الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل14%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 550

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 550 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 215036 / تحميل: 6643
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

وأشارت الآية الثامنة ـ موضع البحث ـ إلى الصفتين الخامسة والسادسة من صفات المؤمنين البارزة ، حيث تقول :( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ ) إنّ المحافظة على «الأمانة» بالمعنى الواسع للكلمة ، وكذلك الالتزام بالعهد والميثاق بين يدي الخالق والخلق من صفات المؤمنين البارزة. وتعني الأمانة بمفهومها الواسع أمانة الله ورسوله إضافة إلى أمانات الناس ، وكذلك ما أنعم الله على خلقه.

وتضمّ أيضا أمانة الله الدين الحقّ والكتب السماوية وتعاليم الأنبياء القدماء ، وكذلك الأموال والأبناء والمناصب جميعها أمانات الله سبحانه وتعالى بيد البشر ، يسعى المؤمنون في المحافظة عليها وأداء حقّها. ويحرسونها ما داموا أحياء.

ويرثها أبناؤهم الذين تربّوا على أداء الأمانات والحفاظ عليها.

والدليل على عموميّة مفهوم الأمانة هنا ، إضافة إلى سعة المفهوم اللغوي لهذه الكلمة ، هو أحاديث عديدة وردت في تفسير الأمانة بأنّها (أمانة الأئمّة المعصومين) أي : ينقلها كلّ إمام إلى وارثه(١) .

وأحيانا تفسير الأمانة بأنّها الولاية بشكل عامّ.

وممّا يلفت النظر رواية زرارة أحد تلاميذ الإمام الباقرعليه‌السلام والإمام الصادقعليه‌السلام عن قوله تعالى( أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) (٢) «أدّوا الولاية إلى أهلها ...»(٣) .

وهكذا يكشف عن أنّ الحكومة وديعة إلهيّة مهمّة جدّا يجب إيداعها بيد من هو أهلها.

وهناك تعابير قرآنية عديدة تدلّ على عمومية وشمولية العهد ، منها :( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ ) (٤) .

__________________

(١) تفسير البرهان ، المجلّد الأوّل ، صفحة ٣٨٠.

(٢) سورة النساء ، ٥٨.

(٣) المصدر السابق.

(٤) النحل ، ٩١.

٤٢١

والجدير بالملاحظة أنّ بعض آيات القرآن عبّرت عن ذلك العهد بأداء الأمانة وعدم خيانتها والمحافظة عليها ، و «رعاية الأمانة» التي استعملت في الآية السابقة تضمّ معنى الأداء والمحافظة.

فعلى هذا فانّ التفسير في المحافظة على الأمانة والذي يؤدّي إلى وقوع ضرر أو تعرّضها للخطر ، يوجب على الأمين إصلاحها (وبهذا تترتّب ثلاثة واجبات على الأمين : الأداء ، والمحافظة ، والإصلاح) فلا بدّ أن يكون الالتزام بما تعهّد به المرء والمحافظة عليه.

وأداء الأمانة من أهمّ القواعد في النظام الاجتماعي ، ودون ذلك يسود التخبّط في المجتمع. ولهذا السبب نرى شعوبا لا تتمسّك عامّتها بالدين ، إلّا أنّها ـ سعيا منها لمنع الاضطراب ـ تفرض على نفسها رعاية العهد والأمانة ، وتعتبر نفسها مسئولة أمام هذين المبدأين ـ في أقلّ تقدير ـ في القضايا الاجتماعية العامّة (وقد بيّنا بإسهاب أهميّة الأمانة في تفسير الآية (٥٨) من سورة النساء. وفي تفسير الآية (٢٧) من سورة الأنفال ، وشرحنا الوفاء بالعهد في تفسير الآية الأولى من سورة المائدة وفي تفسير الآية (٩١) من سورة النحل).

وبيّنت الآية التاسعة من الآيات موضع البحث آخر صفة من صفات المؤمنين حيث تقول :( وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ ) .

وممّا يلفت النظر أنّ أوّل صفة للمؤمنين كانت الخشوع في الصلاة ، وآخرها المحافظة عليها ، بدأت بالصلاة وانتهت به. لماذا؟ لأنّ الصلاة أهمّ رابطة بين الخالق والمخلوق ، وأغنى مدرسة للتربية الإنسانية.

الصلاة وسيلة ليقظة الإنسان وخير وقاية من الذنوب.

والخلاصة ، إنّ الصلاة إن أقيمت على وفق آدابها اللازمة ، أصبحت أرضية أمينة لأعمال الخير جميعا.

وجدير بالذكر إلى أنّ الآيتين الأولى والأخيرة تضمنّت كلّ واحدة منها

٤٢٢

موضوعا يختلف عن الآخر ، فالآية الأولى تضمّنت الصلاة بصورة مفردة ، والأخيرة بصورة جماعية. الأولى تضمنّت الخشوع والتوجّه الباطني إلى الله. هذا الخشوع الذي يعتبر جوهر الصلاة ، لأنّ له تأثيرا في جميع أعضاء جسم الإنسان ، والآية الأخيرة أشارت إلى آداب وشروط صحّة الصلاة من حيث الزمان والمكان والعدد ، فأوضحت للمؤمنين الحقيقيين ضرورة مراعاة هذه الآداب والشروط في صلاتهم.

وقد شرحنا أهميّة الصلاة في المجلّدات المختلفة لهذا التّفسير. فليراجع تفسير الآية (١١٤) من سورة هود وكذلك تفسير الآية (١٠٣) من سورة النساء وفي تفسير الآية (١٤) من سورة طه.

بعد بيان هذه الصفات الحميدة ، بيّنت الآية التالية حصيلة هذه الصفات فقالت:( أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ ) .

أولئك الذين يرثون الفردوس ومنازل عالية وحياة خالدة( الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) .

«الفردوس» ـ على قول ـ هي مفردة رومية. وذهب آخرون إلى أنّها عربية ، وقيل فارسية بمعنى «البستان». أو بستان خاص اجتمعت فيه جميع تسميتها بالجنّة العالية ، وأفضل البساتين.

ويمكن أن تكون عبارة «يرثون» إشارة إلى نيل المؤمنين لها دون تعب مثلما يحصل الوارث الإرث دون تعب. وصحيح أنّ الإنسان يبذل جهودا واسعة ويضحي بوقته ويسلب راحته في بناء ذاته والتقرّب إلى الله ، إلّا أنّ هذا الجزاء الجميل أكثر بكثير من قدر هذه الأعمال البسيطة ، وكأنّ المؤمن ينال الفردوس دون تعب ومشقّة.

كما يجب ملاحظة حديث روي عن النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ما منكم من أحد إلّا وله منزلان : منزل في الجنّة ، ومنزل في النّار ، فإن مات ودخل النّار ورث أهل

٤٢٣

الجنّة منزلة».

كما يمكن أن تكون عبارة «يرثون» في الآية السابقة إشارة إلى حصيلة عمل المؤمنين ، فهي كالميراث يرثونه في الختام ، وعلى كلّ حال فإنّ هذه المنزلة العالية ـ حسب ظاهر الآيات المذكورة أعلاه ـ خاصّة بالمؤمنين الذين لهم هذه الصفات ، ونجد أهل الجنّة الآخرين في منازل أقلّ أهميّة من هؤلاء المؤمنين.

* * *

ملاحظات

١ ـ إختيار الفعل الماضي «أفلح» لنجاح المؤمنين ، تأكيد أقوى

أي إنّ نجاحهم طبيعي وكأنّه تحقّق من قبل. وجاءت كلمة (قد) أيضا لتأكيد هذا الموضوع ثانية. وجاءت عبارات (خاشعون) و (معرضون) و (راعون) و (يحافظون) بصيغة اسم فاعل أو فعل مضارع دليلا على أنّ هذه الصفات البارزة ليست مؤقتة في المؤمنين الحقيقيين ، بل هي دائمة فيهم.

٢ ـ الزوجة الدائمة والمؤقتة

يستفاد من الآيات المذكورة أعلاه على أنّ هناك نوعين من النساء يجوز الدخول بهما : الأولى الزوجات ، والثّانية الجواري (بشروط خاصّة) ، لهذا استندت الكتب الفقهيّة على هذه الآية في مواضيع عديدة خلال بحث النكاح.

ولكن بعض المفسّرين والفقهاء من أهل السنّة حاولوا الاستفادة من هذه الآية في إثبات حرمة الزواج المؤقت.

ومع ملاحظة هذه الحقيقة ، وهي أنّ من الثابت المسلّم به هو أنّ الزواج المؤقت (المتعة) كان حلالا على عهد الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم ينكره أحد من المسلمين ، إلّا أنّ البعض يرى أنّه كان في صدر الإسلام وعمل به الكثير من الصحابة ، إلّا أنّه

٤٢٤

نسخ ، وقال آخرون : إنّ عمر بن الخطاب منعه.

ومفهوم كلام هذه المجموعة من المفسّرين السنّة ـ بعد ملاحظة هذه الحقائق ـ هو أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (والعياذ بالله) أجاز الزنا في أقلّ تقدير لفترة محدّدة ، وهذا غير صحيح أبدا.

إضافة إلى أنّ «المتعة» خلافا لتصوّر هؤلاء ، هي نوع من الزواج المؤقت بعظم شروط الزواج الدائم ، وعلى هذا فإنّ عبارة :( إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ ) هي بالتأكيد تتضمنّه. ولهذا السبب تستخدم صيغ الزواج الدائم (أنكحت وزوّجت) مع ذكر مدّة الزواج عند قراءة صيغة الزواج المؤقت ، وهذا خير دليل على كون المتعة زواجا.

وقد بيّنا بالتفصيل الأمور المتعلّقة بالزواج المؤقت وأدلّته الشرعيّة في الإسلام ، وعدم نسخ هذا الحكم الإلهي ، وكذلك فلسفته الاجتماعية ، في تفسير الآية (٢٤) من سورة النساء.

٣ ـ الخشوع روح الصلاة

إذا اعتبر الركوع والسجود والقراءة والتسبيح جسم الصلاة ، فالتوجّه الباطني إلى حقيقة الصلاة ، وإلى من يناجيه المصلّي ، هو روح الصلاة. والخشوع ما هو إلّا توجّه باطني مع تواضع. وعلى هذا يتبيّن أنّ المؤمنين لا ينظرون إلى الصلاة كجسم بلا روح ، بل إنّ جميع توجّههم إلى حقيقة الصلاة وباطنها.

وهناك عدد كبير من الناس يودّ بشوق بالغ أن يكون خاشعا في صلاته ، إلّا أنّه لا يتمكّن من تحقيق ذلك.

ولتحقيق الخشوع والتوجّه التامّ إلى الله في الصلاة وفي سائر العبادات ، أوصي بما يلي:

١ ـ نيل معرفة تجعل الدنيا في عين المرء صغيرة تافهة ، وتجعل الله كبيرا

٤٢٥

عظيما ، حتّى لا تشغله الدنيا بما فيها عن الذوبان في الله عند مناجاته وعبادته.

٢ ـ الاهتمام بالأمور المختلفة يمنع الإنسان من تركيز أفكاره وحواسّه ، وكلّما تمكّن الإنسان من التخلّص من مشاغله حصل على توجّه إلى الله في العبادة.

٣ ـ إختيار مكان الصلاة وسائر العبادات له أثر كبير في هذه المسألة ، لهذا فإنّ الصلاة مع انشغال البال بغيرها تعدّ مكروهة ، وكذلك في موضع مرور الناس أو قبال المرآة والصورة ، ولهذا الأسباب تكون المساجد الإسلامية أفضل إن كانت أبسط بناء وأقلّ زخرفة وأبّهة ، ليكون التوجّه كلّه لله فاطر السموات والأرض.

٤ ـ اجتناب المعاصي عامل مؤثّر في التوجّه إلى الله ، لأنّ المعصية والذنب تبعد الشقّة بين قلب المسلم وخالقه.

٥ ـ معرفة معنى الصلاة وفلسفة حركاتها والذكر عامل مؤثّر كبير على ذلك.

٦ ـ ويساعد على ذلك أداء المستحبّات ، سواء كانت قبل الدخول في الصلاة أو في أثنائها.

٧ ـ وعلى كلّ حال فإنّ هذا العمل هو كبقيّة الأعمال الأخرى يحتاج إلى تمرين متواصل ، ويحدث كثيرا أن يحصل الإنسان على قدرة التركيز الفكري في لحظة من لحظات الصلاة ، وبمواصلة هذا العمل ومتابعته يحصل على قدرة ذاتية يمكنه بها إغلاق أبواب فكره في أثناء الصلاة إلّا على خالقه (فتأمّلوا جيدا).

* * *

٤٢٦

الآيات

( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦) )

التّفسير

مراحل تكامل الجنين في الرحم :

إنّ ذكر الآيات السابقة أوصاف المؤمنين الحقيقيين ، وما يمنحهم الله من جزاء عظيم يبعث في القلوب الشوق للالتحاق بصفوفهم ، لكن بأي طريق؟

تبيّن الآيات موضع البحث ـ وقسم من الآيات التالية لها ـ السبيل لكسب الإيمان والمعرفة ، حيث يمسك القرآن بيد الإنسان ليأخذه إلى «عالم النفس» وليكشف له أسرار باطنه وهو «السير الأنفسي» ، وتثير الآيات التالية لها انتباه الإنسان إلى عالم الظاهر والمخلوقات المدهشة في عالم الوجود وسبر عالم الآفاق ، وهو «السير الآفاقي».

٤٢٧

تقول الآيات أوّلا :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) (١) .

أجل ، إنّ هذه الخطوة الأولى التي خلق الله فيها الإنسان بكلّ عظمته واستعداده وجدارته والذي يعتبر أفضل مخلوقاته من تراب مهين لا قدر ولا قيمة له ، وهكذا تجلّت قدرته سبحانه وتعالى في هذا الخلق البديع.

وتضيف الآية التالية( ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ) .

وفي الواقع فانّ الآية الأولى تشير إلى بداية وجود جمع البشر من آدم وأبنائه وأنّهم خلقوا جميعا من التراب ، إلّا أنّ الآية التالية تشير إلى تداوم واستمرارية نسل الإنسان بواسطة تركيب نطفة الذكر ببويضة الأنثى في الرحم.

وهذا البحث يشبه ما جاء في الآيتين السابعة والثامنة من سورة السجدة( وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ) .

والتعبير عن الرحم بـ «قرار مكين» ، أي القرار الآمن ، إشارة إلى أهميّة الرحم في الجسم ، حيث يقع في مكان أمين محفوظ من جميع الجهات ، يحفظه العمود الفقري من جهة ، وعظم الحوض القوي من جهة أخرى ، وأغشية البطن العديدة من جهة ثالثة ، ودفاع اليدين يشكّل حرزا رابعا له. وكلّ ذلك شواهد على موضع الرحم الآمن.

ثمّ تشير الآية الثّالثة إلى المراحل المدهشة والمثيرة لتدرّج النطفة في مراحلها المختلفة ، واتّخاذها شكلا معيّنا في كلّ منها في ذلك القرار المكين ، حيث تقول : إنّنا جعلنا من تلك النطفة على شكل قطعة دم متخثّر (علقة) ثمّ بدّلناها على شكل قطعة لحم ممضوغ (مضغة) ، ثمّ جعلنا من هذه المضغة عظاما ، وأخيرا ألبسنا هذه العظام لحما :( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ) .

__________________

(١) «السلالة» على وزن «عصارة» تعني الشيء الذي يستخلص من شيء آخر ، وهي في الحقيقة خلاصة ونتيجة منه (مجمع البيان حول الآية موضع البحث).

٤٢٨

هذه المراحل الأربعة المختلفة مضافا إلى مرحلة النطفة تشكّل خمس مراحل ، كلّ منها عالم عجيب بذاته ملي بالعجائب بحثت بدقّة في على الجنين ، وألّفت بصددها كتب وبحوث عميقة في عصرنا ، إلّا أنّ القرآن تكلّم عن هذه المراحل المختلفة لجنين الإنسان ، وبيّن عجائبه يوم لم يولد هذا العلم ولا يكن له أثر.

وفي الختام أشارت الآية إلى آخر مرحلة والتي تعتبر ـ في الحقيقة ـ أهمّ مرحلة في خلق البشر ، بعبارة عميقة وذات معنى كبير( ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ) و( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) .

مرحبا بهذه القدرة الفريدة ، التي خلقت في ظلمات الرحم هذه الصورة البديعة ، وصاغت من قطرة ماء كلّ هذه الأمور المدهشة.

طوبى لهذا العلم والحكمة والتدبير ، الذي خلق في هذا الموجود البسيط كلّ هذه القابليات والجدارة. تعالى الله فقد تجلّت قدرته فيما خلق.

وجدير بالذكر أنّ كلمة «الخالق» مشتقّة من «الخلق» وتعني بالأصل التقدير(١) ، حيث تطلق هذه الكلمة عند ما يراد تقطيع قطعة من الجلد فينبغي على الشخص أن يقيس أبعاد القطعة المطلوبة ثمّ يقطعها ، فيستخدم لفظ «الخلق» بمعنى التقدير ، لأهميّة تقدير أبعاد الشيء ، قبل قطعه.

أمّا عبارة( أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) فتثير هذا التساؤل : هل يوجد خالق غير الله؟! وضع بعض المفسّرين تبريرات لهذه الآية في وقت لا حاجة فيه لهذه التبريرات ، لأنّ كلمة «الخلق» بمعنى التقدير والصنع ، ويصحّ ذلك بالنسبة لغير الله ، إلّا أنّ هناك اختلافا جوهريا بين الخلقين

يخلق الله المواد وصورها ، بينما يصنع الإنسان أشياءه ممّا خلق الله ، فهو يغيّر

__________________

(١) مختار الصحاح.

٤٢٩

صورها. كمن يبني دارا حيث يستخدم موادا أوّلية كالجصّ والآجر ، أو يصنع من الحديد سيارة أو ماكنة.

ومن جهة أخرى لا حدود لخلق الله( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) سورة الرعد الآية (١٦) في وقت نجد ما صنعه الإنسان محدودا جدّا ، وفي كثير من الأحيان يجد الإنسان فيما خلقه هو نقصا يجب سدّه فيما بعد ، إلّا أنّ الله يبدع الخلق دون أي نقص أو عيب.

ثمّ إنّ قدرة الإنسان على صنع الأشياء جاءت بإذن من الله ، حيث كلّ شيء في العالم يتحرّك بإذن الله ، حتّى الورق على الشجر ، كما نقرأ في سورة المائدة الآية (١١٠) عن المسيحعليه‌السلام ( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ) .

وتنتقل الآية التالية من تناول مسألة التوحيد ومعرفة المبدأ ـ بشكل دقيق وجميل ـ إلى مسألة المعاد حيث تقول :( ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ ) .

ومن أجل أن لا يعتقد المرء بأنّ الموت نهاية كلّ شيء ، تقول الآية :( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ ) أي إنّ خلقكم بهذه الصورة المدهشة لم يكن عبثا أو لتعيشوا أيّاما معدودات ، فتضيف الآية أنّكم ستبعثون يوم القيامة في مستوى أعلى وفي عالم أوسع.

* * *

بحوث

١ ـ اتّباع المبدأ والمعاد بدليل واحد

استخدمت الآيات المذكورة أعلاه لإثبات وجود الله وقدرته وعظمته نفس الدليل الذي استخدمته سورة الحجّ لإثبات المعاد ، وهو مسألة المراحل المختلفة لخلق الإنسان في علام الجنين.

٤٣٠

كما انتقلت آخر هذه الآيات إلى بحث مسألة المعاد(١) .

أجل ، يمكن أن تعرف عظمة الله في خلق الإنسان في ظلمات الرحم ، واتّخاذه في كلّ مرحلة صورة جديدة مدهشة ، وكأنّ عشرات الأشخاص من رسّامين وصنّاع مبدعين التفّوا حول هذه القطرة من الماء ، وعملوا ليل نهار ليخرجوها بهذه الصورة البديعة ، ولتمرّ من صورة إلى أخرى أبدع ، حتّى تمرّ في مختلف مراحل الحياة.

وإذا تمكّنا من تصوير مراحل نمو الجنين بشكل كامل في فيلم سينمائي ، وعرضناها لفهمنا مدى العجائب التي تكمن في هذا العمل. وبتقدّم علم الجنين في عصرنا ودراسات العلماء وتجاربهم المختبرية على هذا الأمر ، اتّضحت الكثير من الغوامض التي عند ما يطّلع عليها المرء يصرخ دون إرادته( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) هذا من جهة.

ومن جهة ثانية نلاحظ الخلق المتعاقب واتّخاذه صورة جديدة في كلّ مرحلة ، وبالتالي ظهور إنسان للوجود كامل الخلق من تلك القطرة الصغيرة من الماء كلّ ذلك يدلّ على قدرة الله على بعث الإنسان ثانية إلى الحياة. وبهذا يمكن البرهنة بدليل واحد على مسألتين(٢) .

٢ ـ آخر مرحلة في تكامل جنين الإنسان في الرحم

ممّا يلفت النظر استخدام الآيات السابقة لمراحل الجنين الخمسة تعبير «الخلق» ، في حين استخدمت كلمة «الإنشاء» لآخر مرحلة ، وكما ذكر اللغويون فإنّ كلمة «الإنشاء» تعني (خلق الشيء مع تربيته) وهذا التعبير يدلّ على اختلاف

__________________

(١) تناولنا في بداية سورة الحجّ خلال البحث الآيتين الخامسة والسابعة أدلّة المعاد ومنها استعراض مراحل الجنين في الرحم.

(٢) شرحنا مراحل الجنين وعظمة الخلق فيها في تفسير الآية السادسة من سورة آل عمران( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ ) .

٤٣١

هذه المرحلة عن المراحل السابقة (مرحلة النطفة والعلقة والمضغة واللحم والعظم) اختلافا بيّنا. مرحلة ذكرها القرآن في عبارة مؤجزة( ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ) ويعقّب ذلك مباشرة بالقول :( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) .

ما هذه المرحلة التي تمتاز بهذه الأهميّة؟

إنّها مرحلة يدخل فيها الجنين مرحلة الحياة الإنسانيّة ، يكون له إحساس وحركة ، وبتعبير الأحاديث الإسلامية «نفخ الروح».

هنا يترك الإنسان حياته النباتية بقفزة واحدة ليدخل عالم الحيوان ، ومنه إلى عالم الإنسانية ، وتتباعد الشقّة مع المرحلة السابقة بدرجة استخدمت الآية لها عبارة (ثمّ أنشأنا) لأنّ عبارة (ثمّ خلقنا) لم تعدّ كافية. حيث يتّخذ الإنسان في هذه المرحلة شكلا خاصا يرفعه عن المخلوقات الأخرى ، ليكون جديرا بخلافة الله في الأرض ، وليحمل الأمانة التي تخلّت عنها الجبال والسموات ، لعدم استطاعتها حملها.

وهنا انطوى «العالم الكبير» في «الجرم الصغير» بكلّ عجائبه ، فيكون جديرا حقّا بعبارة( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) .

٣ ـ كساء اللحم فوق العظام

ذكر مفسّر (في ضلال القرآن) عند تفسير هذه الآية جملة مدهشة هي أنّ الجنين بعد قطعه مرحلة «العلقة» و «المضغة» تتبدّل خلاياه إلى خلايا عظميّة ، ثمّ تكتسي بالتدريج بالعضلات واللحم. لهذا فإنّ عبارة( فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ) معجزة علمية تكشف سرّا لم يكن يعلم به أي شخص حتّى ذلك الزمن. لأنّ القرآن لم يقل : أبدلنا المضغة عظما ولحما ، بل قال :( فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ) أي تبدّلت المضغة إلى عظام أوّلا ، ثمّ اكتست باللحم.

٤٣٢

٤ ـ اللباس صيانة للعظام!

إنّ استخدام اللباس للتعبير عن العضلات واللحم يكشف لنا حقيقة قباحة شكل الإنسان إن فقد هذا اللباس الذي يكسوا العظام (فيصبح هيكلا عظميا مرعبا كما شاهدناه جميعا أو شاهدنا صورته) إضافة إلى ذلك فإنّ اللباس يحمي الجسم ، وهكذا اللحم والعضلات تحمي العظام ، وبفقدانها تتلقّى العظام ضربات تؤدّي إلى كسرها ، ويؤدّي اللحم وظيفة اللباس بالنسبة للعظام في المحافظة عليها من الحرّ والبرد. وهذا كلّه يبيّن لنا قوّة التعبير القرآني ودقّته.

* * *

٤٣٣

الآيات

( وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ (١٧) وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢) )

التّفسير

مرّة أخرى مع علائم التوحيد :

قلنا : إنّ القرآن تناول سبل كسب الإيمان بعد ذكر صفات المؤمنين ، كما تحدّثت الآيات السابقة عن الآيات الله العظيمة في وجودنا ، وتناولت هذه الآيات بعدها عالم الظاهر وآفاق الكون ، وعظمة خلق الأرض والسموات ، حيث قالت

٤٣٤

الآية الأولى :( وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ ) .

و «الطرائق» جمع «طريقة» بمعنى سبيل أو طبقة ، ولو أجزنا المعنى الأوّل للطرائق ، يصبح معنى الآية ، أنّنا خلقنا فوقكم سبلا سبعة ، ويمكن أن تفسّر بأنّها سبل مرور الملائكة ، كما يمكن أن تكون مدارات لنجوم السّماء ، وبحسب المعنى الثّاني للطرائق ، فإنّ الآية تعني طبقات السّماء السبع.

وقد تحدّثنا عن السماوات السبع قبل هذا كثيرا ، وإذا كان القصد من العدد «سبعة» الكثرة ، فيكون معنى الآية أنّنا خلقنا فوقكم عوالم كثيرة من النجوم والكواكب والسيارات ، وعبارة الطبقة لا تعني نظرية «بطلميوس» الذي صوّرها وكأنّها قشرة بصل الواحدة فوق الأخرى. فإنّ القرآن لم يقصد هذا المعنى أبدا ، بل يقصد بالطرائق والطبقات العوالم التي تحيط بالأرض بفواصل محدّدة ، وهي بالنسبة لنا الواحدة فوق الاخرى ، بعضها قريب والبعض الآخر بعيد عنّا. وإذا كان العدد «سبعة» قد استخدم في الآية للتعداد ، فتعني الآية أنّنا خلقنا ستّة عوالم فوقكم إضافة إلى عالمكم الذي ترونه (مجموعة الثوابت والسيارات والمجرّات).

وهذه العوالم لم يبلغها الإنسان حتّى الآن.

ولو دقّقنا بخارطة المنظومة الشمسية. وتفحّصنا مواقع السيارات المختلفة حول الشمس ، لعثرنا على تفسير آخر لهذه الآية ، هو أنّ من هذه السيارات التسع التي تدور حول الشمس ، اثنان هما عطارد والزهرة لهما مداران تحت مدار الأرض ، في الوقت الذي تتّخذ فيه السيارات الست الاخرى مداراتها خارج مدار الأرض ، وهي تشبه طبقات ستّ إحداها فوق الاخرى ، وإضافة إلى مدار القمر الذي يدور حول الأرض تصبح المدارات سبعة ، وكأنّها طبقات سبع(١) .

وربّما يتوهّم أنّ العالم بهذه السعة والعظمة ألا يوجب أن يغفل الله تعالى عن

__________________

(١) للاطلاع على السموات السبع راجع تفسير الآية (٢٩) من سورة البقرة.

٤٣٥

إدارته؟

فتجيب الآية مباشرة( وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ ) . إنّ الاستناد هنا إلى مسألة الخلق ، إشارة إلى أنّ قضيّة خلق الكون بنفسها دليل على علم الله تعالى بمخلوقاته وتوجّهه إليها : فهل يمكن أن يغفل الخالق عن مخلوقاته؟!

ويمكن أن تقصد الآية أنّنا نملك سبلا كثيرة لتردّد الملائكة من فوقكم ، ولسنا غافلين عنكم ، كما أنّ ملائكتنا مشرفة عليكم وتشهد أعمالكم.

وأشارت الآية التالية إلى أحد مظاهر القدرة الإلهيّة ، الذي يعتبر من بركات السموات والأرض ، ألا وهو المطر ، حيث تقول :( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ ) .

أنزلنا المطر بقدر لا يغرق الأرض من كثرته ، وليس قليلا بحيث لا يكفي لري النباتات والحيوانات. أجل لو انتقلنا من البحث حول السّماء إلى الأرض لوجدنا الماء من أهمّ الهبات الإلهيّة ، وأصل حياة جميع المخلوقات ، وبهذا الصدد أشارت الآية إلى قضيّة أكثر أهميّة ، هي قضيّة احتياطي المياه الجوفية فتقول :( فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ ) .

نحن نعلم أنّ القشرة السطحيّة من الأرض تتكوّن من طبقتين مختلفتين : إحداهما نفوذية وأخرى غير نفوذية. ولو كانت القشرة الأرضية جميعا نفوذية لنفذ المطر إلى جوف الأرض فورا ، ثمّ يظهر الجفاف بعد هطول المطر وإن استغرق مدّة طويلة حيث لا نعثر على ذرّة من الماء!

ولو كان سطح الأرض من طين أحمر لبقي المطر فوق سطح الأرض وتلوّث وتعفّن وشدّة الخناق على الإنسان ، وأصبح سببا لموت الإنسان في الوقت الذي هو أصل الحياة.

إلّا أنّ الله الرحيم جعل القشرة الأولى من سطح الأرض نافذة ، وتليها قشرة غير نافذة تحافظ على المياه الجوفية ، فتكون احتياطا للبشر يستخرجها عند الحاجة عن طريق الآبار ، أو تخرج بذاتها عن طريق العيون ، دون أن تفسد أو

٤٣٦

توجّه للإنسان أقلّ أذى(١) .

ويحتمل أن يكون هذا الماء الذي نرتوي به بعد إخراجه من أعماق الأرض من قطرات مطر نزل قبل آلاف السنين وخزن في أعماق الأرض حتّى اليوم ، دون أن يتعرّض لتلوّث أو فساد.

وعلى كلّ حال فإنّ الذي خلق الإنسان ليحيا ، وجعل الماء أساسا لحياته ، بل أكثرها أهميّة ، خلق له مصادر كثيرة من هذه المادّة الحيوية وخزنها له قبل أن يخلقه! وبالطبع هناك احتياطي من هذه المادّة الحيوية فوق قمم الجبال (على شكل ثلوج). تراه يذوب خلال السنة وينحدر إلى السهور ، وقسم آخر لا زال فوق قمم الجبال منذ مئات بل آلاف السنين ، ينتظر الأمر بالذوبان على أثر تغيير حرارة الجو لينحدر إلى السهول والوديان ليروي الأرض ويزل العطش عنها.

وبملاحظة حرف الجر «في» في عبارة «في الأرض» يبدو لنا أنّ الآية تشير إلى مصادر المياه الجوفية وليس السطحية.

وتشير الآية التالية إلى الخير والبركة في نعمة المطر ، أي المحاصيل الزراعية الناتجة عنه فتقول :( فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ) . فمضافا إلى التمر والعنب اللذين يعتبران أهمّ المحاصيل الزراعية فانّ فيها أنواع أخرى من الفواكه كثيرة.

ولعلّ عبارة( وَمِنْها تَأْكُلُونَ ) إشارة إلى أنّ محاصيل هذه الجنّات ذات الخيرات الواسعة لا تنحصر بالفواكه المأكولة فقط ، وأنّ المأكولات تشكّل قسما من خيراتها ، فهذه البساتين (ومنها بساتين النخيل) لها فوائد كثيرة أخرى لحياة الإنسان ، حيث يصنع الإنسان أوراقها حصرا يجلس عليها ، وأحيانا يصنع منها لباسا لنفسه ، ويعمل من أخشابها منازل لسكناه. ويستخرج دواءه من بعض

__________________

(١) ويجب ملاحظة أنّ الماء الملوّث يصفى عند مروره من القشرة النافذة في معظم الأوقات!

٤٣٧

جذورها وأوراقها وفاكهتها. كما يستخدم الكثير منها كعلف لحيواناته ، ومن أخشابها مادّة للوقود.

ويعطي الفخر الرازي في تفسيره احتمال قصد الآية( مِنْها تَأْكُلُونَ ) أنّ حياتكم ومعيشتكم تعتمد على هذه البساتين ، مثلما أنّ فلانا يعتاش على العمل الفلاني ، أي إنّ حياته تعتمد على ذلك العمل(١) .

وممّا يلفت النظر من الآيات أعلاه أنّ منشأ حياة الإنسان في ماء النطفة ، ومنشأ حياة النبات من ماء المطر ، وفي الحقيقة ينبع هذان النموذجان للحياة من الماء. أجل إنّ حكم الله وقانونه واحد في كلّ شيء.

ثمّ تشير الآية التالية إلى شجرة مباركة أخرى نمت من ماء المطر ، إضافة إلى بساتين النخيل والكروم والأشجار والفاكهة الاخرى( وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ ) (٢) .

ماذا يقصد بـ( طُورِ سَيْناءَ ) ؟

ذكر المفسّرون لهذه الكلمة احتمالين : الأوّل : أنّها إشارة إلى جبل الطور المعروف في صحراء سيناء. وإذا وصف القرآن المجيد شجرة الزيتون باعتبارها الشجرة التي تنمو في جبل الطور ، لأنّ عرب الحجاز كانوا يمرّون بهذه الأشجار المباركة عند ما كانوا يتوجّهون إلى الشمال ، حيث تقع منطقة الطور في جنوب صحراء سيناء كما يدلّ على ذلك موقعها الجغرافي بوضوح.

والاحتمال الثّاني : طور سيناء ذات جانب وصفي يعني الجبل ذي الخيرات ، أو الجبل ذي الأشجار الكثيرة ، أو الجبل الجميل (لأنّ «الطور» يعني الجبل ، و «سيناء» تعني ذات البركة والجمال والشجر).

وكلمة «صبغ» تعني في الأصل اللون ، وبما أنّ الإنسان يلوّن خبزه مع المرق ،

__________________

(١) إنّ «من» في التّفسير الأوّل «تبعيضيّة» ، وفي التّفسير الثّاني «نشوية».

(٢) صبغ الآكلين ، غذاء يؤكل مع الخبز.

٤٣٨

لهذا أطلق على جميع أنواع المرق اسم الصبغ. وعلى كلّ حال فكلمة «الصبغ» ربّما تكون إشارة إلى زيت الزيتون الذي يؤكل مع الخبز ، أو أنواع الخبز مع المرق الذي يحضر من أشجار أخرى.

وهنا يواجهنا سؤال : لماذا أكّد على ثلاث فواكه هي : التمر والعنب والزيتون؟

في الجواب على ذلك لا بدّ من الاهتمام بمسألة علميّة ، هي أنّ علماء التغذية أكّدوا أنّه من النّادر أن نجد فاكهة مفيدة لجسم الإنسان بقدر فائدة هذه الفواكه الثلاثة.

فلزيت الزيتون أهميّة فائقة في إنتاج الطاقة وبناء الجسم ، لأنّ الحرارة الناتجة عن تناوله كبيرة ، وهو صديق حميم للكبد ، ويزيل أمراض الكلية ويحميها ، ويقوّي الأعصاب ، وأخيرا يعتبر إكسير السلامة.

أمّا التمور فقد وصفت بدرجة لا يسعها هذا الموجز ، فسكّرها من أفضل أنواع السكر وأسلمها ، ويرى عدد كبير من خبراء التغذية أنّ التمور من الأسباب التي تحول دون الإصابة بالأمراض السرطانية ، حيث كشف العلماء في التمور ثلاث عشرة مادّة حيوية ، وخمسة أنواع من الفيتامينات ، وبهذا تعتبر مصدرا غنيّا بالمواد الغذائية.

أمّا الأعناب فتعبّر ـ كما يراه بعض العلماء ـ صيدلية طبيعيّة ، فخواصها تشبه حليب الامّ ، وتولّد طاقة حرارية في الجسم تعادل ضعف ما تولده اللحوم ، وتصفّي الدم ، وتدفع السموم عن البدن ، وتمنح فيتاميناته الإنسان قوّة وطاقة مثلي(١) .

بعد بيان جانب من أنعم الله في عالم النبات التي تنمو على المطر ، يلي ذلك بحث جانب مهمّ من أنعم الله وهباته في عالم الحيوان( وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً ) (٢) .

__________________

(١) للاستزادة في الاطلاع على فوائد هذه الفواكه الثلاثة الحيوية يراجع تفسير الآية (١١) من سورة النحل.

(٢) استخدمت «عبرة» هنا بصيغة نكرة إشارة إلى عظمتها.

٤٣٩

ثمّ تشريح الآية «العبرة» فتقول :( نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها ) . أجل إنّ الحيوان يدرّ حليبا لذيذا يعتبر غذاء كاملا ، ويمنح الجسم حرارة كبيرة ، ويخرج الحليب من بين الدم على شكل دفعات كما ينزف الدم ، لتعلموا قدرة الله حيث يتمكّن بها من خلق غذاء طاهر لذيذ من بين أشياء تبدو ملوّثة.

ثمّ تضيف الآية( وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ) إضافة إلى اللحم الذي يعتبر من أجزاء الغذاء الرئيسيّة التي يحتاجها الجسم ، يستفاد من جلود الحيوان في صنع اللباس والخيم القويّة ذات العمر الطويل. كما يستفاد من صوفها في صنع الملابس والفرش والأغطية. ويصنع من أجزاء بدنها الدواء ، ويستفاد حتّى من روثها لتسميد الأشجار والنباتات.

كما يستفاد من الحيوانات في الركوب في البرّ ، والسفن في البحر( وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ) (١) .

كلّ هذه الخصائص والفوائد في الحيوان تعتبر ـ حقّا ـ عبرة لنا ، تعرف الإنسان على ما خلق الله من أنعم ، كما تثير فيه الشعور بالشكر والثناء على الله(٢) .

السؤال الوحيد المتبقّي هو : كيف أصبحت الدواب والسفن في مستوى واحد؟

إذا لا حظنا مسألة واحدة فسيكون الردّ واضحا ، وهي أنّ الإنسان بحاجة إلى مركب في حياته ، مرّة في البر ، وأخرى في البحر وهي السفن.

وهذا التعبير هو ذاته الذي استخدم في الآية (٧٠) من سورة الإسراء حين ذكر ما وهبه الله بني آدم( وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) .

* * *

__________________

(١) تناولنا بالبحث الاستفادة من الحيوان بشكل مسهب في تفسير الآية (٨٠) من سورة النحل.

(٢) بحثنا في تفسير الآية (١٤) من سورة النحل وكذلك من تفسير الآية (٦٥) من سورة الحجّ ، أهميّة السفن وميزات المواد المختلفة التي تدخل في استخدام السفن.

٤٤٠

التقوى(١) وحسن الخلق ».

[٩٩٣٧] ٢ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: ليس شئ أثقل في الميزان من الخلق الحسن ».

[٩٩٣٨] ٣ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « قيل: يا رسول الله، ما أفضل حال أعطي للرجل؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : الخلق الحسن، إنّ أدناكم منّي وأوجبكم عليّ شفاعة، أصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة، وأحسنكم خلقاً، وأقربكم من الناس ».

[٩٩٣٩] ٤ - وبهذا الإسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « أُتي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ بسبعة أسارى، فقال لي: يا علي قم فاضرب أعناقهم، قال: فهبط جبرئيلعليه‌السلام في طرف العين، فقال: يا محمد اضرب أعناق هؤلاء الستّة، وخلّ عن هذا، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : يا جبرئيل، ما بال هذا من بينهم؟ فقال: لأنه كان حسن الخلق، سخيّاً على الطعام، سخيّ الكفّ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : فقلت: يا جبرئيل، عنك أو عن ربّك؟ فقال: لا، بل عن ربّك عزّوجلّ يا محمد ».

[٩٩٤٠] ٥ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد، عن

__________________

(١) في المصدر: تقوى الله.

٢ - الجعفريات ص ١٥٠.

٣ - الجعفريات ص ١٥٠.

٤ - الجعفريات ص ١٥١.

٥ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٧.

٤٤١

ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إنّ صاحب(١) الخلق الحسن، له أجر الصائم القائم ».

[٩٩٤١] ٦ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب المسلسلات: حدثنا علي بن أحمد الأسواري المذكر، قال: حدثي أبو يوسف أحمد بن محمد بن قيس المذكر السنجري، قال: حدثني أبو محمد عبد العزيز بن علي السرخسي، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن عمران البغدادي، قال: حدثني أبو الحسن، قال: حدثني أبو الحسن، قال: حدثني أبو الحسن، قال: حدثني الحسن، قال: حدثني الحسن، قال: حدثني الحسنعليه‌السلام : « أن أحسن الحسن الخلق الحسن ».

أمّا أبو الحسن الأول: فهو محمد بن عبد الرحيم التستري.

وأمّا أبو الحسن الثاني: فعلي بن أحمد البصري التمّار.

وأمّا أبو الحسن الثالث: فعلي بن محمد الواقدي.

وأمّا الحسن الأول: فالحسن بن عرفة العبدي.

وأمّا الحسن الثاني: فالحسن بن أبي الحسن البصري.

وأمّا الحسن الثالث: فالحسن بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام .

[٩٩٤٢] ٧ - الصدوق في الأمالي وفضائل الأشهر: عن صالح بن عيسى، عن محمد بن علي بن علي، عن محمد بن الصلت، عن محمد بن بكير،

__________________

(١) ليس في المصدر.

٦ - المسلسلات ص ١١٠.

٧ - أمالي الصدوق ص ١٩٢ ح ١، فضائل الأشهر الثلاثة ص ١١٢ ح ١٠٧.

٤٤٢

عن عباد بن عباد المهلبي، عن سعد بن عبد الله، عن هلال بن عبد الله(١) ، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيّب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: كنّا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: « [ إني ](٢) رأيت البارحة عجائب » [ قال ](٣) فقلنا: يا رسول الله وما رأيت؟ حدثنا به - إلى أن قال - فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « رأيت رجلاً من أُمتي جاثياً على ركبتيه، بينه وبين رحمة الله حجاب، فجاءه حسن خلقه، فأخذ بيده وأدخله في رحمة الله » الخبر.

[٩٩٤٣] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: عجبت لمن يشتري العبيد بماله فيعتقهم، كيف لا يشتري الأحرار بحسن خلقه؟! ».

وقالعليه‌السلام : « ولا عيش أغنى(١) من حسن الخلق ».

[٩٩٤٤] ٩ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « [ الا ](١) إن الله عزّوجلّ ارتضى لكم الاسلام ديناً فأحسنوا صحبته، بالسخاء وحسن الخلق ».

[٩٩٤٥] ١٠ - وعنهعليه‌السلام : « قال [ كان ](١) علي بن الحسينعليهما‌السلام [ يقول ](٢) : « إنّ المعرفة بكمال دين المسلم، تركه

__________________

(١) في الأمالي عبد الرحمن وهو الصواب راجع (لسان الميزان ج ٦ ص ٢٠٢ وميزان الاعتدال ج ٤ ص ٣١٥).

(٢) أثبتناه من الأمالي.

(٣) أثبتناه من المصدرين.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٨.

(١) أهنأ.

٩ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٠ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤٤٣

الكلام فيما لا يعنيه، وقلّة مرائه، وصبره، وحسن خلقه ».

وعنهعليه‌السلام قال: « إن حسن الخلق من الدين ».

[٩٩٤٦] ١١ - وعنهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إن الله اختار الإسلام ديناً فأحسنوا صحبته، بالسخاء وحسن الخلق، فإنّه لا يصلح إلّا بهما ».

وعنهعليه‌السلام قال: « لا حسب كحسن الخلق ».

[٩٩٤٧] ١٢ - وعنهعليه‌السلام : عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: قال: « إنّ الخلق الحسن يذيب الذنوب، كما تذيب الشمس الجمد(١) ، وأن الخلق السئ يفسد العمل، كما يفسد الخلّ العسل ».

وعنهعليه‌السلام قال: « حسن الخلق يزيد في الرزق ».

[٩٩٤٨] ١٣ - وعن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما حسن الله خلق عبده(١) وخُلقه، إلّا استحيى أن يطعم النار من لحمه ».

[٩٩٤٩] ١٤ - عن بحر السقا قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا بحر، حسن الخلق يسرُ، ثم قال: ألا أُخبرك بحديث ما هو في يد أحد من أهل المدينة؟ قلت: بلى، قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌

__________________

١١ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

١٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

(١) الجمد بالتحريك: الماء الجامد. الثلج (لسان العرب ج ٣ ص ١٢٩).

١٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٢.

(١) في المصدر: عبد.

١٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٢.

٤٤٤

ذات يوم جالس في المسجد، إذ جاءت جارية لبعض الأنصار، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قائم(١) فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ [ فلم تقل شيئاً ](٢) ولم يقل لها شيئاً، حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، فقام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ في الرابعة، وهي خلفه، فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت، فقال الناس: فعل الله بك وفعل، حبست رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ثلاث مرّات، لا تقولين له شيئاً، ولا يقول هو لك [ شيئاً ](٣) ، ما كانت حاجتك؟ قالت: إنّ لنا مريضاً، فأرسلني أهلي لأخذ هدبة من ثوبه يستشفي(٤) بها، فلمّا أردت أخذها رآني فقام فاستحييت أن آخذها، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يراني، وأكره أن استأمره في أخذها حتى أخذتها ».

[٩٩٥٠] ١٥ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « يا بني عبد المطلب، إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر ».

[٩٩٥١] ١٦ - وعن الباقرعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : مروّة الرجل خلقه ».

[٩٩٥٢] ١٧ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من سعادة الرجل حسن الخلق ».

__________________

(١) كذا والظاهر مصحف « جالس ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: يشتفي.

١٥ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٢.

١٦ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٣.

١٧ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٣.

٤٤٥

[٩٩٥٣] ١٨ - وعن كتاب زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : سئل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما أفضل ما أُعطي الإنسان؟ فقال: « حسن الخلق ».

[٩٩٥٤] ١٩ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: يا رسول الله، أيّ الناس أكمل إيماناً؟ قال: أحسنهم خلقاً، ثم جاءه من بين يديه، ثم جاءه من خلفه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : قد قلت لك ».

[٩٩٥٥] ٢٠ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أيضا: « ما عمل أثقل في الميزان من حسن الخلق، وإن العبد ليدرك بحسن الخلق درجة الصالحين ».

[٩٩٥٦] ٢١ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ما اصطحب قوم في وجه لله فيه رضى، إلّا كان أعظمهم أجراً أحسنهم خلقاً، وإن كان فيهم أكثر اجتهاداً منه ».

[٩٩٥٧] ٢٢ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لا يلقى الله عبداً بمثل خصلتين: طول الصمت، وحسن الخلق ».

[٩٩٥٨] ٢٣ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « حسن الخلق يمن، وشرّ الخلق نكد، وطاعة المرأة ندامة، والصدقة تدفع ميتة السوء ».

[٩٩٥٩] ٢٤ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « من سعادة المرء حسن

__________________

١٨ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٤.

١٩ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٤.

٢٠ - الأخلاق: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٨٩ ح ٤٤ عن أمالي الطوسي.

٢١ - ٢٤ - الأخلاق: مخطوط.

٤٤٦

الخلق، ومن شقاوته سوء الخلق ».

[٩٩٦٠] ٢٥ - قيل: يا رسول الله، أي المؤمنين أفضل؟ قال: « من لم يكن في قلبه غش لمؤمن، ولا حسد له » قيل: ثم من؟ قال: « الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة » قيل: ثم من؟ قال: « الخلق الحسن ».

[٩٩٦١] ٢٦ - وقيل لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما الذي يلج به الناس الجنّة؟ قال: « تقوى الله، وحسن الخلق ».

[٩٩٦٢] ٢٧ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إن من إسلام المرء حسن خلقه، وترك ما لا يعنيه ».

[٩٩٦٣] ٢٨ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « خياركم أحسنكم أخلاقاً، وأخفكم مؤونة، وأخفضكم لأهله ».

[٩٩٦٤] ٢٩ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « يا أيّها الناس، إنّي أعلم أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن بالطلاقة وحسن الخلق ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لا حسب كحسن الخلق »(١) .

[٩٩٦٥] ٣٠ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « الوشيك الرضى، البعيد

__________________

٢٥ - الأخلاق: مخطوط.

٢٦ - الأخلاق: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٧٥ ح ٦ عن الكافي ج ٢ ص ٨ ح ٦.

٢٧ و ٢٨ - الأخلاق: مخطوط.

٢٩ - الأخلاق: مخطوط، أخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٩٥ ح ٧١ عن كتاب الزهد ص ٢٨ ح ٦٩.

(١) مشكاة الأنوار ص ٢٢١ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٣٠ - الأخلاق: مخطوط.

٤٤٧

الغضب، من أحسن الخلق خلقاً ».

[٩٩٦٦] ٣١ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن القسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن حمّاد بن عيسى، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « قال لقمان: يا بني، إيّاك والضجر وسوء الخلق، - إلى أن قال - وحسّن مع جميع الناس خلقك، يا بني أن عدمك(١) ما تصل به قرابتك، وتتفضل به على إخوانك، فلا يعد منَّك حسن الخلق وبسط البشر، فإنّه من أحسن خلقه، أحبّه الأخيار وجانبه الفجار » الخبر.

[٩٩٦٧] ٣٢ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « الخلق الحسن جمال في الدنيا، ونزهة في الآخرة، وبه كمال الدين، والقربة إلى الله تعالى، ولا يكون حسن الخلق إلّا في كلّ (نبي ووليّ ووصي)(١) ، لأنّ الله تعالى أبى أن يترك ألطافه وحسن الخلق، إلّا في مطايا نوره الأعلى وجماله الأزكى، لأنّها خصلة يختصّ بها (الأعرفون به)(٢) ، ولا يعلم ما في حقيقة حسن الخلق إلّا الله عزّوجلّ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : حاتم زماننا حسن الخلق، والخلق الحسن الطف شئ في الدين، وأثقل شئ في الميزان، وسوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وإن ارتقى في الدرجات فمصيره إلى الهوان.

__________________

٣١ - قصص الأنبياء ص ١٩٨، وعنه في البحار ج ١٣ ص ٤١٩ ح ١٤.

(١) في المصدر: عدتك.

٣٢ - مصباح الشريعة ص ٣٣٨.

(١) في المصدر: ولي وصفي.

(٢) في المصدر: الأعرف بربّه.

٤٤٨

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : حسن الخلق شجرة في الجنّة، وصاحبه متعلّق بغصنها يجذبه إليها، وسوء الخلق شجرة في النار، وصاحبه(٣) متعلق بغصنها يجذبه إليها ».

٨٨ -( باب استحباب الألفة بالناس)

[٩٩٦٨] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « أقربكم منّي مجلساً في الجنّة، أحسنكم أخلاقاً في الدنيا الموطئون أكنافهم، الذين يألفون ويؤلفون ».

[٩٩٦٩] ٢ - القاضي القضاعي في الشهاب: عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « المؤمن ألف مألوف ».

[٩٩٧٠] ٣ - أبو علي بن الشيخ الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد العلوي، عن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، عن الحسين بن زيد بن عليعليه‌السلام ، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: المؤمن غرّ كريم، والفاجر خب(١) لئيم، وخير المؤمنين من كان مألفه للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا

__________________

(٣) في المصدر: فصاحبها.

الباب ٨٨

١ - الأخلاق: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٩٦ ح ٧٦ عن الزهد ص ٣٠ ح ٧٤ باختلاف يسير.

٢ - الشهاب ص ٤٦ ح ١١٠.

٣ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٧٧.

(١) الخب بالفتح: الخدّاع وهو الذي يسعى بين الناس بالفساد. ومنه الحديث (الفاجر خب لئيم) (النهاية ج ٢ ح ٤).

٤٤٩

يؤلف(٢) » الخبر.

[٩٩٧١] ٤ - سبط الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « خياركم أحسنكم أخلاقاً، الذين يألفون ويؤلفون ».

[٩٩٧٢] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « طوبى لمن يألف الناس ويألفونه على طاعة الله ».

٨٩ -( باب استحباب كون الإنسان هيّناً ليّناً)

[٩٩٧٣] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : المؤمنون هيّنون ليّنون، كالجمل الأنوف(١) إن استنخته أناخ ».

القاضي(٢) في الشهاب: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : مثله.

[٩٩٧٤] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: أن ذا القرنين قال لبعض الملائكة: علمني شيئاً أزداد به إيماناً، فقال له الملك: لا تهتم

__________________

(٢) في المصدر: يؤالف.

٤ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

٥ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

الباب ٨٩

١ - الجعفريات ص ١٧٠.

(١) في المصدر: الأتوف، وجاء في هامش المخطوط: الأنف، نسخة الشهيد. الجمل الأَنِف: هو الجمل الذي يجعل في أنفه خزام فيكون سهل القياد. (لسان العرب ج ٩ ص ١٣).

(٢) الشهاب ص ٤٨ ح ١١٩، قطعة.

٢ - الأخلاق: مخطوط.

٤٥٠

لغد، واعمل في اليوم لغد - إلى أن قال - وكن سهلاً ليّناً للقريب والبعيد، لا تسلك سبيل الجبّار العنيد.

[٩٩٧٥] ٣ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « رحم الله كلّ سهل طلق ».

[٩٩٧٦] ٤ - الحسن بن فضل في مكارم الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال لعبد الله بن مسعود: « يا ابن مسعود، عليك بالسكينة والوقار، وكن سهلاً ليّناً عفيفاً مسلماً » الخبر.

٩٠ -( باب استحباب طلاقة الوجه وحسن البشر)

[٩٩٧٧] ١ - ثقة الإسلام في الكافي: عن محمد بن جعفر، عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن داهر، عن الحسن بن يحيى، عن قثم أبي قتادة(١) ، عن عبد الله بن يونس، عن أبي عبد الله، قال: « قال أمير المؤمنينعليهما‌السلام لهمام: يا همام، المؤمن هو الكيّس الفطن، بشره في وجهه، وحزنه في قلبه إلى أن قال هشّاش بشّاش لا بعبّاس ».

[٩٩٧٨] ٢ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له

__________________

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

٤ - مكارم الأخلاق ص ٤٥٦.

الباب ٩٠

١ - الكافي ج ٢ ص ١٧٩ ح ١.

(١) كان في المخطوط: « قثم بن أبي قتادة » وهو سهو، راجع معجم الرجال ج ١٤ ص ٧٦ ح ٩٥٩٨.

٢ - مشكاة الأنوار ص ١٧٩.

٤٥١

الجنّة: الإنفاق من الإقتار، والبشر بجميع العالم، والإنصاف من نفسه ».

[٩٩٧٩] ٣ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « البشر الحسن وطلاقة الوجه، مكسبة للمحبّة وقربة من الله عزّوجلّ، وعبوس الوجه وسوء البشر، مكسبة للمقت وبعد من الله، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر ».

[٩٩٨٠] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: « بالبشر وبسط الوجه، يحسن موقع البذل ».

وقالعليه‌السلام (١) : « بشرك يدلّ على كرم نفسك بشرك(٢) أوّل برّك، بشرك يطفئ نار المعاندة ».

وقالعليه‌السلام (٣) : « حسن البشر أوّل العطاء وأفضل(٤) السخاء، حسن البشر إحدى البشارتين(٥) ».

وقالعليه‌السلام : « البشر شيمة كلّ حرّ ».

وقالعليه‌السلام (٦) : « حسن البشر من علائم(٧) النجاح ».

__________________

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٧٩.

٤ - غرر الحكم ودرر الكلم ص ٣٣٦ ح ١٣٥.

(١) نفس المصدر ص ٣٤٥ ح ٣٢.

(٢) نفس المصدر ص ٣٤٥ ح ٣١.

(٣) نفس المصدر ص ٣٧٨ ح ٣٢.

(٤) في المصدر: وأسهل.

(٥) نفس المصدر ص ٣٧٩ ح ٦٤.

(٦) نفس المصدر ص ٣٨٠ ح ٦٣.

(٧) في المصدر: دعائم.

٤٥٢

وقالعليه‌السلام (٨) : « طلاقة الوجه بالبشر والعطيّة، وفعل البرّ وبذل التحيّة، داع إلى محبّة البريّة ».

[٩٩٨١] ٥ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال - وعدّ منها: بشره في وجهه، إلى أن قال - هشاشاً بشاشاً، لا حساس ولا جسّاس »(١) الخبر.

٩١ -( باب وجوب الصدق)

[٩٩٨٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إن أدناكم منّي وأوجبكم عليّ شفاعة أصدقكم حديثاً » الخبر.

[٩٩٨٣] ٢ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام : قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إنّ من مكارم الأخلاق، صدق الحديث » الخبر.

__________________

(٨) نفس المصدر ص ٤٧٣ ح ٤٩.

٥ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

(١) تجسس الخبر: تطلّبه وتبحّثه. تجسست الخبر وتحسسته بمعنى واحد.

لسان العرب (حسس) ص ٦ ح ٥٠ وفي النهاية التجسس بالجيم: التفتيش عن بواطن الأمور وأكثر ما يقال في الشر ص ١ ح ٢٧٢.

الباب ٩١

١ - الجعفريات ص ١٥٠.

٢ - الجعفريات ص ١٥١.

٤٥٣

[٩٩٨٤] ٣ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « والله أن العبد ليصدق حتى يكتبه الله من الصادقين، ويكذب حتى يكتب من الكاذبين، وإذا صدق قال الله: صدق وبرّ(١) ، وإذا كذب قال الله: كذب وفجر ».

[٩٩٨٥] ٤ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : بم يعرف المؤمن؟ قال: « بوقاره، ولينه، وصدق حديثه ».

[٩٩٨٦] ٥ - الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن الله تبارك وتعالى لم يبعث نبيّاً قطّ، إلّا بصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر ».

وقالعليه‌السلام : « من يصدق(١) لسانه زكا عمله ».

[٩٩٨٧] ٦ - وعنهعليه‌السلام قال: « إنّ العبد ليصدق حتى يكتب عند الله عزّوجلّ من الصادقين، ويكذب حتى يكتب عند الله عزّوجلّ من الكاذبين، وإذا صدق قال الله عزّوجلّ: صدق وبرّ، وإذا كذب قال الله عزّوجلّ: كذب وفجر ».

[٩٩٨٨] ٧ - وقال عليعليه‌السلام : « الصدق يهدي إلى البرّ، والبرّ

__________________

٣ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٦٤.

(١) وبرّ: ليس في المصدر.

٤ - الأخلاق: مخطوط.

٥ - مشكاة الأنوار ص ١٧١.

(١) في المصدر: صدق.

٦ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٧ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٤٥٤

يدعو إلى الجنّة، وما يزال أحدكم يصدق حتى لا يبقى في قلبه موضع إبرة من كذب، حتى يكون عند الله صادقاً ».

[٩٩٨٩] ٨ - وقال عليعليه‌السلام أيضاً: « إنّ من حقيقة الإيمان، أن يؤثر العبد الصدق حيث يضرّ على الكذب حيث ينفع، ولا يعدو المرء بمقالة عمله ».

[٩٩٩٠] ٩ - وقال أيضاًعليه‌السلام في خطبة طويلة: « أيّها الناس، ألا فاصدقوا إنّ الله مع الصادقين، وجانبوا الكذب فإنّه مجانب للإيمان، الا إنّ الصادق على [ شفا ](١) منجاة وكرامة، الا إنّ الكاذب على شفا ردى وهلكة ».

[٩٩٩١] ١٠ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « أربع من كنّ فيه كمل إسلامه، ومحيت(١) ذنوبه، ولقي ربّه وهو عنه راض: وفاء لله بما يجعل على نفسه للناس، وصدق لسانه مع الناس، والإستحياء من كلّ قبيح عند الله وعند الناس، وحسن خلقه مع أهله »

[٩٩٩٢] ١١ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كونوا دعاة للناس إلى الخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع ».

[٩٩٩٣] ١٢ - وعن الباقرعليه‌السلام ، قال: « يا ربيع، إن الرجل

__________________

٨ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٩ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٠ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

(١) في المصدر: محصت.

١١ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

١٢ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٤٥٥

ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ».

[٩٩٩٤] ١٣ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « الصدق نور متشعشع في عالمه كالشمس، يستضئ بها كلّ شئ بمعناه،(١) من غير نقصان يقع على معناها - إلى أن قال - وقال أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : الصدق سيف الله في أرضه وسمائه: أينما هوى به نفد(٢) » الخ.

[٩٩٩٥] ١٤ - الحسن فن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال لعبد الله بن معسود: « يا ابن مسعود عليك بالصدق، ولا تخرجن من فيك كذبة أبداً ».

[٩٩٩٦] ١٥ - كتاب العلاء بن رزين: عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع ».

[٩٩٩٧] ١٦ - الديلمي في إرشاد القلوب: عن عبد الله بن عمر، قال: جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: يا رسول الله، ما عمل أهل الجنّة؟ قال: « الصدق، إذا صدق العبد برّ، وإذا برّ آمن، وإذا آمن دخل الجنّة ».

[٩٩٩٨] ١٧ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ،

__________________

١٣ - مصباح الشريعة ص ٤٠٦.

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: بمعناها.

(٢) كذا في المصدر، وفي المخطوط: يقده.

١٤ - مكارم الأخلاق ص ٤٥٨.

١٥ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥١.

١٦ - إرشاد القلوب ص ١٨٥.

١٧ - لبّ اللباب:

٤٥٦

قال: « تحرّوا الصدق، فإن رأيتم فيه الهلكة فإنّ فيه النجاة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « عليكم بالصدق فإنّه من البرّ وأنّه في الجنّة ».

٩٢ -( باب استحباب الصدق في الوعد، ولو انتظر سنة)

[٩٩٩٩] ١ - الطبرسي في المشكاة: عن الرضاعليه‌السلام ، قال: « إنا أهل بيت نرى ما وعدنا علينا ديناً، كما صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ».

[١٠٠٠٠] ٢ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن محمد بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن شعيب العقرقوفي، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إن إسماعيل نبّي الله وعد رجلاً بالصفاح(١) فمكث به سنة مقيماً، وأهل مكّة يطلبونه لا يدرون أين هو، حتى وقع عليه رجل، فقال: يا نبيّ الله، ضعفنا بعدك وهلكنا، فقال: إن فلان الطائفي(٢) وعدني أن أكون ها هنا، ولن(٣) أبرح حتى يجئ، قال: فخرجوا إليه حتى قالوا له: يا عدوّ الله، وعدت النبيّ (صلى الله على نبيّنا وآله وعليه) فأخلفته، فجاء وهو

__________________

الباب ٩٢

١ - مشكاة الأنوار ص ١٧٣.

٢ - قصص الأنبياء ص ١٩٠ عنه في البحار ج ١٣ ص ٣٩٠ ح ٥.

(١) الصفاح: موضع بين حنين وأنصاب، وأنصاب الحرم: يسرة الداخل إلى مكّة (لسان العرب ج ٢ ص ٥١٦).

(٢) في المصدر: الطاهي.

(٣) كذا في البحار، وفي المخطوط: ولم.

٤٥٧

يقول لإسماعيل: با نبيّ الله، وما ذكرت ولقد نسيت ميعادك، فقال: أما والله لو لم تجئني لكان منه المحشر، فأنزل الله( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ ) (٤) ».

[١٠٠٠١] ٣ - البحار، عن كتاب قضاء الحقوق للصوري: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « عدة المؤمن أخذ باليد، (يجب على المؤمن(١) ) الوفاء بالمواعيد، والصدق فيها ».

[١٠٠٠٢] ٤ - علي بن عيسى في كشف الغمّة: عن الحافظ عبد العزيز، قال: روى داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: عدة المؤمن نذر لا كفّارة له ».

[١٠٠٠٣] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه قال: « ما أبالي أخلفت موعداً، أو زرت زائراً بغير حاجة ».

[١٠٠٠٤] ٦ - نهج البلاغة: في عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأشتر: « وإيّاك والمنّ على رعيّتك بإحسانك، أو التزيد فيما كان من فعلك،(١) وأن تعدهم فتتبع موعودك بخلفك، فإنّ المن يبطل الإحسان،

__________________

(٤) مريم ١٩: ٥٤.

٣ - البحار ج ٧٥ ص ٩٦ ح ١٨ عن كتاب قضاء الحقوق ح ٤.

(١) في المصدر: يحث على.

٤ - كشف الغمة ج ٢ ص ٢٦٨.

٥ - الجعفريات ص ١٧٤.

٦ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١٢٠.

(١) في المصدر: أو.

٤٥٨

والتزيد يذهب بنور الحقّ، والخلف يوجب المقت عند الله وعند الناس، قال الله سبحانه:( كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) (٢) ».

[١٠٠٠٥] ٧ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن أبي الحميساء قال: بايعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قبل أن يبعث، فواعدته(١) مكاناً فنسيته يومي والغد، فأتيته يوم الثالث، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « [ يا فتى ](٢) لقد شققت عليّ، أنا هاهنا منذ ثلاثة أيام ».

[١٠٠٠٦] ٨ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال فعل، وعمل ونيّة، وباطن وظاهر، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا رسول الله ما يكون المائة وثلاث خصال؟ فقال: يا علي من صفات المؤمن أن يكون جوّال الفكر - إلى أن قال - وإذ وعد وفى ».

[١٠٠٠٧] ٩ - أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري في كتاب نزهة الناظر: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « أكفلوا لي ستّاً أكفل لكم بالجنّة، إذا تحدث أحدكم فلا يكذب، وإذا وعد فلا يخلف ».

__________________

(٢) الصف ٦١: ٣.

٧ - مكارم الأخلاق ص ٢١.

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: فواعدنيه.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٨ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

٩ - نزهة الناظر ص ٩.

٤٥٩

[ ١٠٠٠٨ ] ١٠ - عوالي اللآلي: عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « ولا تمار أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده وعداً فتخلفه ».

٩٣ -( باب استحباب الحياء)

[١٠٠٠٩] ١ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « الحياء حياآن: حياء عقل، وحياء حمق، فحياء العقل هو العلم، وحياء الحمق هو الجهل ».

[١٠٠١٠] ٢ - وعن الباقر أو الصادقعليهما‌السلام ، أنه قال: « الحياء والإيمان مقرونان في قرن واحد، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه ».

[١٠٠١١] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة، والرياء من الجفاء والجفاء في النار ».

[١٠٠١٢] ٤ - وعن سلمان (رحمه الله)، قال: إن الله عزّوجلّ إذا أراد هلاك عبد نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلّا خائفاً مخوفاً، فإذا كان خائفاً مخوفاً نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلّا شيطاناً ملعوناً فلعنّاه، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ».

[١٠٠١٣] ٥ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال لميسر بن عبد

__________________

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٩٠ ح ٢٧٣.

الباب ٩٣

١ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٥ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٤

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550