الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 180812 / تحميل: 6357
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

أترى هذا الخلق كلّه من الناس؟ فقال: « ألق منهم التارك للسواك، والمتربع في موضع(٣) الضيق » الخبر.

ورواه الصدوق في الخصال: عن أبيه وابن الوليد معاً، عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس، عن (محمد بن يحيى بن عمران الأشعري)(٤) ، عن جعفر بن محمد بن عبيد(٥) الله، عن أبي يحيى الواسطي: مثله(٦) .

[٩٨٠٠] ٥ - القطب الكيدري محمد بن الحسين، في شرح نهج البلاغة: عند قولهعليه‌السلام في الخطبة المقمصة(١) : « حتى وطئ الحسنان » روي أبو عمر ومحمد بن عبد الواحد غلام ثعلب(٢) عن رجاله، في قوله عليعليه‌السلام : « وطئ الحسنان » إنّهما الإبهامان، وأنشد للشنّفري: مهضومة الكشحين درماء(٣) الحسن.

[٩٨٠١] ٦ - وروي أن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إنّما كان يومئذٍ جالساً

__________________

(٣) وفيه: الموضع.

(٤) في المخطوط: « أحمد بن محمد بن عيسى » وما أثبتناه من المصدر، وهو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ١٥ ص ٤٩ ».

(٥) كان في المخطوط: عبد، وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال « راجع معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٠٠ و ١١٣ ».

(٦) الخصال ص ٤٠٩ ح ٩.

٥ - شرح نهج البلاغة للقطب الكيدري

(١) وهي الخطبة الشقشقية المعروفة.

(٢) كان في المخطوط: تغلب، والصواب أثبتناه من معاجم الرجال « راجع لسان الميزان ج ٥ ص ٢٦٨ ».

(٣) در ماء: من صفات الجمال للمرأة، وهو السمن في حسن قوام (لسان العرب ج ١٢ ص ١٩٧).

٦ - شرح نهج البلاغة للقطب الكيدري.

٤٠١

محتبياً، وهي جلسة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ المسمّاة القرفصاء وهي جمع الركبتين، وجمع العطف وهو الذيل، واجتمعوا ليبايعوه، وزاحموه حتى وطؤوا ذيله وإبهامه من تحته الخ.

٦٣ -( باب استحباب جلوس الإنسان دون مجلسه تواضعاً، والجلوس على الأرض، وفي أدنى المجلس إليه إذا جلس)

[٩٨٠٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إنّ من التواضع، أن يرضى الرجل بالمجلس دون شرف المجلس ».

[٩٨٠٣] ٢ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً من المحاسن وغيره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام [ قال ](١) : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، إذا دخل منزلاً، قعد في أدنى المجلس [ إليه ](٢) حين يدخل ».

[٩٨٠٤] ٣ - وعنهعليه‌السلام قال: « من رضي بدون الشرف من المجلس، لم يزل يصلّي الله عزّوجلّ وملائكته عليه حتى يقوم ».

[٩٨٠٥] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ،

__________________

الباب ٦٣

١ - الجعفريات ص ١٤٩.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٤.

٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٥.

٤٠٢

قال: « إذا جلستم إلى المعلّم، أو جلستم في مجالس العلم، فأدنوا وليجلس بعضكم خلف بعض، ولا تجلسوا متفرّقين كما يجلس أهل الجاهلية ».

[٩٨٠٦] ٥ - وعنهعليه‌السلام قال: « لكلّ شئ حيلة، وحيلة الإخوان النقل، لا ينبغي للمؤمن أن يجلس إلّا حيث ينتهي به الجلوس، فإنّ تخطّي(١) أعناق الرجال سخافة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إذا أخذ القوم مجالسهم، فإن دعا رجل أخاه فأوسع له في مجلسه فليأته، فإنّما هي كرامة أكرمه بها أخوه، وإن لم يوسع له أحد، فلينظر أوسع مكان يجده فليجلس فيه ».

[٩٨٠٧] ٦ - أبو علي ابن الشيخ الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن محمد بن همام، عن علي بن الحسين الهمداني، عن محمد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة القمي، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا ينبغي للمؤمن أن يجلس إلّا حيث ينتهي به الجلوس فإنّ تخطّي أعناق الرجال سخافة ».

[٩٨٠٨] ٧ - الصدوق في العيون: عن الحسن بن عبد الله العسكري، عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفرعليه‌السلام ، عن علي بن موسى، عن آبائه، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، عن خاله هند بن أبي هالة،

__________________

٥ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٥.

(١) في نسخة: خطو (منه قدّه).

٦ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٣١٠.

٧ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٣١٨ ح ١.

٤٠٣

قال: « سألته عن مجلسه » - أي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - فقال: كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لا يجلس ولا يقوم إلّا على ذكره تعالى، ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك الخبر.

ورواه في معاني الأخبار(١) : عن محمد بن إبراهيم الطالقاني، عن القاسم بن بندار الحذاء، عن إبراهيم بن نصر، عن مالك بن إسماعيل، عن جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي(٢) ، قال: حدثني رجل بمكّة، عن ابن أبي هالة(٣) ، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، ورواه فيه، وفي العيون وغيره، بطرق أخرى.

[٩٨٠٩] ٨ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن جماعة، عن أبي المفضّل، عن رجاء بن يحيى، عن محمد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبد الله، عن [ أبي ](١) حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن أبي ذر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إنّي ألبس الغليظ، وأجلس على الأرض، (وألعق أصابعي)(٢) ، وأركب الحمار بغير سرج، وأردف خلفي، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ».

__________________

(١) معاني الأخبار ص ٨٢.

(٢) كان في المخطوط: « جميع بن عمير، عن عبد الرحمن العجلي » وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال « راجع تهذيب التهذيب ج ٢ ص ١١١ ».

(٣) جاء في هامش المخطوط ما نصّه: « كذا والظاهر من ولد أبي هاله كما يظهر في سند أخر لهذا الحديث في العيون » (منه قدّه).

٨ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٤٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٤٠٤

[٩٨١٠] ٩ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في مجموع الغرائب: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا دخلت منزل أخيك، فاقبل الكرامة كلّها إلّا الجلوس في الصدر ».

٦٤ -( باب استحباب استقبال القبلة في كلّ مجلس)

[٩٨١١] ١ - الشيخ جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إنّ لكلّ شئ شرفاً، وأن أشرف المجالس ما أستقبل به القبلة ».

[٩٨١٢] ٢ - سبط الطبرسي في المشكاة: نقلاً عن المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أكثر ما يجلس تجاه القبلة ».

[٩٨١٣] ٣ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « من جلس مستقبل القبلة ساعة، كان له أجر الحجاج والعمّار ».

٦٥ -( باب جواز الاحتباء، ولو في ثوب واحد يستر العورة)

[٩٨١٤] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وعن سعد الأسكاف، عن أبي جعفر

__________________

٩ - مجموع الغرائب:

الباب ٦٤

١ - الغايات ص ٨٧.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٤.

٣ - لبّ اللباب: مخطوط.

الباب ٦٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٠٤ ح ١٤٦.

٤٠٥

عليه‌السلام - في حديث شريف، في حلية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - إلى أن قال: « وإذا جلس لم يحلّ(١) حبوته حتى يقوم جليسه ».

[٩٨١٥] ٢ - وعن زيد بن أرقم - في حديث طويل - في قصة غدير خم، قال: ثم مضى - أي حذيفة - حتى أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وعليعليه‌السلام إلى جانبه محتب بحمائل سيفه، الخبر(١) .

[٩٨١٦] ٣ - الشيخ المفيد في الإرشاد: في سياق مقتل أبي عبد اللهعليه‌السلام : فركب القوم(١) حتى زحفوا نحوهم بعد العصر، وحسينعليه‌السلام جالس أمام بيته، محتبياً(٢) بسيفه.

٦٦ -( باب استحباب المزاح والضحك، من غير إكثار ولا فحش)

[٩٨١٧] ١ - السيد أبو حامد محيي الدين ابن أخ ابن زهرة صاحب الغنية في

__________________

(١) في المصدر: يحلّل.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٩ ح ٨٩.

(١) جاء في هامش المخطوط ما نصّه: « من عادة العرب إذا جلس أحدهم متمكناً أن يحتبي بثوبه، فإذا أراد أن يقوم حلّ حبوته، يعني إذا جلس إليه رجل لم يقم من عنده حتى يكون الرجل هو الذي يبدأ بالقيام، البحار » (منه قدّه).

٣ - الإرشاد ص ٢٣٠.

(١) في المصدر: الناس.

(٢) في نسخة: محتبٍ، يحتبي (منه قدّه).

الباب ٦٦

١ - الأربعين لابن زهرة ص ٢٣ ح ٣٩.

٤٠٦

أربعينه: عن القاضي بهاء الدين شيخ الإسلام أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، عن القاضي فخر الدين أبي الرضا سعيد، عن الحافظ أبي بكر وجيه بن طاهر، عن أبي سعيد محمد بن عبد العزيز الصفّار، عن الشيخ أبي عبد الرحمان محمد بن بن الحسن السلمي، عن عبد العزيز بن جعفر بن محمد، عن محمد بن هارون بن بريّة، عن عيسى بن مهران، عن الحسن بن الحسين، قال: حدثنا الحسين بن زيد، قال: قلت لجعفر بن محمدعليهما‌السلام : جعلت فداك، هل كانت في النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ مداعبة؟ فقال: « لقد وصفه الله بخلق عظيم في المداعبة، وأن الله تعالى بعث أنبياءه فكانت فيهم كزازة(١) ، وبعث محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ بالرأفة والرحمة وكان من رأفته لأمته مداعبته لهم، لكيلا يبلغ بأحد منهم التعظيم حتى لا ينظر إليه.

ثم قال: حدثني أبي محمد، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليعليهم‌السلام ، قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، ليسر الرجل من أصحابه إذا رآه مغموما، بالمداعبة ».

[٩٨١٨] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « ما من مؤمن إلّا وفيه دعابة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يداعب ولا يقول إلّا حقّاً ».

[٩٨١٩] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن

__________________

(١) جاء في هامش المخطوط: « أي انقباض » منه قدّه.

٢ - الأخلاق، صدره في البحار ج ٧٦ ص ٦٠ ح ١٣ عن السرائر ص ٤٧٨.

٣ - الجعفريات ص ١٩١.

٤٠٧

محمد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أبصر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، امرأة عجوزاً درداء، فقال:صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أما أنه لا يدخل(١) الجنّة عجوز درداء، فبكت، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: يا رسول الله إنّي درداء، فضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، لا تدخلين على حالك هذه ».

[٩٨٢٠] ٤ - قال: ونظرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إلى امرأة رمصاء(١) العينين، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أما أنّه لا يدخل الجنّة رمصاء العينين، فبكت وقالت: يا رسول الله، فإنّي في النار؟ فقال: لا، ولكن لا تدخلين الجنّة على مثل صورتك هذه، ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لا يدخل الجنّة أعور ولا أعمى ».

[٩٨٢١] ٥ - محمد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يمزح ولا يقول إلّا حقاً.

قال أنس: مات نغير لأبي عمير - وهو ابن لأم سليم - فجعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يقول: « يا أبا عمير، ما فعل النغير(١) ؟! ».

__________________

(١) في المصدر: تدخل.

٤ - الجعفريات ص ١٩١.

(١) الرمص: وسخ يجتمع في موق العين، والأنثى: رمصاء (مجمع البحرين ص ٤ ح ١٧٢).

٥ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٧.

(١) النُّغَير: هو تصغير النُّغَر، وهو طائر يشبه العصفور احمر المنقار ويجمع على: نغران (النهاية ج ٥ ص ٨٦).

٤٠٨

[٩٨٢٢] ٦ - وقال رجل: أحملني يا رسول الله، فقال: « أنا حاملوك على ولد ناقة » فقال: ما أصنع بولد ناقة؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « وهل يلد الإبل إلّا النوق ».

واستدبرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ رجلاً من ورائه، وأخذ بعضده، وقال: « من يشتري هذا العبد؟ » يعني أنه عبد الله.

[٩٨٢٣] ٧ - وعن زيد بن أسلم: أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال لامرأة وذكرت زوجها: « أهذا الذي في عينيه بياض؟ » فقالت: لا ما بعينيه بياض، وحكت لزوجها، فقال: أما ترين بياض عيني أكثر من سوادها؟.

[٩٨٢٤] ٨ - ورأيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ جملاً وعليه حنطة فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « تمشي الهريسة ».

[٩٨٢٥] ٩ - وقالت عجوز من الأنصار للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أُدع لي بالجنة، فقال: « إن الجنّة لا يدخلها العجوز(١) » فبكت المرأة، فضحك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وقال: « أما سمعت قول الله تبارك وتعالى:( إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ) (٢) ».

[٩٨٢٦] ١٠ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ للعجوز الأشجعية: « يا

__________________

٦ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٧.

٧ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٨.

٨ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٨.

٩ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٨.

(١) في المصدر: العجز.

(٢) الواقعة ٥٦: ٣٥، ٣٦.

١٠ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٨.

٤٠٩

أشجعيّة، لا تدخل العجوز الجنّة » فرآها بلال باكية، فوصفها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « الأسود كذلك » فجلسا يبكيان، فرأهما العباس فذكرهما له فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « والشيخ كذلك » ثم دعاهم وطيّب قلوبهم، وقال: « ينشئهم الله كأحسن ما كانوا » وذكر أنّهم يدخلون الجنّة شباناً(١) منوّرين، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إنّ أهل الجنّة جرد مرد مكحّلون ».

[٩٨٢٧] ١١ - وجاء اعرابي فقال: يا رسول الله بلغنا أن المسيح - يعني الدجال - يأتي الناس بالثريد، وقد هلكوا جميعاً جوعاً، أفترى بأبي أنت وأمي أن أكفّ من ثريده تعفّفاً وتزهداً! فضحكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ثم قال: « بل يغنيك الله بما يغني به المؤمنين ».

[٩٨٢٨] ١٢ - وقبّل جدّ خالد القسري امرأة، فشكت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فأرسل إليه فاعترف، وقال: إن [ شئت أن ](١) تقصّ(٢) فلتقص(٣) ، فتبسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ وأصحابه، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أولا تعود؟ » فقال: لا والله يا رسول الله، فتجاوز عنه.

[٩٨٢٩] ١٣ - ورأيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ صهيباً يأكل تمراً، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ :

__________________

(١) في المصدر: شبابا.

١١ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٨.

١٢ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: تقتص.

(٣) في المصدر: فلتقتص.

١٣ - المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٤٩.

٤١٠

« أتأكل التمر وعينك رمدة؟ » فقال: يا رسول الله، إنّي أمضغه من هذا الجانب، وتشتكي عيني من هذا الجانب.

[٩٨٣٠] ١٤ - ونهىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أبا هريرة عن مزاح العرب، فسرق نعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، ورهن بالتمر، وجلس بحذائه يأكل، فقال: « يا أبا هريرة ما تأكل؟ » فقال: نعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ .

[٩٨٣١] ١٥ - وقال سويبط المهاجري لنعيمان البدري(١) : أطعمني، وكان على الزاد في سفر، فقال حتى تجئ الأصحاب، فمروا بقوم فقال سويبط: تشترون(٢) عبداً لي؟ قالوا: نعم، قال: إنه عبد له كلام، وهو قائل لكم إنّي حرّ، فإن سمعتم مقاله تفسدوا عليّ عبدي، فاشتروه بعشرة قلائص(٣) ، ثم جاؤوا فوضعوا في عنقه حبلاً، فقال نعيمان: هذا يستهزئ بكم وإني حرّ، فقالوا: قد عرفنا خبرك، وانطلقوا به حتى أدركهم القوم وخلّصوه، فضحك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ من ذلك حيناً.

[٩٨٣٢] ١٦ - ورأي نعيمان مع أعرابي عكّة عسل، فاشتراها منه وجاء بها

__________________

١٤ - المناقب ج ١ ص ١٤٩.

١٥ - المناقب ج ١ ص ١٤٩.

(١) جاء في هامش الطبعة الحجرية ما نصّه: « ونعيمان هذا هو الذي دلّ مخرمة بن نوفل الأعمى حتى بال في المسجد، ثم دلّه على عثمان فضربه، وكان مزَاحاً » (منه قدّه).

(٢) في المصدر زيادة: منّي.

(٣) القلوص: الناقة الشابة، والجمع: قلائص (مجمع البحرين ج ٤ ص ١٨١).

١٦ - المناقب ج ١ ص ١٤٩.

٤١١

إلى بيت عائشة في يومها فقال: خذوها فتوهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ (١) أنه أهداها له، ومر نعيمان، والأعرابي على الباب، فلمّا طال قعوده قال: يا هؤلاء ردّوها عليّ إن لم تحضروا قيمتها، فعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ القصة، فوزن له الثمن، وقال لنعيمان: « ما حملك على ما فعلت؟ » فقال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يحب العسل، ورأيت الاعرابي معه عكة فضحك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، ولم يظهر له نكراً.

[٩٨٣٣] ١٧ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن ابن عباس: أن رجلاً سأله: أكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يمزح؟ فقال: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يمزح.

[٩٨٣٤] ١٨ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، بإسناده إلى ابن أورمة، عن الحسن بن علي، عن الحسن بن جهم، عن الرضاعليه‌السلام ، قال: « كان عيسىعليه‌السلام يبكي ويضحك، وكان يحيىعليه‌السلام يبكي ولا يضحك، وكان الذي يفعل عيسىعليه‌السلام أفضل ».

[٩٨٣٥] ١٩ - مجموعة الشهيد: نقلاً من كتاب معاذ بن ثابت أبي الحسن الجوهري، عن عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « إياكم وكثرة المزاح، فإنّه يذهب بالبهاء عن الوجوه، ويذهب بالمروة ».

__________________

(١) استظهر المصنّف (قدّه): « فتوهمّت عائشة ».

١٧ - مكارم الأخلاق ص ٢١.

١٨ - قصص الأنبياء ص ٢٨٢.

١٩ - مجموعة الشهيد:

٤١٢

[٩٨٣٦] ٢٠ - عوالي اللآلي: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ما أنا من الدّد(١) ولا الدّد مني » ومع ذلك كان يمزح ولا يقول إلّا حقّاً، فلا يكون ذلك المزاح من الدد، لأن الحقّ ليس من الدد.

٦٧ -( باب كراهة القهقهة، واستحباب الدعاء بعدها بعدم المقت، واستحباب التبسم)

[٩٨٣٧] ١ - في الكافي والأمالي والنهج وكنز الكراجكي وغيرها: في حديث همام، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وإن ضحك لم يعل صوته ».

[٩٨٣٨] ٢ - الصدوق في العيون وغيره: في خبر شمائل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، بالأسانيد المتقدمة، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، عن خاله هند قال: « جلّ ضحكهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ التبسم، يفتر عن مثل حبة(١) الغمام ».

[٩٨٣٩] ٣ - وعن جعفر بن نعيم بن شاذان، عن أحمد بن إدريس، عن

__________________

٢٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٦٩ ح ١٢٤.

(١) جاء في هامش المخطوط ما نصّه: « الدّد: هو المزاح بالباطل » (منه قدّه).

الباب ٦٧

١ - الكافي ج ٢ ص ١٧٩ وأمالي الصدوق: ص ٤٦٠ ونهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٥ ح ١٨٨ وكنز الفوائد ص ٣٣.

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٣١٧.

(١) في المصدر: حبّ، وورد الحديث في مجمع البحرين ج ٢ ص ٣٣، والنهاية ج ١ ص ٣٢٦ وفيها: حبّ الغمام، تشبيه لثغرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ في بياضة وصفائه وبرده.

٣ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ ص ١٨٤ ح ٧، وعنه في البحار ج ٤٩ ص ٩٠ ح ٤.

٤١٣

إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن العباس، قال: ما رأيت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام جفا أحداً بكلامه - إلى أن قال - ولا رأيته يقهقه في ضحكه(١) ، بل كان ضحكه التبسم الخبر.

[٩٨٤٠] ٤ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن أنس بن مالك، قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، تبسّم حتى بدت نواجذه(١) .

[٩٨٤١] ٥ - محمد بن همام في التمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه، حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال - إلى أن قال - ضحكه تبسّماً » الخبر.

٦٨ -( باب كراهة الضحك من غير عجب)

[٩٨٤٢] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « إن من الجهل: النوم من غير سهر، والضحك من غير عجب ».

[٩٨٤٣] ٢ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا

__________________

(١) في المصدر زيادة: قطّ.

٤ - مكارم الأخلاق ص ٢١.

(١) النواجذ: الضواحك من الأسنان، وهي التي تبدو عند الضحك (مجمع البحرين ج ٢ ص ١٩٠).

٥ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

الباب ٦٨

١ - الجعفريات ص ٢٣٧.

٢ - الجعفريات ص ٢٣٥.

٤١٤

تبدين(١) عن واضحة، وقد عملت بالأعمال الفاضحة، ولا يأمنن البيات من عمل السيئات(٢) ».

[٩٨٤٤] ٣ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن الكاظمعليه‌السلام ، أنه قال لهشام بن الحكم: « إن الله عزّوجلّ يبغض الضحاك من غير عجب، والمشّاء إلى غير أرب » الخبر.

٦٩ -( باب كراهة كثرة المزاح والضحك)

[٩٨٤٥] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام لرجل: « أوصيك بتقوى الله، وإيّاك والمزاح فإنّه يذهب بالهيبة ».

[٩٨٤٦] ٢ - نهج البلاغة، والسيد علي بن طاووس في كشف المحجة، عن رسائل الكليني: بإسناده إلى جعفر بن عنبسة، عن عباد بن زياد الأسدي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال في وصيته لابنه الحسنعليه‌السلام : « المزاح يورث الضغائن - إلى أن قال - و إيّاك أن تكثر من الكلام هذراً، وأن تكون مضحكاً، وإن حكيت ذلك عن غيرك » الوصية.

__________________

(١) الظاهر « تتدبّر » (منه قدّه).

(٢) في المصدر: بالسيئات.

٣ - تحف العقول ص ٢٩٣.

الباب ٦٩

١ - الأخلاق، أخرجه في البحار ج ٧٣ ص ٦٠ ح ١٤ عن مستطرفات السرائر ص ٤٩١ باختلاف يسير.

٢ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٦٢ ح ٣١ باختلاف. وعنه في البحار ج ٧٧ ص ٢١٣،. وكشف المحجة ص ١٧٠ - ١٧١

٤١٥

[٩٨٤٧] ٣ - الشيخ في أماليه والصدوق في معاني الأخبار والخصال: في وصايا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إلى أبي ذرّ قال: قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف موسىعليه‌السلام ؟ قال: « كانت عبراً كلّها عجب لمن أيقن بالنار، ثم ضحك - إلى أن قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - إيّاك وكثرة الضحك، فإنّه يميت القلب، ويذهب [ بـ ](١) نور الوجه ».

[٩٨٤٨] ٤ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن عبيد الكندي، عن النوفلي، عن السكوني عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : الضحك هلاك ».

[٩٨٤٩] ٥ - الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبيد الله بن عبد الله، عن درست، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا تمزح فيذهب نورك » الخبر.

[٩٨٥٠] ٦ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الصادقعليه‌السلام ،

__________________

٣ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٤، معاني الأخبار ص ٣٣٥ باختلاف يسير، الخصال ص ٥٢٦ ح ١٣ باختلاف يسير.

(١) أثبتناه من الأمالي والمعاني والخصال.

٤ - البحار ج ٧٦ ص ٦١ ح ١٨ بل عن جامع الأحاديث ص ١٦.

٥ - بل أمالي الصدوق ص ٤٣٦، وعنه في البحار ج ٧٦ ص ٥٨ ح ٢ ولعل الشيخ المصنف قد اخرج الحديث من البحار، فسهى قلبه الشريف في نسبة الحديث إلى الخصال لتقارب رمزه « ل » مع رمز كتاب أمالي الصدوق « لي ».

٦ - الاختصاص ص ٢٣٠.

٤١٦

أنّه قال: « كثرة المزاح يذهب بماء الوجه، وكثرة الضحك يمحو الإيمان محواً ».

[٩٨٥١] ٧ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قول الله عزّوجلّ:( وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا ) (١) ما ذلك الكنز الذي أقام الخضر الجدار (لأجله)(٢) ؟ فقال: يا عليّ، علم مدفون في لوح من ذهب، مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم - إلى أن قال - عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك!؟ » الخبر.

[٩٨٥٢] ٨ - القطب الراوندي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال في حديث: « وأَقِلَّ الضحك، فإنّه يميت القلب ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « إيّاك والضحك، فإنّه هادم القلب ».

٧٠ -( باب استحباب التبسم في وجه المؤمن)

[٩٨٥٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واجتهد أن لا تلقى أخاً من إخوانك إلّا تبسمّت في وجهه، وضحكت معه في مرضاة الله، فإنّه يروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنّه قال: من ضحك في وجه

__________________

٧ - الجعفريات ص ٢٣٧.

(١) الكهف ١٨: ٨٢.

(٢) ليس في المخطوط، وقد استظهرها المصنف (قده) في الطبعة الحجرية.

٨ -

الباب ٧٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٤.

٤١٧

أخيه المؤمن تواضعاً لله عزّوجلّ، أدخله الجنّة ».

[٩٨٥٤] ٢ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً عن المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « تبسم المؤمن في وجه المؤمن حسنة ».

٧١ -( باب استحباب الصبر على أذى الجار وغيره)

[٩٨٥٥] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « ليس حسن الجوار أن تكفّ أذاك عن جارك، بل حسن الجوار أن تحتمل أذى جارك ».

[٩٨٥٦] ٢ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « ليس بمؤمن من خاف جاره غوائله(١) ، كائناً من(٢) كان الجار ».

[٩٨٥٧] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « حرمة الجار على الجار، كحرمة الأمهات على الأولاد ».

[٩٨٥٨] ٤ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « خير الجيران عند الله خيرهم لجاره، وخير الأصحاب عند الله خيرهم لأصحابه ».

__________________

٢ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

الباب ٧١

١ - الأخلاق: مخطوط، مشكاة الأنوار ص ٢١٣ باختلاف يسير.

٢ - الأخلاق: مخطوط، جامع الأحاديث ص ٨ باختلاف يسير.

(١) الغوائل: الأحقاد والمهالك والشر (مجمع البحرين ج ٥ ص ٤٣٧).

(٢) كذا في الطبعة الحجرية وفي المخطوط « ما ».

٣ - الأخلاق: مخطوط، جامع الأحاديث ص ٨ باختلاف في الألفاظ.

٤ - الأخلاق: مخطوط.

٤١٨

[٩٨٥٩] ٥ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « من أشراط الساعة: سوء الجوار، وقطيعة الرحم، وتعطيل الجهاد ».

[٩٨٦٠] ٦ - القطب الراوندي في دعواته: روي أنه جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وقال: أن فلاناً جاري يؤذيني، قال: « اصبر على أذاه، وكفّ أذاك عنه » فما لبث أن جاء وقال: يا نبي الله، إن جاري قد مات، فقال: « كفى بالدهر واعظاً، وكفى بالموت مفرّقاً ».

[٩٨٦١] ٧ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن زرارة عن، أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث، وربّما اجتمعت الثلاث عليه: إمّا أن يكون معه في الدار من يغلق عليه الباب يؤذيه، أو جار يؤذيه، أو شئ في طريقه وحوائجه يؤذيه، ولو أن مؤمناً على قلّة جبل ليبعث الله عليه شيطاناً، ويجعل له من إيمانه أنسا لا يستوحش إلى أحد ».

ورواه الحسين بن سعيد في كتاب ابتلاء المؤمن: عنهعليه‌السلام : مثله(١) .

[٩٨٦٢] ٨ - وعن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا أبا حمزة ما كان ولن يكون مؤمن، إلّا وله بلايا أربع: إما أن يكون له جار يؤذيه » الخبر.

__________________

٥ - الأخلاق: مخطوط.

٦ - دعوات الراوندي ص ١١٠.

٧ - التمحيص ص ٣٣٥ ح ٢٨.

(١) المؤمن ص ٢٣ ح ٢٩ باختلاف.

٨ - التمحيص ص ٣٢ ح ١٠.

٤١٩

[٩٨٦٣] ٩ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاث من أبواب البرّ: سخاء النفس، وطيب الكلام، والصبر على الأذى ».

[٩٨٦٤] ١٠ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إن [ من ](١) مكارم الأخلاق صدق الحديث - إلى أن قال - والتذمم للجار ».

٧٢ -( باب وجوب كفّ الأذى عن الجار)

[٩٨٦٥] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من كان يؤمن بالله فلا يؤذين جاره ».

[٩٨٦٦] ٢ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ليس يدخل الجنّة من يؤذي جاره، ومن لم يأمن جاره بوائقه ».

[٩٨٦٧] ٣ - أبو الفتح الكراجكي في كنزه: عن الفقيه أبي الحسن بن شاذان، عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن زياد، عن مفضّل بن عمر، عن

__________________

٩ - الجعفريات ص ٢٣١.

١٠ - الجعفريات ص ١٥١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٧٢

١ - الأخلاق: مخطوط، مشكاة الأنوار ص ٢١٤.

٢ - الأخلاق: مخطوط.

٣ - كنز الفوائد ص ٦٣.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

وواضح أن الأوامر الأربعة الواردة في هذه الآية ، هي تأكيد على مسألة التوحيد وآثاره العملية ، فالمسألة أعمّ من التوبة والعودة إليه تعالى وإلى تقواه وإقامة الصلوة وعدم الشرك به.

وفي آخر آية ـ من الآيات محل البحث ـ يبيّن القرآن واحدا من آثار الشرك وعلائمه في عبارة موجزة ذات معنى كبير ، فيقول : لا تكونوا من المشركين الذين انقسموا في دينهم على فرق واحزاب كثيرة :( مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً ) .

والعجيب في الأمر أنّهم على تضادّهم واختلافهم فإنّ( كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) .

أجل ، إن واحدة من علائم الشرك هي التفرقة ، لأنّ المعبودات المختلفة هي منشأ الأساليب المتفاوتة وهي أساس الانفصال والتفرق ، خاصة وأنّ الشرك هو توأم عادة لهوى النفس والتعصّب والكبر والأنانية وعبادة الذات ، أو متولد عنها ، لذلك لا يمكن أن تتحقق الوحدة والاتحاد إلّا في ظل عبادة الله ، والعقل والتواضع والإيثار!.

فعلى هذا ، حيثما وجدنا تفرقة واختلافا فينبغي أن نعرف أن نوعا من الشرك حاكم هناك ، ويمكن أن نستنتج من هذا الموضوع أن نتيجة الشرك هي تفرق الصفوف ، والتضاد ، وهدر القوى ، وأخيرا الضعف وعدم القدرة.

وأمّا مسألة( كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) فهي واضحة ودليلها بيّن ، حين يعتقدون أن ما لديهم حق ، لأنّ الهوى يزيّن للنفس عملها في نظر الإنسان وهذا التزيين نتيجته التعلق أكثر فأكثر ، والفرح بالطريق الذي اختارته النفس ، وإن كان هذا الطريق يؤدي إلى الضلال والانحراف.

إنّ عبادة الهوى لا تسمح للإنسان أن يرى وجه الحقيقة كما هو ، ولا يمكنه أن يقضي قضاء صحيحا خاليا من الحبّ والحقد.

٥٢١

يقول القرآن المجيد في الآية (٨) من سورة فاطر :( فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ) كالذي يمضي في طريق الحق ، ويرى الحقائق كما هي ، ويعرفها حق المعرفة؟!

* * *

بحثان

١ ـ التوحيد باعث داخلي قوي :

كما أنّ الدلائل العقلية والمنطقية توجّه الإنسان ، فإنّ في داخله دوافع وموانع أيضا بحيث تعين له الجهة «أحيانا» من حيث يدري أو لا يدري!

وفلسفة وجودها في داخل الإنسان ، هي أنّ الإنسان لا يستطيع ـ دائما ـ أن ينتظر إيعاز العقل والمنطق ، لأنّ هذا العمل قد يعطل الأهداف «الحياتية» بعض الأحيان.

فمثلا لو أراد الإنسان أن يستلهم من منطق «لزوم بدل ما يتحلل» ضرورة تناول الطعام أو «لزوم استمرار النسل عن طريق التوالد والتناسل» ضرورة الممارسة الجنسية ، وأن يعمل ويتحرك وفق المنطق في كل ذلك ، لكان ينبغي أن ينقرض الإنسان ـ قبل هذا الزمان بكثير ـ إلّا أن الغريزة الجنسية من جهة وجاذبيتها ، والاشتهاء للطعام من جهة أخرى ، يجرانه نحو هذا الهدف شاء أم أبى.

وكلما كانت الأهداف حياتية أكثر وعمومية ، كانت هذه «الدوافع» أشد وأقوى أيضا.

لكن ينبغي الالتفات إلى أن هذه الدوافع على نحوين :

فبعضها باطنية (غير واعية) لا تحتاج إلى وساطة العقل والشعور ، كما ينجذب الحيوان نحو الطعام والجنس دون الحاجة إلى التفكير.

وقد يكون تأثير الدوافع عن طريق الوعي ، أي إن هذه الدوافع الداخلية

٥٢٢

تترك أثرها في العقل والتفكير وتدفعه إلى انتخاب الطريق!

وعادة يطلق على النوع الأوّل من هذه الدوافع «الغريزة» وعلى النوع الثّاني «الفطرة» (فلاحظوا بدقّة).

عبادة الله والاتجاه نحوه لهما مكانه في نفوس جميع الناس ، وهو ما يصطلح عليه بـ «الفطرة».

ويمكن أن يعدّ بعض الناس هذا الكلام ادعاء محضا ، يدّعيه المؤمنون ، إلّا أن لدينا دلائل وشواهد مختلفة توضح بجلاء كون «الميل إلى الله» فطريا ، بل تؤكّد هذا الميل في جميع اصول الدين وأبعاده :

١ ـ إنّ دوام الإعتقاد الديني والإيمان بالله على امتداد التاريخ البشري بنفسه دليل على الفطرة! لأنّه إذا كان ذلك على سبيل العادة ، لما كانت له جنبة عمومية ولا جنبة دائمية ، فهذا العموم وهذا الدوام دليل على فطرية الحالة.

يقول المؤرخون الكبار : لم ير في المجتمعات الإنسانية في أعماق التاريخ البشري ، وفي عصر ما قبل التاريخ أن أقواما بشرية عاشت بلا دين إلّا بشكل استثنائي.

ويقول «ويل دورانت» المؤرخ المعاصر :

«إذا عرّفنا الدين على أنّه عبادة القوى التي هي أسمى من الطبيعة ، فينبغي أن نأخذ بنظر الإعتبار هذه المسألة الدقيقة ، وهي أن بعض الأمم البدائية لم يكن لها أي دين ظاهرا» ثمّ يضيف بعد ذكر أمثلة لهذا الموضوع : فما ذكر من الأمثلة هو في عداد الحالات النادرة ، والرأي القائل : التدين يشمل عموم أفراد البشر ، يوافق الحقيقة»!

ثمّ يضيف قائلا : «تعدّ هذه القضية في نظر الفيلسوف واحدة من القضايا الأساسية في التاريخ والدراسات النفسيّة ، فهو لا يقنع بهذه المسألة : إنّ جميع الأديان محشوّة بالباطل واللغو والخرافات ، بل هو ملتفت إلى هذه المسألة ، وهي

٥٢٣

أن الدين منذ قديم الأيّام كان مرافقا للتاريخ البشري»(١) .

ويختتم كلامه بهذا الاستفهام الكبير معنى ومغزى «ترى أين هو مصدر التقوى التي لا يخلوا القلب منها بأي وجه»؟!

وهذا المؤرخ نفسه يقول في تحقيقاته حول وجود الدين في فترات ما قبل التاريخ «وإذا لم نتصور للدين جذورا في فترات ما قبل التاريخ ، فلا يمكن أن نعرفها في الفترة التاريخية كما هي عليه»(٢) .

والتنقيبات عن إنسان ما قبل التاريخ التي تمت عن طريق الحفر ، تؤيد هذا الموضوع أيضا ، كما يصرح بذلك العالم الاجتماعي «ساموئيل كنيج» في كتابه «دراسة المجتمع» : إن الأسلاف الماضين للإنسان المعاصر «ممن ينتمون إلى إنسان نئاندرتال» كان لديهم دين حتما ، ويستدلّ بعدئذ لإثبات هذا الموضوع بالآثار التي عثر عليها عن طريق التنقيب والحفر ، ومنها أنّهم كانوا يدفنون موتاهم بكيفية خاصة ، ويدفنون معهم أشياء تدل على اعتقادهم بيوم القيامة».(٣)

وعلى كل حال ، فإنّ فصل الدين عن التاريخ البشري لا يمكن أن يقبله أي محقق وباحث.

٢ ـ إنّ المشاهدات عيانا في العالم المعاصر تكشف أنّه مع جميع ما بذل الطغاة والمستبدون ـ وأنظمتهم الجائرة من جهود وسعي لمحو الدين وآثاره وعن طرق مختلفة ـ لم يستطيعوا أن يستأصلوا الدين وجذوره من أعماق هذه المجتمعات.

ونعرف جيدا أنّ الحزب الشيوعي الحاكم في الاتحاد السوفياتي ، ومنذ أكثر من ستين سنة ، وبوسائل الإعلام و «الدعايات» المختلفة ، حاول أن يغسل

__________________

(١) تاريخ التمدن ، ج ١ ، ص ٨٧ ـ ٨٩.

(٢) تاريخ التمدن ، ج ١ ، ص ١٥٦.

(٣) دراسة المجتمع ، ص ١٩٢ أصله بالفارسية وعنوانه جامعه شناسي.

٥٢٤

الأذهان والعقول والقلوب من الإعتقادات الدينية مستعينا بالخلايا التنظيمية الجماعية ، إلّا أنّ الأخبار التي تسربت وتهربت من ذلك المحيط المغلق ، وما نقرؤه في الصحف والجرائد ، تكشف أنّهم «أي الحزب الحاكم في روسيا» مضافا الى عدم تحقيقهم هدفهم بالرغم من تشددهم في وسائل الإعلام ، فإنّه تبدو هذه الأيّام حالة من التطلع المتزايد الى المسائل الدينية في بعض الدول الاشتراكية وجمهوريات روسيا ممّا أقلق قادة النظام ، وهذا يدل على أنّه لو رفعوا الضغوط ولو يوما واحدا ، لعاد الدين إلى مكانه بسرعة فائقة ، وهذا بنفسه شاهد آخر على فطرية الدافع الديني أيضا.

٣ ـ الكشوفات الأخيرة من قبل النفسانيين وعلماء النفس في مجال أبعاد الروح الإنسانية ، شاهد آخر على هذا المدعى ، إذ أنّهم يقولون : «إنّ التحقيقات في المجالات النفسيّة تشير إلى بعد أصيل هو «البعد الديني» أو بتعبير آخر «بعد قدسي» أو «رباني» وربّما عدّوا هذا البعد أساسا للأبعاد الثلاثة الأخرى وهي «البعد العلمي» ، و «البعد الجمالي» ، و «البعد الخيّر».

إذ يدّعون بأن البواعث الأساسية للروح البشرية هي هذه :

١ ـ دافع البحث عن الحقيقة (الشعور العلمي) وهو مصدر أنواع العلوم ، والأهداف التحقيقية المستمرة ، والمتابعات في معرفة عالم الوجود!

٢ ـ حس «الإحسان والعمل الصالح» الذي يجذب الإنسان نحو المفاهيم الأخلاقية كالتضحية والإيثار والعدل والشهامة وأمثالها. حتى أنّه لو كان الإنسان غير واجد لهذه الصفات ، فإنّه يعشق من تتوفر فيهم هذه الصفات ، وهذا يدل على أن العشق للعمل الصالح والإحسان كامن في جذور النفس.

٣ ـ الحس «الجمالي» : وهو يجذب الإنسان نحو الفن الأصيل والأدب والمسائل الذوقية ، وربّما أصبح مصدر التحول في حياة الفرد أو المجتمع أحيانا.

٤ ـ الحس «الديني» ، أي الإيمان بمبدإ عال وعبادته واتّباعه.

٥٢٥

ونقرأ في مقالة كتبها «كوونتايم» في هذا المجال ما يلي :

«إنّ معرفة النفس بالبحث داخل النفس البشرية غير الواعية ـ التي بوشر بها بواسطة فرويد «في البداية» استمرّت بالاستعانة بـ «آدلر» و «يونك» ـ في أعماق روح الإنسان وصلت إلى عالم جديد من القوى المستورة ، وأنحاء الدرك والمعرفة وراء العقل ، ويمكن أن يكون الحسّ الديني مفتاحا من مفاتيح حل هذه الأحجية.

وبالرغم من أنّنا بعيدون للآن عن اتفاق الآراء ، إلّا أنّه ومع هذه الحال فما يزال «مسير فكري» في ازدياد يوما بعد يوم ، إذ يعتقد كثير من المفكرين بالتعريف الذي نورده ذيلا :

«إنّ الحس الديني واحد من العناصر الأولية الثابتة والطبيعية لروح الإنسان ، وهو أكثرها أصالة وماهويّة ، ولا يمكن مطابقته لأي من الأحاسيس والدوافع الأخرى ، حيث يمدّ جذوره الى أعماق اللاوعي ويعدّ «المفهوم الديني» أو بتعبير أصح «المفهوم المقدس» بالنسبة لمفاهيم الجمال والإحسان والحقيقة ، مقولة رابعة ، ولها أصالة المفاهيم الثلاثة ذاتها واستقلالها أيضا(١) .

كما نقرأ في المقالة المترجمة المقتبسة عن المحقق «تان كي دو ـ كنتن» ما يلي «كما أن من مزايا العصر الحاضر ـ في عالم الطبيعة ـ هو اكتشاف البعد الرابع ، الذي أطلق عليه اسم «بعد» الزمان مضافا الى الأبعاد الثّلاثة للجسم ، وهو في الوقت ذاته جامع لها ، فكذلك اكتشفت في هذا العصر المقولة الرابعة «المقدسة» أو المقولة الإلهية «الربانية» بموازاة المفاهيم الثلاثة «الجمال ، الإحسان ، طلب الحقيقة» وهي البعد الرّابع لروح الإنسان ، ففي هذا المقام أيضا فان هذا البعد الرّابع الروحي منفصل عن الأبعاد الثلاثة الأخرى ، وربّما كان هذا البعد منشأ

__________________

(١) يراجع كتاب الحسّ المذهبي أو البعد الرّابع ترجمه مهندس بياني (للكاتب كوونتايم).

٥٢٦

ولادة الأبعاد الثلاثة الأخرى»(١) .

٤ ـ إن التجاء الإنسان في الشدائد والمحن إلى قوة خفية وراء الطبيعة ، وطلب حل المشاكل والأزمات من قبل هذه القوة ، لهو أيضا شاهد آخر على أصالة هذا الدافع الباطني والإلهام الفطري ، ويمكن ـ بضمها إلى مجموع الشواهد التي ذكرناها آنفا ـ أن توقفنا على مثل هذا الدافع الباطني في داخلنا نحو الله سبحانه.

وبالطبع فمن الممكن أن يعدّ بعضهم هذا التوجه من آثار التلقينات أو الإعلام الديني في المحيط الاجتماعي المتدين!

إلّا أن عمومية هذه الظواهر في جميع الناس ، حتى في أولئك الذين لا علاقة لهم بالمسائل الدينية عادة ، تدلّ على أن لها جذرا أعمق من هذه الفرضية.

٥ ـ وفي حياة الإنسان حوادث وظواهر لا يمكن تفسيرها إلّا عن طريق أصالة الحسّ الديني فكثير من الناس نجدهم قد ضحوا بجميع ما لديهم من الإمكانات المادية ، ولا يزالون يضحون أيضا ، ويصبّون كل ما عندهم مع ما لديهم من سوابق تحت قدم الدين ، وربّما قدّموا أنفسهم في سبيله أيضا.

الشهداء الذين شربوا كأس الشهادة ـ من أجل تقدم الأهداف الإلهية وتحقّقها ـ بشوق وعشق بالغين ، بحيث نرى أمثالهم في تاريخ جهاد الإسلام الطويل ، بل في تأريخ الأمم الأخرى أيضا ، يكشفون عن هذه الحقيقة ، وهي أن الحس الديني له جذر عميق في روح الإنسان.

لكن قد يرد على هذا الكلام إشكال ، وهو أنّ أفرادا ـ كالشيوعيين مثلا ـ لهم موقع إلحاديّ ـ ضد الأيدلوجية والدين ـ ولا يكتمون موقعهم هذا أبدا كما أن لهم مواقف تضحوية في سبيل حفظ فكرتهم واعتقادهم!

إلّا أنّ هذا الإشكال ينحل تماما بملاحظة هذه المسألة ، وهي أنّه حتى

__________________

(١) المصدر نفسه الطبعة الثّانية ، ص ٣٩.

٥٢٧

الشيوعيون الذين ينفون الدين كليّا ـ بحسب الظاهر ـ ويعتقدون أن الدين مرتبط بالتأريخ القديم ، ولا يمكن أن يكون له مكان في المجتمعات الشيوعية أجل ، إن هؤلاء أنفسهم قد قبلوا بالدين بشكل آخر عن طريق العقل الباطني «واللاوعي».

فهم يقدّسون زعماءهم وقادتهم بالنظرة التي ينظرها المصريون القدماء أوثانهم ، وصفوفهم الطويلة عند جسد «لينين» لزيارته هي شاهد آخر على هذا الموضوع أيضا.

وهم عادة يعتبرون الأصول الماركسية كوحي السماء لا تقبل النقد والخدش ، فهي مقدّسة عندهم ، ويتصورون أن ماركس ولينين وانجلس كالمعصومين من الأخطاء والسهو ، ويعدون مراجعة العقل لاتخاذ موقف جديد من هذه الأصول ذنبا لا يغتفر أبدا ويخاطبون مخالفيهم بتعبيرنا الديني على أنّهم «مرتدون» وعلى هذا فهم يعتقدون بكثير من المفاهيم والمسائل الدينية ، غاية ما في الأمر هو أن تفكير هم نوع من الفكر الديني في شكل منحرف!

٢ ـ فطرة التوحيد في الأحاديث الإسلامية

موضوع «معرفة الله الفطرية» لم يختص به القرآن الكريم فحسب ، بل هو وارد في الأحاديث الإسلامية بشكل يسترعي الانتباه ، حيث أن بعضها يؤكّد على التوحيد بالفطرة ، وبعضها يؤكّد على المعرفة ، وقسم يتناول الفطرة «على الإسلام» وأخيرا فإن قسما منها تناول عنوان الولاية أيضا.

ففي حديث معتبر يرويه المحدث الكبير الشيخ الكليني في أصول الكافي ، وهو ما نقله

عن هشام بن سالم ، قال : سألت الإمام الصادقعليه‌السلام : ما المراد من قوله تعالى :( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ) فقال «هي التوحيد»(١) .

كما ورد في الكافي نفسه نقلا عن بعض أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام أيضا

__________________

(١) أصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١٠ ، باب «فطرة الخلق على التوحيد».

٥٢٨

حين سأله عن تفسير الآية المتقدمة فقال الإمامعليه‌السلام «هي الإسلام»(١) .

كما نقرأ حديثا متشابها لما سبق ـ عن الإمام الباقرعليه‌السلام جوابا لزرارة أحد أصحابه العلماء حين سأله عن تفسير الآية فقالعليه‌السلام «فطرهم على المعرفة به»(٢) .

والحديث المنقول عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله «كل مولود يولد على الفطرة حتى ليكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه» يؤكّد هذا المضمون أيضا(٣) .

وأخيرا فإننا نقرأ في أصول الكافي حديثا عن الإمام الصادقعليه‌السلام أيضا في تفسير الآية قال : «هي الولاية»(٤) .

وقد ورد في الخطبة الأولى لنهج البلاغة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث موجز العبارة غزير المعنى ، إذ يقولعليه‌السلام «فبعث فيهم رسوله ، وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكروهم منسي نعمته ، ويحتجوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول».

وطبقا للرّوايات المتقدمة ، فليست معرفة الله هي الفطرية فحسب ، بل مجموع الإسلام بشكل موجز «مضغوط» كامن في داخل الفطرة الإنسانية بدءا من التوحيد وانتهاء بالقادة الإلهيين وخلفائهم الصادقين ، وكذلك فروع الأحكام أيضا.

فعلى هذا ، وطبقا للتعبير الوارد في نهج البلاغة ، فإن عمل الأنبياء هو رعاية الفطرة حتى تفتح ، وتذكر الناس نعم الله المنسية ، ومن جملة هذه النعم الفطرة على التوحيد ، واستخراج كنوز المعرفة الدفينة في روح الإنسان وأفكاره!

وممّا يسترعي الانتباه أن القرآن الكريم ـ في آيات متعددة ـ يتخذ من الشدائد والمشاكل والحوادث المؤلمة التي يمر بها الإنسان في حياته مناخا

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) المصدر السابق.

(٣) تفسير «جمع الجوامع» للمرحوم الطبرسي ذيل الآية محل البحث.

(٤) تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ١٨٤.

٥٢٩

ملائما للحس الديني ، إذ يقول في واحدة من هذه الآيات :( فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ ) (١) .

وسنتحدث بإذن الله في هذا المجال ذيل الآيات المقبلة التي تشبه الآيات من سورة العنكبوت أيضا.

* * *

__________________

(١) العنكبوت ، الآية ٦٥.

٥٣٠

الآيات

( وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥) وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦) )

التّفسير

إنّ الآية الأولى من المقطع الذي بين أيدينا ، هي في الحقيقة استدلال وتأكيد على البحث السابق في مجال كون التوحيد فطريا ، وتفتح هذا النور الإلهي عند الشدائد والصعاب! إذ تقول الآية :( وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ) .

إلّا أنّهم الى درجة من السطحية والغباء التعصب والتقليد الأعمى لأسلافهم المشركين ، بحيث أنّه بمجرّد انتهاء المشكلة وهبوب نسيم الرحمة الالهية( ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ) .

والتعبير بـ( مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ ) إشارة إلى اصابتهم بقليل من الضرر كما أنّ التعبير( أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً ) إشارة إلى بلوغ شيء من النعمة ، لأنّ التعبير بـ «مسّ»

٥٣١

أو «ذاق» في مثل هذه الموارد يطلق على الأمور القليلة والجزئية ، وخاصّة باستعمال كلمتي «ضر» و «رحمة» نكرتين.

أي إنّ طائفة تبلغ بهم الحال إلى أن يفزعوا إلى الله عند حدوث أقل مشكلة لهم ، وتنكشف الحجب عن فطرتهم التوحيدية ، ولكن إذا رأوا نعمة ولو بأقل ما يتصوّر ، فإنّهم يغفلون عن واقعهم كليّا ، وينسون كل شيء!

وبالطبع ففي الحالة الأولى يبيّن القرآن أنّ الناس يفزعون جميعا إلى الله عند الضر والشدائد ، لأنّ فطرة التوحيد موجودة في الجميع.

ولكن في الحالة الثّانية يتحدث القرآن عن جماعة تسلك طريق الشرك فحسب ، لأنّ طائفة من عباد الله يذكرون الله في الشدائد وفي الرخاء وفي السراء والضراء. فلا تنسيهم المتغيّرات ذكر الله أبدا.

والتعبير بـ( مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ) ـ كما رأينا في مفهوم الإنابة سابقا ـ من مادة «النوب» وتعني العودة ثانية إلى الشيء ، هذا التعبير إشارة لطيفة للمعنى التالي ، وهو أنّ الأساس في الفطرة هو توحيد الله وعبادته ، والشرك أمر عارض ، حيث متى ما يئسوا منه فهم يعودون نحو الإيمان والتوحيد ، شاؤوا أم أبوا!.

والطريف هنا أنّ «الرحمة» في الآية مسندة إلى «الله» ، فهو سبحانه مصدر الرحمة للعباد ، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر إلّا أن الضرّ لم يسند إليه سبحانه ، لأنّ كثيرا من الابتلاءات والمشاكل التي تحوطنا هي من نتائج أعمالنا وذنوبنا.

وكلمة «ربّهم» التي تكررت في الآية تكررت في الآية مرّتين ، تؤكّد على أنّ الإنسان يحسّ بالتدبير الإلهي وربوبية الله على وجوده ما لم تؤثر عليه التعليمات الخاطئة فتسوقه نحو الشرك والضلال.

وينبغي ذكر هذه المسألة الدقيقة ، وهي أنّ الضمير في كلمة «منه» يعود إلى الله ، وهذا تأكيد على أن جميع النعم من الله سبحانه. وقد اختار كثير من المفسّرين هذا المعنى أمثال «الطباطبائي» في الميزان ، و «الطوسي» في التبيان ، و «أبو

٥٣٢

الفتوح الرازي» في تفسيره وغيرهم ، وإن ذهب غيرهم كالفخر الرازي الى إن الضمير في كلمة «منه» يعود على الضرّ ، وفسّروا الآية هكذا «حين يذيق الله عباده بعد الضرّ رحمة. إذا فريق منهم يشركون بالله». (فيكون معنى «من» هنا البدلية). إلّا أنّه من الواضح أن التّفسير الأوّل أكثر انسجاما مع ظاهر الآية!

أمّا الآية الأخرى فجاءت بعنوان التهديد لأولئك المشركين ، الذين ينسون ربّهم عند نيل النعم ، إذ تقول : اتركهم( لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ ) وليفعلوا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا! ثمّ يخاطب المشركين بأن يتمتعوا بهذه النعم والمواهب الدنيوية الفانية. وسوف يرون العاقبة السيئة لذلك :( فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) (١)

وبالرغم من أنّ المخاطبين بالآية هم المشركون ، إلّا أنّه لا يبعد أن يكون لها مفهوم واسع بحيث يشمل جميع الذين ينسون الله عند إقبال النعم ، وينشغلون بالتمتع بهذه النعم فحسب ، دون أن يذكروا واهب النعم.

وبديهي أن صيغة الأمر استعملت هنا للتهديد!.

والقرآن في الآية الأخرى يصوغ الكلام في صيغة الاستفهام المقرون بالتوبيخ فيقول :( أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ) .

«أم» هنا للاستفهام ، ويحمل الاستفهام هنا غرضا استنكاريا وتوبيخا أي إن سلوك هذا الطريق والخطة يجب أن يكون إمّا لنداء الفطرة ، أو بحكم العقل ، أو بأمر الله ، لكن حين يصرخ الوجدان والفطرة في الشدائد والملمات بالتوحيد فإن العقل يقول أيضا : ينبغي التوجه نحو واهب النعم.

يبقى أن حكم الله في هذه الآية هو في مورد النفي ، أي : لم يؤمروا من قبل الله بمثل هذا الأمر ، فعلى هذا فإن هؤلاء في اعتقادهم هذا لم يستندوا إلى أي أصل

__________________

(١) إنّ «اللام» في جملة «ليكفروا» هي لام الأمر ، وهذا الأمر للتهديد ، وكذلك جملة «تمتعوا» إذ هي للتهديد أيضا. وإن كانت الأولى جاءت بصيغة «الغائب» والثّانية بصيغة «الخطاب» فكأنّما افترض في الحالة الأولى أنّهم غيّاب ثمّ من أجل التشدّد بالتهديد جعلهم مواجهين للتهديد والخطاب ، إلّا أنّ بعض المفسّرين عدّوا «اللام» للعاقبة ، أي كان عاقبة أمرهم الكفر بنعم الله ، إلّا أن المعنى الأوّل أكثر انسجاما مع ظاهر الآية.

٥٣٣

مقبول!.

و «السلطان» معناه ما يدل على السلطة وينتهي إلى الإنتصار عادة ، ومعناه هنا هو الدليل المحكم المقنع.

والتعبير بـ «يتكلم» هو نوع من التعبير المجازي ، إذ ترانا نعبر عند وضوح الدليل قائلين «كأن هذا الدليل يتكلم مع الإنسان»!

واحتمل بعض المفسّرين أن المراد بالسلطان هنا هو أحد الملائكة المقتدرين ، فيكون استعمال «يتكلم» هنا على نحو الحقيقة ، أي لم نرسل عليهم ملكا يتكلم بالشرك فيتبعوه!.

إلّا أنّ التّفسير الأوّل أوضح كما يبدو!

أمّا آخر آية من الآيات محل البحث ، فهي ترسم طريقة تفكير وروحية هؤلاء الجهلة الأغبياء الذين يقنطون ويحزنون لأقل مصيبة ، فتقول :( وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ ) .

في حين أنّ المؤمنين الصادقين هم الذين لا يغفلون عن ذكر الله عند النعم ، ولا يقنطون عند الشدائد والمصيبة ، إذ هم يشكرون الله على نعمه ، ويرون المصيبة امتحانا واختبارا ، أو يعدونها نتيجة أعمالهم ، فيصبرون ويتّجهون إلى الله تعالى.

فالمشركون يعيشون دائما بين «الغرور» و «اليأس» ، أمّا المؤمنون فهم بين «الشكر» و «الصبر».

ويستفاد ضمنا من هذه الآية بصورة جيدة أنّ قسما من المصائب والابتلاءات التي تحل بالإنسان هي ـ على الأقل ـ نتيجة أعماله وذنوبه ، فالله يريد أن ينبههم ويطهرهم ويلفتهم إليه.

وينبغي الالتفات الى أنّ جملة( فَرِحُوا بِها ) ليس المراد منها هنا السرور بالنعمة فحسب ، بل السرور المقرون بالغرور ونوع من السكر والنشوة ، وهي الحالة التي يكون عليها الأراذل عند ما تتهيأ لهم وسائل العيش والحياة ، وإلّا فإن

٥٣٤

السرور المقرون بالشكر والتوجه نحو الله ليس أمرا سيئا ، بل هو مأمور به( قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ) (١) .

والتعبير( بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ) الذي ينسب المعاصي إلى الأيدي ، هو لأنّ أكثر الذنوب والأعمال يكون على يد الإنسان ، وإن كانت هناك ذنوب يكتسبها القلب أو البصر أو السمع ، إلّا أن كثرة الأعمال التي تصدر عن اليد استدعى هذا التعبير.

وهنا ينقدح هذا السؤال ، وهو : ألا تخالف هذه الآية ، الآية الثّالثة والثلاثين «ما قبل آيتين» لأنّ الكلام في هذه الآية عن يأسهم عند المصائب ، في حين أن الآية السابقة تتحدث عن توجههم إلى الله عند بروز المشاكل والشدائد.

والخلاصة ، إن واحدة من الآيتين تتحدث عن «الرجاء» والأخرى عن «اليأس»؟

لكن مع الالتفات إلى مسألة دقيقة يتّضح جواب هذا السؤال ، وذلك أن الآية المتقدمة كان الكلام فيها عن «الضر» أي الحوادث الضارة كالطوفان والزلزلة والشدائد الأخرى التي تصيب عامة الناس «الموحدين منهم والمشركين».

فيتذكرون الله في هذه الحال ، وهذا واحد من دلائل الفطرة على التوحيد.

أمّا في الآية محل البحث فالكلام على نتائج المعاصي واليأس الناشئ منها ، لأنّ بعض الأفراد إذا عملوا صالحا أصبحوا مغرورين وحسبوا أنفسهم مصونين من عذاب الله ، وحين يعملون السيئات وتحلّ بهم العقوبة فيغم وجودهم اليأس من رحمة الله ، فكلتا الحالين «العجب والغرور» و «اليأس والقنوط من رحمة الله» مذمومتان!

فعلى هذا تكون كلّ آية من الآيتين قد تناولت موضوعا منفصلا عن الآخر.

* * *

__________________

(١) يونس ، الآية ٥٨.

٥٣٥

الآيات

( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣٧) فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨) وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠) )

التّفسير

الآية الأولى من الآيات محل البحث ـ تتحدث عن التوحيد والربوبيّة أيضا ، وانسجاما مع سياق الآيات السابقة التي كانت تتحدث عن غرور بعض الناس الماديين عند إقبال النعمة عليهم ، ويأسهم وقنوطهم عند مواجهتهم الشدائد والبلاء ، فإنّها تقول :( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ ) .

فلا ينبغي أن يكون إقبال النعم مدعاة للغرور ونسيان الله والطغيان ، ولا إدبارها سببا لليأس والقنوط ، لأنّ سعة الرزق وضيقه بيد الله ، فتارة يرى المصلحة

٥٣٦

للعبد في الحالة الأولى «سعة الرزق» ، وتارة يراها في الثّانية ، أي «الضيق».

وصحيح أنّ العالم هو عالم الأسباب ، فمن جدّ وجد ، ومن سعى قاوم الصعاب ينل فائدة أكثر ويربح عادة ، وأمّا أولئك الكسالى فلا ينالون إلّا قليلا لكن هذه القاعدة في الوقت ذاته ليست دائمية ولا كلية ، إذ يتفق أن نرى أناسا جديرين وجادّين يركضون من هنا وهناك ، إلّا أنّهم لا يصلون إلى نتيجة يبلغون هدفهم ، وعلى العكس منهم قد نشاهد أناسا لا يسعون ولا يجدّون وتتفتح عليهم أبواب الرزق من كل حدب وصوب.

وهذه الاستثناءات كأنّها لبيان أنّ الله بالرغم من جميع ما جعل للأسباب من تأثير ، لا ينبغي أن ينسى في عالم الأسباب ، ولا ينبغي للإنسان أن يغفل أن وراء هذا العالم يدا قوية أخرى تديره كيف شاءت!

فأحيانا ـ ووفق مشيئته ـ توصد جميع الأبواب بوجه الإنسان مهما سعى وجدّ في الأمر ، وقد يرحم الإنسان وييسّر له الأمور الى درجة انه ما أن يخطو خطوة وإذا الأبواب متفتحة أمامه!

فما نرى في حياتنا من هذه المفارقات ، بالإضافة إلى أنّه يحدّ من الغرور المتولد من وفور النعمة ، واليأس الناشئ من الفقر ، فهو في الوقت ذاته دليل على أن وراء إرادتنا ومشيئتنا يدا قوية أخرى «تسيّر أعمالنا».

لذلك يقول القرآن في نهاية الآية :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .

وينقل بعض المفسّرين كلاما بهذا المضمون وهو : سئل أحد العلماء : ما الدليل على أنّ للعالم صانعا واحدا؟

فقال هناك ثلاثة أدلة : «ذل اللبيب ، وفقر الأديب ، وسقم الطبيب».(١)

أجل إن وجود هذه المستثنيات والمفارقات دليل على أن الأمور بيد قادر آخر ، كما ورد في كلام الإمام عليعليه‌السلام أيضا «عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم ،

__________________

(١) تفسير روح البيان ، ج ٧ ، ص ٢٩ ، ذيل الآية محل البحث.

٥٣٧

وحلّ العقود ، ونقض الهمم».(١)

وحيث أن كل نعمة وموهبة ينالها الإنسان تحمّله وظائف ومسئوليّات وعليه أداؤها ، فإن القرآن يوجه الخطاب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الآية التالية قائلا :( فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ) .

وينبغي أن لا تتصور عند سعة الرزق أن ما عندك هو لك فقط ، بل إنّ للآخرين في مالك حقّا أيضا ، ومن هؤلاء الأقارب والمساكين الذين باتوا متربين لشدة الفقر ، وكذلك الأعزة الذين ابتعدوا عن الوطن وانقطع بهم الطريق نتيجة حوادث معينة وهم محتاجون!

والتعبير بـ «حقّه» كاشف عن أنّهم شركاء في أموال الإنسان ، وإذا دفع المرء شيئا من ماله إليهم فإنّما يؤدي حقهم ، وليس له منّ عليهم!.

وهناك جماعة من المفسّرين يرون أنّ المخاطب في هذه الآية هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحسب ، وأن «ذا القربى» أرحامه ، وقد ورد في رواية عن أبي سعيد الخدري وغيره ما يلي : «لما نزلت هذه الآية على النّبي أعطى فاطمة فدكا وسلّمها إليها».(٢)

وبالمضمون نفسه نقل عن الإمام الباقر والصادقعليهما‌السلام أيضا.(٣)

وقد ورد المعنى نفسه مفصلا في احتجاج فاطمة الزهراءعليها‌السلام على أبي بكر في قضية فدك ، وذلك في رواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام .(٤)

غير أنّ جماعة من المفسّرين قالوا : إنّ الخطاب في هذه الآية عام ، وهو يشمل النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره ، وطبقا لهذا التّفسير فإنّ جميع الناس عليهم أن لا ينسوا حق ذوي القربى أيضا.

__________________

(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار الجملة ٢٥٠

(٢) مجمع البيان.

(٣) مجمع البيان.

(٤) تفسير على بن إبراهيم ، طبقا لنقل نور الثقلين عنه ، ج ٤ ، ص ١٨٦.

٥٣٨

وبالطبع فإنه لا منافاة في الجمع بين التّفسيرين ، وعلى هذا فإن مفهوم الآية مفهوم واسع ، والنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقرباه وخاصة فاطمة الزهراءعليها‌السلام هم المصداق الأتم لهذه الآية.

ومن هنا يتّضح أن لا منافاة لأي من التفاسير الآنفة مع كون السورة مكّية ، لأنّ مفهوم الآية مفهوم جامع ينبغي العمل به في مكّة وفي المدينة أيضا ، وحتى خبر إعطاء «فدك» لفاطمةعليها‌السلام على أساس هذه الآية مقبول جدّا.

الشيء الوحيد الذي يبقى هنا ، هو جملة «لما نزلت هذه الآية ...» في رواية أبي سعيد الخدري ، إذ أن ظاهرها أن إعطاء فدك كان بعد نزول الآية ، ولكن لو أخذنا كلمة «لما» به معنى العلة ، لا بمعنى الزمان الخاص ، ينحل هذا الإشكال ، ويكون مفهوم الآية أن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطى فاطمة فدكا لأمر الله إياه ، أضف إلى ذلك فإن بعض آيات القرآن يتكرر نزولها!.

ولكن لم ذكر هؤلاء الثلاثة من بين جميع المحتاجين وأصحاب الحق؟

لعل ذلك لأهميتهم ، لأنّ حق ذى القربى أهم وأعلى من أي حق سواه ، ومن بين المحرومين والمحتاجين فإنّ المساكين وأبناء السبيل أحوج من الجميع!.

أو أن ذلك لما أورده «الفخر الرازي» هنا إذ يقول : «في تخصص الأقسام الثلاثة بالذكر دون غيرهم ، مع أن الله ذكر الأصناف الثمانية في الصدقات ، فنقول : أراد هاهنا بيان من يجب الإحسان إليه على كل من له مال ، سواء كان زكويا أم لم يكن ، وسواء كان بعد الحول أو قبله ، لأنّ المقصود هاهنا الشفقة العامة ، وهؤلاء الثلاثة يجب الإحسان إليهم وإن لم يكن للمحسن مال زائد ، أمّا القريب فتجب نفقته وإن كان لم تجب عليه زكاة كمال القاصرين أو مال لم يحل عليه الحول ، والمسكين كذلك فإنّ من لا شيء له إذا بقي في ورطة الحاجة حتى بلغ الشدة ، يجب على من له مقدرة دفع حاجته وإن لم يكن عليه زكاة ، وكذلك من انقطع في مفازة ومع آخر دابة يمكنه بها إيصاله إلى مأمن ، يلزمه ذلك ، وإن لم تكن عليه

٥٣٩

زكاة ، والفقير داخل في المسكين ، لأنّ من أوصى للمساكين شيئا يصرف إلى الفقراء أيضا «فما ذكرته الآية من ترتيب لهؤلاء إنّما يناسب شأنهم».(١)

وعلى كل حال فإنّ القرآن يبيّن في نهاية الآية ترغيبا للمحسنين ، وشرط القبول ضمنا ، فيقول :( ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

أولئك المفلحون في هذه الدنيا ، لأنّ الإنفاق يجلب معه البركات العجيبة ، وفي الآخرة أيضا ، لأنّ الإنفاق هو أكثر الأعمال ثقلا في ميزان الله يوم القيامة.

ومع الالتفات إلى أن المراد من( وَجْهَ اللهِ ) ليس هو المحيّا الجسماني ، إذ ليس له تعالى وجه جسماني ، بل هو بمعنى ذاته المقدّسة ، فإن هذه الآية تشير إلى أن الإنفاق وإيتاء حق الأقارب وأصحاب الحق الآخرين ليس كافيا ، بل المهم هو الإخلاص والنية الطاهرة والخالية من أي أنواع الرياء والمنة والتحقير وانتظار الأجر والثواب.

وخلافا لما ذهب إليه بعض المفسّرين. من أنّ الإنفاق لغرض الوصول إلى الجنّة ليس مصداقا لوجه الله ، فان جميع الأعمال التي يؤديها الإنسان وفيها نوع من الارتباط بالله ، سواء كانت لمرضاته أو ابتغاء ثوابه أو للنجاة من جزائه ، فكلها مصداق لوجه الله ، وإن كانت المرحلة العليا والكاملة من ذلك أن لا يبتغي الإنسان من وراء عمله إلّا الطاعة والعبودية المحضة!.

وتشير الآية التالية ـ بمناسبة البحث المتقدم عن الإنفاق الخالص ـ إلى نوعين من الإنفاق : أحدهما لله ، والآخر يراد منه الوصول إلى مال الدنيا ، فتقول :( وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ) .

مفهوم الجملة «الثّانية» وهي إعطاء الزكاة والإنفاق لوجه الله والثواب واضح ، إلّا أن الجملة الأولى( وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً ) مختلف في تفسيرها مع

__________________

(١) ذيل الآيات محل البحث «الفخر الرازي».

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592