الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 180904 / تحميل: 6360
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

فإني أخاف عليه (ص) يصاب في سببي، فأخبر رسول الله حين أصبح فجاء (ص) حتى وقف على قبره وقال: اللهم إلقَ طلحة وأنت تضحك إليه وهو يضحك إليك..

- مسند أحمد ج ٦ ص ٤٥٦

... أسماء بنت يزيد بن سكن قالت: لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا يرفأ دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش.

وقالوا إنّه يظهر لعباده ضاحكاً

- فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦٨

أبو موسى: يتجلى ربنا ضاحكاً يوم القيامة، حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له سجداً فيقول: ارفعوا رؤوسكم فليس هذا يوم عبادة.

وقالوا منطقه كالرعد، وضحكه كالبرق

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ٣٦٦

أبو هريرة: ينشىء الله عز وجل السحاب ثم ينزل فيه، لا شيء أحسن من ضحكه ولا شيء أحسن من منطقه، منطقه الرعد ومضحكه البرق!

- أُسد الغابة ج ٣ ص ٨٣ وج ٦ ص ٣٩٩

عن رجل من بني غفار.. قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: إن الله عز وجل ينشىء السحاب فيضحك أحسن الضحك وينطق أحسن النطق!

وقالوا يظهر متجسّداً لأبي بكر وحده بدون ضحك

- قال السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٣

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والدار قطني عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ليتجلى للناس عامة ويتجلى لأبي بكر خاصة.

٨١

وأخرج الدار قطني عن جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ليتجلى للناس عامة ويتجلى لأبي بكر الصديق خاصة.

- وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٤٠٠

أنس بن مالك: يا أبا بكر لأبشرك أن الله عز وجل يتجلى لك يوم القيامة خاصة وللناس عامة.

- وقال ابن حبان في المجروحين ج ١ ص ١٤٣

أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليماني... والصحيح من حديثه موقوف على أبي هريرة وروى عن أبيه... عن أبي هريرة قال لما قدم رسول الله (ص) من الغار يريد المدينة أخذ أبو بكر بغرزه فقال.. ألا أبشرك يا أبا بكر؟ قال: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: إن الله عز وجل يتجلى للخلائق يوم القيامة عامة، ويتجلى لك خاصة.

- وقال في المجروحين ج ٢ ص ١١٥

علي بن عبده بن قتيبة... كان يسرق الحديث ولا يحل الإحتجاج به.. عن جابر قال رسول الله (ص) إن الله يتجلى للمؤمنين عامة ولأبي بكر خاصة.

وقالوا يجلس على العرش ولعرشه أطيط وصرير من ثقله

ذكرنا عدداً من روايات أطيط العرش عن الخليفة عمر من فردوس الأخبار وكنزالعمال ومجمع الزوائد وقد وثقها الهيثمي، ونضيف إليها هنا منسنن أبي داود ج ٢ ص ٤١٨

... إن عرشه على سمواته لهكذا وقال بأصابعه مثل القبة عليه، وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب. قال ابن بشار في حديثه: إن الله فوق عرشه وعرشه فوق سمواته وساق الحديث.. وقال عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده والحديث بإسناد أحمد بن سعيد هو الصحيح وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلي بن المديني ورواه

٨٢

جماعة عن ابن إسحاق كما قال أحمد أيضاً وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني.

- فردوس الأخبار للديلمي ج ١ ص ٢٢٠

جبير بن معطم: إن الله عز وجل فوق عرشه وعرشه فوق سمائه وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب!

- الهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٩٨

وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة وإن أهل الفردوس ليسمعون أطيط العرش. رواه الطبراني وفيه جعفر بن الزبير وهو متروك. انتهى. ورواه في كنز العمّال ج ٢ ص ٧٣

- وفي كنز العمّال ج ١ ص ٢٢٤:

ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد إن شاء والله أعظم من ذلك. ويحك أتدري ما الله، إن الله فوق عرشه وعرشه على سمواته، وأرضه مثل القبة، وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب. د عن جبير بن مطعم. ورواه في ج ١٠ ص ٣٦٣ وروى في ص ٣٦٧ إن كرسيه وسع السماوات والأرض، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من شقه بز. انتهى. أي من مسافة بعيدة!

- وفي كنز العمّال ج ١٤ ص ٤٦٩

إن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش. ابن مردويه عن أبي أمامة.

- تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٩

... عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده. قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس وجاع العيال وهلكت الأموال فاستسق لنا ربك فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله سبحان الله فما زال يسبح حتى عرف ذلك في

٨٣

وجوه أصحابه، ثم قال له: ويحك ما تدري ما الله، إن شأنه أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع به على أحد، إنه لفوق سماواته على عرشه، وإنه عليه هكذا وأشار بيده مثل القبة، وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب.

معنى الأطيط

- هامش سنن أبي داود ج ٢ ص ٤١٨: أطّ الرحل: صوّت أي أصدر صوتاً هو كصوت الطقطقة.

- وقال ابن الأثير في النهاية ج ١ ص ٥٤ في معنى أطّت السماء: الأطيط: صوت الأقتاب، وأطيط الإبل: أصواتها وحنينها... وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى... إذ كان معلوماً أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه وعجزه عن احتماله.

وقالوا العرش مطوّق بحيّة تحميه

- العقد الفريد لابن عبد ربه ج ٦ ص ٢٠٨

ومن حديث عبد الله بن عمر قال: العرش مطوّق بحيّة، والوحي ينزل في السلاسل.

وقالوا الشمس تذهب كل يوم إلى تحت العرش

- صحيح البخاري ج ٣ جزء ٦ ص ٣٠

عن أبي ذر... قال كنت مع النبي (ص) في المسجد عند غروب الشمس فقال: يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس... قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش. انتهى. ورواه الشوكاني في فتح القدير ج ٤ ص ٤٩٤

- صحيح البخاري ج ٤ جزء ٨ ص ١٧٨

عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال: سألت النبي (ص) عن قوله:

٨٤

والشمس تجري لمستقر لها ... قال مستقرها تحت العرش... ونحوه في فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ١٣٣

- وفي صحيح مسلم ج ١ ص ٩٦

عن أبي ذر أن النبي (ص) قال يوماً أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال: إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة... فقال لها ارتفعي أصحبي طالعة من مغربك..

وقالوا حملة العرش ملائكة صوفيّة

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ٢٦

ابن مسعود: نزل جبريل في بعض الليل فقعد فمسحت يدي على ظهره فأصبت الشعر فقلت: يا جبريل ما هذا الشعر؟ قال الصوف، قلت: سبحان الله، الملائكة يلبسون الصوف؟ قال: نعم يا محمد، والله للباس حملة العرش الصوف.

وقالوا حملة العرش يتكلّمون بالفارسية

- المصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ١٦٠

عن أبي أمامة قال: إن الملائكة الذين يحملون العرش يتكلمون بالفارسية.

وقالوا جبل لبنان من حملة العرش

- مختصر تاريخ دمشق ج ١ جزء ١ ص ٢٨٨

عن أبي الزاهرية قال: أنبئنا: جبل لبنان أحد حملة العرش الثمانية يوم القيامة.

وقالوا حملة العرش حيوانات كما في التوراة

- سنن ابن ماجة ج ١ ص ٦٩

حدثنا محمد بن يحيى ثنا محمد بن الصباح ثنا الوليد بن أبي ثور الهمداني، عن

٨٥

سماك، عن عبد الله بن عميرة، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، قال: كنت بالبطحاء في عصابة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرت به سحابة فنظر إليها فقال: ما تسمون هذه؟ قالوا السحاب، قال والمزن، قالوا والمزن، قال والعنان، قال أبو بكر قالوا والعنان، قال كم ترون بينكم وبين السماء؟ قالوا لا ندري، قال فإن بينكم وبينها إما واحداً أو اثنين أو ثلاثاً وسبعين سنة، والسماء فوقها كذلك، حتى عد سبع سموات، ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهن وركبهن كما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهن العرش بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم الله فوق ذلك تبارك وتعالى!

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ١٣٠

العباس بن عبد المطلب: ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية: ثمانية أملاك في صورة الأوعال، ما بين ظلف أحدهم وركبته مسيرة خمسمائة عام. انتهى.

- حياة الحيوان للدميري ج ٢ ص ٤٢٨

عن عروة بن الزبيررضي‌الله‌عنه قال: حملة العرش أحدهم على صورة إنسان، والثاني على صورة ثور، والثالث على صورة نسر، والرابع على صورة أسد.

- تفسير الطبري ج ١ ص ١١٨

عن شعيب الجبائي قال: في كتاب الله (يقصد التوراة) الملائكة حملة العرش لكل ملك منهم وجه إنسان وثور وأسد، فإذا حركوا أجنحتهم فهو البراق..

- كتاب الحيوان للجاحظ ج ٦ ص ٢٢١ - ٢٢٢

روى تصديق النبي (ص) لأمية بن أبي الصلت حين أنشده:

رجل وثور تحت رجل يمينه * والنسر للأخرى وليث مرصد

وقال في هامش ج ١ ص ٢٢٢ وفي الإصابة ٥٤٩ عن ابن عباس أن النبي (ص) أنشد هذا البيت فقال: صدق. هكذا صفة حملة العرش..

٨٦

وقالوا جالس على كرسيّه وغائب عن العالم

- مجمع الزوائد ج ١ ص ٨٦

وعن ابن مسعودرضي‌الله‌عنه أنه قال: ما بين سماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل سماءين خمسمائة عام، وما بين السماء السابعة والكرسي مسيرة خمسمائة عام، وما بين الكرسي والماء خمسمائة عام، والعرش على الماء والله جل ذكره على العرش يعلم ما أنتم عليه. رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.

وقالوا جالس على العرش وحوله الأنبياء على كراسي

- المصنف لابن أبي شيبة ج ٢ ص ٥٨

عن أنس قال قال رسول الله (ص): أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء... قال (جبريل) لأن ربك تبارك وتعالى اتخذ في الجنة وادياً من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة هبط من عليين على كرسيه تبارك وتعالى ثم حف كرسيه منابر من ذهب مكللة بالجواهر ثم يجيء النبيون حتى يجلسوا عليها.

- وروى السيوطي حديث المرآة عن الدارقطني في ج ٦ ص ٢٩٠ وروى رواية لقيط مفصلة عن زوائد عبد الله بن أحمد بن حنبل...

- تهذيب الكمال ج ١٦ ص ٤٢٣

أخبرنا أبوالحسن ابن البخاري... أخبرنا أبو حفص بن طبرزد... عن سعيد بن المسيب: أنه لقي أبا هريرة فقال أبو هريرة: أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة. فقال سعيد: أو فيها سوق؟ قال أبو هريرة: نعم، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أهل الجنة إذا دخلوها فنزلوا فيها بفضل أعمالهم فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيرون الله، ويبرز لهم عرشه، ويتبدا لهم في روضة من رياض الجنة، فيوضع لهم منابر من ذهب ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم وما فيهم دني على كثبان المسك والكافور، لا يرون أن أصحاب الكراسي أفضل منهم مجلساً.

٨٧

قال أبو هريرة: وهل نرى ربنا يا رسول الله قال: نعم، هل تمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر قلنا: لا، قال: كذلك لا تمارون في رؤية ربكم عز وجل. ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة، حتى إنه ليقول للرجل منهم: يا فلان بن فلان. أتذكر يوم عملت كذا وكذا، فيذكره بعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا رب، أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى بسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه.

قال فبيناهم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيباً لم يجدوا مثل ريحه شيئاً قط، قال: ثم يقول ربنا عز وجل: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، فخذوا ما اشتهيتم. قال: فنأتي سوقاً قد حفت به الملائكة، فيه ما لم تنظر العيون إلى مثله. ولم يخطر على القلوب، قال: فيحمل لنا ما اشتهينا، ليس يباع فيه شيء ولا يشتري، في ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضاً. قال: فيقبل الرجل ذو المنزلة الرفيعة فيلقى من هو دونه وما فيهم يعني دني، فيروعه ما يرى يعني عليه من اللباس، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها، قال: ثم ننصرف إلى منازلنا فنلقى أزواجنا، فيقولون (فيقلن): مرحباً وأهلاً بحبنا لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه، قال: فنقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار عز وجل ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا. رواه الترمذي عن محمد بن إسماعيل البخاري، عن هشام بن عمار، عنه، فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين وليس عنده غيره، وقال: غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. ورواه ابن ماجة عن هشام بن عمار. فوافقناه فيه بعلو. (سنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٤٥٠)

هشام بن عمار صاحب حديث الكراسي حول العرش

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٤٢٠

- هشام بن عمار، الإمام الحافظ العلامة المقرئ عالم أهل الشام، أبو الوليد السلمي ويقال الظفري خطيب دمشق، نقل عنه الباغندي قال: ولدت سنة ثلاث وخمسين ومئة، وسمع من مالك وتمت له معه قصة...

٨٨

وحدث عنه بشر كثير وجم غفير..... وعدة سواهم مذكورين في تهذيب الكمال وفي تاريخ دمشق. فلقد كان من أوعية العلم......

وروى عنه: أبو عبيد القاسم بن سلام، ومات قبله بنيف وعشرين سنة، ومحمد بن سعد ومات قبله ببضع عشرة سنة، ومؤمل بن الفضل الحراني كذلك، ويحيى بن معين، كذلك وحدث عنه من كبار شيوخه: الوليد بن مسلم، ومحمد بن شعيب ابن شابور...

وحدث عنه من أصحاب الكتب: البخاري، وأبوداود، والنسائي، وابن ماجة، وروى الترمذي عن رجل عنه، ولم يلقه مسلم، ولا ارتحل إلى الشام، ووهم من زعم أنه دخل دمشق.

... وكان خطيباً بدمشق رزق كبر السن وصحة العقل والرأي، فارتحل الناس إليه في نقل القراءة والحديث.

... فلما توفي ابن ذكوان سنة اثنتين وأربعين، اجتمع الناس على إمامة هشام بن عمار في القراءة والنقل.

قال صالح بن محمد جزرة: كان هشام بن عمار يأخذ على الحديث، ولا يحدث ما لم يأخذ... كنت شارطت هشاماً أن أقرأ عليه بانتخابي ورقة، فكنت آخذ الكاغد الفرعوني وأكتب مقرمطاً، فكان إذا جاء الليل، أقرأ عليه إلى أن يصلي العتمة، فإذا صلى العتمة، يقعد وأقرأ عليه، فيقول: يا صالح ليس هذه ورقة، هذه شقة!

... قال: وكان يأخذ على كل ورقتين درهما ويشارط ويقول إن كان الخط دقيقاً، فليس بيني وبين الدقيق عمل.

قال أبو بكر المروذي: ذكر أحمد بن حنبل هشام بن عمار، فقال: طياش خفيف.

خيثمة: سمعت محمد بن عوف، يقول: أتينا هشام بن عمار في مزرعة له، وهو قاعد على مورج له وقد انكشفت سوءته، فقلنا: يا شيخ غط عليك. فقال: رأيتموه لن ترمد عينكم أبداً، يعني يمزح.

٨٩

قال الحافظ محمد بن أبي نصر الحميدي: أخبرني بعض أصحاب الحديث ببغداد أن هشام بن عمار قال: سألت الله تعالى سبع حوائج، فقضى لي منها ستاً، والواحدة ما أدري ما صنع فيها. سألته أن يغفر لي ولوالدي فما أدري، وسألته أن يرزقني الحج ففعل، وسألته أن يعمرني مئة سنة ففعل. قلت: إنما عاش اثنتين وتسعين سنة.

ثم قال: وسألته أن يجعلني مصدقاً على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعل.

وسألته أن يجعل الناس يغدون إليّ في طلب العلم ففعل.

وسألته أن أخطب على منبر دمشق ففعل.

وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالاً ففعل.

قال: فقيل له: كل شيء قد عرفناه، فألف دينار حلال من أين لك؟ فقال: وجه المتوكل بعض ولده ليكتب عني لما خرج إلينا، يعني لما سكن دمشق، وبني له القصر بداريا. قال: ونحن نلبس الأزر، ولا نلبس السراويلات فجلست فانكشف ذكري، فرآه الغلام فقال: إستتر يا عم. قلت رأيته قال: نعم. قلت: أما إنه لا ترمد عينك أبداً إن شاء الله!

قال: فلما دخل على المتوكل ضحك، قال فسأله فأخبره بما قلت له، فقال: فأل حسن تفاءل لك به رجل من أهل العلم! احملوا إليه ألف دينار، فحملت إلي فأتتني من غير مسألة، و لا استشراف نفس. فهذه حكاية منقطعة. ولعلها جرت.

وذكر الذهبي قصته مع مالك في ص ٤٢٨ فقال:

قال أبو بكر محمد بن سليمان الربعي: حدثنا محمد بن الفيض الغساني، سمعت هشام بن عمار يقول: باع أبي بيتاً له بعشرين ديناراً، وجهزني للحج، فلما صرت إلى المدينة، أتيت مجلس مالك، ومعي مسائل أريد أن أسأله عنها. فأتيته، وهو جالس في هيئة الملوك وغلمان قيام والناس يسألونه وهو يجيبهم! فلما انقضى المجلس

٩٠

قال لي بعض أصحاب الحديث: سل عن ما معك، فقلت له: يا أبا عبد الله ما تقول في كذا وكذا؟ فقال: حصلنا على الصبيان، يا غلام احمله! فحملني كما يحمل الصبي وأنا يومئذ غلام مدرك، فضربني بدرةٍ مثل درة المعلمين سبع عشرة درة، فوقفت أبكي فقال لي: ما يبكيك أوجعتك هذه الدرة؟ قلت: إن أبي باع منزله ووجه بي أتشرف بك وبالسماع منك فضربتني! فقال: أكتب، قال: فحدثني سبعة عشر حديثاً، وسألته عما كان معي من المسائل فأجابني!

قال يعقوب بن إسحاق الهروي، عن صالح بن محمد الحافظ: سمعت هشام بن عمار، يقول: دخلت على مالك فقلت له حدثني، فقال: إقرأ، فقلت: لا بل حدثني، فقال إقرأ، فلما أكثرت عليه، قال: يا غلام تعال اذهب بهذا فاضربه خمسة عشر، فذهب بي فضربني خمس عشرة درة، ثم جاء بي إليه فقال قد ضربته، فقلت له: لم ظلمتني ضربتني خمس عشرة درة بغير جرم، لا أجعلك في حل، فقال مالك فما كفارته قلت: كفارته أن تحدثني بخمسة عشر حديثاً. قال: فحدثني بخمسة عشر حديثاً. فقلت له: زد من الضرب، وزد في الحديث، فضحك مالك، وقال: اذهب!

قال الخليلي: سمعت علي بن أحمد بن صالح المقرئ، حدثنا الحسن بن علي الطوسي، سمعت محمد بن طرخان، سمعت هشام بن عمار، يقول: قصدت باب مالك، فهجمت عليه بلا إذن فأمر غلاماً له، حتى ضربني سبعة عشر ضرب السلاطين. وأخرجت! فقعدت على بابه أبكي، ولم أبك للضرب بل بكيت حسرة، فحضر جماعة قال فقصصت عليهم، فشفعوا فيّ، فأملى عليّ سبعة عشر حديثاً...

قلت: لم يخرج له الترمذي سوى حديث سوق الجنة ثم قال عبدان: ما كان في الدنيا مثله.

قال ابن حبان البستي: كانت أذناه لاصقتين برأسه، وكان يخضب بالحناء.

وقال في هامشه: أخرجه الترمذي (٢٥٤٩) باب ما جاء في سوق الجنة، من طريق محمد بن إسماعيل، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبدالحميد بن حبيب بن

٩١

أبي العشرين، حدثنا الأوزاعي، حدثنا حسان بن عطية، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

ونصه بتمامه: إن أهل الجنة إذا دخلوها، نزلوا فيها بفضل أعمالهم، ثم يؤذن في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا، فيزورون ربهم، ويبرز لهم عرشه، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة، فتوضع لهم منابر من نور، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم - وما فيهم من دني - على كثبان المسك والكافور، وما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلساً. قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله، وهل نرى ربنا؟ قال: نعم، قال: هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر قلنا: لا. قال: كذلك لا تمارون في رؤية ربكم، ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله محاضرة، حتى يقول للرجل منهم: يا فلان ابن فلان، أتذكر يوم كذا وكذا، فيذكره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا رب، أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى، فسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه.

فبينما هم على ذلك، غشيتهم سحابة من فوقهم، فأمطرت عليهم طيباً لم يجدوا مثل ريحه شيئاً قط. ويقول ربنا، تبارك وتعالى: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، فخذوا ما اشتهيتم. فنأتي سوقاً قد حفت به الملائكة، وفيه ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب، فيحمل لنا ما اشتهينا، ليس يباع فيها ولا يشتري. وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا. قال: فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة، فيلقى من هو دونه - وما فيهم دني - فيروعه ما يرى عليه من اللباس، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه، وذلك أنه ما ينبغي لأحد أن يحزن فيها.

ثم ننصرف إلى منازلنا، فيتلقانا أزواجنا، فيقلن: مرحباً وأهلاً، لقد جئت وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه، فيقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار، ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا. وأخرجه ابن ماجة (٤٣٣٦) عن هشام بن عمار به.

٩٢

وقالوا جنّة عدن مسكن الله تعالى وعرشه فيها

وقد تقدمت أحاديثها في الفصل الخامس عن عمر وكعب وأبي موسى الأشعري، ومنها ما رواه السيوطي في الدر المنثور ج ٤ ص ٢٥٤

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفردوس مقصورة الرحمن فيها خيار الأنهار والأثمار.

- تفسير الطبري ج ١٥ ص ٩٤

عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله (ص): إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لاينظر فيه أحد غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن وهو داره التي لم ترها عين.. وهي مسكنه ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة: النبيين والصديقين والشهداء.. ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته..

- وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ١٥٤

وعن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل الله تبارك وتعالى في آخر ثلاث ساعات بقين من الليل فينظر في الساعة الأولى في الكتاب الذي لا ينظر فيه غيره فيمحو ما يشاء ويثبت، وينظر في الساعة الثانية في جنة عدن وهي مسكنه التي لا يكون فيها معه إلا الأنبياء والشهداء والصديقون، وفيها ما لم يره أحد ولا خطر على قلب بشر، ثم يهبط آخر ساعة من الليل فيقول ألا مستغفر يستغفرني فأغفر له، ألا سائل يسئلني فأعطيه، ألا داع يدعوني. ولذلك قال الله:وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ، فيشهده الله والملائكة. رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزاز بنحوه. وفيه زيادة بن محمد الأنصاري، وهو منكر الحديث.

وروينا ورووا أنّ الفردوس مسكن إبراهيم وآله ومحمد وآله

- روى النسائي في سننه ج ٤ ص ١٢ عن فاطمة الزهراءعليها‌السلام أن الفردوس مسكن

٩٣

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم، ولم يذكر أنها مسكن الله تعالى. قال: عن أنس أن فاطمة بكت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات فقالت: يا أبتاه من ربه ما أدناه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه. وروى ذلك غيره أيضاً.

- وفي كنز العمّال ج ٢ ص ٢٧٤

عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت علياً يقول: ألا إن لكل شيء ذروة، وإن ذورتنا جبال الفردوس في بطنان الفردوس قصراً من لؤلؤة بيضاء وصفراء من عرق واحد، وإن في البيضاء سبعين ألف قصر، منازل إبراهيم وآل إبراهيم، فإذا صليتم على محمد فصلوا على إبراهيم وآل إبراهيم. خط في تلخيص المتشابه.

- وقال القسطلاني في إرشاد الساري ج ٥ ص ٣٨

فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة أي أفضلها، قال: وفوقه عرش الرحمن. انتهى.

- وروى الديلمي في فردوس الاخبار ج ٣ ص ١٦٢ حديثاً غريباً طريفاً لطيفا، قال: عمر بن الخطاب: فاطمة وعلي والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن عز وجل.

وقالوا أرواح الشهداء في حواصل طيور في قناديل معلّقة بالعرش

- صحيح مسلم ج ٦ ص ٣٨

عن مسروق قال سألنا عبد الله عن هذه الآية: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون، قال: أما إنا قد سألناه عن ذلك فقال: أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعةً فقال هل تشتهون شيئاً؟ قالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما

٩٤

رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا، قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة، تركوا.

- وروى الدميري في حياة الحيوان ج ١ ص ٦٥٧

أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر ترعى في الجنة وتأوى إلىقناديل معلقة تحت العرش. قال شيخنا: أولئك شهداء السيوف، وأما شهداء الصفوة فأجسادهم أرواح!

- وقال الدارمي في سننه ج ٢ ص ٢٠٦

عن مسروق قال سألنا عبد الله عن أرواح الشهداء ولو لا عبد الله لم يحدثنا أحد، قال: أرواح الشهداء عند الله يوم القيامة في حواصل طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش (ترعى) أي الجنة حيث شاءت، ثم ترجع إلى قناديلها فيشرف عليهم ربهم فيقول: ألكم حاجة تريدون شيئاً، فيقولون لا، إلا أن نرجع إلى الدنيا فنقتل مرة أخرى. انتهى. وروى نحوه ابن ماجة في ج ١ ص ٤٦٦ و ج ٢ ص ٩٣٦ وأبو داود ج ١ ص٥٦٦ والترمذي في ج ٤ ص ٢٩٩ وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد ج ١ ص ٢٦٥ وص ٣٨٦ والحاكم ج٢ ص ٨٨ وص ٢٩٧ وابن منصور في سننه ج ٢ ص ٢١٦ والبيهقي في سننه ج ٩ ص ١٦٣ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ٦ ص ٣٢٨ والهيثمي في ج ٥ ص ٢٩٨ والهندي في كنز العمّال ج ٤ ص ٣٠٨ وص ٤٠٣ وص ٤١٣ وص ٤١٤ وج ١٣ ص ٤٨١

وردّ أهل البيتعليهم‌السلام حديث القناديل وحواصل الطيور

- الكافي ج ٣ ص ٢٤٤

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له: جعلت فداك يروون أن أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش؟ فقال: لا، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير، ولكن في أبدان كأبدانهم.

٩٥

- الكافي ج ٣ ص ٢٤٥

محمد، عن أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنا نتحدث عن أرواح المؤمنين أنها في حواصل طيور خضر ترعى في الجنة وتأوي إلى قناديل تحت العرش، فقال: لا، ما هي في حواصل طير، قلت: فأين هي قال: في روضة كهيئة الأجساد في الجنة. انتهى. وروى نحوه الطوسي في تهذيب الأحكام ج ١ ص ٤٦٦

واختلفت رواياتهم فيما هو مكتوب على العرش

- تاريخ بغداد ج ١١ ص ١٧٣

عن أنس بن مالك قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيدته بعلي، نصرته بعلي.

- لسان الميزان ج ٢ ص ٤٨٤

وحدثنا محمد بن عثمان ثنا زكريا بن يحيى الكسائي ثنا يحيي بن سالم ثنا أشعث بن عم الحسن بن صالح ثنا مسعر عن عطية العوفي عن جابررضي‌الله‌عنه مرفوعاً: مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي.

قال أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو علي بن الصواف ومحمد بن علي بن سهل وسليمان الطبراني والحسن بن علي بن الخطاب قالوا: ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة فساقه بنحوه، لكن لفظه على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أخو رسول الله قبل أن يخلق الله السموات بألفي عام، ساقه الخطيب عن أبي نعيم في ترجمة الحسن هذا، وقد روى الكسائي عن ابن فضيل وجماعة، وقال النسائي والدارقطني متروك. انتهى. وقد تقدم في ترجمة أشعث ابن عم الحسن بن صالح لهذا الرجل ذكر بالتشيع، وسيأتي كلام ابن عداء فيه في ترجمة علي بن القاسم.

٩٦

- الجواهر الحسان للثعالبي ج ١ ص ٦٧

وقالت طائفة إن آدم رأى مكتوباً على ساق العرش: محمد رسول الله، فتشفع به، فهي الكلمات..

- لسان الميزان ج ٣ ص ٢٣٧

ومن أباطيله عن خالد بن أبي عمرو الأزدي عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه قال: مكتوب على العرش لاإله إلا الله، محمد عبدي ورسولي أيدته بعلي.

- ميزان الإعتدال ج ٣ ص ١٨٢

عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمداني. عن أبيه وغيره. كذبه ابن معين. وقال النسائي والدارقطني: متروك. وقال ابن عدي: يسرق الحديث... وقال ابن جرير الطبري: حدثنا عمر بن إسماعيل، حدثنا ابن فضيل، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي الدرداء مرفوعاً: رأيت ليلة الإسراء جريدة خضراء فيها مكتوب بنور: لا إله إلا الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق. تابعه السري بن عاصم.

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٤ ص ٤١٠

البراء بن عازب: مكتوب على العرش لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أبي بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان الشهيد، علي الرضا.

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ٤٦٨

تحشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة بدم، فتتعلق بقائمة من قوائم العرش فتقول: يا عدل، أحكم بيني وبين قاتل ولدي، فيحكم لابنتي ورب الكعبة.

- لسان الميزان ج ٣ ص ٤٢٣

عبد الرحمن بن عفان... قال ابن الجنيد سمعت يحيى بن معين وذكر أبابكر بن عفان ختن مهدي بن حفص فقال: كذاب مكذب رأيت له حديثاً حدث به عن أبي إسحاق الفزاري كذباً.

٩٧

قلت: وله خبر آخر عن محمد بن محمد بن الصائغ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعاً: لما أسرى بي رأيت على العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذو النورين، يقتل ظلماً. رواه الختلي في الديباج عنه، والمتهم به صاحب الترجمة.

- الموضوعات ج ١ ص ٣٢٧

أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرني أحمد بن عمر بن علي القاضي قال: أنبأنا أحمد بن علي بن محمد بن الجهم قال: حدثنا محمد بن جرير الطبري قال: حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد قال: حدثنا ابن فضيل عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت ليلة أسري بي في العرش فرندة خضراء فيها مكتوب بنور أبيض: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق. هذا حديث لا يصح، والمتهم به عمر بن إسماعيل، قال يحيى: ليس بشيء كذاب دجال سوء خبيث، وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث.

- الموضوعات ج ١ ص ٣٣٦

أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أنبأنا القاضي أبوالفرج محمد بن أحمد بن الحسن الشافعي قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك القطيعي قال: حدثنا أحمد ابن محمد القاضي قال: حدثنا الإحتياطي قال: حدثنا علي بن جميل، عن جرير بن عبدالحميد، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما في الجنة شجرة إلا مكتوب على ورقة محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذو النورين. اسم الإحتياطي الحسن بن عبد الرحمن بن عباد أبو علي.

قال أبوحاتم بن حبان: هذا باطل موضوع، وعلي بن جميل كان يضع الحديث لا تحل الرواية عنه بحال...

٩٨

أنبأنا أبو منصور القزاز قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت قال: أنبأنا محمد بن عبيدالله الحنائي قال: أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: أنبأنا إسحاق بن إبراهيم الختلي قال: حدثنا أبو بكر عبد الرحمن بن عنان الصوفي قال: حدثنا محمد بن مجيب الصائغ قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليلة أسري بي رأيت على العرش مكتوباً لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذو النورين يقتل مظلوماً. هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبو بكر الصوفي ومحمد بن مجيب كذابان، قاله يحيى بن معين.

- لسان الميزان ج ٢ ص ٢٩٥

وقال الهيثم بن خلف حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الإحتياطي، ثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ليس في الجنه شجرة إلا على كل ورقة منها مكتوب لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذوالنورين. قلت: هذا باطل والمتهم به الحسين. انتهى. وكذا في ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥٤٠ ونحوه في لسان الميزان ج ٦ ص ٦١ وميزان الإعتدال ج ٤ ص ١٤٥ وفي كتاب المجروحين ج ١ ص ١١٦ وقال أخبرناه الحسن بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة قال: حدثنا على بن جميل. وهذان خبران باطلان موضوعان لا شك فيه، وله مثل هذا أشياء كثيرة يطول الكتاب بذكرها. ومات علي بن جميل بالرقة سنة تسع وأربعين ومائتين. ونحوه في المجروحين ج ١ ص ٣٦٦

- نهج الحق للعلاّمة الحلّي ص ٢٥٢

وقد ذكرت في كتاب: كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين: أن الفضائل إما قبل ولادته، مثل ما روى أخطب خوارزم، من علماء الجمهور، عن ابن مسعود، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم: لما خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه عطس آدم، فقال: الحمد لله، فأوحى الله تعالى إليه حمدني عبدي، وعزتي وجلالي لو لا عبدان أريد أن

٩٩

أخلقهما في دار الدنيا ما خلقتك، قال: إلهي فيكونان مني قال: نعم يا آدم، ارفع رأسك، وانظر، فرفع رأسه، فإذا مكتوب على العرش: لا إله إلا الله، محمد نبي الرحمة، وعلي مقيم الحجة، من عرف حق علي زكا وطاب، ومن أنكر حقه لعن وخاب، أقسمت بعزتي وجلالي: أن أدخل الجنة من أطاعه، وإن عصاني، وأقسمت بعزتي: أن أدخل النار من عصاه وإن أطاعني. والأخبار في ذلك كثيرة.

وقال في هامشه: رواه في المناقب، بسنده عن الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، كما في ينابيع المودّة ص ١١.

وقالوا إنّه تعالى أثقل من الحديد

- الدر المنثور ج ٦ ص ٣

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبوالشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما :تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ ، قال: من الثقل. انتهى. أي من ثقل الله تعالى! وستأتي بقية رواياتهم عن أطيط العرش وحريره في تفسير آيات الإستواء على العرش.

وقالوا يرى بالعين في الآخرة ويناقش رجلاً ويضحك عليه

- صحيح البخاري ج ١ ص ١٩٥

(عن أبي هريرة) أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟

قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟

قالوا: لا يا رسول الله.

قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟

قالوا: لا.

قال: فإنكم ترونه كذلك. يحشر الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبع، فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت،

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

وهذه الكلمات تكشف عن عدم إيمانه بأساس الإسلام ، فحمدت زينب الله تعالى وصلّت وسلّمت على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقالت :

«صدق الله ، كذلك يقول :( ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ ) ».

أي إذا أنكرت الإسلام والإيمان هذا اليوم بأشعارك المشوبة بالكفر ، وتقول لأسلافك المشركين الذين قتلوا على أيدي المسلمين في معركة بدر : ليتكم تشهدون انتقامي من بني هاشم ، فلا مجال للتعجب ، فذلك ما قاله الله سبحانه :( ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ ) وقد ذكرت في هذا الصدد مطالب كثيرة.

ولمزيد من الإيضاح يراجع الجزء الخامس والأربعون من بحار الأنوار الصفحة ١٥٧.(١)

* * *

__________________

(١) طبقا لما ذكرنا في التّفسير تكون كلمة «السوءى» مفعولا لأساءوا وجملة( أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ ) مكان اسم كان وخبرها «عاقبة الذين». ويذكر العلّامة الطباطبائي ذلك في الميزان بصورة احتمال ، وإن لم ينتخبه هو نفسه ، ويرى «أبو البقاء» في كتاب «إملاء ما منّ به الرحمن» الصفحة ١٨٥ الجزء الثاني ، أنّه واحد من احتمالين مقبولين. إلّا أن أغلب المفسّرين كالطبرسي وصاحب الميزان ، والفخر الرازي ، والآلوسي ، وأبو الفتوح الرازي والقرطبي وسيد قطب في ظلاله ، والطوسي في تبيانه» يقوّون احتمالا آخر في تفسير الآية وهو أن كلمة «السوءى» اسم كان ، وجملة «إن كذبوا» في مقام التعليل. وطبقا لهذا التّفسير يكون معنى الآية : وأخيرا فإن عاقبة أعمال المسيئين كانت السوء ، لأنّهم كذبوا بآياتنا. وهذا المعنى شبيه بقوله تعالى :( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى ) . إلّا أن الأنصاف أن هذا التفسير خلاف ما يستظهر من الآية ، وانتخاب المفسّرين لهذا الرأي والتفسير لا يصرفنا عما هو منسجم مع الآية ، وخاصة أنّهم اضطروا إلى أن يقدروا اللام في جملة «أن كذبوا» والتقدير خلاف الظاهر «فلاحظوا بدقة».

٤٨١

الآيات

( اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦) )

التّفسير

مصير المجرمين ومآلهم يوم القيامة!

كان الكلام في الآيات المتقدمة عن الذين يكذّبون ويستهزءون بآيات الله ، وفي الآيات ـ محل البحث ـ تستكمل البحوث السابقة عن المعاد ، مع بيان جوانب منه ، ومآل المجرمين في القيامة!

فتبدأ الآيات بالقول :( اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ويبيّن في هذه الآية استدلال قصير موجز ، وذو معنى كبير ، على مسألة المعاد. وقد ورد هذا المعنى بعبارة أخرى في بعض آيات القرآن الأخرى ومنها( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً

٤٨٢

فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ) (١)

وجملة( ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) إشارة إلى أنّه بعد النشور والقيامة يعود الجميع إلى محكمة الله ، والأسمى من ذلك أن المؤمنين يمضون في تكاملهم نحو ذات الله المقدسة إلى ما لا نهاية

والآية الأخرى تجسد حالة المجرمين يوم القيامة( يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ) .

«يبلس» مأخوذ من مادة «إبلاس» وتعني في الأصل الغم والحزن المترتبان على أثر شدة اليأس والقنوط.

وبديهي أنّه إذا يئس الإنسان من شيء غير ضروري ، فهذا اليأس غير مهم ، لكن الحزن والغم يكشف في هذه الموارد عن أمور ضرورية مأيوس منها ، لذلك يرى بعض المفسّرين أنّ «الضرورة» جزء من «الإبلاس» وإنّما سمّي «إبليس» بهذا الاسم ، فلأنّه أبلس من رحمة الله واستولى عليه الهم.

وعلى كل حال فيحق للمجرمين أى ييأسوا ويبلسوا في ذلك اليوم ، إذ ليس لديهم إيمان وعمل صالح فيشفع لهم في عرصات المحشر ، ولا صديق حميم ، ولا مجال للرجوع إلى الدنيا وتدارك ما مضى!.

لذلك يضيف القرآن في الآية التالية قائلا :( وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ ) .

فتلك الأصنام والمعبودات المصنوعة التي كانوا يتذرعون بها عند ما يسألون : من تعبدون؟ فيقولون :( هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ ) (٢) ، سيتّضح لهم جيدا حينئذ أنّه لا قيمة لها ولا تنفعهم أبدا فلذلك يكفرون بهذا المعبودات من دون الله

__________________

(١) سورة يس ، ٧٩ ـ ٨١.

(٢) سورة يونس ، الآية ١٨.

٤٨٣

ويبرأون منها( وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ ) .

ولم لا يكفرون بهذه الأصنام؟ وهم يرونها ساكنة عن الدفاع عنهم بل كما يعبّر القرآن تقوم بتكذيبهم وتقول : يا رب( ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ ) (١) بل كانوا يعبدون هوى أنفسهم؟!

وأكثر من هذا ، فقد عبر القرآن عن هذا المعبودات في الآية (٦) من سورة الأحقاف أنّها ستكون معادية لهم وكافرة بهم( وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ ) .

ثمّ يشير القرآن إلى الجماعات المختلفة من الناس في يوم القيامة ، فيقول :( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) .

كلمة «يحبرون» مأخوذة من مادة «حبر» على زنة «قشر» ومعناها الأثر الرائق الرائع ، كما يطلق هذا التعبير على حالة السرور والفرح التي يظهر أثرها على الوجه أيضا ، وحيث أن قلوب أهل الجنّة في غاية السرور والفرح بحيث أن آثارها تظهر في وجودهم قاطبة ، فقد استعمل هذا التعبير لهذه الحالة أيضا.

و «الروضة» معناها المكان الذي تكثر فيه الأشجار والماء ، ولذلك تطلق هذه الكلمة على البساتين النضرة بأشجارها واخضرارها وقد جاءت هذه الكلمة هنا بصيغة التنكير لغرض التعظيم والمبالغة ، أي إنّهم في أفضل الجنان وأعلاها التي تبعث السرور ، فهم منعمون ، بل غارقون في نعيم الجنّة.

( وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ ) .

الطريف هنا أنّه في شأن أهل الجنّة استعملت كلمة «يحبرون» وتدلّ على منتهى الرضا من جميع الجوانب لدى أهل الجنّة ولكن استعملت كلمة «محضرون» في أهل النّار ، وهي دليل على منتهى الكراهة وعدم الرضا لما

__________________

(١) سورة القصص ، الآية ٦٣.

٤٨٤

يتلقونه ويستقبلونه ، لأنّ الإحضار يطلق في موارد تكون على خلاف الرغبات الباطنيّة للإنسان.

اللطيفة الأخرى أن أهل الجنّة ذكروا بقيد الإيمان والعمل الصالح ، ولكن أهل النّار اكتفي من ذكرهم بعدم الإيمان «إنكار المبدأ والمعاد». وهي إشارة أن ورود الجنّة ـ لا بد له من الإيمان والعمل الصالح ـ فلا يكفي الإيمان وحده ، ولكن يكفي لدخول النّار عدم الإيمان ـ وإن لم يصدر من ذلك «الكافر» ذنب ـ لأنّ الكفر نفسه أعظم ذنب!.

* * *

ملاحظة

لم كان أحد أسماء القيامة «الساعة»؟!

ينبغي الالتفات إلى هذه المسألة الدقيقة وهي أنّه في كثير من آيات القرآن ، ومن ضمنها الآيتان من الآيات محل البحث ، عبر عن قيام «القيامة» بقيام «الساعة» وذلك لأنّ «الساعة» في الأصل جزء من الزمان ، أو لحظات عابرة ، وحيث أنّه من جهة تكون القيامة بصورة مفاجئة وكالبرق الخاطف ، ومن جهة أخرى بمقتضى أن الله سريع الحساب فإنه ينهي حساب عباده بسرعة ، فقد استعمل هذا التعبير في شأن يوم القيامة ليفكر الناس بيوم القيامة ويكونوا على «أهبة الاستعداد».

يقول «ابن منظور» في «لسان العرب» اسم للوقت الذي تصعق فيه العباد والوقت الذي يبعثون فيه وتقوم فيه القيامة ، سمّيت ساعة لأنّها تفاجئ الناس في ساعة فيموت الخلق كلّهم عند الصيحة الاولى التي ذكرها اللهعزوجل فقال :( إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ ) (١) وأشار إلى الثّانية بقوله :( إِنْ

__________________

(١) سورة يس ، الآية ٢٩ ـ وما بعدها

٤٨٥

كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ) (١) .

وينقل «الزبيدي» في «تاج العروس» عن بعضهم أن الساعة ثلاث «ساعات»:

فساعة كبرى : وهي يوم القيامة ، وإحياء الموتى للحساب.

وساعة وسطى : وهي يوم الموت الفجائي لأهل زمان واحد «بالعذاب والعقوبة الإلهية للاستيصال».

وساعة صغرى : وهي يوم الموت الطبيعي لكل إنسان.

* * *

__________________

(١) المصدر السابق.

٤٨٦

الآيات

( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩) )

التّفسير

التسبيح والحمد في جميع الأحوال لله!

بعد الأبحاث الكثيرة التي وردت في الآيات السابقة في شأن المبدأ والمعاد ، وقسم من ثواب المؤمنين ، وجزاء المشركين وعقابهم ففي الآيات محل البحث يذكر التسبيح والحمد والتقديس والتنزيه لله من جميع أنواع الشرك والنقص والعيب ، إذ تقول الآية :( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ) .

وعلى هذا فقد ورد في هاتين الآيتين ذكر لأربع أوقات لتسبيح الله :

١ ـ بداية الليل( حِينَ تُمْسُونَ ) .

٢ ـ وطلوع الفجر( حِينَ تُصْبِحُونَ ) .

٣ ـ وعصرا( عَشِيًّا ) .

٤٨٧

٤ ـ وعند الزوال ـ في الظهر ـ( حِينَ تُظْهِرُونَ ) (١) .

أمّا «الحمد» من حيث المكان فهو عام وشامل لجميع السماوات والأرض.

وذكر هذه الأوقات الأربعة في الآيات المتقدمة لعله كناية عن الدوام والاستمرار في التسبيح ، «أي كل وقت وكل زمان».

كما احتمل بعض المفسّرين أنّ المراد من هذه الأوقات الأربعة الإشارة إلى أوقات الصلاة ، إلّا أنّهم لم يجيبوا على هذا السؤال ، وهو : لم ذكر في القرآن أربعة أوقات بدلا من خمسة أوقات؟ «ولم يرد الكلام على صلاة العشاء»!

ولكن يمكن الجواب على هذا السؤال بأن وقت صلاة المغرب مقارب لوقت صلاة العشاء نسبيا ، والفاصلة بينهما حدود الساعة إلى الساعة والنصف ، فجاءت الصلاتان في مكان واحد ، غير أنّ الفاصلة بين الظهر والعصر أطول نسبيا ، حيث تطول أكثر من ساعتين.

لكننا لو أخذنا التسبيح والحمد بمفهومهما الوسيع في الآية ، لوجدنا أنّهما لا يتحدّدان بالصلوات الخمس ، وإن كانت هذه الصلوات من مصاديقهما الواضحة.

وينبغي أن نذكر هذه المسألة «اللطيفة» وهي : إن كلا من جملتي( فَسُبْحانَ اللهِ ) و( لَهُ الْحَمْدُ ) يمكن أن تكونا إنشاء لتسبيح الله وحمده من قبل الله سبحانه ، كما قال في الآية (١٤) من سورة المؤمنون( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) .

ويمكن أن يكون هذا الحمد والتسبيح بمعنى الأمر ، أي «سبّحوه واحمدوا له».

وهذا التّفسير يبدو أقرب للنظر ، إذ الآيات المتقدمة هي بمثابة دستور لجميع العباد لمحو آثار الشرك والذنب من الروح والقلب كل صباح ومساء وكل ظهر وعصر ، فسبحوا الله واحمدوا له في الصلاة وفي غير الصلاة.

ونقرأ حديثا عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه : «من قال حين يمسي ثلاث مرات

__________________

(١) يرجى ملاحظة أن «عشيا» و «حين تظهرون» قد عطفتا على «حين تمسون» ويرجع الجميع للتسبيح

٤٨٨

فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون (الآيات الثلاث إلى تخرجون) أدرك ما فاته في يومه ، وإن قالها حين يمسي أدرك ما فاته ليلته»(١) .

وفي الآية التالية عودة إلى المعاد ، ويرد القرآن المنكرين له عن طريق آخر ، فيقول :( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ ) .

أي إنّ ميدان «المعاد» وميدان «نهاية الدنيا» المتمثّل أحدهما بخروج «الحي من الميت» والآخر «خروج الميت من الحي» يتكرران أمام أعينكم ، فلا مجال للتعجب من أن تحيا الكائنات جميعا ، ويعود الناس في يوم القيامة إلى الحياة مرّة أخرى!

أمّا التعبير بـ «يخرج الحي من الميت» المستعمل للأراضي الموات ، فقد ذكره القرآن مرارا في مسألة المعاد وواضح أنّ الأرض تبدوا ميتة في فصل الشتاء ، فلا خضرة ولا أزهار تضحك ولا براعم تتفتح ، ولكن في فصل الربيع مع سقوط الغيث واعتدال الهواء ، تدبّ الحركة في الأرض ، وتنمو الخضرة في كل مكان ، وتتبسّم الأزهار وتنمو البراعم على الأغصان وهذا ميدان المعاد الذي نراه في هذه الدنيا.

وأمّا مسألة «إخراج الميت من الحيّ» فهي ليست شيئا خافيا ولا مستترا ، فدائما تموت الأشجار على الأرض وتتبدل إلى أخشاب ، ويفقد الإنسان والحيوان حياتهما ، ويتبدل كل منهما إلى جسد هامد لا روح فيه.

وأمّا ما يتعلق بـ «إخراج الحيّ من الميت» ففسّره بعضهم بخروج الإنسان والحيوان من النطفة ، وقال بعضهم : بل المراد منه تولد المؤمن من الكافر ، وقال بعضهم : المراد منه تيقظ النائمين والراقدين.

والظاهر أنّه ليس أيّا من هذه المعاني هو المعنى الأصلي ، لأنّ النطفة بنفسها

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ١٧٢.

٤٨٩

موجود حي ، ومسألة «الكفر والإيمان» هي من بطون الآية ، لا من ظواهر الآية ، وأمّا موضوع التيقظ والنوم فهو أمر مجازي ، إذ ليس النوم والتيقظ موتا وحياة حقيقيين.

إنّما ظاهر الآية هو أنّ الله يخرج الموجودات الحية دائما من الموجودات الميتة ، ويبدل الموجودات الهامدة التي لا روح فيها إلى موجودات حيّة.

وبالرغم من أنّه من المسلّم به ـ في العصر الحاضر على الأقل ـ أنّه لم ير في المختبرات والمشاهدات اليوميّة أن موجودا حيّا يتولد من موجود ميّت ، بل تتولد الموجودات الحية دائما من البيوض أو البذور أو نطف الموجودات الحية الأخرى ، غير أن الثابت علميا والمسلّم به أنّه كانت الأرض في البداية قطعة ملتهبة من النّار ، ولم يوجد عليها أي موجود حي ، ثمّ وفقا لظروف خاصة لم يكتشفها العلم ـ حتى الآن ـ بصورة دقيقة ، تولدت الموجودات الحية من مواد لا روح فيها بقفزة كبيرة لكن هذا الموضوع وفي الظروف الفعلية للكرة الأرضية.

وحيث أنّ العلم البشري لم يتوصل إليه ، فلم يشاهد هذا الموضوع (وبالطبع يحتمل أن تتحقق هذه القفزة الكبرى في أعماق البحار والمحيطات في بعض الظروف الحالية).

لكن الذي نلمسه وندركه ، هو أنّ الموجودات الميتة دائما تكون جزءا من الموجودات الحية وتكسى ثوب الحياة! فالماء والطعام اللذان نتناولهما ليسا من الموجودات الحية ، لكنّهما حين يكونان في البدن ويصيران جزءا منه يتحولان إلى موجود حيّ وتضاف كريات جديدة وخلايا جديدة إلى كريات البدن وخلاياه ، كما يتبدل الطفل الرضيع عن هذا الطريق إلى شاب قوي متين.

أليس هذا إخراج الحياة من قلب الموت ، أو «الحي من الميت»؟!

فعلى هذا يمكن القول بأن في نظام الطبيعة دائما يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ، وبهذا الدليل فإنّ الله الذي خلق الطبيعة قادر على إحياء

٤٩٠

الموتى في العالم الآخر.

وبالطبع فإنّ الآية الآنفة من جهة البعد المعنوي لها تفاسير أخر منها تولد المؤمن من الكافر ، وتولد الكافر من المؤمن ، والعالم من الجاهل ، والجاهل من العالم ، والصالح من المفسد ، والمفسد من الصالح ، كما أشير إلى كل ذلك في الروايات الإسلامية أيضا.

ويمكن أن تكون هذه المعاني من بطون الآية ، لأنّنا نعرف أنّ آيات القرآن لها ظاهر وباطن ، كما يمكن أن يكون للموت والحياة معنى جامع واسع يشمل الجانب المادي والجانب المعنوي.

هذا وقد جاء في رواية عن الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام في تفسير الآية( يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) ما يلي : «ليس يحييها بالقطر ، ولكن يبعث الله رجالا فيحيون العدل ، فتحيي الأرض لإحياء العدل ولإقامة العدل فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا»(١) .

وواضح أنّ مراد الإمامعليه‌السلام أن معنى الآية لا ينحصر بنزول الغيث ، ولا ينبغي تفسير الآية بالغيث فحسب ، لأنّ الإحياء المعنوي للأرض بالعدل أهم من إحيائها بالغيث عند نزوله.

* * *

__________________

(١) نقلا عن كتاب الكافي وطبقا لتفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ١٧٣.

٤٩١

الآيات

( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢) )

التّفسير

آيات الله في الآفاق وفي الأنفس :

تحدثت هذه الآيات ـ وبعض الآيات الأخر التي تليها ـ عن طرائف ولطائف من دلائل التوحيد ، وآيات الله وآثاره في نظام عالم الوجود ، وهي تكمل البحوث السابقة ، ويمكن القول بأن القسم المهم بشكل عام من آيات التوحيد في القرآن تمثله هذه الآيات!

هذه الآيات التي تبدأ جميعها بقوله تعالى :( وَمِنْ آياتِهِ ) ولها وقع خاص ولحن بليغ جاذب وتعبيرات مؤثرة وعميقة ، مجموعة من سبع آيات ، ست منها متتابعات ، وواحدة منفصلة «وهي الآية السادسة والأربعون».

٤٩٢

هذه الآيات مقسمة تقسيما طريفا من حيث «آيات الآفاق» و «آيات الأنفس» إذ تتحدث ثلاث منها عن آيات الأنفس (دلائل الخالق في وجود الإنسان نفسه) وثلاث منها عن آيات الآفاق (دلائل الخالق خارج وجود الإنسان) وواحدة من هذه الآيات تتحدث عن الآيات في الأنفس وفي الآفاق معا.

وممّا ينبغي الالتفات إليه أنّ الآيات التي تبدأ بهذه العبارة :( وَمِنْ آياتِهِ ) مجموعها إحدى عشرة آية فحسب ، في سائر سور القرآن ، سبع منها في هذه السورة ، واثنتان في سورة فصلت هما «الآية ٣٧ والآية ٣٩» وآيتان أخريان في سورة الشورى هما الآية ٢٩ والآية ٣٢ ـ ومجموعها كما ذكرنا آنفا إحدى عشرة لا غير. وهي تشكل دورة متكاملة في التوحيد.

ويجدر التنبيه ـ قبل الدخول إلى تفسير هذه الآيات ـ على هذه «اللطيفة» وهي أن ما أشار إليه القرآن في هذه الآيات ، وإن كانت تبدو للنظر محسوسة وملموسة ، يمكن أن يدركها عامّة الناس ، إلّا أنّه مع تطور العلم وتقدمه تبدو للبشر لطائف جديدة في هذا المجال ، وتتّضح للعلماء أمور ذات أهمية كبرى ، وسنشير إلى قسم منها خلال تفسيرنا لهذه الآيات إن شاء الله.

ويتحدث القرآن هنا أوّلا عن خلقة الإنسان التي تعد أوّل موهبة إلهية له ، وأهمهما أيضا ، فيقول :( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ) !

في هذه الآية إشارة دليلين من أدلة عظمة الله.

الأوّل : خلق الإنسان من التراب ، وربّما كان إشارة إلى الخلق الأوّل للإنسان ، أي آدمعليه‌السلام ، أو خلق جميع الناس من التراب ، لأنّ المواد الغذائية التي تشكل وجود الإنسان ، جميعها من التراب بشكل مباشرة أو غير مباشر!

الثّاني : كثرة النسل «الآدمي» وانتشار أبناء «آدم» على سطح المعمورة ، فلو

٤٩٣

لم تخلق خصوصية التناسل في آدم ، لانطوى نسله من الوجود بسرعة!.

ترى أين التراب وأين الإنسان بهذا الهندام والرشاقة؟!

فلو وضعنا خلايا وأستار العين التي هي أدق من ورق الزهور وألطف وأكثر حساسية ، وكذلك الخلايا الدقيقة للدماغ والمخ إلى جانب التراب وقارناهما بالقياس إلى بعضهما البعض ، نعرف حينئذ كم لخالق العالم من قدرة عجيبة ، بحيث أوجد من مادة كدرة سوداء لا قيمة لها هذه الأجهزة الظريفة والدقيقة القيّمة.

فالتراب ليس فيه نور ، ولا حرارة ، ولا جمال ، ولا طراوة ، ولا حس ، ولا حركة ومع ذلك فقد أضحى عجينة الإنسان ولها جميع هذه الصفات ، فالذي أوجد من هذا الموجود الميت التافه موجودا حيّا عجيبا ، لحقيق بكل حمد وثناء على هذه القدرة الباهرة والعلم المطلق( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) .

والآية محل البحث تبيّن ضمنا هذه الحقيقة ، وهي أنّه لا تفاوت بين بني الإنسان ، ويعود جذرهم إلى شيء واحد ، وأصل واحدة وهو التراب وبالطبع فنهايتهم إلى ذلك التراب أيضا.

وممّا ينبغي الالتفات إليه ، أن كلمة «إذا» تستعمل في لغة العرب في الموارد الفجائية ولعل هذا التعبير هنا إشارة إلى أنّ الله له القدرة البالغة على أن يخلق مثل آدم أعدادا هائلة بحيث ينتشر نسلها في فترة قصيرة ـ فجأة ـ ويملأ سطح الأرض ويكون مجتمعا إنسانيّا كاملا.

والآية الثّانية من الآيات محل البحث تتحدث أيضا عن قسم آخر من الآيات في الأنفس ، التي تمثل مرحلة ما بعد خلق الإنسان ، فتقول :( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها ) . أي من جنسكم والغاية هي السكينة الروحية والهدوء النفسي

وحيث أن استمرار العلاقة بين الزوجين خاصة ، وبين جميع الناس عامة ،

٤٩٤

يحتاج إلى جذب قلبي وروحاني ، فإنّ الآية تعقب على ذلك مضيفة( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) .

ولمزيد التأكيد تختتم الآية بالقول :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) .

الطريف هنا أن القرآن ـ في هذه الآية ـ جعل الهدف من الزواج الاطمئنان والسكن ، وأبان مسائل كثيرة في تعبير غزير المعنى «لتسكنوا» كما ورد نظير هذا التعبير في سورة الأعراف الآية ١٨٩.

والحقّ أن وجود الأزواج مع هذه الخصائص للناس التي تعتبر أساس الاطمئنان في الحياة ، هو أحد مواهب الله العظيمة.

وهذا السكن أو الاطمئنان ينشأ من أن هذين الجنسين يكمل بعضهما بعضا ، وكل منهما أساس النشاط والنماء لصاحبه ، بحيث يعد كل منهما ناقصا بغير صاحبه ، فمن الطبيعي أن تكون بين الزوجين مثل هذه الجاذبيّة القوية.

ومن هنا يمكن الاستنتاج بأنّ الذين يهملون هذه السنة الإلهية وجودهم ناقص ، لأنّ مرحلة تكاملية منهم متوقفة ، (إلّا أن توجب الظروف الخاصة والضرورة في بقائهم عزّابا).

وعلى كل حال ، فإنّ هذا الاطمئنان أو السكن يكون من عدّة جهات «جسميا وروحيّا وفرديا واجتماعيّا».

ولا يمكن إنكار الأمراض التي تصيب الجسم في حالة عدم الزواج ، وكذلك عدم التعادل الروحي والاضطراب النفسي عند غير المتزوجين.

ثمّ أنّ الأفراد العزّاب لا يحسّون بالمسؤولية ـ من الناحية الاجتماعية ـ كثيرا ولذلك فإن الانتحار تزداد بين أمثال هؤلاء أكثر كما تصدر منهم جرائم مهولة أكثر من سواهم أيضا.

وحين يخطو الإنسان من مرحلة العزوبة الى مرحلة الحياة الأسرية يجد في نفسه شخصية جديدة ، ويحس بالمسؤولية أكثر ، ، وهذا السكن والاطمئنان في

٤٩٥

ظل الزواج.

وأمّا مسألة «المودة والرحمة» فهما في الحقيقة «ملاط» البناء في المجتمع الإنساني ، لأنّ المجتمع يتكون من افراد متفرقين كما أن البناء العظيم يتألف من عدد من الطابوق و «الآجر» أو الأحجار. فلو أن هؤلاء الأفراد المتفرقين اجتمعوا ، أو أن تلك الأجزاء المتناثرة وصلت بعضها ببعض ، لنشأ من ذلك المجتمع أو البناء حينئذ.

فالذي خلق الإنسان للحياة الاجتماعية جعل في قلبه وروحه هذه الرابطة الضرورية.

والفرق بين «المودة» و «الرحمة» قد يعود إلى الجهات التالية :

١ ـ المودة هي الباعثة على الارتباط في بداية الأمر بين الزوجين ، ولكن في النهاية ، وحين يضعف أحد الزوجين فلا يكون قادرا على الخدمة ، تأخذ الرحمة مكان المودة وتحلّ محلها.

٢ ـ المودة تكون بين الكبار الذين يمكن تقديم الخدمة لهم ، أمّا الأطفال والصبيان الصغار ، فإنهم يتربون في ظلّ الرحمة.

٣ ـ المودّة ، غالبا ما يكون فيها «تقابل بين الطرفين» ، فهي بمثابة الفعل ورد الفعل ، غير أنّ الرحمة من جانب واحد لديه إيثار وعطف ، لأنّه قد لا يحتاج إلى الخدمات المتقابلة أحيانا ، فأساس بقاء المجتمع هو «المودة» ولكن قد يحتاج إلى الخدمات بلا عوض ، فهو الإيثار والرحمة.

وبالطبع فإنّ الآية تبيّن المودة والرحمة بين الزوجين ، ولكن يحتمل أن يكون التعبير «بينكم» إشارة إلى جميع الناس والزوجان مصداق بارز من مصاديق هذا التعبير ، لأنّه ليست الحياة العائلية وحدها لا تستقيم إلّا بهذين الأصلين (المودّة والرحمة) بل جميع المجتمع الإنساني قائم على هذين الأصلين وزوالهما من المجتمع ـ وحتى نقصانهما يؤدي الى أنواع الارباك والشقاء

٤٩٦

والاضطراب الاجتماعي.

أمّا آخر آية ـ من هذه الآيات محل البحث ـ فهي مزيج من آيات الآفاق وآيات الأنفس ، فتبدأ بالإشارة إلى خلق السماء والأرض ، فتقول :( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) .

السماوات بجميع ما فيها من كرات ، وبجميع ما فيها من منظومات ومجرّات ، السماوات التي مهما حلّق فيها الفكر عجز عن إدراك عظمتها ومطالعتها وكلّما تقدم علم الإنسان تتجلى له نقاط جديدة من عظمتها.

كان الإنسان يرى الكواكب في السماء بهذا العدد الذي تراه العين (وقد أحصى العلماء الكواكب التي ترى بالعين المجرّدة ، فوجدوها تتراوح بين خمسة آلاف إلى ستة آلاف كوكب).

ولكن كلما تقدم العلم في صناعة المجهر والتلسكوب ، فإنّ عظمة وكثرة الكواكب تزداد أكثر إلى درجة بلغ الإعتقاد اليوم أن مجرتنا لوحدها من بين مجاميع المجرات في السماء تحتوي على أكثر من مائة مليون كوكب وتعد الشمس على عظمتها المذهلة واحدة من النجوم المتوسطة ، ولا يعلم عدد المجرات ولا يحصيها إلّا الله ، إذ هو وحده يعلم كم من كوكب ونجمة في هذا المجرات!

وكذلك كلما تقدم العلم الطبيعي والجيولوجيا ، وعلم النبات والعلوم البيلوجية «والحيوانية» وعلم التشريح والفيزياء ، والعلوم النفسية وغيرها ، فستتضح عجائب في خلق الأرض كانت خافية ، كل واحدة تعدّ آية من آيات الله.

ثمّ ينتقل القرآن إلى آية من آيات الأنفس الكبيرة فيقول :( وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ ) .

وبلا شك فإنّ الحياة الاجتماعية للبشر ، لا تقوم بغير معرفة وتشخيص الأفراد والأشخاص ، إذ لو كان الناس جميعا في يوم ما على صورة واحدة ولباس

٤٩٧

واحد ، فإن أسلوب حياتهم يضطرب في ذلك اليوم ، إذ لا يعرف الأب والابن والزوج من الغرباء ، ولا يميز المجرم من البريء ، ولا الدائن من المدين ، ولا الآمر من المأمور ، ولا الرئيس من المرؤوس ، ولا الضيف من المضيف ولا العدوّ من الصديق ، وأي ارباك عجيب كان سيحدث لو كانوا على هذه الشاكلة!.

وعلى سبيل الاتفاق قد تحدث هذه المسألة بين الإخوة التوائم ، أو الشقيقين التوأمين المتشابهين من جميع الوجوه ، وكم تحدث من المشاكل بين الناس وبينهم ، وقد سمعنا ذات مرّة أن امرأة كان لديها توأمان متشابهان تماما ، وكان أحدهما مريضا ، فأعطت الدواء لمعافى دون السقيم!!.

لذلك خلق الله الأصوات والألون لتنظيم المجتمع البشري ، على حد تعبير «الرازي» في تفسيره في ذيل الآية محل البحث : إن معرفة الإنسان للإنسان تحصل إمّا عن طريق العين أو الأذن ، فخلق الله الألوان والصور والأشكال المختلفة لتعرفها العين وتشخصها ، وأوجد اختلاف الأصوات لتشخصها الأذن ، حتى أنّه لا يمكن العثور في جميع العالم على إنسانين متشابهين في الوجه والصوت معا ، أي إن وجه الإنسان الذي هو عضو صغير ، وصوته الذي هو موضوع بسيط ، بقدرة الله جاءا على مليارات الأشكال والأصوات المختلفة ، وما ذلك الاختلاف إلّا من آيات عظمة الله.

كما يحتمل أن المراد باختلاف الألسنة كما أشار إليه كبار المفسّرين هو اختلاف اللغات ، من قبيل العربية والفارسية واللغات الأخرى.

ولكن يمكن أن يستفاد من كلمة «اختلاف» معنى واسع بحيث يشمل هذا التّفسير وما قبله ، وأي تفسير آخر ، فهذا التنوع في الخلقة شاهد على عظمة الخالق وقدرته.

يقول «فريد وجدي» في دائرة معارفه ، نقلا عن قول «نيوتن» العالم الغربي المعروف (لا تشكوا في الخالق ، فإنه ممّا لا يعقل أن تكون الضرورة وحدها هي

٤٩٨

قائدة الوجود ، لأنّ ضرورة عمياء متجانسة في كل مكان وفي كل زمان لا يتصور أن يصدر منها هذا التنوع في الكائنات ، ولا هذا الوجود كله بما فيه من ترتيب أجزائه وتناسبها ، مع تغيرات الأزمنة والأمكنة ، بل إن كل هذا لا يعقل أن يصدر إلّا من كائن أزلي له حكمة وإرادة)(١) .

ويقول القرآن في نهاية الآية الآنفة الذكر( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ ) .

فالعلماء يعرفون هذه الأسرار قبل كل أحد.

* * *

__________________

(١) دائرة المعارف ، محمّد فريد وجدي ، ج ١ ص ٤٩٦ (مادة اله).

٤٩٩

الآيات

( وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣) وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥) )

التّفسير

آيات عظمته ـ مرّة أخرى :

تعقيبا على الأبحاث السابقة حول آيات الله في الآفاق وفي الأنفس ، تتحدث هذه الآيات ـ محل البحث ـ حول قسم آخر من هذه الآيات العظيمة.

فتتحدث في البداية عن ظاهرة «النوم» على أنّها ظاهرة مهمة من ظواهر الخلق ومثل بارز من نظام الحكيم الخالق ، فتقول :( وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) .

وتختتم الآية بإثارة العبرة بالقول :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ) .

وهذه الحقيقة غير خافية على أحد ، هي أن جميع «الموجودات الحية»

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592