الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل13%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 175404 / تحميل: 6517
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

الآيات

( فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ (١٠٩) كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠) )

التّفسير

إبراهيم عند المذبح :

بحثنا في الآيات السابقة انتهى عند هجرة إبراهيمعليه‌السلام من بابل بعد أن أدّى رسالته هناك ، وطلبه من الله أن يرزقه ولدا صالحا ، إذ لم يكن له ولد.

وأوّل آية في هذا البحث تتحدّث عن الاستجابة لدعاء إبراهيم ، إذ قالت الآية :( فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ) .

٣٦١

في الواقع إنّ ثلاثة بشائر جمعت في هذه الآية ، الاولى أنّه سيرزق طفلا ذكرا ، والثانية أنّ هذا الطفل يبلغ سنّ الفتوّة ، أمّا الثالثة فهي أنّ صفته حليم.

وكلمة (حليم) تعني الذي لا يعجّل في الأمر قبل وقته مع القدرة عليه ، وقيل : الذي لا يعجّل بالعقوبة ، والذي له روح كبيرة وهو متسلّط على أحاسيسه.

ويرى «الراغب» في مفرداته أنّ كلمة حليم تعني الضابط نفسه في لحظة الإثارة والغضب ، وبسبب كون هذه الحالة تنشأ من العقل والإدراك ، فإنّ كلمة وعكس تعني ـ أحيانا ـ العقل والإدراك.

ولكن المعنى الحقيقي لكلمة حليم هو المعنى الأوّل الذي ذكرناه.

ويمكن الاستفادة من هذا الوصف في أنّ الله بشّر عبده إبراهيم في أنّه سيعطي ابنه إسماعيل عمرا يمكن وصفه فيه بالحليم ، كما أنّ الآيات التالية ستوضّح أنّ إسماعيل بيّن مرتبة حلمه أثناء قضيّة الذبح ، مثلما وضّح أبوه إبراهيم حلمه في أثناء قضيّة الذبح ، وأثناء إحراقه بالنار.

وكلمة (حليم) كرّرت (١٥) مرّة في القرآن المجيد ، وأغلبها وردت وصفا لله ، عدا ثلاث موارد جاءت في وصف إبراهيم وابنه إسماعيل من قبل القرآن الكريم ، والثالثة جاءت في وصف شعيب وعلى لسان الآخرين.

وكلمة (غلام) حسب إعتقاد البعض تطلق على كلّ طفل لم يصل بعد مرحلة الشباب ، والبعض يطلقها على الطفل الذي اجتاز عمره العشر سنوات ولم يصل بعد إلى سنّ البلوغ.

ويمكن الاستفادة من العبارات المختلفة الواردة بلغة العرب في أنّ كلمة (غلام) تطلق على الذكر الذي اجتاز مرحلة الطفولة ولم يصل بعد إلى مرحلة الشباب.

أخيرا ، ولد الطفل الموعود لإبراهيم وفق البشارة الإلهيّة ، وأثلج قلب إبراهيم الذي كان ينتظر الولد الصالح لسنوات طوال ، اجتاز الطفل مرحلة الطفولة وأضحى

٣٦٢

غلاما. وهنا يقول القرآن :( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) .

يعني أنّه وصل إلى مرحلة من العمر يستطيع فيها السعي وبذل الجهد مع والده في مختلف امور الحياة وإعانته على أموره.

وقال البعض : بأنّ (السعي) هنا يعني العمل لله والعبادة ، وبالطبع فإنّ كلمة (السعي) لها مفاهيم ومعان واسعة تشمل هذا المعنى أيضا ، ولكنّها لا يقتصر معناها عليه. و (معه) تدلّ على أنّه كان يساعد والده في امور الحياة.

على كلّ حال ، فقد ذهب جمع من المفسّرين : إنّ عمر إسماعيل كان (١٣) عاما حينما رأى إبراهيم ذلك المنام العجيب المحير ، والذي يدلّ على بدء إمتحان عسير آخر لهذا النّبي ذي الشأن العظيم ، إذ رأى في المنام أنّ الله يأمره بذبح ابنه الوحيد وقطع رأسه. فنهض من نومه مرعوبا ، لأنّه يعلم أنّ ما يراه الأنبياء في نومهم هو حقيقة وليس من وساوس الشياطين ، وقد تكرّرت رؤيته هذه ليلتين أخريين ، فكان هذا بمثابة تأكيد على ضرورة تنفيذ هذا الأمر فورا.

وقيل : إنّ أوّل رؤيا له كانت في ليلة التروية ، أي ليلة الثامن من شهر ذي الحجّة ، كما شاهد نفس الرؤيا في ليلة عرفة ، وليلة عيد الأضحى ، وبهذا لم يبق عنده أدنى شكّ في أنّ هذا الأمر هو من الله سبحانه وتعالى.

إمتحان شاقّ آخر يمرّ على إبراهيم الآن ، إبراهيم الذي نجح في كافّة الامتحانات الصعبة السابقة وخرج منها مرفوع الرأس ، الامتحان الذي يفرض عليه وضع عواطف الابوّة جانبا والامتثال لأوامر الله بذبح ابنه الذي كان ينتظره لفترة طويلة ، وهو الآن غلام يافع قوي.

ولكن قبل كلّ شيء ، فكّر إبراهيمعليه‌السلام في إعداد ابنه لهذا الأمر ، حيث( قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى ) .

الولد الذي كان نسخة طبق الأصل من والده ، والذي تعلم خلال فترة عمره القصيرة الصبر والثبات والإيمان في مدرسة والده ، رحّب بالأمر الإلهي بصدر

٣٦٣

واسع وطيبة نفس ، وبصراحة واضحة قال لوالده :( قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ) .

ولا تفكّر في أمري ، فانّك( سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) .

فما أعظم كلمات الأب والابن وكم تخفي في بواطنها من الأمور الدقيقة والمعاني العميقة؟!

فمن جهة ، الأب يصارح ولده البالغ من العمر (١٣) عاما بقضيّة الذبح ، ويطلب منه إعطاء رأيه فيها ، حيث جعله هنا شخصيّة مستقلّة حرّة الإرادة.

فإبراهيم لم يقصد أبدا خداع ولده ، ودعوته إلى ساحة الامتحان العسير بصورة عمياء ، بل رغب بإشراكه في هذا الجهاد الكبير ضدّ النفس ، وجعله يستشعر حلاوة لذّة التسليم لأمر الله والرضى به ، كما استشعر حلاوتها هو.

ومن جهة اخرى ، عمد الابن إلى ترسيخ عزم وتصميم والده في تنفيذ ما أمر به ، إذ لم يقل له : اذبحني ، وإنّما قال له : افعل ما أنت مأمور به ، فإنّني مستسلم لهذا الأمر ، وخاصّة أنّه خاطب أباه بكلمة( يا أَبَتِ ) كي يوضّح أنّ هذه القضيّة لا تقلّل من عاطفة الابن تجاه أبيه ولو بمقدار ذرّة ، وأنّ أمر الله هو فوق كلّ شيء.

ومن جهة ثالثة ، أظهر أدبا رفيعا اتّجاه الله سبحانه وتعالى ، وأن لا يعتمد أحد على إيمانه وإرادته وتصميمه فقط ، وإنّما يعتمد على إرادة ومشيئة الله ، وبعبارة اخرى : أن يطلب توفيق الاستعانة والاستقامة من الله.

وبهذا الشكل يجتاز الأب وابنه المرحلة الاولى من هذا الامتحان الصعب بانتصار كامل.

ماذا يدور في هذا الوسط؟ القرآن الكريم لم يفصل مجريات الحدث ، وركّز فقط على النقاط الحسّاسة في هذه القصّة العجيبة.

كتب البعض : إنّ إسماعيل ساعد والده في تنفيذ هذا الأمر الإلهي ، وعمل على تقليل ألم وحزن والدته.

فعند ما أخذه والده للذبح وسط الجبال الجرداء والحارقة في أرض (منى) قال

٣٦٤

إسماعيل لوالده :

يا أبت ، أحكم من شدّ الحبل كي لا تتحرّك يدي ورجلي أثناء تنفيذك الأمر الإلهي ، أخاف أن يقلّل ذلك من مقدار الجزاء الذي سأناله.

والدي العزيز اشحذ السكّين جيّدا ، وامرره بسرعة على رقبتي كي يكون تحمّل ألم الذبح سهلا بالنسبة لي ولك.

والدي قبل ذبحي اخلع ثوبي من على جسدي كي لا يتلوّث بالدم ، لأنّي أخاف أن تراه والدتي وتفقد عنان صبرها.

ثمّ أضاف : أوصل سلامي إلى والدتي ، وإن لم يكن هناك مانع أوصل ثوبي إليها كي يسلّي خواطرها ويهدّئ من آلامها ، لأنّها ستشمّ رائحة ابنها منه ، وكلّما أحسّت بضيق القلب ، تضعه على صدرها ليخفّف الحرقة الموجودة في أعماقها.

قربت اللحظات الحسّاسة ، فالأمر الإلهي يجب أن ينفّذ ، فعند ما رأى إبراهيمعليه‌السلام درجة استسلام ولده للأمر الإلهي احتضنه وقبّل وجهه ، وفي هذه اللحظة بكى الاثنان ، البكاء الذي يبرز العواطف الإنسانية ومقدّمة الشوق للقاء الله.

القرآن الكريم يوضّح هذا الأمر في جملة قصيرة ولكنّها مليئة بالمعاني ، فيقول تعالى :( فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) (١) .

مرّة اخرى تطرّق القرآن هنا باختصار ، كي يسمح للقارئ متابعة هذه القصّة بانشداد كبير.

قال البعض : إنّ المراد من عبارة( تَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) هو أنّه وضع جبين ولده ـ طبقا لاقتراحه ـ على الأرض ، حتّى لا تقع عيناه على وجه ابنه فتهيج عنده عاطفة الابوّة وتمنعه من تنفيذ الأمر الإلهي.

__________________

(١) (تلّه) من مادّة (تلّ) وتعني في الأصل المكان المرتفع ، و (تلّه للجبين) تعني أنّه وضع أحد جوانب وجه ابنه على مكان مرتفع من الأرض.

(جبين) تعني أحد جانبي الجبهة أو الوجه ، وطرفي الوجه أو الجبهة يقال لهما (جبينان).

٣٦٥

على أيّة حال كبّ إبراهيمعليه‌السلام ابنه على جبينه ، ومرّر السكّين بسرعة وقوّة على رقبة ابنه ، وروحه تعيش حالة الهيجان ، وحبّ الله كان الشيء الوحيد الذي يدفعه إلى تنفيذ الأمر ومن دون أي تردّد.

إلّا أنّ السكّين الحادّة لم تترك أدنى أثر على رقبة إسماعيل اللطيفة.

وهنا غرق إبراهيم في حيرته ، ومرّر السكّين مرّة اخرى على رقبة ولده ، ولكنّها لم تؤثّر بشيء كالمرّة السابقة.

نعم ، فإبراهيم الخليل يقول للسكّين : اذبحي ، لكنّ الله الجليل يعطي أوامره للسكّين أن لا تذبحي ، والسكّين لا تستجيب سوى لأوامر الباريعزوجل .

وهنا ينهي القرآن كلّ حالات الانتظار وبعبارة قصيرة مليئة بالمعاني العميقة( وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) .

إذ نمنحهم توفيق النجاح في الامتحان ، ونحفظ لهم ولدهم العزيز ، نعم فالذي يستسلم تماما وبكلّ وجوده للأمر الإلهي ويصل إلى أقصى درجات الإحسان ، لا يمكن مكافأته بأقلّ من هذا.

ثمّ يضيف القرآن الكريم( إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ) .

عمليّة ذبح الابن البارّ المطيع على يد أبيه ، لا تعدّ عمليّة سهلة وبسيطة بالنسبة لأب انتظر فترة طويلة كي يرزقه الله بهذا الابن ، فكيف يمكن إماتة قلبه تجاه ولده؟ والأكثر من ذلك استسلامه ورضاه المطلق ـ من دون أي انزعاج ـ لتنفيذ هذا الأمر ، وتنفيذه كافّة مراحل العملية من بدايتها إلى نهايتها ، بصورة لا يغفل فيها عن أي شيء من الاستعداد لعملية الذبح نفسيا وعمليّا.

والذي يثير العجب أكثر هو التسليم المطلق لهذا الغلام أمام أمر الله ، إذ استقبل أمر الذبح بصدر مفتوح واطمئنان يحفّه اللطف الإلهي ، واستسلام في مقابل هذا الأمر.

لذا فقد ورد في بعض الروايات أنّ جبرئيل هتف «الله أكبر» «الله أكبر» أثناء

٣٦٦

عمليّة الذبح لتعجّبه.

فيما هتف إسماعيل «لا إله إلّا الله ، والله أكبر».

ثمّ قال إبراهيم «الله أكبر ولله الحمد»(١) .

وهذه العبارات تشبه التكبيرات التي نردّدها في يوم عيد الأضحى.

ولكي لا يبقى برنامج إبراهيم ناقصا ، وتتحقّق أمنية إبراهيم في تقديم القربان لله ، بعث الله كبشا كبيرا إلى إبراهيم ليذبحه بدلا عن ابنه إسماعيل ، ولتصير سنّة للأجيال القادمة التي تشارك في مراسم الحجّ وتأتي إلى أرض (منى)( وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) .

ما المراد بالذبح العظيم؟

هل أنّه يقصد منه الجانب الجسمي والظاهري؟

أو لأنّه كان فداء عن إسماعيل؟

أو لأنّه كان لله وفي سبيل الله؟

أو لأنّ هذه الاضحية بعثها الله تعالى إلى إبراهيم؟

المفسّرون قالوا الكثير بشأنها ، ولكن لا يوجد أي مانع يحول دون جمع كلّ ما هو مقصود أعلاه.

وإحدى دلائل عظمة هذا الذبح ، هو اتّساع نطاق هذه العملية سنة بعد سنة بمرور الزمن ، وحاليا يذبح في كلّ عام أكثر من مليون اضحية تيمنّا بذلك الذبح العظيم وإحياء لذلك العمل العظيم.

«فديناه» مشتقّة من (الفداء) وتعني جعل الشيء مكان الشيء لدفع الضرر عنه ، لذا يطلق على المال الذي يدفع لإطلاق سراح الأسير (الفدية) كما تطلق (الفدية) على الكفّارة التي يخرجها بعض المرضى بدلا عن صيامهم.

وبشأن كيفية وصول الكبش العظيم إلى إبراهيمعليه‌السلام ، أعرب الكثير من

__________________

(١) تفسير القرطبي ، وتفسير روح البيان.

٣٦٧

المفسّرين عن اعتقادهم في أنّ جبرئيل أنزله ، فيما قال البعض الآخر : إنّه هبط عليه من أطراف جبال (منى) ، ومهما كان فإنّ وصوله إلى إبراهيم كان بأمر من الله.

النجاح الذي حقّقه إبراهيمعليه‌السلام في الامتحان الصعب ، لم يمدحه الله فقط ذلك اليوم ، وإنّما جعله خالدا على مدى الأجيال( وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ) .

إذ غدا إبراهيمعليه‌السلام «أسوة حسنة» لكلّ الأجيال ، و «قدوة» لكلّ الطاهرين ، وأضحت أعماله سنّة في الحجّ ، وستبقى خالدة حتّى تقوم القيامة ، إنّه أبو الأنبياء الكبار ، وإنّه أبو هذه الامّة الإسلامية ورسولها الأكرم محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولمّا امتاز به إبراهيمعليه‌السلام من صفات حميدة ، خصّة الباريعزوجل بالسلام( سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ ) .

نعم ، إنّا كذلك نجزي ونثيب المحسنين( كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) جزاء يعادل عظمة الدنيا ، جزاء خالد على مدى الزمان ، جزاء يجعل من إبراهيم أهلا لسلام اللهعزوجل عليه.

وعبارة( كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) تثير الانتباه ، إذ أنّها أتت قبل عدّة آيات ، وتكرّرت ثانية هنا ، فهناك حتما علّة لهذا التكرار.

المرحلة الاولى ربّما كانت بسبب أنّ الله سبحانه وتعالى صادق على نجاح إبراهيم في الامتحان الصعب ، وأمضى نتيجة قبوله ، وهذه بحدّ ذاتها أهمّ مكافأة يمنحها الله سبحانه وتعالى لإبراهيم ، ثمّ تأتي قضيّة (الفدية بذبح عظيم) و (بقاء اسمه وسنّته خالدين على مدى التاريخ) و (إرسال الباريعزوجل سلامه وتحيّاته إلى إبراهيم) التي اعتبرت ثلاث نعم كبيرة منحها الله سبحانه وتعالى لعبده إبراهيم بعنوان أنّها مكافأة وجزاء للمحسنين.

* * *

٣٦٨

بحوث

١ ـ من هو ذبيح الله؟

اختلف المفسّرون بشأن الولد الذي امر إبراهيم بذبحه ، هل كان (إسماعيل أم إسحاق) الذي لقّب بذبيح الله؟ إذ أنّ هناك نقاشا بين المفسّرين ، فمجموعة تقول : إنّ (إسحاق) هو (ذبيح الله) فيما تعتبر مجموعة اخرى (إسماعيل) هو الذبيح ، التّفسير الأوّل أكّد عليه الكثير من مفسّري أهل السنّة ، فيما أكّد مفسّر والشيعة على أنّ إسماعيل هو الذبيح.

وظاهر آيات القرآن الكريم المختلفة تؤكّد على أنّ إسماعيل هو ذبيح الله ، وذلك للأسباب التالية :

أوّلا : في إحدى آيات القرآن الكريم نقرأ( وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) .(١) هذه العبارة توضح بصورة جيّدة ، أنّ الله سبحانه وتعالى بشّر إبراهيم بولادة إسحاق بعد قضيّة الذبح ، نتيجة تضحياته ، ولهذا فإنّ قضيّة الذبح لا تخصّه أبدا ، إضافة إلى أنّ الباريعزوجل عند ما يبشّر أحدا بالنبوّة ، فذلك يعني بقاء ذلك الشخص حيّا ، وهذا لا يتناسب مع قضيّة الذبح التي خصّت غلاما.

ثانيا : نقرأ في الآية ٧١ من سورة هود ، قوله تعالى :( فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ) هذه الآية توضّح أنّ إبراهيم كان مطمئنا على بقاء ولده إسحاق ، وأنّ الله سيرزق إسحاق ولدا اسمه يعقوب ، وهذا يعني أنّ الذبح لا يشمله أبدا. فالذين اعتبروا إسحاق هو الذبيح ، يبدو أنّهم لم يأخذوا بنظر الإعتبار حقيقة هذه الآيات.

ونقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث موثوق ، جاء فيه : «أنا ابن الذبيحين» والمقصود من الذبيحين ، الأوّل هو والده (عبد الله) الذي كان أبوه عبد المطّلب قد

__________________

(١) الصافات ، ١١٢.

٣٦٩

نذر بذبحه تقرّبا إلى الله تعالى والذي (فداه) بأمر من الله بـ (١٠٠) بعير ، وقصّته معروفة ، والثاني هو (إسماعيل) لأنّ من الأمور الثابتة كون نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو من أبناء إسماعيل وليس من أبناء إسحاق(١) .

وورد في الدعاء الذي رواه أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، (يا من فدا إسماعيل من الذبح)(٢) .

وجاء في روايات اخرى عن الإمامين المعصومين الباقر والصادقعليهما‌السلام ، أنّهما أجابا على أسئلة تستفسر عن الذبيح ، فأجابا أنّه إسماعيل.

وجاء في حديث نقل عن الإمام الرضاعليه‌السلام «لو علم اللهعزوجل شيئا أكرم من الضأن لفدى به إسماعيل»(٣) .

خلاصة الأمر ، هو أنّ الروايات والأحاديث التي وردت بهذا الشأن كثيرة ، وإذا أردنا استعراضها جميعا ، فإنّ البحث يتّسع كثيرا.

وفي مقابل هذه الروايات الكثيرة المتناسبة مع ظاهر الآيات القرآنية ، هناك روايات شاذّة تدلّ على أنّ إسحاق هو المقصود (بذبيح الله) ولا تتطابق مع روايات المجموعة الاولى ولا مع ظاهر الآيات القرآنية.

وبغضّ النظر عمّا قيل ، فهناك قضيّة مسلّم بها ، وهي أنّ الطفل الذي جاء به إبراهيم مع امّه إلى مكّة المكرّمة بأمر من الله ثمّ تركهما هناك ، وساعده من بعد في بناء الكعبة المشرفة ، وأدّى مراسم الطواف والسعي هو إسماعيل ، وهذا يدلّ على أنّ الذبيح هو إسماعيل ، لأنّ عملية الذبح تكمل الأعمال المذكورة أعلاه.

ممّا يذكر أنّ كتاب (التوراة) الحالي والمعروف بالعهد القديم يؤكّد على أنّ الذبيح كان إسحاق.

__________________

(١) تفسير مجمع البيان في ذيل الآيات المتعلّقة بالبحث.

(٢) نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٢١.

(٣) نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٢٢.

٣٧٠

هنا يستشف أنّ بعض الروايات الإسلامية غير المعروفة والتي تؤكّد على أنّ إسحاق هو (ذبيح الله) متأثّرة ببعض الروايات الإسرائيلية ، ويحتمل أنّ اليهود وضعوها ، وذلك لأنّهم من ذريّة (إسحاق) ، وقد حاولوا نسب هذا الفخر لهم ، حتّى ولو كان عن طريق تزييف الوقائع والحقائق ، وسلبه من المسلمين الذين كان نبيّهم نبي الرحمة أحد أحفاد إسماعيل.

على أيّة حال ، فإنّ ظواهر آيات القرآن الكريم هي أقوى دليل لنا ، إذ توضّح بصورة كافية ، أنّ الذبيح هو إسماعيل ، رغم أنّه لا فرق بالنسبة لنا إن كان الذبيح إسماعيل أو إسحاق ، فالإثنان هما أبناء إبراهيمعليه‌السلام ، وكلاهما من أنبياء الله العظام ، ولكن الهدف هو توضيح هذه الحادثة التاريخية.

٢ ـ هل أنّ إبراهيم كان مكلّفا بذبح ابنه؟

من الأسئلة المهمّة الاخرى التي تطرح نفسها في هذا البحث ، والتي تثير التساؤل في أوساط المفسّرين ، هي : هل أنّ إبراهيم كان حقّا مكلّفا بذبح ابنه أم أنّه كان مكلّفا بتنفيذ مقدّمات الذبح؟

فإن كان مكلّفا بالذبح ، فكيف ينسخ هذا الحكم الإلهي قبل تنفيذ عمليّة الذبح ، في حين أنّ النسخ قبل العمل غير جائز ، وهذا المعنى ثابت في علم (اصول الفقه).

وإن كان مكلّفا بتنفيذ مقدّمات عملية الذبح ، فهذا لا يعتبر فخرا له. وما قيل من أنّ أهميّة المسألة نشأت من أنّ إبراهيم بعد تنفيذه لهذا الأمر وتهيئة مقدّماته كان ينتظر نزول أمر بشأن الذبح وكان هذا هو الامتحان الكبير له ـ فهو كلام غير جدير بالردّ.

باعتقادنا ، أنّ التقوّلات هذه ناشئة عن عدم التفريق بين الأوامر الامتحانية وغير الامتحانية ، فالأمر الصادر إلى إبراهيم هو أمر امتحاني ، وكما هو معروف فإنّ الأوامر الامتحانية لا تتعلّق فيها الإرادة الحقيقيّة بطبيعة العمل ، وإنّما الهدف

٣٧١

منها توضيح مقدار الاستعداد الموجود عند الإنسان الممتحن بالنسبة إلى طاعته للأوامر؟ كما أنّ الشخص الممتحن ليس له اطلاع بخفايا الأمور. وبهذا الشكل فإنّ عملية النسخ لم تحصل هنا حتّى تناقش قضيّة صحّتها ووقوعها قبل العمل.

مخاطبة الباريعزوجل عبده إبراهيم بعد الحادثة( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا ) إنّما جاءت بسبب إثبات مقدرته على ذبح ابنه العزيز ، واستعداده روحيّا لتنفيذ هذا الأمر ، ونجاحه في هذا الامتحان.

٣ ـ كيف يمكن أن تكون رؤيا إبراهيم حجّة؟

بشأن (الرؤيا) هناك كلام كثير ، ورد جزء يسير منه في تفسير سورة يوسف بعد الآية الرابعة.

لا بدّ هنا من الالتفات إلى أمر وهو : كيف اعتبر إبراهيم منامه حجّة ، واتّخذه معيارا لعمله؟

في الجواب على هذا السؤال ، يقال : إنّ رؤيا الأنبياء لا يمكن أن تكون رؤيا شيطانية ، وإنّها ليست ناشئة عن فعّالية قوّة وهمية ، وإنّما هي جانب من نظام النبوّة والوحي.

وبتعبير آخر : إنّ ارتباط الأنبياء مع الوحي يكون أحيانا بشكل إلقاء في القلب.

وأحيانا عن طريق مشاهدة الوحي.

وأحيانا عن طريق سماع أمواج صوتية ، بعثت بأمر من الله.

وأحيانا عن طريق المنام.

وبهذا الشكل لا يمكن وقوع أي خطأ أو اشتباه في رؤيتهم ، والذي يشاهدونه في منامهم هو كالذي يشاهدونه في يقظتهم.

وقيل : إنّ إبراهيم أمر عن طريق الوحي أثناء يقظته بأن ينفّذ ما يراه بشأن الذبح في المنام.

٣٧٢

وقيل أيضا : إنّ القرائن المختلفة التي كانت في هذا المنام ، ومنها تكراره ثلاث ليال متتالية ، أوجد عنده علما ويقينا بأنّ ما شاهده في المنام هو تكليف إلهي وليس أمرا آخر.

على أيّة حال ، يمكن أن تكون كلّ هذه التفاسير صحيحة ، ولا يوجد تناقض بينها ، كما أنّها لا تتعارض وظواهر آيات القرآن الكريم.

٤ ـ عدم تأثّر روح إبراهيم الكبيرة بوساوس الشيطان :

لأنّ إمتحان إبراهيم كان من أكبر الامتحانات على طول التاريخ ، إذ كان الهدف منه إخلاء قلبه في أيّ حبّ لغير الله ، وجعله متنوّرا ـ فقط ـ بعشق وحبّ الله ، فقد عمد الشيطان ـ كما جاء في بعض الروايات ـ إلى تكريس كلّ طاقاته لعمل شيء ما يحول دون خروج إبراهيم منتصرا من الامتحان.

فأحيانا كان يذهب إلى زوجته (هاجر) ويقول لها : أتعلمين بماذا يفكّر إبراهيم؟ إنّه يفكّر بذبح ولده إسماعيل اليوم!

فكانت تجيبه هاجر : اذهب ولا تتحدّث بأمر محال ، فإنّه أرحم من أن يقتل ولده ، فهل يمكن العثور في هذه الدنيا على إنسان يذبح ولده بيده؟

الشيطان هنا يواصل وساوسه ، ويقول : إنّه يزعم بأنّ الله أمره بذلك.

فتجيبه هاجر : إذا كان الله قد أمره بذلك فعليه أن يطيع أوامر الله ، وليس هناك طريق آخر سوى الرضى والتسليم لأمر الله.

وأحيانا كان يذهب صوب (الولد) ليوسوس في قلبه ، لكنّه فشل أيضا إذ لم يحصل على أيّة نتيجة لأنّ إسماعيل كان كلّه قطعة من الرضى والتسليم لذلك الأمر.

وأخيرا اتّجه نحو الأب ، وقال له : يا إبراهيم إنّ المنام الذي رأيته هو منام شيطاني! لا تطع الشيطان!

٣٧٣

فعرفه إبراهيم الذي كان يسطع بنور الإيمان والنبوّة ، وصاح به : ابتعد من هنا يا عدوّ الله(١) .

وورد في حديث آخر أنّ إبراهيم جاء في البداية إلى (المشعر الحرام) ليذبح ابنه هناك ، ولكن الشيطان تبعه ، فترك المحلّ وذهب إلى مكان (الجمرة الاولى) فتبعه الشيطان أيضا ، فرماه إبراهيم بسبع قطع من الحجارة ، وعند وصوله إلى (الجمرة الثانية) شاهد الشيطان أمامه أيضا فرماه بسبع قطع اخرى من الحجارة ، وحالما وصل إلى جمرة العقبة وشاهد الشيطان ثالثة رماه بسبع اخرى ، وبهذا جعل الشيطان ييأس منه إلى الأبد(٢) .

من هنا يتّضح أنّ وساوس الشياطين أثناء أداء الامتحان الكبير يتعدّد أشكالها ، إذ أنّها تعترض طريق الإنسان من عدّة جهات وتتلوّن بعدّة ألوان ، فلذا يجب على المؤمنين أن يكونوا كإبراهيم قادرين على تشخيص الشيطان ومعرفته بسرعة مهما كان متسترا بشكل من الأشكال ، وإغلاق كلّ طريق يحتمل أن يرد منه ورميه بالحجارة ، فما أعظم هذا الدرس!!

٥ ـ فلسفة التكبيرات في (منى):

وكما هو معروف فإنّ من الأعمال الواردة في الروايات الإسلامية بشأن عيد الأضحى ، هي التكبيرات الخاصّة التي يردّدها المسلمون بعد الصلاة ، سواء كانوا من المشاركين في مراسم الحجّ بمنى ، أو ممّن لم يشارك فيها من المسلمين في سائر بقاع الأرض. (غاية الأمر انّ الحجّاج في منى يكبّرون بعده صلاة أوّلها بعد صلاة الظهر من يوم العيد ، وفي المناطق الاخرى يكبّر المسلمون هذه التكبيرات بعد ١٠ صلوات).

__________________

(١) تفسير أبو الفتوح الرازي ، المجلّد ٩ ، الصفحة ٣٢٦ ، في ذيل الآيات المتعلّقة بالبحث.

(٢) تفسير (أبو الفتوح الرازي) المجلّد (٩) الصفحة (٣٢٦) في ذيل الآيات الخاصّة بالبحث.

٣٧٤

وكيفيّة هذه التكبيرات هي : (الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا). فعند ما نقارن بين هذا الأمر والحديث الذي ذكرناه سابقا ، تتّضح حقيقة هذه التكبيرات ، وهي أنّها مجموع تكبيرات جبرئيل وإسماعيل ووالده إبراهيم ، وشيء أضيف إليه.

وبعبارة اخرى فإنّ هذه العبارات تحيي في الأذهان خاطرة انتصار إبراهيم وابنه إسماعيل في الامتحان الكبير ، وتعطي العبر لكلّ المسلمين ، سواء كانوا في منى أو في غيرها.

وقد اتّضح من الروايات الإسلامية أنّ سبب تسمية أرض (منى) بهذا الاسم ، إنّما يعود إلى أنّ إبراهيم عند ما وصل إلى هذه الأرض ، بعد ما اجتاز ـ بنجاح ـ الامتحان الصعب ، نزل عليه جبرئيل وقال له : اطلب ما شئت من ربّ العالمين ، فتمنّى من الله أن يأمره بذبح كبش فدية عن ابنه إسماعيل ، وقد تحقّقت أمنيته هذه(١) .

٦ ـ الحجّ عبادة مهمّة تبني الإنسان :

السفر للحجّ ـ في الحقيقة ـ هو سفر عظيم ، إذ أنّه سفر إلهي ، وساحة واسعة لبناء النفس والجهاد الأكبر.

مراسم الحجّ توضّح ـ في الواقع ـ عبادة ممزوجة ـ بصورة عميقة ـ بخاطرات جهاد إبراهيم وابنه إسماعيل وزوجته هاجر ، فلو أغفلنا عن هذه النقطة أثناء مطالعتنا الأمور الخاصّة بأسرار الحجّ ، فإنّ الكثير من مراسمه ستبدو لنا كألغاز ، نعم إنّ مفتاح حلّ هذه الألغاز هو الأخذ بنظر الإعتبار ذلك الامتزاج العميق.

فعند ما نأتي إلى مكان ذبح الأضاحي في أرضي (منى) نتعجّب لأيّ شيء تذبح هذه الأضاحي؟ فهل أنّ ذبح الحيوان يمكن أنّ يكون حلقة من مجموعة حلقات

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٢٠ ، الحديث ٦٨.

٣٧٥

العبادة؟

إلّا أنّنا عند ما نتذكّر إيثار إبراهيمعليه‌السلام الذي أراد ذبح أعزّ أعزّائه وأطيب ثمار عمره (إسماعيل) في تلك الأرض في سبيل الله ، العملية التي غدت سنّة فيما بعد وبعنوان ذبح الأضاحي في منى ، ندرك فلسفة هذا العمل.

فالذبح إشارة إلى اجتياز كلّ شيء في سبيل التوجّه إلى الله ، وهو مظهر لإخلاء القلب من كلّ شيء عدا ذكر الله ، ويمكن استمداد التربية الكافية من هذه المناسك ، إذا تجسّد لنا مشهد ذبح إسماعيل ، ومعنويات الأب وابنه إسماعيل أثناء عملية الذبح ، وهذا المشهد يجعل معنويات الإنسان تسطع بأنوارها(١) .

أمّا أثناء توجّهنا إلى رمي الجمرات (وهي ثلاثة أعمدة مبنية من الحجر يرميها الحجّاج أثناء تأديتهم لمراسم الحجّ ، وفي كلّ مرّة يرمون سبعة أحجار عليها وفق مراسم خاصّة) فيتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي : ماذا يعني رمي هذا المقدار من قطع الحجارة على عمود من الحجر لا روح فيه؟ وأي مشكلة سيحلّ هذا العمل؟

إلّا أنّنا عند ما نتذكّر أنّها تمثّل جهاد الموحّد إبراهيم ضدّ وساوس الشيطان الذي ظهر له ثلاث مرّات في الطريق ، وهو مصمّم على أن يثني إبراهيم عن عزمه في ساحة الجهاد الأكبر ، وكلّما ظهر له رماه بالحجر ، فإنّ محتوى هذه الشعيرة يتوضّح أكثر.

فمعنى هذه الشعيرة هو أنّكم طوال فترة عمركم تعيشون في ساحة الجهاد الأكبر ضدّ وساوس الشيطان ، وإن لم ترموا هذا الشيطان وتبعدوه عنكم فلن تنتصروا أبدا.

وإن كنتم تنتظرون أن يشملكم الله بلطفه ورحمته ، كما شمل إبراهيم بذلك

__________________

(١) ممّا يوسف له أنّ مراسم ذبح الأضاحي في عصرنا الحالي لا تتمّ بالشكل المطلوب ، ولذا على علماء الإسلام أن يبذلوا الجهد لإنقاذ هذه المراسم العظيمة ، وبهذا الشأن وبخصوص فلسفة الحجّ أوردنا بحوثا مفصّلة في ذيل الآية (٣٨) من سورة الحجّ.

٣٧٦

وبعث إليه بالسلام وأبقى رسالته وذكراه خالدتين في العالمين ، عليكم أن تسيروا على خطاه.

وفور ما نصل إلى الصفا والمروة ونشاهد أفواجا أفواجا من الناس تنساب من هذا التل الصغير إلى ذلك التل الأصغر ، وتعود مرّة اخرى من هنا إلى هناك ، وتكرّر هذا العمل من دون أن تحصل على شيء ، وأحيانا تهرول وأحيانا اخرى تمشي ، ومن الطبيعي أن يثير هذا العمل العجب ، فما ذا يفعل هؤلاء هنا ، وما هي المفاهيم التي يحملها هذا العمل؟

إلّا أنّنا لو رجعنا إلى الوراء ، واستذكرنا الجهود التي بذلتها تلك المرأة المؤمنة (هاجر) لإنقاذ حياة ابنها الرضيع (إسماعيل) في تلك الأرض القاحلة والحارقة ، وكيف أنّ الله سبحانه وتعالى أعطاها ما تريد بعد جهدها وسعيها ، عند ما فجّر عين زمزم من تحت رجلي ولدها الرضيع ، فجأة ترجع بنا عجلة الزمن إلى الوراء ، ويكشف لنا عن الحجب ، ونشاهد أنفسنا في تلك اللحظة واقفين قرب هاجرعليها‌السلام ، فنشترك معها في السعي والجهد ، لأنّ الذي لا يسعى ولا يبذل الجهد في سبيل الله ، لا يصل إلى نتيجة.

وبسهولة نستطيع تلخيص ما قلناه ، وهو أنّ الحجّ يجب أن يقترن بتعلّم هذه الرموز ، وتتجسّد ذكريات إبراهيم وابنه وزوجته خطوة خطوة ، كي يدرك الحاجّ فلسفة الحجّ وتشعّ أنوار آثاره الأخلاقية العميقة في نفوس الحجيج ، فبدون تلك المعاني والدروس يكون الحجّ مجرّد قشر ليس أكثر.

* * *

٣٧٧

الآيات

( إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١) وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (١١٣) )

التّفسير

إبراهيم ذلك العبد المؤمن :

الآيات الثلاث المذكورة أعلاه هي آخر الآيات التي تواصل الحديث عن قصّة إبراهيم وابنه وتكملها ، وفي الحقيقة إنّها دليل يوضّح ما مضى ، وفي نفس الوقت هي نتيجة له.

في البداية تصف الآية القرآنية الكريمة إبراهيم( إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ) .

وفي الواقع إنّ هذه الآية دليل على ما ذكر فيما قبل ، كما توضّح حقيقة مفادها أنّ إيمان إبراهيم القوي دفعه إلى أن يضع كلّ وجوده وكيانه وحتّى ابنه العزيز البارّ ، في صحن الإخلاص فداء لربّه سبحانه وتعالى.

نعم كلّ هذه هي من ثمار الإيمان ، وتجلّياته ، وما أعجب هذه الثمار

٣٧٨

والتجلّيات!!

هذا التعبير يعطي أبعادا أوسع وأعمّ لما جرى لإبراهيم وابنه ، ويخرج هذه المجريات من بعدها الشخصي والخاص ، ويوضّح أنّه أينما كان الإيمان كان هناك إيثار وحبّ وفداء وعفو ، وأنّ إبراهيم كان يختار كلّ ما يختاره الله ويريد كلّ ما أراده الله ، وكلّ مؤمن يستطيع أن يكون كذلك.

ثمّ تتناول هذه الآيات نعمة اخرى من النعم التي وهبها الله تعالى لإبراهيم( وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) .

فبالانتباه إلى الآية( فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ) التي ذكرناها في مقدّمة هذه الأحداث ، يتّضح بصورة جيّدة أنّ هاتين البشارتين تتعلّقان بولدين ، وبما أنّ البشرى الأخيرة وفق ما جاء في الآية تخصّ (إسحاق) ، فإنّ (الغلام الحليم) بالتأكيد هو (إسماعيل) فالذين يصرّون على أنّ الذبيح هو (إسحاق) عليهم أن يعرفوا أنّهم اعتبروا الآيتين تشيران إلى موضوع واحد مع هذا التفاوت ، وهو أنّ الآية الاولى بشّرت بالولد والآية الثانية بشّرت بالنبوّة ، ولكن هذا المعنى مستبعد جدّا ، والآيات المذكورة أعلاه تبيّن بوضوح أنّ البشارتين تتعلّقان بولدين.

على أيّة حال فإنّ بشرى النبوّة تكشف عن أنّ إسحاق يجب أن يبقى حيّا وأن يؤدّي تكاليف ومهمّة النبوّة ، وهذا لا يتلاءم مع قضيّة الذبح.

مرّة اخرى سنتطرّق إلى عظمة مرتبة الصالحين ، إذ وصفت الآية الكريمة إسحاق بأنّه (يجب أن يصبح نبيّا وأن يكون من الصالحين) فكم هي رفيعة مرتبة الصالحين عند الله سبحانه وتعالى؟

الآية الأخيرة تتحدّث عن البركة التي أنزلها الباري جلّ وعلا على إبراهيم وابنه إسحاق( وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ ) .

ولكن البركة في أي شيء؟ لم يرد بهذا الشأن أي توضيح ، وكما هو معلوم فإنّ

٣٧٩

الفعل عند ما يأتي بصورة مطلقة ومن دون أي قيد أو شرط ، فإنّه يعطي معنى عاما ، فبهذا تكون البركة شاملة لكلّ شيء ، في الحياة ، في الأجيال القادمة ، في التأريخ ، والرسالة ، وفي كلّ شيء.

فكلمة (بركة) مشتقّة من (برك) على وزن (درك) وتعني صدر البعير ، وعند ما يضع صدره على الأرض يقال (برك البعير).

وتدريجيّا أعطت هذه الكلمة معنى الثبات وبقاء شيء ما ، ولهذا يطلق على المكان الذي فيه ماء ثابت ومستقر (بركة) في حين يقال لمّا كان خيره باقيا وثابتا مبارك.

ومن هنا يتّضح أنّ الآية مورد بحثنا تشير إلى ثبات ودوام النعم الإلهيّة على إبراهيم وإسحاق وعلى اسرتهم ، وإحدى البركات التي أنعم الله بها على إبراهيم وإسحاق أن جعل كلّ أنبياء بني إسرائيل من ذريّة إسحاق ، في حين أنّ نبي الإسلام العظيم هو من ذريّة إسماعيل.

وهذه البركات لا تشمل كلّ أفراد عائلة إبراهيم وعشيرته ، وإنّما تشمل ـ فقط ـ المؤمنين والمحسنين منهم ، إذ تقول الآية في آخرها( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ) .

كلمة (محسن) جاءت هنا بمعنى المؤمن والمطيع لله ، وهل يتصوّر أنّ هناك إحسان وعمل حسن أرفع من هذا؟

و (ظالم) جاءت هنا بمعنى الكافر والمذنب.

وعبارة (لنفسه) إشارة إلى الكفر وارتكاب الذنوب يعدّ أوّلا ظلم للنفس ، الظلم الواضح والمكشوف.

فالآية المذكورة أعلاه تجيب اليهود والنصارى الذين افتخروا بكونهم من أبناء الأنبياء ، وتقول لهم : إنّ صلة القربى لوحدها ليست مدعاة للافتخار ، إن لم ترافقها

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

التقوى(١) وحسن الخلق ».

[٩٩٣٧] ٢ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: ليس شئ أثقل في الميزان من الخلق الحسن ».

[٩٩٣٨] ٣ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « قيل: يا رسول الله، ما أفضل حال أعطي للرجل؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : الخلق الحسن، إنّ أدناكم منّي وأوجبكم عليّ شفاعة، أصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة، وأحسنكم خلقاً، وأقربكم من الناس ».

[٩٩٣٩] ٤ - وبهذا الإسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « أُتي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ بسبعة أسارى، فقال لي: يا علي قم فاضرب أعناقهم، قال: فهبط جبرئيلعليه‌السلام في طرف العين، فقال: يا محمد اضرب أعناق هؤلاء الستّة، وخلّ عن هذا، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : يا جبرئيل، ما بال هذا من بينهم؟ فقال: لأنه كان حسن الخلق، سخيّاً على الطعام، سخيّ الكفّ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : فقلت: يا جبرئيل، عنك أو عن ربّك؟ فقال: لا، بل عن ربّك عزّوجلّ يا محمد ».

[٩٩٤٠] ٥ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد، عن

__________________

(١) في المصدر: تقوى الله.

٢ - الجعفريات ص ١٥٠.

٣ - الجعفريات ص ١٥٠.

٤ - الجعفريات ص ١٥١.

٥ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٧.

٤٤١

ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إنّ صاحب(١) الخلق الحسن، له أجر الصائم القائم ».

[٩٩٤١] ٦ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب المسلسلات: حدثنا علي بن أحمد الأسواري المذكر، قال: حدثي أبو يوسف أحمد بن محمد بن قيس المذكر السنجري، قال: حدثني أبو محمد عبد العزيز بن علي السرخسي، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن عمران البغدادي، قال: حدثني أبو الحسن، قال: حدثني أبو الحسن، قال: حدثني أبو الحسن، قال: حدثني الحسن، قال: حدثني الحسن، قال: حدثني الحسنعليه‌السلام : « أن أحسن الحسن الخلق الحسن ».

أمّا أبو الحسن الأول: فهو محمد بن عبد الرحيم التستري.

وأمّا أبو الحسن الثاني: فعلي بن أحمد البصري التمّار.

وأمّا أبو الحسن الثالث: فعلي بن محمد الواقدي.

وأمّا الحسن الأول: فالحسن بن عرفة العبدي.

وأمّا الحسن الثاني: فالحسن بن أبي الحسن البصري.

وأمّا الحسن الثالث: فالحسن بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام .

[٩٩٤٢] ٧ - الصدوق في الأمالي وفضائل الأشهر: عن صالح بن عيسى، عن محمد بن علي بن علي، عن محمد بن الصلت، عن محمد بن بكير،

__________________

(١) ليس في المصدر.

٦ - المسلسلات ص ١١٠.

٧ - أمالي الصدوق ص ١٩٢ ح ١، فضائل الأشهر الثلاثة ص ١١٢ ح ١٠٧.

٤٤٢

عن عباد بن عباد المهلبي، عن سعد بن عبد الله، عن هلال بن عبد الله(١) ، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيّب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: كنّا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: « [ إني ](٢) رأيت البارحة عجائب » [ قال ](٣) فقلنا: يا رسول الله وما رأيت؟ حدثنا به - إلى أن قال - فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « رأيت رجلاً من أُمتي جاثياً على ركبتيه، بينه وبين رحمة الله حجاب، فجاءه حسن خلقه، فأخذ بيده وأدخله في رحمة الله » الخبر.

[٩٩٤٣] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: عجبت لمن يشتري العبيد بماله فيعتقهم، كيف لا يشتري الأحرار بحسن خلقه؟! ».

وقالعليه‌السلام : « ولا عيش أغنى(١) من حسن الخلق ».

[٩٩٤٤] ٩ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « [ الا ](١) إن الله عزّوجلّ ارتضى لكم الاسلام ديناً فأحسنوا صحبته، بالسخاء وحسن الخلق ».

[٩٩٤٥] ١٠ - وعنهعليه‌السلام : « قال [ كان ](١) علي بن الحسينعليهما‌السلام [ يقول ](٢) : « إنّ المعرفة بكمال دين المسلم، تركه

__________________

(١) في الأمالي عبد الرحمن وهو الصواب راجع (لسان الميزان ج ٦ ص ٢٠٢ وميزان الاعتدال ج ٤ ص ٣١٥).

(٢) أثبتناه من الأمالي.

(٣) أثبتناه من المصدرين.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٨.

(١) أهنأ.

٩ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٠ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤٤٣

الكلام فيما لا يعنيه، وقلّة مرائه، وصبره، وحسن خلقه ».

وعنهعليه‌السلام قال: « إن حسن الخلق من الدين ».

[٩٩٤٦] ١١ - وعنهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إن الله اختار الإسلام ديناً فأحسنوا صحبته، بالسخاء وحسن الخلق، فإنّه لا يصلح إلّا بهما ».

وعنهعليه‌السلام قال: « لا حسب كحسن الخلق ».

[٩٩٤٧] ١٢ - وعنهعليه‌السلام : عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: قال: « إنّ الخلق الحسن يذيب الذنوب، كما تذيب الشمس الجمد(١) ، وأن الخلق السئ يفسد العمل، كما يفسد الخلّ العسل ».

وعنهعليه‌السلام قال: « حسن الخلق يزيد في الرزق ».

[٩٩٤٨] ١٣ - وعن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما حسن الله خلق عبده(١) وخُلقه، إلّا استحيى أن يطعم النار من لحمه ».

[٩٩٤٩] ١٤ - عن بحر السقا قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا بحر، حسن الخلق يسرُ، ثم قال: ألا أُخبرك بحديث ما هو في يد أحد من أهل المدينة؟ قلت: بلى، قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌

__________________

١١ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

١٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

(١) الجمد بالتحريك: الماء الجامد. الثلج (لسان العرب ج ٣ ص ١٢٩).

١٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٢.

(١) في المصدر: عبد.

١٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٢.

٤٤٤

ذات يوم جالس في المسجد، إذ جاءت جارية لبعض الأنصار، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قائم(١) فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ [ فلم تقل شيئاً ](٢) ولم يقل لها شيئاً، حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، فقام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ في الرابعة، وهي خلفه، فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت، فقال الناس: فعل الله بك وفعل، حبست رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ثلاث مرّات، لا تقولين له شيئاً، ولا يقول هو لك [ شيئاً ](٣) ، ما كانت حاجتك؟ قالت: إنّ لنا مريضاً، فأرسلني أهلي لأخذ هدبة من ثوبه يستشفي(٤) بها، فلمّا أردت أخذها رآني فقام فاستحييت أن آخذها، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يراني، وأكره أن استأمره في أخذها حتى أخذتها ».

[٩٩٥٠] ١٥ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « يا بني عبد المطلب، إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر ».

[٩٩٥١] ١٦ - وعن الباقرعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : مروّة الرجل خلقه ».

[٩٩٥٢] ١٧ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من سعادة الرجل حسن الخلق ».

__________________

(١) كذا والظاهر مصحف « جالس ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: يشتفي.

١٥ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٢.

١٦ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٣.

١٧ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٣.

٤٤٥

[٩٩٥٣] ١٨ - وعن كتاب زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : سئل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما أفضل ما أُعطي الإنسان؟ فقال: « حسن الخلق ».

[٩٩٥٤] ١٩ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: يا رسول الله، أيّ الناس أكمل إيماناً؟ قال: أحسنهم خلقاً، ثم جاءه من بين يديه، ثم جاءه من خلفه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : قد قلت لك ».

[٩٩٥٥] ٢٠ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أيضا: « ما عمل أثقل في الميزان من حسن الخلق، وإن العبد ليدرك بحسن الخلق درجة الصالحين ».

[٩٩٥٦] ٢١ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ما اصطحب قوم في وجه لله فيه رضى، إلّا كان أعظمهم أجراً أحسنهم خلقاً، وإن كان فيهم أكثر اجتهاداً منه ».

[٩٩٥٧] ٢٢ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لا يلقى الله عبداً بمثل خصلتين: طول الصمت، وحسن الخلق ».

[٩٩٥٨] ٢٣ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « حسن الخلق يمن، وشرّ الخلق نكد، وطاعة المرأة ندامة، والصدقة تدفع ميتة السوء ».

[٩٩٥٩] ٢٤ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « من سعادة المرء حسن

__________________

١٨ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٤.

١٩ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٤.

٢٠ - الأخلاق: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٨٩ ح ٤٤ عن أمالي الطوسي.

٢١ - ٢٤ - الأخلاق: مخطوط.

٤٤٦

الخلق، ومن شقاوته سوء الخلق ».

[٩٩٦٠] ٢٥ - قيل: يا رسول الله، أي المؤمنين أفضل؟ قال: « من لم يكن في قلبه غش لمؤمن، ولا حسد له » قيل: ثم من؟ قال: « الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة » قيل: ثم من؟ قال: « الخلق الحسن ».

[٩٩٦١] ٢٦ - وقيل لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما الذي يلج به الناس الجنّة؟ قال: « تقوى الله، وحسن الخلق ».

[٩٩٦٢] ٢٧ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إن من إسلام المرء حسن خلقه، وترك ما لا يعنيه ».

[٩٩٦٣] ٢٨ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « خياركم أحسنكم أخلاقاً، وأخفكم مؤونة، وأخفضكم لأهله ».

[٩٩٦٤] ٢٩ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « يا أيّها الناس، إنّي أعلم أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن بالطلاقة وحسن الخلق ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لا حسب كحسن الخلق »(١) .

[٩٩٦٥] ٣٠ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « الوشيك الرضى، البعيد

__________________

٢٥ - الأخلاق: مخطوط.

٢٦ - الأخلاق: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٧٥ ح ٦ عن الكافي ج ٢ ص ٨ ح ٦.

٢٧ و ٢٨ - الأخلاق: مخطوط.

٢٩ - الأخلاق: مخطوط، أخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٩٥ ح ٧١ عن كتاب الزهد ص ٢٨ ح ٦٩.

(١) مشكاة الأنوار ص ٢٢١ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٣٠ - الأخلاق: مخطوط.

٤٤٧

الغضب، من أحسن الخلق خلقاً ».

[٩٩٦٦] ٣١ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن القسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن حمّاد بن عيسى، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « قال لقمان: يا بني، إيّاك والضجر وسوء الخلق، - إلى أن قال - وحسّن مع جميع الناس خلقك، يا بني أن عدمك(١) ما تصل به قرابتك، وتتفضل به على إخوانك، فلا يعد منَّك حسن الخلق وبسط البشر، فإنّه من أحسن خلقه، أحبّه الأخيار وجانبه الفجار » الخبر.

[٩٩٦٧] ٣٢ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « الخلق الحسن جمال في الدنيا، ونزهة في الآخرة، وبه كمال الدين، والقربة إلى الله تعالى، ولا يكون حسن الخلق إلّا في كلّ (نبي ووليّ ووصي)(١) ، لأنّ الله تعالى أبى أن يترك ألطافه وحسن الخلق، إلّا في مطايا نوره الأعلى وجماله الأزكى، لأنّها خصلة يختصّ بها (الأعرفون به)(٢) ، ولا يعلم ما في حقيقة حسن الخلق إلّا الله عزّوجلّ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : حاتم زماننا حسن الخلق، والخلق الحسن الطف شئ في الدين، وأثقل شئ في الميزان، وسوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وإن ارتقى في الدرجات فمصيره إلى الهوان.

__________________

٣١ - قصص الأنبياء ص ١٩٨، وعنه في البحار ج ١٣ ص ٤١٩ ح ١٤.

(١) في المصدر: عدتك.

٣٢ - مصباح الشريعة ص ٣٣٨.

(١) في المصدر: ولي وصفي.

(٢) في المصدر: الأعرف بربّه.

٤٤٨

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : حسن الخلق شجرة في الجنّة، وصاحبه متعلّق بغصنها يجذبه إليها، وسوء الخلق شجرة في النار، وصاحبه(٣) متعلق بغصنها يجذبه إليها ».

٨٨ -( باب استحباب الألفة بالناس)

[٩٩٦٨] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « أقربكم منّي مجلساً في الجنّة، أحسنكم أخلاقاً في الدنيا الموطئون أكنافهم، الذين يألفون ويؤلفون ».

[٩٩٦٩] ٢ - القاضي القضاعي في الشهاب: عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « المؤمن ألف مألوف ».

[٩٩٧٠] ٣ - أبو علي بن الشيخ الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد العلوي، عن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، عن الحسين بن زيد بن عليعليه‌السلام ، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: المؤمن غرّ كريم، والفاجر خب(١) لئيم، وخير المؤمنين من كان مألفه للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا

__________________

(٣) في المصدر: فصاحبها.

الباب ٨٨

١ - الأخلاق: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٩٦ ح ٧٦ عن الزهد ص ٣٠ ح ٧٤ باختلاف يسير.

٢ - الشهاب ص ٤٦ ح ١١٠.

٣ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٧٧.

(١) الخب بالفتح: الخدّاع وهو الذي يسعى بين الناس بالفساد. ومنه الحديث (الفاجر خب لئيم) (النهاية ج ٢ ح ٤).

٤٤٩

يؤلف(٢) » الخبر.

[٩٩٧١] ٤ - سبط الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « خياركم أحسنكم أخلاقاً، الذين يألفون ويؤلفون ».

[٩٩٧٢] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « طوبى لمن يألف الناس ويألفونه على طاعة الله ».

٨٩ -( باب استحباب كون الإنسان هيّناً ليّناً)

[٩٩٧٣] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : المؤمنون هيّنون ليّنون، كالجمل الأنوف(١) إن استنخته أناخ ».

القاضي(٢) في الشهاب: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : مثله.

[٩٩٧٤] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: أن ذا القرنين قال لبعض الملائكة: علمني شيئاً أزداد به إيماناً، فقال له الملك: لا تهتم

__________________

(٢) في المصدر: يؤالف.

٤ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

٥ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

الباب ٨٩

١ - الجعفريات ص ١٧٠.

(١) في المصدر: الأتوف، وجاء في هامش المخطوط: الأنف، نسخة الشهيد. الجمل الأَنِف: هو الجمل الذي يجعل في أنفه خزام فيكون سهل القياد. (لسان العرب ج ٩ ص ١٣).

(٢) الشهاب ص ٤٨ ح ١١٩، قطعة.

٢ - الأخلاق: مخطوط.

٤٥٠

لغد، واعمل في اليوم لغد - إلى أن قال - وكن سهلاً ليّناً للقريب والبعيد، لا تسلك سبيل الجبّار العنيد.

[٩٩٧٥] ٣ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « رحم الله كلّ سهل طلق ».

[٩٩٧٦] ٤ - الحسن بن فضل في مكارم الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال لعبد الله بن مسعود: « يا ابن مسعود، عليك بالسكينة والوقار، وكن سهلاً ليّناً عفيفاً مسلماً » الخبر.

٩٠ -( باب استحباب طلاقة الوجه وحسن البشر)

[٩٩٧٧] ١ - ثقة الإسلام في الكافي: عن محمد بن جعفر، عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن داهر، عن الحسن بن يحيى، عن قثم أبي قتادة(١) ، عن عبد الله بن يونس، عن أبي عبد الله، قال: « قال أمير المؤمنينعليهما‌السلام لهمام: يا همام، المؤمن هو الكيّس الفطن، بشره في وجهه، وحزنه في قلبه إلى أن قال هشّاش بشّاش لا بعبّاس ».

[٩٩٧٨] ٢ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له

__________________

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

٤ - مكارم الأخلاق ص ٤٥٦.

الباب ٩٠

١ - الكافي ج ٢ ص ١٧٩ ح ١.

(١) كان في المخطوط: « قثم بن أبي قتادة » وهو سهو، راجع معجم الرجال ج ١٤ ص ٧٦ ح ٩٥٩٨.

٢ - مشكاة الأنوار ص ١٧٩.

٤٥١

الجنّة: الإنفاق من الإقتار، والبشر بجميع العالم، والإنصاف من نفسه ».

[٩٩٧٩] ٣ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « البشر الحسن وطلاقة الوجه، مكسبة للمحبّة وقربة من الله عزّوجلّ، وعبوس الوجه وسوء البشر، مكسبة للمقت وبعد من الله، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر ».

[٩٩٨٠] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: « بالبشر وبسط الوجه، يحسن موقع البذل ».

وقالعليه‌السلام (١) : « بشرك يدلّ على كرم نفسك بشرك(٢) أوّل برّك، بشرك يطفئ نار المعاندة ».

وقالعليه‌السلام (٣) : « حسن البشر أوّل العطاء وأفضل(٤) السخاء، حسن البشر إحدى البشارتين(٥) ».

وقالعليه‌السلام : « البشر شيمة كلّ حرّ ».

وقالعليه‌السلام (٦) : « حسن البشر من علائم(٧) النجاح ».

__________________

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٧٩.

٤ - غرر الحكم ودرر الكلم ص ٣٣٦ ح ١٣٥.

(١) نفس المصدر ص ٣٤٥ ح ٣٢.

(٢) نفس المصدر ص ٣٤٥ ح ٣١.

(٣) نفس المصدر ص ٣٧٨ ح ٣٢.

(٤) في المصدر: وأسهل.

(٥) نفس المصدر ص ٣٧٩ ح ٦٤.

(٦) نفس المصدر ص ٣٨٠ ح ٦٣.

(٧) في المصدر: دعائم.

٤٥٢

وقالعليه‌السلام (٨) : « طلاقة الوجه بالبشر والعطيّة، وفعل البرّ وبذل التحيّة، داع إلى محبّة البريّة ».

[٩٩٨١] ٥ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال - وعدّ منها: بشره في وجهه، إلى أن قال - هشاشاً بشاشاً، لا حساس ولا جسّاس »(١) الخبر.

٩١ -( باب وجوب الصدق)

[٩٩٨٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إن أدناكم منّي وأوجبكم عليّ شفاعة أصدقكم حديثاً » الخبر.

[٩٩٨٣] ٢ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام : قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إنّ من مكارم الأخلاق، صدق الحديث » الخبر.

__________________

(٨) نفس المصدر ص ٤٧٣ ح ٤٩.

٥ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

(١) تجسس الخبر: تطلّبه وتبحّثه. تجسست الخبر وتحسسته بمعنى واحد.

لسان العرب (حسس) ص ٦ ح ٥٠ وفي النهاية التجسس بالجيم: التفتيش عن بواطن الأمور وأكثر ما يقال في الشر ص ١ ح ٢٧٢.

الباب ٩١

١ - الجعفريات ص ١٥٠.

٢ - الجعفريات ص ١٥١.

٤٥٣

[٩٩٨٤] ٣ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « والله أن العبد ليصدق حتى يكتبه الله من الصادقين، ويكذب حتى يكتب من الكاذبين، وإذا صدق قال الله: صدق وبرّ(١) ، وإذا كذب قال الله: كذب وفجر ».

[٩٩٨٥] ٤ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : بم يعرف المؤمن؟ قال: « بوقاره، ولينه، وصدق حديثه ».

[٩٩٨٦] ٥ - الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن الله تبارك وتعالى لم يبعث نبيّاً قطّ، إلّا بصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر ».

وقالعليه‌السلام : « من يصدق(١) لسانه زكا عمله ».

[٩٩٨٧] ٦ - وعنهعليه‌السلام قال: « إنّ العبد ليصدق حتى يكتب عند الله عزّوجلّ من الصادقين، ويكذب حتى يكتب عند الله عزّوجلّ من الكاذبين، وإذا صدق قال الله عزّوجلّ: صدق وبرّ، وإذا كذب قال الله عزّوجلّ: كذب وفجر ».

[٩٩٨٨] ٧ - وقال عليعليه‌السلام : « الصدق يهدي إلى البرّ، والبرّ

__________________

٣ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٦٤.

(١) وبرّ: ليس في المصدر.

٤ - الأخلاق: مخطوط.

٥ - مشكاة الأنوار ص ١٧١.

(١) في المصدر: صدق.

٦ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٧ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٤٥٤

يدعو إلى الجنّة، وما يزال أحدكم يصدق حتى لا يبقى في قلبه موضع إبرة من كذب، حتى يكون عند الله صادقاً ».

[٩٩٨٩] ٨ - وقال عليعليه‌السلام أيضاً: « إنّ من حقيقة الإيمان، أن يؤثر العبد الصدق حيث يضرّ على الكذب حيث ينفع، ولا يعدو المرء بمقالة عمله ».

[٩٩٩٠] ٩ - وقال أيضاًعليه‌السلام في خطبة طويلة: « أيّها الناس، ألا فاصدقوا إنّ الله مع الصادقين، وجانبوا الكذب فإنّه مجانب للإيمان، الا إنّ الصادق على [ شفا ](١) منجاة وكرامة، الا إنّ الكاذب على شفا ردى وهلكة ».

[٩٩٩١] ١٠ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « أربع من كنّ فيه كمل إسلامه، ومحيت(١) ذنوبه، ولقي ربّه وهو عنه راض: وفاء لله بما يجعل على نفسه للناس، وصدق لسانه مع الناس، والإستحياء من كلّ قبيح عند الله وعند الناس، وحسن خلقه مع أهله »

[٩٩٩٢] ١١ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كونوا دعاة للناس إلى الخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع ».

[٩٩٩٣] ١٢ - وعن الباقرعليه‌السلام ، قال: « يا ربيع، إن الرجل

__________________

٨ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٩ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٠ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

(١) في المصدر: محصت.

١١ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

١٢ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٤٥٥

ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ».

[٩٩٩٤] ١٣ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « الصدق نور متشعشع في عالمه كالشمس، يستضئ بها كلّ شئ بمعناه،(١) من غير نقصان يقع على معناها - إلى أن قال - وقال أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : الصدق سيف الله في أرضه وسمائه: أينما هوى به نفد(٢) » الخ.

[٩٩٩٥] ١٤ - الحسن فن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال لعبد الله بن معسود: « يا ابن مسعود عليك بالصدق، ولا تخرجن من فيك كذبة أبداً ».

[٩٩٩٦] ١٥ - كتاب العلاء بن رزين: عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع ».

[٩٩٩٧] ١٦ - الديلمي في إرشاد القلوب: عن عبد الله بن عمر، قال: جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: يا رسول الله، ما عمل أهل الجنّة؟ قال: « الصدق، إذا صدق العبد برّ، وإذا برّ آمن، وإذا آمن دخل الجنّة ».

[٩٩٩٨] ١٧ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ،

__________________

١٣ - مصباح الشريعة ص ٤٠٦.

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: بمعناها.

(٢) كذا في المصدر، وفي المخطوط: يقده.

١٤ - مكارم الأخلاق ص ٤٥٨.

١٥ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥١.

١٦ - إرشاد القلوب ص ١٨٥.

١٧ - لبّ اللباب:

٤٥٦

قال: « تحرّوا الصدق، فإن رأيتم فيه الهلكة فإنّ فيه النجاة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « عليكم بالصدق فإنّه من البرّ وأنّه في الجنّة ».

٩٢ -( باب استحباب الصدق في الوعد، ولو انتظر سنة)

[٩٩٩٩] ١ - الطبرسي في المشكاة: عن الرضاعليه‌السلام ، قال: « إنا أهل بيت نرى ما وعدنا علينا ديناً، كما صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ».

[١٠٠٠٠] ٢ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن محمد بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن شعيب العقرقوفي، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إن إسماعيل نبّي الله وعد رجلاً بالصفاح(١) فمكث به سنة مقيماً، وأهل مكّة يطلبونه لا يدرون أين هو، حتى وقع عليه رجل، فقال: يا نبيّ الله، ضعفنا بعدك وهلكنا، فقال: إن فلان الطائفي(٢) وعدني أن أكون ها هنا، ولن(٣) أبرح حتى يجئ، قال: فخرجوا إليه حتى قالوا له: يا عدوّ الله، وعدت النبيّ (صلى الله على نبيّنا وآله وعليه) فأخلفته، فجاء وهو

__________________

الباب ٩٢

١ - مشكاة الأنوار ص ١٧٣.

٢ - قصص الأنبياء ص ١٩٠ عنه في البحار ج ١٣ ص ٣٩٠ ح ٥.

(١) الصفاح: موضع بين حنين وأنصاب، وأنصاب الحرم: يسرة الداخل إلى مكّة (لسان العرب ج ٢ ص ٥١٦).

(٢) في المصدر: الطاهي.

(٣) كذا في البحار، وفي المخطوط: ولم.

٤٥٧

يقول لإسماعيل: با نبيّ الله، وما ذكرت ولقد نسيت ميعادك، فقال: أما والله لو لم تجئني لكان منه المحشر، فأنزل الله( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ ) (٤) ».

[١٠٠٠١] ٣ - البحار، عن كتاب قضاء الحقوق للصوري: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « عدة المؤمن أخذ باليد، (يجب على المؤمن(١) ) الوفاء بالمواعيد، والصدق فيها ».

[١٠٠٠٢] ٤ - علي بن عيسى في كشف الغمّة: عن الحافظ عبد العزيز، قال: روى داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: عدة المؤمن نذر لا كفّارة له ».

[١٠٠٠٣] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه قال: « ما أبالي أخلفت موعداً، أو زرت زائراً بغير حاجة ».

[١٠٠٠٤] ٦ - نهج البلاغة: في عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأشتر: « وإيّاك والمنّ على رعيّتك بإحسانك، أو التزيد فيما كان من فعلك،(١) وأن تعدهم فتتبع موعودك بخلفك، فإنّ المن يبطل الإحسان،

__________________

(٤) مريم ١٩: ٥٤.

٣ - البحار ج ٧٥ ص ٩٦ ح ١٨ عن كتاب قضاء الحقوق ح ٤.

(١) في المصدر: يحث على.

٤ - كشف الغمة ج ٢ ص ٢٦٨.

٥ - الجعفريات ص ١٧٤.

٦ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١٢٠.

(١) في المصدر: أو.

٤٥٨

والتزيد يذهب بنور الحقّ، والخلف يوجب المقت عند الله وعند الناس، قال الله سبحانه:( كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) (٢) ».

[١٠٠٠٥] ٧ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن أبي الحميساء قال: بايعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قبل أن يبعث، فواعدته(١) مكاناً فنسيته يومي والغد، فأتيته يوم الثالث، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « [ يا فتى ](٢) لقد شققت عليّ، أنا هاهنا منذ ثلاثة أيام ».

[١٠٠٠٦] ٨ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال فعل، وعمل ونيّة، وباطن وظاهر، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا رسول الله ما يكون المائة وثلاث خصال؟ فقال: يا علي من صفات المؤمن أن يكون جوّال الفكر - إلى أن قال - وإذ وعد وفى ».

[١٠٠٠٧] ٩ - أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري في كتاب نزهة الناظر: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « أكفلوا لي ستّاً أكفل لكم بالجنّة، إذا تحدث أحدكم فلا يكذب، وإذا وعد فلا يخلف ».

__________________

(٢) الصف ٦١: ٣.

٧ - مكارم الأخلاق ص ٢١.

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: فواعدنيه.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٨ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

٩ - نزهة الناظر ص ٩.

٤٥٩

[ ١٠٠٠٨ ] ١٠ - عوالي اللآلي: عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « ولا تمار أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده وعداً فتخلفه ».

٩٣ -( باب استحباب الحياء)

[١٠٠٠٩] ١ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « الحياء حياآن: حياء عقل، وحياء حمق، فحياء العقل هو العلم، وحياء الحمق هو الجهل ».

[١٠٠١٠] ٢ - وعن الباقر أو الصادقعليهما‌السلام ، أنه قال: « الحياء والإيمان مقرونان في قرن واحد، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه ».

[١٠٠١١] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة، والرياء من الجفاء والجفاء في النار ».

[١٠٠١٢] ٤ - وعن سلمان (رحمه الله)، قال: إن الله عزّوجلّ إذا أراد هلاك عبد نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلّا خائفاً مخوفاً، فإذا كان خائفاً مخوفاً نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلّا شيطاناً ملعوناً فلعنّاه، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ».

[١٠٠١٣] ٥ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال لميسر بن عبد

__________________

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٩٠ ح ٢٧٣.

الباب ٩٣

١ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٥ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٤

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581