الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 261292 / تحميل: 6496
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

عن أحمد بن محمّد بن عيسى وأحمد بن أبي عبد الله ، عن محمّد بن خالد البرقي ، عنه.

وعنه : محمّد بن سالم أيضا(1) .

أقول : فيمشكا : ابن النضر ، عنه محمّد بن يحيى الخارقي(2) ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، ومحمّد بن خالد ، ومحمّد بن سالم(3) .

263 ـ أحمد بن هارون الفامي :

روى عنه أبو جعفر بن بابويه ، لم(4) .

وفيتعق : كثيرا ، مترضّيا(5) (6) .

قلت : في البحار : أنّه أستاذ الصدوق(7) .

وفي نسختي من كمال الدين : أحمد بن هارون القاضي ، مترضّيا مكرّرا(8) ، بل لم أجده فيها إلاّ هكذا.

وفيمشكا : ابن هارون ، عنه محمّد بن بابويه(9) .

__________________

(1) الفهرست : 34 / 101.

(2) في المصدر : الحازمي.

(3) هداية المحدثين : 15.

(4) في رجال الشيخ : 448 / 59 : أحمد بن هارون الفامي ، وفي 449 / 60 : أحمد بن محمّد بن يحيى روى عنه أبو جعفر بن بابويه ، وعن القهبائي في مجمع الرجال : 1 / 171 : أحمد بن هارون القاضي ( الفامي خ ـ ل ) وأحمد بن محمّد بن يحيى روى عنهما أبو جعفر بن بابويه.

(5) الخصال : 33 / 1 ، 69 / 103 ، 156 / 198 ، 195 / 271 ، 223 / 54 ، 282 / 29 ، 285 / 37.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 49.

(7) بحار الأنوار : 1 / 59.

(8) كمال الدين : 510 / 40 ، 656 / 1.

(9) هداية المحدثين : 15.

٣٦١

264 ـ أحمد بن هارون المدائني :

غير مذكور في الكتابين ، وذكره في كمال الدين مترضّيا(1) .

265 ـ أحمد بن هلال العبرتائي :

وعبرتاء قرية بناحية إسكاف بني جنيد(2) ، ولد سنة ثمانين ومائة ، ومات سنة سبع وستّين ومائتين. كان غاليا متّهما في دينه ، ست(3) .

وفيجش قبل العبرتائي : أبو جعفر ، وبعده : صالح الرواية ، يعرف منها وينكر ، وقد روي فيه ذموم من سيّدنا أبي محمّد العسكريعليه‌السلام (4) .

وفيصه بعد بني جنيد(5) : من قرى النهروان ، غال ، ورد فيه ذمّ كثير من سيّدنا أبي محمّد العسكريعليه‌السلام .

قال أبو عليّ بن همّام. ثمّ نقل عنه ولادته وموته ـ كما مرّ ـ وقول جش.

وقال : توقّف ابن الغضائري في حديثه إلاّ فيما يرويه عن الحسن بن محبوب من كتاب المشيخة ، ومحمّد بن أبي عمير من نوادره ، وقد سمع هذين الكتابين جلّ أصحاب الحديث واعتمدوه فيها ، وعندي أنّ روايته غير مقبولة(6) .

وفيكش : عليّ بن محمّد بن قتيبة ، قال : حدّثني أبو حامد أحمد بن إبراهيم المراغي ، قال : ورد على القاسم بن العلاء نسخة ما كان خرج(7) من‌

__________________

(1) كمال الدين.

(2) في المصدر : وعبرتاء قرية بنواحي بلد إسكاف وهو من بني جنيد.

(3) الفهرست : 36 / 107.

(4) رجال النجاشي : 83 / 199.

(5) في الخلاصة : بني خندف.

(6) الخلاصة : 202 / 6 ، وفيه : مات سنة تسع وستّين.

(7) في المصدر : ما خرج.

٣٦٢

لعن ابن هلال ، وكان ابتداء ذلك أن كتبعليه‌السلام إلى قوّامه بالعراق : احذروا الصوفي المتصنّع.

قال : وكان من شأن أحمد بن هلال أنّه قد كان حجّ أربعا وخمسين حجّة ، عشرون منها على قدميه.

قال : وقد كان رواة أصحابنا بالعراق لقوه وكتبوا منه ، وأنكروا ما ورد في مذمّته ، فحملوا القاسم بن العلاء على أن يراجع في أمره ، فخرج إليه : قد كان أمرنا نفذ إليك في المتصنّع ابن هلال لارحمه‌الله ، بما قد علمت لم يزل ، لا غفر الله له ذنبه ولا أقاله عثرته ، يدخل(1) في أمرنا بلا إذن منّا ولا رضي ،. إلى أن قال :

واعلم الاسحاقي سلّمه الله(2) وأهل بيته بما(3) أعلمناك من حال هذا الفاجر. الحديث(4) .

وفيتعق : في كمال الدين : حدّثنا شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليدرضي‌الله‌عنه ، قال : سمعت سعد بن عبد الله يقول : ما رأينا ولا سمعنا بمتشيّع رجع عن التشيّع إلى النصب إلاّ أحمد بن هلال ، وكانوا يقولون : أيّما(5) تفرّد بروايته أحمد بن هلال فلا يجوز استعماله(6) ، انتهى.

وفي موضع آخر(7) منه : حدّثنا يعقوب بن يزيد ، عن أحمد بن هلال‌

__________________

(1) في المصدر : يداخل.

(2) في نسخة « م » زيادة : تعالى.

(3) في المصدر : ممّا.

(4) رجال الكشي : 535 / 1020.

(5) في كمال الدين والتعليقة : إنّ ما.

(6) كمال الدين : 76.

(7) في نسخة « ش » : مواضع أخر.

٣٦٣

في حال استقامته ، عن ابن أبي عمير. الحديث(1) .

وعن الشيخ في كتاب الغيبة ما يظهر منه أنّه رجع عن القول بالإمامة ووقف على أبي جعفرعليه‌السلام (2) .

وبالجملة : الظاهر المنافاة بين كلمات الأصحاب فيه.

ويحتمل أن يكون غلوّه بالنسبة إلى بعض الأئمّةعليهم‌السلام (3) ، ونصبه بالنسبة إلى بعض.

ويحتمل أن يكون لعدم تديّنه ، في الباطن ناصبا وفي الظاهر متصنّعا ، يظهر أمورا لإضلال الشيعة وردّهم إلى الغلوّ ، لتعذّر ردّهم إلى النصب.

وفي آخر توقيع ورد في لعن الشلمغاني : إنّنا في التوقّي والمحاذرة منه على مثل ما كنّا عليه ممّن تقدّمه من نظرائه من : السريعي(4) والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم. الحديث(5) .

وفي حواشي السيّد الداماد على التهذيب عند ذكر رواية عنه عن ابن أبي عمير : روايته عنه وعن ابن محبوب معدودة من الصحاح على ما حكم بهجش وغيره ، وأوردناه في الرواشح(6) ، انتهى.

وفيه ما ذكرناه في الفوائد(7) .

وأيضا ما مرّ عن كمال الدين ربما كان ظاهرا في خلافه(8) ، على أنّه‌

__________________

(1) كمال الدين : 204 / 13.

(2) الغيبة : 399 / 374.

(3)عليهم‌السلام ، لم ترد في نسخة « ش ».

(4) في التعليقة : السريفي ، وفي الغيبة : الشريعي.

(5) الغيبة للطوسي : 411 / 384.

(6) الرواشح السماوية : 109.

(7) في التعليقة : الفائدة الثالثة.

(8) كمال الدين : 76.

٣٦٤

لم يقل مطلق ما رواه عنهما مقبول ، بل ما روى عن المشيخة والنوادر.

وفي المعراج : وجهه استفاضة هذين الكتابين بين أصحابنا(1) حتّى قال الطبرسي : كتاب المشيخة في أصول الشيعة أشهر من كتاب المزني عند المخالفين(2) .

وعدّ النوادر الصدوق في ديباجة من لا يحضره الفقيه من الكتب الّتي عليها المعوّل وإليها المرجع(3) .

وأمّا توقّفه في الباقي فلعلّ وجهه. إلى أن قال :

وروى الراوندي عن الصادقعليه‌السلام : لا تكذّبوا حديثا أتى به مرجئ ولا خارجي ولا قدري فنسبه إلينا ، فإنّكم لا تدرون لعلّه شي‌ء من الحق فتكذّبوا الله تعالى(4) (5) .

ورواه الصدوق مسندا في علل الشرائع(6) .

والتوقّف على الوجه المذكور لا ينافي ترك العمل ، انتهى. وفيه بعد.

وفي إبراهيم بن صالح ما يظهر منه الحال(7) (8) .

أقول : ما مرّ من قول المحقّق الداماد : على ما حكم بهجش وغيره ، لعلّ الصواب : ابن الغضائري ، بدلجش ، ولعلّ الغلط في نسخته‌

__________________

(1) معراج أهل الكمال :.

(2) إعلام الورى : 488.

(3) الفقيه : 1 / 4.

(4) تعالى : لم ترد في نسخة « ش ».

(5) راجع معراج أهل الكمال : 256.

(6) علل الشرائع : 395 / 13.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 22.

(8) تعليقة الوحيد البهبهاني : 49 ـ 50.

٣٦٥

سلّمه الله تعالى(1) . ويكون نظره إلى ما مرّ من استثنائه عن التوقّف ما يرويه عن الحسن بن محبوب من كتابه المشيخة ومحمّد بن أبي عمير من نوادره ، فتأمّل جدّا.

وفي الحاوي : لعلّ قبول ابن الغضائري والجماعة لما يرويه من الكتابين لتواترهما عندهم وشهرتهما ، وحينئذ فلا يضرّ ضعف الطريق إليهما ، ويحتمل أن يكون صنّفهما في حال استقامته ، فانّي وجدت في كمال الدين.

ثمّ نقل ما مرّ عنتعق ، وقال : وهذا يدلّ على أنّه كان مستقيما(2) ، انتهى.

وفي مجموع ما ذكرهرحمه‌الله (3) ما لا يخفى(4) .

وفيمشكا : ابن هلال العبرتائي الضعيف ، عنه عبد الله بن جعفر(5) ، وعبد الله بن العلاء بن المذاري ، وموسى بن الحسن بن عامر ، والحسن ابن عليّ بن عبد الله بن المغيرة(6) .

266 ـ أحمد بن هوذة :

هو ابن نصر ،تعق (7) .

267 ـ أحمد بن يحيى :

يكنّى أبا نصر ، من غلمان العياشي ، لم(8) .

__________________

(1) تعالى ، لم ترد في نسخة « ش ».

(2) حاوي الأقوال : 228 / 1198.

(3)رحمه‌الله ، لم ترد في نسخة « م ».

(4) الظاهر أنّ نظره إلى قوله : ويحتمل أن يكون صنّفهما في حال استقامته ، فإنّ من المعلوم أنّ الكتابين ـ المشيخة والنوادر ـ ليست لأحمد بن هلال حتى يتّجه عليه هذا القول.

(5) عبد الله بن جعفر ، لم يرد في الهداية.

(6) هداية المحدثين : 16 ، وفيه : عبد الله بن العلاء المذاري.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 50.

(8) رجال الشيخ : 439 / 13.

٣٦٦

قلت : يأتي في الكنى : أبو نصر بن يحيى الفقيه ـ من أهل سمرقند ـ عن لم موثّقا(1) ، وهو هذا وفاقا للمجمع(2) . وغفل عنه الميرزا.

وفي الوجيزة : أحمد بن يحيى أبو نصر الفقيه السمرقندي ، ثقة(3) ، انتهى. فتدبّر.

268 ـ أحمد بن يحيى بن حكيم :

الأودي ـ بالمهملة بعد الواو ـ الصوفي ، كوفي ، أبو جعفر ابن أخي ذبيان ـ بالمعجمة المضمومة والباء الموحّدة الساكنة ـ ثقة ،صه (4) .

جش ، إلاّ الترجمة ، وزاد : له كتاب دلائل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رواه عنه جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري(5) .

أقول : فيمشكا : ابن يحيى بن حكيم الثقة ، عنه جعفر بن محمّد ابن مالك(6) .

269 ـ أحمد بن يحيى المكتّب :

غير مذكور في الكتابين ، ويروي عنه في كمال الدين مترضّيا(7) .

270 ـ أحمد بن اليسع بن عبد الله :

القمّي ، لم ،جش ، روى أبوه عن الرضاعليه‌السلام ، ثقة ثقة ، د(8) .

__________________

(1) رجال الشيخ : 520 / 18 ، ومنهج المقال : 395.

(2) مجمع الرجال : 1 / 174.

(3) الوجيزة : 155 / 143.

(4) الخلاصة : 19 / 40 ، وفيه : أحمد بن يحيى بن الحكيم.

(5) رجال النجاشي : 81 / 195.

(6) هداية المحدثين : 178.

(7) كمال الدين : 550 / 1.

(8) رجال ابن داود : 46 / 145 ، وفيه : أحمد بن حمزة بن اليسع. ، والظاهر أنّ النسخة المطبوعة اشتباه حسب تسلسل الحروف الهجائية.

٣٦٧

والظاهر أنّه ابن حمزة بن اليسع المذكور ، وكأنّه قد نسب إلى الجد فذكر لذلك ، والله العالم.

271 ـ أحمد بن يوسف :

مولى بني تيم الله ، كوفي ، كان منزله بالبصرة ومات ببغداد ، ثقة ، ضا(1) .

وزادصه : من أصحاب الرضاعليه‌السلام (2) .

أقول : فيمشكا : ابن يوسف ـ مولى بني تيم ـ الثقة ، يعرف بمقارنته لزمن الرضاعليه‌السلام (3) .

272 ـ أحمد بن يوسف بن أحمد :

العريضي العلوي الحسيني ، في طريق العلاّمة إلى الشيخ وغيره المحكوم بالصحّة المذكور فيصه (4) ، فتدبّر.

قلت : في مل : السيّد أحمد بن يوسف الحسيني العريضي ، كان فاضلا فقيها صالحا عابدا ، روى عنه والد العلاّمة(5) .

وفي الوجيزة : حكم العلاّمة بصحّة حديثه(6) .

273 ـ أحمد بن يوسف بن يعقوب :

الجعفي ، روى عن محمّد بن إسماعيل الزعفراني ، وفيه إشعار بوثاقته كما مرّ في الفوائد ، وفي جميل بن درّاج ما يشير إلى كونه ذا كتاب وأصل ،

__________________

(1) رجال الشيخ : 367 / 11.

(2) الخلاصة : 14 / 3.

(3) هداية المحدثين : 179 ، وما نقله عن المشتركات لم يرد في نسخة « ش ».

(4) الخلاصة : 282.

(5) أمل الآمل : 2 : 31 / 82.

(6) الوجيزة : 156 / 145.

٣٦٨

بل ومن المشايخ ، ووالده يوسف يذكر في ترجمته ،تعق (1) .

أقول : ما في ترجمة جميل فهو قولجش عند ذكر طريقه إليه : أخبرنا محمّد بن جعفر التميمي ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه وأصله. إلى آخره(2) ، فتأمّل.

274 ـ إدريس بن زياد الكفرثوثائي :

بالفاء بعد الكاف والراء بعدها والثاء المنقّطة فوقها ثلاث نقط وبعد الواو ثاء أيضا ، يكنّى أبا الفضل ، ثقة ، أدرك أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام وروى عنهم ،صه (3) .

جش إلاّ الترجمة ، وفيه : الكفرثوثي(4) ، وزاد : له كتاب ، عمران بن طاوس بن محسن بن طاوس ـ مولى جعفر بن محمّد ـ عنه به.

وجعفر الحسني ، عنه به(5) .

ثمّ زاد فيصه : وقال ابن الغضائري : إنّه خوزي الام ، يروي عن الضعفاء.

والأقرب عندي قبول روايته لتعديل النجاشي له ، وقول ابن الغضائري لا يعارضه ، لأنّه لم يجرحه في نفسه ولا طعن في عدالته.

وفي د جعله بالمثنّاة ثمّ المثلّثة ، ونسب ما فيصه إلى التصحيف ، وقال : إنّ كفرتوث قرية بخراسان(6) .

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 50.

(2) رجال النجاشي : 127 / 328.

(3) الخلاصة : 12 / 2 ، وفيها وكذا في نسخة « ش » : الكفرثوثاني ، وفي هامش نسخة « م » : الكفرثوثي ( خ ل ).

(4) في نسخة « ش » : الكفرثوتي ، وفي المصدر : الكفرتوثي.

(5) رجال النجاشي : 103 / 257.

(6) رجال ابن داود : 47 / 148.

٣٦٩

وفيست : ابن زياد ، له روايات ، ابن عبدون ، عن أبي طالب الأنباري ، عن حميد ، عنه(1) .

أقول : فيضح جعله : الكفرثوثي ، بالمثلّثتين. قال : وكفرثوث قرية من خراسان(2) .

وفي حواشي الشهيد الثاني علىصه : في الصحاح : كفرثوثا ـ بالمثلّثة فيهما ـ قرية(3) .

فما ذكره المصنّف من النسبة صحيح ، انتهى ، فتأمّل.

وفي القاموس : كفرتوثا بالمثنّاة أوّلا موضع(4) .

ونقل الشهيد الثاني عن ابن قتيبة أنّه ضبطها بسكون الفاء والمثنّاة ثمّ المثلّثة(5) ، فتدبّر.

وقوله : خوزي الام ، أي امّه خوزيّة.

وفي الصحاح : الخوز جيل من الناس(6) .

وزاد في القاموس : واسم لجميع بلاد خوزستان(7) .

وقال في حواشي المجمع : خوزستان قرية بخراسان(8) .

وأنكره ولد الأستاذ العلاّمة دام علاهما وقال : هي المحال المعروفة‌

__________________

(1) الفهرست : 39 / 124.

(2) إيضاح الاشتباه : 82 / 5.

(3) حاشية الشهيد على الخلاصة : 10 ، ولم يرد هذا النص فيه ، بل الموجود : الكفرثوث : قرية من خراسان. وفي الصحاح : 2 / 807 : كفرتوثا.

(4) القاموس المحيط : 1 / 163.

(5) أدب الكاتب : 330.

(6) صحاح اللغة : 3 / 878.

(7) القاموس المحيط : 2 / 175.

(8) مجمع الرجال : 1 / 177.

٣٧٠

في أرض فارس وكوهكيلويه والأهواز ، ويعرف الآن بحويزة ودورق.

وفي الحديث : احذر مكر خوزي الأهوازي ، فإنّ أبي أخبرني عن آبائه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : لا يثبت الايمان في قلب يهودي ولا خوزي أبدا(1) ، انتهى ، فتتبّع.

ويؤيّده تصريحهم أنّ تستر مدينة بخوزستان(2) ، كما يأتي في البرّاء بن مالك ، فتتبّع.

هذا ، وقولصه : وقول ابن الغضائري لا يعارضه. إلى آخره ، صريح في معارضة ابن الغضائري للنجاشي لو كان جرحه في نفسه ، فيدلّ على مقاومته له عنده ، نبّه عليه ولد الأستاذ العلاّمة.

وفيمشكا : ابن زياد الثقة ، عنه أحمد بن ميثم ، وعمران بن طاوس ابن محسن ، وجعفر الحسني(3) (4) .

275 ـ إدريس بن زيد :

وصفه الصدوق في الفقيه بصاحب الرضاعليه‌السلام (5) . وهو يدلّ على مدح.

ووصف العلاّمة طريق الصدوق إليه بالحسن(6) ربما يشعر بالمدح ، فتأمّل.

وفيتعق : حكم بعض المعاصرين باتّحاده مع ابن زياد‌

__________________

(1) كشف الريبة : 124.

(2) معجم البلدان : 2 / 29.

(3) في نسخة « ش » : الحسيني.

(4) هداية المحدثين : 16.

(5) مشيخة الفقيه : 4 / 89.

(6) الخلاصة : 281.

٣٧١

الكفرتوثي(1) ، بقرينة رواية إبراهيم بن هاشم عنه ، فتأمّل(2) .

276 ـ إدريس بن عبد الله بن سعد :

الأشعري ، ثقة ، له كتاب. وأبو جرير القمّي هو زكريّا بن إدريس هذا ، وكان وجيها(3) ، يروي عن الرضاعليه‌السلام ،صه (4) .

جش ، وفيه : وجها ، وزاد : له كتاب ، أخبرناه أبو الحسين عليّ بن أحمد بن محمّد بن طاهر الأشعري ،. عن محمّد بن الحسن بن الوليد. إلى أن قال : شنبولة ، عنه(5) .

وفيست : له مسائل ، ابن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن ، عن سعد والحميري ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمّد بن الحسن شنبولة ، عنه(6) .

وفيتعق : لعلّ فاعل يروي هو زكريّا لا سعد ، كما هو الظاهر منصه ، ويؤيّده أنّ زكريّا يروي عن الصادقعليه‌السلام والكاظمعليه‌السلام ، فكيف يروي أبوه عن الرضاعليه‌السلام (7) .

أقول : الظاهر بدل لا سعد : لا إدريس ، وقد سها قلمه سلّمه الله تعالى(8) .

وينبغي إرجاع الضمير في : كان وجها ، أيضا إلى زكريّا كما فعله‌

__________________

(1) في نسخة « ش » : الكفرثوثي.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 50.

(3) في نسخة « ش » والمصدر : وجها.

(4) الخلاصة : 13 / 3.

(5) رجال النجاشي : 104 / 259 ، وفيه : شينولة.

(6) الفهرست : 38 / 119 ، وما نقله عن الفهرست لم يرد في نسخة « ش ».

(7) لم نجده في نسخنا من التعليقة.

(8) تعالى ، لم ترد في نسخة « ش ».

٣٧٢

العلاّمة ، ويأتي في ترجمته.

وفيمشكا : ابن عبد الله الأشعري الثقة ، عنه حمّاد بن عثمان ، ومحمّد بن الحسن بن أبي خالد ، وهو عن الرضاعليه‌السلام .

ولم نظفر لمن عداه بأصل ولا كتاب(1) .

277 ـ إدريس بن عيسى الأشعري :

دخل على مولانا أبي الحسن الرضاعليه‌السلام وروى عنه حديثا واحدا ، ثقة ،صه (2) .

وفيضا : دخل عليه. إلى آخره(3) .

278 ـ إدريس بن الفضل بن سليمان :

الخولاني ، أبو الفضل ، كوفي ، واقف ، ثقة ،جش (4) .

وفيتعق : في نسختي من الوجيزة : ثقة ، والظاهر وقوع اشتباه فيه(5) .

قلت : الظاهر اختصاصه بها ، والذي في سائر النسخ : ثقة غير إمامي(6) .

وفي ضح : الخولاني : بالمعجمة والواو والنون بعد الألف(7) .

__________________

(1) هداية المحدثين : 179 ، وفيها : الثقة القمّي.

(2) الخلاصة : 12 / 1 ، وفيها : الأشعري القمّي.

(3) رجال الشيخ : 367 / 9.

(4) رجال النجاشي : 103 / 258.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 50.

(6) الوجيزة : 156 / 153.

(7) إيضاح الاشتباه : 83 / 6.

٣٧٣

279 ـ إدريس القمّي :

يكنّى أبا القاسم ،ج (1) .

وفيتعق : يحتمل اتّحاده مع الأشعريّين المتقدّمين. وجعله خالي من الممدوحين(2) .

قلت : لعلّه في غير الوجيزة.

وأمّا ابن عبد الله فقد مرّ رواية ابنه عن الرضاعليه‌السلام ، فتأمّل.

280 ـ أديم بن الحر الجعفي :

مولاهم ، كوفي ، ثقة ، له أصل ،جش (3) .

وزادصه بعد مولاهم : الحذّاء ، صاحب أبي عبد اللهعليه‌السلام ، يروي نيفا وأربعين حديثا عنهعليه‌السلام (4) .

وفي ق : ابن الحر الكوفي الخثعمي(5) .

وفيكش : ما روي في أديم بن الحر أبي الحسن(6) الحذّاء.

قال نصر بن الصباح : أبو الحسن(7) اسمه أديم بن الحر وهو حذّاء ، صاحب أبي عبد اللهعليه‌السلام ، يروي نيفا وأربعين حديثا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (8) .

__________________

(1) رجال الشيخ : 398 / 10.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 50.

(3) رجال النجاشي : 106 / 267.

(4) الخلاصة : 24 / 10.

(5) رجال الشيخ : 143 / 20 ، وفيه : آدم ، بدل أديم.

(6) في المصدر : أبي الحر.

(7) في المصدر : أبو الحر.

(8) رجال الكشي : 347 / 645. وعبارة : يروي نيفا وأربعين حديثا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وردت عن بعض نسخ الكشي.

٣٧٤

أقول : لا يخفى عليك أنّ العلاّمةرحمه‌الله أخذ ما زاده علىجش بتمامه من كلام نصر ، وهذا أحد المواضع التي اعتمدرحمه‌الله عليه ، وقبله الكشّي المصرّح بغلوّه ، إذ لا ريب أنّ أمثال هذا النقل للاستناد والاعتداد.

281 ـ أرطاة بن حبيب الأسدي :

كوفي ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (1) .

وزادجش : له كتاب ، عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب(2) .

أقول : فيمشكا : ابن حبيب الثقة ، عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب(3) .

282 ـ أرقم بن شرحبيل :

ذكره الشهيد الثاني في درايته(4) .

وفي قب : ثقة(5) .

وفيتعق : في البلغة : ممدوح(6) ، وفي حاشيتها : تابعي فاضل ذكره الشهيد الثاني في درايته ، ميرزا(7) ، انتهى ، فتأمّل.

وفي الوجيزة : ممدوح(8) .

وفي النقد كما في حاشية البلغة(9) (10) .

__________________

(1) الخلاصة : 24 / 11.

(2) رجال النجاشي : 107 / 270.

(3) هداية المحدثين : 16.

(4) الرعاية في علم الدراية : 395.

(5) تقريب التهذيب 1 : 51 / 340.

(6) بلغة المحدثين : 331 / 8.

(7) لم ترد هذه الحاشية في النسخة المطبوعة من البلغة.

(8) الوجيزة : 157 / 158.

(9) نقد الرجال : 38.

(10) تعليقة الوحيد البهبهاني : 50.

٣٧٥

قلت : الظاهر أنّ وجه تأمّله سلّمه الله(1) عدم ذكر الميرزا ـ كما مرّ ـ ما نسبه إليه من قوله : تابعي فاضل.

ولا يخفى أنّه ذكر ذلك في المتوسّط(2) كما نقله ، فلاحظ.

__________________

(1) في نسخة « ش » : سلمه الله تعالى.

(2) الوسيط : 22.

٣٧٦

فهرس الجزء الأول

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 3

وبه ثقتي واعتصامي وعليه توكلي‌ 3

المقدمة الأولى 11

في تاريخ مواليد الأئمة عليهم السلام ووفياتهم‌11

فأمّا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله 11

وأمّا أمير المؤمنين عليه‌السلام 12

وأمّا أبو محمّد الحسن عليه‌السلام 13

وأمّا أبو عبد الله الحسين عليه‌السلام 13

وأمّا سيّد العابدين علي بن الحسين عليه‌السلام 14

وأمّا أبو جعفر الباقر عليه‌السلام 14

وأما أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام 15

وأمّا أبو الحسن موسى عليه‌السلام 15

وأمّا أبو الحسن الثاني عليه‌السلام 16

وأمّا أبو جعفر الثاني عليه‌السلام :18

وأمّا أبو الحسن الثالث عليه‌السلام :18

وأمّا أبو محمّد الحسن العسكري عليه‌السلام :19

وأمّا الحجة المنتظر صاحب العصر ، عجل الله فرجه وفرج شيعته بفرجه :20

المقدمة الثانية21

في ذكر جماعة رأوا القائم عليه السلام ،21

أو وقفوا على معجزته‌21

المقدمة الثالثة25

٣٧٧

في كنى الأئمة وألقابهم عليهم السلام ،25

على ما تقرر عند أهل الرجال 25

وذكره مولانا عناية الله في رجاله(2)25

المقدمة الرابعة29

في بيان أسامي رجال يحصل 29

فيهم الاشتباه عند الإطلاق‌ 29

المقدمة الخامسة43

في فوائد تتعلق بالرجال‌ 43

فائدة :43

فائدة :47

فائدة :47

فائدة :48

فائدة :50

فائدة :58

فائدة :62

فائدة :64

فائدة :65

فائدة :67

فائدة :71

فائدة :77

فائدة :78

فائدة :80

فائدة :80

فائدة :81

فائدة :83

٣٧٨

فائدة :84

فائدة :110

فائدة :122

فائدة :124

باب الألف‌ 127

1 ـ آدم أبو الحسين النخّاس الكوفي :127

2 ـ آدم بن إسحاق بن آدم :127

3 ـ آدم بيّاع اللؤلؤ :128

4 ـ آدم بن الحسين النخاس :129

5 ـ آدم بن عبد الله القمّي :130

6 ـ آدم بن المتوكّل :130

7 ـ آدم بن محمّد القلانسي :131

8 ـ آدم بن يونس بن أبي المهاجر النسفي :131

9 ـ أبان بن أبي عيّاش فيروز :132

10 ـ أبان بن أرقم العنتري القيسي :132

11 ـ أبان بن تغلب بن رباح :132

12 ـ أبان بن سعيد بن العاص :135

13 ـ أبان بن عبد الرحمن :136

14 ـ أبان بن عبد الملك الثقفي :136

15 ـ أبان بن عبد الملك الخثعمي :136

16 ـ أبان بن عثمان الأحمر :136

17 ـ أبان بن عمر الأسدي :143

18 ـ أبان بن محمّد البجلي :144

19 ـ إبراهيم أبو رافع :145

20 ـ إبراهيم أبو السفاتج :146

21 ـ إبراهيم بن أبي بكر :146

٣٧٩

22 ـ إبراهيم بن أبي البلاد :146

23 ـ إبراهيم بن أبي حفص :148

24 ـ إبراهيم بن أبي زياد الكرخي :148

25 ـ إبراهيم بن أبي سمّال :150

26 ـ إبراهيم بن أبي الكرام :151

27 ـ إبراهيم بن أبي محمود الخراساني :152

28 ـ إبراهيم بن أبي يحيى المدني :153

29 ـ إبراهيم بن أحمد بن محمّد :154

30 ـ إبراهيم بن أحمد بن محمّد :154

31 ـ إبراهيم بن إسحاق :154

32 ـ إبراهيم بن إسحاق الأحمري :154

33 ـ إبراهيم بن إسحاق بن أزور :157

34 ـ إبراهيم بن إسماعيل الخلنجي الجرجاني :157

35 ـ إبراهيم الأعجمي :157

36 ـ إبراهيم بن حمويه :158

37 ـ إبراهيم الخارقي :158

38 ـ إبراهيم بن رجاء الجحدري :159

39 ـ إبراهيم بن رجاء الشيباني :159

40 ـ إبراهيم بن الزبرقان التيمي الكوفي :161

41 ـ إبراهيم بن زياد :161

42 ـ إبراهيم بن زياد الخارقي :161

43 ـ إبراهيم بن سعد بن إبراهيم :162

44 ـ إبراهيم بن سعيد المدني :162

45 ـ إبراهيم بن سلام نيسابوري :163

46 ـ إبراهيم بن سليمان بن أبي داحة :163

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

يسير. ويعتقد بوعد الله تعالى للمؤمنين بالنصر.

إنّ هؤلاء المؤمنين المخلصين أجابوا دعوة موسى بالتوكل :( فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا ) . ثمّ رجوا من الله سبحانه أن ينجيهم من شر الأعداء ووساوسهم وضغوطهم ويؤمّنهم :( رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) .

( وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) والجميل في الأمر أنّ فرعون قد وصف في الآية الأولى بأنّه من( الْمُسْرِفِينَ ) وفي الآية الثّالثة سمّي هو وأعوانه باسم( الظَّالِمِينَ ) ، وفي آخر آية بأنّهم من( الْكافِرِينَ ) .

إنّ هذا التفاوت في التعبيرات ربّما لأنّ الإنسان يشرع في مسير الذنب والخطأ من الإسراف أوّلا ، أي التعدي على الحدود ، ثمّ الظلم ، وينتهي عمله أخيرا إلى الكفر والإلحاد!

* * *

٤٢١

الآيات

( وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧) وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨٩) )

التّفسير

المرحلة الرّابعة : مرحلة البناء من أجل الثّورة :

شرحت هذه الآيات مرحلة أخرى من نهضة وثورة بني إسرائيل ضد الفراعنة.

فتقول أولا :( وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) فالأمر الالهي يقرر اختيار البيوت لبني إسرائيل بمصر وان تكون هذه البيوت متقاربة ومتقابلة.

٤٢٢

ثمّ تطرقت إلى مسألة تربية النفس معنويا وروحيا ، فقالت :( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) ومن أجل أن تطرد آثار الخوف والرعب من قلوب هؤلاء وتعيد وتزيد من قدرتهم المعنوية والثّورية قالت :( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) .

يستفاد من مجموع هذه الآية أنّ بني إسرائيل كانوا في تلك الفترة بصورة جماعة متشتتة مهزومة ومتطفلة وملوّثة وخائفة ، فلا مأوى لهم ولا اجتماع مركزي ، ولا برنامجا معنويا بنّاء ، ولا يمتلكون الشجاعة والجرأة اللازمة للقيام بثورة حقيقية.

لذلك فإنّ موسى وأخاه هارون قد تلقوا مهمّة وضع برنامج في عدّة نقاط من أجل تطهير مجتمع بني إسرائيل ، وخاصّة في الجانب الروحي :

١ ـ الاهتمام أوّلا بمسألة بناء المساكن ، وعزل مساكنهم عن الفراعنة ، وكان لهذا العمل عدّة فوائد :

إحداها : أنّهم بتملّكهم المساكن في بلاد مصر سيشعرون برابطة أقوى تدفعهم للدفاع عن أنفسهم وعن ذلك الماء والتراب.

والأخرى : أنّهم سينتقلون من الحياة الطفيلية في بيوت الأقباط إلى حياة مستقلة.

والثّالثة : أنّ أسرار أعمالهم وخططهم سوف لا تقع في أيدي الأعداء.

٢ ـ أن يبنوا بيوتهم متقاربة ويقابل بعضها الآخر. لأنّ القبلة في الأصل بمعنى حالة التقابل ، وإطلاق كلمة القبلة على ما هو معروف اليوم إنّما هو معنى ثانوي لهذه الكلمة(١) .

وأدّى هذا العمل الى تجمع وتمركز بني إسرائيل بشكل فاعل ، واستطاعوا بذلك

__________________

(١) بعض المفسّرين لم يأخذوا القبلة في الآية أعلاه بمعنى المقابل ، بل فسروها بنفس معناها ، اي قبلة الصلاة ، ويعتبرون جملة : (وأقيموا الصلاة) شاهدا على ذلك ، إلّا أن المعنى الأوّل أنسب لمفهوم الكلمة اللغوي الأصلي ، إضافة إلى أن إرادة كلا المعنيين من هذه الكلمة لا إشكال فيه أيضا ، كما مر علينا نظير هذا مرارا.

٤٢٣

وضع المسائل الاجتماعية بعامّة قيد البحث والتحقيق ، وأن يجتمعوا مع بعضهم لأداء المراسم الدينية والشعائر المذهبية ، وأن يرسموا الخطط اللازمة من أجل حريتهم.

٣ ـ التوجه إلى العبادة ، وخاصّة الصلاة التي تحرر الإنسان من عبودية العباد ، وتربطه بخالق كل القوى والقدرات ، وتغسل قلبه وروحه من لوث الذنوب ، وتحيي فيه الشعور بالاعتماد على النفس وعلى قدرة الله حيث ستدب وتنبعث روح جديدة في الإنسان.

٤ ـ إنّ هذه المهمّة وجهت الأمر لموسى ـ باعتباره قائدا ـ بأن يطهّر روح بني إسرائيل من اشكال الخوف والرعب التي كانت من افرازات سنين العبودية والذلة الطويلة. وأن يربي وينمي فيهم الإرادة والشهامة والشجاعة وذلك عن طريق بشارة المؤمنين بالفتح والنصر النهائي ، ولطف الله ورحمته.

الملفت للنظر أنّ بني إسرائيل من أولاد يعقوب ، وجماعة منهم من أولاد يوسف طبعا، وقد حكم هو واخوته مصر سنين طويلة ، وسعوا في عمران هذا الوطن ، إلّا أنّه نتيجة لتركهم طاعة الله والغفلة والخلافات الداخلية وصلوا إلى مثل هذا الوضع المأساوي. إنّ هذا المجتمع المسحوق المصاب يجب أن يبنى من جديد ، ويمحو نقاط ضعفه ويستبدلها بالخصال الروحية البناءة ليعيد عظمة الماضي.

ثمّ أشارت إلى إحدى علل طغيان فرعون وأزلامه ، فتقول على لسان موسى :( وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ) .

إنّ اللام في «ليضلوا» لام العاقبة ، أي إنّ جماعة الأشراف الأثرياء المترفين سيسعون من أجل إضلال الناس شاؤوا أم أبوا ، وسوف لا تكون عاقبة أمرهم شيئا غير هذا ، لأنّ دعوة الأنبياء والأطروحات الإلهية توقظ الناس وتوحدهم وبذلك

٤٢٤

لا يبقى مجال لتسلط الظالمين وكيد المعتدين وستضيق الدنيا عليهم ، فلا يجدوا بدّا من معارضة الأنبياء.

ثمّ يطلب موسىعليه‌السلام من الله طلبا فيقول :( رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ ) .

«الطمس» في اللغة بمعنى المحو وسلب خواص الشيء ، واللطيف في الأمر أن ما ورد في بعض الرّوايات من أنّ أموال الفراعنة قد أصبحت خزفا وحجرا بعد هذه اللعنة ، ربّما كان كناية عن أنّ التدهور الاقتصادي قد بلغ بهم أن سقطت فيه قيمة ثرواتهم تماما وأصبحت كالخزف لا قيمة لها!

ثمّ أضافت( وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ ) اي : اسلبهم قدرة التفكير والتدبّر أيضا لأنّهم بفقدانهم هاتين الدعامتين (المال والفكر) سيكونون على حافة الزوال والفناء ، وسينفتح أمامنا طريق الثورة ، وتوجيه الضربة النهائية لهؤلاء.

اللهم إن كنت قد طلبت ذلك منك في حق الفراعنة فليس ذلك نابعا من روح الانتقام والحقد ، بل لأنّ هؤلاء قد فقدوا أرضية الإيمان أبدا :( فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ ) ومن الطبيعي أنّ الإيمان بعد مشاهدة العذاب ـ كما سيأتي قريبا ـ لا ينفع هؤلاء أيضا.

ثمّ خاطب الله سبحانه وتعالى موسى وأخاه بأنّه : الآن وقد أصبحتما مستعدين لتربية وبناء قوم بني إسرائيل( قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما ) في سبيل الله ولا تخافا سيل المشاكل ، وكونا حازمين في أعمالكما ولا تستسلما أمام اقتراحات الجاهلين ، بل استمرا في برنامجكما الثوري( وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) .

* * *

٤٢٥

الآيات

( وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (٩٢) وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٩٣) )

التّفسير

الفصل الأخير من المجابهة مع الظّالمين :

هذه الآيات جسّدت آخر مرحلة من المواجهة بين بني إسرائيل والفراعنة وبيّنت مصير هؤلاء في عبارات قصيرة ، لكنّها دقيقة وواضحة ـ كما هو دأب القرآن ـ وتركت المطالب الأخرى تفهم من الجمل السابقة واللاحقة.

٤٢٦

فتقول أوّلا : إنّنا جاوزنا ببني إسرائيل البحر ـ وهو نهر النيل العظيم أطلق عليه اسم البحر لعظمته ـ أثناء مواجهتهم للفراعنة ، وعند ما كانوا تحت ضغط ومطاردة هؤلاء :( وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ ) إلّا أنّ فرعون وجنوده طاردوا هؤلاء من أجل القضاء على بني إسرائيل :( فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً ) .

«البغي» يعني الظلم ، «والعدو» بمعنى التعدي ، أي إنّ هؤلاء إنّما طاردوهم وتعقبوهم لغرض الظلم والتعدي عليهم ، أي على بني إسرائيل.

جملة «فأتبعهم» توحي بأنّ فرعون وجنوده قد تتبعوا بني إسرائيل طوعا ، وتؤيد بعض الرّوايات هذا المعنى ، والبعض الآخر تخالف هذا المعنى ، إلّا أن ما يفهم ويستفاد من ظاهر الآية هو الحجة على كل حال.

أمّا كيفية عبور بني إسرائيل للبحر ، وأي إعجاز وقع في ذلك الحين ، فإنّ شرح ذلك سيأتي في ذيل الآية (٦٣) من سورة الشعراء ، إن شاء الله تعالى.

على كل حال ، فإنّ هذه الأحداث قد استمرت حتى أوشك فرعون على الغرق ، وأصبح كالقشة تتقاذفه الأمواج وتلهو به ، فعنذاك زالت حجب الغرور والجهل من أمام عينه، وسطع نور التوحيد الفطري وصدع بالإيمان :( حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ ) فلست مؤمنا بقلبي فقط ، بل إنّي من المسلمين عمليا:( وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) .

ولما تحققت تنبؤات موسىعليه‌السلام الواحدة تلو الأخرى وأدرك فرعون صدق هذا النّبي الكبير أكثر فأكثر وشاهد قدرته وقوته ، اضطر إلى إظهار الإيمان على أمل أن ينقذه ربّ بني إسرائيل كما أنجاهم من هذه الأمواج المتلاطمة ولذلك يقول : آمنت أنّه لا إله إلّا الذي آمنت به بنو إسرائيل!

إلّا أنّ من البديهي أنّ مثل هذا الإيمان الذي يتجلّى عند نزول البلاء ونشوب أظفار الموت ، إيمان اضطراري يتشبث به كل جان ومجرم ومذنب وليست له أية قيمة ، أو يكون دليلا على حسن نيته أو صدق قوله ، ولهذا فإنّ الله سبحانه خاطبه

٤٢٧

فقال :( آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) .

وقد قرأنا سابقا في الآية (١٨) من سورة النساء :( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ) ولهذا فإنّ كثير من الناس ما أن تستقر بهم الحال وينجون من الموت يعودون إلى أوضاعهم وأعمالهم السابقة. ونظير هذا التعبير الذي ورد أعلاه جاء أيضا في اشعار وكلمات الأدباء العرب والعجم ، مثل :

أتت وحياض الموت بيني وبينها

وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل

لكن( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ) آية للحكام المستكبرين ولكل الظالمين والمفسدين ، وآية للفئات المستضعفة.

هناك بحث بين المفسّرين المراد من البدن هنا ، فأكثرهم يرى بأنّ المراد هو جسد فرعون الذي فارقته الروح ، لأنّ عظمة فرعون في أفكار الناس في ذلك المحيط بلغت حدّا بحيث أنّ الكثير لو لا ذلك لم يكن يصدق أن فرعون يمكن أن يغرق ، وكان من الممكن أن تنسج الأساطير والخرافات الكاذبة حول نجاة وحياة فرعون بعد هذه الحادثة ، لذلك ألقى الله سبحانه جسده خارج الماء.

اللطيف هنا ، أنّ البدن في اللغة ـ كما قال الراغب في مفرداته ـ يعني الجسد العظيم ـ وهذا يدلنا على أن فرعون كان عظيم الهيكل ممتلئ الجسم كما هو الحال في الكثير من أهل الترف والرفاه الدنيوي!

إلّا أنّ البعض الآخر قالوا : إنّ أحد معاني البدن هو الدرع ، وهذا إشارة إلى أن الله سبحانه قد أخرج فرعون من الماء بدرعه الذهبي الذي كان على بدنه ليعرف عن طريقه ، ولا يبقى أي مجال للشك في أنّه فرعون.

هذه النقطة أيضا تستحق الانتباه ، وهي أنهم استفادوا من جملة «ننجيك» أنّ الله سبحانه قد أمر الأمواج أن تلقي بدنه على مكان مرتفع عن الساحل لأنّ مادة «النجوة» تعني المكان المرتفع والأرض العالية.

٤٢٨

والنقطة الأخرى التي تلاحظ في الآية أنّ جملة :( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ ) قد بدأت بفاء التفريع ، ومن الممكن أن يكون ذلك إشارة إلى أن إيمان فرعون الباهت في هذه اللحظة اليائسة وفي ساعة الاحتضار كان كالجسد بدون روح ولذلك أثر بالمقدار الذي أنجى الله جسد فرعون من الماء بعد أن فارقته الروح ، حتى لا يكون طعمة للأسماك وليكون عبره للأجيال القادمة!

ويوجد الآن في متاحف مصر وبريطانيا جثة أو جثتين من جثث الفراعنة التي بقيت محنّطة بالمومياء ، فهل أنّ بدن فرعون المعاصر لموسى من بينها حيث حفظوه فيما بعد بالمومياء ، أم لا؟

لا يمكننا اثبات ذلك ، إلّا أنّ تعبير( لِمَنْ خَلْفَكَ ) يقوي هذا الاحتمال في أن بدن ذلك الفرعون من بين هذه الأبدان ، ليكون عبرة لكل الأجيال القادمة ، لأنّ تعبير الآية مطلق ويشمل كل الأجيال في المستقبل (فتدبر جيدا).

ويقول في نهاية الآية : إنّه وبالرغم من كل هذه الآيات والدلالات على قدرة الله ، ومع كل الدروس والعبر التي ملأت تاريخ البشر فإنّ الكثير معرضون عنها( وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ ) .

وتبيّن آخر آية من هذه الآيات النصر النهائي لبني إسرائيل ، والرجوع إلى الأرض المقدسة بعد الخلاص من قبضة الفراعنة ، فتقول :( وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ ) .

إنّ التعبير ب( مُبَوَّأَ صِدْقٍ ) يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ الله سبحانه قد وفى بما وعد به بني إسرائيل وأرجعهم إلى الوطن الموعود ، أو أنّ( مُبَوَّأَ صِدْقٍ ) إشارة إلى طهارة وقدسية هذه الأرض ، وبذلك تناسب أرض الشام وفلسطين التي كانت محط الأنبياء والرسل.

وقد احتمل جماعة أن يكون المراد أرض مصر ، كما يقول القرآن في سورة الدخان / الآية (٢٥) ـ (٢٨) :( كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ ) .

٤٢٩

وقد جاء هذا المضمون في الآية (٥٧) ـ (٥٩) من سورة الشعراء ، ونقرأ في آخرها :( وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ ) .

من هذه الآيات نخرج بأنّ بني إسرائيل قد بقوا فترة في مصر قبل الهجرة إلى الشام ، وتنعّموا ببركات تلك الأرض المعطاء.

ثمّ يضيف القرآن الكريم :( وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ) ولا مانع بالطبع من أن تكون أرض مصر هي المقصودة ، وكذلك أراضي الشام وفلسطين. إلّا أنّ هؤلاء لم يعرفوا قدر هذه النعمة( فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ ) وبعد مشاهدة كل تلك المعجزات التي جاء بها موسى ، وأدلة صدق دعوته ، إلّا( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) وإذا لم يتذوقوا طعم عقاب الاختلاف اليوم ، فسيذوقونه غدا.

وقد احتمل ـ أيضا ـ في تفسير هذه الآية ، أن يكن المراد من الاختلاف هو الاختلاف بين بني إسرائيل واليهود المعاصرين للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قبول دعوته ، أي إنّ هؤلاء رغم معرفتهم صدق دعوته حسب بشارات وعلامات كتبهم السماوية ، فإنّهم اختلفوا ، فآمن بعضهم ، وامتنع القسم الأكبر عن قبول دعوته ، وإنّ الله سبحانه سيقضي بين هؤلاء يوم القيامة.

إلّا أنّ الاحتمال الأوّل أنسب لظاهر الآية.

كان هذا الحديث عن قسم من ماضي بني إسرائيل المليء بالعبر ، والذي بيّن ضمن آيات في هذه السورة ، وما أشبه حال أولئك بمسلمي اليوم ، فإنّ الله قد نصر المسلمين بفضله مرّات كثيرة. وقهر أعداءهم الأقوياء بصورة إعجازية ، ونصر بفضله ورحمته هذه الأمة المستضعفة على أولئك المتجبرين ، إلّا أنّهم وللأسف الشديد ، بدل أن يجعلوا هذا النصر وسيلة لنشر دين الإسلام في جميع أرجاء العالم ، فإنّهم قد اتّخذوه ذريعة للتفرقة وإيجاد النفاق والاختلاف بحيث عرّضوا كل انتصاراتهم للخطر! اللهم نجّنا من كفران النعمة هذا.

* * *

٤٣٠

الآيات

( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (٩٤) وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٩٧) )

التّفسير

لا تدع للشك طريقا إلى نفسك!

لمّا كانت الآيات السابقة قد ذكرت جوانب من ماضي الأنبياء والأمم السابقة ، وكان من الممكن أن يشكك بعض المشركين ومنكري دعوة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صحة ذلك ، فقد طلب القرآن من هؤلاء أن يراجعوا أهل الكتاب للتأكد والعلم بصحة هذه الأقوال ، وليسألوهم عن ذلك ، لأنّ كثيرا من هذه المسائل قد ورد في كتب هؤلاء.

إلّا أنّه بدل أن يوجه الخطاب لهؤلاء ، خاطب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال :( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ ) ( فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ ) ليثبت عن هذا الطريق بأنّه( لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ ) .

٤٣١

ويحتمل أيضا أنّ الآية أعلاه تطرح بحثا جديدا ومستقلا في صدق دعوة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتعلم المخالفين أنّهم إن كانوا في شك من أحقيته فليسألوا أهل الكتاب عن علاماته التي نزلت في الكتب السابقة كالتّوراة والإنجيل.

ونقل سبب آخر للنزول في بعض التفاسير(١) يؤيد هذا المعنى ، وهو أن جمعا من كفار قريش كانوا يقولون : إنّ هذا القرآن لم ينزل من الله ، بل إنّ الشيطان يلقيه على محمّد!! وقد سبب هذا الكلام أن يقع عدّة أشخاص في وادي الشك والتردد ، فأجابهم بهذه الآية.

هل كان النّبي شاكّا؟!

يمكن أن يتراءى للنظر في البداية أنّ هذه الآيات تحكي عن أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان شاكّا في صدق الآيات التي كانت تنزل عليه ، وأنّ الله سبحانه قد أزال شكّه عن الطريق أعلاه.

ولكن واقع الأمر أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتلقى مسألة الوحي مع الشهود والمشاهدة ـ كما تحكي آيات القرآن هذا المعنى ـ ومعه لا يبقي أي معنى للشك في هذا المورد. إضافة إلى أنّ هذا الأسلوب من خطاب القريب من أجل تنبيه البعيد رائج في العرف ، وهذا هو المراد من المثل المعروف : إيّاك أعني واسمعي يا جارة ، وتأثير مثل هذا الكلام أكبر من الخطاب الصريح في كثير من الموارد.

إضافة إلى أن ذكر الجملة الشرطية لا يدل دائما على احتمال وجود الشرط ، بل هو للتأكيد على مسأله ما أحيانا ، أو لبيان قانون كلي عام ، فنقرأ مثلا في الآية (٢٣) من سورة الإسراء :( وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ ) وينبغي الانتباه إلى أنّ المخاطب في الآية هو النّبي ظاهرا ، إلّا أنّه لما كان النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد أباه قبل ولادته وأمّه في

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ، الجزء ٦ ، ص ٢٢٧ ذيل الآية.

٤٣٢

طفولته ، فإنّ من الواضح أنّ احترام الوالدين طرح هنا كقانون عام بالرغم من أن المخاطب ظاهرا هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكذلك نقرأ في سورة الطلاق :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ) وهذا التعبير لا يدل على أن النّبي قد طلق امرأة في حياته ، بل هو بيان قانون عام ، والبديع في هذا التعبير أنّ المخاطب في بداية الجملة هو النّبي ، وفي نهايتها كل الناس.

ومن جملة القرائن التي تؤيد أنّ المقصود الأساس في الآية هم المشركون والكافرون ، الآيات التي تتلو هذه الآية والتي تتحدث عن كفر وجحود هؤلاء.

ويلاحظ نظير هذا الموضوع في الآيات المرتبطة بالمسيح ، عند ما يسأله الله يوم القيامة :( أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ) ؟ فإنّه ينكر هذه المسألة بصراحة ، ويضيف :( إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ) سورة المائدة من الآية (١١٦).

ثمّ تضيف الآية التّالية :( وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ ) من بعد ما اتّضحت لك آيات الله وصدق هذه الدعوة.

إنّ الآية السابقة تقول بأنّك إن كنت في شك فاسأل أولئك المطلعين العالمين ، وتقول هذه الآية بأنّك يجب أن تسلم مقابل هذه الآيات بعد أن ارتفعت عوامل الشك ، وإلّا فإنّ مخالفة الحق لا عاقبة لها إلّا الخسران.

إنّ هذه الآية قرينة واضحة على أنّ المقصود من الآية السابقة هم عموم الناس بالرغم من أن الخطاب موجه إلى شخص النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ من البديهي أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن يكذب الآيات الإلهية مطلقا ، بل كان المدافع المستميت الصلب عن دينه.

ثمّ أنّها تخبر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّ من بين مخالفيك جماعة متعصبين عنودين لا فائدة من انتظار إيمانهم ، فإنّهم قد مسخوا من الناحية الفكرية ، وتوغلوا في طريق الباطل إلى الحد الذي فقدوا معه الضمير الإنساني الحي تماما ، وتحولوا إلى

٤٣٣

موجودات لا يمكن اختراقها ، غاية ما في الأمر أنّ القرآن الكريم يبيّن هذا الموضوع بهذا التعبير :( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ) .

وحتى إذا جاءتهم كل الآيات والدلالات فإنّهم لا يؤمنون :( وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ ) ولا أثر لإيمانهم في ذلك الوقت.

إنّ الآيات الأولى من الآيات مورد البحث تدعو عامّة الناس إلى المطالعة والتحقيق والسؤال من أهل العلم ، ثمّ طلبت منهم أن ينصروا الحق ويدافعوا عنه بعد أن اتّضح لهم. إلّا أنّ الآيات الأخيرة تقول : لا تتوقّع أن يؤمن كل هؤلاء ، لأنّ البعض قد فسد قلبه بحيث لا يمكن إصلاحه ، فلا يثبطك عدم ايمانهم عن مواصلة الطريق. ولا تتعب نفسك في سبيل هدايتهم ، بل توجه إلى الأكثرية من الناس ممّن لهم أهلية الهداية.

وكما كررنا مرارا ، فإنّ التعبيرات التي تشابه هذه الآية السابقة ليست دليلا على الجبر أبدا ، بل هي من قبيل ذكر آثار عمل الإنسان ، لكن لما كان أثر كل شيء بأمر الله ، فإنّ هذه الأمور تنسب إلى الله أحيانا.

ويبدو أنّ ذكر هذه النقطة مهم أيضا ، وهي أنّنا قرأنا في بعض الآيات السابقة في شأن فرعون أنّه قد أظهر الإيمان بعد نزول العذاب والوقوع في قبضة الطوفان ، إلّا أن مثل هذا الإيمان لما كان يتصف بالاضطرار لم ينفعه. إلّا أنّ هذه الآيات تقول إنّ هذا لم يكن أسلوب وطريق فرعون وحده ، بل هو طريق كل العنودين الأنانيين المستكبرين المسودّه قلوبهم الذين وصلوا إلى قمة الطغيان ولديهم نفس هذه الحالة ، فإنّ هؤلاء أيضا لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم ، ذلك الإيمان العديم الأثر بالنسبة لهؤلاء.

* * *

٤٣٤

الآية

( فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (٩٨) )

التّفسير

الامّة التي آمنت في الوقت المناسب!

تحدثت الآيات السابقة عن فرعون خاصّة ، والأقوام السابقة بصورة عامّة ، وهي أنّ هؤلاء امتنعوا من الإيمان بالله في وقت الإختيار والسلامة ، إلّا أنّهم لما أشرفوا على الموت والعذاب الإلهي أظهروا الإيمان الذي لم يكن نافعا لهم آنذاك.

وتطرح الآية التي نبحثها هذه المسألة كقانون عام ، فتقول :( فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها ) . ثمّ استثنت قوم يونس فقالت :( إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ ) أي إلى آخر عمرهم.

إنّ كلمة «لو لا» تعني هنا النفي على رأي بعض المفسّرين ، ولذلك تمّ الاستثناء منها بواسطة «إلّا» وعلى هذا الأساس يصبح معنى الجملة : لم يؤمن أي من الأقوام والأمم التي عاشت في الماضي في المدن والأماكن المعمورة أمام أنبياء الله

٤٣٥

بصورة جماعية إلّا قوم يونس.

إلّا أنّ البعض الآخر معتقد بأنّ كلمة «لو لا» لم تأت بمعنى النفي ، بل أتت دائما بمعنى التحضيض ـ ويقال للسؤال المقترن بالتوبيخ والتحريك تحضيض ـ إلّا أن لازم مفهومها في مثل هذه الموارد يكون نفيا ، ولهذا يمكن أن يستثنى منها بـ «إلّا».

وعلى كل حال ، فلا شك في أنّ جماعات كثيرة من الأقوام السالفة آمنوا أيضا ، إلّا أنّ الذي يميز قوم يونس هو أنّهم آمنوا بأجمعهم دفعة واحدة ، وكان ذلك قبل حلول العقاب الإلهي الحتمي ، في حين أنّ جماعة كبيرة من بين الأقوام الأخرى بقوا على مخالفتهم وعنادهم حتى صدر القرار الإلهي بالعذاب الحتمي ، فلمّا رأى هؤلاء العذاب الأليم أظهر أغلبهم الإيمان ، إلّا أنّ إيمانهم ـ وللسبب الذي قلناه سابقا ـ لم يكن له أثر ولا نفع.

قصّة إيمان قوم يونس :

كانت قصّة هؤلاء على ما جاء في التواريخ ، أنّه عند ما يئس يونس من إيمان قومه القاطنين أرض نينوى في العراق ، دعا على قومه باقتراح من عابد كان يعيش بينهم ، في حين أنّ عالما كان معهم أيضا اقترح على يونس أن يدعو لهؤلاء لا عليهم ، وأن يستمر في إرشاده أكثر من قبل ولا ييأس.

يونس اعتزل قومه بعد الدعاء عليهم ، فاجتمع قومه الذين كانوا قد جربوا صدق أقواله حول ذلك الرجل العالم ، ولم يكن أمر العذاب القطعي قد صدر بعد ، إلّا أنّ علاماته قد شرعت في الظهور ، فاغتنم هؤلاء الفرصة وعملوا بنصيحة العالم وخرجوا معه خارج المدينة. للتضرع والدعاء ، وأظهروا الإيمان والتوبة ، ومن أجل أن يزداد توجههم الروحي فرقوا بين الأمهات والأولاد ، ولبسوا اللباس الخشن البالي وهبوّا للبحث عن نبيّهم فلم يعثروا له على أثر.

إلّا أنّ هذه التوبة والإيمان والرجوع إلى الله ، الذي تمّ في الوقت المناسب وعن

٤٣٦

وعي مقترن بالإخلاص قد أثر أثره ، وارتفعت علامات العذاب وعادت المياه الى مجاريها. ولمّا رجع يونس إلى قومه بعد احداث ووقائع كثيرة وقعت له قبلوه بأرواحهم وقلوبهم.

وسنبيّن تفصيل حياة يونس نفسه في ذيل الآيات (١٣٤ ـ ١٤٨) من سورة الصافات ، إن شاء الله تعالى.

والجدير بالذكر ، إنّ قوم يونس لم يستحقوا العذاب الإلهي ، الحتمي ، وإلّا لم تقبل توبتهم ، بل كانت تأتيهم الإنذارات والتحذيرات التي تظهر عادة قبل العذاب النهائي ، وقد كان مقدارها كافيا للتوعية ، في حين أنّ الفراعنة مثلا كانوا قد رأوا هذه الإنذارات مرارا ـ كحادثة الطوفان والجراد واختلاف ماء النيل الشديد وأمثالها ـ إلّا أنّهم لم يعبئوا بها مطلقا ولم يأخذوها بمنظار جدي. واكتفوا بالطلب من موسى أن يدعوا الله ليرفع عنهم هذه الابتلاءات ليؤمنوا ، لكنّهم لم يؤمنوا مطلقا.

ثمّ إنّ القصّة أعلاه تبيّن بصورة ضمنية مدى تأثير القائد الواعي الرشيد الحريص في القوم أو الأمّة ، في حين أن العابد الذي لا يمتلك الوعي الكافي يعتمد على الخشونة أكثر ، وهكذا يفهم من هذه الرّواية منطق الإسلام في المقارنة بين العبادة الجاهلة. والعلم الممتزج بالإحساس بالمسؤولية.

* * *

٤٣٧

الآيتان

( وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩) وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (١٠٠) )

التّفسير

لا خير في الإيمان الإجباري :

لقد طالعنا في الآيات السابقة أنّ الإيمان الاضطراري لا يجدي نفعا أبدا ، ولهذا فإنّ الآية الأولى من هذه الآيات تقول :( وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً ) وبناء على هذا فلا يعتصر قلبك ألما لعدم إيمان جماعة من هؤلاء ، فإنّ من مستلزمات أصل حرية الإرادة والإختيار أن يؤمن جماعة ويكفر آخرون ، وإذا كان الأمر كذلك( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) ؟

إنّ هذه الآية تنفي بصراحة مرّة أخرى التهمة الباطلة التي قالها ويقولها أعداء الإسلام بصورة مكررة ، حيث يقولون : إنّ الإسلام دين السيف ، وقد فرض بالقوّة والإجبار على شعوب العالم ، فتجيب الآية ـ ككثير من آيات القرآن الأخرى ـ بأنّ الإيمان الإجباري لا قيمة له ، والدين والإيمان شيء ينبع عادة من أعماق

٤٣٨

الروح ، لا من الخارج وبواسطة السيف ، خاصّة وأنّها حذرت النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من إكراه وإجبار الناس على الإيمان والإسلام.

الآية التّالية قد ذكرت هذه الحقيقة أيضا ، وهي أنّ البشر وإن كانوا أحرارا في اختيارهم ، إلّا أنّه( وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ) ولهذا فإنّ هؤلاء قد ساروا في طريق الجهل وعدم التعقل ، ولم يكونوا مستعدين للاستفادة من رأس مال فكرهم وعقلهم ، وسوف لا يوفقون للإيمان وهم على هذا الحال ، إذ( وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ) .

* * *

ملاحظتان

١ ـ من الممكن أن يتصور في البداية أنّ هناك تنافيا وتضادا بين الآية الأولى والثّانية، إذ أنّ الآية الأولى تقول : إنّ الله لا يجبر أحدا على الإيمان ، في حين أن الآية الثّانية تقول : إنّ أحدا لا يمكن أن يؤمن حتى يأذن الله!

إلّا أنّ التنبه إلى نكتة واحدة يرفع هذا التضاد الظاهري ، وهي أنّنا نعتقد بأنّ الجبر غير صحيح ، كما أنّ التفويض غير صحيح أيضا ، أي أن الناس ليسوا مجبورين تماما على أعمالهم ، ولا هم متروكون وأنفسهم يعملون ما يشاءون ، بل إنّهم في الوقت الذي يكونون فيه أحرارا في الإرادة ، فإنّهم في حاجة للمعونة الالهية ، لأنّ الله سبحانه هو الذي يعطيهم حرية الإرادة ، فالعقل والوجدان الطاهر هما من مواهبه وعطاياه ، وإرشاد الأنبياء وهداية الكتب السماوية من جانبه أيضا ، وبناء على هذا ففي عين حرية الإرادة والإختيار ، فإنّ منبع هذه الهبة وما ينتج عنها من جانب الله سبحانه. دققوا ذلك.

٢ ـ إنّ آخر جملة من الآية الأخيرة ، أي( وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ) لا ينبغي أن تفسر بمعنى الجبر مطلقا ، لأنّ جملة( لا يَعْقِلُونَ ) دليل على

٤٣٩

اختيار هؤلاء ، أي أنّ هؤلاء الأفراد قد امتنعوا من التفكير والتدبر أوّلا. فاتلوا في النهاية بهذا العقاب ، الذي هو الرجس وقذارة الشك والتردد وظلمة القلب والخطأ في التفكير الذي سلط على هؤلاء حتى سلبت منهم القدرة على الإيمان ، إلّا أنّه ينبغي الانتباه إلى أنّ مقدمات العذاب قد هيأها هؤلاء بأنفسهم ، وفي مثل هذه الأحوال فإنّ الله تعالى لا يأذن في إيمان هؤلاء.

وبتعبير آخر ، فإنّ هذه الجملة تشير إلى أنّ إذن الله وأمره ليس أمرا اعتباطيا غير مدروس ومحسوب ، بل إنّه يشمل أولئك الذين لهم أهلية الإيمان ، أمّا غير اللائقين فإنّهم سيحرمون منه.

* * *

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608