الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 180813 / تحميل: 6357
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

أترى هذا الخلق كلّه من الناس؟ فقال: « ألق منهم التارك للسواك، والمتربع في موضع(٣) الضيق » الخبر.

ورواه الصدوق في الخصال: عن أبيه وابن الوليد معاً، عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس، عن (محمد بن يحيى بن عمران الأشعري)(٤) ، عن جعفر بن محمد بن عبيد(٥) الله، عن أبي يحيى الواسطي: مثله(٦) .

[٩٨٠٠] ٥ - القطب الكيدري محمد بن الحسين، في شرح نهج البلاغة: عند قولهعليه‌السلام في الخطبة المقمصة(١) : « حتى وطئ الحسنان » روي أبو عمر ومحمد بن عبد الواحد غلام ثعلب(٢) عن رجاله، في قوله عليعليه‌السلام : « وطئ الحسنان » إنّهما الإبهامان، وأنشد للشنّفري: مهضومة الكشحين درماء(٣) الحسن.

[٩٨٠١] ٦ - وروي أن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إنّما كان يومئذٍ جالساً

__________________

(٣) وفيه: الموضع.

(٤) في المخطوط: « أحمد بن محمد بن عيسى » وما أثبتناه من المصدر، وهو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ١٥ ص ٤٩ ».

(٥) كان في المخطوط: عبد، وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال « راجع معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٠٠ و ١١٣ ».

(٦) الخصال ص ٤٠٩ ح ٩.

٥ - شرح نهج البلاغة للقطب الكيدري

(١) وهي الخطبة الشقشقية المعروفة.

(٢) كان في المخطوط: تغلب، والصواب أثبتناه من معاجم الرجال « راجع لسان الميزان ج ٥ ص ٢٦٨ ».

(٣) در ماء: من صفات الجمال للمرأة، وهو السمن في حسن قوام (لسان العرب ج ١٢ ص ١٩٧).

٦ - شرح نهج البلاغة للقطب الكيدري.

٤٠١

محتبياً، وهي جلسة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ المسمّاة القرفصاء وهي جمع الركبتين، وجمع العطف وهو الذيل، واجتمعوا ليبايعوه، وزاحموه حتى وطؤوا ذيله وإبهامه من تحته الخ.

٦٣ -( باب استحباب جلوس الإنسان دون مجلسه تواضعاً، والجلوس على الأرض، وفي أدنى المجلس إليه إذا جلس)

[٩٨٠٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إنّ من التواضع، أن يرضى الرجل بالمجلس دون شرف المجلس ».

[٩٨٠٣] ٢ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً من المحاسن وغيره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام [ قال ](١) : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، إذا دخل منزلاً، قعد في أدنى المجلس [ إليه ](٢) حين يدخل ».

[٩٨٠٤] ٣ - وعنهعليه‌السلام قال: « من رضي بدون الشرف من المجلس، لم يزل يصلّي الله عزّوجلّ وملائكته عليه حتى يقوم ».

[٩٨٠٥] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ،

__________________

الباب ٦٣

١ - الجعفريات ص ١٤٩.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٤.

٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٥.

٤٠٢

قال: « إذا جلستم إلى المعلّم، أو جلستم في مجالس العلم، فأدنوا وليجلس بعضكم خلف بعض، ولا تجلسوا متفرّقين كما يجلس أهل الجاهلية ».

[٩٨٠٦] ٥ - وعنهعليه‌السلام قال: « لكلّ شئ حيلة، وحيلة الإخوان النقل، لا ينبغي للمؤمن أن يجلس إلّا حيث ينتهي به الجلوس، فإنّ تخطّي(١) أعناق الرجال سخافة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إذا أخذ القوم مجالسهم، فإن دعا رجل أخاه فأوسع له في مجلسه فليأته، فإنّما هي كرامة أكرمه بها أخوه، وإن لم يوسع له أحد، فلينظر أوسع مكان يجده فليجلس فيه ».

[٩٨٠٧] ٦ - أبو علي ابن الشيخ الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن محمد بن همام، عن علي بن الحسين الهمداني، عن محمد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة القمي، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا ينبغي للمؤمن أن يجلس إلّا حيث ينتهي به الجلوس فإنّ تخطّي أعناق الرجال سخافة ».

[٩٨٠٨] ٧ - الصدوق في العيون: عن الحسن بن عبد الله العسكري، عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفرعليه‌السلام ، عن علي بن موسى، عن آبائه، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، عن خاله هند بن أبي هالة،

__________________

٥ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٥.

(١) في نسخة: خطو (منه قدّه).

٦ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٣١٠.

٧ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٣١٨ ح ١.

٤٠٣

قال: « سألته عن مجلسه » - أي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - فقال: كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لا يجلس ولا يقوم إلّا على ذكره تعالى، ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك الخبر.

ورواه في معاني الأخبار(١) : عن محمد بن إبراهيم الطالقاني، عن القاسم بن بندار الحذاء، عن إبراهيم بن نصر، عن مالك بن إسماعيل، عن جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي(٢) ، قال: حدثني رجل بمكّة، عن ابن أبي هالة(٣) ، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، ورواه فيه، وفي العيون وغيره، بطرق أخرى.

[٩٨٠٩] ٨ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن جماعة، عن أبي المفضّل، عن رجاء بن يحيى، عن محمد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبد الله، عن [ أبي ](١) حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن أبي ذر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إنّي ألبس الغليظ، وأجلس على الأرض، (وألعق أصابعي)(٢) ، وأركب الحمار بغير سرج، وأردف خلفي، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ».

__________________

(١) معاني الأخبار ص ٨٢.

(٢) كان في المخطوط: « جميع بن عمير، عن عبد الرحمن العجلي » وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال « راجع تهذيب التهذيب ج ٢ ص ١١١ ».

(٣) جاء في هامش المخطوط ما نصّه: « كذا والظاهر من ولد أبي هاله كما يظهر في سند أخر لهذا الحديث في العيون » (منه قدّه).

٨ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٤٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٤٠٤

[٩٨١٠] ٩ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في مجموع الغرائب: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا دخلت منزل أخيك، فاقبل الكرامة كلّها إلّا الجلوس في الصدر ».

٦٤ -( باب استحباب استقبال القبلة في كلّ مجلس)

[٩٨١١] ١ - الشيخ جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إنّ لكلّ شئ شرفاً، وأن أشرف المجالس ما أستقبل به القبلة ».

[٩٨١٢] ٢ - سبط الطبرسي في المشكاة: نقلاً عن المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أكثر ما يجلس تجاه القبلة ».

[٩٨١٣] ٣ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « من جلس مستقبل القبلة ساعة، كان له أجر الحجاج والعمّار ».

٦٥ -( باب جواز الاحتباء، ولو في ثوب واحد يستر العورة)

[٩٨١٤] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وعن سعد الأسكاف، عن أبي جعفر

__________________

٩ - مجموع الغرائب:

الباب ٦٤

١ - الغايات ص ٨٧.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٤.

٣ - لبّ اللباب: مخطوط.

الباب ٦٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٠٤ ح ١٤٦.

٤٠٥

عليه‌السلام - في حديث شريف، في حلية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - إلى أن قال: « وإذا جلس لم يحلّ(١) حبوته حتى يقوم جليسه ».

[٩٨١٥] ٢ - وعن زيد بن أرقم - في حديث طويل - في قصة غدير خم، قال: ثم مضى - أي حذيفة - حتى أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وعليعليه‌السلام إلى جانبه محتب بحمائل سيفه، الخبر(١) .

[٩٨١٦] ٣ - الشيخ المفيد في الإرشاد: في سياق مقتل أبي عبد اللهعليه‌السلام : فركب القوم(١) حتى زحفوا نحوهم بعد العصر، وحسينعليه‌السلام جالس أمام بيته، محتبياً(٢) بسيفه.

٦٦ -( باب استحباب المزاح والضحك، من غير إكثار ولا فحش)

[٩٨١٧] ١ - السيد أبو حامد محيي الدين ابن أخ ابن زهرة صاحب الغنية في

__________________

(١) في المصدر: يحلّل.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٩ ح ٨٩.

(١) جاء في هامش المخطوط ما نصّه: « من عادة العرب إذا جلس أحدهم متمكناً أن يحتبي بثوبه، فإذا أراد أن يقوم حلّ حبوته، يعني إذا جلس إليه رجل لم يقم من عنده حتى يكون الرجل هو الذي يبدأ بالقيام، البحار » (منه قدّه).

٣ - الإرشاد ص ٢٣٠.

(١) في المصدر: الناس.

(٢) في نسخة: محتبٍ، يحتبي (منه قدّه).

الباب ٦٦

١ - الأربعين لابن زهرة ص ٢٣ ح ٣٩.

٤٠٦

أربعينه: عن القاضي بهاء الدين شيخ الإسلام أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، عن القاضي فخر الدين أبي الرضا سعيد، عن الحافظ أبي بكر وجيه بن طاهر، عن أبي سعيد محمد بن عبد العزيز الصفّار، عن الشيخ أبي عبد الرحمان محمد بن بن الحسن السلمي، عن عبد العزيز بن جعفر بن محمد، عن محمد بن هارون بن بريّة، عن عيسى بن مهران، عن الحسن بن الحسين، قال: حدثنا الحسين بن زيد، قال: قلت لجعفر بن محمدعليهما‌السلام : جعلت فداك، هل كانت في النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ مداعبة؟ فقال: « لقد وصفه الله بخلق عظيم في المداعبة، وأن الله تعالى بعث أنبياءه فكانت فيهم كزازة(١) ، وبعث محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ بالرأفة والرحمة وكان من رأفته لأمته مداعبته لهم، لكيلا يبلغ بأحد منهم التعظيم حتى لا ينظر إليه.

ثم قال: حدثني أبي محمد، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليعليهم‌السلام ، قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، ليسر الرجل من أصحابه إذا رآه مغموما، بالمداعبة ».

[٩٨١٨] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « ما من مؤمن إلّا وفيه دعابة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يداعب ولا يقول إلّا حقّاً ».

[٩٨١٩] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن

__________________

(١) جاء في هامش المخطوط: « أي انقباض » منه قدّه.

٢ - الأخلاق، صدره في البحار ج ٧٦ ص ٦٠ ح ١٣ عن السرائر ص ٤٧٨.

٣ - الجعفريات ص ١٩١.

٤٠٧

محمد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أبصر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، امرأة عجوزاً درداء، فقال:صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أما أنه لا يدخل(١) الجنّة عجوز درداء، فبكت، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: يا رسول الله إنّي درداء، فضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، لا تدخلين على حالك هذه ».

[٩٨٢٠] ٤ - قال: ونظرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إلى امرأة رمصاء(١) العينين، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أما أنّه لا يدخل الجنّة رمصاء العينين، فبكت وقالت: يا رسول الله، فإنّي في النار؟ فقال: لا، ولكن لا تدخلين الجنّة على مثل صورتك هذه، ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لا يدخل الجنّة أعور ولا أعمى ».

[٩٨٢١] ٥ - محمد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يمزح ولا يقول إلّا حقاً.

قال أنس: مات نغير لأبي عمير - وهو ابن لأم سليم - فجعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يقول: « يا أبا عمير، ما فعل النغير(١) ؟! ».

__________________

(١) في المصدر: تدخل.

٤ - الجعفريات ص ١٩١.

(١) الرمص: وسخ يجتمع في موق العين، والأنثى: رمصاء (مجمع البحرين ص ٤ ح ١٧٢).

٥ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٧.

(١) النُّغَير: هو تصغير النُّغَر، وهو طائر يشبه العصفور احمر المنقار ويجمع على: نغران (النهاية ج ٥ ص ٨٦).

٤٠٨

[٩٨٢٢] ٦ - وقال رجل: أحملني يا رسول الله، فقال: « أنا حاملوك على ولد ناقة » فقال: ما أصنع بولد ناقة؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « وهل يلد الإبل إلّا النوق ».

واستدبرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ رجلاً من ورائه، وأخذ بعضده، وقال: « من يشتري هذا العبد؟ » يعني أنه عبد الله.

[٩٨٢٣] ٧ - وعن زيد بن أسلم: أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال لامرأة وذكرت زوجها: « أهذا الذي في عينيه بياض؟ » فقالت: لا ما بعينيه بياض، وحكت لزوجها، فقال: أما ترين بياض عيني أكثر من سوادها؟.

[٩٨٢٤] ٨ - ورأيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ جملاً وعليه حنطة فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « تمشي الهريسة ».

[٩٨٢٥] ٩ - وقالت عجوز من الأنصار للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أُدع لي بالجنة، فقال: « إن الجنّة لا يدخلها العجوز(١) » فبكت المرأة، فضحك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وقال: « أما سمعت قول الله تبارك وتعالى:( إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ) (٢) ».

[٩٨٢٦] ١٠ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ للعجوز الأشجعية: « يا

__________________

٦ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٧.

٧ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٨.

٨ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٨.

٩ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٨.

(١) في المصدر: العجز.

(٢) الواقعة ٥٦: ٣٥، ٣٦.

١٠ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٨.

٤٠٩

أشجعيّة، لا تدخل العجوز الجنّة » فرآها بلال باكية، فوصفها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « الأسود كذلك » فجلسا يبكيان، فرأهما العباس فذكرهما له فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « والشيخ كذلك » ثم دعاهم وطيّب قلوبهم، وقال: « ينشئهم الله كأحسن ما كانوا » وذكر أنّهم يدخلون الجنّة شباناً(١) منوّرين، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إنّ أهل الجنّة جرد مرد مكحّلون ».

[٩٨٢٧] ١١ - وجاء اعرابي فقال: يا رسول الله بلغنا أن المسيح - يعني الدجال - يأتي الناس بالثريد، وقد هلكوا جميعاً جوعاً، أفترى بأبي أنت وأمي أن أكفّ من ثريده تعفّفاً وتزهداً! فضحكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ثم قال: « بل يغنيك الله بما يغني به المؤمنين ».

[٩٨٢٨] ١٢ - وقبّل جدّ خالد القسري امرأة، فشكت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فأرسل إليه فاعترف، وقال: إن [ شئت أن ](١) تقصّ(٢) فلتقص(٣) ، فتبسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ وأصحابه، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أولا تعود؟ » فقال: لا والله يا رسول الله، فتجاوز عنه.

[٩٨٢٩] ١٣ - ورأيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ صهيباً يأكل تمراً، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ :

__________________

(١) في المصدر: شبابا.

١١ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٨.

١٢ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: تقتص.

(٣) في المصدر: فلتقتص.

١٣ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٩.

٤١٠

« أتأكل التمر وعينك رمدة؟ » فقال: يا رسول الله، إنّي أمضغه من هذا الجانب، وتشتكي عيني من هذا الجانب.

[٩٨٣٠] ١٤ - ونهىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أبا هريرة عن مزاح العرب، فسرق نعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، ورهن بالتمر، وجلس بحذائه يأكل، فقال: « يا أبا هريرة ما تأكل؟ » فقال: نعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ .

[٩٨٣١] ١٥ - وقال سويبط المهاجري لنعيمان البدري(١) : أطعمني، وكان على الزاد في سفر، فقال حتى تجئ الأصحاب، فمروا بقوم فقال سويبط: تشترون(٢) عبداً لي؟ قالوا: نعم، قال: إنه عبد له كلام، وهو قائل لكم إنّي حرّ، فإن سمعتم مقاله تفسدوا عليّ عبدي، فاشتروه بعشرة قلائص(٣) ، ثم جاؤوا فوضعوا في عنقه حبلاً، فقال نعيمان: هذا يستهزئ بكم وإني حرّ، فقالوا: قد عرفنا خبرك، وانطلقوا به حتى أدركهم القوم وخلّصوه، فضحك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ من ذلك حيناً.

[٩٨٣٢] ١٦ - ورأي نعيمان مع أعرابي عكّة عسل، فاشتراها منه وجاء بها

__________________

١٤ - المناقب ج ١ ص ١٤٩.

١٥ - المناقب ج ١ ص ١٤٩.

(١) جاء في هامش الطبعة الحجرية ما نصّه: « ونعيمان هذا هو الذي دلّ مخرمة بن نوفل الأعمى حتى بال في المسجد، ثم دلّه على عثمان فضربه، وكان مزَاحاً » (منه قدّه).

(٢) في المصدر زيادة: منّي.

(٣) القلوص: الناقة الشابة، والجمع: قلائص (مجمع البحرين ج ٤ ص ١٨١).

١٦ - المناقب ج ١ ص ١٤٩.

٤١١

إلى بيت عائشة في يومها فقال: خذوها فتوهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ (١) أنه أهداها له، ومر نعيمان، والأعرابي على الباب، فلمّا طال قعوده قال: يا هؤلاء ردّوها عليّ إن لم تحضروا قيمتها، فعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ القصة، فوزن له الثمن، وقال لنعيمان: « ما حملك على ما فعلت؟ » فقال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يحب العسل، ورأيت الاعرابي معه عكة فضحك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، ولم يظهر له نكراً.

[٩٨٣٣] ١٧ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن ابن عباس: أن رجلاً سأله: أكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يمزح؟ فقال: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يمزح.

[٩٨٣٤] ١٨ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، بإسناده إلى ابن أورمة، عن الحسن بن علي، عن الحسن بن جهم، عن الرضاعليه‌السلام ، قال: « كان عيسىعليه‌السلام يبكي ويضحك، وكان يحيىعليه‌السلام يبكي ولا يضحك، وكان الذي يفعل عيسىعليه‌السلام أفضل ».

[٩٨٣٥] ١٩ - مجموعة الشهيد: نقلاً من كتاب معاذ بن ثابت أبي الحسن الجوهري، عن عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « إياكم وكثرة المزاح، فإنّه يذهب بالبهاء عن الوجوه، ويذهب بالمروة ».

__________________

(١) استظهر المصنّف (قدّه): « فتوهمّت عائشة ».

١٧ - مكارم الأخلاق ص ٢١.

١٨ - قصص الأنبياء ص ٢٨٢.

١٩ - مجموعة الشهيد:

٤١٢

[٩٨٣٦] ٢٠ - عوالي اللآلي: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ما أنا من الدّد(١) ولا الدّد مني » ومع ذلك كان يمزح ولا يقول إلّا حقّاً، فلا يكون ذلك المزاح من الدد، لأن الحقّ ليس من الدد.

٦٧ -( باب كراهة القهقهة، واستحباب الدعاء بعدها بعدم المقت، واستحباب التبسم)

[٩٨٣٧] ١ - في الكافي والأمالي والنهج وكنز الكراجكي وغيرها: في حديث همام، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وإن ضحك لم يعل صوته ».

[٩٨٣٨] ٢ - الصدوق في العيون وغيره: في خبر شمائل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، بالأسانيد المتقدمة، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، عن خاله هند قال: « جلّ ضحكهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ التبسم، يفتر عن مثل حبة(١) الغمام ».

[٩٨٣٩] ٣ - وعن جعفر بن نعيم بن شاذان، عن أحمد بن إدريس، عن

__________________

٢٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٦٩ ح ١٢٤.

(١) جاء في هامش المخطوط ما نصّه: « الدّد: هو المزاح بالباطل » (منه قدّه).

الباب ٦٧

١ - الكافي ج ٢ ص ١٧٩ وأمالي الصدوق: ص ٤٦٠ ونهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٥ ح ١٨٨ وكنز الفوائد ص ٣٣.

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٣١٧.

(١) في المصدر: حبّ، وورد الحديث في مجمع البحرين ج ٢ ص ٣٣، والنهاية ج ١ ص ٣٢٦ وفيها: حبّ الغمام، تشبيه لثغرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ في بياضة وصفائه وبرده.

٣ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ ص ١٨٤ ح ٧، وعنه في البحار ج ٤٩ ص ٩٠ ح ٤.

٤١٣

إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن العباس، قال: ما رأيت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام جفا أحداً بكلامه - إلى أن قال - ولا رأيته يقهقه في ضحكه(١) ، بل كان ضحكه التبسم الخبر.

[٩٨٤٠] ٤ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن أنس بن مالك، قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، تبسّم حتى بدت نواجذه(١) .

[٩٨٤١] ٥ - محمد بن همام في التمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه، حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال - إلى أن قال - ضحكه تبسّماً » الخبر.

٦٨ -( باب كراهة الضحك من غير عجب)

[٩٨٤٢] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « إن من الجهل: النوم من غير سهر، والضحك من غير عجب ».

[٩٨٤٣] ٢ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا

__________________

(١) في المصدر زيادة: قطّ.

٤ - مكارم الأخلاق ص ٢١.

(١) النواجذ: الضواحك من الأسنان، وهي التي تبدو عند الضحك (مجمع البحرين ج ٢ ص ١٩٠).

٥ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

الباب ٦٨

١ - الجعفريات ص ٢٣٧.

٢ - الجعفريات ص ٢٣٥.

٤١٤

تبدين(١) عن واضحة، وقد عملت بالأعمال الفاضحة، ولا يأمنن البيات من عمل السيئات(٢) ».

[٩٨٤٤] ٣ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن الكاظمعليه‌السلام ، أنه قال لهشام بن الحكم: « إن الله عزّوجلّ يبغض الضحاك من غير عجب، والمشّاء إلى غير أرب » الخبر.

٦٩ -( باب كراهة كثرة المزاح والضحك)

[٩٨٤٥] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام لرجل: « أوصيك بتقوى الله، وإيّاك والمزاح فإنّه يذهب بالهيبة ».

[٩٨٤٦] ٢ - نهج البلاغة، والسيد علي بن طاووس في كشف المحجة، عن رسائل الكليني: بإسناده إلى جعفر بن عنبسة، عن عباد بن زياد الأسدي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال في وصيته لابنه الحسنعليه‌السلام : « المزاح يورث الضغائن - إلى أن قال - و إيّاك أن تكثر من الكلام هذراً، وأن تكون مضحكاً، وإن حكيت ذلك عن غيرك » الوصية.

__________________

(١) الظاهر « تتدبّر » (منه قدّه).

(٢) في المصدر: بالسيئات.

٣ - تحف العقول ص ٢٩٣.

الباب ٦٩

١ - الأخلاق، أخرجه في البحار ج ٧٣ ص ٦٠ ح ١٤ عن مستطرفات السرائر ص ٤٩١ باختلاف يسير.

٢ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٦٢ ح ٣١ باختلاف. وعنه في البحار ج ٧٧ ص ٢١٣،. وكشف المحجة ص ١٧٠ - ١٧١

٤١٥

[٩٨٤٧] ٣ - الشيخ في أماليه والصدوق في معاني الأخبار والخصال: في وصايا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إلى أبي ذرّ قال: قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف موسىعليه‌السلام ؟ قال: « كانت عبراً كلّها عجب لمن أيقن بالنار، ثم ضحك - إلى أن قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - إيّاك وكثرة الضحك، فإنّه يميت القلب، ويذهب [ بـ ](١) نور الوجه ».

[٩٨٤٨] ٤ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن عبيد الكندي، عن النوفلي، عن السكوني عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : الضحك هلاك ».

[٩٨٤٩] ٥ - الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبيد الله بن عبد الله، عن درست، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا تمزح فيذهب نورك » الخبر.

[٩٨٥٠] ٦ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الصادقعليه‌السلام ،

__________________

٣ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٤، معاني الأخبار ص ٣٣٥ باختلاف يسير، الخصال ص ٥٢٦ ح ١٣ باختلاف يسير.

(١) أثبتناه من الأمالي والمعاني والخصال.

٤ - البحار ج ٧٦ ص ٦١ ح ١٨ بل عن جامع الأحاديث ص ١٦.

٥ - بل أمالي الصدوق ص ٤٣٦، وعنه في البحار ج ٧٦ ص ٥٨ ح ٢ ولعل الشيخ المصنف قد اخرج الحديث من البحار، فسهى قلبه الشريف في نسبة الحديث إلى الخصال لتقارب رمزه « ل » مع رمز كتاب أمالي الصدوق « لي ».

٦ - الاختصاص ص ٢٣٠.

٤١٦

أنّه قال: « كثرة المزاح يذهب بماء الوجه، وكثرة الضحك يمحو الإيمان محواً ».

[٩٨٥١] ٧ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قول الله عزّوجلّ:( وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا ) (١) ما ذلك الكنز الذي أقام الخضر الجدار (لأجله)(٢) ؟ فقال: يا عليّ، علم مدفون في لوح من ذهب، مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم - إلى أن قال - عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك!؟ » الخبر.

[٩٨٥٢] ٨ - القطب الراوندي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال في حديث: « وأَقِلَّ الضحك، فإنّه يميت القلب ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « إيّاك والضحك، فإنّه هادم القلب ».

٧٠ -( باب استحباب التبسم في وجه المؤمن)

[٩٨٥٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واجتهد أن لا تلقى أخاً من إخوانك إلّا تبسمّت في وجهه، وضحكت معه في مرضاة الله، فإنّه يروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنّه قال: من ضحك في وجه

__________________

٧ - الجعفريات ص ٢٣٧.

(١) الكهف ١٨: ٨٢.

(٢) ليس في المخطوط، وقد استظهرها المصنف (قده) في الطبعة الحجرية.

٨ -

الباب ٧٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٤.

٤١٧

أخيه المؤمن تواضعاً لله عزّوجلّ، أدخله الجنّة ».

[٩٨٥٤] ٢ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً عن المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « تبسم المؤمن في وجه المؤمن حسنة ».

٧١ -( باب استحباب الصبر على أذى الجار وغيره)

[٩٨٥٥] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « ليس حسن الجوار أن تكفّ أذاك عن جارك، بل حسن الجوار أن تحتمل أذى جارك ».

[٩٨٥٦] ٢ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « ليس بمؤمن من خاف جاره غوائله(١) ، كائناً من(٢) كان الجار ».

[٩٨٥٧] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « حرمة الجار على الجار، كحرمة الأمهات على الأولاد ».

[٩٨٥٨] ٤ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « خير الجيران عند الله خيرهم لجاره، وخير الأصحاب عند الله خيرهم لأصحابه ».

__________________

٢ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

الباب ٧١

١ - الأخلاق: مخطوط، مشكاة الأنوار ص ٢١٣ باختلاف يسير.

٢ - الأخلاق: مخطوط، جامع الأحاديث ص ٨ باختلاف يسير.

(١) الغوائل: الأحقاد والمهالك والشر (مجمع البحرين ج ٥ ص ٤٣٧).

(٢) كذا في الطبعة الحجرية وفي المخطوط « ما ».

٣ - الأخلاق: مخطوط، جامع الأحاديث ص ٨ باختلاف في الألفاظ.

٤ - الأخلاق: مخطوط.

٤١٨

[٩٨٥٩] ٥ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « من أشراط الساعة: سوء الجوار، وقطيعة الرحم، وتعطيل الجهاد ».

[٩٨٦٠] ٦ - القطب الراوندي في دعواته: روي أنه جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وقال: أن فلاناً جاري يؤذيني، قال: « اصبر على أذاه، وكفّ أذاك عنه » فما لبث أن جاء وقال: يا نبي الله، إن جاري قد مات، فقال: « كفى بالدهر واعظاً، وكفى بالموت مفرّقاً ».

[٩٨٦١] ٧ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن زرارة عن، أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث، وربّما اجتمعت الثلاث عليه: إمّا أن يكون معه في الدار من يغلق عليه الباب يؤذيه، أو جار يؤذيه، أو شئ في طريقه وحوائجه يؤذيه، ولو أن مؤمناً على قلّة جبل ليبعث الله عليه شيطاناً، ويجعل له من إيمانه أنسا لا يستوحش إلى أحد ».

ورواه الحسين بن سعيد في كتاب ابتلاء المؤمن: عنهعليه‌السلام : مثله(١) .

[٩٨٦٢] ٨ - وعن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا أبا حمزة ما كان ولن يكون مؤمن، إلّا وله بلايا أربع: إما أن يكون له جار يؤذيه » الخبر.

__________________

٥ - الأخلاق: مخطوط.

٦ - دعوات الراوندي ص ١١٠.

٧ - التمحيص ص ٣٣٥ ح ٢٨.

(١) المؤمن ص ٢٣ ح ٢٩ باختلاف.

٨ - التمحيص ص ٣٢ ح ١٠.

٤١٩

[٩٨٦٣] ٩ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاث من أبواب البرّ: سخاء النفس، وطيب الكلام، والصبر على الأذى ».

[٩٨٦٤] ١٠ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إن [ من ](١) مكارم الأخلاق صدق الحديث - إلى أن قال - والتذمم للجار ».

٧٢ -( باب وجوب كفّ الأذى عن الجار)

[٩٨٦٥] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من كان يؤمن بالله فلا يؤذين جاره ».

[٩٨٦٦] ٢ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ليس يدخل الجنّة من يؤذي جاره، ومن لم يأمن جاره بوائقه ».

[٩٨٦٧] ٣ - أبو الفتح الكراجكي في كنزه: عن الفقيه أبي الحسن بن شاذان، عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن زياد، عن مفضّل بن عمر، عن

__________________

٩ - الجعفريات ص ٢٣١.

١٠ - الجعفريات ص ١٥١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٧٢

١ - الأخلاق: مخطوط، مشكاة الأنوار ص ٢١٤.

٢ - الأخلاق: مخطوط.

٣ - كنز الفوائد ص ٦٣.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

تحتاج إلى الراحة والدعة ، وذلك لتجديد قوتها وتهيئة الاستعداد اللازم لإدامة العمل والفعالية ، الراحة التي لا بدّ منها حتى لأولئك الأفراد الحريصين والجادّين.

فأي شيء يتصور أحسن من النوم للوصول إلى هذا الهدف ، وهو يأتيه بشكل إلزامي ، ويدعوه إلى تعطيل نشاطه الجسماني ، وقسم مهم من نشاطه الفكري والذهني ، بينما تستمر أجهزة خاصة في العمل في جسم الإنسان كالقلب الرئة وبعض النشاط الذهني ، وما إلى ذلك ممّا يستلزمه استمرار الحياة في الإنسان فحسب ، أمّا البقية فتهدأ وتتعطل عن العمل.

هذه الموهبة العظيمة تؤدي الى أن يحصل جسم الإنسان وروحه على الراحة اللازمة ، فيرتفع التعب بطرو النوم الذي بمثابة وقفة لعمل البدن ، ونوع من التعطيل له. ويجد الإنسان على أثرها قوة ونشاطا جديدا في حياته.

ومن المسلّم به أنّه لولا النوم لتصدّعت روح الإنسان وذبل جسمه وانهار بسرعة ، ولعجل عليه العجز والشيخوخة وبهذا فإن النوم المناسب والهادىء مدعاة للسلامة وطول العمر ، ودوام «الشباب» ونشاطه.

وممّا يجدر التنبيه عليه أوّلا : أنّ النوم ورد قبل عبارة( ابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) التي تعني السعي وراء الرزق ، وهذا التعبير هو إشارة إلى أن النوم أساس السعي لأنّه ـ من دون النوم الكافي ـ يصعب الابتغاء من فضل الله.

ثانيا : صحيح أنّ النوم يقع في الليل ، والابتغاء من فضل الله في النهار ، إلّا أنّه ليس صعبا على الإنسان أن يغيّر هذا المنهج إذا اقتضت الضرورة. بل الله خلق الإنسان بصورة يستطيع معها تغيير منهجية النوم ، ويجعلها وفقا للضرورات والحاجات ، فكأنّ التعبير( مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ) إشارة إلى هذه «اللطيفة» الدقيقة.

ولا شك أنّ المنهج الأصل للنوم متعلق بالليل ، ولأنّ الليل هادئ بسبب الظلمة ، فله أولوية خاصة في هذا المورد.

٥٠١

ولكن قد يتفق للإنسان ولظروف خاصة يكون مجبرا على السفر ليلا وأن يستريح نهارا فلو كان منهج تنظيم النوم خارجا عن اختيار الإنسان فسيواجه العديد من الصعوبات حتما.

وأهمية هذا الموضوع ، خاصة في عصرنا الذي تضطر فيه بعض المؤسسات الصناعية والطبية والعلاجية أن تعمل ليل نهار ، ولا يمكن لها أن تعطل منهجها بحيث يتناوب عمالها في ثلاث مراحل للعمل فيها ، هذه الأهمية في هذا العصر أجلى منه في أي عصر مضى!

وحاجة جسم الإنسان وروحه إلى النوم كثيرة إلى درجة لا يستطيع الفرد أن يتحمل السهر المتواصل أكثر من يومين أو ثلاثة.

ولذلك فإنّ المنع من النوم يعتبر من أشد أنواع التعذيب الذي يمارسه الطغاة والجبابرة مع سجنائهم.

وكذلك يعدّ النوم واحدا من الطرق العلاجية لكثير من الأمراض ، حيث يوصي الأطباء المريض بأن يغطّ في نوم عميق فتزداد بذلك قوّة المريض ومناعته.

وبالطبع لا يمكن لأحد أن يحدد مقدارا معينا للنوم على أنّه «مقدار النوم اللازم» لعموم الناس لأنّ ذلك يرتبط بسنّ الأشخاص ووضعهم ومزاجهم وكيفية البناء الفيسيولوجي والسيكلوجي «الجسيمي والروحي» ، بل المهم النوم الكافي بمقدار يحسّ الإنسان بعده بأنّه شبع منه كما هي الحال بالنسبة للشبع من الغذاء والماء تماما.

وينبغي الالتفات إلى هذه المسألة ، وهي أنّه بالإضافة إلى «طول» زمان النوم ، فلعمقه خصوصية وأهمية أخرى أيضا فرب ساعة ينام فيها الإنسان نوما عميقا تسد عن عدد من الساعات التي ينامها نوما سطحيا في إعادة بناء روح الإنسان وجسمه.

٥٠٢

وبالطبع ، فحيث لا يمكن النوم العميق ، فالنعاس أيضا من النعم الإلهية ، كما أشارت إليه الآية الحادية عشرة من سورة الأنفال في شأن المجاهدين يوم بدر( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ) لأنّه لا يمكن النوم العميق في ميدان الحرب ، وليس مفيدا ـ أيضا ـ ولا نافعا.

وعلى كل حال فإن نعمة النوم والهدوء والاطمئنان الناشئ منه ، وما يحصل عليه الإنسان من قوة ونشاط بعد النوم ، هي من النعم التي لا يمكن وصفها بأي بيان!.

والآية التي تلتها ، والتي تبيّن خامس آية من آيات عظمة الله ، تتجه أيضا إلى «الآيات في الآفاق» وتتحدث عن البرق والرعد والغيث وحياة الأرض بعد موتها فتقول :( وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً ) .

«الخوف» ممّا يخطر على البال من احتمال نزول الصاعقة مع البرق فتحرق كل شيء تقع عليه وتحيله رمادا.

«والطمع» من جهة نزول الغيث الذي ينزل بعد البرق والرعد على هيئة قطر أو مزنة.

وعلى هذا فإنّ البرق السماوي مقدمة لنزول الغيث (بالإضافة إلى فوائد البرق المختلفة المهمة والتي كشف العلم عنها أخيرا وقد تحدثنا عنه في بداية سورة الرعد»(١) .

ثمّ يضيف القرآن معقبا( يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) .

الأرض الميتة التي لا يؤمل فيها الحياة والنبات ، تهتز بنزول الغيث الذي يمنحها الحياة ، فتحيا وتظهر آثار الحياة عليها على هيئة الأزهار والنباتات ، بحيث لا تصدق أحيانا أنّها الأرض الميتة سابقا.

__________________

(١) راجع تفسير «سورة الرعد» الآيات الأولى منها.

٥٠٣

ويؤكّد القرآن في نهاية هذه الآية مضيفا :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) ويفهمون أن وراء هذه الخطة المدروسة يدا قادرة تقودها وتهديها ، ولا يمكن أن تكون المسألة وليدة الصدفة والضرورة العمياء الصّماء أبدا.

وفي آخر آية من الآيات محل البحث ، يقع الكلام عن آية أخرى من الآيات الآفاقية ، وذلك عن تدبير نظام السماء والأرض وبقائهما ودوامهما ، إذ تقول :( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ) .

أي إنّ خلق السماوات ـ المشار إليه في الآيات السابقة ـ ليس آية وحدة فحسب ، بل بقاؤها ودوام نظامها أيضا آية أخرى ، فهذه الأجرام العظيمة في دورانها المنظّم حول نفسها تحتاج إلى أمور كثيرة ، وأهمّها المحاسبة المعقدة للقوّة الجاذبة والدافعة!

إنّ الخالق الكبير جعل هذا التعادل دقيقا ، بحيث لا يعترض الأجرام أدنى انحراف في مسيرها ودورانها حول نفسها إلى ملايين السنين.

وبتعبير آخر : إنّ الآية السابقة كانت إشارة إلى «توحيد الخلق» وأمّا هذه الآية فهي إشارة إلى «توحيد الربوبية والتدبير».

والتعبير بقيام السماء والأرض ، تعبير لطيف مأخوذ من حالات الإنسان ، لأنّ أحسن حالات الإنسان لأجل استدامة نشاطه هي حالة قيامه ، إذ يستطيع فيها أداء جميع حوائجه ، وتكون له السيطرة والتسلط الكامل على أطرافه.

والتعبير بـ «أمره» هنا إشارة إلى منتهى قدرة الله ، إذ يكفي أمر واحد من قبله لاستمرار الحياة ، ونظم هذا العالم الوسيع.

وفي نهاية الآية وبالاستفادة من عامل التوحيد لإثبات المعاد ، ينقل القرآن البحث إلى هذه المسألة فيقول :( ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ) .

ولقد رأينا ـ مرارا ـ في آيات القرآن أن الله سبحانه يستدل على المعاد

٥٠٤

بآيات قدرته في السماء والأرض ، والآية محل البحث واحدة من تلك الآيات.

والتعبير بـ «دعاكم» اشارة إلى أنّه كما أنّ أمرا واحدا منه كاف للتدبير ولنظم العالم ، فإنّ دعوة واحدة منه كافية لأن تبعثكم من رقدتكم وتنشركم من قبوركم ليوم القيامة ، وخاصة إذا لاحظنا جملة( إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ) فإنّ كلمة «إذا» تبين بوضوح مؤدى هذه الجملة ، حيث أنّها «فجائية» كما يصطلح عليها أهل النحو واللغة ، ومعناها : إذا دعاكم الله تخرجون بشكل سريع وفجائي.

والتعبير بـ( دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ ) دليل واضح على المعاد الجسماني ، إذ يثب الإنسان في يوم القيامة من هذه الأرض «فلاحظوا بدقّة».

* * *

بحوث

١ ـ دورة دروس كاملة لمعرفة الله

تناولت الآيات الست المتقدمة بحوثا مختلفة في معرفة الله ، وهي بمجموعها تمثل حلقات متصلة ودورة كاملة طريفة ، بدءا بخلق السماء إلى خلق البشر من التراب ، ومن رباط الحب في الأسرة ، إلى النوم الذي يمنح الدعة والاطمئنان في الليل والنهار ، ومن تدبير النظام والعالم متدرجا ، إلى البرق والغيث واختلاف الألسنة والألوان فهي مجموعة مناسبة من آيات الآفاق وآيات الأنفس!.

الطريف هنا أن كلّ آية من الآيات الست يذكر فيها قسمان من دلائل التوحيد ، ليهيّئ الأوّل الأرضية المناسبة ، والآخر للتحكيم والتأكيد ، وهذا يشبه تماما الإتيان بشاهدين عدلين لإثبات المدّعى ، فيكون المجموع اثني عشر شاهدا صادقا على قدرة الله الحق ، التي لا نهاية ولا أمد لها.

٥٠٥

٢ ـ من هم المستلهمون من هذه الآيات

ورد في أربع آيات من هذه الآيات الست التأكيد على أن في هذه الأمور دلائل واضحة «للعالمين ، المتفكرين ، السميعين ، العاقلين» إلّا أنّ هذا التأكيد لم يرد في الآية الأولى ، ولا الآية الأخيرة.

ويوضح الفخر الرازي في هذا المجال فيقول : لعل عدم ذكر ذلك ، في الآية الأولى لأنّ الآية الأولى والثّانية جاءتا متصلتين في سياق واحد ، وكلتاهما من الآيات التي تتحدث في الأنفس.

وأمّا في الآية الأخيرة فإنّ الأمر واضح إلى درجة لا يحتاج بعدها إلى مزيد إيضاح ، ولا تأكيد على التعقل والتفكر(١) !

الطريف هنا أن الحديث عن التفكر ورد قبل الحديث والكلام عن «العلم» لأنّ التفكر مقدمة وقاعدة للعلم ، ثمّ يأتي الكلام على من يسمع ، لأنّ الإنسان يستعد للاستماع وتقبل الحق ، إذا كان في صدد العلم والاطلاع ، كما يقول القرآن في هذا المجال :( فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) (٢)

وفي آخر مرحلة كان الكلام عن العقل ، لأنّ أولئك كانوا يسمعون ، فلا بدّ أن يبلغوا مرحلة العقل الكامل!

كما ينبغي الالتفات إلى هذه اللطيفة ، هي أنّه وقع الكلام في ذيل الآية الأولى عن خلق الإنسان وانتشار نسله في الأرض( ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ) .

ووقع الكلام في آخر آية أيضا عن خروج الناس ونشورهم في يوم القيامة( إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ) .

فالآية الأولى لبداية الخلق ، والأخيرة للنهاية.

__________________

(١) التفسير الكبير الفخر الرازي ـ ذيل الآيات محل البحث.

(٢) الزمر ، الآية ١٨.

٥٠٦

٣ ـ عجائب عالم النوم

بالرغم من جميع الأبحاث التي كتبها العلماء حول النوم وخصائصه ، يبدو أن زوايا هذا العالم لم تنكشف جميعها ، ولم يرفع النقاب عن أسراره وحقائقه الغامضة!

فما زال البحث يدور بين العلماء : أي فعل وانفعال يكون في البدن بحيث يتوقف ـ خلال لحظة مفاجئة ـ قسم من نشاطات المخ والبدن ، ويظهر تحول في عامّة الروح والجسد؟!

قال بعضهم : إنّ العامل الأصلي للنوم هو «عامل فيزياوي» ويعتقدون أن انتقال الدم من المخ إلى أجزاء البدن الأخرى ، يوجد هذه الظاهرة ، ولأجل إثبات معتقدهم عمدوا إلى صنع سرير للنوم على شكل خاص يدعى «سرير النوم المعياري» يبيّن كيفية انتقال الدم من المخ إلى سائر أعضاء البدن!.

وقال جماعة : إنّ العامل الأصلي للنوم هو «عامل كيمياوي» ويعتقدون أن الإنسان في حالة السعي والعمل تزداد فيه السموم بحيث تؤدي الى تعطيل قسم من المخ عن عمله ، فينام الإنسان على أثر ذلك ، وحين تتلاشى السموم وتسيطر عليها كريات الدم يتيقظ الإنسان مرّة أخرى!

وقال جماعة آخرون : إنّ العامل الأصلي للنوم هو «عامل عصبي» ويعتقدون أن للنشاط العصبي خصوصية في المخ لها حكم وقود السيارة ، فعند ما تتعب ينطفئ المخ ويتوقف عن العمل مؤقتا.

ولكن هناك أسئلة ونقاط مبهمة حول جميع هذه النظريات ، لم نحصل إلى الآن على جواب واضح لها ، وما يزال النوم محتفظا بوجهه المليء بالأسرار.

من عجائب عالم النوم ما أماط العلماء النقاب عنه أخيرا ، وهو حين يتعطل قسم كبير من المخ عن العمل تبقى بعض خلاياه التي ينبغي أن تسمى بـ «الخلايا الحارسة» متيقظة ولا تنسى الوصايا التي يوصيها الإنسان قبل النوم عند ساعة

٥٠٧

التيقظ وعند الحاجة توقظ هذه الخلايا جميع المخ ويتحرك نحو العمل مرّة أخرى!

فمثلا : الأم المرضعة المتعبة حين تنام الليل وإلى جنبها رضيعها في المهد ، يوصي عقلها الباطني الخلايا الحارسة التي تربط بين الروح والجسم ، أنّه متى ما سمعت أقل صوت لطفلي فأيقظيني ، ولكن لا يهمني أي صوت آخر ، فقد لا تتيقظ المرأة من صوت الرعد المهول ، ولكنّها تتيقظ لأقل صوت من ولدها الرضيع ، فهذه المهمّة هي وظيفة الخلايا الحارسة.

ونحن أيضا جرّبنا هذا الموضوع كثيرا ، فمتى ما كان لدينا تصميم أن نستيقظ مبكرين أو في منتصف الليل لنسافر أو لأداء مهمّة ، ونحدث أنفسنا بذلك ، فإننا غالبا ما نستيقظ في الوقت المطلوب ، في حين أن من الممكن أن نغرق في النوم لساعات طوال في غير هذه الحالة!

والخلاصة ، حيث أنّ النوم هو من الظواهر الروحية ، وللروح عالم مليء بالأسرار ، فليس عجيبا أن تبقى كثير من زوايا هذه المسألة غامضة ولكن كلما سبرنا غور هذا العالم نتعرف على عظمة خالق هذه الظاهرة.

هذا عن ظاهرة النوم ، وأمّا عن الرؤيا والأحلام ، فقد بحثنا عنه بحوثا كثيرة ، ولا بأس بمراجعة تفسير سورة يوسفعليه‌السلام .

٤ ـ علاقة الحب بين الزوجين

بالرّغم من أنّ العلاقة أو الارتباط بين الإنسان وأبيه وأمه وإخوته هي علاقة نسبية ، تمتد جذورها العميقة بالقرابة. والعلاقة بين الزوجين علاقة قانونية.

و «معاقدة بينهما» لكن كثيرا ما تتغلب هذه العلاقة حتى على علاقة الإنسان بأبيه وأمه ، وفي الحقيقة هذا هو ما أشارت إليه الآيات الآنفة بالتعبير( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) .

٥٠٨

ونقرأ حديثا عن الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه أخبر ابنة جحش باستشهاد خالها حمزة ، فقالت : إنا لله وإنا إليه راجعون. فأخبرها باستشهاد أخيها فقالت مرّة أخرى : «إنا لله وإنا إليه راجعون» (وطلبت له الأجر والثواب من الله).

ولكن حين أخبرها باستشهاد زوجها ، وضعت يدها على رأسها وصرخت ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما يعدل الزوج عند المرأة شيء»(١) .

* * *

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ١٧٤.

٥٠٩

الآيات

( وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩) )

التّفسير

المالكية لله وحده :

كانت الآيات المتقدمة تتحدث حول توحيد الخالق ، وتوحيد الرّب ، أمّا الآية الأولى من هذه الآيات محل البحث فتتحدث عن فرع آخر من فروع التوحيد ، وهو توحيد الملك فتقول :( وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) .

ولأنّهم ملك يده فـ( كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ ) وخاضعون.

وواضح أنّ المراد من المالكية وخضوع المخلوقات وقنوتها ، الملك

٥١٠

والقنوت التكوينيان أي إن زمام أمر الجميع من جهة القوانين التكوينية كلّه في يده ، وهم مستسلمون لقانون عالم التكوين وفق مشيئة الله ، شاؤوا أم أبوا.

حتى العتاة الطغاة الألدّاء والمتمردون على القانون والجبابرة ، هم مضطرون أيضا أن يحنوا رؤوسهم لأمر الله في القوانين التكوينية.

والدليل على هذه «المالكية» هو الخالقية والربوبية ، فإنّ من خلق الموجودات في البداية وتكفلها بالتدبير ، فمن المسلم أنّه هو المالك الأصلي لها لا سواه!

وبما أنّ جميع موجودات الدنيا سواسية في هذا الأمر ، فمن الواضح أن لا يكون معه أي شريك في الملك حتى الأوثان والمعبودات المصطنعة التي يتصورها المشركون أنّها أربابهم ، هي أيضا مملوكة لمالك «الملك» والملوك ، وهي طوع أمره.

وينبغي الالتفات ـ ضمنا ـ إلى أنّ كلمة «قانت» تعني ـ كما يقول الراغب في مفرداته ـ في الأصل : الطاعة الملازمة للخضوع!

ونقرأ حديثا عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال «كل قنوت في القرآن فهو طاعة».

غاية ما في الأمر ، تارة تأتي هذه الطاعة «تكوينية» وأخرى «تشريعية».

وما ذهب إليه بعض المفسّرين من أنّ كلمة «قانتون» معناها هنا «قائمون بالشهادة على وحدانيته»(١) فهو في الحقيقة بيان لأحد مصاديق الطاعة ، لأنّ الشهادة على وحدانية الله نوع من الطاعات.

وحيث أنّ المسائل المرتبطة بالمبدأ والمعاد هي كالنسيج الواحد في انسجامها في سلسلة الآيات الآنفة ، والتي ستأتي في ما بعد ، ففي الآية التالية يعود القرآن إلى موضوع المعاد ، فيقول :( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ

__________________

(١) نقل «الآلوسي» في تفسيره «روح المعاني» ذيل الآية محل البحث هذا الكلام عن بعض المفسرين المتقدمين.

٥١١

أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) (١) .

إنّ القرآن يثبت في هذه الآية ـ بأوجز الاستدلال ـ مسألة إمكان المعاد ، إذ يقول لهم : إنكم تعتقدون أن بداية الخلق من قبل الله ، فعودة الخلق مرّة أخرى أيسر وأهون من بداية الخلق!.

والدليل على أن عودة الخلق أهون من البداية ، هو أنّه في البداية لم يكن شيء ولكن الله هو الذي أبدعه ، وفي الإعادة توجد المواد الأصلية على الأقل ، فبعضها في طيّات التراب ، وبعضها متناثر في الفضاء ، وإنّما تحتاج إلى نظم وإلى إعطائها صورتها الأولى فحسب ، فهي أهون!

ولكن من الضروري أن نلتفت إلى هذه «اللطيفة» ، وهي أنّ التعبير بالهيّن والصعب ، هو من خلال نافذتنا الفكرية ، وأمّا بالنسبة للقادر المطلق فلا فرق عنده بين «الصعب والسهل».

وأساسا فإنّ «الصعب والسهل» يصدقان مفهوما في مكان يكون الكلام عن قدرة محدودة ، كأن يستطيع أحد أن يؤدي عملا بصورة جيدة ، والآخرة لا يؤديه بصورة جيدة ، بل بمشقّة ، أمّا حين يكون الكلام على قدرة لا حدّ لها ، فلا معنى للصعب والهيّن هناك!

وبتعبير آخر : إنّ حمل «أعظم الجبال» على الأرض بالنسبة إلى الله وحمل أخف الأشياء عليها عنده سواء ، لقدرته التي لا يعظم عليها شيء.

وربّما كان لهذا السبب أن عقّب القرآن في ذيل الآية مباشرة بالقول :( وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) .

لأننا لو تصورنا أي وصف كمالي لأي موجود في السماء والأرض ، من علم

__________________

(١) ينقل «الفخر الرازي» عن «الزمخشري» في تفسير الكشّاف أن الله قال في شأن ولادة عيسىعليه‌السلام دون أب «هو علي هين» ولأنّ كلمة «عليّ» مقدمة ، فهي دليل على الحصر ، أي إن هذا العمل سهل علي فحسب لا على سواي ، أمّا في هذه الآية محل البحث فقد قال : سبحانه :( وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) فلا يستفاد منها الحصر ، وهي إشارة إلى أن كل من يستطيع أن يؤدي عملا في البداية فهو قادر على إعادته أيضا «فلاحظوا بدقة».

٥١٢

وقدرة وملك وعظمة وجود وكرم ، فمصداقه الأتم والأكمل هو عند الله ، لأنّ الجميع لديهم المحدود من الصفات ، إلّا هو وحده فإنّ لديه الأوصاف غير المحدودة ، والجميع لديهم أوصاف عارضة ، أمّا أوصاف الله فذاتية ، وهو مصدر الكمالات وأساسها.

حتى الألفاظ التي تجري على ألسنتنا لبيان مقاصدنا يوميّا لا يمكن أن تكون مبينة لأوصافه كما هو في تعبير «أهون» الذي نجده مثلا عندنا.

والجملة الآنفة هي كالآية (١٨٠) في سورة الأعراف ، إذ ورد فيها( وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها ) والآية (١١) في سورة الشورى إذ يقول :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) .

وتنتهي الآية ـ بما هو ضرب من التأكيد أو الدليل ، إذ يقول سبحانه :( وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .

هو عزيز لا يقهر ، إلّا أنّه وفي منتهى قدرته غير المحدودة لا يصدر منه فعل غير دقيق ، فكل أفعاله وفق حكمته.

وبعد بيان قسم آخر من دلائل التوحيد والمعاد في الآيات المتقدمة ، يتناول القرآن موضوع «نفي الشرك» في مثال بيّن فيقول :( ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) .

هذا المثال هو لو كان لديكم ـ أيّها المشركون ـ عبيد ومماليك فـ( هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ) أي أن عبيدكم هؤلاء يشاركونكم في أموالكم وفي ما رزقناكم. بحيث تكونون أنتم وعبيدكم سواء في مالكية هذه الأموال والنعم وتخافون أن يتصرفوا في هذه الأموال بشكل مستقل كما هو الحالة في تصرف شركاءكم الأحرار فيها أو في الميراث مثلا فأنتم غير مستعدين لأن يتصرفوا في أموالكم.

٥١٣

فلو كان لكم عبيد وملك يمين «وهو ملك مجازي» لما رضيتم بمثل هذا الفعل منهم ، فكيف تتصورون المخلوقات التي هي ملك حقيقي لله شركاءه! أو تزعمون أن بعض الأنبياء كالمسيح أو ملائكة الله أو بعض المخلوقات الأخرى كالجن أو الأصنام الحجرية والخشبيّة شركاءه ، ألا ساء ما تحكمون!!

المملوكات المجازية التي يمكن أن تتحرر وتنعتق بسرعة ، وتكون في صفوفكم ومن أمثالكم «كما جرى ذلك في الإسلام» ـ لا تكون حالة كونها مملوكة ـ في صف مالكها ، وليس لها حق التدخل في منطقة نفوذه ، فكيف تجعلون العبيد الحقيقيين أو المملوكات الحقيقية شركاء الله ، في حين أنّهم متعلقون بالله ذاتا ووجودا ، ولا يمكن أن يسلب هذا التعلق بالله والارتباط به منهم ، وكل ما عندكم فمن عنده ، وما أنتم بشيء من دونه!.

قال بعض المفسّرين : إنّ هذه الآية ناظرة لما قاله المشركون من قريش ، عند التلبية في مناسك الحج ، إذ كانوا يقولون عند التلبية «لبيك ، اللهم لا شريك لك ، إلّا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك» هكذا كان محتوى تلبية المشركين(١) .

وبديهي أن شأن نزول هذه الآيات شأن سائر الآيات في نزولها ، إذ لا يحدد معنى الآية ، كما هي في الوقت ذاته جواب لجميع المشركين ، هي مستقاة من حياتهم أنفسهم التي تدور حول الرق والمملوكين ، وتحتج عليهم احتجاجا متينا.

والتعبير بـ( ما رَزَقْناكُمْ ) يشير إلى هذه اللطيفة ، وهي أنّكم لستم المالكين الحقيقيين لهؤلاء العبيد والمماليك ، ولا المالكين الواقعيين للمال ، لأنّ كل ذلك لله وحده ، ولكنّكم غير مستعدين لأن تخوّلوا مماليككم المجازيين بالتصرف في أموالكم المجازية وتعدّوهم شركاءكم ، في حين أنّه لا يستلزم محالا ولا مشكلة من الناحية التكوينية لأنّ الكلام يدور مدار الاعتباريّات.

غير أن التفاوت بين الله ومخلوقاته تفاوت تكويني ولا يتغيّر ، وجعل هذه

__________________

(١) تفسير الميزان وتفسير مجمع البيان وتفسير نور الثقلين ذيل الآية محل البحث.

٥١٤

المخلوقات شريكة لله من سابع المستحيلات.

ومن جهة أخرى فإنّ عبادة أحد الموجودات ، إمّا لعظمته ، أو لأنّه ينفع ويضر الإنسان ، إلّا أن هذه المعبودات لا تنفع ولا تضر(١) .

ويعقب القرآن في ختام الآية للتأكيد والدقة على مضمون السؤال ، فيقول :( كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) .

أجل ، نذكر لكم الحقائق من الأمثلة الواضحة في حياتكم لتفكروا فيها ، ولكيلا تنسبوا لله ـ على الأقل ـ ما لا ترضون أن تنسبوه لأنفسكم!.

غير أنّ هذه الآيات البينات وهذه الأمثلة الواضحة هي لأولي الألباب ، لا للظالمين عبدة الهوى الجهلة الذين قلوبهم أسدال الجهل ، واستوعبت آفاقهم الخرافات والعصبيات ، لذلك يضيف القرآن في الآية التالية قائلا :( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) .

ولذلك فإنّ الله خلّى بينهم وبين أنفسهم بسبب أعمالهم السيئة ، فتاهوا في وادي الضلالة( فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ ) ؟!

والتعبير بـ «ظلموا» مكان «أشركوا» إشارة إلى أن الشرك بعد أعظم الظلم : فهو ظلم للخالق ، إذ جعله مخلوقه إلى جانبه وأشركه معه (ونعرف أن الظلم أن تضع الشيء في غير موضعه).

وظلم للخلق ، إذ منعوهم عن طريق الخير والسعادة «طريق التوحيد».

وظلم لأنفسهم ، لأنّهم أطلقوا جميع وجودهم وكيانهم للريح ، وظلوا في مفازة عمياء! وبيداء قفراء.

وهذا التعبير ـ ضمنا ـ مقدمة للجملة التالية ، وهو إنّما أضلهم الله عن طريق

__________________

(١) فسّر بعض المفسّرين جملة «تخافونهم كخيفتكم أنفسكم» بهذه المناسبة تفسيرا آخر ، حاصله أنّ هؤلاء المعبودين ليست لديهم القدرة حتى تخافوهم كما تخافون من بعضكم ، فكيف إذا كان الخوف أكثر! «إلّا أن التّفسير الذي ذكرناه في البداية يبدو أقرب للنظر».

٥١٥

الحق فبظلمهم ، كما جاء مثل هذا التعبير في سورة إبراهيم الآية (٢٧)( وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ ) .

ولا شك أن من يتركهم الله ويخلّي بينهم وبين أنفسهم فـ( ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ ) .

وبهذا يوضح القرآن عاقبة هذه الجماعة المشؤومة ، ولم لا تكون كذلك؟! وهم يرتكبون «أعظم الذنوب وأعظم الظلم» ، إذ عطلوا عقولهم وأفكارهم عن العمل ، وتركوا شمس العلم خلف ظهورهم ، وتوجهوا إلى ظلمة الجهل والهوى.

فمن الطبيعي أن يسلب الله منهم التوفيق ، ويتركهم في ظلماتهم ، وما لهم من ناصرين ولا معينين!.

* * *

٥١٦

الآيات

( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢) )

التّفسير

كان لدينا حتى الآن أبحاث كثيرة حول التوحيد ومعرفة الله ، عن طريق مشاهدة نظام الخلق ، والاستفادة منه لإثبات مبدأ العلم والقدرة في ما وراء عالم الطبيعة ، بالاستفادة من آيات التوحيد في هذه السورة!

وتعقيبا على الآيات الآنفة الذكر ، فإن الآية الأولى من هذه الآيات محل البحث ـ تتحدث عن التوحيد الفطري ، أي الاستدلال على التوحيد عن طريق المشاهدة الباطنية والدرك الضروري والوجداني ، إذ يقول القرآن في هذا الصدد :( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً ) لأنّها( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) .

«الوجه» معناه معروف ، وهو مقدم الرأس. والمراد به هنا الوجه الباطني ،

٥١٧

ووجه القلب والروح فعلى هذا ليس المراد هنا من الوجه أو المحيّا وحده ، بل التوجه بجميع الوجود ، لأنّ الوجه أهم أعضاء البدن!

وكلمة «أقم» مشتقة من الإقامة ، ومعناه الاستقامة والوقوف بثبات (على قدم راسخة)

وكلمة «حنيف» مشتقة من «حنف» ، ومعناها الميل من الباطل نحو الحق ، ومن الاعوجاج نحو الإستواء والاستقامة ، على العكس من «جنف» على وزن «حنف» أيضا ، ومعناها الميل من الإستواء إلى الضلالة والاعوجاج.

فمعنى الدين الحنيف هو الدين المائل نحو العدل والإستواء عن كل انحراف وباطل وخرافة وضلال.

فيكون معنى هذه الجملة بمجموعها ، أن وجّه نفسك دائما نحو مبدأ ومذهب خال من أي أنواع الاعوجاج والانحراف ، وذلك هو مبدأ الإسلام ودين الله الخالص والطاهر(١) .

إنّ الآية المتقدمة تؤكّد على أن الدين الحنيف الخالص الخالي من كل أنواع الشرك ، هو الدين الذي ألهمه الله سبحانه في كل فطرة ، الفطرة الخالدة التي لا تتغير ، وإن كان كثير من الناس غير ملتفت لهذه الحقيقة.

والآية المتقدمة تبين عدة حقائق :

١ ـ إنّ معرفة الله ـ ليست وحدها ـ بل الدين والإعتقاد بشكل كلي وفي جميع أبعاده هو أمر فطري ، وينبغي أن يكون كذلك ، لأنّ الدراسات التوحيدية تؤكّد أن بين جهاز التكوين والتشريع انسجاما لازما ، فما ورد في الشرع لا بدّ أن يكون له جذر في الفطرة ، وما هو في التكوين وفطرة الإنسان متناغم مع قوانين الشرع!

__________________

(١) الألف واللام في كلمة «الدين» هما للعهد ، وهما هنا إشارة إلى الدين الذي أمر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبلغه ، أي دين «الإسلام».

٥١٨

وبتعبير آخر : إنّ التكوين والتشريع عضدان قويان يعملان بانسجام في المجالات كافة ، فلا يمكن أن يدعو الشرع إلى شيء ليس له أساس ولا جذر في أعماق فطرة الإنسان ، ولا يمكن أن يكون شيء في أعماق وجود الإنسان مخالف للشرع!

وبدون شك فإنّ الشرع يعين حدودا وقيودا لقيادة الفطرة لئلا تقع في مسار منحرف ، إلّا أنّه لا يعارض أصل مشيئة الفطرة ، بل يهديها من الطريق المشروع ، وإلّا فسيقع التضاد بين التشريع والتكوين ، وهذا لا ينسجم مع أساس التوحيد.

وبعبارة أخرى : إنّ الله لا يفعل أعمالا متناقضة أبدا ، بحيث يقول أمره التكويني : افعل! ويقول أمره التشريعي : لا تفعل.

٢ ـ إنّ الدين له وجود نقي خالص من كل شائبة داخل نفس الإنسان ، أمّا الانحرافات فأمر عارض ، ووظيفة الأنبياء إذن إزالة هذه الأمور العارضة ، وفسح المجال لفطرة الإنسان في الإشراق.

٣ ـ إنّ جملة( لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ) وبعدها جملة( ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) تأكيدان آخران على مسألة كون الدين فطريا ، وعدم إمكان تغيير هذه الفطرة! وإن كان كثير من الناس لا يدركون هذه الحقيقة بسبب عدم رشدهم كما ينبغي!

وينبغي الالتفات إلى هذه اللطيفة ، وهي أن الفطرة في الأصل من مادة «فطر» على زنة «بذر» ومعناها شق الشيء من الطول ، وهنا معناها الخلقة ، فكأن ستار العدم ينشق عند خلق الموجودات ويبرز كل شيء منها.

وعلى كل حال فمنذ أن وضع الإنسان قدمه في عالم الوجود ، كان هذا النور متوقدا في داخله ، من أوّل يوم ومن ذلك الحين!

والرّوايات المتعددة التي وردت في تفسير الآية تؤيد ما ذكرناه آنفا ، وسنتحدث عن ذلك لاحقا إن شاء الله ، بالإضافة إلى الأبحاث الأخرى في مجال كون التوحيد فطريا.

٥١٩

ويضيف القرآن في الآية التالية : ينبغي أن يكون التفاتكم للدين الحنيف والفطري حالة كونكم( مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ) فأصلكم وأساسكم على التوحيد ، وينبغي أن تعودوا إليه أيضا.

وكلمة «منيبين» من مادة «إنابة» وهي في الأصل تعني الرجوع المكرر ، وتعني هنا الرجوع نحو الله والعودة نحو الفطرة (التوحيدية) ومعناها متى ما حصل عامل يحرف الإنسان عقيدته وعن أصل التوحيد فينبغي أن يعود إليه ومهما تكرر هذا الأمر فلا مانع من ذلك الى أن تغدو أسس الفطرة متينة وراسخة ، وتغدو الموانع والدوافع خاوية ويقف الإنسان بصورة مستديمة في جبهة التوحيد ، ويكون مصداقا للآية( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً ) .

وممّا ينبغي الالتفات إليه أن أقم وجهك جاءت بصيغة الإفراد ، وكلمة «منيبين» جاءت بصيغة الجمع ، وهذا يدل على أنّه وإن كان الأمر الأوّل مخاطبا به النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا أن الخطاب ـ في الحقيقة ـ لعموم المؤمنين وجميع المسلمين.

ويعقب على الأمر بالإنابة والعودة إليه ، بالأمر بالتقوى ، وهي كلمة تجمع معاني أوامر الله ونواهيه ، إذ يقول :( وَاتَّقُوهُ ) أي اتقوا مخالفة أوامره!.

ثمّ يؤكّد القرآن على موضوع الصلاة من بين جميع الأوامر فيقول :( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) .

لأنّ الصلاة في جميع أبعادها ، هي أهم منهج لمواجهة الشرك ، وأشد الوسائل تأثيرا في تقوية أسس التوحيد والإيمان بالله سبحانه.

كما أنّه يؤكّد في نهيه عن «الشرك» من بين جميع النواهي فيقول :( وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .

لأنّ الشرك أعظم الذنوب وأكبر الكبائر ، إذ يمكن أن يغفر الله جميع الذنوب إلّا الشرك بالله ، فإنّه لا يغفره. كما نقرأ في الآية (٤٨) من سورة النساء( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) .

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592