الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260751 / تحميل: 6471
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

[٩٢١٦] ٢ - وفي بعض نسخه: « إذا أردت الخروج إلى الحج، ودعّت أهلك وأوصيت وقضيت ما عليك من الدين، وأحسنت الوصيّة لأنّك لا تدري كيف يكون، عسى أن لا ترجع من سفرك، ثم صلّ ركعتين وتقول: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة الحزن، اللهم احفظني في سفري، واستخلف لي في أهلي وولدي، [ وردني ](١) في عافية إلى أهلي ورهطي ».

١١ -( باب تحريم العمل بعلم النجوم وتعلّمه، إلّا ما يهتدى به في برّ أو بحر)

[٩٢١٧] ١ - أحمد بن محمد السياري في التنزيل والتحريف: عن البرقي، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبان بن تغلب، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قرأ بنا علي (صلوات الله عليه) في النحر(١) : « وتجعلون(٢) شكركم انكم إذا مطرتم تكذبون » فلما انصرف قال: « إني قد عرفت أنه سيقول قائل منكم: لم قرأ هذا(٣) ؟ قرأتها إنّي(٤) سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يقرأ كذلك، أنّهم كانوا إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله: وتجعلون شكركم إذا مطرتم أنكم تكذّبون ».

__________________

٢ - وفي بعض نسخه وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١١

١ - التنزيل والتحريف ص ٥٩.

(١) في المصدر: الفجر.

(٢) وفيه: أتجعلون.

(٣) وفيه: هكذا.

(٤) وفيه: لأني.

١٢١

[٩٢١٨] ٢ - القطب الراوندي في الخرائج: روي أن في وقعة تبوك أصاب الناس عطش، فقالوا: يا رسول الله، لو دعوت الله لسقانا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لو دعوت الله لسقيت » قالوا: يا رسول الله ادع لنا الله ليسقينا، فدعا فسالت الأودية فإذا قوم على شفير الوادي يقولون: مطرنا بنوء(١) الذراع وبنوء كذا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ألا ترون؟ » فقال خالد: ألا اضرب أعناقهم؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « [ لا هم ](٢) يقولون هكذا، وهم يعلمون أن الله أنزله ».

[٩٢١٩] ٣ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج: عن هشام بن الحكم، قال: سأل الزنديق، أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: ما تقول فيمن زعم أن هذا التدبير الذي يظهر في هذا العالم تدبير النجوم السبعة؟ قالعليه‌السلام : « يحتاجون إلى دليل، إن هذا العالم الأكبر والعالم الأصغر، من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك، وتدور حيث دارت متعبة لا تفتر وسائرة لا تقف، ثم قال: وأنّ كلّ(١) نجم منها موكل مدبر، فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين، فلو كانت قديمة أزليّة لم تتغير من حال إلى حال » قال: فما تقول في علم النجوم؟ قال: « هو علم قلت منافعه وكثرت مضرّاته، لأنه لا يدفع

__________________

٢ - الخرائج ص ٢١.

(١) النوء: النجم إذا مال للمغيب وكانت العرب تقول: مطرنا بنوء كذا: أي مطرنا بطلوع نجم وسقوط آخر والذراع: نجم من نجوم كوكبة الجوزاء.

(لسان العرب ج ١ ص ١٧٥. مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢٢).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - الاحتجاج ص ٣٤٧.

(١) في المصدر: لكل.

١٢٢

به المقدور، ولا يتقى به المحذور، إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإن أخبر هو بخبر لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضادّ الله في علمه بزعمه أنه يردّ قضاء الله عن خلقه » الخبر.

[٩٢٢٠] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي بصير قال: رأيت رجلا يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النجوم، فلما خرج من عنده قلت له: هذا علم له أصل؟ قال: « نعم » قلت: حدثني عنه، قال: « أحدثك عنه بالسعد(١) ولا أحدّثك بالنحس، إن الله جلّ اسمه فرض صلاة الفجر لأول ساعة فهو فرض وهي سعد، وفرض(٢) الظهر لسبع ساعات وهو فرض وهي سعد، وجعل العصر لتسع ساعات وهو فرض وهي سعد، والمغرب لأوّل ساعة من الليل وهو فرض وهي سعد، والعتمة لثلاث ساعات وهو فرض وهي سعد ».

[٩٢٢١] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب الاستخارة: قال: ذكر الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد في كتاب له في العمل(١) ، ما هذا لفظه: دعاء الاستخارة عن الصادقعليه‌السلام ، تقوله بعد فراغك من صلاة الاستخارة تقول:

« اللهم إنك خلقت أقواما يلجؤون إلى مطالع النجوم، لأوقات حركاتهم وسكونهم وتصرفهم وعقدهم، وخلقتني أبرأ إليك من اللجأ

__________________

٤ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ٢٦٥.

(١) في المصدر: بالصعب.

(٢) وفيه: وجعل.

٥ - فتح الأبواب ص ٢٩ وعنه في البحار ج ٩١ ص ٢٧٠ ح ٢٣.

(١) كذا.

١٢٣

إليها، ومن طلب الاختيارات بها، وأتيقن أنّك لم تطلع أحدا على غيبك في مواقعها، ولم تسهل له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، وأنّك قادر على نقلها في مداراتها في مسيرها عن السعود العامة والخاصة إلى النحوس، ومن النحوس الشاملة والمفردة إلى السعود، لأنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، ولأنّها خلق من خلقك وصنعة من صنيعك، وما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله، واستمد(٢) الاختيار لنفسه، وهم أولئك ولا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو »، إلى آخر الدعاء وقد مرّ(٣) في كتاب الصلاة.

١٢ -( باب استحباب افتتاح السفر بالصدقة، وجواز السفر بعدها في الأوقات المكروهة، واستحباب كونها عند وضع الرجل في الركاب)

[٩٢٢٢] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدّق واخرج أيّ يوم شئت ».

[٩٢٢٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « أتى إلى أبي رجل من أصحابه أراد سفرا ليودعه، فقال [ له: إن ](١) أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام ، كان إذا أراد الخروج

__________________

(٢) وفي نسخة: استبد - منه قدس سره -.

(٣) تقدم برقم ٧ من الباب ١ من أبواب صلاة الاستخارة.

الباب ١٢

١ - الهداية ص ٤٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٤

إلى بعض أمواله، اشترى سلامته من الله بما تيسّر، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب، فإذا (سلّمه الله)(٢) وانصرف شكر الله تعالى، وتصدّق(٣) بما تيسر، فودّعه الرجل ومضى، ولم يفعل من ذلك شيئا فعطب في الطريق، فبلغ ذلك أبا جعفرعليه‌السلام فقال: كان(٤) الرجل وعظ لو اتعظ ».

[٩٢٢٤] ٣ - زيد الزراد في أصله قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إذا خرج أحدكم من منزله فليتصدق بصدقة، وليقل: اللهم أظلّني تحت كنفك، وهب لي السلامة في وجهي هذا، ابتغاء السلامة والعافية والمغفرة، واصرف [ عنّي ](١) أنواع البلاء، اللهم فاجعله لي أمانا في وجهي هذا، وحجابا وسترا ومانعا، وحاجزا من كلّ مكروه ومحذور وجميع أنواع البلاء، إنّك وهّاب جواد ماجد كريم، فإنّك إذا فعلت ذلك وقلته، لم تزل في ظل صدقتك، ما نزل بلاء من السماء إلّا ودفعه عنك، ولا استقبلك بلاء في وجهك إلّا وصدّه عنك، ولا أرادك من هوام الأرض شئ من تحتك ولا عن يمينك ولا عن يسارك، إلّا وقمعته الصدقة ».

__________________

(٢) وفيه: سلّم.

(٣) وفيه زيادة: أيضاً.

(٤) وفيه: قد كان.

٣ - كتاب زيد الزرّاد ص ١٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٥

١٣ -( باب استحباب حمل العصا من لوز مرّ في السفر، وما يستحب قراءته حينئذٍ)

[٩٢٢٥] ١ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: روي عن الأئمةعليهم‌السلام أنهم قالوا: « إذا أراد أحدكم ان يسافر فليصحب معه في سفره عصا من شجر اللوز المرّ، وليكتب هذه الأحرف في رقّ، ويحفر العصا ويجعل الرق فيها، وهي: سلمخس وهبه لهوه(١) با. ابنه. باويه صاف(٢) . صسابه هي ».

١٤ -( باب استحباب حمل العصا في السفر والحضر، والصغر والكبر)

[٩٢٢٦] ١ - جامع الأخبار: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من مشى مع العصا في السفر والحضر للتواضع، يكتب له بكل خطوة الف حسنة، ومحا عنه الف سيئة، ورفع له الف درجة ».

١٥ -( باب استحباب صلاة ركعتين أو أربع ركعات، عند إرادة السفر، وجمع العيال، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٢٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن

__________________

الباب ١٣

١ - أمان الأخطار ص ٣٣ باختلاف يسير في رسم الحروف التي في ذيل الحديث.

(١) في نسخة: يهون (منه قدّه).

(٢) وفي نسخة: صاون (منه قدّه).

الباب ١٤

١ - جامع الأخبار ص ١٤١.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٥.

١٢٦

آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « ما استخلف رجل على أهله خليفة إذا أراد سفرا، أفضل من ركعتين يصليهما عند خروجه(١) ، ثم يقول: اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي، وديني [ ودنياي ](٢) وآخرتي، وأمانتي وخاتمة عملي، ولا يفعل ذلك مؤمن إلّا أعطاه الله ما سأل ».

[٩٢٢٨] ٢ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن الحسن بن الحسين أو غيره، عن محمد بن سنان رفعه قال: كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أراد سفرا، قال: « اللهم خلّ سبيلنا، وأحسن سيرنا - أو قال مسيرنا - وأعظم عافيتنا ».

[٩٢٢٩] ٣ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في جنّته: بعد ذكر الدعاء المروي في الكافي(١) والمحاسن(٢) ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: ثم قل مولاي(٣) انقطع الرجاء إلّا منك: وخابت الآمال إلّا فيك، أسألك إلهي بحق من حقّه واجب عليك، ممّن جعلت له الحقّ عندك، أن تصلي على محمّد وآل محمد، وأن تقضي حاجتي، ثم ادع بدعاء السفر، فتقول: محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أمامي، وعلي ورائي، وفاطمة فوق رأسي، (والحسن عن يميني، والحسين عن

__________________

(١) في نسخة: الخروج (منه قدس سره).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - المحاسن ص ٣٥٠.

٣ - الجنة الواقية ص ١٨٦.

(١) الكافي ج ٣ ص ٢٨٣ ح ٢

(٢) المحاسن ص ٣٥٠ ح ٣٠.

(٣) في المصدر: يا مولاي.

١٢٧

يساري)(٤) ، وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجّةعليهم‌السلام ، حولي، إلهي ما خلقت خلقا خيرا منهم، فاجعل صلواتي بهم مقبوله، ودعواتي بهم مستجابة، وحوائجي بهم مقضيّة، وذنوبي بهم مغفورة: وآفاتي بهم مدفوعة، وأعدائي بهم مقهورة، وأرزاقي بهم مبسوطة، اللهم صلّ على محمد وآل محمد، تقول ذلك ثلاثا ثم تدعو بكلمات الفرج ».

قال في الحاشية(٥) : هذا دعاء السفر جليل القدر عظيم الشأن، يؤمن(٦) به المسافر، ذكره الشيخ، الأجل الحسين بن محمد بن علي المكيال طاب ثراه، في كتابه عمدة(٧) في الدعوات.

[٩٢٣٠] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا أردت سفرا فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين وقل: اللهم إني أستودعك ديني، ونفسي، وأهلي، وولدي، وعيالي ».

[٩٢٣١] ٥ - الصدوق في المقنع: فإذا أردت الخروج إلى الحج فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين، ومجّد الله كثيرا، وصلّ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وقل: اللهم إني أستودعك اليوم ديني، ونفسي، ومالي، وأهلي وولدي وجيراني، وأهل حزانتي(١) الشاهد منّا والغائب،

__________________

(٤) وفيه: والحسن والحسين عن يساري.

(٥) حاشية جنة الواقية ص ١٨٧.

(٦) في المصدر: يؤمن الله.

(٧) وفيه: عدّة.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦ باختلاف يسير، وعنه في البحار ج ٧٦ ص ٢٣٥ ح ١٧.

٥ - المقنع ص ٦٧.

(١) الحُزانة: بالضم والتخفيف، عيال الرجل الذي يَتَحزّن لهم (مجمع البحرين ج ٦ ص ٢٣٢).

١٢٨

وجميع ما أنعمت به عليّ، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك، وعزّك وعياذك، عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وامتنع عائذك، ولا إله غيرك، توكّلت على الحيّ الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليّ من الذل، وكبره تكبير، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسحبان الله بكرة وأصيلا.

١٦ -( باب استحباب قيام المسافر على باب داره، وقراءة الفاتحة أمامه، وعن يمينه، وعن شماله، وآية الكرسي كذلك، والمعوذتين والاخلاص كذلك، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٣٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام « وإذا أردت الخروج من منزلك فقل: بسم الله: ولا حول ولا قوّة إلّا بالله، توكلت على الله، فإنّك إذا قلت هكذا، نادى ملك في قولك بسم الله: هديت أيّها العبد، وفي قولك لا حول ولا قوة إلّا بالله: وقيت، وفي قولك توكّلت على الله: كفيت، فيقول الشيطان حينئذ: كيف لي بعبد هدي ووقي وكفي؟ واقرأ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) مرّة عن يمينك، ومرّة عن يسارك، ومرّة عن خلفك، ومرّة [ من ](١) بين يديك، ومرّة من فوقك، ومرّة من تحتك، فإنّك تكون في يومك كلّه في أمان الله ».

[٩٢٣٣] ٢ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: وروي أنه إذا وقف على باب داره، سبح تسبيح الزهراءعليها‌السلام وقرأ

__________________

الباب ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - أمان من الأخطار ص ٩٤.

١٢٩

الحمد وآية الكرسي كما قدمناه(١) ، وقال: اللهم إليك وجهت وجهي، وعليك خلفت أهلي ومالي(٢) وما خوّلتني، [ و ](٣) قد وثقت بك فلا تخيبني، يا من لا يخيّب من أراده، ولا يضيع من حفظه، اللهم صلّ على محمد وآل محمد(٤) ، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي يا أرحم الراحمين، اللهم بلغني ما توجّهت له، وسبّب لي المراد، وسخّر لي عبادك وبلادك، وارزقني زيارة نبيّك، ووليك أميرالمؤمنين، والأئمة من ولده، وجميع أهل بيته عليه وعليهم السلام، ومدّني بالمعونة في جميع أحوالي، ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى غيري، فأكلّ واعطب، وزوّدني التقوى، واغفر لي في الآخرة والأولى، اللهم اجعلني أوجه من توجّه إليك.

وتقول أيضا: بسم الله وبالله، وتوكّلت على الله، واستغثت بالله، والجأت ظهري إلى الله، وفوّضت أمري إلى الله، ربّ آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيّك الذي أرسلت، لأنه لا يأتي بالخير إلهي إلّا أنت، [ ولا يصرف السوء إلّا أنت ](٥) عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وتقدّست أسماؤك، وعظمت آلاؤك، ولا إله غيرك.

فقد روي أن من خرج من منزله مصبحا، ودعا بهذا الدعاء، لم يطرقه بلاء حتى يمسي ويؤوب إلى منزله، وكذلك من خرج في السماء ودعا به، لم يطرقه بلاء حتى يصبح ويؤوب إلى منزله.

__________________

(١) في هامش المخطوط: « أي كلّ واحد منهما أمامه وعن يمينه وعن شماله » منه قدّه.

(٢) في نسخة: ومالي وولدي، منه قدّه.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في نسخة: وآله، منه قدّه.

(٥) أثبتناه من المصدر.

١٣٠

[٩٢٣٤] ٣ - الشيخ الطبرسي في كتاب كنوز النجاح: بالسند المتقدم في آخر أبواب وجوب الحج وشرائطه، عن الجواد، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليهم أجمعين)، ممّا علمه من أدعية الوسائل إلى المسائل، المناجاة بالسفر:

« اللهم إني أريد سفرا فخر لي فيه، وأوضح لي سبيل الرأي وفهمنيه، وافتح عزمي بالاستقامة، واشملني في سفري بالسلامة، وافدني به جزيل الحظّ والكرامة، واكلأني فيه بحرز الحفظ والحراسة، وجنبني اللهم وعثاء الأسفار، وسهل لي حزونة الأوعار، واطولي طول انبساط المراحل، وقرّب منّي بُعْدَ نأي المناهل، وباعد في المسير بين خطى الرواحل، حتى تقرب نياط البعيد، وتسهل وعور الشديد، ولقنّي في سفري اللهم نجح طائر الواقية، وهنّئني غنم العافية، وخفير الاستقلال، ودليل مجاوزة الأهوال، وباعث وفور الكفاية، وسانح خفير الولاية واجعله اللهم ربّ سببا عظيم السلم، حاصل الغنم، واجعل اللهم ربّ الليل سترا لي من الآفات، والنهار مانعا من الهلكات، واقطع عني قطع لصوصه بقدرتك، واحرسني من وحوشه بقوتك، حتى تكون السلامة فيه مصاحبتي، والعافية مقارنتي، واليمن سائقي، واليسر معانقي، والعسر مفارقي، والنجح بين مفارقي، والقدر موافقي، والأمن مرافقي، إنّك ذو المن والطول، والقوّة والحول، وأنت على كلّ شئ قدير ».

[٩٢٣٥] ٤ - البحار: عن خط السيد نظام الدين احمد الشيرازي، بأسانيده إلى أبي علي بن الشيخ الطوسي، عن أبيه، عن أبي عبد الله

__________________

٣ - كنوز النجاح ورواه الكفعمي في البلد الأمين ص ٥١٧.

٤ - البحار ٩٥ ص ٣١٥، وسنده في ٣٢٥.

١٣١

الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام، عن الحسين بن زكريا، عن صهيب بن عباد بن صهيب، عن أبيه عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - في حديث طويل - أنه قال: « قال الله تعالى في ليلة أسري بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : يا محمد، ومن أراد الخروج من أهله لحاجة في سفر، فأحبّ أن اؤديه سالما مع قضائي له الحاجة، فليقل حين يخرج [ من بيته ](١) بسم الله مخرجي، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن أخرج خروجي، وقد أحصى علمه ما في مخرجي ومرجعي، توكلت على الإله(٢) الأكبر توكل مفوض إليه امره، مستعين به على شؤونه، مستزيد من فضله، مبرئ نفسه من كلّ حول ومن كلّ قوّة إلّا به، خروج ضرير خرج بضرّه إلى من يكشفه عنه، وخروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، وخروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، وخروج من ربّه أكبر ثقته، وأعظم رجائه، وأفضل أمنيته، الله ثقتي في جميع أموري كلّها، به فيها جميعا استعين، ولا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، اسأل الله خير المخرج والمدخل، لا إله إلّا هو إليه المصير.

فإنه إذا قال ذلك، وجهت له في مدخله ومخرجه السرور، وأديته سالما » الخبر.

وهذا من جملة أدعية السرّ، ولها أسانيد متعددة في كتب الأصحاب.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة: الله (منه قدّه).

١٣٢

[٩٢٣٦] ٥ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « وإذا خرج أحدكم في سفر، فليقل: اللهم أنت الصاحب في السفر، والحامل على الظهر، والخليفة في الأهل والمال والولد ».

[٩٢٣٧] ٦ - السيد هبة الله الراوندي في مجموع الرائق: دعاء السفر:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أسألك بحق وليك علي بن الحسين، إلّا كفيتني مؤونة كلّ شيطان مريد، وسلطان عنيد، يتقوى عليّ ببطشه، وينتصر عليّ بجنده، إنّك جواد كريم.

اللهم إني أسئلك بحق وليك علي بن موسى الرضا، إلّا ما سلّمتني به في جميع أسفاري، في البراري، والبحار، والجبال، والقفار، والأودية، والغياض(١) ، من جميع ما أخافه وأحذره، إنّك رؤوف رحيم.

اللهم إني أسألك بحق وليك محمد بن علي الجواد، إلّا جدت علي من فضلك، وتفضلت عليّ من وسعك، ووسعت عليّ من رزقك، وأغنيتني عمّن سواك، وجعلت حاجتي إليك، وقضاءها عليك، فإنك لما تشاء قدير.

اللهم إني أسألك بحق وليّك وحجتك صاحب الزمان، إلّا أعنتني به على جميع أموري، وكفيتني به كلّ عدوّ، وهمّ، وغمّ، ودين،

__________________

٥ - تحف العقول ص ٨١.

٦ - مجموع الرائق ص ٥.

(١) الغياض: جمع غيضة، وهو ماء يجتمع فينبت فيه الشجر (لسان العرب ج ٧ ص ٢٠٢).

١٣٣

وضيق، ومخوف، ومحذور، ولولدي، ولجميع أهلي، وإخواني، ومن يعنيني امره، وخاصّتي، آمين ربّ العالمين.

ثم يقف على عتبة منزله ويدعو بهذا الدعاء، ويتوجّه من فوره: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله مخرجي ؤ، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن اخرج خروجي، وأحصى بعلمه ما في مخرجي ورجعتي من عملي، وتوكّلت على الإله الأكبر عليه توكّلي، مفوّضا إليه أموري وشؤوني، مستزيدا من فضله، مبرئا نفسي من كلّ حول وقوة إلّا به، خرجت خروج ضرير خرج بضره إلى من يكشفه، خروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، خروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، خروج من ربّه أكبر ثقته في جميع أُموره كلّها، وأعظم رجائه وأفضل أمنيته، في جميع ذلك استعين، لا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، أسأل الله خير المدخل والمخرج، لا إله إلّا هو.

١٧ -( باب استحباب التسمية عند الركوب، والدعاء بالمأثور، وتذكر نعمة الله بالدواب، والامساك بالركاب)

[٩٢٣٨] ١ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمرو بن شمر، وعمر بن سعد، ومحمد بن عبيد(١) الله، قال عمر: حدثني رجل من الأنصار، عن الحارث به كعب الوالبي، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود(٢) قال: لما أراد عليعليه‌السلام الشخوص عن النخيلة،

__________________

الباب ١٧

١ - وقعة صفين ص ١٣١.

(١) في المصدر: عبد.

(٢) وفيه: عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود. والظاهر أنّ الصواب هو: عبد الرحمن بن عبيد بن الكنود « راجع معجم رجال الحديث ج ٩ ص ٣٣٥ ح٦٣٩٢).

١٣٤

قام في الناس - إلى أن قال - فلما أراد أن يركب وضع رجله في الركاب وقال: « بسم الله » فلما جلس على ظهرها قال:( سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ) (٣) .

ثم قال: « اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، والحيرة بعد اليقين، وسوء المنظر في الأهل، والمال(٤) اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل » الخبر.

[٩٢٣٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا وضعت رجلك في الركاب فقل: بسم الله وبالله وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك(١) ، فقل: الحمد لله (الذي هدانا إلى الاسلام، ومنّ علينا بالايمان، وعلمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، سبحان)(٢) الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين(٣) والحمد لله ربّ العالمين ».

وفي بعض نسخه في موضع آخر(٤) : « ثم اركب راحلتك وقل: بسم الله وبالله سبحان من سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين الحمد لله الذي سخر لنا هذا، وذلّل لنا، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلّم ».

__________________

(٣) الزخرف ٤٣: ١٣ و ١٤.

(٤) في المصدر زيادة: الولد.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: عملك.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه زيادة: وانا إلى ربّنا لمنقلبون.

(٤) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤.

١٣٥

[٩٢٤٠] ٣ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه أراد سفرا فلما استوى على دابته قال: « الحمد لله الذي(١) سخر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ثم قرأ فاتحة الكتاب ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر، ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك(٢) إني ظلمت نفسي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم ضحك، فقيل له: يا أميرالمؤمنين من أيّ شئ ضحكت؟ قل: « رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال مثل ما قلت، ثم ضحك، فقلت: يا رسول الله من أي شئ تضحك؟ قال: أن الله عزّوجلّ يعجب بعبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره ».

[٩٢٤١] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه كان إذا استوى على راحلته خارجا إلى سفر، كبّر ثلاثا، ثم قال: « سبحان الذي سخر لنا هذا وكنا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، اللهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوعنّا بعده، اللهم أنت الصحاب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال » فإذا رجع قال: « آئبون تائبون عابدون، لربنا حامدون ».

[٩٢٤٢] ٥ - مجموعة الشهيد الأول: أخبرنا جماعة من أشياخنا، عن الشيخ

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٦.

(١) في المصدر: سبحان الذي.

(٢) في المصدر زيادة: اللهم.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٥.

٥ - مجموعة الشهيد ص ١٤٦.

١٣٦

الامام صفي الدين أبي الفضائل عبد المؤمن بن عبد الحقّ الخطيب البغدادي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن عبد الله المعروف بابن قاضي اليمن، إجازة عن عتيق بن سلامة السلماني عن، الحافظ محمد بن أبي القاسم (بن)(١) علي بن هبة الله بن عساكر.

وحدثني السيد النسّابة العلامة الفقيه المؤرّخ تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معيّة الحسيني، من لفظه قال: أخبرني جلال الدين محمد بن محمد الكوفي الواعظ، إجازةً: قال أخبرنا تاج الدين علي بن النجيب المعروف بابن الساعي المؤرخ، أنبأنا الحافظ ابن عساكر، أنبأنا الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قراءةً عليه بالكوفة بمسجد أبي إسحاق السبيعي، في ذي القعدة سنة احدى وخمسمائة، أنبأنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن محمد بن علان المعروف بابن الخازن المعدل، أنبأنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي، أنبأنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد بن رباح الأشجعي أنبأنا علي بن المنذر يعني الطريقي، أنبأنا محمد بن فضل عن يحيى بن عبد الله الأجلح الكندي الكوفي، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي، عن أبي زهير الحارث بن عبد الله، الأعور الهمداني الكوفي، عن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه)، أنه خرج من باب القصر فوضع رجله في الغرز(٢) ، فقال:

__________________

(١) الظاهر أن « ابن » زائدة، حيث أن بن عساكر: هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله « الكنى والألقاب ج ١ ص ٣٤٤ ».

(٢) الغرز: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب (مجمع البحرين ج ٤ ص ٢٨).

١٣٧

« بسم الله » فلما استوى على الدابة قال: « الحمد لله الذي أكرمنا، وحملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضّلنا على كثير ممّن خلق، تفضيلا، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ربّ اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إن الله ليعجب بعبده إذا قال: ربّ اغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت ».

١٨ -( باب استحباب ذكر الله وتسبيحه وتهليله في المسير، والتسبيح عند الهبوط، والتكبير عند الصعود، والتهليل والتكبير عند كلّ شرف)

[٩٢٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وعليك بكثرة الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير، والصلاة على محمد وآله ».

[٩٢٤٤] ٢ - علي بن طاووس في أمان الأخطار: وروي في لفظ التكبير، إذا علوت تلعة أو أكمة أو قنطرة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله والله أكبر، والحمد لله ربّ العالمين، اللهم لك الشرف على كلّ شرف.

ثم تقول: خرجت بحول الله وقوّته، بغير حول مني ولا قوّة، لكن بحول الله وقوّته، برأت إليك يا ربّ من الحول والقوّة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا، تسوقه إليّ وأنا خافض في عافية بقدرتك

__________________

الباب ١٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - أمان الأخطار ص ١٠١.

١٣٨

وقوّتك، اللهم سرت في سفري هذا، بلا ثقة منّي لغيرك ولا رجاء لسواك، فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك، ووفقني لطاعتك وعبادتك، حتى ترضى وبعد الرضى.

[٩٢٤٥] ٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، إذا هبط سبّح، وإذا صعد كبّر ».

١٩ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور في المسير)

[٩٢٤٦] ١ - دعائم الاسلام: عن علي (صلوات الله عليه): أنه كان إذا برز للسفر فقال: « اشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمد (رسول الله)(١) عبده ورسوله، الحمد لله الذي هدانا للاسلام، وجعلنا من خير أمّة أخرجت للناس، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل [ والمال والولد، الهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ](٢) والمستعان في الأمر، اطوِ لنا البعد(٣) ، وسهّل لنا الحزونة، واكفنا المهم إنّك على كلّ شئ قدير ».

__________________

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي « ضمن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى » ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٢٤.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٧.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: البعيد.

١٣٩

٢٠ -( باب استحباب الاستعاذة والاحتجاب، بالذكر والدعاء وتلاوة آية الكرسي، في المخاوف)

[٩٢٤٧] ١ - السيد فضل الله الراوندي في أدعية السر: بسنده المتقدم في أبواب الأذان وغيرها، والشيخ إبراهيم الكفعمي في البلد الأمين وغيره، بأسانيدهم عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أن الله تبارك وتعالى قال له في ليلة المعراج: يا محمد ومن خاف شيئا ممّا في الأرض من سبع أو هامّة، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا ذارئ ما في الأرض كلّها بعلمه، بعلمك يكون ما يكون ممّا ذرأت، لك السلطان على ما ذرأت، ولك السلطان القاهر على كلّ شئ دونك، يا عزيز يا منيع، إنّي أعوذ بك بقدرتك على كلّ شئ، من كلّ شئ يضرّ، من سبع أو هامّة أو عارض من سائر الدواب، يا خالقها بفطرته، صلّ على محمد وآل محمد، وادرأها عنّي، واحجزها ولا تسلّطها عليّ، وعافني من شرّها وبأسها، يا الله ذا العلم العظيم، حطني واحفظني بحفظك، واجنبني بسترك الوافي من مخاوفي، يا كريم وأجرني يا رحيم، فإنّه إذا قال ذلك، لم تضرّه دوابّ الأرض، التي ترى، والتي لا ترى.

يا محمد ومن خاف شيئا دوني من كيد الأعداء واللصوص، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا آخذا بنواصي خلقه والسافع(١) بها إلى قدره، والمنفذ فيها حكمه، وخالقها وجاعل قضائه

__________________

الباب ٢٠

١ - عنه في البحار ج ٩٥ ص ٣١١ باختلاف يسير « نقله عن البلد الأمين وفي ذيله ذكر عدة أسانيد منها السند المذكور أعلاه »، والبلد الأمين ص ٥٠٧، والمصباح ص ١٩١.

(١) في نسخة: السائق (منه قدّه).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

ومن أجل أن نفهم الآية فهما دقيقا ينبغي أن تتضح لنا كلمة «يثنون» بجلاء فهي من مادة «ثني» وهي في الأصل تعني ضم أقسام الشيء بعضها إلى بعض ، فمثلا في طي قطعة القماش والثوب يقال «ثنى ثوبه» وإنّما يقال للشخصين على سبيل المثال : اثنان ، فلأجل أن انضمّ واحد إلى جانب الآخر ، ويقال للمادحين «مثنون» كذلك ، لأنّهم يعدون الصفات البارزة واحدة بعد الأخرى.

وتعني الانحناء أيضا ، لأنّ الإنسان بعمله هذا وهو الانحناء يقرّب أجزاء من جسمه بعضها إلى بعض.

وتأتي هذه المادة بمعنى أن تجد العداوة والبغضاء والحقد طريقها إلى القلب أيضا لأنّ الإنسان بهذا العمل يقرب عداء الشخص ـ أو أيّ شيء آخر ـ إلى القلب ، ومثل هذا التعبير موجود في الأدب العربي إذ يقال : «اثنونى صدره على البغضاء»(١) .

ومع الأخذ بنظر الإعتبار بما ورد آنفا من معان لمادة «ثني» فلا يبعد أن تكون كلمة «يثنون» مشيرة إلى كل عمل خفي ـ ظاهري وباطنيّ ـ قام به أعداء النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمن جهة يضمرون العداوة والبغضاء في القلوب ويبدون المحبّة في لسان ذلق جميل! ومن جهة أخرى يقربون رؤوسهم بعضها إلى بعض عند التحدث ، ويثنون الصدور ويستغشون الثياب ، لئلا تنكشف مؤامراتهم وأقوالهم السيئة ويطّلع أحد على نياتهم.

لذلك فإنّ القرآن يعقّب مباشرة : أن أحذروهم ، فإنّهم حين يستخفون تحت ثيابهم فإنّ الله يعلم ما يخفون وما يعلنون( أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) .

* * *

__________________

(١) يراجع «تاج العروس» و «مجمع البيان» و «المنار» و «مفردات الراغب» في هذا الشأن.

٤٦١

الآية

( وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦) )

التّفسير

جميع الاحياء ضيوف مأدبته :

الآية السابقة أشارت إلى سعة علم الله وإحاطته بالسر وما يخفون وما يعلنون ، والآية محل البحث تعدّ دليلا على تلك الآية المتقدمة ، فإنّها تتحدث عن الرازق لجميع الموجودات ولا يمكن يتمّ ذلك إلّا بالإحاطة الكاملة بجميع العالم وما فيه

تقول الآية( وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها ) ويعلم تقلّبها وتنقلها من مكان لآخر ، وحيثما كانت فإنّ الرزق يصل إليها منه.

وهذه الحقائق مع جميع حدودها ثابتة في كتاب مبين ولوح محفوظ في علم الله( كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) .

* * *

٤٦٢

ملاحظات

١ ـ بالرغم من أنّ كلمة «دابّة» مشتقة من مادة «دبيب» التي تعني السير ببطء وبخطى قصيرة ، ولكنّها من الناحية اللغوية تشمل كل حيوان يتحرك في سيرة ببطء أو بسرعة ، فنرى كلمة الدابة تطلق على الفرس وعلى كل حيوان يركب عليه ، وواضح أنّ الكلمة في هذه الآية ـ محل البحث ـ تشمل جميع الحيوانات الموجودة على سطح الأرض بما فيها الحيوانات التي تدبّ في سيرها

٢ ـ «الرزق» : هو العطاء المستمر ، ومن هنا كان عطاء الله المستمر للموجودات رزقا. وينبغي الالتفات إلى أن مفهوم الرزق غير منحصر في الحاجات المادية ، بل يشمل كل عطاء ماديّ أو معنوي. ولذلك نقول مثلا : «اللهم ارزقني علما كاملا» أو نقول : «اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك».

والظاهر أنّ المراد من الرزق في هذه الآية الرزق المادي ، ولكن إرادة المفهوم العام الذي يندرج تحته الرزق المعنوي غير بعيد

٣ ـ «المستقر» ـ في الأصل ـ تعني المقّر ، لأن جذر هذه الكلمة في اللغة مأخوذ من «قرّ» على وزن «حرّ» وتعني كلمة القرّ البرد الشديد الذي يجعل الإنسان والموجودات الأخرى يركنون إلى بيوتهم ، ومن هنا جاءت بمعنى التوقف والسكون أيضا.

و «المستودع» و «الوديعة» من مادة واحدة ، وهاتان الكلمتان في الأصل تعنيان «اطلاق الشيء وتركه» ولذلك تطلق عليه الأمور غير الثابتة التي ترجع إلى حالتها الطبيعية، فيطلق على كل أمر غير ثابت «مستودع» وبسبب رجوع الشيء إلى صاحبه الأصلي وتركه محله الذي هو فيه يسمى ذلك الشيء «وديعة» أيضا.

فالآية أنفة الذكر تقول : لا ينبغي التصور أن الله سبحانه يرزق الدواب التي تستقر في أماكنها فحسب ، بل هي حيث ما كانت وفي أي ظرف من الظروف تكون فإنّه تعالى يوصل إليها أرزاقها ، لأنّه يعلم أماكن استقرارها ، وكذلك يعلم جميع

٤٦٣

المناطق التي تنتقل إليها وترحل عنها من حيوانات بحرية مهولة الحجم ، الى أصغر الكائنات المجهرية ، فإنّه تعالى يرزق كلا منها بحسب حاجته وحاله.

وهذا الرزق ملحوظ بحيث يناسب حال الموجودات من حيث الكمية والكيفية ، وهو مطابق تماما لمقدار الحاجة والرغبة ، حتى غذاء الجنين الذي في رحم أمّه يتفاوت كل شهر عن الشهر السابق في النوعية والكمية ، بل كل يوم عن اليوم السابق بالرغم ممّا يبدو من أن الدم نوع واحد لا أكثر. وكذلك الطفل في مرحلة الرضاعة حيث يبدو أن غذاءه من نوع واحد ، لكن تركيب هذا الغذاء أو اللبن يختلف من يوم لآخر.

٤ ـ «الكتاب المبين» معناه المكتوب الواضح البيّن ، ويشير إلى علم الله الواسع ، وقد يعبر عنه أحيانا باللوح المحفوظ أيضا.

ويحتمل أن يكون هذا التعبير اشارة إلى أنّه لا ينبغي لأحد أن يهتم لرزقه أقلّ اهتمام ، أو يحتمل سقطوا اسمه وسهمه من القلم ، لأنّ أسماء الجميع مثبتة في( كِتابٍ مُبِينٍ ) كتاب أحصى الجميع بجلاء ووضوح!

تقسيم الأرزاق والسعي من أجل الحياة!

هناك أبحاث مهمّة في مسألة «الرزق» ، ونأخذ بنظر الإعتبار ـ هنا ـ قسما منها:

١ ـ «الرزق» ـ كما قلنا آنفا ـ يعني في اللغة العطاء المستمر والدائم ، وهو أعم من أن يكون رزقا ماديّا أو معنويا فعلى هذا كل ما يكون فيه نصيب للعباد من قبل الله وينتفعون منه ـ من مواد غذائية ومسكن وملبس أو علم وعقل وفهم وإيمان وإخلاص ـ يسمى رزقا ، ومن ظنّ أن مفهوم الرزق خاص بالجوانب المادّية لم يلتفت إلى موارد استعماله في القرآن الكريم بدقة فالقرآن يتحدث عن الشهداء في سبيل الله بأنّهم( أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١) .

__________________

(١) سورة آل عمران ، ١٦٩.

٤٦٤

وواضح أن رزق الشهداء ـ في عالم البرزخ ـ ليس نعمّا مادية ، بل هو عبارة عن المواهب المعنوية التي يصعب علينا تصوّرها في هذه الحياة المادية.

٢ ـ مسأله تأمين الحاجات بالنسبة للموجودات الحية ـ وبتعبير آخر تأمين رزقها ـ من المسائل المثيرة التي تنكشف أسرارها بمرور الزمان وتقدّم العلم وتظهر كل يوم ميادين جديدة تدعو للتعجب والدهشة.

كان العلماء في الماضي يتساءلون فيما لو كان في أعماق البحار موجودات حيّة ، فمن أين يتم تأمين غذائها؟! إذ أنّ أصل الغذاء يعود إلى النباتات والحشائش ، وهي تحتاج إلى نور الشمس ، ولكن على عمق ٧٠٠ متر فصاعدا لا وجود لنور الشمس أبدا ، بل ليل أبدي مظلم يلقي ظلاله ويبسط أسداله هناك.

ولكن اتّضح بتقدم العلم أن نور الشمس يغذّي النباتات المجهرية في سطح الماء وبين الأمواج ، وحين تبلغ مرحلة النضج تهبط إلى أعماق البحر كالفاكهة الناضجة ، وتنظم إلى الأرزاق الإلهية للأحياء في تلك الاعماق ، مائدة نعمة الله للموجودات الحية تحت الماء!

ومن جهة أخرى فهناك طيور كثيرة تتغذى من أسماك البحر ، منها طيور تطير في الليل وتهبط الى البحر كالغواص الماهر وعن طريق أمواج رادارية خاصّة تخرج من آنافها تعرف صيدها وتصطاده بمنقارها.

ورزق بعض أنواع الطيور يكون مدّخرا بين ثنايا أسنان حيوانات بحرية كبيرة هذا النوع من الحيوانات بعد أن يتغذى من حيوانات البحر ، تحتاج أسنانه إلى «منظف طبيعي» فيأتي إلى ساحل البحر ويفتح فمه الواسع فتدخل هذه الطيور التي أدّخر رزقها في فم هذا الحيوان الضخم ـ دون وحشة ولا اضطراب ـ وتبحث عن رزقها بين ثنايا أسنان هذا الحيوان الكبير ، فتملأ بطونها من جهة ، وتريح الحيوان الذي تزدحم بين أسنانه «هذه الفضلات» من جهة أخرى وحين تخرج الطيور وتطير في الفضاء يطبق هذا الحيوان البحري فمه بكل هدوء ويعود إلى

٤٦٥

أعماق البحر.

طريقة إيصال الرزق من الله تعالى إلى الموجودات المختلفة مذهلة ومحيرة حقّا. من الجنين الذي يعيش في بطن أمّه ولا يعلم أحد أسراره شيئا ، إلى الحشرات المختلفة التي تعيش في طيّات الأرض ، وفي الأشجار وعلى قمم الجبال أو في أعماق البحر ، وفي الأصداف جميع هذه الموجودات يتكفل الله برزقها ولا تخفي على علمه ، وكما يقول القرآن( ... عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها ) .

الطريف في الآيات آنفة الذكر أنّها تعّبر عن الموجودات التي تطلب الرزق بـ «الدّابّة» وفيها إشارة لطيفة إلى العلاقة بين موضوع «الطاقة» و «الحركة». ونعلم أنّه حيثما تكن حركة فلا بدّ لها من طاقة ، أي ما يكون منشأ للحركة ، والقرآن الكريم يبيّن ـ في الآيات محل البحث ـ أنّ الله يرزق جميع الموجودات المتحركة ، وإذا ما توسعنا في معنى الحركة فإنّ النباتات تندرج في هذا الأمر أيضا ، لأنّ للنباتات حركة دقيقة وظريفة في نموها ، ولهذا عدّوا في الفلسفة الاسلامية موضوع «النمو» واحدا من أقسام الحركة

٣ ـ هل أنّ رزق كلّ أحد مقدر ومعين من أوّل عمره إلى آخره ، وهل أنّه يصل إليه شاء أم أبى؟! أم أنّ عليه يسعى في طلبه؟

يظنّ بعض الأفراد السذّج استنادا إلى الآية آنفة الذكر ، وإلى بعض الرّوايات التي تذكر أنّ الرزق مقدر ومعين ، أنّه لا داعي للسعي من أجل الرزق والمعاش ، فإنّه لا بدّ من وصول الرزق ، ويقول بكل بساطة : إنّ من خلق الأشداق قدّر لها الأرزاق.

إنّ سلوك مثل هؤلاء الأفراد الذين لا حظّ لهم من المعرفة الدينية يعطي ذريعة الى الأعداء حيث يدّعون أن الدين أحد عوامل الركود الاقتصادي وتقبل الحرمان وإماتة النشاطات الإيجابيّة في الحياة ، فيقول مثلا : إذا لم تكن الموهبة

٤٦٦

الفلانية من نصيبي فإنّها لم تكن من رزقي قطعا فلو كانت من نصيبي لوصلتني حتما من دون تكلف عناء الكسب. وبهذا يستغل المستعمرون هذه الفرصة ليحرموا الكثير من الخلق التمتع بأسباب الحياة في حين أن أقل معرفة بالقرآن والأحاديث الإسلامية تكفي في بيان أنّ الإسلام يعدّ أساس أي استفادة مادية ومعنوية للإنسان هو السعي والجد والمثابرة ، حتى أنّنا نجد في القرآن جملة بمثابة الشعار لهذا الموضوع ، وهي الآية الكريمة( لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ) .

وكان أئمّة المسلمين ـ ومن أجل أن يسنّوا للآخرين نهجا يسيرون عليه ـ يعملون في كثير من المواقع أعمالا صعبة ومجهدة.

والأنبياء السابقون ـ أيضا ـ لم يستثنوا من هذا القانون ، فكانوا يعملون على الاكتساب ، من رعي الأغنام إلى الخياطة إلى نسج الدروع إلى الزراعة. فإذا كان مفهوم الرزق من الله أن نجلس في البيت وننتظر الرزق ، فما كان ينبغي للأنبياء والأئمّة ـ الذين هم أعرف بالمفاهيم الدينية ـ أن يسعوا هذا السعي إلى الرزق!

وعلى هذا نقول : إنّ رزق كل أحد مقدّر وثابت ، إلّا أنّه مشروط بالسعي والجد ، وإذا لم يتوفر الشرط لم يحصل المشروط. وهذا كما نقول : إن لكلّ فرد أجلا ومدة من العمر. ولكن من المسلم والطبيعيّ أن مفهوم هذا الكلام لا يعني أنّ الإنسان حتى لو أقدم على الانتحار أو أضرب عن الطعام فإنّه سيبقى حيّا إلى أجل معيّن!! إنّما مفهوم هذا الكلام أن للبدن استعدادا للبقاء إلى مدّة معينة ولكن بشرط أن يراعي الظروف الصحيّة وأن يبتعد عن الأخطار ، وأن يجنّب نفسه عمّا يكون سببا في تعجيل الموت.

المسألة المهمّة في هذا المجال أنّ الآيات والرّوايات المتعلقة بتقدير الرزق ـ في الواقع ـ بمثابة الكابح للاشخاص الحريصين وعبّاد الدنيا الذين يلجون كل باب ، ويرتكبون أنواع الظلم والجنايات ، ويتصورون أنّهم إذا لم يفعلوا ذلك لم يؤمنوا حياتهم!

٤٦٧

إنّ آيات القرآن والأحاديث الإسلامية تحذر هذا النمط من الناس ألّا يمدّوا أيديهم وأرجلهم عبثا ، وألّا يطلبوا الرزق من طرق غير مشروعة ولا معقولة ، بل يكفي أن يسعوا لتحصيل الرزق عن طريق مشروع ، والله سبحانه يضمن لهم الرزق فالله الذي لم ينسهم في ظلمة الرحم.

الله الذي تكفّل رزقهم أيّام الطفولة حيث هيأ لهم أثداء الأمّهات الله الذي جعل الأب يسعى من الصباح إلى الليل ليهيّئ لهم الغذاء بكل عطف وشفقة ـ بعد أن أنهوا مرحلة الرضاعة ـ وهو مسرور بالتعب من أجلهم أجل ، هذا الرّب الرحيم كيف يمكن أن ينسى الإنسان إذا ما كبر ووجد القدرة على العمل والكسب.

ترى هل يجيز الإيمان والعقل أن يلجأ الإنسان إلى الظلم والإثم والتجاوز على حقوق الآخرين ويحرص على غصب حقوق المستضعفين بمجرّد أنّه يظن عدم توفر رزقه؟

وبالطبع لا يمكن أن ننكر أن بعض الأرزاق تصل إلى الإنسان سعى لها أم لم يسع. فهل يمكن أن ننكر أن نور الشمس يضيء في بيتنا من دون سعينا ، وأن المطر والهواء يصلان إلينا دون سعي منّا؟

وهل يمكن أن ننكر أنّ العقل والفكر والاستعداد المذخور فينا من أوّل يوم وجودنا لم يكن بسعينا؟!

ولكن هذه المواهب التي تنقلها إلينا الريح ـ كما يقال ـ أو بتعبير أصحّ هذه المواهب التي وصلتنا بلطف الله ومن دون سعينا ، إذا لم نحافظ عليها بالجد والسعي بطريقة صحيحة فستضيع من أيدينا ، أو أنّها ستبقى بلا أثر!

هناك كلام معروف منقول عن الإمام عليعليه‌السلام في شأن الرزق فيقول «واعلم يا بني أن الرزق رزقان ، رزق تطلبه ورزق يطلبك»(١) وفي هذا الكلام إشارة إلى هذه

__________________

(١) نهج البلاغة ، من وصية الإمام عليعليه‌السلام لولده الحسنعليه‌السلام .

٤٦٨

الحقيقة.

كما لا ينكر أن بعض موارد الرزق لا يأتي تبعا لشيء ظاهر وملموس ، بل يصلنا على أثر سلسلة من الاتفاقات والمصادفات ، هذه الحوادث وإن كانت في نظرنا مصادفات ، إلّا أنّها في الواقع وفي نظام الخلق قائمة على حساب دقيق. ولا شك أن حساب هذا النوع من الرزق منفصل عن الأرزاق التي تأتي تبعا للجد والسعي ، والكلام آنف الذكر يمكن أن يشير إلى هذا المطلب أيضا.

ولكن على كل حال ـ فإن النقطة الأساسية هنا أنّ جميع التعاليم الإسلامية تأمرنا أن نسعى أكثر فأكثر لتأمين نواحي الحياة المادية والمعنوية ، وأن الفرار من العمل ـ بزعم أن الرزق مقسوم وأنّه آت لا محالة ـ غير صحيح!

٤ ـ في الآيات المتقدمة ـ التي هي محل البحث ـ إشارة إلى «الرزق» فحسب ، وبعدها ببضعة آيات يأتي التعبير عن التائبين والمؤمنين ويشار فيها إلى «المتاع الحسن».

وبالموازنة والمقارنة بين هذين الأمرين يدلنا هذا الموضوع على أن الرزق معدّ لكل دابة من إنس وحشرات وحيوانات مفترسة إلخ. وللمحسنين والمسيئين جميعا! إلّا أن «المتاع الحسن» والمواهب الجديرة والثمينة خاصّة بالمؤمنين الذين يطهرون أنفسهم من كل ذنب وتلوّث بماء التوبة ، ويتمتعون بنعم الله في مسير طاعته ، لا في طريق الهوى والهوس!

* * *

٤٦٩

الآية

( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) )

التّفسير

الهدف من الخلق :

في هذه الآية بحثت ثلاث نقاط أساسية :

المطلب الأوّل : يبحث عن خلق عالم الوجود ـ وخصوصا بداية الخلق ـ الذي يدل على قدرة الله وعظمته سبحانه( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) .

ولا حاجة لبيان أنّ المقصود من كلمة «اليوم» في هذه الآية ليس هو اليوم العادي الذي هو مجموع أربع وعشرين ساعة ، لأنّ الأرض والسماء لم تكونا موجودتين حينئذ فلا الكرة الأرضية كانت موجودة ، ولا حركتها حول نفسها التي تنتج أربعا وعشرين ساعة بل المقصود منه ـ كما بينا سابقا ـ هو الزمان ،

٤٧٠

سواء كان قصيرا أو مديدا جدا بحيث يبلغ مليارات السنوات مثلا ، وقد نبهنا على هذا المعنى ـ في ذيل الآية (٥٤) من سورة الأعراف ـ بشرح واف في هذا المجال ، فلا حاجة للتكرار والإعادة.

وذكرنا هناك أن خلق العالم كان في ستة أزمنة متوالية ومتتابعة ، مع أنّ الله قادر على أن يخلق العالم كلّه في لحظة واحدة ، وذلك لأنّ الخلق التدريجي يعطي صورة جديدة ولونا جديدا وشكلا بديعا وتتبيّن قدرة الله وعظمته أكثر وأحسن.

فهو يريد أن يبيّن قدرته في آلاف الصور لا بصورة واحدة ، وحكمته في آلاف الثياب لا بثوب واحد ، لتتيسر معرفته وكذلك معرفة حكمته وقدرته للناس ، ولنجد الدلائل ـ من خلال عدد الأيّام والسنوات والقرون والأعصار التي مرّت على العالم ـ على معرفة الله! ثمّ يضيف سبحانه أن عرشه كان على الماء( وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) .

ومن أجل أن نفهم تفسير هذه الجملة ينبغي أن نفهم المراد من كلمتي «العرش» و «الماء».

«فالعرش» في الأصل يعني السقف أو ما يكون له سقف ، كما يطلق على الأسرّة العالية كأسرّة الملوك والسلاطين الماضين ، ويطلق أيضا على خشب بعض الأشجار ، وغير ذلك.

ولكن هذه الكلمة استعملت بمعنى القدرة أيضا ويقال «استوى فلان على عرشه» كناية عن بلوغه القدرة كما يقال «ثلّ عرش فلان» كناية عن ذهاب قدرته(١) .

كما ينبغي الالتفات إلى هذه الدقيقة ، وهي أن العرش يطلق أحيانا على عالم الوجود، لأنّ عرش قدرة الله يستوعب جميع هذا العالم.

وأمّا «الماء» فمعناه معروف ، وهو السائل المستعمل للشرب والتطهير ، إلّا أنّه قد يطلق على كل سائل مائع كالفلزّات المائعة وما أشبه ذلك ، وبضميمة ما قلناه في

__________________

(١) قد يطلق «العرش» ويراد به «الكرسي» وله مفهوم آخر وقد بيّناه في ذيل الآية (٢٢٥) من سورة البقرة.

٤٧١

تفسير هاتين الكلمتين يستفاد أنّه في بداية الخلق كان الكون بصورة مواد ذائبة «مع غازات مضغوطة للغاية ، بحيث كانت على صورة مواد ذائبة أو مائعة».

وبعدئذ حدثت اهتزازات شديدة وانفجارات عظيمة في هذه المواد المتراكمة الذائبة ، وأخذت تتقاذف أجزاء من سطحها إلى الخارج ، وأخذ هذا الوجود المترابط بالانفصال. ثمّ تشكلت بعد ذلك الكواكب السيّارة والمنظومات الشمسية والأجرام السماوية.

فعلى هذا نقول : إنّ عالم الوجود ومرتكزات قدرة الله كانت مستقرة بادئ الأمر على المواد المتراكمة الذائبة ، وهذا الأمر هو نفسه الذي أشير إليه في الآية (٣٠) من سورة الأنبياء.

( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) .

وفي الخطبة الأولى من نهج البلاغة إشارات واضحة إلى هذا المعنى والمطلب الثّاني : الذي تشير إليه الآية ـ آنفة الذكر ـ هو الهدف من خلق الكون ، والقسم الأساس من ذلك الهدف يعود للإنسان نفسه الذي يمثل ذروة الخلائق هذا الإنسان الذي كتب عليه أن يسير في طريق التعليم والتربية ويشقّ طريق التكامل نحو الله تعالى يقول الله سبحانه :( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) أي ليختبركم ويمتحنكم أيّكم الأفضل والأحسن عملا بهذه الدار الدنيا.

«ليبلوكم» كلمة مشتقّة من مادة «البلاء» و «الابتلاء» ومعناها ـ كما أشرنا إليه آنفا ـ الاختبار والامتحان والامتحانات الإلهية ليست من قبيل معرفة النفس وكشف الحالة التي عليها الإنسان في محتواه الداخلي وفي فكره وروحه ، بل بمعنى التربية (تقدم شرح هذا الموضوع في ذيل الآية ١٥٥ من سورة البقرة) والطريف في هذه الآية أنّها تجعل

٤٧٢

قيمة كل إنسان بحسن عمله لا بكثرة عمله ، وهذا يعني أن الإسلام يستند دائما إلى الكيفية في العمل لا إلى الكثرة والكمية فيه.

وفي هذا المجال ينقل عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال «ليس يعني أكثركم عملا ولكن أصوبكم عملا ، وإنّما الإصابة خشية الله والنيّة الصادقة. ثمّ قال : الإبقاء على العمل حتى يخلص أشدّ من العمل ، والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلّا اللهعزوجل »(١) .

والمطلب الثّالث : الذي تشير إليه الآية آنفة الذكر ـ هو مسألة المعاد الذي لا ينفصل ولا يتجزأ عن مسألة خلق العالم ، وفيها بيان الهدف من الخلق وهو تكامل الإنسان وتكامل الإنسان يعني التهّيؤ إلى الحياة في عالم أوسع وأكمل ، ولذلك يقول سبحانه :( وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ) .

وكلمة «هذا» التي وردت ـ في الآية آنفة الذكر ـ على لسان الكفار ، إشارة إلى كلام النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شأن المعاد أي إنّ ما تدّعيه أيّها النّبي في شأن المعاد سحر مكشوف وواضح ، فعلى هذا تكون كلمة السحر هنا بمعنى الكلام العاري عن الحقيقة ، والقول الذي لا أساس له ، وبتعبير بسيط : الخدعة والسخرية!! لأنّ السحرة يظهرون للناظرين بأعمالهم أمورا لا واقع لها ، ولهذا قد تطلق كلمة السحر على كل أمر عار عن الحقيقة

أمّا من يرى بأنّ «هذا» إشارة إلى القرآن المجيد ، لأنّ القرآن أخّاذ وفيه جاذبية السحر فإنّه يجانب الصواب ، لأنّ الآية تتكلم عن المعاد ولا تتكلم عن القرآن ، وإن كنّا لا ننكر أنّ القرآن فيه جاذبية وأنّه أخّاذ للغاية.

* * *

__________________

(١) تفسير البرهان ، الجزء الثّاني ، ص ٢٠٧.

٤٧٣

الآيات

( وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١) )

التّفسير

استيعاب المؤمنين وعدم استيعاب غيرهم :

في هذه الآيات ـ وبمناسبة البحث السابق عن غير المؤمنين ـ بيان لزوايا الحالات النفسية ونقاط الضعف في أخلاق هؤلاء الأفراد والتي تجبر الإنسان إلى هاوية الظلام والفساد.

وأوّل صفة تذكر لهؤلاء هي السخرية من الحقائق وعدم الاكتراث بها

٤٧٤

وبالمسائل المصيرية ، فهؤلاء بسبب جهلهم وعدم معرفتهم وغرورهم ـ حين يسمعون تهديد الأنبياء في مؤاخذة المسيئين ومعاقبتهم ، ثمّ تمرّ عليهم عدّة أيّام يؤخر الله تعالى بلطفه فيها العذاب عنهم ، نراهم يقولون باستهزاء مبطن : ما السبب في تأخرّ العذاب الالهي ، وأين عقاب الله :( وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ ) .

و «الأمّة» مشتقّة من مادة «أمّ» وهي بمعنى الوالدة ، ومعناها في الأصل انضمام الأشياء بعضها إلى بعض ، ولذلك يقال لكل مجموعة على هدف معين ، أو زمان أو مكان واحد «أمة».

وقد جاءت هذه الكلمة بمعنى الوقت والزمان أيضا ، لأنّ أجزاء الزمان مرتبطة بعضها ببعض ، أو لأنّ المجموعة أو الجماعة تعيش في عصر وزمان معين ، فنحن نقرأ في سورة يوسفعليه‌السلام الآية (٤٥) مثلا( وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ )

ففي الآية ـ محل البحث ـ كلمة «الأمّة» جاءت بهذا المعنى ، ولذلك وصفت بكلمة «معدودة» فمعنى الآية هو : إذا أخرنا عن هؤلاء العذاب والمجازاة لمدّة قصيرة قالوا : أي شيء يمنعه؟!

وعلى كل حال ، فهذه عادة الجاهلين والمغترين ، فكلّما وجدوا شيئا لا ينسجم مع ميولهم وطباعهم عدّوه سخرية ، لذلك يتخذون التهديدات والنذر التي توقظ أصحاب الحق وتهزهم يتخذونها هزوا ويسخرون منها شأنهم شأن من يلعب بالنّار.

لكن القرآن يحذرهم وينذرهم بصراحة في ردّه على كلامهم ، ويبين لهم أن لا دافع لعذاب الله إذا جاءهم( أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ ) وأن الذين يسخرون منه واقع بهم ومدمّرهم( وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ) .

أجل ، ستصعد صرخاتهم إلى السماء في ذلك الحين ، ويندمون على كلماتهم المخجلة، لكن لا صرخاتهم تغنيهم وتنقذهم ، ولا هذا الندم ينفعهم ، ولات حين

٤٧٥

مندم.

ومن نقاط الضعف عند هؤلاء قلّة الصبر بوجه المشاكل والصعاب وانحسار البركات الإلهية. حيث نجد في الآية التالية قوله تعالى عنهم :( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ ) .

وبالرغم من أنّ هذا التعبير يتناول الإنسان بشكل عام ، لكن ـ كما أشرنا إليه سابقا ـ المراد من الإنسان في مثل هذه الآيات هو الافراد الذين لم يتلقوا تربية سليمة والمنحرفون عن جادة الحق ، لذلك يتطابق هذا البحث مع البحث السابق عن الأفراد غير المؤمنين.

ونقطة الضعف الثّالثة عند هؤلاء أنّهم حين يتنعمون بنعمة ويشعرون بالترف والرفاه يبلغ بهم الفرح والتكبر والغرور درجة ينسون معها كل شيء ، ولذلك يشير القرآن الكريم إلى هذه الظاهرة بقوله تعالى :( وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ) .

وهناك احتمال آخر في تفسير هذه الجملة( لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي ) وهو أن مثل هؤلاء الأشخاص حين يصابون بالشدائد ثمّ يبدل الله بلطفه هذه الشدائد نعمّا من عنده يقول هؤلاء : إنّ الشدائد السابقة كانت كفارة عن ذنوبنا وقد غسلت جميع معاصينا ، لذلك أصبحنا من المقربين إلى الله ، فلا حاجة للتوبة والعودة إلى ساحة الله وحضرته.

ثمّ يستثني الله سبحانه المؤمنين الذين يواجهون الشدائد والمصاعب بصبر ، ولا يتركون الأعمال الصالحة على كل حال ، فهؤلاء بعيدون عن الغرور والتكبر وضيق الأفق ، حيث يقول سبحانه :( إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) .

هؤلاء لا يغترّون عند وفور النعمة فينسون الله ، ولا ييأسون عند الشدائد والمصائب فيكفرون بالله ، بل إن أرواحهم الكبيرة وافكارهم السليمة جعلتهم يهضمون النعم والبلايا في أنفسهم دون الغفلة عن ذكر الله وأداء مسئولياتهم

٤٧٦

ولذلك فإنّ لهؤلاء ثوابا ومغفرة من الله( أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) .

* * *

بحوث

١ ـ الأمّة المعدودة وأصحاب المهديعليه‌السلام :

في روايات عديدة وصلتنا عن أهل البيتعليهم‌السلام أنّ الأمّة المعدودة تعني النفر القليل ، وفيها إشارة إلى أصحاب المهديعليه‌السلام وأنصاره ، وعلى هذا يكون معنى الآية : إذا ما أخرنا العذاب عن الظالمين والمسيئين إلى ظهور المهدي وأصحابه ، فإنّ أولئك الظالمين يقولون : أي شيء يقف أمام عذاب الله فيحبسه عنّا!

ولكن كما قلنا أن ظاهر الآية من الأمّة المعدودة هو الزمان المعدود والمعين ، وقد وردت رواية عن الإمام عليعليه‌السلام في تفسير الأمّة المعدودة تشير إلى ما بيّناه ، وهو الزمان المعين ، فيمكن أن تكون الرّوايات الآنفة تشير إلى المعنى الثّاني من الآية ، وهو ما اصطلح عليه بـ «بطن الآية» وطبيعي أنّه بمثابة البيان عن القانون الكلي في شأن الظالمين ، لا أنّه موضوع خاص بالمشركين الذين عاصروا النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونحن نعلم أنّ آيات القرآن تحمل معاني كثيرة مختلفة ، فالمعنى الأوّل والظاهر يمكن أن يكون في مسألة خاصّة أو جماعة معينة ، والمعنى الآخر يكون عاما مجرّدا عن الزمان وغير مخصوص بفئة معينة.

٢ ـ أربع ظواهر لضيق الأفق الفكري

رسمت الآيات المتقدمة ثلاث حالات مختلفة من حالات المشركين والمسيئين ، وقد ورد في ضمنها أربعة أوصاف لهم :

الأوّل : إنّ المشرك يؤوس عند قطع النعمة عنه ، أي لا يبقى له أمل أبدا.

والآخر : إنّه كفور ، أي غير شاكر أبدا.

٤٧٧

والثّالث : إنّه إذا غرق بالنعمة أو نال أقلّ نعمة ، فهو ـ على العكس من الحالة السابقة ـ ينسى نفسه وينسى كل شيء ويغفل بما ناله من اللّذة والنشاط ، فيغدو ثملا مغرورا وينجر إلى الفساد والتجاوز على حدود الله.

والوصف الرّابع : إنّ حاله عند وفور النعمة حالة الفخر ، أي يبلغ درجة كبيرة من التكبر.

وعلى كل حال ، هذه الأوصاف الأربعة هي ظواهر من ضيق الأفق وقلّة الإستيعاب والرؤية وهي لا تختص بجماعة معينة من غير المؤمنين وملوّثي الفكر ، بل هي سلسلة من الأوصاف العامّة لجميع هؤلاء

أمّا المؤمنون الذين يمتعون بروح كبيرة وفكر عال وصدر رحب ورؤية بعيدة المدى ، فلا يهزّهم تبدل الدنيا والزمان ، ولا ييأسوا لسلب النعمة عنهم ، ولا يغرّهم إقبال النعمة فيكونوا من الغافلين ، لذا ينبغي الدقة والملاحظة في آخر الآية التي تستثني المؤمنين ، إذ ورد التعبير فيها عن الإيمان بالصبر والاستقامة( إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا ) .

٣ ـ معيار الضعف النفسي

والمسألة الدقيقة الأخرى التي ينبغي الالتفات إليها ، هي أنّه في الموردين (مورد سلب النعمة بعد إسباغها ومورد إسباغ النعمة بعد سلبها) أشير بكلمة «أذقنا» المشتقّة من «الإذاقة» ويراد بها أن نفوس هؤلاء المشركين ضعيفة إلى درجة أنّهم لو أعطوا نعمة قليلة ثمّ سلبت منهم يضجرون وييأسون ، كما أنّهم إذا ذاقوا نعمة بعد شدة يفرحون ويغترّون بها.

٤ ـ النعم جميعها مواهب :

الطريف أنّه في الآية الأولى عبّر عن النعمة بالرحمة( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا

٤٧٨

رَحْمَةً ) وفي الآية الثّانية ورد كلمة «النعمة» نفسها ، ويمكن أن تكون إشارة إلى أنّ نعم الله جميعها تصل إلى الإنسان عن طريق التفضل والرحمة لا عن طريق الاستحقاق ، وإذا كان الأصل أن تكون النعمة على حسب الاستحقاق ، فإنّ جماعة قليلة ستنالها ، أو أن أية جماعة لن تنالها أبدا.

٥ ـ أثران للأعمال الحسنة

في آخر آية ـ من الآيات محل البحث ـ وعد بالمغفرة ـ للأفراد المؤمنين الذين يتمتعون بالاستقامة ـ ووعد بالأجر الكبير أيضا جزاء لأعمالهم الصالحة ، فهي إشارة إلى أنّ الأعمال الصالحة لها أثران :

الأوّل : غسل الذنوب.

والثّاني : كسب الثواب العظيم والأجر الكبير.

* * *

٤٧٩

الآيات

( فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤) )

سبب النّزول

وردت في شأن نزول الآيات المتقدمة روايتان ، ويحتمل أن تكون كليهما صحيحتين جميعا.

الأولى : إنّ جماعة من رؤوساء مكّة جاؤوا إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقالوا : إذا كنت صادقا في دعواك بأنّك نبي فصير جبال مكّة ذهبا أو ائتنا بملائكة من السماء تصدّق نبوتك ، فنزلت هذه الآيات.

والثّانية : إنّه روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليعليه‌السلام :«يا علي إنّي سألت ربّي يوالي بيني وبينك ففعل ، وسألت ربّي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل،

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608