الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 550

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 550 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 215067 / تحميل: 6644
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

فنحن نقرأ في الآية (١٧) من سورة محمّد قوله تعالى :( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً ) فهل يدلّ التعبير بالزيادة إلّا على التكامل؟

وهنا ينقدح سؤال ، وهو : إذا كان الهدف هو التكامل ، فلما ذا لم يخلق الله الإنسان كاملا منذ البداية حتّى لا يكون محتاجا إلى طيّ مراحل التكامل؟

إنّ أساس هذا الإشكال هو الغفلة عن هذه النقطة ، وهي أنّ العنصر الأصلي للتكامل هو التكامل الاختياري ، وبتعبير آخر فإنّ التكامل يعني أن يطوي الإنسان الطريق بنفسه وإرادته وتصميمه ، فإذا أخذوا بيده وأوصلوه بالقوّة والجبر فليس هذا افتخارا ولا تكاملا.

فمثلا : لو أنفق الإنسان فلسا واحدا من ماله بإرادته وتصميمه ، فقد طوى من طريق الكمال الأخلاقي بتلك النسبة ، في حين أنّه لو أجبر على إنفاق الملايين من ثروته ، فإنّه لم يتقدّم خطوة واحدة في ذلك الطريق ، ولذلك صرّح القرآن بهذه الحقيقة في الآيات المختلفة ، وهي أنّ الله سبحانه لو شاء لأجبر الناس على أن يؤمنوا ، إلّا أنّ هذا الإيمان لا نفع فيه لهؤلاء :( وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً ) (١) .

* * *

__________________

(١) يونس ، ٩٩.

١٤١

الآيات

( وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ (٢٠) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥) )

التّفسير

الشرك ينبع من الظنّ :

كان الكلام في الآيات السابقة عن أنّ عالم الوجود ليس عبثيّا لا هدف من ورائه ، فلا مزاح ولا عبث ، ولا لهو ولا لعب ، بل له هدف تكاملي دقيق للبشر.

١٤٢

ولمّا كان من الممكن أن يوجد هذا التّوهّم ، وهو : ما حاجة الله إلى إيماننا وعبادتنا؟

فإنّ الآيات التي نبحثها تجيب أوّلا عن هذا التوهّم ، وتقول :( وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَمَنْ عِنْدَهُ ) (أي الملائكة)( لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ) (١) ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ) .

ومع هذا الحال فأي حاجة لطاعتكم وعبادتكم؟ فكلّ هؤلاء الملائكة المقرّبين مشغولون بالتسبيح ليلا ونهارا ، وهو تعالى لا يحتاج حتّى لعبادة هؤلاء ، فإذا كنتم قد أمرتم بالإيمان والعمل الصالح والعبودية فإنّ كلّ ذلك سيعود بالنفع عليكم.

وهنا نقطة تلفت الانتباه أيضا ، وهي أنّه في نظام العبيد والموالي الظاهري ، كلّما تقرّب العبد من مولاه يقلّ خضوعه أمامه ، لأن يختصّ به أكثر ، فيحتاجه المولى أكثر. أمّا في نظام عبوديّة الخلق والخالق فالأمر على العكس ، فكلّما اقتربت الملائكة وأولياء الله من الله سبحانه زادت عبوديتهم(٢) .

وبعد أن نفت في الآيات السابقة عبثيّة ولا هدفيّة عالم الوجود ، وأصبح من المسلّم أنّ لهذا العالم هدفا مقدّسا ، فإنّ هذه الآيات تتطرّق إلى بحث مسألة وحدة المعبود ومدبّر هذا العالم ، فتقول :( أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ ) (٣) .

وهذه الجملة في الحقيقة إشارة إلى أنّ المعبود يجب أن يكون خالقا ، وخاصّة خلق الحياة ، لأنّها أوضح مظاهر الخلق ومصاديقه. وهذا في الحقيقة يشبه ما نقرؤه

__________________

(١) «يستحسرون» في الأصل من مادّة حسر ، وفي الأصل تعني رفع النقاب والستار عن الشيء المغطّى ، ثمّ استعملت بمعنى التعب والضعف ، فكأنّ كلّ قوى الإنسان تصرف في مثل هذه الحالة ، ولا يبقى منها شيء مخفي في بدنه.

(٢) الميزان ، ذيل الآيات محلّ البحث.

(٣) «ينشرون» من مادّة نشر ، أي فكّ الشيء المعقّد الملفوف ، وهو كناية عن الخلق وانتشار المخلوقات في أرجاء الأرض والسّماء. ويصرّ بعض المفسّرين على اعتبار هذه الجملة إشارة إلى المعاد ورجوع الأموات إلى الحياة من جديد ، في حين أنّه بملاحظة الآيات التالية سيتّضح أنّ الكلام عن توحيد الله وأنّه المعبود الحقيقي ، وليس عن المعاد والحياة بعد الموت.

١٤٣

في الآية (٧٣) من سورة الحجّ :( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ) ومع هذا الحال كيف يكون هؤلاء أهلا للعبادة؟

التعبير بـ( آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ ) إشارة إلى الأصنام والمعبودات التي كانوا يصنعونها من الحجارة والخشب ، وكانوا يظنّونها حاكمة على السماوات.

وتبيّن الآية التالية أحد الأدلّة الواضحة على نفي آلهة وأرباب المشركين ، فتقول :( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) .

هذه الادّعاءات غير الصحيحة وهذه الأرباب المصنوعة والآلهة المظنونة ليست إلّا أوهاما ، وساحة كبرياء ذاته المقدّسة لا تتلوّث بهذه النسب المغلوطة.

برهان التمانع :

إنّ الدليل الوارد في الآية آنفة الذكر ولإثبات التوحيد ونفي الآلهة ، في الوقت الذي هو بسيط وواضح ، فإنّه من البراهين الفلسفيّة الدقيقة في هذا الباب ، ويذكره العلماء تحت عنوان (برهان التمانع). ويمكن إيضاح خلاصة هذا البرهان بما يلي :

إنّنا نرى ـ بدون شكّ ـ نظاما واحدا حاكما في هذا العالم ، ذلك النظام المتناسق من جميع جهاته ، فقوانينه ثابتة تجري في الأرض والسّماء ، ومناهجه متطابقة بعضها مع بعضها ، وأجزاؤه متناسبة.

إنّ انسجام القوانين وأنظمة الخلقة هذا يحكي أنّها تنبع من عين واحدة ، لأنّ البدايات إن كانت متعدّدة ، والإرادات مختلفة ، لم يكن يوجد هذا الانسجام مطلقا ، وهذا الشيء الذي يعبّر عنه القرآن بـ (الفساد) يلاحظ في العالم بوضوح.

إذا كنّا من أهل التحقيق والمطالعة ـ ولو قليلا ـ فإنّا نستطيع أن نفهم جيدا من خلال تحقيق كتاب ما ، أنّ كاتبه شخص واحد أم عدّة أشخاص؟ فإنّ الكتاب الذي يؤلّفه شخص واحد يوجد انسجام خاص بين عباراته ، ترتيب

جمله ، تعبيراته المختلفة ، كناياته وإشاراته ، عناوينه ورؤوس مطالبه ، طريقة الدخول في البحوث

١٤٤

والخروج منها ، والخلاصة : إنّ كلّ أقسامه متحدّة متناسقة لأنّها وليدة فكر واحد ، وترشّح قلم واحد.

أمّا إذا تعهّد شخصان أو عدّة أشخاص بأن يؤلّف كلّ منهم جزءا من الكتاب ـ وإن كان الجميع علماء متقاربين في الروح والتفكير ـ فستظهر آثار هذه الازدواجية أو الكثرة في العبارات والألفاظ ، وطريقة الأبحاث. وسبب ذلك واضح ، لأنّ الفردين مهما كانا منسجمين في الفكر والذوق ، فإنّهما في النتيجة فردان ، فلو كانت كلّ أشيائهما واحدة لأصبحا فردا واحدا ، فبناء على هذا فيجب أن يكون هناك تفاوت فيما بينهما قطعا ليتمكّنا أن يكونا فردين ، وهذا الاختلاف سيؤثّر أثره في النتيجة ، وسيبدي آثاره في كتاباتهما.

وكلّما كان هذا الكتاب أكبر وأكثر تفصيلا ، ويبحث مواضيع متنوّعة ، فإنّ عدم الانسجام يلمس فيه أوضح. وكتاب عالم الخلقة الكبير ، الذي نضيّع بكلّ وجودنا في طيّات عباراته لعظمته يشمله هذا القانون أيضا.

حقّا إنّنا لا نستطيع مطالعة كلّ هذا الكتاب حتّى لو صرفنا كلّ عمرنا في مطالعته ، إلّا أنّ هذا القدر الذي وفّقنا نحن ـ وجميع العلماء ـ لمطالعته منسجم إلى الحدّ الذي يدلّ تماما على وحدة مؤلّفه إنّنا كلّما تصفّحنا هذا الكتاب العجيب فستظهر بين كلماته وسطوره وصفحاته آثار تنظيم عال وانسجام منقطع النظير.

فإذا كانت هناك إرادات وبدايات متعدّدة تتدخّل في إدارة هذا العالم وتنظيمه ، فهل كان بالإمكان أن يوجد مثل هذا الانسجام؟

ولو فكّرنا : لماذا يستطيع علماء الفضاء أن يرسلوا السفن الفضائية إلى الفضاء بدقّة كاملة ، وينزلوا العربة على القمر في المحلّ الذي قدروه من الناحية العلمية بدقّة متناهية ، ثمّ يحرّكونها من هناك وينزلونها إلى الأرض في المحل الذي توقّعوه؟

ألم تكن هذه الدقّة في الحسابات لكون النظام الحاكم على كلّ الوجود الذي

١٤٥

هو أساس حسابات هؤلاء العلماء ـ دقيقا ومنسجما ، بحيث إذا كان هناك شيء من عدم الانسجام ـ ومن الناحية الزمنيّة جزء من مائة من الثّانية ـ فستضطرب جميع حساباتهم؟

ونقول باختصار : إذا كانت هناك إرادتان أو عدّة إرادات حاكمة في العالم ، فإنّ لكلّ واحدة قضاء ، وكانت الاخرى تمحو أثر الأولى ، وسيؤول العالم إلى الفساد عندئذ.

سؤال :

وهنا يثار سؤال يمكن استلهام جوابه من التوضيحات السابقة ، وهو : إنّ تعدّد الآلهة يكون منشأ للفساد عند ما يحارب أحدها الآخر ، أمّا إذا اعتقدنا بأنّ هؤلاء أفراد حكماء عالمون ، فإنّهم يتعاونون فيما بينهم ويديرون العالم.

وجواب هذا السؤال لا لبس فيه : فإنّ كونهم حكماء لا يزيل تعدّدهم ، فعند ما نقول : إنّهم متعدّدون ، فإنّ معناه إنّهم ليسوا متحدّين من جميع الجهات ، لأنّهم إن اتّحدوا من كلّ الجوانب أصبحوا إلها واحدا ، وبناء على ذلك فأينما وجد التعدّد وجد الاختلاف الذي يؤثّر في الإدارة والعمل شئنا أم أبينا ، وهذا سيجرّ عالم الوجود إلى الهرج والمرج.

وقد استند في بعض هذه الاستدلالات إلى أنّه لو كان هناك إرادتان حاكمتان على الخلق ، لما كان هناك عالم أصلا. في حين أنّ هذه الآية تتحدّث عن فساد العالم واختلال النظام ، لا عن عدم وجود العالم.

ومن اللطيف أن نقرأ في حديث يرويه هشام بن الحكم عن الإمام الصادقعليه‌السلام في جواب الرجل الملحد الذي كان يتحدّث عن تعدّد الآلهة ، أنّه قال :

«لا يخلو قولك أنّهما اثنان من أن يكونا قويين أو يكونا ضعيفين ، أو يكون أحدهما قويّا والآخر ضعيفا ، فإن كانا قويّين فلم لا يدفع كلّ واحد منهما صاحبه

١٤٦

وينفرد بالتدبير ، وإن زعمت أنّ أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنّه واحد كما تقول ، للعجز الظاهر في الثّاني ، وإن قلت : إنّهما اثنان ، لا يخلو من أن يكونا متّفقين من كلّ جهة أو متفرّقين من كلّ جهة ، فلمّا رأينا الخلق منتظما ، والفلك جاريا ، واختلاف الليل والنهار ، والشمس والقمر ، دلّ صحّة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر أنّ المدبّر واحد.

ثمّ يلزمك إن ادّعيت إثنين فلا بدّ من فرجة بينهما حتّى يكونا إثنين ، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فيلزمك ثلاثة ، فإن ادّعيت ثلاثة لزمك ما قلنا في الإثنين حتّى يكون بينهما فرجتان فيكون خمسا ، ثمّ يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية في الكثرة»(١) .

إنّ بداية هذا الحديث إشارة إلى برهان التمانع ، ونهايته إشارة إلى برهان آخر يسمّى بـ (برهان الفرجة).

وفي حديث آخر : إنّ هشام بن الحكم سأل الإمام الصادقعليه‌السلام : ما الدليل على أنّ الله واحد؟ قال : «اتّصال التدبير ، وتمام الصنع ، كما قال اللهعزوجل : لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا»(٢) .

وبعد أن ثبت بالاستدلال الذي ورد في الآية توحيد مدبّر ومدير هذا العالم ، فتقول الآية التالية : إنّه قد نظّم العالم بحكمة لا مجال فيها للإشكال والانتقاص ولا أحد يعترض عليه في خلقه :( لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ ) .

وبالرغم من أنّ المفسّرين قد تكلّموا كثيرا حول تفسير هذه الآية ، إلّا أنّ ما ذكرناه أعلاه يبدو هو الأقرب.

وتوضيح ذلك : أنّ لدينا نوعين من الأسئلة :

الأوّل : السؤال التوضيحي ، وهو أن يكون الإنسان جاهلا ببعض المسائل ،

__________________

(١) التوحيد ، «للصدوق» كما ورد في تفسير نور الثقلين ، الجزء ٣ ، ص ٤١٧ ـ ٤١٨.

(٢) المصدر السابق.

١٤٧

ويرغب في أن يدرك حقيقتها ، وحتى إذا علم وآمن بأنّ هذا العمل الذي تمّ كان صحيحا ، فإنّه يريد أن يعلم النقطة الأصليّة والهدف الحقيقي منه ، ومثل هذا السؤال جائز حتّى حول أفعال الله ، بل إنّ هذا السؤال يعتبر أساس ومصدر الفحص والتحقيق في عالم المخلقة والمسائل العلميّة ، وقد كان لأصحاب النّبي والأئمّة كثير من هذه الأسئلة سواء فيما يتعلّق بعالم التكوين أو التشريع.

أمّا النوع الثّاني : فهو السؤال الاعتراضي ، والذي يعني أنّ العمل الذي تمّ كان خطأ ، كأن ينقض إنسان عهده بلا سبب ، فنقول : لماذا نقضت عهدك؟ فليس الهدف طلب التوضيح ، بل الهدف الاعتراض والتخطئة.

من المسلّم أنّ هذا النوع من السؤال لا معنى له حول أفعال الله الحكيم ، وإذا ما اعترض أحد أحيانا فلجهله ، إلّا أنّ مجال هذا السؤال حول أفعال الآخرين واسع.

وفي حديث عن الإمام الباقرعليه‌السلام في جواب سؤال جابر الجعفري عن هذه الآية أنّه قال : «لأنّه لا يفعل إلّا ما كان حكمة وصوابا»(١) .

ويمكن أن تستخلص نتيجة من هذا الكلام ، وهي : إنّ أحدا إذا سأل سؤالا من النوع الثّاني ، فهو دليل على أنّه لم يعرف الله معرفة صحيحة لحدّ الآن ، وهو جاهل بكونه حكيما.

وتشتمل الآية التالية على دليلين آخرين في مجال نفي الشرك ، فمضافا إلى الدليل السابق يصبح مجموعها ثلاثة أدلّة.

تقول الآية أوّلا :( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ ) وهو إشارة إلى أنّكم إذا صرفتم النظر عن الدليل السابق القائم على أنّ نظام عالم الوجود دليل على التوحيد ، فإنّه لا يوجد أي دليل ـ على الأقل ـ على إثبات الشرك والوهيّة

__________________

(١) توحيد الصدوق ، حسب نقل تفسير نور الثقلين ، الجزء ٣ ، ص ٤١٩.

١٤٨

هذه الآلهة ، فكيف يتقبّل إنسان عاقل مطلبا لا دليل عليه؟

ثمّ تشير إلى الدليل الأخير فتقول :( هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ) وهذا هو الدليل الذي ذكره علماء العقائد تحت عنوان (إجماع واتّفاق الأنبياء على التوحيد).

ولمّا كانت كثرة المشركين (وخاصّة في ظرف حياة المسلمين في مكّة ، والتي نزلت فيها هذه السورة) مانعا أحيانا من قبول التوحيد من قبل بعض الأفراد ، فهي تضيف :( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ) .

لقد كانت مخالفة الأكثرية الجاهلة في كثير من المجتمعات دليل وحجّة لإعراض الغافلين الجاهلين دائما ، وقد انتقد القرآن الاستناد إلى هذه الأكثرية بشدّة في كثير من الآيات ، سواء التي نزلت في مكّة أو المدينة ، ولم يعرها أيّة أهميّة ، بل اعتبر المعيار هو الدليل والمنطق.

ولمّا كان من المحتمل أن يقول بعض الجهلة الغافلين أنّ لدينا أنبياء كعيسى مثلا دعوا إلى آلهة متعدّدة ، فإنّ القرآن الكريم يقول في آخر آية من الآيات محلّ البحث بصراحة تامّة :( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) وبهذا يثبت أنّه لا عيسى ولا غيره قد دعا إلى الشرك ، ومثل هذه النسبة إليه تهمة وافتراء.

* * *

١٤٩

الآيات

( وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩) )

التّفسير

الملائكة عباد مكرمون مطيعون :

لمّا كان الكلام في آخر آية عن الأنبياء ، ونفي كلّ أنواع الشرك ، ونفي كون المسيحعليه‌السلام ولدا ، فإنّ كلّ الآيات محلّ البحث تتحدّث حول نفي كون الملائكة أولادا.

وتوضيح ذلك أنّ كثيرا من مشركي العرب كانوا يعتقدون أنّ الملائكة بنات الله سبحانه ، ولهذا السبب كانوا يعبدونها أحيانا ، والقرآن الكريم انتقد هذه العقيدة الخرافية التي لا أساس لها ، وبيّن بطلانها بالأدلّة المختلفة.

يقول أوّلا :( وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً ) فإن كان مرادهم الولد الحقيقي ، فإنّه

١٥٠

يلزم من هذا الجسميّة ، وإن كان المراد التبنّي ـ والذي كان اعتياديا ومتداولا بين العرب ـ فإنّ ذلك أيضا دليل على الضعف والاحتياج ، وفوق كلّ ذلك فإنّ الذي يحتاج إلى الولد هو الذي يفنى ، ويجب أن يديم ابنه حياته على المدى البعيد ، وكذلك ليبقى نسله وكيانه وآثاره ، أو لإبعاد الإحساس بالوحدة والحاجة إلى المؤنس ، أو ليكتسب القدرة والقوّة. إلّا أنّ الوجود الأزلي الأبدي وغير الجسماني ، وغير المحتاج من جميع الجهات ، لا معنى لوجود الولد له. ولذلك فإنّ القرآن يقول مباشرة :( سُبْحانَهُ ) .

ثمّ تبيّن أوصاف الملائكة في ستّة أقسام تشكّل بمجموعها دليلا واضحا على نفي كونهم أولادا :

١ ـ بل عباد.

٢ ـ مكرمون.

فليس هؤلاء عبادا هاربين خضعوا للخدمة تحت ضغط المولى ، بل هم عباد لائقون يعرفون طريق العبودية وأصولها ويفتخرون بها ، ولذلك فإنّ الله سبحانه قد أحبّهم ، وأفاض عليهم من مواهبه نتيجة لإخلاصهم في العبودية.

٣ ـ إنّ هؤلاء على درجة من الأدب والخضوع والطاعة لله بحيث( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ ) .

٤ ـ وكذلك من ناحية العمل أيضا فهم مطيعون( وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) .

فهل هذه صفات الأولاد ، أم صفات العبيد؟

ثمّ أشارت إلى إحاطة علم الله بهؤلاء فتقول : إنّ الله تعالى يعلم أعمالهم الحاضرة وفي المستقبل ، وكذلك أعمالهم السالفة ، وأيضا يعلم دنياهم وآخرتهم وقبل وجودهم وبعده :( يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ) (١) ومن المسلّم أنّ

__________________

(١) للمفسّرين في هذه الجملة ثلاثة تفاسير أوردناها معا في العبارات أعلاه لعدم المنافاة فيما بينها.

١٥١

الملائكة مطّلعون على هذا الموضوع ، وهو أنّ لله إحاطة علمية بهم ، وهذا العرفان هو السبب في أنّهم لا يسبقونه بالقول ، ولا يعصون أمره ، ولهذا فإنّ هذه الجملة يمكن أن تكون بمثابة تعليل للآية السابقة.

٥ ـ ولا شكّ أنّ هؤلاء الذين هم عباد الله المكرمون المحترمون يشفعون للمحتاجين ، لكن ينبغي الالتفات إلى أنّ هؤلاء( وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) ومن المسلّم أنّ رضى الله وإذنه في الشفاعة لا يمكن أن يكون أي منهما اعتباطيا ، بل لا بدّ أن يكون من أجل الإيمان الحقيقي ، أو الأعمال التي تحفظ علاقة الإنسان بالله.

وبتعبير آخر ، فإنّ من الممكن أن يتلوّث الإنسان بالمعصية ، إلّا أنّه إذا لم يقطع علاقته بالله وأوليائه تماما ، فإنّ الشفاعة تؤمّل في حقّه. أمّا إذا قطع علاقته تماما من ناحية الاتّجاه الفكري والعقائدي ، أو أنّه غرق في المعاصي والانحراف من الناحية العملية ، إلى الحدّ الذي يفقد معه لياقة الشفاعة أو استحقاقها ، ففي هذه الحال سوف لا يشفع له أي نبي مرسل أو ملك مقرّب.

إنّ هذا هو نفس المطلب الذي أوردناه في بحث فلسفة الشفاعة ضمن البحوث السابقة ، بأنّ الشفاعة هي طريق لتهذيب الإنسان ، ووسيلة لإرجاع المذنبين إلى الصراط المستقيم ، والمنع من اليأس أو القنوط ، والذي هو بنفسه عامل للانزلاق والغرق في الانحراف والمعصية.

إنّ الإيمان بمثل هذه الشفاعة يبعث على بقاء ارتباط المذنبين بالله ورسله والأئمّة ، ولا يهدموا كلّ الجسور خلفهم ، ويحفظوا خطّ الرجعة(١) .

ثمّ إنّ هذه الجملة تجيب ضمنا أولئك الذين يقولون : إنّنا نعبد الملائكة لتشفع لنا عند الله ، فيقول القرآن لهم : إنّ هؤلاء لا يقدرون على فعل شيء من تلقاء

__________________

(١) بحثنا في مجال الشفاعة بصورة مفصّلة في ذيل الآيتين (٤٨ و ٢٥٤) من سورة البقرة فراجع.

١٥٢

أنفسهم ، وكلّ ما تريدونه يجب أن تطلبوه من الله مباشرة ، وحتّى إذن شفاعة الشافعين.

٦ ـ ونتيجة لهذه المعرفة والوعي( وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) فهم لا يخشون من أن يكونوا قد أذنبوا ، بل يخافون من التقصير في العبادة أو ترك الأولى.

ومن بديع اللغة العربية ، أنّ «الخشية» من ناحية الأصل اللغوي لا تعني كلّ خوف ، بل الخوف المقترن بالتعظيم والاحترام.

وكلمة «مشفق» من مادّة الإشفاق ، بمعنى التوجّه الممتزج بالخوف ، لأنّها في الأصل مأخوذة من الشفق ، وهو الضياء الممتزج بالظلمة.

فبناء على هذا ، فإنّ خوف الملائكة ليس كخوف الإنسان من حادثة مرعبة مخيفة ، وكذلك إشفاقهم فإنّه لا يشبه خوف الإنسان من موجود خطر ، بل إنّ خوفهم وإشفاقهم ممزوجان بالاحترام ، والعناية والتوجّه ، والمعرفة والإحساس بالمسؤولية(١) .

من الواضح أنّ الملائكة مع هذه الصفات البارزة والممتازة ، ومقام العبودية الخالصة لا يدّعون الالوهية مطلقا ، أمّا إذا فرضنا ذلك( وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ).

إنّ ادّعاء الالوهية في الحقيقة مصداق واضح على ظلم النفس والمجتمع ، ويندرج في القانون العامّ( كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) .

* * *

__________________

(١) مفردات الراغب مادّة خشية وشفق ، وتفسير الصافي ذيل الآيات مورد البحث.

١٥٣

الآيات

( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣) )

التّفسير

علامات أخرى لله في عالم الوجود :

تعقيبا على البحوث السابقة حول عقائد المشركين الخرافية ، والأدلّة التي ذكرت على التوحيد ، فإنّ في هذه الآيات سلسلة من براهين الله في عالم الوجود ، وتدبيره المنظّم ، وتأكيدا على هذه البحوث تقول أوّلا :( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ ) .

لقد ذكر المفسّرون أقوالا كثيرة فيما هو المراد من «الرتق» و «الفتق»

١٥٤

المذكورين هنا في شأن السماوات والأرض؟ ويبدو أنّ الأقرب من بينها ثلاثة تفاسير ، ويحتمل أن تكون جميعا داخلة في مفهوم الآية(١) .

١ ـ إنّ رتق السّماء والأرض إشارة إلى بداية الخلقة ، حيث يرى العلماء أنّ كلّ هذا العالم كان كتلة واحدة عظيمة من البخار المحترق ، وتجزّأ تدريجيّا نتيجة الإنفجارات الداخلية والحركة ، فتولّدت الكواكب والنجوم ، ومن جملتها المنظومة الشمسية والكرة الأرضية ، ولا يزال العالم في توسّع دائب.

٢ ـ المراد من الرتق هو كون مواد العالم متّحدة ، بحيث تداخلت فيما بينها وكانت تبدو وكأنّها مادّة واحدة ، إلّا أنّها انفصلت عن بعضها بمرور الزمان ، فأوجدت تركيبات جديدة ، وظهرت أنواع مختلفة من النباتات والحيوانات والموجودات الأخرى في السّماء والأرض ، موجودات كلّ منها نظام خاص وآثار وخواص تختص بها ، وكلّ منها آية على عظمة الله وعلمه وقدرته غير المتناهية(٢) .

٣ ـ إنّ المراد من رتق السّماء هو أنّها لم تكن تمطر في البداية ، والمراد من رتق الأرض أنّها لم تكن تنبت النبات في ذلك الزمان ، إلّا أنّ الله سبحانه فتق الإثنين ، فأنزل من السّماء المطر ، وأخرج من الأرض أنواع النباتات. والرّوايات المتعدّدة الواردة عن طرق أهل البيتعليهم‌السلام تشير إلى المعنى الأخير ، وبعضها يشير إلى التّفسير الأوّل(٣) .

لا شكّ أنّ التّفسير الأخير شيء يمكن رؤيته بالعين ، وكيف أنّ المطر ينزل من السّماء ، وكيف تنفتق الأرض وتنمو النباتات ، وهو يناسب تماما قوله تعالى :( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) وكذلك ينسجم وقوله تعالى :( وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ ) .

__________________

(١) الفخر الرازي ، في التّفسير الكبير ، وبعض المفسّرين الآخرين.

(٢) الميزان ، ذيل الآية.

(٣) يراجع تفسير الصافي ، ونور الثقلين ، ذيل الآية مورد البحث.

١٥٥

إلّا أنّ التّفسيرين الأوّل والثّاني أيضا لا يخالفان المعنى الواسع لهذه الآية ، لأنّ الرؤية تأتي أحيانا بمعنى العلم. صحيح أنّ هذا العلم والوعي ليس للجميع ، بل إنّ العلماء وحدهم الذين يستطيعون أن يكتسبوا العلوم حول ماضي الأرض والسّماء ، واتّصالهما ثمّ انفصالهما ، إلّا أنّنا نعلم أنّ القرآن ليس كتابا مختصا بعصر وزمان معيّن ، بل هو مرشد ودليل للبشر في كلّ القرون والأعصار.

من هذا يظهر أنّ له محتوى عميقا يستفيد منه كلّ قوم وفي كلّ زمان ، ولهذا نعتقد أنّه لا مانع من أن تجتمع للآية التفاسير الثلاثة ، فكلّ في محلّه كامل وصحيح وقد قلنا مرارا : إنّ استعمال لفظ واحد في أكثر من معنى ليس جائزا فحسب ، بل قد يكون أحيانا دليلا على كمال الفصاحة ، وإنّ ما نقرؤه في الرّوايات من أنّ للقرآن بطونا مختلفة يمكن أن يكون إشارة إلى هذا المعنى.

وأمّا فيما يتعلّق بإيجاد كلّ الكائنات الحيّة من الماء الذي أشير إليه في ذيل الآية ، فهناك تفسيران مشهوران :

أحدهما : إنّ حياة كلّ الكائنات الحيّة ـ سواء كانت النباتات أم الحيوانات ـ ترتبط بالماء ، هذا الماء الذي كان مبدؤه ـ المطر الذي نزل من السّماء.

والآخر : إنّ الماء هنا إشارة إلى النطفة التي تتولّد منها الكائنات الحيّة عادة.

وما يلفت النظر أنّ علماء عصرنا الحديث يعتقدون أنّ أوّل انبثاقة للحياة وجدت في أعمال البحار ، وذلك يرون أنّ بداية الحياة من الماء. وإذا كان القرآن يعتبر خلق الإنسان من التراب ، فيجب أن لا ننسى أنّ المراد من التراب هو الطين المركّب من الماء والتراب.

والجدير بالذكر أيضا أنّه طبقا لتحقيقات العلماء ، فإنّ الماء يشكّل الجزء الأكبر من بدن الإنسان وكثير من الحيوانات ، وهو في حدود ٧٠ خ!

وما يورده البعض من أنّ خلق الملائكة والجنّ ليس من الماء ، مع أنّها كائنات حيّة ، فجوابه واضح ، لأنّ المراد هو الموجودات الحيّة المحسوسة بالنسبة لنا.

١٥٦

وفي حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّ رجلا سأله : ما طعم الماء؟ فقال الإمام أوّلا : «سل تفقّها ولا تسأل تعنّتا» ثمّ أضاف : «طعم الماء طعم الحياة! قال الله سبحانه:( وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ ) .

وخاصة عند ما يصل الإنسان إلى الماء السائغ بعد عطش طويل في الصيف ، وفي ذلك الهواء المحرق ، فإنّه حينما تدخل أوّل جرعة ماء إلى جوفه يشعر أنّ الروح قد دبّت في بدنه ، وفي الواقع أراد الإمام أن يجسّد الارتباط والعلاقة بين الحياة والماء بهذا التعبير الجميل.

وأشارت الآية التالية إلى جانب آخر من آيات التوحيد ونعم الله الكبيرة ، فقالت :( وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ ) (١) وقلنا فيما مضى : إنّ الجبال كالدرع الذي يحمي الأرض ، وهذا هو الذي يمنع ـ إلى حدّ كبير ـ من الزلازل الأرضيّة الشديدة التي تحدث نتيجة ضغط الغازات الداخلية. إضافة إلى أنّ وضع الجبال هذا يقلّل من حركات القشرة الأرضيّة أمام ظاهرة المدّ والجزر الناشئة بواسطة القمر إلى الحدّ الأدنى.

ومن جهة أخرى فلو لا الجبال ، فإنّ سطح الأرض سيكون معرّضا للرياح القويّة دائما ، وسوف لا تستقرّ على حال أبدا ، كما هي حال الصحاري المقفرة المحرقة.

ثمّ أشارت الآية إلى نعمة أخرى ، وهي أيضا من آيات عظمة الله ، فقالت :( وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ) .

ولو لم تكن هذه الوديان والفجاج ، فإنّ سلاسل الجبال العظيمة الموجودة في المناطق المختلفة من الأرض كانت ستنفصل بعضها عن بعض بحيث ينفصل

__________________

(١) «رواسي» جمع راسية أي الجبال الثابتة ، ولمّا كانت هذه الجبال تتّصل جذورها ، فيمكن أن تكون إشارة إلى هذا الارتباط ، وقد ثبت من الناحية العلمية أن لاتصال أصول الجبال أثر عميق في منع الزلازل الأرضية. «وتميد» من الميد ، وهو الهزّة والحركة غير الموزونة للأشياء الكبيرة.

١٥٧

ارتباطها تماما ، وهذا يدلّ انّ هذه الظواهر الكونيّة كلّها وفق حساب دقيق.

ولمّا كان استقرار الأرض لا يكفي لوحده لاستقرار حياة الإنسان ، بل يجب أن يكون آمنا ممّا فوقه ، فإنّ الآية التالية تضيف :( وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ ) .

المراد من السّماء هنا ـ كما قلنا سابقا ـ هو الجوّ الذي يحيط بالأرض دائما ، وتبلغ ضخامته مئات الكيلومترات كما توصّل إليه العلماء.

وهذه الطبقة رقيقة ظاهرا ، وتتكوّن من الهواء والغازات ، وهي محكمة ومنيعة إلى الحدّ الذي لا ينفذ جسم من خارجها إلى الأرض إلّا ويفنى ويتحطّم ، فهي تحفظ الكرة الأرضية من سقوط الشهب والنيازك «ليل نهار» التي تعتبر أشدّ خطرا حتّى من القذائف العسكرية.

إضافة إلى أنّ هذا الغلاف الجوي يقوم بتصفية أشعّة الشمس التي تحتوي على أشعّة قاتلة وتمنع من نفوذ تلك الأشعة الكونية القاتلة.

أجل ، إنّ هذه السّماء سقف متين منيع حفظه الله من الهدم والسقوط(١) .

وتطرّقت الآية الأخيرة إلى خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، فقالت :( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) .

* * *

بحثان

١ ـ تفسير قوله تعالى :( كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )

اختلف المفسّرون في تفسير هذه الآية ، أمّا ما يناسب تحقيقات علماء الفلك

__________________

(١) يعتقد بعض المفسّرين أنّ الآية المذكورة تنسجم والآيات التي وردت في القرآن المجيد حول حفظ السّماء من صعود الشياطين بواسطة الشهب ، مثل( وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ ) الصافات ، ٧.

إلّا أنّ من الواضح أنّ هذا التّفسير لا يناسب كلمة «سقف» ، لأنّ السقف غطاء لمن تحته ، لا لمن فوقه. دقّقوا ذلك.

١٥٨

الثابتة ، فهو أنّ المراد من حركة الشمس في الآية إمّا الدوران حول نفسها ، أو حركتها ضمن المنظومة الشمسيّة.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ كلمة (كل) يمكن أن تكون إشارة إلى الشمس والقمر ، وكذلك النجوم ، والتي تستفاد من كلمة «الليل».

واحتمل بعض المفسّرين أن تكون إشارة إلى كلّ من الليل والنهار والشمس والقمر ، لأنّ «الليل» ـ والذي هو الظّل المخروطي للأرض ـ له مدار خاص ، فإذا نظر إنسان ـ خارج الكرة الأرضية ـ من بعيد إليه ، فسيرى أنّ هذا الظل المخروطي في حركة مستمرة حول الأرض ، وسيرى نور الشمس الذي يشعّ على الأرض ويشكّل في النهار كالأسطوانة التي تنتقل دائما حول هذه الكرة ، وبناء على هذا فإنّ لكلّ من الليل والنهار مدارا ومكانا خاصا به(١) .

ويحتمل أيضا أن يكون المراد من حركة الشمس حركتها في إحساسنا ، لأنّ كلّا من الشمس والقمر في دوران مستمر في نظر الناظرين من أهل الأرض

٢ ـ السّماء سقف محكم

قلنا فيما مضى : إنّ (السّماء) وردت في القرآن بمعان مختلفة ، فجاءت تارة بمعنى الجو ، أيّ الطبقة الضخمة من الهواء (الغلاف الغازي) الذي يحيط بالأرض ، كالآية آنفة الذكر. ولا بأس أن نسمع هنا توضيحا أكثر حول إحكام هذا السقف العظيم من لسان العلماء :

كتب (فرانك ألن) أستاذ الفيزياء الحياتية يقول : إنّ الجو الذي يتكوّن من الغازات التي تحفظ الحياة على سطح الأرض ضخم إلى الحدّ الذي يستطيع أن يكون كالدرع الذي يحفظ الأرض من شرّ المجموعة القاتلة المتكوّنة من عشرين

__________________

(١) اقتباس من الميزان ، ذيل الآية.

١٥٩

مليون شهاب سماوي تسير بسرعة ٥٠ كيلومتر في الثّانية لتتساقط يوميا على الأرض.

إنّ الغلاف الجوي إضافة إلى فوائده الأخرى ، فإنّه يحفظ درجة الحرارة على سطح الأرض في حدود مناسبة تساعد على الحياة ، وهو ذخيرة مهمّة جدّا لنقل الماء والبخار من المحيطات إلى اليابسة ، ولو لم يكن كذلك لكانت كلّ القارات صحاري يابسة لا يمكن الحياة فيها ، وعلى هذا فيجب القول بأنّ المحيطات والغلاف الجوّي هي التي تحفظ للأرض توازنها وثباتها في مدارها.

إنّ وزن بعض هذه الشهب التي تسقط على الأرض يبلغ جزءا من ألف من الغرام ، إلّا أنّ قوته نتيجة تلك السرعة الخارقة يعادل قوّة الأجزاء الذرية التي في القنبلة المخرّبة! وقد يكون حجم تلك الشهب بمقدار ذرّة الرمل أحيانا!

في كلّ يوم تحترق ملايين من هذه الشهب قبل وصولها إلى سطح الأرض ، أو تتحوّل إلى بخار ، إلّا أنّ حجم ووزن بعض الشهب كبير إلى حدّ تخترق معه الغلاف الجوي وتصيب سطح الأرض.

ومن جملة الشهب التي عبرت الغلاف الغازي ووصلت إلى الأرض ، هو الشهاب العظيم المعروف بـ (سيبري) ، والذي أصاب الأرض سنة ١٩٠٨ وكان قطره بشكل أنّه شغل مكانا من الأرض بمقدار (٤٠) كيلومترا تقريبا وسبّب خسائر كبيرة.

والشهاب الآخر الذي سقط في (أريزونا) في أمريكا ، والذي كان بقطر كيلومتر واحد وعمق (٢٠٠) متر ، أحدث عند سقوطه على الأرض حفرة عميقة فيها ، وتولّدت منه شهب صغيرة كثيرة نتيجة انفجاره شغلت مساحة كبيرة نسبيّا من الأرض.

ويكتب (كرسي موريسن) : إنّ الهواء المحيط بالأرض لو كان أقل قليلا ممّا عليه ، فإنّ الأجرام السماوية والشهب الثاقبة التي ترده بمقدار عدّة ملايين شهاب

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

[١١٠٧٩] ٤ - الصدوق في المقنع: وإن أحببت أن تدخل الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها، ثم قل: اللهم إنّك قلت:( وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) (١) فآمنّي من النار، ثم صلّ بين الإسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين، تقرأ في الركعة الأُولى حم السجدة، وفي الثانية عدد آيها من القرآن، ثم تقول: يا الله يا الله يا الله، يا عظيم يا عظيم يا عظيم، أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم، فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلّا العظيم، لا إله إلّا أنت، ولا تدخلها بحذاء، ولا خفّ، ولا تبزق فيها، ولا تمتخط.

[١١٠٨٠] ٥ - الشيخ الطبرسي في إعلام الورى: نقلاً عن كتاب أبان بن عثمان، قال: حدثني بشير النبال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لمّا كان فتح مكّة قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عند من المفتاح؟ قالوا: عند أم شيبة، فدعا شيبة فقال: اذهب إلى أمّك فقل لها ترسل بالمفتاح، فقالت: قل له: قتلت مقاتلنا وتريد أن تأخذ منا مكرمتنا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لترسلن به أو لأقتلنّك، فوضعته في يد الغلام، فأخذه ودعا عمر، فقال له: هذا تأويل(١) رؤياي من قبل، ثم قامصلى‌الله‌عليه‌وآله ففتحه، وستره فمن يومئذ يستر، ثم دعا الغلام فبسط رداءه فجعل فيه المفتاح وقال: ردّه إلى أمّك.

قال: ودخل صناديد قريش الكعبة وهم يظنّون أن السيف لا يرفع عنهم، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله البيت، وأخذ بعضادتي

__________________

٤ - المقنع ص ٩٣.

(١) آل عمران ٣: ٩٧.

٥ - إعلام الورى ص ١١١.

(١) ليس في المصدر.

٣٦١

الباب، ثم قال: لا إله إلّا الله أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم(٢) الأحزاب وحده - إلى أن قالعليه‌السلام - ودخل البيت لم يدخله في حجّ ولا عمرة » الخبر.

٢٦ -( باب استحباب دخول النساء الكعبة، وعدم تأكد الاستحباب لهن)

[١١٠٨١] ١ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي العسكري، عن أبي عبد الله محمّد بن زكريا البصري، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقرعليهما‌السلام يقول: « ليس على النساء أذان - إلى أن قال - ولا دخول الكعبة » الخبر.

[١١٠٨٢] ٢ - الصدوق في المقنع: ووضع عن النساء أربعاً - إلى أن قال - ودخول الكعبة.

٢٧ -( باب استحباب دفن الميت في الحرم، وإن مات في غيره، واختياره على الدفن بعرفات)

[١١٠٨٣] ١ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله ولا حساب عليه ».

__________________

(٢) في المصدر: وغلب.

الباب ٢٦

١ - الخصال ص ٥٨٥ ح ١٢.

٢ - المقنع ص ٧١.

الباب ٢٧

١ - لبّ اللباب: مخطوط.

٣٦٢

[١١٠٨٤] ٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ومن مات بمكّة فكأنّما مات في السماء الدنيا ».

[١١٠٨٥] ٣ - أحمد بن محمّد بن فهد في عدة الداعي: نقلاً عن كتاب المنبئ عن زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، باسناده عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال لأبي ذر في حديث: « ومن مات في حرم الله، آمنه الله من الفزع الأكبر، وأدخله الجنّة » الخبر.

٢٨ -( باب استحباب الإكثار من ذكر الله، وقراءة القرآن، والعبادة وخصوصاً الصلاة بمكّة)

[١١٠٨٦] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وانظر أين أنت فإنّما أنت في حرم الله، وساحة بلاد الله، وهي دار العبادة، فوطّن نفسك على العبادة، فإن الصلاة والصيام والصدقة وأفعال البرّ مضاعفة، والإثم والمعصية أشدّ عذاباً مضاعفة في غيرها، فمن همّ لمعصية ولم يعملها كتب عليه سيئة لقوله تعالى:( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) (١) وليس ذلك في بلد غيره، وإنّما أراد أصحاب الفيلة هدم الكعبة، فعاقبهم الله بإرادتهم قبل فعلهم، فوطّن نفسك على الورع، وأحرز لسانك، فلا تنطق إلّا بما لك(٢) وأكثر من التسبيح والتهليل، والصلاة على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، وافعل الخير، وعليك بصلاة الليل، وطول القنوت،

__________________

٢ - لبّ اللباب: مخطوط.

٣ - عدة الداعي: النسخة المطبوعة منه خالية من هذا الحديث.

الباب ٢٨

١ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٦ ح ١٨ و ١٩.

(١) الحج ٢٢: ٢٥.

(٢) في المصدر زيادة: لا عليك.

٣٦٣

وكثرة الطواف - إلى أن قال - فإن قدرت أن لا تخرج من مكّة حتى تختم القرآن فافعل ».

[١١٠٨٧] ٢ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، وبإسناده عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن عطيّة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « صلى بمكّة تسعمائة نبيّ ».

[١١٠٨٨] ٣ - وفي دعواته: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من مرض يوماً بمكّة كتب الله له من العمل الصالح الذي كان يعمله عبادة ستين سنة، ومن صبر على حرّ مكّة ساعة تباعدت عنه النار مسيرة مائة عام، وتقرّبت منه الجنّة مسيرة مائة عام ».

[١١٠٨٩] ٤ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن يونس، عن أبي عبد الله، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يحيى بن أبي عمر، عن عبد الرحيم بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أدرك شهر رمضان بمكّة من أوّله إلى آخره صيامه وقيامه، كتب الله له مائة ألف شهر رمضان في غير مكّة، وكان له بكلّ يوم مغفرة وشفاعة، وبكلّ ليلة مغفرة(١) ، وبكلّ يوم حملان فرس في سبيل الله تعالى، وبكل يوم دعوة مستجابة، وكتب له بكلّ يوم عتق رقبة(٢) ، وكل يوم حسنة، وكل ليلة حسنة، وكل يوم درجة، وكل

__________________

٢ - قصص الأنبياء، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٨٣ ح ٣٨.

٣ - دعوات الراوندي ص ٧٦، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٨٣ ح ٣٨.

٤ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة منه خالية من هذا الحديث، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٦.

(١) في المصدر زيادة: وشفاعة.

(٢) وفيه زيادة: وكل ليلة عتق رقبة.

٣٦٤

ليلة درجة ».

[١١٠٩٠] ٥ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره مرسلاً: أن كلّ نبيّ أهلك قومه أتى مكّة، وعبد الله تعالى فيها إلى أن يقدم على الله تعالى.

٢٩ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب مقدمات الطواف وما يتبعها)

[١١٠٩١] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وقل عند دخول مكّة: اللهم هذا حرمك وأمنك، فحرّم لحمي ودمي على النار، وآمني يوم القيامة، اللهم اجرني من عذابك ومن سخطك، وإن قدرت أن تغيّر ثوبيك اللذين أحرمت فيهما جعلتهما جديدين فافعل فإنه أفضل، وإن لم يتيسر فلا بأس، وتدخل ممّا ترضيت، ولا ترفع يدك.

وقد روي رفع اليدين ولم يثبت ذلك، وأنكر جابر، وقل: بسم الله، وابدأ برجلك اليمنى قبل اليسرى، وقل: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، وأبواب فضلك، وجوائز مغفرتك، وأعذني(١) من الشيطان الرجيم، واستعملني بطاعتك ورضاك(٢) ».

[١١٠٩٢] ٢٠ - علي بن عيسى الإربلي في كشف الغمة: عن الحافظ أبي نعيم بإسناده عن نصر بن كثير قال: دخلت أنا وسفيان الثوري على جعفر بن

__________________

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي:

الباب ٢٩

١ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١.

(١) في البحار: وأعذنا.

(٢) وفيه: ومرضاتك.

٢ - كشف الغمة ج ٢ ص ١٨٥.

٣٦٥

محمّدعليهما‌السلام ، فقلت: إنّي أريد البيت الحرام فعلّمني ما أدعو به، فقال: « إذا بلغت الحرم فضع يدك على الحائط، وقل: يا سابق الفوت، يا سامع الصوت، يا كاسي العظام لحماً بعد الموت، ثم ادع بما شئت ».

[١١٠٩٣] ٣ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: وروي أن إسماعيل شكا حرّ مكّة، فأوحى الله إليه: إنّي أفتح لك باباً من أبواب الجنّة في الحجر، يجري لك الروح(١) إلى يوم القيامة.

[١١٠٩٤] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في مكّة: « لا يختلى خلاها(١) [ ولا ينفر صيدها ](٢) ولا يعضد شجرها » فقال العباس(٣) : إلّا الإذخر فإنه لبيوتنا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إلّا الإذخر ».

[١١٠٩٥] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « كلّ ظلم في مكّة إلحاد حتى شتم الخادم، وأن الطاعم فيها كالصائم في غيرها ».

[١١٠٩٦] ٦ - مجموعة الشهيد نقلاً من المجلس السبعين من الجليس:

__________________

٣ - لبّ اللباب: مخطوط.

(١) الرُّوح أو الرَّوح هو نسيم الريح.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٤ ح ٥٦.

(١) الخلى - بالقصر: الرطب من النبات، الواحدة خلاة مثل حصى وحصاة (مجمع البحرين ج ١ ح ١٣١).

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: يا رسول الله.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٠ ح ١٢٤.

٦ - مجموعة الشهيد ص ١٥٣ باختلاف يسير، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ١٩٨ =

٣٦٦

بإسناده إلى نضر بن كثير قال: دخلت على جعفر بن محمّدعليهما‌السلام أنا وسفيان الثوري منذ ستين سنة، أو سبعين سنة، فقلت له: إنّي أُريد البيت الحرام فعلمني شيئاً أدعو به، فقال: « إذا بلغت البيت الحرام فضع يدك على حائط البيت، ثم قل: يا سابق الفوت، يا سامع الصوت، يا كاسي العظام لحماً بعد الموت. ثم ادع بعده بما شئت » فقال له سفيان شيئاً لم أفهمه، فقال: « يا سفيان - أو يا أبا عبد الله - إذا جاءك ما تحب فأكثر من الحمد لله، وإذا جاءك ما تكره فأكثر من لا حول ولا قوّة إلّا بالله، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار ».

وقيل: أن أبا جعفر الطبري سمع هذا الدعاء عن جعفرعليه‌السلام ، وكان محتضراً فاستدعى محبرة وصحيفة فكتب، فقيل له: في هذه الحال! فقال: ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى يموت، فمات بعده بساعة.

[١١٠٩٧] ٧ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: وفي الخبر لمّا فرغ إبراهيمعليه‌السلام من بناء البيت، أتاه جبرئيلعليه‌السلام وعلمه مناسك الحج ومعالمه وأركانه، وعلّمه حدود الحرم، وكل موضع كان ملك واقفاً فيه في عهد آدمعليه‌السلام أمره أن يجعل فيه علامة، ونصب فيه حجراً، واستحكمه بتراب حطّه حوله، وكان إبراهيمعليه‌السلام أول من وجد حدود الحرم، وكان كذلك إلى أيام قصيّ فجددها إلى أن كانت في بعض غزوات قريش فألقى بعض تلك العلامات، فحزن لذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

__________________

= ح ١٤ إلى قوله: فأكثر من الاستغفار.

٧ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٠٢.

٣٦٧

فجاءه جبرئيل وقال: أبشر فإنّهم يضعون الأعلام في محالها، ثم جاء ونادى في قبائل قريش، وقال: أما تستحيون انّ الله تعالى أكرمكم بهذا البيت وهذا الحرم وقد ضيّعتم حدوده، والآن يذلّونكم ويختطفونكم، فقالوا: صدقت، فجاؤوا فوضعوا كلّ علامة قلعت في موضعها.

فجاء جبرئيل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: كلّ علم قلع وضعوه في محلّه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن شاء الله أصابوا محلّه » فقال جبرئيل: ما وضعوا حجراً في محلّه إلّا كان معه ملك لئلا يخطئوا، وكان كذلك إلى عام الفتح فجدّدها تميم بن أسد الخزاعي، ثم كان في عهد عمر فبعث أربعة من قريش فجددوها، وجدّدها عثمان في أيام إمارته، وقال: وجاء الأخبار أن حدّه من طرف المدينة من التنعيم ثلاثة أميال، ومن طرف اليمن سبعة أميال، ومن طرف العراق سبعة أميال، ومن طريق معرة تسعة أميال.

٣٦٨

أبواب الطواف

١ -( باب وجوب طواف الحج والعمرة)

[١١٠٩٨] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمّد بن مروان، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: « إنّي لأطوف بالبيت مع أبي إذ أقبل رجل طوال جعشم(١) ، متعمّم بعمامة، فقال: السلام عليك يا ابن رسول الله، قال(٢) : فردّ عليه أبي، فقال: أشياء أردت أن أسألك عنها ما بقي أحد يعلمها إلّا رجل أو رجلان، قال: فلمّا قضى أبي الطواف دخل الحجر فصلى ركعتين، ثم قال: ها هنا يا جعفر، ثم أقبل على الرجل، فقال له أبي: كأنك غريب؟ فقال: أجل، فأخبرني عن هذا الطواف كيف كان ولم كان؟

قال: إنّ الله لمّا قال للملائكة:( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ) (٣) إلى آخر الآية، كان ذلك من يعصي منهم فاحتجب عنهم سبع سنين، فلاذوا بالعرش يلوذون

__________________

أبواب الطواف

الباب ١

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩ ح ٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٠٤ ح ١٧.

(١) هو المنتفخ الجنبين الغليظهما (لسان العرب - جعشم - ج ١٢ ح ١٠٢).

(٢) في المخطوط: فقال، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ٣٠.

٣٦٩

يقولون: لبيك ذا المعارج لبيك، حتى تاب عليهم، فلمّا أصاب آدمعليه‌السلام الذنب طاف بالبيت حتى قبل الله منه، قال فقال: صدقت، قال: فعجب أبي من قوله صدقت » الخبر.

[١١٠٩٩] ٢ - وعن محمّد بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « كنت مع أبي في الحجر، فبينا هو قائم يصلّي إذ أتاه رجل فجلس إليه، فلمّا انصرف سلّم عليه ثم قال: إنّي أسألك عن ثلاثة أشياء لا يعلمها إلّا أنت، ورجل آخر، قال: ما هي؟ قال: أخبرني أيّ شئ كان سبب الطواف بهذا البيت؟

فقال: إنّ الله تبارك وتعالى لمّا أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم ردت الملائكة، فقالت:( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (١) فغضب عليهم، ثم سألوه التوبة فأمرهم أن يطوفوا بالضراح، وهو البيت المعمور، فمكثوا به يطوفون به سبع سنين، يستغفرون الله ممّا قالوا، ثم تاب عليهم من بعد ذلك ورضي عنهم، فكان هذا أصل الطواف، ثم جعل الله البيت الحرام حذاء الضراح، توبة لمن أذنب من بني آدم وطهوراً لهم، فقال: صدقت! - إلى أن قال - ثم قام الرجل، فقلت: من هذا الرجل يا أبه؟ فقال: يا بني هذا الخضرعليه‌السلام ».

[١١١٠٠] ٣ - وعن علي بن الحسين(١) عليهما‌السلام في قوله تعالى:( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا

__________________

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٠ ح ٦، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٠٥ ح ١٨.

(١) البقرة ٢: ٣٠.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٠ ح ٧، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٠٥ ح ١٩.

(١) جاء في هامش المخطوط في نسخة: الحسن هو ابن فضال فيكون الخبر مقطوعاً.

٣٧٠

مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) (٢) ردّوا على الله فقالوا: أتجعل فيها - الخ - وإنّما قالوا ذلك بخلق مضى يعني الجان بن الجن(٣) ، ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك، فمنّوا على الله بعبادتهم إيّاه، فأعرض عنهم، ثم علّم آدم الأسماء كلّها، ثم قال للملائكة:( أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ ) (٤) قالوا: لا علم لنا( قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ) (٥) فأنبأهم ثم قال لهم:( اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا ) (٦) وقالوا في سجودهم في أنفسهم: ما كنّا نظنّ أن يخلق الله خلقاً أكرم عليه منّا، نحن خزّان الله وجيرانه، وأقرب الخلق إليه، فلمّا رفعوا رؤوسهم قال: (ألم أقل لكم إنّي أعلم)(٧) ما تبدون من ردكم عليّ وما كنتم تكتمون ظننا أن لا يخلق الله خلقاً أكرم عليه منّا (وهم الذين أمروا بالسجود، فلاذوا بالعرش)(٨) ، وأنّها كانت عصابة من الملائكة وهم الذين كانوا حول العرش، لم يكن جميع الملائكة الذين قالوا ما ظنّنا أن يخلق خلقاً أكرم عليه منّا، وهم الذين أمروا بالسجود فلاذوا بالعرش، وقالوا بأيديهم - وأشار بإصبعه يديرها - فهم يلوذون حول العرش إلى يوم القيامة، فلمّا أصاب آدمعليه‌السلام الخطيئة جعل الله هذا البيت لمن أصاب من ولده خطيئة، أتاه فلاذ به من ولد آدم كما لاذ أولئك بالعرش، الخبر.

__________________

(٢) البقرة ٢: ٣٠.

(٣) في المخطوط: الجان، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) البقرة ٢: ٣١.

(٥) البقرة ٢: ٣٣.

(٦) البقرة ٢: ٣٤.

(٧) في المصدر: الله يعلم.

(٨) في المصدر: فلمّا عرف الملائكة أنها وقعت في خطيئة لاذوا بالعرش.

٣٧١

[١١١٠١] ٤ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام : أنه نظر إلى ناس يطوفون وينصرفون، فقال: « والله لقد أمروا مع هذا بغيره، قيل وما أمروا يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: [ أمروا ](١) إذا فرغوا من طوافهم (أن يعرضوا)(٢) علينا أنفسهم ».

[١١١٠٢] ٥ - وعن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الطواف من أركان(١) الحج، فمن ترك الطواف الواجب متعمداً فلا حجّ له ».

وعنه(٢) عليه‌السلام ، أنه سئل عمّن طاف طواف الفريضة فلم يدر؟، الخبر.

[١١١٠٣] ٦ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّوجلّ:( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (١) ، قال: « التفث: الرمي والحلق، والنذور: من نذر أن يمشي، والطواف: هو طواف (الإفاضة، وهو طواف)(٢) الزيارة بعد الذبح والحلق [ يوم النحر ](٣) و [ هذا الطواف ](٤) هو طواف واجب ».

__________________

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: أتونا فعرضوا.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٠٩ ح ١٥.

(١) في المصدر: كبار.

(٢) المصدر السابق ج ١ ص ٤١٤.

٦ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٠، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣١٢ ح ٣٩.

(١) الحج ٢٢: ٢٩.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٣٧٢

[١١١٠٤] ٧ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ومن ترك الطواف متعمّداً فلا حجّ له ».

٢ -( باب وجوب طواف النساء على الرجل، والمرأة، والخصيّ، وغيرهم، إلّا في عمرة التمتع، ويحرم الاستمتاع على المحرم قبله)

[١١١٠٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فأدنى ما يتم به فرض الحج الاحرام - إلى أن قال - وطواف النساء ».

وقال في موضع(١) آخر: « ثم تطوف بالبيت أسبوعاً، وهو طواف النساء ».

وقالعليه‌السلام (٢) في موضع آخر: « ومتى لم يطف الرجل طواف النساء لم تحلّ له النساء حتى يطوف، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تجامع حتى تطوف طواف النساء ».

[١١١٠٦] ٢ - الصدوق في المقنع: فإذا زار البيت فطاف، وسعى بين الصفا والمروة، فقد أحلّ من كلّ شئ أحرم منه(١) إلّا النساء، فإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شئ أحرم منه.

__________________

٧ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٢ ح ٤٧.

الباب ٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٩٤ ح ١٧.

(١) نفس المصدر ص ٢٩.

(٢) نفس المصدر ص ٣٠.

٢ - المقنع ص ٩٠.

(١) ليس في المصدر.

٣٧٣

٣ -( باب وجوب ركعتي الطواف الواجب)

[١١١٠٧] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فأدنى ما يتم به فرض الحج الاحرام - إلى أن قال - والصلاة عند المقام ».

[١١١٠٨] ٢ - الصدوق في المقنع: ثم ائت مقام إبراهيم فصلّ ركعتين - إلى أن قال - فهاتان الركعتان هما الفريضة.

٤ -( باب استحباب التطوع بالطواف وتكراره، واختياره على العتق المندوب)

[١١١٠٩] ١ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق عن محمّد بن موسى المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن الباقرعليه‌السلام قال: « إن آدمعليه‌السلام لمّا بنى الكعبة وطاف بها، قال(١) : اللهم إن لكلّ عامل أجراً، اللهم واني قد عملت، فقيل له: سل يا آدم؟ فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقيل له: قد غفرت(٢) لك يا آدم، فقال: ولذريتي من بعدي، فقيل له: يا آدم من باء منهم بذنبه ها هنا كما بؤت غفرت له ».

__________________

الباب ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - المقنع ص ٨١.

الباب ٤

١ - قصص الأنبياء ص ١٦.

(١) في المخطوط: فقال، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: غفر.

٣٧٤

[١١١١٠] ٢ - وفي كتاب لبّ اللباب: روي أنّ الله لمّا أمر آدمعليه‌السلام ببناء الكعبة فبناها، ثم قال: يا ربّ ان لكلّ أجير أجراً فأعطني أجر عملي، قال: يا آدم إذا طفت حوله أغفر لك برحمتي، قال: زدني، قال: وإذا طاف أولادك حولها أغفر لهم، قال: زدني، قال: من كان يأتيه بنيّة على أن يزوره ولم يبلغ إلى ذلك، أغفر له، قال: زدني، قال: كلّ أحد يستغفر له الطائفون اغفر له ببركة دعائهم.

[١١١١١] ٣ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن محمّد بن عبد الله عن محمّد بن جعفر الرزاز، عن خاله علي بن محمّد، عن عمرو بن عثمان الخزاز، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : زين الإيمان الإسلام كما أن زين الكعبة الطواف ».

[١١١١٢] ٤ - ابن فهد (ره) في عدّة الداعي: عن إبراهيم التيمي، قال: كنت أطوف بالبيت الحرام فاعتمد علي أبو عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: « ألا أخبرك يا إبراهيم مالك في طوافك هذا؟ » قال قلت: بلى جعلت فداك، قال: « من جاء إلى ها البيت عارفاً به فطاف به أسبوعاً، وصلى ركعتين في مقام إبراهيمعليه‌السلام ، كتب الله له عشرة آلاف حسنة، ورفع له عشرة آلاف درجة » الخبر.

[١١١١٣] ٥ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب ابتلاء المؤمن: عن أبي

__________________

٢ - لبّ اللباب: مخطوط.

٣ - البحار ج ٩٩ ص ٢٠٦ ح ٢٠ بل عن جامع الأحاديث ص ١٣

٤ - عدة الداعي ص ١٧٨.

٥ - - المؤمن ص ٤٩ ح ١١٦

٣٧٥

عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من طاف بهذا البيت أُسبوعاً، كتب الله عزّوجلّ له ستة آلاف حسنة، ومحا عنه ستّة آلاف سيئة، ورفع له ستة آلاف درجة.

وفي رواية ابن عمّار: « وقضى له ستة آلاف حاجة »

[١١١١٤] ٦ - دعائم الإسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من طاف بهذا البيت أسبوعاً، وأحسن صلاة ركعتيه غفر له ».

[١١١١٥] ٧ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « استكثروا من الطواف، فإنه أقلّ شئ يوجد في صحائفكم يوم القيامة ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إنّ الله يباهي بالطائفين(١) ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « من طاف البيت خمس مرات، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه »(٢) .

[١١١١٦] ٨ - وفي درر اللآلي: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من طاف بهذا البيت سبعاً وصلّى ركعتين، كان كمن أعتق رقبة ».

[١١١١٧] ٩ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأروي(١) أنّ من طاف بالبيت

__________________

٦ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٣

٧ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٦٥ ح ٥٩

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٩٦ ح ٨

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ١٨٦ ح ٢٦١.

٨ - درر اللآلي: ج ١ ص ١٩.

٩ - - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٥

(١) في المصدر: وروي.

٣٧٦

سبعة أشواط، كتب الله له ستة آلاف حسنة، ومحا عنه ستة آلاف سيئة، ورفع له ستة آلاف درجة » الخبر.

[١١١١٨] ١٠ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وعليك بصلاة الليل، وطول القنوت، وكثرة الطواف »

٥ -( باب استحباب إحصاء الأسابيع)

[١١١١٩] ١ - زيد النرسي في أصله: قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الرجل يحوّل خاتمه ليحفظ به طوافه؟ قال: « لا بأس، إنّما يريد به التحفظ »

[١١١٢٠] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ويستحب أن تحصي أسبوعك في كلّ يوم وليلة.

٦ -( باب أنه يستحب للحاج أن يطوف ثلاثمائة وستين أسبوعاً، فإن لم يقدر فثلاثمائة وستين شوطاً ويتم الأسبوع الأخير، فإن لم يقدر فما قدر)

[١١١٢١] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : » يستحب أن يطوف الرجل بمقامه بمكّة ثلاثمائة وستين أُسبوعاً بعدد أيام السنة، فإن لم يقدر عليه طاف ثلاثمائة وستين شوطاً ».

__________________

١٠ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٦

الباب ٥

١ - أصل زيد النرسي ص ٥٥.

٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦١ ح ٤٢.

الباب ٦

١ - - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

٣٧٧

[١١١٢٢] ٢ - وفي بعض نسخة: « ويستحب أن يطوف الرجل مقامه بمكّة بعدد السنة ثلاثمائة وستين أُسبوعاً عدد أيام السنة، فإن لم تستطع فثلاثمائة وستين شوطاً، فإن لم تستطع فأكثر من الطواف ما أقمت بمكّة ».

٧ -( باب أنّ من أقام بمكّة سنة استحب له اختيار الطواف المندوب على الصلاة المندوبة، ومن أقام سنتين تخيّر واستحب له المساواة، ومن أقام ثلاثاً استحب له اختيار الصلاة)

[١١١٢٣] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ويروى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: إنّ الطواف للغريب(١) أفضل من الصلاة، ولأهل مكّة الصلاة أفضل من الطواف »

[١١١٢٤] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لمّا أوحى الله عزّوجلّ إلى إبراهيمعليه‌السلام ( أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) (١) ، أهبط [ الله عزّوجلّ ](٢) إلى الكعبة مائة وسبعين رحمة، فجعل منها ستين للطائفين، وخمسين للعاكفين، وأربعين للمصلين، وعشرين للناظرين ».

[١١١٢٥] ٣ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن عبد الله بن عباس، عن

__________________

٢ - بعض نسخ الرضوي: وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٦.

الباب ٧

١ - بعض نسخ الرضوي: وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٦.

(١) في البحار: للغرب.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٤.

(١) البقرة ٢: ١٢٥.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٩٨.

٣٧٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إنّ الله عزّوجلّ ينزل في كلّ يوم وليلة إلى الكعبة مائة وعشرين رحمة، ستين للطائفين، وأربعين للمصلين، وعشرين للناظرين ».

٨ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور عند الحجر الأسود ووجوب ابتداء الطواف منه)

[١١١٢٦] ١ - بعض نسخ الرضوي: « وإذا انتهيت إلى الحجر الأسود فارفع يديك وقل: بسم الله وبالله(١) والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، واتباعاً لسنّة(٢) نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ووفاء بعهدك، آمنت بالله، وكفرت بالجبت والطاغوت، الله أكبر، لا إله إلّا الله والله أكبر، اللهم لك حججت، وإيّاك أجبت، وإليك وفدت، ولك قصدت، وبك صمدت، وزيارتك أردت، وأنا في فنائك، وفي حرمك، وضيفك، وعلى باب بيتك، نزلت ساحتك، وحللت بفنائك، اللهم أنت ربّي وربّ هذا البيت، اللهم إن هذا اليوم يوم تكره فيه الرفث، وتقضي فيه التفث، وتبرّ فيه القسم، وتعتق فيه النسم، قد جعلت هذا البيت عيداً لخلقك، وقرباناً لهم إليك، ومثابة للناس وأمناً، وجعلته (لهم قيّماً)(٣) بحجّة، ويطاف حوله، ويجاوره العاكف، ويأمن فيه الخائف.

اللهم وإنّي ممّن حجّه لك رغبة فيك، (و)(٤) التماساً لرضائك

__________________

الباب ٨

١ - بعض نسخ الرضوي: وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٢.

(١) ليس في البحار.

(٢) وفيه: لسنتك وسنة.

(٣) في البحار: فيها.

(٤) « الواو » استظهار من المصنف « قده ».

٣٧٩

ورضوانك، وشحّاً على خطيئتي منك، اللهم إنّي أسألك المعافاة في الشكر، والعتق من النار، إنّك أنت أرحم الراحمين.

ثم تدنو من الحجر فتستلمه وتقول: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربّنا بالحق، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر، لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير(٥) وهو على كلّ شئ قدير، وصلى الله على محمّد وعلى آله وسلم ».

[١١١٢٧] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ثم تطوف بالبيت تبدأ بركن الحجر الأسود، وقل: أمانتي أدّيتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي بالموافاة، آمنت بالله عزّوجلّ، وكفرت بالجبت والطاغوت، واللات والعزى وهبل والأصنام، وعبادة الأوثان والشيطان، وكل ند يعبد من دون الله عزّوجلّ، سبحان عمّا يقولون علوّاً كبيراً ».

[١١١٢٨] ٣ - الصدوق في المقنع: فإذا دخلت المسجد فانظر إلى الكعبة وقل: الحمد لله الذي عظّمك وشرّفك وكرّمك، وجعلك مثابة للناس وأمناً مباركاً، وهدى للعالمين، ثم ارفع يديك وقل:

اللهم إنّي أسألك في مقامي هذا في أوّل مناسكي أن تقبل توبتي، وتجاوز عن خطيئتي، وتضع عنّي وزري، الحمد لله الذي بلّغني بيته الحرام، اللهم إنّي أشهد أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس

__________________

(٥) في البحار زيادة: كله.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

٣ - المقنع ص ٨٠.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550