الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 175566 / تحميل: 6522
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كتاب الصيد والذبائح

١٠١

١٠٢

أبواب الصيد

١ -( باب إباحة ما يصيده الكلب المعلم إذا قتله)

[١٩٢٧٢] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : عن الرجل يسرح الكلب ويسمي إذا سرحه، قال: يأكل مما أمسك عليه، وإن أدركه وقتله، وإن وجد معه كلبا غير معلم فلا يأكل منه الخبر.

[١٩٢٧٣] ٢ - وعن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن صيد البزاة والصقور والفهود والكلاب، فقال: « لا تأكل من صيد شئ منها ( الا ما ذكيت )(١) ، الا الكلاب » قلت: فإنه قتله، قال: كل، فان الله يقول:( وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّـهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُ‌وا اسْمَ اللَّـهِ ) (٢)

[١٩٢٧٤] ٣ - وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه

__________________

أبواب الصيد

الباب ١

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٦، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨، والبحار ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٥.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٥، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ والبحار ج ٦٥ ص ٢٩٨ ح ٤٤.

(١) ليس في البحار.

(٢) المائدة ٥: ٤.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٨، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ والبحار ج ٦٥ ص ٢٩٠.

١٠٣

قال في حديث: « وانه لفي كتاب عليعليه‌السلام : أن الله قال:( وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ ) (١) فهي الكلاب ».

[١٩٢٧٥] ٤ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه سئل عن قول الله عزو جل:( وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ ) (١) قال: « هي الكلاب ».

وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « ما أمسكت الكلاب المعلمة أكل وإن قتلته » الخبر(٢) .

٢ -( باب أنه يجوز أكل صيد الكلب، وإن أكل منه من غير اعتياد أقل من النصف، أو أكثر منه، أو أكثره)

[١٩٢٧٦] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما رخصا في أكل ما أمسكه الكلب المعلم، وإن قتله وأكل منه.

[١٩٢٧٧] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : وإذا أردت أن ترسل الكلب إلى(١) الصيد، فسم الله عليه، فإن أدركته حيا فاذبحه، وإن أدركته وقد قتله كلبك فكل منه وإن أكل بعضه، لقوله:( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) (٢)

[١٩٢٧٨] ٣ - الصدوق في المقنع: وإذا أردت أن ترسل كلبا على صيد،

__________________

(١) المائدة ٥: ٤.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٩ ح ٦٠٥.

(١) المائدة ٥: ٤.

(٢) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٩ ح ٦٠٦.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٩ ح ٦٠٧.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) في المصدر: على.

(٢) المائدة ٥: ٤.

٣ - المقنع ص ١٣٨.

١٠٤

فسم الله، فإن أدركته حيا فاذبحه أنت، وإن أدركته وقد قتله كلبك فكل منه، وإن أكل بعضه، فإن الله تعالى يقول:( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) (١)

وروي: كل ما اكل الكلب وإن اكل ثلثيه، كل ما اكل(٢) الكلب وإن لم يبق منه الا بضعة واحدة.

[١٩٢٧٩] ٤ - العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله عز وجل:( وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّـهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُ‌وا اسْمَ اللَّـهِ ) (١) قال: « لا بأس بأكل ما أمسك الكلب مما لم يأكل الكلب منه، فإذا اكل الكلب منه قبل أن تدركه فلا تأكله ».

[١٩٢٨٠] ٥ - الشيخ الطوسي في الخلاف: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ما علمت من كلب ثم أرسلته، وذكرت اسم الله عليه، فكل مما أمسك عليك » قلت: فإن قتل، قال: « إذا قتله ولم يأكل منه شيئا، فإنما أمسك عليك » الخبر.

قلت: وحمل الخبر وسابقه على التقية، أو إذا اعتاد ذلك الكاشف عن كونه غير معلم، وعن عدم إمساكه الصيد لصاحبه.

٣ -( باب أنه لا يجوز أكل ما يصيد حيوان آخر غير الكلب المعلم إذا قتله، إلا أن يدرك ذكاته ويذكيه)

[١٩٢٨١] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « لا تأكل من صيد شئ منها الا ما

__________________

(١) المائدة ٥: ٤.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٥ ح ٣٣.

(١) المائدة ٥: ٤.

(٢) في الحجرية: « أكلت » وما أثبتناه من المصدر.

٥ - الخلاف ج ٣ ص ١٨٨، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٨٠ ح ٢٨.

الباب ٣

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٥، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ٧ والبحار ج ٦٥ ص ٩ ٢٨ ح ٤٤.

١٠٥

ذكيت، الا الكلاب » الخبر.

[١٩٢٨٢] ٢ - وعن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ليس شئ مكلب الا الكلب ».

[١٩٢٨٣] ٣ - وعن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ما خلا الكلاب مما يصيد الفهود والصقور وأشباه ذلك، فلا تأكلن من صيده الا ما أدركت ذكاته، لان الله قال:( مُكَلِّبِينَ ) (١) فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل، إلا أن يدرك ذكاته ».

٤ -( باب أن صيد الكلب المعلم، إذا أدرك قبل أن يقتل، لم يحل بغير ذكاة)

[١٩٢٨٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل حيا ثم يموت - يعني في المكان من فعل الكلب، قال: « كل، يقول(١) الله تعالى:( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) (٢) فأما إن أخذه الصائد حيا فتوانى في ذبحه، أو ذهب به إلى منزله فمات، أو لم يكن الذي قتله معلما، لم يجز أكله ».

٥ -( باب أن الصيد إذا اشترك في قتله كلب معلم وغير معلم، واشتبه قاتله منهما، لم يحل إلا أن يدرك ذكاته)

[١٩٢٨٥] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله

__________________

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٦، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ٨ والبحار ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٥.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٥ ح ٢٩، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ١١ والبحار ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٧.

(١) المائدة ٥: ٤.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦١٣.

(١) في المصدر: لقول.

(٢) المائدة ٥: ٤.

الباب ٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٦، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ٨ والبحار

١٠٦

عليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإن وجد معه كلب غير معلم فلا يأكل منه » الخبر.

[١٩٢٨٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وان أرسلت على الصيد كلبك وشاركه كلب آخر، فلا تأكله إلا أن تدرك ذكاته ».

الصدوق في المقنع: مثله(١)

[١٩٢٨٧] ٣ - الشيخ الطوسي في الخلاف: عن عدي بن حاتم، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث - قال: قلت: فإني أرسل كلبي وأجد عليه كلبا، فقال: « لا تأكل، انك إنما سميت على كلبك » الخبر.

٦ -( باب أنه لا يحل ما يصيده الفهد والغراب والأسد ونحوها، الا إذا أدرك ذكاته)

[١٩٢٨٨] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قلت: فالفهد ليس بمنزلة الكلب؟ قال: فقال: « لا، ليس شئ مكلب إلا الكلب ».

[١٩٢٨٩] ٢ - وعن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما خلا الكلب(١) مما(٢) يصيد - الفهود والصقور وأشباه ذلك - فلا تأكلن من صيده، الا ما أدركت ذكاته ».

[١٩٢٩٠] ٣ - وعن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمد،

__________________

ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٥.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) المقنع ص ١٣٨.

٣ - الخلاف ج ٣ ص ١٨٨ مسألة ٦.

الباب ٦

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٦. وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ٨، والبحار ج ٦٥ ص ٢٨٠ ح ٢٨.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٥ ح ٢٩، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٧.

(١) في المصدر والبحار: الكلاب.

(٢) في المصدر: عما.

٣ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٧.

١٠٧

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « الفهد من الجوارح » الخبر.

[١٩٢٩١] ٤ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الفهد المعلم كالكلب، يؤكل ما أمسك ».

٧ -( باب أنه لا يحل أكل صيد الكلب الذي ليس بمعلم، إلا أن يعلمه عند إرساله)

[١٩٢٩٢] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « وما قتلت الكلاب الغير المعلمة، فلا يؤكل منه ».

[١٩٢٩٣] ٢ - عوالي اللآلي: عن أبي ثعلبة(١) قال: قلت: يا رسول الله، اني أصيد بكلبي المعلم، وبكلبي الذي ليس بمعلم، فقال: « ما أخذت بكلبك المعلم، فاذكر اسم الله عليه وكله، وما أخذت بكلبك الذي ليس بمعلم، فأدركت ذكاته فكله ».

ورواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عنه، باختلاف يسير(٢)

٨ -( باب أن من صاده الكلب فأدر كه حيا وليس معه ما يذكيه به، جاز أن يترك الكلب ليقتله)

[١٩٢٩٤] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن لم يكن معك حديد تذبحه، فدع الكلب على الصيد وسميت عليه حتى يقتل ثم تأكل منه ».

[١٩٢٩٥] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا لم يكن معك حديدة تذبحه بها،

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦٠٩.

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٩ ح ٦٠٦.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٥٢ ح ٣.

(١) في الطبعة الحجرية: « تغلبة » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع تهذيب التهذيب ج ١٢ ص ٤٩، وأسيد الغابة ج ٥ ص ١٥٤ ).

(٢) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ١٠٣.

الباب ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

٢ - المقنع ص ٢٣٨.

١٠٨

فدع الكلب يقتله ثم كل منه.

٩ -( باب أنه لا يحل أكل ما صاده غير الكلب، من البازي والصقر والعقاب والطير والسبع وغير ذلك، إلا أن تدرك ذكاته)

[١٩٢٩٦] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن صيد البزاة والصقور والفهود والكلاب، فقال: لا « تأكل من صيد شئ منها الا ما ذكيت، الا الكلب(١) » الخبر.

[١٩٢٩٦] ٢ - وعن أبي عبيدة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قلت: والصقر والعقاب والبازي قال: « إن أدركت ذكاته فكل منه، وإن لم تدرك ذكاته فلا تأكل منه » الخبر.

[١٩٢٩٨] ٣ - وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كان أبي يفتي وكنا نفتي ونحن نخاف في صيد البازي والصقور، فأما الآن فإنا لا نخاف ولا نحل(١) صيدهما، [ إلا أن تدرك ذكاته ](٢) وانه لفي كتاب عليعليه‌السلام : إن الله قال:( مَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ ) (٣) فهي الكلاب ».

[١٩٢٩٩] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تأكل ما اصطدت بباز أو صقر أو فهد أو عقاب أو غير ذلك، الا ما أدركت ذكاته، الا الكلب المعلم » إلى آخره.

__________________

الباب ٩

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٥.

(١) في المصدر: الكلاب.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٦.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٨، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٩٠ ح ٤٦.

(١) في المصدر: ولا يحل.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) المائدة ٥: ٤.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

١٠٩

[١٩٣٠٠] ٥ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل ما(١) صيد بباز أو صقر أو فهد أو عقاب أو غير ذلك، الا ما أدركت ذكاته، الا الكلب المعلم.

[١٩٣٠١] ٦ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما رخصا في أكل ما أمسكه الكلب المعلم، وإن قتله وأكل منه، ولم يرخصا فيما أكل منه الطير، وكان المهدي بالله يقول فيما أمسك الطير: يؤكل [ منه ](١) ، ويقول: الكلب ربما كلب: ( أي أصابه الداء، وهو جنونه الذي إذا أصابه يعض إنسانا أو بهيمة علق ذلك به، ولم يشرب الماء حتى أو يعالج فتبرأ )(٢) .

وليس في قوله هذا خلاف لما ذكرناه عن آبائهعليهم‌السلام ، لأنهم لم يرخصوا إلا فيما أمسك الكلب المعلم السالم، وأما ما ذكره مما أمسك الطائر فهو من الجوارح التي أباح الله عز وجل أكل ما أمسكت.

وروينا عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « الصقور والبزاة من الجوارح »(٣) .

[١٩٣٠٢] ٧ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الفهد المعلم كالكلب يؤكل ما أمسك » وهذا على الأصل الذي ذكرناه في الجوارح.

__________________

٥ - المقنع ص ١٣٨.

(١) في المصدر: مما.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٩ ح ٦٠٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦٠٨.

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦٠٩.

١١٠

قلت: وما رواه محمول على التقية، وفي الاخبار شواهد عليه، بل في كلام القاضي إشارة إليها.

١٠ -( باب جواز الأكل من صيد الكلاب الكردية المعلمة، وكراهة صيد الكلب الأسود البهيم)

[١٩٣٠٣] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الكلاب كلها بمنزلة واحدة، إذا علم الكردي فهو كالسلوقي(١) ».

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه نهى عن صيد الكلب الأسود، وأمر بقتله(٢)

[١٩٣٠٤] ٢ - العياشي في تفسيره: عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، عن أبيه، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « والكلاب الكردية إذا علمت فهي بمنزلة السلوقية ».

١١ -( باب أنه لا بد من التسمية عند إرسال الكلب، والألم يحل صيده، إلا أن ينسى التسمية فيحل)

[١٩٣٠٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من أرسل كلبا ولم يسم، فلا يأكل ».

[١٩٣٠٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا أردت أن ترسل الكلب إلى الصيد، فسم الله عليه ».

__________________

الباب ١٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦١١.

(١) السلوقي من الكلاب: أجودها، منسوب إلى سلوق من بلاد اليمين ( لسان العرب ج ١٠ ص ١٦٣ ).

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦١٠.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٤ ح ٢٧، وعنه في البرهان ج ١ ص ٤٤٨ ح ٩.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٠ ح ٦١٢.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

١١١

وقالعليه‌السلام في موضع آخر: « الا الكلب المعلم، فلا بأس بأكل ما قتله إذا كنت سميت عليه ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

[١٩٣٠٧] ٣ - الشيخ الطوسي في الخلاف: عن عدي بن حاتم، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: قلت: يا رسول(١) الله، إني أرسلت كلبي، فقال: « إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله [ عليه ](٢) فكل، وإلا فلا تأكل » الخبر.

١٢ -( باب إباحة صيد كلب المجوس والذمي إذا علمه المسلم ولو عند الارسال، والا لم يحل)

[١٩٣٠٨] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في كلب المجوسي: « لا يؤكل صيده إلا أن يأخذه مسلم فيقلده(١) ويرسله، قالعليه‌السلام : فإن أرسله المسلم جاز اكل ما أمسك وإن يكن علمه ».

١٣ -( باب جواز الصيد بالسلاح، كالسيف والرمح والسهم، فيحل الصيد إذا قتل به بعد التسمية، وإن قطعه نصفين)

[١٩٣٠٩] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليها‌السلام ، أنه قال: « إذا ضرب الرجل الصيد بالسيف أو طعنه بالرمح أو رماه بالسهم

__________________

(١) المقنع ص ١٣٨.

٣ - الخلاف ج ٣ ص ١٨٨ مسألة ٦ كتاب الصيد والذبائح.

(١) في المصدر: لرسول.

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧١ ح ٦١٤.

(١) في المصدر زيادة: ويعلمه.

الباب ١٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧١ ح ٦١٥.

١١٢

فقلته، وقد سمى الله حين فعل ذلك، فلا بأس بأكله ».

[١٩٣١٠] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن رميت [ سهمك ](١) وسميت وأدركته وقد مات، فكله إذا كان في السهم زج(٢) حديد ».

الصدوق في المقنع: مثله(٣) .

[١٩٣١١] ٣ - علي بن جعفر في كتابه: عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن رجل يلحق حمارا أو ظبيا فيضربه بالسيف فيصرعه، أيؤكل؟ قال: « إذا أدرك ذكاته ذكاه [ وأكل ](١) وإن مات قبل أن يغيب عنه أكله ».

١٤ -( باب أن ما صيد بالسلاح، إذا تقاطعه الناس قبل أن يموت، لم يحرم أكله، ولا يحل نهبه بغير إذن من صاده)

[١٩٣١٢] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في الرجل يرمي الصيد فيقصر عنه، فيبتدر القوم فيقطعونه بينهم، يعني بضربهم إياه بسيوفهم من قبل أخذه، قال: « حلال أكله ».

[١٩٣١٣] ٢ - وسئلعليه‌السلام ، عن ثور(١) وحشي ابتدره قوم بأسيافهم، وقد سموا فقطعوه بينهم، قال: « ذكاة وحية(٢) ولحم حلال ».

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الزج: الحديدة التي في أسفل الرمح ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٣٠٤ ).

(٣) المقنع ص ١٣٩.

٣ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨١، وقرب الإسناد ص ١١٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧١ ح ٦١٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧١ ح ٦١٥.

(١) في المصدر: حمار.

(٢) الوحية: السريعة ( لسان العرب ج ١٥ ص ٣٨٢ ).

١١٣

١٥ -( باب أن من ضرب صيدا ثم غاب عنه ووجده ميتا لم يحل أكله، إلا أن يعلم أن رميته هي التي قتلته)

[١٩٣١٤] ١ - الشيخ الطوسي في الخلاف: عن عدي بن حاتم، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث - قال: قلت: يا رسول الله، انا نصيد وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلتين والثلاث، فيجده ميتا وفيه سهمه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم يكن فيه أثر، سبع وعلمت أن سهمك قتله فكله(١) ».

[١٩٣١٥] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن وجدته من الغد وكان سهمك فيه، فلا بأس بأكله، إذا علمت أن سهمك قتله ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

[١٩٣١٦] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في الرجل يرمي الصيد فيتحامل والسهم فيه أو الرمح، أو يتحامل بشدة الضربة فيغيب عنه، فيجده من الغد ميتا وفيه سهمه، أو يكون ضربه أو أصابه سهم في مقتل، علم أنه مات من فعله لا من فعل غيره، فحلال أكله.

وقد روينا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ما أصميت فكل، وما أنميت فلا تأكل » فالاصماء: أن يصيب الرمية فتموت مكانها، والانماء: أن يصيبها ثم يتوارى عنه ثم يموت.

__________________

الباب ١٥

١ - الخلاف ج ٣ ص ١٨٩.

(١) في المصدر: فكل.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) المقنع ص ١٣٩.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٢ ح ٦١٦.

١١٤

١٦ -( باب إباحة صيد المعراض إذا خرق، وكذا السهم إذا اعترض، وقتل، وكراهة الصيد به إذا كان له نبل غيره)

[١٩٣١٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه كره ما قتل من الصيد بالمعراض، إلا أن يكون له سهم غيره « والمعراض: سهم لا ريش له(١) يرمى فيمضي بالعرض.

١٧ -( باب عدم إباحة ما يصاد بالحجر والبندق(*) والجلاهق(*) ، إذا لم تدرك ذكاته)

[١٩٣١٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « ما قتل بالحجر والبندق وأشباه ذلك، لم يؤكل إلا أن تدرك ذكاته ».

[١٩٣١٩] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل ما صيد بالحجر والبندق.

١٨ -( باب أنه لا يحل اكل ما يصاد بالحبالة إلا أن تدرك ذكاته، وأن ما قطعت الحبالة منه فهو ميتة حرام، ويذكى ما بقي حيا)

[١٩٣٢٠] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: ما

__________________

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٢٠.

(١) في نسخة: فيه.

الباب ١٧

* البندق: جمع بندقة، وهي طينة مدورة مجففة يرمى بها الصيد ( مجمع البحرين ج ٥ ص ١٤١ ).

* الجلاهق: البندق المعمول من الطين، ويضاف إليه القوس للتخصيص، فيقال: قوس الجلاهق، كما يقال: قوس النشاب ( مجمع البحرين ج ٥ ص ١٤٣ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٢ ح ١٦٩.

٢ - المقنع ص ١٣٩.

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٢٣.

١١٥

اخذت الحبالة(١) فمات فيها فهو ميتة، وما أدركت حيا ذكي وأكل ».

١٩ -( باب أن الصيد إذا رماه ووقع من الجبل أو حائط أو ماء فمات، لم يحل أكله إلا أن يكون رأسه خارجا من الماء)

[١٩٣٢١] ١ - الشيخ في الخلاف: عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن الصيد، فقال: « إذا رميت الصيد وذكرت اسم الله فقتل فكل، وإن وقع في الماء فلا تأكله، فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك ».

[١٩٣٢٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن علي وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قالا في الصيد يضربه الصائد فيتحامل فيقع في ماء أو نار أو يتردى من موضع عال فيموت قالا: « لا يؤكل إلا أن تدرك ذكاته ».

[١٩٣٢٣] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن رميت وهو على جبل فأصابه سهمك ووقع في الماء فمات، فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء، وإن كان رأسه في الماء فلا تأكله ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

٢٠ -( باب كراهة صيد الطير بالليل، وصيد الفرخ قبل أن يريش)

[١٩٣٢٤] ١ - عوالي اللآلي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال:

__________________

(١) الحبالة: المصيدة من أي شئ كانت، من حبال أو غيرها ( لسان العرب ج ١١ ص ١٣٦ ).

الباب ١٩

١ - الخلاف ج ٣ ص ١٩١، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٨٠ ح ٢٨.

٢ - دائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٢ ح ٦١٨.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) المقنع ص ١٣٩.

الباب ٢٠

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١١٨ ح ٤١.

١١٦

« أمكنوا الطيور من أوكارها ».

[١٩٣٢٥] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: الطائر في وكره آمن بأمان الله، فإذا طار فتصيدوه إن شئتم ».

[١٩٣٢٦] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تعالى، أخذ ميثاق الآدميين، أن لا يأخذوا فراخ الطير الطورانية(١) من وكورها حتى تنهض ».

الصدوق في المقنع والهداية: ولا يجوز أخذ الفراخ من أوكارها، في جبل أو بئر أو أجمة حتى تنهض(٢) .

٢١ -( باب جواز صيد المسك من الماء، ويحل إذا خرج من الماء حيا، وإن لم يسم)

[١٩٣٢٧] ١ - الطبرسي في الاحتجاج: عن ابن عباس، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - في خبر طويل - أنه قال لجماعة من اليهود: « إن موسى جاء بتحريم صيد الحيتان يوم السبت، حتى أن الله تعالى قال لمن اعتدى منهم:( كُونُوا قِرَ‌دَةً خَاسِئِينَ ) (١) فكانوا، ولقد جئت بتحليل صيدها حتى صار صيدها حلالا، قال الله عز وجل:( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ‌ وَطَعَامُهُ

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٦٨ ح ٦٠١.

٣ - الجعفريات ص ٧٥.

(١) حمام طوراني: هو الذي جاء من بلد بعيد والطوري: الوحشي من الطير والناس (لسان العرب ج٤ ص٥٠٨).

(٢) المقنع ١٤٢ والهداية ص ٧٩.

الباب ٢١

١ - الاحتجاج ج ١ ص ٥٠.

(١) البقرة ٢: ٦٥.

١١٧

مَتَاعًا لَّكُمْ ) (٢) الخبر.

٢٢ -( باب جواز اكل السمك إذا صاده المجوس ونحوهم بحضور المسلم، وأخرجوه من الماء حيا، وتحريم صيدهم لغير السمك إذا قتلوه)

[١٩٣٢٨] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه نهى عن أكل ما صاده المجوس من الحوت والجراد، لأنه يؤكل منه الا ما أخذ حيا.

٢٣ -( باب حكم من ضرب صيدا فقده نصفين، أو قطع منه عضوا فأبانه)

[١٩٣٢٩] ١ - علي بن جعفر في كتابه: عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن الرجل يلحق الظبي أو الحمار فيضربه بالسيف فيقطعه نصفين، هل يحل اكله؟ قال: « [ نعم ](١) إذا سمى ».

٢٤ -( باب أن من صاد طيرا فعرف صاحبه، أو ادعاه من لا يتهمه، وجب عليه رده إليه سواء كانت قيمته أقل من درهم أو أكثر)

[١٩٣٣٠] ١ - الصدوق في المقنع: والطير إذا ملك جناحيه فهو لمن أخذه، إلا أن يعرف صاحبه فيرده عليه.

__________________

(٢) المائدة: ٩٦.

الباب ٢٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٢٢.

الباب ٢٣

١ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨١، وقرب الإسناد ص ١١٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٤

١ - المقنع ص ١٤٢.

١١٨

فقه الرضاعليه‌السلام : مثله(١) .

٢٥ -( باب أن من صاد طيرا مستوي الجناحين، لا يعرف له مالكا، فهو له)

[١٩٣٣١] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « الطير إذا ملك ثم طار، فأخذ فهو حلال لمن أخذه ».

وبإسناده أن موسىعليه‌السلام قال: « عنى الطيور البرية ونحوها، لان أصلها مباح ».

[١٩٣٣٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « الطير إذا ملك ثم طار ثم أخذ، فهو حلال لمن أخذه » قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « يعني البزاة ونحوها، لان أصلها(١) مباح، ونهى عن صيد الحمام في الأمصار، ورخص في صيدها في القرى ».

٢٦ -( باب أن من أبصر طيرا فتبعه، ثم أخذه آخر فهو لمن أخذه)

[١٩٣٣٣] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه سئل عن رجل رأى طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة، فجاء رجل آخر فأخذه، قال: « الطير لمن أخذه ».

__________________

(١) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

الباب ٢٥

١ - الجعفريات ص ١٧٠.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٨ ح ٦٠٢، ٦٠٣.

(١) في المصدر: أكلها.

الباب ٢٦

١ - الجعفريات ص ١٧٠.

١١٩

[١٩٣٣٤] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « الصيد لمن سبق إلى أخذه ».

٢٧ -( باب كراهة قتل الخطاف واذاه وهو الصنون، وكذا كل طائر يجئ مستجيرا، وعدم تحريم أكلها)

[١٩٣٣٥] ١ - الصدوق في العلل والعيون: عن محمد بن عمرو(١) البصري، عن محمد بن عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن أحمد بن عامر، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، في حديث أسئلة الشامي: « وقد نهى عن اكل الصرد والخطاف ».

[١٩٣٣٦] ٢ - وسأله: ما باله - يعني الخطاف - لا يمشي على الأرض؟ قال: « لأنه ناح على بيت المقدس، فطاف حوله أربعين عاما يبكي عليه، ولم يزل يبكي مع آدمعليه‌السلام ، فمن هناك سكن البيوت، ومعه تسع آيات من كتاب الله عز وجل مما كان آدم يقرؤها في الجنة، وهي معه إلى يوم القيامة، ثلاث آيات من أول الكهف، وثلاث آيات من سبحان وهي:( وَإِذَا قَرَ‌أْتَ الْقُرْ‌آنَ ) (١) وثلاث من يس و( وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا ) (٢) ».

[١٩٣٣٧] ٣ - القطب الراوندي في لب اللباب: وروي أن الخطاطيف تقرأ عشر آيات من كتاب الله، ولما أمر الله بالزراعة قال الخطاف: إني لا آكل مما

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٨ ح ٦٠٤.

الباب ٢٧

١ - علل الشرائع ص ٥٩٤ وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٢٤٣ ح ١.

(١) في الحجرية والعلل: عمر، وما أثبتناه من العيون ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٧ ص ٨٠ ).

٢ - علله الشرائع ص ٥٩٤.

(١) الاسراء ١٧: ٤٥.

(٢) يس ٣٦: ٩.

٣ - لب اللباب: مخطوط.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

الإنسان) ولكن ليس هناك في مفهوم هذه الكلمة ما يدلّ على هذا المعنى ، غير مقارنتها بالحميم وهو الماء الحارّ الشديد الحرارة ، وهذه المقارنة قد تكون منشأ هذا الاستنباط.

وقال الراغب في مفرداته : إنّ (غسّاق) تعني القيح الذي يسيل من جلود أهل جهنّم ومن الجراحات الموجودة في أجسامهم.

ولا بدّ أن يكون لونه الغامق هو السبب في إطلاق هذه الكلمة عليه ، لأنّ الذي يحترق في نار جهنّم لا يبقى منه سوى هيكل محروق وقيح أسود اللون.

على أيّة حال ، فإنّ ما يستشفّ من بعض الكلمات هو أنّ (غسّاق) تعني الرائحة الكريهة النتنة التي تزعج الآخرين.

وفسّره البعض الآخر بأنّه أحد أنواع العذاب الذي لم يطلع عليه أحد سوى الله ، وذلك لأنّهم ارتكبوا ذنوبا ومظالم شديدة لم يطلع عليها أحد سوى الله ، فلذلك جعل عقوبتهم سريّة وغير معروفة ، مثلما وعد البارئعزوجل المتّقين بنعم لم يكشف عنها وأخفاها عنهم ، لإخفائهم أعمالا صالحة كانوا يقومون بها في الحياة الدنيا ، وذلك ما ورد في الآية (١٧) من سورة السجدة :( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) .

آيات بحثنا تشير مرّة اخرى إلى نوع آخر من أنواع العذاب الأليم( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ ) (١) . أي أنّ هناك عذاب آخر غير ذلك العذاب.

«أزواج» تعني الأنواع والأقسام ، وهذه إشارة موجزة إلى أنواع اخرى من العذاب لا تختلف عن أنواع العذاب السابقة ، ولكن آيات القرآن لم تفصح هنا عن أنواعها وقد لا يستطيع أحد في هذه الدنيا فهمها وإدراكها.

وفي الحقيقة فإنّ هذه تقابل عبارة( بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ) الواردة في الآيات السابقة ،

__________________

(١) (آخر) هي صفة لموصوف محذوف يكون مبتدأ و (أزواج) مبتدأ ثان ، و (من شكله) خبرها ، وتقديرها (وعذاب آخر أزواج من شكله).

٥٤١

التي تشير إلى أنواع مختلفة من النعم وفواكه الجنّة. ويمكن أن يكون هذا التشابه في الشدّة والألم ، أو من جميع الجهات.

وآخر عذاب لهم أنّ جلساءهم في جهنّم ذوو ألسنة بذيئة لا تنطق إلّا بالقبيح من الكلام ، فعند ما يرد رؤساء الضلال النار ، ويرون بأعينهم تابعيهم يساقون نحو جهنّم يخاطب بعضهم البعض ويقول له :( هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ ) (١) .

فيجيبونهم( لا مَرْحَباً بِهِمْ ) .

ثمّ يضيفون( إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ ) .

وعبارة( هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ ) مقترنة بالآيات التالية ، وتنقل أحاديث أئمّة الضلال ، إذ يخاطب بعضهم البعض فور ما يرون أتباعهم يساقون إلى جهنّم ، بالقول : أولئك سيحشرون معكم.

بعض المفسّرين قال : إنّه خطاب توجّهه الملائكة إلى أئمّة الكفر والضلال.

إلّا أنّ المعنى الأوّل يعدّ أكثر تناسبا.

«مرحبا» كلمة ترحيب للضيف ، وضدها «لا مرحبا» ومصدر هذه الكلمة «رحب» ـ على وزن محو ـ بمعنى المكان الواسع ، والمراد هو : ادخل فالمكان وسيع ومناسب.

«مقتحم» من (اقتحام) وتعني الدخول في شيء بمشقّة وبصعوبة وخوف ، وغالبا ما تعطي معنى الدخول في شيء من دون أي اطلاع وعلم مسبق.

وتوضّح هذه العبارة أنّ متّبعي سبيل الضلال يردون نار جهنّم الرهيبة نتيجة تركهم البحث والتفكير ، واتّباعهم لأهوائهم ، إضافة إلى تقليدهم الأعمى لآبائهم الأوّلين.

وعلى أيّة حال ، فإنّ الصوت يصل إلى مسامع الأتباع الذين يغضبون من كلام أئمّة الضلال ، ويلتفتون إليهم قائلين :( قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا

__________________

(١) هنا يوجد محذوف تقديره : (يقول رؤساء الضلال بعضهم لبعض هذا فوج مقتحم معكم).

٥٤٢

فَبِئْسَ الْقَرارُ ) .

الجملة الأخيرة( فَبِئْسَ الْقَرارُ ) تقابل( جَنَّاتِ عَدْنٍ ) الواردة بحقّ المتّقين ، وهي إشارة إلى المصاب العظيم الذي حلّ بهم ، وهو أنّ جهنّم ليست بمكان مؤقت لهم ، وإنّما هي مقرّ دائم. وأراد الأتباع من جوابهم القول : بأنّ من حسن الحظّ أنّكم (أي أئمّة الضلال والشرك) مشتركون معنا في هذا الأمر. وهذا يشفي غليل قلوبنا (وكأنّهم شامتون بأئمّتهم) أو هي إشارة إلى أنّ جريمتكم بحقّنا جريمة عظيمة ، لأنّ جهنّم ستكون مقرّا دائما لنا وليست مكانا مؤقتا.

لكن الأتباع لا يكتفون بهذا المقدار من الكلام ، لأنّ أئمّة الضلال هم الذين كانوا السبب المباشر لارتكابهم الذنوب ، ولذا فإنّهم يعتبرونهم أصحاب الجريمة الحقيقيين ، وهنا يلتفتون إلى البارئعزوجل قائلين :( قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ ) .

العذاب الأوّل لأنّهم أضلّوا أنفسهم ، والثاني لأنّهم أضلّونا.

ما ورد في هذه الآية مشابه لما ورد في الآية (٣٨) من سورة الأعراف التي تقول :( رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ ) رغم أنّ تتمّة هذه الآية أي الآية (٣٨) من سورة الأعراف تقول : إنّ لكليهما عذابا مضاعفا (لأنّ الأتباع هم الأداة التنفيذية لأئمّة الضلال ، وهم الذين هيّئوا الأرضية لنشر الفساد والضلال).

على أيّة حال ، لا يوجد شكّ في أنّ عذاب أئمّة الضلال أكبر بكثير من عذاب الآخرين ، رغم أنّ للجميع عذابا مضاعفا.

نعم ، هذه هي نهاية كلّ من عقد الصداقة مع المنحرفين وبايعهم على السير في طرق الضلال والانحراف ، فانّهم عند ما يرون نتائج أعمالهم الوخيمة يلعن بعضهم بعضا ويتخاصمون فيما بينهم.

والملفت للنظر هنا أنّ الآيات التي تذكر النعم التي يغدقها البارئعزوجل

٥٤٣

على المتّقين كانت أكثر تنوّعا من الآيات التي استعرضت عذاب الطغاة المتجبّرين. إذ أشارت آيات القسم الأول إلى سبع نعم ، بينما أشارت آيات القسم الثاني إلى خمسة أنواع من العذاب ، يحتمل أن يكون السبب هو سبق رحمة الله لغضبه «يا من سبقت رحمته غضبه».

* * *

٥٤٤

الآيات

( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (٦٢) أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (٦٣) إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤) )

التّفسير

تخاصم أهل النّار :

آيات بحثنا تواصل استعراض الجدال الدائر بين أهل جهنّم ، الذي كان بعضه قد ورد في الآيات السابقة ، وتتحدّث عن مجادلات اخرى فيما بينهم ينكشف من خلالها أسفهم العميق وتألّمهم الشديد وحسرتهم.

تقول اولى تلك الآيات :( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ ) . نعم ، فعند ما يبحث أفراد اتّبعوا أئمّة الضلال ، أمثال أبي جهل وأبي لهب ، عن أشخاص آخرين مثل عمّار بن ياسر وخباب وصهيب وبلال ، في نار جهنّم يرجعون إلى ذاتهن متسائلين ، ويستفسرون من الآخرين : أين أولئك الأشخاص؟ إذ كنّا نعتبرهم مجموعة من الفوضويين والأشرار والمفسدين في الأرض ، يسعون إلى الإخلال بأمن وهدوء المجتمع والقضاء على مفاخر الأوّلين ، يبدو أنّ اتّهامنا

٥٤٥

إيّاهم كان باطلا.

وتضيف الآيات نقلا عن أهل جهنّم :( أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) .

نعم ، إنّنا كنّا نسخر من هؤلاء الرجال العظماء ذوي المقام الرفيع ، ونصفهم بالأشرار ، وأحيانا نصفهم بأوصاف أدنى من ذلك ، ونعتبرهم أناسا حقراء لا يستحقّون أن ننظر إليهم ، ولكن اتّضح لنا الآن أنّ جهلنا وغرورنا وأهواءنا هي التي أسدلت على أعيننا ستائر حجبت الحقيقة عنّا ، فهؤلاء كانوا من المقربين لله ومكانهم الآن في الجنّة.

مجموعة من المفسّرين ذكروا تفسيرا آخر لهذه الآية ، إذ قالوا : إنّ مسألة سخريتهم إشارة إلى أحوالهم في عالم الدنيا ، وجملة( أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) إشارة إلى أحوالهم في جهنّم ، وتعني هنا أنّ أبصارنا في هذا المكان وبين هذه النيران والدخان لا يمكنها رؤيتهم. ولكن المعنى الأوّل أصحّ.

ومن الضروري الالتفات إلى أنّ أحد أسباب عدم إدراك الحقائق هو عدم أخذها بطابع الجدّ إضافة إلى الاستهزاء بها ، إذ يجب على الدوام مناقشة الحقائق بشكل جدّي للوصول إليها.

ثمّ تخرج الآية الأخيرة بالنتيجة التي تمخّض عنها الجدال بين أهل جهنّم ، وتؤكّد على ما مضى بالقول :( إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ) (١) .

فأهل جهنّم مبتلون في هذه الدنيا بالخصام والنزاع والحروب. فالنزاع والجدال يتحكّم بهم ، وفي كلّ يوم يتخاصمون مع هذا وذاك.

وفي يوم القيامة ، ذلك اليوم الذي تبرز فيه الأسرار وما تخفيه الصدور ، تراهم يتنازعون فيما بينهم في جهنّم ، فأصدقاء الأمس أعداء اليوم ، والتابعون في الأمس صاروا معارضين اليوم ، ويبقى ـ فقط ـ خطّ التوحيد والإيمان ، خطّ

__________________

(١) (تخاصم أهل النار) بيان لـ (ذلك).

٥٤٦

الوحدة والصفاء في هذا العالم وذاك.

الجدير بالذكر أنّ أهل الجنّة متكئون على الأسرّة ، ويتحدّثون فيما بينهم بكلام ملؤه المحبّة والصدق ، كما ورد في آيات مختلفة من آيات القرآن الحكيم ، بينما تجد أهل النار يعيشون حالة من الصراع والجدال ، إذن فتلك نعمة كبيرة ، وهذا عذاب أليم!

* * *

ملاحظة

ورد في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال لأبي بصير «يا أبا محمّد ، لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوّكم في النار بقوله :( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) . والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم ، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس ، وأنتم والله في الجنّة تحبرون وفي النار تطلبون»(١) .

* * *

__________________

(١) روضة الكافي ، نقلا عن تفسير نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٦٧.

٥٤٧

الآيات

( قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠) )

التّفسير

إنّما أنا نذيرا :

البحوث السابقة التي تناولت موضوع العقاب الأليم الذي سينال أهل جهنّم ، والاخرى التي استعرضت العذاب والعقاب الدنيوي الذي نزل بالأمم الظالمة البائدة ، كلّها كانت تحمل طابع إنذار وتهديد للمشركين والعاصين والظالمين.

أمّا آيات بحثنا فتتابع ذلك البحث ، إذ جاء في اولى آياتها( قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ ) .

صحيح أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبشّر أيضا ، وأنّ القرآن الكريم يحوي كلا الأمرين ، أي الإنذار والبشرى ، ولكن بما أنّ البشرى تخصّ المؤمنين فإنّ الإنذار يخصّ المشركين والمفسدين ، والحديث هنا يخصّ المجموعة الأخيرة ، واعتمد فيه على

٥٤٨

الإنذار.

ثمّ يضيف( وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ) .

كلمة (القهّار) وردت في هذه العبارة ، كي لا يغترّ أحد بلطف الله ، ويظنّ أنّه يعيش في مأمن من قهر الله ، ولكي لا يغرق في مستنقع الكفر وارتكاب الذنب.

وتطرح دلائل توحيد الخالق جلّ وعلا في الالوهيّة والعبوديّة بشكل مباشر ، وتضيف( رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ) .

في الواقع هناك ثلاث صفات من صفات البارئعزوجل ذكرت في هذه الآية ، وكلّ واحدة منها جاءت لإثبات مفهوم ما. الاولى «ربوبيته» لعالم الوجود ، ومالكيته لكلّ هذا العالم ، المالك المدبّر لشؤون عالم الوجود ، فهو الوحيد الذي يستحقّ العبادة والأصنام لا تملك من أمورها شيئا ولو بمقدار ذرّة.

والصفة الثانية (عزّته) وكما هو معروف فإنّ كلمة (العزيز) تطلق في اللغة على من لا يغلب ، وعلى من بإمكانه فعل ما يشاء ، وبعبارة اخرى : هو الغالب الذي لا يمكن لأحد التغلّب عليه.

فمن يمتلك مثل هذه القدرة كيف يمكن الفرار من قبضة قدرته؟! وكيف يمكن النجاة من عذابه؟!

الصفة الثالثة هي (غفّار) وكثير الرحمة ، بحيث أنّ أبواب رحمته مفتوحة أمام المذنبين ، كي لا يتصوّروا أنّ كلمتي (القهّار والعزيز) تعطيان مفهوم غلق أبواب الرحمة والتوبة أمام عباده. إذ أنّ إحداهما جاءت لبيان (الخوف) والثانية لبيان (الرجاء) ، وانعدام حالة التوازن بين الحالتين السابقتين (أي الخوف والرجاء) يؤدّي إلى عدم تكامل الإنسان ، وابتلائه بالغرور والغفلة والغرق في دوّامة اليأس وفقدان الأمل.

وبعبارة اخرى فإنّ وصف الباريعزوجل بـ (العزيز) و (الغفّار) دليل آخر على توحّده تعالى في الالوهية ، لأنّه الوحيد الذي يستحقّ العبادة والطاعة ،

٥٤٩

وإضافة إلى ربوبيته فإنّه يمتلك القدرة على المعاقبة ، وإضافة إلى امتلاكه للقدرة على المعاقبة ، فإنّ أبواب رحمته ومغفرته مفتوحة للجميع.

ثمّ يخاطب البارئعزوجل نبيّه الأكرم في عبارة قصيرة وقويّة( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ) .

فما هو هذا النبأ الذي أشارت إليه الآية ووصفته بأنّه عظيم؟

هل هو القرآن المجيد؟

أم أنّه رسالة النبيّ؟

أم هو يوم القيامة ومصير المؤمنين والكافرين؟

أم هو توحيد الله؟

أم كلّ هذه الأمور؟

ولكون القرآن مشتملا على كلّ تلك الأمور ، وهو الجامع بينها ، وأنّ المشركين أعرضوا عنه ، لذا فإنّ المعنى الأوّل أنسب.

نعم ، فهذا الكتاب السماوي العظيم هو نبأ عظيم ، وعظمته كعظمة الكون ، وهو نازل من قبل خالق هذا الكون ، أي من الله الخالق العزيز الغفّار والواحد القهّار.

النبأ الذي لم يتقبّل عظمته الكثير من الناس حين نزوله ، فمجموعة سخرت منه واستهزأت به ، واخرى اعتبرته سحرا ، ومجموعة ثالثة اعتبرته شعرا ، ولكن لم يمض بعض الوقت حتّى كشف هذا النبأ العظيم عن أسراره ، ليغيّر مسيرة التأريخ البشري ، ويظلّ العالم بظلّه ، وليوجد حضارة عظيمة ومضيئة في كلّ المجالات ، وممّا يسترعي الانتباه أنّ الإعلان عن «النبأ العظيم» تمّ في هذه السورة المكيّة في وقت كان فيه المسلمون ـ على ما يبدو ـ في أشدّ حالات الضعف والعجز ، وكأنّ أبواب النصر والنجاة مغلقة أمامهم.

وممّا ينبغي ذكره أنّ عظمة هذا النبأ العظيم ليست واضحة حتّى يومنا هذا للعالم بصورة عامّة ، وللمسلمين بصورة خاصّة ، والمستقبل سيوضّح تلك العظمة.

٥٥٠

وقوله تعالى :( أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ) ما زال صادقا حتّى يومنا الحاضر ، فإعراض المسلمين عنه تسبّب في عدم ارتوائهم من هذا المنبع العذب الذي يطفح بالفيض الإلهي الكامل ، وإلى عدم التقدّم على الآخرين بالاستفادة من أنواره المشعّة ، وإلى عدم الرقي إلى قمم الفخر والشرف.

ثمّ تقول الآية ، مقدّمة لسرد قصّة خلق آدم ، والمكانة الرفيعة التي يحتلّها الإنسان الذي سجدت له كافّة الملائكة :( ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) .

أي لا علم لي بالمناقشات التي دارت بين الملأ الأعلى وملائكة العالم العلوي بخصوص خلق الإنسان ، حيث أنّ العلم يأتيني عن طريق الوحي ، والشيء الوحيد الذي يوحى إليّ هو أنّني نذير مبين( إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) .

ورغم أنّ الملائكة لم تناقش وتجادل البارئعزوجل ، ولكنّ ذلك المقدار من الكلام الذي قالوه عند ما أخبرهم الباريّعزوجل بأنّه سيجعل في الأرض خليفة ، فقالوا : أتخلق فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ فأجابهم قائلا : إنّي أعلم ما لا تعلمون :( وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ) ،(١) مثل هذا النقاش أطلق عليه اسم (التخاصم) وهي تسمية مجازية ، وقد كانت هذه مقدّمة للآيات التالية التي تتحدّث عن خلق آدم.

وثمّة احتمال وارد أيضا هو أنّ عبارة( بِالْمَلَإِ الْأَعْلى ) لها مفهوم أوسع يشمل حتّى الشيطان ، لأنّ الشيطان كان حينئذ في زمرة الملائكة ، ونتيجة تخاصمه مع البارئعزوجل واعتراضه على إرادة الله طرد إلى الأبد من رحمة الله.

وقد وردت روايات متعدّدة في كتب الشيعة والسنّة بهذا الخصوص ، جاء في إحداها أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سأل أحد أصحابه : «أتدري فيما يختصم الملأ الأعلى؟

__________________

(١) البقرة ، ٣٠.

٥٥١

فقال : كلّا ، فأجاب رسول الله «اختصموا في الكفّارات والدرجات ، فأمّا الكفّارات فإسباغ الوضوء في السبرات ، ونقل الأقدام إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، وأمّا الدرجات فإنشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والصلاة في الليل والناس نيام»(١) .

وبالطبع فإنّ هذا الحديث لم يذكر أنّه ناظر إلى تفسير الآية المذكورة أعلاه ، رغم تشابه بعض عباراته مع عبارات الآية ، وعلى أيّة حال ، يستفاد من الحديث أنّ المراد من (اختصموا) هو أنّهم تباحثوا وتناقشوا ، ولا يعني الجدال في الحديث فهم تباحثوا وتناقشوا بشأن أعمال الإنسان والأعمال التي تكون كفّارة لذنوبهم وتزيد من درجات الإنسان وترفع من شأنه ، ويمكن أن يكون بحثهم حول عدد من الأعمال التي تعدّ مصدرا لتلك الفضائل ، أو بشأن تعيين حدّ وميزان للدرجات الناتجة عن تطبيق الإنسان لتلك الأعمال ، وبهذا الشكل يكون الحديث تفسيرا ثالثا للآية ، وهو مناسب من عدّة جوانب ، ولكنّه لا يتناسب مع الآيات التالية ، إذ ربّما كان المقصود هو بحث ومناقشات الملائكة في موارد اخرى ، وليس ذلك المتعلّق بالآية.

والجدير بالذكر أنّ معنى عدم علم النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو أنّي لم أكن أعلم ذلك من نفسي ، لأنّ علمي ليس من قبل نفسي وإنّما ينزل عليّ عن طريق الوحي.

* * *

__________________

(١) «مجمع البيان» في ذيل آيات البحث ، كما ورد هذا الحديث في تفسير الدرّ المنثور نقلا عن مجموعة كبيرة من صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع بعض الاختلافات.

٥٥٢

الآيات

( إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤) قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥) قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) )

التّفسير

تكبّر الشيطان وطرده من رحمة الله!

هذه الآيات ـ كما قلنا ـ توضيح لاختصام (الملأ الأعلى) و (إبليس) وبحث

٥٥٣

حول مسألة خلق آدمعليه‌السلام ، وبصورة عامّة فإنّ الهدف من توضيح هاتين المسألتين :

أوّلا : تذكير الإنسان بقيمة وجوده ، وسجود كلّ الملائكة لجدّه آدم ، فكيف بالإنسان الذي كرّمه البارئعزوجل كلّ هذا التكريم يقع أسيرا في حبائل الشيطان وهوى النفس؟ وكيف ينسى قيمة وجوده ، أو يسجد لأصنام صنعها من الحجر والخشب؟!

من المعروف أنّ أحد الأساليب المؤثّرة في التربية ، هو إعطاء شخصية للأفراد الذين يتلقّون التربية. وبعبارة أصحّ : تذكيرهم بشخصيتهم الرفيعة وقيمة وجودهم ، فإن تذكّروا هذا الأمر ، أحسّوا بأنّ الذلّة والحقارة لا تلقيان بهم ، فيتجنبوهما تلقائيا.

ثانيا : إنّ عناد الشيطان وغروره وتكبّره وحسده تسبّبت في سقوطه من مقامه الشامخ الرفيع إلى الحضيض ، وغرقه بوحل اللعنة وإلى الأبد ، ويمكن أن يكون هذا المثال عبرة لكلّ لجوج ومغرور ليعتبر ويترك ممارسات الشيطان.

ثالثا : تعريف بني آدم بعدوّهم الكبير الذي أقسم الشيطان على إغوائهم ، كي يكونوا جميعا على حذر منه ويجتنبوا السقوط في حبائل أسره.

كلّ هذه الأمور ، هي تكملة للأبحاث السابقة ، وعلى أيّة حال فإنّ الآية الاولى تذكر بإخبار اللهعزوجل ملائكته بأنّه سيخلق بشرا من الطين : و( إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ ) .

ولكي لا يتصوّر البعض أنّ أصل خلق الإنسان هو ذلك الطين وحسب أضافت الآية التالية :( فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ ) .

وبهذا الشكل انتهت عملية خلق الإنسان ، وذلك بعد امتزاج روح البارئعزوجل الطاهرة مع التراب. فخلق موجود عجيب لم يسبق له مثيل ، ولم توضع لرقيّة وانحطاطه أيّة حدود. الموجود الذي زوّده البارئعزوجل باستعدادات

٥٥٤

خارقة تجعله لائقا لخلافة الله ، والذي سجدت له الملائكة بأجمعها فور اكتمال عملية خلقه( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ) .

إلّا أنّ إبليس كان الوحيد الذي أبى أن يسجد لآدم لتكبّره وتمرّده وطغيانه ، ولهذا السبب أنزل من مقامه الرفيع إلى صفوف الكافرين :( إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ ) .

نعم ، فالتكبّر والغرور من أقبح الأمور التي يبتلى بها الإنسان ، إذ أنّهما يسدلان الستار على عينه وبصيرته ، ويحرماه من إدراك الحقائق وفهمها ، ويؤدّيان به إلى التمرّد والعصيان ، ويخرجانه أيضا من صفوف المؤمنين المطيعين لله إلى صفّ الكافرين الباغين والطاغين ، ذلك الصفّ الذي يترأسه إبليس ويقف في مقدّمته.

وهنا استجوب البارئعزوجل إبليس :( قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ ) من البديهي أنّ عبارة (يدي) لا تعني الأيدي الحقيقيّة المحسوسة ، لأنّ البارئعزوجل منزّه عن كافّة أشكال الجسم والتجسيم ، وإنّما «اليد» هنا كناية عن القدرة ، ومن الطبيعي أنّ الإنسان يستعمل يديه ليظهر قدرته على إنجاز العمل ، وكثيرا ما تستخدم اليد بهذا المعنى في محادثاتنا اليومية ، إذ يقال : إنّ البلد الفلاني بيد المجموعة الفلانية ، أو إنّ المسجد الفلاني بني على يد الشخص الفلاني ، وأحيانا يقال : إنّ يدي قصيرة ، أو إنّ يدك مملوءة ، اليد في كلّ تلك الجمل ليس المقصود منها اليد الحقيقية التي هي أحد أعضاء الجسم ، بل كناية عن القدرة والسلطة والتمكّن.

ومن هنا فإنّ الإنسان ينفّذ أعماله المهمّة بكلتا يديه ، واستخدامه كلتا يديه يبيّن اهتمامه وتعلّقه بذلك العمل ، ومجيء هذه العبارة في الآية المذكورة أعلاه إنّما هو كناية عن الاهتمام الخاصّ الذي أولاه البارئعزوجل لعملية خلق الإنسان.

ثمّ تضيف الآية :( أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ ) أي أكان عدم سجودك لأنّك استكبرت ، أم كنت من الذين يعلو قدرهم عن أن يؤمروا بالسجود؟!

٥٥٥

ومن دون أي شكّ فإنّه لا أحد يستطيع أن يدّعي أنّ قدرته ومنزلته أكبر من أن يسجد لله (أو لآدم بأمر من الله) وبهذا فإنّ الاحتمال الوحيد المتبقّي هو الثاني ، أي التكبّر.

وقال بعض المفسّرين : إنّ كلمة (عالين) تعني ـ هنا ـ الأشخاص الذين يسيرون دوما في طريق الغرور والتكبّر ، وطبقا لهذا فإنّ معنى الآية يكون : هل أنّك استكبرت الآن ، أم كنت دائما هكذا؟!

ولكن المعنى الأوّل أنسب.

إلّا أنّ إبليس اختار ـ بكلّ تعجّب ـ الشقّ الثاني ، وكان يعتقد بأنّه أعلى من أن يؤمر بذلك ، لذلك قال ـ بكلّ وقاحة ـ أثناء تبيانه أسباب معارضته لأوامر البارئعزوجل :( قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) .

وعلّل إبليس عدم سجوده لآدم وعصيانه أمر الله بالمقدّمات التالية :

أوّلا : إنّني خلقت من نار ، أمّا هو فقد خلق من طين ، وهذه حقيقة صرّح بها القرآن المجيد في الآيتين ١٤ و ١٥ من سورة الرحمن :( خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ) .

ثانيا : إنّ الشيء المخلوق من النار أفضل من الشيء المخلوق من التراب ، لأنّ النار أشرف من التراب.

ثالثا : لا يحقّ لأحد أن يأمر مخلوقا بالسجود لمخلوق آخر دنى منه.

وخطأ إبليس يكمن في المقدّمتين الأخيرتين ، وذلك من عدّة وجوه :

أوّلا : لأنّ آدم لم يكن ترابا فقط ، وإنّما نفخت فيه الروح الإلهية ، وهذا هو سبب عظمته ، وإلّا فأين التراب من كلّ هذا الفخر والاستعداد والتكامل؟

ثانيا : التراب ليس بأدنى من النار ، وإنّما هو أفضل منها بكثير ، لأنّ كلّ الحياة أصلها من التراب ، فالنباتات وكلّ الموجودات الحيّة بأجمعها تستمدّ غذاءها ومصدر حياتها من التراب ، وكلّ المعادن الثمينة مخفية في وسط التراب ، خلاصة

٥٥٦

الأمر أنّ التراب هو مصدر كلّ أنواع البركة ، والنار رغم أهميّتها الكبرى في الحياة فإنّها لا تبلغ أبدا أهميّة التراب ، وإنّما يستفاد منها في الوسائل الترابية ، وقد تكون أداة خطرة ومدمّرة. والأهمّ من ذلك أنّ المواد التي يستفاد منها لإشعال النيران كالحطب والفحم والنفط هي من بركة الأرض.

ثالثا : المسألة ، هي مسألة إطاعة أوامر الله سبحانه وتعالى وتنفيذها ، لأنّه خالقنا ونحن عبيده ويجب أن نطبّق أوامره.

وعلى أيّة حال ، لو أمعنا النظر في أدلّة إبليس لرأينا فيها كفرا عجيبا ، لأنّه بكلامه أراد نفي حكمة الله ، والتقليل من شأن أوامره (نعوذ بالله) ، وهذا الموقف المخزي لإبليس دليل على جهله التامّ ، لأنّه لو كان قد اعترف بأنّ عدم سجوده إنّما كان لهوى هو هوى النفس ، أو أنّ غروره وتكبّره حالا بينه وبين السجود لآدم ، وما إلى ذلك لكان الأمر أهون ، إذ أنّه يكون هنا قد أقرّ بارتكاب ذنب واحد ، إلّا أنّه بكلامه هذا ولتبرير عصيانه ، عمد إلى نفي حكمة البارئعزوجل وعلمه ومعرفته ، وهذا يوضّح سقوطه إلى أدنى درجات الكفر والانحطاط.

المخلوق مقابل خالقه يفتقد الاستقلال ، إذ أنّ كلّ ما لديه هو من خالقه ، ولهجة كلام إبليس توضّح أنّه كان يريد استقلالا وحكما في مقابل حكم البارئعزوجل ، وهذا مصدر آخر من مصادر الكفر.

ويمكن القول أنّ أسباب ضلال الشيطان ، تعود إلى عدّة امور منها الغرور والتكبّر والجهل والحسد ، وهذه الصفات القبيحة اتّحدت وأسقطته إلى الحضيض بعد سنين طوال من مرافقة الملائكة ، وكأنّه كان معلّما لهم أسقطته من أوج الفخر إلى أدنى الحضيض ، وما أخطر هذه الصفات القبيحة أينما وجدت!!

وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في إحدى خطبه في نهج البلاغة : «فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد وكان قد عبد الله ستّة آلاف سنة عن كبر ساعة واحدة فمن ذا بعد إبليس

٥٥٧

يسلم على الله بمثل معصيته»(١) .

نعم ، فعمليّة بناء قصر عظيم قد تستغرق سنوات عديدة ، ولكن عملية تدميره قد لا تستغرق سوى لحظات بتفجير قنبلة قويّة.

وهنا وجب إخراج هذا الموجود الخبيث من صفوف الملأ الأعلى وملائكة العالم العلوي ، فخاطبه البارئعزوجل بالقول :( قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) .

الضمير (منها) في عبارة( فَاخْرُجْ مِنْها ) إمّا أنّه إشارة إلى صفوف الملائكة ، أو إلى العوالم العلويّة ، أو إلى الجنّة ، أو إلى رحمة الله.

نعم ، فيجب إخراج هذا الخبيث من هنا ، فهذا المكان مكان الطاهرين والمقرّبين ، وليس بمكان المذنبين والعاصين ذوي القلوب المظلمة.

«رجيم» من (رجم) ، وبما أنّ لازمها الطرد ، فقد وردت بهذا المعنى هنا.

ثمّ أضاف البارئعزوجل :( وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) فأنت خارج ومطرود من رحمتي إلى الأبد.

المهمّ انّ الإنسان عند ما يرى النتائج الوخيمة لأعماله السيّئة عليه أن يستيقظ من غفلته ، وأن يفكّر في كيفية إصلاح ذلك الخطأ ، ولا شيء أخطر من بقاءه راكبا لموج الغرور واللجاجة واستمراره في السير نحو حافّة الهاوية ، لأنّه في كلّ لحظة يبتعد أكثر عن الصراط المستقيم ، وهذا هو نفس المصير المشؤوم الذي وصل إليه إبليس.

وهنا تحوّل (الحسد) إلى (عداء) ، العداء الشديد والمتأصّل ، كما قال القرآن :( قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) .

هذه الآية تبيّن أنّ الشيطان طلب من الله سبحانه وتعالى أن يمهله ، فهل طلب أن يمهله ليسكب عبرات الحسرة والندامة على ما فعله من قبل ، أم أنّه طلب مهلة لإصلاح عصيانه القبيح؟

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٢ (الخطبة القاصعة).

٥٥٨

كلّا ، إنّه طلب من البارئعزوجل أن يمهله إلى يوم يبعثون كي ينتقم من أبناء آدمعليه‌السلام ويدفعهم جميعا إلى طريق الضلال ، رغم علمه بأنّ إضلاله لكلّ إنسان سوف يضيف لذنوبه حملا ثقيلا جديدا من الذنوب ، ويغرقه في مستنقع الكفر والعصيان ، كلّ ذلك بسبب اللجاجة والتكبّر والغرور والحسد ، فما أكثر المصائب التي تتولّد للإنسان من هذه الصفات الذميمة.

وفي الحقيقة ، إنّه كان يريد الاستمرار في إغواء بني آدم حتّى آخر فرصة متاحة له ، لأنّ في يوم البعث تسقط التكاليف عن الإنسان ، ولا معنى هناك للوساوس والإغواءات ، إضافة إلى هذا فقد طلب من اللهعزوجل أن يبقيه حيّا إلى يوم القيامة ، رغم أنّ كلّ الموجودين في العالم يموتون في هذه الدنيا.

وهنا اقتضت مشيئة الله سبحانه ـ بدلائل سنشير إليها ـ أن يستجيب الله لطلب إبليس ، ولكن هذه الاستجابة كانت مشروطة وليست مطلقة ، كما توضّحه الآية التالية :( قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ) .

ولكن ليس إلى يوم البعث الذي تبعث فيه الخلائق ، وإنّما إلى زمان معلوم ، قال تعالى :( إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) .

وهنا أعطى المفسّرون آراء مختلفة بشأن تفسير( يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) حيث قال البعض : إنّه يوم نهاية العالم ، لأنّ كلّ الموجودات الحيّة من ذلك اليوم تموت ، وتبقى ذات الله المقدّسة فقط ، كما ورد في الآية (٨٨) من سورة القصص :( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) وبهذا الشكل فقد استجيب لجزء من مطالب إبليس.

والبعض الآخر قال : إنّ ذلك اليوم هو يوم القيامة ، ولكن هذا الاحتمال لا يتلاءم مع ظاهر آيات بحثنا التي يتّضح منها أنّ البارئعزوجل لم يستجب لكلّ مطاليبه ، كما أنّ هذا الاحتمال لا يتلاءم حتّى مع بقيّة آيات القرآن الكريم التي تتحدّث عن موت الجميع مع نهاية هذا العالم.

وقال البعض : إنّ هذه الآية يحتمل أنّها تشير إلى زمان لا يعرفه أحد سوى الله

٥٥٩

سبحانه وتعالى.

ولكن التّفسير الأوّل أنسب من بقيّة التفاسير ، وقد وردت رواية في تفسير البرهان نقلا عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، وتقول بأنّ إبليس يموت في الفترة ما بين النفخة الاولى والثانية(١) .

هنا كشف إبليس عمّا كان يضمره في داخله ، وعن الهدف الحقيقي لطلبه البقاء خالدا إلى زمن معيّن إذ :( قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) .

القسم بالعزّة يراد منه الاستناد على القدرة والاستطاعة ، والتأكيدات المتتالية في الآية (القسم من جهة ، ونون التوكيد الثقيلة من جهة اخرى ، وكلمة أجمعين من جهة ثالثة) تبيّن أنّه مصمّم بصورة جديّة على المضي في عمله ، وأنّه سيبقى إلى آخر لحظة من عمره ثابتا على عهده بإغواء بني آدم.

وبعد قسمه انتبه إبليس إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ هناك مجموعة من عباد الله المخلصين لا يمكن كسبهم بأي طريقة إلى داخل منطقة نفوذه ، لذلك أجبر على الاعتراف بعجزه في كسب أولئك فقال :( إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) .

أولئك الذين يسيرون في طريق المعرفة والعبودية لك بصدق وإخلاص وصفاء ، إنّك دعوتهم إليك ، وأخلصتهم لك ، وجعلتهم في منطقة أمنك ، وهذه هي المجموعة الوحيدة التي لا أتمكّن من الوصول إليها ، أمّا البقيّة فإنّ بإمكاني إيقاعهم في شباكي.

حدس وظنّ إبليس كان صحيحا ، إذ أنّه أوجد العراقيل لكلّ واحد من بني آدم عدا المخلصين الذين نجوا من فخاخه وذلك ما أكّده القرآن المجيد في الآية (٢٠) من سورة سبأ :( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) .

* * *

__________________

(١) تفسير البرهان ، المجلّد ٢ ، الصفحة ٣٤٢.

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581