الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 175504 / تحميل: 6519
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كَربٍ قد كشفته عنّي ، وَكَم من همٍ قَد فَرّجتهُ عنّي ، وَكم مِن شدّةٍ جَعلتَ بَعدها رَخاءً.

اللهُمّ لك الحَمدُ على نِعمكَ ما نُسي مِنها ومِا ذُكرَ ، وَما شُكر منها وَما كُفرَ ، وما مَضى منها وما غَبرَ.

اللهُمّ لكَ الحمدُ عددَ مَغفرتِكَ وَرَحمتكِ ، وَلكَ الحمُد على عَفوكَ وَستركَ ، وَلكَ الحمدُ بصلاحِ أمرِنا وَحُسنِ قضائكَ وأنعُمكَ عِندنا.

اللهُمّ صلّ على مُحمدٍ وَآلِ محمدِ ، واغفر لَنا مغفِرةً عَزماً جزماً ، لا تُغادِرُ لنا ذَنباً.

اللهُمّ اغفِر لَنا ولآبائنا ولاُ مهاتنا كَما رّبونا صِغاراً ، وأدّبُونا كباراً ، اللهُمّ أعطِنا واياهُم من رَحمَتكَ أسناها وَأوسعها ، وَمن جِنانكَ أعلاها وأرفَعها ، وأوجب لَنا من رِضاكَ عَنّا ما تقُرُّ به عُيُوننا ، وَتذهب لَنا حُزننا ، وَأذهب عَنّا هُمُومنا وَغُمومنا في أمرِ ديننا ودُنيانا ، وَقنِّعنا فيها بتَيسيرِ رِزقكَ عندنا ، وَاعفُ عَنّا وعافِنا أبداً ما أبقيتنا ، وَآتنا في الدُنيا حَسنةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنةً وَقنا عَذابَ النّارِ(١) .

اليوم التاسع :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم خفيف من اوله وآخره لكل امر تريده. ومن سافر فيه رزق مالاً ورأى خيراً. فابدأ فيه بالعمل ، واقترض فيه ،

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٦ باختلاف فيه.

١٠١

وازرع فيه واغرس.

ومن حارب فيه غلب ، ومن هرب فيه لجأ الى سلطان يمنع منه ، ومن مرض فيه ثقل ، ومن ضل فيه قدر [ عليه ] ، ومن ولد فيه صلحت ولادته ووفق في كل حالاته ان شاء الله ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز آذر ، اسم الملك الموكل بالميزان يوم القيامة ، يوم محمود ليس فيه مكروه ، والاحلام فيه تصح من يومها.

الدعاء فيه لابي عبد اللهعليه‌السلام :

« اللهُمّ لكَ الحمدُ على كُلّ خيرٍ أعطَيتَنا ، ولكَ الحمدُ على كُلّ شَرٍصَرفتهُ عَنّا ، ولكَ الحمدُ عَددَ ما خَلَقتَ وذَرأتَ ، وَبَرأتَ وأنَشأتَ ، وَلكَ الحمدُ عَددَ ما أبليتَ وَأوليتَ ، وَأخذتَ وَأعطيتَ ، وأمتَّ وأحيَيتَ ، وَكُلُّ ذلكَ إليك ، تَبَاركتَ وَتعاليتَ.

لا يُذَلُّ مَن واليتَ ، وَلا يُعزُّ من عادَيت ، تُبدي وَالمعادُ إليكَ ، وَتقضي ولا يُقضى عليكَ ، وَتَستغني وَنَفتقرُ اليكَ ، فَلَبيكَ رَبّنا وَسَعدَيكَ.

ولكَ الحمدُ عَددَ ما رَبّيتَ وَآويتَ ، فَانّكَ تَرثُ الارضَ وَمنَ عَليها وَإليكَ يُرجعونَ ، وَأنتَ كَما أثنيتَ عَلى نَفسِكَ ، لا يَبلُغُ رَحَمتكَ قَولُ قائلٍ ، ولا ينقُصُك نائلٌ ، وَلا يَحفيك(١) ، سائِلٌ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ قَبلَ الحمدُ ، وَمُنتَهى الحمدِ ، حَقيقٌ بالحَمدِ ، حَمداً

__________________

(١) احفيت الرجل : أجهدته واستقصيت في السؤال منه. لسان العرب ـ حفا ـ ١٤ / ١٨٨.

١٠٢

على حَمدٍ ، لا يَنَبغي الحمدُ الا لكَ.

اللهُمّ لكَ الحمدُ في الليلِ إذا يَغشى ، وَلكَ الحمدُ في النّهارِ إذا تَجلّى ، وَلكَ الحمدُ في الآخرةَ وَالاولى ، ولكَ الحمدُ في السّماواتِ العُلى ، وَلكَ الحمدُ في الارضينَ السُّفلى وما تَحتَ الثّرى ، وَكُلّ شيءٍ هالكٌ الاّ وَجهُكَ ، تَبقى وَيَفنى ما سِواكَ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ في السّراء والضّراء ، ولكَ الحمدُ في الشدةِ والرّخاءِ ، والصّبرِ والبَلاءِ ، ولكَ الحمدُ في البُؤسِ والنّعماءِ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ كَما حَمدتَ نَفسكَ في أولِ الكتابِ ، وفي التَوراة والانجيلِ ، والفُرقانِ العظيمِ ، وَلكَ الحمدُ حمداً لا ينقطعُ أوّلُهُ ، ولا يَنفدُ آخرُهُ ، ولكَ الحمدُ بالاسلامِ ، ولكَ الحمدُ بالقرآنِ ، ولكَ الحمدُ بالاهلِ وَالمالِ ، ولكَ الحمدُ في العُسرِ واليُسرِ ، ولكَ الحمدُ في المُعافاةِ والشُّكرِ ، ولكَالحَمدُ على حَلمكَ بَعدَ عَلمكَ ، وَلكَ الحمدُ على عَفوكَ بعد قدرتك ، ولكَ الحَمدُ على نَعمِكَ السَّابِغَةَ عَلينا ، وَلكَ الحَمدُ على نِعَمِكَ التي لا تُحصى ، ولكَ الحَمدُ كما ظَهرتْ أياديكَ عَلينا فلم تُخفَ ، وَلكَ الحَمدُ كما كَثُرَتْ نِعَمِكَ فلم تُحص ، وَلكَ الحَمدُ على ما أحصيتَ كُلَّ شيءٍ عِلماً ، وَلكَ الحَمدُكما أنتَ أهلهُ.

لا إله الاّ أنتَ ، لا يُواري مِنكَ ليلٌ داجٍ ، ولا سماء ذاتُ أبراجٍ ، ولا أرضٌ ذاتُ فجاجٍ ، وَلا بحرٌ ذو أمواجٍ ، ولا ظُلماتٌ بَعضُها فوقَ بَعضٍ.

١٠٣

رَبّ أنّا الصَغيرُ الذي أنعمتَ فلكَ الحَمدُ ، ربّ أنا الوضيعُ الذي رَفعتَ فَلكَ الحَمدُ ، ربّ وَأنا المُهانُ الذي أكَرمتَ فَلكَ الحَمدُ ، وَأنا الراغبُ الذي أرضَيتَ فلكَ الحَمدُ ، وأنا العائِلُ الذي أغَنيتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا الخاطئ الذي عَفوتَ عَنهُ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا المذُنبُ الذي رَحمتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا الشّاهدُ الذي حَفظتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وَأنا الُمسافرُ الذي سَلّمتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا الغائِبُ الذي أدّيتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا المَريضُ الذي شَفيتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا العَزبُ الذي زَوّجتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا السّقيمُ الذي عافيتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا الجائعُ الذي أشبعتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا العاري الذي كَسوتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وَأنا الطّريدُ الذي آويتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا الاعمى الذي بَصرتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا الوحيدُ الذي آنست ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا المخذولُ الذي نَصرتَ ربّ فلك الحَمدُ ، وأنا المهمومُ الذي فَرّجتَ عنه ربّ فَلكَ الحَمدُ ، ولكَ الحَمدُ على الذي أنعمتَ به عَلينا كَثيراً ، وَأنا الذي لم أكُن شيئاً حينَ خلقتني فلكَ الحَمدُ ، وَدَعوتك فأجبتَني فَلكَ الحَمدُ.

اللهُمّ وهذه نعمٌ خَصصتني بِها مَع نِعَمكَ على بَني آدم فيما سَخَّرتَ لَهُم وَدَفعتَ عَنهُم ذلك ، فَلكَ الحَمدُ كَثيراً ، وَلم تُؤتني شَيئاً ممّا آتَيتني مِن ذلكَ لِعملَ خَلا مِنّي ، وَلا لحقٍّ استَوجبتُ مِنكَ بهِ ذلكَ. وَلم تَصرف عنّي شَيئاً ممّا صَرفَتهُ مِن هُموم الدُينا وأوجاعِها ، وَعَجائبها وَأنواعِ بلاياها ،

١٠٤

وَأمراضها وَأسقامِها ، لا أن يَكونَ كُنتُ لَهُ أهلاً ، وَلا أن يكُونَ كُنتُ فِيه قادِراً ، لَكِن صَرَفتُه عنّي بِرحمتكَ وَحُجةً عَليّ يا أرحمَ الراحِمينَ.

اللهُمّ فَلكَ الحَمدُ كثيراً كَما أنَعمتَ عَلَيَّ كَثيراً ، وَصَرفتَ عَنّي البَلاءَ كَثيراً.

اللهُمّ صَلّ على مُحمدٍ وآل مُحَمدٍ كَثيراً ، وَاكفنا في هذا الوَقتِ وَفي كُلّ وقتٍ ما استَكفيناكَ من طَوارِقِ الليلِ والنهارِ ، فَلا كافَي لَنا سِواكَ ، وَلا ربّ لَنا غَيرُكَ ، وَاقضِ حَوائِجنا في دِينِنا وَدُنيانا ، وَآخِرتِنا وَاُولانا ، أنتَ إلهنا وَمَولانا ، حَسَنٌ فينا حُكمكَ ، عَدْلٌ فِينا قَضاؤك ، اقضِ لَنا الخَيرَ ، وَاجعلنا مَن أهلِ الخَير ، وَمّمن هُم لَمِرضاتكَ مُتّبعونَ ، وَلِسخطكَ مُفارقُونَ ، وَلِفرائضكَ مُؤَدُّونَ ، وَمِنَ التّفريطِ وَالغفلةِ آمِنون ، وَاعفُ عَنّا وَعافِنا في كُلّ الاُمور أبداً ما أبقَيتنا ، واذا تَوفَيتَنا فاغفِر لَنا وارحَمنا ، وَاجعَلنا مِن النّار فارّينَ ، والى جَنّتك داخِلين ، وَلمُحمّدٍ وأهلِ بَيتِه ِمُرافقينَ ، يا أرحَمَ الرحمين»(١) .

اليوم العاشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم صالح ( ولد )(٢) فيه نوحعليه‌السلام ، من يولد فيه يكبر ويهرم ويرزق. وهو يصلح للشراء والبيع السفر ، ومن

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٧ باختلاف فيه.

(٢) في « ك » : وجد واثبتنا ما في « ن ».

١٠٥

ضلت له فيه ضالة وجدها ، ويستحب للمريض ان يوصي فيه ، وتكتب فيه العهود ، ومن هرب فيه ظفر به وحبس في الحبس ، ومن ولد فيه عسرت تربيته ، وكان في خلقه نكداً الا ان يشاء الله تعالى ان يكون غير ذلك ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز آبان ، اسم الملك الموكل بالبحار والمياه والاودية ، يوم خفيف ، من ولد فيه يكون مرزوقاً في معيشته ولا يصيبه ضيق ابداً ، وهو مبارك ، الاّ انه من هرب فيه من السلطان وجد ، والاحلام في مدة عشرين يوماً تصح ان شاء الله.

الدعاء فيه :

إلهي كَم من أمرٍ عييتُ فيهِ فَيَسرت لي فيه المَنافَع ، وَدَفعتَ عنّي فيهِ الشّر ، وَحَفظَتني فيهِ عنِ الغيبَةِ ، وَرَزقتني فيهِ ، وَكَفيَتني الشهادةَ بلاعَمَل مني سَلَف ، ولا حَولَ ولا قُوة الاّ بكَ ، فَلكَ الحَمدُ على ذلكَ والمنُّ وَالطولُّ.

وَكَم مِن شَيءٍ غِبتُ عُنُه يا إلهي فَتَوليتُه لي ، وَسَددت فيهِ الرّأي ، وأقلتَ العثرةَ ، وأنجَحتَ فيه الطّلبةَ ، وَقوّيتَ فيهِ العَزيمةِ ، فَلَكَ الحَمدُ يا إلهي كَثيراً.

اللهُمّ صَلّ على مُحمّدٍ وآل مُحَمّدٍ ، النَّبي الاُمِّي ، الطَّيِّب الرَّضي ، المُبارَكِ التَّقي ، وعلى أهلِ بَيتِهِ الطّيبينَ الاخيارِ ، كَما صَلّيتَ على إبراهيمَ وآل إبراهيمَ إنّك حَميدٌ مَجيدٌ.

اللهُمّ إنّي أسالُك بِجميع مَحامِدِكَ والصّلاةِ على نَبيّك مُحَمّدٍ وَآلهِ

١٠٦

أن تَغفِر ذُنُوبي كُلّها ، حَدِيثها وَقَديمها ، صَغِيرها وَكَبيرها ، سرّها وَعلانيَتها ، ما عَلمتُ مِنها وما لَم أعلمُ ، وما أحصَيت أنتَ عَليّ مِنها وَحَفظتهُ يا أرحمَ الرّاحِمينَ ، وَأن تَحفظني في دِيني وَدُنياي حَتى أكون لِفَرائضكَ مُؤدياً ، وَلِمرضاتكَ مُبتغياً ، وبالاخلاصِ مُوقناً ، وَمنَ الحرصِ آمِناً ، وعلى الصّراطِ جائزاً ، ولمُحَمدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مُصاحِباً ، وَمنَ النّارِ آمناً ، وإلى الجَنّةِ داخِلاً.

اللّهُمّ عافِني في الحياةِ الدُنيا في جِسمي ، وآمِن سِربي ، وأسبِغ عَليّ مِن رِزقك الطّيّبِ ، يا إلهي وارحَمني بِرحَمتِكَ التي وَسِعت كُلّ شيءٍ في الدُنيا وَالآخرةِ ، يا أرحمَ الرّاحِمينَ.

سُبحانَكَ اللّهُمّ وبحَمدكِ ، ما أعظَمَ أسمائكَ في أهلِ السّماءِ. وأحَمدَ فعلكَ في أهل الارضِ. وأفشى خَيركَ في البَر والبَحرِ.

سُبحانكَ اللهُمّ وَبحمدِكَ ، أستغفرُكَ وأتُوبُ إليكَ ، أنتَ الرّبُّ وَأنا العَبدُ وإليكَ المَهربُ ، مُنزّلُ الغيثِ ، مُقدّرُ الاقواتِ ، قاسِمُ المَعاشِ ، قاضِيُ الآجالِ ، رازِقُ العِبادِ ، مُرويُ البِلادِ ، عَظيمُ البَركاتِ.

سُبحانكَ اللّهُمّ وَبحمدِكَ ، لا إلهَ الاّ أنتَ ، أستغفرُكَ وأتُوبُ إليكَ أنت الرّبّ يُسّبحُ الرّعدُ بِحمدكَ ، والملائكةُ من خِيفتكَ ، وَالعرشُ الاعلى ، وَالهواءُ وَما بينُهما وما تَحتَ الثّرى ، والشّمسُ والقمرُ والنُّجومُ ، وَالضياء ُوالنّورُ ، والظّلُّ والحرُورُ ، والفيءُ والظّلمةُ.

سُبحانكَ ما أعظمكَ ، يُسّبحُ لكَ من في السّماوات وَالارضِ ،

١٠٧

وَمَن في الهَواءِ ، ومَن في لُجَجِ البحارِ ، ومنَ تحتَ الثَّرى ، وما بين الخافِقَين.

سُبحانَكَ لا إله الاّ أنت ، أسألكَ إجابةَ الدُّعاءِ ، والشُّكر في الرّخاءِ ، آمين ربَّ العالمينَ.

سُبحانكَ اللهُمّ وبِحمدِكَ ، لا إله الاّ أنتَ ، فَطرتَ السُّماواتِ العُلى ، وَأوثقتَ أكنافَها ، سُبحانكَ ونَظَرتَ إلى عِمادِ الارضَين السُّفلى فَزلزلتَ اقطارَها ، سُبحانَكَ ونَظرتَ إلى ما في ( البُحورِ )(١) ولُجَجِها فَتَمَحضت ( بما )(٢) فيها فَرَقاً مِنكَ وهيبةً لكَ ، سُبحانَك وَنظرتَ إلى ما اَحاط الخافقين وَإلى ما في ذلكَ من الهواءِ فَخَشع لَكَ جميعُهُ ، خاضِعاً لجِلالكَ ، وَلِكرَمَ أكرمِ الوجُوهِ خاسِعاً.

سُبحانكَ مَن ذا الذي حَضَركَ حِينَ بنيتَ السّماوات واستَوَيتَ على عَرشكَ عَرشِ عَظمَتكَ ، سُبحانكَ من ذا الذي رَآك حِين سَطَحتَ الارضَ فَمهدتها ثُمّ دَحوتَها فَجَعلتها فِراشاً ، فَمن الذي يقدر قُدرتكَ.

سُبحانَكَ مَن ذا الذي رَآك حِينَ نصبتَ الجِبالَ فأثبتَّ أساسَها لأهلها بِرَحمةٍ منكَ لخلقكَ ، سُبحانَكَ من ذا الذي أعانَكَ حِين فَجّرتَ البُحورَ وأحطتَ بها الارضَ ، سُبحانكَ ما أفضلَ حُكمك وأمضى عِلمكَ وأحسَن خلقكَ.

__________________

(١) في نسخة « ك » : النجوم ، وما اثبتناه من نسخة « ن ».

(٢) في نسخة « ك » : لما ، واثبتنا ما في « ن ».

١٠٨

سُبحانَكَ اللهُمّ وبِحمدكَ ، منَ يَبلغ كنهَ حَمدكَ وَوصفكَ ، أو يَستطيعُ أن ينالَ مُلككَ. سُبحانكَ حارَتِ الابصارُ دونكَ ، وَامتلأتِ القُلوبُ فَرقاً منكَ ، وَوَجلاً من مَخافتكِ.

سُبحانكَ اللهُمّ وبحمدكَ ، لا إله الا أنتَ ، ما أحكَمَكَ وَأعدَلَكَ ، وأرأفَكَ وأرحمكَ وأفطركَ ، سُبحانكَ أنتَ الحي لا إله الاّ أنتَ تَباركت َوتعاليتَ عن قولِ الظّالمينَ علوّا كَبيراً(١) .

اليوم الحادي عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم ولد فيه شيث ولد آدمعليه‌السلام ، وهو يوم صالح يبتدأ فيه بالعمل والشراء ، والبيع والسفر ، ويتجنب فيه الدخول على السلطان ، ومن هرب به رجع طائعاً ، ومن مرض فيه يوشك ان يبرأ ، ومن ضل فيه سلم ، ومن ولد فيه طابت تربيته وعيشه ، ولم يمت حتى يفتقر ، ويهرب من السلطان ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز خور ، اسم الملك الموكل بالشمس ، وهو يوم خفيف مثل اليوم الذي تقدمه.

الدعاء فيه :

( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (٢)

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٩ باختلاف فيه.

(٢) الأسراء ١٧ : ١.

١٠٩

( سُبحانهُ وَتَعالى عما يَقُولُون عُلُوَّاً كَبيراً *تُسبّحُ لَهُ السّماواتُ السَّبعُ وَالأرضُ وَمَنْ فيهنَّ وإنْ مِنْ شَيء إلاّ يُسّبحُ بِحَمدهِ وَلكِنْ لا تَفْقهونَ تَسْبيحَهُمْ إنه كانَ حَليماً غَفُوراً ) (١) ( سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (٢) ( فَاصبِر على مَا يَقُولونَ وَسَبِّحْ بِحمدِ رَبّكَ قَبلَ طُلوعِ الشّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِنْ آناءِ الليلِ فَسبّح وأطرافَ النّهارِ لَعلّك تَرضى ) (٣) .

سُبحانَكَ سُبحانَكَ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (٤) ( سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٥) ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (٦) سُبْحانَ الله الواحدُ القَهّارِ( سُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (٧) .

سَبحانَ اللهِ الّذي عِندهُ عِلمُ الساعةِ ، سُبحان ربّ السّماواتِ وَالأرضِ رَبّ العرشِ عَمّا يَصِفونَ ، تُسبِّحُ لهُ السّماواتِ والأرضُ( يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ

__________________

(١) الاسراء ١٧ : ٤٣ ـ ٤٤.

(٢) مريم ١٩ : ٣٥.

(٣) طه ٢٠ : ١٣٠.

(٤) الصافات ٣٧ : ١٨٠.

(٥) الأنبياء ٢١ : ٨٧.

(٦) الروم ٣٠ : ٤٠.

(٧) يس ٣٦ : ٨٣.

١١٠

وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ *لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ *يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) (١) .

يُسبِّحُ للهِ ما في السّماواتِ والأرضِ وهُو العزيزُ الحكيمُ.( هُوَ اللهُ الخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) (٢) لهُ الملكُ وله الحَمدُ وهو على كُلّ شيء قديٌر( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ) (٣) ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) (٤) سُبحانكَ أنت الذي( يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ *رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ ) (٥) .

سُبحانَ الّذي يُسبّحُ لهُ ما في السّماواتِ وَجَلاً ، والملائكةُ شَفقاً ، والأرضُ خَوفاً وطَمعاً ، وكُلُ يُسبّحُونُ داخِرونَ.

اللّهُمّ لَكَ الحَمدُ كُلُّهُ ، وإليكَ يَرجعُ الأمُر كُلّهُ ، أسألكَ لِديني

__________________

(١) الحديد ٥٧ : ٢ ـ ٦.

(٢) الحشر ٥٩ : ٢٤.

(٣) الانسان ٧٦ : ٢٦.

(٤) النصر ١١٠ : ٣.

(٥) النور ٢٤ : ٣٦ ـ ٣٧.

١١١

وَدُنيايَ وآخِرتي مِنَ الخيرَ كُلِّهِ ، وأعُوذُ بَكَ منَ الشَرّ كُلِّهِ ، إنّكَ تَفعلُ ما تَشاءُ وتَحكمُ ما تُريدُ ، صَلّ على مُحمدٍ وآلهِ الأبرارِ الطَّيِّبين الأخيارَ وسَلّم تَسليماً(١) .

اليوم الثاني عشر:

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم صالح للتزويج ، وفتح الحوانيت ، والشركة ، وركوب الماء. وتتجنب فيه الوساطة بين الناس. ومن مرض فيه كان وشيكاً أن يبرأ ، ومن ولد فيه كان يسير التربية ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز ماه ، اسم الملك الموكل بالقمر ، يوم مختار ، وهو اليوم الاجود.

وفيه دعا الصادقعليه‌السلام بهذا الدعاء :

« سُبحانَ الّذي في السّماواتِ عَرشُهُ ، سُبحانَ مَن في الأرضِ بَطشُهُ ، سُبحانَ الّذي في البّرِّ والبحرِ سَبيلُهُ ، سُبحانَ الذي في السّماءِ سَطواتُهُ ، سُبحانَ الذي في الأرضِ شأنُهُ ، سُبحان الّذي في القبور قَضاؤهُ ، سُبحانَ الّذي في النّارِ نقمَتُهُ وعذابُهُ ، سُبحان الّذي في الجَنَّة رَحَمتُهُ ، سُبحانَ الّذي لا يَفوتُهُ هارِبٌ ، سُبحان الّذي لا مَلجأ مِنهُ الاّ إليهِ ، سُبحانَ الحيّ الذي لا يَموتُ( فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ *وَلَهُ الحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ *يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ) (٢) ( الحَمْدُ

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٥١ باختلاف يسير.

(٢) الروم ٣٠ : ١٧ ـ ١٩.

١١٢

للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) (١) .

سُبحانهُ عَددَ كُلّ شيءٍ أضعافاً مُضاعفةً ، سَرمَداً أبداً ، كَما يَنبَغي لِعظَمتِهِ وَمَنِّه.

سُبحانكَ لا إله الاّ أنتَ وَبَحمدكَ ، سُبحانَ الله الحَليمِ الكَريمِ ، سُبحانَ اللهِ العَليّ العَظيم ، سُبحانَ مَنْ هُو الحَقُّ ، سُبحانَ القابضِ الباسِطِ ، سُبحانَ الضارَّ النّافعِ ، سُبحانَ العظيمِ الأعظَمِ ، سُبحانَ القاضي بالحَقّ ، سُبحانَ الرّفيعِ الأعلى ، سُبحان ( الله )(١) العظيمِ ، الأولِ الآخِرِ ، الظاهر الباطِنِ ، الذي هُو على كُلّ شيءٍ قديرٌ ، وَبكٌل شيءٍ عليمٌ.

سُبحانَ الذي هُو هكذا ولا هكَذا غيرُهُ ، سُبحانَ منَ هُو دائمٌ لا يَسهو ، سُبحان مَن هُو شَديدٌ لا يَضعفُ ، سُبحانَ مَن هو رَقيبٌ لا يَغفلٌ ، سُبحانَ مَن هُو حيّ لا يَموتُ ، سُبحان الدائمُ القائمُ ، سُبحانَ الحَيّ القيُّوم ، سُبحانَ الّذي لا تأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نومٌ ، سُبحانك لا إله الاّ أنتَ وَحَدكَ لا شريكَ لكَ.

سُبحانَ من تُسبِّحُ لهُ الجبالُ الرَّواسي بأصواتِها تَقولُ : سُبحانَ رَبّي العظيمِ. سُبحانَ مَن تُسبّحُ لهُ الأشجارُ باُصولِها تقولُ : سُبحانَ

__________________

(١) الأسراء ١٧ : ١١١.

(٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

١١٣

الملِكِ الحقَّ سُبحانَ مَن تُسبّحُ له السّماواتُ والأرضُ يَقولونَ : سُبحانَ الله العَظيمِ الحيّ الحَليمِ وَبحمدهِ ، سُبحان منَ اعتَزَّ بالعَظمةِ ، وَاحتجبَ بالقدرةِ ، وَامتنَ بالرحمةِ ، وَعلا في الرّفعةِ ، وَدَنا في الحَياةِ ، وَلمَ تخفَ عَليهِ خافياتُ السّرائرِ ، ولمَ يُوارِ عَنهُ لَيلٌ داجٌ ، ولا بحرٌ عُجاجٌ ، ولا حُجُبٌ ولا أزواجُ ، أحاطَ بكلّ الكُلّ علماً ، وَوَسعَ المُذنبينَ رافَةً وحِلماً ، وَأبدعَ ما بَرأ إتقاناً وَصُنعاً ، نَطَقَتِ الأشياءُ المُبهمةُ عَن قُدرتِهِ ، وَشَهَدَتْ مُبدعَةً بِوِحدانيتِهِ.

اللّهُمّ صلّ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ نَبي الهُدى وَاهل بِيِته المَيامينَ الطّاهرينَ ، وَلا تَرُدنا يا إلهنا مِنْ رَحمتكَ خائبينَ ، ولا مِن فضلكَ آيسينَ ، وأعِذنا أن نَرجعَ بعدَ إذ هَديتنا ضالّينَ مُضلينَ ، وأجرنا من الحيرةِ في الدّينِ ، وَتوَفّنا مُسلمينَ ، وألحقنا بالصّالحينَ بِمحمّد وآلهِ الطّيبينَ الطّاهرينَ ، آمينَ آمينَ يا أرحمَ الراحمينَ(١) .

اليوم الثالث عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم نحس يكره فيه كل امر ، وتتقى فيه المنازعات والحكومة ولقاء السلطان وغيره ، ولا يدهن فيه الرأس ، ولا يحلق الشعر ، ومن ضل فيه أو هرب سلم ، ومن مرض فيه سلم(٢) ومن ولد فيه وكان ذكراً لا يعيش الاّ ان شاء الله غير ذاك ».

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٩٧ : ١٥٣ باختلاف فيه.

(٢) في نسخة « ن » : اجهد.

١١٤

وقال سلمان; روز مران (١) ، اسم الملك الموكل بالنجوم ، يوم نحس ردي ، يتقى فيه السلطان وسائر الاعمال ، ولا تطلب فيه حاجة ، والاحلام فيه تصحبعد تسعة أيام.

الدعاء فيه :

سُبحانَ الرَّفيعِ الأعلى ، سُبحانَ من قَضى بالمَوتِ على خَلقِهِ ، سُبحانَ قاضيَ الحَقّ ، سُبحانَ القادِرِ الملكِ المُقتدِرِ. سُبحانَ اللهِ وبحمدِهِ تَسبيحاً يبقى بَعدَ الفناءِ ، وَينمى في كَفَةِ الميزانِِ لِلجزاءِ. سُبحانَ المُسبّحُ لهُ تَسبيحاً كما يَنبغي لِكرمِ وَجهِهِ ، وعِزّ جَلاله ، وَعَظم ثَوابهِ. سُبحان من تَواضَعَ كُلّ شيءٍ لِعَظَمتِهِ ، سُبحانَ مَن استَسلَمَ كُلُّ شَيءٍ لِقُدرَتِهِ ، سُبحانَ مَن خَضَعَ كُلُّ شَيءٍ لِمُلكهِ ، سُبحانَ من أشرَقَتْ كُلّ ظُلمةٍ لنورِهِ ، سُبحانَ من قَدرَ وَقدُرتُهُ فُوقَ كُلّ قدرةٍ ولا يَقدرُ أحدٌ قدرَتُهُ.

سُبحانَ من أوّلُهُ لا يُوصفُ ، وَمن آخرُهُ عِلمٌ لا يبيدُ ، سُبحانَ مَن هُو عَالمُ بما تَجنُّهُ جَوانحُ القُلوبِ ، سُبحانَ مُحصي عَدَدَ الذُنوب ، سُبحانَ مَن لا تَخفى عَليه خَافيةٌ في السَّماواتِ والارضينَ ، سُبحانَ الرّبّ الوَدود ، سُبحانَ الرّب الفردِ ، سُبحانَ الاعظَمِ من كُلّ عَظيمٍ ، سُبحانَ الارحم مَن كُلّ رَحيمٍ ، سُبحانَ مَن هُو حَليمٌ لا يَعجلُ ، سُبحانَ مَن هو قائمِ لا يَغفلُ ، سُبحانَ من هُو جوادٌ لا يَبخلُ.

__________________

(١) في نسخة « ن » : تير.

١١٥

اللّهُمّ إنّي أسألُك يا ذا العِزّ الشّامخ يا قُدوسُ ، أسألُك بمنّكَ يا مَنّانُ ، وَبقُدرتكَ يا قَديرُ ، وَبحلمِك يا حليمُ ، وَبعلمِكَ عَليمُ ، وَبعَظَمتكَ يا عَظيمُ ، يا قَيّومُ يا قيّومُ يا قيّومُ ، يا حَقّ يا حقّ يا حقّ ، يا باعِثُ يا وارِثُ ، يا حَيّ يا حيّ يا حيّ ، يا اللهُ ، يا اللهُ ، يا اللهُ ، يا رَحمانُ يا رَحيمُ ، يا ذا الجَلالِ والإكرامِ ، يا رَبّنا يا رَبّنا يا رَبّنا ، يا لا إله الاّ أنتَ ، جَلّ ثناؤكَ أسألُكَ بِوجهكَ الكَريمِ ، يا سَندُ يا فَخرُ يا ذِخرُ ، يا خالقَنا يا رازِقَنا يا مُميتنا يا مُحيينا ، يا وَارثنا يا عُدتنَا ، يا أملَنا يا رجاءَنا.

أسألُكَ بِوَجهِكَ الكريمِ يا قَيّومُ ، و(١) أسألكَ بِوجهكَ الكَريمِ يا الله ، وأسألُكَ بوَحهك الكريمِ يا اللهُ ، وأسألُكَ بِوَجهكَ الكَريمِ يا أرحَمَ الرّاحمين ، وأسألُكَ بِوجهكَ الكَريمِ يا عَزيزُ وأسألُكَ بوَجهكَ الكَريمِ يا توّابُ ، وأسألكَ بوجهكَ الكريمِ يا غَفّارُ ، وَأسألُكَ بَوجهكَ الكريم يا سَتّارُ ، وأسألُكَ بوجهكَ الكريم يا قادِرٌ ، ، وأسألكَ بِوجهكَ الكَريمِ يا مُقتدرِ ، وأسألُكَ بأسمائكَ الشّريفةِ العاليةَ الكريمةَ أنْ تُصلي على مُحمدٍ وَآل مُحمّدٍ عَبدكَ ورسولكَ وَنَبيّكَ وعلى آلهِ الطّيّبين الطّاهرينَ ، بأفضَلِ صَلواتكَ وَبَركاتكُ على نَبيٍ منْ أنبيائكَ وملائكتِك أجَمعينَ.

وَعافِني في دِيني ودُنيايَ وفي جَميعِ أحوالي بِمَنّك عافِيةً تَغفرُ بِها ذُنُوبي ، وتَستُرُ بِها عيُوبي ، وَتُصلحُ بها دِيني ، وَتَجمعُ بِها شَملي ، وَتَرُدُّ بها

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

١١٦

غائِبي ، وَتُنجحُ بها مَطالبي ، وَتَنُصرني بِها على عَدُوّي ، وَتَكفيني بِها مَن يبتَغي أذاي وَيلتمسُ سَقطَتي ، وَتُيسّرُ بِها رِزقي ، وتُعافَيني بِها في جَسَدي ، وَتَقضي بها دُيُوني في دِيني وَدُنياي ، أنت إلهي وَمَولايَ وأنتَ أرحَمُ الرّاحمينَ(١) .

اليوم الرابع عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الصادق عن الله عز وجل : « هذا يوم صالح لكل شيء ، من ولد فيه يكثر ماله في آخر عمره ، ويكون غشوماً ظلوماً ، وهو صالح لطلب العلم والشراء والبيع والاستقراض والقرض وركوب البحر ، ومن هرب فيه يؤخذ ، ومن مرض فيه يبرأ ان شاء الله ».

قال سلمان رحمة الله عليه :روز جوش ، اسم الملك الموكل بالانفاس والالسن والريح ، وهو يوم سعيد مبارك يصلح لكل خير ، وللقاء السلطان وأشراف الناس وعلمائهم ، ومن ولد فيه يكون كاتباً أديباً ، ويكثر ماله في آخر عمره ، والاحلام فيه تصح بعد ستة وعشرين يوما ، والله أعلم.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ صَلّ على ( محمّد )(٢) النَبي الاُمّي وآلِ مُحمدٍ كَما صلَيتَ عَلى إبراهيم ( وآل إبراهيم )(٣) إنّكَ حميدٌ مجيدٌ ، اللّهُمّ إني أسألُكَ وأرغبُ إليكَ على أثرِ تَسبيحكَ والصّلاةِ عَلى نَبيِّكَ أن تَغفرِ لي ذُنُوبي كُلِّها ،

__________________

(١) ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٥٤ باختلاف فيه.

(٢ و ٣) اثبتناها من نسخة « ن ».

١١٧

قَديمِها وَحدِيثها ، كَبيرها وَصغَيرها ، سِرِّها(١) وَجَهرِها ، وَما أنا مُحصيهِ مِنها وَما أنا ناسيهِ. وَأن تَستُرَ عَلَيَّ سِائرَ عُيوبي أبَداً ما أبقَيتني ، وَلا تَفضَحني يا رَبّ. وَأن تُيَسِرَ لي مَعَ ذلكَ اُموري كُلّها ، مِن عافيةٍ تُجَلّلُها ، وَرَحمةٍ تَنشُرها ، وَعَمَلٍ صالحٍ تُوفًقُ لهُ ، ورِزقٍ تَبسطُهُ ، وَمَطالبٍ تُنجحُها ، وَحَوائج تُيسّرُها ، فأنّه لا يَقدرُ على ذلكَ ولا يَملكهُ غَيرُك.

لا إلهَ إلاّ أنتَ(٢) خَشَعتْ لكَ الاصواتُ ، وَتَحيرّت دُونكَ الصّفاتُ ، وَضَلّتْ فيكَ العُقولُ. لا إلهَ إلاّ أنتَ ، كل شيءٍ خاضعٌ لكَ ، وُكُل شيءٍ ضارِعٌ إليكَ. لا إلهَ إلاّ أنتَ ، لَكَ الخَلائقُ ، وَفي يَدكَ النّواصِي كُلّها ، وَفي قَبضَتكَ كُلّ شيءٍ ، مَن أشرَكَ بِكَ فَعَبد داخِرٌ لكَ.

أنتَ الرّبُ الّذي لا ندّ لكَ ، والدّائمُ الّذي لا نفادَ لكَ ، والقيّومُ الذي لا زوالَ لكَ ، والمَلِكُ الذي لا شريكَ لكَ ، الحَيُّ محُيي الموتى ، القائمُ على كُلّ نفسٍ بما كَسبَتْ.

لا إله إلاّ أنتَ ، الأوّلُ قَبل كُل خلقكَ ، والآخرُ بعَدهمُ ، والظّاهرُ فوقَهُم ، ورازِقَهمُ ، وقابضَ أرواحهمُ ، وموَلاهمُ ، ومُنتهى رَغباتهِم ، وموضِعَ حاجاتِهم وشكواهُم ، والدّافعُ عنهم ، والنّافعُ لَهم.

لَيس فَوقُكَ حاجزٌ يحجّزُ بَيَنك وبَينهُمْ ، ولا دُونكَ مانعٌ لك منهمُ ،

__________________

(١) في نسخة « ك » زيادة : وعلانيتها.

(٢) في نسخة « ك » زيادة : الذي.

١١٨

وفي قَبضتِكَ مَثواهمُ ، وإليكَ مُنقلَبهم ، بِكَ مُوقنونَ ، ولِفضلكَ وإحسانِكَ راجُون.

وَأنتَ مَفزعُ كل ملهوفٍ ، وَأمنُ كُلّ خائِفٍ ، ومَوضعُ كُلّ شكوى ، وَكاشِفُ كُلّ بلوى.

لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وَلا حَولَ وَلا قُوةَ إلاّ باللهِ ، وَليُّ كُلِّ نِعمةٍ ، ودافعُ كُلِّ سَيِّئَةٍ ، ومُنتهى كُلِّ رغبةٍ ، وَقاضي كُلّ حاجةٍ.

ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بكَ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، الرَّحيمُ لِخَلقِهِ ، اللّطيفُ بعبادِهِ على غِناهُ عَنهُم ، وشِدَّة فَقرهِم وفاقَتِهِم إليهِ.

لا إلهَ إلاّ أنتَ ، المطّلعُ على كُلّ خَفيةٍ ، والحافِظُ لِكُلّ سَريرةٍ ، واللطيفُ لما يشاءُ والفعّالُ لما يُريدُ.

اللّهُمّ لا إلهَ إلاّ أنتَ يا أرحمَ الرّاحمينَ ، لَكَ الحَمدُ شُكراً يا عالِمَ الغَيب والشّهادةِ الرّحمن الرّحيم ، فاطِر السّماواتِ ذا الجلالِِ والإكرامِ ، أنت غافرُ الذّنبِ شديدُ العقابِ ذو الطّولِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ إليكَ المصيرُ(١) .

اليوم الخامس عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يومٌ محذورٌ في كلّ الأمور إلاّ من أراد أن يستقرضَ أو يقرض أو يشدّ ما يشتري ، ومن مرض فيه برأ عاجلاً ، ومن هرب

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٥٦ باختلاف فيه.

١١٩

فيه ظفر به في مكان غريب ، ومن ولد فيه كان ألثغ أو أخرس ، إلا أن يشاء الله عز وجلّ غير ذلك ».

وقال سلمانرضي‌الله‌عنه :روز ( نمهر ) (١) ، اسمٌ من أسماء الله تعالى عزّ وجلّ ، يوم مبارك يصلح لكل عمل وحاجةٍ ، ومَن ولد فيه يكون ألثغُ أو أخرَسُ ، والاحلامُ فيه تصِح بعد ثلاثة أيامٍ ، والله أعلم.

الدعاء فيه :

أسألك اللّهُمّ يا لا إله إلاّ أنتَ بإسمك الواحِدِ الصّمدِ الفردِ الّذي لا يَعدلُهُ شيء في الأرضِ ولا في السّماءِ ، وأسألُكَ بإسمكَ العلي الأعلى ، وأسألُكَ باسمكَ العظيمِ الأعظمِ ، وأسألكَ باسمكِ الجليلِ الأجَل ، وأسألُكَ باسمكَ الّذي لا إله إلاّ هُو المَلكُ القُدّوسُ السّلامُ المؤمنُ المهُيمنُ العزيزُ الجبّارُ المُتكَبّرُ ، سبحانَكَ اللّهُمّ عَمّا يُشركونَ.

وأسألُك بإسمكَ الكريم العزيز ( و )(٢) بأنّك أنتَ الله لا إلهَ إلاّ أنتَ الخالقُ البارئُ المصورُ لكَ الاسماءٌ الحسنى يُسبّحُ لَكَ ما في السّماواتِ والأرضِ وأنتَ العزيزُ الحكيمُ ، وأسألُكَ باسمكَ المكنونِ المخزونِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وأسألُكَ اللّهُمّ باسمكَ الّذي إذا دُعيتَ به أجبتَ ، وإذا سُئلتَ به أعطيتَ ، وأسألُكَ اللّهُمّ بما تُحِبُّ به أن تُسألَ به مِن مسألةٍ ، وأسألُكَ

__________________

(١) في نسخة « ن » : ديبمهر.

(٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣) )

أسباب النّزول

وردت في كتب التّفسير والحديث أسباب متشابهة لنزول الآيات الاولى من هذه السورة ، وسنستعرض أحد هذه الأسباب لكونه مفصّلا وجامعا أكثر من الأسباب الاخرى ، ففي حديث نقله المرحوم العلّامة الكليني عن الإمام الباقرعليه‌السلام جاء فيه : «أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا : إنّ ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا ، فادعه ومره فليكفّ عن آلهتنا ونكفّ عن إلهه.

فبعث أبو طالب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعاه ، فلمّا دخل النّبي لم ير في البيت إلّا مشركا فقال : (السلام على من اتّبع الهدى) ثمّ جلس فخبّره أبو طالب بما جاؤوا به ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أو هل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطأون أعناقهم»؟

٤٤١

فقال أبو جهل : نعم وما هذه الكلمة؟

قال : «تقولون : لا إله إلّا الله».

وما إن سمعوا هذه الكلمات حتّى وضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا وهم يقولون : ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة إنّ هذا إلّا اختلاق ، فأنزل الله في قولهم :( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) ـ إلى قوله ـ( إِلَّا اخْتِلاقٌ ) (١) .

التّفسير

انقضاء مهلة النّجاة :

مرّة اخرى تمرّ علينا سورة تبدأ آياتها الاولى بحروف مقطّعة وهو حرف( ص ) ويطرح نفس السؤال السابق بشأن تفسير هذه الحروف المقطّعة : هل هذه إشارة إلى عظمة القرآن المجيد الذي يتألّف من مثل هذه الحروف المتيسّرة في متناول الجميع كالحروف الهجائية ، والذي غيّرت محتوياته مجرى حياة الإنسانية في هذا العالم

وأنّ قدرة الله العظمية هي التي أوجدت من هذه الحروف البسيطة تركيبا رائعا عظيما هو القرآن المجيد كلام الله ، أم أنّها إشارة إلى رموز وأسرار بين الله سبحانه وتعالى وأنبيائه

أمّ أنّها تعني أمورا أخرى؟

مجموعة من المفسّرين اعتبرت هنا حرف (ص) رمزا يشير إلى أحد أسماء الله ، وذلك لأنّ الكثير من أسمائه تبدأ بحرف الصاد مثل (صادق) ، (صمد) ، (صانع) أو أنّه إشارة إلى (صدق الله) التي اختصرت بحرف واحد.

ولا بدّ أنّكم طالعتم تفسير هذه الحروف المقطّعة بصورة مفصّلة في تفسير بدايات آيات سور (البقرة) و (آل عمران) و (الأعراف).

__________________

(١) اصول الكافي نقلا عن نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٤٠.

٤٤٢

ثمّ يقسم الله تعالى بالقرآن ذي الذكر والّذي هو حقّا معجزة إلهيّة( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) (١) .

فالقرآن ذكر ويشتمل على الذكر ، والذكر يعني التذكير وصقل القلوب من صدأ الغفلة ، تذكّر الله ، وتذكّر نعمه ، وتذكّر محكمته الكبرى يوم القيامة ، وتذكّر هدف خلق الإنسان.

نعم ، فالنسيان والغفلة هما من أهمّ عوامل تعاسة الإنسان ، والقرآن الكريم خير دواء لعلاجهما.

فالقرآن الكريم يقول بشأن المنافقين في الآية (٦٧) من سورة التوبة :( نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ ) أي إنّهم نسوا الله ، والله في المقابل نسيهم وقطع رحمته عنهم.

ونقرأ في نفس هذه السورة الآية (٢٦) عن الضالّين ، قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ ) .

نعم ، فالنسيان هو الابتلاء الكبير الذي ابتلي به الضالّون والمذنبون ، حتّى أنّهم نسوا أنفسهم وقيمة وجودها ، كما قال القرآن الكريم ، كلام الله الناطق( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) .(٢)

فالقرآن خير وسيلة لتمزيق حجب النسيان ، وهو نور لإزالة الظلمات والغفلة والنسيان ، حيث إنّ آياته تذكّر الإنسان بالله وبالمعاد ، وتعرّف الإنسان قيمة وجوده في هذه الحياة.

الآية التالية تقول لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا رأيت هؤلاء لا يستسلمون لآيات الله الواضحة ولقرآنه المجيد ، فاعلم أنّ سبب هذا لا يعود إلى أنّ هناك ستارا يغطّي كلام الحقّ ، وإنّما هم مبتلون بالتكبّر والغرور اللذين يمنعان الكافرين من قبول

__________________

(١) جملة( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) جملة قسم جوابها محذوف ، وتقديرها (والقرآن ذي الذكر إنّك صادق وإنّ هذا الكلام معجز).

(٢) الحشر ، ١٩.

٤٤٣

الحقّ ، كما أنّ عنادهم وعصيانهم ـ هما أيضا ـ مانع يحول دون تقبّلهم لدعوتك( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ ) .

«العزّة» كما قال الراغب في مفرداته ، هي حالة تحوّل دون هزيمة الإنسان (حالة الذي لا يقهر) وهي مشتقّة من (عزاز) وتعني الأرض الصلبة المتينة التي لا ينفذ الماء خلالها ، وتعطي معنيين ، فأحيانا تعني (العزّة الممدوحة) المحترمة ، كما في وصف ذات الله الطاهر بالعزيز ، وأحيانا تعني (العزّة بالإثم) أي الوقوف بوجه الحقّ والتكبّر عن قبول الواقع ، وهذه العزّة مذلّة في حقيقة الأمر.

«شقاق» مشتقّة من (شقّ) ، ومعناه واضح ، ثمّ استعمل في معنى المخالفة ، لأنّ الاختلاف يسبّب في أن تقف كلّ مجموعة في شقّ ، أي في جانب.

القرآن هنا يعدّ مسألة العجرفة والتكبّر والغرور وطيّ طريق الانفصال والتفرقة من أسباب تعاسة الكافرين ، نعم هذه الصفات القبيحة والسيّئة تعمي عين الإنسان وتصمّ آذانه ، وتفقده إحساسه ، وكم هو مؤلم أن يكون للإنسان عيون تبصر وآذان تسمع ولكنّه يبدو كالأعمى والأصم.

فالآية (٢٠٦) من سورة البقرة تقول :( وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ ) أي عند ما يقال للمنافق : اتّق الله ، تأخذه العصبية والغرور واللجاجة ، وتؤدّي به إلى التوغّل في الذنب والسقوط في نار جهنّم وإنّها لبئس المكان.

ولإيقاظ أولئك المغرورين المغفّلين ، يرجع بهم القرآن الكريم إلى ماضي تأريخ البشر ، ليريهم مصير الأمم المغرورة والمتكبّرة ، كي يتّعظوا ويأخذوا العبر منها و( كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ ) .

أي إنّ امما كثيرة كانت قبلهم قد أهلكناها (بسبب تكذيبها الأنبياء ، وإنكارها آيات الله ، وظلمها وارتكابها للذنوب) وكانت تستغيث بصوت عال عند نزول العذاب عليها ، ولكن ما الفائدة فقد تأخّر الوقت! ولم يبق أمامهم متّسع من الوقت

٤٤٤

لإنقاذ أنفسهم( فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ ) .

فعند ما كان أنبياء الله في السابق يعظونهم ويحذّرونهم عواقب أعمالهم القبيحة ، لم يكتفوا بصمّ آذانهم وعدم الاستماع ، وإنّما كانوا يستهزئون ويسخرون من الأنبياء ويعذّبون المؤمنين ويقتلونهم ، فبذلك أضاعوا الفرصة ودمّروا كلّ الجسور التي خلفهم ، فنزل العذاب الإلهي ليهلكهم جميعا ، العذاب الذي رافقه انغلاق باب التوبة والعودة ، وفور نزوله تبدأ أصوات الاستغاثة تتعالى ، والتي لا تغني عنهم يومئذ شيئا.

وكلمة (لات) جاءت للنفي ، وهي في الأصل (لا) نافية أضيفت إليها (تاء) التأنيث ، لتعطي معنى التأكيد(١) .

«مناص» من مادّة (نوص) وتعني الملاذ والملجأ ، ويقال : إنّ العرب عند ما كانت تقع لهم حادثة صعبة ورهيبة ، وخاصّة في الحروب كانوا يكرّرون هذه الكلمة ويقولون (مناص مناص) أي : أين الملاذ؟ أين الملاذ؟ ولأنّ هذا المفهوم يتناسب مع معنى الفرار ، وأحيانا تأتي بمعنى إلى أين الفرار(٢) .

على أيّة حال ، فإنّ أولئك المغرورين المغفّلين لم يستفيدوا من الفرصة التي كانت بأيديهم للجوء إلى أحضان الرحمة واللطف الإلهي ، وعند ما أضاعوا الفرصة ونزل عليهم العذاب الإلهي ، أخذوا ينادون ويستغيثون ويبذلون الجهد للعثور على طريق نجاة لهم ، ولكن كلّ هذه الجهود تبوء بالفشل ، حيث أنّهم مهما بذلوا من جهد ومهما استغاثوا فإنّهم لا يصلون إلى مقصدهم.

هذه كانت سنّة الله مع كلّ الأمم السابقة ، وستبقى كذلك ، لأنّ سنّة الله لا تتغيّر

__________________

(١) البعض قال : إنّ (التاء) زائدة واعتبرها للمبالغة كما في كلمة (علامة) كما اعتبر البعض أنّ (لا) هنا (نافية للجنس) والبعض شبّهها بـ (ليس) وعلى أيّة حال إضافة (التاء) إلى (لا) يوجد أحكاما خاصّة ، منها من المؤكّد أنّها تستخدم للزمان ، والاخرى أنّ اسمها أو خبرها محذوف دائما ، وتذكر في الكلام بإحدى الحالتين المذكورتين آنفا ، وطبقا لهذا فإنّ عبارة (ولات حين مناص) تقديرها (ولات الحين حين مناص).

(٢) مفردات الراغب ، تفسير فخر الرازي ، تفسير روح المعاني ، كتاب مجمع البحرين مادّة (نوص).

٤٤٥

ولا تتبدّل.

ومن المؤسف أنّ الناس ـ على الأغلب ـ غير مستعدّين للاتّعاظ من تجارب الآخرين ، وكأنّهم راغبون في تكرار تلك التجارب المرّة ، التجارب التي تقع أحيانا مرّة واحدة في طول عمر الإنسان ، ولا تتكرّر ثانية ، وبصورة أوضح : إنّها الاولى والأخيرة.

* * *

٤٤٦

الآيات

( وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦) ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧) )

أسباب النّزول

سبب نزول هذه الآيات يشبه سبب نزول الآيات السابقة ، وغير مستبعد أن يكون هناك سبب واحد لنزول كلّ تلك الآيات.

ولكن بما أنّ سبب النّزول المذكور لهذه الآيات يحوي مطالب جديدة ، نذكره كما ورد في تفسير علي بن إبراهيم ، حيث جاء فيه : بعد أن أظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الدعوة ، اجتمعت قريش إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب ، إنّ ابن أخيك قد سفه أحلامنا ، وسبّ آلهتنا ، وأفسد شبابنا ، وفرّق جماعتنا ، فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم ، جمعنا له حالا حتّى يكون أغنى رجل في قريش ، ونملكه علينا.

فأخبر أبو طالب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجابه رسول الله قائلا : «لو وضعوا الشمس

٤٤٧

في يميني والقمر في يساري ما تركته ، ولكن كلمة يعطوني يملكون بها العرب وتدين بها العجم ويكونون ملوكا في الجنّة».

فقال لهم أبو طالب ذلك ، فقالوا : نعم وعشرة كلمات بدلا من واحدة ، أي كلمة تقصد أنت؟

فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله».

تضايقوا كثيرا عند سماعهم هذا الجواب ، وقالوا : ندع ثلاث مائة وستّين إلها ونعبد إلها واحدا؟ إنّه لأمر عجيب؟ نعبد إلها واحدا لا يمكن مشاهدته ورؤيته.

وهنا نزلت هذه الآيات المباركة بل( وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) (١) .

هذا المعنى ورد أيضا في تفسير مجمع البيان مع اختلاف بسيط ، إذ ذكر صاحب تفسير مجمع البيان في آخر الرواية أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استعبر بعد أن سمع جواب زعماء قريش وقال : «يا عمّ والله لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا القول حتّى أنفذه أو اقتل دونه» فقال له أبو طالب : امض لأمرك ، فو الله لا أخذلك أبدا(٢) .

* * *

التّفسير

هل يمكن قبول إله واحد بدلا من كلّ تلك الآلهة؟

المغرورون والمتكبّرون لا يعترفون بأمر لا يلائم أفكارهم المحدودة والناقصة ، إذ يعتبرون أفكارهم المحدودة والناقصة مقياسا لكلّ القيم. لذا فعند ما رفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لواء التوحيد في مكّة ، وأعلن الانتفاضة ضدّ الأصنام الكبيرة

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم ، نقلا عن تفسير نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٤٢ الحديث ٧.

(٢) مجمع البيان ، المجلّد ٨ ، الصفحة ٤٦٥.

٤٤٨

والصغيرة في الكعبة ، والبالغ عددها (٣٦٠) صنما ، تعجّبوا : لماذا جاءهم النذير من بينهم؟( وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ) .

كان تعجّبهم بسبب أنّ محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجل منهم فلما ذا لم تنزل ملائكة من السماء بالرسالة؟ هؤلاء تصوّروا أنّ نقطة القوّة هذه نقطة ضعف ، فالذي يبعث من بين قوم ، هو أدرى باحتياجات وآلام قومه ، كما أنّه أعرف بمشكلاتهم وتفصيلات حياتهم ، ويمكن أن يكون لهم أسوة وقدوة ، إلّا أنّهم اعتبروا هذا الامتياز الكبير نقطة سلبية في دعوة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعجّبوا من أمر بعثته إليهم.

وأحيانا كانوا يجتازون مرحلة التعجّب إلى مرحلة اتّهام رسول الله بالسحر والكذب( وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ ) .

وقلنا عدّة مرّات : إنّ اتّهامهم الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسحر ، إنّما نتج من جرّاء رؤيتهم لمعجزاته التي لا تقبل الإنكار وتنفذ بصورة مدهشة إلى أفكار المجتمع ، واتّهامه بالكذب بسبب تحدّثه بأمور تخالف سنّتهم الخرافية وأفكارهم الجاهلية التي كانت جزءا من الأمور المسلّم بها في ذلك المجتمع ، وادّعاء الرسالة من الله.

وعند ما أظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعوته لتوحيد الله ، أخذ أحدهم ينظر للآخر ويقول له : تعالى

واسمع العجب العجاب( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ ) (١) .

نعم ، فالغرور والتكبّر إضافة إلى فساد المجتمع ، تساهم جميعا في تغيّر بصيرة الإنسان ، وجعله متعجّبا من بعض الأمور الواقعية والواضحة ، في حين يصرّ بشدّة على التمسّك ببعض الخرافات والأوهام الواهية.

وكلمة (عجاب) على وزن (تراب) تعطي معنى المبالغة ، وتقال لأمر عجيب مفرط في العجب.

فالسفهاء من قريش كانوا يعتقدون أنّه كلّما ازدادت عدد آلهتهم إزداد نفوذهم

__________________

(١) «الجعل» بمعنى التصيير ، وهو ـ كما قيل ـ تصيير بحسب القول والإعتقاد والدعوى لا بحسب الواقع.

٤٤٩

وقدرتهم ، ولهذا السبب فإنّ وجود إله واحد يعدّ قليلا من وجهة نظرهم ، في حين ـ كما هو معلوم ـ أنّ الأشياء المتعدّدة من وجهة النظر الفلسفية تكون دائما محدودة ، والوجود اللامحدود واحد لا أكثر ، ولهذا السبب فإنّ كلّ الدراسات في معرفة الله تنتهي إلى توحيده.

وبعد أن يئس طغاة قريش من توسّط أبي طالب في الأمر وفقدوا الأمل ، خرجوا من بيته ، ثمّ انطلقوا وقال بعضهم لبعض ، أو قالوا لأتباعهم : اذهبوا وتمسّكوا أكثر بآلهتكم ، واصبروا على دينكم ، وتحمّلوا المشاق لأجله ، لأنّ هدف محمّد هو جرّ مجتمعنا إلى الفساد والضياع وزوال النعمة الإلهية عنّا بسبب تركنا الأصنام ، وإنّه يريد أن يترأس علينا( وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ) .

«انطلق» مشتقّة من (انطلاق) وتعني الذهاب بسرعة والتحرّر من عمل سابق ، وهنا تشير إلى تركهم مجلس أبي طالب وعلامات الضجر والغضب بادية عليهم.

و (الملأ) إشارة إلى أشراف قريش المعروفين الذين ذهبوا إلى أبي طالب ، وبعد خروجهم من بيته تحدّث بعضهم لبعض أو لأتباعهم أن لا تتركوا عبادة أصنامكم وأثبتوا على عبادة آلهتكم.

وجملة( لَشَيْءٌ يُرادُ ) تعني أنّ هناك أمرا يراد بنا. ولكونها جملة غامضة بعض الشيء ، فقد ذكر المفسّرون لها تفاسير عديدة ، منها : أنّها إشارة إلى دعوة الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ اعتبرت قريش هذه الدعوة مؤامرة ضدّها ، وقالت : إنّ ظاهرها يدعو إلى الله ، وباطنها يهدف إلى السيادة والرئاسة علينا وعلى العرب ، وما هذه الدعوة إلّا ذريعة لتنفيذ ذلك الأمر ، أي السيادة والرئاسة ، ودعت الناس إلى التمسّك أكثر بعبادة الأصنام ، وترك تحليل أمر هذه المؤامرة إلى زعماء القوم ، وهذا الأسلوب طالما لجأ إليه أئمّة الضلال لإسكات أصوات السائرين في طريق الحقّ ، إذ يطلقون على الدعوة إلى الله لفظة (مؤامرة) المؤامرة التي يجب أن يتولّى

٤٥٠

رجال السياسة تحليلها بدقّة لوضع الخطط والبرامج المنظّمة لمواجهتها ، وأن يمرّ بها عامة الناس مرّ الكرام من دون أن يعيروا لها أي اهتمام ، وأن يتمسّكوا أكثر بما عندهم ، أي بأصنامهم.

ونظير هذا الحديث ورد في قصّة نوح ، عند ما قال الملأ من قوم نوح لعامّتهم( ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ) .(١)

وذهب آخرون إلى أنّ المقصود من هذه العبارة هو : يا عبدة الأصنام أثبتوا واستقيموا على آلهتكم ، لأنّ هذا هو المطلوب منكم.

أمّا البعض الآخر فقد قال : المقصود هو أنّ محمّدا يستهدفنا نحن ، وأنّه يريد جرّ مجتمعنا إلى الفساد من خلال تركنا لآلهتنا ، وفي نهاية الأمر ستزال النعم عنّا وينزل علينا العذاب!

فيما احتمل البعض الآخر أنّ المراد هو أنّ محمّدا لن يتوقّف عن دعوته وأنّه مصمّم على نشرها بعزم راسخ ، ولهذا فإنّ المحادثات معه عقيمة ، فاذهبوا وتمسّكوا أكثر بعقائدهم.

وأخيرا احتمل بعض المفسّرين أنّ المقصود هو أنّ المصيبة ستحلّ بنا ، وعلى أيّة حال ، علينا أن نتهيّأ لها وأن نتمسّك أكثر بسنّتنا.

وبالطبع ، لكون هذه الجملة لها مفهوم عامّ ، فإنّ أغلب التفاسير يمكن أن تعطي المعنى المطلوب ، رغم أنّ التّفسير الأوّل يعدّ أنسب من بقيّة التفاسير.

وعلى أيّة حال ، فإنّ زعماء المشركين أرادوا بهذا القول تقوية المعنويات المنهارة لأتباعهم ، والحيلولة دون تزعزع معتقداتهم أكثر ، ولكن كلّ مساعيهم ذهبت أدراج الرياح.

ولخداع عوامّ الناس وإقناع أنفسهم ، قال زعماء المشركين( ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) .

__________________

(١) المؤمنون ، ٢٤.

٤٥١

فلو كان ادّعاء التوحيد وترك عبادة الأصنام أمرا واقعيّا لكان آباؤنا الذين كانوا بتلك العظمة والشخصيّة قد أدركوا ذلك ، وكنّا قد سمعنا ذلك منهم ، لذا فهو مجرّد حديث كاذب وليست له سابقة.

وعبارة( الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ) يحتمل أنّها تشير إلى جيل آبائهم باعتباره آخر جيل بالنسبة لهم ، ويمكن أن تكون إشارة إلى أهل الكتاب وخاصّة (النصارى) الذين كانوا آخر الملل ، ودينهم كان آخر الأديان قبل ظهور نبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أي إنّنا لم نعثر في كتب النصارى على شيء ممّا يقوله محمّد ، وذلك لأنّ كتب النصارى كانت تقول بالتثليث ، أمّا التوحيد الذي دعا إليه محمّد فإنّه أمر جديد.

ولكن يتّضح من آيات القرآن الكريم أنّ عرب الجاهلية لم يكونوا معتمدين على كتب اليهود والنصارى ، وإنّما اعتمادهم الأساس كان على سنن وشرائع أجدادهم وآبائهم ، وهذا دليل على صحّة التّفسير الأوّل.

«اختلاق» مشتقّة من (خلق) وتعني إبداء أمر لم تكن له سابقة ، كما تطلق هذه الكلمة على الكذب ، وذلك لأنّ الكذّاب غالبا ما يطرح مواضيع لا وجود لها ، ولهذا فإنّ المراد من كلمة (اختلاق) في الآية ـ مورد البحث ـ أنّ التوحيد الذي دعا إليه هذا النبيّ مجهول بالنسبة لنا ولآبائنا الأوّلين ، وهذا دليل على بطلانه.

* * *

ملاحظة

الخوف من الجديد!

الخوف من القضايا والأمور المستحدثة والجديدة كانت ـ على طول التاريخ ـ أحد الأسباب المهمّة التي تقف وراء إصرار الأمم الضالّة على انحرافاتها ، وعدم استسلامها لدعوات أنبياء الله ، إذ أنّهم يخافون من كلّ جديد ، ولهذا كانوا ينظرون لشرائع الأنبياء بنظرة سيّئة جدّا ، وحتّى الآن هناك امم كثيرة تحمل آثارا من هذا

٤٥٢

التفكير الجاهلي ، في الوقت الذي لم تكن فيه دعوة الرسل للتوحيد أمرا جديدا ، ولا يمكن أن تكون حداثة الشيء دليلا على بطلانه ، فيجب أن نتّبع المنطق ، ونستسلم للحقّ أينما كان وممّن كان.

والأمر العجيب أنّ مسألة الخوف من الأمر الجديد ـ مع شديد الأسف ـ قد طالت بعض العلماء أيضا ـ إذ يتّخذون موقفا معارضا للنظريات العلمية الحديثة ويقولون :( إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) .

وهذا الأمر شوهد بصورة خاصّة في تأريخ الكنيسة المسيحية ، إذ أنّهم كانوا يتّخذون مواقف سلبية تجاه الاكتشافات العلمية لعلماء الطبيعة ، وكان أحدهم «غاليلو» إذ تعرّض لأشدّ هجمات الكنيسة على أثر إعلانه عن أنّ الأرض تدور حول الشمس وحول نفسها ، حيث كانوا يقولون : إنّ هذا الكلام بدعة.

وأكثر ما يثير العجب أنّ بعض العلماء الكبار ، كانوا عند ما يتوصّلون إلى حقائق علمية جديدة ، يعمدون إلى البحث في امّهات الكتب لعلّهم يعثرون على علماء سابقين يوافقونهم في الرأي ، وذلك خوفا من تعرضهم لهجمات المعارضين وبهذا الأسلوب استطاع كثير من العلماء إبداء وجهة نظرهم وكأنّها قديمة وليست بجديدة ، وهذا أمر مؤلم جدّا.

ومثال هذا الحديث يمكن مشاهدته في كتاب (الأسفار) فيما ورد عن النظرية المعروفة بـ (الحركة الجوهرية) لصدر المتألهين الشيرازي.

على أيّة حال فإنّ طريقة التعامل مع القضايا الحديثة والابتكارات الجديدة أدّى إلى وقوع خسائر كبيرة في المجتمع الإنساني وفي عالم العلم والمعرفة ، وعلى أصحاب العلاقة أن يعملوا بجدّ لإصلاح هذا الأمر ، وإزالة الرسوبات الجاهلية من أفكار الرأي العامّ.

٤٥٣

إلّا أنّ هذا الحديث لا يعني قبول كلّ رأي جديد لكونه جديدا ، حتّى ولو كان بلا أساس ، إذ يصبح حينئذ نفس التمسّك بالجديد بلاء عظيما كعشق القديم ، فالاعتدال الإسلامي يدعونا إلى عدم الإفراط أو التفريط في العمل.

* * *

٤٥٤

الآيات

( أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١) )

التّفسير

الجيش المهزوم :

الآيات السابقة تحدّثت عن المواقف السلبية التي اتّخذها المعارضون لنهج التوحيد والإسلام ، ونواصل في هذه الآيات الحديث عن مواقف المشركين.

فمشركو مكّة بعد ما أحسّوا أنّ مصالحهم اللامشروعة باتت في خطر ، وإثر تزايد اشتعال نيران الحقد والحسد في قلوبهم ، ومن أجلّ خداع الناس وإقناع أنفسهم عمدوا إلى مختلف الادّعاءات بمنطق زائف لمحاربة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنها سؤالهم بتعجّب وإنكار( أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ) .

ألم يجد الله شخصا آخر لينزل عليه قرآنه ، غير محمّد اليتيم والفقير ـ خاصّة

٤٥٥

وأنّ فينا الكثير من الشيبة وكبار السنّ الأثرياء المعروفون.

هذا المنطق لم يكن منحصرا بذلك الزمان فقط ، وإنّما يتعدّاه إلى كلّ عصر وزمان ، وحتّى في زماننا ، فإن تولّى شخص ما مسئولية مهمّة طفحت قلوب الآخرين بالغيظ والحسد ، وبدأت ألسنتهم بالثرثرة وتوجيه النقد والطعن : ألم يكن هناك شخص آخر حتّى توكّل هذه المهمة بالشخص الفلاني الذي هو من عائلة فقيرة وغير معروفة؟

نعم ، فأهل الكتاب من اليهود والنصارى يشتركون بعض الشيء مع المسلمين ، ولكن حبّ الدنيا من جهة ، وحسدهم من جهة اخرى ، تسبّبا في أنّ يبتعدوا عن الإسلام والقرآن ، ويقولوا إلى عبدة الأصنام : إنّ الطريق الذي تسلكونه أفضل من الطريق الذي سلكه المؤمنون( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً ) .(١)

من البديهي أنّ إشكال التعجّب والإنكار المتولّدة عن الخطأ في «تحديد القيم» إضافة إلى الحسد وحبّ الدنيا ، لا يمكن أن تكون معيارا منطقيا في القضاء ، فهل أنّ شخصيّة الإنسان تحدّد باسمه أو مقدار ماله أو مقامه أو حتّى سنّه؟ وهل أنّ الرحمة الإلهيّة تقسّم على أساس هذا المعيار؟

لهذا فإنّ تتمّة الآية تقول : إنّ مرض أولئك شيء آخر ، إنّهم في حقيقة الأمر يشكّكون في أمر الوحي وأمر الله( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي ) .

ملاحظاتهم التي لا قيمة لها على شخصيّة الرّسول ما هي إلّا أعذار واهية ، وشكّهم وتردّدهم في هذه المسألة ليس بسبب وجود إبهام في القرآن المجيد ، وإنّما بسبب أهوائهم النفسية وحبّ الدنيا وحسدهم.

وفي نهاية الأمر فإنّ القرآن الكريم يهدّدهم بهذه الآية( بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ ) أي إنّ هؤلاء لم يذوقوا العذاب الإلهي ، ولهذا السبب جسروا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) النساء ، ٥١.

٤٥٦

ودخلوا المعركة ضدّ الوحي الإلهي بهذا المنطق الأجوف.

نعم ، فهناك مجموعة من الناس لا ينفع معها المنطق والكلام ، ولكن سوط العذاب هو الوحيد الذي يحطّ من تكبّرهم وغرورهم ، لذا يجب أن يعاقب أولئك بالعقاب الإلهي كي يشفوا من مرضهم.

ويضيف القرآن الكريم في الردّ عليهم : هل يمتلكون خزائن الرحمة الإلهيّة كي يهبوا أمر النبوّة لمن يرغبون فيه ، ويمنعونها عمّن لا يرغبون فيه؟( أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ) .

فالله سبحانه وتعالى بمقتضى كونه (ربّ) هذا الكون ومالكه ، وبارئ عالم الوجود وعالم الإنسانية ، ينتخب لتحمل رسالته شخصا يستطيع قيادة الأمّة إلى طريق التكامل والتربية. وبمقتضى كونه (العزيز) فإنّه لا يقع تحت تأثير الآخرين ويسلّم مقام الرسالة إلى أشخاص غير لائقين ، فمقام النبوّة عظيم ، والله سبحانه وتعالى هو صاحب القرار في منحه. ولكونه (الوهّاب) فإنّه ينفذ أيّ شيء يريده ، ويمنح مقام النبوّة لكلّ من يرى فيه القدرة على تحمّله.

ممّا يذكر أنّ كلمة (الوهّاب) جاءت بصيغة المبالغة ، وتعني كثير المنح والعطايا ، وهي هنا تشير إلى أنّ النبوّة ليست نعمة واحدة ، وإنّما هي نعم متعدّدة ، تتّحد فيما بينها لتمكّن صاحب هذا المقام الرفيع من أداء مهمّته ، وهذه النعم تشمل العلم والتقوى والعصمة والشجاعة والشهامة.

ونقرأ في الآية (٣٢) من سورة الزخرف نظير هذا الكلام ، قال تعالى :( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ) أي إنّهم يشكلون عليك بسبب نزول القرآن عليك ، فهل أنّهم هم المسؤولون عن تقسيم رحمة ربّ العالمين؟

هذا ويمكن الاستفادة من كلمة (رحمة) هنا في أنّ النبوّة إنّما هي رحمة ولطف ربّ العالمين بعالم الإنسانية ، وحقّا هي كذلك ، فلو لا بعث الأنبياء لخسر الناس الدنيا والآخرة ، كما خسرها أولئك الذين ابتعدوا عن نهج الأنبياء.

٤٥٧

الآية اللاحقة واصلت تناول نفس الموضوع ، ولكن من جانب آخر ، حيث قالت :( أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ ) .

هذا الكلام في حقيقته يعدّ مكمّلا للبحث السابق ، إذ جاء في الآية السابقة : إنّكم لا تمتلكون خزائن الرحمة الإلهية ، كي تمنحوها لمن تنسجم أهواؤه مع أهوائكم ، والآن تقول الآية التالية لها : بعد أن تبيّن أنّ هذه الخزائن ليست بيدكم ، وإنّما هي تحت تصرّف البارئعزوجل ، إذن فليس أمامكم غير طريق واحد ، وهو أن ترتقوا إلى السماوات لتمنعوا الوحي أن ينزل على رسول الله وإنّكم تعرفون أنّ تحقيق هذا الأمر شيء محال ، وأنتم عاجزون عن تنفيذه.

وعلى هذا ، فلا «المقتضي» تحت اختياركم ، ولا القدرة على إيجاد «المانع» ، فما ذا يمكنكم فعله في هذا الحال؟ إذا ، موتوا بغيظكم وحسدكم ، وافعلوا ما شئتم

وبهذا الشكل فإنّ الآيتين لا تكرّران موضوعا واحدا كما توهّمه مجموعة من المفسّرين ، بل إنّ كلّ واحدة منهما تتناول جانبا من جوانب الموضوع.

الآية الأخيرة في بحثنا جاءت بمثابة تحقير لأولئك المغرورين السفهاء ، قال تعالى :( جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ ) (١) فهؤلاء جنود قلائل مهزومين

«هنالك» إشارة للبعيد ، وبسبب وجودها في الآية ، فقد اعتبر بعض المفسّرين أنّها إشارة إلى هزيمة المشركين في معركة بدر ، التي دارت رحاها في منطقة بعيدة بعض الشيء عن مكّة المكرّمة.

واستخدام كلمة (الأحزاب) هنا إشارة حسب الظاهر إلى كلّ المجموعات التي وقفت ضدّ رسل الله ، والذين أبادهم الباريعزوجل ، ومجتمع مكّة المشرك هو مجموعة صغيرة من تلك المجموعات ، والذي سيبتلى بما ابتلوا به (الشاهد على

__________________

(١) (ما) تعدّ زائدة في هذه العبارة ، إنّما جاءت للتحقير والتقليل ، و (جند) خبر لمبتدأ محذوف ، و (مهزوم) خبر ثان والعبارة في الأصل هي (هم جند ما مهزوم من الأحزاب) والبعض يعتقد بعدم وجود محذوف في الجملة و (جند) مبتدأ و (مهزوم) خبر ، ولكن الرأي الأوّل أنسب.

٤٥٨

هذا الحديث هو ما سيرد في الآيات القادمة التي تتطرّق لهذه المسألة).

ولا ننسى أنّ هذه السورة من السور المكيّة ، ونزلت في وقت كان فيه عدد المسلمين قليلا جدّا ، بحيث كان من اليسير على المشركين أن يبيدوهم بسهولة ، قال تعالى :( تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ) .(١)

وفي ذلك اليوم لم تكن هنالك أيّة دلائل توضّح إمكانية انتصار المسلمين ، حيث لم تكن المعارك قد وقعت ، ولا الانتصارات في بدر والأحزاب وحنين قد تحقّقت.

ولكن القرآن قال بحزم إنّ هؤلاء الأعداء ـ الذين هم مجموعة صغيرة ـ سيهزمون في نهاية المطاف.

واليوم يبشّر القرآن الكريم مسلمي العالم المحاصرين من كلّ الجهات من قبل القوى المعتدية والظالمة بنفس البشائر التي بشّر بها المسلمين قبل (١٤٠٠) عام ، في أنّ الله سبحانه وتعالى سينجز وعده في هزيمة جند الأحزاب ، إن تمسّك مسلمو اليوم بعهودهم تجاه الله كما تمسّك بها المسلمون الأوائل.

* * *

__________________

(١) سورة الأنفال ، ٢٦.

٤٥٩

الآيات

( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (١٥) وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (١٦) )

التّفسير

تكفيهم صيحة سماوية واحدة :

تتمّة للآية الآنفة الذكر ، التي بشّرت بهزيمة المشركين مستقبلا ، ووصفتهم بأنّهم مجموعة صغيرة من الأحزاب ، تناولت آيات بحثنا الحالي بعض الأحزاب التي كذّبت رسلها ، وبيّنت المصير الأليم الذي كان بانتظارها.

إذ تقول ، إنّ أقوام نوح وعاد وفرعون ذي الأوتاد كانت قد كذّبت قبلهم بآيات الله ورسله( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ ) .

كذلك أقوام ثمود ولوط وأصحاب الأيكة ـ أي قوم شعيب ـ كانت هي الاخرى

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581