الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 175453 / تحميل: 6518
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

صحيح البخاري(1) ، ومسلم(2) ، وسنن أبي داود(3) ، وابن ماجة(4) ، والنسائي(5) .

[ 101 ] فضيل بن مرزوق ( ـ قبل 70 ه‍ )

1 ـ شخصيته ووثاقته :

قال الذهبي : فضيل بن مرزوق ، المحدث ، أبو عبد الرحمن العنزي ، مولاهم الكوفي الأغر(6) .

وقال المثنى بن معاذ العنبري ، عن أبيه قال : سألت سفيان الثوري عنه فقال : ثقة(7) .

__________________

1 ـ صحيح البخاري : 1 / 36 ، كتاب العلم ، باب كتابة العلم.

2 ـ صحيح مسلم : 1 / 179 ، كتاب الايمان ، الحديث 320.

3 ـ سنن أبي داود : 4 / 107 ، كتاب المهدي ، الحديث 4283. أقول : فقد روى عنه الحديث المعروف عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو لم يبق من الدهر إلا يوم واحد لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا. راجع مصادر هذا الحديث في معجم أحاديث الامام المهديعليه‌السلام : 1 / 119 الرقم 69.

4 ـ سنن ابن ماجة : 1 / 200 ، كتاب الطهارة ، الحديث 610.

5 ـ سنن النسائي : 8 / 211 ، كتاب الزينة.

6 ـ سير أعلام النبلاء : 7 / 342 الرقم 124 ، الكاشف : 2 / 372 الرقم 4544.

7 ـ الجرح والتعديل : 7 / 75 الرقم 423.

٣٤١

وقال الهيثم بن جميل(1) : كان من أئمة الهدى زهدا وفضلا(2) .

2 ـ تشيّعه :

قال عبد الخالق بن منصور ، عن يحيى بن معين : صالح الحديث ، ولكنه شديد التشيّع(3) .

وقال الذهبي : كان معروفا بالتشيع من غير سب(4) .

وقال أيضا : حديثه في عداد الحسن ـ إن شاء الله ـ ، وهو شيعي(5) .

وقال ابن حجر : رمي بالتشيع(6) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة السابعة(7) .

وقال المزي : روى عن : حسن بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ، وزيد العمي ، وسليمان الأعمش في النسائي ، وشقيق بن عقبة العبدي في مسلم وفيما استشهد به البخاري ، وعدي بن ثابت في كتاب رفع اليدين في الصلاة للبخاري ومسلم والترمذي ، وعطية العوفي في أبي داود والترمذي وابن ماجة ، ومحمد بن سعيد صاحب عكرمة ، وميسرة بن حبيب في مسند علي ، وهارون بن

__________________

1 ـ الهثيم بن جميل أبو سهل نزيل أنطاكية ، ثقة من أصحاب الحديث. تقريب التهذيب : 2 / 326.

2 و 3 ـ تهذيب الكمال : 23 / 307.

4 ـ ميزان الاعتدال : 3 / 362 الرقم 6773.

5 ـ سير أعلام النبلاء : 7 / 342.

6 و 7 ـ تقريب التهذيب : 2 / 113.

٣٤٢

عنترة ، وأبي إسحاق السبيعي في مسند علي ، وأبي حازم الأشجعي ، وأبي سخيلة الكوفي ، وأبي سلمة الجهني ، وأبي عمر صاحب عكرمة ، وجبلة بنت مصفح في مسند عليعليه‌السلام .

روى عنه : الحسن بن عطية القرشي ، وحسين بن علي الجعفي في النسائي ، والحكم بن مروان الضرير ، وأبو اسامة حماد بن اسامة في مسلم والترمذي ، وخلف ابن أيوب البجلي ، وخنيس بن بكر بن خنيس ، وزهير بن معاوية في أبي داود ، وزيد بن الحباب في مسند علي ، وسعيد بن سليمان الواسطي ، وسعيد بن محمد الوراق ، وسفيان الثوري ، وسليمان بن موسى الزهري ، وعبد الله بن داود الخريبي ، وعبد الله بن رجاء المكي ، وعبد الله بن صالح العجلي ، وعبد الله بن نمير ، وعبد الغفار ابن الحكم في مسند علي ، وعبيد الله بن موسى ، وعلي بن الجعد ، وعلي بن هاشم ابن البريد ، وعلي بن يزيد الصدائي ، وعمر بن سعد البصري ، وعمر بن شبيب المسلي ، وأبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب رفع اليدين في الصلاة للبخاري والترمذي ، والفضل بن الموفق في ابن ماجة ، وقبيصة بن عقبة ، وأبو غسان مالك بن إسماعيل ، ومحمد بن ربيعة الكلابي في الترمذي ، ومحمد بن فضيل بن غزوان في كتاب الناسخ والمنسوخ والترمذي ، ومحمد بن يوسف الفريابي ، ونعيم بن ميسرة النحوي في الترمذي ، ووكيع بن الجراح في الترمذي وابن ماجة ، ويحيى بن آدم في مسلم ، ويحيى بن أبي بكير في مسند علي ، ويحيى بن سعيد العطار الحمصي ، ويزيد بن هارون في الترمذي ، وأبو أحمد الزبيري ، وأبو عبد الرحمان الأصباغي(1) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 23 / 306 ـ 307.

٣٤٣

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

صحيح مسلم(1) ، وسنن أبي داود(2) ، والترمذي(3) ، وابن ماجة(4) .

5 ـ ترجمته في رجال الشيعة :

عده الشيخ الطوسي في أصحاب الامام الصادقعليه‌السلام (5) .

[ 102 ] فطر بن خليفة ( ـ 153 ه‍ )

1 ـ شخصيته ووثاقته :

قال الذهبي : فطر بن خليفة ، الشيخ العالم ، المحدث(6) الصدوق ، أبو بكر الكوفي المخزومي ، مولى عمرو بن حريث رضي الله عنه الحناط(7) .

وقال العجلي : كوفي ، ثقة ، حسن الحديث(8)

__________________

1 ـ صحيح مسلم : 2 / 703 ، كتاب الزكاة ، باب قبول الصدقة من الكسب ، الحديث 1015.

2 ـ سنن أبي داود : 4 / 32 ، كتاب الحروف والقراءات ، الحديث 3978.

3 ـ سنن الترمذي : 3 / 617 ، كتاب الأحكام ، باب ما جاء في الامام العادل ، الحديث 1329.

4 ـ سنن ابن ماجة : 1 / 191 ، كتاب الطهارة وسننها ، الحديث 576.

5 ـ رجال الشيخ الطوسي : 269 الرقم 3870.

6 ـ المحدث : هو كما عرفه ابن سيد الناس : من اشتغل بالحديث رواية ودراية ، وجمع رواة ، واطلع على كثير من الرواة والروايات في عصره ، وتميز في ذلك حتى عرف فيه خطه واشتهر فيه ضبطه. راجع منهج النقد في علوم معرفة الحديث : 76.

7 ـ سير أعلام النبلاء : 7 / 30 الرقم 14.

8 ـ تاريخ الثقات : 385 الرقم 1360.

٣٤٤

وقال عبد الله بن حنبل ، عن أبيه : ثقة ، صالح الحديث. قال : وقال أبي : كان فطر عند يحيى بن سعيد ثقة(1) .

وقال أبو حاتم : صالح ، كان يحيى القطان يرضاه ، ويحسن القول فيه ، ويحدث عنه(2) .

وقال النسائي : ليس به بأس. وقال : ثقة ، حافظ ، كيس(3) .

وقال عبد الله بن داود : فطر أوثق أهل الكوفة(4) .

2 ـ تشيّعه :

قال أبو طالب : وسئل ـ يعني أحمد بن حنبل ـ عن فطر ومحل ، قال : فطر كان يغلي في التشيّع(5) .

وقال العجلي : وكان فيه تشيع قليل(6) .

وعن الذهبي : قال عباد بن يعقوب في كتاب المناقب له : أنبأنا أبو عبد الرحمن الأصباغي وغيره ، عن جعفر الأحمر قال : دخلنا على فطر بن خليفة وهو مغمى عليه ، فأفاق ، فقال : يا عبد الله ، ما يسرني أن مكان كل شعره في جسدي لسان يسبح الله بحبي أهل البيت(7) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 23 / 314.

2 ـ الجرح والتعديل : 7 / 90.

3 ـ تهذيب الكمال : 23 / 315.

4 ـ المعرفة والتاريخ : 2 / 798.

5 ـ المعرفة والتاريخ : 2 / 175.

6 ـ تاريخ الثقات : 385 الرقم 1360.

7 ـ سير أعلام النبلاء : 7 / 33.

٣٤٥

وقال الذهبي : شيعي جلد(1) .

وعده ابن قتيبة في رجال الشيعة(2) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة الخامسة(3) .

وقال المزي : روى عن : إسماعيل بن رجاء الزبيدي ، وحبيب بن أبي ثابت ، وأبيه خليفة في أبي داود ، وسعد بن عبيدة في أبي داود وكتاب عمل اليوم والليلة ، وشرحبيل بن سعد مولى الأنصار في الأدب المفرد وابن ماجة ، وأبي وائل شقيق بن سلمة الأسدي ، وشمر بن عطية في كتاب عمل اليوم والليلة ، وطاووس بن كيسان ، وعاصم بن بهدلة في أبي داود ، وأبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي ، وعامر الشعبي ، وعبد الله بن شريك العامري في خصائص أمير المؤمنين ، وعبد الجبار بن وائل بن حجر في أبي داود والنسائي ، وعطاء بن أبي رباح في النسائي ، وعطاء الشيبي ـ وعداده في الصحابة ـ ، وعكرمة مولى ابن عباس ، ومولاه عمرو بن حريث المخزومي ، والقاسم بن أبي بزة في أبي داود وعمل اليوم والليلة ، ومجاهد بن جبر في البخاري وأبي داود والترمذي ، وأبي الضحى مسلم بن صبيح في النسائي ، ومنذر الثوري في الأدب المفرد وأبي داود والترمذي ومسند عليعليه‌السلام ، ومنصور بن المعتمر ، ويحيى بن سام في النسائي ، وأبي إسحاق السبيعي في النسائي ، وأبي خالد الوالبي ، وأبي فروة الجهني في أبي داود.

__________________

1 ـ الكاشف : 2 / 372 الرقم 4546.

2 ـ المعارف : 624.

3 ـ تقريب التهذيب : 1 / 114 الرقم 77.

٣٤٦

روى عنه : بكر بن بكار ، وأبو اسامة حماد بن اسامة في أبي داود ، وخلاد ابن يحيى ، وسفيان الثوري في البخاري وأبي داود ، وسفيان بن عيينة في الترمذي ، وعبد الله بن داود الخريبي في أبي داود ، وعبد الله بن المبارك في النسائي وابن ماجة ، وعبد الرحمان بن محمد المحاربي في النسائي ، وعبد العزيز بن أبان القرشي ، وعبيد الله بن موسى في أبي داود ، وعثمان بن عبد الرحمان الطرائفي في النسائي ، وعلي بن قادم في خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وعمار بن رزيق في النسائي ، وعمرو بن خالد الواسطي ، وأبو نعيم الفضل بن دكين في الأدب المفرد وأبي داود ، والفضل بن العلاء في عمل اليوم والليلة ، والفضل بن موسى السيناني في النسائي ، وفضيل بن عياض ، وقبيصة بن عقبة في النسائي ، ومحمد بن بشر العبدي في النسائي ، ومحمد بن سليمان بن أبي داود الحراني في خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ومحمد بن عبد الله بن كناسة ، ومحمد بن عبيد الطنافسي في النسائي ، ومحمد بن يوسف الفريابي في النسائي ، ومصعب بن المقدام في خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ومكي بن إبراهيم البلخي ، ونائل بن نجيح ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن آدم في عمل اليوم والليلة ، ويحيى بن سعيد القطان في أبي داود والترمذي والنسائي ، ويحيى بن هاشم السمسار ، وأبو علي الحنفي(1) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

سنن أبي داود(2) ، والنسائي(3) ، والترمذي(4) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 23 / 312 ـ 314.

2 ـ سنن أبي داود : 4 / 311 ، كتاب الأدب ، الحديث 5047.

3 ـ سنن النسائي : 2 / 123 ، كتاب الافتتاح ، باب موضع الابهامين عند الرفع.

4 ـ سنن الترمذي : 4 / 316 ، كتاب البر والصلة ، باب ما جاء في صلة الرحم ، ح 1908.

٣٤٧

5 ـ ترجمته في رجال الشيعة :

عده الشيخ الطوسي في أصحاب الامام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام (1) .

__________________

1 ـ رجال الشيخ الطوسي : 270 الرقم 3891. وقال : « روى عنهماعليهما‌السلام ».

٣٤٨

حرف القاف

[ 103 ] قيس بن عباد البصري ( ـ بعد 80 ه‍ )

1 ـ شخصيته ووثاقته :

قيس بن عباد القيسي الضبعي ، أبو عبد الله البصري ، من بني ضبيعة بن قيس ابن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل(1) .

قال ابن سعد : كان ثقة ، قليل الحديث(2) .

وقال العجلي : بصري ، تابعي ، ثقة ، من كبار التابعين(3) .

وقال ابن حجر : ثقة من الثانية ، مخضرم(4)

2 ـ تشيّعه :

قال الذهبي : كثير العبادة والغزو ، ولكنه شيعي(5) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 24 / 65.

2 ـ الطبقات الكبرى : 7 / 131.

3 ـ تاريخ الثقات : 394 الرقم 1398.

4 ـ تقريب التهذيب : 2 / 129. أقول : وقال الذهبي : المخضرم : وهو الذي أدرك الجاهلية وزمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يرض. راجع المغني في ضبط أسماء الرجال : 226.

5 ـ تاريخ الاسلام : حوادث سنة ( 81 ) : ص 174 ، راجع الكاشف : 2 / 391 الرقم 4659.

٣٤٩

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة الثانية(1) .

وقال المزي : روى عن : أبي بن كعب في النسائي ، وسعد بن أبي وقاص في البخاري ، والعباس بن عبد المطلب ، وعبد الله بن سلام في البخاري ومسلم ، وعبد الله ابن عمر بن الخطاب في البخاري ، وعلي بن أبي طالب في البخاري وأبي داود والنسائي ، وعمار بن ياسر في مسلم والنسائي ، وعمر بن الخطاب ، وأبي ذر الغفاري في البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة ، وأبي سعيد الخدري في عمل اليوم والليلة ، وأصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في أبي داود(2) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

صحيح البخاري(3) ، وسنن النسائي(4) ، وابن ماجة(5) .

__________________

1 ـ تقريب التهذيب : 2 / 129 الرقم 152.

2 ـ تهذيب الكمال : 24 / 65.

3 ـ صحيح البخاري : 4 / 229 ، كتاب الأنبياء ، باب مناقب عبد الله بن سلام.

4 ـ سنن النسائي : 2 / 88 ، كتاب الامامة.

5 ـ سنن ابن ماجة : 2 / 946 ، كتاب الجهاد ، الحديث 2835.

٣٥٠

حرف الميم

[ 104 ] مالك بن إسماعيل ( ـ 219 ه‍ )

1 ـ شخصيته ووثاقته :

قال الذهبي : مالك بن إسماعيل بن درهم ، الحافظ(1) ، الحجة ، الامام ، أبو غسان النهدي ، مولاهم الكوفي ، سبط إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان الفقيه(2) .

وقال أبو حاتم : قال يحيى بن معين : ليس بالكوفة أتقن منه(3) .

وقال محمد بن عبد الله بن نمير(4) : أبو غسان محدث من أئمة المحدثين(5) .

__________________

1 ـ الحافظ : هو من اجتمعت فيه صفات المحدث وضم إليها كثرة الحفظ وجمع الطرق كي يصدق عليه اسم الحافظ. وقد فرق بعض المتأخرين فرأى ان الحافظ من وعى مائة ألف حديث متنا واسنادا ولو بطرق متعددة ، وعرف من الحديث ما صح وعرف اصطلاح هذا العلم راجع اصول الحديث : 448.

2 ـ سير أعلام النبلاء : 10 / 430 الرقم 132. راجع الكاشف : 3 / 93 الرقم 5305.

3 ـ الجرح والتعديل : 8 / 206 الرقم 905 ، تهذيب التهذيب : 10 / 3 الرقم 2 ، تذهيب تهذيب الكمال : 3 / 3 الرقم 6795.

4 ـ قال ابن حجر : محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي أبو عبد الرحمن ، ثقة ، حافظ ، فاضل ، من العاشرة ، مات سنة أربع وثلاثين ومائتين تقريب التهذيب : 2 / 180 الرقم 419.

5 ـ سير أعلام النبلاء : 10 / 431 ، الجرح والتعديل : 8 / 206.

٣٥١

وقال ابن سعد : وكان أبو غسان ثقة ، صدوقا(1)

وقال عثمان بن أبي شيبة(2) : أبو غسان صدوق ، ثبت ، متقن ، إمام من الأئمة(3) .

وقال النسائي : ثقة(4) .

وقال يعقوب بن سفيان : ثقة ، ثقة(5) .

وقال ابن عدي : وأبو غسان هذا مالك لم أذكر له من الحديث شيئا إلا أنه مشهور بالصدق وبكثرة الروايات في جملة الكوفيين ، وهو أشهر من أن يذكر له حديث ، فإن أحاديثه تكثر وهو في نفسه صدوق ، وإذا حدث عن صدوق مثله ، وحدث عنه صدوق فلا بأس به وبحديثه(6) .

وقال محمد بن علي بن داود البغدادي(7) : سمعت ابن معين يقول لأحمد بن حنبل : إن سرك أن تكتب عن رجل ليس في قلبك منه شيء فاكتب عن أبي غسان(8) .

__________________

1 ـ الطبقات الكبرى : 6 / 404 ـ 405.

2 ـ قال الذهبي : عثمان بن أبي شيبة : أحد أئمة الحديث الأعلام مات في المحرم سنة تسع وثلاثين ومائتين. راجع ميزان الاعتدال : 3 / 35 ، وص 38 الرقم 5518.

3 ـ تهذيب التهذيب : 10 / 4 الرقم 2.

4 ـ تهذيب الكمال : 27 / 90.

5 ـ المعرفة والتاريخ : 3 / 241.

6 ـ الكامل : 6 / 2379.

7 ـ قال الذهبي : الامام الحافظ ، المجود ، أبو بكر ، محمد بن علي بن داود بن عبد الله البغدادي ، نزيل مصر توفي في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين ، سير أعلام النبلاء : 13 / 338.

8 ـ سير أعلام النبلاء : 10 / 430.

٣٥٢

2 ـ تشيّعه :

قال ابن سعد : متشيّعا شديد التشيّع(1) .

وقال يعقوب بن سفيان : يميل إلى التشيّع(2) .

عن أبي أحمد الحاكم ، عن الحسين الغازي ، قال : سألت البخاري عن أبي غسان قال : وعماذا تسأل؟

قلت : التشيّع ، فقال : هو على مذهب أهل بلده(3)

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في صغار الطبقة التاسعة(4) .

وقال المزي : روى عن : إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق السبيعي ، وأسباط بن نصر الهمداني في ابن ماجة ، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي في البخاري والترمذي والنسائي ، وجعفر بن زياد الأحمر في مسند علي ، وجويرية بن أسماء ، وحبان بن علي العنزي في كتاب التفسير ، والحسن بن صالح ابن حي في ابن ماجة ، والحكم بن عبد الملك في مسند علي ، وحلو بن السري الأودي الكوفي ، وحماد بن زيد ، وزهير بن معاوية في البخاري ومسلم ، وزياد بن عبد الله البكائي في كتاب القراءة خلف الامام للبخاري ، وسعد المكتب والد أبي داود الحفري ، وسفيان ابن عيينة في البخاري ، وشريك بن عبد الله في كتاب رفع

__________________

1 ـ الطبقات الكبرى : 6 / 404 ـ 405.

2 ـ المعرفة والتاريخ : 3 / 241 ، الثقات لابن حبان : 9 / 164.

3 ـ سير أعلام النبلاء : 10 / 432 الرقم 132.

4 ـ تقريب التهذيب : 2 / 223 الرقم 858.

٣٥٣

اليدين في الصلاة للبخاري ، وأبي زبيد عبثر بن القاسم ، وعبد الرحمان بن حميد بن عبد الرحمان الرواسي ، وعبد الرحمان بن سليمان بن الغسيل في عمل اليوم والليلة ، وعبد السلام ابن حرب في الأدب المفرد وأبي داود وخصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون في البخاري ، وعلي بن علي الرفاعي ، وعيسى بن عبد الرحمان السلمي في الأدب المفرد ، وفضيل بن مرزوق ، ومحمد بن عمرو الأنصاري ، ومسعود بن سعد الجعفي في كتاب الرد على أهل القدر والنسائي ، ومسلمة بن جعفر البجلي الكوفي ، والمطلب بن زياد في الأدب المفرد ، ومندل بن علي العنزي في ابن ماجة ، ومنصور بن أبي الأسود في الترمذي ، وأبي معشر نجيح ابن عبد الرحمان المدني ، وهريم بن سفيان ، وورقاء بن عمر اليشكري ، ويحيى بن سلمة بن كهيل ، ويحيى بن عثمان التيمي في كتاب الرد على أهل القدر وابن ماجة ، ويعلى بن الحارث المحاربي ، وأبي إسرائيل الملائي.

روى عنه : البخاري ، وإبراهيم بن محمد بن دهقان ، وإبراهيم بن نصر الرازي ، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني في النسائي ، وأبو بكر أحمد ابن أبي خيثمة ، وأحمد بن سليمان الرهاوي في عمل اليوم والليلة ، وأحمد بن عثمان بن حكيم الأودي في النسائي وابن ماجة ، وأحمد بن ملاعب بن حيان البغدادي ، وأحمد بن يحيى بن زكريا الأودي الصوفي ، وإسحاق بن الحسن الحربي ، وإسحاق ابن سيار النصيبي ، وإسماعيل بن محمد المزني ، وحرمي بن يونس بن محمد المؤدب في خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والحسن بن سلام السواق ، والحسن بن علي بن حرب الموصلي ، والحسن بن علي الخلال في ابن ماجة ، وحفص بن عمر ابن الصباح الرقي ، وزيدان بن يزيد البجلي والد عبد الله بن زيدان ، وسلمة بن شبيب ، وصالح بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان في ابن ماجة ، وعباس بن محمد الدوري ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة في ابن ماجة ، وأبو العباس

٣٥٤

عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي ، وعبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى في عمل اليوم والليلة ، وعلي بن سهل بن المغيرة البزاز ، وعلي بن عثمان النفيلي ، وعلي بن المنذر الطريقي في ابن ماجة ، وفهد بن سليمان المصري ، والقاسم بن إسماعيل الهاشمي ، والقاسم بن خليفة الكوفي ، ومحمد بن إسحاق البكائي في ابن ماجة ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، ومحمد بن الحسين بن أبي الحنين الحنيني ، ومحمد ابن عامر الرملي ، ومحمد بن عمارة الأسدي ، وأبو كريب محمد بن العلاء ، ومحمد ابن يحيى الذهلي في النسائي وابن ماجة ، ومعاوية بن صالح الأشعري الدمشقي في النسائي ، وهارون بن اسحاق الهمداني ، وهارون بن عبد الله الحمال في مسلم وأبي داود ، ويعقوب بن شيبة السدوسي ، ويوسف بن عبد الملك الواسطي أخو محمد بن عبد الملك الدقيقي ، ويوسف بن موسى القطان في الترمذي ، وأبو حاتم في مسند عليعليه‌السلام ، وأبو زرعة الرازيان ، وأبو زرعة الدمشقي(1) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

صحيح البخاري(2) ، ومسلم(3) ، وسنن أبي داود(4) ، وابن ماجة(5) ، والترمذي(6) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 27 / 87.

2 ـ صحيح البخاري : 1 / 50 ، باب الماء الذي يغسل به شعر الانسان ، وج 4 / 90.

3 ـ صحيح مسلم : 3 / 1298 ، كتاب القسامة والمحاربين ، باب حكم المحاربين والمرتدين ، الحديث 13.

4 ـ سنن أبي داود : 4 / 308 ، كتاب الأدب ، باب كم مرة يشمت العاطس ، الحديث 5036.

5 ـ سنن ابن ماجة : 1 / 33 ، المقدمة ، الحديث 84 ، وص 95 ، المقدمة ، ذيل الحديث 256 ، وص 630 ، كتاب النكاح ، باب تزويج العبد بغير إذن سيده ، الحديث 1959.

6 ـ سنن الترمذي : 1 / 12 ، الباب ( 5 ) الحديث 7.

٣٥٥

[ 105 ] محمد بن جحادة ( ـ 131 ه‍ )

1 ـ شخصيته ووثاقته :

قال الذهبي : محمد بن جحادة الكوفي ، أحد الأئمة الثقات(1) .

وقال أبو طالب ، عن أحمد بن حنبل : محمد بن جحادة من الثقات(2) .

وقال النسائي : ثقة(3) .

وعده ابن حبان في الثقات(4) .

2 ـ تشيّعه :

قال عبد الله بن أحمد : كتب إلي ابن خلاد قال : سمعت يحيى بن سعيد ، عن أبي عوانة وقال : كان محمد بن جحادة يغلو في التشيّع(5) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة الخامسة(6) .

__________________

1 ـ سير أعلام النبلاء : 6 / 174 الرقم 82 ، الكاشف : 3 / 14 الرقم 4815.

2 ـ العلل ومعرفة الحديث : 2 / 96 الرقم 1679 ، الجرح والتعديل : 7 / 222 الرقم 1227.

3 ـ تهذيب الكمال : 24 / 578.

4 ـ كتاب الثقات : 7 / 404 ، وقال : كان عابدا ناسكا.

5 ـ العلل ومعرفة الرجال : 3 / 93 الرقم 4335.

6 ـ تقريب التهذيب : 2 / 150 الرقم 100.

٣٥٦

وقال المزي : روى عن : أبان بن أبي عياش ، وإسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي ، وأنس بن مالك ، وأبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي ، وبكر بن عبد الله المزني ، وأبيه جحادة ، وحجاج بن حجاج الباهلي في النسائي ، والحر بن الصباح ، والحسن البصري ، والحكم بن عتيبة في مسلم والنسائي ، وحميد الشامي في أبي داود وكتاب التفسير لابن ماجة ، وذكوان أبي صالح السمان ، ورجاء بن حيوة ، وزبيد اليامي في النسائي ، وزياد بن علاقة في ابن ماجة ، وسلمة بن كهيل ، وسليمان بن بريدة ، وسليمان بن أبي هند ، وسليمان الأعمش ، وسماك بن حرب ، وطلحة بن مصرف ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي ، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي ، وعبد الجبار بن وائل بن حجر في مسلم وأبي داود ، وعبد الحميد بن صفوان ، وأبي قيس عبد الرحمان بن ثروان الأودي في أبي داود والترمذي وابن ماجة ، وعبدة بن أبي لبابة في عمل اليوم والليلة ، وأبي حصين عثمان بن عاصم الأسدي في البخاري والنسائي ، وعطاء بن أبي رباح في الترمذي ، وعطية العوفي في أبي داود والترمذي وابن ماجة ، وعلي بن الأقمر ، وعمرو بن دينار في ابن ماجة ، وعمرو بن شعيب ، وفرات القزاز ، وقتادة ، ومحمد بن عجلان ، ومسلم الملائي ، ومغيرة بن عبد الله اليشكري ، ومنصور بن المعتمر ، ومورق مولى أنس بن مالك ، ونافع مولى ابن عمر في ابن ماجة ، ونعيم بن أبي هند ، والوليد صاحب النبهي ، ويزيد بن حصين ، ويزيد بن حمير الشامي ، وأبي إسحاق السبيعي في عمل اليوم والليلة ، وأبي حازم الأشجعي في البخاري وأبي داود ، وأبي الزبير المكي ، وأبي صالح مولى ام هانئ في أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.

روى عنه : إسرائيل بن يونس في أبي داود والترمذي وابن ماجة ، وابنه إسماعيل بن محمد بن جحادة ، وأغلب بن تميم ، وبرد بن سنان أبو العلاء الشامي ،

٣٥٧

والحسن بن أبي جعفر الجفري في ابن ماجة ، وحصين بن نمير ، وحماد بن زيد ، وداود بن الزبرقان ، وزهير بن معاوية في النسائي وابن ماجة ، وزياد بن خيثمة ، وزياد بن عبد الله البكائي ، وزيد بن أبي أنيسة ، وسفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، وشريك بن عبد الله في الترمذي ، وشعبة بن الحجاج في البخاري وأبي داود ، والصلت بن الحجاج ، وعبد الله بن عون ، وعبد الحكيم بن منصور ، وعبد العزيز بن الحصين بن الترجمان ، وعبد الوارث بن سعيد في مسلم وأبي داود وابن ماجة والترمذي والنسائي ، وأبو روق عطية بن الحارث الهمداني ، وعمر بن عبد الرحمن أبو حفص الأبار ، وعمران القطان في ابن ماجة ، وفضيل بن غزوان ، ومالك بن مغول ، ومسعر بن كدام ، ومفضل بن صالح الأسدي ، وهمام بن يحيى في البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي ، ووهيب بن خالد ، ويحيى بن عقبة بن أبي العيزار(1) .

4 ـ رواياته في الكتب الستة :

صحيح البخاري(2) ، ومسلم(3) ، وسنن أبي داود(4) ، والنسائي(5) ، وابن ماجة(6) ، والترمذي(7) .

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 24 / 575 الرقم 5114.

2 ـ صحيح البخاري : 3 / 54 ، كتاب الاجارة ، باب كسب البغي والاماء.

3 ـ صحيح مسلم : 2 / 301 ، كتاب الصلاة ، الحديث 401.

4 ـ سنن أبي داود : 1 / 192 ، كتاب الصلاة ، باب رفع اليدين في الصلاة ، الحديث723.

5 ـ سنن النسائي : 3 / 245 ، كتاب قيام الليل ، باب القراءة في الوتر.

6 ـ سنن ابن ماجة : 1 / 502 ، كتاب الجنائز ، باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء القبور ، الحديث 1575.

7 ـ سنن الترمذي : 2 / 136 ، أبواب الصلاة ، باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا ، الحديث 320.

٣٥٨

[ 106 ] محمد بن راشد الخزاعي ( ـ 160 ه‍ )

1 ـ شخصيته ووثاقته :

قال الذهبي : محمد بن راشد المكحولي الدمشقي المحدث(1) ، نزيل البصرة(2) .

وقال النسائي : ثقة(3) .

وقال أبو حاتم : كان صدوقا ، حسن الحديث(4) .

قال البخاري : وقال عبد الرزاق : ما رأيت رجلا في الحديث أورع منه(5) .

وقال يعقوب بن شيبة : صدوق(6) .

2 ـ تشيّعه :

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي عن محمد بن راشد ، فقال : قال

__________________

1 ـ المحدث : هو من مهر في الحديث رواية ودراية وميز سقيمه من صحيحه ، وعرف علومه واصطلاحات أهله والمؤتلف والمختلف من رواياته وضبط ذلك عن أئمة هذا العلم ، كما عرف غريب ألفاظ الحديث وغير ذلك بحيث يصلح لتدريسه وإفادته. اصول الحديث : 448.

2 ـ سير أعلام النبلاء : 3 / 343 الرقم 125 ، وفي تهذيب الكمال : 25 / 187 محمد بن راشد الخزاعي ، أبو عبد الله ، ويقال : أبو يحيى الشامي ، الدمشقي.

3 ـ تهذيب الكمال : 25 / 190.

4 ـ الجرح والتعديل : 7 / 253 الرقم 1385.

5 ـ مختصر تاريخ دمشق : 22 / 158 الرقم 200 ، التاريخ الكبير : 1 / 81 الرقم212.

6 ـ تاريخ بغداد : 5 / 273.

٣٥٩

أبو النضر : كنت اوصي شعبة بالرصافة ، فدخل محمد بن راشد هذا ، يعني المكحولي ، فقال شعبة ما كتب عنه؟ أما إنه صدوق ولكنه شيعي(1)

وقال محمد بن إبراهيم الكناني : سألت أبا حاتم عن محمد بن راشد ، فقال : كان رافضيا(2) .

3 ـ طبقته ورواياته :

عده ابن حجر في الطبقة السابعة(3) .

وقال المزي : روى عن : داود بن الأسود ، وسفيان الثوري ـ وهو من أقرانه ـ ، وسليمان بن موسى في الكتب الستة ، وعبد الله بن محمد بن عقيل ، وأبي امية عبد الكريم بن أبي المخارق البصري ، وعبدة بن أبي لبابة ، وأبي وهب عبيدالله بن عبيد الكلاعي ، وعثمان بن عمر بن موسى التيمي ، وعمرو بن عبيد ، وعمران القصير ، وعوف الأعرابي ، وليث بن أبي رقية في كتاب الناسخ والمنسوخ ، ومكحول الشامي في أبي داود ، ويحيى بن يحيى الغساني ، ويزيد بن يعفر.

روى عنه : بشر بن الوليد الكندي ، وبقية بن الوليد في أبي داود ، وحبان بن هلال في الترمذي ، والحسين بن ابراهيم بن أشكاب ، وحفص بن عمر الحوضي في أبي داود ، وخالد بن يزيد السلمي في أبي داود وابن ماجة ـ والد محمود بن خالد ـ ، وخليل في أبي داود ، وزيد بن أبي الزرقاء في أبي داود ، وسفيان الثوري في كتاب

__________________

1 ـ تهذيب الكمال : 25 / 188.

2 ـ ميزان الاعتدال : 3 / 543 الرقم 7508 ، وقال : ثم تأملت فوجدته خزاعيا ، وخزاعة يوالون أهل البيت.

3 ـ تقريب التهذيب : 2 / 160 الرقم 208.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

قد كذّبت رسلهم( وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ ) (١) .

نعم ، هذه هي ستّة مجاميع من أحزاب الجهل وعبادة الأصنام ، التي عملت ضدّ أنبياء الله ، ورفضت قبول ما جاؤوا به من عند الله.

فقوم نوح واجهوا هذا النّبي العظيم.

وقوم عاد واجهوا نبيّ الله «هود».

وفرعون وقف ضدّ «موسى وهارون».

وقوم ثمود وقفوا بوجه «صالح».

وقوم لوط وقفوا بوجه نبي الله «لوط».

وأصحاب الأيكة واجهوا نبي الله «شعیب».

وأصحاب الأيكة واجهوا نبي الله «شعيب».

إذ كذّبوا وآذوا أنبياء الله والمؤمنين وبذلوا في ذلك قصارى جهودهم ، ولكن في نهاية الأمر نزل عليهم العذاب الإلهي وجعلهم كعصف مأكول.

فقوم نوح أبيدوا بالطوفان وسيول الأمطار.

وقوم عاد أبيدوا بالأعاصير الشديدة.

وفرعون وأتباعه اغرقوا في نهر النيل.

وقوم ثمود اهلكوا بالصيحة السماوية.

وقوم لوط بالزلزلة الرهيبة المقترنة بأمطار الحجارة السماوية.

وقوم شعيب ابيدوا بالصاعقة المهلكة التي نزلت عليهم من السحب الكثيفة التي غطّت سماء المنطقة ، وبهذا الشكل فإنّ (الماء) و (الهواء) و (التراب) و (النار) التي تشكّل أسس حياة الإنسان ، كانت السبب في موت وإبادة تلك الأقوام الطائشة والعاصية ، وجعلهم في طي النسيان ، حيث لم يبق لهم أيّ أثر. فعلى مشركي مكّة

__________________

(١) عبارة (أولئك الأحزاب) مبتدأ وخبر ، و (أولئك) إشارة إلى الأقوام الستّة المذكورة في هاتين الآيتين ، و (أحزاب) إشارة إلى الأحزاب التي وردت في الآيتين السابقتين اللتين اعتبرتا مشركي مكّة مجموعة صغيرة من تلك المجموعات.

٤٦١

أن يدركوا بأنّهم لا يعدّون سوى مجموعة صغيرة بالنسبة إلى تلك الأقوام ، فلم لا يصحون من غفلتهم.

وصف (فرعون) بـ (ذي الأوتاد) أي (صاحب الأوتاد القويّة) في الآيات المذكورة أعلاه ، وفي الآية (١٠) من سورة الفجر ، كناية عن قوّة حكم فرعون والفراعنة وثباته ، وتستعمل هذه الكناية بكثرة ، فيقال : الشخص الفلاني أوتاده ثابتة ، أو إنّ أوتاد هذا العمل ثابتة ، أو إنّها مثبتة بأربعة أوتاد ، وذلك لأنّ الأوتاد دائما تستخدم لتثبيت أركان الخيمة.

والبعض اعتبرها إشارة إلى كثرة جيوش فرعون السائرة في الأرض وكثرة أوتاد خيامهم.

والبعض الآخر قال : إنّها إشارة إلى التعذيب الوحشي الذي كان الفراعنة يعذّبون به معارضيهم ، إذ كانوا يربطون الأشخاص بأربعة أوتاد على الأرض أو على الخشبة أو على الحائط ، وكانوا يثبتون وتدين في الرجلين ، وو تدين آخرين في اليدين ويتركون الشخص يتعذّب حتّى يموت.

وأخيرا ، احتمل البعض أنّ الأوتاد تعني الأهرامات الموجودة في أرض مصر ، والتي تقوم في الأرض كالأوتاد ، ولأنّ الفراعنة هم الذين بنوا الأهرامات ، فإنّ هذا الوصف ينحصر بهم فقط.

على أيّة حال فإنّه لا يوجد أيّ اختلاف بين تلك الاحتمالات ، ومن الممكن جمعها لتعطي مفهوم هذه الكلمة.

أمّا (الأيكة) فإنّها تعني الشجرة ، و (أصحاب الأيكة) هم قوم نبي الله «شعيب» الذين كانوا يعيشون في منطقة خضراء بين الحجاز والشام ، وقد تمّ التطرّق إليها بصورة موسّعة في تفسير الآية (٧٨) في سورة الحجرات.

نعم ، فكلّ قوم من هذه الأقوام كذّب بما جاء به رسل الله ، وأنزل العذاب الإلهي

٤٦٢

بحقّه( إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ ) (١) .

والتأريخ بيّن كيف أنّ كلّ قوم من تلك الأقوام ابيد بشكل من أشكال العذاب ، وكيف أنّ مدنهم تحوّلت إلى خرائب وأطلال خلال لحظات ، وأصبح ساكنوها أجساد بلا أرواح!!

فهل يتوقّع مشركو مكّة أن يكون مصيرهم أفضل من مصير أولئك من جرّاء الأعمال العدائية التي يقومون بها؟ في حين أنّ أعمالهم هي نفس أعمال أولئك ، وسنّة الله هي نفس تلك السنّة؟

لذا فإنّ الآية التالية تخاطبهم بلغة التهديد الحازمة والقاطعة : ما ينتظر هؤلاء من جرّاء أعمالهم إلّا صيحة سماوية واحدة تقضي عليهم وتهلكهم وما لهم من رجوع ،( وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ ) .

يمكن أن تكون هذه الصيحة مماثلة للصيحات السابقة التي نزلت على الأقوام الماضية ، كأن تكون صاعقة رهيبة أو زلزالا عنيفا يدمّر حياتهم وينهيها.

وقد تكون إشارة إلى صيحة يوم القيامة ، التي عبّر عنها القرآن الكريم بـ (النفخة الاولى في الصور).

اعترض بعض المفسّرين على التّفسير الأوّل ، واعتبروه مخالفا لما جاء في الآية (٣٣) من سورة الأنفال التي تقول :( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) .

أمّا بالنظر إلى أنّ المشركين كانوا لا يعتقدون برسول الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يؤمنون برسالته ، بالإضافة إلى كون أعمالهم تشابه أعمال الأقوام السابقة التي أهلكت بالصيحات السماوية ، لذا فعليهم أن يتوقّعوا مثل ذلك المصير وفي أيّ لحظة ، لأنّ الآية تتحدّث عن (الانتظار).

كما اعترض آخرون على التّفسير الثاني بأنّ مشركي مكّة لن يبقوا أحياء حتّى

__________________

(١) عبارة (فحقّ عقاب) في الأصل (فحقّ عقابي) ، وقد حذفت الياء منها ، طبقا للمعمول به ، وأبقيت الكسرة لتدلّ عليها. (حقّ) فعل و (عقاب) فاعل ، يعني أنّ عقابي وجب عليهم وسيتحقّق.

٤٦٣

آخر الزمان كي تشملهم الصيحة.

ولكن هذا الاعتراض غير وارد ، لنفس السبب الذي ذكرناه من قبل ، وهو أنّه لا أحد من الناس يعلم لحظة نهاية العالم وقيام الساعة ، ولذا فعلى المشركين أن يترقّبوا لحظة بلحظة تلك الصيحة(١) .

على أيّة حال ، فكأنّ أولئك الجهلة ينتظرون العذاب الإلهي جزاء تكذيبهم وإنكارهم لآيات الله سبحانه وتعالى ، وتقوّلهم على الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكلام لا يليق ، وإصرارهم على عبادة الأصنام ، والظلم وإشاعة الفساد ، العذاب الذي سيحرق حصيلة أعمارهم ، أو الصيحة التي تنهي كلّ شيء في العالم ، وتؤدّي بأولئك إلى طريق لا رجعة فيه.

«فواق» على وزن (رواق) وقد ذكر أهل اللغة والتّفسير عدّة معان لها منها : أنّها الفاصل بين كلّ رضعتين ، إذ بعد فترة معيّنة من حلب الثدي بصورة كاملة يعود فينزل إليه اللبن من جديد.

وقال البعض : إنّها الفاصل بين فتح الأصابع عن الثدي بعد حلبه وإعادتها لحلبه مرّة اخرى.

وبما أنّ الثدي يستريح قليلا بعد كلّ حلبة ، فكلمة (فواق) يمكن أن تعطي معنى الهدوء والراحة.

وبما أنّ هذه الفاصلة من أجل عودة الحليب مرّة اخرى إلى الثدي فإنّ هذه الكلمة تعطي مفهوم العودة والرجوع ، كما يقال للمريض الذي تتحسّن حالته الصحيّة بأن (أفاق) وذلك لأنّه استعاد صحّته وسلامته ، كما يقال لحالة السكران الذي يصحو من سكرته وللمجنون عند ما يستعيد عقله «إفاقة» عند عودتهما إلى

__________________

(١) أمّا الرأي الذي احتمله بعض المفسّرين في أنّ المقصود هنا هو الصيحة الثانية ، والتي تطلق لإحياء الموتى وسوقهم إلى محكمة العدل الإلهيّة ، فإنّه أمر مستبعد جدّا ، لأنّه لا ينسجم مع الآية التالية والآيات السابقة.

٤٦٤

الشعور والإدراك والعقل(١) .

على أيّة حال ، فالصيحة الرهيبة ليس بعدها رجوع ولا راحة ولا هدوء ولا إفاقة ، ففور شروعها تغلق كلّ الأبواب أمام الإنسان ، ولا ينفع الندم حينئذ ، إذ لا مجال لإصلاح الماضي ، ولا مجيب لصراخهم.

الآية الأخيرة في هذا البحث تشير إلى كلام آخر للكافرين حيث قالوا باستهزاء وسخريّة : ربّنا عجّل علينا العذاب قبل حلول يوم الحساب ،( وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ ) .

فهؤلاء المغرورون بلغ بهم الغرور حتّى إلى الاستهزاء بعذاب الله ومحكمته العادلة ، وإلى القول : لم تأخّرت حصّتنا من العذاب؟!

لماذا لا يوفّينا الله بسرعة حظّنا من العذاب؟

والأقوام السابقة كانت تضمّ الكثير من أمثال هؤلاء السفهاء الذين نعقوا كالحيوانات فور نزول العذاب الإلهي عليهم ، ولم يهتمّ لنعيقهم أحد.

«قط» على وزن (جنّ) تعني قطع الشيء عرضا ، فيما تعني كلمة (قد) وهي على نفس الوزن السابق ، قطع الشيء طولا! وكلمة (قط) هنا تعني نصيبا أو سهما.

وأحيانا تعني الورقة التي يرسم عليها ، أو تكتب عليها أسماء أشخاص فازوا بالجوائز.

لهذا فإنّ بعض المفسّرين ، قالوا في تفسير الآية المذكورة أعلاه : إنّ المقصود منها هو أنّ الله سبحانه وتعالى يسلّم عباده صحائف أعمالهم قبل حلول يوم الجزاء ، وهذا الكلام قيل بعد نزول آيات قرآنية تؤكّد على أنّ هناك مجموعة تعطي صحائفها باليد اليمنى ، ومجموعة اخرى تستسلم صحائفها باليد اليسرى.

__________________

(١) بعض اللغويين قالوا بوجود عدّة فروق بين كلمة (فواق) المفتوحة و (فواق) المضمومة ، والبعض قال : إنّهما بمعنى واحد ، ومن يريد توضيحا أكثر عليه مراجعة مفردات الراغب ، وتفسير روح المعاني ، والفخر الرازي ، وتفسير أبي الفتوح ، والقرطبي ، ومصادر اللغة.

٤٦٥

وهنا قالت مجموعة من مشركي مكّة وهي تستهزئ : ما أجمل أن تسلّم إلينا الآن صحف أعمالنا لنقرأها ونشاهد ماذا عملنا؟

على أيّة حال ، فإنّ «الجهل» و «الغرور» صفتان قبيحتان مذمومتان ، ولا تنفصل الواحدة عن الاخرى ، إذ أنّ الجهلة مغرورون ، والمغرورون جهلة ، وشواهد هذا الوصف كانت موجودة بكثرة عند مشركي عصر الجاهلية.

* * *

٤٦٦

الآيات

( اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (٢٠) )

التّفسير

تعلّم من داود :

نبيّ الله داودعليه‌السلام أحد كبار أنبياء بني إسرائيل وحاكما لدولة كبيرة ، وقد ورد ذكر مقامه العالي في عدّة آيات بيّنات من القرآن الكريم.

وتتمّة للبحوث السابقة التي استعرضت فيها آيات القرآن أذى المشركين لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونسبتهم إليه ما لا يليق به. فإنّ القرآن الكريم لمواساة رسول الله وأصحابه المؤمنين القلائل ، طرح قصّة داودعليه‌السلام ، داود الذي منحه الله قدرة واسعة ، حتّى أنّ الجبال والطيور كانت مسخّرة له ، ليبيّن تبارك وتعالى من خلال هذه القصّة لنبيّه الأكرم أنّ اللطف الإلهي إن شمل أحدا فإنّ عموم الناس لا يستطيعون عمل أي شيء إزاء هذا اللطف.

٤٦٧

فداود ـ مع هذه القدرة العظيمة التي منحها إيّاه ربّ العالمين ـ لم يسلّم من تجريح الآخرين وبذاءة لسانهم ، وفي هذا الكلام مواساة للنبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أنّ هذه المسألة لا تنحصر بك فقط ، وإنّما شاركك فيها كبار الأنبياءعليهم‌السلام .

ففي البداية تقول آيات بحثنا :( اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) .

«الأيد» بمعنى القدرة ، وتأتي أيضا بمعنى النعمة.

وقد توفّر المعنيان المذكوران أعلاه في داود ، إذ كان يتمتّع بقوّة جسدية مكّنته من أن يقتل الطاغية جالوت بضربة قويّة واحدة بواسطة حجر رماه من مقلاعه على جالوت ، فأسقطه من فرسه مضرّجا بدمه خلال إحدى المعارك.

وقال البعض : إنّ الحجر مزّق صدر جالوت وخرج من ظهره.

أمّا من حيث قدرته السياسية ، فقد كانت حكومته قويّة ومستعدّة دائما لمواجهة الأعداء ، بكلّ قوّة واقتدار ، حتّى قيل أنّ الآلاف من جنده كانت تقف على أهبّة الاستعداد من المساء حتّى الصباح في أطراف محراب عبادته.

ومن حيث قدرته الأخلاقية والمعنوية والعبادية ، فإنّه كان يقوم معظم الليل في عبادة الله ، ويصوم نصف أيّام السنة.

وأمّا من حيث النعم الإلهيّة ، فقد أنعم عليه البارئعزوجل بالكثير من النعم الظاهرية والباطنية.

خلاصة الحديث ، إنّ داود كان رجلا ذا قوّة وقدرة في الحروب والعبادات والعلم والمعرفة وفي السياسة ، وكان أيضا صاحب نعمة كبيرة(١) .

«أوّاب» مشتقّة من (أوب) على وزن (قول) وتعني العودة الاختيارية إلى أمر ما ، ولكون (أوّاب) على صيغة المبالغة ، فإنّها تشير إلى أنّه كان كثيرا ما يعود إلى الله سبحانه وتعالى ، وكان يتوب عن أصغر غفلة وترك للأولى.

__________________

(١) (أيد) جمع (يد) ، وقد استعملت هنا لكونها مظهر القوّة والنعمة والملك ، وقد حملت كلّ هذه المعاني هنا.

٤٦٨

وطبقا لاسلوب القرآن في الإيجاز والتفصيل في ذكر القضايا المختلفة ، فإنّ الآيات الآنفة بعد أن تطرّقت بصورة موجزة إلى نعم الله على داود ، تشرح أنواعا من تلك النعم ، قال تعالى :( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ ) (١) .

كذلك سخّرنا له مجاميع الطيور كي تسبّح الله معه( وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ) .

فكلّ الطيور والجبال مسخّرة لداود ومطيعة لأوامره ، وتسبّح معه البارئعزوجل ، وتعود إليه ،( كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ) .

الضمير (له) يمكن أن يعود على داود ، وطبقا لهذا فإنّ مفهوم الجملة ينطبق مع ما ذكرناه أعلاه ، وهناك احتمال وارد أيضا وهو أنّ ضمير (له) يعود إلى ذات الله الطاهرة ، ويعني أنّ كلّ ذرّات العالم تعود إليه ومطيعة لأوامره.

هناك سؤال يطرح ، وهو : كيف تردّد الطيور والجبال صوت التسبيح مع داود؟ اختلف المفسّرون في الإجابة على هذا السؤال ، وذكروا عدّة تفاسير واحتمالات له ، منها :

١ ـ قال البعض : إنّ صوت داود الجذّاب كان يتردّد صداه عند ما تصطدم موجاته الصوتية بالجبال فيجذب الطيور إليه (وبالطبع فإنّ هذه لا تعدّ فضيلة كي يتطرّق إليها القرآن المجيد وبشيء من العظمة).

٢ ـ واحتمل البعض الآخر أنّ تسبيحها كان توأما مع صوت ظاهري ، مرافقا لنوع من الإدراك والشعور الذي هو في باطن ذرّات العالم ، وطبقا لهذا الاحتمال ، فإنّ كلّ موجودات العالم تتمتّع بنوع من العقل والشعور ، وحينما تسمع صوت مناجاة هذا النّبي الكبير تردّد معه المناجاة ، ليمتزج تسبيحها مع تسبيح داودعليه‌السلام .

٣ ـ واحتملوا أيضا أنّ هذا التسبيح هو التسبيح التكويني الذي ينطق به لسان

__________________

(١) (معه) من الممكن أن تكون متعلّقة بقوله (يسبّحن) ووفقا لهذا فإنّ اقتداء الجبال بداود في التسبيح يوضّح نفس ما جاء في الآية (١٠) من سورة سبأ( يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ ) ويمكن أن تكون (معه) متعلّقة بـ (سخّرنا) وفي هذه الحالة فإنّ مفهوم العبارة يكون (إنّا سخّرنا له الجبال) واستخدام كلمة (معه) بدلا من (له) إنّما تمّ لتوضيح اشتراكهما في التسبيح.

٤٦٩

حال كلّ مخلوق ، ونظام خلقهم يقول : إنّ الله خال من العيوب والنقص ، وإنّه مقدّس ومنزّه وعالم وقادر ، ويمتلك كافّة صفات الكمال.

ولكن هذا المعنى لا يختصّ بداود حتّى يعدّ من مناقبه ، ولهذا فإنّ التّفسير الثاني يعدّ أنسب ، وما ذكر فيه غير مستبعد قياسا بقدرة الله.

فالمناجاة موجودة داخل جميع مخلوقات الكون ، وترانيمها تتردّد على الدوام في بواطنها ، وقد أظهرها الله سبحانه وتعالى لداودعليه‌السلام ، كما في الحصاة التي كانت تسبّح الله وهي في يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وتواصل الآية التالية استعراض نعم الله على داودعليه‌السلام ، قال تعالى :( وَشَدَدْنا مُلْكَهُ ) أي ثبّتنا وأحكمنا مملكته ، بحيث كان العصاة والطغاة من أعدائه يحسبون لمملكته ألف حساب لقوّتها.

وإضافة إلى هذا فقد آتيناه الحكمة والعلم والمعرفة( وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ ) الحكمة التي يقول بشأنها القرآن المجيد( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) .

(الحكمة) هنا تعني العلم والمعرفة وحسن تدبير امور البلاد ، أو مقام النبوّة ، أو جميعها.

وقد تكون «الحكمة» أحيانا ذات جانب علمي ويعبّر عنها بـ «المعارف العالية» ، واخرى لها جانب عملي ويعبّر عنها (بالأخلاق والعمل الصالح) وقد كان لداود في جميعها باع طويل.

وآخر نعمة إلهيّة أنعمت على داود هي تمكّنه من القضاء والحكم بصورة صحيحة وعادلة( وَفَصْلَ الْخِطابِ ) .

وقد استخدمت عبارة (فصل الخطاب) لأنّ كلمة «الخطاب» تعني أقوال طرفي النزاع ، أمّا (فصل) فإنّها تعني القطع والفصل.

وكما هو معروف فإنّ أقوال طرفي النزاع لا تقطع إلّا إذا حكم بينهم بالعدل ، ولهذا فإنّ العبارة هذه تعني قضائه بالعدل.

٤٧٠

وهناك احتمال آخر لتفسير هذه العبارة ، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى أعطى داود منطقا قويّا يدلّل على سمو وعمق تفكيره ، ولم يكن هذا خاصّا بالقضاء وحسب ، بل في كلّ أحاديثه.

حقّا ، ليس من المفروض أن ييأس أحد من لطف الله ، الله الذي يستطيع أن يعطي الإنسان اللائق والمناسب كلّ تلك القوّة والقدرة. وهذه ليست مواساة للنبي الأكرم والمؤمنين في مكّة الذين كانوا يعيشون في تلك الأيّام تحت أصعب الظروف وأشدّها ، بل مواساة لكلّ المؤمنين المضطهدين في كلّ مكان وزمان.

* * *

بحث

الصفات العشر لداودعليه‌السلام :

ذكر بعض المفسّرين من الآيات محلّ البحث عشر مواهب إلهيّة عظيمة كانت لداودعليه‌السلام تعكس مقام هذا النّبي ومنزلته العظيمة من جهة ، وتعكس خصائص الإنسان الكامل من جهة اخرى :

١ ـ الله سبحانه وتعالى يأمر نبي الإسلام والرحمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رغم مكانته العالية بأن يتّخذ من داود أسوة له في تحمّل الصبر( اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ ) .

٢ ـ القرآن وصف داود بالعبد ، وفي الحقيقة أنّ أهمّ خصوصية لداود هي عبوديته لله ، قال تعالى :( عَبْدَنا داوُدَ ) ونقرأ شبيه هذا المعنى بشأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسألة المعراج( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ ) (الإسراء ـ ١).

٣ ـ امتلاكه للقدرة والقوّة (في طاعة الباريعزوجل والاحتراز عن ارتكاب المعاصي وحسن تدبيره لشؤون مملكته)( ذَا الْأَيْدِ ) وجاءت أيضا بشأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ) .(١)

__________________

(١) الأنفال ، ٦٢.

٤٧١

٤ ـ وصفه بالأوّاب ، وتعني رجوعه المتكرّر والمستمر إلى الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى :( إِنَّهُ أَوَّابٌ ) .

٥ ـ تسخير الجبال معه لتسبّح في الصباح والمساء ، وهذا الأمر يعدّ من مفاخره ، قال تعالى :( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ ) .

٦ ـ مناجاة الطيور وتسبيحها الله مع داود ، وهذه من النعم التي أنعمها الله على داود ، قال تعالى :( وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ) .

٧ ـ استمرار الجبال والطيور في التسبيح مع داود ، وكلّ مرّة يسبّح فيها تعود وتسبّح معه ، قال تعالى :( كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ) .

٨ ـ أعطاه الله الملك والحكومة التي أحكمت أسسها ، إضافة إلى وضع كلّ الوسائل الماديّة والمعنوية التي يحتاجها تحت تصرّفه( وَشَدَدْنا مُلْكَهُ ) .

٩ ـ منحه ثروة مهمّة اخرى ، وهي العلم والمعرفة التي تفوق الحدّ الطبيعي ، العلم والمعرفة التي هي منبع خير كثير ومصدر كلّ بركة وإحسان أينما كانت ، قال تعالى :( وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ ) .

١٠ ـ وأخيرا فقد منّ الله عليه بمنطق قوي وحديث مؤثّر ونافذ ، وقدرة كبيرة على القضاء والتحكيم بصورة حازمة وعادلة ، قال تعالى :( وَفَصْلَ الْخِطابِ ) (١) .

حقّا إنّ أسس أي حكومة لا يمكن أن تصبح محكمة بدون هذه الصفات ، العلم والمنطق وتقوى الله ، والقدرة على ضبط النفس ، ونيل مقام العبودية لله.

* * *

__________________

(١) التفسير الكبير للفخر الرازي ، ذيل آيات البحث المجلد ٢٦ ، الصفحة ١٨٣.

٤٧٢

الآيات

( وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (٢٤) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥) )

التّفسير

داود والامتحان الكبير :

طرحت هذه الآيات بحث بسيط وواضح عن قضاء داود ، ونتيجة لتحريف وسوء تعبير بعض الجهلة فقد أثيرت ضجّة عظيمة في أوساط المفسّرين ، وكانت

٤٧٣

أمواج هذه الضجّة من القوّة بحيث جرفت معها بعض المفسّرين ، وجعلتهم يحكمون بشيء غير مقبول ، ويقولون ما لا يليق بهذا النّبي الكبير.

وفي هذا المجال نحاول بيان مفهوم الآيات دون شرح وتفصيل كي يفهم القارئ الكريم مفهوم الآيات بذهنية صافية ، وبعد الانتهاء من تفسيرها باختصار نتطرّق إلى الآراء المختلفة التي قيلت بشأنها. وتتمّة للآيات السابقة التي استعرضت الصفات الخاصّة بداود والنعم الإلهيّة التي أنزلها الباريعزوجل عليه ، يبيّن القرآن المجيد أحداث قضيّة عرضت على داود.

ففي البداية يخاطب القرآن المجيد الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ) .

(الخصم) جاءت هنا كمصدر ، وأكثر الأحيان تطلق على الطرفين المتنازعين ، وتستعمل هذه الكلمة للمفرد والجمع ، وأحيانا تجمع على (خصوم).

(تسوّروا) مشتقّة من (سور) وهو الحائط العالي الذي يبنى حول البيت أو المدينة ، وتعني هذه الكلمة في الأصل القفز أو الصعود إلى الأعلى.

«محراب» تعني صدر المجلس أو الغرف العليا ، ولأنّها أصبحت محلا للعبادة أخذ تدريجيّا يطلق عليها اسم المعبد. وتصطلح اليوم على المكان الذي يقف فيه إمام الجماعة لأداء مراسم صلاة الجماعة ، وفي المفردات ، نقل عن البعض أنّ سبب إطلاق كلمة «المحراب» على محراب المسجد ، هو لكونه مكانا للحرب ضدّ الشيطان وهوى النفس.

على أيّة حال ، فرغم أنّ داودعليه‌السلام كان محاطا بأعداد كبيرة من الجند والحرس ، إلّا أنّ طرفي النزاع تمكّنا ـ من طريق غير مألوف ـ تسوّر جدران المحراب ، والظهور أمام داودعليه‌السلام فجأة ، ففزع عند رؤيتهما ، إذ دخلا عليه بدون استئذان ومن دون إعلام مسبق ، وظنّ داودعليه‌السلام أنّهم يكنّون له السوء ،( إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ) .

٤٧٤

إلّا أنّهما عمدا بسرعة إلى تطييب نفسه وإسكان روعه ، وقالا له : لا تخف نحن متخاصمان تجاوز أحدنا على الآخر( قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ ) .

فاحكم الآن بيننا ولا تتحيّز في حكمك وأرشدنا إلى الطريق الصحيح( فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ ) .

«تشطط» مشتقّة من (شطط) على وزن (فقط) ، وتعني البعيد جدّا ، ولكون الظلم والطغيان يبعدان الإنسان كثيرا عن الحقّ ، فكلمة (شطط) تعني الابتعاد عن الحقّ ، كما تطلق على الكلام البعيد عن الحقيقة.

من المسلّم به أنّ قلق وروع «داود» قلّ بعض الشيء عند ما وضّح الأخوان هدف مجيئهما إليه ، ولكن بقي هناك سؤال واحد في ذهنه هو ، إذا كنتما لا تكنّان السوء ، فما هو الهدف من مجيئكما إليّ عن طريق غير مألوف؟

ولذلك تقدّم أحدهما وطرح المشكلة على داود ، وقال : هذا أخي ، يمتلك (٩٩) نعجة ، وأنا لا أمتلك إلّا نعجة واحدة ، وإنّه يصرّ عليّ أن أعطيه نعجتي ليضمّها إلى بقيّة نعاجه ، وقد شدّد عليّ في القول وأغلظ( إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ ) .

«النعجة» هي الأنثى من الضأن. وقد تطلق على أنثى البقر الوحشي والخراف الجبلية.

«أكفلنيها» مشتقّة من الكفالة ، وهي هنا كناية عن التخلّي (ومعنى الجملة اجعلها لي وفي ملكيتي وكفالتي ، أي امنحني إيّاها).

«عزّني» مشتقّة من (العزّة) وتعني التغلّب ، وبذا يكون معنى الجملة إنّه تغلّب عليّ.

وهنا التفت داودعليه‌السلام إلى المدّعي قبل أن يستمع كلام الآخر (كما يوضّحه ظاهر الآية) وقال : من البديهي أنّه ظلمك بطلبه ضمّ نعجتك إلى نعاجه( قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ

٤٧٥

بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ ) .

وهذا الأمر ليس بجديد ، إذ أنّ الكثير من الأصدقاء والمخالطين بعضهم لبعض يبغي على صاحبه ، إلّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهم قلّة :( وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ ) (١) (٢) .

نعم فالأشخاص الذين يراعون بصورة كاملة في معاشرتهم وصداقتهم الطرف المقابل ، ولا يعتدون عليه أدنى اعتداء ويؤدّون حقوق أصدقائهم ومعارفهم بصورة كاملة قليلون جدّا ، وهم المتزوّدون بالإيمان والعمل الصالح.

على أيّة حال ، فالظاهر أنّ طرفي الخصام اقتنعا بكلام داودعليه‌السلام وغادرا المكان.

ولكن داود غرق في التفكير بعد مغادرتهما ، رغم أنّه كان يعتقد أنّه قضى بالعدل بين المتخاصمين ، فلو كان الطرف الثاني مخالفا لادّعاءات الطرف الأوّل ـ أي المدّعي ـ لكان قد اعترض عليه ، إذن فسكوته هو خير دليل على أنّ القضيّة هي كما طرحها المدّعي.

ولكن آداب مجلس القضاء تفرض على داود أن يتريّث في إصدار الأحكام ولا يتعجّل في إصدارها ، وكان عليه أن يسأل الطرف الثاني أيضا ثمّ يحكم بينهما ، فلذا ندم كثيرا على عمله هذا ، وظنّ أنّما فتنة الباريعزوجل بهذه الحادثة( وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ ) .

وهنا أدركته طبيعته ، وهي أنّه أوّاب ، إذ طلب العفو والمغفرة من ربّه وخرّ راكعا

__________________

(١) «خلطاء» جمع (خليط) وتعني الأشخاص أو الأشياء المخلوطة بعضها مع بعض ، كما تطلق على الصديق والشريك والجار ، ورغم أنّ الظلم والاعتداء لم يختصّ بالخلطاء ، إلّا أنّ ذكر هذه المجموعة بسبب وجود الاتّصالات المتكرّرة فيما بينهم ، واحتمال حدوث سوء تفاهم فيما بينهم ، أو بسبب عدم توقّع حدوث أي ظلم وطغيان من قبل أولئك.

(٢) تركيب الجملة هكذا (هم) مبتدأ و (قليل) خبر إنّ و (ما) زائدة وردت هنا للمبالغة في القليل.

٤٧٦

تائبا إلى الله العزيز الحكيم( فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ ) .

«خرّ» مشتقّة من (خرير) وتعني سقوط شيء من علو ويسمع منه الصوت مثل صوت الشلالات ، كما أنّها كناية عن السجود ، حيث أنّ الأفراد الساجدين يهوون من حالة الوقوف إلى السجود ويقترن ذلك بالتسبيح.

كلمة (راكعا) التي وردت في هذه الآية ، إمّا أنّها تعني السجود كما جاءت في اللغة ، أو لكون الركوع مقدّمة للسجود.

على أيّة حال ، فالله سبحانه وتعالى شمل عبده داود بلطفه وعفا عن زلّته من حيث ترك العمل بالأولى ، كما توضّحه الآية التالية( فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ ) . وإنّ له منزلة رفيعة عند الله( وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ ) .

«زلفى» تعني المنزلة (والقرب عند الله) و (حسن مآب) إشارة إلى الجنّة ونعم الآخرة.

* * *

بحوث

١ ـ ما هي حقيقة وقائع قصّة داود؟

الذي وضّحه القرآن المجيد في هذا الشأن لا يتعدّى أنّ شخصين تسوّرا جدران محراب داودعليه‌السلام ليحتكما عنده ، وأنّه فزع عند رؤيتهما ، ثمّ استمع إلى أقوال المشتكي الذي قال : إنّ لأخيه (٩٩) نعجة وله نعجة واحدة ، وإنّ أخاه طلب منه ضمّ هذه النعجة إلى بقيّة نعاجه ، فأعطى داودعليه‌السلام الحقّ للمشتكي ، واعتبر طلب الأخ ذلك من أخيه ظلما وطغيانا ، ثمّ ندم على حكمه هذا ، وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يعفو عنه ويغفر له ، فعفا الله عنه وغفر له.

وهنا تبرز مسألتان دقيقتان أيضا : الاولى مسألة الامتحان ، والثانية مسألة الاستغفار.

٤٧٧

القرآن الكريم لم يفصّل الحديث بشأن هاتين المسألتين ، إلّا أنّ الدلائل الموجودة في هذه الآيات والروايات الإسلامية الواردة بشأن تفسيرها تقول : إنّ داود كان ذا علم واسع وذا مهارة فائقة في أمر القضاء ، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يمتحنه ، فلذا أوجد له مثل تلك الظروف غير الاعتيادية ، كدخول الشخصين عليه من طريق غير اعتيادي وغير مألوف ، إذ تسوّرا جدران محرابه ، وابتلائه بالاستعجال في إصدار الحكم قبل الاستماع إلى أقوال الطرف الثاني ، رغم أنّ حكمه كان عادلا.

ورغم أنّه انتبه بسرعة إلى زلّته ، وأصلحها قبل مضيّ الوقت ، ولكن مهما كان فإنّ العمل الذي قام به لا يليق بمقام النبوّة الرفيع ، ولهذا فإنّ استغفاره إنّما جاء لتركه العمل بالأولى ، وإنّ الله شمله بعفوه ومغفرته.

والشاهد على هذا التّفسير إضافة إلى ما ذكرناه قبل قليل ـ هو الآية التي تأتي مباشرة بعد تلك الآيات ، والتي تخاطب داودعليه‌السلام :( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) . وهذه الآية تبيّن أنّ زلّة داود كانت في كيفية قضائه وحكمه.

وبهذا الشكل فإنّ الآيات المذكورة أعلاه لا تذكر شيئا يقلّل من شأن ومقام هذا النّبي الكبير.

٢ ـ التوراة والقصص الخرافية بشأن داود

الآن نتصفّح كتاب التوراة لنشاهد ماذا ذكر فيه عن هذه الواقعة ، لنعثر على الأساس الذي اعتمد عليه بعض المفسّرين الجهلة وغير المطّلعين في تفسير هذه الآيات.

جاء في «التوراة» وفي الكتاب الثاني «اشموئيل» الإصحاح الحادي عشر من الجملة الثانية وحتّى السابعة والعشرين :

٤٧٨

«وكان في وقت المساء ، أنّ داود قام عن سريره وتمشّى على سطح بيت الملك ، فرأى من على السطح امرأة تستحمّ وكانت المرأة جميلة المنظر جدّا. فأرسل داود وسأل عن المرأة فقيل : إنّها (بتشبع)(١) بنت (اليعام) وزوجة (أوريّا الحتّى)(٢) .

فأرسل داود رسلا وأخذها فدخلت عليه ، فاضطجع معها وهي طاهرة من طمثها ، ثمّ رجعت إلى بيتها ، وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود بأنّها حبلى.

وبعد علمه بحمل (بتشبع) بعث داود برسالة إلى (يوآب)(٣) طلب منه فيها أن يبعث (أوريّا) إليه ، فبعث (يوآب) (أوريّا) إليه ، وفور وصوله إلى قصر داود ، استفسر منه عن سلامة (يوآب) وسلامة الجيش وعن سير المعارك.

وهنا أمر داود (أوريّا) بأن يذهب إلى بيته ويغسل رجليه ، فخرج أوريّا من قصر داود ، وبعث داود خلفه أنواعا من الطعام ، إلّا أنّ أوريّا نام عند باب قصر داود مع بقيّة عبيد سيّده داود ولم يذهب إلى بيته ، وعند ما علم داود أنّ أوريّا لم يذهب إلى بيته ، قال داود لأوريا : ألم تكن قد عدت من السفر؟ فلما ذا لا تذهب إلى بيتك؟ فقال لداود : إنّ الصندوق وإسرائيل ويهودا وسيّدي (يوآب) وعبيد سيّدي يعيشون تحت الخيام في الصحراء؟ فهل يصحّ أن أذهب إلى بيتي لآكل وأشرب وأنام فيه؟ أقسم بحياتك أنّي لا أفعل ذلك.

وفي الصباح بعث داود برسالة إلى (يوآب) بيد (أوريّا) وكتب في الرسالة يقول : اجعلوا أوريّا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت ، ففعل به ذلك فقتل وأخبر داود بذلك.

__________________

(١) (بتشبع) اسم تلك المرأة التي زعم كتاب التوراة أنّ داود رآها عارية عند ما كان يتمشّى على سطح بيته وعشقها ، وهي بنت (اليعام) أحد المسؤولين حينذاك والذي كان عبريا.

(٢) (أوريا) بتشديد الياء ، اسم أحد كبار قادة جيش داود و (حتي) بتشديد (الياء) وكسر (الحاء) تنسب إلى (حت) ابن كنعان ، وعشيرة كانت تسمّى (بني حت).

(٣) (يوآب) هو القائد العام لقوّات داود.

٤٧٩

فلمّا سمعت امرأة أوريّا أنّه قد مات ندبت بعلها ، ولمّا مضت المناحة أرسل داود وضمّها إلى بيته وصارت له امرأة ، وأمّا الأمر الذي فعله داود فقبح في عيني الربّ»(١) .

خلاصة هذه القصّة إلى هنا تكون كالآتي : في إحدى الأيّام صعد داود إلى سطح القصر فوقعت عيناه على البيت المجاور فرأى امرأة عارية تغتسل ، فأحبّها ، وتمكّن بإحدى الطرق من جلبها إلى بيته ، فاضطجع معها فحملت منه.

وزوج هذه المرأة كان أحد الضبّاط المشهورين في جيش داود وكان طاهرا نقيّا ، قتله داود (نعوذ بالله من هذا الكلام) بمؤامرة جبانة عند ما بعثه إلى منطقة خطرة جدّا في ساحة الحرب ، ثمّ تزوّج داود زوجته.

والآن نواصل سرد بقيّة القصّة على لسان التوراة الحالي إذ جاء في الإصحاح الثاني عشر من كتاب صموئيل الثاني «أنّ الربّ أرسل (ناثان) أحد أنبياء بني إسرائيل ومستشار داود في نفس الوقت ، وقال له : كان رجلان في مدينة واحدة ، واحد منهما غني والآخر فقير ، وكان للغني غنم وبقر كثيرة جدّا ، وأمّا الفقير فلم يكن له شيء إلّا نعجة واحدة صغيرة قد اقتناها وربّاها ، فجاء ضيف إلى الرجل الغني فأبى أن يأخذ من غنمه ومن بقره ليهيّئ للضيف الذي جاء إليه فأخذ نعجة الرجل الفقير وهيّأ لضيفه.

فحمي غضب داود ، وقال لناثان ، أقسم بالربّ أنّ الشخص الذي ارتكب هذا العمل يستحقّ القتل ، وعليه أن يردّ النعجة بأربعة أضعاف. وهنا قال ناثان لداود : إنّ ذلك الرجل هو أنت!

فانتبه داود للعمل غير الصحيح الذي قام به ، فدعا الله ليتوب عليه ، فتاب الله عليه ، وأنزل في نفس الوقت ابتلاءات كبيرة على داود».

هذا وقد استخدمت التوراة عبارات يجلّ القلم عن ذكرها ، لهذا نصرف النظر

__________________

(١) نقلا عن الإصحاح الحادي عشر من كتاب (صموئيل الثاني) الجمل (٢) إلى (٢٧).

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581