الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260778 / تحميل: 6473
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

والظاهر أنّه لا ينبغي التأمّل في وثاقته ، ولعلّه كان زلّة صدرت فتاب ، فإنّ الظاهر عدم تأمّل المشايخ في وثاقته وعلوّ شأنه ، وديدنهم الاستناد إلى قوله.

وفي الحسن بن سعيد ما يظهر منه اعتماد ابن نوح ، بل اعتماد الكل عليه(1) .

وقال الصدوق في أوّل كمال الدين : كان أحمد بن محمّد بن عيسى في فضله وجلالته يروي عن أبي طالب عبد الله بن الصلت ، وبقي حتّى لقيه محمّد بن الحسن الصفّار وروى عنه(2) .

هذا ، وفي النقد : رأينا في كتب الأخبار رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن المغيرة ، كما في صلاة الجمعة من التهذيب(3) وغيره(4) (5) .

ومنه في باب أنّ النوم ناقض للوضوء(6) فتأمّل ، انتهى.

وأبوه وجدّه وعمران عمّه ، وكذا إدريس بن عبد الله ، وأولاد أعمامه : زكريّا بن آدم وزكريّا بن إدريس وآدم بن إسحاق وغيرهم ، وجوه أجلّة رواة الحديث مذكورون(7) .

أقول : فيمشكا : يعرف ابن محمّد بن عيسى بوقوعه في وسط السند ، ويروي عنه أحمد بن عليّ بن(8) أبان ، ومحمّد بن يحيى ( العطّار ،

__________________

(1) رجال النجاشي : 58 / 136.

(2) كمال الدين : 3.

(3) التهذيب 3 : 9 / 28.

(4) الاستبصار 1 : 482 / 1865.

(5) نقد الرجال : 33 / 157.

(6) التهذيب 1 : 6 / 4.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 45.

(8) ابن ، لم ترد في نسخة « م ».

٣٤١

وسعد بن عبد الله ، والحسن بن محمّد بن إسماعيل ، وأحمد بن إدريس ، وعليّ بن موسى بن جعفر ، ومحمّد بن أحمد بن يحيى )(1) ، ومحمّد بن عليّ بن محبوب ، وعبد الله بن جعفر الحميري ، ومحمّد بن الحسن الصفّار ، ومحمّد بن الحسن بن الوليد.

ووقع في الكافي(2) والتهذيب(3) رواية سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن عيسى.

وصوابه : وأحمد ، كما هو المعهود ، وقاله في المنتقى(4) أيضا(5) .

244 ـ أحمد بن محمّد بن عيسى القسري :

يكنّى أبا الحسن ، روى عن أبي جعفر محمّد بن العلاء بشيراز ، وكان أديبا فاضلا بالتوقيع الذي خرج في سنة إحدى وثمانين ومائتين في الصلاة على النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم(6) .

صه ، إلاّ أنّ فيها : النسوي ـ بالنون المفتوحة والسين المهملة المفتوحة ـ ، وليس فيها : أبو جعفر(7) .

وفي د أيضا القسري ـ بالقاف والراء ـ(8) .

أقول : في القاموس : قسر ، بطن من بجيلة ، وجبل السراة ، ورجل(9) .

__________________

(1) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ش ».

(2) الكافي 3 : 551 / 3.

(3) التهذيب 4 : 55 / 147.

(4) منتقى الجمان : 2 / 404.

(5) هداية المحدثين : 175.

(6) رجال الشيخ : 449 / 63.

(7) الخلاصة : 18 / 34.

(8) رجال ابن داود : 44 / 132.

(9) القاموس المحيط : 2 / 116.

٣٤٢

هذا ، وتبعصه لم في قوله : بالتوقيع ، ولا أعرف له معنى صالحا. ولو كان التوقيع بغير ياء(1) لكان وجها.

وذكره في الحاوي في الضعاف(2) .

وفي الوجيزة : ممدوح(3) .

وفيمشكا : ابن محمّد بن عيسى القسري ، عنه أبو جعفر(4) محمّد ابن العلاء(5) (6) .

245 ـ أحمد بن محمّد الكوفي :

أخو كامل بن محمّد ، ظم(7) .

وفيتعق ، عن المحقّق الشيخ محمّد : إنّ أحمد بن محمّد الكوفي يطلق على البرقي ، يعني : أنّ مطلقه ينصرف إليه ، وربما يقال أنّه ينصرف إلى العاصمي.

ومضى ابن محمّد بن علي ، وابن محمّد بن عمّار ، وغيرهما من الكوفيّين ، فتأمّل(8) .

246 ـ أحمد بن محمّد المقري :

صاحب ابن بديل(9) ، روى عنه التلعكبري إجازة ، لم(10) .

__________________

(1) ظاهر نسخة « ش » : بغير باء.

(2) حاوي الأقوال : 227 / 1191.

(3) الوجيزة : 154 / 131.

(4) في المشتركات : بروايته عن أبي جعفر.

(5) في نسخة « ش » : القلاء.

(6) هداية المحدثين : 178.

(7) رجال الشيخ : 343 / 17.

(8) تعليقة الوحيد البهبهاني : 46.

(9) في المصدر : أحمد بن بديل.

(10) رجال الشيخ : 446 / 46.

٣٤٣

247 ـ أحمد بن محمّد بن موسى :

الجندي ، أبو الحسن ، هو ابن محمّد بن عمران بن موسى ،تعق (1) .

248 ـ أحمد بن محمّد بن موسى :

المعروف بابن الصلت الأهوازي ، أبو الحسن ، روى الشيخ الطوسي عنه عن ابن عقدة جميع رواياته وكتبه ، قال : وكان معه خطّ أبي العبّاس بإجازته وشرح رواياته وكتبه(2) .

وهذا يدلّ في الجملة على اعتباره وصحّة روايته عنه بخصوصه ، فتدبّر.

وفيتعق : قال المحقّق البحراني : وجدت في إجازة العلاّمة لأولاد زهرة أنّه من رجال العامّة(3) . ولم أجده في كلام غيره(4) .

قلت : عن كتاب ميزان الاعتدال : أحمد بن محمّد بن أحمد بن موسى بن الصلت(5) الأهوازي ، سمع المحاملي وابن عقدة ، وعنه الخطيب ، وكان صدوقا صالحا(6) ، انتهى ، فتأمّل.

وفيمشكا : ابن محمّد بن موسى المعروف بابن الصلت ، عنه ابن عقدة(7) .

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 46.

(2) الفهرست : 28 ـ 29 / 86.

(3) بحار الأنوار : 104 / 136 ، معراج أهل الكمال : 77.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 46.

(5) في المصدر :. موسى بن هارون بن الصّلت.

(6) ميزان الاعتدال 1 : 132 / 533.

(7) هداية المحدثين : 178 ، ولا يخفى أنّ قول المشتركات : عنه ابن عقدة ، اشتباه ، والصواب : روى عن ابن عقدة.

٣٤٤

249 ـ أحمد بن محمّد بن نوح :

يكنّى أبا العبّاس السيرافي ، سكن البصرة ، واسع الرواية ، ثقة في روايته ، غير أنّه حكي عنه مذاهب فاسدة في الأصول ، مثل القول بالرؤية وغيرها ،صه (1) .

وزادست : وله تصانيف ، منها : كتاب الرجال الذين رووا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وزاد على ما ذكره ابن عقدة كثيرا ، وله كتب في الفقه.

أخبرنا عنه جماعة من أصحابنا(2) . ومات عن قرب ، إلاّ أنّه كان بالبصرة ولم يتّفق لقائي إيّاه(3) .

وفي لم : ابن محمّد بن نوح البصري السيرافي ، يكنّى أبا العبّاس ، ثقة(4) ، انتهى.

وعندي أنّ هذا هو ابن عليّ بن العبّاس المتقدّم عنجش وصه ، لكن حكاية المذاهب الفاسدة كأنّها لم تصح عنه ، وإلاّ لم تخف علىجش ، ولذا لم يشر إلى شي‌ء منها.

وفيتعق : الأمر كما قاله ، فانّجش مع التصريح بقوله : شيخنا ومن استفدنا منه ـ الدال على معاشرته معه ومخالطته واشتغاله عليه مدّة ، المشير إلى كونه مفيدا لجماعة ومرجعا لهم ـ عظّمه وبجّله غاية التعظيم والتبجيل ، ولم يشر إلى فساد في عقيدة أو حزازة في رأي ، وذلك يدلّ على عدم صحّة الحكاية ، ويؤيّده كثرة استنادجش ، بل وغيره من الأعاظم إلى قوله ، وكذا توثيق الشيخ إيّاه في لم من دون إشارة إلى الحكاية.

__________________

(1) الخلاصة : 18 / 27.

(2) في الفهرست زيادة : بجميع رواياته.

(3) الفهرست : 37 / 117.

(4) رجال الشيخ : 456 / 108.

٣٤٥

على أنّا نقول : التوثيق ثابت معلوم ، والحكاية عن حاك غير معلوم ، فلم يثبت بذلك جرح.

وفي المعراج : حكى فيصه عن الشيخ أنّه كان يذهب إلى مذاهب(1) الوعيديّة(2) .

وهو وشيخه المفيد إلى أنّه تعالى لا يقدر على غير(3) مقدور العبد ، كما هو مذهب الجبائي.

والسيّد المرتضىرضي‌الله‌عنه إلى مذهب البهشميّة ، من أنّ إرادته تعالى عرض لا في محل.

والشيخ الجليل أبو إسحاق إبراهيم بن نوبخت إلى جواز اللذّة العقليّة عليه سبحانه ، وأنّ ماهيّته تعالى معلومة كوجوده ، وأنّ ماهيته الوجود المعلوم ، وأنّ المخالفين يخرجون من النار ولا يدخلون الجنّة.

والصدوق(4) وشيخه ابن الوليد(5) والطبرسي في مجمع البيان(6) إلى جواز السهو عن(7) النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ومحمّد بن أبي عبد الله الأسدي إلى الجبر والتشبيه(8) .

وغير ذلك ممّا يطول تعداده. والحكم بعدم عدالة هؤلاء لا يلتزمه أحد‌

__________________

(1) في المصدر : مذهب.

(2) الخلاصة : 148 / 46.

(3) في المعراج : عين.

(4) الفقيه : 1 / 234.

(5) الفقيه : 1 / 235.

(6) مجمع البيان : 2 / 317 ، سورة الأنعام : 68 ، في تفسير قوله تعالى :( وَإِمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ ) .

(7) في المعراج : على.

(8) رجال النجاشي : 373 / 1020.

٣٤٦

يؤمن بالله.

والذي ظهر لي من كلمات أصحابنا المتقدّمين وسيرة أساطين المحدّثين : أنّ المخالفة في غير الأصول الخمسة لا توجب الفسق ، إلاّ أن تستلزم إنكار ضروري الدين كالتجسيم بالحقيقة لا بالتسمية ، والقول بالرؤية بالانطباع أو الانعكاس ، وأمّا القول بها لا معهما فلا ، لأنّه لا يبعد؟؟؟ حمله على إرادة اليقين التام وشدّة الانكشاف العلمي.

وأمّا تجويز السهو عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واللذّة العقليّة عليه تعالى مع تفسيرها بإدراك الكمال من حيث أنّه كمال فلا يوجب فسقا.

وأمّا الجبر والتشبيه فالبحث في ذلك عريض أفردنا له رسالة(1) ، انتهى.

أقول : ونسب ابن طاوس ، والخواجه نصير الدين(2) ، وابن فهد(3) ، والشهيد الثاني ، وشيخنا البهائي(4) ، وجدّي العلاّمة ، وغيرهم من الأجلّة ، إلى التصوّف.

وغير خفيّ أنّ ضرر التصوّف إنّما هو فساد الاعتقاد ـ من القول بالحلول أو الوحدة في الوجود أو الاتّحاد ـ أو فساد الأعمال ـ كالأعمال المخالفة للشرع الّتي يرتكبها كثير من المتصوّفة في مقام الرياضة أو العبادة ـ وغير خفيّ على المطّلعين على أحوال هؤلاء الأجلّة أنّهم منزّهون عن كلا الفسادين قطعا.

ونسب جدّي العالم الربّاني مولانا محمّد صالح المازندراني وغيره من‌

__________________

(1) معراج أهل الكمال : 202 ـ 204 ، باختلاف.

(2) مجالس المؤمنين : 2 / 208.

(3) لؤلؤة البحرين : 155 ـ 156.

(4) لؤلؤة البحرين : 19.

٣٤٧

الأجلّة إلى القول باشتراك اللفظ ، وفيه أيضا نظير ما أشرنا.

ونسب المحمّدون الثلاثة كابن الوليد إلى القول بتجويز السهو على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ونسب الصدوق بل وابن الوليد منكر السهو إلى الغلو.

وبالجملة : أكثر الأجلّة ليسوا بخالصين عن أمثال ما أشرنا إليه. ومن هنا يظهر التأمّل في ثبوت الغلوّ وفساد المذهب بمجرّد رمي علماء الرجال من دون ظهور الحال ، وقد أشير إليه مرارا(1) .

250 ـ أحمد بن محمّد بن هيثم :

العجلي ، ثقة ،صه (2) . وفي د : هيثمة(3) .

ويأتي توثيقه عنجش في ابنه الحسن(4) .

وفيتعق : يروي عنه الصدوق مترضّيا(5) ، والظاهر أنّه من مشايخه(6) .

251 ـ أحمد بن محمّد بن يحيى :

العطّار القمّي ، روى عنه التلعكبري ـ وأخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله وأبو الحسين بن أبي جيد القمّي ـ وسمع منه سنة ستّ وخمسين وثلاثمائة ، وله منه إجازة ، لم(7) .

وربّما استفيد من تصحيح بعض طرق الشيخ في الكتابين ـ كطريق‌

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 47.

(2) الخلاصة : 20 / 52 وفيه : ابن الهيثم.

(3) رجال ابن داود : 45 / 135.

(4) رجال النجاشي : 65 / 151.

(5) الخصال : 158 / 203.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني.

(7) رجال الشيخ : 444 / 36.

٣٤٨

الحسين بن سعيد(1) ـ توثيقه.

وفيتعق : كنيته أبو علي(2) ، وسيذكر المصنّف في طريق الصدوق إلى ابن أبي يعفور أنّ العلاّمة بنى على توثيقه بحيث لا يحتمل الغفلة كما لا يخفى ، بل الأصحاب أيضا(3) .

أقول : تصحيح حديثه لا يستلزم التوثيق ـ ولو بنى على عدم الغفلة ـ كما مرّ في الفوائد ، لجواز إطلاقهم الصحّة عليه بناء على ما قلناه ، نعم في إكثار الإطلاق وجعل ذلك ديدنا وطريقة إشعار بالبناء عليها.

وبالجملة : مرّ الكلام في الفوائد مشروحا(4) .

أقول : ذكره في الحاوي في خاتمة قسم الثقات ـ وقد عقدها لمن لم ينصّ على توثيقه بل يستفاد من قرائن أخر ـ وقال بعد نقل ما في لم : قلت : قد وصف العلاّمة طريق الشيخ في التهذيب والاستبصار إلى محمّد بن عليّ ابن محبوب بالصحّة(5) ، وهو في الطريق ولا طريق غيره(6) ، وذلك يقتضي الحكم بعدالته.

وكذا وصف طريقه في التهذيب إلى عليّ بن جعفر بالصحّة(7) ، وهو فيه ، ولا طريق سواه(8) .

__________________

(1) الخلاصة : 276.

(2) كنيته أبو علي ، لم ترد في نسخة « ش ».

(3) منهج المقال : 412.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

(5) الخلاصة : 276.

(6) التهذيب ـ المشيخة ـ : 10 / 72 ، الاستبصار : 4 / 324.

(7) الخلاصة : 276.

(8) مشيخة التهذيب : 10 / 86.

٣٤٩

وكذا وصف طريق الصدوق إلى عبد الرحمن بن الحجّاج(1) ، وهو فيه(2) .

ووثّقه الشهيد الثاني في الدراية(3) (4) ، انتهى.

وفي الوجيزة : من مشايخ الإجازة ، وحكم الأصحاب بصحّة حديثه(5) .

وفيمشكا : ابن محمّد بن يحيى العطّار ـ المستفاد توثيقه من تصحيح بعض الطرق إليه ـ عنه التلعكبري ، والحسين بن عبيد الله ، وأبو الحسين بن أبي جيد(6) .

252 ـ أحمد بن محمّد بن يحيى :

الفارسي ، يكنّى أبا علي ، روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وخرج إلى قزوين ، وليس له منه إجازة ، لم(7) .

وفيتعق : الظاهر أنّه من مشايخ الإجازة ، ورواية التلعكبري عنه وملاحظة الطبقة والكنية ربما تشير إلى الاتّحاد مع السابق ، لكن لا يخلو عن البعد ، فتأمّل(8) .

__________________

(1) الخلاصة : 278.

(2) مشيخة الفقيه : 4 / 41.

(3) الرعاية في علم الدراية : 370 ، فإنّه ذكر أحمد بن محمّد وقال : بأنّ هذا الاسم مشترك ، ثم عدّ أربعة منهم ، ثم قال : وجماعة أخرى من أفاضل أصحابنا.

(4) حاوي الأقوال : 170 / 699.

(5) الوجيزة 154 / 133.

(6) هداية المحدثين : 178.

(7) رجال الشيخ : 444 / 39.

(8) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

٣٥٠

253 ـ أحمد بن محمّد بن يعقوب :

أبو علي البيهقي ، سيجي‌ء في ترجمة الفضل بن شاذان جلالته ونباهة شأنه ،تعق (1) .

أقول(2) : في المتوسّط : أحمد بن محمّد بن يعقوب ، أبو علي(3) البيهقيرحمه‌الله ، روى عنهكش هكذا مترحّما ، وقال عنه أنّه قال : صلّيت على الفضل بن شاذان. ودفع عنه ما روي من القدح فيه(4) ، فليتدبّر(5) . انتهى.

254 ـ أحمد بن معافي :

جعله د من أصحاب الجوادعليه‌السلام ووثّقه نقلا عن رجال الشيخ(6) ، ولم نجده فيه ولا في غيره.

255 ـ أحمد بن معروف :

قمّي ، له كتاب نوادر ، أخبرناه أبو عبد الله بن شاذان القزويني ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمّد بن عليّ بن محبوب ، عنه ، به ،جش (7) .

وفيست : له كتاب ، الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عنه(8) .

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

(2) في نسخة « ش » : قلت.

(3) أبو علي ، لم يرد في نسخة « ش ».

(4) رجال الكشي : 542 / 1028 ، وفيه : أحمد بن يعقوب.

(5) الوسيط : 21.

(6) رجال ابن داود : 45 / 138.

(7) رجال النجاشي : 79 / 188.

(8) الفهرست : 36 / 108.

٣٥١

وفيتعق : في المعراج : لا يبعد انتظامه في سلك مشايخ الإجازة(1) .

انتهى ، فتأمّل(2) .

أقول : فيمشكا : ابن معروف ، عنه محمّد بن عليّ بن محبوب ، وأحمد بن محمّد بن يحيى عن أبيه عنه(3) .

256 ـ أحمد بن موسى الأشعري :

مضى بعنوان ابن أبي زاهر ،تعق (4) .

257 ـ أحمد بن موسى بن جعفر :

ابن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن طاوس(5) العلوي الحسني ، سيّدنا الطاهر الإمام المعظّم فقيه أهل البيت(6) جمال الدين أبو الفضائل ، مات سنة ثلاث وسبعين وستمائة. مصنّف مجتهد ، كان أورع فضلاء زمانه.

قرأت عليه أكثر البشرى والملاذ وغير ذلك من تصانيفه ، وأجاز لي جميع تصانيفه ورواياته ، وكان شاعرا مصقعا بليغا منشدا(7) مجيدا.

من تصانيفه : كتاب البشرى(8) في الفقه ، ستّ مجلّدات ، كتاب الملاذ في الفقه ، أربع مجلّدات ، كتاب الكر ، كتاب السهم السريع في‌

__________________

(1) لم نجده في نسختنا من المعراج ، وأورده المامقاني في تنقيح المقال : 1 / 97 نقلا عن المعراج.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

(3) هداية المحدثين : 15.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

(5) في المصدر : ابن محمّد الطاووسي ، بدل ابن طاوس.

(6) في نسخة « ش » زيادة :عليهم‌السلام .

(7) في المصدر : منشئا.

(8) في المصدر : كتاب بشرى المحققين.

٣٥٢

تحليل المداينة(1) مع القرض ، كتاب الفوائد ، كتاب العدّة(2) في أصول الفقه ، كتاب الثاقب للسحر(3) في أصول الدين ، كتاب الروح ، نقضا على ابن أبي الحديد ، كتاب شواهد القرآن ، مجلّدان ، كتاب بناء المقالة العلويّة في نقض الرسالة العثمانيّة ، كتاب المسائل في أصول الدين ، كتاب عين العبرة في غبن العترة ، كتاب زهرة الرياض في المواعظ ، كتاب الاختيار في أدعية الليل والنهار ، كتاب الاذخار(4) في شرح لاميّة مهيار ، مجلّدان ، كتاب عمل اليوم والليلة. وله غير ذلك تمام اثنين وثمانين مجلّدا ، من أحسن التصانيف وأحقّها.

حقّق الرجال والرواية(5) تحقيقا لا مزيد عليه.

ربّاني وعلّمني وأحسن إليّ ، وأكثر فوائد هذا الكتاب ونكتة من إشاراته وتحقيقه(6) ، جزاه الله عنّي أفضل جزاء المحسنين ، د(7) .

أقول : من جملة كتبهرحمه‌الله : حلّ الإشكال في معرفة الرجال.

قال الشهيد الثاني في إجازته للشيخ حسين بن عبد الصمد : وهذا الكتاب عندنا موجود بخطّه المبارك(8) ، انتهى.

وقد حرّره ولده(9) المحقّق الشيخ حسن فسمّاه : التحرير الطاووسي.

__________________

(1) في المصدر : المبايعة.

(2) في المصدر : كتاب الفوائد العدّة.

(3) في المصدر : كتاب الثاقب المسخر على نقض المشجر.

(4) في المصدر : الأزهار.

(5) في المصدر زيادة : والتفسير.

(6) في المصدر : وتحقيقاته.

(7) رجال ابن داود : 45 / 140.

(8) بحار الأنوار : 108 / 154.

(9) في نسخة « ش » : ولد.

٣٥٣

وعندي منه نسخة ، وهو الذي رمزت له : طس.

وفي إجازة العلاّمة الكبيرة المشهورة عند ذكر من أجازه هكذا : ومن ذلك جميع ما صنّفه السيّدان الكبيران السعيدان رضيّ الدين علي وجمال الدين أحمد ابنا موسى بن طاوس الحسنيّان قدّس الله روحهما وروياه وقرآه وأجيز لهما روايته ، عنّي ، عنهما.

وهذان السيّدان زاهدان عابدان ورعان.

وكان رضي الدين علي(1) صاحب كرامات ، حكى لي بعضها ، وروى لي(2) والديرحمه‌الله (3) البعض الآخر(4) ، انتهى.

وأمّ هذا السيدرضي‌الله‌عنه على ما نقله الشيخ يوسف البحرانيرحمه‌الله بنت الشيخ مسعود ورّام بن أبي فراس ـ وهي أمّ أخيه أيضا ـ وأمّها بنت الشيخ ، وقد أجاز لها ولأختها أمّ ابن إدريس جميع مصنّفاته ومصنّفات الأصحاب ، قال : ويؤيّده تصريح السيّدرضي‌الله‌عنه (5) عن الشيخ وكذا عن الشيخ ورّام بلفظ : جدّي ، وهو أكثر كثير في كلامه(6) ، انتهى.

وأبو الفضائل أحمد هذا قبره في الحلّة مزار معروف مشهور كالنور على الطور ، يقصدونه من الأمكنة البعيدة ، ويأتون إليه بالنذور ، وتحرّج العامّة ـ فضلا عن الخاصّة ـ عن الحلف به كذبا ، خوفا ، وتسمّيه العوام : السيّد عبد الله.

__________________

(1) في المصدر زيادة :رحمه‌الله .

(2) لي ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) في المصدر زيادة : عنه.

(4) بحار الأنوار : 107 / 63.

(5) في المصدر : السيّد رضيّ الدين ـرضي‌الله‌عنه ـ.

(6) لؤلؤة البحرين : 236.

٣٥٤

هذا ، وفي الوجيزة : ثقة جليل القدر(1) .

258 ـ أحمد بن موسى بن جعفر :

ابن محمّد(2) بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

في الإرشاد : كان كريما جليلا ورعا ، وكان أبو الحسن موسىعليه‌السلام يحبّه ويقدّمه ، ووهب له ضيعته المعروفة باليسرة(3) ، ويقال : إنّه ـرضي‌الله‌عنه ـ أعتق ألف مملوك.

أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى ، قال : حدّثنا جدّي ، قال : سمعت إسماعيل بن موسىعليه‌السلام (4) يقول : خرج أبي بولده إلى بعض أمواله بالمدينة ، فكنّا في ذلك المكان ، وكان مع أحمد بن موسى عشرون من خدّام(5) أبي وحشمه ، إن قام أحمد قاموا معه وإن جلس جلسوا معه ، وأبي بعد ذلك يرعاه ببصره ما يغفل عنه ، فما انقلبنا حتّى تشيّخ(6) أحمد ابن موسى بيننا(7) .

وفيتعق : في البلغة(8) : هو المدفون بشيراز ، المسمّى(9) بسيّد السادات(10) .

__________________

(1) الوجيزة 155 / 137 ، وفيه : ثقة جليل.

(2) ابن محمّد ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) في المصدر : باليسيرة.

(4)عليه‌السلام ، لم ترد في نسخة « ش » والمصدر.

(5) في المصدر : خدم.

(6) في المصدر : انشجّ.

(7) إرشاد المفيد : 2 / 244.

(8) في البلغة ، لم ترد في التعليقة.

(9) في التعليقة : الملقّب.

(10) بلغة المحدثين : 331.

٣٥٥

قلت : وكأنّه المعروف الآن بشاة چراغ(1) .

أقول : جزم ولده الفاضل دام فضلهما بأنّه هو ، ونقله عن المستوفي في نزهة القلوب.

وصرّح بذلك أيضا شيخنا الشيخ يوسف البحراني في مواضع من إجازته(2) .

وفي الوجيزة : أحمد بن موسى الكاظمعليه‌السلام ، ممدوح(3) .

259 ـ أحمد بن مهران :

روى عنه الكليني في كتاب الكافي.

وقال ابن الغضائري : إنّه ضعيف ،صه (4) .

وفيتعق : ترحّم عليه(5) في باب مولد الزهراءعليها‌السلام (6) ، وباب مولد الكاظمعليه‌السلام (7) ، وباب نكت التنزيل في الولاية مكرّرا(8) ، وغير ذلك من المواضع(9) ، وأكثر من الرواية عنه ، وهو عن عبد العظيم الحسني الجليل.

وفي الوجيزة : أستاذ الكليني ، ضعيف(10) .

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 48.

(2) لؤلؤة البحرين : 73.

(3) الوجيزة : 155 / 138.

(4) الخلاصة : 205 / 22.

(5) في المصدر زيادة : في الكافي.

(6) الكافي 1 : 381 / 3.

(7) الكافي 1 : 404 / 7.

(8) الكافي 1 : 351 / 60.

(9) الكافي 1 : 407 / 3.

(10) الوجيزة : 155 / 139.

٣٥٦

وفي التضعيف ضعف ، لكونه من ابن الغضائري ، مع مصادمته لما ذكر(1) .

قلت : لا ريب أنّ ثقة الإسلام أعرف بحاله من ابن الغضائري البعيد العهد عنه ، مضافا إلى ارتفاع الوثوق عن تضعيفاته.

260 ـ أحمد بن ميثم :

بالمثنّاة من تحت الساكنة بعد الميم المفتوحة بعدها الثاء المثلّثة ، ابن أبي نعيم ـ بضمّ النون وفتح المهملة ، واسم أبي نعيم : الفضل بن عمرو(2) ، ولقبه : دكين ، بالمهملة المضمومة ـ ابن حمّاد بن زهير مولى آل طلحة بن عبيد الله ، أبو الحسين(3) ، كان من ثقات أصحابنا الكوفيّين وفقهائهم ،صه (4) .

ست ، إلاّ الترجمة و : واسم أبي نعيم.

وكستجش إلاّ : ابن زهير(5) .

وزادست : له مصنّفات ، الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن جعفر ، عن حميد بن زياد ، عنه(6) .

واعلم أنّ : دكين ، لقب عمرو لا الفضل. والفضل بن دكين رجل مشهور من علماء الحديث.

وفيتعق : في ضح : أحمد بن ميثم ، بكسر الميم وإسكان الياء وفتح‌

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 49.

(2) في الخلاصة والفهرست ورجال النجاشي : عمر.

(3) في الخلاصة والفهرست : أبو الحسن.

(4) الخلاصة : 15 / 12.

(5) رجال النجاشي : 88 / 216.

(6) الفهرست : 25 / 77.

٣٥٧

المثلّثة(1) .

ثمّ فيه كذلك ، وبدل وفتح المثلّثة : فتح المثنّاة من فوق(2) .

ثمّ فيه : أحمد بن ميثم ، بكسر الميم(3) .

والظاهر اتّحاد الكل ، وتوهّم بعض أنّهم ثلاث.

وفي شرح البداية للشهيد الثاني : إنّ أحمد بن ميثم بالثاء المثلّثة غيره بالمثنّاة من فوق ، والأوّل هو ابن الفضل بن دكين ، والثاني مطلق ، أورده في ضح(4) ، انتهى.

قلت : في ضح عكس ما ذكرهرحمه‌الله (5) .

أقول : في نسختين عندي من الإيضاح إحداهما مصحّحة أيضا عكس ما ذكره الشهيد الثاني ، فإنّه جعل الثاني ابن دكين ، والأوّل مطلقا ، فلاحظ.

بل في حواشي الشهيد الثاني نفسه علىصه عن ضح جعل الثاني ابن دكين.

إلاّ أنّهما(6) ليس فيهما(7) ابن ميثم ثالثا كما ذكره سلّمه الله تعالى ، نعم فيهما : إسماعيل بن ميثم بكسر الميم ، فراجع.

وما مرّ عن الميرزا من قوله : واعلم أنّ دكين. إلى آخره ، صرّح به‌

__________________

(1) إيضاح الاشتباه : 113 / 93.

(2) إيضاح الاشتباه : 105 / 70.

(3) إيضاح الاشتباه : 114 / 98 إلاّ أنّ في النسخة المطبوعة : إسماعيل بن ميثم ، وذكر في الحاشية عن بعض النسخ أنّه : أحمد ، بدل : إسماعيل.

(4) الرعاية في علم الدراية : 381.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 49.

(6) في نسخة « ش » : إلاّ أنه.

(7) في هامش نسخة « م » : في النسختين.

٣٥٨

الشهيد الثاني قبله ، قال : لأنّ ما ذكرناه هو المطابق للواقع ، فإنّ الفضل بن دكين رجل مشهور من علماء الحديث ، وعبارة ضح وغيره موهمة خلاف الواقع(1) ، انتهى.

وفيمشكا : ابن ميثم الثقة ، عنه حميد بن زياد(2) .

261 ـ أحمد بن نصر بن سعيد :

الباهلي ، المعروف بابن أبي هراسة ، يلقّب أبوه : هوذة ، سمع منه التلعكبري سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ، وله منه إجازة.

مات في ذي الحجّة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة يوم التروية بجسر النهروان ، ودفن بها ، لم(3) .

ومرّ : إبراهيم بن رجاء الشيباني أبو إسحاق المعروف بابن أبي هراسة عنجش (4) وصه(5) . لكن على قول الشيخ ذاك ابن هراسة(6) ، وهذا ابن أبي هراسة.

وفيتعق : يظهر من الكفاية في النصوص أنّ أبا هراسة كنية لسعيد جد أحمد ، وأنّ أحمد يكنّى بأبي سليمان الباهلي(7) .

وسيجي‌ء هذا عن المصنّف في آخر الكتاب(8) ، ومرّ في إبراهيم بن‌

__________________

(1) ذكره في تنقيح المقال : 1 / 98 عن حاشية الشهيد الثاني على الخلاصة ، ولم يرد في نسختنا من الحاشية.

(2) هداية المحدثين : 15.

(3) رجال الشيخ : 442 / 31 ، وفيه : أحمد بن النضر.

(4) رجال النجاشي : 23 / 34.

(5) الخلاصة : 198 / 5.

(6) رجال الشيخ : 146 / 70.

(7) كفاية الأثر : 250.

(8) منهج المقال : 397.

٣٥٩

إسحاق(1) (2) .

قلت : لم يظهر من لم أنّ أبا هراسة كنية لغير سعيد ، بل الظاهر من العبارة أنّه كنية سعيد ، وما في الكفاية موافق له ، وإرجاع ضمير أبوه إلى أحمد غير مضر لكونه هو صاحب الترجمة.

ثمّ إنّه لا بعد في كون ابن أبي هراسة كنية لكلّ منهما بل وكل منهم ، كابن بابويه وابن طاوس.

هذا ، وذكره في مل في علمائنا(3) ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن نصر بن سعيد ، عنه التلعكبري(4) .

262 ـ أحمد بن النضر :

بالنون والمعجمة ، أبو الحسن الجعفي ، مولى ، كوفي ، ثقة ،صه (5) .

جش ، إلاّ الترجمة ، وبعد الجعفي : الخزّاز(6) ، ثمّ زاد : له كتاب يرويه جماعة. أخبرنا جماعة ، عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى الخارقي ، عن أبيه ، عنه بكتابه(7) .

وفيست : له كتاب ، عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن(8) ، عن سعد والحميري ،

__________________

(1) منهج المقال : 20.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 49.

(3) أمل الآمل 2 : 30 / 80.

(4) هداية المحدثين : 15.

(5) الخلاصة : 20 / 49.

(6) في المصدر : الخزاز ، بعد : النضر.

(7) رجال النجاشي : 98 / 244 وفيه : الخازمي ، بدل : الخارقي.

(8) في المصدر : ومحمّد بن الحسين.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

ملاحظتان

١ ـ هل أنّ القلب هو مركز الإحساسات؟

ظاهر الآية الأولى من هذه الآيات ، كما هو ظاهر بعض آيات أخرى من القرآن ، أنّ مركز الأمراض الأخلاقية هو القلب.

إنّ هذا الكلام يمكن أن يعارضه في البداية هذا الإشكال ، وهو أنّنا نعلم أن كل الأوصاف الأخلاقية والمسائل الفكرية والعاطفية ترجع إلى روح الإنسان ، وليس القلب إلّا مضخة أتوماتيكية لنقل الدم وتغذية خلايا البدن.

هذا حقّ طبعا ، فإنّ القلب له وظيفة إدارة جسم الإنسان ، والمسائل النفسية مرتبطة بروح الإنسان ، لكن توجد هنا نكتة دقيقة إذا ما لوحظت سيتّضح رمز هذا التعبير القرآني ، وهي أنّ في جسم الإنسان مركزين كل منهما مظهر لبعض الأعمال النفسية للإنسان ، أي أنّ كلا من هذين المركزين إذا تأثر بالانفعالات النفسية فإنّه سيظهر رد الفعل مباشرة : أحدهما المخ ، والآخر القلب.

عند ما نبحث المسائل الفكرية في محيط الروح ، فإنّ انعكاس ذلك التفكير سيتّضح فورا في المخ ، وبتعبير آخر فإنّ المخ آلة تساعد الروح في مسألة التفكر ، ولذلك فإنّ الدم يدور بصورة أسرع في المخ في حالة التفكير ، وتتفاعل خلايا المخ بصورة أكبر ، وبالتالي سوف تمتص كمية أكبر من الغذاء وترسل أمواجا أكثر.

أمّا عند ما يكون الكلام والبحث حول المسائل العاطفية كالعشق والمحبّة ، والتصميم والإرادة والغضب والحقد والحسد ، والعفو والصفح ، فإنّ نشاطا عجيبا يبدأ في قلب الإنسان ، فأحيانا تشتد ضرباته ، وأحيانا تقل إلى الحد الذي يظن معه أنّه سيتوقف عن العمل ، ونشعر أحيانا أن قلبنا يريد أن ينفجر. كل ذلك نتيجة للارتباط الوثيق للقلب مع هذه المسائل.

لهذه الجهة ينسب القرآن المجيد الإيمان إلى القلب ، فيقول :( وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ

٣٨١

فِي قُلُوبِكُمْ ) (١) . ويعبر عن الجهل والعناد وعدم الإذعان للحق بأنّه عمى القلب :( وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) (٢) .

ومن نافلة القول ، فإن مثل هذه التعبيرات ليست مختصة بالقرآن ، بل تلاحظ في أدب اللغات المختلفة في الأزمنة الغابرة ، وتلاحظ اليوم أيضا مظاهر هذه المسألة بأشكال مختلفة. فغالبا ما نقول للشخص الذي نحترمه ونحبّه : إنّ لك مكانا في قلوبنا ، أو أنّ قلوبنا منشدة إليك ، والأدباء يجسدون هذا المعنى ويجعلون سنبلة العشق نابعة من القلب دائما.

كل ذلك لأنّ الإنسان يحس دائما بتأثير خاص في قلبه في حالة العشق والغرام ، أو الحقد والحسد ، أي أنّ أوّل قدحة في هذه المسائل النفسية عند انتقالها إلى الجسم تتجلّى في القلب.

إضافة إلى كل هذا ، فقد أشرنا سابقا إلى أن أحد معاني القلب في اللغة هو عقل وروح الإنسان ، ومعنى ذلك أن القلب لا ينحصر بهذا العضو الخاص الموجود داخل الصدر ، وهذا بنفسه يمكن أن يكون تفسيرا آخر لآيات القلب ، لكن لا جميعها ، لأن بعضها صرحت بأنّها القلوب التي في الصدور ـ دققوا ذلك ـ.

٢ ـ ما هو الفرق بين الفضل والرحمة؟

هناك بحث مفصّل بين المفسّرين في الفرق بين الفضل والرحمة اللذين أشير إليهما في الآية الثّانية.

أ ـ فالبعض اعتبر الفضل الإلهي إلى النعم الظاهرية. والرحمة إشارة إلى النعم الباطنية ، وبتعبير آخر إنّ إحداها النعم المادية ، والأخرى النعم المعنوية. وقد جاءت مرارا في آيات القرآن جملة :( وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ ) أو( لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ )

__________________

(١) الحجرات ، ١٤.

(٢) الحج ، ٤٦.

٣٨٢

بمعنى تحصيل الرزق والموارد المادية.

ب ـ وقال البعض الآخر : إنّ الفضل الإلهي بداية النعمة ، ورحمته دوام النعمة. وإذا ما لا حظنا أنّ الفضل هو بذل النعمة وهبتها ، وأن ذكر الرحمة بعد ذلك يجب أن يكون شيئا مضافا على ذلك يتّضح المراد من هذا التّفسير. وما نقرؤه في روايات متعددة من أنّ المراد من الفضل الإلهي هو وجود النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونعمة النّبوة ، وأنّ المراد من رحمة الله وجود عليعليه‌السلام ونعمة الولاية ربّما كان إشارة إلى هذا التّفسير ، لأنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان بداية الإسلام ، والإمام عليعليه‌السلام سبب بقائه واستمراره فأحدهما علّة محدثة وموجدة ، والآخر علّة مبقية(١) .

واحتمل البعض الآخر أن يكون الفضل إشارة إلى نعم الجنّة ، والرحمة إشارة إلى العفو عن الذنب وغفرانه.

ج ـ ويحتمل أيضا أن الفضل إشارة إلى نعمة الله العامّة التي تعم العدو والصديق ، والرحمة ـ بملاحظة كلمة (للمؤمنين) التي ذكرت كقيد للرحمة في الآية السابقة ـ إشارة إلى رحمته الخاصّة بالمؤمنين.

التّفسير الآخر الذي ذكر لهاتين الكلمتين ، هو أنّ فضل الله إشارة إلى مسألة الإيمان، والرحمة إشارة إلى القرآن المجيد الذي سبق الكلام عنه في الآية السابقة.

طبعا ، إنّ أغلب هذه المعاني لا تضاد بينها ، ويمكن أن تجمع جميعها في المفهوم الجامع للفضل والرحمة.

* * *

__________________

(١) للاطلاع على هذه الرّوايات ، راجع تفسير نور الثقلين الجزء ٢ ص ٣٠٧ ـ ٣٠٨.

٣٨٣

الآيات

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٦٠) وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦١) )

التّفسير

هو الشاهد في كل مكان!

كان الحديث في الآيات السابقة عن القرآن ، والموعظة الإلهية والهداية والرحمة في هذا الكتاب السماوي ، وتتحدث هذه الآيات عن قوانين المشركين المبتدعة والخرافية وأحكامهم الكاذبة ، لأنّ الذي يؤمن بالله ويعلم أن كل

٣٨٤

المواهب والأرزاق منه ، يجب أن يقبل هذه الحقيقة أيضا ، وهي أنّ بيان حكم هذه المواهب من حيث الحلية والحرمة بيده ، وإنّ التدخل في هذا العمل بدون إذنه عمل غير صحيح.

الآية الأولى وجهت الخطاب إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالت :( قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً ) إذا أنّهم طبقا لسننهم الخرافية حرموا قسما من الدواب باسم «السائبة» و «البحيرة» و «الوصيلة(١) » ، وكذلك حرّموا جزءا من محاصيلهم الزراعية ، وحرموا أنفسهم من هذه النعم الطاهرة المحلّلة ، إضافة إلى ذلك فإن كون الشيء حراما أو حلالا ليس مرتبطا بكم ، بل هو مختص بأمر الله خالق تلك الموجودات.

ثمّ تقول :( قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) ، أي إنّ لهذا العمل صورتين لا ثالث لهما : فأمّا أن يكون بإذن الله ، أو أنّه تهمة وافتراء ، ولما كان الاحتمال الأوّل منتفيا ، فلم يبق إلّا الثّاني.

الآن وقد أصبح من المسلم أنّ هؤلاء بهذه الأحكام الخرافية المبتدعة ، إضافة إلى أنّهم حرموا من النعم الإلهية ، فإنّهم قد افتروا على الساحة الإلهية المقدسة ، ولذلك تضيف الآية :( وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ) ولذلك فإنّه لسعة رحمته لا يعاقب هؤلاء فورا على أعمالهم القبيحة.

إلّا أنّ هؤلاء بدل أن يستغلوا هذه الفرصة الإلهية ويشكروا الله على ذلك وينيبوا إليه ، فإنّ أكثرهم غافلون :( وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ ) .

ويحتمل في تفسير هذه الآية أيضا ، أن كون كل هذه المواهب والأرزاق ـ عدا

__________________

(١) (البحيرة) هي الحيوان الذي يلد عدّة مرّات ، و (السائبة) هو البعير الذي أنتج عشرة أو اثني عشر ولدا ، و (الوصيلة) كانت تطلق على الغنم إذا ولدت سبعة بطون. ولمزيد التوضيح راجع تفسير الآية (١٠٣) من سورة المائدة.

٣٨٥

الأشياء المضرة والخبيثة المستثناة ـ محللة هو بنفسه نعمة إلهية كبرى ، وإنّ كثيرا من الناس بدل أن يؤدوا شكر هذه النعمة ، فإنّهم يكفرون بها ، ويحرّمون أنفسهم من هذه النعمة بأحكامهم الخرافية وممنوعاتها.

وحتى لا يتصور أحد أنّ هذه المهلة الإلهية دليل على عدم إحاطة علم الله سبحانه بكل أعمال هؤلاء ، فإنّ آخر آية من آيات البحث تبيّن هذه الحقيقة بأبلغ عبارة وتوضح أن الله مطلع على كل ذرات الموجودات في خفايا السماء والأرض ، ومطلع على دقائق أعمال العباد ، فتقول :( وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) (١) .

«الشهود» جمع شاهد ، وهو في الأصل بمعنى الحضور المقترن بالمشاهدة بالعين أو القلب أو الفكر ، والتعبير بالجمع إشارة إلى أنّ الله سبحانه ليس وحده المراقب لأعمال البشر ، بل إنّ الملائكة المطيعين لأمره مطلعون أيضا على كل هذه الأعمال وناظرون إليها.

وكما أشرنا سابقا ، فإنّ التعبير بصيغة الجمع في حق الله سبحانه مع أنّ ذاته المقدسة أوحدية من جميع الجهات ، إشارة إلى عظمة مقامه ، وأن له دائما مأمورين مطيعين مستعدين لتنفيذ أمره والواقع فإن الكلام ليس عن الله وحده ، بل عنه وعن كل هؤلاء المأمورين المطيعين.

ثمّ تعقب الآية على مسألة اطلاع الله على كل شيء بتأكيد أكبر ، فتقول :( وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) .

«يعزب» مأخوذة من العزوب ، وهو في الأصل بمعنى الابتعاد عن البيت والأهل في سبيل إيجاد وتهيئة المراتع للأغنام والحيوانات ، ثمّ استعملت بمعنى الغيبة

__________________

(١) لقد أرجع البعض ضمير (منه) إلى الله ، أي إن الآيات التي تتلوها من الله ، إلّا أن الضمير يرجع إلى الشأن أو القرآن ظاهرا ، كما قاله كثير من المفسّرين ، أي الآيات التي تتلوها في كل عمل مهم ، أو الآيات التي تتلوها من القرآن.

٣٨٦

والاختفاء بصورة مطلقة.

«والذّرة» بمعنى الجسم الصغير جدّا ، ولذلك يقال للنمل الصغير : ذرة. ولمزيد التوضيح راجع تفسير الآية (٤٠) من سورة النساء.

«الكتاب المبين» إشارة إلى علم الله الواسع ، والذي يعبر عنه أحيانا باللوح المحفوظ، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع في تفسير الآية (٥٩) من سورة الأنعام.

* * *

ملاحظات

١ ـ إنّ الآيات أعلاه قد أثبتت ضمن عبارات قصيرة هذه الحقيقة ، وهي أنّ حق التشريع مختص بالله ، وكل من يقدم على مثل هذا العمل بدون إذنه وأمره ، فإنّه يكون قد افترى على الله ، لأنّ كل الهبات والأرزاق تنزل من عنده ، وإنّ الله سبحانه هو المالك الأصلي لها في الحقيقة ، وبناء على هذا فإنّ له الحق في أن يجعل بعضها مباحا والبعض الآخر غير مباح.

ومع أنّ أوامره في هذا المجال تهدف الى نفع العباد وتكاملهم وليس له أدنى حاجة لهذا العمل ، إلّا أنّه على كل حال هو صاحب الإختيار والتشريع ، وقد يرى أنّ من المصلحة إعطاء أحد العباد كالنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حق هذا العمل في حدود معينة. كما يستفاد من روايات متعددة ـ أيضا ـ أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد حرم بعض الأمور أو أوجبها ، والذي عبرت عنه الرّوايات ب (فرض النّبي). ومن الطبيعي أنّ كل أوامره ونواهيه في حدود ما خوله الله سبحانه من الصلاحيات ، وحسب أمر الله.

إنّ جملة( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ ) دليل أيضا على أن من الممكن أن يجيز الله أحدا بمثل هذه الإجازة.

إنّ هذا البحث مرتبط بمسألة «الولاية التشريعية» ، والتي سنبيّنها بصورة أكثر تفصيلا في محل آخر إن شاء الله تعالى.

٣٨٧

٢ ـ إنّ تعبير الآيات أعلاه عن الرزق بالنزول ـ مع أنّنا نعلم أنّ المطر هو الوحيد الذي ينزل من السماء ـ إمّا لأنّ هذه القطرات المباركة تشكل الأساس لكل الأرزاق ، أو لأنّ المراد هو «النزول المقامي» الذي أشرنا إليه سابقا ، ومثل هذا التعبير يلاحظ في المكالمات اليومية ، فمثلا إذا صدر أمر من شخص كبير ، أو هبة ما إلى شخص صغير ، فيقولون : إنّ هذا الأمر صدر من الأعلى ، أو أنّه وصلنا من فوق.

٣ ـ لقد أثبت علماء الأصول بجملة( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) قاعدة عدم حجية الظن ، وقالوا : إنّ هذا التعبير يوضح أنّه لا يمكن إثبات أي حكم من الأحكام الإلهية بدون القطع واليقين ، وإلّا فإنّه افتراء على الله وحرام. (لنا بحوث في هذا الاستدلال ذكرناها في مباحث علم الأصول).

٤ ـ إنّ الآيات أعلاه تعطينا درسا آخر ، وهو أنّ التشريع مقابل شريعة الله دين الجاهلية ، حيث كانوا يعطون لأنفسهم الحق في وضع الأحكام مع ضيق أفكارهم وضحالتها ، ولكن لا يمكن أن يكون المؤمن الحقيقي كذلك مطلقا. وما نراه في عصرنا الحاضر من أنجماعة يتحدثون عن الله والإسلام ، وفي الوقت نفسه يمدون يد الاستجداء نحو قوانين الآخرين غير الإسلامية ، أو يسمحون لأنفسهم بأن يطرحوا جانبا قوانين الإسلام باعتبارها غير قابلة للتطبيق ويشرّعون بأنفسهم القوانين ، فإنّ هؤلاء من أتباع سنن الجاهلية أيضا.

إنّ الإسلام الواقعي لا يقبل التجزئة ، فعند ما قلنا : إنّنا مسلمون ، فيجب أن نعترف بكل قوانينه فما يقال من أن قوانين الإسلام غير قابلة بأجمعها للتنفيذ وهم باطل لا أساس له ، وهو ناشئ من التغريب وانهيار الشخصية.

طبعا ، إنّ الإسلام ـ نظرا لشموليته ـ قد أطلق لنا في بعض المسائل اتخاذ مقررات وقوانين مناسبة مع ذكر الأصول العامّة حتى نستطيع أن ننظم احتياجات كل عصر وزمان حسب تلك الأصول بالاستشارة والتشاور ، ثمّ نضعها في حيز

٣٨٨

التنفيذ.

٥ ـ أكّدت الآية الأخيرة حين الإشارة إلى سعة علم الله على ثلاث مسائل وقالت : إنّك لا تكون في حالة نفسية معينة ، ولا تتلو أية آية ، ولا تقوم بأي عمل إلّا ونحن شاهدون عليك وناظرون إليك.

إنّ هذه التعبيرات الثلاثة إشارة إلى أفكار وأقوال وأعمال البشر ، أي إنّ الله تعالى كما ينظر إلى أعمالنا ، فإنّه يسمع كلامنا ، وهو مطلع على أفكارنا ونيّاتنا ، ولا يخرج عن إحاطة علم الله شيء منها.

ولا شك أنّ النية والحالات الروحية تقع في المرحلة الأولى ، والقول يأتي بعدها ، ثمّ يتبعهما العمل والتنفيذ ، ولهذا قد ورد نفس الترتيب في الآية.

ثمّ إنّنا نرى أنّ القسم الأوّل والثّاني قد ذكرا بصيغة المفرد ، والخطاب موجه إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمّا القسم الثّالث فإنّه ورد بصيغة الجمع والخطاب موجه لعامّة المسلمين ، ويمكن أن يكون ذلك باعتبار أن اتّخاذ القرار في البرامج الإسلامية مرتبط بقائد الأمّة وهو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما أن تلقي آيات القرآن من الله وتلاوتها يتمّ عن طريقة ، إلّا أنّ العمل بهذه البرامج والأوامر متعلق بكل الأمّة ، ولا يستثنى من ذلك أحد.

٦ ـ لقد بيّنت آخر هذه الآيات درسا كبيرا لكل المسلمين درس يستطيع أن يسلك بهم طريق الحق ويصرفهم عن الانحرافات والطرق الملتوية درس فيه صلاح المجتمع مع التوجّه اليه ، وهو : إنّنا يجب أن نعي هذه الحقيقة ، وهي أن كل خطوة نخطوها ، وكل كلام نقوله ، وكل فكرة تخطر في أذهاننا ، ولأي جهة ننظر ، وعلى أي حال نكون ، فليس الله سبحانه وحده يراقبنا ونحن على هذه الأحوال والأفعال ، بل إنّ ملائكته تراقبنا أيضا ، وينظرون إلينا بكل دقة وانتباه.

إنّ أدنى حركة في خفايا السماء والأرض لا تخفي على علمه ونظره ، بل إنّها تثبت كلّها في ذلك اللوح المحفوظ الذي لا طريق للغلط والاشتباه والاختلاف

٣٨٩

إليه في صفحة علم الله اللامتناهي في فكر الملائكة المقربين وكتّاب أعمال الآدميين في ملفنا وصحيفة أعمالنا كلنا.

ولم يكن ذلك بدون مبرر وعلة حيث يقول الإمام الصادق : «كان رسول الله إذا قرأ هذه الآية بكى بكاء شديدا»(١) فإذا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع كل ذلك الإخلاص والعبودية ، ومع كل تلك الخدمة للخلق والعبادة للخالق خائفا من عمله في مقابل علم الله ، فإنّ حالنا وحال الآخرين معلوم.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان الجزء الخامس ص ١١٦ ذيل الآية.

٣٩٠

الآيات

( أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤) وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥) )

التّفسير

طمأنينة الروح في ظل الإيمان :

لما شرحت الآيات السابقة بعضا من حالات المشركين والأفراد غير المؤمنين ، بيّنت هذه الآيات حال المؤمنين المخلصين المجاهدين المتقين الذين يقعون في الطرف المقابل لأولئك تماما ، حتى يعرف النور من الظلمة ، والسعادة من الشقاء من خلال المقارنة بينهم كما هو شأن القرآن وطريقته دائما.

تقول الآية أوّلا :( أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ومن أجل فهم دقيق لمحتوى هذا الكلام لا بدّ أن نعرف معنى الأولياء جيدا.

«الأولياء» جمع ولي ، وقد أخذت في الأصل من مادة : ولي ، يلي ، بمعنى عدم وجود واسطة بين شيئين ، وتقاربهما وتتابعهما ، ولهذا يطلق على كل شيء له نسبة

٣٩١

القرابة والقرب من شيء آخر سواء كان من جهة المكان أو الزمان أو النسب أو المقام ، بأنّه ولي ، ومن هنا استعملت هذه الكلمة بمعنى الرئيس والصديق وأمثال ذلك.

بناء على هذا ، فإنّ أولياء الله هم الذين لا يوجد حاجب وحائل بينهم وبين الله ، فقد زالت الحجب عن قلوبهم ويتقلبون في نور المعرفة والإيمان والعمل الخالص ، ويرون الله بعيون قلوبهم بحيث لا يجد الشك أي طريق إلى تلك القلوب الوالهة ، وبالنظر لهذه المعرفة بالله الأزلي والقدرة اللامحدودة والكمال المطلق ، فإنّ كل شيء سوى الله حقير في نظرهم ولا قيمة له ، وفان لا أهمية له.

إنّ من يرى المحيط يزهد في القطرة ، ومن ينظر الى نور الشمس لا يهتم بنور الشمعة.

ومن هنا يتّضح أنّ هؤلاء لماذا لا يخافون ، لأنّ الخوف ينشأ عادة من احتمال فقدان النعم التي يمتلكها الإنسان ، أو من الأخطار التي يمكن أن تهدده في المستقبل ، كما إنّ الغم والهم يرتبط عادة بما يتعلق بالماضي ، ويستولي على الإنسان نتيجة فقدانه لإمكانيات وثروات كانت تحت يده.

إنّ أولياء وأحباء الله الحقيقيين متحررون من كل أشكال الارتباط والتعلق بعالم المادة ، ويحكم «الزهد» بمعناه الحقيقي وجودهم ، فهم لا يجزعون من فقدان الممتلكات المادية ولا يخافون من المستقبل ، ولا يشغلون أفكارهم بمثل هذه المسائل. وبناء على ذلك فإن الغموم والأخاويف التي ترتبط بالماضي والمستقبل ، والتي تجعل الآخرين في حال اضطراب وقلق دائم، لا سبيل لها إلى وجود هؤلاء.

إنّ الماء في الإناء الصغير قد يهتز من نفخة إنسان ، لكن المحيط الكبير لا يتأثر حتى بالعاصفة ، ولذلك سمّوه المحيط الهادي :( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا

٣٩٢

تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ ) (١) . فلم يكن لهم تعلّق بما كان في أيديهم سابقا ، ولا يصيبهم الغم والحزن في اليوم الذي سيفارقونه ، فإنّ روحهم أكبر ، وفكرهم أسمى من أن تؤثر فيهم مثل هذه الحوادث في الماضي والمستقبل.

على هذا الأساس فإنّ الأمن والطمأنينة الواقعية هي الحاكمة على وجودهم ، وعلى حدّ قول القرآن :( أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ) (٢) ، وبتعبير آخر :( أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (٣) .

والخلاصة هي أنّ الحزن والخوف عند البشر يتولّدان عادة من حبّ الدنيا ، فمن الطبيعي أن لا يصيب هؤلاء الذين نفضوا أيديهم وقلوبهم من حبها خوف ، أو حزن.

كان هذا هو البيان الاستدلالي للمسألة ، وقد يعرض هذا الموضوع أحيانا ببيان آخر يتخذ شكلا عرفانيا بهذه الصورة : إنّ أولياء الله غارقون في صفات جماله وجلاله ، وذائبون في مشاهدة ذاته المقدسة إلى الحد نسوا كل شيء غيره ، ومعلوم أنّ الغم والحزن والخوف والوحشة تحتاج حتما إلى تصور فقدان وخسارة شيء ما ، أو مواجهة عدو أو موجود خطر ، فمن لم يجعل لغير الله مكانا في قلبه ولا طريقا الى فكره ، ولا يقبل في روحه إله غيره ، كيف يمكن أن يغتم ويخاف ويستوحش؟

لقد اتّضحت ممّا قلناه هذه الحقيقة أيضا ، وهي أنّ المقصود من الغموم هي الغموم المادية والأخاويف الدنيوية ، وإلّا فإنّ وجود أولياء الله مملوء بالخوف والخشية الخوف من عدم أداء الواجبات والمسؤولية. والأسف والحسرة على أن يكون قد فاتهم شيء من الموفقية ، ولهذا الخوف والحسرة صفة معنوية ، فهما أساس تكامل وجود الإنسان ورقيّه ، بعكس الخوف والحزن الدنيويين فهما

__________________

(١) الحديد ، ٢٣.

(٢) الأنعام ، ٨٢.

(٣) الرعد ، ٢٨.

٣٩٣

أساس الانحطاط والتسافل.

يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبته المعروفة مع همام ، حيث يجسد فيها حالات أولياء الله في أرقى وصف : «قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة» ، ثمّ يقول : «ولو لا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقا إلى الثواب ، وخوفا من العقاب»(١) .

ويقول القرآن المجيد ـ أيضا ـ في شأن المؤمنين :( الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ) (٢) . وبناء على ذلك فإنّ لهؤلاء خوفا آخر.

هناك بحث بين المفسّرين فيمن هم المقصودون من أولياء الله ، إلّا أنّ الآية الثّانية وضحت المطلب وأنهت النقاش ، فهي تقول :( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ) .

الملفت للنظر أنّها ذكرت الإيمان بصيغة الفعل الماضي المطلق ، والتقوى بصيغة الماضي الاستمراري ، وهذا إشارة إلى أنّ إيمان هؤلاء قد بلغ حد الكمال ، إلّا أن التقوى التي تنعكس في العمل اليومي ، وتتطلب كل يوم وكل ساعة عملا جديدا ، ولها صفة تدريجية ، فإنّها قد ظهرت على هؤلاء بصورة برنامج دائمي ومسئولية متواصلة.

نعم إنّ الذين يرتكزون على هذين الركنين الأساسيين : الدين والشخصية ، يحسون بدرجة من الطمأنينة داخل أرواحهم بحيث لا تهزهم أية عاصفة من عواصف الحياة. بل يقفون أمامها كالجبل ، كما وصفهم الحديث : «المؤمن كالجبل الراسخ لا تحركه العواصف».

وتوكّد الآية الثّالثة على مسألة عدم وجود الخوف والغم والوحشة في شخصية وقلوب أولياء الحق بهذه العبارة :( لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) وعلى هذا فهم ليسوا خالين من الخوف والغم وحسب ، بل إنّ البشارة والفرحة والسرور

__________________

(١) نهج البلاغة ، خطبة ١٩٣. صبحي الصالح.

(٢) الأنبياء ، ٤٩.

٣٩٤

بالنعم الكثيرة والمواهب الإلهية الا محدودة في هذه الدنيا والآخرة من نصيبهم.

(ينبغي الانتباه إلى أن البشرى قد ذكرت مع ألف ولام الجنس بصورة مطلقة ، فهي تشمل أنواع البشارات).

ثمّ تضيف من أجل التأكيد أيضا :( لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ) بل هي ثابتة حقّة ، وأن الله سبحانه سيفي بما وعد به أولياءه ، و( ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

وحولت الآية الخطاب إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمثل رأس سلسلة أولياء الله وأحبائه مخاطبة له بلحن المواساة وتسلية الخاطر :( وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ) ولا يمكن أن يقوم العدو بعمل مقابل إرادة الحق ، فإنّه تعالى عالم بكل خططهم ودسائسهم. ف( هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .

* * *

ملاحظتان

وهنا ملاحظتان ينبغي التوقف عندهما :

١ ـ ما هو المراد من البشارة في الآية؟

هناك بحث وجدال بين المفسّرين في المراد من البشارة التي أعطاها الله في الآيات أعلاه لأوليائه في الدنيا والآخرة ، فالبعض اعتبرها مختصة بالبشارة التي تقدمها الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار والموت ،( وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (١) .

والبعض الآخر يعتبرها إشارة إلى وعود الله بالنصر والتغلب على الأعداء ، والحكم في الأرض ما داموا مؤمنين وصالحين.

وقد فسّرت هذه البشارة في بعض الرّوايات بأنّها المنامات الجيدة التي يراها المؤمنون.

__________________

(١) السجدة ، ٣٠.

٣٩٥

إلّا أنّه ، وكما قلنا ، فإنّ إطلاق هذه الكلمة ، وألف لام الجنس في البشرى قد أخفيا فيها مفهوما واسعا بحيث أنّها تشمل كل نوع من البشارة وفرحة الإنتصار والموفقية ، ويندرج فيها كل ما ذكر أعلاه ، وفي الواقع فإنّ كلا منها إشارة إلى زاوية من هذه البشارة الإلهية الواسعة.

وربّما كان ما فسّرت به البشرى في بعض الرّوايات بأنّها المنامات الحسنة والرؤيا الصالحة إشارة إلى أن كل البشارات حتى الصغيرة منها ، تدخل أيضا في مفهوم البشرى ، لا أنّها منحصرة بها.

الواقع. وكما قيل سابقا أيضا ، فإنّ هذا هو الأثر التكويني والطبيعي للإيمان والتقوى حيث تبتعد عن روح الإنسان أشكال الاضطراب والقلق المتولدة من الشك والتردد ، وكذلك المتولدة من الذنب والتلوّث والفجور ، فكيف يمكن أن يشعر بالراحة والاطمئنان من لا إيمان له ، ومن ليس له متكأ معنوي يعتمد عليه في أعماق روحه؟!

إنّه يبقى في سفينة وسط بحر هائج متلاطم الأمواج تقذف به الأمواج العظيمة في كل جانب وصوب وقد فتحت دوامات البحر أفواهها لابتلاعه!!

كيف يمكن أن يهدأ بال ويطمئن خاطر من تلطخت يداه بالظلم والجور وإراقة دماء الناس وغصب أموال وحقوق الآخرين؟ إنّه ـ وبخلاف المؤمنين ـ لا يتمتع حتى بالنوم الهادىء ، وغالبا ما يرى المنامات المرعبة التي يرى نفسه فيها مشتبكا مع العدو ، وهذا بنفسه دليل على اضطراب روح هؤلاء.

من الطبيعي أنّ الشخص الجاني ـ خاصّة إذا كان مطاردا ـ يرى في عالم الرؤيا أشباحا مرعبة قد أحكمت الطوق لإلقاء القبض عليه ، أو أنّ روح ذلك المقتول المظلوم تصرخ في أعماق ضميره وتعذبه ، ولهذا فإنّه عند ما يستيقظ يقول كيزيد : مالي وللحسين؟ أو يقول ما قاله الحجاج : مالي ولسعيد بن جبير؟!

٣٩٦

٢ ـ الرّويات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام

لقد وردت في تفسير الآيات أعلاه روايات رائعة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، نشير إلى بعض منها :

تلا أمير المؤمنين عليعليه‌السلام الآية :( أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ ) ثمّ سأل أصحابه : أتعلمون من هم أولياء الله؟ فقالوا : أخبرنا بهم يا أمير المؤمنين ، فقال : «هم نحن وأتباعنا ، فمن تبعنا من بعدنا طوبى لنا ، وطوبى لهم أفضل من طوبى لنا» ، قالوا : يا أمير المؤمنين ، ما شأن طوبى لهم أفضل من طوبى لنا؟ ألسنا نحن وهم على أمر؟ قال : «لا، إنّهم حملوا ما لم تحملوا عليه ، وأطاقوا ما لم تطيقوا»(١) .

وفي كتاب كمال الدين : روي عن أبي بصير عن الصّادقعليه‌السلام أنّه قال : «طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته ، والمطيعين له في ظهوره ، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون»(٢) .

ويروي أحد أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : إنّ أتباع هذا المذهب يرون في أواخر لحظات عمرهم ما تقّر به أعينهم ، قال الراوي : فقلت له بضع عشرة مرّة : أي شيء؟ فقال في كلّها : «يرى» لا يزيد عليها ، ثمّ جلس في آخرها فقال : «أبيت إلّا أن تعلم»؟ فقلت : نعم يا ابن رسول الله ثمّ بكيت ، فرق لي ، فقال : «يراهما والله» فقلت : بأبي وأمي من هما؟ فقال : «ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليعليه‌السلام لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتى تراهما». ثمّ قال : «إن هذا في كتاب الله» فقلت : أين ، جعلني الله فداك؟ قال : «في يونس ، قول الله ها هنا :( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) »(٣) .

ولدينا روايات أخرى بمضمون هذه الرّواية.

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٣٠٩.

(٢) المصدر السابق.

(٣) نور الثقلين ، الجزء ٢ ، ص ٣١٠ (باختصار).

٣٩٧

ومن الواضح أنّ هذه الرّواية إشارة إلى قسم من بشارات المؤمنين المتقين ، لا جميعها ، وواضح ـ أيضا ـ أن هذه المشاهدة ليست مشاهدة جسم مادي. بل مشاهدة الجسم البرزخي بالنظر البرزخي ، لأنّا نعلم أنّ روح الإنسان تبقى على جسمها البرزخي في عالم البرزخ الذي يمثل الفاصل بين هذه الدنيا وعالم الآخرة.

* * *

٣٩٨

الآيتان

( أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) )

التّفسير

جانب من آيات عظمته :

تعود الآيات أعلاه مرّة أخرى إلى مسألة التوحيد والشرك والتي تعتبر واحدة من أهم مباحث الإسلام ، وبحوث هذه السورة ، وتجرّ المشركين إلى المحاكمة وتثبت عجزهم.

فتقول أولا :( أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ) وإذا كان الأشخاص ملكه ومنه ، فمن الأولى أن تكون الأشياء الموجودة في هذا العالم ملكه ومنه ، وبناء على هذه فإنّه مالك كل عالم الوجود ، ومع هذا الحال كيف يمكن أن يكون مماليكه شركاءه؟

ثمّ تضيف الآية :( وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ

٣٩٩

إِلَّا الظَّنَ ) إذ لا دليل ولا برهان لهم على كلامهم( وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) .

كلمة «الخرص» وردت في اللغة بمعنى الكذب ، وكذلك وردت بمعنى الحدس والتخمين ، وفي الأصل ـ كما قاله الراغب في مفرداته ـ بمعنى حزر الفواكه ، ثمّ تخمينها على الأشجار ، ولما كان الحدس والتخمين قد يخطئ أحيانا ، فإنّ هذه المادة قد جاءت بمعنى الكذب أيضا.

وأساسا ، فإنّ إتباع الظن والحدس الذي لا يستند إلى أساس ثابت يجرّ الإنسان في النهاية إلى وادي الكذب عادة. والأشخاص الذين جعلوا الأصنام شريكة لله سبحانه لم يكن لهم مستند في ذلك إلّا الأوهام الأوهام التي يصعب علينا اليوم حتى تصورها ، إذ كيف يمكن أن يصنع الإنسان تماثيل ومجسمات لا روح لها ، ثمّ يعتبر ما صنعه وخلقه ربّا له وأنّه هو صاحب إرادته ، وأن أمره بيده؟! يضع مقدراته في يده وتحت تصرفه ويطلب منه حل مشاكله؟! أليست هذه الدعوى من أوضح مصاديق الزيف والكذب؟

بل يمكن استفادة هذا من الآية كقانون كلي عام ـ بدقة قليلة ـ وهو أنّ كل من يتبع الظن والأوهام الباطلة فإنّه سينجرّ في النهاية إلى الكذب إنّ الحق والصدق قائم على أساس القطع واليقين ، أمّا الكذب فإنّه يقوم على أساس التخمينات والظنون والشائعات!

ثمّ ومن أجل إكمال هذا البحث ، وتبيّن طرق معرفة الله ، والابتعاد عن الشرك وعبادة الأوثان ، أشارت الآية الثّانية إلى جانب من المواهب الإلهية التي أودعت في نظام الخلقة والدالّة على عظمة وقدرة وحكمة اللهعزوجل ، فقالت :( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً ) .

إنّ نظام النور والظلمة الذي أكدت عليه آيات القرآن مرارا ، نظام عجيب وغزير الفائدة ، فهو من جهة يضيء عرصة حياة البشر بإفاضة النور في مدّة معينة ويحركها ويبعثها على السعى والجد ، ومن جهة أخرى فإنّه بإرخاء سدول الليل

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608