الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 261017 / تحميل: 6473
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

١
٢

٣
٤

الآيات

( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣) )

التّفسير

شرك أهل الكتاب :

كان الكلام في الآيات المتقدمة بعد الحديث عن المشركين وإلغاء عهودهم وضرورة إزالة دينهم ومعتقداتهم الوثنية يشير بعد ذلك إلى أهل الكتاب وقد حدد الإسلام لهم شروطا ليعيشوا بسلام مع المسلمين ، فإنّ لم يفوا بها كان على المسلمين أن يقاتلوهم.

وفي الآيات محل البحث بيان لوجه الشبه بين أهل الكتاب والمشركين ، ولا

٥

سيما اليهود والنصارى منهم ، ليتّضح أنّه لو كان بعض التشدد في معاملتهم ، فإنّما هو لانحرافهم عن التوحيد ، وميلهم إلى نوع من الشرك في العقيدة ، ونوع من الشرك في العبادة.

فتقول الآية الأولى من الآيات محل البحث :( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) .

* * *

بحوث

١ ـ من هو عزير؟!

«عزير» في لغة العرب هو «عزرا» في لغة اليهود ، ولمّا كانت العرب تغيّر في بعض الكلمات التي تردها من لغات أجنبية وتجري على لسانها ، وذلك كما هي الحال في إظهار المحبّة خاصّة فتصغر الكلمة ، فصغرت عزرا إلى عزير ، كما بدلت كلمة يسوع العبرية إلى عيسى في العربية ، ويوحنا إلى يحيى.(١)

وعلى كان حال ، فإن عزيرا ـ أو عزرا ـ له مكانة خاصّة في تاريخ اليهود ، حتى أن بعضهم زعم أنّه واضع حجر الأساس لأمّة اليهود باني مجدهم وفي الواقع فإنّ له خدمة كبرى لدينهم ، لأنّ بخت نصر ملك بابل دمر اليهود تدميرا في واقعته المشهورة ، وجعل مدنهم ، تحت سيطرة جنوده فأبادوها ، وهدموا معابدهم ، وأحرقوا توراتهم ، وقتلوا رجالهم ، وسبوا نساءهم ، وأسروا أطفالهم ، وجيء بهم إلى بابل فمكثوا هناك حوالي قرن.

ولما فتح كورش ملك فارس بابل جاءه عزرا ، وكان من أكابر اليهود ، فاستشفعه

__________________

(١) المراد من التصغير عادة هو بيان كون الشيء صغيرا في قبال شيء آخر كبير ، مثل رجيل المصغر عن رجل ، لكن للتصغير أغراضا بلاغية منها إظهار المحبّة وغيرها ، كما في اظهار الرجل محبته لولده فيصغّر اسمه.

٦

في اليهود فشفّعه فيهم ، فرجعوا إلى ديارهم وكتب لهم التّوراة ـ ممّا بقي في ذهنه من أسلافه اليهود وما كانوا قد حدّثوا به ـ من جديد.

ولذلك فهم يحترمونه أيما احترام ، ويعدّونه منقذهم ومحيي شريعتهم.(١)

وكان هذا الأمر سببا أن تلقبه جماعة منهم بـ «ابن الله» غير أنّه يستفاد من بعض الرّوايات ـ كما في الإحتجاج للطبرسي ـ أنّهم أطلقوا هذا اللقب احتراما له لا على نحو الحقيقة.

ولكنّنا نقرأ في الرّواية ذاتها أنّ النّبي سألهم بما مؤدّاه (إذا كنتم تجلّون عزيرا وتكرمونه لخدماته العظمى وتطلقون عليه هذا الاسم ، فعلام لا تسمّون موسى وهو أعظم عندكم من عزير بهذا الاسم؟ فلم يجدوا للمسألة جوابا وأطرقوا برؤوسهم)(٢) .

ومهما يكن من أمر فهذه التسمية كانت أكبر من موضوع الإجلال والاحترام في أذهان جماعة منهم ، وما هو مألوف عند العامّة أنّهم يحملون هذا المفهوم على حقيقته ، ويزعمون أنّه ابن الله حقّا ، لأنّه خلصهم من الدمار والضياع ورفع رؤوسهم بكتابة التوراة من جديد.

وبالطبع فهذا الإعتقاد لم يكن سائدا عند جميع اليهود ، إلّا أنّه يستفاد أنّ هذا التصّور أو الإعتقاد كان سائدا عند جماعة منهم ، ولا سيما في عصر النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والدليل على ذلك أنّ أحدا من كتب التاريخ ، لم يذكر بأنّهم عند ما سمعوا الآية آنفة الذكر احتجوا على النّبي أو أنكروا هذا القول «ولو كان لبان».

وممّا قلناه يمكن الإجابة على السؤال التّالي : أنّه ليس بين اليهود في عصرنا الحاضر من يدعي أنّ عزيرا ابن الله ولا من يعتقد بهذا الإعتقاد ، فعلام نسب القرآن هذا القول إليهم؟!

__________________

(١) يراجع في هذا الشأن الميزان ، ج ٩ ، ص ٢٥٣ ، والمنار ، ج ١٠ ، ص ٣٢٢.

(٢) نور الثقلين ، ج ٦ ، ص ٢٠٥ ، حديث طويل نقلنا خلاصته معنا لا نصا ، وإذا أردتم المزيد راجعوا المصدر المذكور.

٧

وتوضيح ذلك ، أنّه لا يلزم أن يكون لجميع اليهود مثل هذا الإعتقاد ، إذ يكفي هذا القدر المسلم به ، وهو أنّه في عصر نزول الآيات على النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في اليهود من يعتقد بهذا الإعتقاد ، والدليل على ذلك كما نوّهنا ، هو أنّه لم ينكر أيّ منهم ذلك على النّبي والشيء الوحيد الذي صدر منهم ـ وفقا لبعض الرّوايات ـ أنّهم قالوا : إنّ هذا اللقب «ابن الله» إنّما هو لاحترام عزير ، وقد عجزوا عن جواب لمّا سألهم وأشكل عليهم : لم لا تجعلون هذا اللقب إذا لنبيّكم موسىعليه‌السلام ؟!

وعلى كل حال فمتى ما نسب قول أو اعتقاد إلى قوم ما ، فلا يلزم أن يكون الجميع قد اتفّقوا على ذلك ، بل يكفي أن يكون فيهم جماعة ملحوظة تذهب إلى ذلك.

٢ ـ لم يكن المسيح ابن الله

لا ريب أن المسيحيين يعتقدون أن عيسى هو الابن الحقيقي لله ، ولا يطلقون هذا الاسم إكراما وتشريفا له ، بل على نحو المعنى الواقعي له ، وهم يصرّحون في كتبهم أن إطلاق هذا الاسم على غير المسيح بالمعنى الواقعي غير جائز ، ولا شك أنّ هذا من بدع النصارى ، والمسيح لم يدّع مثل هذا الادعاء أبدا ، وإنّما كان يقول : بأنّه عبدّ لله ، ولا معنى أساسا لأن ننسب علاقة الأبوة والبنوة الخاصّة بعالم المادة وعالم الممكنات بين الله وعباده أبدا.

٣ ـ اقتباس هذه الخرافات

يقول القرآن المجيد في الآية محل البحث : أنّهم ـ أي اليهود والنصارى ـ يضاهئون ـ أي يشبهون بانحرافاتهم ـ الذين كفروا والمشركين.

وهذا التعبير يشير إلى أنّهم مقلّدون إذ كانوا يعتقدون بأنّ بعض الآلهة هو إله الأب ، وبعضها إله الابن ، وحتى أنّ بعضهم كان يعتقد بأنّ هناك إله الأم ، وإله الزوج ،

٨

وقد لوحظت مثل هذه الأفكار في جذور عقائد المشركين في الهند أو الصين أو مصر القديمة ثمّ تسرّبت إلى اليهود والنصارى.

وفي العصر الحاضر خطر عند بعض المحقّقين أن يوازن ويقارن بين ما في العهدين «التوراة والإنجيل وما يرتبط بهما» وبين عقائد البوذيين والبرهمائيين ، فاستنتجوا أن كثيرا من معارف الإنجيل والتوراة تتطابق مع خرافات البوذيين والبرهمائيين تطابقا ملحوظا ، حتى أنّ بعض الحكايات والقصص الموجودة في الإنجيل هي الحكايات والقصص ذاتها الموجودة في الديانة البوذائية والبرهمائية.

وإذا كان المفكرون توصّلوا اليوم إلى مثل هذه الحقيقة ، فإنّ القرآن أشار إليها قبل أربعة عشر قرنا في الآية محل البحث.

٤ ـ ما هو معنى( قاتَلَهُمُ اللهُ )

جملة وإن كان معناها في الأصل أنّ الله مقاتل إيّاهم وما إلى ذلك ، لكن كما يقول الطبرسي في مجمع البيان نقلا عن ابن عباس ، إن هذه الجملة كناية عن اللعنة أي أنّ الله أبعدهم عن رحمته ، فهو دعاء عليهم.

وفي الآية التالية إشارة إلى شركهم العملي في قبال الشرك الاعتقادي ، أو بعبارة أخرى إشارة إلى شركهم في العبادة ، إذ تقول الآية :( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ) .

«الأحبار» جمع حبر ، ومعناه العالم ، و «الرهبان» جمع راهب وتطلق على من ترك دنياه وسكن الدير وأكبّ على العبادة.

وممّا لا شك فيه أنّ اليهود والنصارى لم يسجدوا لأحبارهم ورهبانهم ، ولم يصلوا ولم يصوموا لهم ، ولم يعبدوهم أبدا ، لكن لما كانوا منقادين لهم بالطاعة دون قيد أو شرط ، بحيث كانوا يعتقدون بوجوب تنفيذ حتى الأحكام المخالفة لحكم

٩

الله من قبلهم ، فالقرآن عبّر عن هذا التقليد الأعمى بالعبادة.

وهذا المعنى وارد في رواية عن الإمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام إذا قالا : «أمّا والله ما صاموا لهم ولا صلّوا ، ولكنّهم أحلّوا لهم حراما وحرّموا عليهم حلالا ، فاتبعوهم وعبدوهم من حيث لا يشعرون».(١)

وفي حديث آخر ، أنّ عديّ بن حاتم قال : وفدت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان في رقبتي صليب من الذّهب ، فقال ليصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عدي ألق هذا الصنم عن رقبتك ، ففعلت ذلك ، ثمّ دنوت منه فسمعته يتلو الآية( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً ) فلمّا أتم الآية قلت له : نحن لا نتّخذ أئمتنا أربابا أبدا ، فقال : «ألم يحرموا حلال الله ويحلّوا حرامه فتتبعوهم؟ فقلت : بلى ، فقال : فهذه عبادتهم».(٢)

والدليل على هذا الموضوع واضح ، لأنّ التقنين خاص بالله ، وليس لأحد سواه أن يحل أو يحرم للناس ، أو يجعل قانونا ، والشيء الوحيد الذي يستطيع الإنسان أن يفعله هو اكتشاف قوانين الله وتطبيقها على مصاديقها.

فبناء على ذلك لو أقدم أحد على وضع قانون يخالف قانون الله ، وقبله إنسان آخر دون قيد أو اعتراض او استفسار فقد عبد غير الله ، وهذا بنفسه نوع من أنواع الشرك العملي ، وبتعبير آخر : هو عبادة غير الله.

ويظهر من القرائن أنّ اليهود والنصارى يرون مثل هذا الإختيار لزعمائهم ، بحيث لهم أن يغيّروا ما يرونه صالحا بحسب نظرهم ، وما يزال بعض المسيحيين يطلب العفو من القسيس فيقول له القسّ ، عفوت عنك! وكان ـ منذ زمن ـ موضوع صكوك الغفران رائجا.

وهناك لطيفة أخرى ينبغي الالتفات إليها ، وهي أنّه لما كانت عبادة المسيحيين لرهبانهم تختلف عن عبادة اليهود لأحبارهم ، فالمسيحيون يرون المسيح ابن الله

__________________

(١) مجمع البيان ، ذيل الآية ونور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢٠٩.

(٢) مجمع البيان ، ذيل الآية.

١٠

واقعا واليهود يطيعون أحبارهم دون قيد أو شرط ، لذا فإنّ الآية أشارت إلى عبادة كل منهما، فقالت :( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) .

ثمّ فصلت المسيح على حدة فقالت :( وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ) .

وهذا التعبير يدلّ على منتهى الدقة في القرآن.

وفي ختام الآية تأكيد على هذه المسألة ، وهي أن جميع هذه العبادات للبشر بدعة ، وهي من العبادات الموضوعة( وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .

درس تعليمي :

إنّ القرآن المجيد يعلّم أتباعه في الآية ـ محل البحث ـ درسا قيّما جدّا ، ويبيّن واحدا من أبرز مفاهيم التوحيد فيها ، إذ يقول : لا يحقّ لأيّ مسلم طاعة إنسان آخر دون قيد أو شرط ، لأنّ هذا الأمر مساو لعبادته ، وجميع الطاعات يحب أن تكون في إطار طاعة الله ، وإنّما يصح اتباع الإنسان نظيره متى كانت قوانينه غير مخالفة لقوانين الله ، أيّا كان ذلك الإنسان وفي أية مكانة أو منزلة. لأنّ الطاعة بلا قيد أو شرط مساوية للعبادة ، أو هي شكل من أشكال الشرك والعبودية ، إلّا أنّه يا للأسف ـ بلي المسلمون ـ لبعد المسافة الزمنية ـ بالابتعاد عن تعاليم هذا الدستور الإسلامي المهم ، وإقامه الأصنام البشرية ، فتفرقوا وتغلب عليهم المستعمرون والمستثمرون ، وإذا لم تتكسر هذه الأصنام البشرية فلا ينبغي أن ننتظر زوال هذه البلايا وسدّ الثغرات.

وأساسا فإنّ هذا النوع من الشرك أو العبادة الوثنية أخطر بكثير من عبادة الأصنام والأحجار في زمان الجاهلية ، والسجود لها ، لأنّ تلك الأصنام والأحجار ليس فيها روح حتى تستعمر عبدتها ، إلّا أنّ الأصنام البشرية وبسبب غرورهم وعدوانهم يجرّون أتباعهم إلى الوبال والذلة والشقاء والانحطاط.

١١

وفي الآية الثّالثة من الآيات محل البحث تشبيه طريف لسعي اليهود والنصارى ، أو سعي جميع مخالفي الإسلام حتى المشركين ، وجدّهم واجتهادهم المستمر «العقيم» الذي لا يعود عليهم بالنفع أبدا ، إذ تقول الآية :( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) .

* * *

ملاحظات

١ ـ شبّه الدين ـ دين الله ـ في هذه الآية وفي القرآن وتعاليم الإسلام بالنور ، ونحن نعرف أن النّور أساس الحياة والحركة والنمو والعمران على الأرض ومنشأ كل جمال.

والإسلام دين يحرّك كل مجتمع إنساني نحو التكامل ، وهو أساس كل خير وبركة.

كما شبّه اجتهاد الكافر بالنفخ بالأفواه وكم هو مثير للضحك أن يحاول الإنسان إطفاء نور عظيم كنور الشمس

بنفخة؟ ولا تعبير أبلغ من تعبير القرآن لتجسيد هذه المحاولات اليائسة ، وفي الواقع فإنّ محاولات مخلوق ضعيف إزاء قدرة الله التي لا نهاية لها ، لا تكون أحسن حالا ممّا ذكرته الآية.

٢ ـ ورد موضوع محاولة إطفاء نور الله في القرآن في موردين : أحدهما في الآية محل البحث ، والآخر في الآية (٨) من سورة الصف ، وفي الآيتين انتقاد للكفار ومحاولات أعداء الله اليائسة ، إلّا أن بين تعبيري الآيتين تفاوتا يسيرا ، إذ جاء التعبير في الآية محل البحث( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا ) إلّا أن الآية (٨) من سورة الصف جاء فيها التعبير( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا ) .

وممّا لا شك فيه أن هذا التفاوت أو الاختلاف اليسير في التعبير القرآني لغاية بلاغية.

١٢

يقول الراغب في مفرداته موضحا الفرق بين( أَنْ يُطْفِؤُا ) و( لِيُطْفِؤُا ) : إنّ الآية الأولى تشير إلى محاولة إطفاء نور الله بدون مقدمات ، أمّا الآية الأخرى فتشير إلى محاولة إطفائه بالتوسل بالأسباب والمقدمات ، فالقرآن يريد أن يقول : سواء توسّلوا بالأسباب أم لم يتوسلوا فلن يفلحوا أبدا ، وعاقبتهم الهزيمة والخسران.

٣ ـ كلمة «يأبى» مأخوذة من الإباء ، ومعناه شدة الامتناع وعدم المطاوعة ، وهذا التعبير يثبت إرادة الله ومشيئته الحتمية لإكمال دينه وازدهاره كما أنّ التعبير مدعاة لاطمئنان جميع المسلمين ، إن كانوا مسلمين حقّا! أنّ مستقبل دينهم لا بأس عليه ، بل هو مؤيد بأمر الله.

المستقبل للإسلام :

الآية الأخيرة من الآيات ـ محل البحث ـ في نهاية المطاف تزف البشرى للمسلمين باستيعاب الإسلام العالم بأسره ، وتكمل ما أشارت إليه ـ آنفا ـ أن أعداء الإسلام لن يفلحوا في محاولاتهم ومناوآتهم بوجه الإسلام أبدا ، وتقول بصراحة :( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) والمقصود من الهدى هو الدلائل الواضحة ، والبراهين اللائحة الجليّة التي وجدت في الدين الإسلامي.

وأمّا المراد من دين الحق ، فهو هذا الدين الذي أصوله حقّة وفروعه حقّة أيضا ، وكل ما فيه من تاريخ وبراهين ونتائج حق ، ولا شك أن الدين الذي محتواه حق ، ودلائله وبراهينه حقّة ، وتأريخه حق جلي ، لا بدّ أن يظهر على جميع الأديان.

وبمرور الزمان وتقدم العلم وسهولة الارتباطات ، فإن الواقع سيكشف وجهه ويطلعه من وراء سدل الإعلام المضللة ، وستزول كل العقبات والموانع والسدود

١٣

التي وضعت في طريق انتشار الإسلام.

وهكذا فإنّ دين الحق سيستوعب كل مكان ، ولا يحول بينه وبين تقدمه شيء أبدا ، لأنّ الحركات المضادة للإسلام حركات مخالفة لسير التأريخ وسنن الخلق.

* * *

بحوث

١ ـ المراد «الهدى ودين الحقّ»

هذا التعبير الوارد في الآية محل البحث :( أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ ) بمثابة الدليل على انتصار الإسلام وظهوره على جميع الأديان ، لأنّه لمّا كان محتوى دعوة النّبي الهداية ، والعقل يدل على ذلك في كل موطن ، ولما كانت أصوله وفروعه موافقة للحق ، ومع الحق ، وتسير في مسير الحق ، ولأجل الحق. فهذا الدين سينتصر على جميع الأديان طبعا.

وقد جاء عن أحد علماء الهند أنّه سبر فكره في مطالعة مختلف الأديان فترة من الزمن، وانتهى أمره إلى اختيار الدين الإسلامي من بين جميع أديان العالم ، ثمّ نشر كتابا بالإنجليزية اسمه «لم أسلمت؟» وبيّن فيه مزايا الدين الإسلامي على غيره من الأديان.

ومن أهم المسائل التي أثارت انتباهه ـ كما يقول ـ أنّ الإسلام هو الدين الوحيد الذي له تأريخ ثابت محفوظ ويتعجّب كيف اختارت أوربا لها دينا ترى إنّ من جاء به أجلّ من الإنسان وتعدّه ربّها ، مع أن هذا الدين ليس له تاريخ دقيق.(١)

إنّ مطالعة آراء الذين اعتنقوا الإسلام دينا جديدا وعزفوا عن دينهم السابق ، تكشف أنّهم كانوا في منتهى البساطة والغفلة والتضليل ، بينما دلتّهم أصول الإسلام

__________________

(١) المنار ، ج ١٠ ، ص ٣٨٩.

١٤

وفروعه ذات الأدلّة المحكمة إلى الدين الإلهي البعيد عن الخرافات كلّها ، والذي يتجلى فيه نور الحق والهداية.

٢ ـ انتصار المنطق أم انتصر القوّة؟

هناك كلام بين المفسّرين في كيفية ظهور الدين الإسلامي على سائر الأديان ، وهذا الظهور أو الإنتصار في أيّ شكل هو؟

قال بعض المفسّرين : هذا الإنتصار انتصار منطقي استدلالي فحسب ، ويقولون بأن هذا الموضوع حاصل فعلا ، لأنّ الإسلام من حيث منطقه ودلائله لا يقاس به دين آخر.

غير أنّ التحقيق في موارد استعمال مادة «الإظهار» في قوله تعالى :( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) يكشف أنّ هذه المادة غالبا ما تستعمل في القدرة الظاهرية والغلبة المادية ، كما جاء في قصّة أصحاب الكهف :( إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ ) (١) وكما نقرأ في شأن المشركين( كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً ) (٢) .

فمن البديهي أنّ الغلبة في مثل هذه الموارد ليست غلبة منطقية ، بل هي غلبة عينية وفعلية ، وعلى كل حال فمن الأفضل والأكثر صحة أن نعتقد بأنّ هذا الظهور والغلب ظهور مطلق ـ من جميع الجوانب ـ لأنّه ينسجم ومفهوم الآية التي هي مطلقة من جميع الجهات أيضا ، فيكون المعنى أنّه سيأتي يوم ينتصر فيه الإسلام انتصارا منطقيا وانتصارا ظاهريا ، في امتداد سيطرته ونفوذه المطلق ، وحكومته العامّة على جميع الأديان ، وسيجعل جميع الأديان تحت شعاعه.

__________________

(١) الكهف ، ٢٠.

(٢) التوبة ، ٨.

١٥

٣ ـ القرآن وظهور المهدي

إنّ الآية ـ محل البحث ـ عينها وبالألفاظ ذاتها ، وردت في سورة الصف ، كما وردت في أخريات سورة الفتح باختلاف يسير.

والآية تخبر عن حدث مهمّ كبير استدعت أهميته هذه أن تتكرر الآية في القرآن ، وهذا الحدث الذي أخبرت عنه الآية هو استيعاب الإسلام للعالم بأسره.

وبالرغم من أن بعض المفسّرين فسر الإنتصار ـ في الآية محل البحث ـ انتصارا في منطقة معينة ومحدودة ، وقد حدث ذلك فعلا في عصر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو ما بعده من العصور للإسلام والمسلمين ، إلّا أنّه مع ملاحظة أن الآية مطلقة لا قيد فيها لا شرط ، فلا دليل على تحديد المعنى ، فمفهوم الآية انتصار الإسلام كليّا ـ ومن جميع الجهات ـ على جميع الأديان ، ومعنى هذا الكلام أنّ الإسلام سيهيمن على الكرة الأرضية عامّة ، وسينتصر على جميع العالم.

ولا شك أن هذا الأمر لم يتحقّق في الوقت الحاضر ، لكنّنا ندري أن هذا وعد من قبل الله حتمي وأنّه سيتحقق تدريجا ، فسرعة انتشار الإسلام وتقدمه في العالم ، والاعتراف الرسمي به من قبل الدول الأوروبية المختلفة ونفوذه السريع في أفريقيا وأمريكا ، وإعلان كثير من العلماء والمفكرين اعتناقهم الإسلام ، كل ذلك يشير إلى أنّ الإسلام أخذ باستيعاب العالم.

إلّا أنّه طبقا للرّوايات المختلفة الواردة في المصادر الإسلامية ، فإنّ هذا الموضوع إنّما يتحقق عند ظهور المهديعليه‌السلام فيجعل الإسلام عالميا.

ينقل العلامة الشيخ الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) الآية محل البحث عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال : «إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي ، فلا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

كما ورد في التّفسير ذاته عن النّبىّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا بر إلّا أدخله الله كلمة الإسلام».

١٦

كما أن الشيخ الصدوق رضوان الله عليه روى عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية ـ في كتابه إكمال الدين ـ أنّه قال : «والله ما نزل تأويلها بعد ، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم ، فإذا خرج القائم لم يبق كافر بالله العظيم».(١)

وهناك أحاديث أخرى بهذا المضمون وردت عن أئمة المسلمينعليهم‌السلام .

كما أنّ جماعة من المفسّرين ذكروا هذا التّفسير في ذيل الآية أيضا.

إلّا أنّ المدهش أن كاتب «المنار» هنا لم يكتف برفض هذا التّفسير المذكور آنفا ، بل ناقش الأحاديث في المهديعليه‌السلام ، وحاول أن ينكر بتعصبه الخاص جميع الأحاديث الواردة في شأنه ، ولم يأل جهدا في التذرع بما لديه من الحجج الواهية ليقول : إنّ هذه الأحاديث لا يمكن قبولها بحال ، ويزعم أنّ الإعتقاد بوجود المهدي من أفكار الشيعة ، ومعتقداتهم ، أو معتقدات من يميل إلى التشيّع.

ثمّ بعد هذا كلّه يرى صاحب «المنار» أنّ الإعتقاد بوجود المهدي مدعاة للتخلف والرّكود!

ومن هنا نرى أنّه لا بدّ أن نعالج ـ ولو باقتضاب ـ الرّوايات الواردة في شأن المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» وآثار هذا الإعتقاد في تقدم المجتمع الإسلامي ، ومواجهة الظلم والفساد ، ليعلم أن التعصب إذا دخل من باب خرج العلم والمعرفة من باب آخر.

ومع أنّ صاحب المنار له باع طويلة في العلوم والمعارف الإسلامية ، إلّا أنّه لنقطة الضعف التي ابتلي بها «التعصب الشديد» يقلب بعض الحقائق الجليّة وينكرها تماما.

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١١.

١٧

الرّوايات الإسلامية في المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف»

بالرّغم من كثرة الكتب المؤلفة من قبل علماء أهل السنة وعلماء الشيعة ، في شأن الأحاديث الواردة في المهديعليه‌السلام ونهضته الإصلاحية ، إلّا أنّنا نعتقد أنّ كل ذلك ليس بأبلغ ولا أوجز في الوقت ذاته ممّا كتبه علماء الحجاز من رسائل ردّا على السائلين في هذا المجال ، لذلك نرى من المناسب أن ننقل مضامين تلك الإجابات ومؤداها للقراء الكرام.

لكنّنا نذكر قبلا ، أنّ الرّوايات الواردة في المهدي «عجل الله فرجه الشريف» من الكثرة بحيث لا يستطيع أي محقق اسلامي ـ من أي مذهب كان ـ أن ينكر تواترها.

وقد كتبت حتى الآن كتب كثيرة في هذا الصدد ، وقد اتفق مؤلّفوها على صحة الأخبار الواردة في المصلح المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» ، إلّا أنّ أفرادا معدودين ـ كأحمد أمين المصري وابن خلدون ـ ومن تبعهما ، يشككون في صدور هذه الأحاديث عن نبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقرائن المتوفرة في أيدينا تدل على أن الباعث على ترددهم لم يكن لضعف في الأخبار ، بل كانوا يرون أن الرّوايات الواردة في المهديعليه‌السلام مشتملة على مسائل لا تكاد تصدّق بسهولة أو أنّهم لم يستطيعوا أن يميّزوا الأحاديث الصحيحة عن غيرها. او لم يجدوا تفسيرا لها.

وعلى كل حال يلزمنا قبل كلّ شيء أن نضع بين يدي القراء الكرام نص السّؤال والجواب الذي نشرته رابطة العالم الإسلامي والتي يقوم عليها أشدّ المتزمتين إفراطا ـ في المذاهب الإسلامية ـ أي الوهابيين ، ليتّضح أنّ مسألة ظهور المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» بين المسلمين تعتقد بها الأغلبية الساحقة منهم ، ونعتقد أن هذه الرسالة على وجازتها جمعت في طيّها الدلائل على ذلك بما ليس لكل أحد أن يتوفر له هذا الجمع ، وإذا كان الوهابيون المتعصبون قد أذعنوا لهذا الأمر ، فللسبب ذاته المشار إليه آنفا في الرسالة.

١٨

فقبل بضعة أعوام وجّه شخص من كينيا ـ يدعى أبا محمّد ـ سؤالا إلى رابطة العالم الإسلامي في شأن المهدي المنتظر «عجّل الله فرجه الشّريف».

فأجابه مدير الرّابطة ، محمّد صالح القزاز ، بردّ يتضمّن تصريحا بأنّ ابن تيميّة يؤمن بالأحاديث الواردة في شأن المهديّ أيضا ، وقد كتب هذه الرسالة خمسة علماء معروفين من أهل الحجاز جوابا على سؤال أبي محمّد الكيني.

وقد ورد في هذه الرسالة بعد ذكر اسم المهديعليه‌السلام ومحل ظهوره «مكّة» ما يلي :

«عند ظهوره يكون العالم مليئا بالفساد والكفر والجور ، فيملأ الله به «المهدي» العالم عدلا كما مليء ظلما وجورا ، وهو آخر الخلفاء الراشدين الاثني عشر الذين أخبر عندهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتب الصحاح.

والأحاديث المتعلقة بالمهديّ نقلها عدّة من أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم : عثمان بن عفان ، علي بن أبي طالب ، طلحة بن عبيد الله ، عبد الرحمن بن عوف ، قرة بن أساس المزني ، عبد الله بن الحارث ، أبو هريرة ، حذيفة بن اليمان ، جابر بن عبد الله ، أبو أمامة ، جابر بن ماجد ، عبد الله بن عمر ، أنس بن مالك ، عمران بن الحصين ، وأم سلمة.

فهؤلاء عشرون راويا صحابيا رووا عن النّبي في المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» وغيرهم كثير أيضا ، وهناك أحاديث كثيرة عن الصحابة أنفسهم ورد فيها الكلام عن ظهور المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» ويمكن أن تضاف هذه الرّوايات إلى الرّوايات الواردة عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ ذلك «أي الكلام في المهدي» لم يكن مسألة اجتهادية ليمكن الاجتهاد فيها ، فبناء على ذلك فإنّ الصحابة قد سمعوا هذا الموضوع من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثمّ تضيف الرسالة :

إن الأحاديث آنفة الذكر المرويّة عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مذكورة في كتب الحديث

١٩

والكتب الإسلامية الأخرى سواء منها السنن أو المعاجم أو المسانيد ، وكذلك شهادات الصحابة وأقوالهم التي هي بمثابة الحديث أيضا ، ومن الكتب التي وردت فيها الأحاديث في المهدي أو أقوال الصحابة هي : سنن أبي داود ، وسنن الترمذي ، وابن ماجه ، وابن عمرو الداني ، ومسند أحمد ، وابو يعلى ، والبزاز ، وصحيح الحاكم ، ومعجما الطبراني «الكبير والمتوسط» والروياني ، والدار قطني ، وأبو نعيم في أخبار المهدي ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ، وابن عساكر في تأريخ دمشق ، وغيرها.

وتضيف الرسالة : إنّ بعض العلماء المسلمين كتبوا في هذا الشأن كتبا خاصّة ، منهم: أبو نعيم في أخبار المهدي ، وابن حجر الهيثمي في «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر» ، والشوكاني ، في «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح» وإدريس العراقي المغربي في كتاب المهدي ، وأبو العباس بن عبد المؤمن المغربي في كتاب «الوهم المكنون في الردّ على ابن خلدون».

وآخر من كتب في هذا الشأن بحثا مطوّلا ، وهو مدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة «في حلقات متعدّدة في مجلة الجامعة المذكورة».

ثمّ تضيف الرسالة أيضا ، إن جماعة من علماء الإسلام قديما وحديثا صرّحوا في كتبهم أن الأحاديث الواردة في المهدي تقرب من التواتر ولا يمكن إنكارها بأيّ وجه ، ومنهم.

السخاوي في «فتح المغيث» ومحمّد بن الحسن السفاويني في «شرح العقيدة» وأبو الحسن الأبري في «مناقب الشافعي» وابن تيمية في «فتاواه» والسيوطي في «الحاوي» وإدريس العراقي في كتابه «المهدي» والشوكاني في كتاب «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر» ومحمّد جعفر الكناني في «نظم التناثر» وأبو العباس بن عبد المؤمن في «الوهم المكنون ...».

وتختم الرسالة بالقول بأن ابن خلدون وحده أنكر الأحاديث في المهدي ،

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ورويناه بإسنادنا إلى محمد بن يحيى الخثعمي، من غير كتاب معاوية بن حكيم.

[١٤٨٩٢] ٤ - وروينا باسنادنا إلى معاوية بن حكيم في كتاب أصله، حديثا آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « في السماء أربعة نجوم، ما يعلمها الا أهل بيت من العرب، وأهل بيت من الهند يعرفون منها نجما واحدا، فبذلك قام حسابهم ».

[١٤٨٩٣] ٥ - قال: روينا بأسانيد عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، ونقلته من خطه، من الجزء الثاني من كتاب الدلائل تأليف عبد الله بن جعفر الحميري، بإسناده عن بياع السابري قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ان لي في النظرة في النجوم لذة، وهي معيبة عند الناس، فإن كان فيها اثم تركت ذلك، وإن لم يكن فيها اثم فان لي فيها اللذة، قال: فقال: « تعد الطوالع » فقلت: نعم، فعددتها له، فقال: « كم تسقي الشمس القمر من نورها؟ قلت: هذا شئ لم اسمعه قط؟ قال: » وكم تسقي الزهرة(١) من نورها؟ قلت: ولا هذا، قال: « فكم تسقى الشمس من اللوح المحفوظ ( من نوره )(٢) ؟ » قلت: وهذا شئ لم أسمعه قط، قال: فقال: « هذا شئ إذا علمه الرجل، عرف أوسط قصبة في الأجمة - ثم قال - ليس يعلم النجوم إلا أهل بيت من قريش، وأهل بيت من الهند ».

[١٤٨٩٤] ٦ - وفيه: وجدت في كتاب عتيق اسمه كتاب التجمل: قال أبو أحمد: عن حفص بن البختري قال: ذكرت النجوم عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: « ما يعلمها الا أهل بيت بالهند، وأهل بيت من العرب ».

__________________

٤ - فرج المهموم ص ٩١.

(١) في المصدر: « فلذلك ».

٥ - المصدر السابق ص ٩٧.

(١) في المصدر زيادة: الشمس.

(٢) في المصدر: نورا.

٦ - فرج المهموم ص ٩٩.

١٠١

[١٤٨٩٥] ٧ - وفي الكتاب المذكور أيضا: عن محمد وهارون ابني سهل، وكتبا إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام : ان أبانا وجدنا كان ينظر في النجوم، فهل يحل النظر فيها؟ قال: « نعم ».

[١٤٨٩٦] ٨ - وفيه: انهما كتبا إليهعليه‌السلام : نحن ولد بني(١) نوبخت المنجم [ وقد كتبنا إليك هل يحل النظر في علم النجوم فكتبت نعم، والمنجمون ] يختلفون في صفة الفلك - إلى أن قال - فكتبعليه‌السلام : « نعم، ما لم يخرج من التوحيد ».

[١٤٨٩٧] ٩ - ومن الكتاب المذكور: أبو محمد، عن الحسن بن عمر، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) (١) قال: « كان القمر منحوسا بزحل ».

[١٤٨٩٨] ١٠ - ومن كتاب نزهة الكرام وبستان العوام، تأليف محمد بن الحسين بن الحسن الرازي، في أواخر المجلد الثاني منه: روي أن هارون الرشيد بعث إلى موسى بن جعفرعليهما‌السلام فأحضره، فلما حضر عنده قال [ له ](١) : ان الناس ينسبونكم - يا بني فاطمة - إلى علم النجوم، وان معرفتكم بها معرفة جيدة، وفقهاء العامة يقولون: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إذا ذكروا(٢) أصحابي فاسكتوا، وإذا ذكروا(٣) القدر فاسكتوا، وإذا ذكر النجوم فاسكتوا » وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، كان اعلم الخلائق بعلم النجوم، وأولاده

__________________

٧ - فرج المهموم ص ١٠٠.

٨ - المصدر السابق ص ١٠٠.

(١) ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٩ - فرج المهموم ص ١٠٠، وعنه في البحار ج ٥٨ ص ٢٥١ ح ٣٧.

(١) القمر ٥٤ الآية ١٩.

١٠ - فرج المهموم ص ١٠٧ - ١٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « ذكر ».

(٣) في المصدر: « ذكر ».

١٠٢

وذريته الذين(٤) تقول الشيعة بإمامتهم كانوا عارفين بها، فقال له الكاظمعليه‌السلام : « هذا حديث ضعيف، واسناده مطعون فيه، والله تبارك وتعالى قد مدح النجوم ولولا أن النجوم صحيحة، ما مدحها الله عز وجل، والأنبياءعليهم‌السلام كانوا عالمين بها، وقد قال الله تبارك وتعالى في حق إبراهيم خليل الرحمن ( صلوات الله عليه ):( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (٥) وقال في موضع آخر:( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) (٦) فلو لم يكن عالما بعلم النجوم ما نظر فيها، وما قال:( إِنِّي سَقِيمٌ ) وإدريسعليه‌السلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم، والله تبارك وتعالى قد أقسم بها فقال:( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) (٧) وقال في موضع آخر:( وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا - إلى قوله -فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) (٨) ويعني بذلك اثني عشر برجا وسبع سيارات، والذي يظهر بالليل والنهار بأمر الله عز وجل، وبعد علم القرآن ما يكون(٩) أشرف من علم النجوم، وهو علم الأنبياء والأوصياء وورثة الأنبياء، الذين قال الله عز وجل:( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (١٠) ونحن نعرف هذا العلم وما نذكره(١١) ».

فقال له هارون: بالله عليك يا موسى، لا تظهروه عند الجهال وعوام الناس، حتى لا يشنعوا(١٢) عليك، ونفس العوام به، وغط هذا العلم، وارجع إلى حرم جدك، ثم قال له هارون: وقد بقيت مسألة أخرى، بالله عليك أخبرني

__________________

(٤) في المصدر: « التي ».

(٥) الانعام ٦ الآية ٧٥.

(٦) الصافات ٣٧ الآية ٨٨ و ٨٩.

(٧) الواقعة ٥٦ الآية ٧٥ و ٧٦.

(٨) النازعات ٧٩ الآية ١ - ٥.

(٩) في المصدر: « لا يكون ».

(١٠) النحل ١٦ الآية ١٦.

(١١) في المصدر: « ننكره ».

(١٢) في المصدر: « لا يشيعوه عنكم ».

١٠٣

بها، فقال له: « سل » فقال له: بحق القبر والمنبر، وبحق قرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أخبرني أنت تموت قبلي، أم أنا أموت قبلك، لأنك تعرف هذا من علم النجوم؟ فقال له موسىعليه‌السلام : « آمني حتى أخبرك » فقال: لك الأمان، فقال: « أنا أموت قبلك، وما كذبت ولا أكذب، ووفاتي قريب ».

[١٤٨٩٩] ١١ - وفيه وجدت في كتاب عتيق، باسناد متصل إلى الوليد بن جميع قال: إن رجلا سأله عن حساب النجوم، فجعل الرجل يتحرج ان يخبره، فقال له عكرمة، سمعت ابن عباس يقول: علم عجز الناس عنه، وددت اني علمته.

[١٤٩٠٠] ١٢ - الصدوق في الخصال: عن إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة، عن سالم بن سالم وأبي عروبة معا، عن أبي الخطاب، عن هارون بن مسلم، عن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين ابن عليعليهم‌السلام ، قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن خصال - إلى أن قال - وعن النظر في النجوم ».

[١٤٩٠١] ١٣ - أبو الفتح الكراجكي في معدن الجواهر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « العلوم أربعة: الفقه للأديان، والطب للأبدان، والنحو للسان، والنجوم للأزمان(١) ».

[١٤٩٠١] ١٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من اقتبس علما من النجوم، اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد ».

__________________

١١ - فرج المهموم ص ١١٠.

١٢ - الخصال ص ٤١٧ ح ١٠.

١٣ - معدن الجواهر ص ٤٠.

(١) في المصدر: « لمعرفة الأزمان ».

١٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨١ ح ٢٤٢.

١٠٤

قلت يحمل ما دل على النهي عن النظر بل تكفير المنجم، على من اعتقد قدم الأفلاك والكواكب، أو ان اختلاف حركاتها وأوضاعها علل تامة لصدور الحوادث، أو ان لها حياة ونفوسا تصدر عنهما الحوادث بالإرادة، والاختيار، وغير ذلك من العقائد الفاسدة، المباينة لأصول الملل وأساس الشرائع، وما دل على الجواز، على أنها امارات وعلامات على حدوث الحوادث منه تعالى، أو ما يقرب من ذلك، مما ليس فيه ما ينافي الشرع، ويرتفع شرها بالبر والدعاء والصدقة، والله العالم.

٢٢ -( باب تحريم تعلم السحر، واجره، واستعماله في العقد، وحكم الحل)

[١٤٩٠٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « لما هلك سليمان، وضع إبليس السحر، ثم كتبه في كتاب وطواه وكتب على ظهره: هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داودعليهما‌السلام من ذخائر كنوز العلم، من أراد كذا وكذا فليقل كذا وكذا، ثم دفنه تحت السرير، ثم استثاره لهم، فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان الا بهذا، وقال المؤمنون: هو عبد الله ونبيه، فقال الله في كتابه:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ) (١) اي: السحر ».

ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن أبي بصير، عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٤٩٠٤] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال:

__________________

الباب ٢٢

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٥٢ ح ٧٤.

(١) البقرة ٢ الآية ١٠٢.

(٢) تفسير القمي ج ١ ص ٥٥.

٢ - الجعفريات ص ١٠٠.

١٠٥

حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أقبلت امرأة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت: يا رسول الله، ان لي زوجا به علي غلظة، واني صنعت شيئا لأعطفه علي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أف لك كفرت دينك، لعنتك الملائكة الأخيار، لعنتك ملائكة السماء، لعنتك ملائكة الأرض، فصامت نهارها وقامت ليلها، ولبست المسوخ ثم حلقت رأسها، فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ان حلق الرأس لا يقبل منها ».

وروي في الفقيه(١) : مثله، وفيه: « كدرت البحار، وكدرت الطين، ولعنتك الملائكة ». إلى آخره.

[١٤٩٠٥] ٣ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر الساحر(١) ». الخبر.

[١٤٩٠٦] ٤ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، فقيل: يا رسول الله، ولم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال: لان الشرك أعظم من السحر، لان الشرك والسحر طيران مقرونان ».

[١٤٩٠٧] ٥ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن التمائم والتول، فالتمائم: ما يعلق من الكتب والخرز وغير ذلك، والتول ما تتحبب به النساء إلى أزواجهن، كالكهانة وأشباهها، ونهىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن السحر.

__________________

(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٨٢ ح ١٣٤٥.

٣ - الجعفريات ص ١٨٠

(١) في المصدر: الكاهن.

٤ - المصدر السابق ص ١٢٨.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٧.

١٠٦

[١٤٩٠٨] ٦ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، قيل: يا رسول الله، ولم ذاك؟ قال: لان الشرك والسحر مقرونان، والذي فيه من الشرك أعظم من السحر.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ولذلك لم يقتل [ رسول الله ](١) ابن أعصم(٢) اليهودي الذي سحره.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : فإذا شهد رجلان عدلان على رجل من المسلمين انه سحر قتل(٣) ، والسحر كفر، وقد ذكر الله عز وجل ذلك فقال:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ - إلى قوله -فَلَا تَكْفُرْ ) (٤) فأخبر جل ذكره، ان السحر كفر، فمن سحر فقد كفر، فقتل(٥) ساحر المسلمين لأنه كفر، وساحر المشركين لا يقتل لأنه كافر بعد بما(٦) جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » .

[١٤٩٠٩] ٧ - روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي ( صلوات الله عليهم )، أنه قال: « سحر لبيد بن أعصم(١) وأم عبد الله اليهودية، رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في عقد خيوط من احمر واصفر، فعقدا فيه احدى عشرة

__________________

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٢ ح ١٧٢٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: عاصم.

(٣) في المصدر زيادة: لأنه كفر.

(٤) البقرة ٢ الآية ١٠٢.

(٥) في المصدر: فيقتل.

(٦) في المصدر: كما.

٧ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٣٨ ح ٤٨٧.

(١) في الحجرية: عاصم، وما أثبتناه من المصدر.

١٠٧

عقدة، ثم جعلاه في جف(٢) طلع، ثم أدخلاه في بئر فجعلاه في مراقي(٣) البئر بالمدينة، فأقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يسمع ولا يبصر ولا يتفهم ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب، فنزل جبرئيل بمعوذات، ثم قال: يا محمد ما شأنك؟ قال: لا أدري، انا بالحال التي تراني، قال: إن لبيد بن أعصم(٥) وأم عبد الله اليهودية سحراك، وأخبره بالسحر حيث هو، ثم قرأ عليه( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) (٦) فانحلت عقدة، ثم قرأ أخرى(٧) حتى قرأ احدى عشرة مرة، فانحلت الإحدى عشرة عقدة، وجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخبره جبرئيل الخبر، فقال: انطلق وائتني بالسحر، فجاء به ثم دعا بلبيد وأم عبد الله، فقال: ما دعاكما إلى ما صنعتماه؟ ثم قال للبيد: لا أخرجك الله من الدنيا سالما، وكان موسرا كثير المال، فمر به غلام في اذنه قرط، فجذبه فخرم اذن الصبي، فاخذ فقطعت يده فكوي منها فمات» .

ورواه مع اختلاف وزيادة فرات بن إبراهيم في تفسيره(٨) : عن عبد الرحمن ابن محمد العلوي، ومحمد بن عمر الخزاز، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عيسى بن محمد، عن جده، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

[١٤٩١٠] ٨ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن

__________________

(٢) الجف: وعاء الطلع وهو الغشاء الذي يكون فوق طلع النخل ( النهاية ج ١ ص ٢٧٨ ).

(٣) المراقي: جمع مرقاة، وهي الدرجة ومراقي البئر حفر صغار تكون على يمين البئر ويساره يستعان بها في الصعود والنزول ( انظر لسان العرب ج ١٤ ص ٣٣٢ ).

(٤) في المصدر زيادة: عليه.

(٥) في الحجرية: عاصم، وما أثبتناه من المصدر.

(٦) في المصدر زيادة: فقال رسول الله ذلك.

(٧) في المصدر زيادة: فانحلت عقدة أخرى.

(٨) تفسير فرات ص ٢٣٣.

٨ - طب الأئمة ص ١١٣.

١٠٨

عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ان جبرئيل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: يا محمد، قال: لبيك، قال: إن فلانا اليهودي سحرك، وجعل السحر في بئر بني فلان » وذكر القصة.

[١٤٩١١] ٩ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، انه سئل عن المعوذتين انهما من القرآن، فقال الصادقعليه‌السلام : « هما من القرآن - إلى أن قال - وهل تدري ما معنى المعوذتين، وفي اي شئ نزلت(١) ؟ ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سحره لبيد بن أعصم(٢) اليهودي» فقال أبو بصير لأبي عبد اللهعليه‌السلام : وما ( كان ذا؟ وما )(٣) عسى ان يبلغ من سحره؟ قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : « بلى، كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يرى أنه يجامع ولا(٤) يجامع وكان يريد الباب ولا يبصره يلمسه بيده، والسحر حق، وما سلط الحسر الا على العين والفرج» . الخبر.

[١٤٩١٢] ١٠ - وعن سهل بن محمد بن سهل، عن عبد ربه بن محمد بن إبراهيم، عن ابن أورمة، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النشرة للمسحور، فقال: « ما كان أبيعليه‌السلام يرى به بأسا ».

[١٤٩١٣] ١١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان الله يرحم عصاة أمتي في الليلة المباركة، بعدد شعور أغنام بني كلب وربيعة ومضر، فيغفر لهم الا ثمانية نفر: المشرك، والكاهن، والساحر،

__________________

٩ - طب الأئمة ص ١١٤.

(١) في المصدر: نزلتا.

(٢) في الحجرية « عاصم » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: كاد، أو.

(٤) في المصدر: وليس.

١٠ - المصدر السابق ص ١١٤.

١١ - لب اللباب: مخطوط.

١٠٩

والعاق، وآكل الربا، ومدمن الخمر، والزاني، والماجن» .

[١٤٩١٤] ١٢ - وروي: انه يخرج عنق من النار فيقول: أين من كذب على الله؟ وأين من ضاد الله؟ وأين من استخف بالله؟ فيقولون: ومن هذه الأصناف الثلاثة؟ فيقول: من سحر فقد كذب على الله، ومن صور التصاوير فقد ضاد الله، ومن تراءى في عمله فقد استخف بالله.

٢٣ -( باب تحريم اتيان العراف وتصديقه، وتحريم الكهانة والقيامة)

[١٤٩١٥] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر الكاهن - إلى أن قال - واجر القافي(١) ». الخبر.

[١٤٩١٦] ٢ - وبهذا الاسناد، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بد من العريف والعريف في النار، ولا بد من الامرة برة كانت أو فاجرة ».

[١٤٩١٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « من جاء عرافا فسأله وصدقه بما قال، فقد كفر بما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يقول: [ إن ](١) كثيرا من الرقي وتعليق التمائم شعبة [ من الاشراك ](٢) ».

[١٤٩١٨] ٤ - وعن جعفر بن محمد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « كنا

__________________

١٢ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٢٣

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

(١) القائف: الذي يعرف آثار الاقدام، وكان ذا منزلة في الجاهلية. ( لسان العرب ( قوف ) ج ٩ ص ٢٩٣ ).

٢ - المصدر السابق ص ٢٤٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٣ ح ١٧٣٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٨.

١١٠

مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة، إذ رمي بنجم(١) فاستنار، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للقوم: ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا؟ قالوا(٢) : كنا نقول: مات عظيم وولد عظيم، قال: فإنه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياة أحد، ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش وقالوا: قضى ربنا بكذا، فتسمع ذلك أهل السماء التي تليهم، فيقولون ذلك، حتى يبلغ ذلك إلى السماء الدنيا، فيسرق(٣) الشياطين السمع، فربما اعتقلوا شيئا فأتوا به الكهنة، فيزيدون وينقصون فتخطئ الكهنة وتصيب، ثم إن الله عز وجل منع السماء بهذه النجوم فانقطعت الكهانة فلا كهانة، وتلا جعفر بن محمدعليهما‌السلام ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ) (٤) وقوله عز وجل:( أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا ) (٥) » .

[١٤٩١٩] ٥ - كتاب درست بن أبي منصور: عن ابن مسكان وحديد، رفعاه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « ان الله أوحى إلى نبي في نبوته: أخبر قومك انهم قد استخفوا بطاعتي وانتهكوا معصيتي - ان قال - وخبر قومك انه ليس مني من تكهن أو تكهن له، أو سحر أو تسحر له » الخبر.

[١٤٩٢٠] ٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - انه عد من السحت اجر الكاهن الخبر.

[١٤٩٢١] ٧ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب المانعات: عن عطية، عن أبي سعيد

__________________

(١) في المصدر: نجم.

(٢) كان في الأصل: ( قال ) وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: فتسترق.

(٤) الحجر ١٥ الآية ١٨.

(٥) الجن ٧٢ الآية ٩.

٥ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٧.

٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٦.

٧ - المانعات ص ٢.

١١١

قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا ديوث، ولا كاهن ومن مشى إلى كاهن فصدقه بما يقول، فقد برئ مما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله » الخبر.

[١٤٩٢٢] ٨ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من صدق كاهنا، فقد كفر بما انزل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٤٩٢٣] ٩ - نهج البلاغة: عن نوف البكالي قال: رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام ذات ليلة، وقد خرج من فراشه فنظر إلى(١) النجوم، فقال: « يا نوف، ان داود قام في مثل هذه الساعة من الليل، فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها ( عبد الا استجيب له )(٢) ، إلا أن يكون عشارا، أو عريفا، أو شرطيا »، الخبر.

[١٤٩٢٤] ١٠ - الصدوق في الخصال: عن الحسين، عن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن الحسين بن أبي الخطاب، عن المغيرة بن محمد، عن بكير بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي، عن نوف البكالي قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا نوف، اقبل وصيتي: لا تكونن نقيبا، ولا عريفا، ولا عشارا، ولا بريدا ».

[١٤٩٢٥] ١١ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن حمدويه وإبراهيم، عن أيوب بن نوح، عن [ حنان، عن ](١) عقبة بن بشير الأسدي، قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت له: إني في الحسب الضخم من قومي، وإن قومي كان لهم عريف فهلك، فأرادوا أن يعرفوني عليهم، فما ترى

__________________

٨ - لب اللباب: مخطوط.

٩ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١٧٣ رقم ١٠٤.

(١) في المصدر: في.

(٢) كان في الحجرية: عبد ربه الا استحباب، وما أثبتناه من المصدر.

١٠ - بل أمالي الصدوق ص ١٧٤ ح ٩، وعنه في البحار ج ٧٧ ص ٣٨٢ ح ٩.

١١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٥٩ ح ٣٥٨.

(١) أثبتناه من المصدر وهو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ٦ ص ٢٩٩ و ج ١١ ص ١٥١ ).

١١٢

لي؟(٢) فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « تمن علينا بحسبك! أن الله رفع بالايمان من كان الناس يسمونه(٣) وضيعا إذا كان مؤمنا، ووضع بالكفر من كان يسمونه شريفا إذا كان كافرا، وليس لاحد على أحد تفضل(٤) إلا بتقوى الله، وأما قولك: إن قومي كان لهم عريف فهلك فأرادوا أن يعرفوني عليهم، فإن كنت تكره الجنة وتبغضها فتعرف على قومك، ويأخذ سلطان جائر بامرئ مسلم يسفك دمه، فتشركهم في دمه، وعسى أن لا تنال من دنياهم شيئا ».

٢٤ -( باب حكم الرقي)

[١٤٩٢٦] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا رقى إلا في ثلاث: في حية(١) ، أو في عين، أو دم لا يرقى ».

[١٤٩٢٧] ٢ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام : « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن أربع نفخات: في موضع السجود، وفي الرقي، وفي الطعام، والشراب ».

[١٤٩٢٨] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن الرقي بغير كتاب الله عز وجل، وما [ لا ](١) يعرف ( من ذكره(٢) وقال: « هذه

__________________

(٢) في المصدر زيادة: قال.

(٣) في المصدر: سموه.

(٤) في المصدر: فضل.

الباب ٢٤

١ - الجعفريات ص ١٦٧.

(١) في المصدر: جبة.

٢ - المصدر السابق ص ٣٨.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤١ ح ٤٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: بذكره.

١١٣

الرقي مما اخذه سليمان بن داودعليهما‌السلام ، [ على الانس و ](٣) الجن والهوام» .

[١٤٩٢٩] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا رقى إلا في ثلاث: في حمة أو عين، أو دم لا يرقى »، والحمة: السم.

[١٤٩٣٠] ٥ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا أردت ترقي الجرح - يعني من الألم والدم وما يخاف منه - عليه فضع يدك على الجرح وقل: بسم الله أرقيك، بسم الله الأكبر، من الحديدة والحجر(١) ، والناب الأسمر، والعرق فلا ينعر(٢) والعين فلا تسهر، تردده ثلاث مرات ».

[١٤٩٣١] ٦ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه سئل عن رجل رقى ملذوعا بسورة من القرآن فشفي، فأعطاه على ذلك(١) ، فرخص له(٢) .

[١٤٩٣٢] ٧ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: رجعت مع عمي من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمررنا بقبيلة من قبائل العرب فقالوا: ظننا انكم تقدمون من عند هذا الذي يدعي النبوة، وعندنا رجل قد جن قد أوثقناه، فهل عندكم شئ فيه راحته؟ فقال عمي: نعم، فذهبوا بنا إلى عند المجنون، فقرأ عمي فاتحة الكتاب، وكان يجمع بصاقه في فمه

__________________

(٣) في الحجرية: « عن » بدل « على » وما أثبتناه من المصدر.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤١ ح ٤٩٤.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٦.

(١) في المصدر زيادة: الملبود.

(٢) كان في الحجرية: يفتر، وما أثبتناه من المصدر، ونعر الجرح: سال دمه ولم ينقطع « لسان العرب ج ٥ ص ٢٢١ ».

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ٧٤ ح ٢٠٨.

(١) في المصدر: الرقية أجرا.

(٢) في المصدر زيادة: في ذلك.

٧ - تفسير أبى الفتوح الرازي ج ١ ص ١٣.

١١٤

وكلما قرأه مرات ألقى بصاقه في فمه، فعل ذلك به ثلاثة أيام، فبرأ بإذن الله تعالى، فأعطوني شيئا، فقلنا: لا نأكله حتى نسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انه حلال، فلما سألناه، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من اكل برقية باطل، فهذا برقية حق ».

قلت: رواه مختصرا ابن الأثير في أسد الغابة فقال: روى يعلى بن عبيد، عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال: حدثني خارجة بن الصلت: ان عمه أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأسلم ثم رجع، فمر باعرابي مجنون موثق في الحديد، فقال بعضهم: من عنده شئ يداويه به؟ فان صاحبكم جاء بالخير، فقلت: نعم، فرقيته بأم الكتاب كل يوم مرتين، فبرأ فأعطاني مائة شاة، فلم آخذها حتى اتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته فقال: « أقلت شيئا غير هذا؟ » قلت: لا، قال: « كلها بسم الله، فلعمري من اكل برقية باطل، فقد أكلت برقية حق ».

٢٥ -( باب حكم القصاص)

[١٤٩٣٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن ربعي، عمن ذكره، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قول الله تعالى:( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا ) (١) قال: « الكلام في الله والجدال في القرآن( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) (٢) قال: منه القصاص ».

[١٤٩٣٤] ٢ - الصدوق في العيون: عن عبد الواحد(١) بن محمد بن عبدوس، عن

__________________

(١) أسد الغابة ج ٢ ص ٧٤.

الباب ٢٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٦٢ ح ٣١.

(١) الانعام ٦ الآية ٦٨.

(٢) الانعام ٦ الآية ٦٨.

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٣٠٧ ح ٦٩.

(١) في الطبعة الحجرية: « عبد الله » وما أثبتناه من المصدر، راجع « معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٣٦ - ٣٧ ».

١١٥

علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام - في حديث - قال: قلت: يا بن رسول الله، فقد روي لنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « من تعلم علما ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو ليقبل به وجوه الناس إليه، فهو في النار» فقالعليه‌السلام : « صدق جديعليه‌السلام ، أفتدري من السفهاء» ؟ فقلت: لا، يا بن رسول الله، فقال: « [ هم ](٢) قصاص مخالفينا» . الخبر.

٢٦ -( باب كراهة الأجرة على تعليم القرآن مع الشرط، دون تعليم غيره، ودون الهدية، وما يكون من غير شرط، واستحباب التسوية بين الصبيان)

[١٤٩٣٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أن أجرة المعلم حرام إذا شارط في تعليم القرآن، أو معلم لا يعلمه الا قرآنا فقط، فحرام اجرته ان شارط أم لم يشارط(١) ».

[١٤٩٣٦] ٢ - وروي عن(١) ابن عباس في قوله: ( أكالون للسحت )(٢) قال: أجرة المعلمين الذين يشارطون في تعليم القرآن.

[١٤٩٣٧] ٣ - وروي ان عبد الله بن مسعود جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) في المصدر: « يشرط ».

٢ - المصدر السابق ص ٣٤.

(١) في المصدر « ان ».

(٢) المائدة ٥ الآية ٤٢.

٣ - المصدر السابق ص ٣٤.

١١٦

يا رسول الله، أعطاني فلان الاعرابي ناقة بولدها، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم(١) يا بن مسعود؟ » فقال: اني كنت علمت له أربع سور من كتاب الله، فقال: « رد عليه - يا بن مسعود - فان الاجر(٢) على القرآن حرام ».

[١٤٩٣٨] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: قيل إن عبد الرحمن السلمي علم ولد الحسينعليه‌السلام ( الحمد ) فلما قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار، وألف حلة، وحشا فاه درا، فقيل له في ذلك، فقال: « وأين يقع هذا من عطائه! يعني تعليمه ».

[١٤٩٣٩] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر القارئ الذي لا يقرأ القرآن الا بأجر، ولا بأس ان يجرى له من بيت المال ».

[١٤٩٤٠] ٦ - عوالي اللآلي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان أحق ما أخذتم عليه اجرا كتاب الله ».

٢٧ -( باب عدم جواز اخذ الأجرة على الأذان والصلاة بالناس والقضاء، وسائر الواجبات كتغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم)

[١٤٩٤١] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: « الأجرة ».

٤ - مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٦٦.

٥ - الجعفريات ص ١٨٠.

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٦ ح ٢١٥.

الباب ٢٧

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

١١٧

السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر القاضي، الا قاض يجرى عليه من بيت المال، وأجر المؤذن الا مؤذن يجرى عليه من بيت المال» .

٢٨ -( باب عدم جواز بيع المصحف، وجواز بيع الورق والجلد ونحوهما، واخذ الأجرة على كتابته)

[١٤٩٤٢] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس ببيع المصاحف وشرائها »، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ولا بأس ان يكتب بأجر، ولا يقع الشراء على كتاب الله، ولكن على الجلود والدفتين، يقول: أبيعك هذا بكذا ».

٢٩ -( باب تحريم كسب القمار حتى الكعاب والجوز والبيض، وإن كان الفاعل غير مكلف، وتحريم فعل القمار)

[١٤٩٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم - يرحمك الله - ان الله تبارك وتعالى نهى عن جميع القمار، وأمر العباد بالاجتناب منها، وسماها رجسا، فقال( رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) (١) مثل اللعب بالشطرنج والنرد وغيرهما من القمار، والنرد أشر من الشطرنج» ، الخبر.

[١٤٩٤٤] ٢ - الصدوق في المقنع: اتق اللعب بالنرد، فان الصادقعليه‌السلام نهى عن ذلك، ان مثل من يعلب بالنرد قماراً، مثل من يأكل لحم الخنزير، ومثل من

__________________

الباب ٢٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩ ح ٢٩.

الباب ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

(١) المائدة ٥ الآية ٩٠.

٢ - المقنع ص ١٥٤.

١١٨

يلعب بها من غير قمار، مثل الذي يضع يده في لحم الخنزير، أو في دمه واجتنب الملاهي كلّها واللعب بالخواتيم والأربعة عشر(١) ، فان الصادقينعليهم‌السلام نهوا عن ذلك.

[١٤٩٤٥] ٣ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن حمدويه، عن محمد بن عيسى قال: سمعته يقول: كتب إليه إبراهيم بن عنبسة - يعني إلى علي بن محمدعليهما‌السلام -: ان رأى سيدي ومولاي ان يخبرني عن قول الله:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) (١) الآية فما المنفعة جعلت فداك؟ فكتب: « كلما قومر به فهو الميسر »، الخبر.

[١٤٩٤٦] ٤ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إياكم وهاتين الكعبتين الموشومتين، فإنهما من ميسر العجم ».

٣٠ -( باب تحريم اخذ ما ينثر في الأعراس، الا من يعلم اذن أربابه بانتهابه)

[١٤٩٤٧] ١ - الصدوق في الأمالي: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق، عن آبائه قال: « قال أمير المؤمنينعليهم‌السلام : دخلت أم أيمن على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي ملحفها شئ، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما معك يا أم أيمن؟ فقالت: ان فلانة أملكوها(١) فنثروا

__________________

(١) في المصدر زيادة: وكل قمار.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٥ ح ٣١١.

(١) البقرة ٢ الآية ٢١٩.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٦٥.

الباب ٣٠

١ - أمالي الصدوق ص ٢٣٦ ح ٣.

(١) الاملاك: التزويج. ( لسان العرب - ملك - ج ١٠ ص ٤٩٤ ).

١١٩

عليها، فأخذت من نثارهم، ثم بكت أم أيمن، وقالت: يا رسول الله، فاطمةعليها‌السلام زوجتها ولم تنثر عليها شيئا» الخبر.

[١٤٩٤٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه نهى عن القمار، والنهبة، والنثار، يعني بالنثار: ما ينثر على قوم لم يدعوا إليه، ولم تطب نفس ناثره به لمن صار إليه، وكان يؤخذ اخطافاً(١) وانتهاباً، فهو شبيه بالنهبة.

٣١ -( باب جواز بيع جلد غير مأكول اللحم إذا كان مذكى، دون الميتة)

[١٤٩٤٩] ١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح المحاربي: قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن جلود السباع التي يجلس عليها، فقال: « ادبغوها » فرخص في ذلك.

[١٤٩٥٠] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن جلود السباع ».

ورواه في الجعفريات: بسنده عنهعليه‌السلام (١) .

قلت: يمكن حمل الخبر الأول على المذكى، والثاني على الميتة، أو حمل الأول على مجرد جواز الانتفاع بها، بناء على جواز الانتفاع بالمنافع المحللة من الميتة، كالاستقاء من جلودها، واطعام كلب الصيد من لحومها، وحرمة المعاوضة عليها، والانتفاع من ثمنها.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٦ ح ١٧٣٩.

(١) في المصدر: اختطافا.

الباب ٣١

١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

(١) الجعفريات ص ١٨٠.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608