطوسي.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608