الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 175701 / تحميل: 6525
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ليس منا من انتهر مسلماً، أو غرّه(١) ، أو ماكره.

[١٠٢٦٧] ٣ - وبهذا الاسناد: قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أبالي إئتمنت(١) خائناً، أو مضيّعاً ».

[١٠٢٦٨] ٤ - وبهذا الإسناد: قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس من أخلاق المؤمن التملّق والحسد، إلّا في طلب العلم ».

[١٠٢٦٩] ٥ - وبهذا الإسناد: قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في دعاء له: وأعوذ بك من صاحب خديعة، إن رأى حسنة دفنها، وإن رأى سيئة أفشاها ».

[١٠٢٧٠] ٦ - وبهذا الإسناد: أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « اللهم إنّي أعوذ بك من الجوع(١) فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنّها بئس البطانة ».

[١٠٢٧١] ٧ - السيد علي بن طاووس في كشف المحجة: عن رسائل الكليني، بإسناده إلى جعفر بن عنبسة، عن عباد بن زياد الأسدي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال

__________________

(١) في المصدر: غيره.

٣ - الجعفريات ص ١٧١.

(١) في المصدر: أعنت.

٤ - الجعفريات ص ٢٣٥.

٥ - الجعفريات ص ٢١٩.

٦ - الجعفريات ص ٢١٩.

(١) في المصدر: الجزع.

٧ - كشف المحجة ص ١٦٨، وعنه في البحار ج ٧٧ ص ٢٠٩.

٨١

أمير المؤمنين في وصيّته لولده الحسنعليهما‌السلام : ولا تعمل بالخديعة فإنّها خلق لئيم - إلى أن قال - ما أقبح القطيعة بعد الصلّة، والجفاء بعد الإخاء، والعداوة بعد المودّة، والخيانة لمن إئتمنك، والغدر (لمن استنام)(١) إليك ».

[١٠٢٧٢] ٨ - الصدوق في الخصال في حديث الأربعمائة: قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « المؤمن لا يغش أخاه، ولا يخونه، ولا يخذله، ولا يتهمه (ولا يقول له أنا برئ)(١) ».

[١٠٢٧٣] ٩ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده عن آبائه، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس منا من غش مسلماً، أو ضرّه، أو ماكره ».

[١٠٢٧٤] ١٠ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ونروي: ليس منا من غش مؤمناً، أو ضرّه أو ماكره ».

[١٠٢٧٥] ١١ - المفيد في الإختصاص: عن عبد الله، عن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، عن أبي الحسن محمّد بن علي بن الفضل بن عامر الكوفي، عن أبي عبد الله الحسين بن محمّد بن الفرزدق الفزاري، عن أبي عيسى محمّد بن علي بن عمرويه(١) الطحان الورّاق، عن أبي محمّد

__________________

(١) في المصدر: بمن استأمن.

٨ - الخصال ص ٦٢٢.

(١) حصل وهم من ناسخ النسخة الحجرية حيث أدرج العبارة ما بين القوسين مع الحديث السابق.

٩ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٣٥ ح ١٣.

١٠ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٠.

١١ - الاختصاص ص ١٥٠، وعنه في البحار ج ٤٠ ص ٩٧ ح ١١٧.

(١) كان في المخطوط: عمرو، وما أثبتناه من المصدر والبحار.

٨٢

الحسن بن موسى، عن علي بن أسباط، عن غير واحد من أصحاب ابن دأب، أنه قال في جملة كلام له في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام : اجتمع(٢) الناس عليه فقالوا له: أكتب يا أمير المؤمنين إلى من خالفك بولايته ثم اعزله، فقالعليه‌السلام : « المكر، والخديعة، والغدر في النار ».

[١٠٢٧٦] ١٢ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: روي أنّ رجلاً قال لموسىعليه‌السلام : اسأل ربّك هل قبل عملي؟ فأجيب بلا، لأنّ في قلبك غشّاً لمسلم، قال: صدق.

١٢٠ -( باب تحريم الكذب)

[١٠٢٧٧] ١ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في خطبة طويلة: « أيّها الناس، ألا فاصدقوا إنّ الله مع الصادقين، وجانبوا الكذب فإنه مجانب للإيمان، ألا إن الصادق على [ شفا ](١) منجاة وكرامة، ألا إن الكاذب على شفا ردى وهلكة ».

[١٠٢٧٨] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن

__________________

(٢) في المخطوط: أجمع، وما أثبتناه من المصدر.

١٢ - لبّ اللباب: مخطوط.

الباب ١٢٠

١ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ الجعفريات ص ١٦٤.

٨٣

لإبليس كحلاً(١) ولعوقاً(٢) وسعوطاً(٣) فكحله النعاس، ولعوقه الكذب، وسعوطه الكبر ».

[١٠٢٧٩] ٣ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام أنه قال: « تسعة أشياء من تسعة أنفس، هن منهم أقبح منهن من غيرهم - إلى أن قال - والكذب من القضاة » الخبر.

[١٠٢٨٠] ٤ - وبهذا الإسناد: قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الكذّاب لا يكون صديقاً ولا شهيداً ».

[١٠٢٨١] ٥ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الحسن بن محبوب، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يكون المؤمن بخيلاً؟ قال: « نعم » قال [ قلت ](١) : فيكون جباناً؟ قال: « نعم » قلت: فيكون كذاباً؟ قال: « لا، ولا جافياً - ثم قال - جبل(٢) المؤمن على كلّ طبيعة، إلّا الخيانة والكذب ».

[١٠٢٨٢] ٦ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا يكذب الكاذب

__________________

(١) في المصدر: كحولاً.

(٢) اللعَوق بالفتح: اسم لمّا يلعق به كالدواء والعسل وغيره (مجمع البحرين ج ٥ ص ٢٣٣).

(٣) سعطه الدواء: أدخله في أنفه (مجمع البحرين ج ٤ ص ٢٥٣).

٣ - الجعفريات ص ٢٣٤.

٤ - الجعفريات ص ٨٠.

٥ - الاختصاص ص ٢٣١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: يجبل.

٦ - الإختصاص ص ٢٣٢.

٨٤

إلّا من مهانة نفسه، واصل السخرية الطمأنينة إلى أهل الكذب ».

[١٠٢٨٣] ٧ - القضاعي في الشهاب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من أعظم الخطايا اللسان الكذوب ».

[١٠٢٨٤] ٨ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال رجل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رسول الله، دلّني على عمل أتقرب به إلى الله، فقال: « لا تكذب » فكان ذلك سبباً لاجتنابه كلّ معصية لله، لأنه لم يقصد وجهاً من وجوه المعاصي، إلّا وجد فيه كذباً أو ما يدعو إلى الكذب، فزال عنه ذلك من وجوه المعاصي.

[١٠٢٨٥] ٩ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ثلاث خصال من علامات المنافق: إذا حدث كذب، وإذا إئتمن خان، وإذا وعد أخلف ».

[١٠٢٨٦] ١٠ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، أنه ذكر رجلاً كذاباً، ثم قال: « قال الله تعالى:( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) (١) ».

[١٠٢٨٧] ١١ - الشهيد في الدرّة الباهرة: عن أبي محمّد العسكريعليه‌السلام قال: « حطت الخبائث في بيت، وجعل مفتاحه

__________________

٧ - الشهاب:

٨ - الأخلاق: مخطوط.

٩ - الأخلاق: مخطوط.

١٠ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٧١ ح ٧١.

(١) النحل ١٦: ١٠٥.

١١ - الدرر الباهرة ص ٤٣.

٨٥

الكذب ».

[١٠٢٨٨] ١٢ - القطب الراوندي في دعواته: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « أربى الربا الكذب(١) ».

[١٠٢٨٩] ١٣ - وقال رجل لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤمن يزني؟ قال: « قد يكون ذلك » قال [ قلت ](١) : المؤمن يسرق؟ قال: « قد يكون ذلك » قال [ قلت ](٢) : يا رسول الله، المؤمن يكذب؟ قال: « لا، قال الله تعالى ٦ -( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) (٣) ».

[١٠٢٩٠] ١٤ - جامع الأخبار: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إياكم والكذب، فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار ».

[١٠٢٩١] ١٥ - وعن عبد الرزاق، عن نعمان، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « المؤمن إذا كذب بغير عذر، لعنه سبعون ألف ملك، وخرج من قلبه نتن حتى يبلغ العرش فيلعنه حملة العرش، وكتب الله عليه بتلك الكذبة سبعين زنية، أهونها كمن يزني مع أمّه ».

[١٠٢٩٢] ١٦ - وقال موسىعليه‌السلام : يا ربّ، أيّ عبادك خير

__________________

١٢ - دعوات الراوندي ص ٥٠ وعنه في البحار ج ٧٢ ص ٢٦٣ ح ٤٧.

(١) في المصدر: أريا الرياء.

١٣ - دعوات الراوندي ص ٥٠ وعنه في البحار ٧٢ ص ٢٦٣ ح ٤٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) النحل ١٦: ١٠٥.

١٤ - ١٥ - جامع الأخبار ص ١٧٣، وعنه في البحار ج ٧٢ ص ٢٦٣ ح ٤٨.

١٦ - جامع الأخبار ص ١٧٣.

٨٦

عملا؟ قال: من لا يكذب لسانه، ولا يفجر(١) قلبه، ولا يزني فرجه.

[١٠٢٩٣] ١٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : « عليكم بالصدق، وإيّاكم والكذب، فإنه لا يصلح إلّا لأهله ».

« نروي أن(١) رجلاً أتى سيدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول الله، علّمني خلقاً يجمع لي خير الدنيا والآخرة، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تكذب، فقال الرجل: فكنت على حالة يكرهها الله، فتركتها خوفاً من أن يسألني سائل(٢) : عملت كذا وكذا فافتضح، أو أكذب فأكون قد خالفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما حملني عليه ».

[١٠٢٩٤] ١٨ - نهج البلاغة: وفي وصيّة أمير المؤمنين لولده الحسنعليهما‌السلام « وعلّة الكذب أقبح علّة ».

[١٠٢٩٥] ١٩ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « إنّ أبي حدثني عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقلّ الناس مروّة من كان كاذباً ».

__________________

(١) في المخطوط: يعجز، وما أثبتناه من المصدر.

١٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٥.

(١) فقه الرضا عليه‌السلام ص ٤٨.

(٢) في المصدر: سائلها.

١٨ - نهج البلاغة: لم نجده في مظانه، وأخرجه في البحار ج ٧٧ ص ٢١٢ عن كتاب الوصايا لابن طاووس.

١٩ - الغايات ص ٦٦.

٨٧

[١٠٢٩٦] ٢٠ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن الكاظمعليه‌السلام ، أنه قال لهشام بن الحكم: « يا هشام العاقل لا يكذب، وإن كان فيه هواه ».

[١٠٢٩٧] ٢١ - ثقة الإسلام في الكافي: عن محمّد بن علي بن معمر، عن محمّد بن علي بن عكاية، عن الحسين بن نضر، عن أبي عمرو الأوزاعي عم عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة له: ولا سوأة أسوأ من الكذب ».

[١٠٢٩٨] ٢٢ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن عليعليه‌السلام ، قال: « أوصاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حين زوّجني فاطمةعليها‌السلام ، فقال: إيّاك والكذب فإنه يسوّد الوجه، وعليك بالصدق فإنه مبارك، والكذب شؤم » الخبر.

[١٠٢٩٩] ٢٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إنّ المؤمن ينطبع على كلّ شئ، إلّا على الكذب والخيانة ».

[١٠٣٠٠] ٢٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « الكذب مجانب الإيمان، ولا رأي لكذوب ».

[١٠٣٠١] ٢٥ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « واجتنبوا الكذب وإن رأيتم فيه النجاة، فإن فيه الهلكة ».

[١٠٣٠٢] ٢٦ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وإيّاكم والكذب فإنه من

__________________

٢٠ - تحف العقول ص ٢٩١.

٢١ - الكافي ج ٨ ص ١٩ ح ٤.

٢٢ - لبّ اللباب: مخطوط.

٢٣ - ٢٦ - لبّ اللباب: مخطوط.

٨٨

الفجور، وإنّهما في النار ».

[١٠٣٠٣] ٢٧ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن العبد إذا كذب تباعد منه الملك، من نتن ما جاء منه ».

[١٠٣٠٤] ٢٨ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « المؤمن يطبع على خلال شتّى، ولا يطبع على الكذب ».

وأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل، فقال: إنّي لا أصلّي، وأنا أزني وأكذب، فمن أيّ شئ أتوب؟ قال: « من الكذب » فاستقبله فعهد أن لا يكذب، فلمّا انصرف وأراد الزنا، فقال في نفسه: إن قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هل زنيت بعد ما عاهدت؟ فإن قلت: لا، كذبت، وإن قلت: نعم، يضربني الحدّ ثم أراد أن يتوانى في الصلاة، فقال: إن سألني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنها فإن قلت: صلّيت، كذبت، وإن قلت: لا، يعاقبني، فتاب من الثلاثة.

[١٠٣٠٥] ٢٩ - الحسن بن أبي الحسن الديلمي في إرشاد القلوب: عن عبد الله بن عمر، قال: جاء رجل إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول الله، ما عمل أهل النار؟ قال: « الكذب، إذا كذب العبد فجر، وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل النار ».

__________________

٢٧ - ٢٨ - لبّ اللباب: مخطوط.

٢٩ - إرشاد القلوب ص ١٨٥.

٨٩

١٢١ -( باب تحريم الكذب على الله، وعلى رسوله، وعلى الأئمة (صلوات الله عليهم))

[١٠٣٠٦] ١ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن عبد الرحمن(١) بن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إنّا أهل بيت صادقون، لا نخلو من كذّاب يكذب علينا، ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أصدق البرية لهجة، وكان مسيلمة يكذب عليه، وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام أصدق من برأ الله بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان الذي يكذب عليه، ويعمل في تكذيب صدقه بما يفتري عليه من الكذب، عبد الله بن سبأ لعنه الله.

وكان الحسين بن عليعليهما‌السلام قد ابتلي بالمختار، ثم ذكر أبو عبد اللهعليه‌السلام الحارث الشامي وبنان فقال كانا يكذبان على علي بن الحسينعليهما‌السلام ، ثم ذكر المغيرة بن سعيد، وبزيعا، والسري، وأبا الخطاب(٢) وبشار الأشعري، وحمزة البريري(٣) وصائد النهدي، فقال: لعنهم الله إنّا لا نخلو من كذّاب يكذب علينا، أو عاجز الرأي، كفانا الله مؤونة كلّ كذّاب، وأذاقهم حرّ الحديد ».

[١٠٣٠٧] ٢ - كتاب سليم بن قيس الهلالي: عن أمير المؤمنين

__________________

الباب ١٢١

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٥٩٣ ح ٥٤٩.

(١) في المخطوط: الحسين، وما أثبتناه من المصدر (راجع معجم رجال الحديث ج ٩ ص ٣٠١).

(٢) في المصدر زيادة: ومعمراً.

(٣) في نسخة: اليزيدي، (منه قدّه).

٢ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٠٤.

٩٠

عليه‌السلام - في كلام له في علل اختلاف الأخبار - قالعليه‌السلام : « وقد كذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على عهده حتى قام خطيباً فقال: أيّها الناس، قد كثرت علي الكذّابة، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، (إنّما أتاكم الحديث من أربعة)(١) ليس لهم خامس: رجل منافق (مظهر للإيمان)(٢) متصنّع بالإسلام، لا يتأثم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمداً » الخ.

[١٠٣٠٨] ٣ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في وصيّته لأبي جعفر محمّد بن النعمان: « يا ابن النعمان، إنّا أهل بيت لا يزال الشيطان يدخل فينا من ليس منّا، ولا من أهل ديننا، فإذا رفعه ونظر إليه الناس، أمره الشيطان فيكذب علينا، فكلّما ذهب واحد جاء آخر - إلى أن قال - فإن المغيرة بن سعيد كذب على أبي وأذاع سرّه، فأذاقه الله حرّ الحديد، وإنّ أبا الخطاب كذب عليّ وأذاع سرّي، فأذاقه الله حرّ الحديد » الخبر.

[١٠٣٠٩] ٤ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « ما أحد أكذب على الله ولا على رسوله، ممّن كذبنا أهل البيت، أو كذب علينا، لأنّا إنّما نحدّث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) في المصدر: (حين تُوفي رحمةُ الله على نبي الرحمة و صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنما يأتيك بالحديث أربعة نفر).

(٢) في المخطوط: يظهر الإيمان، وما أثبتناه من المصدر.

٣ - تحف العقول ص ٢٢٨.

٤ - كتاب محمّد بن شريح الحضرمي ص ٦١.

٩١

وعن الله، فإذا كذبنا فقد كذب الله ورسوله ».

[١٠٣١٠] ٥ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي جعفر محمّد بن علي(١) بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده عبد الصمد بن محمّد التميمي، قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم الفارسي، قال: حدثنا أحمد بن أبي الطيب بن شعيب، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أحمد بن حفص البختري حدثنا زكريا بن يحيى بن مروان، حدثنا عبد الرحمن بن صالح، حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي، عن أبي إسحاق، عن البراء، عن زيد بن أرقم، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث - أنه قال: « ألا وقد سمعتموني ورأيتموني، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار » الخبر.

[١٠٣١١] ٦ - العياشي في تفسيره: عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأوصياءعليهم‌السلام ، من الكبائر ».

[١٠٣١٢] ٧ - وعن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « من زعم أنّ الله يأمر(١) بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله - إلى أن قال - ون كذب على الله أدخله النار ».

[١٠٣١٣] ٨ - وعن محمّد بن منصور، عن عبد صالحعليه‌السلام ،

__________________

٥ - بشارة المصطفى ص ١٦٥.

(١) في المخطوط: الحسن، وما أثبتناه من المصدر (راجع معجم رجال الحديث ج ١٦ ص ٣٣١، ورياض العلماء ج ٥ ص ١٣٨).

٦ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٣٨ ح ١٠٦.

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١١ ح ١٤.

(١) في المصدر: أمر.

٨ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٢ ح ١٥.

٩٢

قال: سألته عن قول الله:( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً - إلى قوله -أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (١) فقال: « أرأيت أحداً يزعم أنّ الله أمرنا بالزنا وشرب الخمر، وشئ من هذه المحارم؟ » فقلت: لا، فقال: « ما هذه الفاحشة التي تدعون أنّ الله أمر بها »؟ فقلت: الله أعلم ووليّه، فقال: « إن هذه من أئمة الجور، ادّعوا أنّ الله أمرهم بالايتمام بهم فردّ الله ذلك عليهم فأخبرنا أنّهم قد قالوا عليه الكذب، فسمّى ذلك منهم(٢) فاحشة ».

[١٠٣١٤] ٩ - الشيخ المفيد في الأمالي: عن ابن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن علي بن حديد، عن علي بن النعمان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي النعمان العجلي، قال: قال أبو جعفر محمّد بن علي (صلوات الله عليهما): « [ يا أبا النعمان ](١) لا تحققن علينا كذباً فتسلب الحنيفيّة، يا أبا النعمان لا تستأكل بنا الناس، فلا يزيدك الله بذلك إلّا فقراً » الخبر.

[١٠٣١٥] ١٠ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « اتقوا الحديث عنّي إلّا ما علمتم، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار ».

__________________

(١) الأعراف ٧: ٢٨.

(٢) في المخطوط: منه، وما أثبتناه من المصدر.

٩ - أمالي المفيد ص ١٨٢ ح ٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٦ ح ٢٦٢.

٩٣

١٢٢ -( باب جواز الكذب في الإصلاح، دون الصدق في الفساد)

[١٠٣١٦] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يصلح الكذب إلّا في ثلاثة مواطن: كذب الرجل لامرأته، وكذب الرجل يمشي بين الرجلين ليصلح بينهما، وكذب الإمام عدوّه فإنّما الحرب خدعة ».

[١٠٣١٧] ٢ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال لرجل: « احلف بالله تعالى كاذباً، وانج أباك(١) من القتل ».

[١٠٣١٨] ٣ - الطبرسي في المشكاة: عن الباقرعليه‌السلام ، قال: « الكذب كلّه إثم، إلّا ما نفعت به مؤمناً، أو دفعت به عن دين المسلم ».

[١٠٣١٩] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كلّ كذب مسؤول عنه يوماً ما، إلّا كذب، في ثلاثة: رجل كائد في حربه فهو موضوع عنه، ورجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا يريد صلح ما بينهما، ورجل وعد أهله شيئاً ولا يريد أن يتم لهم عليه، يريد بذلك دفعها ».

__________________

الباب ١٢٢

١ - الجعفريات ص ١٧١.

٢ - الجعفريات ص ٢٤٢.

(١) في نسخة: أخاك، (منه قدّه).

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٩٠.

٤ - الجعفريات ص ١٧٦.

٩٤

[١٠٣٢٠] ٥ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن المفيد، عن محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن سهل الهمداني، قال: قال الصادقعليه‌السلام : « أيّما مسلم سئل عن مسلم فصدق، فأدخل على ذلك المسلم مضرّة، كتب من الكاذبين، ومن سئل عن مسلم فكذب، فأدخل على ذلك المسلم منفعة، كتب عند الله من الصادقين ».

[١٠٣٢١] ٦ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام - في حديث - قال: « ولقد قال إبراهيمعليه‌السلام : إنّي سقيم، والله(١) ما كان سقيماً وما كذب، ولقد قال إبراهيمعليه‌السلام : بل فعله كبيرهم، وما فعله كبيرهم، وما كذب، ولقد قال يوسفعليه‌السلام : أيّتها العير إنّكم لسارقون، والله ما كانوا سرقوا، وما كذب ».

وعنه، عن(٢) أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ما يقرب منه.

[١٠٣٢٢] ٧ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الأعمال المانعة من الجنّة: عن أحمد بن الحسين، بإسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث: والكذب كلّه إثم، إلّا ما نفعت به مؤمناً، أو دفعت به عن دين » الخبر.

__________________

٥ - الاختصاص ص ٢٢٤.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٨٤ ح ٤٩.

(١) في المصدر: ووالله.

(٢) تفسير العياشي ج ٢ ص ١٨٥ ح ٥٠.

٧ - كتاب الأعمال المانعة من الجنّة ص ٥٩.

٩٥

[١٠٣٢٣] ٨ - جامع الأخبار: عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « الكذب مذموم إلّا في أمرين: دفع شرّ الظلمة، وإصلاح ذات البين ».

١٢٣ -( باب تحريم كون الإنسان ذا وجهين ولسانين)

[١٠٣٢٤] ١ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس العبد عبد له وجهان: يقبل بوجه، ويدبر بوجه، إن أوتي أخوه المسلم خيراً حسده، وإن ابتلي خذله ».

[١٠٣٢٥] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « شرّ الناس من كان ذا وجهين ولسانين ».

[١٠٣٢٦] ٣ - وعن أبي جعفر محمّد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، أنه قال: « بئس العبد عبد يكون ذا وجهين ولسانين، يطري(١) أخاه شاهداً، ويأكل لحمه غائباً، إن أُعطي حسده، وإن ابتلي خذله ».

[١٠٣٢٧] ٤ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الصادقعليه‌السلام ، أن قال: « من لقي المؤمنين بوجه، وغابهم بوجه، أتى يوم القيامة

__________________

٨ - جامع الأخبار ص ١٧٣.

الباب ١٢٣

١ - نوادر الراوندي ص ٢٢، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٢٠٤ ح ١٠.

٢ - الأخلاق: مخطوط.

٣ - الأخلاق: مخطوط.

(١) الإطراء: مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه (النهاية ج ٣ ص ١١٧).

٤ - الاختصاص ص ٣٢.

٩٦

له(١) لسانان من نار ».

[١٠٣٢٨] ٥ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن الكاظمعليه‌السلام ، أنه قال لهشام بن الحكم: « يا هشام، بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه إذا شاهده، ويأكله إذا غاب عنه، إن أعطي حسده، وإذا ابتلي خذله » الخبر.

١٢٤ -( باب تحريم هجر المؤمن بغير موجب، وكراهته بعد الثلاث معه، واستحباب المسابقة إلى الصلة)

[١٠٣٢٩] ١ - السيد محيي الدين ابن أخ ابن زهرة صاحب الغنية في أربعينه: عن القاضي بهاء الدين أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، عن القاضي فخر الدين أبي الرضا سعيد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري، عن الحافظ ثقة الدين أبي القاسم زاهر بن طاهر بن محمّد بن الشحامي، عن أبي النصر عبد الرحمن بن علي بن موسى، عن أبي الحسن أحمد بن محمّد بن موسى، عن أبي الصلت، عن أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، عن أبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ».

[١٠٣٣٠] ٢ - الشيخ المفيد في كتاب الروضة: عن أبي عبد الله

__________________

(١) في المصدر: وله.

٥ - تحف العقول ص ٢٩٤.

الباب ١٢٤

١ - الأربعين ص ٢٢.

٢ - روضة المفيد:

٩٧

عليه‌السلام ، أنه قال: « المؤمن هديّة الله عزّوجلّ إلى أخيه المؤمن، فإن سرّه ووصله فقد قبل من الله عزّوجلّ هديّته، وإن قطعه وهجره فقد ردّ على الله عزّوجلّ هديّته ».

[١٠٣٣١] ٣ - الحسن بن علي بن شعبة في تحل العقول: عن المفضل بن عمر، أنّه قال لجماعة من الشيعة: وإيّاكم والتصارم، وإيّاكم والهجران، فإنّي سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « والله لا يفترق رجلان من شيعتنا على الهجران، إلّا برئت من أحدهما ولعنته، وأكثر ما أفعل ذلك بكليهما » فقال له معتب: جعلت فداك، هذا الظالم فما بال المظلوم؟ قال: « لأنه لا يدعو أخاه إلى صلته، سمعت أبي وهو يقول: إذا تنازع اثنان من شيعتنا، ففارق أحدهما الآخر، فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتى يقول له: يا أخي أنا الظالم، حتى ينقطع الهجران فيما بينهما، إنّ الله تعالى حكمٌ عدلٌ، يأخذ للمظلوم من الظالم ».

[١٠٣٣٢] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام ».

[٠٣٣٣] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا يحلّ لاحد يؤمن بالله، أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، يلتقيان فيعرض هذا عن وجه هذا، وهذا عن وجه هذا، فخيرهما الذي يبدأ بالسلام ».

[١٠٣٣٤] ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « خمسة ليس لهم صلاة - إلى أن قال - ومصارم لا يكلّم أخاه فوق ثلاثة أيام ».

__________________

٣ - تحف العقول ص ٣٩٠.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٦٢ ح ١٥٨.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٦٦ ح ٦٤.

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٦٧ ح ٦٥.

٩٨

١٢٥ -( باب تحريم إيذاء المؤمن)

[١٠٣٣٥] ١ - جامع الأخبار: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من آذى مؤمناً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فهو ملعون في التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان ».

وفي خبر آخر: « فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين ».

[١٠٣٣٦] ٢ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أحزن مؤمناً ثم أعطاه الدنيا، لم يكن ذلك كفّارته، ولم يؤجر عليه ».

[١٠٣٣٧] ٣ - أحمد بن محمّد البرقي في المحاسن: عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد أسري بي فأوحى إليّ من وراء الحجاب ما أوحى، وشافهني من دونه ما(١) شافهني، فكان فيما شافهني أن قال: يا محمّد من آذى(٢) لي ولياً فقد أرصدني بالمحاربة، ومن حاربني حاربته، قال: فقلت: يا ربّ، ومن وليّك هذا، فقد علمت أنه من حاربك حاربته؟ فقال: ذلك من أخذت ميثاقه لك، ولوصيّك، ولورثتكما بالولاية ».

[١٠٣٣٨] ٤ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً عن المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال

__________________

الباب ١٢٥

١ - جامع الأخبار ص ١٧٢.

٢ - جامع الأخبار ص ١٧٣.

٣ - المحاسن ص ١٣٦ ح ١٩.

(١) في المصدر: بما.

(٢) في المصدر: أذل.

٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٨٤.

٩٩

الله تبارك وتعالى: ليأذن بحرب منّي من آذى عبدي المؤمن، وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن » الخبر.

[١٠٣٣٩] ٥ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « من أدخل على رجل من شيعتنا سروراً، فقد أدخله على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك من أدخل عليه أذى أو غماً ».

[١٠٣٤٠] ٦ - عوالي اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من آذى مؤمناً بغير حقّ، فكأنّما هدم مكّة بيت الله المعمور عشر مرّات، وكأنّما قتل الف ملك من المقربين ».

ورواه العلامة(١) الحلي في الرسالة السعدية: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[١٠٣٤١] ٧ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من آذى مؤمناً آذاه الله، ومن أحزنه أحزنه الله، ومن نظر إليه بنظرة تخيفه بغير حقّ أو بجفاء، يخيفه الله يوم القيامة ».

__________________

٥ - المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٩.

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٦١ ح ٤٠.

(١) الرسالة السعدية:

٧ - لبّ اللباب: مخطوط.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

والمجاهدين في سبيل الله ، أو صفوف المصلّين والعباد.

رغم أنّ القرائن تشير إلى أنّ المراد من كلمة «الصافات» هو الملائكة ، إضافة إلى أنّ بعض الروايات قد أشارت إلى ذلك المعنى(١) .

وليس هناك أي مانع من أن تشمل كلمة «الزاجرات» الملائكة الذين يطردون وساوس الشياطين من قلوب بني آدم ، والإنسان الذي يؤدّي واجب النهي عن المنكر.

و «التاليات» إشارة إلى كلّ الملائكة والجماعات المؤمنة التي تتلو آيات الله ، وتلهج بذكره تبارك وتعالى على الدوام.

هنا يطرح هذا السؤال : ظاهر هذه الآيات ـ وبمقتضى وجود العطف بحرف (الفاء) بين الجمل الثلاث ـ يبيّن أنّ الطوائف الثلاث جاءت الواحدة بعد الاخرى ، فهل أنّ هذا الترتيب جاء بحكم الواجب المترتّب على كلّ طائفة؟ أم كلّ حسب مقامه؟ أم لكلا الأمرين؟

من الواضح أنّ الاصطفاف والاستعداد قد جاءا كمرحلة اولى ، ثمّ جاءت ـ كمرحلة ثانية ـ عملية إزالة العراقيل من الطريق. أمّا إعلان الأوامر وتنفيذها فقد كانت بمثابة المرحلة الثالثة.

ومن جهة اخرى فإنّ المستعدّين لتنفيذ الأوامر الإلهيّة لهم مرتبة ، والذين يزيلون العراقيل لهم مرتبة أعلى ، أمّا الذين يتلون الأوامر وينفّذونها فلهم مرتبة أسمى من الجميع.

على أيّة حال فإنّ قسم الله سبحانه وتعالى بتلك الطوائف يوضّح عظم منزلتهم عند الباريعزوجل ، ويشير إلى حقيقة مفادها أنّ سالكي طريق الحقّ عليهم للوصول إلى غايتهم أن يجتازوا تلك المراحل الثلاث والتي تبدأ بتنظيم الصفوف ووقوف كلّ مجموعة في الصفّ المخصّص لها ، ومن ثمّ العمل على إزالة العراقيل

__________________

(١) تفسير البرهان ، المجلّد ٤ ، الصفحة ١٥ ، الدرّ المنثور ، المجلّد ٥ ، الصفحة ٢٧١.

٢٨١

من الطريق ، ورفع الموانع بالصوت العالي ، الصوت الذي يتناسب مع مفهوم الزجر ، ومن بعد تلاوة الآيات الإلهيّة والأوامر الربّانية على القلوب المتهيّئة لتنفيذ مضامين تلك الأوامر.

فالمجاهدون السالكون لطريق الحقّ ليس أمامهم من سبيل سوى اجتياز تلك المراحل الثلاث ، وبنفس الصورة على العلماء العاملين أن يستوحوا في جهودهم الجماعية ذلك البرنامج.

وممّا يذكر أنّ بعض المفسّرين فسّروا الآيات على أنّها تعود على المجاهدين ، والبعض الآخر أكّد عودتها على العلماء ، ولكن حصر مفهوم الآيات بالمجاهدين والعلماء فقط مستبعد بعض الشيء ، وإن أعطيت الآيات طابعا عامّا فإنّها ستكون أقرب للواقع ، وإذا اعتبرناها تخصّ الملائكة فإنّ الآخرين يمكنهم تنظيم حياتهم وفق مناهج الملائكة.

أمير المؤمنين عليعليه‌السلام عند ما يصف بخطبته في نهج البلاغة الملائكة ، فإنّه يقسّمهم إلى مجموعات مختلفة ، ويقول : «وصافون لا يتزايلون ، ومسبّحون لا يسأمون ، لا يغشاهم نوم العيون ، ولا سهو العقول ، ولا فترة الأبدان ، ولا غفلة النسيان ، ومنهم أمناء على وحيه ، وألسنة إلى رسله»(١) .

أمّا آخر حديثنا عن الآيات الثلاث هذه ، فهو أنّ البعض يعتقد بأنّ القسم في هذه الآيات يعود إلى ذات الله ، وكلمة (ربّ) مقدّرة في جميع تلك الآيات ، حيث يكون المعنى كالتالي : وربّ الصافات صفّا ، وربّ الزاجرات زجرا ، وربّ التاليات ذكرا.

والذين فسّروا الآيات على هذا النحو ، فالظاهر أنّهم يعتقدون بأنّ العباد لا يحقّ لهم القسم بغير الله ، لذا فإنّ الله لا يقسم إلّا بذاته ، إضافة إلى أنّ القسم يجب أن يكون بشيء مهمّ ، ألا وهو ذات الله المقدّسة.

__________________

(١) الخطبة الاولى في نهج البلاغة.

٢٨٢

إلّا أنّ هؤلاء غفلوا عن هذه الحقيقة ، وهي أنّ حساب الله لا علاقة له بالعباد ، فالله تعالى ـ من أجل توجيه الإنسان ـ يقسم بآيات «الآفاق» و «الأنفس» ودلائل قدرته في الأرض والسماء ، وذلك لكي يتفكّر الإنسان بتلك الآيات ، وعن طريقها يعرف ربّه.

وجدير بالذكر أنّ بعض آيات القرآن المجيد ، ومنها آيات سورة الشمس تقسم بموجودات الكون إلى جانب القسم بذات الله المقدّسة ، إذن فالتقدير هنا غير سديد ، إذ يقول القرآن الكريم :( وَالسَّماءِ وَما بَناها وَالْأَرْضِ وَما طَحاها وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها ) (١) .

على أيّة حال ، فإنّ ظاهر الآيات ـ محلّ البحث ـ يدلّ على أنّ المجموعات الثلاث هي المقسم بها ، وتقدير الشيء هنا خلاف للظاهر ، ولا يمكن قبوله بغير دليل.

الآن نرى ما هو المراد من هذه الأقسام المفعمة بالمعاني ، أي القسم بالملائكة والإنس؟

الآية التالية توضّح ذلك وتقول :( إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ ) .

قسم بتلك المقدّسات التي ذكرناها فإنّ الأصنام ستزول وتدمّر ، وإنّه ليس هناك من شريك ولا شبيه ولا نظير لله سبحانه وتعالى.

ثمّ يضيف( رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ ) .

وهنا نطرح سؤالين :

١ ـ ما هي الضرورة لذكر «المشارق» بعد ذكر السماوات والأرض وما بينهما ، رغم أنّ المشارق هي جزء منهما.

ويتّضح الجواب من خلال الالتفات إلى هذه النقطة وهي : إنّ المراد من «المشارق» هو الإشارة إلى مواقع شروق الشمس في أيّام السنة ، أو إلى مشارق

__________________

(١) سورة الشمس ، الآيات ٥ ـ ٧.

٢٨٣

النجوم المختلفة في السماء ، حيث أنّها جميعا لها نظام وبرنامج خاصّ بها ، إضافة إلى النظام السماوي والأرضي الذي يوضّح العلم والقدرة والتدبير المطلق للخالق.

فالشمس في كلّ يوم تشرق من مكان غير المكان الذي أشرقت منه قبل يوم أو بعد يوم ، والفواصل الموجودة بين هذه النقاط منظمة ودقيقة للغاية ، حيث أنّها لا تزيد ولا تقلّ بمقدار ١ من الثانية ، وهذا التنظيم الدقيق موجود منذ ملايين السنين.

كما أنّ هذا النظام ينطبق على ظهور وغروب النجوم.

إضافة إلى ذلك فإنّ الشمس لو لم تكن تتحرّك ضمن مسير تدريجي طوال العام ، لم يعد هناك وجود للفصول الأربعة وللنعم المختلفة التي تظهر خلال تلك الفصول ، وهذا دليل آخر على عظمة وتدبير الخالقعزوجل .

ومن المعاني الاخرى لكلمة «المشارق» ، هو أنّ الأرض لكونها كروية الشكل ، فإنّ كلّ نقطة عليها تعتبر بالنسبة إلى النقطة الاخرى إمّا مشرقا أو مغربا ، وبهذا فإنّ الآية تؤكّد كروية الأرض ووجود المشارق والمغارب (ولا مانع من تحقّق المعنيين في الآية المذكورة).

أمّا السؤال الثاني الذي يطرح نفسه فهو : لماذا لم تأت كلمة «مغارب» في الآية في مقابل «المشارق» كما جاء في الآية (٤٠) من سورة المعارج( فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ ) .

والجواب على هذا السؤال ، هو أنّ قسما من الكلام ينسخ قسما آخر لوجود القرينة ، وفي بعض الأحيان يأتيان معا ، وهنا ذكر كلمة «المشارق» قرينة على «المغارب» وهذا التنوّع يوضّح فصاحة القرآن وبلاغته.

فيما قال بعض المفسّرين : إنّ ذكر كلمة (المشارق) يتناسب مع شروق الوحي بواسطة الملائكة( فَالتَّالِياتِ ذِكْراً ) على قلب النّبي الطاهرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

* * *

__________________

(١) تفسير الميزان ، المجلّد ١٧.

٢٨٤

الآيات

( إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠) )

التّفسير

حفظ السماء من تسلّل الشياطين!

الآيات السابقة تحدّثت عن طوائف الملائكة المكلّفة بتنفيذ المهام الجسام ، والآيات التالية ـ موضوع البحث ـ ستتحدّث عن الطائفة المقابلة لها ، أي الشياطين وعن مصيرهم. ويمكن أن تكون هذه الآيات مقدّمة لدحض معتقدات مجموعة من المشركين الذين يعبدون الشياطين والجنّ ، وتتضمّن كذلك درسا في التوحيد بين طيّاتها.

تبدأ الآية بالقول :( إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ ) (١) فلو رفع أحدنا

__________________

(١) «الكواكب» هنا بدل من الزينة ، ويحتمل كونها عطف بيان ، والزينة هنا اسم مصدر وليست مصدرا ، حيث

٢٨٥

ببصره نحو السماء في إحدى الليالي المظلمة ، لتجسّم في بصره منظر جميل يسحر الإنسان.

وكأنّ الكواكب تتحدّث معنا بلسانها الصامت ، لتكشف لنا أعن أسرار الخلق ، وأحيانا تكون شاعرة تنشد لنا أجمل القصائد الغزلية والعرفانية ، وإغماضها وتواريها ، ومن ثمّ إبراقها ولمعانها ، يوضّح أسرار العلاقة الموجودة بين العاشق والمعشوق.

حقّا إنّ منظر النجوم في السماء رائع الجمال ، ولا تملّ أيّ عين من طول النظر إليه ، بل إنّ النظر إليه يزيل التعب والهمّ من داخل الإنسان. (ممّا يذكر أنّ أبناء المدن في العصر الحاضر التي يغطّيها دخّان المصانع ، لا يستمتعون بمشاهدة السماء وهي مرصّعة بالكواكب كما يشاهدها الإنسان القروي حيث يدركون هذه المقولة القرآنية ـ أي تزيين السماء بالكواكب ـ بصورة أفضل).

ومن الجدير بالاهتمام قول الآية :( إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ ) في حين كانت الفرضيات الشائعة في ذلك الوقت في أذهان العلماء والمفكّرين هي أنّ السماء العليا هي التي تضمّ الكواكب (السماء الثامنة طبقا لفرضيات بطليموس).

وكما هو معروف فإنّ العلم الحديث دحض تلك الفرضيات. وعدم اتّباع القرآن لما جاء في تلك الفرضيات النادرة والمشهورة في ذلك الزمان معجزة حيّة لهذا الكتاب السماوي.

والنقطة الاخرى التي تلفت النظر هي أنّ ارتعاش نور الكواكب الجميل وغمزها للناظر يعود ـ من وجهة نظر العلم الحديث ـ إلى وجود القشرة الهوائية حول الأرض ، وهذا المعنى يتلاءم مع ما نصّت عليه الآية الكريمة( السَّماءَ الدُّنْيا ) .

__________________

غ جاء في الكتب الأدبية أينما وجدت نكرة بدل عن المعرفة فيجب مرافقتها بوصف ، وفي حالة العكس فإنّ الأمر غير واجب.

٢٨٦

أمّا في خارج جو الأرض فإنّ النجوم تبدو نقاط منيرة على وتيرة واحدة وليس لها ذلك التلألؤ ، على عكس ما يشاهد داخل جوّ الأرض.

أمّا الآية( وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ ) (١) فإنّها تشير إلى حفظ السماء من تسلّل الشياطين إليها.

كلمة (مارد) مشتقّة من (مرد) التي تعني الأرض المرتفعة الخالية من الزرع ، كما يقال للشجرة التي تساقطت أوراقها كلمة (أمرد) وتطلق على الفتى الذي لا شعر في وجهه. وهنا المقصود من كلمة (مارد) هو الشخص الخبيث العاري من الخير.

حفظ السماء من تسلّل الشياطين يتمّ بواسطة نوع من أنواع النجوم يطلق عليها اسم (الشهب) ، وسيشار إليها في الآيات القادمة.

ثمّ يضيف القرآن الكريم : إنّ الشياطين لا تتمكّن من سماع حديث ملائكة الملأ الأعلى ومعرفة أسرار الغيب التي عندهم ، فكلّما حاولوا عمل شيء ما لسماع الحديث ، رشقوا بالشهب من كلّ جانب( لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ ) .

نعم إنّهم يطردون من السماء بشدّة ، وقد أعدّ لهم عذاب دائم ، كما جاء في قوله تعالى :( دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ ) .

( لا يَسَّمَّعُونَ ) بمعنى (لا يستمعون) ويفهم منها أنّ الشياطين يحاولون معرفة أخبار «الملأ الأعلى» إلّا أنّه لا يسمح لهم بذلك.

( الْمَلَإِ الْأَعْلى ) ، تعني ملائكة السماوات العلى ، لأنّ كلمة (ملأ) تطلق في الأصل على الجماعة التي لها وجهة نظر واحدة ، وتعدّ في نظر الآخرين مجموعة متّحدة ومنسجمة ، كما تطلق هذه الكلمة على الأشراف والأعيان والدائرين في فلك

__________________

(١) (حفظا) على حدّ قول الكثير من المفسّرين مفعول مطلق لفعل محذوف والتقدير هو : وحفظناها حفظا. والبعض احتمل أنّها معطوفة على (بزينة) التي هي (مفعول له) ، وتقديرها إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا.

٢٨٧

مراكز القوى ، لأنّهم يعدّون في نظر الآخرين متّحدين أيضا ، ولكن عند ما يوصف الملأ بـ (الأعلى) فذلك إشارة إلى الملائكة الكرام ذوي المقام الأرفع والأسمى.

«يقذفون» مشتقّة من (قذف) وتعني رمي الشيء إلى مكان بعيد ، والمقصود هنا طرد الشياطين بواسطة الشهب ، التي سنتطرّق لها فيما بعد ، وهذا يوضّح أنّ الباريعزوجل لا يسمح للشياطين بالاقتراب من الملأ الأعلى.

«دحورا» مشتقة من (دحر) ـ على وزن (دهر) ـ وتعني طرد الشيء ودفعه ، أمّا كلمة (واصب) فإنّها تعني المرض المزمن ، وبصورة عامّة تعني الدائم والمستمر ، وفي بعض الأحيان تعني (الخالص)(١) .

وهنا إشارة إلى أنّ الشياطين لا يطردون ولا يمنعون من الاقتراب من السماء فحسب ، بل سيصيبهم في النهاية ـ مع ذلك ـ عذاب دائم.

وأشارت الآية أيضا إلى طائفة من الشياطين الشريرة التي تحاول الصعود إلى السماء العليا لاستراق السمع ، وإلى المصير الذي ينتظرها هناك ، كما جاء في الآية الشريفة( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ ) .

«الخطفة» أي اختلاس الشيء بسرعة.

و «الشهاب» شيء مضيء متولّد من النار ، ويرى نوره في السماء على شكل خطّ ممتدّ.

وكما هو معروف فإنّ الشهب ليست نجوما ، وإنّما تشبه النجوم ، وهي عبارة عن قطع صغيرة من الحجر متناثرة في الفضاء ، عند ما تدخل في مجال جاذبية الأرض ، تنجذب نحوها ، ونتيجة دخولها بسرعة إلى جوّ الأرض واحتكاكها الشديد مع الهواء المحيط بالكرة الأرضية فإنّها تشتعل وتحترق.

وكلمة «ثاقب» تعني النافذ والخارق ، وكأنّه يخترق العين بنوره الشديد ويثقبها ، وهذه إشارة إلى أنّ الشهاب يثقب كلّ شيء يصيبه ويحرقه.

__________________

(١) لقد تمّ بحث كلمة «واصب» أيضا في نهاية الآية (٥٢) من سورة النحل.

٢٨٨

وبهذا يكون هناك مانعان يحوّلان دون نفوذ الشياطين إلى السماء العليا :

الأوّل ، هو رشق الشياطين من كلّ جانب وطردهم ، والذي يتمّ على الظاهر بواسطة الشهب.

والثاني ، هو رشقهم بواسطة أنواع خاصّة من الشهب يطلق عليها اسم الشهاب الثاقب ، الذي يكون بانتظار كلّ شيطان يحاول التسلّل إلى الملأ الأعلى لاستراق السمع ، وهذا المعنى نجده أيضا في الآيتين (١٧) و (١٨) من سورة الحجر( وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ ) .

وفي الآية الخامسة من سورة الملك( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ ) .

ولكن هل يجب الالتزام بظواهر هذه الآيات؟ أم أنّ هناك قرائن تجبرنا على تفسيرها بخلاف الظاهر ، كاستخدام الأمثال والتشبيه والكناية؟

هناك وجهات نظر مختلفة بين المفسّرين ، فالبعض منهم التزم بظاهر الآيات وبنفس المعاني التي استعرضت في بداية الأمر ، وقالوا : هناك طوائف من الملائكة تسكن السماء القريبة والبعيدة تعرف أخبار الحوادث التي ستقع في العالم الأرضي قبل وقوعها ، لذا تحاول مجموعة من الشياطين الصعود إلى السماء لاستراق السمع ومعرفة بعض الأخبار ، لكي تنقلها إلى عملائها في الأرض أي الذين يرتبطون بها ويعيشون بين الناس ، ولكن ما أن يحاولون الصعود يرشقون بالشهب التي تتّصف بأنّها كالنجوم المتحرّكة ، فتجبرهم على التراجع ، أو تصيبهم فتهلكهم.

ويقولون : من الممكن أن لا نفهم بصورة دقيقة ما تعنيه هذه الآيات في الوقت الحاضر ، إلّا أنّنا مكلّفون بحفظ ظواهرها ، وترك تفاصيلها للمستقبل.

وقد اختار هذا التّفسير العلّامة «الطبرسي» في (مجمع البيان) و «الآلوسي» في (روح المعاني) و «سيّد قطب» في (الظلال) ، إضافة إلى عدد آخر من المفسّرين.

في حين يرى البعض الآخر أنّ الآيات المذكورة إنّما هي من قبيل الأمثال

٢٨٩

المضروبة تصوّر بها الحقائق الخارجة عن الحسّ في صورة المحسوس لتقريبها من الحسّ ، وهو القائلعزوجل :( وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) .(١)

وأضافوا : إنّ المراد من السماء التي تسكنها الملائكة ، عالم ملكوتي ذو أفق أعلى من عالمنا المحسوس ، والمراد باقتراب الشياطين من السماء واستراقهم السمع وقذفهم بالشهب ، هو أنّ هذه الشياطين كلّما حاولت الاقتراب من عالم الملائكة للاطلاع على أسرار الخليفة والحوادث المستقبلية ، طردت من هناك بواسطة نور الملكوت الذي لا يطيقونه ، ورمتهم الملائكة بالحقّ الذي يبطل أباطيلهم.

وإيراده تعالى قصّة استراق الشياطين للسمع ورميهم بالشهب ، عقيب الإقسام بملائكة الوحي وحفظهم إيّاه عن مداخلة الشياطين لا يخلو من تأييد لما ذكرناه(٢) .

ويحتمل أيضا أنّ السماء هنا هي كناية عن سماء الإيمان والمعنويات التي يحاول الشياطين النفوذ إليها ، إضافة إلى الانسلال إلى قلوب المؤمنين عن طريق الوساوس التي يبثّونها في قلوبهم ، إلّا أنّ الأنبياء والصالحين والأئمّة المعصومين من أهل البيت والسائرين على خطّهم الفكري والعملي يهاجمون الشياطين بالشهاب الثاقب الذي يمتلكونه ، ألا وهو العلم والتقوى ، ويمنعون الشياطين من الاقتراب من هذه السماء.

التّفسير المذكور أوردناه هناك كاحتمال ، وذكرنا بعض الدلائل والشواهد عليه في نهاية الآية (١٨) من سورة الحجرات.

هذه ثلاثة تفسيرات مختلفة للآيات مورد البحث والآيات المشابهة لها.

* * *

__________________

(١) العنكبوت ، ٤٣.

(٢) تلخيص من تفسير الميزان ، المجلّد السابع عشر ، الصفحة (١٢٥).

٢٩٠

الآيات

( فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢) وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤) وَقالُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) )

التّفسير

الذين لا يقبلون الحقّ أبدا :

هذه الآيات تعالج قضيّة منكري البعث ، وتتابع البحث السابق بشأن قدرة الباريعزوجل خالق السموات والأرض ، وتبدأ بالاستفسار منهم وتقول : اسألهم هل أنّ معادهم وخلقهم مرّة ثانية أصعب أو خلق الملائكة والسماوات والأرض :( فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا ) .

نعم ، فنحن خلقناهم من مادّة تافهة ، من طين لزج :( إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ ) .

فالمشركون الذين ينكرون المعاد ، قالوا بعد سماعهم الآيات السابقة بشأن خلق السموات والأرض والملائكة. إنّ خلق الإنسان أصعب من خلق السموات

٢٩١

والأرض والملائكة. إلّا أنّ القرآن الكريم أجابهم بالقول : إنّ خلق الإنسان مقابل خلق الأرض والسماء والملائكة الموجودة في هذه العوالم ، يعدّ لا شيء ، لأنّ أصل الإنسان يعود إلى حفنة من التراب اللزج.

«استفتهم» من مادّة «استفتاء» وتعني الحصول على معلومات جديدة.

وهذا التعبير إشارة إلى أنّ المشركين لو كانوا صادقين في أنّ خلقهم أهمّ وأصعب من خلق السماوات والملائكة ، فإنّهم قد جاؤوا بموضوع جديد لم يطرح مثله من قبل.

«لازب» يقول البعض : إنّ أصلها كان (لازم) ، حيث استبدلت (الميم) (باء) وحاليا تستعمل بهذه الصورة ، على أيّة حال فهي تعني الطين المتلازم بعضه ببعض ، يعني الملتصق لأنّ أصل الإنسان كان من التراب الذي خلط بالماء ، وبعد فترة أضحى طينا متجمعا ذا رائحة نتنة ، ثمّ تحول إلى طين متماسك (وهذه الصورة هي جمع لحالات متعدّدة مذكورة في عدّة آيات في القرآن المجيد).

ثمّ يضيف القرآن الكريم :( بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ) .

نعم أنت تتعجّب لإنكارهم بالمعاد ، لأنّك بقلبك الطاهر ترى المسألة واضحة جدّا ، وأمّا أصحاب القلوب السوداء فيعبدونها مستحيلة إلى حدّ أنّهم يستهزئون بها وينكرونها.

وما يمكن وراء تلك التصرفات القبيحة ليس هو الجهل ـ فقط ـ وعدم المعرفة ، بل إنّها اللجاجة والعناد ، إذ أنّهم كلّما ذكروا بدلائل المعاد والعقوبات الإلهيّة لا يتذكّرون( وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ ) .

والأنكى من ذلك ، أنّهم كلّما شاهدوا معجزة من معجزاتك ، لا يكتفون بالاستهزاء ، وإنّما يدعون الآخرين للاستهزاء أيضا( وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ ) .

( وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ) .

قولهم «هذا» المقصود منه تحقير المعجزات والآيات الإلهية والانتقاص منها ،

٢٩٢

وإطلاقهم كلمة «سحر» على تلك المعجزات لكونها من جهة أعمالا خارقة للعادة ، ولا يمكن نكرانها. ومن جهة اخرى فإنّهم لم يكونوا راغبين للاستسلام لتلك المعاجز ، وكلمة السحر كانت الكلمة الوحيدة التي تعكس خبثهم وترضي أهواءهم النفسية ، وتوضّح في نفس الوقت اعترافهم بالتأثير الكبير للقرآن ولمعجزات النّبي الأكرم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

* * *

ملاحظتان

١ ـ يعتقد بعض المفسّرين أنّ عبارة «يستسخرون» تعني «يسخرون» ، ولا يوجد أي فرق بين العبارتين. في حين يؤكّد البعض الآخر على وجود اختلاف بين المعنيين ، بقولهم : إنّ «يستسخرون» جاءت من باب استفعال ، وتعني دعوة الآخرين إلى المشاركة في الاستهزاء ، وتشير إلى أنّهم لم يكتفوا لوحدهم بالاستهزاء بآيات القرآن المجيد ، وإنّما سعوا لإشراك الآخرين في ذلك ، كي تصير المسألة عامّة في المجتمع.

والبعض يعتبر هذا الاختلاف توكيد أكثر يستفاد من عبارة (يستسخرون).

فيما فسّر البعض الآخر هذه العبارة بأنّها «الإعتقاد بكون الشيء مثيرا للسخرية» ، ويعني أنّهم نتيجة انحرافهم الشديد كانوا في قرارة أنفسهم يعتقدون ـ تماما ـ أنّ هذه المعجزات ليست أكثر من سخرية ، ولكن المعنى الثاني يعدّ أكثر مناسبا من غيره.

٢ ـ عزا بعض المفسّرين سبب نزول هذه الآية إلى قضيّة مفادها أنّ «ركانة» رجل من المشركين من أهل مكّة ، لقيه الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جبل خال يرعى غنما له ، وكان من أقوى الناس ، فقال له : يا ركانة أرأيت إنّ صرعتك أتؤمن بي؟

٢٩٣

قال : نعم. فصرعه ثلاثا ، ثمّ عرض عليه بعض الآيات ودعا عليه الصلاة والسلام شجرة فأقبلت ، فلم يؤمن وجاء إلى مكّة فقال : «يا بني هاشم ساحروا بصاحبكم أهل الأرض». فنزلت فيه وفي أضرابه هذه الآية.

* * *

٢٩٤

الآيات

( أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩) وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣) )

التّفسير

هل نبعث من جديد؟

الآيات هذه تتابع سرد أقوال منكري المعاد ، وتواصل الردّ عليها ، فالآية الاولى تعكس استبعاد البعث من قبل منكريه ، بهذا النصّ( أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) (١) (٢) .

__________________

(١) تفسير روح المعاني ، المجلّد ٢٣ ، الصفحة ٧٧.

(٢) هذه الآية هي بحالة جملة شرطية وشرطها (أإذا متنا) بينما جزاءها محذوف وجملة (أإنّا لمبعوثون) قرينة عليها ، لأنّ نفس هذه الجملة ـ طبقا للقواعد الأدبية ـ لا يمكن أن تكون جزاء.

٢٩٥

وهل سيبعث آباؤنا الأوّلون أيضا؟( أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ ) . فمن يستطيع جمع تلك العظام النخرة وأكوام التراب المتفرّقة المتبقّية من الإنسان؟ ومن يتمكّن من إعادة الحياة إليها؟

فهؤلاء ذوي القلوب العمياء نسوا أنّهم كانوا ترابا في اليوم الأوّل ، ومن التراب خلقوا ، وإذ كانوا يشكّكون في قدرة الله ، فعليهم أن يعرفوا أنّ الله كان قد أراهم قدرته ، وإن كانوا يشكّكون باستحالة التراب ، فقد أثبت ذلك من قبل ، وعلاوة على هذا فإنّ خلق السماوات والأرض بكلّ هذه العظمة لا تترك أي مجال للشكّ عند أحد في قدرة الباريعزوجل المطلقة.

ممّا يذكر أنّ منكري البعث صاغوا أقوالهم بشكل عبارات مؤكّدة (إذ أنّ جملة( أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) هي جملة اسمية استخدمت فيها (إن) و (لام) والتي تأتي كلّ منهما للتأكيد) وذلك لجهلهم ولجاجتهم.

وممّا يلفت النظر أنّ كلمة (التراب) قدّمت على (العظام) وهذا الأمر يحتمل أنّه يشير إلى إحدى النقاط الثلاث الآتية :

أوّلا : إنّ الإنسان بعد وفاته يصير عظاما في بداية الأمر ، ثمّ يتحوّل إلى تراب ، وبما أنّ إعادة التراب إلى الحياة يعدّ شيئا عجيبا ، لهذا قدّمت كلمة التراب.

ثانيا : عند اندثار أبدان الأموات ، في البداية تتحوّل اللحوم إلى تراب وتبقى إلى جانب العظام ، ولهذا فهناك تراب وعظام في آن واحد.

ثالثا : التراب يشير إلى أجساد الأجداد الأوّلين ، والعظام تشير إلى أبدان الآباء والتي لم تتحوّل بعد إلى تراب.

ثمّ يردّ القرآن على تساؤلاتهم بلهجة شديدة وعنيفة ، عند ما يقول للرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قل لهم : نعم أنتم وأجدادكم ستبعثون صاغرين مهانين أذلّاء ،( قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ ) (١) .

__________________

(١) (داخر) من مادّة (دخر) على وزن فخر (دخور) ، وكلتاهما تعطي معنى الذلّة والحقارة. الآية أعلاه فيها جملة

٢٩٦

فهل تتصوّرون أنّ عمليّة إحيائكم والأوّلين تعدّ مستحيلة ، أو هي عمل عسير على الله القادر والقوي؟ كلّا ، فإنّ صرخة عظيمة واحدة ممّن كلّفهم الله سبحانه وتعالى بذلك كافية لبعث الحياة بمن في القبور ، ونهوض الجميع فجأة من دون أيّ تمهيد أو تحضير من قبورهم ليشاهدوا بأعينهم ساحة المحشر التي كانوا بها يكذّبون( فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ ) .

(زجرة) مشتقّة من (زجر) وكما أشرنا إليها سابقا ، فإنّها تعني الطرد ، وأحيانا تأتي بمعنى الصرخة ، وهنا تفيد المعنى الثاني ، وهي إشارة إلى النفخة والصيحة الثانية لإسرافيل ، والتي سنتحدّث بشأنها في الآيات الأخيرة لسورة الزمر.

عبارة (ينظرون) تشير إلى نظر منكري البعث لساحة المحشر وهم مدهوشون ، أو النظر بعنوان انتظار العذاب ، وفي كلا الحالتين فإنّ المقصود ليس ـ فقط ـ عودتهم إلى الحياة ، وإنّما عودتهم إلى الشعور والنظر فور سماعهم الصيحة.

وتعبير( زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ) مع الالتفات إلى معنى الكلمتين ، يشير إلى أنّ البعث يتمّ بسرعة وعلى حين غرّة ، وإلى سهولته في مقابل قدرة الباريعزوجل ، إذ بصرخة واحدة (لملك البعث) المأمور بها تعود الحياة إلى حالتها الاولى.

وهنا تتعالى صرخات المشركين المغرورين وتبيّن ضعفهم وعجزهم وعوزهم ، ويقولون : الويل لنا فهذا يوم الدين( وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ ) .

نعم ، فعند ما تقع أعينهم على محكمة العدل الإلهي وشهودها وقضاتها ، وعلى علامات العقاب فإنّهم ـ من دون أن يشعروا ـ يصرخون ويبكون ، ويعترفون بحقيقة البعث ، الاعتراف الذي يعجز عن إنقاذهم من العذاب ، أو تخفيف العقاب الذي ينتظرهم.

وهنا يوجّه إليهم الخطاب من الباريعزوجل أو من ملائكته : نعم ، اليوم هو

__________________

تقديرية هي جوابها ، والبقيّة شيء إضافي عليها كي يكتسب القول قاطعية أكثر ، فالتقدير سيكون هكذا (نعم إنّكم مبعوثون حال كونكم داخرين).

٢٩٧

يوم الفصل الذي كنتم به تكذّبون ، يوم فصل الحقّ عن الباطل ، وفصل المجرمين عن المتّقين ، ويوم المحكمة الإلهيّة الكبرى( هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) .

ومثل هذه العبارات وردت في آيات اخرى من آيات القرآن الكريم ، والتي تتناول يوم القيامة ، وتعتبره يوم الفصل ، وهي عبارات عجيبة ورهيبة؟!(١) .

الملاحظ ، هو أنّ الكافرين يوم القيامة يطلقون على هذا اليوم اسم يوم الجزاء( يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ ) .

فيما يطلق عليه الباريعزوجل في كتابه الحكيم اسم يوم الفصل( هذا يَوْمُ الْفَصْلِ ) .

إنّ الاختلاف بين التعبيرين يمكن أن يكون لهذا السبب ، وهو أنّ المجرمين لا يفكّرون إلّا بالجزاء والعقاب الذي سينالهم ، ولكن الله سبحانه وتعالى يشير إلى معنى أوسع من الجزاء الذي يعدّ أحد أبعاد ذلك اليوم ، إذ يعتبر ذلك اليوم هو يوم الفصل ، نعم يوم فصل صفوف المجرمين عن المتّقين ، كما جاء في الآية (٥٩) من سورة يس( وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) فالأمر في ذلك اليوم موجّه إلى المجرمين أن انفصلوا عن المؤمنين ، فهنا ليست دار الدنيا التي تجمع بين المجرمين والمتّقين.

وكم يكون هذا المشهد رهيبا عند ما يشاهدون أقاربهم وأبناءهم ينفصلون عنهم لإيمانهم بالله ، ويتّجهون نحو جنان الخلد.

وعلاوة على أنّ ذلك اليوم هو يوم فصل الحقّ عن الباطل ، فيجب أن تتبيّن كلّ الخطوط المتضادّة والبرامج الحقيقيّة والكاذبة التي كانت مختلطة في عالم الدنيا في مكانها الخاصّ بها.

على أيّة حال ، إنّ ذلك اليوم ـ أي يوم الفصل ـ يعني أيضا يوم المحاكمة ، ففي

__________________

(١) الدخان ، الآية ٤٠ ، المرسلات ، الآيات ١٣ ، ١٤ ، ٣٨ ، النبأ الآية ، ١٧.

٢٩٨

ذلك اليوم يقضي الله العالم العادل بين عباده ويصدر أحكاما دقيقة بحقّهم ، وهنا يخزى المشركون.

إذن ، فطبيعة الدنيا هي اختلاط الحقّ بالباطل ، في حين أنّ طبيعة البعث هو فصل الحقّ عن الباطل ، ولهذا السبب فإنّ أحد أسماء يوم القيامة في القرآن المجيد (يوم الفصل) والذي كرّر عدّة مرّات ، اليوم الذي تظهر فيه كافّة الخفايا والأسرار ، ولا يمكن تجنب عملية فصل الصفوف.

ثمّ يصدر الباريعزوجل أوامره إلى ملائكته المكلّفين بإرسال المجرمين إلى جهنّم أن( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ ) .

نعم احشروهم وما كانوا يعبدون( مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ ) . (احشروا) مشتقّة من (حشر) ويقول الراغب في مفرداته : إنّها تعني إخراج الجماعة عن مقرّهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها.

وهذه الكلمة تأتي بمعنى «تجميع» في الكثير من الحالات.

على كلّ حال ، فالخطاب هنا إمّا أن يكون من جانب اللهعزوجل ، أو من طائفة من الملائكة إلى طائفة اخرى مكلّفة بسوق المجرمين إلى الجحيم والنتيجة واحدة.

(أزواج) هنا إمّا أن تشير إلى زوجات المجرمين والمشركين ، أو إلى من يعتقد اعتقادهم ويعمل عملهم ومن هو على شاكلتهم ، لأنّ هذه الكلمة تشمل المعنيين ، حيث نقرأ في سورة الواقعة الآية(٧) ( وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً ) .

وبهذا يحشر المشركون مع المشركين والأشرار ، وذوو القلوب العمياء مع نظائرهم ، ثمّ يساقون إلى جهنّم.

أو أنّ المقصود من الأزواج هم الشياطين الذين كانوا يشابهونهم في الشكل والعمل.

المهمّ ، هو عدم وجود أي اختلاف بين هذه المعاني الثلاثة ، ومن الممكن أن

٢٩٩

تجتمع في مفهوم الآية.

جملة( ما كانُوا يَعْبُدُونَ ) تشير إلى آلهة المشركين ، كالأصنام والشياطين والطغاة المتجبّرين والفراعنة والنماردة ، وعبّرت عنها بـ( ما كانُوا يَعْبُدُونَ ) لكون أغلب تلك الآلهة موجودات عديمة الحياة وغير عاقلة ، وقد اصطلح عليها بهذا التعبير لأنّه يعطي طابع التغليب.

(الجحيم) تعني جهنّم ، وهي من مادّة (جحمة) على وزن (ضربة) وتعني شدّة تأجيج النار.

والملاحظ في الآية استخدامها عبارة( فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ ) حقّا كم هذه العبارة عجيبة؟ ففي أحد الأيّام ارشدوا إلى الصراط المستقيم ولكنّهم لم يقبلوه ، واليوم يجب أن يهدوا إلى صراط الجحيم ، وهم مجبرون على القبول به ، وهذا توبيخ عنيف لهم يجعلهم يتحرّقون ألما في أعماقهم.

* * *

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581