الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 550

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 550 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 215894 / تحميل: 6694
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

تسعى، فلك بكل قدم رفعتها أو(٧) وضعتها كثواب المتشحط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت على القبر فالتمسه بيدك، وقل: السلام عليك يا حجة الله في سمائه وأرضه، ثم تمضي إلى صلاتك، ولك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حج واعتمر ألف عمرة(٨) واعتق الف رقبة، وكأنما وقف في سبيل الله ألف مرة مع نبي مرسل، فإذا انقلبت من عند قبر الحسينعليه‌السلام ، ناداك مناد: لو سمعت مقالته لأقمت(٩) عند قبر الحسينعليه‌السلام ، وهو يقول: طوبى لك أيها العبد، قد غنمت وسلمت، قد غفر لك ما سلف فاستأنف العمل، فإن هو مات في عامه أو في ليلته أو يومه، لم يل قبض روحه إلا الله، وتقبل الملائكة معه يستغفرون له ويصلون عليه حتى يوافي(١٠) ، منزله وتقول الملائكة يا رب هذا عبدك وافى قبر ابن نبيك وقد وافى منزله فأين نذهب؟ فيناديهم(١١) النداء من السماء: يا ملائكتي قفوا بباب عبدي، فسبحوا وقدسوا واكتبوا ذلك في حسناته إلى يوم يتوفى، قال: فلا يزالون ببابه إلى يوم يتوفى، ويسبحون الله ويقدسونه ويكتبون ذلك في حسناته، وإذا توفى شهدوا جنازته وكفنه وغسله والصلاة عليه ويقولون: ربنا وكلتنا بباب عبدك وقد توفى، فأين نذهب؟ فيناديهم: ملائكتي قفوا بقبر عبدي، فسبحوا وقدسوا واكتبوا ذلك في حسناته إلى يوم القيامة ».

__________________

(٧) في المصدر: و.

(٨) في نسخة: مرة.

(٩) في المصدر زيادة: عمرك.

(١٠) في المخطوط: عليه، وما أثبتناه من المصدر.

(١١) في نسخة: فيأتيهم. ( منه قده ).

٣٠١

[١٢٠٥٥] ٣ - وعن حكيم بن داود، عن سلمة بن الخطاب، عن محمد بن أحمد الرازي، عن الحسن بن علي، مثله.

ورواه الكفعمي في البلد الأمين مرسلا، عن جابر، مثله(١) .

قال في البحار(٢) : لا يخفى ما في سند الخبر، لأنه أما أن يكون مكان المفضل رجل آخر، أو مكان عن في قوله عن جابر الواو، وإلا فلا يستقيم إلا بتكلف بعيد، وهو أن يقال: المفضل كان نسي الخبر ثم أخبره جابر به، انتهى.

ورواه الشيخ محمد بن المشهدي في المزار(٣) : عن الشيخ هبة الله بن نما، عن الحسين بن محمد بن طحال، عن السيد هبة الله بن ناصر بن الحسين بن نصر(٤) ، عن سعد بن وهب بن أحمد بن علي بن الحسين بن سلمان الدهقان، عن محمد بن علي بن خلف البزاز، عن علي بن الحسين بن كعب، عن إسماعيل بن صبيح، عن الحسن بن سعيد الأعمش، عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال(٥) : « كم بينكم وبين قبر الحسينعليه‌السلام ؟. وساق الحديث إلى آخر ما مر، ولم يذكر المفضل أصلا، ولكن بين ألفاظ ما أورده من الزيارة وبين ما في الكامل اختلاف يطلب من محله، والذي أظن أن الاشتباه من الراوي في قوله: يا

__________________

٣ - كامل الزيارات ص ٢٠٨.

(١) البلد الأمين ص ٢٨٠ بتفاوت، ورواه الكفعمي في المصباح ص ٤٩٩.

(٢) بحار الأنوار ج ١٠١ ص ١٦٤.

(٣) المزار للمشهدي ص ٦٢٥، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ١٦٥ ح ١١.

(٤) في المصدر: نصير.

(٥) في المصدر زيادة: لجابر.

٣٠٢

مفضل، وأن الأصل يا جابر، والله العالم.

[١٢٠٥٦] ٤ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن جده، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: « ما تقولون أنتم؟ » فقلت: بعضنا يقول حجة وبعضنا يقول عمرة، قال: فأي شئ تقول إذا أتيت؟ » فقلت: أقول: السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا بن رسول الله، أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأشهد أن الذين سفكوا دمك واستحلوا حرمتك، ملعونون معذبون على لسان داود وعيسى بن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ».

[١٢٠٥٧] ٥ - وعن أبيه، عن موسى بن جعفر البغدادي، عمن حدثه، عن ابن أبي البلاد قال: قال لي أبو الحسنعليه‌السلام : « كيف السلام على أبي عبد اللهعليه‌السلام ؟ » قال: قلت: أقول: السلام عليك يا أبا عبد الله، وذكر مثله، وزاد في آخره قال: « نعم هو هكذا ».

[١٢٠٥٨] ٦ - وعن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن أبي نجران، عن عامر بن جذاعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا أتيت الحسينعليه‌السلام فقل: الحمد لله، وصلى الله على محمد وآله، والسلام

__________________

٤ - كامل الزيارات ص ٢٠٨.

٥ - كامل الزيارات ص ٢٠٩.

٦ - كامل الزيارات ص ٢١١ ح ٨.

٣٠٣

عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك يا أبا عبد الله، لعن الله من قتلك، من شارك في دمك، ومن بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله منهم برئ ».

[١٢٠٥٩] ٧ - وعن أبيه، عن سعد والحميري معا، عن أحمد بن الحسن، عن عمر بن سعيد، عن مصدق، عن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « تقول إذا انتهيت إلى قبرهعليه‌السلام : السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن أمير المؤمنين، السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا سيد شباب أهل الجنة ورحمة الله وبركاته ( السلام عليك )(١) يا من رضاه من رضى الرحمان، وسخطه من سخط الرحمان، السلام عليك يا أمين الله، وحجة الله، وباب الله، والدليل على الله، والداعي إلى الله، أشهد أنك قد حللت حلال الله، وحرمت حرام الله، وأقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأشهد أنك ومن قتل معك شهداء أحياء عند ربكم ترزقون، وأشهد أن قاتلك(٢) في النار؟، أدين الله بالبراءة ممن قتلك وممن قاتلك وشايع عليك، وممن جمع(٣) عليك، وممن سمع صوتك ولم يعنك، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما ».

[١٢٠٦٠] ٨ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن

__________________

٧ - كامل الزيارات ص ٢١٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة: قاتليك، ( منه قده ).

(٣) في نسخة: خرج، ( منه قده ).

٨ - كامل الزيارات ص ٢١٢.

٣٠٤

ابن أبي نجران، عن ابن أبي عمير، عن عامر بن جذاعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا أتيت الحسينعليه‌السلام (١) فقل: الحمد لله، وصلى الله على محمد و(٢) أهل بيت، ه والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أبا عبد الله ( ورحمة الله يا أبا عبد الله، صلى الله عليك يا أبا عبد الله )(٣) ، لعن الله من قتلك، ومن شارك في دمك، ومن بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله منهم برئ ».

[١٢٠٦١] ٩ - وعن أبيه وغير واحد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن موسى الوراق، عن يونس عن عامر بن جذاعة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إذا أتيت الحسينعليه‌السلام - يعني قبره - فقل: السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا أبا عبد الله، لعن الله من قتلك، ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله منهم برئ ».

٤٦ -( باب استحباب التسليم على الحسينعليه‌السلام والصلاة عليه، من بعيد وقريب، كلّ يوم)

[١٢٠٦٢] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن محمد، عن منيع، عن

__________________

(١) في المصدر: الحائر.

(٢) في نسخة: وعلي، ( منه قده ).

(٣) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٩ - كامل الزيارات ص ٢١٥.

الباب ٤٦

١ - كامل الزيارات ص ٢٨٨.

٣٠٥

حنان، عن أبيه قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا سدير تكثر زيارة قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام ؟ » قلت: إنه من الشغل، فقال: « ألا أعلمك شيئا إذا أنت فعلته كتب(١) لك بذلك الزيارة؟ » فقلت: بلى جعلت فداك، فقال لي: « اغتسل في منزلك، واصعد إلى سطحك، وأشر إليه بالسلام، تكتب لك بذلك الزيارة ».

[١٢٠٦٣] ٢ - وعن علي بن الحسين وأخيه علي بن محمد بن قولويه عن محمد بن يحيى العطار، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد، عن منيع بن الحجاج، عن يونس بن عبد الرحمان، عن حنان بن سدير، عن أبيه - في حديث طويل - قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا سدير وما عليك أن تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلّ جمعة خمس مرات، وفي كلّ يوم مرة، قلت: جعلت فداك، ان بيننا وبينه فراسخ كثيرة، فقال: تصعد فوق سطحك، ثم تلتفت يمنة ويسرة، ثم ترفع رأسك إلى السماء، ثم تحول(١) نحو قبر الحسينعليه‌السلام ، ثم تقول: السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، تكتب لك زورة والزورة حجة وعمرة » قال سدير: فربما فعلته في النهار أكثر من عشرين مرة.

ورواه الشيخ محمد بن المشهدي في المزار(٢) ، بإسناده عن سدير، وفيه: « السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ».

__________________

(١) في المصدر: كتب الله.

٢ - كامل الزيارات ص ٢٨٧.

(١) في نسخة: تنحو، تتحرى.

(٢) مزار المشهدي ص ٦٣٠، في البحار ج ١٠١ ص ٣٦٦ ح ٣.

٣٠٦

[١٢٠٦٤] ٣ وعن حكيم بن داود، عن سلمة، عن ( عبد الله بن الخطاب )(١) عن عبد الله بن محمد، عن منيع، عن يونس، عن حنان، عن أبيه قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا سدير تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلّ يوم » قلت: جعلت فداك لا، قال: « ما أجفاكم! فتزوره في كلّ شهر » قلت: لا، قال: فتزوره في كلّ سنة » قلت: قد يكون ذلك، قال: « يا سدير ما أجفاكم بالحسينعليه‌السلام ! أما علمت أن لله ألف ألف ملك، شعثا غبرا يبكون ويزورون لا يفترون؟ وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلّ جمعة خمس مرات؟ » وذكر مثل الحديث الأول.

[١٢٠٦٥] ٤ - وعن محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه رفعه(١) قال: دخل حنان بن سدير على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وعنده جماعة من أصحابه، فقال: « يا حنان بن سدير، تزور أبا عبد اللهعليه‌السلام في كلّ شهر مرة » قال: لا، قال: « ففي كلّ شهرين(٢) . قال: لا، قال: « ففي كلّ سنة(٣) ». قال: لا، قال: « ما أجفاكم بسيدكم! » قال: يا بن رسول الله، قلة الزاد وبعد المسافة، قال: « ألا أدلكم على زيارة مقبولة وإن بعد النائي؟ » قال: فكيف أزوره يا بن رسول الله؟ قال: « اغتسل يوم الجمعة أو أي

__________________

٣ - كامل الزيارات ص ٢٨٧.

(١) أثبتناه من المصدر، ومن معاجم الرجال راجع ( معجم رجال الحديث ج ١٠ ص ١٨٠ ).

٤ - كامل الزيارات ص ٢٨٩.

(١) في المصدر زيادة: إلى أبي عبد الله.

(٢، ٣) وفيه زيادة: مرة.

٣٠٧

يوم شئت، والبس أطهر ثيابك، واصعد إلى أعلى موضع من دارك أو الصحراء فاستقبل(٤) القبلة بوجهك، بعد ما تبين أن القبر هنالك، يقول الله تبارك وتعالى:( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ ) (٥) ثم قل: السلام عليك » الزيارة.

[١٢٠٦٦] ٥ - المزار القديم: عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: « من أراد زيارة الحسين بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من المحرم، فيظل فيه باكيا متفجعا حزينا، لقي الله عز وجل بثواب الفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة، ثواب كلّ حجة وعمرة وغزوة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومع الأئمة ( صلوات الله عليهم أجمعين ) » قال علقمة بن محمد الحضرمي: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : جعلت فداك، فما يصنع من كان في بعد البلاد وأقاصيها، ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟ قال: « إذا كان في ذلك اليوم - يعني يوم عاشوراء - فليغتسل من أحب من الناس أن يزوره من أقاصي البلاد أو قريبها، فليبرز إلى الصحراء أو يصعد سطح داره، فليصل(١) ركعتين خفيفتين يقرأ فيهما سورة الاخلاص، فإذا سلم أومأ إليه بالسلام، ويقصد إليه بتسليمه وإشارته ونيته إلى الجهة التي فيها أبو عبد الله الحسين ( صلوات الله عليه )، ثم تقول وأنت خاشع مستكين: السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن البشير النذير. وساق(٢) زيارة تشبه الزيارة المعروفة في غالب الفقرات

__________________

(٤) وفي نسخة: واستقبل، منه قده.

(٥) البقرة ٢: ١١٥.

٥ - المزار القديم.

(١) في نسخة: فيصلي.

(٢) جاء في هامش الطبعة الحجرية: ولما كانت نسخة هذا المزار قليلة الوجود تقريبا نرفع كلفة الطلب عن الناظر الراغب في هذه الزيارة فأخرجنا تمامها في

٣٠٨

وليس فيها الفصلان اللذان في اللعن والسلام، إلى أن قال قال علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفرعليه‌السلام : « إن استطعت يا علقمة أن تزوره في كلّ يوم، بهذه الزيارة في دارك وناحيتك وحيث كنت من البلاد في أرض الله فافعل ذلك، ولك ثواب جميع ذلك، فاجتهدوا في الدعاء على قاتله وعدوه، ويكون في صدر النهار قبل الزوال. الخبر.

قلت: ما تضمن هذا الخبر من النعم الجسيمة، فإن العمل المذكور تمام وعد ضمن للزيارة الشريفة المعروفة، هو في غاية السهولة فخذه واغتنم، وكن لله من الشاكرين.

٤٧ -( باب استحباب زيارة الحسين حبا لرسول الله وأميرالمؤمنين وفاطمة ( صلوات الله عليهم )، ورحمة له وتشوقا إليه واحتسابا، ولوجه الله والدار الآخرة)

[١٢٠٦٧] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « لو يعلم الناس ما في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام من الفضل، لماتوا شوقا وتقطعت أنفسهم عليه حسرات » قلت: وما فيه؟ قال: « من أتاه تشوقا كتب الله له ألف حجة متقبلة وألف عمرة مبرورة، وأجر ألف شهيد من شهداء بدر، وأجر ألف صائم، وثواب ألف صدقة مقبولة، وثواب ألف نسمة أريد بها وجه الله، ولم يزل محفوظا سنته من كلّ آفة أهونها الشيطان، ووكل به ملك كريم يحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدمه، فإن مات سنته حضرته ملائكة الرحمة، يحضرون غسله وأكفانه

__________________

باب النوادر راجيا من الله تعالى ان يشاركنا في أجور المتوسلين بها. منه ( قدس سره ).

الباب ٤٧

١ - كامل الزيارات ص ١٤٢.

٣٠٩

والاستغفار له، ويشيعونه إلى قبره بالاستغفار له، ويفسح له في قبره مد بصر(١) ، ويؤمنه الله من ضغطة القبر، ومن منكر ونكير أن يروعانه، ويفتح له باب إلى الجنة، ويعطى كتابه بيمينه، ويعطى له يوم القيامة نورا يضئ لنوره ما بين المشرق والمغرب، وينادي مناد: هذا من زوار(٢) الحسين بن عليعليهما‌السلام شوقا إليه، فلا يبقى أحد يوم القيامة الا تمنى يومئذ أنه كان من زوار الحسين بن عليعليهما‌السلام ».

[١٢٠٦٨] ٢ - وعن الحسن بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: ما لمن أتى ( قبر )(١) الحسين بن عليعليهما‌السلام زائرا عارفا بحقه غير مستنكف ولا مستكبر(٢) ؟ قال: يكتب له ألف حجة مقبولة وألف عمرة مبرورة، وإن كان شقيا كتب سعيدا، ولم يزل يخوض في رحمة الله ».

[١٢٠٦٩] ٣ - وعن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن صفوان بن يحيى، عن صفوان بن مهران، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من زار قبر الحسينعليه‌السلام وهو يريد الله عز وجل، شيعه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل حتى يرد إلى منزله ».

[١٢٠٧٠] ٤ - وعن عبيد الله بن الفضل بن محمد بن هلال، عن عبد الرحمان، عن

__________________

(١) في المصدر: بصره.

(٢) في المصدر: زار.

٢ - كامل الزيارات ص ١٤٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة. مستنكر.، ( منه قده ).

٣، ٤ - كامل الزيارات ص ١٤٥.

٣١٠

سعيد بن خيثم، عن أخيه معمر، قال: سمعت زيد بن عليعليه‌السلام يقول: من زار قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام لا يريد به إلا وجه الله، غفر الله له جميع ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر، فاستكثروا من زيارته يغفر الله لكم ذنوبكم.

٤٨ -( باب استحباب اختيار زيارة الحسينعليه‌السلام على جميع الاعمال)

[١٢٠٧١] ١ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « زيارة قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام من أفضل ما يكون من الاعمال ».

٤٩ -( باب استحباب البكاء لقتل الحسينعليه‌السلام وماأصاب أهل البيتعليهم‌السلام ، خصوصا يوم عاشوراء، واتخاذه يوم مصيبة، وتحريم التبرك به)

[١٢٠٧٢] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن أبان الأحمر، عن محمد بن الحسين الخزاز، عن ابن خارجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: كنا عنده فذكرنا الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وعلى قاتله لعنة الله، فبكى أبو عبد اللهعليه‌السلام وبكينا، قال: ثم رفع رأسه فقال: « قال الحسين بن عليعليهما‌السلام : أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا بكى » وذكر الحديث.

__________________

الباب ٤٨

١ - كتاب الغايات ص ٧١.

الباب ٤٩

١ - كامل الزيارات ص ١٠٨.

٣١١

[١٢٠٧٣] ٢ - وعن جماعة من مشايخه، عن محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن عبيد الله، عن ابن أبي عثمان، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن أبي عمارة المنشد، قال: ما ذكر الحسين بن عليعليهما‌السلام عند أبي عبد اللهعليه‌السلام في يوم قط، فرئي أبو عبد اللهعليه‌السلام متبسما في ذلك اليوم إلى الليل، وكان أبو عبد اللهعليه‌السلام يقول: « الحسينعليه‌السلام عبرة كلّ مؤمن ».

وعن محمد بن جعفر، عن ابن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي، عن ابن أبي عمير، عن علي بن المغيرة، عن أبي عمارة، مثله إلى قوله: في ذلك اليوم(١) .

[١٢٠٧٤] ٣ - وعن حكيم بن داود، عن سلمة، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بكر بن محمد، عن فضيل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب، غفر له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر ».

وعن محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[١٢٠٧٥] ٤ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسين بن عبيد الله، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن عبد الجبار، عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثوير، عن يونس وأبي سلمة السراج، والمفضل قالوا: سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « لما مضى أبو عبد الله الحسين بن علي

__________________

٢ - كامل الزيارات ص ١٠٨.

(١) نفس المصدر ص ١٠١.

٣ - كامل الزيارات ص ١٠٣ ح ٣.

(١) نفس المصدر ص ١٠٤، ذيل الحديث ٨.

٤ - كامل الزيارات ص ٨٠ ح ٣.

٣١٢

عليهما‌السلام ، بكى عليه جميع ما خلق الله، إلا ثلاثة أشياء: البصرة، ودمشق، وآل عثمان ».

[١٢٠٧٦] ٥ - وعن أبيه ( وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن رحمهم الله جمعيا )(١) عن سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن، عن الحسين بن ثوير، قال: كنت أنا وابن ظبيان والمفضل وأبو سلمة السراج جلوسا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فكان المتكلم يونس وكان أكبرنا سنا - وذكر حديثا طويلا - يقول: ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إن أبا عبد اللهعليه‌السلام لما مضى بكت عليه السماوات السبع ( والأرضون السبع )(٢) وما فيهن وما بينهن، وما ينقلب(٣) في الجنة والنار من خلق ربنا، وما يرى وما لا يرى، بكى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إلا ثلاثة أشياء لم تبك عليه، قلت: جعلت فداك، ما هذه الثلاثة أشياء؟ قال: لم تبك عليه البصرة، ولا دمشق، ولا آل عثمان بن عفان ».

[١٢٠٧٧] ٦ - وعن محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن أبي يعقوب، عن أبان بن عثمان، عن زرارة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا زرارة إن السماء بكت على الحسينعليه‌السلام أربعين صباحا بالدم، وإن الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد، وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة، وإن الجبال تقطعت وانتثرت، وإن البحار تفجرت، وإن الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسينعليه‌السلام ، وما اختضبت منا امرأة ولا ادهنت ولا

__________________

٥ - كامل الزيارات ص ١٩٧.

(١ و ٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: ومن ينقلب.

٦ - كامل الزيارات ص ٨١.

٣١٣

اكتحلت ولا رجلت، حتى أتانا رأس عبيد الله بن زياد لعنة الله، وما زلنا في عبرة من بعده، وكان جديعليه‌السلام إذا ذكره بكى حتى تملأ عيناه لحيته وحتى يبكي لبكائه رحمة له من رآه، وان الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كلّ من في الهواء والسماء من الملائكة - إلى أن ذكرعليه‌السلام ، غيظ جهنم على قاتليه وقال - وإنها لتبكيه وتندبه وإنها لتتلظى على قاتله، ولولا من على الأرض من حجج الله لنقضت الأرض وأكفأت ما عليها، وما تكثر إلا عند اقتراب الساعة، وما عين وأكفأت ما عليها وما تكثر الزلازل إلا عند اقتراب الساعة، وما عين أحب إلى الله ولا عبرة من عين بكت ودمعت عليه، وما من باك يبكيه إلا وقد وصل فاطمة وأسعدها عليه، ووصل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأدى حقنا، وما من عبد يحشر إلا وعيناه باكية إلا الباكين على جدي ( الحسينعليه‌السلام )(١) فإنه يحشر وعينه قريرة والبشارة تلقاه والسرور ( بين )(٢) على وجهه، والخلق في الفزع وهم آمنون، والخلق يعرضون وهم حداث الحسينعليه‌السلام تحت العرش وفي ظل العرش، لا يخافون سوء ( يوم )(٣) الحساب، يقال لهم: ادخلوا الجنة فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه، وإن الحور لترسل إليهم: إنا قد اشتقناكم مع الولدان المخلدين، فما يرفعون رؤوسهم إليهم لما يرون في مجلسه(٤) عليه‌السلام من السرور والكرامة » الخبر.

[١٢٠٧٨] ٧ - وعن محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام أحدثه فدخل عليه ابنه، فقال له: « مرحبا » وضمه وقبله وقال: « حقر الله من حقركم، وانتقم الله ممن وتركم، وخذل الله من

__________________

(١ و ٢ و ٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: مجلسهم.

٧ - كامل الزيارات ص ٨٢ ح ٧.

٣١٤

خذلكم، ولعن الله من قتلكم، وكان الله لكم وليا وحافظا وناصرا، فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصديقين والشهداء وملائكة السماء » ثم بكى وقال: « يا أبا بصير إذا نظرت إلى ولد الحسينعليه‌السلام ، أتاني ما لا أملكه بما أتى(١) إلى أبيهم وإليهم، يا أبا بصير إن فاطمةعليها‌السلام لتبكيه وتشهق، فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدوا لذلك، مخافة أن يخرج منها عنق - إلى أن قال - فلا تزال الملائكة مشفقين يبكون لبكائها، ويدعون الله ويتضرعون إليه - إلى أن قال - قلت: جعلت فداك إن هذا الامر عظيم، قال: غيره أعظم منه ما لم تسمعه، ثم قال: يا با بصير، أما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمةعليها‌السلام ؟! فبكيت حين قالها فما قدرت على المنطق، وما قدرت على كلامي من البكاء » الخبر.

[١٢٠٧٩] ٨ - وعن حكيم بن داود وغيره، عن محمد بن موسى الهمداني، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة معا، عن علقمة بن محمد الحضرمي، ومحمد بن إسماعيل ( عن صالح )(١) بن عقبة عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: « من زار الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء، ( إلى أن قال )(٢) ثم ليندب الحسينعليه‌السلام ويبكيه، ويأمر من في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه، ويقيم في داره مصيبة باظهار الجزع عليه، ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضا في البيوت، وليعز بعضهم بعضا بمصاب الحسينعليه‌السلام ، فأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله عز وجل جميع هذا الثواب - اي ألفي ألف حجة

__________________

(١) في المخطوط: أوتي، وما أثبتناه من المصدر.

٨ - كامل الزيارات ص ١٧٤.

(١) أثبتناه من المصدر، ومعاجم الرجال راجع ( معجم رجال الحديث ج ٩ ص ٧٦ ).

(٢) في المصدر الحديث طويل وما أثبتناه لسياق العبارة.

٣١٥

وألفي ألف عمرة وألفي ألف غزوة، إلى آخر تقدم في باب زيارته في يوم عاشوراء(٣) - فقلت: جعلت فداك وأنت الضامن لهم إذا فعلوا ذلك والزعيم به؟ قال: أنا الضامن لهم ذلك، والزعيم لمن فعل ذلك، قال قلت: فكيف يعزي بعضهم بعضا؟ قال: يقولون: عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسينعليه‌السلام ، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المهدي من آل محمدعليهم‌السلام ، فإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل، فإنه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة مؤمن، وإن قضيت لم يبارك له فيها ولم ير رشدا، ولا تدخرن لمنزلك شيئا فإنه من ادخر لمنزله شيئا في ذلك اليوم لم يبارك له فيما يدخره ولا يبارك له في أهله، فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجة، وألف ألف عمرة، وألف ألف غزوة، كلها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان له ثواب مصيبة كلّ نبي ورسول وصديق وشهيد، مات أو قتل منذ خلق الله الدنيا إلى ( يوم القيامة )(٤) ».

[١٢٠٨٠] ٩ المزار القديم: عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفرعليه‌السلام - في حديث تقدم صدره - قال: قال: « يا علقمة واندبوا الحسينعليه‌السلام وابكوه وليأمر أحدكم من في داره بالبكاء عليه، وليقم عليه في داره المصيبة باظهار الجزع والبكاء، وتلاقوا يومئذ بالبكاء بعضكم إلى بعض في البيوت وحيث تلاقيتم، وليعز بعضكم بعضا بمصاب الحسينعليه‌السلام ، قلت: أصلحك الله كيف يعزي بعضنا بعضا؟ قال: تقولون: أحسن الله أجورنا بمصابنا بأبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، وجعلنا من الطالبين بثأره مع الإمام المهدي إلى الحق من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم أجمعين، وإن استطاع أحدكم أن لا

__________________

(٣) ما بين الفاصلتين من كلام المصنف ( قده ) توضيحا للعبارة وقد ورد في هامش المخطوط.

(٤) في المصدر: أن تقوم الساعة.

٩ - المزار القديم.

٣١٦

يمضي يومه في حاجة فافعلوا، فإنه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة مؤمن، وإن قضيت لم يبارك فيها ولم يرشد، ولا يدخرن أحدكم لمنزله في ذلك اليوم شيئا، فإنه من فعل ذلك لم يبارك فيه، قال الباقرعليه‌السلام : أنا ضامن لمن فعل ذلك، له عند الله عز وجل ما تقدم به الذكر من عظيم الثواب، وحشره الله في جملة المستشهدين مع الحسين ( صلوات الله عليه ) » الخبر.

[١٢٠٨١] ١٠ - الشيخ الطوسي في المصباح: عن عبد الله بن سنان قال: دخلت على سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام في يوم عاشوراء، فألفيته كاسف اللون الحزن، ودموعه تنحدر عن عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت: يا بن رسول الله، مم بكاؤك لا أبكى الله عينيك؟ فقال لي: « أو في غفلة؟ أما علمت أن الحسين بن عليعليهما‌السلام أصيب في مثل هذا اليوم؟ » الخبر.

ورواه ابن طاووس (ره) في الاقبال(١) : باسناده إلى عبد الله بن جعفر الحميري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن الحسن بن محمد الحضرمي، عن عبد الله بن سنان، مثله باختلاف في بعض الألفاظ.

[١٢٠٨٢] ١١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي، عن ابن عقدة، عن أحمد بن عبد الحميد بن خالد، عن محمد بن عمرو بن عتبة، عن حسين الأشقر، عن محمد بن أبي عمارة الكوفي قال: سمعت جعفر بن محمدعليهما‌السلام يقول: « من دمعت عينه فينا دمعة، لدم سفك لنا، أو حق لنا نقصناه، أو عرض انتهك لنا أو لاحد من شيعتنا،

__________________

١٠ - مصباح المجتهد ص ٧٢٤.

(١) الاقبال ص ٥٦٨.

١١ - أمالي المفيد ص ١٧٤.

٣١٧

بوأه الله تعالى في الجنة حقبا(١) ».

[١٢٠٨٣] ١٢ - جامع الأخبار: عن أنس بن مالك، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « يقوم فقراء أمتي يوم القيامة وثيابهم خضر، وشعورهم منسوجة بالدر والياقوت، وبأيديهم قضبان من نور يخطبون على المنابر، فيمر عليهم الأنبياء فيقولون: هؤلاء من الملائكة، وتقول الملائكة: هؤلاء الأنبياء، فيقولون: نحن لا ملائكة ولا أنبياء، بل نفر من فقراء أمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقولون: بما نلتم هذه الكرامة؟ فيقولون: لم تكن أعمالنا شديدة، ولم نصم الدهر، ولن نقم الليل، ولكن أقمنا على الصلوات الخمس، وإذا سمعنا ذكر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاضت دموعنا على خدودنا ».

[١٢٠٨٤] ١٣ - مجموعة الشهيد: نقلا من كتاب الأنوار لأبي علي محمد بن همام، حدثنا أحمد بن أبي هراسة الباهلي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الأحمري قال: حدثنا حماد بن إسحاق الأنصاري، عن ابن سنان، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « نظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الحسين بن عليعليهما‌السلام وهو مقبل، فأجلسه في حجره وقال: إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا، ثم قالعليه‌السلام بأبي قتيل كلّ عبرة، قيل: وما قتيل كلّ عبرة يا بن رسول الله؟ قال: لا يذكره مؤمن إلا بكى ».

[١٢٠٨٥] ١٤ - الشيخ فخر الدين الطريحي في مجمع البحرين: وفي حديث

__________________

(١) الحقبة من الدهر: مدة لا وقت لها. وقيل: السنة، والجمع حقب.

وقيل ثمانون سنة وقيل أكثر ( لسان العرب ج ١ ص ٣٢٦ ).

١٢ - جامع الأخبار ص ١٢٩.

١٣ - مجموعة الشهيد: مخطوط.

١٤ - مجمع البحرين ج ٣ ص ٤٠٥.

٣١٨

مناجاة موسىعليه‌السلام وقد قال: « يا رب لم فضلت أمه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله على سائر الأمم؟ فقال الله تعالى: فضلتهم لعشر خصال، قال موسى: وما تلك الخصال التي يعملونها حتى آمر بني إسرائيل يعملونها؟ قال الله تعالى: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والجمعة، والجماعة، والقرآن، والعلم، والعاشوراء، قال موسىعليه‌السلام : يا رب وما العاشوراء؟ قال: البكاء والتباكي على سبط محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمرثية والعزاء على مصيبة ولد المصطفى، يا موسى ما من عبد من عبيدي في ذلك الزمان، بكى أو تباكى وتعزى على ولد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله : إلا وكانت له الجنة ثابتا فيها، وما من عبد أنفق من ماله في الدرهم بسبعين درهما، وكان معافا في الجنة، وغفرت له ذنوبه، وعزتي وجلالي، ما من رجل أو امرأة سال دمع عينيه في يوم عاشوراء وغيره، قطرة واحدة إلا وكتب له أجر مائة شهيد ».

٥٠ -( باب حد حرم الحسينعليه‌السلام الذي يستحب التبرك بتربته)

[١٢٠٨٦] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة، عن القاسم بن محمد بن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قبر الحسين بن عليعليهم‌السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسر، روضة من رياض الجنة، منه معراج ( إلى )(١) السماء، فليس من ملك

__________________

(١) في المصدر زيادة: أو دينارا.

الباب ٥٠

١ - كامل الزيارات ص ١١٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣١٩

مقرب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله أن يزوره، ففوج يهبط وفوج يصعد ».

[١٢٠٨٧] ٢ - وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن محمد بن إسماعيل البصري، عمن رواه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « حرمة قبر الحسينعليه‌السلام فرسخ في فرسخ من أربعة جوانب القبر ».

[١٢٠٨٨] ٣ - وعن حكيم بن داود عن سلمة، عن منصور بن العباس يرفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « حريم قبر الحسينعليه‌السلام خمس فراسخ من أربعة جوانب القبر ».

[١٢٠٨٩] ٤ - وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد، عن هارون بن مسلم، عن عبد الرحمان بن الأشعث، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « قبر الحسينعليه‌السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسرا، روضة من رياض الجنة » وذكر الحديث.

وعن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن إسحاق بن عمار، عنهعليه‌السلام ، مثله.

[١٢٠٩٠] ٥ - وعن محمد بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمان البصري، عن رجل من أهل الكوفة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « حريم قبر الحسينعليه‌السلام فرسخ في فرسخ في

__________________

٢ - كامل الزيارات ص ٢٧١.

٣ - كامل الزيارات ص ٢٧٢.

٤ - كامل الزيارات ص ٢٧٢.

٥ - كامل الزيارات ص ٢٨٢.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

المعروفون بالصلاح والاستقامة ، فلم يبق الله للمشركين ذريعة في هذا الصدد إذ قال سبحانه:( أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ) .

فلو كان الرسل مجهولين لتذرّع المنافقون بذلك ، ولأنكروا الرسالات السماوية.

والأمر الآخر أنّ الرسل لا يستسلمون أبدا لأهواء الناس. ولا يقرّون الناس على ما اعتادوه من انحراف ، مثلما نشاهده اليوم حيث التأييد المطلق لكلّ الرغبات العامّة (رغم انحراف الكثير منها). وعلى هذا كان الرسل يواصلون عملهم بإصرار دائم لنشر العقيدة الحقّة رغم رفض عدد كبير من الناس لهم وحقدهم عليهم.

والصفة الاخرى للأنبياء أنّهم لم يطلبوا أجرا من الناس ، ولم يأخذوا منهم شيئا في مقابل نشر الحقّ ، فهم لا يرجون غير الله ، وظلّوا يتجرّعون الفقر والبأساء دون أن يكون لأحد عليهم منّة قطّ ، ليبقوا أحرارا طليقين في نشر دعوتهم بين الناس.

٣ ـ لماذا لا يميل أكثر الناس إلى الحقّ؟

لقد استنكرت آيات القرآن الكريم ـ كالآيات السابقة ـ «الأكثرية» من الناس ، في حين نرى أنّ «الأكثرية» يقرّرون اليوم صلاح الشيء أو عدمه فهم معيار الحسن والقبح في المجتمع ، وهذا يثير علامة استفهام كبيرة : وليس الكلام في الآيات التي تذكر الأكثرية مع إضافة ضمير (هم) حيث يكون المراد منها أكثر الكافرين والمشركين وأمثالهم ، بل الكلام حول الآيات التي تذكر عنوان (أكثر الناس) من قبيل :( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) (١) .

__________________

(١) البقرة ، ٢٤٣.

٤٨١

( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) (١) .

( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ) (٢) .

( وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) (٣) .

( فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً ) (٤) .

( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) (٥) .

ومن جهة أخرى اهتمت بعض آيات القرآن بمنهج أكثرية المؤمنين باعتباره معيارا صحيحا للآخرين ، فقد جاء في الآية الخامسة عشرة بعد المائة من سورة النساء :( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ).

ونجد في الرّوايات الإسلامية لدى تعارض الرّوايات أنّ أحد المعايير للترجيح هو الشهرة بين أصحاب أئمّة الهدى وأنصارهم وأتباعهم ، كما يقول الإمام الصادقعليه‌السلام : «ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه»(٦) .

ونقرأ في نهج البلاغة : «والزموا السواد الأعظم ، فإنّ يد الله مع الجماعة ، وإيّاكم والفرقة ، فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان ، كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب»(٧) .

__________________

(١) الأعراف ، ١٨٧.

(٢) هود ، ١٧.

(٣) يوسف ١٠٣.

(٤) الإسراء ، ٨٩.

(٥) الأنعام ، ١١٦.

(٦) وسائل الشيعة ، المجلّد الثامن عشر ، صفحة ٧٢ (كتاب القضاء الباب التاسع من أبواب صفات القاضي).

(٧) نهج البلاغة ، الخطبة ١٢٧.

٤٨٢

ونقرأ أيضا في نهج البلاغة : «والزموا ما عقد عليه حبل الجماعة»(١) .

وعلى هذا قد يتراءى للبعض تناقض بين هاتين المجموعتين من الآيات والأحاديث.

ومن جهة أخرى يمكن أن يتصوّر مخالفة الإسلام للديمقراطية التي تعتمد على آراء أكثر الناس ، وهذا ما رفضه القرآن بشدّة.

ولكن بالتدقيق في الآيات والأحاديث السابقة ومقارنة بعضها ببعض يتّضح المفهوم الحقيقي ، وهو أنّ الأكثرية لو كانت من المؤمنين الواعين الذين ينتهجون الحقّ ويرفضون الباطل ، لا لاستحقّوا الاحترام ، وحظي رأيهم بالتقدير والقبول.

أمّا إذا كانوا فئة جاهلة أو واعية لكنّها مستسلمة لرغباتها وشهواتها على علم منها ، فلا طاعة لها ولا رأي. لأنّ اتّباعها يؤدّي إلى الضلالة والضياع ، كما يقول القرآن المجيد.

وعلى هذا الأساس فلو أردنا تحقيق «ديمقراطية سليمة» لوجب السعي أوّلا لتوعية الناس وتكوين جماعة مؤمنة واعية ، ثمّ الاستناد على رأي أكثريتهم كمعيار لسلامة الأهداف الاجتماعية ، وإلّا فإنّ ديمقراطية الأكثرية الضّالة لا تنتج سوى ضلال المجتمع وجرّه إلى جهنّم.

ومن الضروري التنبيه إلى انّنا نعتقد أنّ رأي الأكثرية الواعية المؤمنة إنّما يكون محترما ومقبولا فيما إذا لم يخالف الكتاب والسنّة والأحكام الإلهيّة.

ولجوء الأمم والشعوب في هذا العصر إلى رأي الأكثرية مبعثه انعدام المعيار الموثوق به في قياس ما ينفع المصلحة العامّة وما يضرّها ، فهذه المجتمعات لا تستنير بكتاب ربّاني ولا تلتزم رسالة نبي كريم ، وليس لديها سوى الرجوع إلى

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٥١.

٤٨٣

رأي العامّة. وبما أنّ المتسلّطين لا يسعون لتوعية رعاياهم ، بل يجتهدون في استدامة غفلة الناس وضآلة اطّلاعهم على ما ينهض بتقدّمهم وازدهار حياتهم ، ليتسنّى لهؤلاء الاستمرار في الهيمنة على الناس والعبث بمصيرهم ، لذلك جعلوا الأكثرية الكميّة معيارا لإسكات الأصوات المعترضة.

ولو دقّقّنا في وضع المجتمعات المعاصرة والقوانين والأنظمة السائدة ، لوجدنا أكثر مصائبهم نابعة من اللجوء إلى ما يسمّى رأي الأكثرية.

فما أسوأ القوانين وأقبح المقرّرات التي جعلتها «الأكثرية» ، وما أكثر الفتن والحروب التي اندلعت بسبب رأي الأكثرية الجاهلة ، وما أعظم المظالم وأشكال العدوان التي قرّرت الأكثرية صحّتها ومشروعيتها!!

* * *

٤٨٤

الآيات

( وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥) وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠) )

التّفسير

طرق التوعية الإلهيّة المختلفة :

عرضت الآيات السابقة الحجج التي يتذرّع بها منكرو الحقّ في رفض الرسالات وإيذاء الأنبياءعليهم‌السلام . وتناولت هذه الآيات إتمام الحجّة عليهم من قبل الله تعالى وتوعيتهم.

فتقول أوّلا : إنّنا تارة نشملهم برعايتنا ونرزقهم من وفير النعمة لينتبهوا ،

٤٨٥

ولكن :( وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) .

والله تعالى يبتليهم لعلّهم يعون حين لا تجدي بهم رحمته سبحانه ، لكنّ طائفة غالبة منهم لم يستيقظوا حتّى بالبلاء المذلّ( وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ ) (١) .

«التضرّع» ـ كما أسلفنا ـ مشتقّة من الضرع بمعنى الثدي ، فالتضرّع يعني الحلب ، ثمّ استعملت بمعنى التسليم المخالط بالتواضع والخضوع.

وتعني هذه الآية أنّ المشركين لم يتخلّوا عن غرورهم وعنادهم وتكبّرهم ، ولم يستسلموا للحقّ حتّى وهم يواجهون أشدّ النكبات عصفا بهم.

وإذا ما فسّر التضرّع في الرّوايات بأنّه رفع اليدين نحو السّماء للدعاء ، فهو أحد مصاديق هذا المعنى الواسع.

فالله تعالى يواصل هذه الرحمة والنعمة والعقوبات ، والمشركون يواصلون طغيانهم وعنادهم( حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) (٢) .

الواقع ، أنّ نوعين من العقاب الإلهي : أوّلهما «عقاب الابتلاء» ، وثانيهما «عقاب الاستيصال» والاقتلاع من الجذور ، والهدف من العقاب الأوّل وضع الناس في صعوبات وآلام ليدركوا مدى ضعفهم وليتركوا مركب الغرور.

أمّا هدف العقاب الثّاني الذي ينزل بالمعاندين المستكبرين فهو إزالتهم عن مجرى الحياة ، وتطهيرها من عراقيلهم ، لأنّه لم يبق لهم حقّ الحياة في نظام الحقّ ،

__________________

(١) «استكانوا» مشتقّة من السكون ، بمعنى الصمت في حالة الخضوع والخشوع ، وبهذه الصورة ستكون من باب «افتعال» التي كانت في الأصل استكنوا. أشبعت فتحة الكاف وبدّلت إلى ألف. فأصبحت استكانوا. وقال البعض : إنّها مشتقّة من كون ، ومن باب «استفعال» أي طلب الإقامة في مكان بخضوع وخشوع. وعلى كلّ حال فإنّها تبيّن حالة العبد الخاضع لربّه ، وقد اعتبرها البعض بمعنى الدعاء بسبب كونه أحد مصاديق الخضوع والتواضع. أمّا الاحتمال الثالث ، فهي مشتقّة عن «الكين» على وزن «عين» ومن باب الاستفعال ، لأنّها تعني الخضوع أيضا. وجميع هذه المعاني متقاربة.

(٢) «المبلس» كلمة مشتقّة من «الإبلاس». بمعنى الألم الشديد الناتج عن شدّة أثر الحادثة. وتدفع بالإنسان إلى الصمت والحيرة واليأس.

٤٨٦

ولهذا يستوجب اقتلاع هذه الأشواك من طريق تكامل البشر.

وبيّن المفسّرين اختلاف في قصد الآية من عبارة( باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ ) .

فالكثيرون يرون أنّه الموت ، ثمّ العذاب وعقاب يوم القيامة.

وآخرون يرونه القحط الشديد الذي واجه المشركين سنين عديدة بدعاء من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأصبحوا لا يجدون ما يأكلون ، حتّى تناولوا ما تشمئز منه الأنفس.

وغيرهم يرونه العقاب الأليم الذي نزل على المشركين بضربات سيوف جند الإسلام في معركة بدر.

وهناك احتمال أنّ الآية لا تختّص بفئة معيّنة ، بل هي استعراض لقانون شامل عامّ للعقوبات الإلهيّة ، يبدأ من الرحمة ، فالتنبيه والعقاب التربوي ، وينتهي بعذاب الاقتلاع من الجذور والدمار(١) .

ثمّ تناول القرآن المجيد القضيّة من باب آخر ، فعددّ النعم الإلهيّة لدفع الناس إلى الشكر( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ ) والتأكيد على (الأذن والعين والعقل) لأنّها الأجهزة التي بها يتعرّف الإنسان على المحسوسات والقضايا ، فالأشياء الحسيّة يبلغها بالعين والأذن ، والقضايا غير الحسّية يدركها بالعقل.

ومعرفة أهميّة حاسّتي النظر والسمع يكفي لتصوّر حالة الإنسان الذي يفقدهما ، إذ تظلم الدنيا بعينه. وبفقدان هاتين الحاسّتين بالولادة تفقد حواسّ أخرى عملها. فالأصمّ بالولادة يكون بالبداهة أبكم ، فانطلاق اللسان مرتبط بسمع الإنسان وبفقدهما يفقد الإنسان وسيلة ارتباطه مع الآخرين.

وبعد هاتين الحاسّتين اللتين هما مفتاح الإدراك لعالم المادّة ، يأتي العقل الذي ينتزع الأفكار ممّا تموّنه به الحواسّ ، ويجتاز الطبيعة إلى ما وراءها ، ومهمّته

__________________

(١) الآية( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) التي ذكرت قبل هذه الآيات تؤيّد هذا التّفسير.

٤٨٧

النقد والاستنتاج والترتيب والتعميم وتحليل محصّلة حاسّتي البصر والسمع وسواهما ، أفلا يستحقّ الذين لا يشكرونه على هذه الأدوات الثلاث للمعرفة الذمّ واللوم؟ ألا يكفي التدقيق في تفاصيلها دليلا على معرفة الخالق وعظيم إحسانه للعباد؟

وتقديم ذكر الاذن والعين على العقل في الآية المذكورة له ما يسوّغه. ولكن لماذا تقدّم السمع على البصر؟ يحتمل ـ كما يقول العلماء ـ أنّ أذن الوليد تعمل أوّلا ، ثمّ عينه ، فالعينان مغلقتان في عالم الرحم وليست لديهما أي استعداد وقابلية على مشاهدة أمواج النور ، ولذلك تبقيان هكذا بعد الولادة قليلا ، ثمّ تتعودان النور تدريجيّا.

وليست الأذنان هكذا ، حتّى أنّ بعضهم يرى أنّها قادرة على السماع حتّى في الرحم(١) . فهي تسمع صوت دقّات قلب الامّ.

إنّ بيان المواهب الثلاث أعلاه يشكّل دافعا لمعرفة واهب هذه النعم ، وهو المنعم الوحيد حقّا (مثلما يرى علماء العقائد في بعث شكر المنعم أساسا لوجوب معرفة الله عقلا).

وتناولت الآية اللاحقة خلق الله سبحانه للإنسان من التراب ، فتقول :( وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ ) (٢) .

وبما أنّه ـ جلّ اسمه ـ خلقكم من الأرض ، لذلك ستعودون إليها مرّة ثانية ، ثمّ يبعثكم :( وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) .

ولو فكّرتم في خلقكم من تراب لا قيمة له ، لدلّكم على خالق الوجود سبحانه ، وعرّفكم على كريم لطفه بكم وإحسانه إليكم ، وقادكم إلى الإيمان به

__________________

(١) تحدّثنا عن أجهزة التعرّف الثلاثة في تفسير الآية (٧٨) من سورة النحل.

(٢) «ذرأ» مشتقّة من الذرء (على وزن زرع). وهي في الأصل بمعنى الخلق والإيجاد والإظهار ، إلّا أنّ كلمة (ذرو) وهي أيضا على وزن فعل بمعنى البعثرة. الآية الأولى من النوع الأوّل.

٤٨٨

وبالمعاد.

وبعد ذكر خلق الإنسان ، تناولت الآية المذكورة آنفا دلائل أخرى من بديع صنع الله تعالى( وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) .

وبهذا الترتيب بدأ البيان القرآني من الدافع لاستيقاظ القلب وانبعاثه على معرفة ربّه سبحانه وانتهى بذكر بعض أهمّ الآيات الأنفسيّة والآفاقية ، فالقول المبارك استعرض مسيرة الإنسان منذ الولادة حتّى الموت والعودة إلى الله تعالى ، التي تتمّ مراحلها جميعا بإرادة الله العزيز الحكيم.

وممّا يلفت النظر جعل الله الموت والحياة إلى جانب اختلاف الليل والنهار ، وذلك لكون النور والظلام في عالم الوجود كالموت والحياة للكائنات ، فمثلما يجد الخلق حركته ونشاطه بين أفواج النور ، ويستخفي بين أستار الظلام ، كذلك تبدأ الأحياء حركتها ونشاطها في نور الحياة ، وتستخفي في ظلمة الموت ، ولكليهما صفة التدرّج.

وسبق أن قلنا بأنّ «اختلاف» الليل والنهار قد يعني تواليهما حيث يخلف الليل النهار ، ويخلف النهار الليل. وقد يعني اختلافهما وتفاوتهما التدريجي الذي يوجد الفصول الأربعة ، ويقود دورة الحياة في عالم النبات في ظلّ نظام دقيق.

وكلّ هذه المسائل يمكن أن تكون السبيل إلى معرفة الله ، إذا انتبه لها الإنسان وتأمّلها بفطنة.

ولهذا تقول الآية في النهاية :( أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ؟!

* * *

٤٨٩

الآيات

( بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (٨١) قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢) لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) )

التّفسير

القرآن يدعو الضمائر إلى التحكيم :

دعت الآيات السابقة منكري الله والمعاد إلى التفكّر في خلق عالم الوجود وآيات الآفاق والأنفس ، وأضافت هذه الآيات أنّ هؤلاء تركوا عقولهم واتّبعوا

٤٩٠

أسلافهم وقلّدوهم تقليدا أعمى :( بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ ) .

ثمّ إنّ هؤلاء ملكهم التعجّب و:( قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) (١) .

إنّ ذلك لا يصدق!( لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ ) فكانت وعودا كاذبة ، و( إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) فإعادة الخلق أسطورة ، والحساب والكتاب أساطير أخرى ، وكذا الجنّة والنّار.

ولكون الكفّار والمشركين أشدّ خوفا من اليوم الآخر وما فيه من هول الحساب وعدل الكتاب ، تذرّعوا بالأوهام لتسويغ إعراضهم عن الحقّ وتمسّكهم بالباطل.

ولهذا سدّدت الآيات موضع البحث ضربة قويّة إلى هذا المنطق الواهي من ثلاث طرق : بتذكيرها الإنسان بمالكية

الله لعالم الوجود المترامي الأطراف ، وربوبيته له ، وسيادته عليه. وتستنتج ـ من جميع الأبحاث ـ قدرة الله وسهولة المعاد عليه سبحانه ، وأنّ عدالته وحكمته تستلزمان أن يعقب هذا العالم عالم آخر وحياة أخرى.

وممّا يلفت النظر أنّ القرآن يأخذ من المشركين اعترافا بكلّ مسألة ، فيعيد كلامهم ليثبت إقرارهم.

يقول أوّلا :( قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) .

ثمّ تضيف الآية أنّهم يؤمنون بالله خالق الوجود وفق نداء الفطرة النابع من ذاتهم ، وسيجيبونك و:( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) فأجبهم :( قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) كيف تتصوّرون استحالة إحياء الموتى بعد اعترافكم الصريح؟

ثمّ يأمر رسوله مرّة ثانية أن يسألهم :( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ

__________________

(١) تقديم التراب على العظام إما لعودة التراب إلى الحياة الأولى هي أعجب من عودة العظام ، وإما لأن الأجداد أصبحوا ترابا والآباء عظاما نخرة ، وإما لصيرورة لحم الإنسان ترابا قبل العظام ، ثم تتحول العظام إلى تراب.

٤٩١

الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) .

فيأتي الجواب نابعا من الفطرة التي فطرة الله الناس عليها ، وهي الاعتراف بربوبيّته تعالى( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) وبعد هذا الاعتراف الواضح فلما ذا لا تخافون الله ، ولا تعترفون بالمعاد وبعث الإنسان مرّة ثانية :( قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ) .

واسألهم مرّة أخرى عن سيادة الله على السماوات والأرض( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) . ومن الذي يجير اللاجئين وجميع المحرومين ولا يحتاج إلى اللجوء إلى أحد :( وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ ) ،( إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) .

فيعترفون بأنّ العالم ومالكيته وحكومته وإجارة الآخرين يعود لله فقط( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) .

( قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) أي : كيف تقولون : إنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سحركم رغم كلّ هذا الاعتراف والإقرار منكم؟!

إنّها لحقائق اعترفتم بها في كلّ مرحلة ، فقد أقررتم بأنّه سبحانه مالك الوجود وخالقه ، وأنّه المدير والمدبّر والحاكم والملجأ ، فكيف لا يستطيع من له كلّ هذه القدرة والحكم والحكمة ، إعادة الإنسان إلى تراب وبعثه ثانية كما خلقه أوّل مرّة؟

لماذا تفرّون من الخضوع للحقيقة؟ ولماذا تتّهمون النّبي الأكرم بالسحر وقلوبكم تعترف بهذه الحقائق؟!

وأخيرا يقول القرآن في عبارة مختصرة ذات دلالة كبيرة بأنّه ليس سحرا ولا شعوذة ولا شيء آخر :( بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) .

لقد بيّن الله الحقائق للناس بإرساله الأنبياء والرسل إليهم ولكنّهم عصوا أمره ، ولم يستجيبوا له فيما يحييهم من عبادته وإقامة أحكامه الهادية لكلّ خير ، المنقذة من كلّ شرّ.

* * *

٤٩٢

ملاحظات

١ ـ معنى عدد من الكلمات

«الأساطير» جمع «أسطورة» قال بعض اللغويين : إنّها مشتقّة من «السطر» بمعنى الصف ، فيطلق على الكلمات التي اصطفّت في خطّ واحد لفظ السطر.

فالأسطورة : الكتابة أو السطور التي تركها لنا الآخرون ، ولأنّ كتابات القدماء تحتوي على أساطير خرافية ، تطلق الأساطير على الحكايات والقصص الخرافية الكاذبة. وقد تكرّرت كلمة الأساطير في القرآن المجيد تسع مرّات. وجميعها جاء على لسان الكفّار لتوجيه مخالفتهم لأنبياء الله تعالى.

«الربّ» تعني ـ كما قلنا في تفسير سورة الحمد ـ المالك المصلح ، ولهذا لا يطلق على كلّ مالك ، وإنّما يختّص بالمالك الذي يسعى لإصلاح وحفظ وإدارة ملكه حفظا جيّدا ، وتطلق كلمة «ربّ» أحيانا على المربّي والمعلّم أيضا.

«الملكوت» مشتقّة من «الملك» (على وزن كفر) ، بمعنى الحكومة والمالكية ، وإضافة الواو والتاء للتأكيد والمبالغة.

«العرش» يعني السرير ذا القوائم العالية ، ويطلق أحيانا على السقف وشبهه.

وعند ما تتعلّق هذه الكلمة بالله سبحانه ، فإنّها تعني عالم الوجود كلّه ، فهو كلّه دون جلاله المقدّس وحكمه الحكيم.

وقد تطلق أحيانا على عالم ما وراء الطبيعة (ميتافيزيقيا) مقابل «الكرسي» الذي يعني عالم الطبيعة والمادّة ، مثال ذلك( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) (١) (٢) .

__________________

(١) بحثنا موضوع العرش بإسهاب في تفسير الآية (٥٤) من سورة الأعراف.

(٢) البقرة ، ٢٥٥.

٤٩٣

٢ ـ تأكيد المعاد بالاستناد إلى قدرة الله الشاملة

يستنتج من آيات القرآن أنّ معظم مخالفة المنكرين للمعاد يدور حول مسألة المعاد الجسماني ، ودهشتهم من عودة الروح والحياة ثانية إلى الإنسان بعد أن يصير ترابا ، من هنا عدّدت الآيات معالم قدرة الله في عالم الوجود ، وأكّدت خلقه لكلّ شيء من عدم ، ليؤمنوا بالحياة بعد الموت ، وتزول استحالتها من تصوّرهم.

وبحثت هذه الآيات هذه المسألة من خلال بيان قدرة الله على الأرض وسكّانها. وقدرته على السموات والعرش العظيم ، وقدرته على إدارة عالم الخلق والنشر ، وهذه السبل الثلاثة مصاديق لمفهوم واحد. ويحتمل أيضا أنّ كلا من هذه الأبحاث الثلاثة يشير إلى وجهة نظر المنكرين للمعاد ، فلو كان إنكاركم للمعاد يعود إلى أنّ العظام البالية قد خرجت من دائرة حكومة الله وملكيّته ، فهذا خطأ ، لأنّكم تعترفون أنّ الله تعالى هو مالك الأرض ومن عليها.

وإنّ كان إنكاركم لأنّ بعث الأموات يحتاج إلى إله مقتدر ، فأنتم تعترفون بأنّ الله ربّ السماوات والعرش.

وإن كان جحودكم أنّكم في شكّ من تدبير العالم بعد الحياة الجديدة وبعد بعث الأموات ، فهو أيضا في غير مورده ، لأنّكم قبلتم تدبيره واعترفتم بقدرته على إدارة عالم الوجود ، وجوار من لا جار له (أي كلّ الموجودات) حيث يتكفّل برعايتها وتدبير أمورها ، فعلى هذا لا مجال لإنكاركم أيضا. وإجابة الكفّار في الحالات الثلاث بشكل منسجم موحّد( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) تؤكّد التّفسير الأوّل.

٣ ـ اختلاف نهايات الآيات

والجدير بالاهتمام هو أنّه بعد السؤال الأوّل وإجابته جاءت عبارة :( أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) .

وبعد السؤال الثّاني وإجابته جاءت عبارة( أَفَلا تَتَّقُونَ ) .

٤٩٤

وبعد السؤال الثّالث وإجابته جاءت عبارة( فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) .

وهذه عبارات تنبيه شديدة للكفّار واستنكار لما هم عليه من باطل بشكل متدرّج ومرحلة بعد أخرى ، وهو أسلوب متعارف ينسجم مع الأساليب المعروفة في التعليم والتربية المنطقيّة. فإذا احتاج المربّي إلى إدانة شخص ، يبدأ أوّلا بتنبيهه بلطف ، ثمّ بحزم ، وبعد ذلك يعنّفه!

* * *

٤٩٥

الآيتان

( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢) )

التّفسير

الشرك يجرّ العالم نحو الدمار :

تناولت الآيات السابقة بحوثا في المعاد والملك والحكم والربوبيّة ، أمّا هذه الآيات فقد تناولت نفي الشرك ، واستعرضت جانبا من انحرافات المشركين.

وردّتها عليهم بالأدلّة الساطعة ، قائلة :( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ ) .

إنّ الإعتقاد بوجود ابن لله لا ينحصر في المسيحيين الذين يرون النّبي عيسىعليه‌السلام ابنا حقيقيّا له! فقد كان المشركون يرون الملائكة بنات لله ، ولعلّ المسيحيين أخذوا هذه الفكرة من المشركين القدماء ، وعلى أساس أنّ الولد جزء من الأب ، فلذلك اعتقدوا بأنّ الملائكة أو المسيحعليه‌السلام لهم حصّة من الالوهيّة ، وهذا أوضح مظهر للشرك.

٤٩٦

ثمّ بيّنت الآية بطلان الشرك : أنّه لو كان هناك آلهة متعدّدة تحكم العالم ، فسيكون لكلّ إله مخلوقاته الخاصّة به يحكم عليها ويدبّر أمورها.

وسيكون تبعا لذلك أنظمة متعدّدة للعالم ، لأنّ كلّ واحد من الآلهة يدير منطقته بنظام خاص( إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ ) وهذا ينافي وحدة النظام الحاكم في هذا العالم.

( وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ) وهذه نتيجة محتومة لكلّ صراع ، إذ يسعى كلّ طرف فيه لغلبة الآخرين والهيمنة عليهم ، وهذا سيكون بذاته سببا آخر لتفكّك النظام الموحّد السائد في العالم.

وجاء في ختام الآية تقديس لله سبحانه( سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) .

وزبدة الكلام ما نجده بوضوح من سيادة نظام موحّد لساحة الوجود كلّه.

فالقوانين السائدة لهذا العالم في أرضه وسمائه واحدة ، والنظام الحاكم لذرّة واحدة هو ذاته يحكم المجموعة الشمسيّة المنظومات الكبيرة ، ولو أتيحت لنا صورة مكبّرة لذّرة واحدة لحصّلنا على شكل المنظومة الشمسيّة ، والعكس صحيح.

وقد برهن العلماء في تجاربهم في مختلف العلوم ، باستخدام أدقّ الأجهزة وأحدثها على وحدة النظام السائد لهذا العالم كلّه. هذا من جهة.

ومن جهة أخرى إنّ الاختلاف والتباين يلازمان التعدّد دوما. فلو تشابهت صفات شيئين تمام التشابه لكانا شيئا واحدا ، إذ لا معنى لثنائيتهما عندئذ ، ولو فرضنا لهذا العالم آلهة عديدة لوقع أثر هذا التعدّد على مخلوقات العالم والنظام الحاكم له ، ولانتفت وحدة نظام الخلق.

مضافا إلى أنّ كلّ موجود لا بدّ أن يسعى لاستكمال وجوده إلّا الوجود الكامل من كلّ جهة فلا معنى للتكامل في وجوده حينئذ ، فلو فرضنا وجود مناطق خاصّة لكلّ إله من هذه الآلهة المزعومة ، وطبعا لا يكون لكلّ منها كمال مطلق ،

٤٩٧

ومن الطبيعي أيضا أنّها سوف تسعى لاستكمال ذاتها ، وتحاول ضمّ بقيّة المناطق إلى حوزتها ، وهذا السعي للتكامل والتنافس في الاقتدار مدعاة لوقوع العالم فريسة بين مخالب الناقصين الباحثين عن السيطرة على غيرهم ، والنتيجة هي فساد العالم ودماره.

وبهذا تكون كلتا الجملتين في الآية إشارة إلى دليل منطقي واحد ، ولا تصل النوبة إلى حصر الجملة في جهة إقناعية وليست منطقية.

السؤال الوحيد الباقي في هذا المورد هو أنّ البرهان المذكور يصحّ فيما لو فرضنا أنّ الآلهة تسعى للتغلّب والسيطرة المطلقة ، أمّا لو فرضناها حكيمة وعالمة ، فما المانع من أنّ تدير العالم بالتشاور فيما بينها؟

لقد أجبنا عن هذا السؤال في تفسيرنا للآية الثّانية والعشرين من سورة النساء ، في بحث برهان التمانع ، ولا حاجة لتكراره هاهنا.

والآية التالية تردّ على المشركين المغالطين فتقول :( عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ) أي إنّ الله يعلم ظاهر الأشياء وباطنها ، فكيف تتصوّرون وجود إله آخر تعرفونه أنتم ولا يعرفه الربّ الذي خلقكم والذي يعلم الغيب والشهادة في هذا العالم؟

هذا البيان يشبه ما ورد في الآية الثامنة عشرة من سورة يونس( قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ ) ؟!

وبهذه العبارة يبطل تصوراتهم الخرافيّة :( فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .

وختام هذه الآية يشبه ختام الآية الثامنة عشرة من سورة يونس وهو( سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) . وهذا يدلّ على وحدة الموضوع.

كما أنّ هذه العبارة تهديد موجّه للمشركين بأنّ الله الّذي يعلم السرّ والعلن ، يعلم ما تقولونه. وسيحاسبكم عليه يوم القيامة في محكمته العادلة.

* * *

٤٩٨

الآيات

( قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨) )

التّفسير

تعوّذوا بالله من همزات الشياطين :

مع مخاطبة هذه الآيات للرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واصلت مقاصد الآيات السابقة في تهديد الكفّار والمشركين المعاندين بأنواع العذاب الإلهي( قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ ) (١) .

( رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) هاهنا دعاء بالنجاة من الهلاك ، والانفصال من الظالمين الذين ينتظرهم سوء العذاب ، ولا شكّ أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم

__________________

(١) «إمّا» في الآية أعلاه مركّبة من «إنّ» الشرطية و «ما» الزائدة. وقد استعملت هنا للتأكيد. ومن أجل أن ترد (إنّ الشرطية) على الفعل المقرون بنون التأكيد يجب أن تفصل بينهما «ما».

٤٩٩

يعمل ما يعرضه للعذاب ، وليس من العدل الإلهي أن يأخذ البريء بالمذنب ، بل لو أنّ رجلا كان يعبد الله في قوم لأنقذه الله سبحانه ممّا يعمّهم به من البلاء.

فهذا الدعاء من الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما كان بأمر من الله تعالى ، لهدفين : ليحذّر الكفّار والمشركين من سوء المنقلب الذي يتوجّب أن يسلّم الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه إلى الله جلّ وعلا ويطلب منه النجاة ، والآخر : ليعلّم أصحابه وأتباعه جميعا التسليم إلى الحقّ ، وألّا يتصوّروا أنّهم في مأمن من عذابه.

أمّا ماذا يقصد بهذا العذاب؟

يرى معظم المفسّرين أنّه العقاب الدنيوي الذي ابتلى الله به المشركين ، ومنه الهزيمة المرّة التي ألحقها بهم في معركة بدر(١) ومع التوجّه إلى أنّ سورة «المؤمنون» مكّية نزلت يوم مواجهة المؤمنين لضغوط كبيرة. لهذا كانت هذه الآيات بلسم لجراحهم وتسلية لخواطرهم (وجاء بهذا المعنى أيضا في سورة يونس الآية ٤٦).

إلّا أنّ بعض المفسّرين احتملوا أنّه يشمل العذاب الدنيوي والاخروي معا(٢) .

ويبدو التّفسير الأوّل أقرب لمراد الآية.

وتأكيدا لهذا الموضوع ولنفي كلّ شكّ لدى الأعداء ، ولتسلية خاطر الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين ، أضافت الآية اللاحقة( وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ ) .

ولقد تجلّت قدرة الله سبحانه في ساحات مختلفة بعد ذلك ـ ومنها معركة بدر ـ حيث غلبت قلّة من المؤمنين جموع الأعداء الغفيرة بقوّة الإيمان وبنصر من الله

__________________

(١) يراجع تفاسير مجمع البيان ، والميزان ، وفي ظلال القرآن ، وأبو الفتوح الرازي ، وروح المعاني ، في تفسير الآيات موضع البحث.

(٢) التّفسير الكبير للفخر الرازي ، في تفسير الآيات موضع البحث.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550