الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 550

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 550 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 215942 / تحميل: 6698
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) (١) فهو يعلم ما قدّم المجرمون وما فعلوه في الدنيا ، وهو مطّلع على كلّ أفعالهم وأقوالهم ونيّاتهم في الماضي وما سيلاقونه من الجزء في المستقبل ، إلّا أنّهم لا يحيطون بعلم الله. وبهذا فإنّ إحاطة علم الله سبحانه تشمل العلم بأعمال هؤلاء وبجزائهم ، وهذان الركنان في الحقيقة هما دعامة القضاء التامّ العادل ، وهو أن يكون القاضي عالما ومطّلعا تماما على الحوادث التي وقعت ، وكذلك يعلم بحكمها وجزائها.

في ذلك اليوم :( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ) .

«العنت» من مادة العنوة ، وقد وردت بمعنى الخضوع والذلّة ، ولذلك يقال للأسير: «عاني» ، لأنّه خاضع وذليل في يد الأسر. وإذا رأينا الخضوع قد نسب إلى الوجوه هنا ، فلأنّ كلّ الإحساسات النفسية ، ومن جملتها الخضوع ، تظهر آثارها أوّلا على وجه الإنسان.

واحتمل بعض المفسّرين أنّ الوجوه هنا تعني الرؤساء والزعماء وأولياء الأمور الذين يقفون في ذلك اليوم أذلّاء خاضعين لله. إلّا أنّ التّفسير الأوّل أقرب وأنسب.

إنّ انتخاب صفتي «الحي والقيّوم» هنا من بين صفات الله سبحانه ، لأنّهما يناسبان النشور أو الحياة وقيام الناس جميعا من قبورهم «يوم القيامة».

وتختتم الآية بالقول :( وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ) فالظلم والجور كالحمل العظيم الذي يثقل كاهل الإنسان ، ويمنعه من السير والرقي إلى نعم الله الخالدة ، وإنّ الظالمين ـ سواء منهم من ظلم نفسه أو ظلم الآخرين ـ لما يرون بأعينهم في ذلك اليوم خفيفي الأحمال يهرعون إلى الجنّة ، وهم قد جثوا حول جهنّم ينظرون

__________________

(١) احتمل بعض المفسّرين أنّ ضمائر الجمع في الجملة الأولى تعود إلى الشافعين ، واحتمل البعض أيضا أنّ الضمير في (به) يعود إلى أعمال المجرمين ونتائجها ، ولكن ما ذكرناه أعلاه هو الأصحّ كما يبدو. دقّقوا ذلك.

٨١

إلى أهل الجنّة يتملّكهم اليأس والخيبة والحسرة.

ولمّا كانت طريقة القرآن غالبا هي بيان تطبيقي للمسائل ، فإنّه بعد أن بيّن مصير الظالمين في ذلك اليوم ، تطرّق إلى بيان حال المؤمنين فقال :( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً ) (١) .

التعبير بـ( مِنَ الصَّالِحاتِ ) إشارة إلى أنّهم إن لم يستطيعوا أن يعملوا كلّ الصالحات فليقوموا ببعضها ، لأنّ الإيمان بدون العمل الصالح كالشجرة بلا ثمرة ، كما أنّ العمل الصالح بدون إيمان كالشجرة من دون جذر ، إذ قد تبقى عدّة أيّام لكنّها تجفّ آخر الأمر ، ولذلك ورد قيد( وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) بعد ذكر العمل الصالح في الآية.

قاعدة : لا يمكن أن يوجد العمل الصالح بدون إيمان ، ولو قام بعض الأفراد غير المؤمنين ـ أحيانا ـ بأعمال صالحة ، فلا شكّ أنّها ستكون ضئيلة ومحدودة واستثنائية ، وبتعبير آخر : فإنّ العمل الصالح من أجل أن يستمر ويتأصّل ويتعمّق يجب أن يروى من عقيدة سالمة وإعتقاد صحيح.

* * *

بحثان

١ ـ الفرق بين الظلم والهضم

قرأنا في الآية الأخيرة من الآيات محلّ البحث أنّ المؤمنين الصالحين لا يخافون ظلما ولا هضما ، وقال بعض المفسّرين : إنّ «الظلم» إشارة إلى أنّ هؤلاء لا يخافون مطلقا من أن يظلموا في تلك المحكمة العادلة ويؤاخذوا على ذنوب لم

__________________

(١) «الهضم» في اللغة بمعنى النقص ، وإذا قيل لجذب الغذاء إلى البدن : هضم ، فلأنّ الغذاء يقلّ ظاهرا وتبقى فضلاته.

٨٢

يرتكبوها و «الهضم» إشارة إلى أنّهم لا يخافون ـ أيضا ـ نقصان ثوابهم ، لأنّهم يعلمون أنّ ما يستحقّونه من الثواب يصل إليهم دون زيادة أو نقصان.

واحتمل بعضهم أنّ الأوّل يعني أنّهم لا يخافون من محو حسناتهم ، والثّاني إشارة إلى أنّهم لا يخافون نقصان حتّى مقدار قليل منها ، لأنّ الحساب الإلهي دقيق جدّا.

ويحتمل أيضا أنّ للمؤمنين الصالحين زلّات وهفوات أيضا ، وأنّ الكاتبين لا يكتبون أكثر ممّا صدر منهم ، ولا ينقصون شيئا من ثواب أعمالهم الصالحة.

إنّ التفاسير المتقدّمة لا تتقاط فيما بينها ، ويمكن أن تكون الجملة آنفة الذكر إشارة إلى كلّ هذه المعاني أيضا.

٢ ـ مراحل القيامة

وردت الإشارة في الآيات ـ محلّ البحث ـ إلى سلسلة من الحوادث التي تقع عند حلول القيامة وبعدها :

١ ـ رجوع الأموات إلى الحياة :( يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ) .

٢ ـ جميع المجرمين وحشرهم :( نَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ ) .

٣ ـ تلاشي جبال الأرض ، ثمّ تبعثرها في كلّ مكان ، واستواء سطح الأرض تماما :( يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً ) .

٤ ـ استماع الجميع لدعوة داعي الله ، وانقطاع جميع الأصوات :( يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ ) .

٥ ـ عدم تأثير الشفاعة في ذلك اليوم بدون إذن الله :( يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ ) .

٦ ـ إعداد الله تعالى جميع خلقه للحساب بعلمه المطلق غير المتناهي( يَعْلَمُ

٨٣

ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) .

٧ ـ خضوع الجميع في مقابل حكمه :( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ) .

٨ ـ يأس الظالمين :( وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ) .

٩ ـ رجاء المؤمنين لطف الله ورحمته :( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) .

* * *

٨٤

الآيتان

( وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣) فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤) )

التّفسير

قل :( رَبِّ زِدْنِي عِلْماً )

الآيات محلّ البحث ـ في الواقع ـ إشارة إلى مجموع ما مرّ في الآيات السابقة حول المسائل التربوية المرتبطة بالقيامة والوعد والوعيد ، فتقول :( وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ) .

التعبير بـ (كذلك) إشارة إلى المطالب التي بيّنت قبل هذه الآية ، وهذا يشبه تماما أن يذكر إنسان لآخر أمورا من شأنها التوعية والعبرة ، ثمّ يضيف : هكذا ينبغي التذكير والوعظ ، وعلى هذا فلا حاجة إلى التفاسير التي ذكرت والبعيدة هنا عن معنى الآية).

٨٥

كلمة «عربي» وإن كانت بمعنى اللغة العربية ، إلّا أنّها هنا إشارة إلى فصاحة القرآن وبلاغته وسرعة إيصاله للمفهوم والمراد من جهتين :

الأولى : إنّ اللغة العربية ـ بشهادة علماء اللغة في العالم ـ واحدة من أبلغ لغات العالم ، وأدبها من أقوى الآداب.

والثّانية : إنّ جملة (صرفنا) أحيانا تشير إلى التعبيرات القرآنية المختلفة حول حادثة واحدة ، فمثلا نراه يبيّن مسألة الوعيد وعقاب المجرمين من خلال ذكر قصص الأمم السابقة وحوادثها تارة ، وتارة أخرى على هيئة خطاب موجّه للحاضرين ، وثالثة بتجسيد حالهم في مشهد القيامة ، وهكذا.

إنّ اختلاف جملة( لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) مع جملة( يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ) قد يكون من جهة أنّ الجملة الأولى تقول : إنّ الهدف هو إيجاد وغرس التقوى بصورة كاملة.

وفي الجملة الثّانية : إنّ الهدف هو أنّ التقوى وإن لم تحصل كاملة ، فليحصل على الأقل الوعي والعلم فعلا ، ثمّ تكون في المستقبل مصدرا وينبوعا للحركة نحو الكمال.

ويحتمل أيضا أن تكون الجملة الأولى إشارة إلى إيجاد وتحقيق التقوى بالنسبة لغير المتّقين ، والثّانية إلى التذكّر والتذكير بالنسبة للمتقين ، كما نقرأ في الآية (٢) من سورة الأنفال :( إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً ) .

في الآية آنفة الذكر إشارة إلى أصلين مهمّين من أصول التعليم والتربية المؤثّرة :

أحدهما : مسألة الصراحة في البيان ، وكون العبارات بليغة واضحة تستقرّ في القلب.

والآخر : بيان المطالب بأساليب متنوعة ، لئلّا تكون سببا للتكرار والملل ، ولتنفذ إلى القلوب.

أمّا الآية التّالية فتضيف قائلة :( فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ ) ومن المحتمل أن

٨٦

يكون ذكر كلمة «الحقّ» بعد كلمة «الملك» ، هو أنّ الناس ينظرون إلى الملك بمنظار سيء وتتداعى في أذهانهم صور الظلم والطغيان والجور والاستعلاء والتجبّر التي تكون في الملوك غالبا ، ولذا فإنّ الآية تصف الله الملك سبحانه مباشرة بـ «الحقّ».

وبما أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعجّل في إبلاغ الوحي وما ينزل به من القرآن لاهتمامه به وتعشّقه أن يحفظه المسلمون ويستظهروه ، ولم يتمهّل أن يتمّ جبرئيل ما يلقيه عليه من الوحي فيبلغه عنه ، فإنّ الآية محلّ البحث تذكّره بأنّ يتمهّل فتقول :( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) .

ويستشفّ من بعض آيات القرآن الأخرى أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت تنتابه حالة نفسيّة خاصّة من الشوق عند نزول الوحي ، فكانت سببا في تعجّله كما في قوله تعالى :( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) (١) .

بحثان

١ ـ لا تعجل حتّى في تلقّي الوحي!

لقد تضمّنت الآيات الأخيرة دروسا تعليميّة ، ومن جملتها النهي عن العجلة عند تلقّي الوحي ، وكثيرا ما لوحظ بعض المستمعين يقفون كلام المتحدّث أو يكملونه قبل أن يتمّه هو ، وهذا الأمر ناشئ عن قلّة الصبر أحيانا ، أو ناشئ عن الغرور وإثبات وجود أيضا ، وقد يكون العشق والتعلّق الشديدة بشيء يدفع الإنسان ـ أحيانا ـ إلى هذا العمل ، وفي هذه الحالة ينبعث عن حافر مقدّس ، غير أنّ هذا الفعل نفسه ـ أي العجلة ـ قد يحدث مشاكل أحيانا ، ولذلك فقد نهت الآيات

__________________

(١) سورة القيامة ، الآية ١٥ ـ ١٦ ـ ١٧.

٨٧

آنفة الذكر عن العجلة حتّى ولو كان المراد أو الهدف من هذا الفعل صحيحا ، وأساسا لا تخلو الأعمال التي تنجز باستعجال من العيب والنقص غالبا. ومن المسلّم به أنّ فعل النّبي لمّا كان عليه من مقام العصمة ـ كان مصونا من الخطأ ، إلّا أنّه ينبغي عليه أن يكون في كلّ شيء مثلا وقدوة للناس ، ليفهم الناس أنّه إذا كان الاستعجال في تلقّي الوحي غير محبّذ ، فلا ينبغي الاستعجال في الأمور الأخرى من باب أولى أيضا.

ولا ينبغي أن نخلط بين السرعة والعجلة طبعا ـ فالسرعة تعني أنّ الخطّة قد نظمت بدقّة كاملة ، وحسبت جميع مسائلها ، ثمّ تجري بنودها بدون فوات وقت.

أمّا العجلة فتعني أنّ الخطّة لم تنضج تماما بعد ، وتحتاج إلى تحقيق وتدقيق ، وعلى هذا فإنّ السرعة مطلوبة ، والعجلة أمر غير مطلوب.

وقد ذكرت احتمالات أخرى في تفسير هذه الجملة ، ومنها أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان لا يطيق تأخّر الوحي ، فعلّمته الآية أن يتمهّل فإنّ الله ينزل عليه وحيه عند الاقتضاء والحاجة إليه.

وقال بعض المفسّرين : إنّ آيات القرآن نزلت على قلب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ليلة القدر دفعة واحدة ، ونزلت مرّة أخرى بصورة تدريجيّة على مدى (٢٣) سنة ، ولذلك فإنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسبق جبرئيل عند النّزول التدريجي للآيات ، فأمره القرآن أن لا تعجل في هذا الأمر ، ودع الآيات تنزل نزولا تدريجيّا كلّ في موقعها وزمانها.

إلّا أنّ التّفسير الأوّل يبدو أقرب للصواب.

٢ ـ أطلب المزيد من العلم

لمّا كان النهي عن العجلة عند تلقّي الوحي موهما النهي عن الاستزادة في طلب العلم ، فقد عقّبت الآية بعد ذلك بالقول مباشرة :( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) لتقف

٨٨

أما هذا التصوّر الخاطئ ، أي أنّ العجلة ليست صحيحة ، لكن من الضروري الجدّ والسعي من أجل الارتواء من منهل العلم!

وقال بعض المفسّرين : إنّ الجملة الأولى أمرت النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألّا يعجل في فهم كلّ جوانب الآيات قبل تبيينها في الآيات الاخرى ، وفي الجملة الثّانية صدر الأمر بأن يطلب من الله سبحانه علما أكثر فيما يتعلّق بأبعاد آيات القرآن المختلفة.

وعلى كلّ حال ، فإذا كان النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مأمورا أن يطلب زيادة العلم من ربّه إلى آخر عمره مع غزارة علمه ، وروحه المليئة وعيا وعلما ، فإنّ واجب الآخرين واضح جدّا ، وفي الحقيقة ، فإنّ العلم من وجهة نظر الإسلام لا يعرف حدّا ، وزيادة الطلب في كثير من الأمور مذمومة إلّا في طلب العلم فانّها ممدوحة ، والإفراط قبيح في كلّ شيء إلّا في طلب العلم.

فالعلم ليس له حدّ مكاني ، فيجب الاجتهاد لتحصيله ولو كان في الصين أو الثريا ، وليس له حدّ زماني فهو يستمرّ من المهد إلى اللحد.

ولا يعرف حدّا من جهة المعلّم ، فإنّ الحكمة ضالّة المؤمن أينما وجدها أخذها ، وإذا ما سقطت جوهرة من فم ملوّث فاسق فإنّه يلتقطها.

ولا حدّ في الإسلام لمقدار السعي والاجتهاد ، فهو يغوص في أعماق البحر ليكتسب العلم ، وقد يضحّي بروحه في طريق تحصيل العلم. وعلى هذا فإنّ كلمة (خرّيج) أو (أنهى دراسته) لا معنى لها في منطق الإسلام ، فإنّ المسلم الحقيقي لا يعرف نهاية في تحصيله للعلوم ، فهو دائما طالب جامعي ، وطالب علم ، حتّى لو أصبح أكثر الأساتذة تفوّقا وأفضلهم.

الطريف أنّنا نقرأ في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال لأحد أصحابه : «إنّ لنا في كلّ جمعة سرورا» قال : قلت : وما ذاك؟ قال : «إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العرش ، ووافى الأئمّةعليهم‌السلام ووافينا معهم ، فلا ترد أرواحنا بأبداننا

٨٩

إلّا بعلم مستفاد ، ولو لا ذلك لأنفذنا»(١) .

وقد ورد هذا المضمون في روايات عديدة بعبارات ، مختلفة ، وهو يوضّح أنّ النّبي والأئمّة يضاف ويزاد على علمهم إلى نهاية العالم : ونقرأ في رواية أخرى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله فلا بارك الله لي في طلوع شمسه»(٢) .

وكذلك نقرأ في حديث آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه ، وأكثر الناس قيمة أكثرهم علما ، وأقلّ الناس قيمة أقلّهم علما»(٣) . وهذا هو قدر العلم وقيمته في منظار التعليمات الإسلامية.

* * *

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، الجزء ٣ ، ص ٣٩٧.

(٢) تفسير مجمع البيان ، ونور الثقلين ، والصافي في ذيل الآيات مورد البحث.

(٣) سفينة البحار ، الجزء ٢ ، ص ٢١٩ (مادّة علم).

٩٠

الآيات

( وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (١١٥) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى (١١٦) فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (١١٧) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (١١٨) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (١١٩) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (١٢٠) فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (١٢١) ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (١٢٢) )

التّفسير

آدم ومكر الشّيطان :

كان القسم الأهمّ من هذه السورة في بيان قصّة موسىعليه‌السلام وبني إسرائيل ، والمواجهة بينهم وبين فرعون وأنصاره ، إلّا أنّ هذه الآيات وما بعدها تتحدّث عن

٩١

قصّة آدم وحواء ، وعداء ومحاربة إبليس لهما. وربّما كانت إشارة إلى أنّ الصراع بين الحقّ والباطل لا ينحصر بأمس واليوم ، وموسىعليه‌السلام وفرعون ، بل كان منذ بداية خلق آدم وسيستمر كذلك.

وبالرغم من أنّ قصّة آدم وإبليس قد وردت مرارا في القرآن ، إلّا أنّها تمتزج في كلّ مورد بملاحظات ومسائل جديدة ، وهنا تتحدّث أوّلا عن عهد الله إلى آدم فتقول :( وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) .

هناك عدّة آراء في ماهيّة العهد المذكور ، فقال البعض : إنّه أمر الله بعدم الاقتراب من الشجرة الممنوعة ، وهناك روايات متعدّدة تؤيّد هذا المعنى. في حين أنّ بعض المفسّرين احتملوا احتمالات أخرى يمكن اعتبارها بمثابة الأغصان والأوراق لهذا المعنى ، كإخطار الله لآدم بأنّ الشيطان عدوّ مبين له ، ويجب أن لا يتبعه.

وأمّا «النسيان» هنا فمن المسلم أنّه ليس بالمعنى المطلق ، لأنّه لا معنى للعتاب والملامة في النسيان المطلق ، بل إنّه إمّا بمعنى الترك كما نستعمل ذلك في مكالماتنا اليوميّة ، فقد نقول لمن لم يف بعهده : أنسيت عهدك؟ أي إنّك كالناسي. أو أنّه بمعنى النسيان الذي يطرأ نتيجة قلّة الانتباه وشرود الذهن.

والمراد من «العزم» هنا هو التصميم والإرادة القويّة الصلبة التي تحفظ الإنسان من الوقوع تحت تأثير وساوس الشيطان القويّة.

وعلى كلّ حال ، فلا شكّ أنّ آدم لم يرتكب معصية ، بل بدر منه ترك الأولى ، أو بتعبير آخر ، فإنّ مرحلة وجود آدم في الجنّة لم تكن مرحلة تكليف ، بل كانت مرحلة تجريبيّة للاستعداد للحياة في هذه الدنيا وتقبل المسؤولية ، خاصة وإن نهي الله هنا كان نهيا إرشاديا ، لأنّه قد أخبره بأنّه إن أكل من الشجرة الممنوعة فسيبتلى بالشقاء. وقد أوردنا تفصيل كلّ ذلك ، وكذلك المراد من الشجرة الممنوعة وأمثال ذلك في ذيل الآيات ١٩ ـ ٢٢ من سورة الأعراف.

٩٢

ثمّ أشارت إلى جانب آخر من هذه القصّة ، فقالت :( وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى ) ومن هنا يتّضح مقام آدم العظيم ، آدم الذي سجدت له الملائكة ، وأبدت هذه المخلوقات العظيمة احترامها إيّاه. كما أنّ عداوة إبليس تجلّت له ضمنا من أوّل الأمر إذ لم يخضع لآدم ولم يعظمه.

لا شكّ أنّ السجدة لا تعني السجدة الخاصّة بعبادة الله ، ولا أحد أو موجود يستحقّ أن يكون معبودا من دون الله سبحانه ، وبناء على هذا فإنّ هذه السجدة كانت لله ، غاية ما هناك أنّها كانت من أجل خلق هذا الموجود العظيم. أو أنّ السجدة هنا تعني الخضوع والتواضع.

على كلّ حال ، فإنّ الله سبحانه تعالى أنذر آدم بقوله( فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى ) .

من الواضح أنّ الجنّة هنا لا يراد منها جنّة الخلود في العالم الآخر ، والتي هي نقطة تكامل لا يمكن الخروج منها أو التراجع عن نعيمها ، بل كانت بستانا فيه كلّ شيء ممّا في بساتين هذه الدنيا ، ولم يكن فيها نصب ولا غصّة بلطف الله ، ولذلك فإنّ الله سبحانه قد أنذر آدم بأنّك إن خرجت من هذا النعيم فإنّك ستشقى. وكلمة «تشقى» من مادّة الشقاء ، وأحد معانيها الألم والمشقّة.

سؤال : لماذا خاطب الله الإثنين معا ـ أي آدم وحواء ـ في بداية الأمر فقال :( فَلا يُخْرِجَنَّكُما ) إلّا أنّه ذكر نتيجة الخروج بصيغة المفرد في شأن آدم فقط فقال :( فَتَشْقى ) ؟

والجواب هو : إنّ هذا الاختلاف في التعبير قد يكون إشارة إلى أنّ الآلام والأتعاب كانت تصيب آدم في الدرجة الأولى ، فإنّه كان مأمورا بتحمّل مسئوليات زوجته أيضا ، وهكذا كانت مسئولية الرجال من بداية الأمر. أو أنّ العهد لما كان من البداية على عاتق آدم ، فإنّ النهاية أيضا ترتبط به.

ثمّ يبيّن الله لآدم راحة الجنّة وهدوأها ، وألم ومشقّة الخروج منها ، فيقول :

٩٣

( إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى ) .

وهنا سؤال يوجّه للمفسّرين ، وهو : لماذا اقترن ذكر الظمأ بضحى الشمس ، والجوع بالعري ، في حين أنّ المعتاد ذكر العطش مع الجوع؟

قيل في الجواب : إنّ بين العطش وأشعّة الشمس علاقة لا يمكن إنكارها.

(«تضحى» من مادّة «ضحى» أي إشراق الشمس من دون أن يحجبها حاجب من سحاب وأمثاله).

وأمّا الجمع بين الجوع والعري فقد يكون بسبب أنّ الجوع نوع من عراء الجوف وخلوّه من الغذاء! والأفضل أن يقال : إنّ هذين الوصفين ـ الجوع والعري ـ علامتان واضحتان للفقر تأتيان معا عادة.

وعلى كلّ حال ، فقد أشير في هاتين الآيتين إلى أربع احتياجات أصلية وابتدائية للإنسان ، أي : الحاجة إلى الغذاء ، والماء ، واللباس ـ للحماية من حرارة الشمس ـ والمسكن ، وكان تأمين هذه الحاجات نتيجة توفّر النعمة ، وذكر هذه الأمور في الواقع توضيح لما جاء في جملة «فتشقى».

لكن ، ومع كلّ ذلك ، فإنّ الشيطان قد ربط رباط العداوة حول آدم ، ولهذا لم يهدأ له بال :( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى ) .

«الوسوسة» في الأصل تعني الصوت المنخفض جدّا ، ثمّ قيلت لخطور الأفكار السافلة والخواطر السيّئة سواء كانت تنبع من داخل الإنسان ، أو من خارجة.

إنّ الشيطان تتبّع رغبة آدم وأنّها في أي شيء ، فوجد أنّ رغبته في الحياة الخالدة والوصول إلى القدرة الأزليّة ، ولذلك جاء إليه عن هذين العاملين واستغلّهما في سبيل جرّه إلى مخالفة أمر الله. وبتعبير آخر : فكما أنّ الله قد وعد آدم بأنّك إن تجنّبت الشيطان وخالفته فستحظى بالتنّعم في الجنّة دائما ، فإنّ

٩٤

الشيطان قد وسوس إليه عن هذا الطريق «أي أنّه سيخلد في الجنّة أيضا».

أجل إنّ الشياطين يبدؤون دائما في بادية خططهم من نفس النقاط والطرق التي يبدأ منها المرشدون إلى طريق الحقّ ، لكن لا تمرّ الأيّام حتّى يجروهم إلى هاوية الانحراف ، ويجعلون جاذبية طريق الحقّ وسيلة للوصول إلى المتاهات.

وأخيرا وقع المحذور ، وأكل آدم وحواء من الشجرة الممنوعة ، فتساقط عنهما لباس الجنّة ، فبدت أعضاؤهما :( فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما ) (١) فلمّا رأى آدم وحواء ذلك استحييا( وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ) (٢) . نعم ، لقد كانت العاقبة المؤسفة( وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ) .

«غوى» أخذت من مادّة الغي ، أي العمل الصبياني الناشئ من إعتقاد خاطئ ، ولمّا كان آدم هنا قد أكل ـ جهلا واشتباها ـ من الشجرة المحرّمة ، نتيجة للظنّ الذي حصل له من قول الشيطان ، فقد عبّر عن عمله بـ (غوى).

وفسّره بعض المفسّرين بأنّه الجهل الناشئ عن الغفلة ، والبعض فسّرها بالمحرومين ، والبعض الآخر بالفساد في الحياة.

وعلى كلّ حال فإنّ «الغي» يقابل «الرشد» ، والرشد هو أن يسلك الإنسان طريقا يوصله إلى هدفه ومقصده ، أمّا الغي فهو عدم الوصول إلى المقصود.

ولكن لمّا كان آدم نقيّا ومؤمنا في ذاته ، وكان يسير في طريق رضى الله سبحانه ، وكان لهذا الخطأ الذي أحاط به نتيجة وسوسة الشيطان صفة استثنائية ، فإنّ الله سبحانه لم يبعده عن رحمته إلى الأبد ، بل( ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى ) .

__________________

(١) «سوءات» جمع سوءة ، وهي في الأصل كلّ شيء غير سار ويسيء الإنسان ، ولذلك تطلق أحيانا على جسد الميّت ، وأحيانا على العورة ، والمراد هنا هو المعنى الأخير.

(٢) «يخصفان» من مادّة خصف ، وهي هنا تعني خياطة اللباس.

٩٥

هل ارتكب آدم معصية؟

مع أنّ العصيان يأتي في عرف اليوم ـ عادة ـ بمعنى الذنب والمعصية ، إلّا أنّه في اللغة يعني الخروج عن الطاعة وعدم تنفيذ الأمر سواء كان الأمر واجبا أو مستحبّا ، وبناء على هذا فإنّ استعمال كلمة العصيان لا يعني بالضرورة ترك واجب أو ارتكاب محرّم ، بل يمكن أن يكون ترك أمر مستحبّ أو ارتكاب مكروه.

إضافة لما مرّ ، فإنّ الأمر والنهي يكون إرشاديا ، كأمر ونهي الطبيب حيث يأمر المريض أن يتناول الدواء الفلاني ، وأن يجتنب الغذاء الفلاني غير المناسب ، ولا شكّ أنّ المريض إذا خالف أمر الطبيب فإنّه لا يضرّ إلّا نفسه ، لأنّه لم يعبأ بإرشاد الطبيب ونصيحته. وكذلك كان الله قد أمر آدم أن لا تأكل من ثمرة الشجرة الممنوعة ، فإنّك إن أكلت ستخرج من الجنّة ، وستبتلى بالألم والمشقّة الكبيرة في الأرض ، فخالف هذا الأمر الإرشادي ، ورأى نتيجة مخالفته أيضا. وإذا لا حظنا أنّ هذا الكلام كان في مرحلة وجود آدم في الجنّة ، وهي مرحلة اختبار لا تكليف ، فسيتّضح معناه بصورة أجلى.

وإضافة لما مرّ ، فإنّ العصيان أو الذنب يكون أحيانا متّصفا بالإطلاق ، أي إنّه يعدّ ذنبا من قبل مرتكبيه جميعا وبدون استثناء كالكذب والظلم وأكل المال الحرام ، ويكون أحيانا نسبيّا ، أي العمل الذي إن بدر من شخص ما فقد لا يكون ذنبا ، بل قد يعتبر أحيانا عملا مطلوبا ولائقا لصدوره من مثله ، أمّا إذا صدر من آخر فإنّه لا يناسبه نظرا إلى مكانته ومنزلته.

فمثلا : تطلب المساعدة من قبل بعض الناس لبناء مستشفى ، فيعطى العامل أجرة يوم من عمله والتي لا تتجاوز أحيانا أكثر من عدّة دراهم. إنّ هذا الفعل الصادر من مثل هذا الشخص يعدّ إيثارا وحسنة وهو مطلوب تماما ، أمّا إذا أعطى رجل ثري هذا المقدار من المال مثلا فإنّه لا يناسبه ولا يليق به فحسب ، بل سيكون موضع ملامة ومذمّة وتعنيف مع أنّه أساسا لم يرتكب حراما ، بل ساهم ولو

٩٦

بمقدار يسير في عمل الخير والبرّ.

إنّ هذا هو ما نعبّر عنه بـ (حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين) وهو المعروف بترك الأولى ، ونحن نعبر عنه بالذنب النسبي الذي لا يعدّ ذنبا ، ولا يخالف مقام العصمة.

وفي الأحاديث الإسلامية أيضا أطلقت المعصية على مخالفة المستحبّات ، فنرى

في حديث عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال في النوافل اليوميّة : «وإنّما هذا كلّه تطوّع وليس بمفروض ولكنّها معصية ، لأنّه يستحبّ إذا عمل الرجل عملا من الخير أن يدوم عليه»(١) .

وقد بحثنا هذا الموضوع وسائر المسائل المرتبطة بآدم وخروجه من الجنّة في سورة الأعراف ذيل الآية ١٩ وما بعدها ، وفي سورة البقرة ذيل الآية ٣٠ ـ ٣٨ ، ولا حاجة إلى التكرار.

* * *

__________________

(١) نور الثقلين ، الجزء ٣ ، ص ٤٠٤.

٩٧

الآيات

( قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (١٢٥) قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (١٢٦) وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى (١٢٧) )

التّفسير

المعيشة الضنكا :

مع أنّ توبة آدم قد قبلت ، إلّا أنّ عمله أدّى إلى عدم استطاعته الرجوع إلى الحالة الأولى ، ولذا فإنّ الله سبحانه أصدر أمره لآدم وحواء كليهما وكذلك الشيطان أن يهبطوا جميعا من الجنّة :( قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) .

إلّا أنّي أعلمكم بأنّ طريق النجاة والسعادة مفتوح أمامكم( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً

٩٨

فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى ) .

ومن أجل أن يتّضح أيضا مصير الذين ينسون أمر الحقّ ، فقد أضاف تعالى( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ) .

هنا( قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً ) ؟ فيسمع الجواب مباشرة :( قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى ) وتعمى عينك عن رؤية نعم الله ومقام قربه.

أمّا الآية الأخيرة من الآيات محلّ البحث فهي بمثابة الاستنتاج والخلاصة إذ تقول :( وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى ) .

* * *

بحوث

١ ـ الغفلة عن ذكر الحقّ وآثارها

قد توصد أحيانا كلّ أبواب الحياة بوجه الإنسان ، فكلّما أقدم على عمل يجد الأبواب المغلقة ، وقد تنعكس الصورة فأينما اتّجه يرى الأبواب مفتّحة في وجهه ، وقد تهيأت له مقدّمات العمل ، ولا يواجه عقبات في طريقه ، فيعبّر عن هذه الحالة بسعة العيش ورغده ، وعن الأولى بضيق المعيشة وشظفها ، والمراد من قوله تعالى :( مَعِيشَةً ضَنْكاً ) (١) الوارد في الآيات محلّ البحث هو هذا المعنى أيضا.

وقد يكون ضيق العيش ناتجا أحيانا من قلّة المورد ، وقد يكون المرء كثير المال موفور الثراء. إلّا أنّ البخل والحرص والطمع يضيق عليه معاشه ، فلا يميل إلى فتح باب داره للآخرين لمشاركته نعيمه ، بل ولا يميل إلى الإنفاق على نفسه أيضا ، وعلى قول الإمام عليعليه‌السلام : «يعيش عيش الفقراء ويحاسب حساب

__________________

(١) الضنك : المشقّة والضيق ، وهذه الكلمة تأتي دائما بصيغة المفرد ، وليس لها تثنية ولا جمع ولا تأنيث.

٩٩

الأغنياء».

حقّا ، لماذا يبتلى الإنسان بهذه الضائقات؟

القرآن يقول : إنّ العامل الأساس هو الإعراض عن ذكر الله ، فإنّ ذكر الله يبعث على اطمئنان الروح والتقوى والشهامة ، ونسيانه مبعث الاضطراب والخوف والقلق.

عند ما ينسى الإنسان مسئولياته بعد أن ينسى ذكر الله ، فإنّه سيغرق في خضمّ الشهوات والحرص والطمع ، ومن الوضوح بمكان أنّ نصيبه سيكون المعيشة الضنك ، فلا قناعة تملأ عينه ، ولا اهتمام بالمعنويات تغني روحه ، ولا أخلاق تمنعه أمام طغيان الشهوات.

وأساسا فانّ ضيق الحياة ينشأ في الغالب من النقائص المعنوية وانعدام الغنى الروحي ينشأ من عدم الاطمئنان إلى المستقبل ، والخوف من نفاد الإمكانيات الموجودة ، والعلاقة المفرطة بعالم المادّة ، بينما نجد أنّ الإنسان الذي يؤمن بالله ، وتعلّق قلبه بذاته المقدّسة ، يعيش بعيدا عن كلّ هذه الاضطرابات ، وفي مأمن منها.

إلى هنا كان الكلام عن الفرد ، وعند ما نأتي إلى المجتمعات التي أعرضت عن ذكر الله ، فإنّ المسألة ستكون أشدّ رعبا وخطرا ، فإنّ المجتمعات البشرية على رغم تقدّمها الصناعي المذهل ، وبالرغم من توفّر كلّ وسائل الحياة ، فهي تعيش في حالة اضطراب وقلق شديد ، ومبتلاة بضائقات عجيبة وترى نفسها سجينة.

فكلّ فرد يخاف من الآخرين ، ولا يعتمد أحد على الآخر ، والروابط والعلاقات تتمحور حول محور المصالح الشخصيّة ، وسبّاق التسلح ـ نتيجة الخوف من الحرب ـ يلتهم ويستهلك أغلب إمكانياتهم الاقتصادية.

السجون مليئة بالمجرمين ، وتقع في كلّ ساعة ودقيقة ـ وطبقا للإحصاءات الرسميّة ـ حوادث قتل وجرائم مرعبة التلوّث بالفحشاء ، والإدمان على المواد المخدّرة قد استعبد هؤلاء ، ولا يوجد في عوائلهم نسمة حبّ ، ولا ارتباط عاطفي

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

أثمت وأثم ابنها، وأكره للأب أن يطأها، وليس يفسد الحرام الحلال» .

٥ -( باب أن من ملك جارية، لم تحرم بمجرد الملك على أبيه ولا ابنه)

تقدم عن الدعائم: قول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس للرجل أن ينظر الجارية يريد شراءها، أن يطأها ابنه إذا ملكها ».

[١٧٠١٩] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن أبي عمير، عن محمد بن الحجاج، وحفص بن البختري، وعلي بن يقطين، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، في الرجل تكون له الجارية، أتحل لابنه؟ قال: « ما لم يكن منه جماع أو مباشرة كالجماع، فلا بأس، وكانت لأبي جاريتان، فوهب لي إحداهما ».

٦ -( باب أن من زنى بامرأة حرمت عليه بنتها وأمها، وإن كان منه ما دون الجماع لم تحرما)

[١٧٠٢٠] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن النضر وأحمد بن محمد وعبد الكريم جميعا، عن محمد بن أبي حمزة، عن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : رجل فجر بامرأة، أتحل له ابنتها؟ قال: « نعم، إن الحرام لا يحرم الحلال ».

[١٧٠٢١] ٢ - وعن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما، أنه سئل عن رجل يفجر بامرأة، أيتزوج بابنتها؟ قال: « لا » الخبر.

__________________

الباب ٥

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٨.

الباب ٦

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٣٨١

[١٧٠٢٢] ٣ - وعن القاسم بن محمد، عن هشام بن المثنى قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام جالسا، فدخل عليه رجل فسأله عن الرجل يأتي المرأة حراما، أيتزوجها؟ قال: « نعم، وأمها وابنتها ».

[١٧٠٢٣] ٤ - وعن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل باشر امرأة وقبل، غير أنه لم يفض إليها، ثم تزوج ابنتها، فقال: « إذا لم يكن أفضى إلى الأم فلا بأس، وان ( كان )(١) أفضى إليها فلا يتزوج ابنتها ».

[١٧٠٢٤] ٥ - وعن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إذا فجر الرجل بامرأة، لم تحل له ابنتها أبدا » الخبر.

[١٧٠٢٥] ٦ - وعن عثمان بن سعيد، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل زنى بامرأة، أيتزوج ابنتها؟ قال: « نعم يا سعيد، إن الحرام لا يفسد الحلال(١) ».

[١٧٠٢٦] ٧ - وعن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا جالس، عن رجل نال من جارية في شبابه ثم ارتدع، أيتزوج ابنتها؟ فقال: « لا » فقال: انه لم يكن أفضى إليها، إنما كان شيئا دون شئ، قال: « لا يصدق، ولا كرامة ».

__________________

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

(١) في نسخة البحار: لا يحرم الحلال ولا يفسده.

٧ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٣٨٢

[١٧٠٢٧] ٨ - وعن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في رجل كان بينه وبين امرأة فجور، أيحل له أن يتزوج ابنتها؟ قال: « إن كانت قبلة أو شبهها، فليتزوج بها إن شاء أو بابنتها ».

وروى القاسم بن محمد، عن أبان، عن منصور، مثل ذلك، إلا أنه قال: « فإن كان جامعها، فلا يتزوج ابنتها، ويتزوجها إن شاء ».

٧ -( باب أن من زنى بامرأة، حرمت عليه أمها وبنتها من الرضاعة)

[١٧٠٢٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « فإن فجر بامرأة لم يتزوج بابنتها ولا أمها، من النسب ولا من الرضاع ».

٨ -( باب أن من تزوج بامرأة، ثم زنى بأمها أو بنتها أو أختها، لم تحرم عليه زوجته)

[١٧٠٢٩] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن زرين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهماعليهما‌السلام في حديث أنه قال: « ولكن إذا كانت عنده امرأة، ثم فجر بأمها أو أختها، لم تحرم التي عنده ».

[١٧٠٣٠] ٢ - وعن النضر، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الرجل يصيب أخت امرأته حراما، أيحرم ذلك عليه

__________________

٨ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٣٦ ح ٨٨٧.

الباب ٨

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٣٨٣

امرأته؟ قال: « إن الحرام لا يحرم الحلال ».

[١٧٠٣١] ٣ - وعن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وان هو تزوج ابنتها ودخل بها، ثم فجر بأمها بعد ما دخل بابنتها، فليس يفسد فجوره بأمها نكاح ابنتها إذا هو دخل بها، وهو قوله: إن الحرام لا يفسد الحلال ».

[١٧٠٣٢] ٤ - وعن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم، عن زرارة قال: سئل أبو جعفرعليه‌السلام ، عن رجل كانت عنده امرأة، فزنى بأمها وابنتها وأختها، فقال: « ما حرم حرام قط حلالا، امرأته حلال له ».

[١٧٠٣٣] ٥ - وعن محمد بن أبي عمير، عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في رجل زنى بأم امرأته أو بابنتها أو بأختها، فقال: « لا يحرم ذلك عليه امرأته، ثم قال: ما حرم حرام حلالا قط ».

[١٧٠٣٤] ٦ - وعن ابن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في رجل تزوج جارية فدخل بها، ثم ابتلي بأمها ففجر بها، أتحرم عليه امرأته؟ قال: « لا، لأنه لا يحرم ( الحرام الحلال )(١) ».

[١٧٠٣٥] ٧ - وعن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن الرجل يصيب أخت امرأته حراما، أتحرم عليه

__________________

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

(١) في المصدر: الحلال الحرام.

٧ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٣٨٤

امرأته؟ فقال: « لا ».

[١٧٠٣٦] ٨ - وعن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عمن زنى بابنة امرأته أو بأختها، قال: « لا يحرم ذلك عليه امرأته، إن الحلال(١) لا يفسد الحلال ولا يحرمه ».

[١٧٠٣٧] ٩ - دعائم الاسلام: عن علي وأبي جعفر وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا في الرجل يفجر بأم امرأته أو بأختها أو بابنتها، قالوا: « لا يحرم ذلك عليه امرأته، ويلزمه ما يلزم الزاني، والحرام لا يحرم الحلال ».

[١٧٠٣٨] ١٠ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن عليعليه‌السلام ، قال: « إذا زنى الرجل بأخت امرأته لم تحرم عليه امرأته، فإن زنى بأم امرأته حرمت عليه امرأته وأمها ».

٩ -( باب أنه من زنى بامرأة أبيه أو ابنه لم تحرم على زوجها، فإن زنى بها أولا حرم على الأب والابن تزويجها)

[١٧٠٣٩] ١ - الصدوق في المقنع: فإن زنى رجل بامرأة أبيه أو امرأة ابنه أو بجارية أبيه أو ابنه، فإن ذلك لا يحرمها على زوجها، ولا تحرم الجارية على سيدها، وإنما يحرم ذلك إذا كان منه حلالا، فإذا كان حلالا فلا تحل تلك الجارية أبدا لابنه.

__________________

٨ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

(١) في المصدر: الحرام.

٩ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٣٦ ح ٨٨٧.

١٠ - الجعفريات ص ١٠٣.

الباب ٩

١ - المقنع ص ١٠٨.

٣٨٥

١٠ -( باب أن من زنى بخالته أو عمته، حرمت عليه ابنتهما)

[١٧٠٤٠] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن زنى رجل بعمته أو خالته، حرمت عليه ابنتاهما أن يتزوجهما ».

١١ -( باب أن من زنى بامرأة لم تحرم عليه وجاز له تزويجها بعد العدة من الزنى، وحكم من زنى بذات بعل أو ذات عدة، هل تحرم عليه مؤبدا أم لا؟)

[١٧٠٤١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، في الرجل يزني بالمرأة، ثم يتوب الرجل فيريد أن يتزوجها، قال: « إذا تابا جميعا فلا بأس أن يتزوجها، فقيل: هذا الرجل قد تاب وعلم من نفسه أنه قد تاب، فكيف له أن يعلم أن المرأة قد تابت؟ قال: يدعوها إلى الفجور كما كان يدعوها إليه قبل ذلك، فإن أعيت عليه فقد تابت، لا بأس أن يتزوجها، فإن أجابته إلى الفجور حرم نكاحها ».

ورواه السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[١٧٠٤٢] ٢ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن القاسم بن محمد، عن هشام بن المثنى قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام جالسا،

__________________

الباب ١٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

الباب ١١

١ - الجعفريات ص ١٠٣.

(١) نوادر الراوندي ص ٤٧.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٣٨٦

فدخل عليه رجل فسأله عن الرجل يأتي المرأة حراما، أيتزوجها؟ قال: « نعم » الخبر.

[١٧٠٤٣] ٣ - قال: حكى لي ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، قال: « إن رجلا فجر بامرأة ثم تابا فتزوجها، لم يكن عليه من ذلك شئ ».

[١٧٠٤٤] ٤ - وعن القاسم بن محمد، عن أبان، عن منصور، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في رجل كان بينه وبين امرأة فجور، أتحل له ابنتها؟ إلى أن قال: « فإن كان جامعها، فلا يتزوج ابنتها، ويتزوجها إن شاء ».

[١٧٠٤٥] ٥ - وعن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أيما رجل فجر بامرأة ثم بدا له أن يتزوجها حلالا، فأوله سفاح وآخره نكاح، ومثله مثل النخلة أصاب الرجل من ثمرها، ثم اشتراها بعد حلالا ».

[١٧٠٤٦] ٦ - وعن القاسم، عن علي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله،عليه‌السلام ، مثله، إلا أنه لم يذكر النخلة.

[١٧٠٤٧] ٧ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في الرجل يزني بالمرأة، ثم يريد أن ينكحها بعد ذلك نكاحا صحيحا، قال: « إن تابا فلا بأس ».

[١٧٠٤٨] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومن زنى بذات بعل محصنا كان

__________________

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٣٦ ح ٨٨٨ عن عليعليه‌السلام .

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

٣٨٧

أو غير محصن، ثم طلقها زوجها أو مات عنها، وأراد الذي زنى بها أن يتزوج بها، لم تحل له أبدا، ويقال لزوجها يوم القيامة: خذ من حسناته ما شئت» .

[١٧٠٤٩] ٩ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يتزوج الرجل امرأة وقد زنى بها، فإن مثل ذلك مثل رجل سرق من ثمر نخلة ثم اشتراها بعد.

١٢ -( باب عدم تحريم الزانية وان أصرت ابتداء ولا استدامة، ووجوب منعها بقدر الامكان)

[١٧٠٥٠] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن مسكان قال: حدثني عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن المرأة الفاجرة يتزوجها الرجل، فقال لي: « وما يمنعه؟ ولكن إذا فعل فليحصن بابه ».

[١٧٠٥١] ٢ - وعن ابن أبي عمير، عن علي بن يقطين، عن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول الله، ان امرأتي لا تدفع يد لامس، قال: طلقها، قال: يا رسول الله إني أحبها، قال: فامسكها ».

[١٧٠٥٢] ٣ - وعن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: أخبرني من سمع أبا جعفرعليه‌السلام ، قال في المرأة الفاجرة التي قد عرف فجورها، أيتزوجها الرجل؟ قال: « وما يمنعه؟ ولكن إذا فعل فليحصن بابه ».

__________________

٩ - المقنع ص ١٠٨.

الباب ١٢

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٣٨٨

[١٧٠٥٣] ٤ - وعن النضر، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل رأى امرأته تزني، أيصلح له أن يمسكها؟ قال: « نعم، إن شاء ».

[١٧٠٥٤] ٥ - وعن علي بن النعمان، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل تزوج امرأة، فعلم بعد ما تزوجها أنها كانت زنت، قال: « ان شاء أخذ الصداق ممن(١) زوجها، ولها الصداق بما استحل من فرجها، وان شاء تركها ».

[١٧٠٥٥] ٦ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن المرأة الخبيثة الفاجرة يتزوجها الرجل، قال: « لا ينبغي له ذلك، وأهل الستر والعفاف خير له، وان كانت أمة وطئها ان شاء ولم يتخذها أم ولد، لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تخيروا لنطفكم ».

[١٧٠٥٦] ٧ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « فأما أن يتزوج الرجل امرأة قد علم منها الفجور، فليحصن بابه أي يحفظها فقد سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل فقال: يا رسول الله، ما ترى في امرأة عندي ما ترد يد لامس؟ قال: طلقها، قال: فإني أحبها، قال: فامسكها إن شئت ».

__________________

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

(١) في المصدر: من.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٠٠ ح ٧٣٣.

٣٨٩

١٣ -( باب كراهة تزويج الزانية والزاني، إذا كانا مشهورين بالزنى، إلا بعد التوبة)

[١٧٠٥٧] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن داود بن سرحان، عن زرارة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن قول الله: ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركه والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك )(١) قال: « هن نساء مشهورات بالزنى ورجال شهروا ( به )(٢) وعرفوا، والناس اليوم بذلك المنزل، من أقيم عليه الحد بالزنى وشهر به، لا ينبغي لاحد أن ينكحه حتى يعرف منه توبة ».

[١٧٠٥٨] ٢ - وعن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ( أنه سئل )(١) عن الرجل يشتري الجارية قد فجرت، أيطؤها؟ قال: « نعم، إنما كان يكره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نسوة من أهل مكة، كن في الجاهلية تعلن بالزنى، فأنزل الله ( الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة )(٢) وهن المؤجرات(٣) المعلنات بالزنى، منهن: حنتمة الرباب وسارة، التي كانت بمكة، التي كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحل دمها يوم فتح مكة، من أجل أنها كانت تحض المشركين على قتال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانت تقول لأحدهم: كان أبوك يفعل كذا وكذا

__________________

الباب ١٣

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

(١) النور ٢٤: ٣.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) النور ٢٤: ٣.

(٣) المؤاجرات: جمع مؤاجرة وهي البغية تبيح نفسها بأجر ( لسان العرب ج ٤ ص ١٠ ).

٣٩٠

ويفعل كذا وكذا، وأنت تجبن من قتال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) ، فنهى الله أن ينكح امرأة مستعلنة بالزنى، أو ينكح رجل مستعلن بالزنى قد عرف ذلك منه، حتى يعرف منه التوبة» .

[١٧٠٥٩] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل: ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين )(١) : « نزل(٢) في نساء مشركات مشهورات بالزنى، كن في الجاهلية بمكة مؤاجرات مستعلنات بالزنى، منهن حنتمة(٣) والرباب وسارة التي أحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دمها يوم فتح مكة، من أجل أنها كانت تحرض المشركين على قتال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٧٠٦٠] ٤ - علي بن إبراهيم في تفسيره: ثم حرم الله عز وجل نكاح الزواني فقال:( الزَّانِي لَا يَنكِحُ ) (١) الآية، وهو رد على من يستحل التمتع بالزواني والتزويج بهن، وهن المشهورات المعروفات في الدنيا، لا يقدر الرجل على تحصينهن، ونزلت هذه الآية في نساء مكة لن مستعلنات بالزنى: سارة وحنتمة والرباب، وكن يغنين بهجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فحرم الله نكاحهن، وجرت بعدهن في النساء من أمثالهن.

[١٧٠٦١] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يجوز مناكحة الزاني

__________________

(٤) في المصدر زيادة: وتدين له.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٠٠ ح ٧٣٤.

(١) النور ٢٤: ٣.

(٢) في المصدر: قال: نزلت.

(٣) في الحجرية والمصدر: « حبيبة » وما أثبتناه من هامش الطبعة الحجرية.

٤ - تفسير القمي ج ٢ ص ٩٥.

(١) النور ٢٤: ٣.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

٣٩١

والزانية، حتى تظهر توبتهما» .

[١٧٠٦٢] ٦ - الشيخ المفيد في رسالة المتعة: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، قال: « من شهر بالزنى، أو أقيم عليه حد، فلا تزوجه(١) ».

[١٧٠٦٣] ٧ - وعن الحسن بن جرير: عن الصادقعليه‌السلام ، في المرأة الفاجرة، هل يحل تزويجها؟ قال: « نعم، إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور، فله أن يتزوجها بعد أن يقف على توبتها ».

١٤ -( باب جواز نكاح المرأة وإن كانت ولد زنى، بالعقد والملك على كراهية، وتتأكد استيلادها)

[١٧٠٦٤] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهماعليه‌السلام ، قال: سألته عن الخبيثة يتزوجها الرجل، فقال: « لا، وقال: وإن كانت له أمة، وطئها إن شاء ولا يتخذها أم ولد ».

[١٧٠٦٥] ٢ - وعن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن الخبيثة، يتزوجها الرجل، قال: « لا ».

__________________

٦ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٩ ح ٤٣.

(١) في الحجرية: « فلا تزوجها » وما أثبتناه من البحار.

٧ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٩ ح ٤٣.

الباب ١٤

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٣٩٢

[١٧٠٦٦] ٣ - وعن ( علي بن النعمان، عن معاوية بن وهب )(١) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الرجل تكون له الجارية ولد زنى، عليه جناح أن يطأها، قال: « لا، وان تنزه عن ذلك كان أحب إلي ».

١٥ -( باب أن من لاط بغلام فأوقب حرم عليه أمه وابنته وأخته أبدا وإلا فلا، وحكم تقدم العقد على الايقاب بأخ الزوجة، وتزويج ابن أحدهما ابنة الاخر)

[١٧٠٦٧] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومن لاط بغلام إلى أن قال ولا تحل له أخته في التزويج أبدا ( ولا ابنته )(١) ».

وقال في موضع: « ومن ولج بالصبي، لم تحل له أخته أبدا »(٢) .

١٦ -( باب أن من تزوج بامرأة ذات بعل، حرمت عليه مؤبدا إن كان عالما أو دخل، وإلا فلا بل العقد باطل، وعليها عدة واحدة إن فارقها الأول)

[١٧٠٦٨] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومن تزوج امرأة لها زوج دخل بها أو لم يدخل بها، أو زنى بها، لم ( تحل له )(١) أبدا ».

__________________

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

(١) في المصدر: ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، والظاهر صحة ما في المصدر، لان السند أعلاه هو سند الحديث الذي قبله.

الباب ١٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

(١) في الحجرية: وابنتها، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) نفس المصدر ص ٣٧.

الباب ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٢.

(١) في الحجرية: يحل، وما أثبتناه من المصدر.

٣٩٣

١٧ -( باب أن من تزوج امرأة في عدتها من طلاق أو عدة وفاة عالما أو دخل حرمت عليه مؤبدا، وإلا فلا، بل العقد باطل، فإن كان أحدهما عالما حرم عليه خاصة، ويجب عليه المهر مع الدخول والجهل، ويجب عليها اتمام العدة واستئناف أخرى إن كان دخل)

[١٧٠٦٩] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن صفوان، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : المرأة يتوفى عنها زوجها، فتضع وتتزوج قبل أن تبلغ أربعة أشهر وعشرا، قال: « إن كان الذي تزوجها دخل بها لم تحل له، واعتدت ما بقي عليها من الأولى وعدة أخرى من الأخير، وإن لم يكن دخل بها فرق بينهما وأتمت ما بقي من عدتها، وهو خاطب من الخطاب ».

[١٧٠٧٠] ٢ - وعن أحمد بن محمد، عن المثنى، عن زرارة وداود بن سرحان، عن عبد الله بن بكير، عن أديم بياع الهروي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « والذي يتزوج المرأة في عدتها وهو يعلم، لا تحل له أبدا » الخبر.

[١٧٠٧١] ٣ - وعن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إذا تزوج المرأة في عدتها ثم دخل بها لم تحل له أبدا، عالما كان أو جاهلا، وإن لم يدخل بها حلت للجاهل ولم تحل للاخر ».

[١٧٠٧٢] ٤ - وعن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي

__________________

الباب ١٧

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٨.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٨.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٨.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٨.

٣٩٤

إبراهيم، قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة، أهي ممن لا تحل له أبدا؟ قال: « لا أما إذا أنكحها بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها، وقد تعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك » قلت: بأي الجهالتين يعذر؟ أبجهالة أن يعلم أن ذلك محرم عليه؟ أو بجهالته بأنه في عدته؟ فقال: « احدى الجهالتين أهون من الأخرى، الجهالة بأن الله حرم ذلك عليه، وذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها » فقلت: فهو في الأخرى معذور، فقال: « نعم، إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها » فقلت: فإن كان أحدهما متعمدا والآخر بجهل، قال: « الذي تعمد لا يحل له أن يرجع إليه أبدا ».

[١٧٠٧٣] ٥ - وعن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن المرأة يموت زوجها، فتضع، فتزوج قبل أن ينقضي لها أربعة أشهر وعشر، قال: « إن كان دخل بها فرق بينهما ثم لم تحل له، واعتدت ما بقي عليها من الأول واستقبلت عدة أخرى من الأخير ثلاثة قروء، وإن لم يكن دخل بها فرق بينهما، واعتدت ما بقي عليها من الأول، وهو خاطب من الخطاب ».

[١٧٠٧٤] ٦ - وعن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في الرجل يتزوج المرأة قبل أن تنقضي عدتها، قال: « يفرق بينهما، ثم لا تحل له أبدا، إن كان فعل ذلك بعلم ثم واقعها، وليس العالم والجاهل في هذا سواء في الاثم، ثم قال: ويكون لها صداقها إن كان واقعها، وإن لم يكن واقعها فلا شئ ».

[١٧٠٧٥] ٧ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قضى في امرأة

__________________

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٨.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٩.

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٣٦ ح ٨٩٢.

٣٩٥

توفي زوجها وهي حبلى، فتزوجت قبل أن تنقضي الأربعة أشهر والعشرة، قال: « يفرق بينهما، ولا يخطبها حتى [ ينقضي ](١) آخر الأجلين » قال جعفر بن محمدعليها‌السلام : « هذا إن لم يكن دخل بها، فأما إذا تزوج الرجل المرأة في عدتها وكان قد دخل بها، فرق بينهما ولم تحل له أبدا، ولها صداقها بما استحل من فرجها، وإن لم يكن دخل بها فرق بينهما، فإذا انقضت عدتها تزوجها إن شاء وشاءت، هذا إذا كانا عالمين بأن ذلك لا يحل، فإن جهلا ذلك وكان قد دخل بها فرق بينهما حتى تنقضي عدتها، ثم يتزوجها إن شاء وشاءت » قيل له: فإن كان أحدهما يتعمد ذلك والآخر جهله، قال: « الذي تعمده لا يحل له أن يرجع إلى صاحبه، وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من هذا ».

[١٧٠٧٦] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومن خطب امرأة في عدة للزوج على رجعة، أو تزوجها وكان عالما لم تحل له أبدا، فإن كان جاهلا وعلم من قبل أن يدخل بها، تركها حتى تستوفي عدتها من زوجها ثم تزوجها، فإن دخل بها لم تحل له أبدا عالما كان أو جاهلا، فإن ادعت المرأة أنها لم تعلم أن عليها عدة لم تصدق على ذلك ».

[١٧٠٧٧] ٩ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن عمرو بن شعيب، والأعمش، وأبي الضحى، والقاضي أبي يوسف، وعن مسروق: أتي عمر بامرأة أنكحت في عدتها، ففرق بينهما وجعل صداقها في بيت المال، وقال: لا أجيز(١) مهرا، رد نكاحه، وقال: لا يجتمعان ابدا، فبلغ [ ذلك ](٢) علياعليه‌السلام فقال: « إن كانوا جهلوا السنة لها المهر بما استحل من

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٢.

٩ - المناقب ج ٢ ص ٣٦١.

(١) في الحجرية: أجبر، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣٩٦

فرجها، ويفرق بينهما، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب» فخطب عمر الناس فقال: ردوا الجهالات إلى السنة، ورجع إلى قول عليعليه‌السلام .

١٨ -( باب أن من تزوج امرأة دواما أو متعة ودخل بها، حرمت عليه ابنتها كانت في حجره أو لم تكن، وإن لم يدخل بالأم لم تحرم البنت عينا)

[١٧٠٧٨] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمد بن مسلم، عن أحدهماعليه‌السلام ، عن رجل كانت له جارية يطأها، قد باعها من رجل فأعتقها، فتزوجت فولدت، أيصلح(١) لمولاها الأول يتزوج ابنتها؟ قال: « لا، هي عليه حرام، وهي ربيبة، والحرة والمملوكة في هذا سواء، ثم قرأ هذه الآية ( وربائبكم اللآتي في حجوركم من نسائكم )(٢) ».

ورواه أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، مثله(٣) .

[١٧٠٧٩] ٢ - وعن أبي العباس، في الرجال تكون له الجارية يصيب منها، ثم يبيعها، هل له أن ينكح ابنتها؟ قال: « لا، هي كما قال الله: ( ربائبكم اللآتي في حجوركم )(١) ».

__________________

الباب ١٨

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٣٠ ح ٧٢.

(١) في الحجرية: يصلح، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) النساء ٤: ٢٣.

(٣) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٠.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٣٠ ح ٧٣.

(١) النساء ٤: ٢٣.

٣٩٧

[١٧٠٨٠] ٣ - وعن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن رجل تزوج امرأة وطلقها قبل أن يدخل بها، أتحل له ابنتها؟ قال: فقال: « قد قضى في هذا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لا بأس به، إن الله يقول:( وَرَ‌بَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِ‌كُم ) (١) ».

[١٧٠٨١] ٤ - وعن عبيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في الرجل تكون له الجارية فيصيب منها، ثم يبيعها، هل له أن ينكح ابنتها؟ قال: « لا، هي مثل قول الله:( وَرَ‌بَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِ‌كُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ ) (١) ».

[١٧٠٨٢] ٥ - وعن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه: « أن علياعليهم‌السلام كان يقول: الربائب عليكم حرام مع الأمهات اللآتي دخلتم بهن، في الحجور أو غير الحجور » الخبر.

[١٧٠٨٣] ٦ - دعائم الاسلام: عن الصادقعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَرَ‌بَائِبُكُمُ اللَّاتِي ) (١) الآية، قال: « هي ابنة امرأته عليه حرام إذا كان دخل بأمها، فإن لم يكن دخل بأمها فتزويجها له حلال، وقال في قوله عز وجل:( فِي حُجُورِ‌كُم ) (٢) قال: الحجر: الحرمة، ( يقول: اللآتي )(٣) في حرمتكم، وذلك مثل قوله:( أَنْعَامٌ وَحَرْ‌ثٌ حِجْرٌ‌ ) (٤)

__________________

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٣٠ ح ٧٤.

(١) النساء ٤: ٢٣.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٣١ ح ٧٦.

(١) النساء ٤: ٢٣.

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٣١ ح ٧٧.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٣٢ ح ٨٧٢.

(١) النساء ٤: ٢٣.

(٢) النساء ٤: ٢٣.

(٣) في المصدر: التي.

(٤) الانعام ٦: ١٣٨.

٣٩٨

يقول: محرمة» .

[١٧٠٨٤] ٧ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا كانت الأمة لرجل فوطئها لم تحل له ابنتها بعدها، الحرة والمملوكة في هذا سواء ».

[١٧٠٨٥] ٨ - عوالي اللآلي: روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها ».

١٩ -( باب أن من تزوج امرأة ولم يدخل بها، إلا أنه رأى منها ما يحرم على غيره، كره له تزويج ابنتها)

[١٧٠٨٦] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهماعليه‌السلام ، عن رجل تزوج امرأة فنظر إلى رأسها وجسدها(١) ، فقال: أيتزوج ابنتها؟ فقال: « لا، إذا رأى منها ما يحرم على غيره، فليس له أن يتزوج ابنتها» .

[١٧٠٨٧] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن رجل تزوج امرأة، فنظر إلى رأسها أو إلى بعض جسدها، هل يتزوج ابنتها؟ قال: « إذا رأى منه ما يحرم على غيره، فليس له أن يتزوج ابنتها ».

__________________

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٣٣ ح ٨٧٣.

٨ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٣٣٣ ح ٢٢٢.

الباب ١٩

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧.

(١) في المصدر: وبعض جسدها.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٣٣ ح ٨٧٤.

٣٩٩

٢٠ -( باب أن من تزوج امرأة، حرمت عليه أمها وجدتها، وإن لم يدخل بها)

[١٧٠٨٨] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن ابن حازم قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فأتاه رجل فسأله عن رجل تزوج بامرأة، فماتت قبل أن يدخل بها، أيتزوج أمها؟ فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « قد فعله رجل منا، فلم نر(١) به بأسا » فقلت: جعلت فداك، والله ما تفخر الشيعة إلا بقضاء عليعليه‌السلام في هذا، في السمحية(٢) التي أفتى بها ابن مسعود، ثم أتى علياعليه‌السلام فقال له: « من أين أخذتها؟ » قال: من قول الله تعالى:( وَرَ‌بَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِ‌كُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) (٣) فقال عليعليه‌السلام : « إن تلك مهملة، وهذه مسماة، قال الله تعالى:( وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ) (٤) » فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أما تسمع ما يروي هذا عن عليعليه‌السلام ؟ » فلما قمت ندمت، قلت: أي شئ صنعت؟ يقول هو فعله رجل منا فلم نر بأسا، وأنا أقول قضى عليعليه‌السلام فيها، فأتيته بعد ذلك فقلت: جعلت فداك، مسألة الرجل، إنما كان الذي قلت زلة مني، فما تقول فيها؟ فقال: « يا شيخ، تخبرني أن علياعليه‌السلام قضى فيها، وتسألني ما أقول فيها ».

وعن النضر بن سويد، عن محمد بن حمزة، عن منصور بن حازم، عن

__________________

الباب ٢٠

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٧، ورواه العياشي في تفسيره ج ١ ص ٢٣١ ح ٧٥ وعنه في البرهان ج ١ ص ٣٥٧ ج ١٠.

(١) في العياشي والبرهان: ير، وهو أنسب للسياق.

(٢) كذا في الحجرية والمصدر، والصحيح: الشمخية، جاء في لسان العرب ج ٣ ص ٣٠: بنو شمخ: بطن، وشمخ بن فزارة: بطن.

(٣) النساء ٤: ٢٣.

(٤) النساء ٤: ٢٣.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550