الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260181 / تحميل: 6429
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

١
٢

٣
٤

الآيات

( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣) )

التّفسير

شرك أهل الكتاب :

كان الكلام في الآيات المتقدمة بعد الحديث عن المشركين وإلغاء عهودهم وضرورة إزالة دينهم ومعتقداتهم الوثنية يشير بعد ذلك إلى أهل الكتاب وقد حدد الإسلام لهم شروطا ليعيشوا بسلام مع المسلمين ، فإنّ لم يفوا بها كان على المسلمين أن يقاتلوهم.

وفي الآيات محل البحث بيان لوجه الشبه بين أهل الكتاب والمشركين ، ولا

٥

سيما اليهود والنصارى منهم ، ليتّضح أنّه لو كان بعض التشدد في معاملتهم ، فإنّما هو لانحرافهم عن التوحيد ، وميلهم إلى نوع من الشرك في العقيدة ، ونوع من الشرك في العبادة.

فتقول الآية الأولى من الآيات محل البحث :( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) .

* * *

بحوث

١ ـ من هو عزير؟!

«عزير» في لغة العرب هو «عزرا» في لغة اليهود ، ولمّا كانت العرب تغيّر في بعض الكلمات التي تردها من لغات أجنبية وتجري على لسانها ، وذلك كما هي الحال في إظهار المحبّة خاصّة فتصغر الكلمة ، فصغرت عزرا إلى عزير ، كما بدلت كلمة يسوع العبرية إلى عيسى في العربية ، ويوحنا إلى يحيى.(١)

وعلى كان حال ، فإن عزيرا ـ أو عزرا ـ له مكانة خاصّة في تاريخ اليهود ، حتى أن بعضهم زعم أنّه واضع حجر الأساس لأمّة اليهود باني مجدهم وفي الواقع فإنّ له خدمة كبرى لدينهم ، لأنّ بخت نصر ملك بابل دمر اليهود تدميرا في واقعته المشهورة ، وجعل مدنهم ، تحت سيطرة جنوده فأبادوها ، وهدموا معابدهم ، وأحرقوا توراتهم ، وقتلوا رجالهم ، وسبوا نساءهم ، وأسروا أطفالهم ، وجيء بهم إلى بابل فمكثوا هناك حوالي قرن.

ولما فتح كورش ملك فارس بابل جاءه عزرا ، وكان من أكابر اليهود ، فاستشفعه

__________________

(١) المراد من التصغير عادة هو بيان كون الشيء صغيرا في قبال شيء آخر كبير ، مثل رجيل المصغر عن رجل ، لكن للتصغير أغراضا بلاغية منها إظهار المحبّة وغيرها ، كما في اظهار الرجل محبته لولده فيصغّر اسمه.

٦

في اليهود فشفّعه فيهم ، فرجعوا إلى ديارهم وكتب لهم التّوراة ـ ممّا بقي في ذهنه من أسلافه اليهود وما كانوا قد حدّثوا به ـ من جديد.

ولذلك فهم يحترمونه أيما احترام ، ويعدّونه منقذهم ومحيي شريعتهم.(١)

وكان هذا الأمر سببا أن تلقبه جماعة منهم بـ «ابن الله» غير أنّه يستفاد من بعض الرّوايات ـ كما في الإحتجاج للطبرسي ـ أنّهم أطلقوا هذا اللقب احتراما له لا على نحو الحقيقة.

ولكنّنا نقرأ في الرّواية ذاتها أنّ النّبي سألهم بما مؤدّاه (إذا كنتم تجلّون عزيرا وتكرمونه لخدماته العظمى وتطلقون عليه هذا الاسم ، فعلام لا تسمّون موسى وهو أعظم عندكم من عزير بهذا الاسم؟ فلم يجدوا للمسألة جوابا وأطرقوا برؤوسهم)(٢) .

ومهما يكن من أمر فهذه التسمية كانت أكبر من موضوع الإجلال والاحترام في أذهان جماعة منهم ، وما هو مألوف عند العامّة أنّهم يحملون هذا المفهوم على حقيقته ، ويزعمون أنّه ابن الله حقّا ، لأنّه خلصهم من الدمار والضياع ورفع رؤوسهم بكتابة التوراة من جديد.

وبالطبع فهذا الإعتقاد لم يكن سائدا عند جميع اليهود ، إلّا أنّه يستفاد أنّ هذا التصّور أو الإعتقاد كان سائدا عند جماعة منهم ، ولا سيما في عصر النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والدليل على ذلك أنّ أحدا من كتب التاريخ ، لم يذكر بأنّهم عند ما سمعوا الآية آنفة الذكر احتجوا على النّبي أو أنكروا هذا القول «ولو كان لبان».

وممّا قلناه يمكن الإجابة على السؤال التّالي : أنّه ليس بين اليهود في عصرنا الحاضر من يدعي أنّ عزيرا ابن الله ولا من يعتقد بهذا الإعتقاد ، فعلام نسب القرآن هذا القول إليهم؟!

__________________

(١) يراجع في هذا الشأن الميزان ، ج ٩ ، ص ٢٥٣ ، والمنار ، ج ١٠ ، ص ٣٢٢.

(٢) نور الثقلين ، ج ٦ ، ص ٢٠٥ ، حديث طويل نقلنا خلاصته معنا لا نصا ، وإذا أردتم المزيد راجعوا المصدر المذكور.

٧

وتوضيح ذلك ، أنّه لا يلزم أن يكون لجميع اليهود مثل هذا الإعتقاد ، إذ يكفي هذا القدر المسلم به ، وهو أنّه في عصر نزول الآيات على النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في اليهود من يعتقد بهذا الإعتقاد ، والدليل على ذلك كما نوّهنا ، هو أنّه لم ينكر أيّ منهم ذلك على النّبي والشيء الوحيد الذي صدر منهم ـ وفقا لبعض الرّوايات ـ أنّهم قالوا : إنّ هذا اللقب «ابن الله» إنّما هو لاحترام عزير ، وقد عجزوا عن جواب لمّا سألهم وأشكل عليهم : لم لا تجعلون هذا اللقب إذا لنبيّكم موسىعليه‌السلام ؟!

وعلى كل حال فمتى ما نسب قول أو اعتقاد إلى قوم ما ، فلا يلزم أن يكون الجميع قد اتفّقوا على ذلك ، بل يكفي أن يكون فيهم جماعة ملحوظة تذهب إلى ذلك.

٢ ـ لم يكن المسيح ابن الله

لا ريب أن المسيحيين يعتقدون أن عيسى هو الابن الحقيقي لله ، ولا يطلقون هذا الاسم إكراما وتشريفا له ، بل على نحو المعنى الواقعي له ، وهم يصرّحون في كتبهم أن إطلاق هذا الاسم على غير المسيح بالمعنى الواقعي غير جائز ، ولا شك أنّ هذا من بدع النصارى ، والمسيح لم يدّع مثل هذا الادعاء أبدا ، وإنّما كان يقول : بأنّه عبدّ لله ، ولا معنى أساسا لأن ننسب علاقة الأبوة والبنوة الخاصّة بعالم المادة وعالم الممكنات بين الله وعباده أبدا.

٣ ـ اقتباس هذه الخرافات

يقول القرآن المجيد في الآية محل البحث : أنّهم ـ أي اليهود والنصارى ـ يضاهئون ـ أي يشبهون بانحرافاتهم ـ الذين كفروا والمشركين.

وهذا التعبير يشير إلى أنّهم مقلّدون إذ كانوا يعتقدون بأنّ بعض الآلهة هو إله الأب ، وبعضها إله الابن ، وحتى أنّ بعضهم كان يعتقد بأنّ هناك إله الأم ، وإله الزوج ،

٨

وقد لوحظت مثل هذه الأفكار في جذور عقائد المشركين في الهند أو الصين أو مصر القديمة ثمّ تسرّبت إلى اليهود والنصارى.

وفي العصر الحاضر خطر عند بعض المحقّقين أن يوازن ويقارن بين ما في العهدين «التوراة والإنجيل وما يرتبط بهما» وبين عقائد البوذيين والبرهمائيين ، فاستنتجوا أن كثيرا من معارف الإنجيل والتوراة تتطابق مع خرافات البوذيين والبرهمائيين تطابقا ملحوظا ، حتى أنّ بعض الحكايات والقصص الموجودة في الإنجيل هي الحكايات والقصص ذاتها الموجودة في الديانة البوذائية والبرهمائية.

وإذا كان المفكرون توصّلوا اليوم إلى مثل هذه الحقيقة ، فإنّ القرآن أشار إليها قبل أربعة عشر قرنا في الآية محل البحث.

٤ ـ ما هو معنى( قاتَلَهُمُ اللهُ )

جملة وإن كان معناها في الأصل أنّ الله مقاتل إيّاهم وما إلى ذلك ، لكن كما يقول الطبرسي في مجمع البيان نقلا عن ابن عباس ، إن هذه الجملة كناية عن اللعنة أي أنّ الله أبعدهم عن رحمته ، فهو دعاء عليهم.

وفي الآية التالية إشارة إلى شركهم العملي في قبال الشرك الاعتقادي ، أو بعبارة أخرى إشارة إلى شركهم في العبادة ، إذ تقول الآية :( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ) .

«الأحبار» جمع حبر ، ومعناه العالم ، و «الرهبان» جمع راهب وتطلق على من ترك دنياه وسكن الدير وأكبّ على العبادة.

وممّا لا شك فيه أنّ اليهود والنصارى لم يسجدوا لأحبارهم ورهبانهم ، ولم يصلوا ولم يصوموا لهم ، ولم يعبدوهم أبدا ، لكن لما كانوا منقادين لهم بالطاعة دون قيد أو شرط ، بحيث كانوا يعتقدون بوجوب تنفيذ حتى الأحكام المخالفة لحكم

٩

الله من قبلهم ، فالقرآن عبّر عن هذا التقليد الأعمى بالعبادة.

وهذا المعنى وارد في رواية عن الإمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام إذا قالا : «أمّا والله ما صاموا لهم ولا صلّوا ، ولكنّهم أحلّوا لهم حراما وحرّموا عليهم حلالا ، فاتبعوهم وعبدوهم من حيث لا يشعرون».(١)

وفي حديث آخر ، أنّ عديّ بن حاتم قال : وفدت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان في رقبتي صليب من الذّهب ، فقال ليصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عدي ألق هذا الصنم عن رقبتك ، ففعلت ذلك ، ثمّ دنوت منه فسمعته يتلو الآية( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً ) فلمّا أتم الآية قلت له : نحن لا نتّخذ أئمتنا أربابا أبدا ، فقال : «ألم يحرموا حلال الله ويحلّوا حرامه فتتبعوهم؟ فقلت : بلى ، فقال : فهذه عبادتهم».(٢)

والدليل على هذا الموضوع واضح ، لأنّ التقنين خاص بالله ، وليس لأحد سواه أن يحل أو يحرم للناس ، أو يجعل قانونا ، والشيء الوحيد الذي يستطيع الإنسان أن يفعله هو اكتشاف قوانين الله وتطبيقها على مصاديقها.

فبناء على ذلك لو أقدم أحد على وضع قانون يخالف قانون الله ، وقبله إنسان آخر دون قيد أو اعتراض او استفسار فقد عبد غير الله ، وهذا بنفسه نوع من أنواع الشرك العملي ، وبتعبير آخر : هو عبادة غير الله.

ويظهر من القرائن أنّ اليهود والنصارى يرون مثل هذا الإختيار لزعمائهم ، بحيث لهم أن يغيّروا ما يرونه صالحا بحسب نظرهم ، وما يزال بعض المسيحيين يطلب العفو من القسيس فيقول له القسّ ، عفوت عنك! وكان ـ منذ زمن ـ موضوع صكوك الغفران رائجا.

وهناك لطيفة أخرى ينبغي الالتفات إليها ، وهي أنّه لما كانت عبادة المسيحيين لرهبانهم تختلف عن عبادة اليهود لأحبارهم ، فالمسيحيون يرون المسيح ابن الله

__________________

(١) مجمع البيان ، ذيل الآية ونور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢٠٩.

(٢) مجمع البيان ، ذيل الآية.

١٠

واقعا واليهود يطيعون أحبارهم دون قيد أو شرط ، لذا فإنّ الآية أشارت إلى عبادة كل منهما، فقالت :( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) .

ثمّ فصلت المسيح على حدة فقالت :( وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ) .

وهذا التعبير يدلّ على منتهى الدقة في القرآن.

وفي ختام الآية تأكيد على هذه المسألة ، وهي أن جميع هذه العبادات للبشر بدعة ، وهي من العبادات الموضوعة( وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .

درس تعليمي :

إنّ القرآن المجيد يعلّم أتباعه في الآية ـ محل البحث ـ درسا قيّما جدّا ، ويبيّن واحدا من أبرز مفاهيم التوحيد فيها ، إذ يقول : لا يحقّ لأيّ مسلم طاعة إنسان آخر دون قيد أو شرط ، لأنّ هذا الأمر مساو لعبادته ، وجميع الطاعات يحب أن تكون في إطار طاعة الله ، وإنّما يصح اتباع الإنسان نظيره متى كانت قوانينه غير مخالفة لقوانين الله ، أيّا كان ذلك الإنسان وفي أية مكانة أو منزلة. لأنّ الطاعة بلا قيد أو شرط مساوية للعبادة ، أو هي شكل من أشكال الشرك والعبودية ، إلّا أنّه يا للأسف ـ بلي المسلمون ـ لبعد المسافة الزمنية ـ بالابتعاد عن تعاليم هذا الدستور الإسلامي المهم ، وإقامه الأصنام البشرية ، فتفرقوا وتغلب عليهم المستعمرون والمستثمرون ، وإذا لم تتكسر هذه الأصنام البشرية فلا ينبغي أن ننتظر زوال هذه البلايا وسدّ الثغرات.

وأساسا فإنّ هذا النوع من الشرك أو العبادة الوثنية أخطر بكثير من عبادة الأصنام والأحجار في زمان الجاهلية ، والسجود لها ، لأنّ تلك الأصنام والأحجار ليس فيها روح حتى تستعمر عبدتها ، إلّا أنّ الأصنام البشرية وبسبب غرورهم وعدوانهم يجرّون أتباعهم إلى الوبال والذلة والشقاء والانحطاط.

١١

وفي الآية الثّالثة من الآيات محل البحث تشبيه طريف لسعي اليهود والنصارى ، أو سعي جميع مخالفي الإسلام حتى المشركين ، وجدّهم واجتهادهم المستمر «العقيم» الذي لا يعود عليهم بالنفع أبدا ، إذ تقول الآية :( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) .

* * *

ملاحظات

١ ـ شبّه الدين ـ دين الله ـ في هذه الآية وفي القرآن وتعاليم الإسلام بالنور ، ونحن نعرف أن النّور أساس الحياة والحركة والنمو والعمران على الأرض ومنشأ كل جمال.

والإسلام دين يحرّك كل مجتمع إنساني نحو التكامل ، وهو أساس كل خير وبركة.

كما شبّه اجتهاد الكافر بالنفخ بالأفواه وكم هو مثير للضحك أن يحاول الإنسان إطفاء نور عظيم كنور الشمس

بنفخة؟ ولا تعبير أبلغ من تعبير القرآن لتجسيد هذه المحاولات اليائسة ، وفي الواقع فإنّ محاولات مخلوق ضعيف إزاء قدرة الله التي لا نهاية لها ، لا تكون أحسن حالا ممّا ذكرته الآية.

٢ ـ ورد موضوع محاولة إطفاء نور الله في القرآن في موردين : أحدهما في الآية محل البحث ، والآخر في الآية (٨) من سورة الصف ، وفي الآيتين انتقاد للكفار ومحاولات أعداء الله اليائسة ، إلّا أن بين تعبيري الآيتين تفاوتا يسيرا ، إذ جاء التعبير في الآية محل البحث( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا ) إلّا أن الآية (٨) من سورة الصف جاء فيها التعبير( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا ) .

وممّا لا شك فيه أن هذا التفاوت أو الاختلاف اليسير في التعبير القرآني لغاية بلاغية.

١٢

يقول الراغب في مفرداته موضحا الفرق بين( أَنْ يُطْفِؤُا ) و( لِيُطْفِؤُا ) : إنّ الآية الأولى تشير إلى محاولة إطفاء نور الله بدون مقدمات ، أمّا الآية الأخرى فتشير إلى محاولة إطفائه بالتوسل بالأسباب والمقدمات ، فالقرآن يريد أن يقول : سواء توسّلوا بالأسباب أم لم يتوسلوا فلن يفلحوا أبدا ، وعاقبتهم الهزيمة والخسران.

٣ ـ كلمة «يأبى» مأخوذة من الإباء ، ومعناه شدة الامتناع وعدم المطاوعة ، وهذا التعبير يثبت إرادة الله ومشيئته الحتمية لإكمال دينه وازدهاره كما أنّ التعبير مدعاة لاطمئنان جميع المسلمين ، إن كانوا مسلمين حقّا! أنّ مستقبل دينهم لا بأس عليه ، بل هو مؤيد بأمر الله.

المستقبل للإسلام :

الآية الأخيرة من الآيات ـ محل البحث ـ في نهاية المطاف تزف البشرى للمسلمين باستيعاب الإسلام العالم بأسره ، وتكمل ما أشارت إليه ـ آنفا ـ أن أعداء الإسلام لن يفلحوا في محاولاتهم ومناوآتهم بوجه الإسلام أبدا ، وتقول بصراحة :( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) والمقصود من الهدى هو الدلائل الواضحة ، والبراهين اللائحة الجليّة التي وجدت في الدين الإسلامي.

وأمّا المراد من دين الحق ، فهو هذا الدين الذي أصوله حقّة وفروعه حقّة أيضا ، وكل ما فيه من تاريخ وبراهين ونتائج حق ، ولا شك أن الدين الذي محتواه حق ، ودلائله وبراهينه حقّة ، وتأريخه حق جلي ، لا بدّ أن يظهر على جميع الأديان.

وبمرور الزمان وتقدم العلم وسهولة الارتباطات ، فإن الواقع سيكشف وجهه ويطلعه من وراء سدل الإعلام المضللة ، وستزول كل العقبات والموانع والسدود

١٣

التي وضعت في طريق انتشار الإسلام.

وهكذا فإنّ دين الحق سيستوعب كل مكان ، ولا يحول بينه وبين تقدمه شيء أبدا ، لأنّ الحركات المضادة للإسلام حركات مخالفة لسير التأريخ وسنن الخلق.

* * *

بحوث

١ ـ المراد «الهدى ودين الحقّ»

هذا التعبير الوارد في الآية محل البحث :( أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ ) بمثابة الدليل على انتصار الإسلام وظهوره على جميع الأديان ، لأنّه لمّا كان محتوى دعوة النّبي الهداية ، والعقل يدل على ذلك في كل موطن ، ولما كانت أصوله وفروعه موافقة للحق ، ومع الحق ، وتسير في مسير الحق ، ولأجل الحق. فهذا الدين سينتصر على جميع الأديان طبعا.

وقد جاء عن أحد علماء الهند أنّه سبر فكره في مطالعة مختلف الأديان فترة من الزمن، وانتهى أمره إلى اختيار الدين الإسلامي من بين جميع أديان العالم ، ثمّ نشر كتابا بالإنجليزية اسمه «لم أسلمت؟» وبيّن فيه مزايا الدين الإسلامي على غيره من الأديان.

ومن أهم المسائل التي أثارت انتباهه ـ كما يقول ـ أنّ الإسلام هو الدين الوحيد الذي له تأريخ ثابت محفوظ ويتعجّب كيف اختارت أوربا لها دينا ترى إنّ من جاء به أجلّ من الإنسان وتعدّه ربّها ، مع أن هذا الدين ليس له تاريخ دقيق.(١)

إنّ مطالعة آراء الذين اعتنقوا الإسلام دينا جديدا وعزفوا عن دينهم السابق ، تكشف أنّهم كانوا في منتهى البساطة والغفلة والتضليل ، بينما دلتّهم أصول الإسلام

__________________

(١) المنار ، ج ١٠ ، ص ٣٨٩.

١٤

وفروعه ذات الأدلّة المحكمة إلى الدين الإلهي البعيد عن الخرافات كلّها ، والذي يتجلى فيه نور الحق والهداية.

٢ ـ انتصار المنطق أم انتصر القوّة؟

هناك كلام بين المفسّرين في كيفية ظهور الدين الإسلامي على سائر الأديان ، وهذا الظهور أو الإنتصار في أيّ شكل هو؟

قال بعض المفسّرين : هذا الإنتصار انتصار منطقي استدلالي فحسب ، ويقولون بأن هذا الموضوع حاصل فعلا ، لأنّ الإسلام من حيث منطقه ودلائله لا يقاس به دين آخر.

غير أنّ التحقيق في موارد استعمال مادة «الإظهار» في قوله تعالى :( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) يكشف أنّ هذه المادة غالبا ما تستعمل في القدرة الظاهرية والغلبة المادية ، كما جاء في قصّة أصحاب الكهف :( إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ ) (١) وكما نقرأ في شأن المشركين( كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً ) (٢) .

فمن البديهي أنّ الغلبة في مثل هذه الموارد ليست غلبة منطقية ، بل هي غلبة عينية وفعلية ، وعلى كل حال فمن الأفضل والأكثر صحة أن نعتقد بأنّ هذا الظهور والغلب ظهور مطلق ـ من جميع الجوانب ـ لأنّه ينسجم ومفهوم الآية التي هي مطلقة من جميع الجهات أيضا ، فيكون المعنى أنّه سيأتي يوم ينتصر فيه الإسلام انتصارا منطقيا وانتصارا ظاهريا ، في امتداد سيطرته ونفوذه المطلق ، وحكومته العامّة على جميع الأديان ، وسيجعل جميع الأديان تحت شعاعه.

__________________

(١) الكهف ، ٢٠.

(٢) التوبة ، ٨.

١٥

٣ ـ القرآن وظهور المهدي

إنّ الآية ـ محل البحث ـ عينها وبالألفاظ ذاتها ، وردت في سورة الصف ، كما وردت في أخريات سورة الفتح باختلاف يسير.

والآية تخبر عن حدث مهمّ كبير استدعت أهميته هذه أن تتكرر الآية في القرآن ، وهذا الحدث الذي أخبرت عنه الآية هو استيعاب الإسلام للعالم بأسره.

وبالرغم من أن بعض المفسّرين فسر الإنتصار ـ في الآية محل البحث ـ انتصارا في منطقة معينة ومحدودة ، وقد حدث ذلك فعلا في عصر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو ما بعده من العصور للإسلام والمسلمين ، إلّا أنّه مع ملاحظة أن الآية مطلقة لا قيد فيها لا شرط ، فلا دليل على تحديد المعنى ، فمفهوم الآية انتصار الإسلام كليّا ـ ومن جميع الجهات ـ على جميع الأديان ، ومعنى هذا الكلام أنّ الإسلام سيهيمن على الكرة الأرضية عامّة ، وسينتصر على جميع العالم.

ولا شك أن هذا الأمر لم يتحقّق في الوقت الحاضر ، لكنّنا ندري أن هذا وعد من قبل الله حتمي وأنّه سيتحقق تدريجا ، فسرعة انتشار الإسلام وتقدمه في العالم ، والاعتراف الرسمي به من قبل الدول الأوروبية المختلفة ونفوذه السريع في أفريقيا وأمريكا ، وإعلان كثير من العلماء والمفكرين اعتناقهم الإسلام ، كل ذلك يشير إلى أنّ الإسلام أخذ باستيعاب العالم.

إلّا أنّه طبقا للرّوايات المختلفة الواردة في المصادر الإسلامية ، فإنّ هذا الموضوع إنّما يتحقق عند ظهور المهديعليه‌السلام فيجعل الإسلام عالميا.

ينقل العلامة الشيخ الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) الآية محل البحث عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال : «إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي ، فلا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

كما ورد في التّفسير ذاته عن النّبىّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا بر إلّا أدخله الله كلمة الإسلام».

١٦

كما أن الشيخ الصدوق رضوان الله عليه روى عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية ـ في كتابه إكمال الدين ـ أنّه قال : «والله ما نزل تأويلها بعد ، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم ، فإذا خرج القائم لم يبق كافر بالله العظيم».(١)

وهناك أحاديث أخرى بهذا المضمون وردت عن أئمة المسلمينعليهم‌السلام .

كما أنّ جماعة من المفسّرين ذكروا هذا التّفسير في ذيل الآية أيضا.

إلّا أنّ المدهش أن كاتب «المنار» هنا لم يكتف برفض هذا التّفسير المذكور آنفا ، بل ناقش الأحاديث في المهديعليه‌السلام ، وحاول أن ينكر بتعصبه الخاص جميع الأحاديث الواردة في شأنه ، ولم يأل جهدا في التذرع بما لديه من الحجج الواهية ليقول : إنّ هذه الأحاديث لا يمكن قبولها بحال ، ويزعم أنّ الإعتقاد بوجود المهدي من أفكار الشيعة ، ومعتقداتهم ، أو معتقدات من يميل إلى التشيّع.

ثمّ بعد هذا كلّه يرى صاحب «المنار» أنّ الإعتقاد بوجود المهدي مدعاة للتخلف والرّكود!

ومن هنا نرى أنّه لا بدّ أن نعالج ـ ولو باقتضاب ـ الرّوايات الواردة في شأن المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» وآثار هذا الإعتقاد في تقدم المجتمع الإسلامي ، ومواجهة الظلم والفساد ، ليعلم أن التعصب إذا دخل من باب خرج العلم والمعرفة من باب آخر.

ومع أنّ صاحب المنار له باع طويلة في العلوم والمعارف الإسلامية ، إلّا أنّه لنقطة الضعف التي ابتلي بها «التعصب الشديد» يقلب بعض الحقائق الجليّة وينكرها تماما.

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١١.

١٧

الرّوايات الإسلامية في المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف»

بالرّغم من كثرة الكتب المؤلفة من قبل علماء أهل السنة وعلماء الشيعة ، في شأن الأحاديث الواردة في المهديعليه‌السلام ونهضته الإصلاحية ، إلّا أنّنا نعتقد أنّ كل ذلك ليس بأبلغ ولا أوجز في الوقت ذاته ممّا كتبه علماء الحجاز من رسائل ردّا على السائلين في هذا المجال ، لذلك نرى من المناسب أن ننقل مضامين تلك الإجابات ومؤداها للقراء الكرام.

لكنّنا نذكر قبلا ، أنّ الرّوايات الواردة في المهدي «عجل الله فرجه الشريف» من الكثرة بحيث لا يستطيع أي محقق اسلامي ـ من أي مذهب كان ـ أن ينكر تواترها.

وقد كتبت حتى الآن كتب كثيرة في هذا الصدد ، وقد اتفق مؤلّفوها على صحة الأخبار الواردة في المصلح المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» ، إلّا أنّ أفرادا معدودين ـ كأحمد أمين المصري وابن خلدون ـ ومن تبعهما ، يشككون في صدور هذه الأحاديث عن نبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقرائن المتوفرة في أيدينا تدل على أن الباعث على ترددهم لم يكن لضعف في الأخبار ، بل كانوا يرون أن الرّوايات الواردة في المهديعليه‌السلام مشتملة على مسائل لا تكاد تصدّق بسهولة أو أنّهم لم يستطيعوا أن يميّزوا الأحاديث الصحيحة عن غيرها. او لم يجدوا تفسيرا لها.

وعلى كل حال يلزمنا قبل كلّ شيء أن نضع بين يدي القراء الكرام نص السّؤال والجواب الذي نشرته رابطة العالم الإسلامي والتي يقوم عليها أشدّ المتزمتين إفراطا ـ في المذاهب الإسلامية ـ أي الوهابيين ، ليتّضح أنّ مسألة ظهور المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» بين المسلمين تعتقد بها الأغلبية الساحقة منهم ، ونعتقد أن هذه الرسالة على وجازتها جمعت في طيّها الدلائل على ذلك بما ليس لكل أحد أن يتوفر له هذا الجمع ، وإذا كان الوهابيون المتعصبون قد أذعنوا لهذا الأمر ، فللسبب ذاته المشار إليه آنفا في الرسالة.

١٨

فقبل بضعة أعوام وجّه شخص من كينيا ـ يدعى أبا محمّد ـ سؤالا إلى رابطة العالم الإسلامي في شأن المهدي المنتظر «عجّل الله فرجه الشّريف».

فأجابه مدير الرّابطة ، محمّد صالح القزاز ، بردّ يتضمّن تصريحا بأنّ ابن تيميّة يؤمن بالأحاديث الواردة في شأن المهديّ أيضا ، وقد كتب هذه الرسالة خمسة علماء معروفين من أهل الحجاز جوابا على سؤال أبي محمّد الكيني.

وقد ورد في هذه الرسالة بعد ذكر اسم المهديعليه‌السلام ومحل ظهوره «مكّة» ما يلي :

«عند ظهوره يكون العالم مليئا بالفساد والكفر والجور ، فيملأ الله به «المهدي» العالم عدلا كما مليء ظلما وجورا ، وهو آخر الخلفاء الراشدين الاثني عشر الذين أخبر عندهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتب الصحاح.

والأحاديث المتعلقة بالمهديّ نقلها عدّة من أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم : عثمان بن عفان ، علي بن أبي طالب ، طلحة بن عبيد الله ، عبد الرحمن بن عوف ، قرة بن أساس المزني ، عبد الله بن الحارث ، أبو هريرة ، حذيفة بن اليمان ، جابر بن عبد الله ، أبو أمامة ، جابر بن ماجد ، عبد الله بن عمر ، أنس بن مالك ، عمران بن الحصين ، وأم سلمة.

فهؤلاء عشرون راويا صحابيا رووا عن النّبي في المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» وغيرهم كثير أيضا ، وهناك أحاديث كثيرة عن الصحابة أنفسهم ورد فيها الكلام عن ظهور المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» ويمكن أن تضاف هذه الرّوايات إلى الرّوايات الواردة عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ ذلك «أي الكلام في المهدي» لم يكن مسألة اجتهادية ليمكن الاجتهاد فيها ، فبناء على ذلك فإنّ الصحابة قد سمعوا هذا الموضوع من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثمّ تضيف الرسالة :

إن الأحاديث آنفة الذكر المرويّة عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مذكورة في كتب الحديث

١٩

والكتب الإسلامية الأخرى سواء منها السنن أو المعاجم أو المسانيد ، وكذلك شهادات الصحابة وأقوالهم التي هي بمثابة الحديث أيضا ، ومن الكتب التي وردت فيها الأحاديث في المهدي أو أقوال الصحابة هي : سنن أبي داود ، وسنن الترمذي ، وابن ماجه ، وابن عمرو الداني ، ومسند أحمد ، وابو يعلى ، والبزاز ، وصحيح الحاكم ، ومعجما الطبراني «الكبير والمتوسط» والروياني ، والدار قطني ، وأبو نعيم في أخبار المهدي ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ، وابن عساكر في تأريخ دمشق ، وغيرها.

وتضيف الرسالة : إنّ بعض العلماء المسلمين كتبوا في هذا الشأن كتبا خاصّة ، منهم: أبو نعيم في أخبار المهدي ، وابن حجر الهيثمي في «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر» ، والشوكاني ، في «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح» وإدريس العراقي المغربي في كتاب المهدي ، وأبو العباس بن عبد المؤمن المغربي في كتاب «الوهم المكنون في الردّ على ابن خلدون».

وآخر من كتب في هذا الشأن بحثا مطوّلا ، وهو مدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة «في حلقات متعدّدة في مجلة الجامعة المذكورة».

ثمّ تضيف الرسالة أيضا ، إن جماعة من علماء الإسلام قديما وحديثا صرّحوا في كتبهم أن الأحاديث الواردة في المهدي تقرب من التواتر ولا يمكن إنكارها بأيّ وجه ، ومنهم.

السخاوي في «فتح المغيث» ومحمّد بن الحسن السفاويني في «شرح العقيدة» وأبو الحسن الأبري في «مناقب الشافعي» وابن تيمية في «فتاواه» والسيوطي في «الحاوي» وإدريس العراقي في كتابه «المهدي» والشوكاني في كتاب «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر» ومحمّد جعفر الكناني في «نظم التناثر» وأبو العباس بن عبد المؤمن في «الوهم المكنون ...».

وتختم الرسالة بالقول بأن ابن خلدون وحده أنكر الأحاديث في المهدي ،

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: ويذكر الحج، فقال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هو أحد الجهادين، هو جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء، أما إنّه ليس شيء أفضل من الحج إلّا الصلوة، وفي الحج هاهنا صلوة، وليس في الصلوة قبلكم حج، لا تدع الحج وأنت تقدر عليه، أما ترى أنّه يشعث رأسك ويقشف فيه جلدك(١) وتمتنع فيه من النظر إلى النساء، وانا نحن هاهنا ونحن قريب، ولنا مياه متصلة، ما نبلغ الحج حتّى يشق علينا فكيف أنتم في بعد البلاد، وما من ملك ولا سوقة(٢) يصل إلى الحج إلّا بمشقة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردها، وذلك قولهعزوجل :( وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) .

ـفي كتاب علل الشرائع أبي (ره) قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن القاسم الكاهلي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يذكر الحج وذكر مثل ما نقلناه عن الكافي سواء

١٦ ـ في تفسير العيّاشي عن زرارة عن أحد هماعليهما‌السلام قال: سألته عن أبوال الخيل والبغال والحمير؟ قال فكرهها، فقلت: أليس لحمها حلال؟ قال: فقال: أليس قد بين الله لكم:( وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ) وقال في الخيل:( وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً ) فجعل الاكل من الانعام التي قصَّ الله في الكتاب، وجعل للركوب الخيل والبغال والحمير وليس لحومها بحرام ولكن الناس عافوها(٣)

١٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن غير واحد عن أبان عن زرارة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الخيل كانت وحوشا في بلاد العرب، فصعد

__________________

(١) شعث رأسه: تفرق شعره وجلده. والقشف ـ محركة ـ: رثاثة الهيئة وسوء الحال ورجل قشف ـ ككتف ـ: لوحته الشمس أو الفقر فتغير.

(٢) السوقة الرعية يستوي فيه الواحد والجمع والمذكور والمؤنث.

(٣) عاف الرجل الطعام والشراب وغيرها عيفا: كرهه فلم يأكله أو لم يشربه.

٤١

إبراهيم واسمعيلعليهما‌السلام على جبل جياد ثم صاحا: ألآ هلّا(١) قال: فما بقي فرس إلّا أعطاهما بيده، وأمكن من ناصيته.

١٨ ـ عنه عن علي بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيمة.

١٩ ـ عنه عن ابن فضال عن ثعلبة عن معمر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: الخير كله معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيمة.

٢٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبدوس بن أبي عبيدة قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يقول: أول من ركب الخيل اسمعيل، وكانت وحشية لم تركب، فحشرها اللهعزوجل على إسمعيل من جبل منى، وانما سميت الخيل العراب، لان أول من ركبها اسمعيل.

٢١ ـ في كتاب الخصال عن الحسين بن زيد قال: بلغني ان الله تعالى خلق الخيل من أربعة أشياء، من البحر الأعظم المحدق بالدنيا، ومن النار، ومن دموع ملك يقال له إبراهيم، ومن بين طيبة.

٢٢ ـ في كتاب علل الشرائع وباسناده إلى محمد بن يعقوب عن علي بن محمد باسناده رفعه قال: قال عليٌّعليه‌السلام لبعض اليهود وقد سئله عن مسائل: أول من ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل، وأول من ركب البغل ابن آدمعليه‌السلام وذلك كان له ابن يقال له معد، وكان عشوقا للدواب، وأول من ركب الحمار حوا.

٢٣ ـ في كتاب الخصال عن أم الدرداء قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أصبح معافى في جسده آمنا في سربه(٢) عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا، يا ابن آدم يكفيك من الدنيا ما سد جوعتك، ووارى عورتك، فان يكن بيت يكنك فذاك، وان يكن دابة تركبها فبخ بخ، والخير وما الخير وما بعد ذلك حساب عليك

__________________

(١) جياد: جبل بمكة وقيل: إنّ المعروف في كتب اللغة «أجياد» وهلا: رجز للخيل أي أقربي.

(٢) السرب هنا بمعنى الحرم والعيال.

٤٢

أو عذاب.

٢٤ ـ عن نافع بن عبد الحارث قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سعادة المسلم سعة المسكن، والجار الصالح، والمركب الهنيء.

٢٥ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عن جدهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لا أدعهن حتّى الممات: ركوب الحمار مردفا الحديث.

٢٦ ـ وعن الامام الباقرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لست بتاركهن حتّى الممات: ركوبي الحمار موكفا(١) الحديث.

٢٧ ـ عن يعقوب بن سالم رفع الحديث إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يرتدف ثلثة على دابة فان أحدهم ملعون وهو المقدم.

٢٨ ـ عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّهعليهم‌السلام ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما خلق الله خلقا إلّا وقد أمر عليه آخر يغلب به، وذلك ان الله تبارك وتعالى لما خلق البحار في السماء فخرّت وزخرت وقالت: أيّ شيء يغلبني؟ فخلق الله تعالى الفلك فأدارها به وذلّلها، ثمّ إنَّ الأرض فخرت وقالت: أيّ شيء يغلبني؟ فخلق الله تعالى الجبال فأثبتها في ظهرها أوتادا منها من أن تميد بما عليها، فذلت الأرض واستقرت.

٢٩ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: واما «ق» فهو الجبل المحيط بالأرض، وخضرة السماء منه، وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها.

٣٠ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن عليّ ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام باب الله الذي لا يؤتى إلّا منه، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وكذلك يجرى لائمة الهدى واحدا بعد واحد. جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها.

__________________

(١) أي الذي وضع عليها الاكاف وهو برذعة الحمار.

٤٣

الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور العمى عن محمد بن سنان قال: حدّثنا المفضل قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول وذكر كالحديث السابق سواء.

على بن محمد ومحمد بن الحسين عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي قال: حدّثنا سعيد الأعرج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ثم ذكر مثله أيضا.

محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا عن محمد بن الحسن عن علي بن حسان قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي عن أبي الصامت الحلواني عن أبي جعفرعليه‌السلام ثم ذكر مثله أيضا بتغيير يسير، وهذه الأحاديث الاربعة طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

٣١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي هراسة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لو أن الامام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٢ ـ وباسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرضاعليه‌السلام : ولا تخلو الأرض من قائم منا ظاهر أو خاف، ولو خلت يوما بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٣ ـ وبإسناد له آخر إلى أبي هراسة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لو ان الامام رفع من الأرض لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٤ ـ وباسناده إلى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن عليّ عن أبيه علي بن الحسينعليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه: وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها.

٣٥ ـ وباسناده إلى الحسين بن علي بن أبي حمزة الثمالي عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل قال في آخره بعد ان ذكر خلفاءه الاثنى عشر صلوات الله عليه وعليهم: بهم يمسك اللهعزوجل السماء ان تقع على الأرض إلّا باذنه، وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها.

٣٦ ـ وقال الصدوق رضى الله عنه في هذا الكتاب: ويروى في الاخبار الصحيحة عن أئمتناعليهم‌السلام ان من رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو واحدا من الائمةعليهم‌السلام قد

٤٤

دخل مدينة أو قرية في منامه فانه أمن لأهل المدينة أو القرية مما يخافون ويحذرون، وبلوغ لما يأملون ويرجون.

٣٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أبي داود المسترق قال: حدّثنا داود الجصاص قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمةعليهم‌السلام .

٣٨ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أسباط بن سالم قال: سأل الهيثم أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا عنده عن قول اللهعزوجل :( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فقال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النجم، والعلامات الائمة.

٣٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: نحن العلامات والنجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو الورد عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: نحن النجم.

٤١ ـ الهيتى وداود الجصاص عن الصادق، والوشا عن الرضاعليهما‌السلام : النجم رسول الله، والعلامات الائمةعليهم‌السلام .

٤٢ ـ أبو المضا عن الرضاعليه‌السلام قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى: أنت نجم بنى هاشم.

٤٣ ـ وعنه قالعليه‌السلام : أنت أحد العلامات.

٤٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فانه

حدثني أبي عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن معلى بن خنيس عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمةعليهم‌السلام .

٤٥ ـ حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قلت:( النَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد سماه الله في غير موضع، فقال:( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) وقال:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فالعلامات الأوصياء، والنجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥

في مجمع البيان ( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قيل: أراد به الاهتداء في القبلة قال ابن عباس: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: الجدي عليه قبلتكم وبه تهتدون في بر كم وبحر كم.

٤٧ ـ وروى أبو الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله جعل النجوم أمانا لأهل السماء، وجعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض. قال مؤلف هذا الكتاب عفى الله عنه: تأمل في مناسبة حديث أبي الجارود في هذا المقام وموقعه منه.

٤٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمة من بعده عليه وعليهم‌السلام .

٤٩ ـ في تفسير العيّاشي عن المفضل بن صالح عن بعض أصحابه عن أحدهماعليهما‌السلام في قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: هو أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٥٠ ـ عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسنعليه‌السلام في قول الله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: نحن العلامات والنجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥١ ـ عن إسمعيل بن ابى زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: هو الجدي لأنه نجم لا يزول، وعليه بناء القبلة وبه يهتدون أهل البر والبحر.

٥٢ ـ عن إسمعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: ظاهر وباطن، الجدي عليه تبنى القبلة وبه يهتدى أهل البحر والبر، لأنه لا يزول(١) .

٥٣ ـ عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن هذه الآية:( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ )

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره): يعنى معناه الظاهر الجدي والباطن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٦

يبعثون قال:( الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) الاول والثاني والثالث، كذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله: وآلوا عليّا واتبعوه، فعادوا عليّا ولم يوالوه، ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم، فذلك قول الله:( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) قال: وأما قوله:( لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً ) فانه يعنى لا يعبدون شيئا( وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) فانه يعنى وهم يعبدون، وأما قوله:( أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ ) يعنى كفار غير مؤمنين، واما قوله:( وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) فانه يعنى انهم لا يؤمنون، انهم يشركون إلهكم اله أحد فانه كما قال الله واما قوله:( فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) فانه يعنى لا يؤمنون بالرجعة انها حق، واما قوله: قلوبهم منكرة فانه يعنى قلوبهم كافرة واما قوله: وهم مستكبرون فانه يعنى عن ولاية عليّعليه‌السلام مستكبرون، قال الله لمن فعل ذلك وعيد منه( لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ) عن ولاية عليّعليه‌السلام . عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله سواء.

٥٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني جعفر بن أحمد قال: حدّثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن عليّ عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: في قوله:( فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) يعنى انهم لا يؤمنون بالرجعة انها حق( قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ ) يعنى انها كافرة( وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ) يعنى عن ولاية عليّ مستكبرون( لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ) عن ولاية عليّعليه‌السلام ».

٥٥ ـ في تفسير العيّاشي عن مسعدة قال: مر الحسين بن عليّعليهما‌السلام لمساكين قد بسطوا كساء لهم فألقوا كسرا فقالوا: هلم يا بن رسول الله فأكل معهم(١) ثم تلا «ان الله لا يحب المستكبرين».(٢)

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر: «فثنى وركه فأكل معهم» والورك ـ ككتف ـ ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد.

(٢) وتمام الحديث أنّهعليه‌السلام بعد ما أكل معهم، ثم قال: قد أجبتكم فأجيبونى قالوا: نعم يا ابن رسول الله، فقاموا معه حتّى أتوا منزله، فقال للرباب: أخرجى ما كنت تدخرين.

٤٧

٥٦ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: ومن ذهب يرى ان له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين، فقلت: إنّما يرى ان له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال: هيهات هيهات! فلعله ان يكون قد غفر له ما أتى، وأنت موقوف تحاسب؟ أما تلوت قصة سحرة موسى صلوات الله عليه؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٧ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نزل جبرئيلعليه‌السلام هذه الآية هكذا:( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) في على( قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ لِيَحْمِلُوا ) يعنى بنى إسرائيل.

٥٨ ـ عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) في على( قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) سجع أهل الجاهلية في جاهليتهم فذلك قوله:( أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) واما قوله( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ) فانه يعنى ليستكملوا الكفر ليوم القيمة واما قوله:( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يعنى يتحملون كفر الذين يتولونهم، قال الله:( أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ) .

٥٩ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ) يعنى ليستكملوا الكفر يوم القيمة( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يعنى كفر الذين يتولونهم قال الله:( أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ) .

٦٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقال عليّ بن إبراهيم في قوله:( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ) قال: يحملون آثامهم يعنى الذين غصبوا أمير المؤمنين وآثام كل من اقتدى بهم، وهو قول الصادقعليه‌السلام والله ما أهريقت محجمة من دم ولا قرع عصا بعصا ولا غصب فرج حرام ولا أخذ مال من غير حل إلّا ووزر ذلك في أعناقهم(١) من غير ان ينقص من أوزار العاملين شيء.

__________________

(١) وفي نسخة «في أعناقهما» على لفظ التثنية.

٤٨

٦١ ـ حدثني أبي عن ابن ابى عمير عن جميل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال، خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعد ما بويع له بخمسة أيام خطبة، فقال فيها: واعلموا ان لكل حق طالبا، ولكل دم ثائرا، والطالب كقيام الثائر بدمائنا، والحاكم في حق نفسه هو العادل الذي لا يجور، وهو الله الواحد القهار، واعلموا ان على كل شارع بدعة وزره ووزر كل مقتديه من بعده، من غير أن ينقص من أوزار العالمين شيء، وسينتقم الله من الظلمة مأكل بمأكل ومشرب بمشرب، من لقم العلقم ومشارب الصبر الأدهم(١) فليشربوا بالصلب من الراح السم المذاق، وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا، ولهم بكل ما أتوا وعملوا من أفاريق الصبر الأدهم فوق ما أتوا وعملوا، اما إنّه لم يبق إلّا الزمهرير شتائهم، وما لهم من الصيف إلّا رقدة وتحسبهم ما زودوا وحملوا على ظهورهم من الآثام فيا مطايا الخطايا ويا زور الزور، أوزار الآثام مع الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون اسمعوا واعوا وتوبوا وابكوا على أنفسكم فسيعلم الذين ظلموا فاقسم ثم اقسم لتحملنها بنو امية من بعدي وليعرفنها في دارهم عما قليل فلا يبعد الله إلّا من ظلم وعلى البادي يعنى الاول وما سهل لهم من سبل الخطايا مثل أوزارهم، وأوزار كل من عمل بوزرهم إلى يوم القيمة( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ )

٦٢ ـ في مجمع البيان ( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ ) روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: أيما داع دعا إلى الهدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير ان ينقص من أجورهم شيء وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع عليه فان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم.

٦٣ ـ في تفسير العيّاشي عن الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

سمعته يقول:( قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) ولم يعلم الذين آمنوا( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ ) قال محمد بن كليب عن أبيه قال: إنّما شاء.

٦٤ ـ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) قال: كان بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشر.

٦٥ ـ عن أبي السفاتج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام [وعنه بيتهم] من القواعد يعنى بيت

__________________

(١) العلقم: الحنظل وكل شجر مر. والصبر: عصارة شجر مر.

٤٩

مكرهم.

٦٦ ـ عن كليب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) قال: لا فأتى الله بنيانهم من القواعد، وانما كان بيتا.

٦٧ ـ في مجمع البيان وروى عن أهل البيتعليهم‌السلام «فأتى الله بنيانهم من القواعد»

٦٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ) قال: بيت مكر هم أي ماتوا فألقاهم هم الله في النار، وهو مثل لأعداء آل محمدعليهم‌السلام .

٦٩ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وكذلك إتيانه بنيانهم وقالعزوجل ( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) فاتيانهم من القواعد إرسال العذاب.

٧٠ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قام رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقالعليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار، ويوم الأربعاء( فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) (الحديث) وفي عيون الاخبار مثله سواء.

٧١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: ثم يوم القيمة( يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ قالَ: الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) الائمةعليهم‌السلام يقولون لأعدائهم: اين شركاؤكم ومن أطعتموهم في الدنيا.

٧٢ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله:( يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) وقوله:( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وقوله:( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) وقوله:( الذين

٥٠

تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وقوله:( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء، يوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، اما ملك الموت فان الله يوكله بخاصته بمن يشاء من خلقه ويوكل رسله من يشاء من خاصته بمن يشاء من خلقه يدبر الأمور كيف يشاء، وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لأن فيهم القوى والضعيف، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله، إلّا لمن سهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه، وانما يكفيك ان تعلم ان الله المحيي والمميت، وانه يتوفى الأنفس على يد من يشاء من خلقه من ملائكة وغيرهم.

٧٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال أجد الله تعالى يقول:( يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) و( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) و( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ) وما أشبه ذلك، فمرة يجعل الفعل لنفسه، ومرة لملك الموت، ومرة للملائكة، فاما قول اللهعزوجل :( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وقوله:( يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ ) و( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ) و( تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ) و( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته فعله، لأنهم بأمره يعلمون، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه، وهم الذين قال الله فيهم:( اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ) فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة، يصدرون عن أمره، وفعلهم وفعله وكل ما يأتونه منسوب إليه وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت، وفعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ويعطى ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء وان فعل امنائه فعله كما قال:( وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ) .

٧٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادقعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وعن قول اللهعزوجل :( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) وعن قول اللهعزوجل :( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ) و( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وعن قول اللهعزوجل ( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ) وعن قوله

٥١

عزوجل ( وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ ) وقد يموت في الدنيا في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه إلّا اللهعزوجل فكيف هذا؟ فقال: إنّ الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح، بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الانس، يبعثهم في حوائجه فتتوفيهم الملائكة، ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو، ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت.

٧٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : إنّه ليس من أحد من الناس تفارقه روحه جسده حتّى يعلم إلى أي منزلين يصير، إلى الجنة أم إلى النار، أعد وهو الله أو ولى، فان كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة، وشرع طرقها ونظر إلى ما أعد الله له فيها، ففرغ من كل شغل، ووضع عنه كل ثقل، وان كان عدو لله فتحت له أبواب النار وشرع له طرقها، ونظر إلى ما أعد الله له فيها، فاستقبل كل مكروه ونزل كل شرور، كل هذا يكون عند الموت وعنده يكون بيقين، قال الله تعالى:( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ويقول،( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ) ويقول فيهعليه‌السلام أيضا، عليكم بتقوى الله فانها تجمع الخير ولا خير غيرها، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا والآخرة، قال اللهعزوجل :( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الآخرة خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ ) .

٧٦ ـ في تفسير العيّاشي عن ابن مسكان عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ ) قال: الدنيا.

٧٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله: «طيبين» قال: هم المؤمنون الذين طابت مواليدهم.

٥٢

٧٨ ـ وفيه قوله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) قال: في الحيوة الدنيا الرؤيا الحسنة يراها المؤمن، وفي الآخرة عند الموت وهو قوله:( تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ) . قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قد سبق لهذه الآية قريبا بيان غير مرة فليراجع.

٧٩ ـ في تفسير العيّاشي عن خطاب بن مسلمة قال قال أبو جعفرعليه‌السلام : ما بعث الله نبيا قطُّ إلّا بولايتنا والبراءة من عدوّنا، وذلك قول الله في كتابه:( وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً ) منهم( أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) بتكذيبهم آل محمد ثم قال:( فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ ) المكذبين.

٨٠ ـ عن صالح بن ميثم(١) قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله:( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ) قال: ذلك حين يقولعليه‌السلام انا أولى الناس بهذه الآية(٢) .( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) إلى قوله: كاذبين.

٨١ ـ عن سيرين(٣) قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ قال: ما يقول الناس في هذه الآية( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ) ؟ قال: يقولون: لا قيامة ولا بعث ولا نشور، فقال: كذبوا والله إنّما ذلك إذ قام القائم وكر معه المكرون فقال أهل خلافكم: قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم، يقولون رجع فلان وفلان لا والله( لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ) ، ألا ترى أنّه قال:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ) كانت المشركون أشد تعظيما للات والعزى من أن يقسموا بغيرها، فقال الله:( بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ

__________________

(١) وفي المصدر: «عبد الله بن صالح بن ميثم» لكن الظاهر هو المختار.

(٢) وفي المصدر: «قال ذلك بهذه الآية اه».

(٣) واستظهرنا في هامش المصدر ان يكون مصحف السري وهو مشترك بين جمع من أصحاب الصادق (ع) من معلوم الحال وغيره.

٥٣

إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) .

٨٢ ـ عن الفضيل قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : [أعلمنى] آية كتابك، قال: اكتب بعلامة كذا وكذا، وقل آية(١) من القرآن، قلت لفضيل: وما تلك الآية؟ قال: ما حدثت أحدا بها غير بريد، قال زرارة: أنا أحدثك بها:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ) إلى آخر الآية، قال: فسكت الفضيل ولم يقل لا ولا نعم.

٨٣ ـ في روضة الكافي سهل عن محمد عن أبيه عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قوله: تبارك وتعالى:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) قال: فقال لي: يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية؟ قال: قلت: إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله:صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله لا يبعث الموتى، قال: فقال: تبا لمن قال هذا، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى؟ قال: قلت: جعلت فداك فأوجدنيه، قال: فقال: يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله قوما من شيعتنا قباع سيوفهم(٢) على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم، فيبلغ ذلك قوما من عدونا فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبتم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيمة، قال: فحكى الله قولهم فقال:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ) .

٨٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) فانه حدّثني أبي عن بعض رجاله رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما يقول الناس فيها؟ قال: يقولون نزلت في الكفار، قال: إنّ الكفار لا يحلفون بالله وانما نزلت في قوم من امة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قيل لهم: ترجعون بعد الموت قبل القيامة؟ فيحلفون انهم لا يرجعون، فرد الله عليهم فقال:( لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ )

__________________

(١) وفي المنقول عن نسخة البرهان «وقرء آية اه».

(٢) قباع السيف: ما على طرف مقبضه.

٥٤

يعنى في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفى صدور المؤمنين منهم. قال عز من قائل: إنّما أمرنا( لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) .

٨٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى صفوان بن يحيى قال: قلت لأبى الحسنعليه‌السلام : أخبرنى عن الارادة من اللهعزوجل ومن الخلق؟ فقال: الارادة من الله تعالى احداثه الفعل لا غير ذلك، لأنه جل اسمه لا يهم ولا يتفكر.

٨٦ ـ في مجمع البيان: ( لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ) وروى عن عليٍّعليه‌السلام لنثوئنهم بالثاء: والقراءة لنبوئنهم.

٨٧ ـ في بصائر الدرجات الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال: الذكر القرآن، وآل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أهل الذكر وهم المسئولون.

٨٨ ـ في أصول الكافي محمد عن أحمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن حمزة بن الطيار أنّه عرض على أبي عبد الله بعض خطب أبيه حتّى إذا بلغ موضعا منها فقال له: كف واسكت، ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلّا الكف عنه والتثبت والرد على الائمة الهدى، حتّى يحملوكم فيه على القصد ويجلو عنكم فيه العمى، ويعرفوكم فيه الحق، قال الله تعالى:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) .

٨٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الذكر أنا، والائمةعليهم‌السلام أهل الذكر.

٩٠ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن اورمة عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا ـ تَعْلَمُونَ ) قال: أهل الذكر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن المسئولون.

٩١ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال: سألت الرضاعليه‌السلام فقلت جعلت فداك( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فقال: نحن أهل الذكر ونحن المسئولون، فقلت: فأنتم المسئولون ونحن السائلون؟ قال: نعم. قلت: حقا

٥٥

علينا أن نسئلكم؟ قال: نعم، قلت: حقا عليكم ان تجيبونا، قال: [لا] ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) .

٩٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) فرسول الله الذكر: وأهل بيته المسئولون وهم أهل الذكر.

٩٣ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسمعيل عن منصور بن يونس عن أبي بكر الحضرمي قال: كنت عند أبى جعفرعليه‌السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال: جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسئلة ما يحضرني منها مسئلة واحدة قال ولا واحدة يا ورد قال: بلى قد حضرني منها واحدة قال: وما هي؟ قال: قول الله تبارك وتعالى:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) من هم؟ قال: نحن، قال: قلت علينا ان نسألكم، قال: نعم، قلت: عليكم أن تجيبونا؟ قال: ذلك إلينا.

٩٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أنّ مَن عندنا يزعمون ان قول اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) انهم اليهود والنصارى؟ قال: إذا يدعونكم إلى دينهم ثم قال بيده(١) إلى صدره: ونحن أهل الذكر، ونحن المسئولون.

٩٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: سمعته يقول: قال علي بن الحسين: على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم، وعلى شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم اللهعزوجل أن يسألونا قال:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فأمرهم ان يسألونا وليس علينا الجواب، ان شئنا أجبنا وان شئنا أمسكنا.

٩٦ ـ أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبى نصر قال: كتبت إلى الرضاعليه‌السلام كتابا فكان في بعض ما كتبت قال اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )

__________________

(١) أي أشار.

٥٦

وقال اللهعزوجل :( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) فقد فرضت عليهم المسئلة ولم يفرض عليكم الجواب؟ قال: قال الله تبارك وتعالى:( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ إنّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ ) (١) .

٩٧ ـ محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد ابن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد ابن أبى الديلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ونقل حديثا طويلا وفيه يقولعليه‌السلام وقال الله جل ذكره:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال الكتاب الذكر وأهله آل محمدعليهم‌السلام أمر اللهعزوجل بسؤالهم، ولم يؤمروا بسؤال الجهال، وسمى اللهعزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: وأنزلنا عليك( الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) .

٩٨ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس ذكر الرضاعليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضاعليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا، فأول ذلك قولهعزوجل إلى أن قال: واما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله تعالى،( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فنحن أهل الذكر فاسئلونا ان كنتم لا تعلمون، فقالت العلماء: إنّما عنى بذلك اليهود والنصارى، فقال أبو الحسن: سبحان الله وهل يجوز ذلك إذا يدعونا إلى دينهم ويقولون إنّه أفضل من دين الإسلام؟ فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا أبا الحسن؟ فقال: نعم الذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن أهله، وذلك بين في كتاب اللهعزوجل حيث يقول في سورة الطلاق:( فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ ) فالذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و

__________________

(١) قال في الوافي: ولم يفرض عليكم الجواب استفهام استبعاد، كأنه استفهم السر فيه فأجابه الامام بالاية، ولعل المراد أنّه لو كنا نجيبكم عن كل ما سئلتم فربما يكون في بعض ذلك مالا تستجيبونا فيه فتكونون من أهل هذه الآية.

٥٧

نحن أهله، فهذه التاسعة.

٩٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا عبد الله بن محمد عن داود وسليم بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) من المعنون بذلك؟ فقال: نحن والله، فقلت: فأنتم المسئولون؟ قال: نعم، قلت: ونحن السائلون؟ قال: نعم، قلت: فعلينا ان نسألكم؟ قال: نعم، قلت: وعليكم أن تجيبونا؟ قال: ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا تركنا، ثم قال:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) .(١)

١٠٠ ـ في روضة الكافي حدثني عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن حفص المؤذن عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال في رسالة طويلة إلى أصحابه: واعلموا أنّه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأى ولا مقايس، فقد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلا لا يسمع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأى ولا مقايس، أغناهم الله عن ذلك بما أتاهم من علمه، وخصهم به ووضعه عند هم كرامة من الله، أكرمهم بها، وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم وهم الذين من سألهم، وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم، أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدى به إلى الله باذنه إلى جميع سبل الحق، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمه الذين أكرمهم الله به وجعله عندهم إلّا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة، فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر، والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم، وأمر بسؤالهم، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم ومقاييسهم حتّى دخلهم الشيطان، لأنهم جعلوا أهل الإيمان في علم القرآن عند الله كافرين، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين، وحتّى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما، وجعلوا ما حرم الله

__________________

(١) «في بصار الدرجات محمد بن الحسن عن أبي داود عن سليمان بن سعيد عن ثعلبة عن منصور عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (ع): قول الله تبارك وتعالى: «فاسئلوا» وذكر مثل ما في تفسير عليّ بن إبراهيم منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٥٨

في كثير من الأمر حلالا، فذلك أصل ثمرة أهوائهم.

١٠١ ـ وفيها خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام وهي الخطبة الطالوتية قال فيهاعليه‌السلام : إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر، فاذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه؟.

١٠٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب محمد بن مسلم وجابر الجعفي في قوله تعالى:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال الباقرعليه‌السلام : نحن أهل الذكر.

١٠٣ ـ في تفسير العيّاشي عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: كتب إلى إنّما شيعتنا من تابعنا ولم يخالفنا، وإذا خفنا خاف، وإذا امنا أمن، قال الله:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ) الآية فقد فرض عليكم المسئلة والرد إلينا ولم يفرض علينا الجواب.

١٠٤ ـ عن إبراهيم بن عمر عمّن سمع أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ عهد نبي الله صار عند عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، ثمّ صار عند محمّد بن عليٍّ، ثمّ يفعل الله ما يشاء، فالزم هؤلاء فاذا خرج رجل منهم معه ثلثمائة رجل، ومعه راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عامدا إلى المدينة حتّى يمير بالبيداء، فيقول: هذا مكان القوم الذين خسف بهم، وهي الآية التي قال الله:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ ) .

١٠٥ ـ عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام سئل عن قول الله:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ ) قال: هم أعداء الله، وهم يمسخون ويقذفون ويسيخون في الأرض.

١٠٦ ـ في روضة الكافي كلام لعليّ بن الحسينعليه‌السلام في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيهعليه‌السلام : ولا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الدنيا( الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ ) فان الله يقول في محكم كتابه:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ

٥٩

يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ ) فاحذروا ما حذر كم الله بما فعل بالظلمة في كتابه، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في الكتاب، والله لقد وعظكم الله في كتابه بغير كم فان السعيد من وعظ بغيره.

١٠٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ ) يا محمّد وهو استفهام( أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ ) قال: إذا جاؤا وذهبوا في التجارات وفي أعمالهم فيأخذهم في تلك الحالة( أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ ) قال: على تيقظ( فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) ١٠٨ ـ قوله:( أَوَلَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ ) قال: تحويل كل ظل خلقه الله فهو سجود لله لأنه ليس شيء إلّا له ظل يتحرك بتحريكه وتحويله وسجوده.

١٠٩ ـ قوله:( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ) قال: الملائكة ما قدر الله لهم يمرون فيه(١) .

١١٠ ـ في مجمع البيان ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) الآية وقد صح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: إنّ لله ملائكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيمة ترعد فرائصهم من مخافة الله، لا تقطر من دموعهم قطرة إلّا صار ملكا، فاذا كان يوم القيامة رفعوا رؤسهم وقالوا: ما عبدناك حق عبادتك أورده الكلبي في تفسيره.

١١١ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: و( لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إنّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ ) يعنى بذلك ولا تتخذوا إمامين إنّما هو امام واحد. قال عز من قائل:( وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ) .

١١٢ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة إلّا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنى عذابه.

__________________

(١) وفي المصدر: «يأمرون فيه».

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608