الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260634 / تحميل: 6466
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

ملاحظتان

١ ـ هل أنّ القلب هو مركز الإحساسات؟

ظاهر الآية الأولى من هذه الآيات ، كما هو ظاهر بعض آيات أخرى من القرآن ، أنّ مركز الأمراض الأخلاقية هو القلب.

إنّ هذا الكلام يمكن أن يعارضه في البداية هذا الإشكال ، وهو أنّنا نعلم أن كل الأوصاف الأخلاقية والمسائل الفكرية والعاطفية ترجع إلى روح الإنسان ، وليس القلب إلّا مضخة أتوماتيكية لنقل الدم وتغذية خلايا البدن.

هذا حقّ طبعا ، فإنّ القلب له وظيفة إدارة جسم الإنسان ، والمسائل النفسية مرتبطة بروح الإنسان ، لكن توجد هنا نكتة دقيقة إذا ما لوحظت سيتّضح رمز هذا التعبير القرآني ، وهي أنّ في جسم الإنسان مركزين كل منهما مظهر لبعض الأعمال النفسية للإنسان ، أي أنّ كلا من هذين المركزين إذا تأثر بالانفعالات النفسية فإنّه سيظهر رد الفعل مباشرة : أحدهما المخ ، والآخر القلب.

عند ما نبحث المسائل الفكرية في محيط الروح ، فإنّ انعكاس ذلك التفكير سيتّضح فورا في المخ ، وبتعبير آخر فإنّ المخ آلة تساعد الروح في مسألة التفكر ، ولذلك فإنّ الدم يدور بصورة أسرع في المخ في حالة التفكير ، وتتفاعل خلايا المخ بصورة أكبر ، وبالتالي سوف تمتص كمية أكبر من الغذاء وترسل أمواجا أكثر.

أمّا عند ما يكون الكلام والبحث حول المسائل العاطفية كالعشق والمحبّة ، والتصميم والإرادة والغضب والحقد والحسد ، والعفو والصفح ، فإنّ نشاطا عجيبا يبدأ في قلب الإنسان ، فأحيانا تشتد ضرباته ، وأحيانا تقل إلى الحد الذي يظن معه أنّه سيتوقف عن العمل ، ونشعر أحيانا أن قلبنا يريد أن ينفجر. كل ذلك نتيجة للارتباط الوثيق للقلب مع هذه المسائل.

لهذه الجهة ينسب القرآن المجيد الإيمان إلى القلب ، فيقول :( وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ

٣٨١

فِي قُلُوبِكُمْ ) (١) . ويعبر عن الجهل والعناد وعدم الإذعان للحق بأنّه عمى القلب :( وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) (٢) .

ومن نافلة القول ، فإن مثل هذه التعبيرات ليست مختصة بالقرآن ، بل تلاحظ في أدب اللغات المختلفة في الأزمنة الغابرة ، وتلاحظ اليوم أيضا مظاهر هذه المسألة بأشكال مختلفة. فغالبا ما نقول للشخص الذي نحترمه ونحبّه : إنّ لك مكانا في قلوبنا ، أو أنّ قلوبنا منشدة إليك ، والأدباء يجسدون هذا المعنى ويجعلون سنبلة العشق نابعة من القلب دائما.

كل ذلك لأنّ الإنسان يحس دائما بتأثير خاص في قلبه في حالة العشق والغرام ، أو الحقد والحسد ، أي أنّ أوّل قدحة في هذه المسائل النفسية عند انتقالها إلى الجسم تتجلّى في القلب.

إضافة إلى كل هذا ، فقد أشرنا سابقا إلى أن أحد معاني القلب في اللغة هو عقل وروح الإنسان ، ومعنى ذلك أن القلب لا ينحصر بهذا العضو الخاص الموجود داخل الصدر ، وهذا بنفسه يمكن أن يكون تفسيرا آخر لآيات القلب ، لكن لا جميعها ، لأن بعضها صرحت بأنّها القلوب التي في الصدور ـ دققوا ذلك ـ.

٢ ـ ما هو الفرق بين الفضل والرحمة؟

هناك بحث مفصّل بين المفسّرين في الفرق بين الفضل والرحمة اللذين أشير إليهما في الآية الثّانية.

أ ـ فالبعض اعتبر الفضل الإلهي إلى النعم الظاهرية. والرحمة إشارة إلى النعم الباطنية ، وبتعبير آخر إنّ إحداها النعم المادية ، والأخرى النعم المعنوية. وقد جاءت مرارا في آيات القرآن جملة :( وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ ) أو( لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ )

__________________

(١) الحجرات ، ١٤.

(٢) الحج ، ٤٦.

٣٨٢

بمعنى تحصيل الرزق والموارد المادية.

ب ـ وقال البعض الآخر : إنّ الفضل الإلهي بداية النعمة ، ورحمته دوام النعمة. وإذا ما لا حظنا أنّ الفضل هو بذل النعمة وهبتها ، وأن ذكر الرحمة بعد ذلك يجب أن يكون شيئا مضافا على ذلك يتّضح المراد من هذا التّفسير. وما نقرؤه في روايات متعددة من أنّ المراد من الفضل الإلهي هو وجود النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونعمة النّبوة ، وأنّ المراد من رحمة الله وجود عليعليه‌السلام ونعمة الولاية ربّما كان إشارة إلى هذا التّفسير ، لأنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان بداية الإسلام ، والإمام عليعليه‌السلام سبب بقائه واستمراره فأحدهما علّة محدثة وموجدة ، والآخر علّة مبقية(١) .

واحتمل البعض الآخر أن يكون الفضل إشارة إلى نعم الجنّة ، والرحمة إشارة إلى العفو عن الذنب وغفرانه.

ج ـ ويحتمل أيضا أن الفضل إشارة إلى نعمة الله العامّة التي تعم العدو والصديق ، والرحمة ـ بملاحظة كلمة (للمؤمنين) التي ذكرت كقيد للرحمة في الآية السابقة ـ إشارة إلى رحمته الخاصّة بالمؤمنين.

التّفسير الآخر الذي ذكر لهاتين الكلمتين ، هو أنّ فضل الله إشارة إلى مسألة الإيمان، والرحمة إشارة إلى القرآن المجيد الذي سبق الكلام عنه في الآية السابقة.

طبعا ، إنّ أغلب هذه المعاني لا تضاد بينها ، ويمكن أن تجمع جميعها في المفهوم الجامع للفضل والرحمة.

* * *

__________________

(١) للاطلاع على هذه الرّوايات ، راجع تفسير نور الثقلين الجزء ٢ ص ٣٠٧ ـ ٣٠٨.

٣٨٣

الآيات

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٦٠) وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦١) )

التّفسير

هو الشاهد في كل مكان!

كان الحديث في الآيات السابقة عن القرآن ، والموعظة الإلهية والهداية والرحمة في هذا الكتاب السماوي ، وتتحدث هذه الآيات عن قوانين المشركين المبتدعة والخرافية وأحكامهم الكاذبة ، لأنّ الذي يؤمن بالله ويعلم أن كل

٣٨٤

المواهب والأرزاق منه ، يجب أن يقبل هذه الحقيقة أيضا ، وهي أنّ بيان حكم هذه المواهب من حيث الحلية والحرمة بيده ، وإنّ التدخل في هذا العمل بدون إذنه عمل غير صحيح.

الآية الأولى وجهت الخطاب إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالت :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً ) إذا أنّهم طبقا لسننهم الخرافية حرموا قسما من الدواب باسم «السائبة» و «البحيرة» و «الوصيلة(١) » ، وكذلك حرّموا جزءا من محاصيلهم الزراعية ، وحرموا أنفسهم من هذه النعم الطاهرة المحلّلة ، إضافة إلى ذلك فإن كون الشيء حراما أو حلالا ليس مرتبطا بكم ، بل هو مختص بأمر الله خالق تلك الموجودات.

ثمّ تقول :( قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) ، أي إنّ لهذا العمل صورتين لا ثالث لهما : فأمّا أن يكون بإذن الله ، أو أنّه تهمة وافتراء ، ولما كان الاحتمال الأوّل منتفيا ، فلم يبق إلّا الثّاني.

الآن وقد أصبح من المسلم أنّ هؤلاء بهذه الأحكام الخرافية المبتدعة ، إضافة إلى أنّهم حرموا من النعم الإلهية ، فإنّهم قد افتروا على الساحة الإلهية المقدسة ، ولذلك تضيف الآية :( وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ) ولذلك فإنّه لسعة رحمته لا يعاقب هؤلاء فورا على أعمالهم القبيحة.

إلّا أنّ هؤلاء بدل أن يستغلوا هذه الفرصة الإلهية ويشكروا الله على ذلك وينيبوا إليه ، فإنّ أكثرهم غافلون :( وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ ) .

ويحتمل في تفسير هذه الآية أيضا ، أن كون كل هذه المواهب والأرزاق ـ عدا

__________________

(١) (البحيرة) هي الحيوان الذي يلد عدّة مرّات ، و (السائبة) هو البعير الذي أنتج عشرة أو اثني عشر ولدا ، و (الوصيلة) كانت تطلق على الغنم إذا ولدت سبعة بطون. ولمزيد التوضيح راجع تفسير الآية (١٠٣) من سورة المائدة.

٣٨٥

الأشياء المضرة والخبيثة المستثناة ـ محللة هو بنفسه نعمة إلهية كبرى ، وإنّ كثيرا من الناس بدل أن يؤدوا شكر هذه النعمة ، فإنّهم يكفرون بها ، ويحرّمون أنفسهم من هذه النعمة بأحكامهم الخرافية وممنوعاتها.

وحتى لا يتصور أحد أنّ هذه المهلة الإلهية دليل على عدم إحاطة علم الله سبحانه بكل أعمال هؤلاء ، فإنّ آخر آية من آيات البحث تبيّن هذه الحقيقة بأبلغ عبارة وتوضح أن الله مطلع على كل ذرات الموجودات في خفايا السماء والأرض ، ومطلع على دقائق أعمال العباد ، فتقول :( وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) (١) .

«الشهود» جمع شاهد ، وهو في الأصل بمعنى الحضور المقترن بالمشاهدة بالعين أو القلب أو الفكر ، والتعبير بالجمع إشارة إلى أنّ الله سبحانه ليس وحده المراقب لأعمال البشر ، بل إنّ الملائكة المطيعين لأمره مطلعون أيضا على كل هذه الأعمال وناظرون إليها.

وكما أشرنا سابقا ، فإنّ التعبير بصيغة الجمع في حق الله سبحانه مع أنّ ذاته المقدسة أوحدية من جميع الجهات ، إشارة إلى عظمة مقامه ، وأن له دائما مأمورين مطيعين مستعدين لتنفيذ أمره والواقع فإن الكلام ليس عن الله وحده ، بل عنه وعن كل هؤلاء المأمورين المطيعين.

ثمّ تعقب الآية على مسألة اطلاع الله على كل شيء بتأكيد أكبر ، فتقول :( وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) .

«يعزب» مأخوذة من العزوب ، وهو في الأصل بمعنى الابتعاد عن البيت والأهل في سبيل إيجاد وتهيئة المراتع للأغنام والحيوانات ، ثمّ استعملت بمعنى الغيبة

__________________

(١) لقد أرجع البعض ضمير (منه) إلى الله ، أي إن الآيات التي تتلوها من الله ، إلّا أن الضمير يرجع إلى الشأن أو القرآن ظاهرا ، كما قاله كثير من المفسّرين ، أي الآيات التي تتلوها في كل عمل مهم ، أو الآيات التي تتلوها من القرآن.

٣٨٦

والاختفاء بصورة مطلقة.

«والذّرة» بمعنى الجسم الصغير جدّا ، ولذلك يقال للنمل الصغير : ذرة. ولمزيد التوضيح راجع تفسير الآية (٤٠) من سورة النساء.

«الكتاب المبين» إشارة إلى علم الله الواسع ، والذي يعبر عنه أحيانا باللوح المحفوظ، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع في تفسير الآية (٥٩) من سورة الأنعام.

* * *

ملاحظات

١ ـ إنّ الآيات أعلاه قد أثبتت ضمن عبارات قصيرة هذه الحقيقة ، وهي أنّ حق التشريع مختص بالله ، وكل من يقدم على مثل هذا العمل بدون إذنه وأمره ، فإنّه يكون قد افترى على الله ، لأنّ كل الهبات والأرزاق تنزل من عنده ، وإنّ الله سبحانه هو المالك الأصلي لها في الحقيقة ، وبناء على هذا فإنّ له الحق في أن يجعل بعضها مباحا والبعض الآخر غير مباح.

ومع أنّ أوامره في هذا المجال تهدف الى نفع العباد وتكاملهم وليس له أدنى حاجة لهذا العمل ، إلّا أنّه على كل حال هو صاحب الإختيار والتشريع ، وقد يرى أنّ من المصلحة إعطاء أحد العباد كالنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حق هذا العمل في حدود معينة. كما يستفاد من روايات متعددة ـ أيضا ـ أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد حرم بعض الأمور أو أوجبها ، والذي عبرت عنه الرّوايات ب (فرض النّبي). ومن الطبيعي أنّ كل أوامره ونواهيه في حدود ما خوله الله سبحانه من الصلاحيات ، وحسب أمر الله.

إنّ جملة( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ ) دليل أيضا على أن من الممكن أن يجيز الله أحدا بمثل هذه الإجازة.

إنّ هذا البحث مرتبط بمسألة «الولاية التشريعية» ، والتي سنبيّنها بصورة أكثر تفصيلا في محل آخر إن شاء الله تعالى.

٣٨٧

٢ ـ إنّ تعبير الآيات أعلاه عن الرزق بالنزول ـ مع أنّنا نعلم أنّ المطر هو الوحيد الذي ينزل من السماء ـ إمّا لأنّ هذه القطرات المباركة تشكل الأساس لكل الأرزاق ، أو لأنّ المراد هو «النزول المقامي» الذي أشرنا إليه سابقا ، ومثل هذا التعبير يلاحظ في المكالمات اليومية ، فمثلا إذا صدر أمر من شخص كبير ، أو هبة ما إلى شخص صغير ، فيقولون : إنّ هذا الأمر صدر من الأعلى ، أو أنّه وصلنا من فوق.

٣ ـ لقد أثبت علماء الأصول بجملة( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) قاعدة عدم حجية الظن ، وقالوا : إنّ هذا التعبير يوضح أنّه لا يمكن إثبات أي حكم من الأحكام الإلهية بدون القطع واليقين ، وإلّا فإنّه افتراء على الله وحرام. (لنا بحوث في هذا الاستدلال ذكرناها في مباحث علم الأصول).

٤ ـ إنّ الآيات أعلاه تعطينا درسا آخر ، وهو أنّ التشريع مقابل شريعة الله دين الجاهلية ، حيث كانوا يعطون لأنفسهم الحق في وضع الأحكام مع ضيق أفكارهم وضحالتها ، ولكن لا يمكن أن يكون المؤمن الحقيقي كذلك مطلقا. وما نراه في عصرنا الحاضر من أنجماعة يتحدثون عن الله والإسلام ، وفي الوقت نفسه يمدون يد الاستجداء نحو قوانين الآخرين غير الإسلامية ، أو يسمحون لأنفسهم بأن يطرحوا جانبا قوانين الإسلام باعتبارها غير قابلة للتطبيق ويشرّعون بأنفسهم القوانين ، فإنّ هؤلاء من أتباع سنن الجاهلية أيضا.

إنّ الإسلام الواقعي لا يقبل التجزئة ، فعند ما قلنا : إنّنا مسلمون ، فيجب أن نعترف بكل قوانينه فما يقال من أن قوانين الإسلام غير قابلة بأجمعها للتنفيذ وهم باطل لا أساس له ، وهو ناشئ من التغريب وانهيار الشخصية.

طبعا ، إنّ الإسلام ـ نظرا لشموليته ـ قد أطلق لنا في بعض المسائل اتخاذ مقررات وقوانين مناسبة مع ذكر الأصول العامّة حتى نستطيع أن ننظم احتياجات كل عصر وزمان حسب تلك الأصول بالاستشارة والتشاور ، ثمّ نضعها في حيز

٣٨٨

التنفيذ.

٥ ـ أكّدت الآية الأخيرة حين الإشارة إلى سعة علم الله على ثلاث مسائل وقالت : إنّك لا تكون في حالة نفسية معينة ، ولا تتلو أية آية ، ولا تقوم بأي عمل إلّا ونحن شاهدون عليك وناظرون إليك.

إنّ هذه التعبيرات الثلاثة إشارة إلى أفكار وأقوال وأعمال البشر ، أي إنّ الله تعالى كما ينظر إلى أعمالنا ، فإنّه يسمع كلامنا ، وهو مطلع على أفكارنا ونيّاتنا ، ولا يخرج عن إحاطة علم الله شيء منها.

ولا شك أنّ النية والحالات الروحية تقع في المرحلة الأولى ، والقول يأتي بعدها ، ثمّ يتبعهما العمل والتنفيذ ، ولهذا قد ورد نفس الترتيب في الآية.

ثمّ إنّنا نرى أنّ القسم الأوّل والثّاني قد ذكرا بصيغة المفرد ، والخطاب موجه إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمّا القسم الثّالث فإنّه ورد بصيغة الجمع والخطاب موجه لعامّة المسلمين ، ويمكن أن يكون ذلك باعتبار أن اتّخاذ القرار في البرامج الإسلامية مرتبط بقائد الأمّة وهو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما أن تلقي آيات القرآن من الله وتلاوتها يتمّ عن طريقة ، إلّا أنّ العمل بهذه البرامج والأوامر متعلق بكل الأمّة ، ولا يستثنى من ذلك أحد.

٦ ـ لقد بيّنت آخر هذه الآيات درسا كبيرا لكل المسلمين درس يستطيع أن يسلك بهم طريق الحق ويصرفهم عن الانحرافات والطرق الملتوية درس فيه صلاح المجتمع مع التوجّه اليه ، وهو : إنّنا يجب أن نعي هذه الحقيقة ، وهي أن كل خطوة نخطوها ، وكل كلام نقوله ، وكل فكرة تخطر في أذهاننا ، ولأي جهة ننظر ، وعلى أي حال نكون ، فليس الله سبحانه وحده يراقبنا ونحن على هذه الأحوال والأفعال ، بل إنّ ملائكته تراقبنا أيضا ، وينظرون إلينا بكل دقة وانتباه.

إنّ أدنى حركة في خفايا السماء والأرض لا تخفي على علمه ونظره ، بل إنّها تثبت كلّها في ذلك اللوح المحفوظ الذي لا طريق للغلط والاشتباه والاختلاف

٣٨٩

إليه في صفحة علم الله اللامتناهي في فكر الملائكة المقربين وكتّاب أعمال الآدميين في ملفنا وصحيفة أعمالنا كلنا.

ولم يكن ذلك بدون مبرر وعلة حيث يقول الإمام الصادق : «كان رسول الله إذا قرأ هذه الآية بكى بكاء شديدا»(١) فإذا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع كل ذلك الإخلاص والعبودية ، ومع كل تلك الخدمة للخلق والعبادة للخالق خائفا من عمله في مقابل علم الله ، فإنّ حالنا وحال الآخرين معلوم.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان الجزء الخامس ص ١١٦ ذيل الآية.

٣٩٠

الآيات

( أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤) وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥) )

التّفسير

طمأنينة الروح في ظل الإيمان :

لما شرحت الآيات السابقة بعضا من حالات المشركين والأفراد غير المؤمنين ، بيّنت هذه الآيات حال المؤمنين المخلصين المجاهدين المتقين الذين يقعون في الطرف المقابل لأولئك تماما ، حتى يعرف النور من الظلمة ، والسعادة من الشقاء من خلال المقارنة بينهم كما هو شأن القرآن وطريقته دائما.

تقول الآية أوّلا :( أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ومن أجل فهم دقيق لمحتوى هذا الكلام لا بدّ أن نعرف معنى الأولياء جيدا.

«الأولياء» جمع ولي ، وقد أخذت في الأصل من مادة : ولي ، يلي ، بمعنى عدم وجود واسطة بين شيئين ، وتقاربهما وتتابعهما ، ولهذا يطلق على كل شيء له نسبة

٣٩١

القرابة والقرب من شيء آخر سواء كان من جهة المكان أو الزمان أو النسب أو المقام ، بأنّه ولي ، ومن هنا استعملت هذه الكلمة بمعنى الرئيس والصديق وأمثال ذلك.

بناء على هذا ، فإنّ أولياء الله هم الذين لا يوجد حاجب وحائل بينهم وبين الله ، فقد زالت الحجب عن قلوبهم ويتقلبون في نور المعرفة والإيمان والعمل الخالص ، ويرون الله بعيون قلوبهم بحيث لا يجد الشك أي طريق إلى تلك القلوب الوالهة ، وبالنظر لهذه المعرفة بالله الأزلي والقدرة اللامحدودة والكمال المطلق ، فإنّ كل شيء سوى الله حقير في نظرهم ولا قيمة له ، وفان لا أهمية له.

إنّ من يرى المحيط يزهد في القطرة ، ومن ينظر الى نور الشمس لا يهتم بنور الشمعة.

ومن هنا يتّضح أنّ هؤلاء لماذا لا يخافون ، لأنّ الخوف ينشأ عادة من احتمال فقدان النعم التي يمتلكها الإنسان ، أو من الأخطار التي يمكن أن تهدده في المستقبل ، كما إنّ الغم والهم يرتبط عادة بما يتعلق بالماضي ، ويستولي على الإنسان نتيجة فقدانه لإمكانيات وثروات كانت تحت يده.

إنّ أولياء وأحباء الله الحقيقيين متحررون من كل أشكال الارتباط والتعلق بعالم المادة ، ويحكم «الزهد» بمعناه الحقيقي وجودهم ، فهم لا يجزعون من فقدان الممتلكات المادية ولا يخافون من المستقبل ، ولا يشغلون أفكارهم بمثل هذه المسائل. وبناء على ذلك فإن الغموم والأخاويف التي ترتبط بالماضي والمستقبل ، والتي تجعل الآخرين في حال اضطراب وقلق دائم، لا سبيل لها إلى وجود هؤلاء.

إنّ الماء في الإناء الصغير قد يهتز من نفخة إنسان ، لكن المحيط الكبير لا يتأثر حتى بالعاصفة ، ولذلك سمّوه المحيط الهادي :( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا

٣٩٢

تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ ) (١) . فلم يكن لهم تعلّق بما كان في أيديهم سابقا ، ولا يصيبهم الغم والحزن في اليوم الذي سيفارقونه ، فإنّ روحهم أكبر ، وفكرهم أسمى من أن تؤثر فيهم مثل هذه الحوادث في الماضي والمستقبل.

على هذا الأساس فإنّ الأمن والطمأنينة الواقعية هي الحاكمة على وجودهم ، وعلى حدّ قول القرآن :( أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ) (٢) ، وبتعبير آخر :( أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (٣) .

والخلاصة هي أنّ الحزن والخوف عند البشر يتولّدان عادة من حبّ الدنيا ، فمن الطبيعي أن لا يصيب هؤلاء الذين نفضوا أيديهم وقلوبهم من حبها خوف ، أو حزن.

كان هذا هو البيان الاستدلالي للمسألة ، وقد يعرض هذا الموضوع أحيانا ببيان آخر يتخذ شكلا عرفانيا بهذه الصورة : إنّ أولياء الله غارقون في صفات جماله وجلاله ، وذائبون في مشاهدة ذاته المقدسة إلى الحد نسوا كل شيء غيره ، ومعلوم أنّ الغم والحزن والخوف والوحشة تحتاج حتما إلى تصور فقدان وخسارة شيء ما ، أو مواجهة عدو أو موجود خطر ، فمن لم يجعل لغير الله مكانا في قلبه ولا طريقا الى فكره ، ولا يقبل في روحه إله غيره ، كيف يمكن أن يغتم ويخاف ويستوحش؟

لقد اتّضحت ممّا قلناه هذه الحقيقة أيضا ، وهي أنّ المقصود من الغموم هي الغموم المادية والأخاويف الدنيوية ، وإلّا فإنّ وجود أولياء الله مملوء بالخوف والخشية الخوف من عدم أداء الواجبات والمسؤولية. والأسف والحسرة على أن يكون قد فاتهم شيء من الموفقية ، ولهذا الخوف والحسرة صفة معنوية ، فهما أساس تكامل وجود الإنسان ورقيّه ، بعكس الخوف والحزن الدنيويين فهما

__________________

(١) الحديد ، ٢٣.

(٢) الأنعام ، ٨٢.

(٣) الرعد ، ٢٨.

٣٩٣

أساس الانحطاط والتسافل.

يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبته المعروفة مع همام ، حيث يجسد فيها حالات أولياء الله في أرقى وصف : «قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة» ، ثمّ يقول : «ولو لا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقا إلى الثواب ، وخوفا من العقاب»(١) .

ويقول القرآن المجيد ـ أيضا ـ في شأن المؤمنين :( الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ) (٢) . وبناء على ذلك فإنّ لهؤلاء خوفا آخر.

هناك بحث بين المفسّرين فيمن هم المقصودون من أولياء الله ، إلّا أنّ الآية الثّانية وضحت المطلب وأنهت النقاش ، فهي تقول :( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ) .

الملفت للنظر أنّها ذكرت الإيمان بصيغة الفعل الماضي المطلق ، والتقوى بصيغة الماضي الاستمراري ، وهذا إشارة إلى أنّ إيمان هؤلاء قد بلغ حد الكمال ، إلّا أن التقوى التي تنعكس في العمل اليومي ، وتتطلب كل يوم وكل ساعة عملا جديدا ، ولها صفة تدريجية ، فإنّها قد ظهرت على هؤلاء بصورة برنامج دائمي ومسئولية متواصلة.

نعم إنّ الذين يرتكزون على هذين الركنين الأساسيين : الدين والشخصية ، يحسون بدرجة من الطمأنينة داخل أرواحهم بحيث لا تهزهم أية عاصفة من عواصف الحياة. بل يقفون أمامها كالجبل ، كما وصفهم الحديث : «المؤمن كالجبل الراسخ لا تحركه العواصف».

وتوكّد الآية الثّالثة على مسألة عدم وجود الخوف والغم والوحشة في شخصية وقلوب أولياء الحق بهذه العبارة :( لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) وعلى هذا فهم ليسوا خالين من الخوف والغم وحسب ، بل إنّ البشارة والفرحة والسرور

__________________

(١) نهج البلاغة ، خطبة ١٩٣. صبحي الصالح.

(٢) الأنبياء ، ٤٩.

٣٩٤

بالنعم الكثيرة والمواهب الإلهية الا محدودة في هذه الدنيا والآخرة من نصيبهم.

(ينبغي الانتباه إلى أن البشرى قد ذكرت مع ألف ولام الجنس بصورة مطلقة ، فهي تشمل أنواع البشارات).

ثمّ تضيف من أجل التأكيد أيضا :( لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ) بل هي ثابتة حقّة ، وأن الله سبحانه سيفي بما وعد به أولياءه ، و( ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

وحولت الآية الخطاب إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمثل رأس سلسلة أولياء الله وأحبائه مخاطبة له بلحن المواساة وتسلية الخاطر :( وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ) ولا يمكن أن يقوم العدو بعمل مقابل إرادة الحق ، فإنّه تعالى عالم بكل خططهم ودسائسهم. ف( هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .

* * *

ملاحظتان

وهنا ملاحظتان ينبغي التوقف عندهما :

١ ـ ما هو المراد من البشارة في الآية؟

هناك بحث وجدال بين المفسّرين في المراد من البشارة التي أعطاها الله في الآيات أعلاه لأوليائه في الدنيا والآخرة ، فالبعض اعتبرها مختصة بالبشارة التي تقدمها الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار والموت ،( وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (١) .

والبعض الآخر يعتبرها إشارة إلى وعود الله بالنصر والتغلب على الأعداء ، والحكم في الأرض ما داموا مؤمنين وصالحين.

وقد فسّرت هذه البشارة في بعض الرّوايات بأنّها المنامات الجيدة التي يراها المؤمنون.

__________________

(١) السجدة ، ٣٠.

٣٩٥

إلّا أنّه ، وكما قلنا ، فإنّ إطلاق هذه الكلمة ، وألف لام الجنس في البشرى قد أخفيا فيها مفهوما واسعا بحيث أنّها تشمل كل نوع من البشارة وفرحة الإنتصار والموفقية ، ويندرج فيها كل ما ذكر أعلاه ، وفي الواقع فإنّ كلا منها إشارة إلى زاوية من هذه البشارة الإلهية الواسعة.

وربّما كان ما فسّرت به البشرى في بعض الرّوايات بأنّها المنامات الحسنة والرؤيا الصالحة إشارة إلى أن كل البشارات حتى الصغيرة منها ، تدخل أيضا في مفهوم البشرى ، لا أنّها منحصرة بها.

الواقع. وكما قيل سابقا أيضا ، فإنّ هذا هو الأثر التكويني والطبيعي للإيمان والتقوى حيث تبتعد عن روح الإنسان أشكال الاضطراب والقلق المتولدة من الشك والتردد ، وكذلك المتولدة من الذنب والتلوّث والفجور ، فكيف يمكن أن يشعر بالراحة والاطمئنان من لا إيمان له ، ومن ليس له متكأ معنوي يعتمد عليه في أعماق روحه؟!

إنّه يبقى في سفينة وسط بحر هائج متلاطم الأمواج تقذف به الأمواج العظيمة في كل جانب وصوب وقد فتحت دوامات البحر أفواهها لابتلاعه!!

كيف يمكن أن يهدأ بال ويطمئن خاطر من تلطخت يداه بالظلم والجور وإراقة دماء الناس وغصب أموال وحقوق الآخرين؟ إنّه ـ وبخلاف المؤمنين ـ لا يتمتع حتى بالنوم الهادىء ، وغالبا ما يرى المنامات المرعبة التي يرى نفسه فيها مشتبكا مع العدو ، وهذا بنفسه دليل على اضطراب روح هؤلاء.

من الطبيعي أنّ الشخص الجاني ـ خاصّة إذا كان مطاردا ـ يرى في عالم الرؤيا أشباحا مرعبة قد أحكمت الطوق لإلقاء القبض عليه ، أو أنّ روح ذلك المقتول المظلوم تصرخ في أعماق ضميره وتعذبه ، ولهذا فإنّه عند ما يستيقظ يقول كيزيد : مالي وللحسين؟ أو يقول ما قاله الحجاج : مالي ولسعيد بن جبير؟!

٣٩٦

٢ ـ الرّويات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام

لقد وردت في تفسير الآيات أعلاه روايات رائعة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، نشير إلى بعض منها :

تلا أمير المؤمنين عليعليه‌السلام الآية :( أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ ) ثمّ سأل أصحابه : أتعلمون من هم أولياء الله؟ فقالوا : أخبرنا بهم يا أمير المؤمنين ، فقال : «هم نحن وأتباعنا ، فمن تبعنا من بعدنا طوبى لنا ، وطوبى لهم أفضل من طوبى لنا» ، قالوا : يا أمير المؤمنين ، ما شأن طوبى لهم أفضل من طوبى لنا؟ ألسنا نحن وهم على أمر؟ قال : «لا، إنّهم حملوا ما لم تحملوا عليه ، وأطاقوا ما لم تطيقوا»(١) .

وفي كتاب كمال الدين : روي عن أبي بصير عن الصّادقعليه‌السلام أنّه قال : «طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته ، والمطيعين له في ظهوره ، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون»(٢) .

ويروي أحد أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : إنّ أتباع هذا المذهب يرون في أواخر لحظات عمرهم ما تقّر به أعينهم ، قال الراوي : فقلت له بضع عشرة مرّة : أي شيء؟ فقال في كلّها : «يرى» لا يزيد عليها ، ثمّ جلس في آخرها فقال : «أبيت إلّا أن تعلم»؟ فقلت : نعم يا ابن رسول الله ثمّ بكيت ، فرق لي ، فقال : «يراهما والله» فقلت : بأبي وأمي من هما؟ فقال : «ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليعليه‌السلام لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتى تراهما». ثمّ قال : «إن هذا في كتاب الله» فقلت : أين ، جعلني الله فداك؟ قال : «في يونس ، قول الله ها هنا :( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) »(٣) .

ولدينا روايات أخرى بمضمون هذه الرّواية.

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٣٠٩.

(٢) المصدر السابق.

(٣) نور الثقلين ، الجزء ٢ ، ص ٣١٠ (باختصار).

٣٩٧

ومن الواضح أنّ هذه الرّواية إشارة إلى قسم من بشارات المؤمنين المتقين ، لا جميعها ، وواضح ـ أيضا ـ أن هذه المشاهدة ليست مشاهدة جسم مادي. بل مشاهدة الجسم البرزخي بالنظر البرزخي ، لأنّا نعلم أنّ روح الإنسان تبقى على جسمها البرزخي في عالم البرزخ الذي يمثل الفاصل بين هذه الدنيا وعالم الآخرة.

* * *

٣٩٨

الآيتان

( أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) )

التّفسير

جانب من آيات عظمته :

تعود الآيات أعلاه مرّة أخرى إلى مسألة التوحيد والشرك والتي تعتبر واحدة من أهم مباحث الإسلام ، وبحوث هذه السورة ، وتجرّ المشركين إلى المحاكمة وتثبت عجزهم.

فتقول أولا :( أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ) وإذا كان الأشخاص ملكه ومنه ، فمن الأولى أن تكون الأشياء الموجودة في هذا العالم ملكه ومنه ، وبناء على هذه فإنّه مالك كل عالم الوجود ، ومع هذا الحال كيف يمكن أن يكون مماليكه شركاءه؟

ثمّ تضيف الآية :( وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ

٣٩٩

إِلَّا الظَّنَ ) إذ لا دليل ولا برهان لهم على كلامهم( وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) .

كلمة «الخرص» وردت في اللغة بمعنى الكذب ، وكذلك وردت بمعنى الحدس والتخمين ، وفي الأصل ـ كما قاله الراغب في مفرداته ـ بمعنى حزر الفواكه ، ثمّ تخمينها على الأشجار ، ولما كان الحدس والتخمين قد يخطئ أحيانا ، فإنّ هذه المادة قد جاءت بمعنى الكذب أيضا.

وأساسا ، فإنّ إتباع الظن والحدس الذي لا يستند إلى أساس ثابت يجرّ الإنسان في النهاية إلى وادي الكذب عادة. والأشخاص الذين جعلوا الأصنام شريكة لله سبحانه لم يكن لهم مستند في ذلك إلّا الأوهام الأوهام التي يصعب علينا اليوم حتى تصورها ، إذ كيف يمكن أن يصنع الإنسان تماثيل ومجسمات لا روح لها ، ثمّ يعتبر ما صنعه وخلقه ربّا له وأنّه هو صاحب إرادته ، وأن أمره بيده؟! يضع مقدراته في يده وتحت تصرفه ويطلب منه حل مشاكله؟! أليست هذه الدعوى من أوضح مصاديق الزيف والكذب؟

بل يمكن استفادة هذا من الآية كقانون كلي عام ـ بدقة قليلة ـ وهو أنّ كل من يتبع الظن والأوهام الباطلة فإنّه سينجرّ في النهاية إلى الكذب إنّ الحق والصدق قائم على أساس القطع واليقين ، أمّا الكذب فإنّه يقوم على أساس التخمينات والظنون والشائعات!

ثمّ ومن أجل إكمال هذا البحث ، وتبيّن طرق معرفة الله ، والابتعاد عن الشرك وعبادة الأوثان ، أشارت الآية الثّانية إلى جانب من المواهب الإلهية التي أودعت في نظام الخلقة والدالّة على عظمة وقدرة وحكمة اللهعزوجل ، فقالت :( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً ) .

إنّ نظام النور والظلمة الذي أكدت عليه آيات القرآن مرارا ، نظام عجيب وغزير الفائدة ، فهو من جهة يضيء عرصة حياة البشر بإفاضة النور في مدّة معينة ويحركها ويبعثها على السعى والجد ، ومن جهة أخرى فإنّه بإرخاء سدول الليل

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

٥٥ -( باب وجوب طواف النساء في الحج مطلقاً، وفي العمرة المفردة دون عمرة التمتع)

[١١٢٣٨] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومتى لم يطف الرجل طواف النساء لم تحل له النساء حتى يطوف، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تجامع حتى تطوف طواف النساء ».

[١١٢٣٩] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا زرت يوم النحر فطف طواف الزيارة - إلى أن قال - ثم ارجع إلى البيت فطف به أُسبوعاً، وهو طواف النساء » الخبر.

[١١٢٤٠] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « من تمتع بالعمرة إلى الحج فأتى مكّة، فليطف بالبيت، وليسع بين الصفا والمروة، ثم يقصّر من جوانب شعره وشاربه ولحيته » الخبر.

[١١٢٤١] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « وإذا قصّر المتمتع، فله أن يأتي النساء(١) ».

٥٦ -( باب كراهة التطوع بعد السعي قبل التقصير، وجوازه بعدهما قبل إحرام الحج، وكراهته بعده حتى يعود من عرفات، فإن فعل جاهلاً لم يلزمه شئ)

[١١٢٤٢] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

باب ٥٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٠.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣١.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٧.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٧.

(١) في المصدر: زوجته.

باب ٥٦

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٧.

٤٢١

قال: « والمتمتع لا يطوف بعد طواف العمرة تطوّعاً حتى يقصّر ».

[١١٢٤٣] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا حلّ المتمتع المحرم، طاف بالبيت تطوّعاً ما شاء بينه وبين أن يحرم بالحج ».

[١١٢٤٤] ٣ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ولا يطوف المعتمر بالبيت بعد طواف الفريضة حتى يقصّر ».

٥٧ -( باب أحكام من منعها الحيض من الطواف)

[١١٢٤٥] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإذا حاضت قبل أن تطوف للمتعة خرجت مع الناس، وأخّرت طوافها إلى أن تطهر ».

[١١٢٤٦] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « الحائض والنفساء والمستحاضة يقفن بمواقف الحجّ كلّها، ويقضين المناسك كلّها إلّا الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، ولا يدخلن المسجد(١) فإذا طهرن قضين ما فاتهن ».

[١١٢٤٧] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم، فعليها أن تحتشي إذا بلغت الميقات، وتغتسل وتلبس ثياب إحرامها فتدخل مكّة وهي محرمة، ولا تقرب المسجد الحرام، فإن

__________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٧.

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٢٧.

باب ٥٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٨.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٣.

(١) في المصدر زيادة: الحرام.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٠.

٤٢٢

طهرت ما بينها وبين يوم التروية قبل الزوال فقد أدركت متعتها، فعليها أن تغتسل وتطوف بالبيت، وتسعى ما بين الصفا والمروة، وتقضي ما عليها من المناسك، وان طهرت بعد الزوال من [ يوم ](١) التروية فقد بطلت متعتها، فتجعلها حجّة مفردة ».

[١١٢٤٨] ٤ - كتاب خلاد السدي البزاز الكوفي: قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : طفت طواف الواجب - إلى أن قال -: قلت: فمعنا امرأة قد ولدت، قال: « تقيم حتى تطهر » قلت: فما من ذاك بدّ؟ قال: « ما من ذاك بدّ ».

[١١٢٤٩] ٥ - الصدوق في المقنع: وإذا حاضت المرأة قبل أن تحرم، فإذا بلغت الوقت فلتغتسل ولتحتش، ثم لتخرج وتلبي، ولا تصل، وتلبس ثياب الإحرام، فإذا كان الليل خلعتها، ولبست ثيابها الأُخرى حتى تطهر، فإذا دخلت مكّة وقفت حتى تطهر، فإذا طهرت طافت بالبيت، وقضت نسكها.

٥٨ -( باب أنّ المرأة إذا حاضت في أثناء الطواف الواجب قبل تجاوز النصف وجب عليها قطعه، والاستئناف إذا طهرت، وبعد تجاوزه يجزيها الإتمام، ويستحب لها أن تفعل في السعي كذلك مع السعة)

[١١٢٥٠] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومتى حاضت المرأة في الطواف

__________________

(١) أثبتناه في المصدر.

٤ - كتاب خلاد السدي البزاز ص ١٠٦.

٥ - المقنع ص ٨٤.

باب ٥٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٠.

٤٢٣

خرجت من المسجد، فإن كانت طافت ثلاثة أشواط فعليها أن تعيد، وإن كانت طافت أربعة أقامت على مكانها فإذا طهرت بنت، وقضت ما بقي عليها، ولا يجوز على المسجد حتى تتيمّم ».

[١١٢٥١] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بالصفا والمروة وجاوزت النصف، فلتعلم على الموضع الذي بلغت، فإذا طهرت رجعت فأتمّت بقيّة طوافها من الموضع الذي علمت، وإن هي قطعت طوافها في أقلّ من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوّله.

وروي: أنّها إن كانت طافت ثلاثة أشواط أو أقل، ثم رأت الدم حفظت مكانها، فإذا طهرت طافت، واعتدت بما مضى.

[١١٢٥٢] ٣ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وأيّما امرأة طافت بالبيت، ثم حاضت، فعليها طواف بالبيت، ولا تخرج من مكّة حتى تقضيه، وهو الطواف الواجب ».

٥٩ -( باب أن المرأة إذا حاضت قبل تجاوز النصف من الطواف لم يجز لها السعي، وكذا بعده مع ضيق الوقت عن السعي، بل تعدل إلى الإفراد، وتقف الموقفين، ثم تطوف إذا طهرت)

[١١٢٥٣] ١ - الصدوق في المقنع: وسئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الطامث قال: « تقضي المناسك كلّها غير أنّها لا تطوف بين الصفا والمروة » فقيل: إن بعض ما تقضي من المناسك أعظم من الصفا

__________________

٢ - المقنع ص ٨٤.

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٢.

باب ٥٩

١ - المقنع ٨٤.

٤٢٤

والمروة، فما بالها تقضي المناسك ولا تطوف بين الصفا والمروة؟ قال: « لأن الصفا والمروة تطوف بينهما إذا شاءت، وهذه المواقف لا تقدر أن تقضيها إذا فاتها ».

٦٠ -( باب أنّ المرأة إذا طافت ثم حاضت جاز لها السعي قبل أن تطهر، وإن حاضت في أثناء السعي أتمّته، ويستحب لها التأخير حتى تطهر مع سعة الوقت)

[١١٢٥٤] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وأيّما امرأة طافت بالبيت ثم حاضت، فعليها طواف البيت - إلى أن قال - وإن خرجت من المسجد فحاضت بين الصفا والمروة، فلتمض في سعيها ».

وفي موضع آخر(١) : « وإن امرأة أدركها الحيض بين الصفا والمروة أتمّت ما بقي ».

٦١ -( باب جواز طواف المستحاضة الكعبة، وصلاتها ركعتي الطواف، وكراهة دخولها الكعبة)

[١١٢٥٥] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « المستحاضة تصوم وتصلّي، وتقضي المناسك، وتدخل المساجد، ويأتيها زوجها ».

__________________

باب ٦٠

١ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٢.

(١) نفس المصدر ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٠.

باب ٦١

١ - الجعفريات ص ٧٥.

٤٢٥

٦٢ -( باب أنه يستحب للحائض أن تدعو لقطع الدم بالمأثور بمكّة، والمدينة في مقام جبرئيلعليه‌السلام وغيره)

[١١٢٥٦] ١ - الصدوق في الفقيه: ثم ائت مقام جبرئيلعليه‌السلام وهو تحت الميزاب، فإنه كان مقامه إذا استأذن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثم قل: أي جواد، أي كريم، أي قريب، أي بعيد، أسألك أن تردّ عليّ نعمتك، وذلك مقام لا تدعو فيه حائض، ثم تستقبل القبلة إلّا رأت الطهر، ثم تدعو بدعاء الدم، اللهم إنّي أسألك بكلّ اسم هو لك، أو تسمّيت به لأحد من خلقك، أو هو مأثور في علم الغيب عندك، وأسألك باسمك الأعظم الأعظم الأعظم، وبكلّ حرف أنزلته على موسى، وبكلّ حرف أنزلته على عيسىعليه‌السلام ، وبكلّ حرف أنزلته على محمّد صلواتك عليه وآله وعلى أنبياء الله، إلّا فعلت بي كذا وكذا، والحائض تقول: إلّا أذهبت عني [ هذا ](١) الدم.

٦٣ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الطواف)

[١١٢٥٧] ١ - زيد النرسي في أصله قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الرجل يحوّل خاتمه ليحفظ به طوافه، قال: « لا بأس، إنّما يريد به التحفظ ».

__________________

باب ٦٢

١ - الفقيه ج ٢ ص ٣٤٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٦٣

١ - أصل زيد النرسي ص ٥٥.

٤٢٦

[١١٢٥٨] ٢ - وعن علي بن مزيد بياع السابري قال: رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام في الحجر تحت الميزاب مقبلاً بوجهه على البيت، باسطاً يديه، وهو يقول: « اللهم ارحم ضعفي، وقلّة حيلتي، اللهم انزل عليّ كفلين من رحمتك، وادرر(١) عليّ من رزقك الواسع، وادرأ عنّي شرّ فسقة [ الجن والإنس وشر فسقة ](٢) العرب والعجم، اللهم أوسع عليّ من الرزق ولا تقتّر علي، اللهم ارحمني ولا تعذبني، ارض عني، ولا تسخط عليّ، إنك سميع الدعاء قريب مجيب ».

[١١٢٥٩] ٣ - البحار: وجدت بخط الشيخ محمّد بن علي الجبعي نقلاً من خط الشهيد، بإسناده المعافى إلى نضر بن كثير قال: دخلت على جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنا وسفيان الثوري منذ ستين سنة، أو سبعين سنة، فقلت له: إنّي أُريد البيت الحرام فعلمني شيئاً أدعو به، فقال: « إذا بلغت البيت الحرام فضع يدك على حائط البيت، ثم قل: يا سابق الفوت، ويا سامع الصوت، ويا كاسي العظام لحماً بعد الموت، ثم ادع بعده بما شئت ».

[١١٢٦٠] ٤ - ومن خطه نقلاً من خطّ الشهيد: عن الصادقعليه‌السلام : « أن تهيّأ أن تصلّي صلواتك كلّها الفرائض وغيرها عند الحطيم، فإنّه أفضل بقعة على وجه الأرض، وهو ما بين باب البيت إلى الحجر الأسود، وهو الموضع الذي تاب الله فيه عليب آدمعليه‌السلام ،

__________________

٢ - أصل زيد النرسي ص ٤٨.

(١) في المصدر: وادر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - البحار ج ٩٩ ص ١٩٨ ح ١٤.

٤ - البحار ج ٩٩ ص ٢٣١ ح ٧.

٤٢٧

وبعده الصلاة في الحجر أفضل، وبعد الحجر ما بين الركن العراقي وباب البيت، وهو الموضع الذي كان فيه المقام، وبعده خلف المقام حيث هو الساعة، وما قرب من البيت فهو أفضل ».

[١١٢٦١] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أكثر الصلاة في الحجر، وتعمّد تحت الميزاب، وادع عنده كثيراً، وصلّ في الحجر على ذراعين من طرفه ممّا يلي البيت، فإنه موضع شبر وشبير ابني هارون، وإن تهيّأ لك أن تصلي » وذكر مثل ما في الخبر السابق.

[١١٢٦٢] ٦ - كتاب العلاء: عن محمّد بن مسلم قال: قلت له: ومن أين استلم الكعبة إذا فرغت من طوافي؟ قال: « من دبرها ».

[١١٢٦٣] ٧ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام : أنه رخّص للطائف أن يطوف منتعلاً.

[١١٢٦٤] ٨ - محمّد بن علي بن شهرآشوب في المناقب: عن طاووس الفقيه، قال: رأيت في الحجر زين العابدينعليه‌السلام يصلّي ويدعو: « عبيدك ببابك، أسيرك بفنائك، [ مسكينك بفنائك ](١) سائلك بفنائك، يشكو إليك ما لا يخفى عليك ».

وفي خبر: « لا تردّني عن بابك ».

[١١٢٦٥] ٩ - الصدوق في العلل: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن

__________________

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٦ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥٦.

٧ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٣.

٨ - المناقب ج ٤ ص ١٤٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٩ - علل الشرائع ص ٤٢٣ ح ١.

٤٢٨

أحمد وعلي ابني الحسن بن علي بن فضال، عن عمرو بن سعيد، عن موسى بن قيس ابن أخي عمّار، عن مصدق بن صدقة، عن عمار الساباطي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أو عن عمار، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لمّا أوحى الله عزّوجلّ إلى إبراهيمعليه‌السلام : ان أذّن في الناس بالحج، أخذ الحجر الذي فيه أثر قدميه وهو المقام، فوضعه بحذاء البيت لاصقاً بالبيت بحيال الموضع الذي هو فيه اليوم، ثم قام عليه فنادى بأعلى صوته بما أمره الله عزّوجلّ به، فلمّا تكلّم بالكلام لم يحتمله الحجر فغرقت رجلاه فيه، فقلع إبراهيمعليه‌السلام رجليه من الحجر قلعاً.

فلما كثر الناس وصاروا إلى الشرّ والبلاء، ازدحموا عليه فرأوا أن يضعوه في هذا الموضع الذي هو فيه اليوم، ليخلوا المطاف لمن يطوف بالبيت، فلمّا بعث الله عزّوجلّ محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله ردّه إلى الموضع الذي وضعه فيه إبراهيم، فما زال فيه حتى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي زمن أبي بكر، وأوّل ولاية عمر، ثم قال عمر: قد ازدحم الناس على هذا المقام، فأيّكم يعرف موضعه في الجاهلية؟ فقال له رجل: أنا أخذت قدره بقدر، قال: والقدر عندك؟ قال: نعم، قال: فأت به فجاء به فأمر بالمقام فحمل وردّ إلى الموضع الذي هو فيه الساعة ».

[١١٢٦٦] ١٠ - العياشي في تفسيره: عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله:( فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ ) فما هذه الآيات؟ قال: « مقام إبراهيمعليه‌السلام [ حين قام عليه فأثرت قدماه

__________________

١٠ - العياشي ج ١ ص ١٨٧ ح ٩٩.

٤٢٩

فيه ](١) والحجر، ومنزل إسماعيل ».

[١١٢٦٧] ١١ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: روى أن جبل أبي قبيس قال: يا آدم إنّ لك عندي وديعة، فرفع(١) إليه الحجر، والمقام، وهما يومئذٍ ياقوتتان حمراوان.

[١١٢٦٨] ١٢ - الجعفريات: أخبرنا الشريف أبو الحسن علي بن عبد الصمد بن عبيد الله الهاشمي، أخبرنا الأبهري وهو أبو بكر محمّد بن عبد الله بن محمّد بن صالح، حدثنا أحمد بن عمر بن يوسف، قال: حدثنا أحمد بن عبد العزيز، قال: حدثنا أيوب بن سويد، عن يونس بن بريد، عن الزهري، عن مسافع الحجبي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنّة، طمس الله تبارك وتعالى نورهما، لولا ذلك لأضاءتا من بين المشرق والمغرب ».

[١١٢٦٩] ١٣ - الصدوق في العلل: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحطيم، فقال: « هو ما بين الحجر الأسود، وباب البيت ».

قال: وسألته لم سمي الحطيم؟ قال: « لأن الناس يحطم بعضهم بعضاً هنالك ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

١١ - قصص الأنبياء ص ١٨، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٢٥ ح ٢١.

(١) في المصدر: فدفع.

١٢ - الجعفريات ص ٢٤٩.

١٣ - - علل الشرائع ص ٤٠٠.

٤٣٠

[١١٢٧٠] ١٤ - العياشي: عن المنذر(١) الثوري، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن الحجر، فقال: « نزلت ثلاثة أحجار من الجنّة: الحجر الأسود استودعه إبراهيمعليه‌السلام ، ومقام إبراهيم، (وحجر بني إسرائيل)(٢) - قال أبو جعفرعليه‌السلام -: إنّ الله استودع إبراهيم الحجر الأبيض، وكان أشدّ بياضاً من القراطيس، فاسود من خطايا بني آدم ».

[١١٢٧١] ١٥ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط: عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « كان المقام في موضعه الذي هو فيه اليوم، فلمّا لقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة، رأى أن يحوّله من موضعه، فحوّله فوضعه ما بين الركن والباب، وكان على ذلك حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإمارة أبي بكر، وبعض إمارة عمر.

ثم إن عمر حين كثر المسلمون، قال: إنه يشغل الناس عن طوافهم، قال: فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: يا أهل مكّة، من يعرف الموضع الذي كان فيه المقام في الجاهلية؟ قال: فقال المطلب بن أبي وداعة السهمي: أنا يا أمير المؤمنين، عمدت إلى أديم فعددته فأخذت قياسه، فهو في حقّ(١) عند فلانة - امرأته - قال: فأخذ خاتمه

__________________

١٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٥٩ ح ٩٣.

(١) في المخطوط: المقدر، وما أثبتناه من المصدر وكتب الرجال، راجع معجم رجال الحديث ج ١٨ ص ٣٣٧.

(٢) كذا في المخطوط والمصدر، وقد ورد في الحجرية: حجر إسماعيل.

١٥ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٢.

(١) حُق: إناء صغير من عاج أو خشب، يوضع فيه الطيب أو الأشياء النفسية. (لسان العرب ج ١٠ ص ٥٦).

٤٣١

فبعث إليها فجاء به، فقاسه ثم حوّله فوضعه موضعه الذي كان فيه ».

[١١٢٧٢] ١٦ - وقال أبو القاسم الكوفي في كتاب الاستغاثة وكان مقام إبراهيم على نبيّنا وآله وعليه السلام، قد أزالته قريش في الجاهلية عن الموضع الذي جعله فيه إبراهيم، إلى الموضع الذي هو فيه اليوم، فلمّا فتح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة، ردّ المقام إلى موضع إبراهيمعليه‌السلام فلمّا استولى عمر على الناس قال: من يعرف الموضع الذي كان فيه مقام إبراهيم في الجاهلية؟ فقال رجل مذكور باسمه في الحديث، وهو المغيرة بن شعبة: أنا أعرفه وقد أخذت قياسه بسير(١) هو عندي، وعلمت أنه سيحتاج يوماً، فقال عمر: جئني به، فأتى به الرجل، فردّ المقام إلى الموضع الذي كان في الجاهلية، فهو إلى اليوم هناك، وموضعه الذي وضعه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه، معروف لا يختلفون في ذلك.

[١١٢٧٣] ١٧ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: عن كتاب فضل الدعاء للصفار، عن كتاب التهجد لابن أبي قرّة، بإسنادهما إلى مسكين بن عمّار قال: كنت نائماً بمكّة فأتاني آت في منامي، فقال لي: قم فإن تحت الميزاب رجلاً يدعو الله تعالى باسمه الأعظم، ففزعت، ونمت فناداني ثانية بمثل ذلك ففزعت، ثم نمت فلمّا كان في الثالثة قال: قم يا فلان بن فلان، هذا فلان بن فلان فسمّاه باسمه واسم أبيه، وهو العبد الصالح تحت الميزاب يدعو الله باسمه الأعظم.

قال: فقمت واغتسلت، ثم دخلت الحجر فإذا رجل قد ألقى ثوبه

__________________

١٦ - الإستغاثة ص ٤٥ (باختلاف يسير).

(١) السَّير: ما قد من الأديم طولاً (لسان العرب ج ٤ ص ٣٩٠).

١٧ - مهج الدعوات ص ٣٢١.

٤٣٢

على رأسه وهو ساجد، فجلست خلفه، فسمعته يقول: « يا نور يا قدّوس، يا نور يا قدّوس، يا نور يا قدّوس، يا حيّ يا قيوم، يا حيّ يا قيوم، يا حيّ يا قيوم، يا حيّ لا يموت، يا حيّ لا يموت، يا حيّ لا يموت، يا حيّ حين لا حيّ، يا حيّ حين لا حيّ، يا حيّ حين لا حيّ أسألك بلا إله إلّا أنت، أسألك بلا إله إلّا أنت، أسألك بلا إله إلّا أنت، أسألك يا لا إله إلّا أنت، أسألك يا لا إله إلّا أنت، أسألك يا لا إله إلّا أنت، (يا حيّ لا إله إلّا أنت، يا حيّ لا إله إلّا أنت، يا حيّ لا إله إلّا أنت)(١) ، أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، العزيز المتين(٢) » ثلاثاً.

قال مسكين: فلم يزل يردّد هذه الكلمات حتى حفظتها، ثم رفع رأسه، فالتفت كذا، وكذا، فإذا الفجر قد طلع، قال: فجاء إلى ظهر الكعبة وهو المستجار فصلّى الفريضة، ثم خرج.

ونقله الكفعمي في جنّته(٣) عن فضل الدعاء المذكور، وفيه: بكر بن عمّار، وزاد بن بعد قوله: العبد الصالح موسى بن جعفرعليهما‌السلام

__________________

(١) كذا في المخطوط والحجرية، وفي المصدر وردت العبارة بين القوسين بعد قوله (يا حيّ حين لاحيّ).

(٢) وفي نسخة: المبين، (منه قدّه).

(٣) المصباح ص ٣١٠.

٤٣٣

٤٣٤

أبواب السعي

١ -( باب وجوبه)

[١١٢٧٤] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن السعي بين الصفا والمروة، فريضة هو أم سنّة؟ قال: « فريضة » قال: قلت: أليس الله يقول:( فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) ؟ قال: كان ذلك في عمرة القضاء، وذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام، فتشاغل رجل من أصحابه حتى أُعيدت الأصنام، فجاؤوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه، وقيل له: إنّ فلاناً لم يطف، وقد أُعيدت الأصنام، قال: فأنزل الله( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) أي والأصنام عليهما.

ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره(٢) مرسلاً.

__________________

أبواب السعي

باب ١

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٣٣.

(١) البقرة ٢: ١٥٨.

(٢) تفسير القمي ج ١ ص ٦٤.

٤٣٥

[١١٢٧٥] ٢ - وعن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألته فقلت: ولم جعل السعي بين الصفا والمروة؟ قال: « إن إبليس تراءى لإبراهيم في الوادي: فسعى إبراهيمعليه‌السلام منه كراهية أن يكلّمه، وكان منازل الشياطين ».

[١١٢٧٦] ٣ - وعن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله:( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) (١) : « أي لا حرج أن يطوف بهما ».

[١١٢٧٧] ٤ - وعن عاصم بن حميد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام :( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ ) ، يقول: « لا حرج عليه أن يطوف بهما » فنزلت هذه الآية فقلت: هي خاصّة أو عامة؟ قال: « هي بمنزلة قوله:( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (١) فمن دخل فيهم من الناس كان بمنزلتهم، يقول الله:( وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ) (٢) »(٣) .

[١١٢٧٨] ٥ - وعن حريز، قال زرارة ومحمّد بن مسلم: قلنا لأبي جعفرعليه‌السلام : ما تقول في الصلاة في السفر - إلى أن قالا - قلنا:

__________________

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٧٠ ح ١٣٤.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٦٩ ح ١٣١.

(١) البقرة ٢: ١٥٨.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٧٠ ح ١٣٢.

(١) فاطر ٣٥: ٣٢.

(٢) النساء ٤: ٦٩.

(٣) ورد في هامش المخطوط ما نصه: « كذا في النسخ وفيه سقط كما يظهر من كتاب عاصم ».

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٧١ ح ٢٥٤.

٤٣٦

إنّما قال الله عزّوجلّ:( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ) (١) ولم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ قال: « أوليس قد قال الله عزّوجلّ في الصفا والمروة:( فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) ألا ترى أنّ الطواف بهما واجب مفروض، لأنّ الله عزّوجلّ ذكره في كتابه، وصنعه نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ » الخبر.

[١١٢٧٩] ٦ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الصلاة في السفر، وذكر مثله.

وعنهعليه‌السلام (١) قال: في قول الله عزّوجلّ:( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) قال أبو جعفرعليه‌السلام : الطواف بهما واجب مفروض، وفي قول الله عزّوجلّ هذا، بيان ذلك، ولو كان في ترك الطواف بهما رخصة، لقال: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ولكنه لمّا قال:( فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) علم أنّهم كانوا يرون في الطوف بهما جناحا، وكذلك كان الأمر كان الأنصار يهلون المناة، وكانت مناة حذو قديد، فكانوا يتحرجون أن يتطوفوا(٢) بهما(٣) بين الصفا والمروة، فلمّا جاء الإسلام سألوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك، فأنزل الله عزّوجلّ( إِنَّ الصَّفَا ) الآية.

__________________

(١) النساء ٤: ١٠١.

٦ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٥.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٣١٥.

(٢) وفي نسخة: يطوّفوا، منه قدّه.

(٣) (بهما) ليس في المصدر.

٤٣٧

[١١٢٨٠] ٧ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط: عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: « إنّ الصفا والمروة من شعائر الله، يقول: لا حرج عليكم أن يطوف بهما، قال: فقال: ان الجاهلية قالوا: كنا نطوف بهما في الجاهلية، فإذا جاء الإسلام فلا نطوف بهما، قال: وأنزل الله عزّوجلّ هذه الآية » قال: قلت: خاصّة هي أم عامة؟ قال: « هي بمنزلة قول الله عزّوجلّ:( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ ) (١) الآية، فمن دخل فيه من الناس كان بمنزلتهم، إنّ الله عزّوجلّ يقول:( وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ ) (٢) » الآية.

[١١٢٨١] ٨ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « أيّها الناس كتب عليكم السعي فاسعوا ».

٢ -( باب استحباب المبادرة بالسعي عقيب ركعتي الطواف، والابتداء بتقبيل الحجر واستلامه، والشرب من ماء زمزم من الدلو المقابل للحجر، والصب منه على الرأس والبدن داعياً بالمأثور، وان يستقي منها بيده)

[١١٢٨٢] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إن قدرت بعد أن تصلّي ركعتي الطواف أن تأتي زمزم، وتشرب من مائها، وتفيض عليك منه فافعل ».

__________________

٧ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٣٠.

(١) فاطر ٣٥: ٣٢.

(٢) النساء ٤: ٦٩.

٨ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٤٣.

باب ٢

١ - - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٥.

٤٣٨

[١١٢٨٣] ٢ - وعن الحسن والحسين (صلوات الله عليهما)، أنّهما طافا بعد العصر، وشربا من ماء زمزم قائمين.

[١١٢٨٤] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « ثمّ عد إلى الحجر الأسود إذا صلّيت، فاستلمه، وأكثر وارفع يديك وقبّل أو تشير إليه، ثم ائت زمزم، وتشرب من مائها، وتستقي بيديك دلواً ممّا يلي ركن الحجر، وقل: اللهم اجعله علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وعملاً متقبلاً، وشفاء من سقم ».

[١١٢٨٥] ٤ - الصدوق في المقنع: ثم صلّ ركعتي الطواف، ثم تقوم فتأتي الحجر الأسود فتقبله، وتستلمه، أو تومئ إليه، فإنه لا بدّ لك من ذلك، فإن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا فافعل، وتقول حين تشرب: اللهم اجعله لي علماً نافعاً ورزقاً واسعاً: وشفاء من كلّ داء وسقم، إنّك قادر يا ربّ العالمين.

[١١٢٨٦] ٥ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمّد، أخبرنا محمّد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خير ماء ينبع على وجه الأرض ماء زمزم ».

__________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٥.

٣ - - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٤.

٤ - المقنع ص ٨٢.

(١) في المصدر: أو.

٥ - الجعفريات ص ١٩٠.

٤٣٩

٣ -( باب استحباب الخروج إلى الصفا من الباب المقابل للحجر، على سكينة ووقار)

[١١٢٨٧] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ثم تخرج إلى الصفا ما بين الإسطوانتين تحت القناديل، فإنّه طريق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الصفا ».

وفي بعض نسخه(١) في موضع آخر: « ثم اخرج إلى الصفا من الباب الذي يلي باب بني مخزوم، ما بين الإسطوانتين تحت القناديل، وإن خرجت من غيره فلا بأس ».

[١١٢٨٨] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه ذكر الطواف بين الصفا والمروة، فقال: « تخرج من باب الصفا » الخبر.

٤ -( باب استحباب الصعود على الصفا حتى يرى البيت، واستقبال الركن الذي فيه الحجر، والدعاء بالمأثور، والتكبير والتهليل والتحميد، والتسبيح مائة مائة، والوقوف بقدر قراءة سورة البقرة)

[١١٢٨٩] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فابتدئ بالصفا وقف عليه وأنت

__________________

باب ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

(١) عنه في البحار ٩٩ ص ٣٤٤.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٦.

باب ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608