الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 175358 / تحميل: 6515
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

١٣ -( باب أن المرأة إذا نسيت الشهادة، فذكرتها الأخرى فذكرت، وجب عليها اقامتها، وقبلت)

[ ٢١٧٢٨ ] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ ) (١) الآية، فقد روي أن في [ سورة ](٢) البقرة خمسمائة آية حكم، وفي هذه الآية خمسة عشرة حكما - وعدها إلى أن قال -( فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَ‌جُلَيْنِ فَرَ‌جُلٌ وَامْرَ‌أَتَانِ مِمَّن تَرْ‌ضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ‌ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَ‌ىٰ ) (٣) يعني أن تنسى إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، تسعة أحكام الخبر.

١٤ -( باب عدم جواز إحياء الحق بشهادة الزور، وجواز دفع الضرر بها عن النفس، وعن المؤمن، وعن العرض)

[ ٢١٧٢٩ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تأسروا أنفسكم وتذهبوا أموالكم بشهادة الزور، فما على امرئ من وكف(١) في دينه، ولا مأثم من ربه، أن يدفع ذلك عنه بما قدر عليه ».

[ ٢١٧٣٠ ] ٢ - عوالي اللآلي: نقلا عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر، عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: « من شهد على مؤمن بما يثلمه أو يثلم ماله

__________________

الباب ١٣

١ - تفسير القمي ج ١ ص ٩٤.

(١) البقرة ٢: ٢٨٢.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ٢٨٢.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٩ ح ١٨١٩ عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام .

(١) الوكف: النقص والاثم والعيب ( النهاية ج ٥ ص ٢٢٠ ).

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣١٤ ح ٣٥.

٤٢١

أو مروءته، سماه الله كاذبا وإن كان صادقا، ومن شهد لمؤمن بما يحيي به ماله، أو يعينه على عدوه، أو يحفظ دمه، سماه الله صادقا وإن كان كاذبا ».

[ ٢١٧٣١ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « عن العالمعليه‌السلام ، مثله، وزاد في آخره: « ومعنى ذلك أن يشهد له أو(١) يشهد عليه، فيما بينه وبين مخالف، فاما بينه وبين موافق فليشهد(٢) له وعليه بالحق ».

١٥ -( باب أنه لا يجوز الشهادة إلا بعلم)

[ ٢١٧٣٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : ( أنه قال لرجل سأله: أن جيرانه زعموا أنهم أشهدوه على ما في كتاب )(١) ولست أذكر الشهادة فما ترى؟ قال: « لا تشهد حتى تعلم أنك قد أشهدت، قال الله عز وجل:( إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٢) ».

[ ٢١٧٣٣ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن ابن عباس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سئل عن الشهادة فقال: « ترى الشمس، على مثلها فاشهد أو دع ».

[ ٢١٧٣٤ ] ٣ - زيد الزراد في أصله: قال: سمعت أبا عبد الله

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤١.

(١) في المصدر: و.

(٢) في المخطوط: « يشهد » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٥ ح ١٨٤٧.

(١) في المصدر: « أن رجلا سأله، فقال: يا بن رسول الله، جاءني جيران لنا بكتاب زعموا أنهم أشهدوني على ما فيه، وفي الكتاب اسمي بخط يدي قد عرفته، ولا أشك فيه ».

(٢) الزخرف ٤٣: ٨٦.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٢٨ ح ١.

٣ - أصل زيد الزراد ص ٢.

٤٢٢

عليه‌السلام ، يقول: « لا تشهد على ما لا تعلم - إلى أن قال - لا تشهد إلا على ما تعلم وأنت له ذاكر، فإنك إن شهدت على ما لا تعلم، يتبوأ مقعدك من النار [ يوم القيمة ](١) ، وإن شهدت على ما لم تذكره، سلبك الله الرأي، وأعقبك النفاق إلى يوم الدين ».

١٦ -( باب أن الصبي إذا تحمل الشهادة قبل البلوغ، وشهد بها بعده قبلت)

[ ٢١٧٣٥ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: أن علياعليهم‌السلام ، قال في شهادة الصبيان: « إذا شهدوا وهم صغار، جازت إذا كبروا ولم ينسوها ».

١٧ -( باب ما تقبل فيه شهادة الصبيان قبل البلوغ)

[ ٢١٧٣٦ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه كان يقول: « شهادة الصبيان جائزة فيما بينهم في الجراح، ما لم يتفرقوا وينقلبوا إلى أهاليهم، أو يلقاهم أحد » يعني ممن يلقنهم القول.

١٨ -( باب قبول شهادة المملوك والمكاتب لغير مواليهما)

[ ٢١٧٣٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « شهادة العبد لغير مواليه جائزة إذا كان

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٦

١ - الجعفريات ص ١٤٣.

الباب ١٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٠٨ ح ١٤٢١.

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٠ ح ١٨٢٥.

٤٢٣

عدلا، قال الله عز وجل:( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّ‌جَالِكُمْ ) (١) فالعبد من الرجال ».

[ ٢١٧٣٨ ] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل هلك وترك أخاه، فورث عنه جارية وغلامين، فأعتق الغلامين فشهدا بعد العتق أن المتوفى كان ينزل هذه الجارية، وأنها ولدت غلاما مات بعده، قال: « تجوز شهادتهما إن كانا عدلين للجارية، ويردان عبدين بحسب ما كانا ».

[ ٢١٧٣٩ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام ، قال في العبد إذا شهد بشهادة ثم أعتق: جازت شهادته إذا كان لم يردها الحاكم قبل أن يعتق، وإن كان العبد إنما أعتق لموضع الشهادة، لم تجز شهادته ».

[ ٢١٧٤٠ ] ٤ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال في المكاتب إذا شهد في الطلاق وقد أعتق نصفه: « إن كان معه رجل وامرأة، جازت شهادته ».

[ ٢١٧٤١ ] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وتجوز شهادة الأعمى إذا أثبت، وشهادة العبد لغير صاحبه ».

١٩ -( باب ما تجوز فيه شهادة النساء، وما لا تجوز)

[ ٢١٧٤٢ ] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم: « أن علياعليه‌السلام ، كان

__________________

(١) البقرة ٢: ٢٨٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٠.

٣ - الجعفريات ص ١٤٥.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

الباب ١٩

١ - الجعفريات ص ١٤٥.

٤٢٤

يجيز شهادة القابلة على استهلال الصبي، إذا كانت مرضية ».

[ ٢١٧٤٣ ] ٢ - وبهذا الاسناد: قال: « كان عليعليه‌السلام ، يقول: لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القود ».

[ ٢١٧٤٤ ] ٣ - وبهذا الاسناد: « ان علياعليه‌السلام اتي بجارية بكر زعموا أنها زنت، فأمر النساء فنظرن إليها، فقلن: يا أمير المؤمنين هي بكر، فقالعليه‌السلام : ما كنت لأضرب من عليها خاتم الرحمن ».

[ ٢١٧٤٥ ] ٤ - وبهذا الاسناد: « ان علياعليه‌السلام ، كان يجيز شهادة النساء في مثل هذا ».

[ ٢١٧٤٦ ] ٥ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين، وأبي جعفر، وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « يجوز في النكاح من الشهود ما يجوز في الأموال من شهادة النساء والعبيد، ولا تجوز شهادة النساء في الطلاق ولا في الحدود، ويجوز في الأموال، وفيما لا يطلع عليه إلا النساء، من النظر إلى النساء، والاستهلال، والنفاس، والولادة، والحيض، وأشباه ذلك، تجوز فيه شهادة القابلة إذا كانت مرضية، وشهادة النساء في القتل لطخ(١) يكون مع القسامة ».

[ ٢١٧٤٧ ] ٦ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: « لا تجوز شهادة النساء في الحدود، ولا شهادة السماع - إلى أن قال - فإن شهد ثلاثة رجال وامرأتان وجب بهم الحد، ولا يجب برجلين وأربعة نسوة ويضربون حد

__________________

٢ - الجعفريات ص ١١٨.

٣ - الجعفريات ص ١٣٧.

٤ - الجعفريات ص ١٣٧.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٤ ح ١٨٤٣.

(١) اللطخ: الشئ اليسير ( لسان العرب ج ٣ ص ٥١ ).

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٥١ ح ١٥٧٨.

٤٢٥

القاذف ».

[ ٢١٧٤٨ ] ٧ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا تقبل شهادة النساء في الطلاق، ولا في رؤية الهلال ».

[ ٢١٧٤٩ ] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وتقبل شهادة النساء في النكاح والدين، وفي كل ما لا يتهيأ للرجال أن ينظروا إليه، ( ولا تقبل في )(١) الطلاق، ولا في رؤية الهلال، و ( لا )(٢) تقبل في الحدود، وإذا شهد امرأتان وثلاثة رجال فلا تقبل شهادتهن، وكذا(٣) إذا كن أربع نسوة ورجلين، وتجوز شهادة امرأة في ربع الوصية إذا لم يكن معها غيرها، وتجوز شهادة المرأة وحدها في مولود يولد ويموت من ساعته، وأروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه تجوز شهادة النساء في الدم والقسامة والتدبير، وروي أنه تجوز شهادة امرأتين في استهلال الصبي، ونروي أنه تجوز شهادة القابلة وحدها ».

[ ٢١٧٥٠ ] ٩ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وتجوز شهادة النساء في كل ما لم يجز للرجال النظر إليه ».

[ ٢١٧٥١ ] ١٠ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : باسناده قال: « حدثني أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: سئل النبي ( صلى الله عليه

__________________

٧ - الهداية ص ٤٥، وفي المقنع ص ١٣٥.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥ و ٤١.

(١) في المصدر « وفي ».

(٢) ليس في المصدر.

(٣) ليس في المصدر.

٩ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

١٠ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٦٣ ح ١٣٤.

٤٢٦

وآله )، عن امرأة زنت، فذكرت المرأة انها بكر، فأمرني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن آمر النساء ينظرن إليها، فنظرن إليها(١) فوجدنها بكرا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كنت لأضرب من عليه خاتم من الله عز وجل، وكان يجيز شهادة النساء في مثل هذا ».

[ ٢١٧٥٢ ] ١١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن محمد بن عيسى، عن موسى بن محمد بن علي بن موسىعليهم‌السلام ، عن أخيه علي بن محمدعليهما‌السلام ، - في حديث طويل - قال: « وأما شهادة المرأة التي جازت وحدها فهي القابلة، جازت(١) شهادتها مع الرضى، وإن لم يكن رضى فلا أقل من امرأتين، تقوم المرأتان(٢) بدل الرجل للضرورة، لان الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامها، فان كانت وحدها قبلت مع يمينها » الخبر.

ورواه ابن شهرآشوب في المناقب: عنهعليه‌السلام مثله، وأنه أملاه علي ابن السكيت، في جواب يحيى بن أكتم في مجلس المتوكل(٣) .

٢٠ -( باب جواز شهادة المرأة لزوجها، والرجل لزوجته)

[ ٢١٧٥٣ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام ، كان لا يجيز شهادة الزوج لزوجته، وكان يجيز شهادة الزوج على زوجته ».

__________________

(١) ليس في المصدر.

١١ - الاختصاص ص ٩٥.

(١) في المصدر: جائز.

(٢) في المصدر: مقامها.

(٣) المناقب ج ٤ ص ٤٠٤.

الباب ٢٠

١ - الجعفريات ص ١٤٣.

٤٢٧

[ ٢١٧٥٤ ] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سئل عن شهادة الولد لوالده، والوالد لولده، والاخوة والقرابات والزوجين بعضهم لبعض، فقال: « تجوز شهادة العدول منهم، بعضهم لبعض، وروينا ذلك عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وليس عندنا فيه اختلاف ».

[ ٢١٧٥٥ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنه لا تجوز شهادة شارب الخبر - إلى أن قال - ولا امرأة لزوجها، وتجوز شهادة الرجل لامرأته ».

قلت: البناء على ما في خبر الدعائم، ولا بد من صرف الخبرين الآخرين عن ظاهرهما، وحملهما على بعض المحامل، كالاتهام، وعدم العدالة فيهما، وكونها في محل لا تجوز شهادة النساء فيه في الأخير، وغير ذلك.

٢١ -( باب جواز شهادة الولد لوالده، وبالعكس، والأخ لأخيه، لا الولد على والده)

[ ٢١٧٥٦ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن الحسين بن عليعليهم‌السلام ، شهد لأبيه عليعليه‌السلام شهادة قد سرع بشهادته(١) ، فقال عليعليه‌السلام : قالون(٢) » وقالون بالرومية أي جيد.

[ ٢١٧٥٧ ] ٢ - وبهذا الاسناد: عن جده، عن علي بن أبي طالب

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٩ ح ١٨٢١.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ح ٣٥.

الباب ٢١

١ - الجعفريات ص ١٤٢.

(١) في المصدر: شهادته.

(٢) في المصدر: تالون.

٢ - الجعفريات ص ١٤٢.

٤٢٨

عليهم‌السلام : أنه كان لا يجيز شهادة الابن لأبيه، وكان يجيز شهادة الابن على أبيه. كذا في نسختي، والظاهر أنه اشتباه من بعض الرواة أو النساخ.

[ ٢١٧٥٨ ] ٣ - وبهذا الاسناد: عن جده، عن عليعليهم‌السلام : أنه قال: « شهادة الأخ لأخيه جائزة، إذا كان مرضيا، معه رجل آخر ».

[ ٢١٧٥٩ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وتجوز شهادة الرجل لامرأته.

وشهادة الولد لوالده، ( ويجوز شهادة الولد لوالده )(١) وتجوز شهادة الولد على والده ».

٢٢ -( باب عدم قبول شهادة الشريك لشريكه، فيما هو شريك فيه، وقبولها في غيره)

[ ٢١٧٦٠ ] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم: « أن علياعليه‌السلام كان لا يجيز شهادة الشريك لشريكه، وكان يجيز شهادة الشريك على شريكه ».

[ ٢١٧٦١ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تجوز شهادة الشريك لشريكه فيما هو بينهما، وتجوز في غير ذلك مما ليس فيه شركة، وفي المواريث، والعتق، والدماء، والطلاق، والنكاح، والجنايات [ وأشباه ذلك ](١) ».

[ ٢١٧٦٢ ] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من شهد شهادة

__________________

٣ - الجعفريات ص ١٤٣.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

الباب ٢٢

١ - الجعفريات ص ١٤٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٣٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٩ ح ١٨٢٢.

٤٢٩

فيما له حظ ( أو حق )(١) ، لم تجز شهادة له، ولا لغيره، ممن شهد له معه ».

[ ٢١٧٦٣ ] ٤ - وتقدم عن كتاب الاستغاثة: قول أمير المؤمنينعليه‌السلام لأبي بكر، في قصة فدك: « أفتحكم فينا بغير ما تحكم به في المسلمين؟ » قال: وكيف ذلك؟ قال: « إن الذين يزعمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: ما تركناه صدقة، وأنت ممن له في هذه الصدقة نصيب، ولا تجوز شهادة الشريك لشريكه، وتركة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على حكم الاسلام في يد ورثته، إلى أن تقوم البينة العادلة بأنه لغيره، فعلى من ادعى ذلك إقامة البينة العادلة ممن لا نصيب له فيما يشهد به عليه » إلى آخر ما تقدم.

[ ٢١٧٦٤ ] ٥ - الصدوق في المقنع: ولا تجوز شهادة الرجل لشريكه إلا فيما لا يعود نفعه عليه.

فقه الرضاعليه‌السلام : مثله(١) .

٢٣ -( باب عدم جواز شهادة الأجير للمستأجر، وجوازها لغيره، وله بعد مفارقته، وجواز شهادة الضيف)

[ ٢١٧٦٥ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سئل عن شهادة الأجير والتابع، فقال: « هذا ظنين(١) لا تجوز شهادته ».

__________________

(١) ليس في المصدر.

٤ - تقدم في الحديث ١ من الباب ١٨ من أبواب كيفية الحكم واحكام الدعوى من كتاب القضاء.

٥ - المقنع ص ١٣٣.

(١) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

الباب ٢٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٣١.

(١) الظنين: المتهم في دينه ( النهاية ج ٣ ص ١٦٣ ).

٤٣٠

[ ٢١٧٦٦ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنه لا تجوز شهادة شارب الخمر - إلى أن قال - ولا تابع لمتبوع، ولا أجير لصاحبه ».

٢٤ -( باب عدم قبول شهادة الفاسق والمتهم والخصم)

[ ٢١٧٦٧ ] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « يرد شهادة الظنين والمتهم ».

[ ٢١٧٦٨ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى ان تجاز شهادة الخصم، والظنين، والجار إلى نفسه ».

[ ٢١٧٦٩ ] ٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تجوز شهادة المتهم ».

[ ٢١٧٧٠ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : في عداد من لا تجوز شهادته: « ولا متهم، ولا المشهور بالفسق، ولا الفجور والزنى، وأروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: لا تجوز شهادة ظنين، ولا حاسد، ولا باغ، ولا متهم، ولا خصم، ولا متهتك، ولا مشهور ».

[ ٢١٧٧١ ] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا يجوز شهادة خصم، ولا الظنين » والظنين: المتهم.

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

الباب ٢٤

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٣٢.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٣٣.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤١.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٣٥ ح ٢٦.

٤٣١

[ ٢١٧٧٢ ] ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه أمر مناديه أن ينادي: « لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ».

٢٥ -( باب عدم قبول شهادة ولد الزنى)

[ ٢١٧٧٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تجوز شهادة ولد الزنى ».

وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، مثله(١) .

[ ٢١٧٧٤ ] ٢ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ولا تجوز شهادة ولد الزنى ».

[ ٢١٧٧٥ ] ٣ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله، عن هاشم أبي سعيد الأنصاري، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن نوحا حمل في السفينة الكلب، والخنزير، ولم يحمل فيها ولد الزنى، وإن الناصب شر من ولد الزنى ».

[ ٢١٧٧٦ ] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ولد الزنى شر الثلاثة ».

[ ٢١٧٧٧ ] ٥ - وروي أن أبا عزة الهذلي(١) كان يهجو النبي ( صلى الله عليه

__________________

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٤٣ ح ١٦٤.

الباب ٢٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٢٩.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٥١٢ ح ١٨٣٦.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

٣ - المحاسن ص ١٨٥ ح ١٩٦.

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٣٣ ح ٢٢.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥٣٤ ح ٢٤ و ٢٥.

(١) في المخطوط: « الحجمي »وما أثبتناه هو الصواب ( راجع أسد الغابة ج ٥ ص ٢٥٣ وتهذيب التهذيب ج ١١ ص ٤٧٦ ).

٤٣٢

وآله )، فذكر عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقيل فيه: ولد زنية، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولد الزنى لا يدخل الجنة ».

وفي حديث آخر: « ولد الزنى لا يفلح أبدا ».

٢٦ -( باب جملة ممن لا تقبل شهادتهم)

[ ٢١٧٧٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تجوز شهادة حروري، ولا قدري، ولا مرجئ، ولا أموي، ولا ناصب، ولا فاسق ».

[ ٢١٧٧٩ ] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يجوز شهادة المتهم، ولا ولد الزنى، ولا الأبرص، ولا شارب المسكر، و [ لا ](١) الذين يجلسون مع البطالين والمغنين وأهل المنكر، في مجلس المنكر مع العواهر والاحداث في الريبة، ويكشفون عوراتهم في الحمام وغيره، وينامون جماعة في لحاف، ولا الذين يطففون الكيل والوزن، ولا الذين يختلفون إلى الكهان، ولا الذين ينكرون السنن، ولا من مطل غريما وهو واجد، ولا من ضيع صلاة، ولا من منع زكاة، ولا من أتى ما يوجب الحد والتعزير، ولا من آذى جيرانه، ولا الذين يلعبون بالكلاب والحمام والديوك، ما كان أحد من هؤلاء مقيما على ما هو عليه ».

[ ٢١٧٨٠ ] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا شهد أهل البادية في حق فيما بينهم جازت شهادتهم، إذا كانوا عدولا، وإذا شهدوا على

__________________

الباب ٢٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١١ ح ١٨٣٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٢ ح ١٨٣٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٠ ح ١٨٢٨.

٤٣٣

أهل قرية فيما يتباعدان تكون شهادتهم [ فيه ](١) دون غيرهم من أهل القرية، مما ينبغي في مثله، فيكونون في حال من يتهم ».

[ ٢١٧٨١ ] ٤ - وقد روي: انه لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين، وفي ترك شهادة العدول من أهل المصر وجيرة المكان، وأهل العدالة فيه، واستشهاد من يبعد عنه من أهل البوادي، ما يوجب الشهبة والظنة التي تسقط الشهادة.

[ ٢١٧٨٢ ] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تقبل شهادة الخائن، ولا الخائنة، ولا الزاني، ولا الزانية، ولا ذي غمز على أخيه » والغمز الحقد.

[ ٢١٧٨٣ ] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا خير في شهادة الخائن ».

[ ٢١٧٨٤ ] ٧ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا محدود، ولا ذي حقد على أخيه، ولا مجرب عليه شهادة زور، ولا القانع مع أهل البيت » يعني الخادم لهم.

٢٧ -( باب عدم قبول شهادة اللاعب بالنرد والشطرنج وكل مقامر، وفاعل الغناء ومستمعه)

[ ٢١٧٨٥ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنه لا تجوز شهادة شارب

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٠ ح ١٨٢٨.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٤٢ ح ١٦٣.

٦ - غرر الحكم ج ٢ ص ٨٤٣ ح ٢٧٧.

٧ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٩٢.

الباب ٢٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

٤٣٤

الخمر، ولا اللاعب بالشطرنج والنرد، ولا مقامر ».

٢٨ -( باب عدم قبول شهادة سائق الحاج إذا ظلم دابته واستخف بصلاته، وقبول شهادة المكاري والجمال والملاح مع الصلاح)

[ ٢١٧٨٦ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام ، كان لا يجيز شهادة سائق الحاج ».

٢٩ -( باب عدم قبول شهادة السائل بكفه)

[ ٢١٧٨٧ ] ١ - أحمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « شهادة الذي يسأل في كفه ترد ».

٣٠ -( باب قبول شهادة القاذف بعد التوبة، وعدم قبولها قبلها)

[ ٢١٧٨٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أن قال: « القاذف إذا تاب وكان عدلا جازت شهادته، وقد قال الله عز وجل:( إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِ‌ينَ ) (١) ولا وجه لرد شهادة من أحبه الله وكان عدلا، وقد استثنى الله عز وجل في ذكر رد شهادة القاذف من تاب فقال:( وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ) (٢) ثم استثنى فقال:( إِلَّا الَّذِينَ

__________________

الباب ٢٨

١ - الجعفريات ص ١٤٣.

الباب ٢٩

١ - عدة الداعي ص ٨٩.

الباب ٣٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٢ ح ١٨٣٥.

(١) البقرة ٢: ٢٢٢.

(٢) النور ٢٤: ٤.

٤٣٥

تَابُوا ) (٣) ».

[ ٢١٧٨٩ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تجوز شهادة المفتري حتى يتوب من الفرية، وتوبته أن يقف في الموضع الذي قال فيه ما قال، يكذب نفسه ».

الصدوق في المقنع، مثله(١) .

[ ٢١٧٩٠ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « المجلود في الفرية لا تقبل شهادته، ولا يلاعن، لان الله تعالى قال في كتابه:( وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ) (١) ».

[ ٢١٧٩١ ] ٤ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن الصادقعليه‌السلام - في حديث - قال: سألته عن القاذف، أتقبل شهادته بعد الحد إذا تاب؟ قال: « نعم » قال: وما توبته؟ قال: « يكذب نفسه عند الامام فيما افتراه، ويندم مما قال ».

٣١ -( باب قبول شهادة المحدود بعد توبته لا قبلها)

[ ٢١٧٩٢ ] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم عن جعفر بن محمد، عن أبيه،

__________________

(٣) النور ٢٤: ٥.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

(١) المقنع ص ١٣٣.

٣ - الجعفريات ص ١٤٣.

(١) النور ٢٤: ٤.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

الباب ٣١

١ - الجعفريات ص ١٤٣.

٤٣٦

عن جدهعليهم‌السلام : « أن رجلا قطع في قطع الطريق، فشهد عند عليعليه‌السلام شهادة، فسأل عنه قومه، فقالوا فيه خيرا، فأجاز عليعليه‌السلام شهادته، حين تاب وعلمت منه التوبة ».

٣٢ -( باب قبول شهادة المسلم على الكافر، وعدم جواز قبول شهادة الكافر عليه ولو ذميا، عدا ما استثني)

[ ٢١٧٩٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه نهى أن تقبل شهادة كافر على مسلم.

[ ٢١٧٩٤ ] ٢ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أن عبد الملك بن مروان كتب إليه يسأله عن شهادة أهل الذمة بعضهم لبعض، فكتب إليه: « حدثني أبي، عن جدي: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أتاه اليهود برجل وامرأة قد زنيا، فشهدوا عليهما بالزنى والاحصان، فرجمهما وقال: شهادة بعضهم على بعض جائزة إذا عدلوا عندهم، ولا تجوز شهادتهم على مسلم، إلا فيما ذكر الله عز وجل » يعني من أمر الوصية.

[ ٢١٧٩٥ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وتجوز شهادة المسلمين في جميع أهل الملل، ولا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين ».

[ ٢١٧٩٦ ] ٤ - عوالي اللآلي: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تقبل شهادة أهل دين على غير أهل دينهم، إلا المسلمين فإنهم عدول عليهم وعلى غيرهم ».

__________________

الباب ٣٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٣ ح ١٨٣٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٤ ح ١٨٤٢.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٢.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٥٤ ح ١٩٢.

٤٣٧

٣٣ -( باب أن الكافر إذا اشهد على شهادة، ثم أسلم فشهد بها قبلت)

[ ٢١٧٩٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه: « أن علياعليهم‌السلام قال: اليهودي والنصراني إذا أسلما جازت شهادتهما، ما لم يكن ردها الحاكم وأسلما من اجلها ».

[ ٢١٧٩٨ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين، وأبي جعفر، وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « إذا استشهد الكافر في حال كفره، والطفل الصغير في حال صغره، على شهادة، فشهد بها المشرك بعد أن أسلم، والطفل الصغير بعد أن يبلغ - وكانا مقبولين - جازت شهادتهما ».

٣٤ -( باب قبول شهادة اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم على الوصية في الضرورة)

[ ٢١٧٩٩ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( أو آخران من غيركم ) (١) قال: « من أهل الكتاب ».

قال أبو جعفرعليه‌السلام : « من كان في سفر فحضرته الوفاة، فلم يجد مسلما يشهده، فاشهد ذميين، جازت شهادتهما في الوصية، كما قال الله عز وجل ».

__________________

الباب ٣٣

١ - الجعفريات ص ١٤٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٤ ح ١٨٤١.

الباب ٣٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٣ ح ١٨٤٠.

(١) المائدة ٥: ١٠٦.

٤٣٨

قال أبو جعفرعليه‌السلام : « إذا كان الرجل بأرض [ غربة ](٢) ليس بها مسلم، فحضره الموت، فاشهد شهودا من غير أهل القبلة على وصيته، حلف الشاهدان بالله: ما شهدنا إلا بالحق، وإن فلانا أوصى بكذا وكذا، وهو قول الله عز وجل:( اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ - إلى قوله -فَيُقْسِمَانِ بِاللَّـهِ ) (٣) » الآية.

وباقي الاخبار تقدم في كتاب الوصية(٤) .

٣٥ -( باب ما يعتبر في الشاهد من العدالة)

[ ٢١٨٠٠ ] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من صلى الصلوات الخمس في جماعة، فظنوا به كل خير، وأجيزوا شهادته ».

[ ٢١٨٠١ ] ٢ - وعنه، وأبي جعفر، وأبي عبد اللهعليهم‌السلام أنهم قالوا: « شهادة العبد لغير مواليه جائزة، إذا كان عدلا ».

[ ٢١٨٠٢ ] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « القاذف إذا تاب وكان عدلا، جازت شهادته ».

[ ٢١٨٠٣ ] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سئل عن شهادة الولد لوالده، والوالد لولده، والاخوة والقرابات والزوجين بعضهم لبعض فقال:

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) المائدة ٥: ١٠٦.

(٤) تقدم في الباب ١٩ من كتاب الوصايا.

الباب ٣٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٣ ح ١٨٣٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٠ ح ١٨٢٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٢ ح ١٨٣٥.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٩ ح ١٨٢١.

٤٣٩

« تجوز شهادة العدول منهم، بعضهم لبعض ».

[ ٢١٨٠٤ ] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من تشبه بقوم عد منهم ».

[ ٢١٨٠٥ ] ٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ونروي: أنه من ولد على الفطرة، ولم يعرف منه جرم، فهو عدل وشهادته جائزة ».

وقال: « ولا تقبل شهادة الشهود في الزنى، إلا العدول »(١) .

[ ٢١٨٠٦ ] ٧ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، أنه قال: « شهادة الأخ لأخيه جائزة، إذا كان مرضيا، معه رجل آخر ».

[ ٢١٨٠٧ ] ٨ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه قال: « تقبل شهادة الغلام إذا احتلم، وكان مرضيا ».

[ ٢١٨٠٨ ] ٩ - السيد أبو حامد محمد بن عبد الله بن زهرة في أربعينه: أخبرني عمي الشريف الطاهر - قراءة عليه - قال: أخبرني الشيخ أبو علي، قال: أخبرني الشريف أبو الرضا، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين الخلال - قراءة عليه - قال: حدثنا سعيد بن أبي سعيد العيار، قال: حدثنا أبو الحسن الحافظ التميمي، قال: حدثنا ابن مهرويه القزويني - بقزوين في دار أبي يعلى - قال: حدثنا داود بن سليمان، قال:

__________________

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٣ ح ١٨٣٨.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤١.

(١) نفس المصدر ص ٣٥.

٧ - الجعفريات ص ١٤٣.

٨ - الجعفريات ص ١٤٣.

٩ - الأربعون لابن زهرة ص ١٢.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

الإنسان) ولكن ليس هناك في مفهوم هذه الكلمة ما يدلّ على هذا المعنى ، غير مقارنتها بالحميم وهو الماء الحارّ الشديد الحرارة ، وهذه المقارنة قد تكون منشأ هذا الاستنباط.

وقال الراغب في مفرداته : إنّ (غسّاق) تعني القيح الذي يسيل من جلود أهل جهنّم ومن الجراحات الموجودة في أجسامهم.

ولا بدّ أن يكون لونه الغامق هو السبب في إطلاق هذه الكلمة عليه ، لأنّ الذي يحترق في نار جهنّم لا يبقى منه سوى هيكل محروق وقيح أسود اللون.

على أيّة حال ، فإنّ ما يستشفّ من بعض الكلمات هو أنّ (غسّاق) تعني الرائحة الكريهة النتنة التي تزعج الآخرين.

وفسّره البعض الآخر بأنّه أحد أنواع العذاب الذي لم يطلع عليه أحد سوى الله ، وذلك لأنّهم ارتكبوا ذنوبا ومظالم شديدة لم يطلع عليها أحد سوى الله ، فلذلك جعل عقوبتهم سريّة وغير معروفة ، مثلما وعد البارئعزوجل المتّقين بنعم لم يكشف عنها وأخفاها عنهم ، لإخفائهم أعمالا صالحة كانوا يقومون بها في الحياة الدنيا ، وذلك ما ورد في الآية (١٧) من سورة السجدة :( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) .

آيات بحثنا تشير مرّة اخرى إلى نوع آخر من أنواع العذاب الأليم( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ ) (١) . أي أنّ هناك عذاب آخر غير ذلك العذاب.

«أزواج» تعني الأنواع والأقسام ، وهذه إشارة موجزة إلى أنواع اخرى من العذاب لا تختلف عن أنواع العذاب السابقة ، ولكن آيات القرآن لم تفصح هنا عن أنواعها وقد لا يستطيع أحد في هذه الدنيا فهمها وإدراكها.

وفي الحقيقة فإنّ هذه تقابل عبارة( بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ) الواردة في الآيات السابقة ،

__________________

(١) (آخر) هي صفة لموصوف محذوف يكون مبتدأ و (أزواج) مبتدأ ثان ، و (من شكله) خبرها ، وتقديرها (وعذاب آخر أزواج من شكله).

٥٤١

التي تشير إلى أنواع مختلفة من النعم وفواكه الجنّة. ويمكن أن يكون هذا التشابه في الشدّة والألم ، أو من جميع الجهات.

وآخر عذاب لهم أنّ جلساءهم في جهنّم ذوو ألسنة بذيئة لا تنطق إلّا بالقبيح من الكلام ، فعند ما يرد رؤساء الضلال النار ، ويرون بأعينهم تابعيهم يساقون نحو جهنّم يخاطب بعضهم البعض ويقول له :( هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ ) (١) .

فيجيبونهم( لا مَرْحَباً بِهِمْ ) .

ثمّ يضيفون( إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ ) .

وعبارة( هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ ) مقترنة بالآيات التالية ، وتنقل أحاديث أئمّة الضلال ، إذ يخاطب بعضهم البعض فور ما يرون أتباعهم يساقون إلى جهنّم ، بالقول : أولئك سيحشرون معكم.

بعض المفسّرين قال : إنّه خطاب توجّهه الملائكة إلى أئمّة الكفر والضلال.

إلّا أنّ المعنى الأوّل يعدّ أكثر تناسبا.

«مرحبا» كلمة ترحيب للضيف ، وضدها «لا مرحبا» ومصدر هذه الكلمة «رحب» ـ على وزن محو ـ بمعنى المكان الواسع ، والمراد هو : ادخل فالمكان وسيع ومناسب.

«مقتحم» من (اقتحام) وتعني الدخول في شيء بمشقّة وبصعوبة وخوف ، وغالبا ما تعطي معنى الدخول في شيء من دون أي اطلاع وعلم مسبق.

وتوضّح هذه العبارة أنّ متّبعي سبيل الضلال يردون نار جهنّم الرهيبة نتيجة تركهم البحث والتفكير ، واتّباعهم لأهوائهم ، إضافة إلى تقليدهم الأعمى لآبائهم الأوّلين.

وعلى أيّة حال ، فإنّ الصوت يصل إلى مسامع الأتباع الذين يغضبون من كلام أئمّة الضلال ، ويلتفتون إليهم قائلين :( قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا

__________________

(١) هنا يوجد محذوف تقديره : (يقول رؤساء الضلال بعضهم لبعض هذا فوج مقتحم معكم).

٥٤٢

فَبِئْسَ الْقَرارُ ) .

الجملة الأخيرة( فَبِئْسَ الْقَرارُ ) تقابل( جَنَّاتِ عَدْنٍ ) الواردة بحقّ المتّقين ، وهي إشارة إلى المصاب العظيم الذي حلّ بهم ، وهو أنّ جهنّم ليست بمكان مؤقت لهم ، وإنّما هي مقرّ دائم. وأراد الأتباع من جوابهم القول : بأنّ من حسن الحظّ أنّكم (أي أئمّة الضلال والشرك) مشتركون معنا في هذا الأمر. وهذا يشفي غليل قلوبنا (وكأنّهم شامتون بأئمّتهم) أو هي إشارة إلى أنّ جريمتكم بحقّنا جريمة عظيمة ، لأنّ جهنّم ستكون مقرّا دائما لنا وليست مكانا مؤقتا.

لكن الأتباع لا يكتفون بهذا المقدار من الكلام ، لأنّ أئمّة الضلال هم الذين كانوا السبب المباشر لارتكابهم الذنوب ، ولذا فإنّهم يعتبرونهم أصحاب الجريمة الحقيقيين ، وهنا يلتفتون إلى البارئعزوجل قائلين :( قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ ) .

العذاب الأوّل لأنّهم أضلّوا أنفسهم ، والثاني لأنّهم أضلّونا.

ما ورد في هذه الآية مشابه لما ورد في الآية (٣٨) من سورة الأعراف التي تقول :( رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ ) رغم أنّ تتمّة هذه الآية أي الآية (٣٨) من سورة الأعراف تقول : إنّ لكليهما عذابا مضاعفا (لأنّ الأتباع هم الأداة التنفيذية لأئمّة الضلال ، وهم الذين هيّئوا الأرضية لنشر الفساد والضلال).

على أيّة حال ، لا يوجد شكّ في أنّ عذاب أئمّة الضلال أكبر بكثير من عذاب الآخرين ، رغم أنّ للجميع عذابا مضاعفا.

نعم ، هذه هي نهاية كلّ من عقد الصداقة مع المنحرفين وبايعهم على السير في طرق الضلال والانحراف ، فانّهم عند ما يرون نتائج أعمالهم الوخيمة يلعن بعضهم بعضا ويتخاصمون فيما بينهم.

والملفت للنظر هنا أنّ الآيات التي تذكر النعم التي يغدقها البارئعزوجل

٥٤٣

على المتّقين كانت أكثر تنوّعا من الآيات التي استعرضت عذاب الطغاة المتجبّرين. إذ أشارت آيات القسم الأول إلى سبع نعم ، بينما أشارت آيات القسم الثاني إلى خمسة أنواع من العذاب ، يحتمل أن يكون السبب هو سبق رحمة الله لغضبه «يا من سبقت رحمته غضبه».

* * *

٥٤٤

الآيات

( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (٦٢) أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (٦٣) إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤) )

التّفسير

تخاصم أهل النّار :

آيات بحثنا تواصل استعراض الجدال الدائر بين أهل جهنّم ، الذي كان بعضه قد ورد في الآيات السابقة ، وتتحدّث عن مجادلات اخرى فيما بينهم ينكشف من خلالها أسفهم العميق وتألّمهم الشديد وحسرتهم.

تقول اولى تلك الآيات :( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ ) . نعم ، فعند ما يبحث أفراد اتّبعوا أئمّة الضلال ، أمثال أبي جهل وأبي لهب ، عن أشخاص آخرين مثل عمّار بن ياسر وخباب وصهيب وبلال ، في نار جهنّم يرجعون إلى ذاتهن متسائلين ، ويستفسرون من الآخرين : أين أولئك الأشخاص؟ إذ كنّا نعتبرهم مجموعة من الفوضويين والأشرار والمفسدين في الأرض ، يسعون إلى الإخلال بأمن وهدوء المجتمع والقضاء على مفاخر الأوّلين ، يبدو أنّ اتّهامنا

٥٤٥

إيّاهم كان باطلا.

وتضيف الآيات نقلا عن أهل جهنّم :( أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) .

نعم ، إنّنا كنّا نسخر من هؤلاء الرجال العظماء ذوي المقام الرفيع ، ونصفهم بالأشرار ، وأحيانا نصفهم بأوصاف أدنى من ذلك ، ونعتبرهم أناسا حقراء لا يستحقّون أن ننظر إليهم ، ولكن اتّضح لنا الآن أنّ جهلنا وغرورنا وأهواءنا هي التي أسدلت على أعيننا ستائر حجبت الحقيقة عنّا ، فهؤلاء كانوا من المقربين لله ومكانهم الآن في الجنّة.

مجموعة من المفسّرين ذكروا تفسيرا آخر لهذه الآية ، إذ قالوا : إنّ مسألة سخريتهم إشارة إلى أحوالهم في عالم الدنيا ، وجملة( أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) إشارة إلى أحوالهم في جهنّم ، وتعني هنا أنّ أبصارنا في هذا المكان وبين هذه النيران والدخان لا يمكنها رؤيتهم. ولكن المعنى الأوّل أصحّ.

ومن الضروري الالتفات إلى أنّ أحد أسباب عدم إدراك الحقائق هو عدم أخذها بطابع الجدّ إضافة إلى الاستهزاء بها ، إذ يجب على الدوام مناقشة الحقائق بشكل جدّي للوصول إليها.

ثمّ تخرج الآية الأخيرة بالنتيجة التي تمخّض عنها الجدال بين أهل جهنّم ، وتؤكّد على ما مضى بالقول :( إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ) (١) .

فأهل جهنّم مبتلون في هذه الدنيا بالخصام والنزاع والحروب. فالنزاع والجدال يتحكّم بهم ، وفي كلّ يوم يتخاصمون مع هذا وذاك.

وفي يوم القيامة ، ذلك اليوم الذي تبرز فيه الأسرار وما تخفيه الصدور ، تراهم يتنازعون فيما بينهم في جهنّم ، فأصدقاء الأمس أعداء اليوم ، والتابعون في الأمس صاروا معارضين اليوم ، ويبقى ـ فقط ـ خطّ التوحيد والإيمان ، خطّ

__________________

(١) (تخاصم أهل النار) بيان لـ (ذلك).

٥٤٦

الوحدة والصفاء في هذا العالم وذاك.

الجدير بالذكر أنّ أهل الجنّة متكئون على الأسرّة ، ويتحدّثون فيما بينهم بكلام ملؤه المحبّة والصدق ، كما ورد في آيات مختلفة من آيات القرآن الحكيم ، بينما تجد أهل النار يعيشون حالة من الصراع والجدال ، إذن فتلك نعمة كبيرة ، وهذا عذاب أليم!

* * *

ملاحظة

ورد في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال لأبي بصير «يا أبا محمّد ، لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوّكم في النار بقوله :( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) . والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم ، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس ، وأنتم والله في الجنّة تحبرون وفي النار تطلبون»(١) .

* * *

__________________

(١) روضة الكافي ، نقلا عن تفسير نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٦٧.

٥٤٧

الآيات

( قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠) )

التّفسير

إنّما أنا نذيرا :

البحوث السابقة التي تناولت موضوع العقاب الأليم الذي سينال أهل جهنّم ، والاخرى التي استعرضت العذاب والعقاب الدنيوي الذي نزل بالأمم الظالمة البائدة ، كلّها كانت تحمل طابع إنذار وتهديد للمشركين والعاصين والظالمين.

أمّا آيات بحثنا فتتابع ذلك البحث ، إذ جاء في اولى آياتها( قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ ) .

صحيح أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبشّر أيضا ، وأنّ القرآن الكريم يحوي كلا الأمرين ، أي الإنذار والبشرى ، ولكن بما أنّ البشرى تخصّ المؤمنين فإنّ الإنذار يخصّ المشركين والمفسدين ، والحديث هنا يخصّ المجموعة الأخيرة ، واعتمد فيه على

٥٤٨

الإنذار.

ثمّ يضيف( وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ) .

كلمة (القهّار) وردت في هذه العبارة ، كي لا يغترّ أحد بلطف الله ، ويظنّ أنّه يعيش في مأمن من قهر الله ، ولكي لا يغرق في مستنقع الكفر وارتكاب الذنب.

وتطرح دلائل توحيد الخالق جلّ وعلا في الالوهيّة والعبوديّة بشكل مباشر ، وتضيف( رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ) .

في الواقع هناك ثلاث صفات من صفات البارئعزوجل ذكرت في هذه الآية ، وكلّ واحدة منها جاءت لإثبات مفهوم ما. الاولى «ربوبيته» لعالم الوجود ، ومالكيته لكلّ هذا العالم ، المالك المدبّر لشؤون عالم الوجود ، فهو الوحيد الذي يستحقّ العبادة والأصنام لا تملك من أمورها شيئا ولو بمقدار ذرّة.

والصفة الثانية (عزّته) وكما هو معروف فإنّ كلمة (العزيز) تطلق في اللغة على من لا يغلب ، وعلى من بإمكانه فعل ما يشاء ، وبعبارة اخرى : هو الغالب الذي لا يمكن لأحد التغلّب عليه.

فمن يمتلك مثل هذه القدرة كيف يمكن الفرار من قبضة قدرته؟! وكيف يمكن النجاة من عذابه؟!

الصفة الثالثة هي (غفّار) وكثير الرحمة ، بحيث أنّ أبواب رحمته مفتوحة أمام المذنبين ، كي لا يتصوّروا أنّ كلمتي (القهّار والعزيز) تعطيان مفهوم غلق أبواب الرحمة والتوبة أمام عباده. إذ أنّ إحداهما جاءت لبيان (الخوف) والثانية لبيان (الرجاء) ، وانعدام حالة التوازن بين الحالتين السابقتين (أي الخوف والرجاء) يؤدّي إلى عدم تكامل الإنسان ، وابتلائه بالغرور والغفلة والغرق في دوّامة اليأس وفقدان الأمل.

وبعبارة اخرى فإنّ وصف الباريعزوجل بـ (العزيز) و (الغفّار) دليل آخر على توحّده تعالى في الالوهية ، لأنّه الوحيد الذي يستحقّ العبادة والطاعة ،

٥٤٩

وإضافة إلى ربوبيته فإنّه يمتلك القدرة على المعاقبة ، وإضافة إلى امتلاكه للقدرة على المعاقبة ، فإنّ أبواب رحمته ومغفرته مفتوحة للجميع.

ثمّ يخاطب البارئعزوجل نبيّه الأكرم في عبارة قصيرة وقويّة( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ) .

فما هو هذا النبأ الذي أشارت إليه الآية ووصفته بأنّه عظيم؟

هل هو القرآن المجيد؟

أم أنّه رسالة النبيّ؟

أم هو يوم القيامة ومصير المؤمنين والكافرين؟

أم هو توحيد الله؟

أم كلّ هذه الأمور؟

ولكون القرآن مشتملا على كلّ تلك الأمور ، وهو الجامع بينها ، وأنّ المشركين أعرضوا عنه ، لذا فإنّ المعنى الأوّل أنسب.

نعم ، فهذا الكتاب السماوي العظيم هو نبأ عظيم ، وعظمته كعظمة الكون ، وهو نازل من قبل خالق هذا الكون ، أي من الله الخالق العزيز الغفّار والواحد القهّار.

النبأ الذي لم يتقبّل عظمته الكثير من الناس حين نزوله ، فمجموعة سخرت منه واستهزأت به ، واخرى اعتبرته سحرا ، ومجموعة ثالثة اعتبرته شعرا ، ولكن لم يمض بعض الوقت حتّى كشف هذا النبأ العظيم عن أسراره ، ليغيّر مسيرة التأريخ البشري ، ويظلّ العالم بظلّه ، وليوجد حضارة عظيمة ومضيئة في كلّ المجالات ، وممّا يسترعي الانتباه أنّ الإعلان عن «النبأ العظيم» تمّ في هذه السورة المكيّة في وقت كان فيه المسلمون ـ على ما يبدو ـ في أشدّ حالات الضعف والعجز ، وكأنّ أبواب النصر والنجاة مغلقة أمامهم.

وممّا ينبغي ذكره أنّ عظمة هذا النبأ العظيم ليست واضحة حتّى يومنا هذا للعالم بصورة عامّة ، وللمسلمين بصورة خاصّة ، والمستقبل سيوضّح تلك العظمة.

٥٥٠

وقوله تعالى :( أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ) ما زال صادقا حتّى يومنا الحاضر ، فإعراض المسلمين عنه تسبّب في عدم ارتوائهم من هذا المنبع العذب الذي يطفح بالفيض الإلهي الكامل ، وإلى عدم التقدّم على الآخرين بالاستفادة من أنواره المشعّة ، وإلى عدم الرقي إلى قمم الفخر والشرف.

ثمّ تقول الآية ، مقدّمة لسرد قصّة خلق آدم ، والمكانة الرفيعة التي يحتلّها الإنسان الذي سجدت له كافّة الملائكة :( ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) .

أي لا علم لي بالمناقشات التي دارت بين الملأ الأعلى وملائكة العالم العلوي بخصوص خلق الإنسان ، حيث أنّ العلم يأتيني عن طريق الوحي ، والشيء الوحيد الذي يوحى إليّ هو أنّني نذير مبين( إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) .

ورغم أنّ الملائكة لم تناقش وتجادل البارئعزوجل ، ولكنّ ذلك المقدار من الكلام الذي قالوه عند ما أخبرهم الباريّعزوجل بأنّه سيجعل في الأرض خليفة ، فقالوا : أتخلق فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ فأجابهم قائلا : إنّي أعلم ما لا تعلمون :( وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ) ،(١) مثل هذا النقاش أطلق عليه اسم (التخاصم) وهي تسمية مجازية ، وقد كانت هذه مقدّمة للآيات التالية التي تتحدّث عن خلق آدم.

وثمّة احتمال وارد أيضا هو أنّ عبارة( بِالْمَلَإِ الْأَعْلى ) لها مفهوم أوسع يشمل حتّى الشيطان ، لأنّ الشيطان كان حينئذ في زمرة الملائكة ، ونتيجة تخاصمه مع البارئعزوجل واعتراضه على إرادة الله طرد إلى الأبد من رحمة الله.

وقد وردت روايات متعدّدة في كتب الشيعة والسنّة بهذا الخصوص ، جاء في إحداها أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سأل أحد أصحابه : «أتدري فيما يختصم الملأ الأعلى؟

__________________

(١) البقرة ، ٣٠.

٥٥١

فقال : كلّا ، فأجاب رسول الله «اختصموا في الكفّارات والدرجات ، فأمّا الكفّارات فإسباغ الوضوء في السبرات ، ونقل الأقدام إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، وأمّا الدرجات فإنشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والصلاة في الليل والناس نيام»(١) .

وبالطبع فإنّ هذا الحديث لم يذكر أنّه ناظر إلى تفسير الآية المذكورة أعلاه ، رغم تشابه بعض عباراته مع عبارات الآية ، وعلى أيّة حال ، يستفاد من الحديث أنّ المراد من (اختصموا) هو أنّهم تباحثوا وتناقشوا ، ولا يعني الجدال في الحديث فهم تباحثوا وتناقشوا بشأن أعمال الإنسان والأعمال التي تكون كفّارة لذنوبهم وتزيد من درجات الإنسان وترفع من شأنه ، ويمكن أن يكون بحثهم حول عدد من الأعمال التي تعدّ مصدرا لتلك الفضائل ، أو بشأن تعيين حدّ وميزان للدرجات الناتجة عن تطبيق الإنسان لتلك الأعمال ، وبهذا الشكل يكون الحديث تفسيرا ثالثا للآية ، وهو مناسب من عدّة جوانب ، ولكنّه لا يتناسب مع الآيات التالية ، إذ ربّما كان المقصود هو بحث ومناقشات الملائكة في موارد اخرى ، وليس ذلك المتعلّق بالآية.

والجدير بالذكر أنّ معنى عدم علم النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو أنّي لم أكن أعلم ذلك من نفسي ، لأنّ علمي ليس من قبل نفسي وإنّما ينزل عليّ عن طريق الوحي.

* * *

__________________

(١) «مجمع البيان» في ذيل آيات البحث ، كما ورد هذا الحديث في تفسير الدرّ المنثور نقلا عن مجموعة كبيرة من صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع بعض الاختلافات.

٥٥٢

الآيات

( إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤) قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥) قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) )

التّفسير

تكبّر الشيطان وطرده من رحمة الله!

هذه الآيات ـ كما قلنا ـ توضيح لاختصام (الملأ الأعلى) و (إبليس) وبحث

٥٥٣

حول مسألة خلق آدمعليه‌السلام ، وبصورة عامّة فإنّ الهدف من توضيح هاتين المسألتين :

أوّلا : تذكير الإنسان بقيمة وجوده ، وسجود كلّ الملائكة لجدّه آدم ، فكيف بالإنسان الذي كرّمه البارئعزوجل كلّ هذا التكريم يقع أسيرا في حبائل الشيطان وهوى النفس؟ وكيف ينسى قيمة وجوده ، أو يسجد لأصنام صنعها من الحجر والخشب؟!

من المعروف أنّ أحد الأساليب المؤثّرة في التربية ، هو إعطاء شخصية للأفراد الذين يتلقّون التربية. وبعبارة أصحّ : تذكيرهم بشخصيتهم الرفيعة وقيمة وجودهم ، فإن تذكّروا هذا الأمر ، أحسّوا بأنّ الذلّة والحقارة لا تلقيان بهم ، فيتجنبوهما تلقائيا.

ثانيا : إنّ عناد الشيطان وغروره وتكبّره وحسده تسبّبت في سقوطه من مقامه الشامخ الرفيع إلى الحضيض ، وغرقه بوحل اللعنة وإلى الأبد ، ويمكن أن يكون هذا المثال عبرة لكلّ لجوج ومغرور ليعتبر ويترك ممارسات الشيطان.

ثالثا : تعريف بني آدم بعدوّهم الكبير الذي أقسم الشيطان على إغوائهم ، كي يكونوا جميعا على حذر منه ويجتنبوا السقوط في حبائل أسره.

كلّ هذه الأمور ، هي تكملة للأبحاث السابقة ، وعلى أيّة حال فإنّ الآية الاولى تذكر بإخبار اللهعزوجل ملائكته بأنّه سيخلق بشرا من الطين : و( إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ ) .

ولكي لا يتصوّر البعض أنّ أصل خلق الإنسان هو ذلك الطين وحسب أضافت الآية التالية :( فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ ) .

وبهذا الشكل انتهت عملية خلق الإنسان ، وذلك بعد امتزاج روح البارئعزوجل الطاهرة مع التراب. فخلق موجود عجيب لم يسبق له مثيل ، ولم توضع لرقيّة وانحطاطه أيّة حدود. الموجود الذي زوّده البارئعزوجل باستعدادات

٥٥٤

خارقة تجعله لائقا لخلافة الله ، والذي سجدت له الملائكة بأجمعها فور اكتمال عملية خلقه( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ) .

إلّا أنّ إبليس كان الوحيد الذي أبى أن يسجد لآدم لتكبّره وتمرّده وطغيانه ، ولهذا السبب أنزل من مقامه الرفيع إلى صفوف الكافرين :( إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ ) .

نعم ، فالتكبّر والغرور من أقبح الأمور التي يبتلى بها الإنسان ، إذ أنّهما يسدلان الستار على عينه وبصيرته ، ويحرماه من إدراك الحقائق وفهمها ، ويؤدّيان به إلى التمرّد والعصيان ، ويخرجانه أيضا من صفوف المؤمنين المطيعين لله إلى صفّ الكافرين الباغين والطاغين ، ذلك الصفّ الذي يترأسه إبليس ويقف في مقدّمته.

وهنا استجوب البارئعزوجل إبليس :( قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ ) من البديهي أنّ عبارة (يدي) لا تعني الأيدي الحقيقيّة المحسوسة ، لأنّ البارئعزوجل منزّه عن كافّة أشكال الجسم والتجسيم ، وإنّما «اليد» هنا كناية عن القدرة ، ومن الطبيعي أنّ الإنسان يستعمل يديه ليظهر قدرته على إنجاز العمل ، وكثيرا ما تستخدم اليد بهذا المعنى في محادثاتنا اليومية ، إذ يقال : إنّ البلد الفلاني بيد المجموعة الفلانية ، أو إنّ المسجد الفلاني بني على يد الشخص الفلاني ، وأحيانا يقال : إنّ يدي قصيرة ، أو إنّ يدك مملوءة ، اليد في كلّ تلك الجمل ليس المقصود منها اليد الحقيقية التي هي أحد أعضاء الجسم ، بل كناية عن القدرة والسلطة والتمكّن.

ومن هنا فإنّ الإنسان ينفّذ أعماله المهمّة بكلتا يديه ، واستخدامه كلتا يديه يبيّن اهتمامه وتعلّقه بذلك العمل ، ومجيء هذه العبارة في الآية المذكورة أعلاه إنّما هو كناية عن الاهتمام الخاصّ الذي أولاه البارئعزوجل لعملية خلق الإنسان.

ثمّ تضيف الآية :( أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ ) أي أكان عدم سجودك لأنّك استكبرت ، أم كنت من الذين يعلو قدرهم عن أن يؤمروا بالسجود؟!

٥٥٥

ومن دون أي شكّ فإنّه لا أحد يستطيع أن يدّعي أنّ قدرته ومنزلته أكبر من أن يسجد لله (أو لآدم بأمر من الله) وبهذا فإنّ الاحتمال الوحيد المتبقّي هو الثاني ، أي التكبّر.

وقال بعض المفسّرين : إنّ كلمة (عالين) تعني ـ هنا ـ الأشخاص الذين يسيرون دوما في طريق الغرور والتكبّر ، وطبقا لهذا فإنّ معنى الآية يكون : هل أنّك استكبرت الآن ، أم كنت دائما هكذا؟!

ولكن المعنى الأوّل أنسب.

إلّا أنّ إبليس اختار ـ بكلّ تعجّب ـ الشقّ الثاني ، وكان يعتقد بأنّه أعلى من أن يؤمر بذلك ، لذلك قال ـ بكلّ وقاحة ـ أثناء تبيانه أسباب معارضته لأوامر البارئعزوجل :( قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) .

وعلّل إبليس عدم سجوده لآدم وعصيانه أمر الله بالمقدّمات التالية :

أوّلا : إنّني خلقت من نار ، أمّا هو فقد خلق من طين ، وهذه حقيقة صرّح بها القرآن المجيد في الآيتين ١٤ و ١٥ من سورة الرحمن :( خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ) .

ثانيا : إنّ الشيء المخلوق من النار أفضل من الشيء المخلوق من التراب ، لأنّ النار أشرف من التراب.

ثالثا : لا يحقّ لأحد أن يأمر مخلوقا بالسجود لمخلوق آخر دنى منه.

وخطأ إبليس يكمن في المقدّمتين الأخيرتين ، وذلك من عدّة وجوه :

أوّلا : لأنّ آدم لم يكن ترابا فقط ، وإنّما نفخت فيه الروح الإلهية ، وهذا هو سبب عظمته ، وإلّا فأين التراب من كلّ هذا الفخر والاستعداد والتكامل؟

ثانيا : التراب ليس بأدنى من النار ، وإنّما هو أفضل منها بكثير ، لأنّ كلّ الحياة أصلها من التراب ، فالنباتات وكلّ الموجودات الحيّة بأجمعها تستمدّ غذاءها ومصدر حياتها من التراب ، وكلّ المعادن الثمينة مخفية في وسط التراب ، خلاصة

٥٥٦

الأمر أنّ التراب هو مصدر كلّ أنواع البركة ، والنار رغم أهميّتها الكبرى في الحياة فإنّها لا تبلغ أبدا أهميّة التراب ، وإنّما يستفاد منها في الوسائل الترابية ، وقد تكون أداة خطرة ومدمّرة. والأهمّ من ذلك أنّ المواد التي يستفاد منها لإشعال النيران كالحطب والفحم والنفط هي من بركة الأرض.

ثالثا : المسألة ، هي مسألة إطاعة أوامر الله سبحانه وتعالى وتنفيذها ، لأنّه خالقنا ونحن عبيده ويجب أن نطبّق أوامره.

وعلى أيّة حال ، لو أمعنا النظر في أدلّة إبليس لرأينا فيها كفرا عجيبا ، لأنّه بكلامه أراد نفي حكمة الله ، والتقليل من شأن أوامره (نعوذ بالله) ، وهذا الموقف المخزي لإبليس دليل على جهله التامّ ، لأنّه لو كان قد اعترف بأنّ عدم سجوده إنّما كان لهوى هو هوى النفس ، أو أنّ غروره وتكبّره حالا بينه وبين السجود لآدم ، وما إلى ذلك لكان الأمر أهون ، إذ أنّه يكون هنا قد أقرّ بارتكاب ذنب واحد ، إلّا أنّه بكلامه هذا ولتبرير عصيانه ، عمد إلى نفي حكمة البارئعزوجل وعلمه ومعرفته ، وهذا يوضّح سقوطه إلى أدنى درجات الكفر والانحطاط.

المخلوق مقابل خالقه يفتقد الاستقلال ، إذ أنّ كلّ ما لديه هو من خالقه ، ولهجة كلام إبليس توضّح أنّه كان يريد استقلالا وحكما في مقابل حكم البارئعزوجل ، وهذا مصدر آخر من مصادر الكفر.

ويمكن القول أنّ أسباب ضلال الشيطان ، تعود إلى عدّة امور منها الغرور والتكبّر والجهل والحسد ، وهذه الصفات القبيحة اتّحدت وأسقطته إلى الحضيض بعد سنين طوال من مرافقة الملائكة ، وكأنّه كان معلّما لهم أسقطته من أوج الفخر إلى أدنى الحضيض ، وما أخطر هذه الصفات القبيحة أينما وجدت!!

وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في إحدى خطبه في نهج البلاغة : «فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد وكان قد عبد الله ستّة آلاف سنة عن كبر ساعة واحدة فمن ذا بعد إبليس

٥٥٧

يسلم على الله بمثل معصيته»(١) .

نعم ، فعمليّة بناء قصر عظيم قد تستغرق سنوات عديدة ، ولكن عملية تدميره قد لا تستغرق سوى لحظات بتفجير قنبلة قويّة.

وهنا وجب إخراج هذا الموجود الخبيث من صفوف الملأ الأعلى وملائكة العالم العلوي ، فخاطبه البارئعزوجل بالقول :( قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) .

الضمير (منها) في عبارة( فَاخْرُجْ مِنْها ) إمّا أنّه إشارة إلى صفوف الملائكة ، أو إلى العوالم العلويّة ، أو إلى الجنّة ، أو إلى رحمة الله.

نعم ، فيجب إخراج هذا الخبيث من هنا ، فهذا المكان مكان الطاهرين والمقرّبين ، وليس بمكان المذنبين والعاصين ذوي القلوب المظلمة.

«رجيم» من (رجم) ، وبما أنّ لازمها الطرد ، فقد وردت بهذا المعنى هنا.

ثمّ أضاف البارئعزوجل :( وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) فأنت خارج ومطرود من رحمتي إلى الأبد.

المهمّ انّ الإنسان عند ما يرى النتائج الوخيمة لأعماله السيّئة عليه أن يستيقظ من غفلته ، وأن يفكّر في كيفية إصلاح ذلك الخطأ ، ولا شيء أخطر من بقاءه راكبا لموج الغرور واللجاجة واستمراره في السير نحو حافّة الهاوية ، لأنّه في كلّ لحظة يبتعد أكثر عن الصراط المستقيم ، وهذا هو نفس المصير المشؤوم الذي وصل إليه إبليس.

وهنا تحوّل (الحسد) إلى (عداء) ، العداء الشديد والمتأصّل ، كما قال القرآن :( قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) .

هذه الآية تبيّن أنّ الشيطان طلب من الله سبحانه وتعالى أن يمهله ، فهل طلب أن يمهله ليسكب عبرات الحسرة والندامة على ما فعله من قبل ، أم أنّه طلب مهلة لإصلاح عصيانه القبيح؟

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٢ (الخطبة القاصعة).

٥٥٨

كلّا ، إنّه طلب من البارئعزوجل أن يمهله إلى يوم يبعثون كي ينتقم من أبناء آدمعليه‌السلام ويدفعهم جميعا إلى طريق الضلال ، رغم علمه بأنّ إضلاله لكلّ إنسان سوف يضيف لذنوبه حملا ثقيلا جديدا من الذنوب ، ويغرقه في مستنقع الكفر والعصيان ، كلّ ذلك بسبب اللجاجة والتكبّر والغرور والحسد ، فما أكثر المصائب التي تتولّد للإنسان من هذه الصفات الذميمة.

وفي الحقيقة ، إنّه كان يريد الاستمرار في إغواء بني آدم حتّى آخر فرصة متاحة له ، لأنّ في يوم البعث تسقط التكاليف عن الإنسان ، ولا معنى هناك للوساوس والإغواءات ، إضافة إلى هذا فقد طلب من اللهعزوجل أن يبقيه حيّا إلى يوم القيامة ، رغم أنّ كلّ الموجودين في العالم يموتون في هذه الدنيا.

وهنا اقتضت مشيئة الله سبحانه ـ بدلائل سنشير إليها ـ أن يستجيب الله لطلب إبليس ، ولكن هذه الاستجابة كانت مشروطة وليست مطلقة ، كما توضّحه الآية التالية :( قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ) .

ولكن ليس إلى يوم البعث الذي تبعث فيه الخلائق ، وإنّما إلى زمان معلوم ، قال تعالى :( إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) .

وهنا أعطى المفسّرون آراء مختلفة بشأن تفسير( يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) حيث قال البعض : إنّه يوم نهاية العالم ، لأنّ كلّ الموجودات الحيّة من ذلك اليوم تموت ، وتبقى ذات الله المقدّسة فقط ، كما ورد في الآية (٨٨) من سورة القصص :( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) وبهذا الشكل فقد استجيب لجزء من مطالب إبليس.

والبعض الآخر قال : إنّ ذلك اليوم هو يوم القيامة ، ولكن هذا الاحتمال لا يتلاءم مع ظاهر آيات بحثنا التي يتّضح منها أنّ البارئعزوجل لم يستجب لكلّ مطاليبه ، كما أنّ هذا الاحتمال لا يتلاءم حتّى مع بقيّة آيات القرآن الكريم التي تتحدّث عن موت الجميع مع نهاية هذا العالم.

وقال البعض : إنّ هذه الآية يحتمل أنّها تشير إلى زمان لا يعرفه أحد سوى الله

٥٥٩

سبحانه وتعالى.

ولكن التّفسير الأوّل أنسب من بقيّة التفاسير ، وقد وردت رواية في تفسير البرهان نقلا عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، وتقول بأنّ إبليس يموت في الفترة ما بين النفخة الاولى والثانية(١) .

هنا كشف إبليس عمّا كان يضمره في داخله ، وعن الهدف الحقيقي لطلبه البقاء خالدا إلى زمن معيّن إذ :( قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) .

القسم بالعزّة يراد منه الاستناد على القدرة والاستطاعة ، والتأكيدات المتتالية في الآية (القسم من جهة ، ونون التوكيد الثقيلة من جهة اخرى ، وكلمة أجمعين من جهة ثالثة) تبيّن أنّه مصمّم بصورة جديّة على المضي في عمله ، وأنّه سيبقى إلى آخر لحظة من عمره ثابتا على عهده بإغواء بني آدم.

وبعد قسمه انتبه إبليس إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ هناك مجموعة من عباد الله المخلصين لا يمكن كسبهم بأي طريقة إلى داخل منطقة نفوذه ، لذلك أجبر على الاعتراف بعجزه في كسب أولئك فقال :( إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) .

أولئك الذين يسيرون في طريق المعرفة والعبودية لك بصدق وإخلاص وصفاء ، إنّك دعوتهم إليك ، وأخلصتهم لك ، وجعلتهم في منطقة أمنك ، وهذه هي المجموعة الوحيدة التي لا أتمكّن من الوصول إليها ، أمّا البقيّة فإنّ بإمكاني إيقاعهم في شباكي.

حدس وظنّ إبليس كان صحيحا ، إذ أنّه أوجد العراقيل لكلّ واحد من بني آدم عدا المخلصين الذين نجوا من فخاخه وذلك ما أكّده القرآن المجيد في الآية (٢٠) من سورة سبأ :( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) .

* * *

__________________

(١) تفسير البرهان ، المجلّد ٢ ، الصفحة ٣٤٢.

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581