الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٨

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل12%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237357 / تحميل: 7577
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٨

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (٤٢) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤) )

التّفسير

خلق الإنسان :

بعد ذكر خلق نماذج من مخلوقات الله في الآيات السابقة ، تأتي هذه الآيات لتبيّن أن الهدف الأساسي من إيجاد كل الخليقة إنّما هو خلق الإنسان. وتتطرق الآيات إلى جزئيات عديدة في شأن الخلق ، زاخرة بالمعاني.

وقبل الدخول في بحوث مفصلة حول بعض المسائل التي ذكرت في الآيات المباركات نشرع بتفسير إجمالى

يقول تعالى في البداية :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ) ، «الصلصال» هو التراب اليابس الذي لو اصطدم به شيء أحدث صوتا و «الحمأ المسنون» هو طين متعفن.

( وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ ) .

«السّموم» لغة : الهواء الحارق ، وسمّي بالسموم لأنّه يخترق جميع مسامات بدن الإنسان ، وكذلك يطلق على المادة القاتلة (السم) لأنّها تنفذ في بدن الإنسان وتقتله.

ثمّ يعود القرآن الكريم إلى خلق الإنسان مرّة أخرى فيتعرض إلى كلام الله تعالى مع الملائكة قبل خلق الإنسان :( وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) وهي روح شريفة طاهرة جليلة( فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ ) .

وبعد أن تمّ خلق الإنسان من الجسم والروح المناسبين( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ) .

٦١

ولم يعص هذا الأمر إلّا إبليس :( إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ) .

وهنا سأل الله إبليس :( قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ) .

فأجاب إبليس بعد أن كان غارقا في بحر الغرور المظلم ، وتائها في حب النفس المقتم، وبعد أن غطى حجاب الخسران عقله أجاب بوقاحة( قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ) فأين النّار المضيئة من التراب الأسود المتعفن! وهل لموجود شريف مثلي أن يتواضع ويخضع لموجود أدنى منه! أيّ قانون هذا؟!

ونتيجة للغرور وحب النفس ، فقد جهل أسرار الخليقة ، ونسي بركات التراب الذي هو منبع كل خير وبركة ، والأهم من ذلك كله فقد تجاهل شرافة تلك الروح التي أودعها الرّب في آدم وكنتيجة طبيعية لهذا السلوك المنحرف فقد هوى من ذلك المقام المرموق بعد أن أصبح غير لائق لأن يكون في درجة الملائكة وبين صفوفهم ، فجاء الأمر الإلهي مقرعا :( قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) ، أي أخرج من الجنّة ، أو من السماوات أو اخرج من بين صفوف الملائكة.

واعلم يا إبليس بأنّ غرورك أصبح سببا لكفرك ، وكفرك قد أوجب طردك الأبدي( وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) أي ، إلى يوم القيامة.

وهنا حينما وجد إبليس نفسه مطرودا من الساحة الإلهية ، ساوره إحساس بأنّ خلق الإنسان هو سبب شقائه فاشتعلت نار الحقد والضغينة في قلبه لينتقم لنفسه من أولاد آدمعليه‌السلام .

فبالرغم من أنّ السبب الحقيقي يرجع إلى إبليس نفسه وليس لآدم دخل في ذلك ، إلّا أن غروره وحبّه لنفسه وعناده المستحكم لم يعطياه الفرصة لدرك حقيقة شقاءه ، ولهذا( قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ، ليركز عناده وعداءه!

وقبل الله تعالى طلبه :( قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ) .

ولكن ليس إلى يوم يبعثون كما أراد ، بل( إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) . فما هو

٦٢

يوم الوقت المعلوم؟

قال بعض المفسّرين : هو نهاية هذا العالم وانتهاء التكليف ، لأنّ بعد ذلك (كما يفهم من ظاهر الآيات القرآنية) تحلّ نهاية حياة جميع الكائنات ، ولا يبقى حي إلّا الذات الإلهية المقدسة ، ومن هذا نفهم حصول الموافقة على بعض طلب إبليس.

وقال بعض آخر : هو زمان معين لا يعلمه إلّا الله ، لأنّه لو أظهرهعزوجل لكان لإبليس ذريعة في المزيد من التمرد والمعاصي.

وثمة من قال : إنّه يوم القيامة ، لأنّ إبليس أراد أن يكون حيا إلى ذلك اليوم ليكون بذلك من الخالدين في الحياة ، وإن يوم الوقت المعلوم قد ورد بمعنى يوم القيامة في سورة الواقعة (الآية) ، وهو ما يعزز هذا القول.

ويبدو أن هذا الاحتمال بعيد جدا لأنه يتضمن الموافقة الإلهية على كل طلب إبليس، والحال أن ظاهر الآيات المذكورة لا تعطي هذا المعنى ، فلم تبيّن الآيات أن الله استجاب لطلبه بالكامل ، بل يوم الوقت المعلوم ومن هنا يكون التّفسير الأوّل أكثر توافقا مع روح وظاهر الآية ، وكذلك ينسجم مع بعض الرّوايات عن الإمام الصّادقعليه‌السلام بهذا الخصوص(١) .

وهنا أظهر إبليس نيته الباطنية( قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي ) وكان هذا الإنسان سببا لشقائي( لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ) نعمها المادية( وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) بإلهائهم بتلك النعم.

إلّا أنّه يعلم جيدا بأن وساوسه سوف لن تؤثر في قلوب عباد الله المخلصين ، وأنّهم متحصنون من الوقوع في شباكه ، لأنّ قوة الإيمان ودرجة الإخلاص عندهم بمكان يكفي لدرء الخطر عنهم بتحطيم قيود الشيطان عن أنفسهم ولهذا نراه قد استثنى في طلبه( إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) .

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ١٣ ، الحديث ٤٥.

٦٣

من البديهي أنّ الله سبحانه منزّه عن تضليل خلقه ، إلّا أنّ محاولة إبليس لتبرير ضلاله وتبرئة نفسه جعلته ينسب ذلك إلى الله سبحانه وتعالى. هذا الموقف هو ديدن جميع الأبالسة والشياطين ، فهم يلقون تبعة ذنوبهم على الآخرين أوّلا ومن ثمّ يسعون لتبرير أعمالهم القبيحة بمنطق مغلوط ثانيا ، والمصيبة أن مواقفهم تلك إنّما يواجهون بها ربّ العزة والجبروت ، وكأنّهم لا يعلمون أنّه لا تخفى عليه خافية.

وينبغي ملاحظة أن «المخلصين» جمع مخلص (بفتح اللام) وهو ـ كما بيّناه في تفسير سورة يوسف ـ المؤمن الذي وصل إلى مرحلة عالية من الإيمان والعمل بعد تعلم وتربية ومجاهدة مع النفس ، فيكون ممتنعا من نفوذ وساوس الشيطان وأيّ وسواس آخر.

ثمّ قال تعالى تحقيرا للشيطان وتقوية لقلوب العباد المؤمنين السالكين درب التوحيد الخالص :( قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ ) .

يعني ، يا إبليس ليس لك القدرة على إضلال الناس ، لكن الذين يتبعونك إن هم إلّا المنحرفين عن الصراط المستقيم والمستجيبين لدواعي رغباتهم وميولهم.

وبعبارة أخرى إنّ الإنسان حر الإرادة ، وإنّ إبليس وجنوده لا يقوون على أن يجبروا إنسانا واحدا على السير في طريق الفساد والضلال ، لكنّه الإنسان هو الذي يلبي دعوتهم ويفتح قلبه أمامهم ويأذن لهم في الدخول فيه!

وخلاصة القول : إنّ الوساوس الشيطانية وإن كانت لا تخلو من أثر في تضليل وانحراف الإنسان ، إلّا أنّ القرار الفعلي للانصياع للوساوس أو رفضها يرجع بالكامل إلى الإنسان ، ولا يستطيع الشيطان وجنوده مهما بلغوا من مكر أن يدخلوا قلب إنسان صاحب إرادة موجهة صوب الإيمان المخلص.

وأراد الله سبحانه بهذا القول نزع الخيال الباطل والغرور الساذج من فكر

٦٤

الشيطان من أنّه سيجد سلطة فائقة على الناس وبلا منازع ، يمكنه من خلالها إغواء من يريد.

ثمّ يهدد الله بشدّة أتباع الشيطان :( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) وأن ليس هناك وسيلة للفرار ، والكل سيحاسب في مكان واحد.

( لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) .

هي أبواب للذنوب التي يدخلون جهنم بسببها ، وكل يحاسب بذنبه كما هو الحال في أبواب الجنّة التي هي عبارة عن طاعات وأعمال صالحة ومجاهدة للنفس يدخل بها المؤمنون الجنّة.

* * *

بحوث

١ ـ التكبر والغرور من المهالك العظام :

المستفاد تربويا من قصة إبليس في القرآن هو أن الكبر والغرور من الأسباب الخطيرة في عملية الانهيار والسقوط من المكانة المحترمة الوسيط المرموقة إلى مدارك الدون والخسران.

فكما هو معلوم أنّ إبليس لم يكن من الملائكة (كما تشير إلى ذلك الآية الخمسون من سورة الكهف) إلّا أنّه ارتقى الدرجات العلا ونال شرف العيش بين صفوف الملائكة نتيجة لطاعته السابقة للهعزوجل ، حتى أنّ البعض قال عنه : إنّه كان معلما للملائكة ، ويستفاد من الخطبة القاصعة في (نهج البلاغة) أنّه عبد اللهعزوجل آلاف السنين.

لكن شراك التعصب الأعمى وعبادة هوى النفس المهلك قد أدّيا الى خسرانه كل ذلك في لحظة تكبر وغرور.

بل إنّ حب الذات والغرور والتعصب والتكبر قد جعلته يستمر في موقفه

٦٥

المريض ويوغل قدمه في وحل الإصرار على الإثمّ والسير المتخبط في جادة العناد ، فنسي أو تناسى ما للتوبة والاستغفار من أثر إيجابي ، حتى دعته الحال لأن يشارك كل الظلمة والمذنبين من بني آدم في جرائمهم وذنوبهم بوسوسته لهم وبات عليه أن يتحمل نصيبه من عذاب الجميع يوم الفزع الأكبر.

وليس إبليس فحسب ، بل إنّ التأريخ يحدثنا عن أصحاب النفوس المريضة ممن ركبهم الغرور والكبر فعاثوا في الأرض فسادا بعد أن غطت العصبية رؤاهم ، وحجب الجهل بصيرتهم، وسلكوا طريق الظلم والاستبداد وسادوا على الرقاب بكل جنون فهبطوا إلى أدنى درجات الرذيلة والانحراف عن الطريق القويم.

إنّ هاتين السمتين الأخلاقيتين (التكبر والغرور) في الواقع نار رهيبة محرقة. فكما أن من صرف وطرأ من عمره في بناء وتأنيث دار ، لربّما في لحظات معدودات يتحول إلى هباء منثور بسبب شرارة صغيرة فالتكبر والغرور يفعل فعل النّار في الحطب ولا تنفع معه تلك السنين المعمورة بالطاعة والبناء.

فأيّ درس أنطق من قصة إبليس وأبلغ؟!

إنّ إبليس قد اختلطت عليه معاني الأشياء فراح يضع المعاني حسب تصوراته الخادعة المحدودة ولم يدرك أن النّار ليست أفضل وأشرف من التراب ، والتراب مصدر جميع البركات كالنباتات والحيوانات والمعادن وهو محل حفظ المياه ، وبعبارة اشمل هو منبع وأصل كل الكائنات الحية ، وما عمل النّار إلّا الإحراق وكثيرا ما تكون مخربة ومهلكة.

ويصف أمير المؤمنينعليه‌السلام إبليس بأنّه «عدو لله ، إمام المتعصبين وسلف المستكبرين» ثمّ يقول : «ألا ترون كيف صغّره الله بتكبره ووضعه بترفعه ، فجعله في الدنيا مدحورا وأعد له في الآخرة سعيرا»(١) .

__________________

(١) نهج البلاغة ، من الخطبة ١٩٢.

٦٦

وكما أشرنا سابقا أنّ إبليس كان أوّل من وضع أسس مذهب الجبر الذي ينكره وجدان أي إنسان. حيث أنّ الدافع المهم لأصحاب هذا المذهب تبرئة ساحة المذنبين من أعمالهم المخالفة لشرع الله ، وكما قرأنا في الآيات مورد البحث من أنّ إبليس تذرع بتلك الكذبة الكبيرة لأجل تبرئة نفسه ، وأنّه على حق في إضلاله لبني آدم حين قال :( رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) .

٢ ـ على من يتسلط الشيطان؟

نرى من الضروري أن نكرر القول بأنّ نفوذ الوساوس الشيطانية في قلب الإنسان لا تأتي فجأة أو إجبارا ، وإنما بوجود الرغبة الكافية عند الإنسان بفسح المجال أمام دخول الوساوس إلى دواخله ، وعلى هذا فالشيطان يعلم تماما بأن ليس له سبيل على المخلصين الذين طهّروا أنفسهم في ظل التربية الخالصة من الشوائب والأدران وغسلوا قلوبهم من صدأ الشرك والضلال. وبتعبير القرآن الكريم إنّ رابطة الشيطان مع الضالين هي رابطة التابع والمتبوع وليس رابطة المجبر والمجبور.

٣ ـ أبواب جهنم!

قرأنا في الآيات مورد البحث أن لجهنم سبعة أبواب (وليس بعيدا أن يكون ذكر العدد في هذا المورد للكثرة كما ورد هذا العدد في الآية السابعة والعشرين من سورة لقمان بهذا المعنى أيضا).

ومن الواضح أنّ تعدد أبواب جهنم (كما هو تعدد أبواب الجنّة) لم يكن لتسهيل أمر دخول الواردين نتيجة لكثرتهم ، بل هي إشارة إلى الأسباب والعوامل المتعددة التي تؤدي لدخول الناس في جهنم ، وأنّ لكل من هذه الذنوب باب معين

٦٧

يؤدي إلى مدركه.

ففي نهج البلاغة : «إنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة فتحه الله لخاصّة أوليائه»(١) ، وفي الحديث المعروف : «إن السيوف مقاليد الجنّة» فهذه التعبيرات تبيّن لنا بوضوح ما المقصود من تعدد أبواب الجنّة والنّار.

وثمة نكتة لطيفة في ما روي عن الإمام الباقرعليه‌السلام : «إنّ للجنة ثمانية أبواب»(٢) ،في حين أن الآيات تذكر أن لجهنم سبعة أبواب ، وهذا الاختلاف في العددين إشارة إلى أنّه مع كثرة أبواب العذاب والهلاك إلّا أن أبواب الوصول إلى السعادة والنعيم أكثر ، (وقد تحدثنا عن ذلك في تفسير الآية الثّالثة والعشرين من سورة الرعد).

٤ ـ (الحمأ المسنون) و (روح الله) :

يستفاد من الآيات أن خلق الإنسان تمّ بشيئين متغايرين ، أحدهما في أعلى درجات الشرف والآخر في أدنى الدرجات (بقياس ظاهر القيمة).

فالطين المتعفن خلق منه الجانب المادي منه الإنسان ، في حين جانبه الروحي والمعنوي خلق بشيء سمي (روح الله).

وبديهي أنّ الله سبحانه منزّه عن الجسيمة وليس له روح ، وإنّما أضيف الروح إلى لفظ الجلالة لإضفاء التشريف عليها وللدلالة على أنّها روح ذات شأن جليل قد أودعت في بدن الإنسان ، بالضبط كما تسمّى الكعبة (بيت الله) لجلالة قدرها ، وشهر رمضان المبارك (شهر الله) لبركته.

ولهذا السبب نرى أن الخط التصاعدي الإنسان يتساهى في العلو حتى يصل الى أن لا يرى سوى اللهعزوجل ، وخط تسافله من الانحطاط حتى يركد في

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٧.

(٢) الخصال للشيخ الصدوق ـ باب الثمانية.

٦٨

أدنى مرتبة من الحيوانات( بَلْ هُمْ أَضَلُ ) وهذا البون الشاسع بين الخطين التصاعدي والتنازلي بحد ذاته دليل على الأهمية الاستثنائية لهذا المخلوق.

إنّ شرف مقام الإنسان وتكريمه يأتي من خلال هذا التركيب الخاص ، ولكن ليس بفضل جنبته المادية لأنّه ليس سوى (حمأ مسنون) وإنّما بفضل الروح الإلهية المودعة فيه ، بما تحمل من استعدادات ولياقة لأن تكون منعكسا للأنوار الإلهية ، تلك الأنوار التي استمد منها الإنسان شرف قدره ومقامه ولا سبيل لتكامل الإنسان إلّا ببنائه الروحي ووضع بعده المادي في خدمة طريق التكامل والوصول لساحة رضوانه جل شأنه.

والمستفاد من الآيات المتعلقة بخلق آدم في أوائل سورة البقرة أنّ مسألة سجود الملائكة لآدم ، كان لما أودع فيه من العلم الإلهي الخاص.

وقد أجبنا على سؤال : كيف يصحّ السجود لغير الله؟ وهل أنّ سجود الملائكة كان في حقيقة للهعزوجل لأجل هذا الخلق العجيب؟ أم كان لآدم؟ في تفسير الآيات المتعلقة بخلق آدم سورة البقرة.

٥ ـ ما هو الجان؟

إنّ كلمة (الجن) في الأصل بمعنى : الشيء الذي يستر عن حس الإنسان ، فمثلا نقول (جنّه الليل) أو (فلما جنّ عليه الليل) أي عند ما غطته ستارة الليل السوداء ، ويقال (مجنون) لمن فقد عقله أي ستر ، و (الجنين) للطفل المستور في رحم أمّه ، و (الجنّة) للبستان الذي تغطي أشجاره أرضه ، و (الجنان) للقلب الذي ستر داخل صدر الإنسان، و (الجنّه) للدرع الذي يحمي الإنسان من ضربات الأعداد.

والمستفاد من آيات القرآن أن «الجنّ» نوع من الموجودات العاقلة قد سترت عن حس الإنسان ، وخلقت من النّار ، أو من مارج من نار ، أي من صافي

٦٩

شعلتها ، وإبليس من هذا الصنف.

وقد عبّر بعض العلماء عن الجن بأنّها : نوع من الأرواح العاقلة المجردة من المادة (وواضح أن تجردها ليس كاملا ، فما يخلق من المادة فهو مادي ، ولكن يمكن أن يكون نصف تجرد لأنه لا يدرك بحواسنا ، وبتعبير آخر : إنّه نوع من الجسم اللطيف).

ويستفاد من الآيات القرآنية أيضا أنّ الجن فيهم المؤمن المطيع والكافر العاصي ، وأنّهم مكلفون شرعا ، ومسئولون.

ومن الطبيعي أنّ شرح هذه الأمور ومسألة انسجامها مع العلم الحديث يتطلب منا بحثا مطولا ، وسنتناوله إن شاء الله في تفسير سورة الجن.

وممّا ينبغي الإشارة إليه في هذا الصدد أنّ كلمة «الجان» الواردة في الآيات مورد البحث هي من مادة (الجن) ولكن هل ترمزان إلى معنى واحد؟ فقد ذهب بعض المفسّرين إلى أن الجان نوع خاص من الجن ، ولكننا لا نرى ذلك.

فلو جمعنا الآيات القرآنية الواردة بهذا الشأن مع بعضها البعض لا تضح أن كلا المعنيين واحد ، لأن الآيات القرآنية وضعت «الجن» في قبال الإنسان تارة ، ووضعت «الجان» تارة أخرى.

فمثلا نقرأ في الآية (٨٨) من سورة الإسراء( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُ ) .

وفي بعض الآية (٥٦) من سورة الذاريات( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) .

في حين نقرأ في الآية (١٥) من سورة الرحمن( خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ) .

وفي الآية (٣٩) من نفس السورة( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ ) .

فمن مجموع الآيات أعلاه والآيات القرآنية الأخرى يستفاد بوضوح أن الجنّ والجان لفظان لمعنى واحد ، ولهذا وردت في الآيات السابقة كلمة «الجن»

٧٠

في مقابل الإنسان ، وكذا الحال بالنسبة «للجان».

وينبغي التنويه إلى أن القرآن الكريم قد ذكر «الجان» ويريد به نوعا من الأفاعي كما جاء في قصة موسىعليه‌السلام ( كَأَنَّها جَانٌ ) في سورة القصص ـ ٣١ ، إلّا أنّ ذلك خارج نطاق بحثنا.

٦ ـ القرآن وخلق الإنسان :

شاهدنا في الآيات الأنفة أن القرآن قد تناول مسألة خلق الإنسان بشكل مختصر ومكثف تقريبا ، لأنّ الهدف الأساسي من التناول هو الجانب التربوي في الخلق ، وورد نظير ذلك في أماكن أخرى من القرآن ، كما في سورة السجدة ، والمؤمنون ، وسورة ص ، وغيرها.

وبما أنّ القرآن الكريم ليس كتابا للعلوم الطبيعية بقدر ما هو كتاب حياة الإنسان يرسم له فيه أساليب التربية وأسس التكامل. فلا ينتظره منه أن يتناول جزئيات هذه العلوم من قبيل تفاصيل : النمو ، التشريح ، علم الأجنّة ، علم النبات وما شابه ذلك ، إلّا أنّه لا يمنع من أن يتطرق بإشارات مختصرة إلى قسم من هذه العلوم بما يتناسب مع البحث التربوي المراد طرحه.

بعد هذه المقدمة نشرع بالموضوع من خلال بحثين :

١ ـ التكامل النوعي من الناحية العلمية.

٢ ـ التكامل النوعي وفق المنظور القرآني.

في البدء ، نتناول البحث الأوّل وندرس المسألة وفق المقاييس الخاصة للمعلوم الطبيعية بعيدا عن الآيات والرّوايات :

ثمة فرضيتان مطروحتان في أوساط علماء الطبيعة بشأن خلق الكائنات الحية بما فيها الحيوانات والنباتات :

ألف : فرضية تطوّر الأنواع (ترانسفورميسم) والتي تقول : إنّ الكائنات الحية

٧١

لم تكن في البداية على ما هي عليه الآن ، وإنّما كانت على هيئة موجودات ذات خلية واحدة تعيش في مياه المحيطات ، وظهرت بطفرة خاصة من تعرقات طين أعماق البحار.

أيّ أنّها كانت موجودات عديمة الروح ، وقد تولدت منها أوّل خلية حية نتيجة لظروف خاصّة.

وهذه الكائنات الحية لصغرها لا ترى بالعين المجرّدة وقد مرت بمراحل التكامل التدريجي وتحولت من نوع إلى آخر.

وتمّ انتقالها من البحار إلى الصحاري ومنها إلى الهواء فتكونت بذلك أنواع النباتات والحيوانات المائية والبرية والطيور.

وإن أكمل مرحلة وأتمّ حلقه لهذا التكامل هو الإنسان الذي نراه اليوم ، الذي تحول من موجودات تشبه القرود إلى القرود التي تشبه الإنسان ثمّ وصل إلى صورته الحالية.

ب ـ فرضية ثبوت الأنواع (فيكنسيسم) ، والتي تقول : إنّ أنواع الكائنات الحية منذ بدايتها وما زالت تحمل ذات الأشكال والخواص ، ولم يتغير أيّ من الأنواع إلى نوع آخر، ومن جملتها الإنسان فكان له صورته الخاصّة به منذ بداية خلقه.

وقد كتب علماء كلا الفريقين بحوثا مطولة لإثبات عقيدتهم ، وجرت مناظرات ومنازعات كثيرة في المحافل العلمية حول هذه المسألة ، وقد اشتد النزاع عند ما عرض كل من (لامارك) العالم الفرنسي المعروف المتخصص بعلوم الأحياء والذي عاش بين أؤخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر ، و (داروين) عالم الأحياء الإنكليزي الذي عاش في القرن التاسع عشر نظراتهما في مسألة تطوّر الأنواع بأدلة جديدة.

وممّا ينبغي التنوية إليه ، هو أنّ معظم علماء اليوم يميلون إلى فريضة تطوّر أو

٧٢

تكامل الأنواع هذه خصوصا في محافل العلوم الطبيعية.

أدلة القائلين بالتكامل :

يمكننا تلخيص أدلتهم بثلاثة أقسام :

الأوّل : الأدلة المأخوذة من الهياكل العظيمة المتحجرة للكائنات الحيّة القديمة فإن الدراسات لطبقات الأرض المختلفة (حسب اعتقادهم) تظهر أن الكائنات الحيّة قد تحولت من صور بسيطة إلى أخرى أكمل وأكثر تعقيدا ، ولا يمكن تفسير ما عثر عليه من متحجرات الكائنات الحية إلّا بفرضية التكامل هذه.

الثّاني : مجموع القرائن التي جمعت في (التشريح المقارن).

ويؤكّد هؤلاء العلماء عبر بحوثهم المطولة المفصلة : إنّنا عند ما نشرّح الهياكل العظيمة للحيوانات المختلفة ونقارنها فيما بينها ، نجد أن ثمّة تشابها كبيرا فيما بينها ، ممّا يشير إلى أنّها جاءت من أصل واحد.

الثّالث : مجموع القرائن التي حصل عليها من (علم الأجنّة).

فيقولون : إنّنا لو وضعنا جميع الحيوانات في حالتها الجنينية ـ قبل أن تأخذ شكلها الكامل ـ مع بعضها ، فسنرى أنّ الأجنّة قبل أن تتكامل في رحم أمهاتها أو في داخل البيوض تتشابه إلى حد كبير وهذا ما يؤكّد على أنّها قد جاءت في الأصل من شيء واحد.

أجوبة القائلين بثبوت الأنواع :

إلّا أن القائلين بفرضية ثبوت الأنواع لديهم جواب واحد لجميع أدلة القائلين بالتكامل وهو : أن القرائن المذكورة لا تملك قوّة الإقناع ، والذي لا يمكن إنكاره أن الأدلة الثلاثة توجد في الذهن احتمالا ظنيا لمسألة التكامل ، إلّا أنّها لا تقوى أن تصل إلى حال اليقين أبدا.

٧٣

وبعبارة أوضح : إنّ إثبات فرضية التكامل وانتقالها من صورة فرض علمي إلى قانون علمي قطعي إمّا أن يكون عن طريق الدليل العقلي ، أو عن طريق الحس والتجربة والإختيار ، ولا ثالث لها.

أمّا الأدلة العقلية والفلسفية فليس لها طريق إلى هذه المسائل كما نعلم ، وأما يد التجربة والإختيار فأقصر من أن تمتد إلى مسائل قد امتدت جذورها إلى ملايين السنين.

إنّ ما ندركه بالحس والتجربة لا يتعدى بعض الحالات السطحية ، ولفترة زمنية متباعدة ، على شكل طفرة وراثية (موتاسيون) في كل من الحيوان والنبات.

فمثلا نرى أحيانا في نسل الأغنام العادية ولادة مفاجئة لخروف ذي صوف يختلف عن صوف الخراف العادية ، فيكون أنعم وأكثر لينا من العادية بكثير ، فيكون بداية لظهور نسل جديد يسمّى (أغنام مرينوس).

أو أنّ حيوانات تحصل فيها الطفرة الوارثية فيتغير لون عيونها أو أظفارها أو شكل جلودها وما شابه ذلك لكنّه لم يشاهد لحدّ الآن طفرة تؤدي إلى حصول تغيير مهم في الأعضاء الأصلية لبدن أيّ حيوان ، أو يتبدل نوع منها إلى نوع آخر.

بناء على ذلك يمكننا أن نتخيل أنّ نوعا من الحيوان يتحول إلى نوع آخر بطريق تراكم الطفرة الوراثية ، كأن تتحول الزواحف الى طيور ولكنّ ذلك ليس سوى حدس ومجرّد تخيل لا غير ، ولم نر الطفرات الوارثية قد غيرت عضوا أصليا لحيوان ما إلى صورة أخرى.

نخلص ممّا تقدم إلى النتيجة التالية : إن الأدلة التي يطرحها أنصار فرضية (الترانسفورميسم) لا تتجاوز كونها فرضا لا غير ، لذا نرى أنصارها يعبرون عنها ب (فرضية تطوّر الأنواع) ولم يجرأ أيّ منهم من تسميتها بالقانون أو الحقيقة العلمية.

٧٤

نظرية التكامل و.. الإيمان بالله :

الكثير ممّن يحاولون تصوير نوع من التضاد بين هذه الفرضية ومسألة الإيمان بالله ، ولعل الحق يعطى لهم من جهة ، حيث أنّ العقيدة الداروينية في واقعها قد أوجدت حربا شعواء بين أصحاب الكنيسة من جانب ومؤيدي داروين من جانب آخر ، حتى وصل الصراع ذروته بين الطرفين في تلك الفترة بعد ما لعب الظرف السياسي وكذا الاجتماعي دورهما (ممّا لا يسع المجال لشرح ذلك هنا) ، فكانت النتيجة أن اتهم أصحاب الكنيسة الداروينية بأنّها لا تنسجم مع الإيمان بالله.

وقد كشفت الأيّام عن عدم وجود تضاد بين الأمرين ، فإنّنا سواء قبلنا بفرضية التكامل أو نفيناها لفقدانها الدليل ، فلا يمنع من الإيمان بالله بكلا الاحتمالين.

فإذا قبلنا بالفرضية فلكونها قانونا علميا مبنيا على العلة والمعلول ، ولا فرق في العلاقة بين العلة والمعلول في عالم الكائنات الحية وبقية الموجودات ، فهل يعتبر اكتشاف العلل الطبيعية من قبيل نزول الأمطار ، المد والجزر في البحار ، الزلازل وما شابهها ، مانعا من الإيمان بالله؟ الجواب بالنفي قطعا. إذن فاكتشاف وجود رابطة وعلاقة تكاملية بين أنواع الموجودات الحية لا يؤدي إلى تعارض مع مسألة الإيمان بالله كذلك.

إذن ، فالأشخاص الذين يتصورون أن كشف العلل الطبيعية ينافي الإيمان بوجود الله هم الذين يذهبون هذا المذهب وإلّا فإنّ كشف هذه العلل ليس ـ فقط ـ لا يتعارض مع التوحيد ، وإنّما سيعطينا أدلة جديدة من عالم الخليقة لإثبات وجوده سبحانه وتعالى.

وممّا ينبغي ذكره : أنّ داروين قد تبرأ من تهمة الإلحاد وصرح في كتابه (أصل الأنواع) قائلا : إنّني مع قبولي لتكامل الأنواع فإنّي اعتقد بوجود الله ، وأساسا فإنّه

٧٥

بدون الاعتقاد بوجود الله لا يمكن توجيه مسألة التكامل.

وقد كتب عن داروين بما نصه : (إنّه بقي مؤمنا بالله الواحد رغم قبوله بالعلل الطبيعية في ظهور الأنواع المختلفة من الأحياء ، وقد كان إحساسه بوجود قدرة ما فوق البشر يشتد في أعماقه كلما تقدم في السن ، معتبرا أن لغز الخلق يبقى لغزا محيرا للإنسان)(١) .

كان يعتقد أن توجيه هذا التكامل النوعي المعقد والعجيب ، وتحويل كائن حي بسيط جدّا إلى كل هذه الأنواع المختلفة من الأحياء لا يتمّ إلّا بوجود خطة دقيقة يضعها ويسيرها عقل كلي.

وهو كذلك إذ كيف يمكن إيجاد كل هذه الأنواع العجيبة والمحيرة والتي لكل منها تفصيلات وشؤون واسعة ، من مادة واحدة بسيطة جدا وحقيرة كيف يمكن ذلك بدون الاستناد على علم وقدرة مطلقين؟!

النتيجة : إنّ الضجّة المفتعلة في وجود تضاد بين عقيدة التكامل النوعي وبين مسألة الإيمان بالله إنّما هي بلا أساس وفاقدة للدليل (سواء قبلنا بالفرضية أو لم نقبلها).

تبقى أمامنا مسألة جديرة بالبحث وهي : هل أنّ فرضية تطور الأنواع تتعارض مع ما ذكره القرآن حول قصة خلق آدم ، أو لا؟

القرآن ومسألة التكامل :

الجدير بالذكر أن كلّا من مؤيدي ومنكري فرضية التكامل النوعي ـ نعني المسلمين منهم ـ قد استدل بآيات القرآن الكريم لإثبات مقصوده ، ولكنّهما في بعض الأحيان وتحت تأثير موقفهما قد استدلا بآيات لا ترتبط بمقصودهما إلّا من

__________________

(١) الداروينية ، تأليف محمود بهزاد ، الصفحة ٧٥ و ٧٦.

٧٦

بعيد ، ولذلك سنتطرق إلى الآيات القابلة للبحث والمناقشة.

أهم آية يتمسك بها مؤيد والفرضية ، الآية الثّالثة والثلاثون من سورة آل عمران( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ ، وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ) .

فيقولون : كما أنّ نوحا وآل إبراهيم وآل عمران كانوا يعيشون ضمن أممهم فاصطفاهم الله من بينهم فكذلك آدم ، أي ينبغي أنّه كان في عصره وزمانه أناس باسم «العالمين» فاصطفاه الله من بينهم ، وهذا يشير إلى أن آدم لم يكن أوّل إنسان على وجه الأرض ، بل كان قبله أناس آخرون ، ثمّ امتاز آدم من بينهم بالطفرة الفكرية والروحية فكانت سببا لاصطفائه من دونهم.

هذا وذكروا آيات أخر ولكنّها من حيث الأصل لا ترتبط بمسألة البحث ، ولا يعدو تفسيرها بالتكامل أن يكون تفسيرا بالرأي ، وبالبعض الآخر مع كونه ينسجم مع التكامل النوعي إلّا أنّه ينسجم مع الثبوت النوعي والخلق المستقل لآدم كذلك ، ولهذا ارتأينا صرف النظر عنها.

أمّا ما يؤخذ على هذا الاستدلال فهو أنّ كلمة «العالمين» إن كانت بمعنى الناس المعاصرين لآدمعليه‌السلام وأنّ الاصطفاء كان من بينهم ، كان ذلك مقبولا ، أمّا لو اعتبرنا «العالمين» أعم من المعاصرين لآدم ، حيث تشمل حتى غير المعاصرين ، كما روي في الحديث المعروف عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فضل فاطمةعليها‌السلام حيث قال : «أمّا ابنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين» ، ففي هذه الحال سوف لا تكون لهذه الآية دلالة على مقصودهم ، وهو شبيه بقول قائل : إنّ الله تعالى اصطفى عدّة أشخاص من بين الناس جميعا في كل القرون والأزمان ، وآدمعليه‌السلام أحدهم ، وعندها سوف لا يكون لازما وجود أناس في زمان آدم كي يطلق عليهم اسم «العالمين» أو يصطفى آدم من بينهم، وخصوصا أن الاصطفاء إلهي ، واللهعزوجل مطلع على المستقبل وعلى كافة الأجيال في كل

٧٧

الأزمان(١) .

وأمّا مؤيد وثبوت الأنواع فقد اختاروا الآيات مورد البحث وما شابهها ، حيث نقول إنّ الله تعالى خلق الإنسان من تراب من طين متعفن.

ومن الملفت للنظر أن هذا التعبير قد ورد في صفة خلق «الإنسان»( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ) ـ الآية السادسة والعشرون من سورة الحجر ـ وأيضا في صفة خلق «البشر»( وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ) ـ الآية الثامنة والعشرون من سورة الحجر ـ وفي مسألة سجود الملائكة بعد خلق شخص آدم أيضا (لاحظ الآيات ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ من سورة الحجر).

عند الملاحظة الأولى للآيات يظهر أن خلق آدم كان من الحمأ المسنون أوّلا ، ومن ثمّ اكتملت هيئته بنفخ الروح الإلهية فيه فسجد له الملائكة إلّا إبليس.

ثمّ إنّ أسلوب تتابع الآيات لا ينم عن وجود أيّ من الأنواع الأخرى منذ أن خلق آدم من تراب حتى الصورة الحالية لبنيه.

وعلى الرغم من استعمال الحرف «ثمّ» في بعض من هذه الآيات لبيان الفاصلة بين الأمرين ، إلّا أنّه لا يدل أبدا على مرور ملايين السنين ووجود آلاف الأنواع خلال تلك الفاصلة.

بل لا مانع إطلاقا من كونه إشارة إلى نفس مرحلة خلق آدم من الحمأ المسنون ، ثمّ مرحلة خلقه من الصلصال ، فخلق بدن آدم ، ونفخ الروح فيه.

وذلك ما ملاحظه في استعمال «ثمّ» في مسألة خلق الإنسان في عالم الجنين والمراحل التي يطويها( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا

__________________

(١) وهناك احتمال آخر وهو : أن اصطفاء آدم من بين أولاده بعد أن مرت عليهم مدة ليست بالطويلة فتشكل من بينهم مجتمع صغير.

٧٨

أَشُدَّكُمْ ) (١) .

فهذه الآية المباركة تدلل على أن استعمال «ثم» يعبر عن وجود فاصلة ليس من الضروري أن تكون طويلة ، فيمكن كونها فاصلة طويلة أو قصيرة.

وخلاصة ما ذكر : أن الآيات القرآنية وإن لم تتطرق مباشرة لمسألة التكامل النوعي أو ثبوت الأنواع ، لكنّ ظاهرها (في خصوص الإنسان) ينسجم مع مسألة الخلق المستقل ، وإن لم يكن بالتصريح المفصل ، لأنّ أكثر ما يدور ظاهر الآيات حول الخلق المستقل المباشر ، أمّا ما يتعلق بخلق سائر الأحياء (من غير الإنسان) فقد سكت القرآن عنه.

* * *

__________________

(١) سورة الحج ، ٥.

٧٩

الآيات

( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨) نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (٥٠) )

التّفسير

نعم الجنّة الثّمان :

رأينا في الآيات السابقة كيف وصف الله تعالى عاقبة أمر الشيطان وأنصاره وأتباعه ، وأنّ جهنم بأبوابها السبعة مفتحة لهم.

وجريا على أسلوب القرآن في التربية والتعليم جاءت هذه الآيات المباركات (ومن باب المقارنة) لترفع الستار عن حال الجنّة وأهلها وما ترفل به من نعم مادية ومعنوية ، جسدية وروحية.

وقد عرضت الآيات ثمانية نعم كبيرة (مادية ومعنوية) بما يساوي عدد أبواب الجنّة.

١ ـ أشارت في البدء إلى نعمة جسمانية مهمّة حيث :( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ) ويلاحظ أنّ هذه الآية قد اتخذت من صفة (التقوى) أساسا لها ، وهي

٨٠

أبواب النذر والعهد

١ -( باب أنه لا ينعقد النذر حتى يقول: لله علي كذا، ويسمي المنذور، ويكون عبادة)

[١٩٢٠٩] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن القاسم بن محمد، عن محمد بن يحيى الخثعمي قال: قلت له: الرجل يقول: علي المشي إلى بيت الله، ومالي صدقة أو هدي، فقالعليه‌السلام : « إن أبيعليه‌السلام ، لا يرى ذلك شيئا، إلا أن يجعله لله عليه ».

[١٩٢١٠] ٢ - وعن صفوان، عن [ منصور بن ](١) حازم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إذا قال الرجل: علي المشي إلى بيت الله وهو محرم بحجة، أو يقول: علي هدي كذا وكذا، إن لم يفعل كذا وكذا(٢) ، فليس بشئ حتى يقول: لله علي المشي إلى بيته، أو يقول لله علي أن أحرم بحجة، أو يقول: لله علي هدي كذا وكذا إن لم يفعل كذا وكذا ».

[١٩٢١١] ٣ - وعن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في رجل قال: وهو محرم بحجة أن يفعل كذا وكذا، فلم يفعله، قال: « ليس بشئ ».

__________________

أبواب النذر والعهد

الباب ١

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٢٣٤ ح ٨٩.

(١) في الطبعة الحجرية: عن حازم، وفي المصدر: عن منصور بن أبي حازم، وما أثبتناه من البحار هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ٩ ص ١٠٨ و ج ١٨ ص ٣٤٢ ).

(٢) ورد الحديث إلى هنا وفي المصدر، ورود بتمامه في البحار.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٨١

[ ٢١٢ ١٩ ] ٤ - وعن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، قلت: رجل قال: علي نذر، قال: « ليس النذر شيئا حتى يسمى شيئا لله، صياما أو صدقة أو هديا أو حجا ».

[١٩٢١٣] ٥ - وعن الحلبي قال: سألته - يعني أبا عبد الله - عن امرأة جعلت مالها هديا لبيت الله، إن أعارت متاعها فلانة وفلانة، فأعار بعض أهلها بغير اذنها، قال: « ليس عليهما هدي، إنما الهدي ما جعل الله هديا للكعبة، فذلك الذي يوفى به إذا جعل لله، وما كان من أشباه هذا فليس بشئ، ولا هدي لا يذكر فيه الله ».

[١٩٢١٤] ٦ - وسئل عن الرجل يقول: علي ألف بدنة، وهو محرم بألف حجة، قال: « تلك خطوات الشيطان ».

[١٩٢١٥] ٧ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه: « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن النذر لغير الله ».

[١٩٢١٦] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أن كلما كان من قول الانسان: لله علي نذر، من وجوه الطاعة ووجوه البر، فعليه الوفاء بما جعله على نفسه، وإن كان النذر لغير الله، فإنه إن لم يعط ولم يف بما جعله على نفسه، فلا كفارة عليه ولا صوم ولا صدقة، نظير ذلك أن يقول: لله علي صلاة معلومة أو صوم معلوم أو بر أو وجوه(١) من وجوه البر، فيقول: إن عافاني الله من مرضي، أو ردني من سفري، أو رد علي غائبي، أو رزقني رزقا، أو وصلني إلى محبوبي حلالا(٢) ، فأعطي ما تمنى لزمه ما جعل على

__________________

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٠.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٦.

(١) كذا والظاهر: وجه.

(٢) في الحجرية: « حلالا » وما أثبتناه من المصدر.

٨٢

نفسه » إلى آخره.

[١٩٢١٧] ٩ - وقال في موضع آخر: « والنذر على وجهين: أحدهما أن يقول الرجل: إن عوفيت من مرضي، أو تخلصت من كذا وكذا، فعلي صدقة أو صوم أو شئ من أفعال البر، فهو بالخيار إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، فإن قال: لله علي كذا وكذا من أفعال البر، فعليه أن يفي ولا يسعه تركه - إلى أن قال(١) - والوجه الثاني من النذر، أن يقول الرجل: إن كان كذا وكذا صمت أو صليت أو تصدقت أو حججت، ولم يقل: لله علي كذا وكذا، إن شاء فعل وأوفى بنذره، وإن شاء لم يفعل فهو بالخيار ».

[١٩٢١٨] ١٠ - الصدوق في المقنع والهداية: ما يقرب منه.

[١٩٢١٩] ١١ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملكه ابن آدم ».

٢ -( باب أن من نذر ولم يسم منذورا، لم يلزمه شئ، فإن سمى مجملا أجزأه مطلق العبادة)

[١٩٢٢٠] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن معمر بن معمر(١) قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الرجل يقول: علي نذر ولم يسم شيئا، قال: « ليس بشئ ».

[١٩٢٢١] ٢ - وعن محمد بن علي الحلبي قال: سألتهعليه‌السلام عن

__________________

٩ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

(١) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

١٠ - المقنع ص ١٣٧ والهداية ص ٧٣.

١١ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٧١٨.

الباب ٢

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

(١) في المصدر: معمر بن عمر، وهو الصواب ظاهرا ( راجع رجال الشيخ الطوسي ص ٣١٦ وتنقيح المقال ج ٣ ص ٢٣٤ ).

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٨٣

رجل قال: علي نذر ولم يسم، قال: « ليس بشئ ».

[١٩٢٢٢] ٣ - وعن أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، قلت: رجل قال: علي نذر، قال: « ليس النذر شيئا حتى يسمي شيئا لله، صياما أو صدقة أو هديا أو حجا ».

[١٩٢٢٣] ٤ - وعن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في رجل جعل لله عليه نذرا ولم يسمه، فقال: « إن سمى فهو الذي سمى، وإن لم يسم فليس عليه شئ ».

[١٩٢٢٤] ٥ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « وإن قال: لله علي نذر ولم يسم شيئا، فلا شئ عليه ».

[١٩٢٢٥] ٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن رجلا نذر نذرا ولم يسم شيئا، فهو بالخيار إن شاء تصدق بشئ، وإن شاء صلى ركعتين أو صام يوما، إلا أن يكون ينوي شيئا في نذر، يلزمه ذلك الشئ بعينه ».

[١٩٢٢٦] ٧ - الصدوق في المقنع: مثله.

٣ -( باب أن من نذر الصدقة بمال كثير، وجب عليه الصدقة بثمانين درهما)

[١٩٢٢٧] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن امرؤ نذر أن يتصدق بمال كثير ولم يسم مبلغه، فإن الكثير ثمانون وما زاد، لقول الله عز وجل:( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّـهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَ‌ةٍ ) (١) فكان ثمانون موطنا ».

__________________

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٤ - المصدر السابق ص ٥٨.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠١.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

٧ - المقنع ص ١٣٧.

الباب ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

(١) التوبة ٩: ٢٥.

٨٤

الصدوق في المقنع مثله(٢) .

[١٩٢٢٨] ٢ - عماد الدين محمد بن علي الطوسي في ثاقب المناقب وابن شهرآشوب في المناقب: عن عثمان بن سعيد، عن أبي علي بن راشد: أن الشيعة بعثوا إلى الصادقعليه‌السلام أموالا ورقاعا مختومة فيها مسائل، فوصلت إلى المدينة بعد وفاته، فأجاب عنها الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام قبل فك الخواتيم.

وفي إحداها: ما يقول العالمعليه‌السلام ، في رجل قال: ( والله لا لا تصدقن )(١) بمال كثير، فيما(٢) يتصدق؟ ( الجواب تحته بخطه )(٣) : إن كان الذي حلف بهذه اليمين من أرباب الدراهم، يتصدق بأربعة وثمانين درهما، وإن كان من أرباب شياه(٤) فأربعة وثمانون شاة(٥) وإن كان من أرباب البعير فأربعة وثمانون بعيرا، والدليل على ذلك قوله تعالى:( لَقَدْ نَصَرَ‌كُمُ اللَّـهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَ‌ةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ) (٦) فعدت مواطن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل نزول الآية، فكانت أربعة وثمانين موطنا.

٤ -( باب أن من نذر أن يهدي طعاما أو لحما ينعقد، وإنما ينعقد إذا نذر أن يهدي إلى الكعبة بدنة أو نحوها قبل الذبح)

[١٩٢٢٩] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن الحلبي عن الصادق

__________________

(٢) المقنع ص ١٣٧.

٢ - ثاقب المناقب ص ١٩٤ باختلاف في اللفظ، والمناقب ٤ ص ٢٩٢.

(١) في الحجرية: « أتصدق » وما أثبتناه من المناقب.

(٢) في الحجرية: « ما » وما أثبتناه من المناقب.

(٣) في الحجرية: « تحته الجواب » وما أثبتناه من المناقب.

(٤) في الحجرية: « الغنم » وما أثبتناه من المناقب.

(٥) في الحجرية: « غنما » وما أثبتناه من المناقب.

(٦) التوبة ٩: ٢٥.

الباب ٤

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٢٣٧.

٨٥

عليه‌السلام - في حديث قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الرجل يقول هو محرم بحجة، ويقول أنا أهدي هذا الطعام، قال: « ليس بشئ، إن الطعام لا يهدى » أو يقول لجزور بعد ما نحرت: هو يهديها لبيت الله، فقال: « إنما يهدي البدن وعن أحياء، وليس يهدي حين صارت لحما ».

[١٩٢٣٠] ٢ - وعن أبي بصير(١) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإن قال الرجل أنا: أهدي هذا الطعام، فليس بشئ، إنما يهدي البدن ».

[١٩٢٣١] ٣ - وعن محمد بن الفضل الكناني قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل قال لطعام: هو يهديه، فقال: « لا يهدي الطعام، ولو أن رجلا قال لجزور بعد ما نحرت هو يهديها، لم يكن يهديها حين صارت لحما، إنما الهدي وهن أحياء ».

٥ -( باب أن من نذر، ثم علم بوقوع الشرط قبل النذر، لم يلزمه شئ)

[١٩٢٣٢] ١ - كتاب العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سألتهعليه‌السلام عن رجل وقع على جارية فارتفع حيضها، وخاف أن يكون قد حملت، فجعل لله عليه عتقا وصوما وصدقة إن هي حاضت، فإن كانت الجارية طمثت قبل أن يحلف بيوم أو يومين وهو لا يعلم، قال: « ليس عليه شئ ».

أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن محمد بن مسلم مثله(١) .

[١٩٢٣٣] ٢ - وعن جميل بن صالح قال: كانت عندي جارية بالمدينة فارتفع

__________________

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

(١) في المصدر: نصر، وكلاهما من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام .

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

الباب ٥

١ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥٥.

(١) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

٨٦

طمثها، فجعلت لله علي نذرا إن هي حاضت، فعلمت أنها حاضت قبل أن أجعل النذر علي، فكتبت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام وأنا بالمدينة فأجابني: « إن كانت حاضت قبل النذر فلا عليك، وإن كانت بعد النذر فعليك ».

٦ -( باب كراهة ايجاب الشئ على النفس دائما بنذر وشبهه، واستحباب اجتلاب الخير واستدفاع الشر بالنذر غير الدائم، وإن من جعل على نفسه شيئا من غير ايجاب لم يلزمه وله تركه)

[١٩٢٣٤] ١ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: باسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عمن ذكره، عن درست، عمن ذكره، عنهمعليهم‌السلام ، قال: « بينما موسىعليه‌السلام جالس إذ اقبل إبليس وعليه برنس ذو ألوان إلى أن قال - يا موسى لا تخل بامرأة لا تحل لك فإنه لا يخلو رجل بأمرة لا تحل له الا كنت صاحبه دون أصحابي، وإياك أن تعاهد الله عهدا، فإنه ما عاهد الله أحد الا كنت صاحبه دون أصحابي، حتى أحول بينه ( وبين الوفاء به )(١) ».

[١٩٢٣٥] ٢ - ورواه المفيد في الأمالي: عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : بينما » وذكر مثله.

[١٩٢٣٦] ٣ - فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره: معنعنا عن جعفر بن

__________________

الباب ٦

١ - قصص الأنبياء ص ١٤٨، وعنه في البحار ج ١٣ ص ٣٥٠.

(١) في المصدر: وبينهما.

٢ - أمالي المفيد ص ١٥٧.

٣ - تفسير فرات ص ١٩٦.

٨٧

محمد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام ، قال: « مرض الحسن والحسينعليهما‌السلام مرضا شديدا، فعادهما سيد ولد آدم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعادهما أبو بكر وعمر، فقال عمر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام : إن نذرت(١) لله نذرا واجبا، فإن كل نذر لا يكون لله فليس فيه وفاء، فقال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : إن عافى الله ولدي مما بهما، صمت لله ثلاثة أيام متواليات، وقالت فاطمة الزهراءعليها‌السلام مثل مقالة عليعليه‌السلام ، وكانت لهما جارية بربرية(٢) تدعى فضة، قالت: إن عافى الله سيدي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام » الخبر.

[١٩٢٣٧] ٤ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إني جعلت على نفسي شكرا لله، ركعتين أصليهما لله في السفر والحضر، أفأصليهما في السفر بالنهار؟ قال: نعم، ثم قال: إني أكره الايجاب، أن يوجب الرجل على نفسه: قلت: إني لم اجعلهما لله على نفسي، إنما جعلت ذلك على نفسي(١) شكرا لله، ولم أوجبهما لله على نفسي، فأدعهما إذا شئت؟ قال: « نعم ».

٧ -( باب أن من نذر الحج ماشيا أو حافيا لزم، فإن عجز ركب)

[١٩٢٣٨] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن محمد بن مسلم، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: سألته عن رجل جعل عليه مشيا إلى بيت

__________________

(١) في الحجرية: نذرت نذرا، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: توبية.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

(١) في المصدر زيادة: أصليهما.

الباب ٧

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

٨٨

الله، فلم يستطع، قال: « يحج راكبا ».

[١٩٢٣٩] ٢ - وعن رفاعة وحفص قالا: سألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله حافيا قال: « فليمش، فإذا تعب فليركب ».

وعن محمد بن قيس، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مثل ذلك.

[١٩٢٤٠] ٣ - وعن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن رجل جعل عليه المشي إلى بيت الله فلم يستطع، قال: « فليحج راكبا.

[١٩٢٤١] ٤ - وعن عنبسة بن مصعب قال: نذرت في ابن لي، إن عافاه الله أن أحج ماشيا، فمشيت حتى بلغت العقبة، فاشتكيت فركبت، ثم وجدت راحة فمشيت، فسألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ذلك، فقال: اني أحب إن كنت موسرا أن تذبح بقرة » فقلت معي نفقة ولو شئت لفعلت، وعلي دين، فقال: « أنا أحب إن كنت موسرا أن تذبح بقرة » فقلت: أشئ واجب فعله؟ فقال: « لا، ولكن من جعل لله شيئا فبلغ جهده، فليس عليه شئ ».

٨ -( باب أن من نذر أن يتصدق بدراهم فصيرها ذهبا، لزمه الإعادة، وكذا لو عين مكانا فخالف)

[١٩٢٤٢] ١ - الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: عن أحمد بن علي الرازي، عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي قال: حدثني الحسين بن محمد بن عامر الأشعري القمي قال: حدثني يعقوب بن يوسف ( بن )(١) الضراب

__________________

٢ - نوادر أحمد بن حمد بن عيسى ص ٥٩.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ٥٩.

الباب ٨

١ - الغيبة للطوسي ١٦٥.

(١) ( ابن ) ليس في المصدر، والظاهر زيادتها بقرينة ذيل الحديث.

٨٩

الغساني في منصرفه من إصبهان قال: حججت في سنة احدى وثمانين ومائتين، وذكر دخوله في مكة ونزوله في بيت يعرف بدار الرضاعليه‌السلام ، وفيها عجوز - من خدام أبي محمد الحسنعليه‌السلام ، وكانت تلقى الحجةعليه‌السلام ، وكانت واسطة بينهعليه‌السلام ، وبين يعقوب إلى أن قال - فأخذت عشرة دراهم صحاحا، فيها سنة رضوية من ضرب الرضاعليه‌السلام ، قد كنت خبأتها لألقيها في مقام إبراهيمعليه‌السلام ، وكنت نذرت ونويت ذلك، فدفعتها إليها وقلت في نفسي: ادفعها إلى قوم من ولد فاطمةعليها‌السلام أفضل مما ألقيها في المقام وأعظم ثوابا، فقلت لها: ادفعي هذه الدراهم إلى من يستحقها من ولد فاطمةعليه‌السلام ، وكان في نيتي أن الذي رأيته هو الرجل، وإنما تدفعها إليهعليه‌السلام فأخذت الدراهم وصعدت وبقيت ساعة ثم نزلت، فقالت يقول لك: « ليس لنا فيها حق، اجعلها في الموضع الذي نويت، ولكن هذه الرضوية خذ منا بدلها وألقها في الموضع الذي نويت » ففعلت.. الخبر، وهو طويل.

ورأيته في بعض كتب قدماء أصحابنا قال حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قال: حدثني أبو القاسم موسى بن محمد الأشعري القمي قال: حدثني يعقوب بن يوسف أبو الحسن الضراب في سنة تسعين ومائتين، وساق مثله.

٩ -( باب أن من نذر صوم يوم معين دائما، فاتفق في يوم يحرم صومه، وجب الافطار والقضاء)

[١٩٢٤٣] ١ - الصدوق في المقنع: فإن نذر أن يصوم يوما يعينه ما دام حيا فوافق ذلك اليوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق، أو سافر أو مرض، فقد وضع الله عنه الصيام في هذه الأيام كلها، ويصوم يوما بدل يوم.

__________________

الباب ٩

(١) - المقنع ص ١٣٧.

٩٠

١٠ -( باب حكم من نذر هديا، ما يلزمه؟ وهل عليه اشعاره وتقليده والوقوف به بعرفة؟ وأين ينحره؟)

[١٩٢٤٤] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في رجل قال: عليه بدنة، ولم يسم أين ينحرها، قال: « إنما المنحر بمنى، يقسمها بين المساكين » وقال في رجل قال: علي بدنة ينحرها بالكوفة، فقال: إذا سمى مكانا فلينحر فيها، فإنه يجزئ عنه.

١١ -( باب حكم نذر المرأة بغير إذن زوجها، والمملوك بغير إذن سيده، والوالد بغير إذن والده)

[١٩٢٤٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : واعلم أنه لا يمين في قطيعة رحم، ولا نذر في معصية الله، ولا يمين لولد مع الوالدين، ولا للمرأة مع زوجها، ولا للمملوك مع مولاه.

الصدوق في المقنع مثله(١) .

والظاهر أن المراد من اليمين ما هو أعم من النذر، كما يظهر لمن نظر إلى صدر الكلام وذيله، وهو قولهعليه‌السلام : « ولو أن رجلا حلف ونذر أن يشرب خمرا » إلى آخره.

__________________

الباب ١٠

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

الباب ١١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

(١) المقنع ص ١٣٧.

٩١

١٢ -( باب أنه لا ينعقد النذر في معصية ولا مرجوح، وحكم نذر الشكر والزجر)

[١٩٢٤٦] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن النذر في المعصية وقطيعة الرحم، قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « ومن نذر في شئ من ذلك فلا نذر عليه، لان النذر كان في معصية الله، وليس عليه شئ ».

[١٩٢٤٧] ٢ - عوالي اللآلي عن: النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا نذر في معصية، ولا فيما لا يملك ابن آدم(١) ».

[١٩٢٤٨] ٣ - وروي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رأى رجلا قائما في الشمس، فسأل عنه، فقالوا انه نذر أن يقوم ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مروه فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه ».

[١٩٢٤٩] ٤ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن أبي عمير، ومحمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، وعلي بن إسماعيل الميثمي، [ عن منصور بن حازم ](١) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال

__________________

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٠ ح ٣١٩، ٣٢٠.

٢ - عوالي الآلي ج ٣ ص ٤٤٨ ح ١.

(١) نفس المصدر ج ٣ ص ٤٤٨ ح ٢.

٣ - عوالي الآلي ج ٢ ص ٣١٢ ح ٥.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٧، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٢٣٢ ح ٧٨.

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر والبحار وهو الصواب ظاهرا « راجع معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٢٧٥، ٢٧٨ و ج ١٨ ص ٣٤٢ ».

٩٢

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا رضاع بعد فطام - إلى أن قالصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا نذر في معصية » الخبر.

[١٩٢٥٠] ٥ - وعن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن امرأة تصدقت بمالها على المساكين، إن خرجت مع زوجها، قال: ليس عليها شئ «.

[١٩٢٥١] ٦ - وعن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أي شئ لا نذر في معصية الله؟ قال: فقال: « كلما كان لك فيه منفعة في دين أو دنيا، فلا حنث عليك فيه ».

[١٩٢٥٢] ٧ - وعن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ليس من شئ هو لله طاعة، يجعله الرجل عليه، إلا أنه ينبغي له أن يفي به، وليس من رجل جعل لله عليه شئ في معصية الله، إلا أنه ينبغي له أن يتركها إلى طاعة الله ».

[١٩٢٥٣] ٨ - وعن يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله، عن أبيهعليهما‌السلام : « إن امرأة نذرت أن ( تقاد مزمومة )(١) بزمام في أنفها، فوقع بعير فخرم(٢) أنفها، فأتت علياعليه‌السلام تخاصم فأبطله، وقال: إنما النذر لله ».

[١٩٢٥٤] ٩ - فقه الرضاعليه‌السلام : » وإن هو نذر لوجه من وجوه المعاصي، مثل الرجل يجعل على نفسه نذرا على شرب الخمر، أو فسق، أو

__________________

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٧ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٨ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

(١) في الحديث: « لا زمام ولا خزام في الاسلام » أراد ما كان من عباد بني إسرائيل يفعلونه من زم الأنوف، وهو أن يخرق الانف ويعمل فيه زمام كزمام الناقة ليقاد به ( النهاية ج ٢ ص ٣١٤ ).

(٢) الخرم: الشق. وخرم الانف شقه وقطع طرفه ( النهاية ج ٢ ص ٢٧ ).

٩ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٦.

٩٣

زنى، أو سرقة، أو قتل، أو إساءة مؤمن، أو عقوق، أو قطيعة رحم، فلا شئ عليه في نذره، وقد روي: أن عليه في ذلك كفارة [ يمين ](١) بالله للعقوبة لا غير، لاقدامه على نذر في معصية.

وقال أيضا: واعلم أنه لا يمين في قطيعة رحم، ولا نذر في معصية الله - إلى أن قال - ولو أن رجلا حلف ونذر أن يشرب خمرا، أو يعقل شيئا مما ليس لله فيه رضى فحنث، لا يفي بنذره فلا شئ عليه.

١٣ -( باب أن من نذر هديا لا يقدر عليه لم يلزمه، وحكم من نذر هديا للكعبة من غير الانعام)

[١٩٢٥٥] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قال: سئل عن الرجل يقول: علي ألف بدنة، وهو محرم بألف حجة، قال: « تلك خطوات الشيطان ».

[١٩٢٥٦] ٢ - وعن العلاء عن محمد عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن الرجل يقول: علي مائة بدنة [ أو ألف بدنة ](١) مما لا يطيق فقال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ذلك من خطوات الشيطان ».

[١٩٢٥٧] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : في كلام له: « إلا أن يكون جعل على نفسه ما لا يطيقه، فلا شئ عليه الا بمقدار ما يحتمله وهذا مما يجب أن يستغفر الله منه، ولا يعود إلى مثله ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٣

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٦.

(١) في المصدر: ممن.

٩٤

١٤ -( باب أن من نذر فعل واجب أو ترك محرم، لزم ووجبت الكفارة بالمخالفة)

[١٩١٥٨] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن عبد الملك بن عمرو، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من جعل لله عليه أن لا يركب محرما سماه فركبه » قال: ولا اعلمه الا قال: « فليعتق رقبة، أو ليصم شهرين متتابعين، أو ليطعم ستين مسكينا ».

١٥ -( باب أن من نذر الحج ماشيا فعجز، ركب ويسوق بدنة، وحكم نذر المرابطة(*) ، ونذر صوم زمان أو حين، ونذر الاحرام قبل الميقات)

[١٩٢٥٩] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن عبد الله الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « أيما رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله ثم عجز عن المشي، فليركب وليسق بدنة، إذا عرف الله منه الجهد ».

١٦ -( باب من نذر الحج ماشيا فعجز، هل يجزؤه الحج عن غيره؟ وهل يتصدق بما بقي من النفقة إن عجز في أثناء الطريق؟)

[١٩٢٦٠] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن رفاعة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل حج عن غره ولم يكن له مال، وعليه نذر أن يحج ماشيا، يجزئ ذلك عنه من نذره؟ قال: « نعم ».

__________________

الباب ١٤

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ٥٩.

الباب ١٥

* المرابطة: هي حفظ حدود بلاد الاسلام من الأعداء ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٢٤٨ ).

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

الباب ١٦

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠

٩٥

١٧ -( باب أن النذر لا ينعقد في غضب ولا بد فيه من قصد القربة، فلا يصح لارضاء الزوجة ونحو ذلك)

[١٩٢٦١] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل غضب فقال: علي المشي إلى بيت الله، فقال: « إذا لم يقل: لله، فليس بشئ ».

١٨ -( باب وجوب الوفاء بعهد الله والكفارة المخيرة بمخالفته)

[١٩٢٦٢] ١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثماليرحمه‌الله ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، قال: عنه ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض، ولو كان فيما بين قرنه إلى قدمه ذنوب حطها الله عنه، وهي: الوفاء بما يجعل على نفسه لله « الخبر.

[١٩٢٦٣] ٢ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لما خلق الله جنة عدن - إلى أن قال - قال الله تعالى: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني، لا يدخلك مدمن خمر - إلى أن قال - ولاختار، وهو الذي لا يوفي بالعهد ».

[١٩٢٦٤] ٣ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال حدثنا أبي،

__________________

الباب ١٧

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

الباب ١٨

١ - أمالي المفيد ص ١٦٦.

٢ - نوادر الراوندي ص ١٧.

٣ - الجعفريات ص ٣٦.

٩٦

عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا ايمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له » الخبر.

[١٩٢٦٥] ٤ - الإمام العسكريعليه‌السلام في تفسيره قال: « قال الباقرعليه‌السلام : ويقال للموفي عهوده في الدنيا، في نذوره وايمانه ومواعيده: يا أيتها الملائكة، وفي هذا العبد في الدنيا بعهوده، فأوفوا له ها هنا بما وعدناه، وسامحوه ولا تناقشوه، فحينئذ تصيره الملائكة إلى الجنان ».

[١٩٢٥٦٦] ٥ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « أفضل الأمانة الوفاء بالعهود(١) ».

وقالعليه‌السلام : من دلائل الايمان الوفاء بالعهد ».

١٩ -( باب نوادر ما يتعلق بكتاب النذر والعهد)

[١٩٢٦٧] ١ - الصدوق في الأمالي: عن أحمد بن هارون وجعفر بن محمد بن مسرور معا، عن أحمد بن محمد بن بطة(١) ، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن حماد عن حريز عمن أخبره، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « أول من سوهم(٢) عليه مريم بنت عمران - إلى أن قال - ثم كان عبد المطلب ولد له تسعة، فنذر في العاشر إن رزقة الله غلاما أن يذبحه، فلما ولد عبد الله لم يكن يقدر أن يذبحه، ورسول

__________________

٤ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٨٣.

٥ - غرر الحكم ج ١ ص ١٨٤ ح ١٩٢.

(١) في المصدر: بالعهد.

الباب ١٩

١ - بل الصدوق في الخصال ص ١٥٦ ح ١٩٨، وعنه في البحار ج ١٥ ص ١٢٦ ح ٦٥.

(١) في المصدر: محمد بن جعفر بن بطة، وهو الصواب ظاهرا ( راجع معجم رجال الحديث ج ٢٢ ص ١٥٩ ومجمع الرجال ج ٧ ص ١٦٠ وتنقيح المقال ج ٣ ص ٤٢ وغيرها ).

(٢) المساهمة: القرعة ( لسان العرب ج ١٢ ص ٣٠٨ ).

٩٧

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في صلبه، فجاء بعشر من الإبل وساهم عليها » الخبر.

[١٩٢٦٨] ٢ - وفي العيون: عن أحمد بن الحسن القطان، عن ( أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي )(١) ، عن علي بن حسن بن فضال، عن أبيه، قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام ، عن معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنا ابن الذبيحين « قال: يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليلعليهما‌السلام ، وعبد الله بن عبد المطلب - إلى أن قال - وأما الآخر فإن عبد المطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة، ودعا الله عز وجل أن يرزقه عشرة بنين، ونذر لله عز وجل أن يذبح واحدا منهم، متى أجاب الله دعوته، فلما بلغوا عشرة قال: قد وفي الله تعالى لي، فلأفين لله عز وجل، فأدخل ولده الكعبة وأسهم بينهم، فخرج سهم عبد الله » الخبر.

[١٩٢٦٩] ٣ - ابن شهرآشوب في لمناقب: تصور لعبد المطلب أن ذبح الولد أفضل قربة، لما علم من حال إسماعيل، فنذر أنه متى رزق عشرة أولاد ذكورا، أن ينحر أحدهم في الكعبة شكرا لربه، فلما وجدهم عشرة قال لهم: يا بني، ما تقولون في نذري؟ فقالوا: الامر إليك ونحن بين يديك.. الخبر.

[١٩٢٧٠] ٤ - عوالي اللآلي: روى ابن عباس، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أخت عقبة بن عامر، وقد نذرت أن تمشي إلى بيت الله، أن تمشي لحج(١) أو عمرة.

__________________

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٢١٠ ح ١.

(١) في الحجرية: « محمد بن أحمد بن علي الأسدي » والصواب ما أثبتناه من المصدر ( راجع معجم رجال الحديث ج ٢ ص ٢٧٩ و ٢٨٠ ).

٣ - المناقب ج ١ ص ٢٠.

٤ - عوالي الآلي ٢ ص ٣١٤.

(١) في المصدر: بحج.

٩٨

[١٩٢٧١] ٥ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « كن منجزا للوعد موفيا(١) للنذر ».

__________________

٥ - غرر الحكم ج ٢ ص ٥٦٤ ح ١٠.

(١) في المصدر: وفيا.

٩٩

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496