الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260487 / تحميل: 6458
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

فرسخ في فرسخ ».

[١٢٠٩١] ٦ - الشيخ البهائي في الكشكول، عن خط جده محمد بن علي الجباعي، نقلا من خط ابن طاووس، نقلا من كتاب الزيارات لمحمد بن أحمد بن داود القمي، عن الصادقعليه‌السلام أنه قال: « إن حرم الحسينعليه‌السلام الذي اشتراه، أربعة أميال في أربعة أميال، فهو حلال لولده ومواليه، حرام على غيرهم ممن خالفهم، وفيه البركة ».

[١٢٠٩٢] ٧ - ومن الكتاب المذكور: روي أن الحسينعليه‌السلام اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضرية بستين ألف درهم، وتصدق بها عليهم، وشرط أن يرشدوا إلى قبره، ويضيفوا من زاره ثلاثة أيام.

وذكر السيد رضي الدين بن طاووس: أنها إنما صارت حلالا بعد الصدقة، لأنهم لم يفوا بالشرط، قال: وقد روى محمد بن داود عدم وفائهم بالشرط في باب نوادر الزيارات.

وروى الخبر الأول الشيخ الطريحي في مجمع البحرين(١) : عنهعليه‌السلام ، مثله.

٥١ -( باب استحباب التبرك بكربلاء)

[١٢٠٩٣] ١ - كتاب أبي سعيد العصفري: برواية الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام بن سهيل، عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن خاقان النهدي، قال: حدثني محمد بن علي بن إبراهيم

__________________

٦ - الكشكول ج ١ ص ٢٨٠.

٧ - كشكول ج ١ ص ٢٨٠.

(١) مجمع البحرين ج ٥ ص ٤٦٠.

الباب ٥١

١ - كتاب أبي سعيد العصفري ص ١٦.

٣٢١

الصيرفي أبو سمينة، قال: حدثني أبو سعيد العصفري وهو عباد، عن عمرو(١) بن يزيد بياع السابري، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: « إن أرض مكة(٢) قالت: من مثلي؟ وقد جعل بيت الله على ظهري، يأتيني الناس من كلّ فج عميق، وجعلت حرم الله وأمنه، فأوحى الله إليها: أن كفي وقري فوعزتي ما فضل(٣) فضلت به فيما أعطيت(٤) كربلاء، إلا بمنزلة إبرة غمست في البحر فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضلت، ولولا من تضمنت أرض كربلاء ما خلقتك ولا خلقت البيت الذي به افتخرت، فقري واستقري وكوني ذنبا(٥) متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف ولا مستكبر على أرض كربلاء، وإلا أسخطتك(٦) فهويت في نار جهنم ».

[١٢٠٩٤] ٢ - وعن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « خلق الله أرض كربلاء قبل أن يخلق أرض الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام، وقدسها وبارك عليها، فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدسة مباركة لا تزال كذلك، حتى يجعلها الله أفضل ارض في الجنة، وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنة ».

[١٢٠٩٥] ٣ - وعن رجل، عن أبي الجارود قال: قال علي بن الحسينعليهما‌السلام : « اتخذ الله أرض كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يخلق

__________________

(١) لعل الصحيح عمر، راجع معجم رجال الحديث ج ١٣ ص ٥٣ و ٦٠.

(٢) في المصدر: الكعبة.

(٣) وفيه زيادة: ما.

(٤) وفيه زيادة: أرض.

(٥) وفيه: دنيا.

(٦) وفيه: أسخط.

٢ - كتاب أبي سعيد العصفري ص ١٧.

٣ - كتاب أبي سعيد العصفري ص ١٧.

٣٢٢

أرض الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام، وأنها إذا بدل الله الأرضين رفعها كما هي برمتها نورانية صافية، فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة وأفضل مسكن في الجنة، لا يسكنها إلا النبيون والمرسلون - أو قال: أولوا العزم من الرسل - وأنها لتزهر من رياض الجنة كما يزهر(١) الكوكب الدري(٢) لأهل الأرض، يغشي نورها نور أبصار أهل الجنة(٣) جميعا، وهي تنادي: أنا أرض الله المقدسة والطينة المباركة، التي تضمنت سيد الشهداء وشباب أهل الجنة ».

[١٢٠٩٦] ٤ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبي العباس، عن ( محمد بن )(١) الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي سعيد العصفري، وذكر مثل الحديث الثاني.

وعن أبيه وأخيه وعلي بن الحسين جمعيا، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبي سعيد، مثله.(٢)

وعن جماعة مشايخه أبيه وأخيه وغيرهم، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن علي عن أبي سعيد مثله(٣) .

وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن ابن أبي المقدام، عن أبيه، مثله(٤)

__________________

(١) في المخطوط: تزهر، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة: من كواكب.

(٣) وفيه: الأرض.

٤ - كامل الزيارات ص ٢٦٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢ و ٣ و ٤) نفس المصد ص ٢٧٠.

٣٢٣

[١٢٠٩٧] ٥ - وعنهم، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن عباد أبي سعيد العصفري، عن رجل، عن أبي الجارود، وذكر مثل الحديث الثالث قال: وروى قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « الغاضرية هي البقعة التي كلم الله فيها موسى بن عمران، وناجى نوحا فيها، وهي أكرم ارض الله عليه، ولولا ذلك ما استودع الله فيها أولياءه وأنبياءه(١) ، فزوروا قبورنا بالغاضرية، وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : الغاضرية من تربة بيت المقدس ».

[١٢٠٩٨] ٦ - وبهذا الاسناد عن أبي سعيد، عن حماد بن أيوب، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يقبر ابني بأرض يقال لها: كربلاء، هي البقعة التي كانت فيها قبة الاسلام، التي نجا الله عليها المؤمنين الذين آمنوا مع نوحعليه‌السلام في الطوفان ».

[١٢٠٩٩] ٧ - وعنهم، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد القماط، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن الله اتخذ ( بفضل قبره )(١) كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما ».

[١٢١٠٠] ٨ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله

__________________

٥ - كامل الزيارات ص ٢٦٨.

(١) في نسخة زيادة. وأبناء نبيه. - ( منه قده ).

٦ - كامل الزيارات ص ٢٦٩.

٧ - كامل الزيارات ص ٢٦٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

٨ - كامل الزيارات ص ٢٧١.

٣٢٤

عليه‌السلام يقول: « موضع قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام منذ يوم دفن روضة من رياض الجنة، وقالعليه‌السلام : موضع قبر الحسينعليه‌السلام ترعة من ترع الجنة ».

ورواه الصدوق في ثواب الأعمال(١) : عن محمد بن موسى المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، مثله.

[١٢١٠١] ٩ - وعن عبد الله بن الفضل بن محمد بن هلال، عن سعيد بن محمد، عن محمد بن سلام الكوفي، عن أحمد بن محمد الواسطي، عن عيسى بن أبي شيبة القاضي، عن نوح بن دراج، عن قدامة بن زائدة، عن أبيه، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، عن عمته زينب، عن أم أيمن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث طويل - أنه قال: « قال جبرائيل: وإن سبطك هذا - وأومأ بيده إلى الحسينعليه‌السلام - مقتول في عصابة من ذريتك وأهل بيتك وأخيار من أمتك، بضفة الفرات بأرض تدعى(١) كربلاء، من أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذريتك، في اليوم الذي لا ينقضي كربه ولا تنقضي(٢) حسرته، وهي أطهر(٣) بقاع الأرض وأعظمها حرمة، وإنها لمن بطحاء الجنة » الخبر.

[١٢١٠٢] ١٠ - البحار: عن السيد محمد بن أبي طالب في مقتله قال: شيخنا المفيد بإسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: لما سار أبو عبد اللهعليه‌السلام من المدينة أتته أفواج مسلمي الجن - إلى أن قال - قال

__________________

(١) ثواب الأعمال ص ١٢٠.

٩ - كامل الزيارات ص ٢٦٤.

(١) في المصدر: يقال لها.

(٢) في المصدر: ولا تفنى.

(٣) في المصدر: أطيب. ١٠ - البحار ج ٤٤ ص ٣٣٠.

٣٢٥

عليه‌السلام لهم: « فإذا أقمت بمكاني فبماذا يبتلى هذا الخلق المتعوس وبماذا يختبرون؟ ومن ذا يكون ساكن حفرتي بكربلاء؟ وقد اختارها الله تعالى لي يوم دحا الأرض، وجعلها معقلا لشيعتنا وتكون أمانا لهم في الدنيا والآخرة ».

ورواه الحسين بن حمدان الحضيني في هدايته(١) : بإسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله وزاد بعد قوله: لشيعتنا ومحبينا، تقبل(٢) أعمالهم وصلاتهم، وتسمع وتجاب دعواتهم، وسكن إليهم شيعتنا وتكون لهم أمانا الخ

٥٢ -( باب استحباب كثرة الصلاة عند قبر الحسينعليه‌السلام فرضا ونفلا عند رأسه وخلفه، والاتمام فيه سفرا)

[١٢١٠٣] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، ( عن أبي عبد الله الجاموراني الرازي )(١) ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن الحسن بن محمد بن عبد الكريم، عن المفضل بن عمر، عن جابر الجعفي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث في زيارته - قالعليه‌السلام : « ثم تمضي إلى صلاتك ولك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حج واعتمر ألف مرة، وأعتق ألف رقبة، وكأنما وقف في سبيل الله ألف مرة مع نبي مرسل ».

[١٢١٠٤] ٢ - وعن الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن

__________________

(١) الهداية ص ٤٣ - ب.

(٢) في المصدر: فقبل.

الباب ٥٢

١ - كامل الزيارات ص ٢٥١.

(١) أثبتناه من المصدر، انظر معجم رجال الحديث ج ٥ ص ١٧ و ج ٢١ ص ٢٢٤.

٢ - كامل الزيارات ص ٢١٦.

٣٢٦

مسلم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا أتيت القبر بدأت فأثنيت على الله - إلى أن قال - ثم اجعل القبر بين يديك وصل ما بدا لك.

[١٢١٠٥] ٣ - وعن محمد بن أحمد بن الحسين العسكري ومحمد بن الحسن معا، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن مروان، عن الثمالي قال: قال الصادقعليه‌السلام : « إذا أردت المسير إلى قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام - وساق الآداب والزيارة إلى أن قالعليه‌السلام - ثم تأتي قبر الحسينعليه‌السلام ، ثم تدور من خلفه إلى عند رأس الحسينعليه‌السلام ، وصل عند رأسه ركعتين تقرأ في الأولى الحمد ويس وفي الثانية الحمد والرحمان، وإن شئت صليت خلف القبر، وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصل ما أحببت، إلا أن الركعتين - ركعتي الزيارة - لا بد منهما عند كلّ قبر » الخبر.

[١٢١٠٦] ٤ - وعن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا، عن الحسين بن الحسن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة قال: سألت العبد الصالحعليه‌السلام ، عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام - إلى أن قال - وسألته عن الصلاة بالنهار عند قبر الحسينعليه‌السلام تطوعا، فقال: « نعم ».

[١٢١٠٧] ٥ - وعن جعفر بن محمد بن إبراهيم، عن عبيد الله بن نهيك، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قال لرجل: « يا فلان ما يمنعك إذا عرضت لك حاجة أن تأتي قبر الحسين ( صلوات الله عليه )، فتصلي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإن الصلاة الفريضة

__________________

٣ - كامل الزيارات ص ٢٢٣.

٤ - كامل الزيارات ص ٢٤٦.

٥ - كامل الزيارات ص ٢٥١.

٣٢٧

عنده تعدل حجة، والصلاة النافلة تعدل عمرة ».

[١٢١٠٨] ٦ - وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد الرازي، عن ( الحسن بن )(١) علي بن أبي حمزة، عن الحسن بن محمد بن عبد الكريم عن المفضل بن عمر، ( عن جابر الجعفي )(٢) قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام للمفضل في حديث طويل في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام : « ثم تمضي إلى صلاتك، ولك بكل ركعة ركعتها عنده، كثواب من حج ألف حجة، واعتمر ألف عمرة، واعتق ألف رقبة، وكأنما وقف في سبيل الله ألف مرة مع نبي مرسل » الحديث.

[١٢١٠٩] ٧ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام ، ماله من الثواب والأجر جعلت فداك؟ قال: « يا شعيب ما صلى عنده أحد الصلاة إلا قبلها الله منه، ولا دعا عنده أحد إلا استجيب له عاجله وآجله » الخبر.

[١٢١١٠] ٨ - وعن محمد بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد، عن الأصم، عن محمد البصري، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من صلى خلف الحسينعليه‌السلام صلاة واحدة(١) يريد بها الله، لقي الله يوم يلقاه وعليه من

__________________

٦ - كامل الزيارات ص ٢٥١.

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

(٢) كذا في المخطوط والمصدر، وروى الحديث الشيخ الطوسي في التهذيب ج ٦ ص ٧٣ ح ٩: وعنه في الوسائل ج ١٠ ص ٤٠٦ ح ٢: والمشهدي في المزار الكبير ص ٤٩٧، بالسند المذكور عن المفضل بن عمر، من دون ذكر جابر الجعفي فيه ولفظ الحديث في المصادر المذكور: « ثم تمضي يا مفضل.، ولعله هو الصواب، وكذلك الحديث رقم ١ من هذا اللباب، فتأمل.

٧ - كامل الزيارات ص ٢٥٢.

٨ - كامل الزيارات ص ١٢٢.

(١) في المصدر: واجبة

٣٢٨

النور ما يغشى كلّ شئ يراه » الخبر.

[١٢١١١] ٩ - السيد علي بن طاووس في مصباح الزائر: صفة صلاة لزيارة الحسين بن علي ( صلوات الله عليهما )، وهي أربع ركعات بالحمد وقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون، وتدعو بعدهما وتقول الدعاء.

[١٢١١٢] ١٠ - وفيه: صفة صلاة أخرى عند رأس الحسين ( صلوات الله عليه )، وهما ركعتان بالرحمان وتبارك، فمن صلاهما كتب الله له خمسا وعشرين حجة مقبولة مبرورة متقبلة، مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[١٢١١٣] ١١ - الشيخ محمد بن المشهدي في المزار: بإسناده عن علي بن الحسين، عن محمد بن يحيى العطار: عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أحمد، عن هارون بن مسلم، عن أبي علي الحراني قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما لمن زار الحسينعليه‌السلام ؟ قال: « من أتاه وزاره وصلى عنده ركعتين أو أربع ركعات، كتبت له حجة وعمرة ».

٥٣ -( باب استحباب الاستشفاء بتربة الحسينعليه‌السلام ، والتبرك بها، وتقبيلها، وتحنيك(*) الأولاد بها، واستصحابها عند الخوف وعند المرض)

[١٢١١٤] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن محمد بن الحسن بن

__________________

٩ - عنه في البحار ج ١٠١ ص ٢٨٥ ح ٢.

١٠ - عنه في البحار ج ١٠١ ص ٢٨٧.

١١ - مزار المشهدي ص ٤٩٧ وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٨٣ ح ١١.

الباب ٥٣

* تحنيك المولود عند ولادته: أن يضع الشئ حتى يصير مائعا فيوضع في فمه ليصل شئ منه إلى جوفه. ويستحب التحنيك بالتربة الحسينية والماء ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٢٦٣ ).

١ - كامل الزيارات ص ٢٧٤.

٣٢٩

الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، بن ابن فضال، ( عن كرام )(١) ، عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يأخذ الانسان من طين قبر الحسينعليه‌السلام فينتفع به، ويأخذ غيره يفلا ينتفع به، فقال: « والله الذي لا آله إلا هو ما يأخذه أحد وهو يرى أن الله ينفعه به، إلا نفعه الله به ».

[١٢١١٥] ٢ - وعن محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي عبد الله البرقي، عن بعض أصحابنا قال: دفعت إلي امرأة غزلا فقالت: ادفعه إلى حجبة مكة، ليخاط به كسوة الكعبة، قال فكرهت أن ادفعه إلى الحجبة وأنا أعرفهم، فلما أن صرنا إلى المدينة، دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت له: جعلت فداك إن امرأة أعطتني غزلا فقالت: ادفعه ( إلى الحجبة )(١) بمكة لتخاط به كسوة الكعبة، فكرهت أن ادفعه إلى الحجبة، فقال: « اشتر به عسلا وزعفرانا، وخذ من طين قبر الحسينعليه‌السلام ، واعجنه بماء السماء، واجعل فيه من العسل والزعفران، وفرقه على الشيعة ليداووا به مرضاهم ».

[١٢١١٦] ٣ - وعن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن محمد بن سليمان البصري، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « في طين قبر الحسينعليه‌السلام ، الشفاء من كلّ داء، وهو الدواء الأكبر ».

[١٢١١٧] ٤ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن شيخ من

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - كامل الزيارات ص ٢٧٤.

(١) ليس في المصدر.

٣ - كامل الزيارات ص ٢٧٥.

٤ - كامل الزيارات ص ٢٧٥.

٣٣٠

أصحابنا، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: طين قبر الحسينعليه‌السلام ، فيه شفاء وإن أخذ على رأس ميل ».

[١٢١١٨] ٥ - وعن أبيه، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي اليسع قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا أسمع، قال: آخذ من طين القبر يكون عندي أطلب بركته، قال: « لا بأس بذلك ».

[١٢١١٩] ٦ - وعن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن موسى الوراق، عن يونس، عن عيسى بن سليمان، عن محمد بن زياد، عن عمته قالت: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إن في طين الحائر الذي فيه الحسينعليه‌السلام ، شفاء من كلّ داء وأمانا من كلّ خوف ».

وعن أبيه، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى، عن العمركي، عن يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثانيعليه‌السلام - عن عيسى بن سليمان، عن محمد بن مارد، عن عمته، مثله(١) .

[١٢١٢٠] ٧ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن الخيبري، عن أبي ولاد، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « لو أن مريضا من المؤمنين يعرف حق أبي عبد اللهعليه‌السلام حرمته وولايته، أخذ له من طين قبره على رأس ميل، كان له دواء وشفاء ».

[١٢١٢١] ٨ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن

__________________

٥ - كامل الزيارات ص ٢٧٨.

٦ - كامل الزيارات ص ٢٧٨.

(١) نفس المصدر ص ٢٧٩.

٧ - كامل الزيارات ص ٢٧٩.

٨ - كامل الزيارات ص ٢٧٩.

٣٣١

الحسن بن علي، عن يونس بن الربيع(١) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن عند رأس الحسينعليه‌السلام لتربة حمراء، فيها شفاء من كلّ داء إلا السام » قال: فأتيت القبر بعد ما سمعت هذا الحديث، فاحتفرنا عند رأس القبر، فلما حفرنا قدر ذراع، انحدرت علينا من عند رأس القبر مثل السهلة حمراء قدر درهم، فحملناه إلى الكوفة فمزجناه وخبيناه، وأقبلنا نعطي الناس ليتداووا به ».

[١٢١٢٢] ٩ - وعن محمد بن الحسن بن مهزيار، عن جده علي بن مهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن أبي عمرو شيخ من أهل الكوفة، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: كنت بمكة - وذكر في حديثه - قلت: جعلت فداك، إني رأيت أصحابنا يأخذون من طين ( الحسينعليه‌السلام )(١) ليستشفون به، هل في ذلك شئ مما يقولون من الشفاء؟ قال: قال: « يستشفى بما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال، وكذلك طين قبر جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك طين قبر الحسن وعلي ومحمدعليهم‌السلام ، فخذ منها فإنها شفاء من كلّ سقم وجنة مما تخاف، ولا يعدلها شئ من الأشياء التي يستشفى بها إلا الدعاء، وإنما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها، وقلة اليقين لمن يعالج بها، فأما من أيقن أنها له شفاء إذا تعالج بها كفته بإذن الله من غيرها مما يتعالج(٢) به، ويفسدها الشياطين والجن من أهل الكفر يتمسحون بها، وما تمر بشئ إلا شمها، وأما الشياطين وكفار الجن فإنهم يحسدون

__________________

(١) وفي نسخة: الرفيع، ( منه قده ) وكذلك المصور، والظاهر أن كلمة الرفيع تصحيف لكلمة الربيع كما في معجم رجال الحديث ج ٢٠ ص ١٩٢.

٩ - كامل الزيارات ص ٢٨٠.

(١) في نسخة: الحائر.

(٢) في نسخة: يعالج، ( منه قده ).

٣٣٢

ابن(٣) آدم عليها فيتمسحون بها فيذهب عامة طيبها، ولا يخرج الطين من الحائر إلا وقد استعد له ما لا يحصى منهم، وأنه لفي يدي صاحبها وهم يتمسحون بها، ولا يقدرون مع الملائكة أن يدخلوا الحائر، ولو كان من التربة شئ يسلم ما عولج به أحد إلا برئ من ساعته، فإذا أخذتها فأكنها(٤) وأكثر عليها من ذكر الله عز وجل، وقد بلغني أن بعض من يأخذ من التربة شيئا يستخف به، حتى أن بعضهم ليطرحها في مخلاة(٥) الإبل(٦) والبغل والحمار، وفي وعاء الطعام وما يمسح به الأيدي من الطعام، والخرج(٧) والجوالق(٧) ، فكيف يستشفي به من هذا حاله عنده، ولكن القلب الذي ليس فيه يمن اليقين من المستخف بما فيه صلاحه يفسد عليه عمله ».

[١٢١٢٣] ١٠ - وعن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد وعلي بن الحسين جمعيا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن رزق الله بن العلاء، عن سليمان بن عمرو السراج، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « يؤخذ طين قبر الحسينعليه‌السلام من عند القبر على(١) سبعين ذراعا(٢) ».

__________________

(٣) في نسخة: بني. ( منه قده ).

(٤) في نسخة: فاكتمها. ( منه قده ).

(٥) المخلاة: وعاء يوضع فيه علف الدابة ويعلق في رأسه. والجمع: مخالي ( لسان العرب - خلا - ج ١٤ ص ٢٤٣ ).

(٦) ليس في المصدر.

(٧) الخرج: وعاء توضع فيه الأمتعة للحمل على الدواب ويكون ذا حقيبتين ( لسان العرب - خرج - ج ٢ ص ٢٥٢ ).

(٨) الجوالق: وعاء كالخرج. معرب ( لسان العرب - جلق - ج ١٠ ص ٣٦ ).

١٠ - كامل الزيارات ص ٢٧٩.

(١) في المصدر زيادة: قدر.

(٢) وفيه: باعا.

٣٣٣

ورواه الكليني ( رضي الله عنه )، عن ابن عيسى، مثله(٣) .

[١٢١٢٤] ١١ - وعن ابن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، بالاسناد عنهعليه‌السلام قال: « يؤخذ طين قبر الحسينعليه‌السلام ، من عند القبر على سبعين باعا في سبعين باعا ».

[١٢١٢٥] ١٢ - وعن حكيم بن داود، عن سلمة، عن أحمد بن إسحاق القزويني، عن أبي بكار قال: أخذت من التربة التي عند رأس(١) الحسين بن عليعليهما‌السلام ( طينا أحمر )(٢) ، فدخلت على الرضاعليه‌السلام فعرضتها عليه، فأخذها في كفه ثم شمها ثم بكى حتى جرت(٣) دموعه ثم قال: « هذه تربة جدي ».

[١٢١٢٦] ١٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « طين قبر أبي عبد اللهعليه‌السلام ، شفاء من كلّ داء، وأمان من كلّ خوف، وأروي عنهعليه‌السلام أنه قال: طين قبر أبي عبد اللهعليه‌السلام ، شفاء من كلّ علة إلا السام، والسام: الموت ».

[١٢١٢٧] ١٤ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن الجارود بن أحمد، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن سنان، عن المفضل، عن محمد بن إسماعيل بن أبي زينب، عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر

__________________

(٣) الكافي ج ٤ ص ٥٨٨ ح ٥.

١١ - كامل الزيارات ص ٢٨١.

١٢ - كامل الزيارات ص ٢٨٣.

(١) في المصدر زيادة: قبر.

(٢) في المصدر: طينة حمراء.

(٣) في المخطوط: جرى، وما أثبتناه من المصدر.

١٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٦، عنه في البحار ج ١٠١ ص ١٣١ ح ٥٧ و ٥٨.

١٤ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٥٢.

٣٣٤

عليه‌السلام يقول: « طين قبر الحسينعليه‌السلام شفاء من كلّ داء، وأمان من كلّ خوف، وهو لما أخذ له ».

[١٢١٢٨] ١٥ - أبو محمد الفضل بن شاذان في كتاب الغيبة: عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن المستنير، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن عبد الله بن العباس، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث فيه فضل زيارة الحسينعليه‌السلام ، إلى أن قال - « ألا وإن الإجابة تحت قبته، والشفاء في تربته، والأئمةعليهم‌السلام من ولده » الخبر.

[١٢١٢٩] ١٦ - الشيخ محمد بن المشهدي في المزار: زيارة أخرى في يوم عاشوراء، مما خرج من الناحية إلى أحد الأبواب، قالعليه‌السلام : تقف عليه وتقول: السلام على آدم صفوة الله من خليقته - وساق إلى قوله - ( السلام على من جعل الله الشفاء في تربته )(١) » الزيارة.

ورواه المفيد في مزاره(٢) .

[١٢١٣٠] ١٧ - المزار القديم: زيارة أخرى تختص بالحسين ( صلوات الله عليه )، وهي مروية بأسانيد، وهي أول زيارة زار بها المرتضى علم الهدى رضوان الله عليه، ( الحسين )(١) عليه‌السلام ، وساق الزيارة، وذكر مثله، وفي الزيارتين اختلاف كثير.

__________________

١٥ - كتاب الغيبة لابن شاذان.

١٦ - مزار المشهدي ص ٧١٨، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٣٢٨ ح ٩.

(١) ليس في المصدر.

(٢) مزار المفيد، عنه في البحار ج ١٠١ ص ٣٢٨ ح ٩.

١٧ - المزار القديم.

(١) في الحجرية. و.، والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب.

٣٣٥

٥٤ -( باب جملة مما يستحب للزائر من الآداب)

[١٢١٣١] ١ - الشيخ الطوسي في المصباح: روى لنا جماعة، عن أبي عبد الله محمد ابن أحمد بن عبد الله بن قضاعة بن صفوان بن مهران الجمال، عن أبيه، عن جده صفوان، قال: استأذنت الصادقعليه‌السلام لزيارة مولاي الحسينعليه‌السلام وسألته أن يعرفني ما أعمل عليه - إلى أن قال - قالعليه‌السلام (١) : « فإذا فرغت من غسلك فالبس ثوبين طاهرين وصل ركعتين خارج الشرعة(٢) ، وهو المكان الذي قال الله تعالى:( وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ) (٣) فإذا فرغت من صلاتك فتوجه نحو الحائر وعليك السكينة والوقار وقصر خطاك، فإن الله تعالى يكتب لك بكل خطوة حجة وعمرة، وسر خاشعا قلبك باكية عينك، وأكثر من التهليل والتكبير والثناء على الله عز وجل ( والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله )(٤) والصلاة على الحسينعليه‌السلام خاصة، ولعن من قتله، والبراءة ممن أسس ذلك عليه » الخبر.

[١٢١٣٢] ٢ - محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدراجات: ( عن سعد بن عبد الله )(١) ، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي

__________________

الباب ٥٤

١ - مصباح المجتهد ص ٦٦٠.

(١) نفس المصدر ص ٦٦٢.

(٢) في نسخة: المشرعة.

(٣) الرعد ١٣: ٤.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٢ - بصائر الدرجات ص ٣٣١ ح ١٢.

(١) في المصدر: « محمد بن يحيى العطار.، والظاهر أن كليهما زيادة مقحمة، فإن الصفار يروي مباشرة عن أحمد بن محمد بن عيسى. كما في

٣٣٦

نصر، عن هشام بن سالم، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ألا ومن خرج في شهر رمضان من بيته في سبيل الله، ونحن سبيل الله الذي من دخل عليه يطاف بالحصن والحصن هو الامام فيكبر عند رؤيته، كانت له يوم القيامة صخرة أثقل في ميزانه من السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن، قلت: يا أبا جعفر وما الميزان؟ فقالعليه‌السلام : انك ازددت قوة ونظرا يا سعد، رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الصخرة ونحن الميزان، وذلك قول الله في الامام:( لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) (٢) ومن كبر بين يدي الامام وقال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، كتب الله له رضوانه الأكبر، ومن كتب له رضوانه الأكبر، يجب أن يجمع بينه وبين إبراهيم ومحمد والمرسلين صلوات الله عليهم في دار الجلال ».

قلت: وظاهر الخبر أن التكبير من آداب لقائهم في الحياة، والظاهر عموم الحكم، وجريانه في لقائهم عند قبورهم، فهو من آداب زيارتهم فخذه شاكرا واغتنم.

٥٥ -( باب تحريم أكل الطين حتى طين قبور الأئمةعليهم‌السلام إلا طين قبر الحسينعليه‌السلام قدر حمصة خاصة للاستشفاء)

[١٢١٣٣] ١ - جعفر بن قولويه في كامل الزيارة: عن محمد بن أحمد بن يعقوب، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أحدهما

__________________

معجم رجال الحديث ج ٢ ص ٣١٧.، وقد أخرج الحديث العلامة المجلسي في البحار ج ٦٦ ص ٣٧٧ عن ابن عيسى مباشرة.

(٢) الحديد ٥٧: ٢٥.

الباب ٥٥

١ - كامل الزيارات ص ٢٥٨.

٣٣٧

عليهما‌السلام قال: « إن الله تبارك وتعالى خلق آدم من الطين، فحرم الطين على ولده » لخبر.

٥٦ -( باب ما يستحب من القراءة والدعاء عند أخذ التربة الحسينية للاستشفاء)

[١٢١٣٤] ١ - الشيخ محمد بن المشهدي في المزار: بإسناده عن جابر الجعفي قال: دخلت على مولانا أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، فشكوت إليه علتين متضادتين بي، إذا داويت إحداهما انتقضت الأخرى، وكان بي وجع الظهر ووجع الجوف، فقال لي: « عليك بتربة الحسين بن عليعليهما‌السلام . فقلت: كثيرا ما استعملها ولا تنجح في، قال جابر: فتبينت في وجه سيدي ومولاي الغضب، فقلت: يا مولاي أعوذ بالله من سخطك، وقام فدخل الدار وهو مغضب، فأتى بوزن حبة في كفه فناولني إياها، ثم قال لي: استعمل هذه يا جابر. فاستعملتها فعوفيت لوقتي، فقلت يا مولاي: ما هذه التي استعملتها فعوفيت لوقتي؟ قال: « هذه التي ذكرت أنها لم تنجح فيك شيئا. فقلت: والله يا مولاي ما كذبت فيها، ولكن قلت: لعل عندك علما فأتعلمه منك، فيكون أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، فقال لي: « إذا أردت أن تأخذ من التربة فتعمد لها آخر الليل، واغتسل لها بماء القراح(١) ، والبس أطهر أطمارك وتطيب بسعد(٢) ، وادخل فقف عند الرأس فصل أربع ركعات، تقرأ في الأولى الحمد وإحدى عشر مرة قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية الحمد مرة وإحدى عشر مرة إنا أنزلناه في

__________________

الباب ٥٦

١ - المزار المشهدي ص ٥٠٩، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ١٣٨ ح ٨٣.

(١) الماء القراح: الماء الذي لا يخالطه شئ ( مجمع البحرين - قرح - ج ٢ ص ٤٠٣ ).

(٢) السعد: نبت له أصل تحت الأرض أسود طيب الريح يستعمل في الطيب والأدوية. ( لسان العرب - سعد - ج ٣ ص ٢١٦ ).

٣٣٨

ليلة القدر، وتقنت فتقول في قنوتك، لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله عبودية ورقا، لا إله إلا وحده وحده، أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، سبحان الله(٣) مالك السماوات وما فيهن وما بينهن، سبحان الله ذي العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، ثم تركع وتسجد، وتصلي ركعتين أخرتين وتقرأ في الأولى الحمد وإحدى عشر مرة قل هو الله أحد، وفي الثانية الحمد مرة وإحدى عشر مرة إذا جاء نصر الله والفتح، وتقنت كما قنت في الأوليين، ثم تسجد سجدة الشكر وتقول ألف مرة شكرا، ثم ( تقوم وتتعلق بالتربة )(٤) وتقول: يا مولاي يا بن رسول الله، إني آخذ من تربتك بإذنك، اللهم فاجعلها شفاء من كلّ داء، وعزا من كلّ ذل، وأمنا من كلّ خوف، وغنى من كلّ فقر لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وتأخذ بثلاث أصابع ثلاث مرات، وتدعها في خرقة نظيفة أو قارورة زجاج، وتختمها بخاتم عقيق عليه ما شاء الله لا قوة إلا بالله استغفر الله فإذا علم الله منك صدق النية، لم يصعد معك في الثلاث قبضات إلا سبعة مثاقيل، وترفعها لكل علة فإنها تكون مثل ما رأيت ».

ورواه الفاضل السيد ولي الله في مجمع البحرين في مناقب السبطين: عنهعليه‌السلام ، مثله، إلا أن فيه في القنوت سبحان الله ملك السماوات السبع والأرضين السبع ومن فيهن ومن بينهن، سبحان رب العرش العظيم، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما(٥) .

[١٢١٣٥] ٢ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن طين قبر الحسينعليه‌السلام مسكة مباركة، من أكله من شيعتنا كان له شفاء من كلّ داء، ومن أكله من عدونا ذاب كما

__________________

(٣) ليس في المصدر.

(٤) في المصدر: تقول وتتعلق بالبرية.

(٥) مجمع البحرين في مناقب السبطين.

٢ - مكارم الأخلاق ص ١٦٦.

٣٣٩

تذوب الالية، فإذا أكلت من طين قبر الحسينعليه‌السلام فقل: اللهم إني أسألك بحق الملك الذي قبضها، وبحق النبي الذي خزنها، وبحق الوصي الذي هو فيها، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي فيه شفاء من كلّ داء، وعافية من كلّ بلاء وأمانا من كلّ خوف برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم وتقول أيضا:

اللهم إني أشهد أن هذه التربة تربة وليك صلى الله عليه، وأشهد أنها شفاء من كلّ داء، وأمان من كلّ خوف، لمن شئت من خلقك، ولي برحمتك، وأشهد أن كلّ ما قيل فيهم وفيها هو الحق من عندك، وصدق المرسلون ».

[١٢١٣٦] ٣ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن علي بن الحسين، عن علي بن إبراهيم، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا تناول أحدكم من طين قبر الحسينعليه‌السلام فليقل: اللهم إني أسألك بحق الملك الذي تناوله، والرسول الذي بوأه، والوصي الذي ضمن فيه، أن تجعله شفاء من كلّ داء - كذا وكذا - وتسمي ذلك الداء ».

[١٢١٣٧] ٤ - وعن حكيم بن داود، عن سلمة، عن علي بن الريان، عن الحسين بن أسد، عن أحمد بن مصقلة، عن عمه، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال: « إذا أخذت الطين(١) فقل: اللهم بحق هذه التربة، وبحق الملك الموكل بها، وبحق الملك الذي كربها(٢) ، وبحق

__________________

٣ - كامل الزيارات ص ٢٨٠.

٤ - كامل الزيارات ص ٢٨٠.

(١) في المصدر: طين قبر الحسين ( على السلام ).

(٢) كربها: أي حفرها وقولهم: كربت الأرض، ويحتمل بتشديد الراء والباء، أي أخذها ورجع بها إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كما في سائر الأدعية، والقول في هامش كامل الزيارات ص ٢٨٠.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

الآيات

( قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (١٠١) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٣) )

التّفسير

الموعظة والنصيحة :

كان الكلام في الآيات السابقة عن أنّ الإيمان يجب أن يكون اختياريا لا بالجبر والإكراه ، ولهذا فإن الآية الأولى هنا ترشد الناس إلى الإيمان الاختياري ، وتخاطب النّبي فتقول :( قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) ؟

إن كل هذه النجوم اللامعة والكواكب السماوية المختلفة التي يدور كل منها في مداره ، وهذه المنظومات الكبيرة والمجرات العملاقة ، وهذا النظام الدقيق الحاكم على كل تلك الكواكب ، وكذلك هذه الكرة الأرضية بكل عجائبها واسرارها ، وكل هذه الكائنات الحية المتنوعة المختلفة تدل بالتمعن في دقائق صنعها والتدبّر في

٤٤١

نظامها على المبدأ الأزلي للعالم. وستتعرفون أكثر على خالق هذه الكائنات.

إنّ هذه الجملة تنفي بوضوح مسألة الجبر وسلب حرية الإرادة ، فهي تقول : إنّ الإيمان هو نتيجة التدبر في عالم الخلقة ، أي إنّ هذا الأمر في اختياركم.

ثمّ تضيف أنّه رغم كل هذه الآيات والعلامات الدالّة على الحق ، فلا داعي للعجب من عدم إيمان البعض ، لأنّ الآيات والدلالات والإنذارات تنفع الذين لهم الاستعداد لتقبل الحق ، أمّا هؤلاء فإنّه( وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ) (١) .

إنّ هذه الجملة إشارة إلى الحقيقة التي قرأناها مرارا في القرآن ، وهي أن الدلائل وكلمات الحق والمواعظ لا تكفي لوحدها ، بل إنّ الأرضية المستعدة شرط أيضا في حصول النتيجة.

ثمّ تقول ـ بنبرة التهديد المتلبسة بلباس السؤال والاستفهام ـ : هل ينتظر هؤلاء المعاندون الكافرون إلّا أن يروا مصيرا كمصير الأقوام الطغاة والمتمردين السابقين الذين عمهم العقاب الإلهي. مصير كمصير الفراعنة والنماردة وشدّاد وأعوانهم وأنصارهم؟!( فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ ) .

وتحذرهم الآية أخيرا فتقول : يا أيّها النّبي( قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) فأنتم بانتظار هزيمة دعوة الحق ، ونحن بانتظار المصير المشؤوم الذي ستلاقونه ، مصير المتكبرين الماضين.

وينبغي الالتفات إلى أنّ الاستفهام في جملة( فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ ) استفهام إنكاري ، أي إنّ هؤلاء بطبيعة سلوكهم هذا لا يمكن أن ينتظروا إلّا حلول مصير مشؤوم

__________________

(١) نذر جمع نذير ، أي المنذر ، وهو كناية عن الأنبياء والقادة الإلهيين ، أو هي جمع إنذار ، بمعنى تحذير وتهديد الغافلين والمجرمين الذي هو من برامج هؤلاء القادة الإلهيين.

وقد اعتبر البعض (ما) جملة ( ما تُغْنِي الْآياتُ ) نافية ، والبعض جعلها بمعنى الاستفهام الإنكاري ، وهي واحدة من حيث النتيجة ، إلّا أنّ الظاهر أن (ما) نافية.

٤٤٢

مظلم.

كلمة (أيّام) وإن كانت في اللغة جمع يوم ، إلّا أنّها هنا تعني الحوادث المهلكة التي وقعت للأقوام والأمم السالفة.

ومن أجل أن لا يتوهم متوهم أنّ الله سبحانه يصيب بعذابه الصالح والطالح ، تضيف الآية : إننا إذا ما تحققت مقدمات نزول العذاب على الأمم السابقة ، نقوم بانقاذ عبادنا الصالحين :( ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا ) .

ثمّ تقول في النهاية : إنّ هذا ليس مختصا بالأمم السالفة والرسل والمؤمنين الماضين ، بل( كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) .

* * *

__________________

(١) إنّ جملة( كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ) كانت بهذا المعنى : كذلك ننج المؤمنين وكان ذلك حقّا علينا ، أي إنّ جملة (حقا علينا) جملة معترضة بين (كذلك) و (ننج المؤمنين). ويحتمل أيضا أن تكون (كذلك) متعلقة بالجملة السابقة ، أي جملة( نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا ) .

٤٤٣

الآيات

( قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٤) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٥) وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧) )

التّفسير

الحزم في التّعامل مع المشركين :

هذه الآيات والآيات التي تليها ، هي آخر آيات هذه السورة ، وتتحدث جميعا حول مسألة التوحيد ومحاربة الشرك والدعوة إلى الحق ، وهي في الحقيقة فهرست أو خلاصة لبحوث التوحيد وتأكيد على محاربة ومجابهة عبادة الأصنام التي بيّنت

٤٤٤

مرارا في هذه السورة.

إنّ سياق الآية يوحي بأنّ المشركين كانوا يتوهمون أحيانا أن من الممكن أن يلين النّبي ويتسامح في عقيدته في شأن الأصنام ويعترف ويقرّ لهم عبادة الأصنام ولو جزئيا إلى جانب الإعتقاد بالله بنحو من الأنحاء.

إلّا أنّ القرآن ينسف هذا التوهم الواهي بصورة قاطعة وحاسمة ويقطع عليهم أحلامهم هذه إلى الأبد ، فلا معنى لأي نوع من المساومة واللين في مقابل الأصنام ، ولا معبود إلّا الله، لا تزيد كلمة ولا تنقص أخرى.

ففي البداية يأمر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يخاطب جميع الناس :( قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) ولا تكتفي الآية بنفي آلهة أولئك ، بل تثبت كل العبادة لله سبحانه زيادة في التأكيد فتقول :( وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ) . ومن أجل تأكيد أكبر تضيف : أنّ هذه ليست إرادتي فقط ، بل( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) .

إنّ التأكيد هنا على مسألة قبض الروح فقط من بين صفات الله ، أمّا لأنّ الإنسان إذا كان يشك في كل شيء فإنّه لا يستطيع أن يشك في الموت ، أو لأنّ هذه الآية أرادت أن تنبه هؤلاء إلى مسألة العذاب والعقوبات المهلكة التي أشير إليها في الآيات السابقة ، ولوحت بالتهديد بالغضب الإلهي.

وبعد أن بيّنت الآية العقيدة الحقة في نفي الشرك وعبادة الأوثان بكل صراحة وقوة ، تطرقت إلى بيان دليل ذلك ، دليل من الفطرة. ودليل من العقل :( وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً ) وهنا أيضا لم يكتف بجانب الإثبات ، بل نفي الطرف المقابل لتأكيد الأمر ، فقالت الآية :( وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .

«الحنيف» ـ كما قلنا سابقا ـ تعني : الشخص الذي يميل ويتحول عن طريق الانحراف إلى جادة الصواب والاستقامة ، وبتعبير آخر : يغض الطرف عن المذاهب والأفكار المنحرفة ، ويتوجه إلى دين الله المستقيم ، ذلك الدين الموافق

٤٤٥

للفطرة موافقة كاملة ومستقيمة. وبناء على هذا فإنّ هذا التعبير يستبطن الإشارة إلى كون التوحيد فطريا في الأعماق ، لأنّ الانحراف شيء خلاف الفطرة ، (فتدبّر).

وبعد الإشارة إلى بطلان الشريك بالدليل الفطري ، تشير إلى دليل عقلي واضح ، فتقول :( وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ ) إذ تكون قد ظلمت نفسك ومجتمعك الذي تعيش فيه.

أي عقل يسمح أن يتوجه الإنسان لعبادة أشياء وموجودات لا تضر ولا تنفع أبدا ، ولا يمكن أن يكون لها أدنى أثر في مصير الإنسان؟

وهنا أيضا لم تكتف الآية بجانب النفي ، بل إنّها توكّد إضافة إلى النفي على جانب الإثبات فتقول :( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ) ، وكذلك( وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ) لأنّ عفوه ورحمته وسعت كل شيء( وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) .

* * *

٤٤٦

الآيتان

( قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (١٠٨) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (١٠٩) )

التّفسير

الكلمة الأخيرة :

هاتين الآيتين تضمّنت إحداهما موعظة ونصيحة لعامّة الناس ، واختصت الثّانية بالنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد كملتا الأوامر والتعليمات التي بيّنها الله سبحانه على مدى هذه السورة ومواضعها المختلفة. وبذلك تنتهي سورة يونس.

فتقول أوّلا ، وكقانون عام :( قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ) هذه التعليمات ، وهذا الكتاب السماوي ، وهذا الدين ، وهذا النّبي كلها حق ، والأدلّة على كونها حقّا واضحة ، وبملاحظة هذه الحقيقة :( فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ) .

أي إنّي لست مأمورا بإجباركم على قبول الحق ، لأن الإجبار على قبول

٤٤٧

الإيمان لا معنى له ، ولا أستطيع إذا لم تقبلوا الحق ولم تؤمنوا أن أدفع عنكم العذاب الإلهي ، بل إنّ واجبي ومسئوليتي هي الدعوة والإبلاغ والإرشاد والهداية والقيادة ، أمّا الباقي فيتعلق بكم ، وعليكم انتخاب طريقكم.

إنّ هذه الآية إضافة إلى أنّها توكّد مرّة أخرى مسألة الإختيار وحرية الإرادة ، فإنّها دليل على أن قبول الحق سيعود بالنفع على الإنسان نفسه بالدرجة الأولى ، كما أن مخالفته ستكون في ضرره.

إنّ توجيهات القادة الإلهيين والكتب السماوية ما هي في الواقع إلّا دروس لتربية وتكامل البشر ، فلا يزيد الالتزام بها شيئا على عظمة الله ، ولا تنقص مخالفتها من جلاله شيئا.

ثمّ تبيّن وظيفة وواجب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جملتين : الأولى( وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ ) فإنّ الله قد حدّد مسيرك من خلال الوحي ، ولا يجوز لك أن تنحرف عنه قيد أنملة.

والثّانية : إنّه ستعترضك في هذا الطريق مشاكل مضنية ومصاعب جمة ، فلا تدع للخوف من سيل المشاكل إلى نفسك طريقا ، بل( وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ ) فإنّ أمره حق ، وحكمه عدل ، ووعده متحقق لا محالة.

إلهنا ومولانا : إنّك وعدت عبادك الذين يجاهدون في سبيلك بإخلاص ، والذين يصبرون ويستقيمون في سبيلك بالنصر.

اللهم وقد أحاطت بالمسلمين مشاكل لا تحصى ، ونحن عبيدك الذين لا نتوقف عن الجهاد والاستقامة بمنك وتوفيقك ، فاكشف عنا سحب المشاكل المظلمة بلطفك ، وأنر أبصارنا بنور الحق والعدالة آمين يا رب العالمين.

نهاية سورة يونس

* * *

٤٤٨

سورة هود

مكيّة

وعدد آياتها مائة وثلاث وعشرون آيات

٤٤٩
٤٥٠

«سورة هودعليه‌السلام »

محتوى هذه السّورة وفضيلتها!

المشهور بين المفسّرين أنّ هذه السورة بأكملها نزلت بمكّة وطبقا لما ورد في «تاريخ القرآن» أنّها السورة التاسعة والأربعون في ترتيب السور النازلة على المرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وطبقا لما صرّح به بعض المفسّرين ـ أيضا ـ فإنّ هذه السورة نزلت في السنوات الأخيرة التي قضاها النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكّة ، أي بعد وفاة عمّه «أبي طالبعليه‌السلام » وزوجته «خديجةعليها‌السلام » وبطبيعة الحال فإنّ هذه السورة جاءت في فترة من أشد الفترات صعوبة في حياة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث كان يعاني فيها من ضغوط الأعداء وأراجيفهم الإعلامية الحاقدة المسمومة أكثر ممّا عاناه في السنوات السابقة.

ولذلك يلاحظ في بداية السورة تعابير فيها جانب من التسلية للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وللمؤمنين.

ويشكل القسم المهم والعمدة من آيات هذه السورة قصص الأنبياء الماضين وخاصّة قصّة نوح النّبيعليه‌السلام الذي انتصر بالفئة القليلة التي معه على الأعداء الكثيرين.

إنّ سرد هذه القصص فيه تسلية لخاطر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين معه وهم أمام الكم الهائل من الأعداء ، كما أنّ فيه درسا لمخالفيهم من الأعداء.

٤٥١

وعلى كل حال. فإنّ آيات هذه السورة ـ كسائر السور المكية ـ تتناول أصول «المعارف الإسلامية» ولا سيّما المواجهة مع الشرك وعبادة الأصنام ، ومسألة المعاد والعالم بعد الموت ، وصدق دعوة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما يبدو فيها تهديدا ضمنيا للأعداء ، وأمرا بالاستقامة للمؤمنين.

في هذه السورة ـ إضافة إلى قصّة نوح النّبي وجهاده العنيف التي ذكرت بتفصيل ـ إشارة إلى قصص الأنبياء هود وصالح وإبراهيم ولوط وموسى ومواقفهم الشجاعة بوجه الشرك والكفر والانحراف والظلم

شيبتني سورة هود!

إنّ آيات هذه السورة تقرر أن على المسلمين أن لا يتركوا السوح والميادين ـ في الحرب والسلم ـ لكثرة الأعداء ومواجهاتهم الحادة بل عليهم أن يواصلوا مسيرتهم ويستقيموا أكثر فأكثر ويوما بعد يوم

وعلى هذا فإنّنا نقرا في حديث معروف عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «شيبتني سورة هود»(١)

وفي حديث آخر أنّه حين لاحظ أصحاب النّبي آثار الشيب قبل أوانه على محيّاهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالوا : يا رسول الله ، تعجّل الشيب عليك. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «شيبتني سورة هود والواقعة»(٢) .

وفي روايات أخرى أضيف أيضا سورة المرسلات وسورة النبأ( عَمَّ يَتَساءَلُونَ ) وسورة التكوير وغيرها إلى هاتين السورتين.

ونقل عن ابن عباس في تفسير الحديث الشريف ـ آنف الذكر ـ أنّه ما نزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آية كان أشدّ عليه ولا أشق من آية( فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٣٣٤.

(٢) مجمع البيان ، ذيل الآية (١١٨) من تفسير سورة هود.

٤٥٢

مَعَكَ ) .

كما نقل عن بعض المفسّرين أنّ أحد العلماء رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام فسأله عن سبب ما نقل عنه من قوله : «شيبتني سورة هود» أهو ما سلف من الأمم السابقة وهلاكها؟ فبيّن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن سببه آية( فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ ) (١)

وعلى كل حال فإنّ هذه السورة ـ بالإضافة إلى هذه الآية ـ فيها آيات مؤثّرة أخرى تتعلق بيوم القيامة والمحاسبة في محكمة العدل الإلهي ، وآيات تتعلق بما ناله الأقوام السابقون من جزاء ، وما جاء مع بعضها من أوامر في الوقوف بوجه الفساد بحيث يحمل جميعها طابع المسؤولية فلا عجب إذا أن يشيب الإنسان عند ما يفكر في مثل هذه المسؤوليات مسألة دقيقة أخرى ينبغي الالتفات إليها في هذا المجال ، وهي أنّ كثيرا من هذه الآيات توكّد ما ورد في السورة السابقة ـ أي سورة يونس ـ وأوائلها بوجه خاص يشبه أوائل تلك السورة ومضامينها توكّد تلك المضامين.

التّأثير المعنوي لهذه السّورة :

أمّا بالنسبة لفضيلة هذه السورة ، فقد ورد في حديث شريف عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من قرأ هذه السورة أعطي من الأجر والثواب بعدد من صدّق هودا والأنبياءعليهم‌السلام ومن كذب بهم وكان يوم القيامة في درجة الشهداء وحوسب حسابا يسيرا»(٢) .

ومن الوضوح بمكان أنّ مجرّد التلاوة لا يعطي هذا الأثر ، وإنّما يكون هذا الأثر إذا كانت تلاوة هذه السورة مقرونة بالتفكر والعمل بعدها. وهذا هو الذي يقرّب الإنسان إلى المؤمنين السالفين ويبعده عن الذين أنكروا على الأنبياء وجحدوا دعواتهم ، وعلى هذا الأساس يثاب بعددهم ويعطي أجر كل واحد منهم ،

__________________

(١) روح المعاني ، ج ٢ ، ص ٢٠٦.

(٢) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٢٠٦.

٤٥٣

ويكون هدفه كهدف شهداء تلك الأمم السالفة فلا مجال للتعجب من أن ينال درجاتهم ويحاسب حسابا يسيرا وينقل عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «من كتب هذه السورة على رق ظبي ويأخذها معه أعطاه الله قوّة ، ومن يحارب معه لنصر عليهم وغلبهم وكلّ من رآه يخاف منه»(١) .

ولعل بعضا ممن يطلب الراحة وينظر الى الأمور بسطحيّة يتصوّر في قراءته لمثل هذه الأحاديث أنّ الإنسان يمكن أن يصل إلى مثل هذه الأهداف بمجرّد وجود الكتابة أو الرسم القرآني معه ، ولكنّه جلي وواضح أنّ المقصود بذلك العمل على طبق ما في السورة ، وأن يتخذها منهجا لحياته وأن يقرأها دائما ويمضي على العمل بها بحذافيرها ولا شك أنّ مثل هذا العمل تتحقق فيه مثل هذه الآثار أيضا ، لأنّ هذه السورة تأمر بالاستقامة والوقوف بوجه الفساد والانسجام مع الأهداف ، وتحتوي على التجارب السابقة من تأريخ الأمم السالفة التي يوجد في كلّ واحد منها درس من الإنتصار على العدوّ.

* * *

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٢٠٦.

٤٥٤

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) )

التّفسير

الأصول الاربعة في دعوة الأنبياء :

تبدأ هذه السورة ـ كما في بداية السورة السابقة وسائر سور القرآن ـ ببيان أهمية الكتاب العزيز المنزل من السماء ، ليلتفت الناس إلى محتوياته أكثر ويتفكروا فيه بنظرة أدق.

وذكر الحروف المقطعة( الر ) ـ نفسه ـ دليل على أهمية هذا الكتاب السماوي العزيز الذي يتشكل من حروف بسيطة معروفة للجميع مثل الألف واللام والراء

٤٥٥

( الر ) (١) مع ما فيه من عظمة وإعجاز بالغين ، ثمّ يبيّن بعد هذه الحروف المقطعة واحدة من خصائص القرآن الكريم في جملتين.

أوّلا : إنّ جميع آياته متقنة ومحكمة( كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ) .

وثانيا : إنّ تفصيل حاجات الإنسان في حياته الفردية والاجتماعية ـ مادية كانت أو معنوية ـ مبيّن فيها أيضا( ثُمَّ فُصِّلَتْ ) .

هذا الكتاب العظيم مع هذه الخصيصة ، من أين أنزل ، وكيف؟! أنزل من عند ربّ حكيم وخبير( مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) .

فبمقتضى حكمته أحكمت آيات القرآن ، وبمقتضى أنّه خبير مطلع بيّن آيات القرآن في مجالات مختلفة طبقا لحاجات الإنسان ، لأنّ من لم يطلع على تمام جزئيات الحاجات الروحية والجسمية للإنسان لا يستطيع أن يصدر احكاما جديرة بالتكامل.

الواقع ، إنّ كل واحدة من صفات القرآن التي جاءت في هذه الآية تسترفد من واحدة من صفات الله فاستحكام القرآن من حكمته ، وشرحه وتفصيله من خبرته.

وفي بيان ما هو الفرق بين( أُحْكِمَتْ ) و( فُصِّلَتْ ) بحث المفسّرون كثيرا وأبدوا احتمالات عديدة وأقرب هذه الاحتمالات ـ بحسب مفهوم الآية آنفة الذكر ـ هو أنّ الجملة الأولى تعني أنّ القرآن مجموعة واحدة مترابطة كالبنيان المرصوص الثابت ، كما تدل على أنّه نازل من إله فرد ، ولهذا فلا يوجد أي تضادّ في آياته ، ولا يرى بينها أي اختلاف.

والجملة الثّانية إشارة إلى أنّ هذا الكتاب في عين وحدته فيه شعب وفروع متعددة تستوفي جميع حاجات الإنسان الرّوحيّة والمادية ، فهو في عين وحدته

__________________

(١) شرحنا هذا المعنى وسائر التفاسير التي ذكرت للحروف المقطعة في القرآن في بداية سورة البقرة وآل عمران والأعراف.

٤٥٦

كثير ، وفي عين كثرته واحد!

وفي الآية التالية يبيّن أهم ما يحتويه القرآن وما هو أساسه وهو التوحيد والوقوف بوجه الشرك( أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ ) (١) وهذا أوّل تفصيل لمحتوى هذا الكتاب العظيم.

والثّاني من محتويات الدعوة السماوية :( إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ) نذير لكم من الظلم والفساد والشرك والكفر ، وأحذركم من عنادكم وعقاب الله لكم!

وثالث ما في منهج دعوتي إليكم هو أن تستغفروا من ذنوبكم وتطهروا أنفسكم من الأدران :( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ) .

ورابعها هو أن تعودوا إلى الله بالتوبة ، وأن تتصفوا ـ بعد غسل الذنوب والتطهر في ظل الاستغفار ـ بصفات الله ، فإنّ العودة إليه تعالى لا تعني إلّا الاقتباس من صفاته( ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ) .

في الواقع إنّ أربع مراحل من مراحل الدعوة المهمّة نحو الحق سبحانه بيّنت في أربع جمل وفي أربعة أقسام ، فقسمان يتضمنان الجانب «العقيدي» والأساسي. وقسمان يتضمنان الجانب «العملي» والفوقاني.

فقبول أصل التوحيد ومحاربة الشرك ، وقبول رسالة النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصلان اعتقاديان ، والتطهّر من الذنوب والتخلّق بالصفات الإلهية ـ اللذان يحملان معنى البناء بتمام معناه ـ أمران عمليان حضّ عليهما القرآن ، وإذا تأملنا بدقّة في الآيات الكريمة وجدنا أن جميع محتوى القرآن يتلخص في هذه الأصول الأربعة

هذا هو الفهرس لجميع محتوى القرآن ، ولجميع محتوى هذه السورة أيضا.

ثمّ تبيّن الآيات النتائج العملية لموافقة هذه الأصول الأربعة أو مخالفتها بالنحو

__________________

(١) في جملة( أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ ) احتمالان : الأوّل : إنّه على لسان النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ كما أشرنا إليه ـ والتقدير : دعوتي وأمري إلّا تعبدوا إلّا الله. والثّاني : أنّه كلام الله ، والتقدير : آمركم ألّا تعبدوا إلّا الله ، ولكن جملة( إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ) تنسجم مع المعنى الأوّل.

٤٥٧

التالي( يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً ) فإذا عملنا بهذه الأصول فإنّ الله سبحانه يهبنا حياة سعيدة إلى نهاية العمر ، وفوق كل ذلك فإنّ كلا يعطى بمقدار عمله ولا يهمل التفاوت والتفاضل بين الناس في كيفية العمل بهذه الأصول( وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) وأمّا في صورة المخالفة والعناد فتقول الآية :( وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ) حين تمثلون للوقوف في محكمة العدل الإلهي.

واعلموا أنّ( إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ ) كائنا من كنتم ، وفي أي محل ومقام أنتم ، وهذه الجملة تشير إلى الأصل الخامس من الأصول التفصيليّة للقرآن وهي مسألة «المعاد والبعث» ولكن لا تتصوروا ـ أبدا ـ أن قدرتكم تعدّ شيئا تجاه قدرة الله ، أو أنّكم تستطيعون الفرار من أمره ومحكمة عدله ولا تتصوروا ـ أيضا ـ أنّه لا يستطيع أن يجمع عظامكم النخرة بعد الموت ويكسوها ثوبا جديدا من الحياة( وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

علاقة الدين بالدنيا :

ما يزال الكثير يظنون أن التدين هو العمل لعمارة الآخرة والسعادة بعد الموت ، وأنّ الأعمال الصالحة هي الزاد والمتاع للدار الآخرة ولا يكترثون أبدا بأثر الدين الأصيل في الحياة الدنيا على حين أن الدين الصحيح في الوقت الذي يعمر الدار الآخرة يعمر «الدنيا» أيضا وطبيعي إذا لم يكن للدين أي تأثير على هذه الحياة الدنيا فلا تأثير له في الحياة الأخرى أيضا.

والقرآن الكريم يتعرض لهذا الموضوع بصراحة في آيات كثيرة ، وربّما يتناول أحيانا الجزئيات من هذه المسائل ، كما ورد في سورة نوحعليه‌السلام على لسان هذا النّبي العظيم مخاطبا قومه( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً ) (١) .

__________________

(١) سورة نوح ، ٩ ـ ١١.

٤٥٨

ويفهم البعض أنّ صلة هذه المواهب المادية في الدنيا مع الاستغفار والتطهر من الذنوب معنوية وغير معروفة ، في حين أنّه لا دليل على ذلك ، بل الصلة بينهما ظاهرة معروفة.

فأي أحد لا يعلم أن الكذب والسرقة والفساد تهدم العلاقات الاجتماعية؟

وأي أحد لا يعلم أن الظلم والتبعيض والإجحاف تجعل من حياة الناس جحيما وتكدر صفوهم؟! وأيّ أحد يشك في حقيقة أن قبول أصل التوحيد وتكوين مجتمع توحيدي على أساس قيادة الأنبياء ، وتطهير المجتمع من الذنوب والآثام ، والتحلّي بالقيم الإنسانية ـ وهي الأصول الأربعة ذاتها التي أشير إليها في الآيات المتقدّمة ـ يسير بالمجتمع البشري نحو هدف تكاملي أفضل ، ويخلق محيطا آمنا عامرا بالصفاء والحرية والصلاح؟

وعلى هذا الأساس نقرأ بعد هذه الأصول الأربعة في الآيات المتقدمة قوله تعالى :( يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) .

* * *

٤٥٩

الآية

( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) )

التّفسير

اختلف بعض المفسّرين في شأن نزول الآية ، فقيل أنّها نزلت في أحد المنافقين واسمه «الأخنس بن شريق» الذي كان ذا لسان ذلق ومظهر جميل ، وكان يبدي للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحب ظاهرا لكنّه كان يخفي العداوة والبغضاء في الباطن.

كما نقل عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن الإمام محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام أنّها نزلت في جماعة من المشركين ، حيث كانوا حين يمرون بالنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا يطأطئون برؤوسهم ويستغشون ثيابهم لئلا يراهم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولكن الآية تشير ـ على العموم ـ إلى أحد الأساليب الحمقاء التي كان يتبعها أعداء الإسلام والنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك بالاستفادة من طريقة النفاق والابتعاد عن الحق ، فكانوا يحاولون أن يخفوا حقيقتهم وماهيتهم عن الأنظار لئلا يسمعوا قول الحق.

لذلك فإنّ الآية تقول :( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ) .

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608