الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٨

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل12%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237937 / تحميل: 7592
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٨

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

ليس إلّا.

وجملة( لا يَسْتَطِيعُونَ ) سبب لجملة «لا يملكون» أي : إنّها لا تملك شيئا من الأرزاق لعدم استطاعتها الملك ، فكيف بالخلق!

ثمّ تقول الآية التالية كنتيجة لما قبلها :( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ ) وذلك( إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) .

قال بعض المفسّرين : إنّ عبارة( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ ) تشير إلى منطق المشركين في عصر الجاهلية (ولا يخلو عصرنا الحاضر من أشباه أولئك المشركين) حيث كانوا يقولون: إنّما نعبد الأصنام لأنّنا لا نتملك الأهلية لعبادة الله ، فنعبدها لتقربنا إلى الله! وإنّ الله مثل ملك عظيم لا يصل إليه إلّا الوزراء والخواص ، وما على عوام الناس إلّا أن تتقرب للحاشية والخواص لتصل إلى خدمة الله!!

هذا الانحراف في التوجه والتفكير ، والذي قد يتجسم أحيانا على هيئة أمثال منحرفة، إنّما هو من الخطورة بمكان بحيث يطغى على كل الانحرافات الفكرية.

ولذا يجيبهم القرآن الكريم قائلا :( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ ) التي هي من صنع أفكاركم المحدودة ومن صنع موجودات (ممكنة الوجود) ومليئة بالنواقص.

وإنّكم لو أحطتم علما بعظمة وجوده الكريم وبلطفه ورحمته المطلقة ، لعرفتم أنّه أقرب إليكم من أنفسكم ولما جعلتم بينكم وبينه سبحانه من واسطة أبدا.

فالله الذي دعاكم لأن تدعوه وتناجوه ، وفتح لكم أبواب دعائه ليل نهار ، لا ينبغي أن تشبّهوه بجبار مستكبر لا يتمكن أيّ أحد من الوصول إليه ودخول قصره إلّا بعض الخواص( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ ) .

لقد أكّدنا في بحوثنا السابقة حول صفات اللهعزوجل : أنّ منزلق التشبيه يعتبر من أخطر المزلقات في طريق معرفة صفاته سبحانه وتعالى ، ولا ينبغي مقايسة صفاته سبحانه بصفات العباد ، لأنّ الباري جلت عظمته وجود مطلق ، وكل

٢٦١

الموجودات بما فيها الإنسان محدودة ، فهل يمكن تشبيه المطلق بالمحدود؟! وإذا ما اضطررنا إلى تشبيه ذاته المقدسة بالنّور وما شابه ذلك فينبغي أن لا يغيب عن علمنا بأنّ هذا التشبيه ناقص على أيّة حال ، وأنّه لا يصدق إلّا من جهة واحدة دون بقية الجهات ـ فتأمل.

وبما أنّ أكثر الناس قد غفلوا عن هذه الحقيقة ، وكثيرا ما يقعون في وادي التشبيه الباطل والقياس المرفوض فيبتعدون عن حقيقة التوحيد ، فلذا نجد القرآن الكريم كثيرا ما يؤكّد على هذه المسألة ، فمرّة يقول كما في الآية (٤) من سورة التوحيد ،( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) ، وأخرى كما في الآية (١١) من سورة الشورى :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ، وثالثة كما في الآية مورد البحث :( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ ) .

ولعل عبارة( إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ، في ذيل الآية مورد البحث ، تشير إلى أنّ أغلب الناس في غفلة عن أسرار صفات الله.

* * *

٢٦٢

الآيات

( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧) )

التّفسير

مثلان للمؤمن والكافر!

ضمن التعقيب على الآيات السابقة التي تحدثت عن : الإيمان ، الفكر ، المؤمنين ، الكافرين والمشركين ، تشخص الآيات مورد البحث حال المجموعتين (المؤمنين والكافرين) بضرب مثلين حيين وواضحين.

٢٦٣

يشبه المثال الأوّل المشركين بعبد مملوك لا يستطيع القيام بأية خدمة لمولاه ، ويشبه المؤمنين بإنسان غني ، يستفيد الجميع من إمكانياته( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) .

والعبد ليس له قدرة تكوينية لأنّه أسير بين قبضة مولاه ومحدود الحال في كل شيء ، وليس له قدرة تشريعية أيضا لأنّ حق التصرف بأمواله (إن كان له مال) وكل ما يتعلق به هو بيد مولاه ، وبعبارة أخرى إنّه : عبد للمخلوق ، ولا يعني ذلك إلّا الأسر والمحدودية في كل شيء.

أمّا ما يقابل ذلك فالإنسان المؤمن الذي يتمتع بأنواع المواهب والرزق الحسن :( وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً ) والإنسان الحر مع ما له من إمكانيات واسعة( فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً ) فاحكموا :( هَلْ يَسْتَوُونَ ) .

قطعا ، لا فإذن :( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) .

الله الذي يكون عبده حرّ وقادر ومنفق ، وليس الأصنام التي عبادها أسرى وعديمو القدرة ومحددون( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) (١) .

ثمّ يضرب مثلا آخر لعبدة الأصنام والمؤمنين والصادقين ، فيشبه الأوّل بالعبد الأبكم الذي لا يقدر على شيء ، ويشبه الآخر بإنسان حر يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم :( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ ) (٢) ولهذا( ... أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ ) .

وعلى هذا فيكون له أربع صفات سلبية :

أبكم (لا ينطق ولا يسمع ولا يبصر منذ الولادة).

__________________

(١) المثال المذكور عبارة عن تشبيه للمؤمن والكافر (على ضوء تفسيرنا) ، إلّا أنّ جمعا من المفسّرين ذهب إلى أنّ العبد المملوك يرمز إلى الأصنام ، وأنّ المؤمن الحر المنفق إشارة إلى الله سبحانه وتعالى (ويبدو لنا أنّ هذا التشبيه بعيد).

(٢) يقول الراغب في مفرداته : الأبكم هو الذي يولد أخرس ، فكل أبكم أخرس وليس كل أخرس أبكم ، ويقال: بكم عن الكلام ، إذا أضعف عنه لضعف عقله فصار كالأبكم.

٢٦٤

وعاجز لا يقدر على شيء.

وكلّ على مولاه.

وأينما يوجهه لا يأت بخير.

مع أنّ الصفات المذكورة علة ومعلول لبعضها الآخر ولكنّها ترسم صورة إنسان سلبي مائة في المائة حيث أن وجوده لا ينم عن أي خير أو بركة إضافة لكونه «كلّ» على أهله ومجتمعه.

فـ( هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ؟!

وأمّا الرجل الآخر في مثل الآية فهو صاحب دعوة مستمرّة إلى العدل وسائر على الصراط المستقيم ، وما هاتان الصفتان إلّا مفتاح لصفات أخرى متضمنة لها ، فصاحب هاتين الصفتين : لسانه ناطق ، منطقه محكم ، إرادته قوية ، شجاع وشهم ، لأنّه لا يمكن أن يتصور لداعية العدل أن يكون : أبكم ، جبانا وضعيفا! ولا يمكن أن يكون من هو على صراط مستقيم إنسانا عاجزا أبله وضعيف العقل ، بل ينبغي أن يكون ذكيا ، نبيها ، حكيما وثابتا.

وتظهر المقايسة بين هذين الرجلين ذلك البون الشاسع بين الاتجاهين الفكريين المختلفين لعبدة الأصنام من جهة ، وعباد اللهعزوجل من جهة أخرى ، وما بينهم من تفاوت تربوي وعقائدي.

كما رأينا من ربط القرآن في بحوثه المتعلقة بالتوحيد ومحاربة الشرك مع بحث المعاد ومحكمة القيامة الكبرى ، نراه هنا يتناول الإجابة على إشكالات المشركين فيما يخص المعاد ، فيقول لهم :( لِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) .

وكأن الآية جواب على الإشكال العالق في أذهان وألسنة منكري المعاد الجسماني بقولهم : إنّنا إذا متنا وتبعثرت ذرات أجسامنا بين التراب ، فمن يقدر على جمعها؟! وإذا ما افترضنا أنّ هذه الذرات قد جمعت وعدنا إلى الحياة ، فمن سيعلم بأعمالنا التي طوتها يد النسيان فنحاسب عليها؟!

٢٦٥

وبعبارة مختصرة تجيب الآية على كل أبعاد السؤال ، فاللهعزوجل «يعلم غيب السماوات والأرض» فهو حاضر في كل زمان ومكان ، وعليه فلا يخفى عليه شيء أبدا ، ولا مفهوم لقولهم إطلاقا ، وكل شيء يعلمه تعالى شهودا ، وأمّا تلك العبارات والأحوال فإنّما تناسب وجودنا الناقص لا غير.

ثمّ يضيف قائلا :( وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) (١) .

وهذا المقطع القرآني يشير إلى رد إشكال آخر كان يطرحه منكر والمعاد بقولهم : من له القدرة على المعاد ومن يتمكن من انجاز هذا الأمر العسير؟!

فيجيبهم القرآن ، بأن هذا الأمر يبدو لكم صعبا لأنّكم ضعفاء ، أمّا لصاحب القدرة المطلقة فهو من السهولة والسرعة بحيث يكون أسرع ممّا تتصورون ، وإن هو( إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ ) منكم.

وبعد أن شبّه قيام الساعة بلمح البصر ، قال :( أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) ، أي : إنّ التشبيه بلمح البصر جاء لضيق العبارة واللغة ، وإنّما هو من السرعة بما لا يلحظ فيه الزمان أساسا ، وما ذلك الوصف إلّا لتقريبه لأذهانكم من حيث أنّ لمح البصر هو أقصر زمان في منطقكم.

وعلى أيّة حال ، فالعبارتان إشارة حيّة لقدرة اللهعزوجل المطلقة ، وبخصوص مسألتي المعاد والقيامة ، ولهذا يقول الباري في ذيل الآية :( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

* * *

بحوث

١ ـ الإنسان بين الحرية والأسر

__________________

(١) لمح : (على وزن مسح) بمعنى ظهور البرق ، ثمّ جاءت بمعنى النظر السريع ، وينبغي الانتباه إلى أنّ «أو» هنا بمعنى (بل).

٢٦٦

إنّ مسألة التوحيد والشرك ليست مسألة عقائدية ذهنية صرفة كما يتوهم البعض وذلك لما لها من آثار بالغة على كافة أصعدة الحياة ، بل وأنّ بصماتها لتراها شاخصة على كافة مرافق ومناحي الحياة ـ فالتوحيد إذا دخل قلبا أحياه وغرس فيه عوامل الرّشد والكمال، لأنّه بتوسيع أفق نظر وتفكير الإنسان بشكل يجعله مرتبطا بالمطلق.

والشرك على العكس من ذلك تماما ، حيث يجعل الإنسان يعيش في دوامة عالم محدود ، وتتقاذف كيانه تلك الأصنام الحجرية والخشبية ، أو ميول وشهوات الأصنام البشرية الضعيفة ، فيختزل فكر وإدراك وقدرة وسعي الإنسان في دائرة تلك الأبعاد الضيقة التقاذف.

وقد صورت الآيات تصويرا دقيقا لهذا الواقع ، وجمعته في مثال تقريبا للأذهان وقال : إنّ المشرك في حقيقة أبكم وممارساته تنم عن خطل تفكيره وفقدانه للمنطق السليم ، وقد قيد الشرك إمكانياته فجعله خواء لا يقوى على القيام بأي شيء فانسلخت منه حريته بعد أن أسلم نفسه أسيرا في يد الخرافات والأوهام.

وبسبب هذه الصفات المذمومة فهو كلّ على المجتمع ، لأنّه يستهين بكرامة وعزّة المجتمع من خلال تسليم مقدراته بيد الأصنام أو المستعمرين.

وهو تابع أبدا ما دام لم يتحرر من ربقة الشرك ، ولن يذوق طعم الحرية والاستقلال الحق إلّا بعد أن يتوجه إلى التوحيد بصدق.

ونتيجة لمتبنياته الفكرية الضالة فلن يخترق طريقا إلّا ضاع به ، ولن يجد الخير أينما حط( أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ ) .

فكم هي الفاصلة بين ذلك الخرافي ، ضيق الأفق ، الأسير ، العاجز وبين هذا الحر، الشجاع ، الذي لا يكتفي بنهج خط العدل ، بل يدعو إليه ليعم كل الناس؟!

الشخص الذي يمتلك الفكر المنطقي المنسجم مع نظام التوحيد الحاكم على

٢٦٧

الخليقة يسير دوما على صراط مستقيم ، وهذا السير سيوصله بأقرب وأسرع طريق إلى الهدف المنشود دون أن يفني ذخائر وجوده في طرق الضلال والانحراف.

وخلاصة القول : فالتوحيد والشرك ليسا أمرا عقائديا ذهنيا بحتا ، بل نظام كامل لكل الحياة ، وبرنامج واسع يشمل : فكر ، أخلاق وعواطف الإنسان ويتناول كذلك حياته الفردية ، الاجتماعية ، السياسية ، الاقتصادية والثقافية.

لو وضعنا مقايسة بين عرب الجاهلية المشركين والمسلمين في صدر الإسلام لوجدنا الفرق الواضح بين المسيرين

الأشخاص الذين كانوا في : جهل ، تفرقة ، انحطاط ، ولا يعرفون إلّا محيطا محدودا مملوءا بالفقر والفساد ، نراهم قد أصبحوا وكلهم : وحدة ، علم ، قدرة حتى أصبح العالم المتمدن في ذلك الزمان تحت تأثيرهم وقدرتهم كل ذلك بسبب تغيير سير خطواتهم من الشرك إلى التوحيد.

٢ ـ دور العدل والاستقامة في حياة الإنسان

من الملفت للنظر اشارة الآيات إلى الدعوة للعدل والسير على الصراط المستقيم من بين صفات وشؤون الموحدين ، لتبيان ما لهذين الأمرين من أهمية في خصوص الوصول إلى المجتمع الإنساني السعيد ، وهو ما يتم من خلال امتلاك برنامج صحيح بعيد عن أي انحراف يمينا أو شمالا (لا شرقي ولا غربي) ، ومن ثمّ الدعوة لتنفيذ ذلك البرنامج المبني على أصول العدل ، كما وينبغي أن لا يكون البرنامج وقتيا ينتهي بانقضاء المدّة ، بل كما يقول القرآن :( يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) (حيث يعطي الفعل المضارع معنى الاستمرار) برنامج مستمر ودائمي.

٢٦٨

٣ ـ أمّا الرّوايات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام

الرّوايات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام بخصوص تفسير هذه الآية تذكر أنّ :«الذي يأمر بعدل أمير المؤمنين والأئمّة صلوات الله عليهم».

وذكر بعض المفسّرين : أنّ جملة( مَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) نزلت في : حمزة وعثمان بن مظعون أو في عمار.

و «أبكم» في : أبي بن مخلف وأبي جهل ومن شابههم.

وكل ذلك إنّما هو من جهة بيان مصاديق مهمّة وواضحة للآية ، ولا يمكن بأية حال أن يكون سببا للحصر ، مع ملاحظة أنّ التفاسير التي تناولت الآيات المبحوثة مبينة على أساس بيان الفرق بين المشركين والمؤمنين ، وليس بين الأصنام وبين اللهعزوجل .

* * *

٢٦٩

الآيات

( وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٧٩) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٨٠) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٨٢) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (٨٣) )

التّفسير

أنواع النعم المادية والمعنوية :

يعود القرآن الكريم مرّة أخرى بعرض جملة أخرى من النعم الإلهية كدرس

٢٧٠

في التوحيد ومعرفة الله ، وأوّل ما يشير في هذه الآيات المباركات إلى نعمة العلم والمعرفة ووسائل تحصيله ويقول :( وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً ) .

فمن الطبيعي أنّكم في ذلك المحيط المحدود المظلم تجهلون كل شيء ، ولكن عند ما تنتقلون إلى هذا العالم فليس من الحكمة أن تستمروا على حالة الجهل ، ولهذا فقد زودكم الباري سبحانه بوسائل إدراك الحقائق ومعرفة الموجودات( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ ) . لكي يتحرك حس الشكر للمنعم في أعماقكم من خلال إدراككم لهذه النعم الربانية الجليلة( لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .

* * *

ملاحظات

وهنا نطرح الملاحظات التالية :

١ ـ بداية الإدراك عند الإنسان

تصرّح الآية بوضوح بأنّ الإنسان حين يولد فإنّه لا يدرك من الأشياء شيئا ، وكل ما يدركه إنّما هو بعد الولادة وبواسطة الحواس التي منحه الله إيّاه.

ويواجهنا الإشكال التالي : إنّ الإنسان مزود بجملة من العلوم الفطرية كالتوحيد ومعرفة الله ، بالإضافة إلى بعض البديهيات مثل (عدم اجتماع النقيضين ، الكل أكبر من الجزء ، حسن العدل ، قبح الظلم إلخ) وكل هذه العلوم قد أودعت في قلوبنا وتولدت معنا فكيف يقول القرآن إنّ الإنسان حين يخرج من محيط الجنين ليس له من العلم شيئا؟

وهل علمنا بوجودنا (والذي هو علم حضوري) لم يكن فينا وإنّما نكتسبه عن طريق السمع والبصر والفؤاد؟

وللإجابة على هذا الإشكال ، نقول : إنّ العلوم البديهية والضرورية والفطرية

٢٧١

لم تكن في الإنسان بصورة فعلية حين ولادته ، وإنّما على شكل استعداد ووجود بالقوّة.

وبعبارة أخرى : إنّنا عند الولادة نكون في غفلة عن كل شيء حتى عن أنفسنا التي بين جنبينا ، إلّا أن مسألة إدراك الحقائق تكمن فينا بصورة القوّة لا الفعل ، وبالتدريج تحصل لأعيننا قوّة النظر ولآذاننا قوة السمع ولعقولنا القدرة على الإدراك والتجزئية والتحليل ، فنعم بهذه العطايا الإلهية الثلاث التي بواسطتها نستطيع أن ندرك كثيرا من التصورات ونودعها في العقل لكي ننشئ منها مفاهيم كلية ، ومن ثمّ نصل إلى الحقائق العقلية بطريق (التعميم) و (التجريد).

وتصل قدرتنا الفكرية إلى إدراك أنفسنا (باعتبارها علما حضوريا) ومن ثمّ تتحرر العلوم التي أودعت فينا قوة لتصبح علوما بالفعل ، ونجعل بعد ذلك من العلوم البديهية والضرورية سلّما للوصول إلى العلوم النظرية وغير البديهية.

وعلى هذا فالعموم والكلية التي نطقت بها الآية (من أنّنا لا نعلم شيئا عند الولادة) ليس لها استثناء ولا تخصيص.

٢ ـ نعمة وسائل المعرفة

ممّا لا شك فيه عدم امكانية استيعاب ودخول العالم الخارجي في وجودنا ، والحاصل الفعلي هو رسم صورة الشيء الخارجي المراد في الذهن وبواسطة الوسائل المعينة لذلك ، وعليه فمعرفتنا بالعالم الخارجي تكون عن طريق أجهزة خاصّة منها السمع والبصر.

وتنقل هذه الآلات والأجهزة كل ما تلتقطه من الخارج لتودعه في أذهاننا وعقولنا ، ونقوم بواسطة العقل والفكر بعملية التجزئة والتحليل

ولذلك بيّنت الآية مسألة عدم علم الإنسان المطلق حين الولادة :( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ ) لكي تحصلوا على حقائق الوجود وتدركوها.

٢٧٢

ونشاهد تقديم ذكر السمع على البصر في الآية مع ما للعين من عمل أوسع من السمع ، ولعل ذلك لسبق الأذن في العمل على العين بعد الولادة ، حيث أنّ العين كانت في ظلام دامس (في رحم الأم) ونتيجة لشدّة أشعة النّور (بعد الولادة) فإنّها لا تستطيع العمل مباشرة بسبب حساسيتها ، وإنّما تتدرج في اعتيادها على مواجهة النّور حتى تصل للحالة الطبيعية المعتادة ، ولذا نجد الوليد في بداية أيّامه الأولى مغلق العين. أمّا بخصوص الأذن فثمة من يعتقد بأنّ لها القدرة على السماع (قليلا أو كثيرا) وهي في عالم الأجنّة وأنّها تسمع دقات قلب الأم وتعتاد عليها!

أضف إلى ذلك أنّ الإنسان إنّما يرى بعينه الأشياء الحسيّة فقط ، في حين أن الأذن تعتبر وسيلة للتربية والتعليم في جميع المجالات ، فالإنسان يصل بواسطة سماع الكلمات إلى معرفة جميع الحقائق سواء ما كان منها في دائرة الحس أو ما كان خارجها ، وليس للعين هذه السعة ، وصحيح أنّ الإنسان يمكنه تحصيل العلم بواسطة القراءة ، إلّا أنّ القراءة ليست عامّة لكل الناس وسماع الكلمات أمر عام.

أمّا سبب ورود «السمع» بصيغة المفرد و «الأبصار» بصيغة الجمع ، فقد بيّناه عند تفسيرنا للآية (٧) من سورة البقرة.

وثمّة ملاحظة أخرى ينبغي ذكرها تتعلق بكلمة «الفؤاد» ، فقد جاءت هنا بمعنى القلب (العقل) الذي يعيش حالة التوقد ، وبعبارة أخرى : يعيش حالة التّفسير والتحليل والابتكار.

يقول الراغب في مفرداته : (الفؤاد كالقلب ، لكن يقال له فؤاد إذا اعتبر فيه معنى الفؤاد أي التوقد). ومن المسلّم به أن هذا الموضوع يحصل للإنسان بعد حصوله على تجارب كافية.

وعلى أية حال ، فآلات المعرفة وإن لم تنحصر بهذه الأجهزة الثلاث ، إلّا أنّها أفضل الأجهزة جميعا ، لأنّ علم الإنسان إمّا أن يكون عن طريق التجربة أو عند

٢٧٣

طريق الاستدلالات العقلية ، ولا تجربة بدون السمع والبصر ، ولا استدلالات عقلية من غير الفؤاد (العقل).

٣ ـ لعلكم تشكرون

تعتبر نعمة أجهزة تحصيل العلم من أفضل النعم التي وهبها الله للإنسان ، فلا يقتصر دور العين والأذن (مثلا) على النظر إلى آثار الله في خلقه ، والاستماع إلى أحاديث أنبياء الله وأوليائه ، وتفهم ذلك وتدركه بالتحليل والاستنتاج ، بل إنّ كل خطوة نحو التكامل والتقدم مرتبطة ارتباطا وثيقا بهذه الوسائل الثلاثة.

وغاية إعطاء هذه الوسائل إنّما تستوجب شكر الواهب ، لأنّه من خلالها يمكن الحصول على العلم والمعرفة اللذين بهما امتاز الإنسان عن غيره من الحيوانات.

وممّا لا شك فيه أنّ الإنسان ليقف عاجزا أمام حق شكر المولى وليس له إلّا الاعتذار.

وتستمر الآية التالية في بيان أسرار عظمة اللهعزوجل في علم الوجود ، وتقول :( أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ) .

«الجو» لغة : هو الهواء (كما ذكره الراغب في مفرداته) ، أو ذلك الجزء من الهواء البعيد عن الأرض (كما ورد في تفسير مجمع البيان وتفسير الميزان وكذلك تفسير الآلوسي).

وبما أنّ الأجسام تنجذب إلى الأرض طبيعيا فقد وصف القرآن الكريم حركة الطيور في الهواء بالتسخير ، أي : أنّ الباري سبحانه قد جعل في أجنحة الطيور قوّة ، وفي الهواء خاصية ، تمكنان الطيور من الطيران في الجو على رغم قانون الجاذبية.

ويضيف قائلا :( ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ ) .

صحيح أنّ ثمّة أمور مجتمعة تعطي للطيور إمكانية التحليق والطيران ، مثل :

٢٧٤

الخاصية الطبيعية للأجنحة ، قدرة عضلات الطيور ، هيكل الطير بالإضافة إلى خواص الهواء الملائمة ولكن ، من الذي خلق هذه الهيئة وتلك الخواص؟

ومن الذي أقرّ هذا النظام الدقيق؟

فهل هي الطبيعة العمياء ، أم من يعلم بجميع الخواص الفيزيائية للأجسام وأحاط علمه المطلق بكل هذه الأمور؟؟

فإذا ما رأينا نسبة هذه الأمور إلى الله ، لأنّ منبع وجودها منه تعالى ، وأمثال هذا التعبير في نسبة الأسباب والعلل إلى الله كثيرة في القرآن الكريم.

وفي نهاية الآية ، يأتي قوله عزّ من قائل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) أي إنّهم ينظرون إلى هذه الأمور بعين باصرة وأذن سميعة ويتفكرون فيما يرون ويسمعون ، وبذلك يقوى إيمانهم ويرسخ أكثر فأكثر.

* * *

بحوث

١ ـ أسرار تحليق الطيور في السماء

إنّنا لا نشعر بأهمية الكثير من عجائب عالم الوجود لاعتيادنا على كثرة مشاهدتها ، ولعدم انشغالنا بالتدقيق العلمي عند المشاهدة ، حتى باتت هذه العادة كحجاب يغطي تلك العظمة ، ولو استطاع أيّ منّا رفع ذلك الحجاب عن ذهنه لرأى العجائب الكثيرة من حوله.

وتحليق الطيور في السماء لا تبتعد عن هذه الحقيقة ، فحركة جسم ثقيل بخلاف قانون الجاذبية من دون أية صعوبة ، وارتفاعه بسرعة حتى ليغيب عن أعيننا في لحظات لأمر يدعو إلى التأمل والدراسة.

ولو دققنا النظر في بناء جسم الطائر لوجدنا ذلك الترابط الدقيق بين كل صفاته وحالاته التي تساعده على الطيران ، فهيكله العام مدبب ليقلل من مقاومة

٢٧٥

الهواء على بدنه لأقصى حد ممكن ، وريشه خفيف مجوف ، وصدره مسطح يمكنه من ركوب أمواج الهواء ، وطبيعة أجنحته الخاصّة تمنحه القوة الرافعة(١) التي تساعده على الارتفاع ، وكذلك الطبيعة الخاصّة لذيل الطائر التي تعينه على تغيير اتجاه طيرانه وسرعة التحوّل يمينا وشمالا وأعلى وأسفل (كذيل الطائرة) ، وذلك التناسق الموجود بين النظر وبقية الحواس التي تشترك جميعا في عملية الطيران وكل ذلك يعطي للطائر إمكانية الطيران السريع.

ثمّ إنّ طريقة تناسل الطير (وضع البيض) ، وعملية تربية الجنين ونموه تجري خارج رحم الأم ممّا يرفع عنها حالة الحمل والتي تعيق (بلا شك) عملية الطيران وثمّة أمور كثيرة تعتبر من العوامل المؤثرة فيزيائيا في عملية الطيران.

وكل ما ذكر يكشف عن وجود علم وقدرة فائقين لخالق ومنظم بناء وحركة هذه الكائنات الحية ، وكما يقول القرآن :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .

إنّ عجائب الطيور لأكثر من أن تسطر في كتاب أو عدّة كتب ، فهناك مثلا الطيور المهاجرة وما يكتنف رحلاتها من عجائب ، وحياة هذه الطيور مبنية على التنقل بين أرجاء المعمورة المختلفة حتى أنّها لتقطع المسافة ما بين القطبين الشمالي والجنوبي على طولها ، وتعتمد في تعيين اتجاهات رحلاتها على إشارات رمزية تمكنها من عبور الجبال والأودية والبحار ، ولا يعيق تحركها رداءة الجو أو حلكة الظلام في الليالي التي يتيه فيها حتى الإنسان وبما يملك.

ومن غريب ما يحدث في رجلاتها أنّها : قد تنام أحيانا بين عباب السماء

__________________

(١) «القوة الرافعة» : اصطلاح فيزيائي حديث يستعمل في حقل الطائرات ، وخلاصته : أنّ الجسم إذا كان له سطحين متفاوتين بالاستواء (كجناح الطائرة حيث سطحه الأسفل مستويا والأعلى محدبا) وتحرك أفقيا فستتولد فيه قوة خاصّة ترفعه إلى الأعلى ، تنشأ من ضغط الهواء على سطحه الأسفل والذي يكون أكثر منه على السطح الأعلى ، لأنّ الأسفل مساحته أصغر ، والسطح العلوي أوسع مساحة ، وهذا ما تعتمد عليه حركة الطائرات وإذا ما دققنا النظر في اجنحة الطيور فسنرى هذه الظاهرة بوضوح ـ فتأمل. وعموما ، ينبغي القول : ما بناء الطائرات إلّا تقليد لأجسام الطيور في جوانب مختلفة!

٢٧٦

وهي طائرة! وقد تستغرق بعض رحلاتها عدّة أسابيع دون توقف ليل نهار وبدون أن يتخلل تلك المدّة أية فترة لتناول الطعام! حيث أنّها تناولت الطعام الكافي قبل بدءها حركة الرحيل (بإلهام داخلي) ويتحول ذلك الطعام إلى دهون تدخرها في أطراف بدنها!

وثمّة أسرار كثيرة تتعلق في : بناء الطير لعشه ، تربية أفراخه ، كيفية التحصن من الأعداء ، كيفية تحصيل الغذاء اللازم ، تعاون الطيور فيما بينها بل ومع غير جنسها أيضا ...إلخ ، ولكل ممّا ذكر قصّة طويلة.

نعم ، وكما تقول الآية المباركة :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .

٢ ـ ترابط الآيات :

لا شك أنّ هناك ترابطا بين الآية أعلاه والتي تتحدث عن كيفية طيران الطيور وما قبلها من الآيات يتمثل في الحديث عن نعم اللهعزوجل في عالم الخليقة ، وعن أبعاد عظمته وقدرته سبحانه وتعالى ، ولكن لا يبعد أن يكون ذكر تحليق الطيور بعد ذكر آلات المعرفة يحمل بين طياته إشارة لطيفة في تشبيه تحليق هذه الطيور في العالم المحسوس بتحليق الأفكار في العالم غير المحسوس ، فكلّ منها يحلق في فضائه الخاص وبما لديه من آلات.

يقول الإمام عليعليه‌السلام في خطبته الشقشقية : «ينحدر عنّي السيل ولا يرقى إليّ الطير».

وكذا في كلماتهعليه‌السلام القصار في بيان فضيلة مالك الأشتررحمه‌الله ، ذلك القائد الشجاع: «لا يرتقيه الحافر ، ولا يوفي عليه الطائر»(١) .

وعدّ في هذه السورة خمسين نعمة كلها تدعو إلى معرفة الله جل وعلا وتدفع

__________________

(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم ٤٤٣.

٢٧٧

إلى شكره ، ولذلك ذهب البعض لتسميتها ب (سورة النعم).

وتستمر الآيات في الإشارة إلى النعم الإلهية حتى نصل إلى الآية الثّالثة (مورد البحث) لتقول :( وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً ) .

وحقّا إنّ هذه النعمة المباركة من أهم النعم ، فلولاها لم يمكن التمتع بغيرها.

«البيوت» : جمع بيت ، مأخوذ من (البيتوتة) : وهي في الأصل بمعنى التوقف ليلا ، وأطلقت كلمة (بيت) على الحجرة أو الدار لحصول الاستفادة منهما للسكن ليلا.

ويلزمنا هنا التنويه بالملاحظة التالية : إنّ القرآن الكريم لم يقل : إنّ الله جعل بيوتكم سكنا لكم ، وإنّما ذكر كلمة (من) التبعيضية أوّلا وقال :( مِنْ بُيُوتِكُمْ ) وذلك لدقة كلام الله التامة في التعبير ، حيث أنّ الدار أو الحجرة الواحدة تلحقها مرافق أخرى كالمخزن والحمام وغيرها.

وبعد أن تطرق القرآن الكريم إلى ذكر البيوت الثابتة عرّج على ذكر البيوت المتنقلة فقال :( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً ) (١) .

وهي من الخفة بحيث( تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ ) ـ أي رحيلكم ـ( وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ ) .

بل وجعل لكم :( وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ ) .

وكما هو معلوم فإنّ الشعر الذي يحمله بدن الحيوان بعضه خشن تماما كشعر الماعز ويطلق عليه (شعر) ، وجمعه (أشعار) ، وبعضه الآخر أقل خشونة بقليل وهو (الصوف) وجمعه (أصواف) ، (والوبر) أقل نعومة من الصوف وجمعه (أوبار) ، وبديهي أنّ الاختلاف الحاصل في طبيعته وخشونته يؤدي إلى تنوع الاستفادة

__________________

(١) إنّ صناعة الخيام من الجلود قليلة في عصرنا المعاش ، ولكنّ الآية المباركة أرادت أن تظهر أن هذا النوع من الخيام كان من أفضل الأنواع في تلك الأزمان ، واختص بالذكر دون بقية الأنواع ربما لكونها أكثر مأمنا أمام عواصف الصحراء الحارقة في الحجاز.

٢٧٨

منها ، فمن بعضها تصنع الخيام ، ومن البعض الآخر يصنع اللباس ، ومن الثّالث الفرش وهكذا

أمّا عن المقصود بـ «الأثاث» و «المتاع» في الآية فقد ذكر المفسّرون لذلك جملة احتمالات.

قال بعضهم : «الأثاث» بمعنى الوسائل المنزلية ، وهي في الأصل من (أثّ) بمعنى الكثرة والتجمع ، وأطلقت على الوسائل والأدوات المنزلية لكثرتها عادة.

ويطلق «المتاع» على كل ما يتمتع به الإنسان ويستفيد منه (فالمصطلحان إشارة إلى شيء واحد من جهتين مختلفتين).

ومع ملاحظة ما ذكر فاستعمال المصطلحين على التوالي يمكن أن يشير إلى هذا المعنى: إنّكم تستطيعون أن تهيئوا من أصوافها وأوبارها وأشعارها وسائل بيتية كثيرة تتمتعون بها.

واحتمل البعض ومنهم «الفخر الرازي» : «الأناث» بمعنى الأغطية والملابس ، و «المتاع بمعنى الفرش ، إلّا أنّه لم يذكر أيّ دليل لتفسيره.

واحتمل «الآلوسي» في (روح المعاني) : «الأثاث» إشارة إلى الوسائل المنزلية ، و «المتاع» إشارة إلى الوسائل المستخدمة في التجارة.

ويبدو أنّ ما قلناه أوّلا أقرب من الجميع.

وذكرت وجوه عديدة في تفسير( إِلى حِينٍ ) ولكنّ الظاهر من مقصودها هو:استفيدوا من هذه الوسائل في هذا العالم حتى نهاية الحياة فيه ، وهو إشارة إلى عدم خلود الحياة في هذا العالم وما فيه من وسائل ولوازم وأنّ كل ما فيه محدود.

٣ ـ الظلال ، المساكن ، الأغطية :

ويشير القرآن الكريم إلى نعمة أخرى بقوله :( وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً ) .

٢٧٩

«الأكنان» : جمع (كن) بمعنى وسائل التغطية والحفظ ، ولهذا فقد أطلقت على المغارات وأماكن الاختفاء وفي الجبال.

ونرى إطلاق كلمة «الظلال» في الآية لتشمل كل الظلال ، سواء كانت ظلال الأشجار أو المغارات الجبلية أو ظل أي شيء آخر ، باعتبارها إحدى النعم الإلهية (وحقيقة الأمر كذلك) ، فكما يحتاج الإنسان إلى النّور في حياته فكثيرا ما يحتاج إلى الظلل كذلك ، لأنّ النّور إذا ما استمر في اشراقه فسوف تكون الحياة مستحيلة ، ويكفينا أن نلمس ما لظل الكرة الأرضية (والمسمى بالليل) على حياتنا ، وكذلك دور الظلال الأخرى خلال النهار في مختلف الأمكنة والحالات.

وكأن ذكر نعمة «الظلال» و «أكنان الجبال» بعد ذكر نعمة «المسكن» و «الخيام» في الآية السابقة ، للإشارة إلى : أنّ طوائف الناس لا تخرج عن إحدى ثلاثة واحدة تعيش في المدن والقرى وتستفيد من بناء البيوت لسكناها ، وأخرى تعيش الترحال والتنقل فتحمل معها الخيام ، وثالثة أولئك الذين يسافرون وليس معهم مستلزمات المأوى ولم يترك الباري جل شأنه المجموعة الثّالثة تعيش حالة الحيرة من أمرها ، بل في طريقهم الظلال والمغارات لتقيهم.

وقد لا يدرك سكنة المدن ما لوجود المغارات الجبلية من أهمية ، ولكنّ عابري الصحاري والمسافرين العزل والرعاة وكل من حرم من نعمة البيوت الثابتة أو السيارة (مؤقتا أو دائما) عند ما يكونون تحت سطوة حرارة الصيف اللاهبة أو تحت وطأة زمهرير الشتاء القارص ، سيعرفون عندها أهمية تلك المغارات ، وخصوصا كونها باردة في الصيف ودافئة في الشتاء ، وهي ملاذ ينجي من موت قريب ـ في بعض الأحيان ـ للإنسان أو الحيوانات.

وبعد ذكر القرآن الكريم لنعمة الظلال الطبيعية والصناعية ، ينتقل لذكر ملابس الإنسان فيقول :( وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) ، وثمّة ألبسة أخرى تستعمل لحفظ أبدانكم في الحروب( وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ) .

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

« لا، ولكن يعطى انسان انسان » الخبر.

[١٨٧٠٠] ٢ - ورواه أحمد بن عيسى في نوادره: عنه، مثله.

[١٨٧٠١] ٣ - وعن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام ، قال: سألته عن اطعام عشرة مساكين، أو ستين مسكينا، أ يجمع ذلك لإنسان واحد؟ قال: « لا اعطه واحدا واحدا، كما قال الله » قال: قلت: أفيعطيه الرجل قرابته؟ قال: « نعم » الخبر.

[١٨٧٠٢] ٤ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل: هل يطعم المكفر مسكينا واحدا عشرة أيام؟ قال: « لا، يطعم عشرة مساكين كما أمره الله » الخبر.

[١٨٧٠٣] ٥ - الصدوق في المقنع: فإن لم تجد في الكفارة إلا رجلا أو رجلين، فكرر عليهم حتى يستكمل.

١٤ -( باب أنه لا يجزئ اطعام الصغار في الكفارة منفردين، بل صغيرين بكبير، وإن الصغير والكبير والمرأة في الاعطاء سواء)

[١٨٧٠٤] ١ - الصدوق في المقنع: ولا يجوز اطعام الصغير في كفارة اليمين، ولكن صغيرين بكبير.

١٥ -( باب أنه يجوز اعطاء المستضعف من الكفارة مع عدم وجود المؤمن، وعدم جواز اعطاء الناصب)

[١٨٧٠٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦١.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٣٧ ح ١٧٠.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٢ ح ٣٢٦.

٥ - المقنع ص ١٣٦.

الباب ١٤

١ - المقنع ص ١٣٦.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٢ ح ٣٢٦.

٤٢١

سئل: هل يطعم المكفر مسكينا واحدا؟ - إلى أن قال - قيل له: فيطعم الضعفاء من غير أهل الولاية؟ قال: ( نعم، وان )(١) أهل الولاية أحب إلي إن وجدهم، فإن لم يجد منهم أحدا فالمستضعفين، فإن لم يجد الا ناصبا(٢) فلا يعطه، ودرهم يدفعه إلى مؤمن أفضل عند الله من ألف درهم يدفعها إلى غير مؤمن، وقد قال الله عز وجل:( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ‌ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ ) (٣) ».

[١٨٧٠٦] ٢ - العياشي في تفسيره: عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسنعليه‌السلام - في حديث في الكفارة - قال: قلت: فيعطي الرجل قرابته إذا كانوا محتاجين؟ قال: « نعم » قلت: فيعطيها إذا كانوا ضعفاء من غير أهل الولاية؟ فقال: « نعم، وأهل الولاية أحب إلي ».

[١٨٧٠٧] ٣ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيمعليه‌السلام ، عن اطعام عشرة مساكين - إلى أن قال - قلت: فيعطيهم ضعفاء من غير أهل الولاية؟ قال: « نعم، وأهل الولاء أحب إلي ».

١٦ -( باب كفارة من حلف بالبراءة من الله ورسوله فحنث)

[١٨٧٠٨] ١ - الصدوق في المقنع: وإن قال رجل: إن كلم ذا قرابة له، فعليه المشي إلى بيت الله، وكلما يملكه في سبيل الله، وهو برئ من دين

__________________

(١) في المصدر: لا.

(٢) في الطبعة الحجرية: أباضيا، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) المجادلة ٥٨: ٢٢.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٣٦ ح ١٦٦.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦١.

الباب ١٦

١ - المقنع ص ١٣٦.

٤٢٢

محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنه يصوم ثلاثة أيام، ويتصدق على عشرة مساكين.

١٧ -( باب كفارة الوطئ في الحيض، وتزويج المرأة في عدتها)

[١٨٧٠٩] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا وقع الرجل على امرأته وهي حائض، فإن عليه أن يتصدق على مسكين بقدر شبعه.

[١٨٧١٠] ٢ - وروي: ان جامعها في أول الحيض، فعليه أن يتصدق بدينار، وإن كان في وسطه فنصف دينار، وإن كان في آخره فربع دينار.

وباقي الاخبار تقدم في كتاب الحيض(١) .

١٨ -( باب كفارة خلف النذر)

[١٨٧١١] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن عبد الملك بن عمر، وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من جعل لله عليه أن لا يركب محرما سماه فركبه - قال: ولا اعلمه الا قال: - فليعتق رقبة، أو ليصم شهرين متتابعين، أو ليطعم ستين مسكينا ».

[١٨٧١٢] ٢ - الصدوق في المقنع، والنذر على وجهين - إلى أن قال - فإن خالف لزمته الكفارة صيام شهرين متتابعين، وقد روي: كفارة يمين.

[١٨٧١٣] ٣ - وفي الهداية: مثله.

__________________

الباب ١٧

١ - المقنع ص ١٦.

٢ - المصدر السابق ص ١٦.

(١) تقدم في الباب ٢٣ و ٢٤ من أبواب الحيض.

الباب ١٨

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

٣ - المقنع ص ١٣٧.

٣ - الهداية ص ٧٣.

٤٢٣

[١٨٧١٤] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا في معصية فكفارته كفارة يمين ».

١٩ -( باب أن من وجب عليه شهران متتابعان، فأفطر لمرض أو حيض، لم يبطل التتابع، ولم يجب الاستئناف)

[١٨٧١٥] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل عليه صوم شهرين متتابعين، فيصوم ثم يمرض، هل يعتد به؟ قال: « نعم، أمر الله حبسه » قلت: امرأة نذرت صوم شهرين متتابعين، قال: « تصومه وتستأنف أيامها التي قعدت، حتى تتم الشهرين » قلت: أرأيت إن هي يئست من المحيض، تقضيه؟(١) قال: « لا، يجزيها الأول ».

[١٨٧١٦] ٢ - وعن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، أن امرأة جعلت عليها صوم شهرين متتابعين، فتحيض، قال: « تصوم ما حاضت، فهو يجزؤها ».

٢٠ -( باب أنه يجزئ في الكفارة عتق أم الولد)

[١٨٧١٧] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى

__________________

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٩ ح ٢٢٩.

الباب ١٩

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

(١) في المصدر: هل تقضيه.

٢ - المصدر السابق ص ٦٠.

الباب ٢٠

١ - الجعفريات ص ١١٥.

٤٢٤

قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليه‌السلام ، قال: « اليهودي والنصراني وأم الولد، يجوزون في كفارة الظهار، والصغير والكبير ».

[١٨٧١٨] ٢ - دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام ، مثله.

٢١ -( باب أنه لا يجزئ في الكفارة عتق الأعمى والمقعد والمجذوم والمعتوه، ويجزئ الأشل والأعرج والأقطع والأعور)

[١٨٧١٩] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يجوز في الرقبة الواجبة أعور ولا مجنون، ولا كل ذي عيب فاسد ».

[١٨٧٢٠] ٢ - دعائم الاسلام: عنه مثله، إلا أنه لم يذكر الأعور.

٢٢ -( باب وجوب كفارة الجمع بقتل المؤمن عمدا عدوانا)

[١٨٧٢١] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن فضالة بن أيوب، والقاسم بن محمد، عن أبان، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر قال: قلت له: الرجل يقتل الرجل متعمدا، فقال: « عليه ثلاث كفارات: عتق رقبة، وصوم شهرين متتابعين، واطعام ستين مسكينا، وقال: أفتى علي بن الحسينعليهما‌السلام بمثله.

[١٨٧٢٢] ٢ - وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل: رجل مؤمن قتل مؤمنا وهو يعلم أنه مؤمن، غير أنه حمله الغضب

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٧٩ ح ١٠٥٣.

الباب ٢١

١ - الجعفريات ص ١١٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٧٩ ح ١٠٥٣.

الباب ٢٢

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦١.

٢ - المصدر السابق ص ٦١.

٤٢٥

على أن قتله - إلى أن قال - قالعليه‌السلام : « وأعتق رقبة، وصام شهرين متتابعين، وتصدق على ستين مسكينا ».

[١٨٧٢٣] ٣ - العياشي في تفسيره: عن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، له توبة؟  - إلى أن قال - قال: « واعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستين مسكينا، توبة من الله ».

[١٨٧٢٤] ٤ - وعن سماعة قال: ( قلت لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قول الله تبارك وتعالى:( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ ) (١) - إلى أن قال -: قلت: وله توبة؟ قال: « نعم، يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكينا، ويتوب ويتضرع، فأرجو أن يتاب عليه ».

٢٣ -( باب أن من قتل مملوكه أو مملوك غيره عمدا، لزمه أيضا كفارة الجمع)

[١٨٧٢٥] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في رجل قتل مملوكه، قال: « يعجبني أن يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكينا، ثم يكون التوبة بعد ذلك ».

[١٨٧٢٦] ٢ - العياشي في تفسيره: عن علي بن جعفرعليه‌السلام ، عن

__________________

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦٧ ح ٢٣٩.

٤ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٦٧ ح ٢٣٦.

(١) النساء ٤: ٩٣.

الباب ٢٣

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦١.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦٨.

٤٢٦

أخيه موسىعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل قتل مملوكه، قال: « عليه عتق رقبة، وصوم شهرين متتابعين، واطعام ستين مسكينا، ثم يكون التوبة بعد ذلك ».

٢٤ -( باب أن من ضرب مملوكه ولو بحق، استحب له الكفارة بعتقه)

[١٨٧٢٧] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من ضرب غلاما له حدا لم يأته، أو لطمه، فإن كفارته أن يعتقه ».

[١٨٧٢٨] ٢ - أحمد بن محمد السياري في كتاب القراءات: روي أن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، ضرب غلاما(١) له ثم قال:( قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُ‌وا لِلَّذِينَ لَا يَرْ‌جُونَ أَيَّامَ اللَّـهِ ) (٢) » ووضع السوط من يده، فبكى الغلام، فقال له: « لم تبكي؟ » فقال: لأني عبدك ممن أرجو أيام الله، فقال: « و أنت ترجو أيام الله، ولا أحب أن أملك من يرجو أيام الله، فائت قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقل: اللهم اغفر لعلي خطيئته، وأنت حر لوجه الله ».

٢٥ -( باب أن كفارة الغيبة الاستغفار لمن اغتابه)

[١٨٧٢٩] ١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن محمد بن عمران المرزباني، عن محمد بن أحمد الحكيمي، عن محمد بن إسحاق، عن داود بن المحبر، عن عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، عن خالد بن يزيد اليماني، عن انس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كفارة الاغتياب أن

__________________

الباب ٢٤

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥٥ ح ١٢٤.

٢ - القراءات ص ٥٤.

(١) في المصدر: أراد ضرب غلام.

(٢) الجاثية ٤٥: ١٤.

الباب ٢٥

١ - أمالي المفيد ص ١٧١ ح ٧.

٤٢٧

تستغفر لمن اغتبته ».

٢٦ -( باب كفارة عمل السلطان، وكفارة الافطار في شهر رمضان)

[١٨٧٣٠] ١ - الشيخ المفيد في الروضة: عن عبد الرحمن الهاشمي قال: كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، استأذنته في عمل السلطان، فقال: « لا بأس به، ما لم يغير حكما، ولم يبطل حدا، وكفارته قضاء حوائج إخوانكم ».

٢٧ -( باب كفارة المجالس، وبقية الكفارات، وأحكامها)

[١٨٧٣١] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من ختم مجلسه بهؤلاء الكلمات، إن كان مسيئا كن كفارات لاساءته، وإن كان محسنا ازداد حسنا(١) ، وهي: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ».

[١٨٧٣٢] ٢ - عوالي اللآلي: عن سعيد بن جبير، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إذا قمت من مجلسك تقول: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، اغفر لي وتب علي، وقال: انه كفارة المجلس ».

[١٨٧٣٣] ٣ - الشهيد الثاني في منية المريد: روي أن النبي ( صلى الله عليه

__________________

الباب ٢٦

١ - روضة المفيد:

الباب ٢٧

١ - الجعفريات ص ٢٢٦.

(١) في المصدر: إحسانا.

٢ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٦ ح ٦٠.

٣ - منية المريد ص ٩٩.

٤٢٨

وآله ) إذا فرغ من حديثه، وأراد أن يقوم من مجلسه، يقول: « اللهم اغفر لنا ما أخطأنا وما تعمدنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ».

ويقول إذا قام من مجلسه: « سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك( سُبْحَانَ رَ‌بِّكَ رَ‌بِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْ‌سَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَ‌بِّ الْعَالَمِينَ ) (١) ».

[١٨٧٣٤] ٤ - رواه جماعة من فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي بعض الروايات أن الثلاث آيات كفارة المجلس.

٢٨ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الكفارات)

[١٨٧٣٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يجزئ عتق المدبر عن الرقبة الواجبة ».

[١٨٧٣٦] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من مات وعليه صيام شهر، فليطعم عنه وليه مكان كل يوم مسكينا ».

__________________

(١) الصافات ٣٧: ١٨٠ - ١٨٢.

٤ - منية المريد ص ١٠٠.

الباب ٢٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣١٦ ح ١١٩١.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٣١ ح ١٤.

٤٢٩

٤٣٠

أبواب اللعان

١ -( باب كيفيته، وجملة من أحكامه)

[١٨٧٣٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا قذف الرجل امرأته، فإن هو رجع جلد الحد ثمانين، وردت عليه امرأته، وإن أقام على القذف لاعنها، والملاعنة أن يشهد بين يدي الامام أربع شهادات بالله ان لمن الصادقين، يقول: أشهد بالله أني رأيت رجلا في مكان مجلسي منها، أو يقول: أشهد بالله أن هذا الولد ليس مني، يقول ذلك أربع مرات، ويقول في كل مرة: واني فيما قلته لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، يقول: إن كنت لمن الكاذبين في قولي هذا فعلي لعنة الله، ثم تشهد هي كذلك أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين فيما قذفها، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ويؤمن الامام بعد فراغ كل واحد منهما من القول، قال: والسنة أن يجلس الامام للمتلاعنين، ويقيمهما بين يديه، كل أحد منهما مستقبل القبلة ».

[١٨٧٣٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واللعان يقوم الرجل مستقبل القبلة، فيحلف أربع مرات بالله أنه لمن الصادقين فيما رماها به، ثم يقول له الامام: اتق الله اتق الله، فإن لعنة الله شديدة، ثم يقول الرجل: لعنة الله

__________________

أبواب اللعان

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨١ ح ١٠٦٠.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

٤٣١

عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به، ثم تقوم المرأة مستقبلة(١) القبلة، فتحلف أربع مرات بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماها به، ثم يقول الامام: اتقي الله فإن غضب الله شديد، ثم تقول المرأة: غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به، ثم يفرق بينهما، فلا تحل له أبدا ».

[١٨٧٣٩] ٣ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت الصادقعليه‌السلام ، عن قول الله عز وجل:( وَالَّذِينَ يَرْ‌مُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْ‌بَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّـهِ ) (١) قال: « هو الرجل يقذف امرأته، فإذا أقر أنه كذب عليها، جلد الحد ثمانين، وردت إليه امرأته، وإن أبى إلا أن يقص لاعنها، فيبدأ هو فليشهد عليها بما قال لها أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين، وفي الخامسة يلعن نفسه، ويلعنه الامام، إن كان من الكاذبين، فإذا أرادت أن يدرأ عنها العذاب - والعذاب: الرجم - شهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين، والخامسة يقول لها الامام أن تقول: إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإن لم تفعل رجمت، فإن فعلت ردت عنها الرجم وفرق بينهما، ولم تحل له إلى يوم القيامة، ومن قذف ولدها منه فعليه الحد، ولا يرث من الولد، ويرثه أخواله ويرث أمه وترثه، إن كذب نفسه بعد اللعان ورد عليه الولد ولم ترد المرأة ».

[١٨٧٤٠] ٤ - عوالي اللآلي: روي في الحديث: أن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن السحماء(١) ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « البينة،

__________________

(١) في الطبعة الحجرية: مستقبل، وما أثبتناه من المصدر.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

(١) النور ٢٤: ٦.

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤١١ ح ١.

(١) في الحجرية: «السمحاء » وفي المصدر: « شحماء » وما أثبتناه هو الصواب « راجع أسد الغابة ج ٢ ص ٣٩٧ و ٣٩٨ ».

٤٣٢

وإلا حد في ظهرك » فقال: يا رسول الله، يجد أحدنا مع امرأته رجلا، يلتمس البينة! فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « البينة، وإلا حد في ظهرك » فقال: والذي بعثك بالحق، انني لصادق، وسينزل الله ما يبرئ ظهري من الجلد، فنزل قوله تعالى:( وَالَّذِينَ يَرْ‌مُونَ أَزْوَاجَهُمْ ) (٢) الآية.

[١٨٧٤١] ٥ - وفي حديث آخر: أن عويم العجلاني - وقيل عويمر(١) - أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول الله، أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلا، أيقتله فيقتلونه، أم كيف يصنع؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها » فجاء ( بها )(٢) فتلاعنا والآية نزلت في قصة هلال.

٢ -( باب أنه لا يقع اللعان الا بعد الدخول، وحكم الخلوة، فإن قذفها قبل لزمه الحد ولا يفرق بينهما)

[١٨٧٤٢] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يقع اللعان بين الزوجين، حتى يدخل الرجل بامرأته ».

[١٨٧٤٣] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإن قذفها قبل أن يدخل بها، لم يلاعنها ويضرب الحد ».

[١٨٧٤٤] ٣ - وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام (، أنه سئل عن رجل طلق

__________________

(٢) النور ٢٤: ٦.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤١١ ح ٢.

(١) في الحجرية: « عويم » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٣ ح ١٠٦٥.

٢ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٨٣ ح ١٠٦٧.

٣ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٨٤ ح ١٠٧٠.

٤٣٣

امرأته قبل أن يدخل بها، فادعت انها حامل منه(١) ، قال: « إن قامت البينة أنه أرخى عليها سترا ثم أنكر الولد، لاعنها وبانت منه وعليه المهر كاملا، وكذلك اللعان لا يسقط عن الزوج شيئا من المهر، إذا تم وافترقا أو لم يتم وبقيا على حالهما ».

٣ -( باب أن من نكل قبل تمام اللعان، أو أكذب نفسه، من رجل أو امرأة، جلد الحد ولم يفرق بينهما)

[١٨٧٤٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في المتلاعنين: « إن لم يلاعن الرجل بعد أن رمى المرأة عند الوالي جلد الحد، وإن لاعن ولم تلاعن المرأة رجمت » الخبر.

[١٨٧٤٦] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا نكل الرجل في الخامسة فهي امرأته ويجلد الحد، وكذلك المرأة إن نكلت في الخامسة ».

[١٨٧٤٧] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا قذف الرجل امرأته، فإن هو رجع جلد الحد ثمانين، وردت عليه امرأته » الخبر.

٤ -( باب أن من قذف زوجته لم يثبت بينهما لعان حتى يدعي معاينة الزنى، فإن لم يدع لزمه الحد مع عدم البينة ولا لعان، وكذا إذا قذفها غير الزوج من قرابة أو أجنبي)

[١٨٧٤٨] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن سماعة وأبي بصير قالا:

__________________

(١) في الحجرية: « عنه » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٣ ح ١٠٦٨.

٣ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٨١ ح ١٠٦٠.

الباب ٤

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

٤٣٤

قال الصادقعليه‌السلام : « ولا يكون لعان حتى يزعم أنه عاين ».

[١٨٧٤٩] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائه: أن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليهم )، قال في قول الله عز وجل:( وَالَّذِينَ يَرْ‌مُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ ) (١) الآية، قال: « من قذف امرأته فلا لعان بينه وبينها حتى يدعي الرؤية، فيقول: رأيت رجلا بين رجليها يزني بها ».

[١٨٧٥٠] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « اللعان أن يقول الرجل لامرأته عند الوالي: اني رأيت رجلا في مكان مجلسي منها، أو ينتفي من ولدها فيقول: ليس مني، فإذا فعل ذلك تلاعنا عند الوالي ».

[١٨٧٥١] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا افترى الرجل على امرأته وقال: يا زانية، فليس بينهما لعان حتى يدعي الرؤية، أو ينتفي من الحمل أو الولد » الخبر.

٥ -( باب ثبوت اللعان بين الحر والزوجة المملوكة، وبين المملوك والحرة، وبين العبد والأمة، وبين المسلم والذمية، لا بين الحر وأمته)

[١٨٧٥٢] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « يقع اللعان بين الحرة، والمملوكة، واليهودية، والنصرانية ».

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨١ ح ١٠٥٨.

(١) النور ٢٤: ٦.

٣ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٨١ ح ١٠٥٩.

٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٨٣ ح ١٠٦٧.

الباب ٥

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

٤٣٥

[١٨٧٥٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « يلاعن المسلم امرأته الذمية إذا قذفها، وهذا على ظاهر كتاب الله عز وجل، ( لأنه يقول )(١) :( وَالَّذِينَ يَرْ‌مُونَ أَزْوَاجَهُمْ ) (٢) وهذه زوجته ».

[١٨٧٥٤] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « اللعان بين كل زوجين، من حر أو مملوك، ويلاعن الحر المملوكة، والمملوك الحرة، والعبد الأمة ».

[١٨٧٥٥] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مثل ذلك.

[١٨٧٥٦] ٥ - الصدوق في المقنع: والعبد إذا قذف امرأته تلاعنا كما يتلاعن الحر، ويكون اللعان بين الحرة والمملوك، وبين العبد والأمة، وبين المسلم واليهودية والنصرانية.

[١٨٧٥٧] ٦ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « خمس من السناء ليس بينهن وبين أزواجهن لعان: اليهودية تكون تحت المسلم فيقذفها(١) ، والحرة تكون تحت العبد فيقذفها(٢) ، والمجلود في الفرية(٣) لان

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٣ ح ١٠٦٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) النور ٢٤: ٦.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٣ ح ١٠٦٥.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٣ ح ١٠٦٥.

٥ - المقنع ص ١٢٠.

٦ - الجعفريات ص ١١٤.

(١) في المصدر زيادة: « والنصرانية تكون تحت المسلم فيقذفها ».

(٢) في المصدر زيادة: « والأمة تحت الحر فيقذفها ».

(٣) الفرية: القذف، وهو علي ثلاثة أوجه: رمي الرجل الرجل بالزنى، وإذا قال: إن أمه زانية، وإذا دعي لغير أبيه. ( مجمع البحرين ج ١ ص ٣٢٩ ).

٤٣٦

الله جل ذكره يقول:( وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ) (٤) » الخبر.

قلت: الخبر مروي في الخصال(٥) والتهذيب(٦) ، وذكر الشيخ له ولما ماثله وجوها من الحمل، لعدم قابليتها لمعارضة ما تقدم من وجوه.

٦ -( باب أن من أقر بالولد، أو أكذب نفسه بعد اللعان، لم يلزمه الحد، ولم تحل له المرأة، ولحقه الولد فيرثه، ولا يرثه الأب، بل ترثه أمه وأخواله)

[١٨٧٥٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإن تلاعنا وكان قد نفى الولد، أو الحمل إن كانت حاملا، أن يكون منه، ثم ادعاه بعد اللعان، فإن الولد(١) يرثه، ولا يرث هو الولد(٢) بدعواه، بعد أن لاعن عليه ونفاه، وإن كان ذلك قبل التلاعن(٣) ، ضرب الحد، ولحق به الولد، وكانت امرأته بحالها ».

[١٨٧٥٩] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في الملاعنة التي يقذفها زوجها، وينتفي من ولدها، ويتلاعنان ويفارقها، ثم يقول بعد ذلك: الولد ولدي، ويكذب نفسه، قال: « أما المرأة فلا ترجع إليه أبدا، وأما الولد فإنه يرد عليه إذا ادعاه، ولا ادعا(١) ولده، وليس له ميراث، ويرث الابن الأب، ولا يرث الأب الابن، ويكون ميراثه لامه أو لأخواله، ولمن يتسبب بأسبابهم ».

__________________

(٤) النور ٢٤: ٤.

(٥) الخصال ص ٣٠٤ ح ٨٣.

(٦) التهذيب ج ٨ ص ١٩٧ ح ٦٩٣.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦٢.

(١) في المصدر: الابن.

(٢) في المصدر: الابن.

(٣) في المصدر: اللعان.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦٣.

(١) في المصدر: يدع.

٤٣٧

[١٨٧٦٠] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وان ادعى الرجل بعد الملاعنة أنه ولده، لحق به ونسب إليه ».

[١٨٧٦١] ٣ - وروي في خبر آخر أنه: « لا ولا كرامة له، ولا غرو أن لا يرد إليه، فإن مات الأب ورثه الابن، وإن مات الابن لم يرثه أبوه ».

[١٨٧٦٢] ٥ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن الصادقعليه‌السلام - في حديث الملاعنة - أنه قال: « يرثه أخواله، ويرث أمه وترثه، إن كذب نفسه بعد اللعان، ورد عليه الولد، ولم ترد المرأة ».

[١٨٧٦٣] ٦ - الصدوق في المقنع: فإن ( أقر الرجل فيه بعد )(١) الملاعنة نسب إليه، فإن مات الأب ورثه الابن، وإن مات الابن لم يرثه الأب، وميراثه لامه، فإن ماتت أمه فميراثه لأخواله.

٧ -( باب أن من أقر بأحد التوأمين، لم يقبل منه انكار الآخر، وأن اللعان يثبت في العدة)

[١٨٧٦٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا قذف الرجل امرأته ثم طلقها، فإن هو أقر بالكذب جلد الحد، وإن تمادي وكانت في عدتها لاعنها » الخبر.

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

٦ - المنقع ص ١٢٠.

(١) في نسخة: ادعى الرجل الولد بعد.

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٣ ح ١٠٦٨.

٤٣٨

٨ -( باب عدم ثبوت اللعان بقذف الخرساء والصماء والأصم، وثبوت التحريم المؤبد بمجرد القذف)

[١٨٧٦٥] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « خمس من النساء ليس بينهن وبين أزواجهن لعان - إلى أن قال - والخرساء والأخرس ليس بينهما وبين أزواجهما لعان، لان اللعان لا يكون الا باللسان ».

[١٨٧٦٦] ٢ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « الخرساء والأخرس ليس بينهما لعان، لان اللعان لا يكون الا باللسان ».

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إذا قذف الرجل امرأته وهي خرساء، فرق بينهما ».

٩ -( باب أنه لا يثبت اللعان الا بنفي الولد، أو القذف مع دعوى المعاينة، ولا يجوز نفي الولد مع احتماله وإن كانت المرأة متهمة)

[١٨٧٦٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « اللعان أن يقول الرجل لامرأته عند الوالي: رأيت رجلا في مكان مجلسي منها، أو ينتفي من ولدها، فيقول: ليس ( هذا )(١) مني » الخبر.

[١٨٧٦٨] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا افترى الرجل على امرأته

__________________

الباب ٨

١ - الجعفريات ص ١١٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٣ ح ١٠٦٦.

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨١ ح ١٠٥٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٣ ح ١٠٦٧.

٤٣٩

وقال: يا زانية، فليس بينهما لعان، حتى يدعي الرؤية، أو ينتفي من الحمل أو الولد ».

[١٨٧٦٩] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أما اللعان فهو أن يرمي الرجل امرأته بالفجور، وينكر ولدها ».

[١٨٧٧٠] ٤ - عوالي اللآلي: روى عكرمة، عن ابن عباس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لما لاعن بين هلال بن أمية وزوجته قال: « إن أتت به على نعت كذا، فما أراه الا من شريك بن السحماء » قال: فأتت به على النعت المكروه، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لولا الايمان لكان لي ولها شأن ».

[١٨٧٧١] ٥ - وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شئ، ولم تدخل جنته، وأيما رجل نفى نسب ولده وهو ينظر إليه، احتجب الله عنه، وفضحه على رؤوس الخلائق من الأولين والآخرين ».

[١٨٧٧٢] ٦ - وروي أن رجلا أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله، إن امرأتي أتت بولد أسود، فقال: « هل لك من إبل؟ » فقال: نعم، فقال: « ما ألوانها؟ » قال: حمر، فقال: « فهل فيها من أورق؟ » فقال: نعم، فقال: « أنى ذلك؟ » قال: لعل أن يكون عرقا نزع، قال: « فكذلك، لعل أن يكون عرقا نزع ».

١٠ -( باب عدم ثبوت اللعان بقذف المجلود في الفرية)

[١٨٧٧٣] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن عليعليه‌السلام ، أنه

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤١٨ ح ١٨.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤١٨ ح ١٩.

٦ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤١٨ ح ٢٠.

الباب ١٠

١ - الجعفريات ص ١١٤.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496