الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 550

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 550 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 215895 / تحميل: 6694
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

فيه ، وقد سطعت نورانيّته ، والذين يسيرون في طريقه سعداء منتصرون؟!

ولكي نعرف مدى أثر القرآن في التوعية وما له من البركات ، فيكفي أن نرى حال سكّان جزيرة العرب قبل نزول القرآن عليهم ، إذ كانوا يعيشون في جاهلية جهلاء وفقر وتعاسة وتفرّق وتمزّق ، ثمّ نرى حالهم بعد نزول القرآن حيث أصبحوا أسوة ومثلا حسنا للآخرين ، ونرى كذلك حال الأقوام الآخرين قبل وصول القرآن إليهم وبعده.

* * *

١٨١

الآيات

( وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (٥١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (٥٢) قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (٥٣) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٥٤) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (٥٥) قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٥٦) وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧) فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٥٨) )

التّفسير

تخطيط إبراهيمعليه‌السلام لتحطيم الأصنام :

قلنا : أنّ هذه السورة تحدّثت ـ كما هو معلوم من اسمها ـ عن جوانب عديدة من حالات الأنبياء ـ ستّة عشر نبيّا ـ فقد أشير في الآيات السابقة إشارة قصيرة إلى رسالة موسى وهارونعليهما‌السلام ، وعكست هذه الآيات وبعض الآيات الآتية جانبا

١٨٢

مهمّا من حياة إبراهيمعليه‌السلام ومواجهته لعبدة الأصنام ، فتقول أوّلا :( وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ ) .

«الرشد» في الأصل بمعنى السير إلى المقصد والغاية ، ومن الممكن أن يكون هنا إشارة إلى حقيقة التوحيد ، وأنّ إبراهيم عرفها واطّلع عليها منذ سني الطفولة.

وقد يكون إشارة إلى كلّ خير وصلاح بمعنى الكلمة والواسع.

والتعبير بـ( مِنْ قَبْلُ ) إشارة إلى ما قبل موسى وهارونعليهما‌السلام .

وجملة( وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ ) إشارة إلى مؤهّلات واستعدادات إبراهيم لاكتساب هذه المواهب ، وفي الحقيقة إنّ الله سبحانه لا يهب موهبة عبثا وبلا حكمة ، فإنّ هذه المؤهّلات استعداد لتقبّل المواهب الإلهيّة ، وإن كان مقام النبوّة مقاما موهوبا.

ثمّ أشارت إلى أحد أهمّ مناهج إبراهيمعليه‌السلام ، فقالت : إنّ رشد إبراهيم قد بان عند ما قال لأبيه وقومه ـ وهو إشارة إلى عمّه آزر ، لأنّ العرب تسمّي العمّ أبا ـ ما هذه التماثيل التي تعبدونها؟( إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ ) .

لقد حقّر إبراهيمعليه‌السلام الأصنام التي كان لها قدسيّة في نظر هؤلاء بتعبير( ما هذِهِ ) (١) أوّلا ، وثانيا بتعبير( التَّماثِيلُ ) لأنّ التمثال يعني الصورة أو المجسّمة التي لا روح لها. ويقول تاريخ عبادة الأصنام : إنّ هذه المجسّمات والصور كانت في البداية ذكرى للأنبياء والعلماء ، إلّا أنّها اكتسبت قدسيّة وأصبحت آلهة معبودة بمضي الزمان.

وجملة( أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ ) بملاحظة معنى «العكوف» الذي يعني الملازمة المقترنة بالاحترام ، توحي بأنّ أولئك كانوا يحبّون الأصنام ، ويطأطئون رؤوسهم في حضرتها ويطوفون حولها ، وكأنّهم كانوا ملازميها دائما.

__________________

(١) إنّ التعبير بـ (ما) في مثل هذه الموارد يشير عادة إلى غير العاقل ، واسم الإشارة القريب أيضا يعطي معنى التحقير أيضا ، وإلّا كان المناسب الإشارة إلى البعيد.

١٨٣

إنّ مقولة إبراهيمعليه‌السلام هذه في الحقيقة استدلال على بطلان عبادة الأصنام ، لأنّ ما نراه من الأصنام هو المجسّمة والتمثال ، والباقي خيال وظنّ وأوهام ، فأي إنسان عاقل يسمح لنفسه أن يوجب عليها كلّ هذا التعظيم والاحترام لقبضة حجر أو كومة خشب؟ لماذا يخضع الإنسان ـ الذي هو أشرف المخلوقات ـ أمام ما صنعه بيده ، ويطلب منه حلّ مشاكله ومعضلاته؟!

إلّا أنّ عبدة الأصنام لم يكن عندهم ـ في الحقيقة ـ جواب أمام هذا المنطق السليم القاطع ، سوى أن يبعدوا المسألة عن أنفسهم ويلقوها على عاتق آبائهم ، ولهذا( قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ ) .

ولمّا كانت حجّتهم بأنّ «هذه العبادة هي سنّة الآباء» غير مجدية نفعا ولا نمتلك دليلا على أنّ السابقين من الآباء والأجداد أعقل وأكثر معرفة من الأجيال المقبلة ، بل القضيّة على العكس غالبا ، لأنّ العلم يتّسع بمرور الزمن ، فأجابهم إبراهيم مباشرة فـ( قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) .

إنّ هذا التعبير المقترن بأنواع التأكيدات ، والحاكي عن الحزم التامّ سبّب أن يرجع عبدة الأصنام إلى أنفسهم قليلا ، ويتوجّهوا إلى التحقّق من قول إبراهيم ، فأتوا إلى إبراهيم( قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ) لأنّ أولئك الذين كانوا قد اعتادوا على عبادة الأصنام ، وكانوا يظنّون أنّ ذلك حقيقة حتميّة ، ولم يكونوا يصدّقون أنّ أحدا يخالفها بصورة جديّة ، ولذلك سألوا إبراهيم هذا السؤال تعجّبا.

إلّا أنّ إبراهيم أجابهم بصراحة :( قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) .

إنّ إبراهيمعليه‌السلام قد بيّن بهذه الكلمات القاطعة أنّ الذي يستحقّ العبادة هو خالقهم وخالق الأرض وكلّ الموجودات ، أمّا قطع الحجر والخشب المصنوعة فهي لا شيء ، وليس لها حقّ العبادة ، وخاصة وقد أكّد بجملة( وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) فأنا لست الشاهد الوحيد على هذه الحقيقة ، بل إنّ كلّ العقلاء الذين

١٨٤

قطعوا حبل التقليد الأعمى شاهدون على هذه الحقيقة.

ومن أجل أن يثبت إبراهيم جديّة هذه المسألة ، وأنّه ثابت على عقيدته إلى أبعد الحدود ، وأنّه يتقبّل كلّ ما يترتّب على ذلك بكلّ وجوده ، أضاف :( وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ) .

«أكيدنّ» مأخوذة من الكيد ، وهو التخطيط السري ، والتفكير المخفي وكان مراده أن يفهمهم بصراحة بأنّني سأستغلّ في النهاية فرصة مناسبة واحطّم هذه الأصنام!

إلّا أنّ عظمة وهيبة الأصنام في نفوسهم ربّما كانت قد بلغت حدّا لم يأخذوا معه كلام إبراهيم مأخذ الجدّ ، ولم يظهروا ردّ فعل تجاهه ، وربّما ظنّوا بأنّ أي إنسان لا يسمح لنفسه أن يهزأ ويسخر من مقدّسات قوم تدعم حكومتهم تلك المقدّسات تماما ، بأيّة جرأة؟ وبأيّة قوّة؟!

ومن هنا يتّضح أنّ ما قاله بعض المفسّرين من أنّ هذه الجملة قد قالها إبراهيم سرّا في نفسه ، أو بيّنها لبعض بصورة خاصّة لا داعي له ، خاصّة وأنّه مخالف تماما لظاهر الآية. إضافة إلى أنّنا سنقرأ بعد عدّة آيات أنّ عبّاد الأصنام قد تذكّروا قول إبراهيم ، وقالوا : سمعنا فتى كان يتحدّث عن مؤامرة ضدّ الأصنام.

على كلّ حال ، فإنّ إبراهيم نفّذ خطّته في يوم كان معبد الأوثان خاليا من الناس ولم يكن أحد من الوثنيين حاضرا.

وتوضيح ذلك : إنّه طبقا لنقل بعض المفسّرين ، فإنّ عبدة الأوثان كانوا قد اتّخذوا يوما خاصّا من كلّ سنة عيدا لأصنامهم ، وكانوا يحضرون الأطعمة عند أصنامهم في المعبد في ذلك اليوم ، ثمّ يخرجون من المدينة أفواجا ، وكانوا يرجعون في آخر النهار ، فيأتون إلى المعبد ليأكلوا من ذلك الطعام الذي نالته البركة في اعتقادهم.

وكانوا قد عرضوا على إبراهيم أن يخرج معهم ، إلّا أنّه اعتذر بالمرض ولم

١٨٥

يخرج معهم.

على كلّ حال ، فإنّ إبراهيم من دون أن يحذر من مغبّة هذا العمل وما سيحدث من غضب عبدة الأصنام العارم ، دخل الميدان برجولة وتوجّه إلى حرب هذه الآلهة الجوفاء ـ التي لها أنصار متعصّبون جهّال ـ بشجاعة خارقة وحطّمها بصورة يصفها القرآن فيقول :( فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ ) وكان هدفه من تركه( لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ) (١) .

* * *

ملاحظتان

١ ـ الصنميّة في أشكال متعدّدة

صحيح أنّ أذهاننا تنصرف من لفظ عبادة الأصنام إلى الأصنام الحجرية والخشبية على الأكثر ، إلّا أنّ الصنم والصنمية ـ من وجهة نظر ـ لها مفهوم واسع يشمل كلّ ما يبعد الإنسان عن الله ، بأي شكل وصورة كان ، حيث يقول الحديث المعروف : «كلّما شغلك عن الله فهو صنمك».

وفي حديث عن الأصبغ بن نباته ـ وهو أحد أصحاب الإمام عليعليه‌السلام المعروفين أنّه قال : انّ علياعليه‌السلام مرّ بقوم يلعبون الشطرنج ، فقال : «ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ لقد عصيتم الله ورسوله»(٢) .

__________________

(١) قال كثير من المفسّرين : إنّ مرجع ضمير (إليه) إلى إبراهيم ، وقال البعض أنّ المراد هو الصنم الكبير ، إلّا أنّ الأوّل يبدو هو الأصحّ.

أمّا ما نقرؤه في الآية آنفة الذكر من أنّه كان أكبرهم ، فيمكن أن يكون إشارة إلى كبره الظاهري ، أو إشارة إلى احترامه من قبل عبّاد الأصنام الخرافيين ، أو إلى الإثنين معا.

(٢) مجمع البيان ، ذيل الآية مورد البحث.

١٨٦

٢ ـ قول عبدة الأصنام وجواب إبراهيم

ممّا يلفت النظر أنّ عبدة الأصنام قالوا في جواب إبراهيمعليه‌السلام ، اعتمادا على كثرتهم ، وعلى طول الزمان : إنّا وجدنا آباءنا على هذا الدين. فأجابهم على كلا الشّقين ، بأنّكم كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين دائما. أي إنّ الإنسان العاقل الذي له تفكير مستقل لا يربط نفسه بمثل هذه الأوهام مطلقا ، فلا يعتبر كثرة الأنصار للمذهب المتداول دليلا على أصالته ، وكذلك لا يعتنى بدوامه وتجذّره.

* * *

١٨٧

الآيات

( قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٥٩) قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ (٦٠) قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (٦١) قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ (٦٢) قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ (٦٣) فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤) ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥) قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٧) )

التّفسير

إبراهيم وبرهانه المبين :

وأخيرا انتهى يوم العيد ، ورجع عبدة الأصنام فرحين إلى المدينة ، فأتوا إلى المعبد مباشرة ، حتّى يظهروا ولاءهم للأصنام ، وليأكلوا من الأطعمة التي تبرّكت ـ

١٨٨

بزعمهم ـ بمجاورة الأصنام. فما أن دخلوا المعبد حتّى واجهوا منظرا أطار عقولهم من رؤوسهم ، فقد وجدوا تلّا من الأيادي والأرجل المكسّرة المتراكمة بعضها على البعض الآخر في ذلك المعبد المعمور ، فصاحوا و( قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا ) (١) ؟! ولا ريب أنّ من فعل ذلك فـ( إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ) فقد ظلم آلهتنا ومجتمعنا ونفسه! لأنّه عرض نفسه للهلاك بهذا العمل.

إلّا أنّ جماعة منهم تذكّروا ما سمعوه من إبراهيمعليه‌السلام وازدرائه بالأصنام وتهديده لها وطريقة تعامله السلبي لهذه الآلهة المزعومة!( قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ ) (٢) .

صحيح أنّ إبراهيم ـ طبقا لبعض الرّوايات ـ كان شابا ، وربّما لم يكن سنّة يتجاوز (١٦) عاما ، وصحيح أنّ كلّ خصائص الرجولة من الشجاعة والشهامة والصراحة والحزم قد جمعت فيه ، إلّا أنّه من المسلّم به أنّ مراد عبّاد الأصنام لم يكن سوى التحقير ، فبدل أن يقولوا : إنّ إبراهيم قد فعل هذا الفعل ، قالوا : إنّ فتى يقال له إبراهيم كان يقول كذا أي إنّه فرد مجهول تماما ، ولا شخصيّة له في نظرهم.

إنّ المألوف ـ عادة ـ عند ما تقع جريمة في مكان ما ، فإنّه ومن أجل كشف الشخص الذي قام بهذا العمل ، تبحث علاقات الخصومة والعداء ، ومن البديهي أنّه لم يكن هناك شخص في تلك البيئة من يعادي الأصنام غير إبراهيم ، ولذلك توجّهت إليه أفكار الجميع ، و( قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) عليه بالجريمة.

__________________

(١) اعتبر بعض المفسّرين (من) هنا موصولة ، إلّا أنّ ملاحظة الآية التالية التي هي في حكم الجواب ، فسيظهر أنّ (من) هنا استفهامية.

(٢) كما أشرنا سابقا : إنّ الوثنيين لم يكونوا مستعدّين للقول : أنّ هذا الفتى كان يعيب الآلهة ، بل قالوا فقط : إنّه كان يتحدّث عن الأصنام.

١٨٩

واحتمل بعض المفسّرين أن يكون المراد مشاهدة منظر عقاب إبراهيم ، لا الشهادة على كونه مجرما. غير أنّ الآيات المقبلة التي لها صبغة التحقيق والاستجواب تنفي هذا الاحتمال ، إضافة إلى أنّ التعبير بـ «لعلّ» لا يناسب المعنى الثّاني ، لأنّ الناس إذا حضروا ساحة العقاب فسيشاهدون ذلك المنظر حتما ، فلا معنى لـ «لعلّ».

فنادى المنادون في نواحي المدينة : «ليحضر كلّ من يعلم بعداء إبراهيم وإهانته للأصنام» ، فاجتمع كلّ الذين كانوا يعلمون بالموضوع ، وكذلك سائر الناس ليروا أين ستصل عاقبة عمل هذا المتّهم؟

لقد حدثت ضجّة وهمهمة عجيبة بين الناس ، لأنّ هذا العمل كان في نظرهم جريمة لم يسبق لها نظير من قبل شابّ مثير للفتن والمتاعب ، وكانت قد هزّت البناء الديني للناس.

وأخيرا تشكّلت المحكمة ، وكان زعماء القوم قد اجتمعوا هناك ، ويقول بعض المفسّرين : أنّ نمرود نفسه كان مشرفا على هذه المحاكمة ، وأوّل سؤال وجّهوه إلى إبراهيمعليه‌السلام هو أن :( قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ ) ؟

هؤلاء لم يكونوا مستعدّين حتّى للقول : أأنت حطّمت آلهتنا وجعلتها قطعا متناثرة؟ بل قالوا فقط : أأنت فعلت بآلهتنا ذلك؟

فأجابهم إبراهيم جوابا أفحمهم ، وجعلهم في حيرة لم يجدوا منها مخرجا( قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) .

إنّ من أسس علم معرفة الجرائم أن يكون المتّهم بادية عليه آثار الجريمة ، والملاحظ هنا أنّ آثار الجريمة كانت بادية على يد الصنم الكبير ، [وفقا للرواية المعروفة : إنّ إبراهيم جعل الفأس على رقبة الصنم الكبير].

لماذا تأتون إليّ؟ ولماذا لا تتّهمون إلهكم الكبير؟ ألا تحتملون أنّه غضب على الآلهة الصغيرة ، أو إنّه اعتبرهم منافسيه في المستقبل فعاقبهم؟

١٩٠

ولمّا كان ظاهر هذا التعبير لا يطابق الواقع في نظر المفسّرين ، ولمّا كان إبراهيم نبيّا معصوما ولا يكذب أبدا ، فقد ذكروا تفاسير مختلفة ، وأفضلها كما يبدو هو :

إنّ إبراهيمعليه‌السلام قد نسب العمل إلى كبير الأصنام قطعا ، إلّا أنّ كلّ القرائن تشهد أنّه لم يكن جادّا في قصده ، بل كان يريد أن يزعزع عقائد الوثنين الخرافية الواهية ، ويفنّدها أمامهم ، ويفهم هؤلاء أنّ هذه الأحجار والأخشاب التي لا حياة فيها ذليلة وعاجزة إلى الحدّ الذي لا تستطيع أن تتكلّم بجملة واحدة تستنجد بعبّادها ، فكيف يريدون منها أن تحلّ معضلاتهم؟!

ونظير هذا التعبير كثير في محادثاتنا اليوميّة ، فنحن إذا أردنا إبطال أقوال الطرف المقابل نضع أمامه مسلّماته على هيئة الأمر أو الإخبار أو الاستفهام ، وهذا ليس كذبا أبدا ، بل الكذب هو القول الذي لا يمتلك القرينة معه.

وفي رواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام في كتاب الكافي : «إنّما قال : بل فعله كبيرهم ، إرادة الإصلاح ، ودلالة على أنّهم لا يفعلون» ثمّ قال : «والله ما فعلوه وما كذّب».

واحتمل جمع من المفسّرين أنّ إبراهيم قد أدّى هذا المطلب بشكل جملة شرطيّة وقال : إنّ الأصنام إذا كانت تتكلّم فإنّها قد فعلت هذا الفعل ، ومن المسلّم أنّ هذا التعبير لم يكن خلاف الواقع ، لأنّ الأصنام لم تكن تتكلّم ، ولم تكن قد أقدمت على مثل هذا العمل ، ولم يصدر منها ، ووردت رواية في مضمون هذا التّفسير أيضا.

إلّا أنّ التّفسير الأوّل يبدو هو الأقرب ، لأنّ الجملة الشرطيّة «إن كانوا ينطقون» جواب الطلب في «فاسألوهم» ، وليست شرطا لجملة «بل فعله كبيرهم».

(فلاحظوا بدقّة).

واللطيفة الاخرى التي ينبغي الالتفات إليها هي : إنّ العبارة هي أنّه يجب أن

١٩١

يسأل من الأصنام المحطّمة الأيدي والأرجل عمّن فعل بها ذلك ، لا من الصنم الكبير لأنّ ضمير (هم) ، وكذلك ضمائر «إن كانوا ينطقون» كلّها بصيغة الجمع ، وهذا أنسب مع التّفسير الأوّل(١) .

لقد هزّت كلمات إبراهيم الوثنيين وأيقظت ضمائرهم النائمة الغافلة ، وأزاح الرماد عن شعلة النّار فأضاءها ، وأنار فطرتهم التوحيديّة من خلف حجب التعصّب والجهل.

في لحظة سريعة استيقظوا من هذا النوم العميق ورجعوا إلى فطرتهم ووجدانهم ، كما يقول القرآن :( فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ) (٢) فقد ظلمتم أنفسكم ومجتمعكم الذي تنتمون إليه ، وكذلك ساحة الله واهب النعم المقدّسة.

والطريف في الأمر أنّنا قرأنا في الآيات السابقة أنّهم اتّهموا إبراهيم بكونه ظالما ، وهنا قبلوا واعترفوا في أنفسهم بأنّ الظالم الأصلي والحقيقي هو أنفسهم.

وفي الواقع فإنّ كلّ مراد إبراهيم من تحطيم الأصنام تحطيم فكر الوثنية وروح الصنمية ، لا تحطيم الأصنام ذاتها ، إذ لا جدوى من تحطيمها إذا صنع الوثنيّون العنودون أصناما أكبر منها وجعلوها مكانها ، وتوجد أمثلة كثيرة لهذه المسألة في تأريخ الأقوام الجاهلين المتعصّبين.

إلى الآن استطاع إبراهيم أن يجتاز بنجاح مرحلة حسّاسة جدا من طريق تبليغه الرسالة ، وهي إيقاظ الضمائر عن طريق إيجاد موجة نفسيّة هائجة.

ولكن للأسف ، فإنّ صدأ الجهل والتعصّب والتقليد الأعمى كان أكبر من أن يصقل ويمحى تماما بنداء بطل التوحيد.

__________________

(١) إضافة إلى أنّ ضمير كبيرهم مع البقيّة متشابه.

(٢) احتمل بعض المفسّرين أن يكون المراد من( فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ ) أنّهم تحدّثوا بينهم عن ذلك الكلام ، ولام بعضهم بعضا. إلّا أنّ ما قلناه يبدو هو الأصحّ.

١٩٢

وللأسف لم تستمر هذه اليقظة الروحية المقدّسة ، وثارت في ضمائرهم الملوّثة المظلمة قوى الشيطان والجهل ضدّ نور التوحيد هذا ، ورجع كلّ شيء إلى حالته الأولى ، وكم هو لطيف تعبير القرآن حيث يقول :( ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ ) ومن أجل أن يأتوا بعذر نيابة عن الآلهة البكم قالوا :( لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ ) فإنّهم دائما صامتون ، ولا يحطّمون حاجز الصمت. وأرادوا بهذا العذر الواهي أن يخفوا ضعف وذلّة الأصنام.

وهنا فتح أمام إبراهيم الميدان والمجال للاستدلال المنطقي ليوجّه لهم أشدّ هجماته ، وليرمي عقولهم بوابل من التوبيخ واللوم المنطقي الواعي :( قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ ) ؟ فما ذا تنفع هذه الآلهة المزعومة الخياليّة التي لا قدرة لها على الكلام ، وليس لها شعور وإدراك ، ولا تقدر أن تدافع عن نفسها ، ولا تستطيع أن تحمي عبّادها ، ولا يصدر عنها أي عمل؟

إنّ عبادة معبود ما إنّما يكون لأهليّته للعبادة ، ومثل هذا الأمر لا معنى له في شأن الأصنام الميتة ، أو يعبد رجاء فائدة ونفع تعود عليهم من قبله ، أو الخوف من خسارتهم ، إلّا أنّ إقدامي على تحطيم الأصنام أوضح أنّها لا تملك أدنى حركة ، ومع هذا الحال ألا يعتبر عملكم هذا حمقا وجهالة؟!

ووسّع معلّم التوحيد دائرة الكلام ، وانهال بسياط التقريع على روحهم التي فقدت الإحساس ، فقال :( أُفٍ ) (١) ( لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ؟ إلّا أنّه لم يلحّ في توبيخهم وتقريعهم لئلّا يلجّوا في عنادهم.

في الحقيقة ، كان إبراهيم يتابع خطّته بدقّة متناهية ، فأوّل شيء قام به عند دعوتهم إلى التوحيد هو أن ناداهم قائلا : ما هذه التماثيل التي تعبدونها؟ وهي

__________________

(١) بحثنا في معنى( أُفٍ ) بصورة أكثر تفصيلا في ذيل الآية (٢٣) من سورة الإسراء

١٩٣

لا تحسّ ولا تتكلّم وإذا كنتم تقولون : إنّها سنّة آبائكم ، فقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين.

وفي المرحلة الثّانية أقدم على خطّة عملية ليبيّن أنّ هذه الأصنام ليست لها تلك القدرة على إهلاك كلّ من ينظر إليها نظرة احتقار ، خاصة وأنّه ذهب إليها مع سابق إنذار وحطّمها تماما ، وليوضّح أنّ تلك الأوهام التي حاكوها مجتمعين لا فائدة ولا ثمر فيها.

وفي المرحلة الثّالثة أوصلهم في تلك المحكمة التاريخيّة إلى طريق مسدود ، فمرّة دخل إليهم عن طريق فطرتهم ، وتارة خاطب عقولهم ، وأخرى وعظّهم ، وأحيانا وبّخهم ولامهم.

والخلاصة ، فإنّ هذا المعلّم الكبير قد دخل من كلّ الأبواب ، واستخدم كلّ طاقته ، إلّا أنّ من المسلّم أنّ القابلية شرط في التأثير ، وكان هذا قليل الوجود بين أولئك القوم للأسف.

ولكن لا شكّ أنّ كلمات إبراهيمعليه‌السلام وأفعاله بقيت كأرضيّة للتوحيد ، أو على الأقل بقيت كعلامات استفهام في أذهان أولئك ، وأصبحت مقدّمة ليقظة ووعي أوسع في المستقبل. ويستفاد من التواريخ أنّ جماعة آمنوا به ، وهم وإن قلّوا عددا ، إلّا أنّهم كانوا من الأهميّة بمكان ، إذ هيّئوا الاستعداد النسبي لفئة أخرى.

* * *

١٩٤

الآيات

( قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٦٨) قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (٦٩) وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠) )

التّفسير

عند ما تصير النّار جنّة :

مع أنّ عبدة الأوثان أسقط ما في أيديهم نتيجة استدلالات إبراهيم العمليّة والمنطقيّة ، واعترفوا في أنفسهم بهذه الهزيمة ، إلّا أنّ عنادهم وتعصّبهم الشديد منعهم من قبول الحقّ ، ولذلك فلا عجب من أنّ يتّخذوا قرارا صارما وخطيرا في شأن إبراهيم ، وهو قتل إبراهيم بأبشع صورة ، أي حرقه وجعله رمادا!

هناك علاقة عكسية بين القوّة والمنطق عادة ، فكلّ من اشتدّت قوّته ضعف منطقه ، إلّا رجال الحقّ فإنّهم كلّما زادت قوتهم يصبحون أكثر تواضعا ومنطقا.

وعند ما لا يحقّق المتعصّبون شيئا عن طريق المنطق ، فسوف يتوسّلون بالقوّة فورا ، وقد طبّقت هذه الخطّة في حقّ إبراهيم تماما كما يقول القرآن الكريم :( قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ) .

١٩٥

إنّ المتسلّطين المتعنّتين يستغلّون نقاط الضعف النفسيّة لدى الغوغاء من الناس لتحريكهم ـ عادة ـ لمعرفتهم بالنفسيات ومهارتهم في عملهم! وكذلك فعلوا في هذه الحادثة ، وأطلقوا شعارات تثير حفيظتهم ، فقالوا : إنّ آلهتكم ومقدّساتكم مهدّدة بالخطر ، وقد سحقت سنّة آبائكم وأجدادكم ، فأين غيرتكم وحميّتكم؟! لماذا أنتم ضعفاء أذلّاء؟ لماذا لا تنصرون آلهتكم؟ احرقوا إبراهيم وانصروا آلهتكم ـ إذا كنتم لا تقدرون على أي عمل ـ ما دام فيكم عرق ينبض ، ولكم قوّة وقدرة.

أنظروا إلى كلّ الناس يدافعون عن مقدّساتهم ، فما بالكم وقد أحدق الخطر بكلّ مقدّساتكم؟!

والخلاصة ، فقد قالوا الكثير من أمثال هذه لخزعبلات وأثاروا الناس ضدّ إبراهيم بحيث أنّهم لم يكتفوا بعدّة حزم من الحطب تكفي لإحراق عدّة أشخاص ، بل أتوا بآلاف الحزم وألقوها حتّى صارت جبلا من الحطب ثمّ أشعلوه فاتّقدت منه نار مهولة كأنّها البحر المتلاطم والدخان يتصاعد إلى عنان السّماء لينتقموا من إبراهيم أوّلا ، وليحفظوا مهابة أصنامهم المزعومة التي حطّمتها خطّته وأسقطت أبّهتها!!

لقد كتب المؤرخّون هنا مطالب كثيرة ، لا يبدو أي منها بعيدا ، ومن جملتها قولهم : إنّ الناس سعوا أربعين يوما لجمع الحطب ، فجمعوا منه الكثير من كلّ مكان ، وقد وصل الأمر إلى أنّ النساء اللآتي كان عملهنّ الحياكة في البيوت ، خرجن وأضفن تلّا من الحطب إلى ذلك الحطب ، ووصّى المرضى المشرفون على الموت بمبلغ من أموالهم لشراء الحطب ، وكان المحتاجون ينذرون بأنّهم يضيفون مقدارا من الحطب إذا قضيت حوائجهم ، ولذلك عند ما أشعلوا النّار في الحطب من كلّ جانب اشتعلت نار عظيمة بحيث لا تستطيع الطيور أن تمرّ فوقها.

من البديهي أنّ نارا بهذه العظمة لا يمكن الاقتراب منها ، فكيف يريدون أن يلقوا إبراهيم فيها ، ومن هنا اضطروا إلى الاستعانة بالمنجنيق ، فوضعوا إبراهيم

١٩٦

عليه وألقوه في تلك النّار المترامية الأطراف بحركة سريعة(١) .

ونقرأ في الرّوايات المنقولة عن طرق الشّيعة والسنّة أنّهم عند ما وضعوا إبراهيم على المنجنيق ، وأرادوا أن يلقوه في النّار ، ضجّت السّماء والأرض والملائكة ، وسألت الله سبحانه أن يحفظ هذا الموحد البطل وزعيم الرجال الأحرار.

ونقلوا أيضا أنّ جبرئيل جاء للقاء إبراهيم ، وقال له : ألك حاجة؟ فأجابه إبراهيم بعبارة موجزة : «أمّا إليك فلا» إنّي أحتاج إلى من هو غني عن الجميع ، ورؤوف بالجميع.

وهنا اقترح عليه جبرئيل فقال : فاسأل ربّك ، فأجابه : «حسبي من سؤالي علمه بحالي»(٢) .

وفي حديث عن الإمام الباقرعليه‌السلام : إنّ إبراهيم ناجى ربّه في تلك الساعة : «يا أحد يا أحد ، يا صمد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، توكّلت على الله»(٣) .

كما ورد هذا الدعاء بعبارات مختلفة وفي العديد من المصادر الأخرى.

وعلى كلّ حال ، فقد القي إبراهيم في النّار وسط زعاريد الناس وسرورهم وصراخهم ، وقد أطلقوا أصوات الفرح ظانّين أنّ محطّم الأصنام قد فني إلى الأبد وأصبح ترابا ورمادا.

لكنّ الله الذي بيده كلّ شيء حتّى النّار لا تحرق إلّا بإذنه ، شاء أن يبقى هذا العبد المؤمن المخلص سالما من لهب تلك النّار الموقدة ليضيف وثيقة فخر جديدة

__________________

(١) مجمع البيان ، وتفسير الميزان ، وتفسير الفخر الرازي ، وتفسير القرطبي ، في ذيل الآيات مورد البحث. وكذلك الكامل لابن الأثير المجلّد الأوّل ص ٩٨.

(٢) روضة الكافي ، طبقا لنقل الميزان ، ج ١٤ ، ص ٣٣٦.

(٣) تفسير الفخر الرّازي ذيل الآية.

١٩٧

إلى سجل افتخاراته ، وكما يقول القرآن الكريم :( قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ) .

لا شكّ أنّ أمر الله هنا كان أمرا تكوينيّا ، كالأمر الذي يصدره في عالم الوجود إلى الشمس والقمر ، والأرض والسّماء ، والماء والنّار ، والنباتات والطيور.

والمعروف أنّ النّار قد بردت بردا شديدا اصطكّت أسنان إبراهيم منه ، وحسب قول بعض المفسّرين : إنّ الله سبحانه لو لم يقل : سلاما ، لمات إبراهيم من شدّة البرد. وكذلك نقرأ في رواية مشهورة أنّ نار النمرود قد تحوّلت إلى حديقة غناء(١) . حتّى قال بعض المفسّرين إنّ تلك اللحظات التي كان فيها إبراهيم في النّار ، كانت أهدأ وأفضل وأجمل أيّام عمره(٢) .

على كلّ حال ، فهناك اختلاف كبير بين المفسّرين في كيفية عدم إحراق النّار لإبراهيم ، إلّا أنّ مجمل الكلام أنّه في فلسفة التوحيد لا يصدر أي مسبّب عن أي سبب إلّا بأمر الله ، فيقول يوما للسكّين التي في يد إبراهيم : لا تقطعي ، ويقول يوما آخر للنار : لا تحرقي ، ويوما آخر يأمر الماء الذي هو أساس الحياة أن يغرق فرعون والفراعنة!

ويقول الله سبحانه في آخر آية من الآيات محلّ البحث على سبيل الاستنتاج باقتضاب : أنّهم تآمروا عليه ليقتلوه ولكن النتيجة لم تكن في صالحهم( وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ ) .

لا يخفى أنّ الوضع قد اختلف تماما ببقاء إبراهيم سالما ، وخمدت أصوات الفرح ، وبقيت الأفواه فاغرة من العجب ، وكان جماعة يتهامسون علنا فيما بينهم حول هذه الظاهرة العجيبة ، وأصبحت الألسن تلهج بعظمة إبراهيم وربّه ، وأحدق الخطر بوجود نمرود وحكومته ، غير أنّ العناد ظلّ مانعا من قبول الحقّ ، وإن كان

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ، ذيل الآية.

(٢) تفسير الفخر الرازي ، ذيل الآية.

١٩٨

أصحاب القلوب الواعية قد استفادوا من هذه الواقعة ، وزاد إيمانهم مع قلّتهم.

* * *

بحوث

١ ـ السعي للخير والشرّ

قد يغرق الإنسان أحيانا في عالم الأسباب حتّى يخيّل إليه أنّ الآثار والخواص من نفس هذه الموجودات ، ويغفل عن المبدأ العظيم الذي وهب هذه الآثار المختلفة لهذه الموجودات ، ويغفل عن المبدأ العظيم الذي وهب هذه الآثار المختلفة لهذه الموجودات ، ومن أجل أن يوقظ الله العباد يشير إلى أنّ بعض الموجودات التافهة قد تصبح مصدرا للآثار العظيمة ، فيأمر العنكبوت أن تنسج عدّة خيوط رقيقة ضعيفة على باب غار ثور ، وتجعل الذين كانوا يطاردون النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويبحثون عنه في كلّ مكان يائسين من العثور عليه ، ولو ظفروا به لقتلوه ، ولتغيّر مجرى التأريخ بهذا الأمر الهيّن

وعلى العكس من ذلك ، فإنّه يعطّل الأسباب التي يضرب بها المثل في عالم المادّة ـ كالنّار في الإحراق ، والسكّين في القطع ـ عن العمل ، ليعلم أنّ هذه أيضا ليس لها أمر وقدرة ذاتية في العمل ، فإنّها تقف عن العمل إذا نهاها ربّها الجليل فتكفّ حتّى لو أمرها إبراهيم الخليلعليه‌السلام .

إنّ الالتفات إلى هذه الحقائق التي رأينا أمثلة كثيرة لها في الحياة ، تحيي في العبد المؤمن روح التوحيد والتوكّل حتّى أنّه لا يفكّر إلّا في الله ، ولا يطلب العون إلّا منه ، فيطلب منه ـ وحده ـ إطفاء نار المشاكل والمعضلات ، ويسأله أن يدفع كيد الأعداء ، فلا يرى غيره ، ولا يرجو شيئا من غيره.

٢ ـ الفتى الشّجاع

جاء في بعض كتب التّفسير أنّ إبراهيم لمّا ألقي في النّار لم يكن عمره يتجاوز

١٩٩

ست عشرة سنة(١) وذكر البعض الآخر أنّ عمره عند ذاك كان (٢٦) سنة(٢) .

وعلى كلّ حال فإنّه كان في عمر الشباب ، ومع أنّه لم يكن معه أحد يعينه ، فإنّه رمى بسهم المواجهة في وجه طاغوت زمانه الكبير الذي كان حاميا للطواغيت الآخرين ، وهبّ بمفرده لمقارعة الجهل والخرافات والشرك ، واستهزاء بكلّ مقدّسات المجتمع الخيالية الواهية ، ولم يدع للخوف من غضب وانتقام الناس أدنى سبيل إلى نفسه ، لأنّ قلبه كان مغمورا بعشق الله ، وكان اعتماده وتوكّله على الذات المقدّسة فحسب.

أجل هكذا هو الإيمان ، أينما وجد وجدت الشهامة ، وكلّ من حلّ فيه فلا يمكن أن يقهر!

إنّ أهمّ الاسس التي ينبغي للمسلمين الاهتمام بها لمقارعة القوى الشيطانية الكبرى ، في دنيا اليوم المضطربة ، هو هذا الأساس والرأسمال العظيم ، وهو الإيمان ، ففي حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «إنّ المؤمن أشدّ من زبر الحديد ، إنّ زبر الحديد إذا دخل النّار تغيّر ، وإنّ المؤمن لو قتل ثمّ نشر ثمّ قتل لم يتغيّر قلبه»(٣) .

٣ ـ إبراهيم ونمرود

جاء في التواريخ أنّه عند ما ألقوا إبراهيم في النّار ، كان نمرود على يقين من أنّ إبراهيم قد أصبح رمادا ، أمّا عند ما دقّق النظر ووجده حيّا ، قال لمن حوله : إنّي أرى إبراهيم حيّا ، لعلّي يخيّل إليّ! فصعد على مرتفع ورأى حاله جيدا فصاح نمرود : يا إبراهيم إنّ ربّك عظيم ، وقد أوجد بقدرته حائلا بينك وبين النّار! ولذلك فإنّي أريد أن أقدّم قربانا له ، وأحضر أربعة آلاف قربان لذلك ، فأعاد إبراهيم القول

__________________

(١) مجمع البيان ، ذيل الآيات مورد البحث.

(٢) تفسير القرطبي ، المجلّد ٦ ، ص ٤٣٤٤.

(٣) سفينة البحار ، مادّة أمن ، ج ١ ، ص ٣٧.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

٩٥ -( باب استحباب غسل الفم بالسعد(*) بعد الطعام، وادخاله الفم ثم الرمي به، واتخاذه في الأشنان، ودلك الأسنان به، والاستنجاء به من الغائط)

[٢٠٠٢٦] ١ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن الباقرعليه‌السلام ، كان إذا توضأ بالأشنان أدخله فاه فتطاعمه، ثم رمى به.

[٢٠٠٢٧] ٢ - روي عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام ، قال: « ضربت علي أسناني، فجعلت عليها السعد ».

[٢٠٠٢٨] ٣ - الحسن بن فضل الطبرسي في المكارم: عن إبراهيم بن ( بسطام )(١) قال: أخذني اللصوص وجعلوا في فمي الفالوذج [ الحار ](٢) حتى نضج، ثم حشوه بالثلج بعد ذلك، فتساقطت(٣) أسناني وأضراسي، فرأيت الرضاعليه‌السلام في النوم، فشكوت إليه ذلك، قال: « استعمل السعد، فإن أسنانك تنبت(٤) » فلما حمل إلى خراسان بلغني أنه مار بنا، فاستقبلته وسلمت عليه وذكرت له حالي، واني رأيته في المنام وأمرني باستعمال السعد، وقال: « أنا آمرك(٥) في اليقظة » فاستعملته ( فعادت إلي )(٦) أسناني وأضراسي كما كانت.

__________________

الباب ٩٥

* السعد بتشديد السين وضمها: نبت له أصل فيه عقد سود صلبة طيبة الريح، تعمل في العطر ( لسان العرب ج ٣ ص ٢١٦ ).

١ - بل مكارم الأخلاق ص ١٩١، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٣٦ ح ٢.

٢ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٢٤.

٣ - مكارم الأخلاق ص ١٩١، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٣٥ ح ١.

(١) في المصدر: نظام.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: فتخلخلت.

(٤) في المصدر: تثبت.

(٥) في المصدر زيادة: به.

(٦) في المصدر: فقويت.

٣٢١

٩٦ -( باب استحباب غسل خارج الفم بعد الأكل بالأشنان، وعدم جواز أكله)

[٢٠٠٢٩] ١ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن الباقرعليه‌السلام ، أنه قال: « الأشنان ردئ يبخر الفم، ويصفر اللون، ويضعف الركبتين ».

قلت: إن صار بعد ما غسل به من الخبائث، فالحكم عدم جواز أكله، وإلا فظاهر اخباره الكراهة.

٩٧ -( باب استحباب اتخاذ شاة حلوب في المنزل أو شاتين)

[٢٠٠٣٠] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الشاة المنتجة بركة ».

ورواه في البحار: عن أصل من أصولنا، عن هارون بن موسى، عن محمد بن علي، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن ابن فضال، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[٢٠٠٣١] ٢ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الشاة بركة، والشاتان بركتان، وثلاث شياه غنيمة ».

__________________

الباب ٩٦

١ - بل مكارم الأخلاق ص ١٩١، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٣٦ ح ٢.

الباب ٩٧

١ - الجعفريات ص ١٦٠.

(١) بحار الأنوار ج ٦٤ ص ١٣٨ ح ٣٦.

٢ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٥، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٥.

٣٢٢

[٢٠٠٣٢] ٣ - المولى المزيدي في تحفة الاخوان: في خبر طويل في قصة آدم وحواءعليهما‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ما أحب من الدنيا إلا أربعة: فرسا أجاهد بها في سبيل الله، وشاة أفطر على لبنها، وسيفا أدفع به عن عيالي، وديكا يوقظني عند الصلاة ».

٩٨ -( باب كراهة القران بين الفواكه وغيرها لمن أكل مع المسلمين إلا بإذن، وجوازه لمن أكل وحده)

[٢٠٠٣٣] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن القران بين التمرتين في فم، وعن سائر الفاكهة كذلك، قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « إنما ذلك إذا كان مع الناس في طعام مشترك، فأما من أكل وحده فليأكل كيف أحب ».

[٢٠٠٣٤] ٢ - الصدوق في العلل: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن موسى بن قاسم البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن القران بين التين والتمر وسائر الفواكه، قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن القران، فإن كنت وحدك فكل كيف أحببت، فإن كنت مع قوم مسلمين فلا تقرن ».

[٢٠٠٣٥] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن القران إلا أن يستأذن الرجل أخاه، والقران أن يجمع بين التمرتين في الأكل.

__________________

٣ - تحفة الاخوان ص ٧١.

الباب ٩٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٠ ح ٤٠٧.

٢ - علل الشرائع ص ٥١٩.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٣٦ ح ٣٦.

٣٢٣

٩٩ -( باب جملة من آداب المائدة)

[٢٠٠٣٦] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه قال: « من أراد البقاء ولا بقاء، فليخفف الرداء، وليباكر الغداء، وليقل الجماع ».

[٢٠٠٣٧] ٢ - وبهذا الاسناد: ان علياعليه‌السلام ، كان يكره أن يغسل الرجل يده بالدقيق أو الخبز أو بالتمر، وقال: « به تنفر النعمة ».

دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام ، مثله(١)

[٢٠٠٣٨] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى أن يرفع الطست من بين أيدي(١) القوم حتى يمتلئ.

[٢٠٠٣٩] ٤ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه كان يقول: « من أراد البقاء ولا بقاء، فليخفف الرداء، وليدم الحذاء، ويقل مجامعة النساء، ويباكر الغداء ».

[٢٠٠٤٠] ٥ - الشيخ الطبرسي في مجمع البيان: عن عطاء بن أبي رياح، عن سلمان الفارسي، أنه قال: والله ما تبع عيسىعليه‌السلام شيئا من المساوئ قط، ولا انتهر يتيما(١) ، ولا قهقه ضحكا، ولا ذب ذبابا عن وجهه، ولا أخذ على أنفه من شئ نتن قط، ولا عبث قط.

__________________

الباب ٩٩

١ - الجعفريات ص ٢٤٤.

٢ - الجعفريات ص ٢٧.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢١ ح ٤١٣.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢١ ح ٤١٤.

(١) في الحجرية: « يدي » وما أثبتناه من المصدر.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٤ ح ٥٠٧.

٥ - مجمع البيان ج ٢ ص ٢٦٦.

(١) في الحجرية: « شيئا » وما أثبتناه من المصدر.

٣٢٤

ولما سأله الحواريون أن ينزل عليهم مائدة، لبس صوفا وبكى وقال:( اللَّـهُمَّ رَ‌بَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ) (٢) الآية، فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين - إلى أن قال - ثم كشف المنديل عنها، وقال: بسم الله خير الرازقين فإذا هو سمكة مشوية ليس عليها فلوسها، تسيل سيلا من الدسم، وعند رأسها ملح، وعند ذنبها خل، وحولها من أنواع البقول ما عدا الكراث(٣) ، وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون، وعلى الثاني عسل، وعلى الثالث سمن، وعلى الرابع جبن، وعلى الخامس قديد، فقال شمعون: يا روح الله، أمن طعام الدنيا أم من طعام الآخرة؟ فقال عيسىعليه‌السلام : ليس شئ مما ترون من طعام الدنيا ولا من طعام الآخرة، ولكن شئ افتعله الله بالقدرة الغالبة، كلوا مما سألتم يمددكم ويزدكم من فضله، الخبر.

[٢٠٠٤١] ٦ - وعن عمار بن ياسر، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « نزلت المائدة خبزا ولحما، وذلك أنهم سألوا عيسى طعاما لا ينفد يأكلون منها، قال: فقيل لهم: إنها مقيمة لكم ما لم تخونوا أو تخبؤوا أو ترفعوا، فإن فعلتم ذلك عذبتم، قال: فما مضى يومهم حتى خبؤوا ورفعوا وخانوا ».

[٢٠٠٤٢] ٧ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قيل في بعض السير والآثار: إن في الطعام خمس عشرة خصلة، منها خمس فرض، وخمس سنة، وخمس آداب.

فالفرض من ذلك: أن يقصد الحلال من المأكولات، والتسمية على أول الطعام، والحمد لله بعد الفراغ منه، وجودة المضغ قبل البلع، ولا يزيد

__________________

(٢) المائدة ٥: ١١٤.

(٣) في الحجرية: « الكراس » وما أثبتناه من المصدر.

٦ - مجمع البيان ج ٢ ص ٢٦٦.

٧ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

٣٢٥

الأكل على شبعه.

والسنة في ذلك: غسل اليدين قبل الطعام وبعده، والأكل بالخمس الأصابع، ومصهن إذا فرغ من الأكل، يرجى في ذلك من البركة على ما ورد به الخبر، وأكل كل انسان من بين يديه في الصحاف، فأما أطباق الفواكه فليأكل منها حيث شاؤوا، والجلوس للأكل على الرجل اليسرى وإقامة اليمنى.

والأدب من ذلك: فهو الأكل بثلاث أصابع، وغض الطرف عن المؤاكلين، وصغر اللقمة، والمضغ لها على جانب واحد من الفم إلى أن يبلع اللقمة، ثم إن أحب أن يمضغ لقمة أخرى على الجانب الآخر فجائز ذلك، وأكره تحويل لقمة واحدة من جانب إلى جانب الفم، والمضغ لها في الجانبين معا، ثم مسح اليد بالمنديل دون المس لها.

[٢٠٠٤٣] ٨ - كتاب التعريف لشيخ الطائفة محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة بن صفوان بن مهران الجمال: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، إذا قعد على المائدة يقعد قعدة العبد، وكان يتكئ على فخذه الأيسر ».

[٢٠٠٤٤] ٩ - وروي: إن العبد إذا جلس على المائدة مع أخيه المؤمن، أفرغت عليهما الرحمة، وتساقط عليهما البركة، فلا يزالان كذلك حتى يقوما عنها.

[٢٠٠٤٥] ١٠ - وروي: إن طول الجلوس على المائدة لا يصير من العمر.

[٢٠٠٤٦] ١١ - وروي: إن البركة تكون على [ المائدة التي ](١) عليها الملح،

__________________

٨ - كتاب التعريف ص ١.

٩ - كتاب التعريف ص ١.

١٠ - كتاب التعريف ص ١.

١١ - كتاب التعريف ص ١.

(١) بياض في الحجرية والمصدر، وما أثبتناه استظهار من هامش الحجرية.

٣٢٦

ومن افتتح بالملح وختم به، أمن من رياح القولنج، وطول الجلوس على المائدة والحديث عليها، لان المجوس لا ترى الكلام على الطعام، وإذا أردت الخلال فاكسر رأسه، فقد روي: أن على رؤوسه الشياطين، وأول من يغسل يده من الغمر، أشرف من يحضر عندك وأعلمهم.

[٢٠٠٤٧] ١٢ - روي: اجمعوا غسلكم يجمع الله شملكم، والاستلقاء بعد الطعام ممرئ ويدر العروق، والنوم بعد الطعام يهضم ويمرئ، ولا يقرن بين شئ من الفواكه إلا العنب والرمان، فإنه قد روي: أنه لا بأس أن يقرن بين الحبتين من العنب والرمان.

[٢٠٠٤٨] ١٣ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج: بالاسناد إلى أبي محمد العسكريعليه‌السلام ، أنه قال: « ورد على أمير المؤمنينعليه‌السلام أخوان له مؤمنان - أب وابن - فقام إليهما وأكرمهما، وأجلسهما في صدر مجلسه، وجلس بين أيديهما، ثم أمر بطعام فأحضر، فأكلا منه، ثم جاء قنبر بطست وإبريق خشب ومنديل لبيس(١) ، وجاء ليصب على يد الرجل، فوثب أمير المؤمنين ( عليه اسلام ) فأخذ الإبريق ليصب على يد الرجل، فتمرغ الرجل في التراب، فقال: يا أمير المؤمنين، الله يراني وأنت تصب على يدي! قال: اقعد واغسل [ يدك ](٢) فإن الله عز وجل يراك، وأخوك الذي لا يتميز منك ولا يفضل(٣) عليك(٤) يخدمك،

__________________

١٢ - كتاب العريف ص ١.

١٣ - الاحتجاج ص ٤٦٠.

(١) في الحجرية والمصدر: « لييبس » والظاهر أن ما أثبناه هو الصواب، ولبيس: خلق بال من كثرة الاستعمال ( لسان العرب ج ٦ ص ٢٠٢ ).

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في الحجرية: ينفصل، وفي المصدر: يتفضل، وما أثبتناه استظهار من هامش الحجرية.

(٤) في الحجرية: « عنك » وما أثبتناه من المصدر.

٣٢٧

يريد بذلك خدمة في الجنة، مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا، وعلى حسب ذلك مماليكه فيها، فقعد الرجل، فقال له عليعليه‌السلام : أقسمت بعظيم حقي الذي عرفته وبجلته(٥) ، وتواضعك لله حتى جازاك عنه، بأن ندبني(٦) لما شرفك به من خدمتي لك، لما غسلت مطمئنا، كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبرا، ففعل الرجل ذلك.

فلما فرغ ناول الإبريق محمد بن الحنيفة، وقال: يا بني لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه، لصببت على يده، ولكن الله عز وجل يأبى أن يسوي بين ابن وأبيه، إذا جمعهما مكان، لكن قد صب الأب على الأب فليصب الابن على الابن، فصب محمد بن الحنيفة على الابن، ثم قال الحسن بن علي العسكريعليهما‌السلام : فمن اتبع علياعليه‌السلام على ذلك، فهو الشيعي حقا ».

تفسير الإمامعليه‌السلام ، مثله(٧) .

[٢٠٠٤٩] ١٤ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن سهل بن أحمد قال: حدثنا محمد بن أورمة قال: حدثنا صالح بن محمد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فيه، فإن في أحد جناحيه شفاء، وفي الآخر سما، وإنه يغمس جناحه المسموم في الشراب، ولا يغمس الذي فيه الشفاء، فاغمسوها لئلا يضركم ».

[٢٠٠٥٠] ١٥ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده عن آبائه

__________________

(٥) في الحجرية: « ونحلته » وما أثبتناه من المصدر.

(٦) في الحجرية: « تدينني » وما أثبتناه من المصدر.

(٧) تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٣١.

١٤ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ١٠٦.

١٥ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٣٦ ح ٢٠.

٣٢٨

عليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من مائدة وضعت فقعد عليها من اسمه محمد أو أحمد إلا قدس ذلك المنزل في كل يوم مرتين ».

[٢٠٠٥١] ١٦ - الشيخ المفيد في الإختصاص: وروي: أطيلوا الجلوس على الموائد، فإنها [ أوقات ](١) لا تحسب من أعماركم.

[٢٠٠٥٢] ١٧ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تقطعوا اللحم بالسكين على الخوان، فإنه من صنع الأعاجم، والهسوه لهسا(١) فإنه أهنأ وأمرأ ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أكل فاكهة وترا لم تضره »(٢) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن شربتم اللبن فتمضمضوا فإن فيه دسما »(٣)

١٠٠ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب آداب المائدة)

[٢٠٠٥٣] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إذا وضعت موائد آل محمدعليهم‌السلام ، حفت بهم الملائكة يقدسون الله ويستغفرون لهم، ولمن أكل من طعامهم » وكان بعضهمعليه‌السلام إذا حضر طعامه أحد قال: « كل يا عبد الله وتبرك به ».

__________________

١٦ - الاختصاص ص ٢٥٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٧ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٤، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٤.

(١) كذا في الحجرية: وفي المصدر: وانهشوه نهشا، والصواب: وانهسوه نهسا، والنهس: أخذ اللحم بمقدم الأسنان ( لسان العرب ج ٦ ص ٢٤٤ ).

(٢) نفس المصدر ص ٢٤، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٤.

(٣) نفس المصدر ص ٢٥، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٤.

الباب ١٠٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٤ ح ٣٣٠.

٣٢٩

٢ -[٢٠٠٥٤] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من ترك أكل النقي(١) ، وركوب الهملجة(٢) ، فأنا وهو شريكان ».

[٢٠٠٥٥] ٣ - وبهذا الاسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه: « أن علياعليهم‌السلام كان يقول: لا مضمضة من طعام ولا شراب، ولو فعلت ما تمضمضت إلا من اللبن ».

[٢٠٠٥٦] ٤ - زيد الزراد في أصله: قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إياكم وموائد الملوك، وهم أبناء الدنيا، فإن لذلك ضراوة كضراوة الخمر ».

[٢٠٠٥٧] ٥ - أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في الكامل: حدثنا أبو محلم محمد بن هشام، في اسناد ذكره، آخره أبو نيزر، قال أبو نيزر: جاءني علي بن أبي طالبعليه‌السلام وأنا أقوم بالضيعتين عين أبي نيزر والبغيبغة، فقال لي: « هل عندك من طعام؟ » فقلت: طعام لا أرضاه لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، قرع من قرع الضيعة صنعته بإهالة سنخة(١) ، فقال: « علي بن » فقام إلى الربيع وهو جدول فغسل يده، ثم أصاب من ذلك شيئا، ثم رجع إلى الربيع فغسل يديه بالرمل حتى أنقاهما،

__________________

٢ - الجعفر يأت ص ١٧٣.

(١) النقي بتشديد النون وكسرها: الدقيق المنخول ( مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢٠ ).

(٢) الهملجة: حسن السير في سرعة وتبختر ( لسان العرب ج ٢ ص ٣٩٤ ).

٣ - الجعفريات ص ٢٦.

٤ - أصل زيد الزراد ص ١٢.

٥ - الكامل:

(١) الإهالة: ما أذيب من الالية والشحم.

والنسخة بتشديد السين وفتحها وكسر النون وفتح الخاء: المتغيرة الريح ( النهاية ج ١ ص ٨٤ ).

٣٣٠

ثم ضم يديه كل واحدة منهما إلى أختها وشرب بهما، حسي من ماء الربيع، ثم قال: « يا أبا نيزر، إن الأكف أنظف الآنية » ثم مسح ندى ذلك الماء على بطنه، وقال: « من ادخله بطنه في النار فأبعده الله » الخبر، وتمامه في آخر كتاب الوقوف(٢) .

[٢٠٠٥٨] ٦ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « المؤمن يأكل بشهوة أهله، والمنافق يأكل أهله بشهوته ».

[٢٠٠٥٩] ٧ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الأكل مع الخدام من التواضع، فمن أكل معهم اشتاقت إليه الجنة ».

__________________

(٢) تمامه في الحديث ٣ من الباب ١١ من الكتاب المذكور.

٦ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٠، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩١.

٧ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٠، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩١.

٣٣١

٣٣٢

أبواب الأطعمة المباحة

١ -( باب أن كل ما لا نص على تحريمه من الأطعمة المعتادة فهو مباح، وذكر جملة من الأطعمة المباحة)

[٢٠٠٦٠] ١ - تفسير الإمامعليه‌السلام قال: « قال الله تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْ‌ضِ ) - من أنواع أثمارها وأطعمتها -( حَلَالًا طَيِّبًا ) (١) لكم إذا أطعتم ربكم في تعظيم من عظمه، والاستخفاف بمن أهانه وصغره ».

[٢٠٠٦١] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم أن الله تبارك وتعالى لم يبح أكلا ولا شربا، إلا ما فيه المنفعة والصلاح، ولم يحرم إلا ما فيه الضرر والتلف والفساد، فكل نافع مقو للجسم فيه قوة للبدن فهو حلال، وكل مضر يذهب بالقوة أو قاتل فحرام » إلى آخره.

٢ -( باب استحباب اختيار خبز الشعير على خبز الحنطة وغيرها)

[٢٠٠٦٢] ١ - الحسن بن فضل الطبرسي في المكارم: من كتاب النبوة عن،

__________________

أبواب الأطعمة المباحة

الباب ١

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٢.

(١) البقرة ٢: ١٦٨.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

الباب ٢

١ - مكارم الأخلاق ص ٢٩.

٣٣٣

أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما زال طعام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الشعير حتى قبضه الله إليه ».

[٢٠٠٦٣] ٢ - وعن الصادقعليه‌السلام ، قال: « كان قوت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الشعير، وحلوا التمر، وإدامه الزيت ».

[٢٠٠٦٤] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « لو علم الله في شئ شفاء أكثر من الشعير، ما جعله الله غذاء الأنبياءعليهم‌السلام ».

[٢٠٠٦٥] ٤ - وعن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: « فضل خبز الشعير على البر كفضلنا على الناس، ما من نبي إلا وقد دعا لاكل الشعير وبارك عليه، وما دخل جوفا إلا وأخرج(١) كل داء فيه، وهو قوت الأنبياء، وطعام الأبرار، أبى الله أن يجعل قوت الأنبياء للأشقياء ».

[٢٠٠٦٦] ٥ - وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا بن مسعود، إن شئت نبأتك بأمر نوح نبي الله، إنه عاش ألف سنة إلا خمسين عاما [ يدعو إلى الله ](١) فكان إذا أصبح قال: لا أمسي، وإذا أمسى قال: لا أصبح، وكان لباسه الشعر وطعامه الشعير، وإن شئت نبأتك بأمر داودعليه‌السلام خليفة الله في الأرض، كان لباسه الشعر وطعامه الشعير، وإن شئت نبأتك بأمر سليمانعليه‌السلام ( مع ما )(٢) كان فيه من الملك، كان يأكل الشعير ويطعم الناس الحوارى(٣) - إلى أن

__________________

٢ - مكارم الأخلاق ص ١٥٤.

٣ - مكارم الأخلاق ص ١٥٤.

٤ - مكارم الأخلاق ص ١٥٤.

(١) في الحجرية: « وقد خرج » وما أثبتناه من المصدر.

٥ - مكارم الأخلاق ص ٤٤٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية: « لما » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) الحوارى بضم الحاء وتشديد الواو: الدقيق الأبيض، الأبيض، وهو لباب الدقيق وأجوده.. ومنه الخبز الحوارى ( لسان العرب ج ٤ ص ٢٢٠ ).

٣٣٤

قال - وإن شئت نبأتك بأمر إبراهيم خليل الرحمنعليه‌السلام ، كان لباسه الصوف وطعامه الشعير الخبر.

[٢٠٠٦٧] ٦ - القطب الراوندي في دعواته: عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « كان سليمان يطعم أضيافه اللحم بالحوارى(١) ، ويأكل هو الشعير غير منخول ».

[٢٠٠٦٨] ٧ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن الباقرعليه‌السلام ، في خبر: « كان - يعني علياعليه‌السلام - ليطعم خبز البر واللحم، وينصرف إلى منزله ويأكل خبز الشعير والزيت والخل ».

[٢٠٠٦٩] ٨ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب الزهد: عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان قوته الشعير من غير ادم ».

[٢٠٠٧٠] ٩ - أحمد بن علي الطبرسي في الاحتجاج: عن سلمان الفارسي، في جواب كتاب كتبه إلى عمر: وأما ذكرت اني أقبلت على سف الخوص وأكل الشعير، فما هو مما يعير به مؤمن ويؤنب عليه، وأيم الله - يا عمر - لاكل الشعير وسف الخوص(١) ، والاستغناء به عن رفيع المطعم والمشرب، وعن غصب مؤمن [ حقه ](٢) وادعاء ما ليس له بحق، أفضل وأحب إلى الله عز وجل، وأقرب للتقوى، ولقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أصاب الشعير أكله، وفرح به ولم يسخطه. الخبر.

__________________

٦ - دعوات الراوندي ص ٦٢.

(١) في المصدر زيادة: وعياله الحشكار.

٧ - المناقب ج ٢ ص ٩٩.

٨ - كتاب الزهد ص ٢٩ ح ٧٢.

٩ - الاحتجاج ص ١٣١.

(١) سف الخوص: نسجه، والخوص ورق النخل ( انظر مجمع البحرين ج ٥ ص ٧١ ).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣٣٥

[٢٠٠٧١] ١٠ - الشيخ المفيد في الأمالي: عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن علي بن عقبة، عن أبي كهمس، عن عمر بن سعيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قال: « فاعلم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان قوته الشعير، وحلواه التمر(١) ، ووقوده السعف » الخبر.

٣ -( باب أكل خبز الأرز)

[٢٠٠٧٢] ١ - الطبرسي في المكارم: في خبز الأرز: عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « ما دخل جوف المسلول مثله، إنه يسل الداء سلا ».

[٢٠٠٧٣] ٢ - ومن الصحيفة عن ابن أبي نافع(١) وغيره يرفعونه قال: قالعليه‌السلام : « ما من شئ أنفع منه، وما من شئ يبقى في الجوف من غدوة إلى الليل إلا خبز الأرز ».

٤ -( باب استحباب اختيار السويق(*) على غيره)

[٢٠٠٧٤] ١ - ابنا بسطام في طب الأئمة: عن أبي جعفر الباقر

__________________

١٠ - أمالي المفيد ص ١٩٥ ح ٢٥.

(١) في المصدر زيادة: إذا وجده.

الباب ٣

١ - مكارم الأخلاق ص ١٥٤.

٢ - نفس المصدر ص ١٥٥، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٢٧٥.

(١) كذا في الحجرية والمصدر، وفي البحار: ابن أبي رافع وهو يحيى بن أبي رافع، كما ورد في الكافي ج ٦ ص ٣٠٥ ح ٣.

الباب ٤

* السويق: دقيق مقلو يعمل من الحنطة أو الشعير ( مجمع البحرين ج ٥ ص ١٨٩ ).

١ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٦٧، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٢٧٨ ح ١٣.

٣٣٦

عليه‌السلام ، قال: « ما أعظم بركة السويق! إذا شربه الانسان على الشبع أمرأ وهضم الطعام، وإذا شربه الانسان على الجوع أشبعه، ونعم الزاد في السفر والحضر السويق ».

[٢٠٠٧٥] ٢ - وعن أحمد بن غياث، عن محمد بن عيسى، عن القاسم بن محمد، عن بكر بن محمد قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال له رجل: يا بن رسول الله، يولد الولد فيكون فيه البله والضعف، فقال: « ما يمنعك من السويق! اشربه ومر أهلك به، فإنه ينبت اللحم، ويشد العظم، ولا يولد لكم إلا القوي ».

[٢٠٠٧٦] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أن رجلا من أصحابه شكا إليه اختلاف البطن، فأمره أن يتخذ من الأرز سويقا ويشربه، ففعل وعوفي، الخبر.

[٢٠٠٧٧] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في السويق: « ينبت اللحم، ويشد العظم، وقال: المحموم يغسل له السويق ثلاث مرات ويعطاه، فإنه يذهب بالحمى، ينشف المرة(١) والبلغم، ويقوي الساقين ».

[٢٠٠٧٨] ٥ - أحمد بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج: عن الحسن بن محمد النوفلي، في خبر احتجاج الرضاعليه‌السلام على أرباب الملل، قال: لما أراد المصير إلى المأمون توضأ وضوء الصلاة، وشرب شربة سويق وسقانا.. الخبر.

__________________

٢ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٨٨، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٢٧٨ ح ١٤.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٥٠ ح ٥٣٦.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٥٠ ح ٥٣٧.

(١) المرة بكسر الميم وتشديد الراء وفتحها: مزاج من أمزجة البدن ( لسان العرب ج ٥ ص ١٦٨ ).

٥ - الاحتجاج ج ٢ ص ٤١٦.

٣٣٧

[٢٠٠٧٩] ٦ - الشريف الزاهد أبو عبد الله محمد بن علي العلوي الحسيني في كتاب التعازي: بأسناده عن محمد بن منصور، عن مرة الجعفي، عن أبي حازم الحريري، يرفع به إلى مسروق قال: دخلت يوم عرفة على الحسين بن عليعليهما‌السلام وأقداح السويق بين يديه وبين يدي أصحابه، والمصاحف في حجورهم، وهم ينتظرون الافطار.. الخبر.

[٢٠٠٨٠] ٧ - علي بن عيسى في كشف الغمة: وكان قد ولى عليعليه‌السلام عكبرا(١) رجلا من ثقيف، قال: قال له: « إذا صليت الظهر غدا فعد إلي » فعدت إليه في الوقت المعين، فلم أجد عنده حاجبا يحبسني دونه، فوجدته جالسا وعنده قدح وكوز ماء، فدعا بوعاء مشدود مختوم، فقلت في نفسي: لقد أمنني حتى يخرج إلي جوهرا، فكسر الختم وحله فإذا فيه سويق، فأخرج منه فصبه في القدح وصب عليه ماء، فشرب منه وسقاني.. الخبر.

[٢٠٠٨١] ٨ - ثقة الاسلام في الكافي: عن علي بن محمد، عن محمد بن أحمد، عن الحسن بن علي، عن يونس، عن مصقلة الطحان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: » لما قتل الحسينعليه‌السلام ، أقامت امرأته الكلبية عليه مأتما، وبكت وبكين النساء والخدم حتى جفت دموعهن وذهبت، فبينا هي كذلك إذ رأت جارية من جواريها تبكي ودموعها تسيل، فدعتها فقالت لها: مالك أنت من بيننا تسيل دموعك؟ قالت: إني لما أصابني الجهد شربت شربة سويق قال(١) : فأمرت بالطعام والأسوقة،

__________________

٦ - كتاب التعازي: النسخة الموجودة لدينا خالية من هذا الحديث.

٧ - كشف الغمة ج ١ ص ١٧٥.

(١) عكبرا بضم العين وسكون الكاف وفتح الباء: بلدة من نواحي دجيل بينهما وبين بغداد عشرة فراسخ ( معجم البلدان ج ٤ ص ١٤٢ ).

٨ - الكافي ج ١ ص ٣٨٧ ح ٨.

(١) في الحجرية: قالت، وما أثبتناه من المصدر.

٣٣٨

فأكلت وشربت وأطعمت وسقت، وقالت: إنما نريد بذلك أن نتقوى على البكاء على الحسينعليه‌السلام » الخبر.

٥ -( باب استحباب أكل السويق الجاف المغسول، سبع غسلات أو ثلاثا، وبالزيت، وعلى الريق)

[٢٠٠٨٢] ١ - الطبرسي في المكارم: من أمالي الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « بلوا جوف المحموم بالسويق والعسل ثلاث مرات، ويحول من إناء [ إلى إناء ](١) ويسقى المحموم، فإنه يذهب بالحمى الحارة، وإنما عمل بالوحي ».

[٢٠٠٨٣] ٢ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن صالح بن إبراهيم المصري، عن فضالة، عن ابن بكير، عن(١) ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن السويق الجاف إذا أخذ على الريق، أطفأ الحرارة، وسكن المرة، وإذا لت(٢) ثم شرب، لم يفعل ذلك ».

٦ -( باب أكل سويق الشعير)

[٢٠٠٨٤] ١ - الطبرسي في المكارم: سأل سيف التمار في مريض له أبا عبد

__________________

الباب ٥

١ - مكارم الأخلاق ص ١٩٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٦٧، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٢٧٨ ح ١٢.

(١) كذا في الطبعة الحجرية، وفي المصدر: عن فضالة بن أبي بكر والظاهر أن الصحيح: عن فضالة، عن ابن بكير وابن أبي يعفور « راجع معجم رجال الحديث ج ١٣ ص ٢٦٢ و ج ٢٢ ص ١٥٠ و ١٦١ ».

(٢) لت السويق بفتح اللام وتشديد التاء وفتحها: بله بالماء ( لسان العرب ج ٢ ص ٨٣ ).

الباب ٦

١ - مكارم الأخلاق ص ١٩٢.

٣٣٩

اللهعليه‌السلام ، فقال: « اسقه سويق الشعير، فإنه يعافى إن شاء الله، وهو غذاء في جوف المريض » قال: فما سقيته إلا مرة حتى عوفي.

٧ -( باب استحباب اختيار اللحم على جميع الادام والطعام)

[٢٠٠٨٥] ١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيد الطعام في الدنيا والآخرة اللحم ».

[٢٠٠٨٦] ٢ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « سيد الطعام في الدنيا والآخرة اللحم ».

[٢٠٠٨٧] ٣ - القاضي القضاعي في الشهاب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « سيد أدامكم اللحم ».

[٢٠٠٨٨] ٤ - الطبرسي في المكارم: من كتاب طب الأئمة، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « اللحم سيد الطعام في الدنيا والآخرة ».

[٢٠٠٨٩] ٥ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن أحمد بن الجارود العبدي - من ولد الحكم بن المنذر - عن عثمان بن عيسى، عن ميسر الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإن هذا اللحم الطري ينبت اللحم ».

[٢٠٠٩٠] ٦ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي هاشم الجعفري، عن أبي محمدعليه‌السلام - في حديث - أنه قال: « يا أبا هاشم، إذا أردت

__________________

الباب ٧

١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٤٥ ح ٥٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٩ ح ٣٥٤.

٣ - شهاب الاخبار:، عنه في البحار ج ٦٦ ص ٧٦ ح ٧١.

٤ - مكارم الأخلاق ص ١٥٨.

٥ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ١٣٩.

٦ - المناقب ج ٤ ص ٤٣٩.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550